مجلة حكمة
الليبرالية ليبرالية ما هي الليبرالية الليبرالية الجديدة

الليبرالية

حول الليبرالية والحرية، ومناقشة الليبرالية الكلاسيكية مقابل الليبرالية الجديدة، وحول مدى شموليتها؛ نص مترجم للـد. جيرالد غس وآخرين، ترجمة: أمين حمزاوي، مراجعة: سيرين الحاج حسين، والمنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، فقد يطرأ على الأخيرة بعض التعديل منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة. نسخة PDF


ما هي الليبرالية؟

ليست الليبرالية شيئًا واحدًا، بل ستبدو سلسلة من الرؤى المترابطة، المتنافسة في بعض الأحيان، إذا تفحصناها عن قرب. لذا سوف نركز في هذه المقدمة على السجالات داخل التقليد الليبرالي من خلال:

  1. المقارنة بين ثلاثة تأويلات لالتزام الليبرالية الجوهري بالحرية.
  2. مقارنة الليبرالية “الكلاسيكية”، بالليبرالية “الجديدة”.
  3. التساؤل عما إذا كانت الليبرالية عقيدة “شاملة”، أم فقط عقيدة “سياسية”؟
  4. وأخيرًا نختتم بالتساؤل حول “نطاق” الليبرالية. هل تلائم البشرية جمعاء؟ وهل ينبغي على جميع المجتمعات السياسية أن تكون ليبرالية؟. وهل من الممكن أن يجيب أحد الليبراليين عن ذلك السؤال بشكل متسق سواء بالنفي، أو التأكيد؟

1. النقاش حول الحرية

1.1. فرضية لصالح الحرية

يُعرّف موريس كرانستون الليبرالي بأنه “شخص يؤمن بالحرية” (1967: 459)، ويُقرُّ الليبراليون بأولوية الحرية في الليبرالية كقيمة سياسية عبر طريقتين:

  1. يفترض الليبراليون عادةً بأن البشر يمتلكون بصورة طبيعية “الحرية التامة لتنظيم أفعالهم، كما تناسبهم، دون طلب إذن، أو اعتماد على إرادة شخص آخر.” (Locke, 1960 [1689]:287) ، وقد ناقش مِل بأن “عبء التسويغ يقع على عاتق معارضي الحرية، من المدافعين عن أي شكل للقيد، أو الحظر، وذلك لأن الافتراض القَبْلي في صالح الحرية” (1963, vol. 21: 262). كما يتفق المفكرون الليبراليون المعاصرون، مثل جويل فاينبرغ(1984: 9) ، وستانلي ِبن(1988: 87) ، وجون رولز(2001: 44, 112) على ما يمكن تسميته بالمبدأ الليبرالي الأساسي (Gaus, 1996: 162–166) وهو: الحرية هي المعيار الأساسي، لذا فإن عب التسويغ يقع على عاتق من يرغب في استخدام الإكراه للحد من الحرية”، ويترتب على ذلك أن السلطة السياسية والقانون يجب أن يبررا نفسيمها، وبالتالي، فإن السؤال الجوهري للنظرية السياسية الليبرالية هو ما إن كان بالوسع تبرير السلطة السياسية، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟

لهذا السبب، غالبًا ما تُعد نظرية العقد الاجتماعي كما طورها توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو، وإيمانويل كانط، نظرية ليبرالية على الرغم من افتراضات هوبز وروسو التي تحتوي على ملامح مخالفة بشكل واضحة لـ الليبرالية . وذلك بقدر ما يجعلون من حالة الطبيعة نقطة انطلاقهم، وهي حالة يكون فيها البشر أحرارًا ومتساوين، ولذا يناقشون بأن أي تقييد لهذه الحرية والمساواة يجب أن يكون مبررًا (أي بموجب العقد الاجتماعي)، هكذا يعبر تقليد العقد الاجتماعي عن المبدأ الليبرالي التأسيسي، والذي ينص على وجوب تبرير القيود المفروضة على الحرية. ولأنه يقبل بذلك، يمكننا استيعاب هوبز كجزء من التقليد الليبرالي.

  • يجب القول بأن لا أحد يُصنِف هوبز كليبرالي، لكن رغم ذلك يوجد سبب لتقديره كرائد للفلسفة الليبرالية (see also Waldron 2001)، ألا وهو تساؤله عن الأساس الذي يقوم عليه ولاء المواطنين للسلطة. والذي يتضمن نبذًا لفرضية أن المواطنين هم ملكية للحاكم، في المقابل يكون الحكام مسؤولين أمام المواطنين ذوي السيادة. في الثقافة ككل، كانت تلك الصورة للعلاقة بين المواطن والملك قد تشكلت عبر قرون، حيث مَثّل “الميثاق الأعظم” سلسلة اتفاقيات بدأت في عام 1215، وقد نشأت من النزاعات بين البارونات والملك جون. وقد أكد الميثاق على أن الملك مُقيَد بحكم القانون. لكنه مَثّل مجرد مرحلة من النزاع وليس نهايته، فبحلول منتصف القرن الرابع عشر، أصبحت مبادىء الحقوق الفردية، كالمحاكمة أمام هيئة من المحلفين وفق قواعد منظمة، والمساواة أمام القانون؛ أكثر رسوخًا. وقد عُدّ الميثاق الأعظم بمثابة تفويض بالسيادة ليس فقط للنبلاء وإنما ل”الشعب” كذلك.
  • بحلول منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، كان جون فورتيسك، رئيس قضاة إنجلترا من عام 1442 إلى عام 1461 ، قد كتب عن “الفرق بين الملكية المطلقة والملكية المحدودة”، وهي حجة لصالح ملكية محدودة يمكن القول بأنها بداية الفكر السياسي الإنجليزي (Schmidtz and Brennan, 2010: chap. 2). يُعد هوبز واحدًا من أوائل وأعظم مفكري العقد الاجتماعي. كما يُنظر إليه عادة بصفته مُشرِعًا للملكية المطلقة. فبناءً على نظريته، يمتلك اللفياثان سلطة مطلقة في نطاق معين، وهو مُخوّل بأن يفعل كل ما يتطلبه الأمر للحفاظ على السلم. هذه الغاية النهائية تبرر أي وسيلة تقريبًا، بما في ذلك القيود الصارمة على الحرية الليبرالية. ومع ذلك تجدر الملاحظة بأن القيود مُتضمنَة في الغاية ذاتها، فوظيفة اللفياثان هي حفظ السلم، وليس فعل كل ما هو جدير بأن يٌفعل، بل ببساطة فعل ما يلزم لتأمين السلم. لقد طوّر هوبز المؤيد الشهير للطغيان، نموذجًا للحكومة مقيدًا بهذه الطريقة.

بينما -في سياق الفلسفة الليبرالية- لم يدافع الليبراليون النموذجيون كجون لوك عن المبدأ الليبرالي التأسيسي فقط، وإنما أكدوا أيضًا على أنه حتى القيود المُبرَرة على الحرية هي متواضعة للغاية. وأنه يمكن تبرير حكومة مُقيدة فقط؛ لأنه في الواقع، المهمة الرئيسية للحكومة هي حماية الحرية المتساوية للمواطنين. “لكل شخص نفس الحق، غير القابل للسقوط، في الاستفادة من آلية تكفل الحقوق والحريات الأساسية للجميع على قدم المساواة.” (Rawls, 1999b: 220)

2.1. الحرية السلبية

غير أن الليبراليين يختلفون حول مفهوم الليبرالية، ونتيجة لذلك، يمكن أن يؤدي المثل الأعلى الليبرالي (أي حماية الحرية الفردية) إلى تصورات مختلفة عن دور الحكومة. وقد اشتهر إشعيا برلين بدفاعه عن المفهوم السلبي للحرية:

 "يقال عادة أنني حر إلى الدرجة التي لا يتدخل فيها أي إنسان أو جهة في نشاطي. الحرية السياسية بهذا المعنى هي ببساطة المجال الذي يمكن للإنسان أن يتصرف ضمنه دون إعاقة من قبل الآخرين. فإذا ما مُنعتُ بواسطةِ الآخرين مما يمكنني فعله بطريقة أخرى، فإنني لست حرًا بنفس الدرجة، وكلما اختنق ذلك المجال بتدخلات الآخرين فوق حدها الأدنى، عندها يمكن وصفي بالمُكرهَ، أو ربما المُستعبَد، ومع ذلك، فليس مصطلح الإكراه متفقًا مع كل أشكال عدم القدرة، فإذا قلت أنني غير قادر على القفز أكثر من 10 أقدام في الهواء، أو أنني غير قادر على القراءة لأنني كفيف، سيكون من المريب القول بأنني مستعبد أو مكره. لأن الإكراه ينطوي على تدخل متعمد من البشر الآخرين داخل المجال الذي يمكنني فيه التصرف بطريقة أخرى. أنت تفتقر إلى الحرية السياسية أو الحرية فقط إذا ما تم منعك من تحقيق هدف من قبل البشر الآخرين" (Berlin, 1969: 122) .

بالنسبة لبرلين ومن تبعه؛ فإن جوهر الحرية الليبرالية هو غياب الإكراه، وبالتالي فإن التزام الدولة بحماية الحرية هو بالأساس العمل على ضمان عدم إكراه المواطنين بعضهم للآخر من دون مبررات قاطعة. لذا يمكن فهم الحرية السلبية كمفهوم للفرصة. فكوننا أحرارًا هي مسألة متعلقة بمدى الاختيارات المتاحة لنا، بغض النظر عما إذا كنا نمارس مثل هذه الخيارات أم لا (Taylor, 1979) .

3.1. الحرية الإيجابية

مال كثير من الليبرالين إلى تصورات أكثر “إيجابية” عن الحرية الليبرالية. وعلى الرغم من أن روسو بدا وكأنه يدافع عن تصور إيجابي للحرية، والذي وفقًا له يُعد الفرد حرًا إذا ما تصرف وفقًا لإرداته الحقيقية (الإرادة العامة)، إلا أن المفهوم الإيجابي للحرية قد تطور بأمثل طريقة من قبل الهيجليين الجدد البريطانيين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. من أمثال توماس هل جرين وبرنارد بوسانكيه.

أقر جرين بأنه “يجب التسليم بأن كل استخدام لمصطلح ]حرية[ للتعبير عن أي شي سوى علاقة اجتماعية وسياسية بين رجل وآخر، يتضمّن مجازًا، حيث يفترض دائمًا إعفاء للمرء من إكراه الآخر”، ومع ذلك ذهب جرين إلى أن المرء قد لا يكون حرًا إذا ما خضع إلى دافع أو رغبة لا يمكنه التحكم بهما. مشبهًا إياه في تلك الحالة بـ”العبد الذي يحقق إرادة آخر، وليس إرادته” (1986 [1895]: 228)، كما أن العبد لا يفعل ما يريد فعله حقًا، فالشخص المدمن على الكحول، على سبيل المثال ، يقوده شغف للبحث عن الرضا حيث لا يمكن العثور عليه في النهاية. 

بالنسبة لجرين، تكون المرأة حرة فقط إذا وجهت ذاتها، أو استقلت بأحكامها عن الآخرين. وقد جرت عادة النظرية السياسية الليبرالية أن تكون مثالًا أعلى لشخصية حرة تمتلك أفعالها. بهذا المعنى تكون الحرية الإيجابية مفهومًا للممارسة، فتكون المرأة حرة بنفس درجة فاعليتها في صياغتها لنفسها، ولشكل حياتها. (Taylor, 1979) مثل هذه الشخصية لا تخضع للإكراه، ما ينعكس بشكل حاسم على مُثلِها، فلا تتبع العادة بطريقة عمياء، أو تضحي بمصالحها طويلة الأمد في سبيل متع قصيرة الأمد.

