مجلة حكمة
الولاء موسوعة ستانفورد للفلسفة

الولاء

الكاتبجون كلينق
ترجمةفاطمة الغفيلي
مراجعةمحمد الرشودي
تحميلنسخة PDF

مدخل حول الولاء وخلفيته وجذوره، وطبيعة الولاء وبنيته، وتبريراته، وحدوده؛ نص مترجم، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التعديلى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.

ماهو الولاء؟


عادة ما يُنظر إلى الولاء على أنه فضيلة، وإن كانت إشكالية في حد ذاتها، إذ إنه يتشكل مركزياً بالمثابرة في ارتباط يصبح فيه الفرد ملتزمًا بالولاء التزاما جوهريًا باعتباره مسألة هُوية له. التعبير النموذجي للولاء يوجد في الصداقة الحميمة، التي يعد الولاء جزءاً لا يتجزأ منها، غير أن العديد من العلاقات والارتباطات الأخرى تعمل على تشجيع الولاء باعتباره جانباً من جوانب الانتماء أو العضوية: وهذا ما تتوقعه العائلات، وغالبًا ما تطلبه المنظمات، وتفعل البلدان ما في وسعها لتعزيزه. إذن، هل يمكن أن يكون للمرء أيضًا ولاء للمبادئ أو الأمور المجردة الأخرى؟ من منظور إيجابي، ثمة مسألتان رئيسيتان في مناقشة الولاء تتناولان وضعه باعتباره فضيلة، وتعيين الحدود التي يجب أن يخضع لها الولاء بهذا الاعتبار. 

 

1. المقدمة

    1.1 الخلفية

    2.1 الجذور

2. طبيعة الولاء

2.1 هل هو تصرّف عملي أم مجرد عاطفة؟

3. بنية الولاء

3. 1 الولاء و الاخلاص

3. 2 هل الولاء إقصائي بطبيعته؟

  3 .3  الكلية والخصوصية

4.3 رعايا الولاء

5.3 أهداف الولاء

4. الولاء بوصفه فضيلة

5. تبرير الولاء

6. تقييد الولاء

6. 1 الإبلاغ عن المخالفات

  • المراجع

  • أدوات أكاديمية

  • موارد الإنترنت الأخرى

  • مداخل ذات صلة


 

 

 

  1. المقدمة

  2. 1.الخلفية

حتى وقت قريب، لم يجذب الولاء الكثير من الاهتمام في الأدبيات الفلسفية الغربية، حيث كان أغلب الاضطلاع التفصيلي بموضوع الولاء من كتاب مبدعين  أمثال إسخيلوس (Aeschylus, و Galsworthy, وConrad )، وعلماء الأعمال والتسويق (Goman; Jacoby & Chestnut)، علماء النفس ( (Zdaniuk & Levine، الأطباء النفسيين (Böszörményi-Nagy)، علماء الاجتماع ((Connor، علماء الدين ((Sakenfeld; Spiegel، وعلماء اقتصاد سياسي (Hirschman)، و- بشكل بارز- منظرين سياسيين ممن اهتموا بشكل خاص بالقومية والوطنية وقَسَم الولاء أمثال Grodzins, Schaar, Guetzkow)). لطالما اهتم الفكر الكونفوشيوسي (Confucian) بالولاء، نظراً لتركيزه على العلاقات الأسرية Goldin)). كان الاستثناء الفلسفي الغربي الكبير هو  Josiah Royce الذي تأثر بالفلسفة الشرقية Foust, 2012b, 2015))، حيث أنشأ نظرية أخلاقية تركز على “الولاء للولاء”. لقد أثار رويس اهتمامًا ثابتًا ومتخصصًا (راجع خصوصاًFoust, 2012a, 2011 ) منذ الثمانينيات، إذ بدأت تظهر بعض المناقشات الفلسفية المستقلة (Baron، Fletcher ،Oldenquist، MacIntyre  ،Nuyen ، Keller،Jollimore  ،Felten ،Kleinig )، ليس فقط بشكل عام وفي سياق النظرية السياسية، وإنما أيضًا في مجالات الأخلاق المهنية وأخلاق مكان العمل (McChrystal, Trotter Hajdin, Hart & Thompson, Schrag, Coleman)، والإبلاغ عن المخالفات  ((Martin, Varelius، والصداقة Bennett))، ونظرية الفضيلة .(Ewin)

 

  1. 2. الجذور

على الرغم من أن مصطلح “الولاء” له أصوله اللغوية المباشرة في اللغة الفرنسية القديمة، إلا أن جذوره اللغوية الأقدم والتي تُخلي عنها في الغالب موجودة في المعجم اللاتيني (Latin lex). إن أبعاد الظاهرة التي ندركها الآن على أنها ولاء، قديمة قِدَم تاريخ العلاقات البشرية،  وإن كانت تتجلى في كثير من الأحيان في مضادات الولاء مثل (عدم الولاء أو الخيانة). كان كتّاب العهد القديم مشغولين باستمرار بتقلّب الالتزامات البشرية، سواء تجاه الله أو تجاه بعضهم البعض. و كانوا يميلون في توصيف الولاء إلى استخدام لغة (عدم) الإخلاص ((un)faithfulness)، على الرغم من أننا نميل في الوقت الحاضر إلى استخدام لغة أكثر تقييدًا (عدم) الإخلاص (أو الخيانة) ((in)fidelity)، والتي تتعلق بالتزامات محددة. منذ العصور الوسطى إلى عهد الاستخدامات الحديثة المبكرة للمصطلح، عُرف الولاء ابتداءً في القَسَم أو في التَعَهّد بالولاء الذي يقسمه أحد التابعين لسيده. كان لهذا نوع مثير للاهتمام حيث فَقَد الإقطاع الملكي سيطرته: إذ وجد الرعايا المخلصون الذين مزقهم فساد الحكام القابعين على السلطة أنه من الضروري – كجزء من جهودهم لتجنب اتهامات الخيانة – التمييز بين ولائهم المستمر للمؤسسة الملكية وبين ولائهم لملك بعينه.

 

2- طبيعة الولاء

يمكن تعريف الولاء تعريفًا عمليًا بأنه نزعة عملية للاستمرار في رابطة ذات قيمة جوهرية بذاتها (وإن لم تكن بالضرورة رابطة قيمة)، حيث يتضمن ذلك التزاماً مكلفًا محتملاً لتأمين -أو على الأقل- عدم تعريض مصالح أو رفاهية أصحاب ذاك الولاء للخطر. إن الارتباط الذي نقدره في حد ذاته غالباً هو أيضًا الارتباط الذي نحدده بضمير الملكية (لي أو لنا(.

