مجلة حكمة
الفن الأيروتيكي ستانفورد

الفن الأيروتيكي

الكاتبهانز مايس
ترجمةرفيدة جمال
مراجعةسيرين الحاج حسين
تحميلنسخة PDF

مدخل فلسفي شامل حول ماهية الفن الإيروتيكي وتمييزه عن الإباحية، والمنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، فقد يطرأ على الأخيرة بعض التعديل منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم،واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


ما هو الفن الأيروتيكي؟ وهل تعتبر اللوحات ذات الطابع الجنسي فناً أيروتيكياً؟ وكيف نفرق بين الأيروتيكية والفن الأيروتيكي؟ وما هي آليات عمل التجارب الجمالية المتعلقة بالتجارب الأيروتيكية، أو المختلفة عنها، وهل هذه التجارب متطابقة؟ بعض الشخوص أو الأعمال الفنية تثير الإعجاب والافتتان بشكل حسي، ولكن هل الجمال في كل حالة متطابق بشكل ملموس؟ وما هو الفرق بين العُري والتجرد؟ وهل ثمة خط فاصل بين الفن الأيروتيكي والإباحية؟ وباعتبارنا نميل إلى الاعتقاد بأن الفن معقد والإباحية ذات بعد واحد، ما حدود هذا التمايز؟ كثيراً ما تُنتقد الإباحية باعتبارها مسيئة ومُشيئة واستغلالية، ولكن إلى أي مدى يعتبر الفن الأيروتيكي منيعاً أمام هذه الانتقادات؟ يتناول المقال هذه التساؤلات مستعرضاً الجدل الفلسفي الدائر حول الفن الأيروتيكي، لاسيما من المنظور التاريخي. وفي الختام يوضح بعض المسارات المهمة المتعلقة بالموضوع والمفيدة في استقصاءات وبحوث إضافية.


1. ما هو الفن الأيروتيكي؟

1.1 تعريف الفن الأيروتيكي

يقترح ريتشارد بوسنر Richard Posner في كتابه (الجنس والمنطق) (Sex and Reason) استخدام كلمة “أيروتيكي”

لوصف عروض وصور تدور بشكل ما “حول” نشاط جنسي، أو على الأقل يعتبرها بعض المشاهدين كذلك. (Posner 1994: 351).

ويحتاج هذا الوصف إلى الحصر والتحديد إن أردنا الوصول إلى تعريف يحدد نطاق ما نعتبره فن أيروتيكي، ويرجع هذا إلى عدة أسباب. أولاً، ينبغي أن يشتمل التعريف المناسب من ناحية النطاق على دراسات سلوكية علمية أو توضيحات طبية للنشاط الجنسي (الذي لا يعد ذا طبيعة أيروتيكية أو فنية). ثانياً، اعتبار بعض المتفرجين أن إحدى اللوحات أو التماثيل تدور حول نشاط جنسي، لا يعني أننا نتعامل مع تصوير أيروتيكي. على سبيل المثال، ربما يرى الجاهل بالإنجيل لوحات الصلب أنها تصوير لفعل سادي-مازوخي، ولكن ذلك ليس سبباً كافياً لأن نرى لوحة الصَلب Crucifixion  (1565) للفنان الإيطالي تنتورتو Tintoretto  أنها عمل أيروتيكي.

يعرف بيتر ويب Peter Webb الفن الأيروتيكي بأنه فن يدور حول موضوع جنسي، يتعلق بشكل استثنائي بالعواطف وليس مجرد أفعال، والتمثيلات الجنسية مبررة لأسباب جمالية (Webb 1975: 2). ويعتبر هذا تعريفاً دقيقاً. ورغم أن ويب يركز على العواطف من وجهة نظر ايتمولوجية (اشتقاقية)؛ إذ أن مصطلح “أيروتيكي” مشتق من الكلمة اليونانية “إيروس”  erosوالتي تعني الحب أو العشق، لا يوضح الشروط الضرورية أو المناسبة للفن الأيروتيكي. على سبيل المثال، العمل الفني (صلاة) (The Prayer) (1930)، وهي صورة فوتوغرافية للفنان مان راي Man Ray تظهر يدي امرأة ورجليها وردفيها، ليس تصويراً جنسياً بالمعنى الصارم للكلمة، كما أنه يخلو من أي عواطف.

ومع ذلك ذاع صيت اللوحة باعتبارها تحفة أيروتيكية. على النقيض من ذلك، أقصوصة (على شاطئ شيسيل) (On Chesil Beach) التي كتبها الروائي إيان ماكيوان Ian McEwan، والتي تدور أحداثها في مستهل ستينيات القرن العشرين، وتروي قصة ليلة زفاف فاشلة، يمكن تصنيفها بأنها “فن يدور حول موضوع جنسي يتعلق بالمشاعر”، ومع ذلك من الخطأ تصنيفها باعتبارها أدب أيروتيكي.

عوضاً عن تعريف الفن الأيروتيكي بأنه فن يدور حول المشاعر أو الرغبات الجنسية، يمكن القول بأنه يستثير مشاعر أو رغبات جنسية. غير أن هذا التعريف سيكون كذلك وصفاً فضفاضاً. مثلاً، لوحة السيدة العذراء ووليدها Madonna and Child ربما تستثير مشاعر أو رغبات جنسية في بعض الأفراد، لكن ذلك لا يجعل منها لوحة أيروتيكية، كما أنها ليست في حد ذاتها أيروتيكة. ويبدو أن العمل كي يوصف بالأيروتيكية ينبغي أن يكون القصد منه إثارة المشاعر جنسياً، مثلما يقول جيرولد ليفينسن Jerrold Levinson  في تعريفه للفن الأيروتيكي بأنه

الفن الذي يهدف إلى جعل المشاهد ينخرط جنسياً في محتوى جنسي واضح، ونجاحه في ذلك بدرجة ما. (Levinson 2006: 252).  

لكن هل الفن الأيروتيكي بحاجة إلى الوضوح؟ في الصورة الفوتوغرافية المقربة الشهيرة لعين امرأة للفنان (نوبويوشي أراكي) Nobuyoshi Araki، والتي يطلق عليها أحيانا (النظرة) (The Look)، يدير الفنان الصورة 90 درجة حتى يجعلها موحية بالأعضاء التناسلية الأنثوية، ومن ثم تستحث مشاعر وارتباطات حسية في المشاهدين. إنها تحمل درجة عالية من الأيروتيكية، برغم عدم احتوائها على محتوى جنسي واضح. ثمة تعريف أكثر دقة، وهو التعريف الذي سألتزم به في هذا المقال، وهو أن الفن الأيروتيكي هو الفن المبتكر بنية استثارة جمهوره المستهدف بطريقة جنسية، وينجح إلى حد ما في ذلك. هذا التعريف يثير تساؤل آخر وهو ما متطلبات الإثارة الجنسية على وجه التحديد؟ وفقاً للفيلسوف جاي سرشيلو Guy Sircello  (1979: 119) تحريك الأحاسيس الجنسية يكون عن طريق، أو

  1. أحاسيس في أعضائنا الجنسية،
  2. أحاسيس في أعضاء حساسة جنسياً، تحرك أو تستحثها أحاسيس في أعضاء جنسية.

غير أن توجيه ضربة إلى ما تحت حزام رجل سيحرك داخله مشاعر معينة في أعضائه الجنسية، لكنها ليست النوع الذي من المفترض أن يحدثه الفن الأيروتيكي. لذا ثمة شرط مهم مطلوب. تعرف الإثارة الجنسية بأنها تحريك الأحاسيس والرغبات والخيالات الجنسية، والتي تعتبر بشكل عام ممتعة في حد ذاتها. من ناحية أخرى، يمكن تبني التعريف الموجز للفيلسوف ماثيو كيرن Matthew Kieran عن الفن الأيروتيكي باعتباره الفن الذي “يهدف بشكل أساسي إلى إثارة أفكار وأحاسيس وارتباطات جنسية موجودة” (2001: 32).

2.1 فروق إضافية

يفرق Levinson  (ليفينسن) (2005) بين الفن الأيروتيكي وما يطلق عليه (أيروتيكا) أو إباحية؛ أي الصور التي تميل إلى الاستثارة الجنسية، ولكن لا تميل إلى تعزيز الاهتمام الفني (مثل الإعلانات التجارية المثيرة لملابس النساء الداخلية). وبوجه عام، من الأفضل أن نأخذ في الاعتبار أن مجال الفن الأيروتيكي لا يشكّل إلا فرعاً صغيراً من الفئة الشاملة والواسعة من العناصر التي تسمى أيروتيكية (رسائل أيروتيكية، ألعاب أيروتيكية، دُمى أيروتيكية، الخ). كما يقع الفن الأيروتيكي في الفئة الأوسع من الفن الموجه جنسياً؛ فجميع أعمال الفن الأيروتيكي تحمل سمات جنسية، غير أن العديد من أعمال الفن ذات السمة الجنسية لا تعتبر أعمال فنية أيروتيكية، مثل عمل الفنانة (تراسي إيمن) Tracey Emin (1998)، وهو عبارة عن لافتة مضيئة بنيون وردي كُتب عليها بخط كبير (هل الجنس الشرجي قانوني؟) (غالباً يُعرض العمل مع اللافتة المكملة له “هل الجنس القانوني شرجي؟”).

ينبغي التمييز بين الفن الموجه جنسياً والفن المثير جنسياً؛ أي الفن الذي يثير جمهوره المستهدف جنسياً، برغم أنه لا يهدف إلى ذلك. وبينما سيجد البعض صعوبة في العثور على أمثلة تخص هذه الفئة، يزعم جاي سرشيلو على أسس ظواهرية أن الأشياء الجميلة فعلياً، وبالتالي فالأعمال الفنية التي تتسم بالجمال، سيعيشها المشاهد كمثيرة جنسياً. على سبيل المثال، عندما درس سرشيلو منحوتة (أعيان كاليه) The Burghers of Calais للنحات رودان Rodin ، والمكونة من ستة شيوخ في وضع انحناء وتعلو ملامحهم الحزن والأسى، كتب يقول

“دفعني جمال السطح المضطرب عند رودان… أن أتحسس هذا البرونز البهي، ومجدداً تسرب ذلك الدفء إلى الخصيتين، تلك الاستثارة في القضيب، تلك الحكة في الحلمات واللسان.”

بشكل مماثل،

“حينما أتفحص لوحات الطبيعة الصامتة الصارمة والدقيقة للرسام زوربران Zurbaran ، وألاحظ مدى الإتقان والمثابرة في تفاصيلها… أشعر على الفور بالاستثارة في الفخذين”. (1979: 225).

وبينما يرى سرشيلو أن إثارته “ليست شاذة أو فردية”، بل “صحيحة وطبيعية” بشكل كامل (1979: 226)، لن يتفق الجميع على هذا الرأي.

نظير الفن المثير جنسياً هو الفن الأيروتيكي الفاشل (أو كما يطلق عليه ليفينسن “فن أيروتيكي شكلي” 2006)؛ أي الفن الذي يهدف إلى إثارة جمهوره المستهدف جنسياً، لكنه يفشل في ذلك. (أنظر أيضاً Mag Uidhir 2010). على صعيد آخر، الفن المناهض للأيروتيكية هو الفن الذي يهدف إلى استثارة مشاعر وأفكار وخيالات جنسية سلبية في جمهوره المستهدف. مثال على ذلك، لوحة (زوجان عجوزان) (Old Couple) التي رسمها الفنان أوتو ديكس Otto Dix عام 1923، أو عمل الرسام جورج جروز George Grosz المعنون (جريمة قتل جنسية في شارع أكرستراس) (Sex Murder in the Ackerstrasse) الذي أنجزه بين عام 1916 إلى عام 1917.

ومؤخراً، سبرت أعمال الفنانات النسويات، مثل كيكي سميث Kiki Smith، أغوار الجوانب المظلمة والعنيفة والمنبوذة في الجنسانية (أنظر على سبيل المثال (حكاية) (Tale) 1992، و(بركة الدماء) (Blood Pool) 1992 لسميث).وأخيراً، على خلفية منع الرقابة والسياسات الأخلاقية الفنانين من ابتكار أعمال أيروتيكية علنية، يجدر إلقاء الضوء على وجود فن أيروتيكي مخفي؛ أي الفن الذي يعمل بنية مستترة لإثارة جمهوره المستهدف جنسياً، وينجح في عمل ذلك بدرجة ما.

