مجلة حكمة
الفلسفة النسوية feminist philosophy feminism

الفلسفة النسوية

الكاتبمكافي نويل
ترجمةمشرف بك أشرف
مراجعةمحمد الرشودي
تحميلنسخة PDF

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا مدخل حول الفلسفة النسوية (feminism / feminist philosophy) وتاريخها، وتطورها، وتنوع النساء والتوجهات والمناهج فيها، وتأثير النسوية على فروع الفلسفة السائدة اليوم؛ نص مترجم ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التعديل منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


تقدم هذه السطور خريطة لكل ما يوجد في الموسوعة الفلسفية لستانفورد مما يتعلق بـ الفلسفة النسوية. فنستهل كلامنا بتقديم تاريخ موجز لـ الفلسفة النسوية، ومعالجة الالتواءات في تحديد مفهوم هذه الفلسفة، ثم نعرج على ثلاثة الفصول الأخيرة الخاتمة لهذه السطور، وهي:

۱: مناهج النسوية،

۲: تجديد النسوية لفروع الفلسفة السائدة ونفوذها وتخللها إلى الوسط الفلسفي،

۳: ومحاور الفلسفة النسوية.

لقد أصبحت كل رواية فلسفية غربية –التحليلية والقارية وفلسفة الذرائع (البراجماتية) والتوجهات الملفقة منها وغيرها من التوجهات- تصوغ الفلسفة النسوية بمصاغها وتصبها في قالبها. وهذا يفضي إلى النظر إلى الأسئلة الفلسفية الدائمة بنظرة مختلفة، وتصويرها صورة مباينة، وإلى أن أنصار النزعة النسوية أدخلوا في المياديين الفلسفية التقليدية، من الأخلاق إلى المعرفة، مفاهيمًا ورؤىً جديدة، قلبت ماهية الفلسفة، وشكلتها بشكل جديد. ثم هم لم يكتفوا بذلك، بل بعثروا أرض المفاهيم، وأخذوا كثيرا منها مما لم يكن يعدّ من المشكلات الفلسفية عدًا، أو كانت تسلم تسليمًا، ونفخوا فيه روحًا فلسفية، فصيّروه محط نقاش فلسفي. تلك المفاهيم من نحو الجسد، والطبقة والعمل، والإعاقة، والبيت، والإنجاب، والذات، والدعارة (الكسب بالجنس)، والاتجّار بالبشر، والغزيرة الجنسية (sexuality). هذا ويقدم أتباع النسوية منظارا خصيصا للقضايا التي تمتّ بصلة إلى العلوم والعولمة وحقوق الإنسان والثقافة الشعبية والأعراق والتمييز العرقي.

 

  1. مدخل

  2. ما النسوية؟

    • 2.1 الأفكار النسوية والحركة النسوية

    • 2.2 العناصر المعيارية والعناصر الوصفية

    • 2.3 النسوية وتنوع النساء

    • 2.4 النسوية في مواجهة التحيز الجنسي

  3. مناهج النسوية

  4. تجديد النسوية لفروع الفلسفة السائدة

  5. محاور الفلسفة النسوية

  • قائمة المراجع

  • أدوات أكاديمية

  • مصادر أخرى على الإنترنت

  • مداخل ذات صلة


 

 

  1. مدخل

إن النسوية انتماء نظري والتزام فكري، وهي كذلك حركة سياسية، تسعى لتحقيق العدل للنسوة، واستئصال شأفة التحيز الجنسي (sexism). ينبعث أصحاب هذه النزعة من البحث عن العدالة الاجتماعية، فيقفون مواقف شتى من الظواهر الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. فإذا كان لهم كلمة جامعة في أمور شتى، فهذا لايعني عدم تضارب آراءهم في أمور أخرى، لقد اختلف الفلاسفة النسوييون في الإطار المعرفي (أينبغي أن يكون -مثلا- تحليليا أم قاريّا؟)، والإطار الوجودي (كمثل وجود مقولة “المرأة”)، وتضاربت وصفات الدواء الذي يرجى منه شفاؤ داء التحيز من الإمكانات السياسية والمعنوية.

قامت الفلسفة النسوية الحديثة في العقد الثامن من سنة ألف وتسعمائة  حينما ازداد إقبال النسوة على الدراسات العليا وخاصة الفلسفة، وهن إبان ذلك طفقن يدققن في القضايا فلسفيا على أساس تجاربهن وفي ضوء خبراتهن. وما حداهن إلى ذلك هو وجودهن في الوسط الذي كان يشهد الحركة، بالإضافة إلى تخرجهم في مجال الفلسفة الذي لم يكن له آنذاك بـ الفلسفة النسوية عهد لامن قريب ولامن بعيد، حتى إن الكليات لاتزال حديثة عهد في مناهجهن بـ الفلسفة النسوية، وما كان متاحا لرائد قسم الفلسفة في الكليات أن يختار النسوية حتى عهد قريب. فكان الدارسون للفلسفة المعنيون بالحركة النسوية يستلهمون من كتابات السيدة “سيمون دي بوفوار” أو من كتابات من قبلها من صواحبات موجة النسوية الأولى مثل ماريه وولستونكرافت، ولكن معظم المفكرات اللاتي وضعن اللبنات الأولى لـ الفلسفة النسوية سخّرن ما اكتسبن من الخبرة الفلسفية السابقة لتحليل القضايا التي بعثتها وأثارتها حركة تحرير المرأة التي تحركت فيما بين العقدين السابع والثامن من سنة ألف وتسعمائة، كان من تلك القضايا الإجهاض والتمييز الإيجابي، وتكافؤ الفرص، ومؤسسة الزواج، والغزيرة الجنسية، والغرام. ثم بدأت دراسات الفلسفة النسوية مع اهتمامها بهذه القضايا تتوجه أكثر فأكثر شطر نفس القضايا الفلسفية التقليدية الدائمة.

المبدأ الذي تنطلق منه دراسات الفلسفة النسوية هو المرأة وأدوارها وأمكنتها. فتسأل:

1: ما الأعمال التي تشتغل بها المرأة؟

2: ما المواضع السياسية أو الاجتماعية التي هنّ جزء منها إليها وما التي أبوابها موصدة في وجهها؟

3: ما وجوه الوزان بين أنشطة المرأة وأنشطة الرجل وما الفرق بينهما وما نتائج الوزان؟

4: وما وجوه الفروق بين طوائف النسوة بعضها وبعض؟ فهل يصح أن تكون لبعض الطوائف منهن ميزة على غيرها وأن يقوّم استبعاد بعضها بغيرما يقوم به استبعاد بعض من الميزان؟ وإن كان الجواب بالإثبات، فلم؟

5: كيف يفسح دور المرأة وموضعها في المجتمع والحياة مجال التقدم والرقي وكيف يحدها منه؟

6: ما مقياس تقويم أدوار المرأة إعلاء وتخفيضا؟

7: ما انعكاسات أوضاع المرأة الثقافية من الحسب والنسب والملكات والغزيرة الجنسية على مكانها ومكانتها؟

ونضيف إلى قوصرة الأسئلة ما يرتبط بتجارب المرأة وما يهمها ويقلقها فنقول:

8: هل طوى وسطنا كشحه عما تتكبد المرأة من المشكلات، أو استهان بتجاربتها واستخف؟

9: هل تتحول طرقنا أو تنقلب قيمنا بعدما نشعر بثقل تجارب المرأة ونولي اهتماما بمشكلاتها؟

 

ندرج من هنا إلى مملكة التجريد والمعنى.

 

10: كيف كوّنت أضابرة الفلسفة قسمات تصور المرأة وملامحه؟

11: ومادور تصور المرأة في مواضيع الفلسفة سواء أ إذا حضر أم إذا غاب؟

وهكذا دواليك.

فتسلح الفلاسفة النسويون بمناهجهم الفلسفية لمواجهة هذه الأسئلة، واستخدموا في سبيل ذلك أحدّ ما كان في جعبتهم وأشحذه وخيره من الروايات الفلسفية السائدة في نهاية القرن العشرين، فتدفق من كل حدب وصوب ما يسمى بـ الفلسفة النسوية، فأصبح لدينا نسوية تحليلية وأخرى قارية وثالثة ذرائعية أمريكية، فلاغرو إذن أن نجد المواضيع التي هي قطب رحى النسوية صدى لما في تلك الروايات الفلسفية، وأن الأسئلة التي أثارتها النسوية والمواضيع التي حامت حولها تذكرنا بما في الروايات، ولاغرو إذن أن يكون من نصيب سؤال واحد عدة من الأجوبة متقاربة ومتناقضة.

كان من النتيجة الطبيعة لذلك أن تخرج للنسوية تيارات متباينة في مناهجها ومتضاربة في جوابها عن الأسئلة إذ كان بين مناهلها بؤن بائن، ولم تصبغ بلون واحد، بل نجد عندها أكثر من ذلك، فكل تيار أبدى شكّا في جدوى المناهج الفلسفية التي تشبث بها غيره. فالنسوية التحليلية تتبجح بالوضوح والتمييز اللذين تتحلى بهما الفلسفة التحليلية وبعض مدارس الفلسفة القارية عطل منهما. ولكن ترد النسوية غير التحليلية عليها بأن الغنم بالغرم، فهذه الميزة تأتي على حساب أشياء، منها التنوع في البيان والفصاحة في الأسلوب، ومنها عناق الأمر الواقع وعدم البعد منه. فإن التحليل يصافح التجريد، ويبتعد عن الحياة والتجربة. فالنسوية التحليلة تضيق بالمناهج التي تطل على التجربة البشرية في نواحيها المزاجية والنفسية والشخصية. ولكن يرد تيار آخر على كل من هذين التيارين، وتهيب منابره إلى الذرائعية الأمريكية التي تحوي خيري التحليلية والقارية، وتسلم من شرّيهما. فهي تصل بالحياة اتصالا وثيقا تخوى منه التحليلية وهي متسلحة بالوضوح والتمييز تسلحا تعوزه القارية.

فشعر أنصار النسوية على اختلاف تياراتها بحاجتهم إلى منبر مشترك، يعتليه أصحاب كل تيار، فأسسوا مجلة “هيباتيا: دورية للفلسفة النسوية” (Hypatia: A Journal of Feminist Philosophy) على اسم امرأة فيلسوفة رياضية فلكية شهيرة في العصر الهيليني، فانسالت إليها مقالات من الروايات النسوية الثلاث جمعاء كتعاء. وكانت تأسيسها سنة 1982. ثم ازدهرت النسوية في جمعيات واتحادات، تكونت للحوار وتجاذب أطراف ما يتعلق بهذه الرواية. أشرها ما يلي:

1: جمعية النساء للفلسفة (Women in Philosophy) التي أسست سنة 1972 في أمريكا.

2: جمعية النسوية التحليلية (Society for Analytical Feminism) التي أنشئت سنة 1991وقدمت كما يدل عليه عنوانها، منصة للنظر إلى النسوية بمنظار التحليلية، وتوظيف أدواتها لتقديم الحل لقضاياها.

3: مجلة “فيلوسوفيا” (philoSOPHIA) التي أسست سنة 2005  على اسم آلهة الحكمة “صوفيا” وتعنى باللون القاري النسوي وتهتم بالتحقيق والتعليم.

4: جميعة دراسة النسوة الفلسفيات (Society for the Study of Women Philosophers) التي شيدت سنة 1987 وصرفت جهود القائمين عليها إلى إبراز ما في الفلسفة على مر تاريخها من دور المرأة.

وغيرها من الجمعيات التي لم تزل وماتزال تقدح النسويةَ بزند جهودها، وتركض حصانَها.

سيلي الحديث عن الفلسفة النسوية وأنها ترنو إلى الشمول والاستيعاب، وأنها غير متجانسة وأنها تتهم الرواية الفلسفية التقليدية باقتصارها على فئة معينة، وأنها يعوزها الشمول. ولكن عالم التطبيق دائما يتحدى عالم التنظير، ولايخنع له تمام الخنوع، بل يكرهه على تكيّفه مع متطلبات نفسه. وأحد الوجوه التي لاتزال تقصّر فيها النسوية ولاتفتأ تحاول التغلب عليها جهدها هو أشكال التحيز والضيم المتقاطعة. فليس الجنس هو المنفذ الوحيد الذي يتسرب منه التمييز، بل له عدة منافذ أخرى من نحو الطبقة والنسل والسن والعرق والإعاقة والميول الجنسي. ولكن النسوية على كل حال تتطلع إلى الشمول والعموم وإن لم تبلغ قمة ما تبغيه.