 

  1. 1 هل هو تصرّف عملي أم مجرد عاطفة؟

إن طبيعة رابطة الولاء مسألة جدلية. ذلك لأن المشاعر القوية والتفاني المرتبطين بالولاء غالبًا ما يدفعان البعض إلى التأكيد على أن الولاء هو فقط -أو في الأساس- شعور أو عاطفة، بمعنى أنه ارتباط عاطفي قد يعبر عن نفسه بالأفعال، والأخير هو ظاهرة ثانوية أكثر منه جوهراً للولاء. كما يقول إوين، إنها “غريزة المؤانسة” (راجع Ewin, 1990, 4;  Connor). غير أن مشاعر الولاء ربما لا تتكون من الولاء، حتى لو كان من غير المعتاد العثور على ولاء بلا تأثير. يمكن القول إن اختبار الولاء هو السلوك وليس شدة الشعور، أي أنه في المقام الأول “إصرار” معين أو مثابرة – يتصرف الشخص المخلص تجاه موضوع الولاء أو يظل ملتزمًا به أو موالياً له حتى عندما يُحتمل أن يكون هذا الولاء ضاراً أو مكلفاً للشخص الموالي.

إن الذين يركزون على الولاء بقالب مشاعري غالبًا ما ينكرون أن الولاء قد يكون له دوافع عقلانية. ولكن على الرغم من أن تعبيرات الولاء لا تبلغ مداها الأقصى (من حيث التكلفة والفائدة)، إلا أن قرار الالتزام بإخلاص قد يكون منطقيًا، لأن المرء لا يحتاج إلى (بل وبمعنى أدق، لا ينبغي له) الدخول في الروابط بشكل أعمى، أو – حتى عندما تكون هذه الروابط في البداية لا مفر منها (كما هو الحال مع الأسرة أو الوطن) – حيث تُقبل مطالبهم دون تفكير. بالإضافة إلى أنه يمكن لأصحاب الولاء التخلي عن هذه الالتزامات حال اقتراب خطر محدق عليهم، أو قد يتم تجاوز [هذه الالتزامات] مقابل مطالبات أكبر بكثير. وقد يتغلب ولاء على ولاء آخر.

الولاءات غير العاطفية، مثل الولاء المهني الحماسي غير العاطفي من المحامي تجاه موكله، ليس ثمة تفكير فيها، بيد أن لها أسبابها المنطقية في المهنية أو الترابطية عن بعد، مثل نظام الخصومة (راجع McConnell). يلتزم المحامي في نهاية المطاف بهذا الالتزام المهني المشترك، لا بقالب عاطفي فحسب، بل باختيار مقصود.

ربما يكون طرح القضية على أنها إما “نزعة عملية” أو “عاطفية” طرحاً صارخًا للغاية. يرى بعض علماء الأحياء التطورويون/علماء النفس أن الولاء بصفته آلية تكيفية تنتقل وراثيًا، وهي ارتباط محسوس بالآخرين الذين لديهم قيمة للبقاء (Wilson،23). ما يُنظر إليه غالبًا على أنه طابع التضحية بالنفس للولاء الفردي، هو ولاء موجّه في المقام الأول إلى نجاة أو بقاء المجموعة (group survivial) (، West 218). لكن ليس من الواضح ما الذي تظهره مثل هذه النظرة التوضيحية. إن بواعث “الولاء” في البداية (دفاع عن المجموعة ضد التهديد) وما آل إليه بالنسبة للكائنات التأملية ليس شيئاً واحداً. كما أنه لن يطعن في نوع الولاء لأنه بدأ كآلية للبقاء (بافتراض أن فكرة التكيف صحيحة).

 

  1. بنية الولاء

  2. 1 الولاء و الإخلاص

مع أننا نتحدث غالبًا عن الولاء كما لو كان نزعة عمليةً عائمةً نسبيًا -وهو كذلك في بعض الأحيان- فمن الشائع ربط الولاء بتجمعات طبيعية أو تقليدية معينة. نميل للتعبير عن  ولائنا بالانتماء. أي أنه ليس مجرد ارتباط عام، ولكنه ارتباط مرتبط بأنواع معينة من الترابطات الطبيعية أو التقليدية، مثل الصداقات والعائلات والمنظمات والمهن والبلدان والأديان. و سبب ذلك هو  ميل ارتباطاتنا الجماعية التي تثير وتحدد ولاءنا إلى أن تكون تلك التي أصبحنا نشارك فيها أو نتعرف عليها بعمق. و نجد هذا المعنى ضمني في تعريف العمل الذي يشير إلى “العلاقات الترابطية ذات القيمة الجوهرية بذاتها“. عادةً ما تكون العلاقات الترابطية ذات القيمة الجوهرية هي تلك التي طورنا لها شكلاً من أشكال الهُوية الاجتماعية. لقد توصلنا إلى تقييم السند الترابطي لذاته (أيًا كان الدافع وراءه في الأصل). إن ولاءاتنا لا تُعطى فقط لأي مجموعات موجودة، أو حتى لأي مجموعة لدينا بعض الارتباط بها، ولكنه يُعطى فقط لأولئك الذين نلتزم اتجاههم بشكل وثيق بما فيه الكفاية لنقول إنهم نحن. ولائي لأصدقائي، لعائلتي، لمهنتي، لبلدي، وليس لبلدك، إلا في حال كان ما هو ملكك أيضا ملكي. في مثل هذه التعريفات، يصبح مصير أو حالة كيانات الولاء مرتبطًا بمصير الفرد. مما يعني أننا نشعر بالخزي أو الفخر من أفعالهم. سنتحمل مخاطر إضافية لأجلهم أو نتحمل عنهم أعباءهم.

على الرغم من أن ولاءاتنا الأولية تميل إلى أن تكون للكيانات أو التجمعات ذات قيمة اجتماعية، مثل هذا الولاء قد يبدو تصرفًا عمليًا مهمًا، وقد لا يكون كذلك. أما من الناحية النظرية، يمكن لأي ارتباط أن يصبح مهمًا في جوهره بالنسبة لنا، سواء تم تقديره بشكل عام أم لا، وقد يكون كذلك حتى لو كان مُزدرى اجتماعيًا. قد تصبح فرق كرة القدم وسلاسل المقاهي وعصابات الجرائم كيانات يُمنح لها الولاء بما لا يقل عن الاتحادات المهنية والأقارب.