لا تجد الحرية بوصفها مرادفًا للاستقلالية جذورها فقط في نظريات روسو وكانط السياسية ، لكن أيضًا ضمن عمل جون ستيوارت مل “عن الحرية”. وهو التيار السائد اليوم داخل الليبرالية، كما تشهد على ذلك أعمال إس.أي.بن(1988)، وجيرالد دوركين (1988)، وجوزيف راز(1986)، انظر كذلك تحليلات كريسمان وأندرسون (2005).

غالبًا ما يتلاءم تصور جرين للحرية المؤسسة على الاستقلالية الذاتية مع فكرة الحرية “الإيجابية”، أي الحرية الليبرالية بوصفها قدرة المرء على الفعل أو السعي وراء غاياته، أو على حد تعبير الاشتراكي البريطاني أر.اتش.تاوني: تفهم الحرية بالتالي على أنها “القدرة على الفعل.” (1931: 221; see also Gaus, 2000; ch. 5.). بناءً على هذا التصور الإيجابي، إذا لم تُمنع المرأة مبدئيًا من الانضمام لأحد النوادي، لكنها كانت فقيرة بحيث لا تقدر على تحمل تكاليف عضويته، فهذا يعني أنها غير حرة في أن تكون عضوة، حيث تفتقد القدرة الفعالة للتصرف. لذا فإن حاجة الحرية الإيجابية للقدرة الفعالة جعلتها مرتبطة بالموارد المادية (يجب أن يكون التعليم، على سبيل المثال، مُتاحًا بسهولة حتى يتمكن الجميع من تطوير قدراتهم). وقد كان المفهوم الإيجابي نفسه في ذهن هايك حينما أصر على أنه بالرغم من كون الحرية والثروة شيئان جيدان، إلا أنهما لم يزالا مختلفين” (1960: 17–18).

4.1. الحرية الجمهورياتية

مؤخرًا، عادت صورة الحرية الجمهورياتية أو الرومانية الجديدة في الفلسفة الليبرالية إلى الساحة، حيث تجد جذورها في كتابات شيشرون ونيكولا ميكافيللي. وفقًا لفيليب بستيت، فإن:

 نقيض الفرد الروماني الحر في العرف الجمهوري هو العبد، وحتى بدايات القرن الماضي على أقل تقدير، تجسد المفهوم الحقيقي للحرية في التقليد الجمهوري القديم، حيث لا داع للحياة في ظل العبودية أو تحت السلطة التعسفية لشخص آخر (Pettit, 1996: 576) .

تعرف وجهة النظر تلك الهيمنة كنقيض للحرية الليبرالية، فكونك غير حر يعني أن تكون “خاضعًا لتقلبات الإرادة أو الحكم لدى شخص آخر” (Pettit, 1997: 5). والحكومة المثالية لحماية الحرية هي التي تكفل عدم امتلاك أي وكيل عنها بما في ذلك الحكومة نفسها لأية سلطة تعسفية على المواطن. ويتحقق ذلك عبر التوزيع المتكافىء للسلطة، بحيث يمتلك كل فرد من السلطة ما يمكنه من وقف سلطة الآخرين التعسفية للتدخل في نشاطاته (Pettit, 1997: 67).

يتميز التصور الجمهوري للحرية الليبرالية عن كلا التصورين الإيجابي والسلبي العائدين إلى توماس جرين، فعلى عكس التصور الإيجابي، لا تهتم الحرية الجمهورية بالاستقلالية الذاتية العقلانية. فإدراك المرء لطبيعته الحقيقية، أو أن يصبح أفضل مما هو عليه، عندما تتداعى كافة القوى الميهمنة عليه، هي أهداف يصمت عنها المنظرون الجمهوريون (Larmore 2001).

وبخلاف الحرية السلبية، تركز الحرية الجمهورياتية في المقام الأول على “القابلية للدفاع عن التدخل، بدلاً من التدخل الفعلي” (Pettit, 1997: 5). وبالتالي، ففي التصور الجمهوري، تعد مجرد احتمالية التدخل التعسفي تقييدًا للحرية الليبرالية، في مقابل التصور السلبي المألوف. وهكذا يتراءى كون الحرية الجمهورية تنطوي على ادعاء مشروط حول إمكانية التدخل، وغالبًا ما يتم التعبير عن ذلك بمصطلحات معقدة ومغايرة للواقع. ومن غير الواضح ما إذا كان بالممكن تفسير تلك الادعاءات بشكل وافي (Gaus, 2003; cf. Larmore, 2004).

يرى بعض المنظرين الجمهوريين ككوينتين سكينر(1998: 113)، وماريزيو فيرولي(2002: 6)  وبتيت (1997: 8–11) في الجمهورياتية بديلًا عن الليبرالية. وبالفعل يمكن قبول ذلك إذا ما اُعتبِرت الحرية الجمهورياتية قاعدةً لنقد حرية ومجتمع السوق (Gaus, 2003b). لكن إذا ما اُستوعِبت الليبرالية بطريقة أكثر شمولية، وليس فقط عبر ارتباطها سواء بالحرية السلبية أو مجتمع السوق، عندئذ لن يمكن تمييز الجمهورياتية عن الليبرالية (Ghosh, 2008; Rogers, 2008; Larmore, 2001; Dagger, 1997).

2. مناظرة “القديم” و “الجديد”

1.2. الليبرالية الكلاسيكية

انقسمت النظرية السياسية الليبرالية حول مفهوم الحرية. فعند التطبيق، أصاب خلل محوري الشرعية الأخلاقية للملكية الخاصة ونظام السوق. بالنسبة لليبراليين الكلاسيكيين أو “القدامى”، فإن الحرية والملكية الخاصة مترابطتان بقوة. فمنذ نهاية القرن الثامن عشر إلى الآن، أصر الليبراليون الكلاسيكيون على أن النظام  الاقتصادي القائم على الملكية الخاصة متسق تماما مع الحرية، حيث يسمح لأيا من كانت أن تحيا وتوظف عملها ورأس مالها كما يلائمها.

في الواقع، أكد الليبراليون الكلاسيكيون والليبرتاريون بطريقة ما على أن الحرية والملكية يمثلان الشيء نفسه، وقد دُوفع مثلًا عن الرأي القائل بأن كل أشكال الحقوق، هي أشكال للملكية الخاصة، بما في ذلك الحقوق المدنية، بينما صَرّح آخرون بأن الملكية نفسها هي تجسيد للحرية الليبرالية (Gaus, 1994; Steiner, 1994)، وهكذا يمكن اعتبار نظام السوق المبني على الملكية الخاصة  تجسيدًا للحرية (Robbins, 1961: 104). فالناس غير أحرار طالما أنهم غير أحرار في إجراء التعاقدات، وبيع عملهم، وإدخار واستثمار مداخليهم كما يلائمهم، وحرية بدء الشركات بهدف إنعاش رؤوس أموالهم.

في الفلسفة الليبرالية، استعمل الليبراليون الكلاسيكيون حجة أخرى لربط الحرية بالملكية الخاصة، فبدلًا من الإصرار على أن اكتساب والتصرف في ملكية ما هو مجرد جانب من جوانب الحرية، فقد أكدت تلك الحجة على أن الملكية الخاصة تحمي الحرية بطريقة فعّالة. ولا يمكن لأي من صيغ حماية الحرية أن تكون فعّالة من دون الملكية الخاصة. ذلك لأن توزيع السلطة الناتج من اقتصاد السوق الحر القائم على الملكية الخاصة هو ما يحمي حرية الأفراد ضد تجاوزات الدولة. أو كما يناقش دافيد هايك “لا يمكن لحرية الصحافة أن توجد لو أن أدوات الطباعة تحت سيطرة الحكومة، ولا يمكن لحرية التنقل أن تُوجد لو أن الحكومة احتكرت وسائل النقل” (1978: 149).

رغم اتفاق الليبراليين الكلاسيكين على الأهمية الجوهرية للملكية الخاصة لمجتمع حر، إلا أن تقليد الليبرالية الكلاسيكية نفسه هو طيف متباين من الآراء، من شبه الأناركية، إلى أولئك الذين يعزون دورًا مهمًا للدولة في السياسة الاقتصادية والاجتماعية (on this spectrum, see Mack and Gaus, 2004)، وصولًا إلى “الليبرتارية” المتطرفة للطيف الليبرالي الكلاسيكي. فترى في الدولة احتكارًا مشروعًا، فهي قد تتولى مهمة القضاء لصالح حماية الحقوق الأساسية. وحيث تكون الضرائب مشروعة إذا كانت فقط ضرورية وكافية لحماية الحرية والملكية. بالإضافة إلى “اليسار”، نواجه آراء ليبرالية كلاسيكية تسمح بفرض الضرائب لصالح التعليم العام بشكل خاص، وبشكل أعم لصالح السلع الأساسية والبنية التحتية.

وبالتوجه أكثر نحو اليسار، سنجد أن بعض الآراء الكلاسيكية سمحت بحد أدنى اجتماعي معقول (e.g., Hayek, 1976: 87). وقد أَيّد غالبية اقتصاديّ القرن التاسع عشر من الليبراليين الكلاسيكيين تنويعة من السياسات العامة للدولة، والتي لا تشمل فقط القانون الجنائي وتطبيق العقود، بل حتى التراخيص المهنية والصحية، وتلك الخاصة بالأمان ومنع الحرائق، وتنظيم الخدمات المصرفية، والبنى التحتية التجارية (الطرق والموانئ، والقنوات المائية)، وكثيرًا ما شَجّعوا التنظيم النقابي (Gaus, 1983b). وعلى الرغم من أن الليبرالية الكلاسيكية اليوم ترتبط غالبًا بالليبرتارية، إلا أن التقاليد الليبرالية الكلاسيكية الأوسع كانت معنية بشكل أساسي بتحسين وضع الطبقة العاملة، والنساء، والسود، والمهاجرين، وما إلى ذلك. كان الهدف، على حد تعبير بنثام، هو جعل الفقراء أكثر ثراءً، وليس جعل الأغنياء أفقر (Bentham, 1952 [1795]: vol. 1, 226n). وبالتالي، يُعد الليبراليون الكلاسيكيون تسوية الثروة والدخل خارج نطاق الأهداف المشروعة للإكراه الحكومي.

2.2. الليبرالية الجديدة

تحدّى ما أصبح يعرف بـ الليبرالية “الجديدة”، أو”المُنقّحَة”، أو ليبرالية “دولة الرفاه”، أو ربما الأفضل ليبرالية “العدالة الاجتماعية”، ذلك الرباط الوثيق بين الحرية الفردية ونظام السوق القائم على الملكية الخاصة (Freeden, 1978; Gaus, 1983b; Paul, Miller and Paul, 2007).

هناك ثلاثة عوامل قد تساعد في تفسير ظهور النظرية التعديلية.

أولها هي: نشأتها في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في وقت تم فيه التشكيك في قدرة السوق الحر في الحفاظ على “التوزان المزدهر” كما سماه اللورد بيفريدج (1944: 96). واعتقادًا منهم بأن السوق القائم على الملكية الخاصة يميل لعدم الثبات، أو كما ناقش كينز، فإنه عالق في اتزان مع معدلات بطالة عالية (1973 [1936]).

شَكك الليبراليون الجدد في صلاحية الليبرالية الكلاسيكية كأساس لمجتمع مستقر وحر، بناءً على أسس تجريبية. هنا يحلّ دور العامل الثاني: فبينما فَقدَ الليبراليون الجُدد إيمانهم بالسوق، تزايد إيمانهم بالحكومة كأداة للإشراف على الحياة الاقتصادية. وقد رجع ذلك في جزء منه إلى تجارب الحرب العالمية الأولى، حيث بدت مساعي الحكومة في التخطيط الاقتصادي ناجحة (Dewey, 1929: 551–60).