 

  1. ما النسوية؟

2.1 النسوية فكر وحركة

إن لمصطلح النسوية إطلاقات شتى، ففي تحديد معناها اختلاف. فبعض الكتاب يأتون بها دالة على حركة سياسية، ثارت في الولايات المتحدة وأوروبا في زمن معين، وبعض منهم يطلقونها على رؤية ترى أن المرأة تتكبد أنواعا من الاضطهاد وألوانا من الظلم، وإن كانت هذه الأنواع وهذه الألوان أيضا مختلفا فيها. لاشك أن اللغة الإنجليزية قرن فيها مصطلح النسوية بالنشاط الذي نشطته النسوة وبدأنه في عجز القرن التاسع عشر ولايزال مستمرا، وتبادر إلى الذهن – كلما أطلق – هذا النشاط، ولكن يملي علينا الأمر الواقع أن نفرق ببن النسوية حركة ونشاطا سياسا وبينها فكرا ورؤية؛ لأن الزمان لم يخل –حتى قبل نشوب الحركة السياسية المنظمة القوية ذات الحيوية لتحرير المرأة من العبودية والذل والهوان– من أناس، اهتموا بإيصال العدل للمرأة، وضربوه في إطار فكري نظري. فسقراط – مثلا – كان يرى أن بعض النسوة لابد أن تخرج وتدرب لتحكم وتسوس (الجمهورية، الكتاب الخامس)، فيسوغ لنا أن نفكر في إضافته إلى قوصرة النسوية وإن كنا لم نعثر في عصره ممن جنح هذا الجنوح إلا عليه، فكان ثنية[i].

لاتظنن –أيها القارئ الكريم– أننا نستعرض هنا تاريخ النسوية من حيث مجموعة الأفكار والرؤي أو من حيث سلسلة من الحركات السياسية، ولكنا نرسم هنا للمصطلح من الإطلاقات ما يهم دراس الفلسفة النسوية المعاصرة. وأما المراجع التي نشير إليها فغيض من فيض مما يتصل بموضوعنا مما هو متاح. فإن أردت فهارس كاملة لذلك، فعليك من الموسوعة بالمقالات المعنية بالنواحي الجزئية للنسوية وسنسردهها في نهاية هذا المقال أيضا.

كانت كلمة النسوية في منتصف العقد الأول من القرن التاسع عشر تشير إلى صفات الإناث ومزاياهن، وإنما كسيت كسوة العقيدة القائلة بتساوي المرأة مع الرجل في الحقوق والذب عنه، والمنبثقة من تساوي الجنسين، في اللغة الإنجليزية –مستمدًا من المصطلح الفرنسي féministe– بعدما شهدت باريس في سنة ألف وثمان مائة واثنتين وتسعين (1892) المؤتمر العالمي الأول للنسوة، ثم هي وإن كانت تفوح منها رائحة الجهود المبذولة في أوروبا والولايات المتحدة في منتهى القرن التاسع عشر ومبتدأ القرن العشرين لتستحق المرأة حق الاقتراع، ولكن ذلك لايعني أن المساعي لتمتع المرأة بالعدل والنصفة اقتصرت في هذه المدة، وابتدأت ببدايتها وانتهت بنهايتها، كلا! لذلك يفضل بعض أن نوزع الحركة النسوية على مراحل، وأن مجرى النسوية تخلله موجات متقطعة. فالموجة الأولى تدفقت فيما بين منتصف القرن التاسع عشر وسنة عشرين من القرن العشرين عندما حدث التعديل التاسع عشر في الدستور الأمريكي، وانتهت بمنح المرأة حقوقا سياسية متواضعة، ثم شهد العالم ما بين الحربين العالميتين، وخبا فتيل النسوية بينهما، ثم أضرم فيه نار الحركة مجددا في نهاية عقد الستين وبداية عقد السبعين، وخرجت الموجة الثانية تواصل جهود الموجة الأولى السياسية، وطبقت آثارها على جميع ساحات الحياة وميادين المجتمع من التعليم والعمل والبيت وغيرها. ولقد شهدت السنوات الأخيرة تقلبات وتحولات، انجلت عما يعرف بالموجة الثالثة. مما يبرز في بروز هذه الموجة أن ربابينها يأخذون على أصحاب الموجة الثانية تقصيرهم فيما يوجد بين النسوة أنفسهم من الفوارق التمييزية من الحسب والنسب والعرق والوطن والدين والطبقة[ii]، ونتأ في جبال جهودهم قضية “الهوية”، وأصبحت قطب رحى مساعيهم.

ولكن لم يعدم هذا التموج في مجرى الحركة النسوية نقدا، لقد أخذ عليه أنصار للحركة أنه يطوي كشحه على حقيقة أنه لم يأت على البشرية حين من الدهر، لم يلق فيه سيطرة الرجال مقاومة ومنافحة، ثم يأخذون عليه أنه يوحي بأن هذه المقاومة مقصورة على بعض النسوة من البيض في مناطق الغرب في عقود أخيرة، ولكن الحقيقة أن كثيرا من الثقافات غير الغربية ولا الأوروبية أيضا على مر التاريخ احتضنت أمثلة لمثل هذه المقاومة والمنافحة. ثم إن طوينا كشحا عن هذا الإيحاء وقصرنا نظرنا على المجهود المبذول لهذه الحركة في أوروبا والولايات المتحدة، فإن مثل هذه القسمة التموجية تعزب عن بال القارئ ما كان بين الموجتين الأولى والثانية من الجهد المتواصل في هذا الصدد، وتجعله يظن أنه كان قاحلا من كل مقاومة ومنافحة، مع أن الأمر لم يكن كذلك، ثم هو بالإضافة إلى ذلك يهمل ما كان خارج نطاق الحركة السياسية الرئيسية من المجهود خاصة من العاملات ومن كنّ من غير البيض[iii].

إن شئنا أن نتملص من هذا الالتواء، فمن سبله صياغة النسوية مجموعة من الرؤى والاعتقادات نغضّ طرفنا عن أي انتماء حركي سياسي، ومن مزايا هذه الصياغة أن ينضوي تحتها المحاولات الفردية التي لم تحظ باهتمام في حينها أو لم تقدر حق قدرها. ولكن تتطلب هذه الصياغة أن نحدد تلك المبادئ والعقائد والرؤى التي هي جوهر النسوية، ولاتتصور بغيرها. فما هي؟ سيقول بعض: لنجعل الأساس هو تلك الأفكار السياسية التي صيغت سعيا للتسوية بين الرجل والمرأة حقا والتي للتعبير عنها صيغ مصطلح النسوية. هذا القول لايقصر السعي لحقوق المرأة والذب عنها على حركة تحرير المرأة الغربية، ولكن بعض الناس يتحفظ منه؛ لأنه يقرن، بل يقيد، النسوية بالمنهج الليبرالي العام للسياسة والاقتصاد، ولاشك لدى كثير من أنصار هذه النزعة أن الجهود المبذولة لأجلها لا يتصور أن ترسو على شاطئ النجاح والفوز ما لم تحرز بعض الحقوق للمرأة، ولكن هذا يلزم ولايكفي؛ لأن مظاهر اضطهاد المرأة تحت سلطان الرجل قلما تقتصر أنسجتها على الحرمان السياسي أو القانوني، بل منها المجتمع، وما يحوك ثقافتنا، واللغة وما تصوغ من رؤانا وما تحبك من شعورنا.[iv]

فهل يجدي بعد ذلك أن نبحث عن معنى النسوية؟ إنها لمثار جدل محتدم، ثم إن تحديد تخومها -وهي حركة اجتماعية- معقد في الغاية ملتو في الأقصى، فيجنح الدارس نظرا إلى هذا أن يجتزئ بفصول من العقائد النسوية، ولكن لاينكر مع ذلك غناء إطار، ينتظم في سلك واحد شيئا من مواضع وفاق وخلاف، فنبدأ الآن بدراسة بعض عناصر النسوية من حيث إنها موقف سياسي، أو من حيث إنها حزمة من العقائد.

 

2.2 العناصر المعيارية والعناصر الوصفية

النسوية في شتى صورها تضع موازين ومعايير للنظر إلى المرأة، وهي سبيكة في مصاغ فكرة العدل أو الموقف الأخلاقي العام، وهذه تسمى بالأحكام المعيارية، ثم تصف ما عليه وضع المرأة في ضوء الموازين والمعايير، وتبرز من منظورها أن وضعها الراهن كفته شائلة، والاضطهاد والتمييز والحرمان كفتها راجحة، وهذه تسمى بالأحكام الوصفية، كلا النوعين من الأحكام يكون وقودا لحركة تغيير وضع المرأة إلى ما يتطابق به مع المعايير النسوية، فالنسوي الكامل ليس صاحب الفكر وحده، بل هو صاحب الفكر وفارس الجري في ميدان العمل والجولان في ساحة السياسة. فنستطيع من خلال هذا النظرة أن نحدد النسوية -وإن كان غير وفي بتعقدها والتواءها- بأمرين:

1: الأول معياري، وهو أن الرجل والمرأة مخولان بتساو في الحقوق والاحترام والحفاوة،

2: والثاني وصفي، وهو وضع المرأة الراهن يخلو من هذا التساوي، وأن المرأة لاتحظى من الحقوق بما يحظى به الرجل، وأنها لاتقدر قدر الرجل [عدم التساوي هذا يتجلى في كذا وكذا من الجوانب، ولكذا وكذا من الأسباب].

لعلك تفطن لأن ما جعلناه وصفيا مقابلا للمعياري لايخلو هو أيضا من التقدير والتقويم وضرب العيار، فإن النسوي لايعقل أن يصف وضع المرأة من منظوره من غير أن يضعه على معياره. لذلك لانريد من قولنا: “الأمر الوصفي” إلا أن غرضه الأساسي هو تقرير الواقع ووصف الوضع فقط، لاتقرير ما ينبغي ووصف ما لاينبغي، وهو غرض “الأمر المعياري”. هذا وقد قيدنا الأمر الوصفي في النقطة الثانية وكتبنا بين القوسين ما يلاحظ منه أن الوصف من المنظور النسوي لايتكمل ما لم يضم إلى نفسه الظروف والأوضاع الاجتماعية التي تحدق بالمرأة والتي من شأنها حرمانها من الحقوق والاحترام. فنقول مثلا:

أدور المرأة في البيت هو أساس تبعتها[v] أم دورها في مقر العمل[2] أم ميول الرجل الجنسية هي نواتها (وإن كانت، فأنى تنبثق؟)[vi]  أم دور المرأة في التناسل هو “بيت القصيد” هنا؟[vii]

ثم ليست ساحة النسوية بريئة من الخلافات في موازيينها ومعاييرها وفي وصفها. لقد احتدم الخلاف بين أنصارها فيما يعد ظلما من العدل واضطهادا من الانتصاف، في تحديد قسمات “التساوي” و”الاضطهاد” و”الحرمان”وتعيين ما ينبغي التساوي فيه من الحقوق. هذا من الخلاف في الموازين والمعايير. وكذلك ينشب الخلاف في أنواع الظلم والجور التي تتكبدها المرأة فعلا، وفي النواحي التي تعود إليها جذور هذا التكبد. ثم يمكن أن تتضارب الآراء في تفسير الظلم والجور والحرمان: تكييفها وتعيين أسبابها وسبل إزالتها، بعد اتفاقهم على تحققها في حق المرأة[viii]

ما مضى كان فيما بين من يعتزي إلى النسوية، وما لايسع إغفاله هنا كذلك موقف من لاينتمي إليها ، فإنهم أيضا يتخذون موقفا معياريا للتعامل مع المرأة وآخر وصفيا لحالها. فيضم بعضهم صوته إلى أنصار النسوية في معاييرهم للتعامل مع المرأة، ولكنه ينشق عنه في وصف حالها، ويرى أنها على ما يرام، ثم بعضهم يرى تلك المعايير نفسها مختلة، وأن المنظور النسوي السياسي معوج.

لقد سعت السيدة سوزان جيمس إلى التفسير المنتظم للنسوية واصفة إياها بما يلي:

إن صرح النسوية مشيد على النظرة القائلة بأن المرأة مقموعة محرومة لاتحظى بما يحظى به الرجل، وأن هذا الوضع ليس له مبرر قانوني ولاأخلاقي. هذا التفسير ظلة، مترامية الأطناب، تستظل بها شتى تفسيرات للمرأة ومعاناتها لايسعنا معها أن نجعل النسوية فلسفة موحدة أو موعا سياسا متفقا عليه.[ix]

ثم إن كلمتي القمع والحرمان اللتين وردتا في كلام السيدة عامتان شديد العموم وشاملة حاد الشمول، يجتمع تحتهما من الأحكام الجزئية –معيارية كانت أم وصفية– ما هو مثار الخلاف بين من تصل فيما بينهم وشائج النسوية.

ومن الدارسين من يؤثر الاقتصار على الجانب المعياري النسوي لتحديد النسوية، فالنسوي عنده من يعتقد أن المرأة مثل الرجل في استحقاق الحقوق أو الاحترام أو كيت وكيت، ولايلزمه أن يعترف بأن المرأة محجوبة عن قضية هذا الاستحقاق في أرض الواقع. ولكن لئن جارينا هذا التحديد، ليخرجن من نطاق النسوية ما يدور في أرض الواقع من الخلاف بين من يسمون أنفسهم نسويين ومن الخلاف بينهم وبين غيرهم، ولتضيقن دائرة النسوية بكثير ممن لا يكتفي بتوحيد فكره بالنسوية، بل يجاوز الفكر إلى الواقع والتفكير في العقل إلى التطبيق في الحياة، حتى يجعله أساسا لانتماءه في السياسة. والحقيقة أن النسوية ليست عقيدة في ضمير الفرد، بل هي ترى أن الأسباب قد قامت لفصل خياطة النسيج الاجتماعي وخيطه خياطة مجددة بمخيط المعايير النسوية.