مثال على ذلك (سوكاشي شونجا) sukashi shunga أو (الشونجا المخفية)، وهي مطبوعات خشبية اشتهرت في اليابان في مستهل القرن العشرين، ابتكرها على الأغلب فنانون يابانيون بارزون، وتصور مشاهد على درجة عالية من الأيروتيكية. وبرغم وجود قوانين في بداية القرن الثامن عشر تحظر انتشار الشونجا، لم يتم تطبيقها على أرض الواقع إلا مع نهاية القرن التاسع عشر؛ في أعقاب الانفتاح الياباني المتزايد نحو الغرب. ونتيجة لذلك، اُبتكرت مطبوعات مخفية (شفافة) للإفلات من صرامة الرقيب. للوهلة الأولى تبدو الشونجا بطاقة بريدية مرسومة بشكل جمالي مصورة مظاهر طبيعية مع وجود مساحة خالية في المنتصف وعلى الأطراف لكتابة الرسالة، لكن عند تسليط الضوء عليها تتضح أنها مشاهد جنسية واضحة (Aki 2013: 47).

ومثال لنوع مختلف تماماً هو لوحة (فتاة الحليب) Milk Maid (1657–58) للرسام يوهانس فيرمير Vermeer. اشتهرت خادمات الحليب في هولندا في القرن السابع عشر بسهولة إغوائهن؛ ومن ثم زعم بعض الدارسين أن اللوحة تخفي رسالة أيروتيكية سرية، مع وجود مدفأة القدمين على الأرض للإيحاء برغبة أنثوية (فقد كانت تلك المَدَافِئُ تستخدم في تدفئة القدمين وكذلك كل شيء تحت تنورة المرأة)، كما أن إحدى البلاطات المصقولة في المشهد تصور كيوبيد، وبلاطة أخرى تظهر رجل مسافر؛ والذي ربما يوحي بأن الخادمة تفكر في حبيب غائب (Liedtke 2009).

2. علم الجمال المعاصر وإشكالية الفن الأيروتيكي

هل هناك أعمال فنية أيروتيكة خالصة؟ ربما يبدو سؤالاً سخيفاً، ولاسيما بالنسبة للمطلعين على تاريخ الفن والتقاليد الراسخة للفن الأيروتيكي على وجه الخصوص. ولكن بالنسبة لدارسي علم الجمال المعاصر؛ أي فلسفة الفن والجمال منذ بداية القرن الثامن عشر تقريباً حتى نهاية القرن التاسع عشر، لن يبدو السؤال سخيفاً على الإطلاق.

1.2 تجريد الأيروتيكي من الجمالي

من المعروف أن علم الجمال المعاصر شيد جداراً بين المتعة الجمالية من ناحية، وبين المتع الجنسية والحسية من ناحية أخرى، تاركا مساحة صغيرة قيمة للأعمال التي تجمع بين الفئتين. وتتضح هذه الإشكالية عند دراسة كتاب نقد ملكة الحكم (Critique of Judgment ) (1790) للفيلسوف ايمانويل كانط Immanuel Kant، والذي يُعد أهم وأبرز عمل كُتب في تلك الفترة. يقول كانط إن الحكم الجمالي البحت يقوم برمته على شعور من المتعة المجردة؛ أي المتعة التي لا تعتمد على العنصر ولا تستحث رغبة فيه. ولكن لأن أعمال الفن الأيروتيكي تستثير شهواتنا ورغباتنا الجنسية، من الصعب اعتبارها موضع حكم جمالي.

بالأحرى هذه الأعمال موضع ما يطلق عليه كانط حكم المقبول، والقائم على “متعة غائية”، الاستثارة في هذه الحالة تأتي من التصوير المغري للأجساد الجذابة والأوضاع الفاتنة. والمتعة الحسية التي تتيحها تلك الأشكال تختلف تمام الاختلاف عن الاستمتاع الذي يحدث في تجربة جمالية والتي تنجم عن حرية الملكات المعرفية للخيال والفهم. يرى كانط أن الأحكام الجمالية ليست راسخة في الغائية، بل في الظروف الذاتية للإدراك، والذي تشترك فيه جميع الكائنات العاقلة؛ ومن ثم تعتبر أحكاماً عالمية. والمتعة التي يستثيرها الفن الايروتيكي لا تعتبر عالمية بشكل قاطع؛ إذ أنها تعتمد على الميول الجنسية للفرد ونزعاته.

لم يكن كانط أول من قدم التجرد بصفته سمة مميزة للجمالي وعزله عن الإعجاب الجنسي أو الحسي. يعود الفضل لأنطوني آشلي كوبر Anthony Ashley Cooper (إيرل شافتسبري الثالثShaftesbury ) في تقديم هذا المصطلح. في كتابه (سمات الناس والأخلاق والآراء والأزمان) (Characteristics of Men، Manners، Opinions، Times) (1711) أوضح شافتسبري أن الاستجابة التي يستثيرها الجمال هي نتيجة تأمل عقلاني ورفيع، وتبعد تماماً عن المتع الفظة التي نتلقاها عبر حواسنا.

أثار شافتسبري إشكالية “الشكل البديع” للمرأة الحسناء (1964 [1711]: 136). فالجمال والإعجاب الحسي، بعيداً عن كونهما متضادين، إلا إنهما يبدوان مترابطين. غير أن شافتسبري يرى أن هذين النوعين من المتعة متباينان تماماً، برغم أن المتعة الايروتيكية، ربما تعقب المتعة الجمالية في هذه الحالة الخاصة. ويردف أن بوسعنا عقد مقارنة بين شخص يتأمل جمال شجرة وبين تحوله إلى تخيل ثمارها الشهية. كلا النشاطين ممتعان، لكن طبيعتهما مختلفة؛ فإحداهما متعة جمالية متجردة، أما الأخرى فمتعة فرضتها علينا النفعية الشخصية، وهي تشير إلى سعادة حسية، قائمة على فطرة نتشارك فيها مع الحيوانات، أو “البهائم” كما يقول شافتسبري. على النقيض من ذلك، تأمل الجمال يعتبر حالة فريدة بصفتنا كائنات عاقلة؛ لأن الجمال هو الهدف الحصري للعقل.

لكن هل بوسع المرء تحديد الفروق باستخدام هذه المصطلحات المطلقة؟ عندما نعجب برجل جذاب أو امرأة جذابة، ألا تستحث هذه الجاذبية الحواس وتثير بعض العواطف الجسدية؟ وإذا كان الأمر هكذا، ألا يثبت هذا أن الاثنين مرتبطان ارتباطاً وثيقاً؟ غير أن شافتسبري يرفض هذه الفكرة، فلن نعتبر أن جمال الفاكهة، على سبيل المثال، هو ما جذب السعادة وأحدثها في الحيوان الصياد بحثاً عن الطعام، وجمال الطعام المقدم على طاولة العشاء هو ما جعلنا نشعر بالجوع.

إن الذي يثير ويرضي شهية البشر والحيوانات ليس الشكل المدهش، بل ما يكمن أسفله. (بناء عليه، كلما شوهد طعاماً شهياً أو جسداً جذاباً بشكل متكرر، ابتعد هذا الطعام أو الجسد عن الإشباع بمجرد المشاهدة). وكما أن المادة التي صُنع منها التمثال لا تجعله جميلاً، بل الغاية الفنية والتصاميم التي تشكل المادة، كذلك الجسد ليس في حد ذاته هو الجميل، مثلما يكتب شافتسبري:

"ما الذي يعجبك غير العقل، أو تأثير العقل؟ إنه العقل وحده الذي يُشكل. وكل ما هو خال من العقل كريه، والموضوع الذي لا شكل له هو قبح في حد ذاته". (1964 [1711]: 132).

إن العقل هو غاية الجمال. بالإضافة إلى أنه بالعقل وحده يمكن فهم الجمال وتقديره؛ فإذا كانت الحيوانات لا تعرف الجمال ولا تستمتع به لأنها لا تمتلك غير الحواس، فإن الإنسان لا يمكنه تخيل الجمال أو الاستمتاع به عبر حواسه (“الجزء البهيمي”).

يتضح من ذلك أن الفن الأيروتيكي، والذي هو عبارة عن تقديم أجساد مرغوبة وإثارة المتع الحسية، ليس له مكان في مملكة الجمال بالنسبة لشافتسبري. وبعيداً عن فقرة موجزة يدين فيها “الفنان المتطور ذاتيا”؛ والذي يكسب الأموال عن طريق “دراسة الأجساد” (1964 [1711]: 144)، لا ينتقد شافتسبري بوضوح أو يهاجم نوعاً بعينه من الفن أو الفنانين. (فهو مثل كانط، ينصب تركيزه الرئيسي على الجمال وليس الفن). إلا أن الشخص الذي تناول بوضوح هذا الاتجاه النقدي هو أرتور شوبنهاورArthur Schopenhauer. فإذا كان شافتسبري هو الفيلسوف الذي ألهم كانط تطوير نظرية التجرد، فشوبنهاور هو الفيلسوف الذي أخذ فكرة التجرد الخاصة بكانط وطورها إلى فلسفة فن مكتملة الأركان.

والمقال ليس موضع مناقشة كل تفاصيل كتاب (العالم إرادة وتمثلاً) (The World as Will and Representation) (1818) لشوبنهاور، بل ما يهمنا بالأساس مفهومه عن مصطلح (das Reizende) والذي سنترجمه هنا إلى “المثير”، والمقصود به “الذي يثير الإرادة عن طريق إرضاءها وإشباعها بشكل مباشر”. (Schopenhauer 1969 [1818]: 207). يقول شوبنهاور أن هذا المثير ينبغي اجتنابه بكل السبل في الفن؛ إذ أنه يبعد المشاهد عن التجرد البحت الذي يتطلبه فهم الجميل، حيث أنه يثير إرادته عن طريق عناصر تعجبه بشكل مباشر. ومن ثم لا يظل المشاهد موضوع بحت للمعرفة، بل يصير موضوع خاضع للرغبة وفي حاجة إليها. (Schopenhauer 1969 [1818]: 207) وهذا مناقض لهدف الفن؛ الذي ينشد تسهيل التأمل اللاإرادي للأفكار. ويرى شوبنهاور أن المثير

“في الرسم التاريخي وفي فن النحت يتكون من أشكال عارية، أو شبه عارية، ومعالجة كاملة تستثير شعور شهواني في المشاهد”. (1969 [1818]: 207-8).

والجدير بالملاحظة أن شوبنهاور لا يعترض على تصوير الشكل العاري مثلما فعل القدماء “خالياً دوماً من … العيوب” (المصدر السابق)، بل ينتقد معالجة معينة للعري؛ أي إثارة مشاعر شهوانية في المشاهد. بمعنى آخر أن ما يستهدفه ويستنكره هو الفن الأيروتيكي. مثل شافتسبري وكانط، يعقد مقارنة مع الطعام. فهو يرى أن الثمار مقبولة في اللوحات لأنها تعتبر تطور إضافي للزهرة، وبصفتها منتج بديع للطبيعة عبر الشكل واللون، دون أن نضطر إلى التفكير في أكلها. (المصدر السابق: 207-208). ولكن الأطباق المجهزة والمقدمة، والمرسومة بدرجة عالية من الواقعية ليست مقبولة.

لوحات الطبيعة الصامتة التي تصور المحار والأسماك المملحة والسلطعون والخبز والزبد والجعة والنبيذ تثير الشهية ومرفوضة لذات أسباب رفض اللوحات والتماثيل الأيروتيكية، والتي تثير الشهوة الجنسية. إنها تثير الإرادة وبسبب ذلك تبتعد عن التأمل الجمالي للعنصر. وحيث أن وظيفة الفن هو تسهيل التجربة الجمالية، يزعم شوبنهاور أن “المثير… يجب تجنبه في كل مكان في الفن” (المصدر السابق: 208، انظر أيضاً  Neill2012).