لكن الأكثر أهمية هو أن إعادة التقييم تلك قد دُفِعت بواسطة التحول الديمقراطي للمجتمعات الغربية، والاقتناع لأول مرة بأن المسؤولين المُنتخَبين يمكنهم حقًا بتعبير ج.أ.هوبسون أن يكونوا “مُمثلِين عن المجتمع” (1922: 49). وقد صرح د.ج.ريتشي:

سواء لُوحِظَ ضمن الحجج المستخدمة ضد عمل "الحكومة"، حين تكون الحكومة في أيدي الطبقة الحاكمة أو الطغاة كليًا، أو بشكل أساسي، وحيث تمارس سطلتها الأبوية بحكمة أو بدون حكمة، تفقد هذه الحجج قوتها كلما أصبحت الحكومة حكومة الشعب من الشعب بصورة أكبر وأكثر تأصيلًا (1896: 64).

ربما كان العامل الأساسي الثالث في رواج الليبرالية الجديدة، والأكثر جوهرية هو: القناعة المتنامية بأنه بعيدًا جدًا عن كونها “حارس كل حق آخر” (Ely, 1992: 26)، فقد عَززت حقوق الملكية من تفاوت السلطة غير العادل. ورَسّخت لحرية مجردة وشكلية فشلت عند التطبيق العملي في تأمين ذلك الضرب من الحرية الإيجابية المتكافئة على الأرض لصالح الطبقة العاملة. هذا الموضوع أساسي لما يسمى الآن ب “الليبرالية” في السياسة الأمريكية، وهو يجمع بين تأييد قوي للحريات المدنية والشخصية مع اللامبالاة أو حتى العداء تجاه الملكية الخاصة.

يمكن العثور على بذور هذه الليبرالية الجديدة في عمل مل “عن الحرية”، فعلى الرغم من أن مل قد أَصرّ على أن “ما يُسمى بمبدأ التجارة الحرة” يستند إلى “أساس متين بنفس القدر” كما هو “مبدأ الحرية الفردية” (1963, vol. 18: 293)، فإنه أًصر أيضًا على أن مبررات الحرية الشخصية والاقتصادية متميزة عن بعضها البعض، وفي عمله “مبادئ الاقتصاد السياسي” أكد مل باستمرار على أن السؤال حول ما إذا كانت الحرية الشخصية يمكن أن تزدهر بدون ملكية خاصة يظل مفتوحًا (1963, vol. 2; 203–210)، وهو رأي كان على رولز فرضه مجددًا بعد قرن من الزمان (2001: Part IV). 

3.2. النظريات الليبرالية في العدالة الاجتماعية

إحدى نتائج عمل رولز البارز “نظرية العدالة” (1999 [first published in 1971])، هي أن “الليبرالية الجديدة” صارت أكثر تركيزًا على تطوير نظرية في العدالة الاجتماعية. حينما بدأ رولز في نشر عناصر من نظريته الجديدة في مستهل الستينيات، حَلل فلاسفة السياسة الليبراليون، واختلفوا حول ” مبدأ الاختلاف” الشهير، والذي بحسبه يقوم الهيكل الأساسي العادل للمجتمع بتنظيم حالات التفاوت الاجتماعي والسياسي بحيث تحقق أقصى استفادة لمن هم أقل حظًا في المجتمع (1999b:266). بالنسبة إلى رولز، يكمن الخطأ في التوزيع المتساوي للدخل (الأساسي) والثروة، وتُمثّل التفاوتات وحدها أفضل ما قد يعزز آفاق الاستفادة للمجموعات الأقل حظًا على المدى الطويل .  

يُشكّل مبدأ الاختلاف في الفلسفة الليبرالية كما يراه رولز، اعترافًا عامًا بمبدأ المعاملة بالمثل: يتم ترتيب الهيكل الأساسي بحيث لا تتطورمجموعة اجتماعية على حساب مجموعة أخرى (2001: 122–24). لقد ركز العديد من أتباع رولز بشكل أقل على المَثل الأعلى للمعاملة بالمِثل في مقابل الالتزام بالمساواة (Dworkin, 2000)، وبالفعل فإن ما كان يُطلق عليه سابقًا “ليبرالية دولة الرفاه” يوصف الآن بأنه مساواة ليبرالية. ومع ذلك، انظر مقالة جان نارفسون حول دفاع هوبز المُحتمل عن دولة الرفاه (in Courtland 2018) (للحصول على تأملات تاريخية حول مبدأ الاختلاف).

أصر رولز بطريقة ملائمة للغاية في عمله اللاحق، على أن دولة الرفاه الرأسمالية الليبرالية لا تؤسس هيكلًا أساسيًا عادلًا (2001: 137–38)، وأن افتراض نسخة عادلة من الرأسمالية يفرض عليها أن تصبح “ديمقراطية التملّك”، مع انتشار واسع لحق الملكية. فنظام السوق الاشتراكي في رأي رولز، أكثر من مجرد دولة الرفاه الرأسمالية (2001: 135-38).

ليس من المفاجىء، أن يصرّ الليبراليون الكلاسيكيون مثل هايك على أن الربط الليبرالي المعاصر بـ”سراب العدالة الاجتماعية” يقود الليبراليين المحدثين إلى تجاهل المدى الذي تعتمد فيه الحرية الليبرالية، كواقعة تاريخية، على السوق اللامركزية القائمة على الملكية الخاصة، ما لا يمكن التنبؤ بنتائجه الإجمالية.

هكذا صنّف روبرت نوزيك مبدأ الفرق عند رولز بأنه نمطي معياري وليس تاريخي (1974: 160ff) ، حيث يُحدد طريقة التوزيع، دون أن يضع أي اعتبار لمنتجي السلع التي يتم توزيعها. أحد الاختلافات الجذرية الناتجة عن ذلك هو أن نظرية الليبرالية الجديدة في العدالة تناقش كيفية مكافأة الكعكة، بينما تناقش نظيرتها الليبرالية الكلاسيكية كيفية مكافأة الخبازين (Schmidtz, 2017: 231).

يُحدد نوزيك مشكلة النماذج المعيارية بأنها مُفسِدة للحرية الليبرالية، “لا يمكن للحالة النهاية للدولة، أو نمط التوزيع أن يتحققا باستمرار دون تدخل مستمر في حياة الناس”. لتوضيح فكرته، يطلب نوزيك منك تخيل أن المجتمع قد حقق نموذجًا تامًا للعدالة بواسطة أي نمط معياري تختاره، ثم يمنح أحدهم دولارًا لويلت تشامبرلين للحصول على امتياز مشاهدته وهو يلعب كرة السلة. بينما آلاف الأشخاص الآخرين يدفعون لويلت دولارًا لنفس السبب. وهكذا يصبح ويلت ثريًا، ولا أحد يشتكي، رغم أن التوزيع صار غير عادل. هنا يتساءل نوزيك: لو أن العدالة هي نموذج معياري يمكنك تحقيقه في لحظة معينة، فماذا سيحدث لو أنك حققت الكمال؟ هل يجب عليك أن تحظر كل شيء من الآن، لا مزيد من الاستهلاك، أو الإنتاج، أو التجارة، أو حتى العطاء، فقط لكي لا تخلّ بالنموذج الكامل؟، تجدر الملاحظة بأن نوزيك لا يناقش، كما لا يفترض أن بإمكان الناس فعل كل ما يشاؤون مع ممتلكاتهم.

يستعيد نوزيك التركيز على ربط حقوق الملكية بالحرية، مما صاغ الليبرالية في شكلها الكلاسيكي. مشيرًا إلى أنه إذا وُجد أي شيء على الإطلاق يمكن للناس فعله، حتى لو كان الشيء الوحيد الذي يمكنهم فعله هو إعطاء عملة معدنية لأحد الفنانين، فحتى تلك الحرية الصغيرة للغاية تناقض النمط المعياري المُفضل. نوزيك على صواب في أننا إذا ركزنا على الشرائح الزمنية، فإننا نركز على لحظات منعزلة نأخذها بجدية، عندما لا يكون ما يهم هو نمط المعطيات في اللحظة عينها، بل نمط كيفية تعامل الناس مع بعضهم البعض بمرور الوقت. فحتى أصغر الحريات ستزعج نمط اللحظة المنعزلة.

رغم ذلك لا يوجد سبب يدعو لأن تناقِض الحرية الليبرالية نمطًا جاريًا للمعاملة الحسنة، فعلى سبيل المثال، لا ينص المبدأ الأخلاقي ضد التمييز العنصري على غاية نهائية مرغوب فيها كهدف بصفة خاصة. يدعو نوزيك مثل ذلك المبدأ ب”ضعيف التنميط”، وهو على صلة بالتاريخ بنفس درجة كونه نمطًا معياريًا، كما أنه ينص على كيفية معاملة الناس، وليس على غاية نهائية لتوزيع الثروة. إنه يؤثر على النمط الحالي دون أن يَنصّ على نمط جديد آخر. وإذا وُجد مبدأ يحظر التمييز العنصري ينتهج طريق التقدم الثقافي بدلاً من التدخل القانوني، فإنه لا يحتاج إلى أي تدخل من أي نوع. لذا، على الرغم من أن نوزيك يتحدث أحيانًا كما لو كان نقده ينطبق على جميع الأنماط، فمن واجبنا أن نتعامل بجدية مع اعترافاته بأن الأنماط “الضعيفة” تتوافق مع الحرية.

قد يشجع البعض الحرية الليبرالية استنادًا على كيفية تقديمها والحفاظ عليها. (انظر شميدتز وبرينان2010: chap.6. )، وللاطلاع على عمل الليبراليين الجدد الذين يرددون تفسير نوزيك لأبعاد المساواة التي يمكن اعتبارها ليبرالية، انظر أيضًا Anderson (1999) و Young (1990) و Sen (1992).

لذلك، وحتى بحال الاتّفاق مع نوزيك بأن مبادئ الشريحة-الزمنية تمنح ترخيصًا لتدخل هائل ومستمر وٍلا يُطاق في الحياة اليومية، فهناك بعض الأسباب للتشكيك في أن رولز كان في نيته تبني أي وجهة نظر من هذا القبيل. قال رولز في مقالته الأولى:

"لا يمكننا تحديد عدالة الموقف عن طريق فحصه في لحظة واحدة." 

وقد أضاف بعد سنوات:

"من الخطأ تركيز الانتباه على المواضع النسبية المختلفة للأفراد، والاقتراح بأن كل تغيير منظور إليه بصفته مفردًا وبمعزل عن غيره، يكون بحد ذاته عادلًا، فتنظيم الهيكل الأساسي هو ما يجب محاكمته، وأن تتم محاكمته من خلال وجهة نظر كلية". 

بالتالي، فإن مهمة الهيكل الأساسي لدى رولز ليست جعل كل معاملة تجارية تصب في صالح الطبقة العاملة، ناهيك عن استفادة كل عضو في الطبقة.

في سياق الليبرالية، كان رولز أكثر واقعية، لذا فقد تصور بدلًا من ذلك أن اتجاه المجتمع ككل هو ما يفترض فيه أن يفيد الطبقة العاملة كطبقة بمرور الوقت. من المؤكد أن رولز كان مساواتيًا بطريقة ما، ولكن نمط المساواة الذي أراد تأييده كان نمطًا من المساواة في الفرصة، لا ينطبق على التوزيع بقدر ما يتعلق بعلاقة مستمرة.