لقد استعلن في حوار العامة استعمال جديد لكلمة النسوية، لايمكن فهمه بغير جعلها ضامة إلى صدرها الجانبين المعياري والوصفي، لقد أضحينا نلاحظ باستمرار إذا أفصح الناس –رجالا ونساء- عن رأي حول المرأة، أن يصدروه بتنبيه مثل أن يقولوا: “لست نسويا، ولكن …”، لأسباب شتى، منها سبب كثير الظهور، لايختلف في جوهره عما يصبو إليه المنتمون إلى النسوية. ولنصغ إلى بعض من أمثلة هذا السبب:

لست نسويا، ولكني أعتقد أن تأخذ المرأة لعملها من الأجرة مثل ما يأخذ الرجل له بغير وكس ولاشطط.

لست نسويا، ولكن سرني أن اللاعبات البارعات أصبحن يحظين بمكانة في “مؤسسة النساء الدولية لكرة السلة”. فإذا كان الانتماء النسوي له الشقان: المعياري والوصفي، فليس بعيدا أن نجد من يتمسك بأحد الشقين وينزع يده من الآخر، فيمكن أن يأتي واحد معترف بحرمان المرأة في مواضع، من غير أن يصب اعترافه هذا في إطار نظرية أخلاقية، (خاصة إذا كان الإطار غير واضح القسمات)، ويأتي ثان عاقد لقلبه على نظرية أخلاقية مستحسنة لتساوي المرأة مع الرجل، من غير أن يعترف بحالات في الحياة اليومية غير منسجمة مع مقتضى النظرية (خاصة إذا كان مقتضى النظرية لايعرف له حد ولا أمد). إن التيار العام من النسويين –مع كل ذلك – يرضى بمعيار عام لما ينبغي أن تحصل عليه المرأة من العدل، ويُعلِمُ من خلاله في الجانب الوصفي حالات، تشول كفتها على ذلك العيار. والذي يعلن براءته من النسوية قد يرضى بجزء منها، وإن لم يتقبلها جملة وتفصيلا.

ثم قد مر آنفًا بأن ساحة النسوية ليست بريئة من الخلافات في موازيينها ومعاييرها وفي وصفها. لقد احتدم الخلاف بين أنصار النسوية فيما يعد ظلما من العدل واضطهادا من الانتصاف، وكذلك ينشب الخلاف في العدل والخطأ اللذين يسعى أتباع النسوية تحقيق أولهما وإزالة الثاني. أحرمان من التساوي في الحقوق ذلك الخطأ أم حرمان من التساوي في الاحترام أم حط من شأن خبرة المرأة أم هذا كله وزيادة؟ ثم ما الإطار الذي نتخيره لصب القضايا النسوية فيه و البحث عن سبل معالجتها؟[x] فإن فلاسفة النسوية ما تركوا الإطار الفلسفي السائد لتقرير مفهومي العدل والأخلاق، حتى وضعوه هوس على محك السؤال ودرسوا كفايته: أيكفي لتنظير سيطرة الرجال أم تتطلب السيطرة إطارا نسويا خاصا؟[xi]

ولكن هنا تكمن مشكلة، فإن الهدف الذي تولت النسوية الوصول إليه – كما سبق ذكره– هو إبراز الإساءات التي تسوء النسوة، وإظهار الظلامات التي يتظلمن منها. فحوى ذلك أن الرجال فئة، والنساء فئة أخرى، ولكل منهما مكانة في المجتمع، فيترشح من ذلك أن فئة النساء تتساوى أعضاؤها عن آخرها في تعامل المجتمع معها أو في التقصيرات التي تقترف في حقها، وأن فئة الرجال تتشارك أفرادها قاطبة في جني الفوائد وقطف العوائد. ولكن ليس الأمر كذلك – على الأقل- تماما. فحينما حثت “بيتي فريدان” (Betty Friedan) سنة 1962 النساء أن يعدن النظر إلى دورهن ربات بيت، ونادت لهن بزيادة فرص ومقاعد للعمل،[xii] أبرزت وجلت “بيل هوكس” أن نداءها ليس للعاملات ولاكفاحها لمعظم غير البيضاوات، ولا للشواذ جنسيا[xiii]. فالنساء يتعرضن لألوان وأنواع من الظلامات والإساءات، ومايواجههن من التحيز الجنسي ليس ظاهرة مستقلة معزولة، بل هي معجونة في مظاهر قمعية أخرى، وصيغ لاحقا للإشارة إلى هذه الحقيقة مصطلح “تقاطع أشكال التحيز”.[xiv] جرّ هذا النقد الذي تلا المشكلة المشار إليها آنفا بعض المفكرين للإحجام عن استخدام مصطلح النسوية، وإحلال مصطلح آخر محله. قد كان نتأ مصطلح الأنثوية شيئا فيما بين العقد السابع والعقد التاسع من القرن الثامن عشر للتعبير عن هذه الحركة، وأوصت “أليس والكر” سنة 1990ء بأن يسد هذا المصطلح مسد النسوية؛ لأنه أشمل وأعم، وأكثر ملاءمة لاهتمامات النساء غير البيضاوات. ولكن ما استجد لاحقا من الاهتمام بقضايا المتحولين جنسيًا يصير استخدام هذه المصطلح أكثر جلبا لتعقيدات والتواءات مما وعد به من دفعها.

 

2.3 النسوية وتنوع النساء

إن النسوية عندما تقرر أن المرأة مبخوسة حقا، ومقموعة ومهمشة، فهي تلقي على عاتقي نفسها مهمة إنقاذها من هذا القمع والتهميش، تلفي نفسها في بيئة، تتنوع فيها أشكال التمييز وتتقاطع، فكيف تتعامل مع هذا الوضع، وتحدد غايتها التي تسعى إليها وتركز عليها؟ فليس الجنس -كما مر- هو المنفذ الوحيد الذي يتسرب منه التمييز، بل له عدة منافذ أخرى من نحو الطبقة والنسل والسن والعرق والإعاقة والجنوح الجنسي. فهل يعمل أنصار النسوية على سد كافة المنافذ؟ هذا هو السؤال الذي نحلق في فضاءه في هذا الفصل.

لقد اختلف السعاة من النسويين في الإجابة عن هذا السؤال. فأجاب بعضهم ممن برزوا وقالوا: نعم.[xv] ولكن لم يرض كل واحد منهم مثل هذا التوسيع في مجال النسوية مع أنه أقر بأن جميع هذه المنافذ لابد أن تسد سدا، وأن هذه الشكاوى يجب أن تشكى إشكاء، فلايلزم أن نبسط أطناب النسوية لتظل كل لون من الظلم الذي تشتكي منه المرأة في المجتمع. فقد نلفي من الناس من يخطو خطوة أبعد من ذلك ويقرر أن بغية النسوية لاتنال بغير أن يسود في المجتمع توزيع مالي عادل، وبغير أن تزول فيه العنصرية، ولكنه مع ذلك يعترف بأن على النسوية أن تحدد لمنبرها دائرة، لاتتخطاها، بل تقيد منصتها بها. فعصارة الأمر أن الذهاب بشتى ألوان القمع والاضطهاد يمكن – بل يتعين – أن يكون معينا ومساعدا لأهداف النسوية، ولكنها ليست من صلب النسوية، فيمكن أن يكون من شروطها، ولكنه ليس من أركانها. فلنستمع – مثلا – إلى ما قررت “بيل هوكس” حينما قالت:

“الحركة النسوية التحررية وإن كانت جزء من الجهود الرامية لشطب جميع ألوان السيطرة والسيادة إلا أنها يتحتم أن تخطّ لنفسها دائرة لاتتعداها. نعم، من الجدير  بالالتفات إليه أن السيطرة الأبوية تقاسم العنصرة وغيرها من ألوان القمع جذورا فكرية، وأن الأولى لا تولي دبرها ما دامت غيرها موجودة في الساحة. ولتكن هذه الحقيقة مشعلا، تقتبس منه الحركة النسوية فكرا وعملا”[xvi]

وجنحت صاحبتنا إلى أن نواة النسوية التي تمتاز بها عن غيرها من الجهود التحررية هي اهتمامها بالتحيز الجنسي. فتمضي قدما وتقول:

أخالف كثيرا من أبطال النسوية الرأي، وأرى عن يقين أن الحركة النسوية لاتضحي حركة سياسية، لها ذيوع وقبول في عامة الناس، ما لم تتفق كلمة الرجال والنساء كليهما في تحديد ماهية النسوية. في سبيل هذا الاتفاق، لوحت في كتابي “نظرية النسوية من الذيل إلى المقدمة” إلى حد، يمكن أن يكون موضع اتفاق: وهو أن النسوية حركة تسعى لإزاحة التحيز الجنسي وما يستبتع من ألوان القمع … ولكن هيهات أن يظن بالدعوة إلى الاتفاق في الهدف أن الرجال والنساء لايختلفون في طرائق الوصول إلى الهدف، بل يختلفون اختلافا شسديدا.[xvii]

فطريق تناول “بيل هوكس” للنسوية ينبني على الاعتراف بأن التحيز الجنسي لون ممتاز عن سائر ألوان التحيز مثل العنصرية وكراهة الشذوذ الجنسي، وإن كانت هذه الألوان لم تزل ولاتزال متشابكة بعضها ببعض. فعلى النسوية أن تداوي بالأصالة داء التحيز الجنسي، وإن تطرقت إلى غيره من ألوان التحيز بالتبع لصلته بالهدف الأصلي. فيعيش في وسطنا من نصفه بالعنصرية وهو من أنصار الحركة النسوية. فمثل هذا لن يدرك ما بين العنصرية والتحيز الجنسي من الأواصر، ولايقدر حق التقدير فعل التحيز الجنسي في حياة غير البيض من النساء. هذا والدوائر المتحيزة جنسا عادة ما تنطوي على العنصرية والطبقية وكراهة المثلية. فإن رغبنا أن نفصل أوصال التحيز الجنسي، فلامحيد من تفكيك ما انطوى عليه من أنواع التميز غير التحيز الجنسي.[xviii] فلنخط للنسوية على إثر”بيل هوكس” ثوبا، يسع مقاسات شتى لهذه الظاهرة. فــ النسوية “رؤية ترى أن المرأة معرضة للتحيز الجنسي ومستهدفة للحيف، وهذا خطأ، يجب أن يصحح”. ميزة هذا التفسير الفضفاض أنا نخرج من دوامة تحديد صارم للنسوية نفسها، بل ينصرف اهتمامنا إلى تحديد قسمات التحيز الجنسي أو التحيز الجنسي.

لاشك أن تعيين ملامح الاضطهاد أيضا ليس أمرا فيه اتفاق أو شبه اتفاق، بل تضاربت الآراء حوله كما تضاربت حول النسوية نفسها. ولكن الفكرة العامة أن الاضطهاد ينجم في بنية مسورة بعراقيل وأسوجة، من شأنها الحد من نشاط مجموعة من الناس أو فئة، وتضييق البنية عليها.[xix] ولكن هل كل بنية مسورة تسفر عن الاضطهاد؟ كلا. فإن كل لون من ألوان التجمع يأتي بتركيبة، لها تخومها وحدودها مهما اتسعت ورحبت، فتفسح مجالا لمن فيها وقد حجرت عليه بحدودها وتخومها. فالحجر لامناص منه في كل نشاط اجتماعي. فالبنى لاتتسم بالاضطهاد إلا إذا تركبت في نظام أوسع، يؤثر بعضا على بعض أثرة فيظلم ويحيف. فالتحيز الجنسي يؤثر كلا من الرجل والمرأة على صاحبه، فيضر بكل منهما (بل بعض المقارنات تعطي أن الرجل أكثر تحملا للضرر فيها من المرأة)، ولكن النساء في أكثر الأحيان أكثر تضررا من الرجال. ثم لانستطيع في العرف المتبع الآن أن نسيء الظن بالفئات التي تتمتع بالأثرة على غيرها فننسب إلى أعضاءها أنهم نسجوا الأنظمة أثرية عن عمد، فإنها أحيانا توورثت هكذا كابرا عن كابر وأخرى تتكيف بهذا الوصف الأثري الاضطهادي من حيث لايشعر صناعها.

الحديث عن جزئيات الاضطهاد ذو شجون، فلنضعه جانبا، ولنقبل نظرا إلى صلب موضوعنا على ما يعد اضطهادا جنسيا. فإن جعلنا أساس التحيز الجنسي هو الضرر وقلنا بأنه ما يلحق بالمرأة ضررا أو أذى على سبيل الأصالة، أقصرنا؛ لأن سبل الاضطهاد كلها أوجلها تؤدي إلى ضرر بالنساء أو أذى وأما قولنا: “على سبيل الأصالة”، ففيه أن من سبل الاضطهاد غير الجنسي ما يهدف المرأة بالأصالة والرجل بالتبع، مثل الاجحاف على أساس مقاس الجسد أو السن. بالإضافة إلى ذلك لاحظنا أن التحيز الجنسي لايقتصر على المرأة بل يشمل الرجل كذلك.

