مجلة حكمة
الإرهاب الارهاب موسوعة ستانفورد

الإرهاب

مدخل فلسفي شامل عن المسائل المفاهيمية حول الإرهاب والمسائل الأخلاقية فيما يتعلق به؛ نص مترجم لد إيغور برموراتز، وترجمة: وليم العوطة، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة. نسخة PDF


ما هو الارهاب؟

قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدّة، لم يُثَر موضوع الإرهاب كثيرًا في النقاش الفلسفيّ. اقتصرت الأعمال الفلسفية باللّغة الانكليزية على عددٍ من المؤلّفات ومجموعةٍ يتيمة من المقالات عالجت حصرًا، أو بشكلٍ رئيسيّ، المسائل المتعلّقة بالإرهاب. في المجلّات الفلسفية، كانت المقالات عن الموضوع قليلةً أو متباعدة، كما لم تتضمّن الموسوعتان الفلسفيتان الرئيسيتان مدخلاً عن الإرهاب. وضعت هجمات 11 سبتمبر وما تلاها الإرهاب على جدول الأعمال الفلسفيّ، وأمسى الإرهاب موضوع كتبٍ عديدة، ومقالاتٍ صحفية، وأعداد مجلّاتٍ متخصّصة ومؤتمرات.

خطاب جورج بوش الإبن عقب هجمات 11 سبتمبر

بينما تدرسُ العلوم الاجتماعية الإرهاب بأسبابه، وتنويعاته، ونتائجه، وبتاريخ آثاره، محاوِلةُ تفسير طريقة تطوّره عبر الزمان، تركّز الفلسفة على سؤالين أساسيين مترابطين؛ الأول مفاهيميّ: ما هو الإرهاب؟ والثاني أخلاقيّ: هل يمكن تبرير الإرهاب أخلاقيًا؟

تعريف الإرهاب

كان للفلاسفة مواقف متنوّعة ردًا على هذين السؤالين. بخصوص مشكلة تعريف الإرهاب، سعت المقاربة السائدة إلى الإقرار بالمعنى المشترك لمفهوم “الإرهاب” في الاستخدام الشائع. يُفهَم الإرهاب كنوعٍ من العنف، وقد سلّطت تعريفات كثيرة الضوء على تجربة الرُهب[2] Terror أو الخوف كهدفٍ مباشر لهذا العنف. لا يُمارس العنف، ولا الرُهْب، من أجل ذاته، بل لأجل أهدافٍ أخرى مثل الإكراه coercion، أو لتحقيق هدفٍ سياسيّ محدّد. لكنّنا نجدُ تعريفاتٍ تقطع الصلة المفاهيمية بين الإرهاب والعنف أو الرُهبِ. فيما خصّ المكانة الأخلاقية للإرهاب، اختلف الفلاسفة حول كيفية تحديدها وحول ماهية هذا التحديد. يقترحُ العواقبيون Consequentialists أن نحاكم الإرهاب، كأيٍّ شيءٍ آخر، وفقًا لنتائجه. أمّا اللاعواقبيون فيعتقدون بأنّ المنزلة الأخلاقية للإرهاب ليست، ببساطة، وبشكلٍ إجماليّ، مسألة ما ينتج عن هذا الإرهاب، بل بالأحرى تتحدّد هذه المنزلة، بمفردها أو مع غيرها، بما تكون عليه. وتتراوح المواقف من أخلاقيات الإرهاب بين التبرير حين تكون نتائجه جيّدة إجمالاً، أو حين يستوفي بعض متطلبات الواجب الاخلاقي، وبين الرفض المطلق، أو شبه المطلق، له.

كذلك، سعى الفلاسفة العاملون في الفلسفة التطبيقية إلى استكمال النقاشات حول الإرهاب عامّةً من خلال دراسات الحالة، أي الدراسات عن دور الإرهاب وما له وما عليه في صراعاتٍ محدّدة، مثل “الاضطرابات” في ايرلندا الشمالية (George 2000; Simpson 2004; Shanahan 2009)، والصراع الفلسطيني الاسرائيلي (Gordon and Lopez 2000; Primoratz 2006; Kapitan 2008; Law (ed.) 2008)، وقصف المدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية (Grayling 2006, Primoratz 2010)

  1. المسألة المفاهيمية
    1. 1.1. ” الإرهاب” منذ الثورة الفرنسية حتّى مقتبل القرن الواحد والعشرين
      • سيادة الرُهب
      • الدعاية عبر الفعل
      • الدولة كإرهابية
      • الإرهابيون والمقاتلون من أجل الحرية
    1. طابعان جوهريان للإرهاب ونمطان من التعريف
      • العنف والرُهب
      • تعريفات واسعة وضيّفة
      • بعض التعريفات التمييزية
  2. المسألة الأخلاقية
    • تورّط الضحايا
    • العواقبية
      • إرهابٌ مبرّر
      • إرهابٌ غير مبررٍ
    • اللاعواقبية
      • حقوق الانسان الأساسية والعدالة التوزيعية
      • حالةُ الطوارئ القصوى والكارثة الأخلاقية
      • الإرهاب آثمٌ بالمطلق
  3. بيبليوغرافيا
    • كتب، وفصول من كتب، ومقالات
    • إصدارات مجلات خاصّة
  • أدوات أكاديمية
  • مصادر أخرى من الانترنت
  • مداخل ذات صلة

1. المسألة المفاهيمية للإرهاب

من المرجّح أن يكون تاريخ الإرهاب وتاريخ العنف السياسيّ متزامنيْن. ومع ذلك، فمصطلح “الإرهاب” حديث نسبيًا، إذ استُخدِم منذ نهايات القرن الثامن عشر. لقد تحوّل استخدامه مرارًا وتكرارًا في بعض النواحي الهامّة. علاوة على ذلك، غالبًا ما تٌستخدم كلمة الإرهاب في الخطاب السياسيّ المعاصر كمصطلحٍ جِداليّ تحجبُ شحنته العاطفية البليغة معناه الوصفيّ الغامض إلى حدٍّ ما. وهذا ما يعيق الحوار العقلاني المستدام حول طبيعة الإرهاب ومكانته الأخلاقية، وأفضل سبل التعامل معه.

1.1 “الإرهاب” من الثورة الفرنسية إلى مقتبل القرن الواحد والعشرين

1.1.1 سيادة الرُهب والإرهاب

عندما دخلت، للمرّة الأولى، الخطابَ العام في الغرب، عنَت كلمة “إرهاب” سيادة الرُهب الّذي فرضه اليعاقبة في فرنسا من خريف 1793 حتّى صيف 1794. كانت الغاية القصوى لهذا الرُهبِ إعادة تشكيل المجتمع والطبيعة البشرية، ما يمكن تحقيقه بتهديم النظام القديم، والقضاء على كلّ أعداء الحكومة الثورية، وبغرسِ الفضيلة المدنية وتعزيزها. مُنِح دورٌ مركزيٌّ من أجل تحقيق هذه الأهداف للمحكمة الثورية ذات السلطة الواسعة، والمقيّدة بالقليل من قواعد الاجراءات، والّتي رأت أنّ مهمتها تنفيذَ السياسة الثورية بدلاً من تحقيقِ العدالة القانونية وفق المتعارف عليه. تعقّب اليعاقبة “أعداءَ الشعب” الفعليين أو المفترضين، والمذنبين أو المشتبه بهم، أمّا القانون الّذي استندوا إليه والّذي “يحصي فقط من يمكنه أن يكون عدوًّا للشعب، فقد كان غامضًا بحيث لا يستبعد أحدًا” (Carter 1989: 142). كان الموت العقوبة النموذجية، وهدفت المحاكمات والاعدامات إلى بثّ الرعبِ في قلب كلّ من افتقرَ إلى الفضيلة المدنية؛ وقد آمنَ اليعاقبة أنّ هذه الوسائل كانت ضرورية من أجل توطيد النظام الجديد. منحت هذه الضرورة التبريرات الأخلاقية والعقلانية لسيادة الرُهبِ. لم يكن الرُهب، كما قال روبسبيير، غير “انبعاثٍ للفضيلة”، ومن دونه ستبقى الفضيلة عاجزة. وعليه، استخدم اليعاقبة مصطلح الرُهبِ لوصفِ أعمالهم وسياساتهم، بلا خجلٍ، ومن دون أيّ تضميناتٍ سلبية.

2.1.1 الدعاية عبر الفعل

ومع ذلك، سرعان ما سيتّخذ مصطلح “الإرهاب” ومتعلقاته دلالاتٍ سلبيةً للغاية. منذ بدايتها، شاهد منتقدو تجاوزات الثورة الفرنسية عهدها المرعب. أصبح الإرهاب، المرتبط بالتعسّف الشديد في استخدام السلطة، والمتعلّق بمقولة الطغيان كحكمٍ يستندُ على الخوف، موضوعًا متكرّرًا في الفسلفة السياسيّة.

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، تحوّل كلّ من المعنى الوصفي والتقييمي للمصطلح. بعد أن خيّبت آمالهم أساليب النضال السياسيّ الأخرى، تحوّل بعض الآناركيين [اللاسلطويين] والمنظمات الثورية، ولاحقًا بعض المجوعات القومية، إلى استخدام العنف السياسيّ. خلِصوا إلى أنّ الكلمات وحدها لم تعد كافية، والمطلوب هو أفعالٌ متشدّدة وفجائية بإمكانها أن تضرب قلب النظام السياسيّ والاجتماعيّ الظالم والقمعيّ، وأن تبثّ الخوف والهلعَ بين أنصاره، وتبرهن هشاشته أمام من يضطهدهم، دافعةً إلى الأقصى التغيير السياسيّ والاجتماعي. كانت هذه الأفعال “دعايةً عبر الفعل”، وكان الفعل، بمعظمه، اغتيالاتٍ لمسؤولين ملكيين أو ذوي مناصب حكومية عالية. على عكس سيادة الرُهب اليعقوبيّ الّذي سار بشكلٍ عشوائيّ تقريبًا، فإنّ هذا النوع من الإرهاب، وفق تسمية مؤيديه ومنتقديه، استُخدِمَ، إلى حدٍّ كبير، بطريقةٍ تمييزية جدًا. ينطبق هذا الأمر بالتحديد على المنظمات الثورية الروسية مثل “إرادة الشعب” أو “الحزب الاشتراكي الثوري”: اعتبر هؤلاء أنّ من المبرّر أخلاقيًا اغتيالَ مسؤولٍ حكوميّ فقط في حال كانت مشاركته في النظام القمعيّ خطيرة بما يكفي بحيث يستحق أن يُقتَل، و أنّ بإمكان الاغتيال أن يدفع النضال إلى الأمام. وقد ابتعد عنفهم عن هؤلاء الّذي لم يشاركوا أو يتورّطوا بشكلٍ كافٍ. بعض حالات “الدعاية عبر الفعل” الّتي نفّذها آناركيون فرنسيون وإسبان في ثمانينات وتسعينات القرن التاسع عشر كانت قتلاً عشوائيًا لمواطنين عاديين، ولكنّ ذلك كان الاستثناء وليس القاعدة. وقد زعِم بعض مرتكبي هذه الأفعال وكذلك بعض المتعاطفين معهم أنّ هذه الأعمال كانت، مع ذلك، مشروعة أخلاقيًا، سواء على شكلِ قصاصٍ (لا مفرّ منه بافتراض أنّه لا يوجد أبرياء من بين أعضاء الطبقة الحاكمة) أو كوسائل ضرورية لإسقاط النظامِ الظالم. تبعًا لذلك، لم يكن مصطلح “إرهاب”، كما فهموه، محطَّ استهجانٍ؛ ولكنّ غيرهم استخدموه مع إدانة قاسية لممارساته.