هذا لا يعني أن نقد نوزيك بدون قيمة، فقد بيّن ما قد تبدو عليه النظرية البديلة، مصورًا ويلت تشامبرلين كشخص مستقل بطريقة أكثر جرأة (غير مثقل بالديون الغامضة للمجتمع) مما يمكن أن يقبل به رولز. بالنسبة لنوزيك، فإن امتيازات ويلت ليس هي ما يجده على الطاولة، لكن ما يضعه على الطاولة. كما أن احترام ما يضعه ويلت على الطاولة هو الجوهر الحقيقي لاحترام ويلت كشخص مستقل.

هكذا يعود جزء من الفضل إلى نوزيك في ​​أن مساواتيي اليوم يعترفون بأن أية مساواة تستحق التطلع إليها، هي ما ستركز بشكل أقل على العدالة كخاصية لتوزيع الثروة على شرائح زمنية، بمقابل تركيزها أكثرعلى كيفية معاملة الناس: كيف تتم مكافأتهم على مساهماتهم، وتمكنهم بمرور الوقت من تقديم مساهمات تستحق المكافأة (Schmidtz and Brennan, 2010: chap.6).

3. النقاش حول الشمولية الليبرالية

1.3. الليبرالية السياسية

مع تطور عمله، أَصرّ رولز على أن الليبرالية ليست مذهبًا “شاملا” يتضمن نظرية كلية للقيمة، والأخلاق، والابستمولوجيا، أو الميتافيزيقا الخلافية للفرد والمجتمع (1996: 5ff). فمجتمعاتنا الحديثة المتّسمة ب”تعددية معقولة”، ممتلئة بالفعل بمثل تلك المذاهب. ولا تسعى “الليبرالية السياسية” لأن تضيف إليها مذهبًا متعصبًا آخر، وإنما تسعى لتقديم بنية سياسية محايدة بين تلك المذاهب الشاملة، والمثيرة للخلاف (Larmore, 1996: 121ff). يجب أن تقتصر الليبرالية على مجموعة أساسية من المبادئ السياسية التي تكون، أو يمكن أن تكون، موضوع إجماع بين جميع المواطنين الراشدين، إذا أُريد لها أن تكون أساس الرشد السياسي في مجتمعاتنا الغربية المتنوعة. تبدو فكرة رولز عن مفهوم سياسي محض لليبرالية أكثر صرامة من النظريات السياسية الليبرالية التقليدية التي نُوقشت أعلاه، حيث تقتصر إلى حد كبير على المبادئ الدستورية التي تدعم الحريات المدنية الأساسية والعملية الديمقراطية. 

كما ناقش جاوس (2004)، فإن التمييز بين الليبرالية “السياسية” و”الشاملة” خاطىء للغاية. لأن النظريات الليبرالية تشكل سلسة ممتدة، بداية بمن تشكل أنظمة فلسفية كاملة، إلى تلك التي تعتمد على نظرية كاملة للقيمة والخير، وصولًا إلى ما تعتمد على نظرية في الحق (ولكن ليس الخير)، ورغم مجهودات أولئك الذين يسعون للمذاهب السياسية البحتة. من المهم أن نُقدّر أنه على الرغم من أن الليبرالية هي في الأساس نظرية سياسية، فقد ارتبطت بنظريات أوسع عن الأخلاق والقيمة والمجتمع. في الواقع، يعتقد الكثيرون أن الليبرالية ليس بإمكانها تخليص نفسها من جميع الالتزامات الميتافيزيقية المثيرة للجدل (Hampton, 1989) ، أو من الالتزامات المعرفية (Raz, 1990).

 2.3. الأخلاق الليبرالية

ناقش مِل في كتابه “عن الحرية“، على خطى فيلهلم فون همبولت (1993 [1854])، بأن إحدى قواعد الترسيخ للحرية الليبرالية (آمن مل بالعديد من القواعد) تتمثل في صلاح الشخصية المتطورة، ومصقولة القدرات:

إن الفردية تمثل نفس الشيء مع التطور، وفقط صقل الفردية يُنتج، أو يمكنه أن ينتج، بشرًا واسعي الأفق. فما الذي يمكن قوله عن أي كيفية للشؤون الإنسانية، أكثر من كونها تجعل البشر أنفسهم أقرب لأفضل ما يمكن أن يكونوا عليه؟ أو ما هو أسوأ ما يمكن قوله عن أي إعاقة للخير، أكثر من أنها تمنع ذلك؟ Mill,) 1963, vol. 18: 267).

إنها ليست مجرد نظرية في السياسة الليبرالية، بل نظرية أخلاقية موضوعية، ساعية نحو الكمال. من وجهة النظر هذه، فإن الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله هو تشجيع التنمية أو الكمال، لكن فقط النظام الذي يضمن حرية واسعة لكل شخص يمكنه تحقيق ذلك (Wall, 1998).

سيطر هذا المثل الأعلى الأخلاقي المتمثل في كمال الإنسان وتطوره على التفكير الليبرالي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والكثير من القرن العشرين: ليس على مل فقط، ولكن ت.اتش.جرين، و إل.ت.هوبهاوس ، وبرنار بوسانكيه، وجون ديوي، أظهر جون ديوي وحتى رولز تأييدًا لتعددية أخلاقيات الكمال هذه، وللادعاء القائل بأنها توفر أساسًا لتثبيت نظام الحقوق الليبرالية. Gaus, 1983a)). وهو أمر أساسي لأنصار الاستقلالية الليبرالية التي تمت مناقشتها أعلاه، وكذلك لمُنظري “الفضيلة الليبرالية” مثل وليام جالستون (1980). إن الحياة الجيدة هي بالضرورة حياة يتم اختيارها بحرية، حيث يُطوّر الشخص قدراته الفريدة كجزء من خطة الحياة، وربما تكون كانت هي الأخلاق الليبرالية السائدة خلال القرن الماضي.

انبثق التحدي الأساسي لوضع “الكمالية” الميلينية ]نسبة إلى مل[ كأخلاق ليبرالية عن الأخلاق “التعاقدية”، والتي يمكن قسمتها إلى ما يمكن تصنيفه بقطعية لنسختين “كانطية”، و”هوبزية”. وفقًا للتعاقدية الكانطية “لمّا كان المجتمع مؤلفًا من كثرة من الأشخاص، لكل منهم أهدافه، واهتماماته، وتصوراته الخاصة عن الخير، فإن أفضل طريقة لتنظيم المجتمع، هي عندما يُحكم بواسطة مبادىء لا تفترض مسبقًا أي تصورات للخير.” (Sandel, 1982: 1).

من هذا المنطلق، يتطلب احترام فردية الآخرين أن نمتنع عن فرض رؤيتنا للحياة الجيدة عليهم. فقط المبادئ التي يمكن تبريرها للجميع هي التي تحترم شخصية كل منهم. وهكذا نشهد ميل النظرية الليبرالية الحديثة (Reiman, 1990; Scanlon, 1998)  لتحويل العقد الاجتماعي من شأن للدولة إلى تبرير شامل للأخلاق، أو على الأقل الأخلاق الاجتماعية. إن الفكرة الأساسية لمثل هذه “التعاقدية الكانطية” هي أن الأفراد المثاليين لا يتم تحفيزهم من خلال السعي لتحقيق الكسب، ولكن من خلال الالتزام أو الرغبة في تبرير المزاعم التي يدعون الآخرين لها علانية. (1990Reimann,   1982Scanlon, ). وبالتالي فإن الأخلاقيات التي يمكن أن تكون موضع اتفاق بين هؤلاء الأفراد هي أخلاق مُبرَرة علنًا.

في المقابل، تفترض التعاقدية الهوبزية بطريقة متمايزة، أن الأفراد يهتمون فقط بأنفسهم، ويدركون بشكل صحيح أن قدرة كل شخصية على متابعة مصالحها بفعالية تتعزز من خلال إطار من المعايير التي تبني الحياة الاجتماعية، وتُقسم ثمار التعاون الاجتماعي (Gauither, 1986; Hampton, 1986; Kavka,1986).

الأخلاق إذًا، هي إطار مشترك يعزز المصلحة الذاتية لكل فرد. إن ادعاء التعاقدية الهوبزية، هو انبثاق مفهوم ليبرالي واضح للأخلاق نابع من أهمية الحرية الفردية والملكية في مثل هذا الإطار المشترك: فقط أنظمة القواعد التي تسمح لكل شخصية بمتابعة مصالحها بحرية كبيرة كما تراها مناسبة، يمكنها أن تصبح موضوعًا للإجماع بين العملاء الذين يتركز اهتمامهم على ذواتهم (Courtland, 2008; Gaus 2003a: chap. 3; Gaus, 2012; Ridge, 1998; Gauthier, 1995).

 إن المشكلة المُلحِّة للتعاقدية الهوبزية هي العقلانية الواضحة للاشتراك الحر: إذا كان الجميع (أو ما يكفي منهم) يمتثلون لشروط العقد، وبالتالي تم تحقيق النظام الاجتماعي، فسيبدو من المنطقي أن يرتد المرء، ويتصرف بطريقة غير أخلاقية عندما يمكنه الربح نتيجة عمله هذا. وتمثل تلك بشكل أساسي حجة أبله هوبز، وقد حاول الهوبزيون الرد عليها، بداية من هوبز نفسه (1948 [1651]: 94ff) ، وصولًا إلى غوتييه (1986: 160ff).

3.3. نظريات القيمة الليبرالية

بالانتقال من الحق إلى الخير، يمكننا تحديد ثلاثة مرشحين رئيسيين لنظرية القيمة الليبرالية. لقد واجهنا الأول بالفعل: الكمال. يمكن فهم الكمالية باعتبارها رصيدًا أخلاقيًا، بقدر ما هي نظرية للحق. حيث من الواضح أنه بيان للحق يفترض مُسبقاً نظرية للقيمة أو الخير: القيمة الإنسانية القصوى هي شخصية متطورة أو حياة مستقلة. تتنافس هذه النظرية الموضوعية للقيمة مع نظريتين ليبرالتين أخريين هما: التعددية والذاتية.

أصرّ برلين في دفاعه المشهور عن الحرية السلبية على تعددية القيم أو الغايات بتعدد الأشخاص، وأنه لا يوُجد تصنيف مبرّر لهذه الغايات العديدة. وأكثر من ذلك، فقد أكد برلين أن السعي لتحقيق هدف واحد يعني بالضرورة أنه لن يتم تحقيق غايات أخرى، ستتضارب الغايات. من الناحية الاقتصادية، فإن السعي لتحقيق هدف واحد يتطلب تحمل تكاليف الفرصة البديلة: أي المساعي الضائعة التي لا يمكن إثبات أنها أقل جدارة من تلك المُتحققة.

لا توجد طريقة مبررة لممايزة الغايات بين الأفراد، كما لا توجد وسيلة لتحقيقها جميعًا. ويجب على كل شخصية تكريس نفسها لبعض الغايات على حساب غايات أخرى. بالنسبة إلى التعددي، فإن الاستقلال الذاتي أو الكمال أو التطور لا يحتل بالضرورة مرتبة أعلى من الملذات الحسية، أو الحفاظ على البيئة، أو المساواة الاقتصادية. جميعها تتنافس لكسب تأييدنا ، لكن نظرًا لكونها غير قابلة للقياس، فلا يمكن تبرير أي منها بين الأفراد.