فيقتضي الأمر أن نضيف إلى وصف التحيز الجنسي أنه ما ينطوي على إلحاق الضرر أو الأذى للمرأة على أساس جنسها نفسه. فيخرج بهذا القيد الضيم على أساس العرق؛ فإن المرأة أيضا تلقاه كما يلقاه الرجل، ولكن لاعلى أساس جنسها. هذه الإضافة أو هذا الملحظ يزودنا بمعيار، نميز به في نظام واسع فسيح من البنى ما كان متحيزا على أساس الجنس مما لم يكن كذلك.[xx] ولكن مايزال ثمه إشكالات وإبهامات:

أولها هو معنى كون الإنسان مضطهدا على أساس أنه امرأة. أهو أن من أساليب الاضطهاد ما يخصها؟ أم هو أن منحى معينا من ممارسة الاضطهاد يصيره كذلك؟ ثم هل يستقيم أن نرخي عنان التحديد لأكثر من حد من غير أن نجعل المفهوم مطاطا، ينسحب على كل شيء، ولايعني أي شيء، فيذهب سدى؟.

لقد انخرمت محاولتان لتفسير الضيم الجنسي:

1: الأولى قول من قال إنه ما يشمل جميع النسوة. نضرب لذلك مثلا”كاثرين ماكينون” (Catharine A. McaKinnon). فإنها يمكن أن يقرأ موقفها على أن المرأة مضطهدة إذا نظر إليها وعوملت هينة لينة طيعة في الفراش. وهذا الموقف متأصل في ناموسها (المزعوم) ذي العموم والشمول الذي يقضي بأن الإثارة الجنسية منوطة بسلطان الرجل وخضوع المرأة.[xxi] لايذهب بك الخيال إلى أن الباحثة قصرت الخضوع الجنسي على نوع واحد، لا. بل المرأة – كما أقرت هي بنفسها – تخضع جنسا للرجل في أنواع شتى. ولكن محاولتها لنظم تلك الأنواع في سلك واحد جعلت قطب الرحى هو جعل الإنسان صاحبه أداة طيعة لإشباع الغزيرة الجنسية. فأعمال الباحثة وإن قدمت تحليلا متينا لخنوع المرأة الجنسي، إلا أنها ضيقة الأفق. فالتحيز الجنسي –مثلا- في بعض البلدان، خاصة النامية منها، يتجلى في توزيع العمل توزيعا جائرا والابتزاز. الآن لاننكر أن الإخضاع الجنسي أحد أشكال التحيز الجنسي، ولكن لضربنا في بيداء غير المعقول لو قلنا: إن جميع حالات توزيع العمل بالعدل تنبثق من التصاق الإثارة الجنسية بسلطان الرجل وخضوع المرأة. ثم لاحاجة إلى نظم جميع أنواع التحيز الجنسي في سلك واحد يعم جميع النساء، بل الحاجة إلى عدم ذلك.

2: المحاولة الثانية هي التركيز على النسوة اللائي يتعرضن للاضطهاد على أساس الجنس، وعلى جعلهن هن المثال الوحيد لتحمل الضيم الجنسي. أما الباعث على ذلك فهو الفكرة القائلة بأن المرأة التي تتعرض للضيم لعوامل غير الجنس لاتصلح أن تكون مقياسا للضيم على أساس الجنس، فاعتبارها يسد باب تحديد الضيم الجنسي الذي هو قطب رحى النسوية. ولكن هذه الفكرة من مقتضاها ألا ندرس من نساء أمريكا –مثلا – إلا المرأة الحسناء الهيفاء البيضاء غير ذات الميول المثلية، الصحيحة غير ذات الزمانة. فنرجو بذلك أن نسل الضيم الجنسي من مركب الاضطهاد الذي يواجه المرأة في بيتها أو خارجه في المجمتمع، وندرسه خالصا صريحا مريحا محضا.[xxii] ولكن هذا الأسلوب أعوج حيث انطوى على الطبقة العليا من النسوة ويستبعد غيرها، وحيث افترض أن ما يتجلى في نواحي الحياة المتنوعة من التحيز والامتياز ليس عاملا فعالا في الظاهرة التي نحن بصددها، كأنها تظهر في عالم معزول عن عالمنا، وتتجلى في وسط منزو عن وسطنا. لقد أصابت السيدة “إليزابيث سبيلمان”  (Elizabeth Spelman) كبد الحقيقة حينما قالت:

“لاتواجه المرأة شيئا من الضيم على أساس محض جنسها، ليس إلا. بل العامل الأساس في نوع الاضطهاد الذي كان نصيبها، هو نوعها أو طبقتها. فهذا العالم مفعم بأنواع الضيم الناجمة من العرق أو الطبقة أو معاداة السامية أو التوجه الجنسي، إن لم تتعرض فيه المرأة لشيء من ذلك، فمرجعه عرقها أو طبقتها الاجتماعية أو ديانتها أو توجها الجنسي أو غير ذلك. فليس الجنس وحده هو العامل فيما يلقى المرأة من السلوك. بل ثمه عوامل أخرى من الطبقة وغيرها”[3]

هاتان المحاولتان فيهما ما فيهما كما مر. فجاءت محاولات أخرى، توخت الخلو مما فيهما، فأقرت بأن الضيم الجنسي يتجلى في أشكال عدة، ويتخذ وجوها شتى، ولم تتكلف أن تجعل واحدا منها هو الأصل وغيره هو التبع. من هذه المحاولات ما للسيدة “أريس يونغ” (Iris Young) حينما سحبت بساط التنقيب والبحث على خمس أوجه من الاضطهاد والقمع: الاستغلال، والتهميش، والضعف والعجز، والاستعمار الثقافي، والعنف المنهجي.[xxiii] وكذلك ينبغي أن تضاف إليها محاولات أخرى. فإن الضيم على أساس الجنس موكول إلى الوسط الذي يتشخص فيه، فحينا يتشخص عنفا منهجيا، وطورا يتعين استغلالا ماديا. ثم هذه المحاولات مهما توسعت، فإن أصحاب النزعة الأحادية التي تحرص على اختزال الظاهرة في تفسير موحد من نحو “السيدة كاثرين ماكينون” لم يستطعوا أن يخطو خطوة أبعد من هذا ويرحبوا بغيره من المحاولات. أما النزعة التعددية فمن طبيعتها أن تسمح بأكثر من تفسير وترفض الثوب الفضفاض الذي يضم جميع الوقائع، بل تخيط أكثر من ثوب لها. فمن الوقائع ما يفسره التصاق الإثارة الجنسية بسلطان الرجل وخضوع صاحبته، ومنها ما يتطابق مع دور الإنجاب في بنى العلاقات الاجتماعية[xxiv]، وبعضها يفهم على أساس ما أسفرت عنه العولمة في مقار العمل من التنضيد والتراص على أساس الأعراق والسلائل. فعصارة الأمر أن النزعة التعددية تناوي كل محاولة لتقديم تفسير موحد عام شامل أو تحديد معين جامع مانع أو مايسمى بالسرديات الكبرى، وتنادي بأن الضيم الجنسي تتحدد قسماته في سياق زماني مكاني، وتتبين ملامحه في ضوء النظم الاقتصادية والسياسية والثقافية، فيستعصي على الباحث إيجاد تفسير موحد.[xxv] ولكن لايذهب عليك أن النزعة التعددية لاتمنع من تلمس أنماط مطردة من أوضاع المرأة الاجتماعية والعوامل الثقافية، ولكن لابد أن يحسب للتنوع الثقافي والاختلاف الزماني حسابهما، ويولى لهما من الأهمية ما يليق بهما.

 

2.4 النسوية في مواجهة التحيز الجنسي

لنضع الوجهة الأحادية جانبا ونتابع النظرة التعددية، فبم نجيب عن السؤال التالي: “ما هو الشيء الجامع لكل هذه الأمثلة مثل أمثلة التحيز الجنسي؟” وقد رأينا أن الوجهة التعددية لاتقر إلا بأن الضيم الجنسي يتخذ أشكالا متنوعة في سياق شتى، تأبى تفسيرا موحدا لها؟ ثم هل يستقيم قبل كل شيء في منطق هذه النظرة أن تنسج مجموعة من حالات على منوال التحيز الجنسي، وينسحب عليها رداء التحيز الجنسي؟

فتيار من النسوية يدعو إلى نبذ كل نظرة نسقية، تقيم نسقا فكريا تجريديا لوقائع التحيز الجنسي، ويطوي كشحا عن كل وجهة نظامية، تبني منظومة تشمل مثل تلك الوقائع، فيدعو إلى وجدان أساس العمل النسوي في بناء النقابات والائتلافات الساعية لتحقيق الأهداف النسوية.[xxvi] يواصل هذا التيار ويقول: أفلا يحيط بنا كتل وفئات، تنافح ألوانا من الاضطهاد والتحيز؟ أليس منها ما همّه قبل كل شيء المرأة المضيمة على أساس جنسها. أجل، إن الأمر لكذلك. فإن أمكن في ظرف أو سياق أن تجتمع كلمة بعض هذه الفئات أو الكتل وتتكاتف، فهذا الإمكان هو طلبة النسوية، فلتبحث عنه، ولتجعله نقطة انطلاقها التي تنطلق منها، ولاتفترض شيئا قبل الإقبال على نشاطها. فمن ينسحب عليه رداء النسوية حماداه أن يتبين هذا المجال في سياق أو ظرف، وليشد مئزره ويشمر عن ساعده، وليطو كشحا عن تخطيط نظري فكري قبل الإشراع في العمل النسوي.

وتيار آخر يرى أن العمل لابد أن يسبقه نظر، وأن الجهود لايمكن أن تبذل ما لم يضرب إطار من الفكر والنسق. فأقل قسمات ذلك الإطار وملامحه ألا نحصر الضيم الجنسي في قالب واحد، ولانقصر بروزه على أسباب معينة، فهذا الإدراك وإن كان سلبيا في طبيعته وجوهره، إلا أنه يقدم لنا منصة نظرية لإعلاء كلمة النسوية. لقد مر آنفا أن من أنسب طريق للتمييز بين الضيم الجنسي وغيره من أنواع التحيز أن نتبين دور الجنس في حالة من الضيم. فإن كان لأنوثته القدح المعلى في التنقيب عن بواعث الضيم، فهي وأمثالها “جنسية” يعتني بها حفدة النسوية وأنصارها. ويمضي هذا التيار تبيانا لموقفه وتفسيرا له، فيعلن الأسباب المختلفة التي تصلح لأن تجعل الحالة المتلبسة بها ضيما على أساس الجنس. فلايقتصر الأمر على القانون أو التقليد الذي يتحيز ضد المرأة تحيزا سافرا معتمدا، بل ينضم إليه التقاليد أو القوانين التي قد مر عليها دهر، وغشيها غبار من القدم، فأصبح ما كان متأصلا فيها من التحيز ضد المرأة أمرا طبيعيا في أعين الناس. فلنضرب لذلك مثلا: إن الوسط الذي يوسد تنئشة الولد وتربيتها إلى المرأة وحدها، يعوق من تنقل المرأة من منزلها إلى مكتبها أو مقر عملها عوقا. ثم أصحاب الشركات وملاك نواصي العمل يؤثرون من يتنقل بسهولة، ولايعوقه هذا العائق، ويُدْنُوْنه، ويعطونه أكثر مما يعطون ذا العائق. فبادئ الأمر أن هذه الأثرة لاتنجم عن التحيز ضد الجنس، ولكن النظرة المنقبة النافذة تبعثر أرض هذه الظاهرة، وتخرج أن السبب في نهاية المطاف يؤول إلى التحيز على أساس الجنس، وأنه تأصل بتصرم الأعوام والعقود، وغاب عن الناس. فالعلة المشتركة أو الوصف الشامل لحالات التحيز الجنسي هو ما للجنس في تفسير الظاهرة من الدور، وليس مصاغا مخصصا من الضيم. فهذا التيار يصوغ على هذا الأساس دعوى مجردة تنجلي فيما يلي:

1: الدعوى الوصفية: أن النسوة ومن شابههن عرضة للظلم أو الإساءة وأن سبب هذا التعرض هو الأنوثة أوجنسها كلا أو جزء.

2: الدعوى المعيارية: أن هذا التعرض لاينبغي أن يكون وأنه يجب أن يفت في عضده وأن مثل هذه المحاولة يتحتم أن تصد عن وجهها.