وهذا يثير السؤال المهم حول ما إذا كانت الأحكام حول قيمة الولاء يمكن اختزالها في الأحكام المتعلقة بمدى  أهمية الروابط التي يمنح الولاء لها، أو بشرعية ما يتم فعله نتيجة لهذه الروابط. هل للولاء أي قيمة مستقلة عن الشيء الترابطي المعين الذي يرتبط به أم أن قيمته مرتبطة حصريًا بموضوع الولاء؟ هناك خلاف على هذا (مشابه للخلافات حول إلزامية الوفاء بالوعود). قد يجادل البعض بأن الولاء خيرٌ أو شرٌ اعتمادًا على ما يتم بدافع الولاء. بينما يقر آخرون بأن الولاء دائمًا أمر فاضل، على الرغم من تجاوزه للفضيلة عند ربطه بالسلوك غير الأخلاقي. لنتأمل الحالة المعقدة للنازي المخلص. قد يجادل إوين بأنه نظراً لأن النازي يمكن أن يكون مخلصًا فهذا ينفي فكرة أن الولاء فضيلة، لأن الفضائل مرتبطة داخلياً بفكرة الحكم الصالح. كذلك الخلاف على ما يلي. قد يعبّر النازي المخلص عن هذا الولاء بعدة طرق (كزوج وأب، أو كزميل رحيم، أو كبلاء لليهود) وفي بعض هذه الطرق على الأقل يبدو الولاء وكأنه فضيلة (ما لم يكن، ربما، هناك طريقة نازية خاصة لكونك زوجًا). في الحالة الأكثر إثارة للاهتمام للنازي المخلص الذي يعبر عن ولائه بأشكال معادية للسامية، يمكننا الرد بإحدى طريقتين. من ناحية، يمكن للولاء أن يؤدي إلى تفاقم الضرر الناجم. ومن ناحية أخرى،  إذا كان مثل هذا النازي يتصرف بشكل غير شرعي بالسماح لليهود الذين رشوه بالهروب، فيمكننا القول بأنه يعاني من فاسد مفسدة مضاعةف، فهو أناني ومعيب في قدرته على تكوين روابط وثيقة. من المؤكد أن قيمة الترابطات المعينة لها أهمية في كيفية تقدير الولاء لها؛ لكن من المشكوك فيه أن تكون قيمة الولاء قابلة للاختزال ببساطة إلى قيمة الكيان الذي يمنح له الولاء.

 

  1. 2 هل الولاء إقصائي بطبيعته؟

بالنظر إلى الاقتراح التالي: ” عندما يكون “أ” مخلصًا لـ “ب” فقط  مع وجود طرف ثالث “جـ” الذي يلعب دور منافس محتمل لـ “ب”  ” (Fletcher, 8). صحيح أن العديد من تعبيرات الولاء، إن لم يكن معظمها، تحدث في سياق تحديات مناهضة لمصالح “ب” التي تُحمى من قِبل “أ”  و على حسابه. إذا فشل الولاء فإنه يترجم غالباً إلى خيانة (من “ب”، غالباً لصالح “جـ”) . كما أن الدفاع عن الطرف الآخر ضد النقد قد يعرض نفسه لتشوية السمعة.  قد ينطوي رفض ترك الجامعة من أجل جامعة أخرى على التضحية بالأجور والفرص. وقد يتضمن الولاء الوطني التطوع للخدمة العسكرية عندما تتعرض الدولة للهجوم. في بعض الحالات ،على الرغم من ذلك، سيُظهر الصديق المخلص ولاءه ببساطة من خلال الاستجابة لحاجة  “ب” بشيء من الانزعاج. سيستيقظ الشخص المخلص “أ” في الساعة الثانية صباحاً لاصطحاب “ب” عندما تتعطل سيارته. أو سيوافق على أن يكون اشبين العريس (best man) في حفل زفاف “ب” على الرغم من أن ذلك سيتطلب رحلة طيران طويلة ونفقات كبيرة. أي أن هناك تكلفة على “أ” بدون تدخل أي طرف ثالث. مما يرجح القول  إن جوهر عدم الولاء نابع من تقديم المصلحة الذاتية أو تعظيم الذات أكثر من كونه صادراً من أطراف خارجيه (جـ).

يعتقد بعض مناصري ومنتقدي الولاء أن الوجود المتكرر لـ “جـ” سبب لرؤية الولاء على أنه إقصائي بطبيعته. وبعبارة المستشار السياسي، جيمس كارفيل، فإن “التمسك بـ”ب يتطلب “التمسك بـ” جـ (Carville). لا شك أن بعض الانتماءات -خاصة السياسية منها- تعبر عن نفسها في كثير من الأحيان بمثل هذه المصطلحات. لكن الشوفينية jingoism ليست ضرورية للولاء الوطني (Pace Tolstoy)، وفي معظم السياقات. لا يتطلب تفضيل موضوع الولاء (ب) معاملة الآخرين (جـ) معاملة سيئة، أي أنه لا يجب أن ينطوي الولاء للأبناء على تحقير أطفال الآخرين.

 

  3 .3  الكلية  والخصوصية

يُنظر إلى الولاء عمومًا على أنه فضيلة خاصة. أي أنها تمنح امتيازات لمجموعات أو أفراد معينين. على الرغم من أن Royce جعل “الولاء للولاء” مبدأً شاملاً، إلا أن هناك الكثير من الجدل حول العلاقة بين الالتزامات الخاصة، مثل تلك المرتبطة بالولاء والامتنان، والالتزامات الشاملة المستحقة للجميع بحكم إنسانيتهم. هل الالتزامات الخاصة قابلة للتضمين في إطار الالتزامات الشاملة (أكرم والدك وأمك) أم أنها مستمده بشكل مستقل؟ إذا كان هذا الأخير، فهل هي حالة توتر دائم (الالتزامات تجاه الفقراء مقابل الالتزامات تجاه الأبناء)؟ كيف تُحل النزاعات إن وجدت؟ المناقشة لها جذورها الحديثة في أفكار التنوير حول الاحترام المتساوي، ومن ثمَّ ما هو مستحق للجميع بحكم إنسانيتهم ​​المشتركة. تواجه كل من العواقبية والكانطيه الكلية بعض الصعوبة في استيعاب فضائل معينة مثل الولاء، وفي بعض الأحيان يتجنبون هذه الأخيرة. كما طرح Godwin تساؤله الشهير : “ما هو السحر الموجود في ضمير الملكية “My”، الذي يبرر لنا قلب قرارات الحقيقة المحايدة؟” Godwin, vol. 1, 127)).