لكن التعددي ليس ذاتويًا: صحيح أن القيم كثيرة، وأنها تتنافس ولا تخضع للقياس، إلا أن ذلك لا يعني أنها تعتمد بطريقة ما على التجارب الذاتية. لكن الادعاء بأن قيم شخص ما تستند إلى التجارب التي تختلف من شخص لآخر كان جزءًا من تقاليد الليبرالية لزمن طويل، فبالنسبة إلى هوبز، تعتمد القيم على ما يرغب به المرء (1948 [1651]: 48). كما طور لوك “نظرية الذوق”:

للعقل لذته الخاصة ، وكذلك الفم. وستسعى على نحو غير مثمر إلى إسعاد كل رجل بالثروات أو المجد، (وهو ما يعتبر بعض الرجال سعادتهم فيه)، كما سترضي جوع جميع الرجال بالجبن أو سرطان البحر والتي رغم كونها لذيذة للغاية بالنسبة للبعض، إلا أنها مقرفة ومثيرة للغثيان لدى البعض الآخر، وسيفضل الكثير من الناس شكاوى البطن الجائعة على تلك الأطباق، التي تُمثل مأدبة فخمة لدى آخرين. ومن ثم، أعتقد أن الفلاسفة القدامى قد طرحوا سؤالًا عقيمًا، حول ما إذا كان الخير الأقصى يتألف من الثروات، أم مسرّات الجسد، أم الفضيلة، أم التفكر: وربما تنازعوا بعقلانية، حول الأفضل مذاقًا بين التفاح، والكرز، والجوز؛ وقسّموا أنفسهم إلى طوائف بناء على ذلك. لكن الأذواق لا تعتمد على الأشياء ذاتها وإنما على جاذبيتها لذلك الفم أو ذاك، حيث يوجد تنوع هائل (1975 [1706]: 269).

يتفق الكمالي، والتعددي، والذاتوي، على النقطة الحاسمة: طبيعة القيمة تجعل الأشخاص العاقلين يتبّعون طرقًا مختلفة للعيش. بالنسبة إلى الكمالي، يحدث ذلك لأن لدى كل شخصية قدرات فريدة، يضفي تطورها قيمة على حياتها؛ وبالنسبة إلى التعددي، السبب هو كون القيم كثيرة ومتضاربة، ولا يمكن لحياة شخص واحد أن تشملها جميعًا، أو أن يختار الخيار الصحيح فيما بينها؛ أما بالنسبة إلى الذاتوي، فالسبب هو أن أفكارنا حول ما هو ذو قيمة تنبع من رغباتنا أو أذواقنا، وهذه تختلف من فرد لآخر.

تدافع وجهات النظر الثلاث إذًا عن الفكرة الليبرالية الأساسية المتمثلة في أن الناس يتبعون بعقلانية طرق مختلفة للعيش. لكن ليست هذه المفاهيم عن الخير في حد ذاتها هي أخلاقيات ليبرالية كاملة، ذلك للزوم الحاجة إلى حجة إضافية تربط القيمة الليبرالية مع معايير الحرية المتساوية، وبفكرة أن يحظى الآخرون باحترام مؤكد وإذعان لامتلاكهم قيم خاصة بهم. من المؤكد أن برلين اعتقد أن هذه حجة مباشرة للغاية: التعددية المتأصلة الملازمة للغايات تشير إلى الأفق السياسي للحرية (see, for example, Gray: 2006.).

ناقش برلين بأن ضمان معيار الحرية السلبي لكل شخص هو النموذج الأكثر إنسانية، وذلك لإدراكه بأن “الأهداف الإنسانية كثيرة”، ولا يمكن لأحد أن يتخذ خيارًا مناسبًا لجميع الناس (1969: 171). ومن هنا يستند الذاتويون والتعدديون على السواء في بعض الأحيان إلى نسخ من التعاقدية الأخلاقية. بينما أولئك الذين يصرون على أن الليبرالية هي في جوهرها عدمية، يمكن تقديم حجتهم القائلة بأن التحول التالي لا يمكن أن يتم بنجاح، حيث علق الليبراليون بين نظرية ذاتية أو تعددية للقيمة، من دون أن ينبثق منها أي تصور عن الحق.

4.3 الميتافيزيقا الليبرالية

على مدار القرن الماضي، عانت الليبرالية من خلافات، بين أولئك الذين تم تصنيفهم بصورة عامة على أنهم “فرديين” من ناحية، وبين “جماعيين” أو “جماعاتيين” أو “عضويين” (انظر بيرد ، 1999). تم تطبيق هذه التسميات الغامضة والواسعة على مجموعة واسعة من النزاعات. سنركز هنا على الخلافات حول: (1) طبيعة المجتمع؛ (2) طبيعة الذات.

بالتأكيد ترتبط الليبرالية عادة  بالتحليلات الفردانية للمجتمع. “البشر في المجتمع” كما ادعى ميل، “ليس لهم خصائص إلا تلك المشتقة من قوانين الطبيعة الخاصة بالفرد، ويمكنها الإحالة إليها ” (1963 ، المجلد 8: 879؛ انظر أيضا بنثام: 1970 [1823]: الفصل الأول ، الفصل 4). وافق هربرت سبنسر على أن “خصائص الكتلة تعتمد على سمات الأجزاء المكونة لها” (1995 [1851]: 1).

لكن في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، تعرضت وجهة النظر الفردية تلك للهجوم بشكل متزايد، خاصة من قبل أولئك الذين تأثروا بالفلسفة المثالية ل د.ج.ريتش، والتي تنتقد الليبرالية الفردانية لسبنسر، حيث تُنكر أن المجتمع هو ببساطة “كومة” من الأفراد، وتصر على أنه أقرب إلى كائن عضوي حي، له بنية داخلية معقدة (1896: 13). رفض الليبراليون مثل إل.ت.هوبهاوس وجون ديوي تبني وجهات نظر جماعية جذرية كتلك التي دعا إليها برنارد بوسانكيه (2001)، لكنهم رفضوا أيضًأ الفردانية المتطرفة لدى بنثام و مل و سبنسر. وعلى مدار معظم النصف الأول من القرن العشرين، ساهمت هذه التحليلات “العضوية” للمجتمع في التأثير على النظرية الليبرالية، وحتى على الاقتصاد (انظر: A.F Mummery and J. A. Hobson, 1956: 106; J.M. Keynes, 1972: 275).

أثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها، برزت مجددًا فكرة أن الليبرالية مُرتكزة على تحليل فرداني للبشر داخل المجتمع. وقد قدم كارل بوبر في كتابه “المجتمع المفتوح وأعدائه” (1945)  نقدًا مستمرًا للنظرية الهيجلية والماركسية ولنزعتيهما الجماعية والتاريخية، والتي تمثل بالنسبة لبوبر فهمًا محدودًا للغاية للمجتمع. استدعى ظهور التحليل الاقتصادي في النظرية الليبرالية بروز المنهجية الفردية الشاملة إلى الواجهة.

في أوائل الستينيات، دافع جيمس بوكانان وجوردون تولوك بعناد عن “المُسلَّمة الفردية” ضد جميع أشكال “العضوية”: سيتعارض “هذا النهج [العضوي] أو هذه النظرية الجماعية بشكل أساسي مع التقليد الفلسفي الغربي الذي يعتبر الفرد الكيان الفلسفي الأساسي” (1965: 11-12). أصر بوكانان وتولوك على أن البشر هم أصحاب الاختيار وصانعو القرار الحقيقيون، وأن تفضيلاتهم هي التي تحدد الإجراءات العامة والخاصة. ارتبطت النزعة الفردية العائدة لليبرالية أواخر القرن العشرين ارتباطًا وثيقًا بتحريض هوبز كعضو في البانتيون الليبرالي. لقد أضفى تفسير هوبز الفرداني الصارم للمجتمع، والطريقة التي قدم بها تحليله لحالة الطبيعة نفسها طابعه على الصياغة النظرية، ما أسفر عن تحليل فرداني ومنهجي قوي للدولة والأخلاق الليبرالية.

بطبيعة الحال، وكما هو معروف على نطاق واسع، شهدت السنوات الخمس والعشرون الماضية اهتمامًا متجددًا بالتحليلات الجماعية للمجتمع الليبرالي، على الرغم من أن مصطلح “جماعي” تم التخلي عنه لصالح مصطلح “جماعاتي”. في عام 1985 لاحظت إيمي جوتمان أننا “نشهد إحياءً للنقد الجماعاتي للنظرية السياسية الليبرالية. ومثل منتقديها في الستينيات، يعيب نقاد الثمانينيات على الليبرالية فرديتها الخاطئة المتعذر إصلاحها “(1985: 308)، بدءاً من انتقادات مايكل ساندل الشهيرة لرولز(1982). كما يتهم عدد من النقاد الليبرالية بأنها ترتكز على مفهوم مجرّد لذوات الأفراد بصفتهم أصحاب اختيار حر تمامًا، وتشكل التزاماتهم وقيمهم واهتماماتهم ممتلكات حصرية لذواتهم، وليس العكس، أي أن تلك الممتلكات لا تؤسس ذواتهم.

على الرغم من أن النقاش “الليبرالي – الجماعاتي” تضمن في نهاية المطاف نزاعات أخلاقية وسياسية واجتماعية واسعة النطاق حول طبيعة المجتمعات وحقوق ومسؤوليات أعضائها، فإن جوهر النقاش كان حول طبيعة الذات الليبرالية. بالنسبة لساندل، فإن الخلل الجوهري لليبرالية رولز هو نظريته المجردة بشكل غير معقول عن الذات المستقلة صاحبة الحرية الكاملة في الاختيار. ويضيف بأن رولز يفترض في النهاية أنه من المنطقي أن نُميّز أنفسنا بقدرة خالصة على الاختيار، وأن هؤلاء المُنتَقِين الخالصين قد يرفضون بعض أو كل ارتباطاتهم وقيمهم ورغم ذلك يحتفظون بهويتهم.

منذ منتصف الثمانينات فما بعد، سعى العديد من الليبراليين إلى إظهار كيف أن الليبرالية قد تؤيد باتساق نظرية للذات، والتي تجد مجالا للعضوية الثقافية وغيرها من الارتباطات والالتزامات غير المختارة التي تساهم على الأقل جزئيًا في تأسيس الذات.(Kymlicka ، 1989). هكذا أصبح جزء كبير من النظرية الليبرالية مُركَزًا على القضية المتعلقة بكيف نصبح كائنات إجتماعية وأعضاء في ثقافات وتقاليد مختلفة، بينما نظل أيضًا أًصحاب اختيار مستقلون يستعملون حريتهم لبناء حيواتهم الخاصة بهم.

4. النقاش بشأن “مدى” الليبرالية

1.4 هل الليبرالية صالحة لكل المجتمعات السياسية؟

ناقش مل في كتاب “عن الحرية”، أن “الحرية كمبدأ، لا مجال لتطبيقها على أية حالة سابقة على الوقت الذي يبلغ فيه البشر القدرة على التطور بواسطة المناقشة الحرة على قدم المساواة” (1963, vol. 18: 224). من ثم فإن “الاستبداد هو نظام مشروع للحكم في التعامل مع البرابرة، على شرط أن تكون غايته تطورهم (1963, vol. 18: 224). غالبًا ما يتم تجاهل هذا المقطع – المُشبّع بالروح الإمبريالية للقرن التاسع عشر- (وربما كما يعتقد البعض العنصرية الكامنة) من قبل المدافعين عن ميل وذلك بداعي الحرج. (Parekh, 1994; Parekh, 1995; Mehta, 1999; Pitts, 2005). لكن هذا لا يعني أن مثل هذه المقاطع الميلينية ظلت من دون مدافعين مرموقي الفكر. –انظر على سبيل المثال Inder Marawah  (2011).