3.1.1 الدولة كإرهابية

إلى حدٍّ كبير، كان الإرهاب الّذي استخدمه كلا الطرفين في الثورة الروسية والحرب الأهلية ارتدادًا إلى إرهاب اليعاقبة. كانت الدولة الّتي أنتجها انتصار البلاشفة دولةً شمولية [توتاليتارية]، وكذلك كان الحكم النازي في ألمانيا. سعى الطرفان إلى فرضِ تحكّمٍ سياسيّ شاملٍ بالمجتمع. لا يمكن لغايةٍ راديكاليةٍ كتلك أن تتحقّق إلاّ بطريقةٍ راديكاليةٍ أيضًا: من طريق إرهابٍ توجّهه شرطةٌ سياسيةٌ كلّية القوّة على سكّانٍ عزّل ومشتّتين. نجحت هذه الطريقة بفضل طابعها التعسّفيّ، واستحالة التنبّوء باختياراتها لضحاياها. في كلا البلدين، قمع النظامُ أولاً كلّ المعارضين، وحين لم يعد للمعارضة أثرٌ حقيقيّ، بدأت الشرطة السياسيّةُ باضطهاد “معارضين فعليين” أو “محتملين”. في الاتّحاد السوفياتيّ، اُطلقت هذه التسميات على ضحايا اختيروا عشوائيًا. الإرهاب الشموليّ هو أقصى أنواع إرهاب الدولة وأكثرها استدامة. وكما قالت حنّة أرندت “فالرُهبُ جوهرُ الهيمنةِ الشموليةِ”، ومعسكرُ الاعتقالِ هو “المؤسّسة المركزية الفعلية للسلطةِ الشمولية المنظّمة” ((Arendt 1958: 464, 438. بينما تحدّث دارسو الشمولية عن الإرهاب كطريقةٍ للحكمِ، فإنّ ممثّلي الأنظمة الشمولية، الحسّاسين من الدلالةِ التحقيريةِ للكلمة، صوّروا هذه الممارسة كدفاعٍ عن الدولةِ بوجهِ الأعداء الداخليين.

ومع ذلك، ليس إرهاب الدولةِ حكرًا على الأنظمةِ الشمولية. لجأت بعضُ الدولِ غير الشمولية إلى الإرهاب ضدّ الأعداء من المدنيين كوسيلةٍ للحرب، بالتحديد عندما قصفَ سلاج الجوّ الملكيّ البريطانيّ والقوّات الجويّة الأمريكية المدنَ الألمانية واليابانية خلال الحرب العالمية الثانية Lackey 2004)). لم يقم هؤلاء الّذين خطّطوا ونفّذوا هذه الحملات بتوصيفها علنًا بأنّها “تفجيرٌ إرهابيّ”، ولكنّهم أشاروا إليها غالبًا بأنّها كذلك في اتصالاتهم الداخلية.

4.1.1 الإرهابيون والمقاتلون من أجل الحرية

بعد ذروة الإرهاب الشموليّ في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، استمرّ إرهاب الدولةِ الداخليّ تمارسه ديكتاتوريات عسكرية في أجزاءٍ عديدةٍ حول العالم، وإن حصل ذلك بطريقةٍ أقلّ استدامة وشيوعًا. ولكنّ الإرهاب الّذي برزَ في النصف الثاني من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين هو ذاك الّذي استخدمته منظمّات متمرّدة. لجأت عدّةُ حركاتِ تحريرٍ وطنيّة من الاستعمار إليه، إمّا كوسيلةً أساسيةً للنضال أو كتكتيكٍ مكمّلٍ لحروب العصابات؛ كذلك فعلت بعض الحركات الانفصالية. رأت بعض المنظمّات المسيّرة بأيديولوجيات متطرّفة، بالأخصّ اليسارية منها، في الإرهاب الـوسيلةَ لمحاولةِ اسقاطِ ما اعتبرته نظامًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا قمعيًا وظالمًا. على نطاقٍ واسعٍ، بدا هذا الصنفُ من الإرهاب عشوائيًا في اختيار أهدافه: فقد هاجم الرجال والنساء مهما كانت وجهات نظرهم السياسيّة (أو غير السياسيّة)، وطبقتهم الاجتماعية ونمطُ حياتهم؛ وسواء أكانوا كبارً أم صغارًا، راشدين أم أطفال. أطلق هذا الصنفُ من الإرهاب النارَ على الناسَ، أو فجّرهم بعبواتٍ مزروعة، في مكاتب المباني، والأسواق، والمقاهي، ودور السينما، وفي أماكن العبادة، أو في الباصاتِ أو الطائراتِ، أو في الأماكن العامّة الأخرى المعرّضة للخطر؛ أيضًا، وعبر خطف الطائراتِ أو بوسائل أخرى، كان يأخذ الناسَ رهائن.

لأنّه اكتسبَ اليومَ معنى تحقيريًا قوّيًا، لا يقم أحدٌ بتسمية أفعاله الخاصّة أو أفعال وحملات من يتعاطف معهم بأنّها “إرهاب”. يصفُ المتمرّدون الّذي يلجؤون إلى الإرهاب أفعالهم كنضالٍ من أجل التحريرِ ويسعَون إلى أن يُعاملوا ويُنظر إليهم كمقاتلين وليس كإرهابيين أو مجرمين. غالبًا ما يصوّرون أعداءهم – الحكومات الأجنبية، أو وكلاء النظام الاجتماعي والسياسيّ والاقتصادي – على إنّهم “الإرهابيون الحقيقيون”. بالنسبة إليهم، لا يكمن مقياسُ الإرهاب في ما عُمِلَ بل بالأحرى في الغاية الأخيرة لهذا العمل. وإذا كانت الغاية الأخيرة هي التحرير أو العدالة، فالعنفُ المستخدم لتحقيق هاتين الغايتين ليس إرهابًا؛ في حين أنّ العنف الّذي يهدف إلى الحفاظِ على القمعِ أو الظلمِ، أو على بعضٍ من “العنفِ البنيويّ” الّذي يجسدّ ذلك، فهو الإرهاب بعينه. على مقلبٍ آخرٍ، تميلُ الحكوماتُ إلى وصمِ كلّ عنفٍ متمرّدٍ بوصمةِ “الإرهاب”. عادةً ما يفترضُ المتحدّثون باسم الحكومات أو الإعلام غير الحكوميّ أنّ الإرهاب هو، بالتعريف، شيءٌ تقوم به به هيئات غير حكومية، وأنّه لا يمكن اتّهام الدولةِ بالإرهاب (على الرغم من قدرتها على رعايةِ منظمّاتٍ إرهابية). بالنسبة إلى هؤلاء، ليسَ مقياسُ الإرهاب في ما عُمِل بل في مَن قام بهذا العمل. فحين تستخدمُ هيئةٌ تابعةٌ للدولةِ العنفَ، يكون ذلك عملاً حربيًا، أو اقتصاصًا أو دفاعًا عن أمنِ هذه الدولةِ ومواطنيها؛ وعندما تقوم مجموعةٌ متمردةٌ بالفعل عينه يكون فعلها إرهاباً. في شروطٍ كهذه، من يظهر كإرهابيّ بعينِ أحدهم سيظهر كمقاتلٍ من أجل الحرية بعينِ أحدٍ آخر، ويجري النقاش العامُ، إلى حدٍّ كبيرٍ، لأغراضٍ متعارضةٍ ويؤدّي إلى قليلٍ من التأثير. إلى هذا اليوم، أحبط نفس الطراز من النسبوية relativism محاولاتِ الأممِ المتحدة اقتراحَ تعريفٍ للإرهاب قد تقبله كلّ الدول ويُدمَج في القانون الدوليّ. قد لا تقبل البلاد الإسلامية تعريفًا يمكنه وصفَ حركات التحرير الوطنيّ في الشرقِ الأوسط وكشمير بأنّها إرهابية، بينما لن تقبل البلاد الغربية تعريفًا يتّهم بالإرهاب هيئات الدولة.

2.1 طابعان جوهريان من الإرهاب ونمطان من التعريف

1.2.1 العنف والرُهب

على نحوٍ كبير، تغيّر المعنى التقييمي للـ “إرهاب” أكثر من مرّة. وهكذا له معناه الوصفيّ ولكن إلى درجة أقلّ. ومهما كانت هذه الكلمة تعني، فإنّ استخدامها الاعتياديّ لأكثر من قرنين دلّ عادةً على أمرين: العنف والترويع (التسبّب بخوفٍ كبير أو رُهبٍ، أي الترهيب). وتعكس ذلك المقاربة المهيمنة للسؤال المفاهيمي في الكتابات الفلسفية. يفهَم الإرهاب عادةً كنوعٍ من العنف. وهذا العنف ليس أعمى أو ساديًا، بل يهدفُ إلى الترويع لأهدافٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ أو دينيةٍ، أو، على نطاقٍ أوسع، إلى الإكراه.

هكذا عرّف بير بون Per Bauhn “الإرهاب” (السياسيّ) في أوّل دراسةٍ بالانكليزيةِ في كتابٍ فلسفيّ:

تنفيذ أعمال عنيفة موجّهة ضدّ شخصٍ واحدٍ أو أكثر، ويتعمّدها الفاعل المنفّذ من أجل ترويع شخصٍ أو أكثر، ومن ثمَّ تحقيقِ هدفٍ أو أكثر من أهدافه السياسيّة (Bauhn 1989: 28) .

ويقدّم كوداي Coady في مقاله عن الإرهاب في موسوعة الأخلاقيات مثلاً آخرًا من التعريفات السائدة:

تكتيكُ الاستهداف المتعمّد لغير المقاتلين [أو لملكيتهم حين ترتبط تحديدًا بالحياةِ والأمن] عبر عنفٍ مميتٍ أو شديدٍ يستهدفُ تحقيق نتائجَ سياسية عبر صناعة الخوف (Coady 2001: 1697).

المثال الآخرُ هو التعريف الّذي اقترحه ايغور بريموراتز Primoratz:

الاستخدام المتعمّد للعنف، أو التهديد باستخدامه، ضدّ أبرياءٍ، بهدفِ ترويع بعض الأشخاصِ الآخرين في مسارٍ من الفعلِ لا يتّخذونه لولا ذلك (Primoratz 2013: 24)  .

تُهمِل هذه التعريفات كلّا من مسألة الفاعل ومسألة غاياته القصوى، وتركّز على الفعل وعلى الهدف المباشر لذلك. وتمثّل الإرهاب كطريقةٍ من الفعل يمكن لفاعلين مختلفين القيام به ويخدمون غاياتٍ قصوى متنوّعة (سياسية في الغالب، ولكن ربّما ليست كلّها كذلك). ويمكن لهذا الفعل أن تتوسّله الدوَل أو الوكلاء غير الدولتيين، وقد يعزّر التحرير الوطني أو القمع، والقضايا الثورية أو المحافظة (ومن الممكن أن يسعى لتحقيق بعض الأهداف غير السياسيّة أيضًا). يمكن للمرء أن يكون إرهابيًا و مقاتلاً من أجل الحرية، فالإرهاب لا يحتكره أعداء الحرية. ويمكن للمرء أن يتقلّد منصبًا حكوميًا أو عسكريًا رفيع المستوى و يخطّط لحملةٍ إرهابيةٍ أو ينفّذها؛ فالإرهاب ليس حكرًا على المتمرّدين. على هذا النحو، يمكن تجاوز الكثير من النسبوية بخصوص من هو الإرهابي ومن هو ليس كذلك، هذه النسبوية الّتي ابتليَ بها النقاش العام المعاصر (راجع 1.1.4 أعلاه).