على الرغم من أن معظم المنظرين الكلاسيكيين يميلون إلى إعطاء أولوية أخلاقية للقيم الكلية، إلا ان هناك استثناءات مهمة. لقد جادل أندرو أولدينكويست Andrew Oldenquist بأولوية بعض المجالات المجتمعية التي يحددها ولاؤنا “كل الأخلاق هي الأخلاق القَبَلية”، والتي من خلالها يمكن أن تعمل اعتبارات الحيادية: “تحدد انتماءاتنا الواسعة والضيقة المجتمعات أو المجالات الأخلاقية التي نحن على استعداد لتعميم الأحكام الأخلاقية عبرها، ومعاملة المتماثلين بالتساوي، وحماية الصالح العام، وبطرق أخرى تبني الآلية المألوفة للأخلاق غير الشخصية” (Oldenquist, 178, 177 ). على الرغم من أن أولدينكويست ينكر وجود أخلاق كلية غير قَبَلية،  وبالتالي يسعى إلى حرمان الكلية من أي جاذبية مستقله، بيد أنه لا يفعل الكثير لإثبات أولوية القبيلة بصرف النظر عن أولويتها الزمنية.

ولقد زعم برنارد وليامز بأنه إذا أُعطيت الغلبة للمزاعم الكلية (سواء من النوع العواقبي أو الكانطي)، فإنها سوف تنفَّر الناس من “مشاريعهم الأساسية“، حيث تشمل الأخيرة تعلق عميق مرتبطة بالولاء. ومن الواضح أن وليامز لديه وجهة نظر، على الرغم من أنه يعترف بأن مثل هذه المشاريع ليست منيعة أمام تحديات الشمولية Williams, 17–18)).

يحاول العديد من المنظرين الأخلاقيين النظاميين ترسيخ فضائل خاصة مثل الولاء في فضاءات عالمية أكبر. على سبيل المثال، يتبنى أر إن هير (RM Hare) موقفًا عواقبيًا من مستويين يسعى إلى تبرير الالتزامات الخاصة بالولاء ضمن مخطط عواقبي أوسع: أي أننا نسهم بشكل أكثر فاعلية في الرفاه العام إذا قمنا بتعزيز الالتزامات الخاصة. وكتب متأملاً في خصوصية حب الأم وولائها لطفلها: “إذا كان لدى الأمهات نزعة لرعاية جميع الأطفال في العالم على قدم المساواة، فليس من المحتمل أن يحظى الأطفال بالرعاية الجيدة التي يحظون بها كأفراد. ذلك لأن في تخفيف المسؤولية إضعاف لها في الوجود” (هير،1981،137). لسوء الحظ، فإن مجرد إدراك المخطط الأكبر قد يكون كافيًا لإخلاء الالتزام الخاصوي particularistic لكثير من قوته -وفي الواقع، للتشكيك فيه. هذا بالإضافة إلى أنه قد يتجاهل المصدر المميز لمثل هذا الالتزام- ليس في احتياجات الأطفال بقدر ما في كيانهم الخاص.

حاول بيتر رايلتونPeter Railton  إيجاد مكان للولاءات ضمن إطار عواقبي على نطاق واسع والذي  يتجنب كل من الاغتراب والمشكلة التي تواجه نظامHare  ذي المستويين. وفقًا لرايلتون، ثمة أسباب عواقبية جيدة للتفضيلات الخاصة، والأسباب العواقبية التي لا تقوض خصوصية تلك التفضيلات بل تحترمها. يتداول دفاع رايلتون على التمييز بين العواقبية الذاتية والموضوعية، والعواقبية الموضوعية (التي يدعمها) ملتزمة بمسار العمل المتاح للوكيل الذي من شأنه أن يزيد من الخير  (Railton, 152). وهو يعتقد أن هذا لا يتطلب أن يقرر الوكيل بشكل ذاتي تعظيم المنفعة؛ في الواقع، قد يتطلب من الوكيل عدم إجراء مثل هذه الحسابات. إذا بشكل عام، قد يؤدي الولاء للأصدقاء والعائلة والالتزام بالمشاريع الأساسية إلى تعظيم الخير، على الرغم من أنه إذا قام المرء بإجراء حساب شخصي، فإنه سيقوض الولاء أو الالتزام. مع وجود بعض الجدل حول نجاح هذه الاستراتيجية (Wilcox؛ Conee). إلا أنها تقطع شوطا في مواجهة التصور الشائع بأن النظريات الشمولية (أو غير الشخصية) لا يمكن أن تجد مكاناً للالتزامات الخاصة.

هناك نظام آخر من مستويين اقترحه آلان جيويرث  ولكن بتنوع غير منطقي، يعطي الأولوية للمبدأ القائل إنه شرط ضروري للفاعلية البشرية أن يتم منح الجميع حقوقًا متساوية في الحرية والرفاهية. ويعتقد أن هذا الالتزام سيكون كافياً أيضاً لتأسيس التزامات خاصة مثل تلك التي نعبر عنها في الولاءات الشخصية والعائلية والوطنية. وهي تعمل على هذا النحو لأن الالتزام بالحرية الفردية يسمح بتشكيل جمعيات تطوعية، بما في ذلك الجمعيات “الحصرية”، طالما أنها لا تتعارض مع الحرية الأساسية للآخرين. لا تُشكَّل مثل هذه الجمعيات التطوعية لأغراض نفعيه فقط، إسهاماً في منحنا الحرية، ولكن للتعبير عنها أيضا. تتعلق المشكلة المستمرة لهذا بحل النزاعات بين الالتزامات التي تنشأ عن التزاماتنا الجماعية (على سبيل المثال، عائلاتنا) وتلك التي تنشأ مباشرة من المبدأ العام (على سبيل المثال، لمساعدة المحتاجين في العالم). هذه بالطبع مشكلة عامة وليست مشكلة Gewirth فقط. لكنه يضع علامة استفهام ضد نجاح مشروع Gewirth المميز، والذي كان يهدف إلى تطوير بديل منهجي للتعددية الأخلاقية التي يربطها مع كلا من أشيعا برلين Isaiah Berlin , ومايكل والزر Michael Walzer , وتوماس ناجل Thomas Nagel.