 يثير ذلك تساؤلًا ما زال يقسم الفلسفة الليبرالية وهو: هل هناك مبادئ سياسية لـ الليبرالية صالحة لجميع المجتمعات السياسية؟

ناقش رولز في “قانون الشعوب” بأن ذلك غير ممكن. فوفقًا له يمكن أن تُوجد “مجتمعات هرمية سَمِحة” غير مُؤسَسة على التصور الليبرالي لجميع الأشخاص بصفتهم أحرارًا ومتساوين. وبدلاً من ذلك يُنظر إلى الأشخاص فيها على أنهم “أعضاء مسؤولين ومتعاونين ضمن مجموعاتهم الخاصة” ولكن ليسوا متساوين بطبيعتهم (1999a: 66). لكن نظرًا لذلك، فإنه لا يمكن بناء المفهوم الليبرالي الكامل للعدالة من خلال الأفكار المشتركة لهذا “الشعب”، على الرغم من أن حقوق الإنسان الأساسية، المُضمّنَة في فكرة الهيكل التعاوني الاجتماعي، تنطبق على جميع الشعوب. على الرغم من أن حقوق الإنسان الأساسية، المُضمنة في فكرة وجود بنية تعاونية اجتماعية، تنطبق على جميع الشعوب. يطور ديفيد ميلر  دفاعًا مختلفًا عن هذا الموقف المناهض للكونية (2002)، في حين يرفض أمثال توماس بوج، ومارثا نوزباوم موقف رولز، ويدعون بدلاً من ذلك إلى نسخ من الكونية الأخلاقية: فهم يدّعون أن المبادئ الأخلاقية الليبرالية تنطبق على جميع الدول.

4.2 هل الليبرالية كوزموبوليتانية أم نظرية متمركزة قوميًا ؟

لا ينبغي الخلط بين النقاش حول ما إذا كانت المبادئ الليبرالية تنطبق على جميع المجتمعات السياسية بالنقاش حول ما إذا كانت الليبرالية هي نظرية متمركزة قوميًا، أو ما إذا كانت، على الأقل بطريقة مثالية، نظرية سياسية كوزموبوليتانية لمجتمع البشرية جمعاء. ناقش إيمانويل كانط -وهو أخلاقيّ كونيّ -إذا كان ثمة واحد-، بأنه يجب على جميع الدول أن تحترم كرامة مواطنيها بصفتهم أحرارًا ومتساوين، لكنه أنكر أن الإنسانية تُشكل مجتمعًا سياسيًا واحدًا. وبالتالي فقد رفض المثل الأعلى لمجتمع سياسي ليبرالي كوزموبوليتاني عالمي لصالح عالم من الدول، لدى جميعها دساتير عادلة داخليًا، ومتحدة في اتحاد كونفدرالي لضمان السلام (1970 [1795]).

في النظرية الليبرالية الكلاسيكية، الفرق بين عالم المجتمعات الليبرالية والمجتمع الليبرالي العالمي ليس ذو أهمية أساسية. نظرًا لأن هدف الحكومة في مجتمع ما هو ضمان الحرية الأساسية وحقوق الملكية لمواطنيها، فالحدود ليست ذات أهمية أخلاقية كبيرة في الليبرالية الكلاسيكية .(Lomasky, 2007)

على عكس  الليبرالية “الجديدة” التي تشدد على برامج إعادة التوزيع لتحقيق العدالة الاجتماعية المهمة للمجتمع السياسي أو الأخلاقي. إذا كانت المبادئ الليبرالية تتطلب إعادة توزيع كبيرة، فمن المهم للغاية ما إذا كانت هذه المبادئ تنطبق فقط داخل مجتمعات معينة، أو ما إذا كان نطاقها عالميًا. وبالتالي فإن جدلًا تأسيسيًا يدور بين رولز والعديد من أتباعه، وهو ما إذا كان ينبغي تطبيق مبدأ الاختلاف فقط داخل دولة ليبرالية مثل الولايات المتحدة (حيث يكون الأقل حظاً هم الأقل حظاً من الأميركيين)، أو ما إذا كان ينبغي تطبيقه على المستوى العالمي (حيث يكون الأقل حظاً هم الأقل حظاً في العالم (Rawls, 1999a: 113ff; Beitz, 1973: 143ff; Pogge, 1989: Part Three)).

3.4 التفاعل الليبرالي مع الجماعات غير الليبرالية: على المستوى الدولي

تنقسم النظرية السياسية الليبرالية أيضًا فيما يتعلق بالاستجابة المناسبة للجماعات (الثقافية والدينية وغيرها) التي تؤيد السياسات والقيم غير الليبرالية. هذه الجماعات قد تَحرِم بعض أعضائها من التعليم، وتؤيد تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتقييد الحرية الدينية، وتحافظ على نظام طبقي غير عادل، وما إلى ذلك. فمتى يجب أن تتدخل جماعة ليبرالية، إن وُجدت، في الحكم الداخلي لجماعة غير ليبرالية؟

لنفترض أولاً أن الجماعة غير الليبرالية هي مجتمع أو دولة سياسية أخرى. هل يمكن أن يتدخل الليبراليون في شؤون الدول غير الليبرالية؟ يقدم ميل إجابة معقدة في مقاله عام 1859 بعنوان “عن عدم التدخل”.

وإذ يكرر تأكيد ادعائه في”عن الحرية” بأن البلدان المتحضرة وغير المتحضرة يجب أن تعامل بطريقة مختلفة، فإنه يصر على أن “البرابرة ليس لهم حقوق كأمة ، باستثناء الحق في المعاملة التي قد تناسبهم،  ليصبحوا واحدة، في أقرب وقت ممكن، “القوانين الأخلاقية الوحيدة للعلاقة بين الحكومة المتحضرة والحكومة البربرية، هي القواعد الأخلاقية العالمية بين الإنسان والإنسان.” (1963, vol. 21: 119) على الرغم من أن ذلك يصدمنا كمثال على الإمبريالية الأبوية البغيضة (وهي كذلك بالتأكيد)، إلا أن حجة مل حول هذا الاستنتاج هي أكثر تعقيدًا، بما في ذلك ادعاء أنه، نظرًا لأن الأخلاق الدولية تعتمد على المعاملة بالمِثل، فإن الحكومات “البربرية” التي لا يمكن الاعتماد عليها للانخراط في السلوك المتبادل ليس لها مثل تلك الحقوق.

وعلى أي حال، عندما يتحول مل إلى التدخلات بين الشعوب “المتحضرة”، فإنه يطوّر اعتبارًا أكثر تطوراً تمامًا فيما يتعلق بوقت قيام دولة ما بالتدخل في شؤون دولة أخرى لحماية المبادئ الليبرالية. وعمومًا يكون مل هنا ضد التدخل. و”السبب هو أنه نادراً ما يكون هناك أي شيء يقترب من التأكيد على أن التدخل، وحتى لو نجح، فسيكون في صالح الناس أنفسهم. الاختبار الوحيد الذي يمتلك أي قيمة حقيقية، لكون الشعب قد أصبح لائقًا بمؤسسات الحكم الشعبي، هو أن نسبة كافية هي التي تسود في النزاع، وهي مستعدة للعمل الشجاع والخطر من أجل تحرير نفسها (1963, vol. 21: 122).

بالإضافة إلى الأسئلة حول الفعالية، هناك الحد الذي تتمتع فيه الشعوب أو الجماعات بحقوق تقرير المصير الجماعي، بحيث يكون تدخل جماعة ليبرالية لحث مجتمع غير ليبرالي على تبني مبادئ ليبرالية أمرًا مرفوضًا من الناحية الأخلاقية. وكما هو الحال مع الأفراد، قد يعتقد الليبراليون أن الشعوب أو الجماعات لها حرية ارتكاب الأخطاء في إدارة شؤونها الجماعية. إذا كانت مفاهيم الناس الذاتية مبنية على مشاركتهم في هذه الجماعات، فحتى أولئك الذين تُنكَر حرياتهم قد يعترضون، وربما يتضررون بطريقة ما، من فرض مبادئ ليبرالية عليهم(Margalit and Raz, 1990; Tamir, 1993).

وهكذا، بدلاً من افتراض مبدأ التدخل، يقترح العديد من الليبراليين مبادئ مختلفة للتسامح تُحدد إلى أي مدى ينبغي على الليبراليين التسامح مع الشعوب والثقافات غير الليبرالية. كالعادة، كانت مناقشة رولز بارعة ومفيدة. في بيانه عن الشؤون الخارجية للشعوب الليبرالية، يقول رولز بأن على الشعوب الليبرالية التمييز بين المجتمعات غير الليبرالية “السمحة”، وبين المجتمعات والدول الأخرى”الخارجة عن القانون”؛ للأولى ان تطالب الشعوب الليبرالية بالتسامح، في حين أن الأخيرة لا يمكنها ذلك (1999a).

يناقش رولز بأن الشعوب السَمِحة “ببساطة لا تتسامح” مع الدول الخارجة على القانون، والتي تتجاهل حقوق الإنسان: قد تخضع هذه الدول لـ “عقوبات صارمة وحتى للتدخل” (a 1999). في المقابل ، يصر رولز على أنه “يجب على الشعوب الليبرالية أن تحاول تشجيع الشعوب السمحة [غير الليبرالية] وألا تُحبِط حيويتها بالإصرار القسري على أن تكون جميع المجتمعات ليبرالية” (1999 a). تميل تشاندران كوكاثاس (2003) – التي تستمد ليبراليتها من التقاليد الكلاسيكية – إلى التسامح شبه الكامل مع الشعوب غير الليبرالية، بشرط أن يكون لمواطني تلك الشعوب حق مغادرة بلدانهم.

4.4. التفاعل الليبرالي مع المجموعات غير الليبرالية: على المستوى المحلي

أصبح وضع الجماعات غير الليبرالية داخل المجتمعات الليبرالية موضوع نقاش ، لا سيما فيما يتعلق بالمواطنين المؤمنين. هنا يجب أن نميز بين سؤالين: (1) إلى أي مدى يجب إعفاء المجتمعات الثقافية والدينية غير الليبرالية من متطلبات الدولة الليبرالية؟، (2) إلى أي مدى يمكن السماح لهم بالمشاركة في صنع القرار في الدولة الليبرالية؟

فيما يتعلق بالسؤال الأول، تتمتع الليبرالية بتاريخ طويل من السعي لاستيعاب الجماعات الدينية التي لديها اعتراضات عميقة على بعض السياسات العامة، مثل الكويكرز، أو المينونايت، أو السيخيين. وتنشأ أصعب القضايا بهذا الصدد فيما يتعلق بالأطفال والتعليم. (أنظر Galston, 2003; Fowler, 2010; Andersson, 2011) على سبيل المثال، كتب مل التالي:

بالنظر لمسألة التعليم. أليست مُسلمة بديهية تقريبًا، أن الدولة يجب أن تطلب وتفرض التعليم وفق معايير معينة لكل إنسان يولد مواطنًا لها؟ لكن من الذي لا يخشى الاعتراف بهذه الحقيقة وتأكيدها؟ لا يكاد أحد ينكر أنه من أكثر الواجبات المقدسة للوالدين (أو كما هو الحال الآن في القانون والعرف: الأب) ، بعد جلب إنسان إلى العالم، أن يعطيه التعليم الذي يناسبه لأداء دوره بشكل جيد في الحياة تجاه نفسه والآخرين. إن جلب طفل إلى حيز الوجود دون أن يكون قادرًا على توفير قدر عادل من الغذاء لجسده، والتعليم والتدريب لعقله، يُعد جريمة أخلاقية، ضد الأبناء سييء الحظ، وضد المجتمع  (1963، مجلّد 18).

على مدار الثلاثين عامًا الماضية، احتلت قضية خاصة صميم هذا النقاش، وهي قضية ويسكونسن ضد يودر [406 U.S. 205 (1972)]؛ حيث أيدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة حق آباء طائفة الأميش في تجنب قوانين التعليم الإلزامي، وإبعاد أطفالهم عن المدرسة في سن الرابعة عشر، وبالتالي، فقد أتاح ذلك للأميش تجنب التأثيرات العلمانية التي قد تقوض طريقتهم التقليدية في الحياة. لكن نظرًا لأن المجتمعات الثقافية والدينية تربي الأطفال وتعلمهم، فلا يمكن أن يُعد ذلك اختيارًا طوعيًا يخالف الدولة الليبرالية، فهم يمارسون سلطة قسرية على الأطفال، بالتالي تؤخذ في الاعتبار المبادئ الليبرالية الأساسية حول حماية الأبرياء من الإكراه غير المبرر.