هذا وظللنا نستخدم كلمة “الضيم” (oppression) استخداما فضفاضا لاستيعاب كل شكل أو لون من إساءة إلى المرأة، ولنتصل بهذا الاستخدام ولكن لانستطيع أن نتجاوز بغير أن نزيل الإبهام في قولنا: “على أساس الجنس أو الأنوثة”. فما نعني بالضبط عندما نقول: “تعرضت المرأة للضيم على أساس جنسها أو أنوثتها” أو “واجهت المرأة إساءة من حيث إنها المرأة” فما المراد بهذه الحيثية؟ أبصدد ما يفسر الظاهرة نحن أم بصدد ما يبررها في نظام معين؟ فلنجل هذا الفرق بما يلي:

1: تفسير الظاهرة أن نقرر أن خير ما نستند إليه لتفسيرها والبحث عما تسبب فيها وأقربه إلى المنطق والعقل هو الجنس أوالأنوثة. فيصيب ليلى –على سبيل المثال–في وظيفتها من الأجرة ما يقل عما يصيب زميلها “قيس” في نفس الوظيفة، وأفضل تفسير لذلك هو ما بينهما من الفرق في الجنس (وهذا لاينفي فعل عوامل أخرى من النسب وغيره من المقولات الاجتماعية)

2: أما البحث عن ما يبرر الظاهرة فهو بحث عما عجن به النظام ووضع في أساسه من الفرق بين الصنفين: الذكر والأنثى، فينعكس هذا الفرق على ما يحيط بهما من الظروف وأنحاء التعامل. فعلى الدارس النسوي أن يتفطن لأساس هذا النظام عند تحليله النسوي. فلا تتمتع ليلى بما يتمع به زميلها قيس لأن النظام الذي هما فيه يبرر مكيالين للاجرة: مكيالا للذكر وآخر للأنثى. فهذا التمييز يبدو مبررا في نطاق ذلك النظام.

نقرر –وقد مر هذا التقرير غير مرة– أن إسناد الظاهرة إلى الجنس أو الأنوثة لايلغي عوامل أخرى. فيمكن أن تميز المرأة لنسبها أو طبقتها أو جنسها أوغيرها، فتلقى الهوان أو الإساءة. ولكن إن كان مثل هذا السلوك التحيزي يتعرض له امرأة أو طبقة معينة من النسوة، فهو حالة “أشكال التحيز المتقاطعة” التي يتفاعل فيها أكثر من عامل، ولايمكن أن تسند الظاهرة في تفسيرها والبحث عن سببها إلى عامل الجنس وحده، بل لابد أن يضم إليه عامل آخر فصاعدا. فاغتصاب نساء البوسنة مثال لما تقاطع فيه أكثر من عامل للإفضاء بالضيم إلى المرأة. فهن تعرضن للاغتصاب لأنهن نسوة ولأنهن بوسنيات.

عل كل حال، نعود إلى حيثية النبش عن أسس التحيز الجنسي: حيثية التفسير وحيثية التبرير.هاتان الحيثيتان ليس بينهما اختلاف تضاد وتناف، بل اختلاف تنوع وانقسام، وكل منهما حفيد لصاحبه وعماد له. فإن الفعل البشري قلما يفهم على وجهه الصحيح إلا في وسط منتظم معين، وهذا الوسط يضمن له بالتبرير، ويربت على كتفي من يقوم بتجريمه فيهدّئه. فهو في سبيل تحديد السلوك المناسب الذي يقمن بكل من الجنسين يرحب بتفرقة ممقوتة باعثة على التحيز ضد المرأة. فالقصد هنا أن الجانب التفسيري لابد أن يضم إلى نفسه الجانب التبريري الذي يمثله الإطار أوالنظام أو الوسط الذي تظهر فيه الظاهرة، والذي يحدد لكل من الجنسين دورا، ويحله مكانة، لايرضاها أنصار النسوية.

ثم قد ألفينا في مثال ليلى أنها في مثالنا في كلتا الحالتين (الحيثيتين) واجهت تحيزا وضيما، ولكن إذا أمعنا النظر، وجدنا أن هذا الضيم كان ناجما عن انتماءها إلى طبقة معينة، وهي طبقة النساء. وهذه هي النواة -في رأينا المتواضع- لفهم التحيز الجنسي نوع من الاضطهاد والضيم. فالاضطهاد قبل كل شيء يصيب طبقة، وإذا نال من فرد أو شخص، فلانضواءه إلى تلك الطبقة. فيأرز أمر التحيز –وعلى رأسه في سياق حديثنا ما كان جنسيا– إلى الطبقة. فهي الأصل، أما الفرد فهو تبع لها. فإذا قلنا: “واجهت النسوة تحيزا على أساس أنوثتهم”، فلا نعني به إلا طبقتهم تتكبد الاضطهاد.

فآب حديثنا عن النسوية إلى أنها كلمة، تحتضن شتيتا من الرؤى حول ظلم المرأة وضيمها، وأن أنصار النسوية وحفدتها تضاربوا في طبيعة العدل والنصفة وفي طبيعة التحيز الجنسي على وجه الخصوص، ونلمس أيضا عندهم البينونية فيما يواجه المرأة ويخصها من أنواع الظلم والإساءة، ولم تتفق كذلك كلمتهم في الطبقات التي يجب أن تنحصر جهودهم في رفع الضيم عنها، أو يكون لها الأولية على الأقل. ولكن هذا الخلاف في كل شيء تقريبا لم يمنع أنصار النسوية من العمل، والعزم على إدخال تغير جذري في المجتمع كي ترسو سفينة جهودهم بالمرأة على مرساة النجاة من الضيم والهوان، وخاصة ما كان على أساس أنوثتها.

 

  1. مناهج النسوية

لقد أمدت النسوية الفلسفة بمادة غزيرة من المنازع في مجالي الأخلاق (راجع مدخل الأخلاق النسوية) والسياسة (راجع مدخل الفلسفة السياسية النسوية)، وأساليب جديدة لإثارة السؤال والجواب عنه، ومناقشة الرؤى والطرق الفلسفية السائدة مناقشة ناقدة بناءة وأبرزت للفلسفة مواضيع جديدة، لم تدل حولها قبل، ثم هي لم تقتصر على رواية دون رواية، بل تعرضت لكل رواية فلسفية مهمة مثل التحليلية والذرائعية الأمريكية وفلسفة القارة الأوروبية. ومن شاء أن يلم بهذه الخطى النسوية الفلسفية، فليراجع في هذه الموسوعة ما صنف حول مناهج النسوية من المقالات، فإنها عنيت بتأثير الروايات الفلسفية المهمة في الأدب النسوي، وسعت بحثا عن آفاق جديدة لإيجاد الأواصر بين النسوية والروايات الفلسفية. وفيما يلي ركن ” تجديد النسوية لفروع الفلسفة السائدة ” الذي يسرد عناوين هذه المقالات مشفوعة بروابطها، ويليه ركن “محاور الفلسفة النسوية” الذي يقدم قائمة المقالات المعنية بالمواضيع التي تدور حولها النسوية وهي تتناول الجنسية بالتفسير والسلوك المتحيز الجنسي بالنقد، وتقدم خريطة بديلة جديدة للعالم العادل من وجهة نظرها.

فالنسوية كما رأينا تعرضت لكل رواية فلسفية مهمة، فتنوعت تنوع الروايات الفلسفية المهمة ذاتها تنوعا، يخبرنا بتنوع المنازع والرؤى حول ما كان من تلك الروايات مساعدا وذا معنى للنسوية. دونك قائمة لمقالات هذه الموسوعة المنخرطة إلى “مناهج النسوية” الغالبة (غلبة ربما تكون في بعض الأصقاع والبلاد)، فإنها تبين لك هذه المنازع والرؤى المتنوعة:

ثم الخيوط التي تنتظم هذه المناهج النسوية المختلفة والتي تسوغ وصف كل منها بالنسوية هي مبادئ، يلتزم بها كل منها، ونقد للمؤسسات والأحكام المسبقة والسلوك التي تؤثر الذكر على الأنثى على مر التاريخ نقدا شاملا عاما. فهي تصيب بسهام النقد الرواية الفلسفية التقليدية التي تدعي الشمول والآفاقية والموضوعية، وتغفل عن ما في منازعها ومذاهبها من الخصوصيات الذكورية والنزوع إلى الذاتية الرجالية. ثم تولي الفلسفة النسوية اهتمامها بتاثير الميول الشخصية في تكوين الفلسفة وبالعوامل التاريخية التي أدت إلى تشكيلها اهتماما أبلغ مما تفعله غيرها، وكذلك تعنى بالتجارب والوقائع التي نعيشها أكثر من عنايتها بالجانب النظري الأصولي. فالفلاسفة من الشيعة التقليدية يجردون الأسئلة في أدمغة البشر من تجاربها وواقعها ويصبها في راقود تجريدي فكري ويعتنون بهذا بجدية بالغة، ولكن الفلاسفة من اللفيف النسوي لايجنحون إلى هذا التجريد، بل ينظرون إليها مجسدة في أناس أحياء يرزقون. ثم هم دعوا إلى إعادة النظر في الأسئلة التي اعتنت بها الفلسفة على مر التاريخ، وإلى صياغة مناهج الفلسفة صياغة جديدة. فالفلسفة على سبيل المثال مقبلة على مسائل المعرفة والوجود أكثر من إقبالها على قضايا الأخلاق والسياسة. فالنسوية لاتستسيغ ذلك، بل تتعداه إلى القول بأن مسائل المعرفة لاتدرس معزولة عن قضايا الأخلاق والسياسة، فهما كركبتي البعير وندماني جذيمة. ولقد توسعت مقالة الموسوعة حول النسوية التحليلية في فصلها الثاني في الخيوط المنتظمة لمناهج النسوية المختلفة، ولنلخص هنا ثلاثة منها:

1: أن فلاسفة النسوية متفقون على قيمة الفلسفة ومكانتها لفهم البشر وآواصره وصلته بالمجتمع والدولة، ولكشف مدى مسئولتنا الأخلاقية، ولإماطة اللثام عن الفروض والمناهج التي شيد عليها صروح علوم مختلفة.

2: وأنهم مرهفون للتحيز الذكوري المتأصل في الفلسفة على مر تاريخها على رغم دعواها غير ذلك. ويتجلى هذا التحيز فيما يتجلى، في تحديد الفلسفة لطبيعة المرأة، وأن دعوى الموضوعية والحيادة عند التدقيق والتحصيل تنهار، فإنها كانت من وجهة معينة، لم يسطع صاحبها أن يتفطن لما كان دفينا في وجهته من التحيز، وقد بعثره أصحاب النسوية كما يقولون.

3: وأنهم يجمعهم أنهم لايقتنعون بما هو واقع، بل يميلون دائما إلى صنعه بأنفسهم، وإلى تقويم السلوك المتحيز الجنسي، وقلب المؤسسات المتصفة بذلك رأسا على عقب.

مثل هذه العوائق في الرواية الفلسفية التقليدية حدا أنصار النسوية إلى الانتفاع بأكثر من رواية فلسفية، وعدم الاقتصار على مدرسة معينة اقتصارا ملحوظا عند الفلاسفة من الفئة التقليدية. فقد لوحت إلى ذلك صاحبة مقالة “النسوية التحليلة” في هذه الموسوعة. فإنها ذكرت أن سدنة النسوية التحليلة لم يرعووا عن طرق أبواب الفلاسفة غير التحليليين من نحو سيمون دي بوفوار وميشال فوكو و جوزيف باتلر، ولم يستنكفوا من مصافحة من لم يكن يوافقهم منهجهم ووجهتم من عشائر التيارات النسوية الأخرى، فهم أرحب صدرا من غيرهم بتلفيق المناهج المختلفة لإثمار ما يبغونه من الثمر.

ولكن لا يذهب بك الظن –أيها القارئ الكريم– إلى أن الفروق بين التيارات النسوية المختلفة طفيفة، لاأثر لها، بل لها أثرها الملموس، خاصة في أسلوب الكتابة والتأثير في القراء ومايعقد كل منها من الآمال على الفلسفة أن تنجز. فالتيار التحليلي يعلي من شأن التحليل والحجاج بطبيعة الحال، والموج القاري من أمواج النسوية يحوم حول التفسير والتفكيك، والجناح الذرائعي الأمريكي يحلق في سماء التجربة الحية والتنقير في حياتنا. هذا وقد نبعت الفلسفة التحليلة والفلسفة الذرائعية من الرواية الفلسفية التي تكونت إثر هيجل، فهما تستريب في شأن الصدق الثابت، بل هو في أعينهما يتحدد بكر الغداة ومر العشي، وتجنحان إلى ما نزع إليه نيتشه من أن رداء الصدق دمية، يحرك خطوطها أيدي قوى خفية، ولكن الموج النسوي التحليلي في الجانب المعاكس يصر على ثبات الصدق، ويأبى إلا أن سبيل مكافحة التحيز الجنسي والقطب الذكوري هو تثبيت دعائم التفكير المنطقي والوضوح في التصور والاهتمام بالانسجام المنطقي والموضوعية والعدل والخير والعقلانية.[xxvii]

ثم هذا الخلاف والتنوع في التيارات النسوية مع تلاقحها مع التيارات الفلسفية المختلفة غدا أرضا مخصابا للدراسات المبرزة لأوجه الاشتراك ونقاط الاتفاق بينها. ومنها على سبيل الخصوص تلاقح النسوية مع نظرية التحليل النفسي كما لاحظته السيدة ” جورجيا وارنك” (Georgia Warnke). فالتيار الإنجليزي الأمريكي ائتلف مع نظرية العلاقة بالموضوع، والجناح القارّي جنح إلى أفكار “جاك لاكان” والنظريات النفسية التي راجت في فرنسا في العصر الحاضر (ولكن الملحوظ أن هذا قد بدأت بوادر التغير فيه، يراجع لذلك مقالة تقاطع النسويتين التحليلية والقارية). ويراجع أيضا في الموسوعة مقالة تقاطع النسويتين القارية والذرائعية لصاحبتها “شانون سوليفان” (Shannon Sullivan) لإلقاء الضوء على جوانب من هذا التلاقح. ولم تكتف الموسوعة بذلك، بل أضافت نظرا إلى أهمية التحليل النفسي في النسوية مقالة أخرى بعنوان “النسوية النفسية التحليلية“، فإنها لم تقتصر على تيار دون تيار، بل تناولت التيارات النسوية الثلاثة بالدراسة في معرض تفاعلها مع النظرية النفسية التحليلية.