قد يكون من الضروري اعتبار الالتزامات الخاصة مثل التزامات الولاء أنها فريدة من نوعها، وهي منتجات ليس فقط لإنسانيتنا المشتركة ولكن حتى لمجتمعنا، وأيضا لأهمية الإدراك الذاتي للروابط النقابية – وخاصة الصداقات، وحتى مختلف العلاقات الترابطية الأخرى التي تُكوِّن هويتنا و ازدهارنا. وهذا يترك، بطبيعة الحال، مشكلة حل التعارضات مع الالتزامات الكلية عند حدوثها. مما يدفعنا الى الجدال مع شيفلر، بأن الأسباب التي تولدها الجمعيات الخاصة حاسمة بشكل افتراضي في الحالات التي ينشأ فيها الصراعScheffler, 196) )، ولو أن هذا لابد أن يكون متكاملاً بشكل ما مع الأحكام المتعلقة حول القيمة التي تُنسب إلى ارتباطات معينة.

 

3.4 رعايا الولاء

إن الأشخاص الرئيسيين الذين يشكلون موضوع الولاء يكونون غالباً أفراداً، ولكن الولاء لا يقتصر عليهم. ذلك لأن التبادلية هي سمة من سمات العديد من الولاءات، وغالبًا ما يكون توقعًا معياريًا للفرد المخلص أن الجماعة التي يكن لها الولاء تكن له الولاء أيضًا  في المقابل (Ogunyemi). مثلما نجسد المنظمات، إذ نعتبرها إلى حد ما جهات فاعلة ومسؤولة، يمكننا أن ننسب لها الولاء أو -في كثير من الأحيان- نتحسر على افتقارها للولاء لأولئك الذين كانوا مخلصين لها. هل الحيوانات مخلصة؟  حكايات ولاء الكلاب كثيرة، غالبًا ما يُقال إن الولاء يظهر بين الحيوانات البرية، وخاصة تلك التي تتحرك في مجموعات اجتماعية. بقدر ما يُنظر إلى الولاء على أنه عاطفة تكيفية، نعتقد أن الحيوانات قادرة على الولاء. قد تكون هذه طريقة مناسبة لوصف سلوك الحيوان (ما يشير إليه أرسطو بالفضيلة “الطبيعية”)، على الرغم من ذلك، كما يلاحظ فليتشر، فإن هذا النوع من الولاء المُشاهد محدود لأنه لا يمكن خيانته. فالكلب الذي يشتت السارق انتباهه بشريحة لحم، لا يخون صاحبه، حيث إن السبب ببساطه يعود إلى عدم كفاية تدريبها. وهو نوع الولاء الذي إذا ما أظهره البشر، فإنه يوصف بالولاء “الأعمى”، مما يجعل من المحتمل أن يُعرَّض المرء لخطر أخلاقي  (Blamires، 24).

  1. 5 أهداف الولاء

كما لاحظنا، إن موضوع الولاء في الأساس يميل إلى أن يكون أشخاصاً أو جماعات أو أشباه أشخاص مثل المنظمات أو المجموعات الاجتماعية. يجادل البعض بأن ولاءنا لا يكون إلا لهؤلاء (لاد ؛ بارون Ladd, Baron). ولكن هذا يتعارض مع وجهة النظر القائلة بأن “أي شيء تقريبًا الذي يمكن أن يرتبط به قلب المرء أو يكرس له” قد يصبح أيضًا موضوعًا للولاء – المبادئ والأسباب والعلامات التجارية والأفكار والمثل والأيديولوجيات (كونفيتز Konvitz،  108). رويس نفسه يحتج بأن الولاء هو “التفاني الإرادي والعملي والشامل للشخص تجاه قضية ما” (رويس،1908 ،16 -17). ورداً على ذلك، يشير أولئك الذين يشخصون موضوع الولاء إلى أن لدينا بنفس القدر لغة الالتزام أو الإخلاص، وفي حالة ما يتم التحدث عنه على أنه “ولاء لمبادئ المرء”، يكون لدينا لغة النزاهة.

هناك سبب لتفضيل التركيز الأكثر تقييدًا على الولاء، لأن ولاءاتنا الأساسية، والتي تصادف أيضًا أن تكون تلك الأقوى من الناحية النفسية (والزر Walzer،5)، تميل إلى ضمان نزاهة روابطنا البشرية الخاصة. وبقدر ما إن التزاماتنا الأخلاقية لا تشمل علاقاتنا مع الكائنات البشرية الأخرى بشكل عام فحسب، بل تشمل أيضًا علاقاتنا مع الآخرين بشكل خاص – أصدقائنا وعائلاتنا ومواطنينا وما إلى ذلك – فإن الولاء سيكون جزئياً مؤسساً ومستداماً لهؤلاء الآخرين المعينين في السياقات التي من المرجح أن تُحقَق فيها المصلحة الذاتية الضيقة أو قصيرة الأجل بشكل أفضل من خلال التخلي عنها. إذا جادلنا كذلك بأن جوهر الأخلاق يهتم بنوعية العلاقات التي تربط الناس مع بعضهم البعض، سواء كأخوة من البشر أو في المجموعات الترابطية المختلفة التي يشكلونها، فإن الولاء سيشكل بُعدًا مهمًا لتلك الشبكة من العلاقات. حتى “السبب” الذي يرتبط به رويس بالولاء يُعبر عنه في النهاية من حيث التفاني تجاه المجتمع (Royce، 1908، 20؛ 1913، vol. 1، xvii).

على الرغم من أن خصوصية الولاء يُعتقد أحيانًا أنها إشكالية أخلاقية، فلا يوجد شيء نظريًا يمنع المجموعة المعينة من أن تكون الجنس البشري بأكمله (pace Ladd). يمكن العثور على الخصوصية العالمية في بعض السياقات البيئية، عندما يكون مستقبل البشرية عرضة للنظر، أو – كما وضحته ماري شيلي  بشكل جيد في في كتابها فرانكشتاين Frankenstein– عندما قرر فيكتور فرانكشتاين عدم تعريض الجنس البشري للخطر عبر خلق رفيق لوحشه ((Shelley, 187. في السياقات التي يمكن فيها النظر إلى الجنس البشري نفسه على أنه جماعة، قد يُنسب الولاء له أحياناً.