فيما يتعدّى الموافقة على أنّ العنفَ والترويع هما لبّ الإرهاب، فإنّ التعريفات أعلاه تختلف من عدّة جوانب: فهل أنّ العنفَ الحاصل هو ما يؤخذ بالاعتبار أم أن التهديدات بالعنفِ مؤهلة لذلك أيضًا؟ هل يجب على العنف الإرهابي أن يكون ذاك الّذي يستهدف الحياةَ والأطراف البشرية أم يجب أيضًا اعتبار العنف الموجّه ضدّ (بعض) الأملاك؟ وهل يسعى الإرهاب دومًا إلى بلوغِ بعض الأهداف السياسيّة أم أنّ هناك إرهابا يمكنه أن يكون لا – سياسيًا (إجراميًا على سبيل المثال)؟ كلّ هذه النقاط ثانوية. ويوجد أيضًا اختلافٌ رئيسيّ: بينما يعرّف كوداي وبريموراتز الإرهاب على إنّه عنفٌ ضدّ غير المقاتلين أو الأبرياء من الناس، على التوالي، لا يتضمّن تعريفُ بون مثل هذه القيود. يمكن أن تسمّى التعريفات من النوع الأول بأنّها “ضيّقة”، ومن النوع الثاني بأنّها “واسعة”. يزخرُ الأدب الفلسفيّ عن الإرهاب بأمثلةٍ من كلا النوعين.

1.2.2 التعريفات الواسعة والضيقة للإرهاب

هل يجب أن نتبنّى تعريفًا واسعًا أم ضيّقًا؟ يشملُ تعريفٌ واسعٌ على كامل تاريخ “الإرهاب” منذ اليعقوبيين إلى الوقت الحاضر، وهو أكثر انسجامًا مع الاستخدام المعتاد الحاليّ. ينحرفُ تعريفٌ ضيّقٌ عن الاستخدام المعتادِ بحصرهِ العنف الإرهابيّ بذاك الموجّه ضدّ غير المقاتلين أو الأبرياء. ولذلك، يُهمِلُ معظمَ “الدعاية عبر الفعل” في القرن التاسع عشر والعنفَ السياسيّ الّذي ارتكبه الثوريون الروس والّذين أطلقوا عليه بأنفسهم، كما الجمهور، تسمية إرهاب.

لهذه الأسباب، عادةً ما يستخدم مؤرّخو الإرهاب التعريفَ الواسع، وغالبًا أيضًا العلماء الاجتماعيون. ولكن قد يفضّل الفلاسفةُ تعريفًا ضيّقًا، فهم يركّزون على المكانة الأخلاقيةِ للإرهاب ويحتاجون تعريفًا يفيد بشكلٍ خاصّ في الخطاب الأخلاقي. من ناحيةٍ أخلاقيةٍ، لا بد من وجودِ اختلافٍ – وللبعض هو عالمٌ من الاختلاف – بين زرع متفجّرةٍ في مبنى حكوميّ وقتلِ عددٍ من المسؤوليين رفيعي المستوى في حكومةٍ ظالمةٍ وقمعية (كما يعتبر البعض)، وزرع متفجّرةٍ في مقهى وقتلِ مجموعةٍ عشوائيةٍ من عامةِ المواطنين، بمن فيهم الأطفال. بينما يثيرُ الفعلان مسائل أخلاقيةً جدّية، فإنّ هذه ليست متماثلة، ومن المرجّح أنّ التعامل معهما وفق نفس الخانة من “الإرهاب” سيعيق، غالبًا، التقييم الأخلاقي بدلاً من أن يميّزه ويساعده.

التعريفاتُ الضيّقةُ تنقيحيةٌ revisionary، ولكنّها (وعلى عكس تلك الّتي سُتناقَش في القسم التالي) ليست كذلك إلى حدٍّ غير معقول؛ فهي تركّز على سماتِ الإرهاب الّتي تجعل معظمنا ينظر إليها على أرضِ الواقع بامتعاضٍ أخلاقيٍّ عميقٍ: 1 العنف 2 ضدّ غير المقاتلين (أو، بدلاً من ذلك، الأبرياء من الناس) بهدف 3 الترويع (و، في بعضِ التعريفاتِ، بهدفِ 4 الإكراه). بتلسيطِها الضوءِ على 2، تربطُ مسألة الإرهاب بأخلاقياتِ الحربِ وبأحد المبادئ الأساسية لنظرية الحربِ العادلة، ألا وهي حصانةِ غير المقاتلين. تساعدُ هذه التعريفاتُ بتمييز الإرهاب عن أعمال الحرب الخاصّة وعن الاغتيال السياسيّ وهما لا يستهدفان المواطنين العاديين أو غير المقاتلين. لا يهمّ كثيرًا ما إذا وُصِف ضحايا الإرهاب بأنّهم “غير مقاتلين” أو “أناس أبرياء” باعتبار أنّ كلا المصطلحين يُستخدمان هنا بمعنى تقنيّ، وكلاهما يحيل إلى هؤلاء الّذين لم يفقدوا حصانتهم ضدّ العنف المميت أو الأشكال القصوى منه وذلك بالتورّط المباشر فيه، أو بتحمّل مسؤوليةٍ كبيرة عن (ما يعتبره الإرهابيون) ظلمًا لا يُطاق أو قمعًا. في الحربِ، هم مدنيون أبرياء، وفي صراعٍ عنيفٍ لا يرقى إلى مستوى الحرب، هم مواطنون عاديون.

يطرحُ الحديث عن تورّط الأفراد والمجموعات في الظلمِ والقمعِ السؤال التالي: هل يتحدّد الظلم أو القمعُ، وكذلك موقف هؤلاء المتورّطين فيه، وفق بعض المعايير الموضوعية أم من وجهةِ نظرِ من يلجأ إلى العنف؟ يختار كوداي الخيارَ الأول، فهو يُقارب الإرهاب من وجهةِ نظرية الحرب العادلة ومبدأ حصانة غير المقاتلين. “المقاتلون” مصطلحٌ تقنيّ يشير إلى مرتكبي العدوان، أو بشكلٍ أوسع، إلى “المذنبين الخطيرين” أو “القائمين بالأذى”؛ فهؤلاء أهدافٌ مشروعة للعنفِ المميت. كلُّ الآخرين هم من غير المقاتلين، ويتمتعون بحصانةٍ ضدّ عنفٍ مماثل (Coady 2004). قد لا يصعُب تطبيق هذه النظرية في الحرب حيث الخطأ أو الضرر المعني إمّا يكون عدوانًا يجب صدّه، أو انتهاكاتٍ منهجية وواسعة النطاق لـ حقوق الانسان تتيح الأساس لتدخّل إنسانيّ. ومع ذلك، فإنّ قضايا الظلمِ أو القمعِ الّذي تظهر في الصّراعات المحلية الّتي لا ترتقي إلى مستوى الحرب، تميلُ إلى تكون مثيرة للخلاف: فما يعتبره البعض نظامًا سياسيًا واجتماعيًا منقوصًا ولكنّه مشروع أخلاقيًا، قد يراه آخرون مثالاً على الظلمِ والقمع يجب إسقاطه، بالعنفِ إذا لزم الأمر. في ظروفٍ كهذه، حين يُقتَل مسؤولٌ أمنيّ رفيع المستوى على يد متمردين، قد يصف (ويدين) كثيرون هذا الفعل بأنّه عملٌ إرهابيّ، بينما سيرفض المتمردون والمتعاطفون مع نضالهم هذا التوصيف، ويصوّرون (ويبررون) القتلَ كاغتيالٍ سياسيّ.

من أجل تجنّب هذا النوع من النسبية، يطرح بريموراتز وجهة نظر تأخذ بالاعتبار وجهة نظر الإرهابي في جانبٍ من الجوانب الهامّة. إن الضحايا المباشرين للإرهاب أبرياءٌ بمعنى أنهم ليسوا مسؤولين، على أساس أيّ فهمٍ معقولٍ للمسؤولية والقابلية liability، عن الظلم أو القمع الذي يحاربه الإرهابيون – فهم ليسوا مسؤولين على الإطلاق، أو على الأقل ليسوا مسؤولين إلى الدرجة التي تجعلهم، بناءً عليه، عرضةً للقتل أو التشويه. يجب على الظلم أو القهر المعنيّ ألاّ يكون حقيقياً؛ فقد يكون مجرد مزاعم (من قبل الإرهابيين). يكفي كون المرءِ مسؤولاً عن مجرد ظلم أو قمع كبير مزعوم ليفقد حصانته ضد العنف، بقدر ما يكون نوع الحصانة والبراءة وثيق الصلةِ بتعريف الإرهاب المعنيّ. وفقًا للنسخة التقليدية لنظرية الحرب العادلة، لا يفقد المرء الحصانة ضد أعمال الحرب فقط من خلال القتال في حرب غير عادلة، ولكن حين يقاتل في أيّ حرب. وبالمثل، لا يفقد المرء الحصانة ضد العنف السياسيّ فقط عند تولّيه مناصب في حكومةٍ ظالمةٍ بشكلٍ خطير أو عند تنفيذ سياساتها، ولكن عند تولّيه منصبًا أو عند تنفيذه سياسات أيّ حكومة كانت. وكما قال الملك أمبرتو الأول، ملك إيطاليا، بعد نجاته من محاولة اغتيال، فإنّ لكلّ منصبٍ مخاطره. لا يُعتبر أعضاء هاتين الفئتين [متولّي المنصاب] أبرياء ولا تجري حمايتهم أخلاقياً من العنف من قبل من يهاجمهم، إذ يعتبر هؤلاء الأخيرون أعمالهم، على التوالي، بمثابة أعمال حرب صائبة أو اغتيالٍ سياسي. إذا أقرّ الإرهابيون بوجهة نظر معقولةٍ للمسؤولية والقابلية، فإنّهم حين يهاجمون المواطنين العاديين، فهم يهاجمون الأشخاص الأبرياء من وجهة نظرهم، أي الأبرياء حتى لو اعترفنا للإرهابيين بتقييمهم للسياسات موضوع النقاش. (هذا لا يعني أن أولئك الذين يعتبرون الحكومة ظالمة بشكلٍ خطير لديهم إجازة أخلاقية لقتل مسؤوليها، ولكن فقط إذا فعلوا ذلك، فلن يكون عملهم إرهابا، بل اغتيالًا سياسيًا. ما يزال بإمكاننا إدانةِ أفعالهم إذا رفضنا حكمهم على السياسات موضوع النقاش، أو إذا قبلنا هذا الحكم، ولكننا نعتقد أنّه كان ينبغي أن يعارضوا تلك السياسات بوسائل غير عنيفة؛ لكننا لن ندين أفعالهم بصفتها إرهابا).

من هذا المنطلق، ليس الظلم أو القهر الواقعي هو ما يهمّ فقط في تحديد براءة الضحايا وتقرير الأعمال التي تُعتبر أعمالًا إرهابية، بل ذاك المزعوم أيضًا؛ وهكذا، فإنّ قراراتٍ كهذه ليست رهينةَ مناقشات لا تنتهي عن الوضع الأخلاقي للسياسات المتنازع عليها. ومع ذلك، تبقى بقايا من النسبية. يفترض التقديرُ مسبقًا فهمًا معينًا للمسؤولية والقابلية: يكون الشخص مسؤولاً عن واقعةٍ ما فقط عندما يكون فعله أو إغفاله طوعيًا، أي حرًا ومبنيًا على معرفةٍ، وذا صلة قوية بما فيه الكفاية مع تلك الواقعة، ومن ثمَّ يصبح هذا الشخصُ عرضة [قابلاً] لبعض ردّاتِ الفعلِ الوخيمةِ تناسبيًا. شريطة قبول الإرهابيين بمثل هذا الفهم للمسؤولية والقابلية، فإنهم يقتلون ويشوّهون الناس الّذين يجب أن يعترفوا بأنهم أبرياء. من المؤكد أنّ بعض التنظيمات المناضلة تلجأ إلى العنف الذي نعتبره إرهابياً، ومع ذلك تحتّج على هذا النعت؛ فهي تعتنقُ رؤيةً للمسؤولية والقابليةِ تستندُ إلى صلات متباعدةٍ جدًا بين الوقائع والخيارات والإجراءات البشرية، وتجادل بأنّ طبقاتٍ اجتماعيةٍ أو حتّى أممًا بأكملها مسؤولةٌ عن سياساتٍ وممارساتٍ معينة، وأنّ جميع أعضائها معرّضون لهجوم عنيف مميت (للمزيد، انظر 2.1 أدناه). لا يمكن لحججٍ شبيهةٍ إلا أن تكون غير معقولة. يجب أن نشدّد على اعتبار أفعالهم إرهابيةً رغم رفضهم هذا الوصف. وليس من الواضح كيف يمكننا إزالة بقايا النسبية هذه (Primoratz 2013: 16–21).