2.2 إرث علم الجمال المعاصر

ترك علم الجمال المعاصر بصمة واضحة على القرنين العشرين والحادي والعشرين، ولم تفقد فكرة تنافر الجمال والأيروتيكية قوتها على مر السنوات. الناقد الإنجليزي كلايف بيل Clive Bell، أبرز مدافع عن الشكلانية الجمالية، يأخذ صف هذا الاتجاه. يستهل كتابه المرجعي (الفن Art )، الصادر عام 1914، برسم تناقض حاد بين المشاعر الجمالية، التي تثيرها الأعمال الفنية وفقاً لمزج جميل بين الخطوط والألوان، وبين المشاعر والرغبات الجنسية التي تثيرها الأجساد الجميلة حسياً:

(لا يتخيلن أحدكم، لأنه ارتوى حتى الثمالة من نشوة الحب والغرام، أن بوسعه تخمين شعور البهجة العنيفة المثيرة لمن تسلقوا قمم الفن الباردة البيضاء). (1961 [1914]: 42).

وبرغم ذلك يعترف بيل، مثلما فعل شافتسبري، أن الشعورين يختلطان جزئياً؛ فكلمة “جمال” في الأحاديث اليومية تستخدم دون تمييز للحديث عن عناصر تقع في كلتا الفئتين ( أعمال الفن الجميلة، والرجال والنساء الجذابين). ولتحاشي الخلط، يستخدم بيل مصطلح “شكل مهم”، عوضاً عن كلمة جمال، للتعبير عن المزيج بين الخطوط والألوان التي خلقت الشعور الجمالي. (من الجدير بالذكر أن شافتسبري كان رجعياً في الاتجاه المضاد؛ حيث رفض استخدام كلمة جمال للتعبير عما هو جذاب فحسب).

ماذا عن الأعمال الفنية التي تروق لمشاعرنا ورغباتنا الحسية والشهيرة بين العامة؟

الفن الذي يُطلق عليه [وصف] الـ "جميل" هو الفن المتعلق بشكل عام ووثيق بالمرأة. فالصورة الجميلة هي صورة فوتوغرافية لفتاة حسناء؛ والموسيقى الجميلة، هي الموسيقى التي تثير أحاسيس مماثلة لتلك التي تستثيرها الشابات في المسرحيات الهزلية الموسيقية، والقصائد الجميلة، هي القصائد التي تحرك نفس المشاعر، منذ عشرين عاماً، نحو ابنة القسيس (1961 [1914]: 28–29).

يضيق بيل ذرعاً بالجهلاء الذين يبحثون عن الصور والقصائد والموسيقى لهذه الأسباب. إنهم ببساطة يخلطون بين الحسي والجمالي. وبالطبع لا يعني ذلك أن اللوحات التي تصور الفتيات الحسناوات لا تعتبر فناً. يمكنها أن تكون كذلك برغم محتواها الأيروتيكي. على سبيل المثال، عندما أثارت لوحة (أوليمبيا) (Olympia)، وهي صورة مومس رسمها إدوارد مانيه Édouard Manet، عاصفة من السخط في باريس في ستينيات القرن التاسع عشر، دافع إميل زولا Emile Zola عن اللوحة بكلمات سيحبذها بيل:

(اخبرهم أيها السيد العزيز بصوت عالٍ أنك لست ما يظنونه، أن لوحة بالنسبة لك مجرد حجة للتحليل. لقد احتجت إلى... نغمات واضحة مضيئة، فقدمت باقة أزهار، واحتجت إلى نغمات سوداء فوضعت في الزاوية امرأة زنجية وقطة). (Zola 1991: 161).

بالنسبة لبيل ورفاقه من فلاسفة الشكلانية، الشكل البارز هو المعيار الفني المهم الوحيد. وفي مسألة فصل الجمالي عن الأيروتيكي، سار العديد من الفلاسفة البارزين في القرن العشرين على خطى بيل، رُغم عدم إتباعهم مذهبه الشكلاني. في كتاب (مبادئ الفن) (The Principles of Art) (1938) يلاحظ ر.ج. كولنجوود R. G. Collingwood كيف أن كلمات الجمال والجميل ليس لها مضمون جمالي؛ إذ إنها غالباً تصف “إرضاء بعض الرغبات أو إثارة بعض المشاعر” (1938: 38–41).

يرى كولنجوود أن وسامة الرجل أو جمال المرأة تنبعان من القبول الجنسي، ويشدد أن ذلك (ليس له علاقة بالتجربة الجمالية. بل بالنوع الآخر من التجربة التي اسماها أفلاطون (أيروس)) (1938:41). بشكل مماثل، يصر مونرو بياردسلي Monroe Beardsley على تقسيم صارم بين نوعي الاستجابة، لكنه عدل نظريته حول التجربة الجمالية عندما تبين له أنها لا تستثني التجارب الجنسية من مملكة الجمال (بياردسلي 1982). ومن المعروف أن إدوارد بولو Edward Bullough طرح مفهوم “المسافة النفسية” كشرط ضروري لتجربة الفن، واستنتج أن الإشارات الواضحة للمشاعر العضوية، ولاسيما الموضوعات الجنسية، تقع طبيعياً أسفل حد المسافة، ويمكن للفن أن يتطرق إليها بحرص وحذر. (1969: 403).

بل ساور بعض فلاسفة القرن الحادي والعشرين شكوك عميقة حيال الاحتمالية الجمالية والفنية للأيروتيكية. على سبيل المثال، يوضح موهان ماثين Mohan Matthen  أن (الفن الأيروتيكي ليس فناً عظيماً)؛ لأنه حتى عندما تكون الأيروتيكية فنية… يكون لها تأثير مباشر للغاية على الاستجابة الجنسية، وذلك يشتت انتباه المشاهد بعيداً عن العمل ذاته. (2011: 354). 

كلما ازدادت أيروتيكية العمل الفني، تزايدت صعوبة تذوقه جمالياً. ويشرح ماثين ذلك في مراجعته لكتاب (الفن الغريزي) (The Art Instinct) (2009) والذي كتبه دينيس دوتون Denis Dutton متناولاً علم الجمال التطوري. يزعم دوتون أنه ينبغي تجنب الأيروتيكة في الفن، ولكن لأسباب مختلفة عن ماثين. فبينما يرى ماثين أن الاستجابة الجنسية تعتبر مشتتة للغاية، يزعم دوتون أنه لا يمكن اعتبارها استجابة جمالية مناسبة؛ لأنها خام وبدائية. ويرى دوتون أن الفن العظيم يتميز بدرجة عالية من تعقيد المعنى، ولكن بينما الحب معقد، “الجنس نفسه بسيط للغاية” (2009 : 238). ونتيجة لذلك، الحب هو أكثر الموضوعات تغلغلاً في الفنون التمثيلية في كل مكان، (بينما) الأيروتيكية الواضحة لا تتجسد في التحف الفنية العظيمة (2009: 238).

يلاحظ دوتون على نحو متهكم أن شراب الذرة أو السكر لا يصلحان كوجبتي عشاء فقط، وبالمثل لا تصلح اللوحات والروايات والقصائد الأيروتيكية لتكون فناً رفيعاً. (من الجدير بالملاحظة أن دوتون، والذي كان على النقيض من علم الجمال المعاصر في هدم فكرة المتعة المجردة مفترضاً أن موضوعات الصور الجنسية تعتبر مهمة في شرح اهتمامنا بالفن وعلم الجمال، يأخذ صف شوبنهاور وكانط وشافتسبري فيما يخص الفن الأيروتيكي).

باختصار، إذا كانت الاستجابات الجمالية (المجردة والتأملية) مناقضة للاستجابات الجنسية (غير المجردة، الجسمانية)، مثلما أعتقد العديد من فلاسفة الفن قديماً، لن تتبقى مساحة تصورية تتسع لأعمال تهدف إلى الاستجابتين. لكننا في الواقع نمتلك تراثاً طويلاً راسخاً من الفن الأيروتيكي، ليس في الغرب فحسب، بل وفي الثقافات غير الغربية كذلك. فكيف نبرر ذلك؟أمام أنصار علم الجمال المعاصر خيارين إما اعتبار الفن الأيروتيكي ليس فناً عظيماً، مثلما فعل موهان ماثين، أو القول بأن اللوحات والكتب والقصائد الأيروتيكية يمكن أن تبلغ المرتبة الفنية رغم محتواها الأيروتيكي مثلما ذكر بيل. غير أن هذا عسير على الفهم بأي مقياس؛ فثمة أعمال بارزة عديدة في الفن الأيروتيكي، لكن أيروتيكية هذه الأعمال أيضاً ليست جزءاً متكاملاً من قيمتها الفنية. بلا ريب هناك لوحات وتماثيل عارية تبدو أنها تستحق أولاً وأخيراً أن تكون موضع دراسة في الجمال الشكلي (مثل بعض تماثيل النحات هنري مورHenry Moore).

ولكن من يشاهد على سبيل المثال (روكبي فينوس Rokeby Venus) التي رسمها الفنان دييجو فيلاسكيز Velázquez  (1647- 1651) أو (الماجا العارية The Naked Maja) لجويا Goya  (1797- 1800) بصفتهما تطبيق شكلي سوف يسيء الفهم تماماً ويفشل في تذوق ماهية هذه الأعمال. وهذا هو سبب تفضيل أغلب علماء الجمال اليوم أمراً على الآخر. عوضاً عن إنكار وجود فن أيروتيكي أصيل، أنكروا تناقض الاستجابات الجمالية والأيروتيكية؛ ومن ثم رفضوا المبادئ الرئيسية لعلم الجمال المعاصر.

3.2 رد اعتبار الجمالي للأيروتيكي

وُجهت عدة انتقادات إلى علم الجمال المعاصر وورثته من الشكليين والتجريبيين في القرن العشرين وذلك لعدة أسباب. ولكن عوضاً عن تقديم نقد عام، دعونا نتطرق بإيجاز إلى بعض الفلاسفة الذين في هجومهم على علم الجمال المعاصر دعوا بشكل واضح بإدراج الجنسي في نطاق علم الجمال. وكان فريدريك نيتشه Friedrich Nietzsche من أوائل هؤلاء النقاد المتحمسين. في فقرة شهيرة في كتابه (أصل الأخلاق وفصلها) (On the Genealogy of Morals) (1887: III.6) يوجه نيتشه الانتباه إلى وجهة نظر الفنان ويكشف عن خلل أساسي في علم الجمال المعاصر:

إن مزاعم علماء الجمال، والتي استندت على رأي كانط، حول قدرتنا على رؤية التماثيل الأنثوية العارية “بتجرد” بناء على سحر الجمال، تستدعي السخرية؛ إذ أن تجارب الفنانين في هذه المسألة الحساسة بالأحرى أكثر “انخراطاً” بالتأكيد، لم يكن بجماليون Pygmalion مجرداً تماماً من الحس الجمالي.

وقع بجماليون  في سحر التمثال الجميل الذي صنعه، لكن استمتاعه لم يكن مجرداً بالتأكيد من الرغبة. بالنسبة لنيتشه، حالة بجماليون ليست استثناء، بل حالة رمزية: ” بشكل رئيسي جميع أعمال الفن تزيد القوة وتشعل الرغبة” 809) The Will to Power). كما كتب في (غسق الأوثان) Twilight of the Idols (1889): “كل الجمال يحث على التناسل… بل إن هذا تحديداً هو سمة خاصة لأثره، من أكثر المناطق حسية حتى أكثرها روحانية… (IX.22).

إن الاعتقاد بأنه في مسائل الجمال والفن هناك ما يسمى بالتصور البحت (اعتبار جمالي مجرد من الرغبة)، مثلما فعل شوبنهاور وكانط وشافتسبيري، هو ببساطة خداع للنفس.

لا يضع نيتشه فاصلاً بين الجمالي والجنسي، بل يعتبرهما مرتبطين بشكل وثيق:

"الحاجة إلى الفن والجمال حاجة غير مباشرة إلى مباهج الجنس" 805) The Will to Power). تتشارك التجربتان ذات التكوين والظواهرية. بالنسبة للتجربة الجنسية، لو وجد هناك "فعل أو مشاهدة جمالية، ثمة شرط فسيولوجي ضروري واحد ألا وهو النشوة" (IX، 8 Twilight of the Idols). 