ربما تكون هناك نقطة أعمق لوجهة النظر القائلة بأن الهدف الأساسي للولاء هو “شخصي”، وهي نقطة قد تساعد أيضًا في تفسير ذلك السبب الذي يُحرضنا على الانتقال من الولاء للناس إلى الولاء للمثل العليا. تماهياً مع موضوع ولائنا، ثمة عادة حكم ضمني في ولائنا  في أن موضوعه يتوافق مع ما نناصره. أي أن بعض الافتراضات المتضمنة في تلك الارتباطات التي نمنحها ولاءنا هي افتراضات معينة حول توافق القيم الأساسية المنسوبة لموضوع الولاء مع تلك التي نلتزم بها (لا يعني أن القيم نفسها هي أساس الولاء، لأن ذلك قد يوحي بأن الولاء للقيم). ريثما نكتشف أن الأمر غير ذلك، لدينا سبب لاتخاذ بعض الإجراءات – إما لمحاولة إحداث تغيير في موضوع ولائنا (ما يسميه ألبرت هيرشمان Albert Hirschman إعطاء صوت) أو التخلي عنه (خيار الخروج لهيرشمان) على أساس أنه خسر المطالبة بولائنا. قد يكون هناك، بالطبع، نوع من الإصرار على الولاء على الرغم من الاعتراف بأن موضوع الولاء لم يعد جديراً به. في مثل هذه الحالات، يبدو أن الولاء يمتطي بعض الالتزام بالمثالية الترابطية (“سيكون دائمًا ابننا”). بيد أنه على الرغم من ذلك قد يبدو في بعض الأحيان السماح بنسب الولاء للقيم المفترضة المضمنة، فإن ولاءنا هو في المقام الأول ترابطي للكائن أو الشخص ، وليس للقيم المحددة التي ينشئها. الولاء لموضوع الارتباط أو العلاقة، أي الشخص أو الجماعة في العلاقة.

 

  1. 4. الولاء بوصفه فضيلة

علي الرغم من قول مارك توين وغراهام غرين Mark Twain and Graham Greene (“فضيلة عدم الولاء”)، إلا أن هناك اتفاقاً أكبر على: أن عدم الولاء رذيلة، من الاتفاق على: أن الولاء فضيلة. ولعل كثرة استخدم الولاء في “تبرير” الانخراط في سلوك غير أخلاقي قد أدى إلى التقليل من قيمته. فمثلا، هناك مقوله تحمل شيء من الأهمية  “عندما تريد منظمة منك أن تفعل الصواب، فإنها تطلب منك النزاهة؛ وعندما تريد منك أن تفعل الخطأ، فإنها تتطلب منك الولاء“. فيا ترى، ما لذي جعل الولاء عرضة لمثل هذه الممارسات؟

هنالك من ينكرون -على أساس نظريتهم الخاصة عن الفضيلة- أن الولاء يمكنه أن يكون فضيلة. فيقول إيوين، على سبيل المثال، إنه نظراً لأن الولاء يمكن توظيفه بشكل سيء ولأنه بمجرد تشكله، فإنه ليس فقط يتطلب منا مجرد تعليق حكمنا الخاص حول موضوعه، بل حتى تنحية الحكم الجيد جانباً (Ewin، 1992، 403، 411)، فإن هذا يقوَّض الإدعاء إن الولاء هو الفضيلة، لأن الفضائل، طبقاً لإيوين مرتبطة جوهريا بفكرة حُسن التقدير.

ثمة مشكلتان في هذا الرأي. أولاً، قد يُعتقد أن فهم الفضائل مقيد للغاية. كما هو الحال مع الولاء، إذ يمكن توجيه الضمير والإخلاص إلى أشياء لا تستحق، ولكن هذا لا يُبطل موقف الضمير والإخلاص باعتباره فضيله. ويمكن القول إن إيوين كان قد أخذ الاعتبار وجهة النظر القائلة بأن الفضائل ليست مجرد تصرفات عملية تجعل من أشكال الحياة المشتركة شيئا ممكنا ويمكن تحمله، ولكن أيضاً القيام بذلك بطريقة معينة – من خلال العمل، كما يقول فيليبا فوت، ” عند النقطة التي نواجه فيها بعض الإغراءات التي يجب أن تقاوم أو يكون هناك نقص في الدافع لتكون جيدة ” (Foot, 8) ربما كان قادراً على ضمها ضمن قائمة الفضائل.

المشكلة الثانية لها علاقة بفكرة أن الولاء قد يتطلب منا تنحية الحكم الجيد جانباً. لا شك أن هذا النوع يحاول الوصول إليه أولئك الذين يسعون إلى استغلال الولاء (وفضائل أخرى مثل الكرم والعطف). ولكن الفكرة الراسخة عن “المعارضين للولاء” لابد وأن تتوقف قليلاً عن الإيحاء بأن الولاء يتطلب الإلزام أو الخضوع. ومن المؤكد أن الشخص المخلص لا يوجه عادة أسئلة راديكالية لموضوع الولاء، بل يقصرها بدلاً من ذلك على ما يُنظر إليه على أنه متوافق مع مصالح ذلك الشيء. ولكن هذا لا يعني أن الأسئلة الراديكالية  لا يجب أن تكون محذورة، حتى ولو كانت هناك حاجة إلى تحدٍ جيد الصياغة لتوليد تلك الأسئلة. إذا تم السعي لإلغاء الحكم الجيد، فلا يوجد ما يمنع الشخص – و إن كان بقلب مثقل – من التساؤل عما إذا كان موضوع الولاء قد خسر إدعاءاته. لا يجب أن تشمل الثقة التي تميل إلى مصاحبة الولاء على السذاجة و العفوية. في المسار الطبيعي للأحداث، الثقة التي تُصاحب الولاء تحمل الجدارة بالثقة المستحقة معها.

الفضائل عبارة عن حقيبة مختلطة من الناحية المفاهيمية و المعيارية. هناك، على سبيل المثال، فضائل أخلاقية وفكرية، وفضائل مسيحية ووثنية. وفي الحالة الراهنة، هناك تمييز بين الفضائل الجوهرية و الفضائل الإجرائية.