إن الجنس والنوع الاجتماعي هما قطب رحى النسوية، وهي لاتعنى بموضوع عنايتها بهما، ولكن هذا لم يمنع من تسلل الاختلاف إليهما. فيجد القارئ أن النسوية التحليلية التي لاتقر بفكرة الجوهر لاترجع الفرق بين الجنس والنوع الاجتماعي إلى شيء موضوعي خارجي، بل تجعله عائدا إلى نظر الناظر وعقيدة المعتقد[xxviii] (يراجع لذلك مقالة “الرؤية النسوية للجنس والنوع الاجتماعي“) ويلفي في الناحية الأخرى أن الجناح القاري النسوي يذهب إلى أحد أمرين:

1: إما أن تصور الجنس نسجته يدا المجتمع، وليس أمرا طبيعيا رابيا عن أعراف الناس وتقاليد المجتمع.[xxix]

2: وإما أنه يجب أن ينسل نسيج هذا التصور، ثم يخاط على المنوال المحادي غير المتحيز لجنس دون جنس.[xxx]

أجل، إن النسوية فيها خلاف عريض واسع جدا، ولها مناهج متضاربة وأساليب متدابرة، ونقابات مختلفة واتجاهات متباينة، ولكن ما يجمعها أقوى وأكثر مما يفرقها. والنسوييون يستفيدون بعضهم ببعض على اختلاف الاتجاهات والتيارات. بل اختلافهم في قطب رحى النسوية –الجنس والنوع الاجتماعي– كان محفزا للحوار حول تأثير الثقافة والمجتمع في مفاهيم الجسد والتجربة وحول مجاري تغير المجتمع إلى ما ينشده النسوية

 

4.   تجديد النسوية لفروع الفلسفة السائدة

لقد اعتادت الرواية الفلسفية التقليدية أن تعلن أنها محايدة، لاتتحيز (وقد يستثنى من ذلك الذرائعية، ومابعد البنيوية وجوانب من الظاهراتية) ولكن الفلاسفة الذين يدينون بالنزعة النسوية بدأوا يظهرون أن هذه الدعوى غير مطابقة للواقع ونفس الأمر فبدأوا يدخلون في المجالات الفلسفية التقليدية تغييرات جذرية ويجددونها، كما يظهر مما تحوي هذه الموسوعة من مقالات متنوعة خصصت لدراسة هذه التغييرات والتجديد في المجالات. فالفلسفة على مر التاريخ ادعت أن المعيار ما لايخص طبقة دون أخرى، ولاجنسا دون آخر، بل لابد أن يكون عاما شاملا. فالنتيجة أن ما يخص الأنثى لايصلح أن يعد معيارا في المجتمع. ولكن النشاط النسوي كشف النقاب عن جوَف هذه الدعوى، وأبدى أن هذا من باب جعجعة بغير طحن. فما ادعي على مر التاريخ في الفلسفة أنه محايد جنسا، فهو في الحقيقة مسبوك في مسبك ذكوري. فأنصار النسوية الذين يعملون في مجال الفلسفة البيئية أثبتوا أن الأساليب المتبعة في المجتمع في الحقيقة تهضم حقوق النسوة والأطفال وطبقة غير البيض. والذين يجمعون بين النسوية والليبرالية صدعوا بأن القيم الليبرالية في الحقيقة متحيزة وناظرة إلى جنس معين. والذين يجمعون بين النسوية والمعرفة لفتوا النظر إلى أن الرواية المعرفية تهتم بما يعرف، لابما لايعرف. فالصور الحقيقية لجانب المعرفة لاتتشكل بغير أن نصرف اهتمامنا إلى “الجهل”، ويسمون مثل هذه الرواية المعرفية التي تهتم بالجهل اهتمامها بالعلم “معرفيات الجهل”. فعصارة الأمر أن النسوية ضربت في أودية الفلسفة من أقصاىها إلى أقصاها، وعثرت على التعصبات الكامنة المستترة بأردية التحيز والموضوعية والعموم والشمول، وتدعو إلى شطب ما بدأنا به هذا الحديث من دعوى الفلسفة على مر التاريخ، وهو أن المعيار ما لايخص، وكان عاما شاملا، بل المعيار على مر التاريخ كان متأثرا بالنزوع الذكوري.

نسرد فيما يلي مقالات الموسوعة المتعلقة بعمل النسوية في مختلف فروع الفلسفة:

 

5.   محاورالفلسفة النسوية

لقد وضعت الحركة النسوية مجاري الفلسفة السائدة على محك النقد، وأظهرت قصور المفاهيم والقضايا الفلسفية الرائجة عما تشرئب إليه أهدافها، وعدم كفاءة الظواهر المدروسة عادة في الفلسفة لما ترنو إليه طموحها. فصرفت في معرض دراسة حياة المرأة انتباه عالم الفلسفة – مثلا – إلى مفهوم “الرعاية” و”الراعي” (الذي يقدم الرعاية)[xxxi] ومفهوم الرعية[xxxii] والزمانة والإعاقة[xxxiii] وعمالة النساء[xxxiv] والتحيز العلمي والموضوعية[xxxv]، بل خطت خطوة، ووضعت الإصبع على ما في النظريات الأخلاقية والسياسية والمعرفية من المغامز، وكشفت الستار عما تخبأ فيها من المعايب، وعصارة الأمر أن هذه الحركة نادت بمحاسبة ما كان يعد أمرا شخصيا، وجانبا خاصا من نحو البيت والجنس والجسد ودعت إلى اعتدال كفة المرأة الشائلة بإزاء كفة الرجل الراجحة فيما يعد أمرا اجتماعيا وجانبا عاما. فتذكر النسوية في جانب أن الفلسفة السائدة تصب أحداث الحياة في مصاب معينة، تنظر إليها بمناظير مخصصة، وتبرز في جانب آخر جوانب من الحياة التي يعيشها البشر وأوجها من التجربة التي يخوضها الإنسان، تفضح مكامن التحيز في تلك المصاب والمناظير، فتسعى حثيثا للبحث عن خير منها خال من المكامن.

ولكن هذا لايعني أن النسوية لاتطأ الطرق المسلوكة، بل إنها لتتطرق إبان تفسيرها للتحيز الجنسي ومظاهره إلى قضايا، تعتني بها الفلسفة السائدة. فدرست في معرض الحديث عن الرعاية طبيعة “الذات”، وتطرقت أثناء دراستها للجنس إلى العلقة بين ماهو بالطبيعة وماهو من صنع المجتمع، وبحثت في غضون تصديها للتحيز الجنسي في مجال العلوم، فما يعد علما حقا. وإثارة هذه القضايا في السياق النسوي صيرت بعض التفاسير الفلسفية السائدة غير كافية ولاوافية بالأهداف التي ترنو إليها الحركة، واقترحت بدائل أكثر وفاء وأشد كفاية.

إذا أبحرت في قائمة المقالات المنخرطة إلى سلك النسوية في هذه الموسوعة، تجد عددا، عرضت أحدث ما في جعبة النسويين من البحث في مجال، وألقت الضوء على الجوانب التي للنسوية بها اهتمام خاص واعتناء بالغ. ودونك أسماء تلك المقالات مع روابطها:


 قائمة المراجع

  • Ahmed, Sara, 2006, Queer Phenomenology: Orientations, Objects, Others, Durham, NC: Duke University Press.
  • Alaimo, Stacy and Susan Hekman, 2007, Material Feminisms, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Alanen, Lily and Charlotte Witt (eds.), 2004, Feminist Reflections on the History of Philosophy, Dordrecht/Boston/London: Kluwer Academic Publishers.
  • Alcoff, Linda Martín, 2005, Visible Identities: Race, Gender, and the Self, New York: Oxford University Press.
  • Allen, Amy, 2008, The Politics of Our Selves: Power, Autonomy, and Gender in Contemporary Critical Theory, New York: Columbia University Press.
  • Alexander, M. Jacqui and Lisa Albrecht(eds.), 1998, The Third Wave: Feminist Perspectives on Racism, New York: Kitchen Table: Women of Color Press.
  • Anderson, Elizabeth S., 1999, “What is the Point of Equality?” Ethics, 109(2): 287–337. doi:10.1086/233897
  • Anzaldúa, Gloria (ed.), 1990, Making Face, Making Soul: Haciendo Caras, San Francisco: Aunt Lute Books.
  • Atherton, Margaret (ed.), 1994, Women Philosophers of the Early Modern Period, Indianapolis: Hackett.
  • Baier, Annette C., 1994, Moral Prejudices: Essays on Ethics, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Barker, Drucilla and Edith Kuiper (eds.), 2010, Feminist Economics, New York: Routledge.
  • Barrett, Michèle, 1991, The Politics of Truth: From Marx to Foucault, Stanford, CA: Stanford University Press.
  • Bartky, Sandra Lee, 1988, “Foucault, Femininity, and the Modernization of Patriarchal Power”, in Feminism and Foucault: Reflections on Resistance, Irene Diamond and Lee Quimby (eds), Northeastern University Press, pp. 61–86. Reprinted in in her 1990 Femininity and Domination: Studies in the Phenomenology of Oppression, New York: Routledge, 63–82.
  • Basu, Amrita, 1995, The Challenge of Local Feminisms: Women’s Movements in Global Perspective, Boulder, CO: Westview Press.
  • Battersby, Christine, 2007, The Sublime, Terror and Human Difference, New York: Routledge.
  • Baumgardner, Jennifer and Amy Richards, 2000, Manifesta: Young Women, Feminism, and the Future, New York: Farrar, Straus, and Giroux.
  • Beauvoir, Simone de, 1949, Le Deuxième Sexe, 2 volumes, Paris: Gallimard. Printed in English 1953 as The Second Sexby H.M. Parshley (trans. and ed.), New York: Knopf. Retranslated 2009 by Constance Borde and Sheila Malovany-Chevallier, London: Jonathan Cape.
  • Bell, Linda, 2003, Beyond the Margins: Reflections of a Feminist Philosopher, New York: SUNY Press.
  • Benhabib, Seyla, 1992, Situating the Self: Gender, Community, and Postmodernism in Contemporary Ethics, New York: Routledge.
  • Bergmann, Barbara, 2002, The Economic Emergence of Women, second edition, New York: Palgrave, St. Martin’s Press.
  • Bergoffen, Debra B., 1996, The Philosophy of Simone de Beauvoir: Gendered Phenomenologies, Erotic Generosities, New York: SUNY Press.
  • Botts, Tina Fernandes, 2017, “The Genealogy and Viability of the Concept of Intersectionality” in Garry et al. 2017: 343–357.
  • Breines, Wini, 2002, “What’s Love Got to Do with It? White Women, Black Women, and Feminism in the Movement Years”, Signs: Journal of Women in Culture and Society, 27(4): 1095–1133. doi:10.1086/339634
  • Brownmiller, Susan, 1975, Against Our Will: Men, Women, and Rape, New York: Bantam.
  • Butler, Judith, 1990, Gender Trouble: Feminism and the Subversion of Identity, New York: Routledge.
  • –––, 1993, Bodies that Matter: On the Discursive Limits of “Sex”, New York: Routledge.
  • Calhoun, Cheshire, 2000, Feminism, the Family, and the Politics of the Closet: Lesbian and Gay Displacement, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/0199257663.001.0001
  • –––, 1989, “Responsibility and Reproach”. Ethics, 99(2): 389–406. doi:10.1086/293071
  • Campbell, Sue, Letitia Meynell and Susan Sherwin (eds.), 2009, Embodiment and Agency, University Park, PA: Penn State Press.
  • Carlson, Licia, 2009, The Faces of Intellectual Disability: Philosophical Reflections, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Chanter, Tina (ed.), 2009, Rethinking Sex and Gender, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Cimitile, Maria, 2007, Returning to Irigaray: Feminist Philosophy, Politics, and the Question of Unity, Albany, NY: State University of New York Press.
  • Cixous, Hélène, “The Laugh of the Medusa,” translated, Keith Cohen and Paula Cohen, Signs, Summer 1976, pp. 875-893.
  • Code, Lorraine, 2006, Ecological Thinking: The Politics of Epistemic Location, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/0195159438.001.0001
  • –––, 1991, What Can She Know? Feminist Theory and the Construction of Knowledge, Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Cott, Nancy, 1987, The Grounding of Modern Feminism, New Haven: Yale University Press.
  • Collins, Patricia Hill, 1990, Black Feminist Thought, Boston, MA: Unwin Hyman.
  • Crasnow, Sharon L. and Anita M. Superson (eds.), 2012, Out from the Shadows: Analytical Feminist Contributions to Traditional Philosophy, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780199855469.001.0001
  • Crenshaw, Kimberlé, 1991, “Mapping the Margins: Intersectionality, Identity Politics, and Violence Against Women of Color”. Stanford Law Review, 43(6): 1241–1299. doi:10.2307/1229039
  • Crenshaw, Kimberlé, Neil Gotanda, Gary Peller, and Kendall Thomas, 1995, “Introduction”, in Critical Race Theory, Kimberlé Crenshaw, et al. (ed.), New York: The New Press, xiii–xxxii.
  • Crow, Barbara, 2000, Radical Feminism: A Documentary Reader, New York: New York University Press.
  • Cudd, Ann E., 1996, “Analytic Feminism”, in The Encyclopedia of Philosophy Supplement, Donald M. Borchert (ed.), New York: Macmillan Reference, pp. 20–21.
  • –––, 2006, Analyzing Oppression, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/0195187431.001.0001
  • Cudd, Ann E. and Robin O. Andreasen (eds.), 2005, Feminist Theory: A Philosophical Anthology, Malden, MA: Blackwell Publishing.
  • Davis, Angela, 1983, Women, Race and Class, New York: Random House.
  • Davis, Lennard J., 2010, The Disability Studies Reader, third edition, New York: Routledge.
  • Delmar, Rosalind, 1986, “What is Feminism?” Juliet Mitchell and Ann Oakley (eds), What is Feminism?, New York: Pantheon Books. Reprinted in Herrmann and Stewart 1994: 5–28.
  • Delphy, Christine, 1984, Close to Home: A Materialist Analysis of Women’s Oppression, Diane Leonard (trans.), Amherst, MA: University of Massachusetts Press.
  • Deutscher, Penelope, 1997, Yielding Gender: Feminism, Deconstruction, and the History of Philosophy, London: Routledge.
  • Duplessis, Rachel Blau, and Ann Snitow (eds), 1998, The Feminist Memoir Project: Voices from Women’s Liberation, New York: Random House (Crown Publishing).
  • Dutt, Malika, 1998, “Reclaiming a Human Rights Culture: Feminism of Difference and Alliance”, in Talking Visions: Multicultural Feminism in a Transnational Age, Ella Shohat (ed.), Cambridge, MA: MIT Press, 225–246.
  • Dykeman, Therese Boos (ed.), 1999, The Neglected Canon: Nine Women Philosophers First to the Twentieth Century, Dordrecht/Boston/London: Kluwer Academic Publishers.
  • Echols, Alice, 1990, Daring to Be Bad: Radical Feminism in America, 1967–75, Minneapolis, MN: University of Minnesota Press.
  • Engels, Friedrich, 1845 [1972], The Origin of the Family, Private Property, and the State, New York: International Publi
  • Enloe, Cynthia, 2007, Globalization and Militarism: Feminists Make the Link, Lanham, MD: Rowman and Littlefield.
  • Farr, Kathryn, 2004, Sex Trafficking: The Global Market in Women and Children, New York: Worth Publishing.
  • Findlen, Barbara, 2001, Listen Up: Voices from the Next Feminist Generation, second edition, Seattle, WA: Seal Press.
  • Fine, Michelle and Adrienne Asch(eds.), 1988, Women with Disabilities: Essays in Psychology, Culture, and Politics, Philadelphia: Temple University Press.
  • Firestone, Shulamith, 1970, The Dialectic of Sex: The Case for Feminist Revolution, New York: Bantam.
  • Folbre, Nancy, 2010, Greed, Lust, and Gender: A History of Economic Ideas, Oxford: Oxford University Press.
  • Fraser, Nancy, 1989, Unruly Practices: Power, Discourse, and Gender in Contemporary Social Theory, Minneapolis, MN: University of Minnesota Press.
  • Fraser, Nancy and Linda Nicholson, 1990, “Social Criticism without Philosophy: An Encounter Between Feminism and Postmodernism”, in Feminism/Postmodernism, Linda Nicholson (ed.), New York: Routledge.
  • Fricker, Miranda and Jennifer Hornsby, 2000, The Cambridge Companion ot Feminism in Philosophy, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CCOL0521624517
  • Friedan, Betty, 1963, The Feminine Mystique, New York: Norton.
  • Frye, Marilyn, 1983, The Politics of Reality, Freedom, CA: The Crossing Press.
  • Gardner, Catherine Villanueva, 2000, Rediscovering Women Philosophers: Philosophical Genre and the Boundaries of Philosophy, Boulder, CO: Westview Press.
  • Garland-Thomson, Rosemarie, 1997, Extraordinary Bodies: Figuring Physical Disability in American Culture and Literature, New York: Columbia University Press.
  • Garry, Ann, “Analytic Feminism”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy(Spring 2017 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/spr2017/entries/femapproach-analytic/>.
  • Garry, Ann, Serene J. Khader, and Alison Stone (eds.), 2017, The Routledge Companion to Feminist Philosophy, New York: Routledge.
  • Gould, Carol and Marx Wartofsky (eds.), 1976, Women and Philosophy: Toward a Theory of Liberation, University Park, PA: Penn State Press.
  • Grasswick, Heidi (ed.), 2011, Feminist Epistemology and Philosophy of Science: Power in Knowledge, New York: Springer. doi:10.1007/978-1-4020-6835-5
  • Green, Joyce (ed.), 2007, Making Space for Indigenous Feminism, London: Zed Books.
  • Grewal, Inderpal, 1998, “On the New Global Feminism and the Family of Nations: Dilemmas of Transnational Feminist Practice”, in Talking Visions: Multicultural Feminism in a Transnational Age, Ella Shohat (ed.), Cambridge, MA: MIT Press, 501–530.
  • Grosz, Elizabeth, 1994, Volatile Bodies: Toward a Corporal Feminism, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Hamington, Maurice, 2004, Embodied Care: Jane Addams, Maurice Merleau-Ponty, and Feminist Ethics, Urbana, IL: University of Illinois Press.
  • –––, 2006, Socializing Care: Feminist Ethics and Public Issues, Lanham, MD: Rowman and Littlefield.
  • Hamington, Maurice and Celia Bardwell-Jones (eds.), 2012, Contemporary Pragmatist Feminism, New York: Routledge.
  • Hampton, Jean, 1993, “Feminist Contractarianism”, in Louise M. Antony and Charlotte Witt (eds) A Mind of One’s Own: Feminist Essays on Reason and Objectivity, Boulder, CO: Westview Press.
  • Harding, Sandra, 1986, The Science Question in Feminism, Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Harley, Sharon (ed.) 2007. Women’s Labor in the Global Economy: Speaking in Multiple Voices, New Brunswick, NJ: Rutgers University Press.
  • Haslanger, Sally, 2004, “Oppressions: Racial and Other”, in Racism, Philosophy and Mind: Philosophical Explanations of Racism and Its Implications, Michael Levine and Tamas Pataki (eds), Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • –––, 2012, Resisting Reality: Social Construction and Social Critique, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780199892631.001.0001
  • Held, Virginia, 1993, Feminist Morality: Transforming Culture, Society, and Politics, Chicago: University of Chicago Press.
  • –––, 1995, Justice and Care: Essential Readings in Feminist Ethics, Boulder, CO: Westview Press.
  • –––, 2007, The Ethics of Care: Personal, Political, Global, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/0195180992.001.0001
  • Heldke, Lisa and Peg O’Connor (eds.), 2004, Oppression, Privilege, and Resistance: Theoretical Perspectives on Racism, Sexism, and Heterosexism, New York: McGraw Hill.
  • Hernandez, Daisy and Bushra Rehman (eds.), 2002, Colonize This! Young Women of Color in Today’s Feminism, Berkeley, CA: Seal Press.
  • Herrmann, Anne C. and Abigail J. Stewart (eds.), 1994, Theorizing Feminism: Parallel Trends in the Humanities and Social Sciences, Boulder, CO: Westview Press.
  • Heyes, Cressida J., 2007, Self-Transformations: Foucault, Ethics, and Normalized Bodies, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780195310535.001.0001
  • Heywood, Leslie and Jennifer Drake (eds.), 1997, Third Wave Agenda: Being Feminist, Doing Feminism. Minneapolis, MN: University of Minnesota Press.
  • Hillyer, Barbara, 1993, Feminism and Disability, Norman, OK: University of Oklahoma Press.
  • Hoagland, Sarah L., 1989, Lesbian Ethics: Toward New Values, Palo Alto, CA: Institute for Lesbian Studies.
  • hooks, bell, 1981, Ain’t I A Woman: Black Women and Feminism, Boston, MA: South End Press.
  • –––, 1984, Feminist Theory from Margin to Center, Boston, MA: South End Press.
  • –––, 1989, Talking Back: Thinking Feminist, Thinking Black, Boston, MA: South End Press.
  • Hurtado, Aída, 1996, The Color of Privilege: Three Blasphemies on Race and Feminism, Ann Arbor, MI: University of Michigan Press.
  • Irigaray, Luce, 1974 [1985], Speculum de l’autre femme, Les Editions de Minuit. Translated as Speculum of the Other Woman, Gillian C. Gill (trans.), Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Jaggar, Alison M., 1983, Feminist Politics and Human Nature, Lanham, MD: Rowman and Littlefield.
  • –––, 1994, Controversies within Feminist Social Ethics, Boulder, CO: Westview Press.
  • James, Susan, 1998, “Feminism”, in Edward Craig (ed.), Routledge Encyclopedia of Philosophy, Vol. 10, London: Routledge, p. 576.
  • Kempadoo, Kamala (ed.), 2005, Trafficking and Prostitution Reconsidered: New Perspectives on Migration, Sex Work, and Human Rights, Boulder, CO: Paradigm Publishers.
  • Kiss, Elizabeth, 1995, “Feminism and Rights”, Dissent, 42(3): 342–347
  • Kittay, Eva Feder, 1999, Love’s Labor: Essays on Women, Equality and Dependency, New York: Routledge.
  • Kofman, Sarah, 1980 [1985], L’énigme de la femme: La femme dans les textes de Freud, Paris: Galilée. Translated as The Enigma of Woman: Women in Freud’s Writings, Catherine Porter (trans.), Ithaca, NY: Cornell University Press, 1985.
  • –––, 1989 [1998], Socrate(s). Translated as Socrates: Fictions of a Philosopher, Catherine Porter (trans.), Ithaca, NY: Cornell University Press, 1998.
  • Kourany, Janet, 1998, Philosophy in a Feminist Voice, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • Le Dœuff, Michèle, 1980 [1989], Recherches sur l’imaginaire philosophique, Paris: Payot. Translated as The Philosophical Imaginary, Colin Gordon (trans.), Stanford: Stanford University Press, 1989.
  • Lloyd, Genevieve, 1984, The Man of Reason: ‘Male’ and ‘Female’ in Western Philosophy, Minneapolis, MN: University of Minnesota Press.
  • –––, 2001, Feminism and the History of Philosophy, New York: Oxford University Press.
  • Kymlicka, Will, 1989, Liberalism, Community and Culture, Oxford: Clarendon Press.
  • Longino, Helen, 1990, Science as Social Knowledge, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • Lugones, María, 2003, Pilgrimages/Peregrinajes: Theorizing Coalition against Multiple Oppressions, Lanham, MD: Rowman and Littlefield.
  • Mackenzie, Catriona and Natalie Stoljar(eds.), 2000, Relational Autonomy: Feminist perspectives on Autonomy, Agency and the Social Self, Oxford: Oxford University Press.
  • MacKinnon, Catharine, 1987, Feminism Unmodified, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • –––, 1989, Towards a Feminist Theory of the State, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Mann, Bonnie, 2006, Women’s Liberation and the Sublime: Feminism, Postmodernism, Environment, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/0195187458.001.0001
  • May, Vivian M., 2007, Anna Julia Cooper, Visionary Black Feminist: A Critical Introduction, New York: Routledge.
  • McRuer, Robert and Abby Wilkerson (eds.), 2003, “Desiring Disability: Queer Theory Meets Disability Studies”, Special Issue Gay and Lesbian Quarterly, 9(1–2).
  • McAfee, Noëlle, 2003, Julia Kristeva, New York: Routledge.
  • McWhorter, Ladelle, 2009, Racism and Sexual Oppression in Anglo-America: A Genealogy, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Millett, Kate, 1970, Sexual Politics, Garden City, NY: Doubleday.
  • Moghadam, Valentine M., 2005, Globalizing Women: Transnational Feminist Networks, Baltimore, MD: Johns Hopkins.
  • Mohanty, Chandra, Ann Russo, and Lourdes Torres (eds), 1991, Third World Women and the Politics of Feminism, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Molyneux, Maxine and Nikki Craske (eds.), 2001, Gender and the Politics of Rights and Democracy in Latin America, Basingstoke: Palgrave McMillan.
  • Moody-Adams, Michele, 1997, Fieldwork in Familiar Places: Morality, Culture and Philosophy, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Moraga, Cherríe, 1983, “From a Long Line of Vendidas: Chicanas and Feminism”, in her Loving in the War Years: Lo que nunca pasó sus labios, Boston, MA: South End Press, pp. 90–144.
  • Moraga, Cherrie and Gloria Anzaldúa (eds), 1981, This Bridge Called My Back: Writings of Radical Women of Color, Watertown, MA: Persephone Press.
  • Oliver, Kelly, 2004, Colonization of Psychic Space: A Psychoanalytic Theory of Oppression, Minneapolis, MN: University of Minnesota Press.
  • Narayan, Uma, 1997, Dislocating Cultures: Identities, Traditions, and Third World Feminism, New York: Routledge.
  • Narayan, Uma and Sandra Harding (eds.), 2000, De-centering the Center: Philosophy for a Multicultural, Postcolonial, and Feminist World, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Nussbaum, Martha C., 1995, “Human Capabilities, Female Human Beings”, in Women, Culture and Development: A Study of Human Capabilities, Martha Nussbaum and Jonathan Glover (eds), Oxford: Oxford University Press, 61–104.
  • –––, 1999, Sex and Social Justice, Oxford: Oxford University Press.
  • O’Brien, Mary, 1979, “Reproducing Marxist Man”, in The Sexism of Social and Political Theory: Women and Reproduction from Plato to Nietzsche, Lorenne M. G. Clark and Lynda Lange (eds), Toronto: Toronto University Press, 99–116. Reprinted in Tuana and Tong 1995: 91–103.
  • O’Connor, Peg, 2008, Morality and Our Complicated Form of Life: Feminist Wittgensteinian Metaethics, University Park, PA: Penn State Press.
  • Okin, Susan Moller, 1979, Women in Western Political Thought, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • –––, 1989, Justice, Gender, and the Family, New York: Basic Books.
  • Ong, Aihwa, 1988, “Colonialism and Modernity: Feminist Re-presentation of Women in Non-Western Societies”. Inscriptions, 3(4): 90. Reprinted in Herrmann and Stewart 1994.
  • Pateman, Carole, 1988, The Sexual Contract, Palo Alto, CA: Stanford University Press.
  • Postl, Gertrude, 2017, “Language, Writing, and Gender Differences”, in Garry et al. 2017: 293–302.
  • Reagon, Bernice Johnson, 1983, “Coalition Politics: Turning the Century”, in Home Girls: A Black Feminist Anthology, Barbara Smith (ed.), New York: Kitchen Table: Women of Color Press, 356–368.
  • Robinson, Fiona, 1999, Globalizing Care: Ethics, Feminist Theory, and International Affairs, Boulder, CO: Westview Press.
  • Rowe, C., 2012, Plato, Republic, translated, with an introduction and notes, New York: Penguin Books.
  • Rubin, Gayle, 1975, “The Traffic in Women: Notes on the ’Political Economy’ of Sex”, in Towards an Anthropology of Women, Rayna Rapp Reiter (ed.), New York: Monthly Review Press, 157–210.
  • Ruddick, Sara, 1989, Maternal Thinking: Towards a Politics of Peace, Boston: Beacon Press.
  • Salamon, Gayle, 2010, Assuming a Body: Transgender and Rhetorics of Mutuality, New York: Columbia University Press.
  • Scheman, Naomi, 1993, Engenderings: Constructions of Knowledge, Authority, and Privilege, New York: Routledge.
  • Schneir, Miriam, 1972, Feminism: The Essential Historical Writings, New York: Vintage Books.
  • ––– (ed.), 1994, Feminism in Our Time: The Essential Writings, World War II to the Present, New York: Vintage Books.
  • Schott, Robin May, 2003, Discovering Feminist Philosophy, Lanham, MD: Rowman & Littlefield.
  • Schwartzman, Lisa H., 2006, Challenging Liberalism: Feminism as Political Critique, University Park, PA: Pennsylvania State University Press.
  • Scott, Joan W., 1988, “Deconstructing Equality-Versus-Difference: Or the Uses of Poststructuralist Theory for Feminism”. Feminist Studies, 14(1): 33–50. doi:10.2307/3177997
  • Seigfried, Charlene Haddock, 1996, Feminism and Pragmatism: Reweaving the Social Fabric, Chicago: University of Chicago Press.
  • Shrage, Laurie J., 2009, You’ve Changed: Sex Reassignment and Personal Identity, New York: Oxford University Press.
  • Silvers, Anita, David Wasserman, Mary Mahowald, 1999, Disability, Difference, Discrimination: Perspectives on Justice in Bioethics and Public Policy, Lanham, MD: Rowman & Littlefield.
  • Simpson, J. A. and E. S. C. Weiner (ed.), 1989, Oxford English Dictionary, second edition, Oxford: Clarendon Press. OED Online. Oxford University Press. “feminism, n1” (1851).
  • Snitow, Ann, 1990, “A Gender Diary”, in Conflicts in Feminism, M. Hirsch and E. Fox Keller (eds), New York: Routledge, 9–43.
  • Spelman, Elizabeth, 1988, Inessential Woman: Problems of Exclusion in Feminist Thought, Boston: Beacon Press.
  • Springer, Kimberly, 2002, “Third Wave Black Feminism?” Signs: Journal of Women in Culture and Society, 27(4): 1060–1082. doi:10.1086/339636
  • Stone, Alison, 2005, Luce Irigaray and the Philosophy of Sexual Difference, New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511617287
  • Sullivan, Shannon, 2006, Revealing Whiteness: The Unconscious Habits of Racial Privilege, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Superson, Anita M., 2009, The Moral Skeptic, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780195376623.001.0001
  • Tanner, Leslie B. 1970 Voices from Women’s Liberation, New York: New American Library (A Mentor Book).
  • Taylor, Vesta and Leila J. Rupp, 1996, “Lesbian Existence and the Women’s Movement: Researching the ‘Lavender Herring’”, in Feminism and Social Change, Heidi Gottfried (ed.), Champaign, IL: University of Illinois Press.
  • Tessman, Lisa, 2005, Burdened Virtues: Virtue Ethics for Liberatory Struggles, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/0195179145.001.0001
  • Tong, Rosemarie, 1993, Feminine and Feminist Ethics, Belmont, CA: Wadsworth.
  • Tougas, Cecile T., and Sara Ebenrick (eds.), 2000, Presenting Women Philosophers, Philadelphia: Temple University Press.
  • Tuana, Nancy (ed.), 1992, Woman and the History of Philosophy, New York: Paragon Press.
  • Tuana, Nancy (ed.), 1994, Feminist Interpretations of Plato, University Park: Penn State Press.
  • Tuana, Nancy and Rosemarie Tong (eds), 1995, Feminism and Philosophy, Boulder, CO: Westview Press.
  • Waithe, Mary Ellen (ed.), 1987–1994, A History of Women Philosophers, 4 volumes, Dordrecht/Boston/London: Kluwer Academic Publishers.
    • 1987, Ancient Women Philosophers, 600 B.C.–500 A.D., volume 1. doi:10.1007/978-94-009-3497-9
    • 1989, Medieval, Renaissance, and Enlightenment Women Philosophers, 500–1600, volume 2. doi:10.1007/978-94-009-2551-9
    • 1990, Modern Women Philosophers, 1600–1900, volume 3. doi:10.1007/978-94-011-3790-4
    • 1994, Contemporary Women Philosophers, 1900–Today, volume 4. doi:10.1007/978-94-011-1114-0
  • Walker, Alice, 1990, “Definition of Womanist”, in Making Face, Making Soul: Haciendo Caras, Gloria Anzaldúa (ed.), San Francisco: Aunt Lute Books, 370.
  • Walker, Margaret Urban, 1998, Moral Understandings: A Feminist Study in Ethics, New York: Routledge.
  • ––– (ed), 1999, Mother Time: Women, Aging, and Ethics, Lanham, MD: Rowman and Littlefield.
  • Walker, Rebecca (ed.), 1995, To Be Real: Telling the Truth and Changing the Face of Feminism, New York: Random House (Anchor Books).
  • Ward, Julia, 1996, Feminism and Ancient Philosophy, New York: Routledge.
  • Ware, Cellestine, 1970, Woman Power: The Movement for Women’s Liberation, New York: Tower Publications.
  • Waring, Marilyn, 1999, Counting for Nothing: What Men Value and What Women Are Worth, second edition, Toronto: University of Toronto Press.
  • Weisberg, D. Kelly (ed.) 1993. Feminist Legal Theory: Foundations, Philadelphia: Temple University Press.
  • Wendell, Susan, 1996, The Rejected Body: Feminist Philosophical Reflections on Disability, New York and London: Routledge.
  • Wilkerson, Abby L., 2002, “Disability, Sex Radicalism, and the Problem of Political Agency”. NWSA Journal, 14(3): 33–57. doi:10.1353/nwsa.2003.0018
  • Whisnant, Rebecca, 2010, Global Feminist Ethics, Lanham, MD: Rowman & Littlefield.
  • Winnubst, Shannon, 2006, Queering Freedom, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • –––, 1985 [1990], “Humanism, Gynocentrism and Feminist Politics”, Women’s Studies International Forum, 8(3): 173–183. Reprinted in Young 1990a: 73–91. doi:10.1016/0277-5395(85)90040-8
  • –––, 1990a, Throwing Like a Girl and Other Essays in Feminist Philosophy and Social Theory, Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • –––, 1990b, Justice and the Politics of Difference, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • –––, 2011, Responsibility for Justice, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780195392388.001.0001
  • Zophy, Angela Howard, 1990, “Feminism”, in The Handbook of American Women’s History, Angela Howard Zophy and Frances M. Kavenik (eds), New York: Routledge (Garland Reference Library of the Humanities).