يعترض البعضُ على تعريف “الإرهاب” بأنّه عنفٌ ضدّ غير المقاتلين أو الأشخاص الأبرياء. ويجادلون بأن القيام بذلك ينسجم ومسألة طبيعة الإرهاب ووضعه الأخلاقي، ويسلّمون بالقضية الأخلاقية الّتي تجعل من الإرهاب غير مبرر بحكم التعريف. بدلاً من ذلك يجب أن نفصل بين هذه الأسئلة، وأن نحرص على ألاّ نحكم مسبقًا على الأخير بتقديمٍ إجابة خاطئة على الأول. ما نحتاجه هو تعريف محايد أخلاقياً للإرهاب، وهذا يعني تعريفًا واسعًا (Corlett 2003: 114–20، 134–35؛ Young 2004: 57). لكن من المشكوك فيه أنّ “الإرهاب” يمكن تعريفه بطريقة غير مشوبة أخلاقياً. تتضمن التعريفات الواسعة التي يتبناها هؤلاء الفلاسفة كلمة “عنف”، وهي نفسها مشحونة أخلاقياً. ليس التعريف الضيّق محايدًا تمامًا من الناحية الأخلاقية، فالعنف ضدّ الأبرياء هو وبوضوحٍ آثمٌ أخلاقيًا. لكن ما هو واضح هو أنّ مثل هذا العنف آثمٌ مبدئيًا prima facie . يتضمن التعريف افتراضًا عامًا ضدّ الإرهاب، وليس إدانته الأخلاقية الشاملة في كلّ حالة، مهما كانت الظروف ومهما كانت عواقب الاحجام عنه. لا يستبعد التعريفُ أنّه في ظروف معينة قد لا يكون الإرهاب آثمًا، إذا أخذنا كلّ الأشياء بالاعتبار. التفحّص الأخلاقي ليس ممتنعًا: لا تزال قضية محدّدة من قضايا الإرهاب بحاجة إلى أن يُحكَم عليها وفقًا لحيثياتها.

يقدّم غيورغ مكلي Georg Meggle طريقةً أخرى لتسوية قضية التعريف الواسع مقابل التعريف الضيّق. يتبنى مكلي تعريفاً واسعاً للإرهاب، ويمضي مميّزًا بين نوعين مختلفين: الإرهاب بالمعنى القويّ وهو الذي يؤذي الأبرياء عمداً أو بتهوّر أو إهمالٍ، والإرهاب بالمعنى الضعيف الذي لا يفعل ذلك. من الواضح أنّ التقييم الأخلاقي لهذين النوعين من الإرهاب سيكون شديد الاختلاف (Meggle 2005).

3.2.1 بعضُ التعريفات التمييزية

إن الغالبية العظمى من الحالات الّتي قد يرغب تقريبًا أيُّ شخص، ليست لديه أهدافٌ خفية، في تصنيفها كـ “إرهاب” تُظهر السمتين المتضمنتين في الاستخدام العادي وفيما أبرزته التعريفات الفلسفية السائدة مثل تلك المقتبسة أعلاه: العنف والترويع. لكنّ الأعمال الفلسفية تقدّم أيضًا تعريفاتٍ تتجاهل مكوّنًا أو آخرًا من المكونات الأساسية.

يسعى البعض إلى بتر الصلة بين الإرهاب والعنف. يعرف كارل ويلمان Wellman الإرهاب بأنّه “استخدام أو محاولة استخدام الرُهب كوسيلة للإكراه”. غالبًا ما يرتبط الإرهاب بالعنف، ولكنّ هذا لأنّ العنف وسيلةٌ فعّالة جدًا للترويع. ومع ذلك، فإنّ “العنف ليس ضروريًا للإرهاب، وفي الواقع، فإنّ معظم أعمال الإرهاب غيرُ عنيفة” (Wellman 1979: 250–51) يبدو الادّعاء الأخير خاطئًا في أي تأويلٍ غير تعميميّ. قد يوجدُ العديد من الأعمال التي تعتبر بشكل عام إرهابية ولكن لا تنطوي على عنفٍ فعليّ، بل يُقصد بها الترويع من طريق التهديد؛ لكنّ هذا لا يكفي لدعم فكرة “الإرهاب اللاعنفي” التي تبدو غريبة. وكذلك الحال بالنسبة لمثال ويلمان عن “الإرهاب في الفصل الدراسي”: يهدّد أستاذٌ الطلابَ الذين يقدمون مقالاتهم بعد الموعد المحدّد بترسيبهم، ما يتسبّب بحالةٍ من الذعر في الفصل، وبالتالي يتورّط [هذا الاستاذ] في الإرهاب.

يقدم روبرت إ. جودين Robert E. Goodin تفسيرًا مشابهًا، إذ يشدّد على الدور السياسيّ للإرهاب: فهو “تكتيكٌ سياسيّ يتضمّن التخويف المتعمّد للناس من أجل تحقيق مكاسب سياسية” (Goodin 2006: 49) وهو يدّعي بأنّ هذا هو الاثمُ المميّز الذي يرتكبه الإرهابيون. وبينما، ووفقًا لرواية ويلمان، يمكن للمرء ارتكاب عملٍ إرهابيّ دون الانخراط في العنف أو التهديد به، بل فقط من خلال التهديد من أجل الترويع، فإنّ المرءَ وفقًا لجودين، لا يحتاج حتّى إلى التهديد: إذ يرتكبُ الفرد عملاً إرهابيًا لمجرد تنبيهه إلى تصرفات الآخرين بقصد الترويع. هذا ما يبدو أيضًا تعسفيًا، على الرغم من كونه معقولاً كخطوةٍ في حجّةٍ تهدف إلى إظهار أنه “إذا (أو بقدر ما) كان القادة السياسيّون الغربيون يعتزمون تخويف الناس من أجل مصلحتهم السياسيّة، فـ عندئذ (وإلى ذلك القدر) يرتكبون نفس الاثم الأساسيّ المرتبط بشكل مميّز بالإرهاب” (Goodin 2006: 2) .

كذلك، اقتُرِحَ بأنّ الإرهاب لا يجب أن يُفهم على أنه يثير الرُهب أو الخوف. ووفقًا لما قاله تيد هونديريتش Ted Honderich، فإن أفضل تعريف للإرهاب هو أنّه “عنفٌ، لم يبلغَ مستوى الحرب، سياسيّ، وغير شرعيّ، وآثمٌ للوهلة الأولى” (Honderich 2006: 88) قد يُرى هذا التعريف إشكاليًا من عدة نواحٍ، لكنّ فكرة “الإرهاب” من دون “الرُهبٍ” تبدو مستغربةً بشكل خاص، فكلاهما يرتبطان اشتقاقيًا [ايتمولوجيًا] وتاريخيًا، وهذا الارتباط متجذر بعمق في الاستخدام العاديّ الحالي. ليس الترويعُ السمة الأخلاقية الملحوظة للإرهاب (بالإذن من غودين)، بل إحدى سماته الأساسية التي تجعل معظمنا يدين هذه الممارسة. قد نفكر في قطع هذا الارتباط إذا قدّم هوندريتش تعليلاً جيدًا للقيام بذلك، لكنّه يدعم تعريفه التنقيحيّ للغاية من طريق الادّعاء المحيّر القائل بأنّ تعريف الإرهاب كعنفٍ يقصدُ الترويع معناه الإيحاء بأنّ الإرهاب ممقوتٌ بشكلٍ خاصّ، ومن ثمَّ “… يدعو، فعليًا، إلى نوع من التأييد المبدئي للحرب أو إلى التسامح معها” (Honderich 2006: 93).

2. المسألة الأخلاقية

هل يمكن تبرير الإرهاب أخلاقياً؟ لا توجد إجابة واحدة على هذا السؤال، إذ لا يوجد تصورٌ واحد لماهية الإرهاب. إذا وضعنا جانبًا التعريفات التي تبتعد كثيرًا، وبدون سبب مقنع، عن المعنى الأساسيّ “للإرهاب” (مثل تلك المذكورة في 1.2.3)، فلا يزال يتعين علينا أن نقرر ما إذا كان السؤال يفترض فهمًا واسعًا للإرهاب أو ضيّقًا. يبدو أن المفهوم الضيّق للإرهاب هو الأنسب للتحقيق الأخلاقي (1.2.2). علاوة على ذلك، يرى الفلاسفة الّذين يعملون بتعريفٍ واسعٍ أنّ الإرهاب الذي يستهدف غير المحاربين أو الأبرياء يصعب تبريره أكثر من الإرهاب “الانتقائي” الّذي يهاجم فقط أولئك الذين لا يستطيعون ادعاء براءتهم من الظلم أو القمع (ومن ثمَّ لا يُعتبَر “إرهابا” وفق التعريف الضيّق للمصطلح). ولذلك، ستركز المناقشة الحالية على الإرهاب الذي يُفهم على أنّه عنفٌ ضد المدنيين الأبرياء أو المواطنين العاديين، ويُقصَد به الترويع، وبذلك، يحقّقُ هدفًا (سياسيًا) إضافيًا أو، على وجهٍ أعمّ، يقوم بالإكراه.

قد يحاول المرء تبرير بعض أعمالِ وحمَلاتِ العنفِ هذا بطريقتين: يمكنه أن يجادل بأنّ الضحايا قد يكونون غير مقاتلين أو مواطنين عاديين، لكنّهم مع ذلك ليسوا أبرياء من الآثام التي يحاربها الإرهابيون. بدلاً من ذلك، يمكن للمرء أن يعترف ببراءة الضحايا، ومع ذلك، يجادل بأنّ الهجمات عليهم مبررة، إما لحصيلتها الاجمالية، أو من لبعض الاعتبارات الواجبية deontological .

1.2 تورّط الضحايا

إذا كانت الحجّة السابقة ناجحة، فهل تبرهن أكثر من اللازم؟ بإظهار أنّ حالةً من العنف كانت مبررة لأنّ المستهدفين لم يكونوا أبرياء حقًا، سنكون قد أظهرنا أنّ فعل أو حملة العنف المعنيّ لم تكن في الواقع حالةَ إرهاب. قد يكون هذا مجرّد مسألة دلالات. يوجدُ اعتراض أكثرُ إفسادًا بكثير: العمل الإرهابي هو، وعلى نحوٍ مميّز، قتل أو إصابة مجموعةٍ عشوائيةٍ من الأشخاص الذين تصادف وجودهم في مكانٍ معين في وقتٍ معين. هكذا، سيكون للحجج التي تفيد بأنّ هؤلاء الأشخاص ليسوا أبرياء من الآثام التي يحاربها الإرهابيون نطاقٌ واسع جدًا، ومن ثمَّ ستستند إلى بعض المفاهيم التبسيطية عن المسؤولية الجماعية. ستكون هذه الحجج من النوع الذي قدمه، على سبيل المثال، إميل هنري Emile Henry ، اللاسلطوي [الآناركي] من القرن التاسع عشر. زرع هنري قنبلةً في مكتب شركة تعدينٍ كان تفجيرها سيودي بقتل أو إصابةِ عددٍ من الأشخاص الذين لا يعملون في الشركة، لكنهم يسكنون نفس المبنى. كما قام بزرع قنبلةٍ في مقهى، وقد انفجرت بالفعل، ما أدى إلى إصابة عشرين شخصًا، توفي أحدهم لاحقًا متأثرًا بجراحه. أوضح هنري أثناء محاكمته: “وماذا عن الضحايا الأبرياء؟ […] كان المبنى الذي توجد فيه مكاتب شركة Carmeaux يسكنه البرجوازيون فقط. ومن ثمّ، لن يكون هناك ضحايا أبرياء. تعيش البرجوازية كلّها على استغلال التعساء، ويجب أن تكفّر عن مجموع جرائمها” (Henry 1977: 193) . وفي تعليقه على الهجوم الثاني، أفاد هنري:

هؤلاء البرجوازيون الطيبون الذين لا يشغلون منصبًا ولكنهم يجنون أرباحهم ويعيشون بلا اكتراث على حساب كدّ العمال، يجب أيضًا أن ينالوا نصيبهم من الأعمال الانتقامية. وليسوا هم وحدهم، بل أيضًا كلّ أولئك اّلذين يرتاحون للنظام القائم، والذين يصفقون لأعمال الحكومة، وعلى هذا النحو، يتواطؤون معها... بعبارة أخرى، العملاء اليوميون لمقهى  Terminus وغيرها من المقاهي الرائعة! (Henry 1977: 195)

وجهةُ النظر هذه عن المسؤولية والقابلية غير معقولة تمامًا؛ فهي تدّعي أنّ جميع أفراد الطبقة الاجتماعية – رجالًا ونساء، شبّانًا وعجائز، راشدين وأطفالًا – قابلون للقتل أو التشويه: بعضهم بسبب تشغيله نظام الاستغلال، والبعض الآخر لأنّه يدعمه، أو بسبب استفادته منه. حتى لو أيّدنا، على سبيل الجدل، إدانة اللاسلطويين الأخلاقية القاسية للمجتمع الرأسمالي، فليس كل نوع ودرجة من التورّط فيه يمكن أن يبرر استخدام العنف الأقصى. قد يكون تقديم الدعم السياسيّ للنظام، أو الاستفادة منه، أمرًا مرفوضًا من الناحية الأخلاقية، ولكنّه بالتأكيد ليس كافيًا لجعل المرء قابلاً للقتل.

مثال آخر أكثر حداثة قدّمه أسامة بن لادن. قال في مقابلة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر / أيلول 2001:

يجب أن يتذكر الشعب الأمريكي أنّه يدفع الضرائب لحكومته وأّنه صوّت لرئيسه. حكومته تصنع الأسلحة وتوفرها للاسرائيليين، وهؤلاء يتستخدمونها لقتل المسلمين الفلسطينيين. بالنظر إلى أنّ الكونجرس الأمريكي هو لجنة تمّثل الشعب، فإنّ واقعة موافقته على تصرفات الحكومة الأمريكية تثبت أنّ أمريكا بأكملها تتحمّل مسؤولية الفظائع التي ترتكبها ضد المسلمين (Bin Laden 2005: 140–141) .

هذا أيضًا فهم غير معقول تمامًا للمسؤولية والقابلية، ذلك لأنّه يدّعي بأنّ كلَّ الأمريكيين مستحَقون القتلَ أو التشويه: البعض بسبب وضعهم السياسات الأمريكية وتنفيذها، والبعض الآخر بفعل مشاركته في العملية السياسيّة، والآخرين لأنّهم يدفعون الضرائب. حتى لو سّلمنا، جدلاً، بإدانة بن لادن الشديدة لتلك السياسات، فليس كلّ نوع ودرجة من المشاركة معها يمكنهما تبرير استخدام العنف المميت. من المؤكّد أنّ التصويت في الانتخابات أو دفع الضرائب لا يكفيان كذريعة.

تبدو محاولات تبرير الإرهاب التي تقرّ بأنّ ضحاياه أبرياء واعدةً أكثر. تنقسم هذه المحاولات إلى مجموعتين، اعتمادًا على نوع النظرية الأخلاقية التي تستند إليها.

2.2 العواقبية

يحكم أتباع العواقبية على الإرهاب، مثل أيّ ممارسة أخرى، بعواقبه فقط. لا يعتبر الإرهاب إثمًا في حدّ ذاته، ولكن فقط إذا كانت عواقبه وخيمة إجمالاً. براءة الضحايا لا تغير ذلك. هذا مثال على السّمة العامة للعواقبية التي غالبًا ما أبرزها نقادها، على سبيل المثال في الجدل حول التبرير الأخلاقي للعقاب القانوني. كان الاعتراض الاعتياديّ على المقاربة العواقبية للعقاب في أنّها تقتضي أنّ لمعاقبة الأبرياء ما يبررها عندما تكون عواقبها جيدة إجمالاً. لا يمكن لهذا الاعتراض أن يصيب الهدف إلا لأنّ العواقبية تنكر أنّ لبراءة الشخص في مثل هذه الأمور أهميةٌ أخلاقية في حدّ ذاتها.

أولئك الذين يلحظون الإرهاب من وجهة نظر عواقبيةٍ يختلفون في تقييمهم لأخلاقياته. يعتمد حكمهم على الإرهاب على رؤيتهم للصالح الذي يجب تعزيزه من خلال استخدامه، وعلى تقييمهم لفائدة الإرهاب كوسيلة للتعزيز. يوجد مجال للخلاف بخصوص كلتا المسألتين.

1.2.2 إرهاب مبرّرٌ

يقاربُ كاي نيلسن Kai Nielsen الأسئلة المتعلقة بالعنف السياسيّ بشكل عام، وبالإرهاب بشكل خاص، كعواقبيٍّ في الأخلاق واشتراكيٍّ في السياسة. لا يمكن استبعاد استخدام أيٍّ منهما بشكل قاطع؛ فكلُّ هذا يتوقف على فائدتهما كوسيلة لتحقيق أهداف جديرة بالاهتمام أخلاقياً وسياسياً، مثل “مجتمع اشتراكي حقيقي” أو التحرر من الحكم الاستعماري. ” متى وأين يجب استخدام [أي منهما] هو سؤال تكتيكي يجب تحديده … على أساس كلّ حالة على حدة … مثل اختيار السلاح في الحرب” (Nielsen 1981: 435). لدى نيلسن تعريفٌ واسع للإرهاب، لكنّ الأمثلة التي قدّمها تظهر أنّ براءة ضحايا الإرهاب لا تصنعُ فرقًا في تبريره – أي تنطبقُ استنتاجاته على الإرهاب بالمعنى الواسع والضيّق أيضًا. وفي رأيه:

 يجب تبرير الأعمال الإرهابية بآثارها السياسيّة ونتائجها الأخلاقية. يكون لها ما يبررها (1) عندما تكون أسلحة فعالة سياسيًا في النضال الثوري و (2) عندما توجدُ أسبابٌ وجيهة للإيمانِ بأنّ في استخدام هذا النوع من العنف بدلاً من عدم استخدام عنفٍ على الإطلاق، أو أيّ عنفٍ آخر، سيتوفرُّ قدرٌ أقلّ من الظلم والمعاناة والانحطاط في العالم ممّا كان يمكن أن يكون الحال عليه (Nielsen 1981: 446).

تخبرنا التجربة التاريخية، من وجهة نظر نيلسن، أن الإرهاب على نطاق صغير، وحين يُستخدم كأسلوب وحيد للنضال من أجل تحريض الجماهير على العمل الثوري، لا يكون فعّالاً، وغالباً ما يؤدّي إلى نتائج عكسية. من ناحية أخرى، فالإرهاب المستخدم بالاقتران مع حرب عصاباتٍ في حرب التحرير المطولة قد يكون مفيدًا، ومن ثمّ مبررًا أيضًا، كما حدث في الجزائر وجنوب فيتنام. (للحصول على بيان سابق من نفس الرأي، انظر Trotsky 1961: 48-59 ، 62-65).

2.2.2 إرهاب غير مبرّرٍ

يستخدم نيكولاس فوشن Nicholas Fotion أيضًا تعريفًا واسعًا للإرهاب. وهو أيضًا عواقبيّ (على الرغم من أنّ بعض ملاحظاته المتعلقة ببراءة العديد من ضحايا الإرهاب قد تكون مرتبطةً أكثر بالأخلاقيات اللاعواقبية)، لكنّه يجد التقييمات العواقبية النموذجية للإرهاب مثل تقييمات نيلسن متساهلةً للغاية. إذا كانت بعض أنواع الإرهاب مبرّرةً في ظروفٍ معينة، فإنّ ظروفًا كهذه ستكون نادرة جدًّا. لا يقوم الإرهابيون والمدافعون عنهم بالحسابات المطلوبة على نحوٍ صحيح. تتمثّل إحدى المشكلات في “الصالح الأعلى” الذي يروّج له الإرهاب: في أغلب الأحيان، يُعرَّف بمصطلحات أيديولوجيةٍ بدلاً من اشتقاقه من تفضيلات أو مصالح راسخة لأشخاص فعليين. لكن على نحوٍ أوسع، يناقش فوشن مسألة الوسائل. إذا كان لا بدّ من تبرير عمل إرهابيّ أو حملة إرهابية بطريقة فعاّلة، فيجب إثبات (1) أنّ الغاية المنشودة جيّدة بما يكفي لتبرير الوسائل، (2) وأنّ الغاية ستتحقّق بالفعل من طريق الإرهاب، و (3) أنّ الغاية لا يمكن أن تتحقق بأيّ طريقة أخرى تكون أخلاقية، ومن نواحٍ أخر غير مكلفة. في واقع الأمر، لا يفشل الإرهابيون في التخلّص من هذا العبء فقط، بل، وكما يجادل فوشن، لا يمكن التخلّص من عبء الإرهاب الذي بضّحي بالأبرياء أيضًا. في الواقع، يجري التعامل مع جميع الضحايا المباشرين للإرهاب على إنّهم أشياء يستخدمها الإرهابيون، لكن:

في معاملته كشيء، يكون الضحية البريء أسوأ حالًا من الضحية (المزعومة) المذنب. وبقدر ما يُحكم على هذا الأخير بأّنه قد ارتكب إثمًا، ولكن يُنظر إليه كإنسان. [...] بالنسبة للإرهابي، فإن الضحية البريئة ليست إنسانًا بهذا المعنى القضائي، ولا إنسانًا بمعنى أنّ له قيمة كإنسان. بالطبع، يحتاج الإرهابي إلى اختيار إنسان كضحيةٍ ... لأنّ [ذلك] يسبب المزيد من الرُهبِ ... لكنّ هذا لا ينطوي على معاملة [الضحايا] كبشر. بدلاً من ذلك، يُضحّى بهم، وبذلك، يُعامَلون كأشياء لأنهم بشر (Fotion 1981: 464).

ردًّا على ذلك، يمكن للإرهابيين الزعمَ بأنّهم يضحون عمدًا بالبشر القيّمين من أجل خيرٍ أعلى. لكن، ولكي يكون هذا الزعمُ مقنعًا، يجب أن يثبتوا أنهم يفتقرون إلى بديلٍ عنه. ومع ذلك، يقول فوشن، لديهم دائمًا البديل المتمثّل في مهاجمة المؤسسة العسكرية للخصم، وغالبًا ما يكون لديهم أيضًا خيار ملاحقة المسؤولين الحكوميين المسؤولين عن الأخطاء التي يعترضون عليها، بدلاً من مهاجمة الأبرياء. قد يكون هذا النوع [الأخير] من الإرهاب مبررًا في بعض الأحيان، في حين لا يمكن البتّة تبرير الإرهاب الذي يستهدف الأبرياء.

2.3 اللاعواقبية

في إطار مقاربةٍ لاعواقبية للأخلاقيات، يُعتبر الإرهاب إثمًا في حدّ ذاته، بسبب ما هو عليه، وليس لأنّ (وبقدر ما تكون) عواقبه سيّئة بالمجملِ فقط. لكنّ هذا لا يعني أنّ هذه المقاربة لا تترك مجالًا لأيّ تبرير، أخلاقيًا، لأعمالٍ أو حملاتٍ إرهابية معينة. في الواقع، تقدم أيضًا المناقشات اللاعواقبية للإرهاب مجموعة من المواقف والحجج.