والمتعة التي يستشعرها المرء ليست متعة منفصلة معرفية، أو نوع فريد من التجربة تميزنا عن الحيوانات. كلا، الفن يذكرنا بحالات العنفوان الحيواني؛ فهو من جهة فرط وفيض الوجود الجسدي المتفتح في عالم الصور والرغبات، ومن جهة أخرى هو إثارة للوظائف الحيوانية عبر صور ورغبات الحياة المكثفة. 802) The Will to Power).

لذا، بينما يرى بعض العلماء، مثل شوبنهاور، الروائع الأيروتيكية القديمة انحرافات مؤسفة، ليست لدى نيتشه مشكلة البتة في إضفاء المكانة عليها.

يعتبر ألكسندر نيهاماس Alexander Nehamas وريتشارد شوسترمان Richard Shusterman من أبرز رواد علم الجمال المعاصر؛ وذلك لجهودهما الحثيثة لإفساح مجال للأيروتيكي في علم الجمال والفن. في الصفحات الأولى من كتابه (وعد بالسعادة فحسب) (Only a Promise of Happiness) الصادر عام 2007، يكتب نيهاماس أن “رد الفعل المناسب الوحيد على الجمال هو الأيروس/الحب، الرغبة في امتلاكه” (2007: 6). وبينما يرى أن الأيروس لا يجب أخذه على نحو جنسي هنا، يعتقد أن الاحتكاك بالأيروتيكي يتيح نماذج توضيحية للتجارب الجمالية بوجه عام: “أكثر الجمال تجريداً وفكراً يثير الحاجة إلى امتلاكه، مثلما يلهم الجمال الحسي الرغبة في معرفته بشكل أفضل” (2007: 7).

“كل حكم للجمال هو موجه مستقبلياً، ومتطابق مع شرارة الرغبة، وتضمن بتعبير ستندال وعداً بالسعادة” (Stendhal 1926: 74; Nehamas 2007: 55).

كما يرى نيهاماس أن الفن الأيروتيكي ليس تمرداً استثنائياً بحاجة إلى الشرح والإيضاح، بل إنه يتيح أفضل هجوم ممكن لفهم ماهية الجمال والفن. وليس من قبيل المصادفة أن العمل الفني الذي يعود إليه نيهاماس مراراً هو (أولمبيا) للفنان مانيه. بعيداً عن كونها مثالاً على الجمال الشكلي، مثلما أرادها زولا، هذه لوحة صُممت بشكل دقيق لتدفع الجمهور، وخصوصاً الرجال، إلى إدراك أن ما يتمتعون به لم يكن مجرد قماش مرسوم أو صورة مثالية تضمن رسالة تثقيفية، بل امرأة عارية في مكانهم وزمنهم. (Nehamas 2007: 27). إنها ايروتيكية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبالنسبة لنيهاماس تؤدي ما يؤديه كل فن عظيم، أي تشعل رغبة الجمهور.

وإذا كان نيهاماس يناقش بشكل رئيسي مسألة إنكار الرغبة في علم الجمال المعاصر، يستفيض ريتشارد شوسترمان في موضوع “الاشمئزاز العقلاني/المثالي للجسد”، والذي يجده متغلغلاً في الفلسفة الغربية برمتها (2005: 324; see also Irvin (ed.) 2016). من أجل مقاومة ذلك، يقترح شوسترمان منهجاً جديداً، وهو علم الجمال الجسدي (Somaesthetics)، والذي يهدف إلى دراسة “تجربة واستخدام الجسد بصفته موضع التذوق الجمالي/ الحسي والتخليق الذاتي الإبداعي” (1999: 302) والذي من بين أهم مقاصده الفرعية “تحسين تذوقنا للمقدرة الفنية، والجمال، والمعنى الذي تتيحه التجربة الجنسية” (2008: 85).

يزعم شوسترمان في العديد من مقالاته أن التجربة الجنسية ذاتها يمكن وصفها بالتجربة الجمالية؛ حيث أن معظم السمات المهمة المنسوبة للتجارب الجمالية منسوبة كذلك للتجارب الأيروتيكية. حيث يتم السعي إليها وتقديرها لقيمتها، كما أنها قوية للغاية وتبرز بشكل متميز بعيداً عن تيار التجربة الروتينية المألوفة، وكذلك تعرض انسجام التكوين وشكل متطور، كما يتم تذوقها بطريقة ذاتية لكن أيضاً موجهة بشكل متعمد نحو عنصر بعينه؛ إنها تخاطب الفكر والشعور والخيال، وتثير الجسد والعقل. (2007: 57، 2008: 93).

ومن ثم، عوضاً عن تجاهل الفن الأيروتيكي أو إبعاده، يسعى شوسترمان إلى التأكيد مجدداً على وجود “فن أيروتيكي” لن يتضمن اهتمام متجدد بأعمال معينة ماضية فحسب، بل يستلزم كذلك تطوير أشكال فنية أيروتيكية صادقة تمكننا من فهم العلاقة بين علم الجمال والجنس، ونقل تجارب أيروتيكية مجزية جمالياً، تعمق من تذوقنا للإمكانية الجمالية للتجارب الجسدية الأخرى.

3. علم الجمال المعاصر ومعضلة الفن الإباحي

برغم أن فلاسفة الفن لن يتناولوا جميعا استعادة الجمالي للأيروتيكي مثلما تناوله شوسترمان ونيهاماس، تنكر قلة منهم اليوم وجود الفن الأيروتيكي وشرعيته الجمالية. فهل يعني هذا انهيار الجدار بين الجنسي والجمالي؟ ليس بشكل كامل. من الأدق القول أنه أُعيد رسم خطوط المعركة. ربما تضاءلت الشكوك نحو الأيروتيكي بشكل كبير في علم الجمال المعاصر، لكن حلت محله شكوك صريحة نحو الإباحي. ينكر العديد من فلاسفة الفن، ومنهم روجر سكروتن Roger Scruton، وجيرولد ليفينسن Jerrold Levinson، وكريستي ماج أودهير Christy Mag Uidhirوجود، أو إمكانية وجود، ما يسمى بفن إباحي. بمعنى أنهم يدعمون الفرق الصارم بين الفن الأيروتيكي والإباحية. ويجد المرء أن بعض شكوكهم تشبه بوضوح المقاومة المبكرة للفن الأيروتيكي. 

يوضح سكروتن أن التصوير الإباحي واضح جنسياً وثري بالتفاصيل التشريحية، بينما تعتمد أعمال الفن الأيروتيكي على الإيحاء؛ فعوضاً عن التركيز على أجزء معينة من الجسد، تحاول إبراز فردانية الشخص الممثل وشخصيته وذاتيته. على سبيل المثال في لوحة الرسام تيتيان Titian  (فينوس أوربينو) (Venus of Urbino) (1538)، ما يجذب الاهتمام هو الوجه بصفته “نافذة على الروح”، وليست الأعضاء الجنسية (1986: 154، 2005: 11، 2009: 149).

على النقيض من ذلك، الصورة الإباحية “كالعصا السحرية التي تحول الذاتي إلى موضوعي، وتحيل الشخوص إلى أشياء؛ ومن ثم تحررهم من السحر، وتدمر منبع جمالهم” (2009: 163). كما يستعين سكروتن بالفرق بين “العاري” و”المتجرد”،  الذي اشتهر به كينيث كلارك Kenneth Clark (1956). يشكل العري الفني، مثلما يوضح العنوان الفرعي من كتاب كلارك، (دراسة الشكل المثاليStudy in Ideal Form): “تشكل تقاليد الفن الجسد بشكل جمالي وتؤطره. الشخوص في الفن الإباحي ليست متجردة بل عارية. هي مجردة من الملابس، ومكشوفة بطريقة محرجة. علاوة على أنه بينما تحتفظ اللوحة العارية لتيتان بصفاء منفصل، تثير الإباحية المشاهد، ويعتبر ذلك دوماً “خلل فني”، و”انحدار” إلى نوع آخر من الاهتمام ليس من بين أهداف علم الجمال” 2009: 163)).

كما يفرق ليفينسن بين الفن الأيروتيكي وبين الإباحي فيما يتعلق بنوع الاستجابة التي يدعوان إليها، إلا أن دوافعه مختلفة بشكل ملحوظ عن دوافع سكروتن. فيما يلي ملخص مناقشة ليفينسن:

  1. يتكون الفن الأيروتيكي من صور تستهدف بشكل رئيسي استجابة معينة. (R1)
  2. تتكون الإباحية من صور تستهدف بشكل رئيسي استجابة معينة. (R2).
  3. تتضمن استجابة الفن الأيروتيكي (R1) بشكل رئيسي الانتباه إلى شكل/ أداة/ وسيط/ وسيلة، ومن ثم تستتبع تناول الصور على أنها مبهمة بشكل جزئي. 
  4. تستثني استجابة الإباحية (R2) بشكل رئيسي الانتباه إلى شكل/ أداة/ وسيط/ وسيلة، ومن ثم تستتبع تناول الصور على أنها شفافة بشكل كلي.
  5. الاستجابة الأولى (R1) والثانية (R2) متعارضتان.
  6. ومن ثم، لا يمكن للشيء أن يكون أيروتيكي وإباحي في الوقت ذاته، أو على الأقل، لا يمكن تخيل الشيء بإحكام بصفته فن أيروتيكي وإباحي؛ أو على أقل تقدير، لا يمكن لشيء أن يكون ناجحاً بصفته فن أيروتيكي وإباحي في الوقت ذاته. (2005: 239).

وفي موضع آخر يوضح ليفينسن أنه يقصد باستجابة الفن الأيروتيكي (R1) المتعة الجمالية أو التجربة الجمالية، وأن استجابة الإباحية (R2) تشير إلى الإثارة والراحة الجنسية: “لا تتطابق أهداف الإباحية الحقيقية وأهداف الفن، بما فيه الفن الأيروتيكي، بل بينهما سجال، أحدهما يدفعك، باسم الإثارة والارتياح، لتجاهل الصورة من أجل بلوغ المُصَوّر، والآخر يحثك، باسم المتعة الجمالية، أن تتمعن في الصورة”. (2005: 234).

وتلك هي أبرز مناقشة في دوائر الجدل الحالية حول العلاقة بين الفن الأيروتيكي والإباحية، والتي بالرغم من كسبها العديد من الأنصار (Matthen 2011; Nanay 2012; Neill 2012)، إلا أنها جذبت كذلك كم كبير من الانتقادات (أنظر على سبيل المثال: Kania 2012; Davies 2012; van Brabandt and Prinz 2012; Patridge 2013). وبينما يمكننا تفنيد بعض فرضيات ليفينسن (مثلما فعل مايس2009 Maes   بطريقة منهجية)، يمكننا كذلك التشكيك في أن استنتاجه المتطرف يتبع الفرضيات السابقة. في النهاية، يبدو أن المرء يمكنه استهداف استجابات متنافرة من الجمهور (بترابط ونجاح)، طالما لا يتوقع المرء إثارة هذه الاستجابات في الوقت ذاته في نفس الجمهور (أنظر Maes 2011).

على النقيض من رواد علم الجمال المعاصر، لا يجد ليفينسن وسكروتن غضاضة في الاعتراف بوجود الفن الأيروتيكي. إلا أنهما يعارضان بشدة إمكانية وجود فن إباحي، وليس من الصعب تبين اعتراضاتهما الخاصة، والمعتمدة على أفكار مثل الجمال والتجرد والشكل المثالي والتجربة الجمالية، وهي من الآثار الباقية لعلم الجمال المعاصر. من ناحية أخرى لا يرسم الفيلسوف كريستي ماج اودهير خطاً صارماً بين الإباحية والفن. فبينما يصر سكروتن على العلاقة الجدلية بين الفن والجمال، ويبني ليفينسن نقاشه على فكرة أن الهدف الرئيسي من العمل الفني هو إنتاج تجربة جمالية وجذب الانتباه لسماتها الشكلية، لا تقم حجة ماج على ادعاءات جوهرية.