 

مصادر أخرى على الإنترنت

Resources listed below have been chosen to provide only a springboard into the huge amount of feminist material available on the web. The emphasis here is on general resources useful for doing research in feminist philosophy or interdisciplinary feminist theory, e.g., the links connect to bibliographies and meta-sites, and resources concerning inclusion, exclusion, and feminist diversity. The list is incomplete and will be regularly revised and expanded. Further resources on topics in feminism such as popular culture, reproductive rights, sex work, are available within each sub-entry on that topic.

عام

مؤسسات

موجات النسوية

النسوية والطبقة

Marxist, Socialist, and Materialist Feminisms

Feminist Economics

Women and Labor

النسوية والاحتياجات الخاصة

النسوية وحقوق الإنسان

النسوية والعرقة/الإثنية

General Resources

African-American/Black Feminisms and Womanism

Asian-American and Asian Feminisms

Chicana/Latina Feminisms

American Indian, Native, Indigenous Feminisms

النسوية والجنس

مداخل ذات صلة

affirmative action | communitarianism | contractarianism | discrimination | egalitarianism | equality | equality: of opportunity | exploitation | feminist philosophy, interventions: epistemology and philosophy of science | feminist philosophy, interventions: ethics | feminist philosophy, interventions: history of philosophy | globalization | homosexuality | identity politics | justice: as a virtue | justice: distributive | legal rights | liberalism | Mill, Harriet Taylor | Mill, John Stuart | multiculturalism | parenthood and procreation | race

Acknowledgments

Over many revisions, thanks go to Elizabeth Harman, Elizabeth Hackett, Ishani Maitra, Ásta Sveinsdóttir, Leslee Mahoney, and Ann Garry.

[1] McAfee, Noëlle, “Feminist Philosophy”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2018 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/fall2018/entries/feminist-philosophy/>.

[2] Bergmann 2002

[3] Spelman 1988: 52–3

[i] e.g., Tuana 1994

[ii] see Section 2.3 below; also Breines 2002; Spring 2002

[iii] Cott 1987

[iv] See, e.g., Bartky 1988, Postl 2017

[v] Engels 1845; Okin 1989

[vi] Bergmann 2002

[vii] Firestone 1970

[viii] Jaggar 1994

[ix] James 1998: 576

[x] see, e.g., Jaggar 1983; Young 1985; Tuana & Tong 1995

[xi] e.g., Okin 1979; Hoagland 1989; Okin 1989; Ruddick 1989; Benhabib 1992; Hampton 1993; Held 1993; Tong 1993; Baier 1994; Moody-Adams 1997; M. Walker 1998; Kittay 1999; Robinson 1999; Young 2011; O’Connor 2008

[xii] Friedan 1963

[xiii] hooks 1984: 1–4

[xiv] Crenshaw 1991, Botts 2017

[xv] e.g., Ware 1970, quoted in Crow 2000: 1

[xvi] hooks 1989: 22

[xvii] hooks 1989: 23

[xviii] Heldke & O’Connor 2004

[xix] Frye 1983: 10–11

[xx] Haslanger 2004

[xxi] MacKinnon 1987, 1989

[xxii] see Spelman 1988: 52–54

[xxiii] Young 1980 [1990a: ch. 2]

[xxiv] Rubin 1975

[xxv] Fraser & Nicholson 1990

[xxvi] Reagon 1983

[xxvii] Cudd 1996: 20

[xxviii] Chanter 2009

[xxix] Butler 1990 and 1993

[xxx] Cixous 1976 and Irigaray 1974

[xxxi] Ruddick 1989; Held 1995, 2007; Hamington 2006

[xxxii] Kittay 1999

[xxxiii] Wilkerson 2002; Carlson 2009

[xxxiv] Waring 1999; Delphy 1984; Harley 2007

[xxxv] Longino 1990