 لقد أكد البعض على أن المبادئ الليبرالية تتطلب أن تتدخل الدولة (ضد مجموعات مثل الأميش) من أجل [1] تزويد الأطفال بحق خروج فعال، والذي يمكن حرمانه منهم من خلال نقص التعليم. [2] لحماية حق الأطفال في مستقبل مستقل و “مفتوح” (Feinberg, 1980) و / أو [3] لضمان حصول الأطفال على الأدوات المعرفية لإعدادهم لدورهم المستقبلي كمواطنين (Galston, 1995: p. 529; Macedo, 1995: pp. 285–6).

من ناحية أخرى ناقش منظرون ليبراليون آخرون بأنه لا يجب على الدولة أن تتدخل، لأنها قد تقوض قواعد بعض القيم الضرورية لاستمرار وجود بعض المذاهب الشاملة (Galston, 1995: p. 533; Stolzenberg, 1993: pp. 582–3). بالإضافة إلى ذلك، ناقش البعض مثل هاري بريجهاوس (1998) بأن غرس القيم الليبرالية من خلال التعليم الإلزامي قد يُقوّض شرعية الدول الليبرالية لأن الأطفال لن يكونوا(بسبب إمكانية تلقين العقائد) أحراراً في قبول مثل تلك المؤسسات.

أما فيما يتعلق بالسؤال الثاني، أصبح المدى الذي يمكن فيه توظيف المعتقدات والقيم غير الليبرالية في النقاش السياسي الليبرالي، موضوع نقاش مستمر في السنوات التي تلت كتاب رولز “الليبرالية السياسية”. فوفقًا لليبرالية رولز، أوما يمكن أن نسميه “ليبرالية العقل العمومي” بشكل أعم – لأن مجتمعاتنا تتميز بـ “التعددية المعقولة”-، لا يمكن تبرير الإكراه على أساس من أنظمة معتقدات أخلاقية أو دينية شاملة. لكن العديد من أصدقاء الدين (e.g., Eberle, 2002; Perry, 1993) يناقشون بأن ذلك “إقصاء” يستحق الاعتراض، حيث يُمنع المؤمنون من التصويت على أعمق معتقداتهم. ومرة أخرى يختلف الليبراليون في ردودهم. ليتخذ البعض مثل ستيفن ماسيدو موقفا صارمًا للغاية: “إذا كان بعض الناس يشعرون “بالإسكات” أو” التهميش ” نتيجة أن بعضنا يعتقد بأنه من الخطأ صياغة الحريات الأساسية على قاعدة الادعاءات الدينية أو الميتافيزيقية، فلا يمكنني إلا أن أقول “تصرف بنضج!” (2000).

في المقابل، يسعى رولز إلى أن يكون أكثر توافقًا، عبر السماح للحجج القائمة على مذاهب دينية شاملة بالتدخل في السياسة الليبرالية بشأن قضايا العدالة الأساسية ” شريطة أن نقدم في الوقت المناسب أسبابًا عامة مناسبة لدعم المبادئ والسياسات التي يُقال أن عقيدتنا الشاملة تدعمها” (1999a). وهكذا، يسمح رولز بشرعية الحجج القائمة على أساس ديني ضد العبودية ولصالح حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وذلك لأن تلك الحجج كانت مدعومة في نهاية المطاف بأسباب عامة.

بينما يرى آخرون (e.g., Greenawalt, 1995) أنه حتى ذلك مُقيد للغاية: من الصعب على الليبراليين تبرير الحظر الأخلاقي على المُواطِنة المتدينة من التعبير عن رأيها في النقاش السياسي الليبرالي. ويسعى غاوس وفاليير إلى تخفيف تلك التوترات جزئيا من خلال الاعتراف بعدم اتساق “دواعي تبرير قانون آخر” و”أسباب رفض” القانون. (2009). حيث يناقشون بأنه على الرغم من أن “الأساس المنطقي العلماني ضروري في مجتمعنا لقانون مبرر علنًا، إلا أنه يمكن إلحاق الهزيمة به من خلال قناعة دينية معقولة دون دعم علماني” (2009). وبالتالي ، سيكون بمقدور المواطنين المؤمنين الحفاظ على سلامتهم الدينية، لكنهم لا يزالون غير قادرين على إكراه الآخرين لأسباب دينية غير مشتركة.

5. ملخص

بالنظر إلى أن الليبرالية تصطدم بالكثير من القضايا – طبيعة الحرية، ووضع الملكية، والديمقراطية في مجتمع عادل، والشمولية، ونطاق المثل الأعلى الليبرالي- قد يتساءل المرء عما إذا كان هناك أي فائدة من الحديث عن “الليبرالية”. مع ذلك، ليس من غير المهم أو التافه أن تأخذ كل هذه النظريات الحرية كقيمة سياسية أساسية. فالديمقراطيون الراديكاليون يؤكدون على القيمة الأوّلية للمساواة، ويصرّ الجماعاتيون على أن مطالب الانتماء تتفوق على الحرية، ويشتكي المحافظون من أن التفاني الليبرالي للحرية يُقوّض القيم والفضائل التقليدية، والنظام الاجتماعي ذاته. وبوضع الخلافات البينية جانبًا، يشترك الليبراليون في رفض هذه المفاهيم حول الحق السياسي.