بل يزعم أن الفن ليس له هدف، ولا ينبغي أن يكون. إن ماج يطلب منا ببساطة أن نتقبل أن العمل الفني إن كان له هدف، إذاً هذا الهدف يجب أن يكون محدد الطريقة. وتوضح النقاط التالية كيف وصل إلى فرضيته الاستثنائية (2009: 194):

  1. لو كان شيء ما إباحياً، إذاً هذا الشيء له هدف الإثارة الجنسية (من بعض الجمهور).
  2. لو كان شيء ما إباحياً، إذاً هذا الشيء له هدف الإثارة الجنسية، وهذا الهدف غير محدد الطريقة.
  3. لو كان شيء ما فناً، إذاً لو كان لهذا الشيء هدف، فهذا الهدف محدد الطريقة.
  4. لو كان شيء ما فناً، ولو كان هذا الشيء هدفه الإثارة الجنسية، إذاً هذا الهدف محدد الطريقة.
  5. لا يمكن للهدف أن يكون محدد الطريقة وغير محدد الطريقة في ذات الوقت.
  6. ومن ثم، لو كان شيء ما إباحياً، إذاً ليس فناً.

يرى ماج اودهير أن الهدف لكي يكون محدد الطريقة، يجب أن يشكله بشكل أساسي فعل (أو حالة) وطريقة، حتى يؤدي الهدف هذا الفعل (أو يحدث حالة) بتلك الطريقة المعينة. من ناحية أخرى، الهدف يكون غير محدد الطريقة إذا كان الفشل في تأدية الفعل ( أو إحداث الحالة) بالطريقة الموصوفة لا يشكل بشكل أساسي فشل في تحقيق الهدف.يختلف منهج ماج أودهير بشكل ملحوظ عن منهجي سكروتن وليفينسن. إلا أنه يأخذ صف المشككين الآخرين بخصوص المسألة الرئيسية. كما يعتقد أن الفنانين أو الإباحيين الذين يحاولون إنتاج شيء يجمع بين الفن الايروتيكي والإباحي، يحاولون عمل المستحيل.

غير أن نقاد ماج أودهير أثاروا شكوكاً حيال فرضيته الثانية (Davies 2012; Patridge 2013)، بالإضافة إلى صحة الحُجة برمتها (Maes 2012). ينتمي هؤلاء النقاد إلى جماعة كبيرة من الفلاسفة الذين يجدون حجج الإقصائيين غير مقنعة ويدافعون عن وجود فن إباحي متفرع من الفن الأيروتيكي (Kieran 2001، van Brabandt and Prinz 2012، Fokt 2012).

4. الفن الأيروتيكي مقابل الإباحية: ما وراء علم الجمال

بجانب علم الجمال، ثمة مجالان أكاديميان يستعر فيهما جدال فلسفي متواصل حول الفرق بين الفن الأيروتيكي والإباحية، وهما النظرية النسوية وتاريخ الفن.

1.4 الفن الأيروتيكي، وتاريخ الفن، والتاريخ الثقافي للإباحية

حرص مؤرخو الفن الذين كتبوا عن الفن الأيروتيكي على التمييز بين الفن الأيروتيكي الرفيع والإباحية الوضيعة. وقد صرح الفيلسوف (كينيث كلارك) إلى لجنة لونجفورد لاستقصاء الإباحية: “أظن أن الفن يتواجد في مملكة التفكير… وفي اللحظة التي يصبح فيها الفن حافزاً لفعل يفقد طبيعته الأصلية”. (Longford 1972: 280).

وكان ذلك الرأي بمثابة اعتراضه الرئيسي على الإباحية؛ أي أنها كانت بالأساس محركة للأفعال الجنسية. إلا أن ذلك لا يكفي تبرير الفصل بين الفن والإباحية. فقد غفل كلارك عن وجود العديد من الأعمال الفنية الرائعة المستوحاة من الدين أو السياسة والتي تدعو الناس إلى تغيير حياتهم أو القيام بأفعال معينة (على سبيل المثال، مذبح إيزنهايم Isenheim Altarpiece 1512، أو لوحة (الحرية تقود الشعب Liberty Leading the People) لديلاكروا Delacroix  1830).

وهذا يبرر سبب منطقي آخر وشهير بين مؤرخي الفن، حول انفصال الفن الايروتيكي عن الإباحية (والذي يذكرنا بتحفظات دوتون نحو الأيروتيكية في الفن). يُقال إن الفن متعدد الطبقات بشكل حتمي، بينما الإباحية ذات بعد واحد؛ حيث لها وظيفة واحدة ومن ثم ينقصها التعقيد البنائي والشكلي، والتعقيد المعرفي، وانفتاحية الفن للتأويلات (انظر على سبيل المثال، webb 1975: 6; Mahon 2005: 14; Wallace et al. 2007: 15). ولكن بينما تبدو اللوحة المنقوشة (إيزينهايم) ولوحة (الحرية تقود الشعب) أعمالاً معقدة، ثمة سبب منطقي لافتراض أن تأكية بساطة الإباحية في حد ذاته نتيجة إفراط في التبسيط. ودعونا نستعرض هذا الافتراض بتفصيل أكبر.

  1. الإباحية والهدف البسيط. فكرة أن للإباحية هدف رئيسي واحد وهو إثارة الجمهور جنسياً تبدو جذابة. لكن نظرة على الأعمال الإباحية المبكرة المنتجة في فرنسا وإنجلترا بين 1500 و 1800، توضح كيف أن هذا التصور مضلل. فقد استخدمت معظم الأعمال الإباحية في تلك الفترة بشكل يتعمد صدمة الجنس بغرض نقد السلطات الدينية والسياسية (Hunt 1996: 35). فكان الهدف منها أن تكون ترياق فعال لكل أشكال القمع في المجتمع، وكذلك تثقيف الناس في الأمور السياسية والدينية والمجتمعية وبالطبع الجنسية. لم يكن من قبيل الصدفة انتشار هذه الكتب في فرنسا في القرن الثامن عشر باسم (الكتب الفلسفية) (فقد كانت تعتبر خطيرة على المجتمع مثل الكتب الفلسفية)، وتزامن ازدهار الإباحية عام 1740 تقريباً مع ذروة حركة التنوير (Hunt 1996; Darnton 1995) بل ثمة روايات إباحية حملت وقتذاك اسم “فلسفة” في العنوان (على سبيل المثال (الفلسفة في المخدع La Philosophie dans le Boudorir) لماركيز دو سادSade ، 1795)، وبعضها كتبها فلاسفة مشهورون تحمسوا لاستخدام هذا النوع الشهير لبث أفكارهم بين الجماهير (على سبيل المثال رواية (الحلي الفاضحةLes Bijoux Indiscrets) للفرنسي دنيس ديدرو Diderot ، 1748).

أحد أشهر الأمثلة رواية (الفيلسوفة تريزاThérèse Philosophe)، والتي كتبها الفيلسوف الفرنسي جين بابتيست دي بوير Jean-Baptiste de Boyerعام 1748، حيث استعان بالعديد من الأوضاع الجنسية لشرح ما هو بالأساس ميتافيزيقيا مادية وميكانيكية. في حجرات النوم المجهولة، توحد الحاجة والاهتمام الأجساد معاً لتتصادم مثل الذرات عند فلاسفة العلوم الطبيعية (Jacob 1996: 160). ويصور الكاتب الأجساد آلات تديرها الحركات القاسية الملازمة للموضوع، وتسيّرها الشهوة التي لا يمكن التحكم فيها: “ترتيب أعضائنا، ونزوع أنسجتنا، وحركة سوائلنا بشكل معين، كلها تتحكم في نوع المشاعر التي تتحكم فينا وتوجه تفكيرنا وإرادتنا من أكبر الأفعال التي نؤديها حتى أصغرها”. (الفيلسوفة تريزا، مقتطع من Darnton 1995: 100). أو مثلما تلاحظ البطلة نفسها: “إن الرجال والنساء يمارسون الحب كالآلات. الحب بالنسبة لهم ليس إلا وخزاً في البشرة، واندفاعاً للسوائل، وتدفقاً للجسيمات عبر الأنسجة”. (الفيلسوفة تريزا، مقتطف من Leemans 2002: 257).

  1. الإباحية والتبسيط الشكلي والبنيوي. كما اُستخدمت الإباحية في عصر التنوير كي تخدم تصور خاطئ آخر. فزُعم أن الإباحيين يلجئون إلى إدراج مشاهد واضحة جنسياً على قدر ما يستطيعون، تاركين مساحة صغيرة لتطور الحبكة أو التعقيدات الشكلية (Steiner 1975). الإباحي “لا يلفق إلا عذر ساذج لبداية، وما إذ بدأ، يستمر ويمضي وينتهي إلى لا مكان” (Sontag 1994: 39). لاحظ أدورنو Adorno  أن الإباحية تنقصها الشكل الذي يميز الأدب؛ أي بداية ووسط ونهاية (Sontag 1994: 39). غير أن ذلك لا يتيح لنا معيار حازم لتمييز الأدب الأيروتيكي عن الإباحي. على سبيل المثال، لاحظ بعض الدارسين مدى التعقيد البنيوي للرواية الإباحية (تاريخ السيدة بورج) (Histoire de Dom B… Portier des Chartreux)، والتي نُشرت عام 1741، والمحتوية على أصوات سردية متعددة وحبكات فرعية، (Frappier-Mazur 1996: 211). مثال آخر هو بنية رواية (الفيلسوفة تريزا)، حيث رتب المؤلف أجزاء الرواية لتكبير الانكسار، بحيث أنه أينما يتوجه القارئ يرى نشاطاً جنسياً نابضاً (Darnton 1995).
  2. الإباحية والتأثير أحادي البعد على الجمهور. يُعتقد أن الإثارة الجنسية هي حالة جسدية قوية حتى أنها تعطل كافة الوظائف الأخرى، بما فيها قدراتنا الإدراكية. يزعم ليفينسن أن هذا ما يميز الإثارة الجنسية عن التحفيز الجنسي، والذي يعتقد أنه متماشي مع النشاط الإدراكي المطلوب للاستقبال الجمالي (2005: 232). وقد تناول فلاسفة آخرون هذا الفارق الجدلي بالدراسة والتمحيص (Blackburn 2006: 52; Maes 2012). بالإضافة إلى أنه إذا تقبلنا الطبيعة شبه الحيوانية للإثارة الجنسية، هذا لا يعني أنها ليست مجزية إدراكياً أو غير مناسبة فنياً. مثلما علق أحد الدارسين على رواية (فاني هيل Fanny Hill) للكاتب جون كليلاندCleland : “الدافع لقراءة مشهد في (فاني هيل) يوضح في طبيعة القارئ وجهة النظر التي شُرحت في النص. وربما يُدفع القارئ لإعادة التفكير في مزايا الرواقية، وإعادة تقييم قوى العقل للتحكم في الجسد، وإعادة قراءة ديكارت والتفكير مجدداً في الخط الفاصل بين العقل والحيوان الآلة”. (Braudy 1991: 85).
  3. الإباحية والتأويل البسيط. بينما تُثار مسائل التأويل مراراً فيما يتعلق بأعمال الفن الأيروتيكي، قلما يملك الناس هواجس تأويلية فيما يتعلق بالإباحية. لو سعت المحاولات التأويلية إلى تبرير عناصر معينة في أحد الأعمال والتي وجودها ليس واضحاً بشكل مباشر للجمهور المستهدف (Carroll 2009)، لن تكون هناك حاجة للتأويل في حالة الإباحية حيث يتضح سبب احتواء هذه الأفلام أو الروايات على مشاهدة جنسية واضحة. لكن من المهم عدم القفز إلى الاستنتاجات. هناك (على الأقل) نوعان مختلفان من المشاريع التأويلية يمكن للمرء الانخراط فيها، وكل نوع محمل بعدة أسئلة من قبيل “ما هي طبيعة العمل؟” أو “ما الذي يكشفه العمل عن المؤلف أو الزمان أو المكان أو الثقافة أو المجتمع الذي خُلق فيه؟”. وبينما السؤال الأول أساسي في مجال نقد الفن، السؤال الثاني سيكون نقطة البداية لتأويلات مؤرخي الثقافة، وعلماء الاجتماع، والمحللين النفسيين. هذه التأويلات الأخيرة المتعلقة بالإباحية لن تكون بسيطة، بسبب التعقيد المدهش للطبيعة الإباحية نظراً لقائمتها الضخمة من التابوهات وأنواع الأجساد وأفعال الجنس وغيرها. إن الإباحية تمهد لنا، مثلما تقول لورا كيبنس Laura Kipnis، “الطريق الملكي إلى النفس الثقافية” (2006: 118)، وعليه يمكن أن تكون منجماً خصباً للتأويلات. السؤال الآخر وهو “طبيعة العمل؟” يبدو أقل صلة بالموضوع، ولاسيما فيما يتعلق بمقاطع الفيديو الشكلية والمتكررة التي يجدها المرء في مواقع الانترنت الإباحية. غير أن ثمة أنواع أخرى من الإباحية حيث المعنى و”المفهوم” يبدوان شديدي الصلة بالموضوع، مثل الإباحية الفلسفية التي ذُكرت أعلاه والإباحية النسوية والتي سنناقشها في الجزء التالي.