تشمل الفضائل الجوهرية، في جملة أمورها على الشفقة و الشعور بالزمالة و العطف و الكرم، في حين أن الفضائل  الإجرائية تشمل الإخلاص والشجاعة و الاجتهاد و الضمير. إن الفضائل الجوهرية تحفزنا على التصرف بشكل جيد، أي أن نعمل الخير، وهي ضرورية في علاقاتنا الأخلاقية مع الآخرين (وفي حالة الحكمة، لمصالحنا الخاصة أيضا). الفضائل  الإجرائية، أو كما تعرف أحيانا، فضائل الإرادة، هي مهمة لتنفيذ ما تتطلبه الفضائل الجوهرية منا – كالإخلاص في التعاطف و الشجاعة في اللطف و الاجتهاد في الكرم. فهي تجعلنا نتغلب على العقبات التي تحول دون عمل الخير. الولاء، مثل الإخلاص، فضيلة إجرائية و قيمته في حالة معينة حساسة بشكل خاص لقيمة موضوعه. مثل الفضائل  الإجرائية الأخرى، يمكن أن تصبح مرتبطة بأشياء لا تستحق – قد يكون ولاء المرء نازياً أو عنصرياً مخلصاً. ولكن هذا لا يجعل الفضائل  الإجرائية مشروطة أو اختيارية فحسب. إن أي عالَم أو شخص يفتقر إلى الإخلاص  أو الضمير أو الولاء سيكون عالَما ناقصاً بشكل خطير.

تعد الفضائل  الإجرائية عنصرًا مهمًا في التميز البشري، ولكن لا ينبغي صقلها بمعزل عن الفضائل الأخرى، ولا سيما الفضائل الجوهرية. عندما ناقش أرسطو الفضائل، جادل لأهمية التأصيل أو الحكمة العملية في تطبيق الفضائل حتى لا تكون ناقصة أو زائدة أو في غير محلها. لم يكن من المفترض أن تمتلك الفضائل بمعزل عن بعضها البعض، بل كمجموعة – و هي من الأشياء التي كان القدماء يدركونها عندما تحدثوا عن وحدة الفضائل.

يُطرح في بعض الأحيان سؤال آخر حول ما إذا كان الولاء، حتى لو كان فضيلة، ينبغي أن ينظر إليه على أنه فضيلة أخلاقية. قد يُعتقد أنه من الرائع أن يكون هناك الولاء– حتى ولو كان مكونًا من مكونات الحياة الجيدة – ولكن هل هو في الأساس تصرف أخلاقي؟ ومع ذلك، فإن الانقسامات بين الفضائل (على سبيل المثال، الفكرية والأخلاقية والشخصية والاجتماعية) غير واضحة في أحسن الأحوال وربما متداخلة. اللطف غالبا يكون جدير بالثناء أخلاقيا، ولكن الخيال (غالبا ما يقال إن فضيلة فكرية)، والشجاعة (عادة ما تصنف على أنها فضيلة شخصية) و الموثوقية (تسمى أحيانا فضيلة اجتماعية) قد تظهر في الملعب الرياضي أو من قبل جنود العدو و كذلك في السياقات التي تجعلها جديرة بالثناء من الناحية الاخلاقية. قد لا تكون هناك قيمة كبيرة في محاولات التمييز بين الولاء (والفضائل الأخرى) إلى فئات صارمة وحصرية. ويكاد يكون من المؤكد أن الشخص الذي لا يحمل أي ولاء سيكون كشخص ينقصه عامل أخلاقي.

 

  1. 5. تبرير الولاء

هناك قدر كبير من الاحتمالات لتطوير الولاءات. وغالبًا ما تظهر الولاءات التي نطورها للأسرة والقبيلة والبلد والدين بشكل شبه طبيعي من عملية التنشئة حيث أصبحنا ندرك بشكل متزايد العوامل البيئية التي شكلتنا.  هوياتنا قد تكون عميقة جدًا، وغالبًا لا تكون خاضعة للتساؤل. بالنسبة لبعض الكتاب، إن عدم الاختيار هذا هو ما يميز الولاء عن الالتزامات الأخرى مثل الإخلاص ((Allen. ولكن عادة ما يمتد الولاء إلى الالتزامات العلائقية المكتسبة بوعي، حيث نختار الارتباط مع أشخاص ومجموعات ومؤسسات معينة. وهنا،قد تتكون الولاءات أو لا تتكون، تبعاً لمدى اكتساب تلك الجمعيات لبعض الأهمية الجوهرية بالنسبة لنا بما يتجاوز أي قيمة مفيدة قد تكون جذبتنا إليها أولاً. غير أن هذه الروايات التفسيرية لا تبرر الولاءات التي نشكلها أو قد نميل إلى تكوينها. ومع ذلك، نظرا لأن الولاءات تمنح امتيازًا لأهدافها، فإن توفير التبرير أمر مهم.

بالنسبة لبعض الكتاب، فإن التمييز بين الولاءات المختارة و غير المختارة أمر بالغ الأهمية. سيمون كيلر، على سبيل المثال، يعد أن عدم استعدادنا العام للتشكيك في الولاءات غير المختارة يُظهر عدم النزاهة الذي غالباً ما يوصف بـ  سوء النية. وبمجرد أن يكون لدينا مثل هذه الولاءات – وهو يركز على الولاءات الوطنية – نحن نقاوم التدقيق فيها وندافع عن النفس ضد التحديات التي تواجهها هذه الهويات (Keller, 2005; 200). قد تكون هناك بعض الحقيقة في الرأي القائل بأننا أكثر عرضة لإظهار سوء النية فيما يتعلق بالولاءات غير المختارة، ولكن قد يكون من الصعب تقديم ذلك باعتباره تعليقاً عاماً على الولاءات غير المختارة. قد لا يكون هناك سبب آخر لعدم التشكيك في وطنتينا عندما نرى كيف يتصرف وطننا أكثر من عدم التشكيك في الصداقة عندما نرى كيف يتصرف صديقنا. قد يكون الأمر أكثر صعوبة من الناحية النفسية (وخطر أخلاقي مرتبط بالولاءات)، ولكن هذا لا يعمم الحكم على الولاءات غير المختارة.

وقد تعامل البعض مع الحجج الداعية إلى الولاء النقابي كما لو كانت مأخوذة من نفس القماش الذي تُنسج منه الحججُ العامة بشأن الالتزامات النقابية. ولذلك، فقد رُسخت مطالبات بالولاء في: “اللعب النظيف” أو “الواجب الطبيعي لدعم المؤسسات العادلة” على حجج الالتزامات النقابية. ولكن أياً كانت مزايا هذه الحجج بوصفها أسباباً للالتزامات المؤسسية العامة، فإنها لا توفر أساساً للالتزامات الخاصوية التي نربطها بالولاء. وهي لا تعكس خصوصية هذه الالتزامات. وحتى الحجج القائمة على الموافقة ليست ذات طابع خاص بالقدر الكافي. وبغض النظر عن احتمال أن تشمل التزاماتنا الأساسية السياسية أو الأبوية أو غيرها من الالتزامات النقابية أيضاً التزاماً بالولاء، فإننا قد نفي عادة بما نأخذه من تلك الالتزامات دون أي شعور بالولاء لأهدافهم- و تقتضي ضمنيا التزامات الولاء وجود تحديد نقابي و هو ما لا يفترضه الالتزام المؤسسي أو العضوية العامة.      