قد يحاول اللاعواقبيُّ تبريرَ عملٍ أو حملةٍ إرهابية بإحدى الطريقتين: فقد يتذرع ببعض الاعتبارات الأخلاقية، مثل العدالة أو الحقوق، لصالح اللّجوء إلى الإرهاب في ظروف معينة. بدلاً من ذلك، قد يجادل بأنّه قد يحصلُ أحيانًا تجاوز الاعتبارات الواضحة، والتي يبدو إنّها وازنة جدًا، للحقوق (لضحايا الإرهاب) والعدالة (التي تتطلب احترام هذه الحقوق)، عبر اعتباراتٍ بالغة الأهمية للنتائج – إذ [قد يُدفَع] ثمنٌ باهظ للغاية لعدم اللجوء إلى الإرهاب. لأنّ رفض العواقبية لا يعني بالطبع إنكار أهمية عواقب أفعالنا وسياساتنا وممارساتنا في تقييمها الأخلاقي، فإنّ ما يُنكَر هو زعمُ العواقبيين أنّ العواقب فقط هي ما يهمّ.

1.3.2 حقوق الانسان الأساسية والعدالة التوزيعية

تعمل فيرجينيا هيلد Virginia Held بمفهومٍ واسع للإرهاب، لكنّ تبريرها له يُعنى بتطبيقه على ذاك الذي يستهدف المواطنين العاديين. تركّز مناقشتها للموضوع على قضية الحقوق. عندما لا تُحترم حقوقُ شخصٍ أو جماعةٍ، ماذا يمكننا أن نفعل للتأكّد من أنها تُحترَم؟ من وجهة نظر واحدة، تُعرف باسم عواقبية الحقوق، إذا كانت الطريقة الوحيدة لضمان احترام حقّ معيّن لـ أ و ب هي انتهاك نفس الحق عند ج، فسيكون لدينا ما يبرّر القيام بهذا الانتهاك. لا ترى هيلد أنّ مثل هذه المقايضات في الحقوق بهدف تعظيم احترامها في المجتمع أمرٌ متناسبٌ. ومع ذلك، تتعارض الحقوق أحيانًا، سواء أكان ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر (كما في المثال أعلاه). عندما يحدث ذلك، لا توجد طريقة تمكّننا من تجنّب مقارنة الحقوق المعنية على إنّها أكثر إلحاحًا أو أقلّ، واتخاذ خيارات معينة فيما بينها. وهذا ينطبق أيضًا على حالة الإرهاب. من الواضح أنّ الإرهاب ينتهك بعض حقوق الإنسان لضحاياه، لكنّ المدافعين عنه يدّعون أنّ الاستخدام المحدود للإرهاب في بعض الظروف هو السبيل الوحيد لتحقيق مجتمع تُحترم فيه حقوق الإنسان للجميع.

حتّى عندما يكون هذا الزعمُ صحيحًا، فإنّه لا يكفي لتبرير اللّجوء إلى الإرهاب، ولكن سيكون له ما يبرره إذا استوفيَ شرطٌ إضافيٌ: العدالة التوزيعية. إذا وُجِدَ مجتمعٌ تُحترم فيه حقوق الإنسان لجزءٍ من السكان، بينما تُنتهك الحقوق نفسها لجزء آخرٍ منهم؛ وإذا كانت الطريقة الوحيدة لتغيير ذلك وضمان احترام حقوق الإنسان للجميع هي الاستخدام المحدود للإرهاب؛ وأخيرًا، إذا كان الإرهاب موجهًا ضدّ أعضاء المجموعة الأولى التي تمتّعت حتى الآن بامتيازٍ فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان – آنذاك، سيكون الإرهاب مبررًا أخلاقياً. هذا تبرير من ناحية العدالة التوزيعية مطبّقًا على مشكلة انتهاكات حقوق الإنسان. إنّ التساوي بين انتهاكاتِ حقوق الانسانِ في مرحلة الانتقال إلى مجتمع تُحترم فيه حقوق الجميع أكثرُ عدلاً من السماحِ لمجموعةٍ عانت قبلئذٍ من انتهاكات واسعة النطاق لـ حقوق الإنسان بأن تعاني من المزيد من الانتهاكات (بافتراض أنّنا في كلتا الحالتين نتعامل مع نفس الانتهاكات لحقوق الإنسان، أو مع الانتهاكات المتساوية الالحاح). في أيّ حالٍ، ستُنتهَك حقوق الإنسان للكثيرين، ومن العدل، ومن ثمّ من الأفضل من الناحية الأخلاقية، أن تُوزَّع انتهاكاتهم على نحوٍ أكثر إنصافًا (Held 2008) .

قد يُعترض على أنّ في دعوتها إلى التضحية بحقوق الإنسان الأساسية مثل الحقّ بالحياة والأمن الجسدي للأفراد ضحايا الإرهاب من أجل توزيع أكثر عدلاً لانتهاكات الحقوق نفسها داخل مجموعةٍ في أثناء الانتقال إلى مرحلة يتم فيها احترام هذه الحقوق للمجموعةِ برمّتها، تُخالف هيلد مبادئ الانفصال بين الأشخاص واحترام الأشخاص (Primoratz 1997: 230–31). ردًا على ذلك ، تجادل هيلد بأنّ

الفشل في تحقيق توزيعٍ أكثر عدلاً لانتهاكات الحقوق (من خلال استخدام الإرهاب إذا كان هو الوسيلة الوحيدة المتاحة) هو فشلٌ في الاعتراف بأنّ أولئك الذين لم تُحترم حقوقهم قبلئذٍ بإنصافٍ هم بنفسهم أفراد، و ليسوا مجرد أعضاءٍ في مجموعةٍ و يمكن تجاهل حقوقهم.

لا تتعلّقُ حجّة تحقيق التوزيع العادل لانتهاكات الحقوق بالضرورة بالمجموعات، إذ يمكنها أن تكون حجّةً حول حقوق الأفراد بالانصاف (Held 2008: 89–90). (لمزيد من الاعتراضات على حجة هيلد، انظر Steinhoff 2007: 125–30 ؛ Nath 2011.)

2.3.2 حالة الطوارىء القصوى والكارثة الأخلاقية

في تبرير هيلد للإرهاب، فإنّ العدالة هي التي تتطلب توزيع الانتهاكات التي لا مفر منها لحقوق الإنسان بشكل أكثر عدالة. توجدُ طريقة مختلفة للسماح باستخدام الإرهاب في ظروفٍ معينة ضمن مقاربةٍ لاعواقبية لأخلاقيات العنف. يمكن القول أنّه في ما يتعلق بالعدالة والحقوق، فالإرهاب (أو، في مصطلحات هيلد ، نوع الإرهاب الذي يستهدف الأبرياء) لا يمكن تبريره أبدًا. علاوة على ذلك، فإنّ لاعتبارات العدالة والحقوق وزنٌ أكبر بكثير من اعتبارات العواقب الحسنة والسيئة، ومن ثمَّ فهي تتفوق عادة على الأخيرة في حالات النزاع. ومع ذلك، وفي ظروف استثنائية، قد تكون الاعتبارات المتعلقة بالنتائج – ثمن عدم اللجوء إلى الإرهاب – ثقيلة للغاية بحيث تتجاوز العدالة والحقوق.

على غرار ذلك، يقدم مايكل وولتزر Michael Walzer حجةً في مناقشته “القصف الترهيبيّ” للمدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية. في أوائل عام 1942، بدا أن ألمانيا ستهزمُ بريطانيا وأنّ جيش هذه الأخيرة لا يمكنه، وفقًا لقواعد الحرب، الانتصار أثناء القتال. كانت بريطانيا العقبة الوحيدة المتبقية أمام إخضاع النازيين معظم أوروبا، وكان ذلك هو “التهديد الأقصى لكلّ شيء لائقٍ في حياتنا، وأيديولوجيا وممارسةُ هيمنةٍ دمويةٍ للغاية، ومهينة جدًا حتّى لأولئك الذين قد ينجون، لدرجة أنّ عواقب انتصارها النهائي كانت حرفياً خارج الحُسبان، ومروّعةً بما لا يقاس” (Walzer 2000: 253). وهكذا كانت بريطانيا تواجه “حالة طوارئ قصوى”: (أ) تهديد وشيك بـ (ب) ما لا يمكن تصورّه تمامًا من وجهة نظر أخلاقية. في مثل هذه الحالة الطارئة – مأزق “الأيادي القذرة” التي كثيرًا ما ابتليَ بها العمل السياسيّ (Walzer 1973) – قد يُنتهك أحد المبادئ الأخلاقية الأساسية والخطيرة مثل حصانة المدنيين، إذا كان هذا هو الأمل الوحيد لصدّ التهديد. لذلك، ولأكثر من ثلاث سنواتٍ، قام سلاح الجوّ الملكي البريطاني، الذي انضمّ لاحقًا إلى القوّات الجوية الأمريكية، بتدمير العديد من المدن الألمانية، وقتل نحوَ ستين ألفَ مدنيّ وأصاب ثمانين ألفًا آخرين بجروح خطيرة في محاولة لترويع الشعب الألماني لإجبار قيادته على التوقف عن الحرب، والاستسلام دون قيد أو شرط. بحلول أوائل عام 1943، كان من الواضح أن ألمانيا لن تكسب الحرب، وأنّ كلّ القصف الترهيبيّ اللاحق يفتقر إلى التبرير الأخلاقي. لكن من وجهة نظر وولتزر، كان هذا القصف ضدّ ألمانيا مبررًا أخلاقيًا في عامه الأوّل، لأنّه كان استجابةً لحالة الطوارئ القصوى التي واجهتها بريطانيا. وعليه، يوسّع وولتزر مفهوم حالةِ الطوارئ القصوى ليطبّقه على مجتمعٍ سياسيّ واحدٍ يواجه خطر الإبادة أو الاستعباد، وبالنتيجةِ، على مجتمع سياسي يكون “بقاؤه وحريته” على المحك؛ فـ”بقاء وحرية المجتمعات السياسيّة – التي يشترك أعضاؤها في طريقة حياة طوّرها أسلافهم لتُنقِلَ إلى أطفالهم – هما أسمى قيَم المجتمع الدولي” (Walzer 2000: 254).

لدينا هنا مفهومان مختلفان لحالات الطوارئ القصوى. في كليهما التهديد وشيكٌ، لكنّ طبيعة التهديد تختلف: فالمعاناةُ من المصير الذي حمله النازيون لشعوب اعتبروها أدنى عرقيًا هو شيءٌ، وأن يكون للمرء نظامٌ سياسيٌ متفكّك هو شيءٌ آخر. بتأرجحه بين هذين النوعين من حالات الطوارئ القصوى، تحت العنوان الغامض لتهديد “بقاء وحرية مجتمع سياسي”، يسعى وولتزر إلى توسيع الاستجابة الأخلاقية التي قد تكون متناسبة مع الأول [البقاء] إلى الثاني [الحرية]. ومع ذلك، في حين قد يُعتقَد أنّ الإبادة الجماعية أو الطرد أو الاستعباد لشعب بأكمله هي كارثة أخلاقية يمكن صدّها بأي وسيلة، فإنّ فقدان الاستقلال السياسيّ هو، على الأكثر، كارثة سياسية. إذا كان النظام السياسيّ الذي سيُفكَّك مفتقرًا إلى المشروعية الأخلاقية، فقد يكون زواله بمثابة إصلاحٍ أخلاقي. ولكن حتّى لو كان النظام السياسيّ يتمتع بمشروعية أخلاقية، فإن تهديد “بقائه وحريته” لا يرقى إلى مستوى “التهديد الأقصى لكلّ شيءٍ لائق في حياتنا”. وإذا كان الأمر كذلك، فلا يمكن تبرير شنّ الجيش حربًا على المدنيين الأعداء من أجل الدفاع عن هذا النظام. (فيما يتعلق بحالات الطوارئ القصوى عامّةً، راجعوا على سبيل المثال، Statman 2006.)