2.4 الفن الأيروتيكي، والنظرية النسوية، والتشييء

في مقال قصير شهير، تصف جلوريا شتاينم Gloria Steinem ما تراه “اختلافاً واضحاً وحاضراً”:

"أنظر إلى صورة أو فيلم فيها أشخاص يمارسون الحب، يمارسون الحب حقاً... ثمة حسية ولمسة دفء، تقبل للأجساد ونهايات الأعصاب... ثم أنظر إلى تصوير للجنس حيث توجد قوة واضحة، أو قوة غير متكافئة تشي بإكراه وإجبار... الأولى أيروتيكية: تعبير جنسي ممتع بين طرفين اختارا بشكل إيجابي التواجد هناك... الثانية إباحية: رسالتها العنف والهيمنة والإخضاع". (Steinem 1995: 31).

من الأفكار المؤثرة وجود اختلاف أخلاقي بارز بين الفن الأيروتيكي والإباحي؛ حيث ترتكز الإباحية على الجنس العدواني أو المنفر أو الفاقد للإحساس، بينما الفن الايروتيكي منوط بالحب والعاطفة والمساواة بين الطرفين، (انظر على سبيل المثال، Ellis 2006: 30; Mahon 2005: 15; Ridington 1989: 27). غير أن وصف الفن الأيروتيكي، مقابل الإباحية، بمصطلحات معينة لن يجعل الإباحية غير أخلاقية، والأيروتيكية أخلاقية. مثلما يزعم ثيودور جرايك Theodore Gracyk (1987)، أن الطبيعة الكريهة الأخلاقية لأحد التمثيلات ليست مجرد مسألة موضوع مصور.

ففي إمكان الفنان تحديد الاغتصاب أو الأشكال العدوانية الأخرى من الانتهاك في محاولة منه للتحذير بشكل دقيق والاحتجاج على امتهان الرجل أو المرأة (مثل أعمال كيكي سميثKiki Smith  ). وهذا سبب حرص هيلين لونجينو Helen Longino على تعريف الإباحية بأنها: “قول أو تصوير تمثل أو تصف سلوك جنسي منحط أو مسيء لأحد المشاركين في مثل هذه الطريقة، بحيث أنها تروج للامتهان”. (1980:43).

لم تكن هيلين الوحيدة في محاولتها لتناول الإشكالية الأخلاقية للإباحية. لكن تعقيدات هذا الجدل ليست مجالنا هنا؛ فتركيزنا على الفن الأيروتيكي وليس الإباحي. إلا أن بعض المناقشات الأساسية تستحق التناول؛ إذ يمكن استخدامها في مناقشات الفروق بين الفن الأيروتيكي والإباحي.

ربما كانت أكثر الطرق وضوحاً للزعم أن الإباحية مكروهة أخلاقياً (بطريقة أن الفن الأيروتيكي ليس كذلك) هو القول بأنها ضارة. الضرر الذي يمكن للإباحية إحداثه في مرحلة الإنتاج، ويأخذ شكل الإجبار أو الوحشية أو العنف أو الاغتصاب. ولكن إن لم يكن هناك ضرر في صناعة الإباحية، وعوملت النماذج بشكل محترم وعادل، ربما وقع ضرر ما بعد مرحلة الإنتاج. زعم بعض الدارسين أن المواد الإباحية تشكل ضرراً لأنه بصفتها نوعاً من خطاب الكراهية تسكت المرأة وتخضعها (MacKinnon 1987; Langton 1993، 2009; Maitra 2009).

وأكد آخرون أن التعرض للمواد الإباحية يمكن أن يسبب الضرر (Eaton 2007). الادعاء الأخير منقح بشكل إضافي بتحديد تكرار التعرض (منعزل/متراكم)، وطبيعة المادة (مساواتية/ غير منصفة)، وطبيعة الضرر الواقع (جسدي/نفسي)، ومن يقع عليه بشكل رئيسي (المستهلك/طرف ثالث). عن طريق التناول المنتظم لجوانب من عدم المساواة الجندرية بشكل أيروتيكي، يُعتقد أن الإباحية المجحفة تلحق ضرراً بالطرف الثالث، ولاسيما المرأة، بسبب الآثار الضارة التي تتركها على مستهلكيها. (Eaton 2007).

“الاستغلالExploitation” و”التشييءobjectification” مصطلحان يُستخدمان بشكل خاص لوصف عيوب الإباحية. على سبيل المثال كتبت مارثا نوسبوم Martha Nussbaum (1995) مقالاً بارزاً حول الأشكال المختلفة للتشييء وكيف تنطبق على الإباحية (أنظر أيضاً Stock 2015). وعرف فنانون من أمثال نانسي سبيرو Nancy Spero الإباحية بأنها “المادة التي تستغل أجساد النساء” (مقتبس من Cembalest 1989: 142). ويُعتقد أن هذه المصطلحات الأخلاقية ربما تفصل بين الفن الأيروتيكي عن الإباحية؛ حيث أن الإباحية ذات طبيعة استغلالية أو تشييئية بطريقة تختلف عن الفن (الأيروتيكي).

وقد تعقدت هذه الفوارق بشكل كبير بظهور الإباحية النسوية، على غرار (أجساد مثل الشمس Skin.Like.Sun) (2010 من إخراج جينفر ليون بيل Jennifer Lyon Bell وموريل شيرMurielle Scherre )، والرواية المصورة لمولي كيلي Molly Kiely (تلك الفتاةThat Kind of Girl ) (1999)، أو (مذكرات قذرة Dirty  Diaries)، وهي مجموعة من أفلام سويدية قصيرة (2009). المتعة والرضا المتبادلان ركيزة في هذه الأعمال الإباحية والتي لا تعرض عيوباً أخلاقية ظاهرة في الإباحية السائدة (فليس بها استغلال، أو تشييء، أو تناول عدم المساواة الجندرية بشكل أيروتيكي).

وعلاوة على ذلك، يُقال أن تلك الأعمال لها قوة ايجابية توعوية بسبب رفضها الكبت الجنسي، واضطهاد النفس، والرياء، (Willis 1995; Taormino et al. 2013; Maes 2017; Eaton 2017). لكن حتى لو قوبل بالتجاهل هذا النوع الفرعي من الإباحية المتصاعد بقوة، وزُعم أن ثمة خلل في أي نوع من الإباحية، لن يفسر ذلك الاختلاف الصارم بين الفن الأيروتيكي والإباحية. فكل تفسير منطقي للعلاقة بين القيمة الأخلاقية والفنية، سواء أكانت ذاتية، أو أخلاقية، أو لا أخلاقية، أو سياقية، سيقر باحتمالية وجود عيوب واضحة للعيان في الأعمال الفنية، بما فيها الفن الأيروتيكي (Gaut 2007، أنظر أيضاً Eaton 2003  لتحليل مستفيض للوحة (اغتصاب أوروبا Rape of Europa) لتيتيان 1562). علاوة على أنه مهما كان الاعتراض (الأخلاقي) للمرء على الإباحية السائدة، يمكن تطبيقه كذلك على بعض نماذج الفن الأيروتيكي (Patridge 2013).

  • أولاً، يمكن أن يقع الضرر عند إنتاج الفن الأيروتيكي (Brown 2002 يحكي براون القصة المفزعة لسيليني Cellini  وحورية فاونتينبلو Nymph of Fontainebleau).
  • ثانياً، بعض الأعمال الفنية الأيروتيكية أيضاً تحدث ضرراً. على الأقل، تتشابه افتراضات لانجتون وماكينون مع (أنواع معينة من) الفن الأيروتيكي. وقد طرحت لانجتون وماكينون تساؤلاً شائكاً وهو هل يمتلك المصورون الإباحيون السلطة المناسبة لممارسة خطابات تنطوي على إسكات المرأة وإخضاعها؟ وزعمتا أنه من السهل أن يرد الفنانون بالإيجاب في حالة توجيه هذا السؤال لهم لأن سلطتهم الملحوظة أقل إثارة للجدل.
  • ثالثاً، بعض الأعمال الفنية الأيروتيكية ربما يسبب الضرر بنفس طريقة الإباحية؛ أي عن طريق تناول عدم المساواة الجندرية بشكل أيروتيكي، ومن ثم تشكيل الخيارات الجنسية للأفراد بطريقة تدعم عدم المساواة الحالية بين الجندر (Eaton 2012).

وأخيراً، أوضح كوك Cooke  2012 وايتون Eaton 2012 أن الاستغلال والتشييء لا يخصان الإباحية فحسب بل موجودان في العديد من أعمال الفن الأيروتيكي؛ وهو حضور لا يُعترف به لأن النقاد يميلون إلى التركيز بشكل حصري على الإباحية ويرون أن الفن يسمو على النقد (الأخلاقي).خلاصة القول، من الصعب وضع فوارق واضحة وقاطعة بين الفن الأيروتيكي والإباحية تقوم على تبريرات نسوية أو أخلاقية. ركزت انتقادات الإباحية على سمات تتشارك فيها مع فئة عريضة من النتاجات الثقافية بشكل عام، و(بعض) الأعمال الفنية الأيروتيكية بشكل خاص. وهذه ليست أنباء سيئة للنسويات. بل على العكس، يمكن للنسويات تقبل هذه النتيجة لأنها توضح أن انتقاداتهن ذات نطاق أوسع مما تظهر في البداية (انظر Kania 2012; Mikkola (ed.) 2017).

5. مسائل إضافية

وتتبقى عدة مسائل فلسفية تحتاج إلى الدراسة والاستقصاء في الفن الأيروتيكي. والأسئلة التالية ربما تلعب دوراً مهماً في بحوث المستقبل بخصوص هذا الموضوع.