المراجع

الليبرالية

  • Anderson, Elizabeth S. (1999). ‘What Is the Point of Equality?’ Ethics, 109: 287–337.
  • Andersson, Emil (2011). ‘Political Liberalism and the Interests of Children: A Reply to Timothy Michael Fowler,’ Res Publica, 17: 291–96.
  • Beitz, Charles (1997). Political Theory and International Relations, Princeton: Princeton University Press.
  • Benn, Stanley I. (1988). A Theory of Freedom, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Bentham, Jeremy (1952 [1795]). Manual of Political Economyin Jeremy Bentham’s Economic Writings Stark (ed.), London: Allen and Unwin.
  • ––– (1970 [1823]). Introduction to the Principles of Morals and Legislation, J. H. Burns and H. L. A. Hart (eds.), London: Athlone Press.
  • Berlin, Isaiah (1969). ‘Two Concepts of Liberty,’ in his Four Essays on Liberty, Oxford: Oxford University Press: 118–72.
  • Beveridge, William (1944). Full Employment in a Free Society, London: Allen and Unwin.
  • خرافة الليبرالية الفردانية
  • Bird, Colin (1999). The Myth of Liberal Individualism, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Brighouse, Harry (1998). ‘ Civic Education and Liberal Legitimacy,’ Ethics, 108: 719–45.
  • Bosanquet, Bernard (2001 [1923]). Philosophical Theory of the Statein Philosophical Theory of the State and Related Essays, Gerald F. Gaus and William Sweet (eds.), Indianapolis: St. Augustine Press.
  • Buchanan James M. and Gordon Tullock (1966). The Calculus of Consent: Logical Foundations of Constitutional Democracy, Ann Arbor: University of Michigan Press.
  • Chapman, John W. (1977). ‘Toward a General Theory of Human Nature and Dynamics,’ in NOMOS XVII: Human Nature in Politics, J. Roland Pennock and John W. Chapman (eds.), New York: New York University Press: 292–319.
  • Christman, John and Joel Anderson, eds. (2005). Autonomy and Challenges to Liberalism, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Cranston, Maurice (1967). ‘Liberalism,’ in The Encyclopedia of Philosophy, Paul Edwards (ed.), New York: Macmillan and the Free Press: 458–461.
  • Courtland, Shane D. (2007). ‘Public Reason and the Hobbesian Dilemma,’ Hobbes Studies, 20: 63–92.
  • ––– (2018). Hobbesian Applied Ethics and Public Policy, New York: Routledge.
  • الليبرالية الجمهورية
  • Dagger, Richard (1997). Civic Virtue: Rights, Citizenship and Republican Liberalism, Oxford: Oxford University Press.
  • Dewey, John (1929). Characters and Events, Joseph Ratner (ed.), New York: Henry Holt.
  • Dworkin, Gerald (1988). The Theory and Practice of Autonomy, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Dworkin, Ronald (2000). Sovereign Virtue, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • الليبرالية السياسية
  • Eberle, Christopher J. (2002). Religious Conviction in Liberal Politics, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Ely, James W. Jr (1992). The Guardian of Every Other Right: A Constitutional History of Property Rights, New York: Oxford University Press.
  • Feinberg, Joel (1980). ‘ The Child’s Right to an Open Future,’ in Whose Child? Children’s Rights, Parental Authority, and State Power, William Aiken and Hugh LaFollette (eds.), Totowa: Rowman & Littlefield; reprinted in Feinberg (1992), Freedom & Fulfillment, Princeton: Princeton University Press: 76–97.
  • ––– (1984). Harm to Others, Oxford: Clarendon Press.
  • Fowler, Timothy Michael (2010). ‘The Problems of Liberal Neutrality in Upbringing,’, Res Publica, 16: 367–81.
  • Freeden, Michael (1978). The New Liberalism: An Ideology of Social Reform, Oxford: Clarendon Press.
  • Galston, William (1980). Justice and the Human Good, Chicago: University of Chicago Press.
  • مفهومان عن الليبرالية:
  • ––– (1995). ‘ Two Concepts of Liberalism,’ Ethics, 105: 516–34.
  • ––– (2003). ‘Parents, Governments and Children: Authority Over Education in the Liberal Democratic State,’ in NOMOS XLIV: Child, Family and The State, Stephen Macedo and Iris Marion Young (eds.), New York: New York University Press: 211–233.
  • Gaus, Gerald F. (1983a). The Modern Liberal Theory of Man, New York: St. Martin’s Press.
  • ––– (1983b). ‘Public and Private Interests in Liberal Political Economy, Old and New,’ in Public and Private in Social Life, S.I. Benn and G.F. Gaus (eds.), New York: St. Martin’s Press: 183–221.
  • ––– (1994). ‘Property, Rights, and Freedom,’ Social Philosophy and Policy, 11: 209–40.
  • ––– (1996). Justificatory Liberalism: An Essay on Epistemology and Political Theory, New York: Oxford University Press.
  • ––– (2000). Political Concepts and Political Theories, Boulder, CO: Westview.
  • ––– (2003a). Contemporary Theories of Liberalism: Public Reason as a Post-Enlightenment Project, London: Sage Publications Ltd.
  • ––– (2003b). ‘Backwards into the Future: Neorepublicanism as a Postsocialist Critique of Market Society,’, Social Philosophy & Policy, 20: 59–92.
  • الليبرالية الشاملة
  • ––– (2004). ‘The Diversity of Comprehensive Liberalisms,’ in The Handbook of Political Theory, Gerald F. Gaus and Chandran Kukathas (eds.), London: Sage, 100–114.
  • ––– (2012). ‘Hobbes’s Challenge to Public Reason Liberalism,’ in Hobbes Today: Insights for the 21st Century, S.A. Lloyd (ed.), Cambridge: Cambridge University Press, 155–77.
  • Gaus, Gerald F., and Kevin Vallier (2009), ‘The Roles of Religious Conviction in a Publicly Justified Polity: The Implications of Convergence, Asymmetry, and Political Institutions,’ Philosophy & Social Criticism, 35(1): 51–76.
  • Gauthier, David (1986). Morals By Agreement, Oxford: Oxford University Press.
  • ––– (1995). ‘ Public Reason,’ Social Philosophy and Policy, 12: 19–42.
  • Ghosh, Eric (2008). ‘ From Republican to Liberal Liberty,’ History of Political Thought, 29: 132–67.
  • Gray, John (2006). Isiah Berlin, Princeton: Princeton University Press.
  • Green, Thomas Hill (1986 [1895]). Lectures on the Principles of Political Obligation and Other Essays, Paul Harris and John Morrow (eds.), Cambridge: Cambridge University Press.
  • Greenawalt, Kent (1995). Private Consciences and Public Reasons, New York: Oxford University Press.
  • Gutmann, Amy (1985). ‘Communitarian Critics of Liberalism,’, Philosophy & Public Affairs, 14: 308–22.
  • Hampton, Jean (1986). Hobbes and the Social Contract Tradition, Cambridge: Cambridge University Press.
  • ––– (1989). ‘Should Political Philosophy by Done without Metaphysics?’ Ethics, 99: 791–814.
  • Hayek, F.A. (1960). The Constitution of Liberty, Chicago: University of Chicago Press.
  • ––– (1976). The Mirage of Social Justice, Chicago: University of Chicago Press.
  • ––– (1978). ‘Liberalism,’ in his New Studies in Philosophy, Politics, Economics and the History of Ideas, London: Routledge and Kegan Paul.
  • Hobbes, Thomas (1948 [1651]). Leviathan, Michael Oakeshott, ed. Oxford: Blackwell.
  • Hobhouse, L. T. (1918). The Metaphysical Theory of the State, London: Allen and Unwin.
  • Hobson, J.A. (1922). The Economics of Unemployment, London: Allen and Unwin.
  • Kant, Immanuel, (1965 [1797]). The Metaphysical Elements of Justice, John Ladd (trans.), Indianapolis: Bobbs-Merrill.
  • ––– (1970 [1795]). ‘Perpetual Peace,’ in Kant’s Political Writings, Hans Reiss (ed.), Cambridge: Cambridge University Press.
  • Kavka, Gregory S. (1986). Hobbesian Moral and Political Theory, Princeton: Princeton University Press.
  • Keynes, John Maynard (1972). ‘The End of Laissez-Faire,’in his Essays in Persuasion, London: Macmillan.
  • ––– (1973 [1936]). The General Theory of Employment, Interest and Money, London and Cambridge: Macmillan and Cambridge University Press.
  • Kukathas, Chandran (2003). The Liberal Archipelago, Oxford: Oxford University Press.
  • Kymlicka, Will (1989). Liberalism, Community and Culture, Oxford: Clarendon Press.
  • Larmore, Charles (1996). The Morals of Modernity, Cambridge: Cambridge University Press.
  • ––– (2001). ‘A Critique of Philip Pettit’s Republicanism,’, Noûs(Supplement): 229–243.
  • ––– (2004). ‘Liberal and Republican Conceptions qof Freedom,’ in Republicanism: History, Theory, and Practice, D. Weinstock and C. Nadeau (eds.), London: Frank Cass, 96–119.
  • Locke, John (1960 [1689]). The Second Treatise of Governmentin Two Treatises of Government, Peter Laslett, ed. Cambridge: Cambridge University Press, 283–446.
  • ––– (1975 [1706]). An Essay Concerning Human Understanding, Peter H. Nidditch (ed.), Oxford: Clarendon Press.
  • Lomasky, Loren E. (1987). Persons, Rights, and the Moral Community, New York: Oxford University Press.
  • ––– (2007). ‘Liberalism Without Borders,’ in Liberalism: Old and New, Ellen Frankel Paul, Fred D. Miller and Jeffrey Paul (eds.), New York: Cambridge University Press, 206–233
  • Macedo, Stephen (1995). ‘ Liberal Civic Education and Religious Fundamentalism: The Case of God v. John Rawls?’ Ethics, 105: 468–96.
  • Machiavelli, Niccolo (1950 [1513]). The Prince And the Discourses, L. Ricci and C.E. Detmold (trans.), New York: Random House, Inc.
  • Mack, Eric and Gerald F. Gaus (2004). ‘Classical Liberalism and Libertarianism: The Liberty Tradition,’ in The Handbook of Political Theory, Gerald F. Gaus and Chandran Kukathas (eds.), London: Sage, 115–130.
  • Margalit, Avishai, and Joseph Raz (1990). ‘National Self-Determination,‘ Journal of Philosophy, 87: 439–61.
  • Marwah, Inder (2011). ‘Complicating Barbarism and Civilization: Mill’s Complex Sociology of Human Development,’ History of Political Thought, 32: 345–66.
  • Mehta, Uday Singh (1999). Liberalism and Empire: A Study in Nineteenth-Century British Liberal Thought, Chicago: University of Chicago Press.
  • Mill, John Stuart (1963). Collected Works of John Stuart Mill, J. M. Robson (ed.), Toronto: University of Toronto Press.
  • Miller, David (2002). ‘Two Ways to Think about Justice,’ Politics, Philosophy and Economics, 1: 5–28.
  • Mummery A. F. and J. A. Hobson (1956). The Physiology of Industry, New York: Kelly and Millman.
  • Narveson, Jan (2018). ‘Hobbes and the Welfare State,’ in Courtland 2018: 198–213.
  • Nozick, Robert (1974). Anarchy, State and Utopia, New York: Basic Books.
  • Nussbaum, Martha (2002). ‘Women and Law of Peoples,’ Politics, Philosophy and Economics, 1: 283–306.
  • Okin, Susan (2002). ‘ Mistresses of Their Own Destiny: Group Rights, Gender, and Realistic Rights of Exit,’ Ethics, 112: 205–30.
  • Parekh, Bhikhu (1994). ‘Decolonizing Liberalism,’, in The End of ‘Isms’?: Reflections on the Fate of Ideological Politics after Communism’s Collapse, Alexander Shtromas (ed.), Cambridge, MA: Wiley-Blackwell: 85-103.
  • ––– (1995). ‘Liberalism and Colonialism: A Critique of Locke and Mill,’ in The Decolonization of Imagination: Culture, Knowledge and Power, Jan Nederveen Pieterse and Bhikhu Parekh (eds.), London: Zed Books: 81–98.
  • Paul, Ellen Frankel, Fred D. Miller and Jeffrey Paul, eds. (2007). Liberalism: Old and New, New York: Cambridge University Press.
  • Perry, Michael J. (1993). ‘Religious Morality and Political Choice: Further Thoughts— and Second Thoughts — on Love and Power,’ San Diego Law Review, 30 (Fall): 703–727.
  • Pettit, Philip (1996). ‘Freedom as Antipower,’ Ethics, 106: 576–604.
  • ––– (1997). Republicanism: A Theory of Freedom and Government, Oxford: Clarendon Press.
  • Pitts, Jennifer (2005). A Turn to Empire: The Rise of Imperial Liberalism in Britain and France, Princeton: Princeton University Press.
  • Pogge, Thomas W. (1989). Realizing Rawls, Ithaca: Cornell University Press.
  • ––– (2002). World Poverty and Human Rights, Cambridge, UK: Polity Press.
  • Popper, Karl (1945). The Open Society and its Enemies, London: Routledge and Kegan Paul.
  • Rawls, John (1996). Political Liberalism, New York: Columbia University Press.
  • ––– (1999a). Law of Peoples, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • ––– (1999b). A Theory of Justice, revised edition. Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • ––– (2001). Justice as Fairness: A Restatement, Erin Kelly, ed. New York: Columbia University Press.
  • Raz, Joseph (1986). The Morality of Freedom, Oxford: Clarendon Press.
  • ––– (1990). ‘Facing Diversity: The Case of Epistemic Abstinence,’ Philosophy & Public Affairs, 19: 3–46.
  • Reiman, Jeffrey (1990). Justice and Modern Moral Philosophy, New Haven, CT: Yale University Press.
  • Ridge, Michael (1998). ‘Hobbesian Public Reason,’ Ethics, 108: 538–68.
  • Ritchie, D.G. (1896). Principles of State Interference, 2nd edn., London: Swan Sonnenschein.
  • Robbins, L. (1961). The Theory of Economic Policy in English Classical Political Economy, London: Macmillan.
  • Rogers, Melvin (2008). ‘Republican Confusion and Liberal Clarification,’ Philosophy & Social Criticism, 34: 799–824.
  • Rousseau, Jean-Jacques (1973 [1762]). The Social Contract and Discourses, G.D.H. Cole (trans.), New York: Dutton.
  • Sandel, Michael. (1982). Liberalism and the Limits of Justice, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Scanlon, Thomas (1982). ‘Contractualism and Utilitarianism,’ in Utilitarianism and Beyond, Amartya Sen and Bernard Williams (eds.), Cambridge: Cambridge University Press: 103–28.
  • ––– (1998). What We Owe Each Other, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Schmidtz, David (2017). ‘Ecological Justice,’ in Philosophy: Environmental Ethics, David Schmidtz (ed.), Farmington Hills, MI: MacMillan Cengage.
  • Schmidtz, David, and Jason Brennan (2010). A Brief History of Liberty, Malden, MA: Wiley-Blackwell.
  • Sen, Amartya (1992). Inequality Reexamined, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Spencer, William (1995 [1851]). Social Statics, New York: Robert Schalkenback Foundation.
  • Skinner, Quentin (1998). Liberty Before Liberalism, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Spector, Horacio (1992). Autonomy and Rights: The Moral Foundations of Liberalism, Oxford: Clarendon.
  • Steiner, Hillel (1994). An Essay on Rights, Oxford: Basil Blackwell.
  • Stolzenberg, Nomi (1993). ‘He Drew a Circle That Shut Me Out: Assimilation, Indoctrination, and the Paradox of Liberal Education,’ Harvard Law Review, 106: 581–667.
  • Swaine, Lucas (2006). The Liberal Conscience, New York: Columbia University Press.
  • Tamir, Yael (1993). Liberal Nationalism, Princeton: Princeton University Press.
  • Tawney, R. H. (1931). Equality, New York: Harcourt. Brace.
  • Taylor, Charles (1979). ‘What’s Wrong with Negative Liberty,’ in The Idea of Freedom, A. Ryan (ed.), Oxford: Oxford University Press: 175–93.
  • ––– (1992). Multiculturalism and The Politics of Recognition, Princeton: Princeton University Press.
  • Viroli, Maurizio (2002). Republicanism, A. Shugaar (trans.), New York: Hill and Wang.
  • von Humboldt, Wilhelm (1993 [1854]). The Limits of State Action, Indianapolis: Liberty Press.
  • Waldron, Jeremy (2001). ‘Hobbes and the Principle of Publicity,’ Pacific Philosophical Quarterly, 82: 447–474.
  • Wall, Steven (1998). Liberalism, Perfectionism and Restraint, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Young, Iris Marion (1990). Justice and the Politics of Difference, Princeton: Princeton University Press.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up this entry topic at the Indiana Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

مداخل ذات صلة

Berlin, Isaiah | Bosanquet, Bernard | communitarianism | conservatism | contractarianism | contractualism | cosmopolitanism | Enlightenment | Green, Thomas Hill | Hobbes, Thomas: moral and political philosophy | justice: distributive | justice: international distributive | justification, political: public | Kant, Immanuel: social and political philosophy | legitimacy, political | libertarianism | liberty: positive and negative | Locke, John: political philosophy | markets | Mill, John Stuart: moral and political philosophy | multiculturalism | perfectionism, in moral and political philosophy | property and ownership | public reason | Rawls, John | religion and political theory | republicanism | Rousseau, Jean Jacques | toleration


مرجع مدخل (الليبرالية):

[1][1] Gaus, Gerald, Courtland, Shane D. and Schmidtz, David, “Liberalism”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2018 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/spr2018/entries/liberalism/>.