يوجد موقفٌ آخرٌ أقلُّ تساهلاً بُنيَ على نفس المنوال، لكنّه يستند إلى وجهة نظرٍ أكثر تشدّدًا لما يمكن اعتباره كارثةً أخلاقية قد تبرر اللّجوء إلى الإرهاب. فعلى عكس ما يعتقده العديد من المقاتلين ضدّ الاضطهاد الاجتماعي، أو الاقتصادي، أو الحكم الاستعماري، أو الاحتلال الأجنبي، فإنّ شرورًا بهذه الجسامة يمكنها تبرير القتل العشوائي وتشويه الأبرياء تكون نادرةً للغاية. لا ترقى كلُّ حالة قمعٍ أو حكم أجنبيٍ أو احتلالٍ، مهما كانت غير مسوّغة أخلاقياً، إلى مصافِ كارثةٍ أخلاقية بالمعنى الصحيح. وعلى عكس ما جادل وولتزر، يرقى إلى ذلك المصاف كلُّ تهديدٍ وشيك لـ “بقاء وحرية مجتمعٍ سياسي”. ومع ذلك، إذا تعرّض شعبٌ بأكمله للإبادة، أو لمحاولة “التطهير العرقي” من أرضه، فإنّه يواجه كارثة أخلاقية حقيقية، وقد يُعتبر الإرهاب وسيلة نضالٍ ضدّ هذا المصير. وعلى ضوء فداحتهما وغائيتهما، تشكّل الإبادة و”التطهير العرقي” لشعبٍ بأكمله مقولة مستقلّة. من المؤكد أنّ اللّجوء إلى الإرهاب في مثل هذه الحالة لن يكون مبرَّرًا أخلاقياً إلا إذا وُجِدت أسبابٌ جيدة للغاية للاعتقاد بأنّ الإرهاب سينجح حيث لن ينجح شيءٌ آخر: في منع الإبادة الوشيكة أو “التطهير العرقي”، أو في إيقافهما إذا كانا جاريان بالفعل. وستكون الحالات التي يُستوفى فيها كلا الشرطين نادرةً للغاية. في الواقع، قد لا يمنحنا التاريخ مثالاً واحدًا على ذلك، لكنّ هذا لا يعني أنّه ليس بإمكانِ أيٍّ عمل أو حملة إرهابية تلبية الشرطين، ومن ثمّ يجري تبريره. وفقًا لذلك، يكاد يكون الإرهاب آثمًا بالمطلق (Primoratz 2013: chapter 6).

ستبرّر وجهتا نظر “حالة الطوارئ القصوى” و “الكارثة الأخلاقية” اللجوءَ إلى الإرهاب فقط عندما يكون هذا هو السبيل الوحيد للتعامل، تباعًا، مع حالة الطوارئ، أو لمنع الكارثة. إلى أيّ مدى يجب أن نكون متأكّدين من أنّ الإرهاب سيحقق الهدف بالفعل، بينما لا توجد طريقة أخرى ستحققه؟ قد يجادل المرء بأنّه عندما نكون في حالة متطرفةٍ، لا يمكننا تطبيق معاييرَ ابستيمية epistemic صارمةً في تقرير كيفية المجابهة. في الواقع، إذا لم نتمكن حقًا من معرفة ما الذي سينجح، فيجب علينا استغلال فرصنا بما قد ينجح. هذه هي وجهة نظر وولتزر: في مثل هذا المأزق، يجب أن “نراهن” على جريمة الإرهاب ضدّ الشرّ الذي يكون، خلافًا لذلك، في انتظارنا. ”لا يوجد خيارٌ، وإلّا فالخطر المحتمل كبيرٌ للغاية “(Walzer 2000: 259-260). يمكن الاعتراض على كون هذا الموقف يسلّط الضوء على فداحة التهديد، بينما يفشل في الاعتراف بفداحةِ الوسائل المقترحة لدرء التهديد، أي فداحة الإرهاب، والقتل العمد، وتشويه الأبرياء. عندما يؤخذ ذلك بالحُسبان، سيكون الاستنتاج أنّه حتى في الحالات القصوى، إذا كان للإرهاب ما يبرره، فإنّ مسوّغات الاعتقاد بأنه سينجح ولا شيء آخر سيفعل ذلك، يجب أن تكون قويّة للغاية.

3.3.2 الإرهاب آثمٌ بالمطلق

يعتقد البعض أنّ الإرهاب آثمٌ بالمطلق. يظهرُ هذا الموقف، أيضًا، في وجوهٍ مختلفة. يعمل بعض الفلاسفة مع تعريف واسع للإرهاب، ويجادلون بأنّه في ظروفٍ معينة يمكن تبرير إرهاب “انتقائيّ” يستهدف فقط أولئك المتورطين بشكل كبير في الآثام المعنية (Corlett 2003، Young 2004). هذا ما يبدو بأنّه يوحي بانعدامٍ تامٍ لإمكانيةِ تبريرِ إرهاب غير انتقائيّ – أي الإرهاب بالمعنى الضيّق. ومع ذلك، لا يستتبعُ ذلك القول بإمكانيةِ الحجّة الّتي تقرّر بأنّ الإرهاب من النوع الأخير[الضيّق] يمكن تبريره لاعتباراتٍ أخرى، مثل “حالة الطوارئ القصوى” أو “الكارثة الأخلاقية”.

لا يقف بير بون عند هذا الحدّ، فهو يحاول إظهار أنّ الإرهاب الذي يستهدف غير المقاتلين أو المواطنين العاديين لا يمكن تبريره أبدًا عبر نشر نسخة معدّلة قليلاً من نظرية آلان جيورث Alan Gewirth الأخلاقية. الحرية والأمان شرطان أساسيان للعمل، ومن ثمَّ يجب إعطاؤهما وزنًا كبيرًا. تولّد الحاجة إلى حمايتهما مجموعةً من الحقوق، والحقّ ذو الصلة هنا هو أن يتوفرّ لكلّ الأبرياء “حقًّا مطلقًا في ألاّ يُجعلوا ضحايا مقصودين لمشروع قتلٍ”(Gewirth 1981: 16). عندما يُطعَن في المكانة المطلقة لهذا الحقّ من خلال التذرّع بحالة الطوارئ القصوى أو الكارثة الأخلاقية، يجادل بون بوجودِ فرقٍ أخلاقيّ بين ما نحن مسؤولون عنه بشكل يقينيّ ومباشر، وما نحن مسؤولون عنه سببيًا بشكل غير مباشر فقط، حين نفشل في منع الآخرين من إحداث ذلك عمداً. نحن مسؤولون أخلاقيًا عن الحالة الأولى، ولكن (وباستثناء بعض الظروف الخاصة) ليس عن الثانية. إذا رفضنا اللّجوء إلى الإرهاب كي لا نستهدف الأبرياء، ومن ثمّ إذا فشلنا في منع بعض الأشخاص الآخرين من ارتكاب الفظائع، فإن الجناة وحدهم هم المسؤولون أخلاقياً عن تلك الفظائع. وبالنتيجة، يجب أن نرفض (Bauhn 1989: chapter 5).

يسعى ستيفن ناثانسون Stephen Nathanson إلى تأسيس الحصانة المطلقة للمدنيين أو المواطنين العاديين والحظر المطلق للإرهاب الذي يستلزمها على نظريةٍ أخلاقية عواقبية-القاعدة (Nathanson 2010: 191–208). إنّ تبنّيَ حصانة المدنيين، بدلاً من تبنّي أيّ قاعدة أخرى تنظّم الأمر أو عدم وجود قاعدة على الإطلاق، هو أفضل طريقة للحدّ من القتل والدمار في النزاع المسلح. علاوة على ذلك، ستتحقق أفضل النتائج باعتماد هذه الحصانة كقاعدةٍ مطلقة، وليس كقاعدة تسمح باستثناءاتٍ في حالات الطوارئ القصوى. فكرة الطوارئ القصوى غامضة، ويخضعُ معيارُ منحِ الاستثناءات القصوى في حالات الطوارئ للتطبيق بطرقٍ تعسفية وذاتية. أخيرًا، لدينا حجة المنحدر الزلق [الوضع الخطير]: “إنّ السماح [بالخروج عن قاعدة الحصانة المدنية، بما في ذلك في الإرهاب] حتّى في الظروف الأكثر قسوة سيخفّف من عائق تبرير مثل هذه الأعمال … وسيبعثُ برسالةٍ مفادها أنّ مثل هذا السلوك قد يكون له في بعض الأحيان ما يبرره… وعليه، سيلقي بثقله ليزيد من استخدام مثل هذه الأساليب”(Nathanson 2010: 207) .

ومهما يكن الأمر، يمكن للمرء تبنّيَ عواقبية-القاعدة rule-consequentialism كنظرية أخلاقية للفرد، ومع ذلك، ينظر إلى حصانة المدنيين أو المواطنين العاديين وما يصاحب ذلك من حظرٍ للإرهاب بكونها قواعد أخلاقية صارمة للغاية، ولكن ليست مطلقة. من هنا، لا يعتبر ريتشارد ب. برانت Richard B. Brandt وبراد هوكرBrad Hooker هذه الحصانة مطلقة، ويجادلان بأنّ مجموعة القواعد الأخلاقية المختارة بفضلِ عواقب اعتمادها الجيّدة يجب أن تتضمّن قاعدة تسمح بل تتطلّب بالفعل منع وقوع كارثة حتّى لو عنى ذلك كسر بعض القواعد الأخلاقية الأخرى. وحتّى القاعدة الأخلاقية الصارمة مثل حظر الاستخدام المتعمّد للعنف ضدّ الأبرياء قد يجري تجاوزها إذا كانت الكارثة التي لا يمكن منعها بأيّ طريقة أخرى خطيرةً بما فيه الكفاية(See Brandt 1992: 87–88, 150–51, 156–57; Hooker 2000: 98–99, 127–36).، وعليه، يوجد بعض التقارب على مستوى الاستنتاجات العملية بين فهمهما لحصانةِ المدنيين أو المواطنين العاديين وموقف “الكارثة الأخلاقية” الموضّح أعلاه (2.3.2).