  • أولاً، كيف يكون التمثيل تلصصاً، وما هو الفرق بين التلصص في التمثيلات الفنية وغير الفنية؟ لطالما أُثير هذا التساؤل كثيراً في كتاب جون بيرجر John Berger (طرق الرؤية Ways of Seeing) (1972)، كما تناولته شيلكنز Schellekens  2012 وايتون 2012. وقد عرضت أيتون أيضاً إعادة تأويل فلسفية للمفهوم البارز والمتأثر بالتحليل النفسي “النظرة الذكورية male gaze” (Mulvey 1989). تقترح ايتون أن الأعمال التي تجسد النظرة الذكورية يدرك جمهورها أن المرأة ممثلة بشكل رئيسي باعتبارها هدفاً جنسياً: “وصف طريقة الرؤية بأنها “ذكورية” ليس المقصود منه شرح طريقة استجابة جميع الرجال، أو معظمهم، لهذه الصور، بل القول بأن طريقة الرؤية هذه مناسبة لشخص ما في الدور الاجتماعي الذكوري، وهو دور مغاير الجنس بشكل واضح” (Eaton 2012: 293).
  • ثانياً، ما هو دور الانتهاك في الفن الأيروتيكي؟ بينما أبرزت الفيلسوفات النسويات المخاطر الأخلاقية المتعلقة بإنتاج التمثيلات الجنسية والترويج لها، زعم فلاسفة آخرون وأبرزهم جورج باتيل Georges Bataille (1985، 1986) أن خرق القواعد، ولاسيما الإخلال بالمعايير الاجتماعية أو الأخلاقية حول السلوك الجنسي، ضرورة لا مفر منها للإثارة الجنسية ويسمح بحالات عاطفية أخرى، مثل الاشمئزاز والمرح والرهبة، والتي غالباً مؤثرة في المواقف والصور الجنسية (لنسخة مبسطة أنظر Newall 2012. وللاطّلاع على دور الانتهاك في الفن انظر Julius 2002).
  • ثالثاً، كيف تؤثر درجة الأيروتيكية على جودة العمل الفني الأيروتيكي، وكيف أن معيار تقييم الفن الأيروتيكي يختلف عن المعايير المخصصة لتقييم أنواع الفن الأخرى؟ تحاول دافيز Davies  (2002) الإجابة عن هذه الأسئلة بدراسة التذوق الفني وحالاته بالاستعانة بوسيط أولي غير فني، مثل الفن الديني أو السياسي أو الأيروتيكي. 
  • رابعاً، ثمة اختلافات تستحق الدراسة بين أشكال الفن. على سبيل المثال، يلاحظ عادل مصطفى احمد في الفن الإسلامي أنه: “من الناحية التطبيقية كل ما يُرى أيروتيكي (بشكل مقبول سامي) في الأدب، يعتبر إباحي (مقزز وفاحش) لو صُور في الرسم والنحت” (Ahmad 1994: 281).

في الفن الغربي كذلك تظهر درجات متفاوتة من الإجازة لو قارننا الأدب بالفنون البصرية. كيف نشرح ذلك؟ كيف نشرح غياب، أو شبه غياب، الفن الأيروتيكي في الفنون التجريدية؟ على سبيل المثال من النادر وجود أعمال معمارية أيروتيكية، كما لا يتضح إن كانت هناك موسيقى يمكن تصنيفها بأنها أيروتيكية. بالطبع ثمة رقصات أيروتيكة، لكنها قلما تُؤدى داخل سياق فني أو قلما يُنظر إليها باعتبارها أعمالاً فنية.

  • ولإيضاح هذه الظاهرة الأخيرة ينبغي دراسة موضوعات الخيال والوهم، وهو مبحث خامس مهم. مثلما يقول كاين تود Cain Todd  (2012) إن إدراك مدى خيال التمثيلات الجنسية يكفل أن الانخراط الخيالي للمرء لا ينطوي إلا على حالات متخيلة “شبيهة بالرغبة”، بينما تمتع المسترق للنظر لرقصة أيروتيكة لمتعري/ة تمنع هذا النوع من الانخراط، ولهذا تتضمن رغبة جنسية حقيقية. ربما يظن المرء أن التخيل الموجه بإثارة نحو تمثيل جنسي هو تخيل ذاتي، بمعنى أن المرء يستخدم الصورة كدعامة لتخيل ارتكاب أفعال جنسية معينة أو مشاهدتها. ويزعم تود أن الانخراط في الصورة الجنسية يتضمن بعض القيم الإدراكية، بقدر ما يتضمن انخراط النفس في مشروعات متخيلة ذاتياً. وبرغم صوابية هذه المزاعم، ينكرها ستوك Stock  (2012) زاعماً أن التمتع بالأيروتيكة لا يتضمن دائماً تخيل شيئاً عن النفس. 
  • سادساً، لماذا لا يوجد فن يضم الفن الأيروتيكي والإباحية معاً؟ تتناول فان براباندت وبرينز  Van Brabandt and Prinz  (2012) هذا السؤال من ناحية السينما، فتزعمان وجود العديد من التشابهات بين الأفلام الفنية والإباحية مثل لقطات الانتقال السريع أو اللقطات الطويلة، أو الأداء البرشتي Brechtian، أو السينما المباشرة، أو إثارة مشاعر قوية، أو استكشاف أقصى ما وصلت إليه التجربة البشرية وهوامش المجتمع. لكنهما تريان أن قوى السوق هي الملامة بشكل رئيسي بسبب عدم تداخل الفئتين. وعلى النقيض من ذلك، تتناول ماريا ميكولا  Mari Mikkola  (2013) الأعمال الحديثة في انطولوجيا المنتوجات الفنية، وتخلص إلى إمكانية وجود فئة فن-إباحي، وهي ضرب جديدة من العناصر منبثقة من فئات موجودة في الإباحية والفن، بدون هيمنة فئة على أخرى.
  • سابعاً، ستظل موضوعات البذاءة والرقابة تقوم بأدوار رئيسية في أبحاث الفن الأيروتيكي، مثلما هي في المناقشات الفلسفية عن العري (Nead 1992; Hammer 1997; Danto 2000; Scruton 2009) وفي الفن الذي يتحدى النموذج الكلاسيكي للجمال (O’Hear 1991، Danto 1995، Mey 2007). كما أن هذه الموضوعات رئيسية في الفروق الشرطية بين الفن الأيروتيكي والإباحية (Maes 2012). على سبيل المثال، جورج ب. إليوت George P. Elliott يعرف الإباحية بأنها: “تصوير أفعال أيروتيكة بشكل مباشر أو غير مباشر بوضوح مقحم يسيء إلى الاحتشام بدون تبرير جمالي”. (1970: 74–75).

التعريف النموذجي لهذا النوع سيعيد إلى الأذهان بعض الأوصاف القانونية للفحش مثل مقياس ميلر الشهير Miller test الذي وضعته المحكمة العليا الأمريكية في ميلر مقابل كاليفورنيا) Miller v. California 1973). يقترح هذا المقياس معيار ثلاثي للحكم على أي عمل بأنه فاحش؛ فالشيء يعتبر فاحشاً إذا: (1) راق للاهتمام الشهواني لشخص عادي يطبق معايير المجتمع المعاصرة، (2) صور سلوكاً جنسياً، عرفته وحددته قوانين سارية للدولة، بطريقة فاحشة واضحة، (3) افتقر إلى القيمة الأدبية أو الفنية أو السياسية أو العلمية الرصينة. وقد ثبت إشكالية هذا المعيار في جوانب كثيرة، وأحد عيوبه الواضحة دمج فكرتي الإباحي والفاحش (Nussbaum 2004). وقد تحاشت محاولات فلسفية حديثة لتعريف الفاحش هذا العيب، وأخذت بعين الاعتبار الفاحش غير الإباحي والفن الأيروتيكي الفاحش ( Kieran 2002 مثلًا).

أخيراً، إذا ساعدت التمثيلات الأيروتيكية والفن الأيروتيكي في تشكيل الطريقة التي نرى بها أجسادنا ونتعامل بها، كيف يمكن استخدامهما لمناهضة الاضطهاد القائم على العِرق أو الجنس أو العمر أو الحجم أو الإعاقة، أو الاستمرار في مناهضته؟ يتطرق ديفيدسن Davidson  (2016)، وكاهيل Cahill  (2016)، ولينتوت وإرفين Lintott & Irvin (2016) وميكولا Mikkola  (2016) إلى هذا الموضوع، لكن لا تزال هذه النقطة بحاجة لمزيد من البحث. 

قصارى القول، يفضي التأمل المستبصر في الفن الأيروتيكي إلى أسئلة جوهرية حول طبيعة علم الجمال، التأثير الأخلاقي، حالات التمثيل والتصوير، وحدود الفن. كما سيثبت نفعه في استقصاءات فلسفية أخرى.


المراجع

  • Ahmad، Adil Mustafa، 1994، “The Erotic and the Pornographic in Arab Culture”، British Journal of Aesthetics، 34: 278–284.
  • Aki، Ishigami، 2013، “The Reception of Shunga in the Modern Era: From Meiji to the Pre-WWII Years”، Japan Review، 26: 37–55.
  • Bataille، Georges، 1985، Visions of Excess: Selected Writings 1927–1939، Allan Stoekl (ed. and trans.)، Minneapolis: University of Minnesota Press.
  • –––، 1986، Erotism: Death and Sensuality، San Francisco: City Lights Books.
  • Beardsley، Monroe C.، 1982، “Redefining Art”، in Michael J. Wreen & Donald M. Callen (eds.)، The Aesthetic Point of View، Ithaca: Cornell University Press.
  • Bell، Clive، 1961 [1914]، Art، London: Grey Arrow.
  • Berger، John، 1972، Ways of Seeing، London: Penguin.
  • Blackburn، Simon، 2006، Lust، Oxford: Oxford University Press.
  • Braudy، Leo، 1991، Native Informant: Essays on Film، Fiction، and Popular Culture، Oxford: Oxford University Press.
  • Brown، Curtis، 2002، “Art، Oppression، and the Autonomy of Aesthetics”، in Alex Neill & Aaron Ridley (eds.)، Arguing About Art: Contemporary Philosophical Debates، London: Routledge.
  • Bullough، Edward، 1969، “Psychical Distance”، in F. Tillman & S.M. Cahn (eds.)، New York: Harper & Row.
  • Cahill، Ann J.، 2016، “Sexual Desire، Inequality، and the Possibility of Transformation”، in Irvin (ed.) 2016، 281–298.
  • Carroll، Noël، 2009، On Criticism، New York: Routledge.
  • Cembalest، Robin (ed.)، 1989، “What is Pornography?” Art News، October Issue.
  • Clark، Kenneth، 1956، The Nude: A Study in Ideal Beauty، London: John Murray.
  • Collingwood، R.G.، 1938، The Principles of Art، Oxford: Clarendon.
  • Cooke، Brandon، 2012، “On the Ethical Distinction Between Art and Pornography”، in Maes & Levinson 2012.
  • Danto، Arthur C.، 1995، Playing with the Edge. The Photographic Achievement of Robert Mapplethorpe، Berkeley: University of California Press.
  • –––، 2000، The Madonna of the Future. Essays in a Pluralistic Art World، Berkeley: University of California Press.
  • Davidson، Maria del Guadalupe، 2016، “Black Silhouettes on White Walls: Kara Walker’s Magic Lantern”، in Irvin (ed.) 2016، 15–36.
  • Davies، David، 2012، “Pornography، Art، and the Intended Response of the Receiver”، in Maes & Levinson 2012.
  • Darnton، Robert، 1995، The Forbidden Best-Sellers of Pre-Revolutionary France، New York: W.W. Norton & Company.
  • Dutton، Denis، 2009، The Art Instinct، New York: Oxford University Press.
  • Dwyer، Susan (ed.)، 1995، The Problem of Pornography، Belmont: Wadsworth.
  • Eaton، Anne W.، 2003، “Where Ethics and Aesthetics Meet: Titian’s Rape of Europa”، Hypathia، 18: 159–188.
  • –––، 2007، “A Sensible Anti-Porn Feminism”، Ethics، 117: 674–715.
  • –––، 2012، “What’s Wrong with the Female Nude? A Feminist Perspective on Art and Pornography”، in Maes & Levinson 2012.
  • –––، 2017، “Feminist Pornography”، in Mikkola (ed.) 2017.
  • Elliott، George P.، 1970، “Against Pornography”، in D. Hughes (ed.)، Perspectives on Pornography، New York: St Martin’s Press.
  • Ellis، John، 2006، “On Pornography”، in P. Lehman (ed.)، Pornography: Film and Culture، New Brunswick: Rutgers University Press.
  • Fokt، Simon، 2012، “Pornographic Art: A Case from Definitions”، British Journal of Aesthetics، 52: 287–300.
  • Frappier-Mazur، Lucienne، 1996، “Truth and the Obscene Word in Eighteenth-Century French Pornography”، in L. Hunt (ed.)، The Invention of Pornography، New York: Zone Books.
  • Gaut، Berys، 2007، Art، Emotion، and Ethics، Oxford: Oxford University Press.
  • Gracyk، Theodore، 1987، “Pornography as Representation: Aesthetic Considerations”، Journal of Aesthetic Education، 21: 103–121.
  • Hammer، Martin، 1997، The Naked Portrait، Edinburgh: The National Galleries of Scotland.
  • Hunt، Lynn (ed.)، 1996، The Invention of Pornography، New York: Zone Books.
  • Irvin، Sherri (ed.)، 2016، Body Aesthetics، Oxford: Oxford University Press.
  • Jacob، Margaret C.، 1996، “The Materialist World of Pornography”، in Hunt 1996.
  • Julius، Anthony، 2002، Transgressions: The Offences of Art، Chicago: University of Chicago Press.
  • Kania، Andrew، 2012، “Concepts of Pornography: Aesthetics، Feminism، and Methodology”، in Maes & Levinson 2012.
  • Kant، Immanuel، 2000 [1790]، Critique of the Power of Judgment، Paul Guyer (ed.)، Paul Guyer and Eric Matthews (trans.)، Cambridge: Cambridge University Press.
  • Kieran، Matthew، 2001، “Pornographic Art”، Philosophy and Literature، 25: 31–45.
  • –––، 2002، “On Obscenity: The Thrill and Repulsion of the Morally Prohibited”، Philosophy and Phenomenological Research، 64: 31–55.
  • Kipnis، Laura، 2006، “How to Look at Pornography”، in P. Lehman (ed.)، Pornography: Film and Culture، New Brunswick: Rutgers University Press.
  • Kupfer، Joseph H.، 1983، Experience as Art. Aesthetics in Everyday Life، Albany: SUNY Press.
  • Langton، Rae، 1993، “Speech Acts and Unspeakable Acts”، Philosophy and Public Affairs، 22: 293–330.
  • –––، 2009، Sexual Solipsism. Philosophical Essays on Pornography and Objectification، Oxford: Oxford University Press.
  • Leemans، Inger، 2002، Het woord is aan de onderkant. Radicale ideeën in Nederlandse pornografische romans، Nijmegen: Vantilt.
  • Levinson، Jerrold، 2005، “Erotic Art and Pornographic Pictures”، Philosophy and Literature، 29: 228–240.
  • –––، 2006، “What is Erotic Art?” in Jerrold Levinson، Contemplating Art، Oxford: Oxford University Press.
  • Liedtke، Walter، 2009، “Johannes Vermeer (1632–1675) and The Milkmaid”، in Heilbrunn Timeline of Art History، New York: The Metropolitan Museum of Art. URL= <http://www.metmuseum.org/toah/hd/milk/hd_milk.htm> (August 2009).
  • Lintott، S. & S. Irvin، 2016، “Sex Objects and Sexy Subjects: A Feminist Reclamation of Sexiness”، in Irvin (ed.) 2016، 299–318.
  • Longford، F.P.، 1972، Pornography: The Longford Report، London: Coronet Books.
  • Longino، Helen، 1980، “Pornography، Oppression، and Freedom”، in L. Lederer (ed.)، Take Back the Night: Women on Pornography، New York: William Morrow.
  • MacKinnon، Catharine، 1987، “Francis Biddle’s Sister: Pornography، Civil Rights، and Speech”، in Feminism Unmodified: Discourses on Life and Law، Cambridge، MA: Harvard University Press.
  • Maes، Hans، 2009، “Art and Pornography”، Journal of Aesthetic Education، 43: 107–116.
  • –––، 2011، “Art or Porn: Clear Division or False Dilemma?” Philosophy and Literature، 35: 51–64.
  • –––، 2012، “Who Says Pornography Can’t Be Art?” in Maes & Levinson 2012.
  • ––– (ed.)، 2013، Pornographic Art and the Aesthetics of Pornography، Basingstoke: Palgrave Macmillan.
  • –––، 2017، “Falling in Lust: Sexiness، Feminism، and Pornography”، in Mikkola (ed.) 2017.
  • Maes، Hans & Jerrold Levinson (eds.)، 2012، Art and Pornography: Philosophical Essays، Oxford: Oxford University Press.
  • Mag Uidhir، Christy، 2009، “Why Pornography Can’t Be Art”، Philosophy and Literature، 33: 193–203.
  • –––، 2010، “Failed-Art & Failed Art-Theory”، Australasian Journal of Philosophy، 88: 381–400.
  • Mahon، Alyce، 2005، Eroticism & Art، Oxford: OUP.
  • Maitra، Ishani، 2009، “Silencing Speech”، Canadian Journal of Philosophy، 39: 309–338.
  • Matthen، Mohan، 2011، “Art، Sexual Selection، Group Selection: Critical Notice of The Art Instinct”، Canadian Journal of Philosophy، 41: 337–356.
  • Mey، Kerstin، 2007، Art & Obscenity، London: I.B.Tauris.
  • Mikkola، Mari، 2013، “Pornography، Art، and Porno-Art”، in Maes 2013.
  • ––– (ed.)، 2017، Beyond Speech: Pornography and Analytic Feminist Philosophy، Oxford: Oxford University Press.
  • Mulvey، Laura، 1989، Visual and Other Pleasures، Bloomington: Indiana University Press.
  • Nanay، Bence، 2012، “Anti-Pornography: André Kertész’s Distortions”، in Maes & Levinson 2012.
  • Nead، Lynda، 1992، The Female Nude: Art، Obscenity and Sexuality، London: Routledge.
  • Nehamas، Alexander، 2007، Only a Promise of Happiness: The Place of Beauty in a World of Art، Princeton: Princeton UP.
  • Neill، Alex، 2012، “The Pornographic، the Erotic، the Charming and the Sublime”، in Maes & Levinson 2012.
  • Newall، Michael، 2012، “An Aesthetics of Transgressive Pornography”، in Maes & Levinson 2012.
  • Nietzsche، Friedrich، 1956 [1887] [GM]، The Birth of Tragedy and The Genealogy of Morals، Francis Golffing (trans.)، New York: Doubleday.
  • –––، 1967–78، Werke: Kritische Gesamtausgabe، G. Colli and M. Montinari (eds.)، 30 vols.، Berlin: de Gruyter.
  • –––، 1968 [TI]، Twilight of the Idols، R.J. Hollingdale (trans.)، Harmondsworth: Penguin.
  • –––، 1968 [WP]، The Will to Power، W. Kaufmann & R. Hollingdale (trans.)، New York: Vintage Press.
  • Nussbaum، Martha C.، 1995، “Objectification”، Philosophy and Public Affairs، Vol، 24، pp، 249–291.
  • –––، 2004، Hiding from Humanity: Disgust، Shame and the Law، Princeton: Princeton University Press.
  • O’Hear، Anthony، 1991، “Art and Censorship”، Philosophy، 66: 512–516.
  • Patridge، Stephanie، 2013، “Exclusivism and Evaluation: Art، Erotica، and Pornography”، in Maes 2013.
  • Posner، Richard، 1994، Sex and Reason، Cambridge: Harvard University Press.
  • Ridington، Jillian، 1989، Confronting Pornography: A Feminist on the Front Lines، Vancouver: CRIAW ⁄ ICREF.
  • Schellekens، Elisabeth، 2012، “Taking a Moral Perspective: On Voyeurism in Art”، in Maes & Levinson 2012.
  • Schopenhauer، Arthur، 1969 [1818]، The World as Will and Representation، Vol. 1، E.F. Payne (trans.)، New York: Dover Publications.
  • –––، 2008، The World as Will and Presentation، Vol. 1، Richard E. Aquila with David Carus (trans.)، New York: Pearson/Longman.
  • Scruton، Roger، 1986، Sexual Desire، New York: The Free Press.
  • –––، 2005، “Flesh from the Butcher: How to Distinguish Eroticism from Pornography”، Times Literary Supplement، 15 April 2005 11–13.
  • –––، 2009، Beauty، Oxford: Oxford University Press.
  • Shaftesbury، Third Earl of، 1964 [1711]، Characteristics of Men، Manners، Opinions، Times، John M. Robertson (ed.)، New York: Bobbs Merrill.
  • Shusterman، Richard، 1999، “Somaesthetics: A Disciplinary Proposal”، Journal of Aesthetics and Art Criticism، 57: 299–313.
  • –––، 2005، “Somaesthetics and Burke’s Sublime”، British Journal of Aesthetics، 45: 323–341.
  • –––، 2007، “Asian Ars Erotica and the Question of Sexual Aesthetics”، Journal of Aesthetics and Art Criticism، 65: 55–68.
  • –––، 2008، “Aesthetic Experience: From Analysis to Eros”، in Richard Shusterman & A. Tomlin (eds.)، Aesthetic Experience، London: Routledge، 79–97.
  • Sircello، Guy، 1979، “Beauty and Sex”، in D.F. Gustafson & B.L. Tapscott (eds.)، Body، Mind، and Method: Essays in Honor of Virgil C. Aldrich، Boston: Reidel.
  • Sontag، Susan، 1994، “The Pornographic Imagination”، in Styles of Radical Will، London: Vintage.
  • Stendhal، 1926، De l’amour، Paris: Champion.
  • Steinem، Gloria، 1995، “Erotica and Pornography: A Clear and Present Difference”، in Dwyer 1995.
  • Steiner، George، 1975، “Night Words: High Pornography and Human Privacy”، in R.C. Rist (ed.)، The Pornography Controversy، New Brunswick: Transaction Books.
  • Stock، Kathleen، 2012، “Pornography and Imagining About Oneself”، in Maes & Levinson 2012.
  • –––، 2015، “Sexual Objectification” Analysis، 75: 191–195.
  • Taormino، Tristan، Constance Penley، Celine Parreñas Shimizu، and Mireille Miller-Young (eds.)، 2013، The Feminist Porn Book: The Politics of Producing Pleasure، New York: The Feminist Press at CUNY.
  • Todd، Cain، 2012، “Imagination، Fantasy، and Sexual Desire”، in Maes & Levinson 2012.
  • Van Brabandt، P. & J. Prinz، 2012، “Why Do Porn Films Suck?” in Maes & Levinson 2012.
  • Wallace، Marina، Martin Kemp، and Joanne Bernstein، 2007، Seduced: Art and Sex from Antiquity to Now، London: Merrel.
  • Webb، Peter، 1975، The Erotic Arts، London: Secker & Warburg.
  • Williams، Bernard (ed.)، 1982، Obscenity and Film Censorship: An Abridgement of the Williams Report، Cambridge: Cambridge University Press.
  • Willis، Ellen، 1995، “Feminism، Moralism، and Pornography”، in Dwyer 1995: 170–176.
  • Zola، Emile، 1991، “Écrits sur l’art”، Paris: Gallimard.

مراجع اللوحات والتماثيل والصور

  • Vermeer، Johannes، Milk Maid (1657–58)، Rijksmuseum، Amsterdam

مراجع الأدب والأفلام

  • Bell، Jennifer Lyon & Murielle Scherre (directors)، 2010، Skin.Like.Sun.
  • de Boyer، Jean-Baptiste، 1748، Thérèse Philosophe.
  • Cleland، John، 1748، Fanny Hill.
  • Diderot، 1748، Les Bijoux Indiscrets.
  • Kiely، Molly، 1999، That Kind of Girl، Seattle: Eros Comix.
  • de Latouche، Jean-Charles Gervaise، 1741، Histoire de Dom B… Portier des Chartreux.
  • McEwan، Ian، 2007، On Chesil Beach، London: Jonathan Cape.
  • Sade، 1795، La Philosophie dans le Boudoir.
  • Engberg، Mia (producer)، 2009، Dirty Diaries، a collection of Swedish movie shorts.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

مداخل ذات صلة

aesthetic، concept of the | beauty | feminist philosophy، interventions: aesthetics | feminist philosophy، topics: perspectives on objectification | Kant، Immanuel: aesthetics and teleology | Nietzsche، Friedrich | pornography: and censorship | Schopenhauer، Arthur: aesthetics | Shaftesbury، Lord [Anthony Ashley Cooper، 3rd Earl of]

Acknowledgments

The author would like to acknowledge the helpful suggestions and comments offered in the preparation this article by Anne Eaton, Inger Leemans, Wijnand Mijnhardt, Annelies Monseré, Michael Newall, Katrien Schaubroeck. He also thanks the publisher Palgrave Macmillan for permission to re-use a few paragraphs from his introduction to the book Pornographic Art and the Aesthetics of Pornography (2013).

Maes, Hans, “Erotic Art”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2018 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2018/entries/erotic-art/>.