بيبليوغرافيا

كتب، وفصول ومن كتب، ومقالات

  • Allhoff, Fritz, 2012, Terrorism, Ticking Time-Bombs, and Torture: A Philosophical Analysis, New York: Columbia University Press; see part I.
  • Arendt, Hannah, 1958, The Origins of Totalitarianism, 2nd edn., Cleveland: The World Publishing Co.; see chapters 12,13.
  • Bauhn, Per, 1989, Ethical Aspects of Political Terrorism: The Sacrificing of the Innocent, Lund: Lund University Press.
  • Bin Laden, Osama, 2005, “The Example of Vietnam”, Messages to the World: The Statements of Osama Bin Laden, Bruce Lawrence (ed.), James Howarth (trans.), London and New York: Verso, 139–144.
  • Brandt, Richard B., 1992, Morality, Utilitarianism, and Rights, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Carter, Michael Philip, 1989, “The French Revolution: ‘Jacobin Terror’”, in Rapoport and Alexander (eds.) 1989, 133–51.
  • Card, Claudia, 2010, Confronting Evils: Terrorism, Torture, Genocide, Cambridge: Cambridge University Press; see chapters 5, 6.
  • Coady, C.A.J., 1985, “The Morality of Terrorism”, Philosophy, 60: 47–69.
  • –––, 2001, “Terrorism”, in Lawrence C. Becker and Charlotte B. Becker (eds.), Encyclopedia of Ethics, 2nd edn., New York and London: Routledge, vol. 3, 1696–99.
  • –––, 2004, “Terrorism and Innocence”, Journal of Ethics, 8: 37–58.
  • Corlett, J. Angelo, 2003, Terrorism: A Philosophical Analysis, Dordrecht: Kluwer.
  • Dardis, Tony, 1992, “Primoratz on Terrorism”, Journal of Applied Philosophy, 9: 93–97.
  • Donahue, Thomas J., 2013, “Terrorism, Moral Conceptions, and Moral Innocence”, The Philosophical Forum, 44: 413–35.
  • Elshtain, Jean Bethke, 2003, Just War against Terror: The Burden of American Power in a Violent World, New York: Basic Books.
  • Finlay, Christopher J., 2015, Terrorism and the Right to Resist: A Theory of Just Revolutionary War, Cambridge: Cambridge University Press; see chapter 9.
  • Fotion, Nicholas, 1981, “The Burdens of Terrorism”, in Burton M. Leiser (ed.), Values in Conflict, New York: Macmillan, 463–70.
  • Frey, R.G. and Christopher W. Morris (eds.), 1991, Violence, Terrorism, and Justice, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Fullinwider, Robert K., 1988, “Understanding Terrorism”, in Steven Luper-Foy (ed.), Problems of International Justice, Boulder: Westview Press, 249–59.
  • George, David A., 2000, “The Ethics of IRA Terrorism”, in Andrew Valls (ed.), Ethics in International Affairs: Theories and Cases, Lanham: Rowman & Littlefield, 81–97.
  • Gewirth, Alan, 1981, “Are There Any Absolute Rights?”, The Philosophical Quarterly, 31: 1–16.
  • Gilbert, Paul, 1994, Terrorism, Security and Nationality: An Introductory Study in Applied Political Philosophy, London and New York: Routledge.
  • Goodin, Robert E., 2006, What’s Wrong with Terrorism? Oxford: Polity.
  • Goppel, Anna, 2013, Killing Terrorists: A Moral and Legal Analysis, Berlin: de Gruyter.
  • Gordon, Neve, and George A. Lopez, 2000, “Terrorism in the Arab-Israeli Conflict”, in Andrew Valls (ed.), Ethics in International Affairs: Theories and Cases, Lanham: Rowman & Littlefield, 99–113.
  • Govier, Trudy, 2002, A Delicate Balance: What Philosophy Can Tell Us about Terrorism, Cambridge, Mass.: Westview Press.
  • Grayling, A.C., 2006, Among the Dead Cities: Was the Allied Bombing of Civilians in WWII a Necessity or a Crime?, London: Bloomsbury.
  • Held, Virginia, 2008, How Terrorism Is Wrong: Morality and Political Violence. Oxford: Oxford University Press.
  • Henry, Emile, 1977, “A Terrorist’s Defence”, in George Woodcock (ed.), The Anarchist Reader, Hassocks: Harvester Press, 189–96.
  • Honderich, Ted, 2003, After the Terror, 2nd edn., Edinburgh: Edinburgh University Press.
  • –––, 2006, Humanity, Terrorism, Terrorist War, London and New York: Continuum.
  • Hooker, Brad, 2000, Ideal Code, Real World: A Rule-consequentialist Theory of Morality, Oxford: Oxford University Press.
  • Hughes, Martin, 1982, “Terrorism and National Security”, Philosophy, 57: 5–25.
  • Jollimore, Troy, 2007, “Terrorism, War, and the Killing of the Innocent”, Ethical Theory and Moral Practice 10: 353–72.
  • Kamm, F.M., 2013, Ethics for Enemies: Terror, Torture and War, Oxford: Oxford University Press; see chapter 2.
  • Kapitan, Tomis, 2008, “Terrorism”, in Raja Halwani and Tomis Kapitan, The Israeli-Palestinian Conflict: Philosophical Essays on Self-Determination, Terrorism and the One-State Solution, Basingstoke: Palgrave Macmillan, 132–97.
  • Kautsky, Karl, 1973 [1919], Terrorism and Communism: A Contribution to the Natural History of Revolution, trans. W.H. Kerridge, Westport, Conn.: Hyperion Press.
  • Khatchadourian, Haig, 1998, The Morality of Terrorism, New York: Peter Lang.
  • Lackey, Douglas, 2004, “The Evolution of the Modern Terrorist State: Area Bombing and Nuclear Deterrence”, in Primoratz (ed.) 2004, 128–38.
  • Laqueur, Walter (ed.), 1987, The Terrorism Reader: A Historical Anthology, 2nd edn., New York: New American Library.
  • Law, Stephen (ed.), 2008, Israel, Palestine and Terror, London: Continuum.
  • Luban, David, 2003, “The War on Terrorism and the End of Human Rights”, in Verna V. Gehring (ed.), War after September 11, Lanham, Md.: Rowman & Littlefield, 51–65.
  • McPherson, Lionel K., 2007, “Is Terrorism Distinctively Wrong?” Ethics 111: 524–46.
  • Medina, Vicente, 2015, Terrorism Unjustified: The Use and Misuse of Political Violence, Lanham: Rowman & Littlefield.
  • Meggle, Georg, 2005, “Terror and Counter-Terror: Initial Ethical Reflections”, in Meggle (ed.) 2005, 161–75.
  • Meggle, Georg (ed.), 2005, Ethics of Terrorism and Counter-Terrorism, Frankfurt/M.: Ontos Verlag.
  • Merleau-Ponty, Maurice, 1969, Humanism and Terror: An Essay on the Communist Problem, trans. John O’Neill, Boston: Beacon Press.
  • Miller, Richard W., 2005, “Terrorism and Legitimacy: A Response to Virginia Held”, Journal of Social Philosophy, 36: 194–201.
  • Miller, Seumas, 2009, Terrorism and Counterterrorism: Ethics and Liberal Democracy, Oxford: Blackwell.
  • Nath, Rekha, 2011, “Two Wrongs Don’t Make a Right: A Critique of Virginia Held’s Deontological Justification of Terrorism”, Social Theory and Practice 37: 679–96.
  • Nathanson, Stephen, 2010, Terrorism and the Ethics of War, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Nielsen, Kai, 1981, “Violence and Terrorism: Its Uses and Abuses”, in Burton M. Leiser (ed.), Values in Conflict, New York: Macmillan, 435–49.
  • Primoratz, Igor, 1997, “The Morality of Terrorism”, Journal of Applied Philosophy, 14: 221–33.
  • –––, 2006, “Terrorism in the Israeli-Palestinian Conflict: A Case Study in Applied Ethics”, Iyyun: The Jerusalem Philosophical Quarterly 55: 27–48.
  • –––, 2010, “Can the Bombing Be Morally Justified?” in Igor Primoratz (ed.), Terror from the Sky: The Bombing of German Cities in World War II, New York: Berghahn Books, 113–33.
  • –––, 2013, Terrorism: A Philosophical Investigation, Cambridge: Polity Press.
  • ––– (ed.), 2004, Terrorism: The Philosophical Issues, Basingstoke and New York: Palgrave Macmillan.
  • Rapoport, David C., and Yonah Alexander (eds.), 1989, The Morality of Terrorism: Religious and Secular Justifications, 2nd edn., New York: Columbia University Press.
  • Reiff, Mark K., 2008, “Terrorism, Retribution, and Collective Responsibility”, Social Theory and Practice 34: 209–42.
  • Reitan, Eric, 2010, “Defining Terrorism for Public Policy Purposes: The Group–Target Definition”, Journal of Moral Philosophy 7: 253–78.
  • Rigstad, Mark, 2008, “The Senses of Terrorism”, Review Journal of Political Philosophy, 6: 75–102.
  • Scheffler, Samuel, 2006, “Is Terrorism Morally Distinctive?” Journal of Political Philosophy, 14: 1–17.
  • Schwenkenbecher, Anne, 2012, Terrorism: A Philosophical Enquiry, Basingstoke: Palgrave Macmillan.
  • Shanahan, Timothy (ed.), 2005, Philosophy 9/11: Thinking about the War on Terrorism, Chicago: Open Court.
  • –––, 2009, The Provisional Irish Republican Army and the Morality of Terrorism, Edinburgh: Edinburgh University Press.
  • Simpson, Peter, 2004, “Violence and Terrorism in Northern Ireland”, in Primoratz (ed.) 2004, 161–74.
  • Sinnott-Armstrong, Walter, 1991, “On Primoratz’s Definition of Terrorism”, Journal of Applied Philosophy, 8: 115–20.
  • Statman, Daniel, 2006, “Supreme Emergencies Revisited”, Ethics, 117: 58–79.
  • Steinhoff, Uwe, 2007, On the Ethics of War and Terrorism, Oxford: Oxford University Press; see chapter 5.
  • Sterba, James P. (ed.), 2003, Terrorism and International Justice, New York: Oxford University Press.
  • Taylor, Isaac, 2018, The Ethics of Counterterrorism, London: Routledge.
  • Trotsky, Leon, 1961 [1920], Terrorism and Communism: A Reply to Karl Kautsky, Ann Arbor, Mich.: The University of Michigan Press.
  • Uniacke, Suzanne, 2014, “Opportunistic Terrorism”, Journal of Moral Philosophy 11: 395–410.
  • Valls, Andrew, 2000, “Can Terrorism Be Justified?”, in Andrew Valls (ed.), Ethics in International Affairs: Theories and Cases, Lanham, Md.: Rowman & Littlefield, 65–79.
  • Waldron, Jeremy, 2010, Torture, Terror, and Trade–Offs: Philosophy for the White House, Oxford: Oxford University Press; see chapters 3, 4.
  • Walzer, Michael, 1973, “Political Action: The Problem of Dirty Hands”, Philosophy and Public Affairs, 2: 160–80.
  • –––, 2000, Just and Unjust Wars: A Moral Argument with Historical Illustrations, 3rd edn., New York: Basic Books; see chapters 12, 16.
  • –––, 2004, Arguing about War, Ithaca, N.Y.: Yale University Press; see chapters 4, 10.
  • –––, 2006, “Terrorism and Just War”, Philosophia, 34: 3–12.
  • Wellman, Carl, 1979, “On Terrorism Itself”, Journal of Value Inquiry, 13: 250–58.
  • Wellmer, Albrecht, 1984, “Terrorism and the Critique of Society”, in Jürgen Habermas (ed.), Observations on “The Spiritual Situation of the Age”, trans. Andrew Buchwalter, Cambridge, Mass.: The MIT Press, 283–307.
  • Wilkins, Burleigh Taylor, 1992, Terrorism and Collective Responsibility, London and New York: Routledge.
  • Young, Robert, 1977, “Revolutionary Terrorism, Crime and Morality”, Social Theory and Practice, 4: 287–302.
  • –––, 2004, “Political Terrorism as a Weapon of the Politically Powerless”, in Primoratz (ed.), 2004, 55–64.

إصدارات مجلّات خاصّة

  • Ethics, 114/4, 2004: Terrorism, War, and Justice.
  • Iyyun: The Jerusalem Philosophical Quarterly, 55/1, 2006: Terrorism and Counterterrorism.
  • The Journal of Ethics, 8/1, 2004: Terrorism.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up this entry topic at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى من الانترنت حول الإرهاب

  • Just War Theory: annotated aid to research and instruction in philosophical studies of warfare, maintained by Mark Rigstad (Philosophy, Oakland University)

مداخل ذات صلة بـ الإرهاب

coercion | consequentialism | dirty hands, the problem of | ethics: deontological | responsibility: collective | war

Acknowledgments

Thanks to Andrew Alexandra, Tony Coady, and Thomas Pogge for helpful comments on a draft of this article.


[1] Primoratz, Igor, “Terrorism”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2018 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2018/entries/terrorism/>.

[2] بالرغم من ندرة استخدام هذه الترجمة، فقد فضّلنا ترجمة terror بـ رُهب (من رهِبَ‎ ‎يَرهَب‎، ‎ ‎رَهْبًا‎ ‎ورَهَبًا‎ ‎ورَهْبَةً‎ ‎ورُهْبًا‎ ، فهو‎ ‎راهب‎ ، والمفعول‎ ‎مرهوب‎ – ‎للمتعدِّي) على رُعب، نظرًا للقرابة اللغوية الاشتقاقية بين إرهاب ورٌهب.