(أ) من بين مختلف المبررات الأداتية للولاء، فإن الأكثر مصداقية من بينها تلك التي طورها هيرشمان. يفترض هيرشمان، إلى جانب العديد من المنظرين المؤسسيين الآخرين، أن المؤسسات الاجتماعية ذات القيمة تميل إلى التراجع. ومع ذلك، يدعي أن الحياة الاجتماعية ستكون مفتقره بشكل خطير إذا كنا سنقوم بتحويل انتماءاتنا النقابية لأسباب ذاتية المنفعة كلما فشلت مؤسسة اجتماعية معينة في الوفاء بالوعود ذات الصلة بارتباطنا بها، أو كلما ظهر مَن هو أكثر نجاحا في تقديم تلك المنفعة. على هذا الاعتبار، يمكن النظر إلى الولاء على أنه آلية نثابر بموجبها (مؤقتاً على الأقل) في ارتباطنا بالمؤسسة (أو الانتماء) بينما تبذل الجهود (من خلال إعطاء صوت) لإعادتها إلى مسارها الصحيح. يمنحنا الولاء الالتزام بتأمين أو استعادة إنتاجية المؤسسات أو الانتماءات ذات القيمة الاجتماعية. إلى حد أن تقوم مؤسسة أو انتماء بتوفير الاحتياجات المرغوبة بشدة أو المطلوبة من أشخاص، ليكون لديهم سبب للولاء لها، ومع افتراض ثبات باقى المتغيرات، يجب أن يمنحوا ولائهم لها إلى الحد الذي يصبح من الواضح أن المؤسسة لم تعد قادرة على أن تتعافى أو أن جهود المرء المخلصة ستكون عبثا.

ولكن على الرغم من أهمية الولاء في استعادة الارتباطات، إلا أنه ليس من الواضح أننا نستطيع ربط تسويغه فقط بقدرته على الاستعادة. لأنه حتى في إطار  العواقبيه بشكل عام، قد يلعب الولاء دوراً أكثر إيجابية. على سبيل المثال، يسهم الخريج المخلص الذي يتبرع بمبلغ 100 مليون دولار لصندوق الوقف الصحي في التقدم المؤسسي بدلاً من وقف التدهور المؤسسي. في مثل هذه الحالة، يُعبِّر الولاء عن الرغبة في تعزيز المصالح المؤسسية بدلاً من استعادتها. يُنظر إلى التبرع على أنه تعبير عن الولاء لأنه (على الأرجح)  يعبر عن التزام للمؤسسة في مواجهة بدائل خدمة ذاتية أكثر ضيقًا متاحة للمتبرع. ومع ذلك،قد يختار فاعل خير خارجي التبرع بنفس المبلغ،ولكن ليس من منطلق الولاء للمؤسسة.

والأهم من ذلك، إذا كان الولاء يُنظر إليه ببساطة من منظور السلع التي يستطيع الكائن الترابطي تأمينها أو إنتاجها، فإن القيمة الجوهرية التي اكتسبتها الرابطة بالنسبة للشخص المخلص  قد تضمحل، فضلاً عن الشعور بالتماهي الذي يعبر عن هذه القيمة. ينشأ الولاء من هذا الإحساس بالتماهي.  نعود إلى هذا الموضوع في الفقرة (ج) أدناه.

(ب) وهناك حساب بديل هو أن الولاء مستحق لمختلف الجمعيات كدين للامتنان. وعلى الرغم من أن الامتنان كسبب للالتزام يحتاج أيضا إلى تبرير ( (McConnell، إلا أنه يميل إلى أن يكون مقبولاً على نطاق أوسع بوصفه سبباً مبرراً أكثر من الولاء. إن كوننا المستفيدين بغير إرادة  من بعض العلاقات الترابطية التي يقال إننا مدينون لها ببعض ولائنا الأساسي – مثل العائلة أو العرق أو السياسة – قد زودت لبعض الكتاب سبباً للاعتقاد بأن الامتنان هو أساس هذه الولاءات (cf. Walker, Jecker).

ولكن التزامات الامتنان ليست بالضرورة التزامات بالولاء: فربما كان اليهودي الذي تعرض للوحشية والذي أنقذه السامري الصالح مديناً بالامتنان ولكن ليس عليه دين الولاء ((Luke 10:25–37.  علاوة على ذلك، قد يكون الولاء مستحقاً حتى لو لم يكن هناك سبب للامتنان: كما هو الحال بين الأصدقاء. تعتبر التزامات الامتنان رد جميل، في حين أن التزامات الولاء ترابطية.

(ج) قد يكون هناك سبب أعمق للاعتقاد بأنه – في بعض العلاقات الترابطية – يجب تعزيز الولاء و إظهاره. إنه يكمن في تصور أنفسنا ككائنات اجتماعية. نحن لا نتطور لنكون الأشخاص بصورتنا الحالية بل نطمح إلى أن نتطور بنفس الطريقة التي تتطور بها الشجرة من شتلة إلى شكلها المكتمل النمو. إن أساسنا الجيني لا يحدد بشكل حاسم هيئتنا النهائية مثل الشجرة. كما أننا (عموما) كأشخاص لا نزدهر ونطمح إلى البقاء على طريقة الشجرة. نحن كائنات اجتماعية و أصبحنا على  ما نحن عليه بسبب انخراطنا المستمر في العلاقات والجماعات والمجتمعات من مختلف أنواعها. على الرغم من أن هذه تتطور مع مرور الوقت، فإن هذه الانتماءات الاجتماعية (أو على الأقل بعضها) تصبح جزءاً من ما نحن عليه – بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتباطنا بمثل هؤلاء الأفراد والجماعات والمجتمعات (على الرغم كونه مفيد أيضًا) يصبح جزءًا مما نتصوره حياة جيدة بالنسبة لنا. إن التزامنا المخلص تجاههم ينبع من القيمة التي يتمتع بها ارتباطنا بهم بالنسبة لنا.

إن تبريراً واسعاً كهذا يترك دون بيان ما هي الروابط التي يمكن أن تكون بمثابة مكون لازدهار الإنسان. ربما لا توجد قائمة نهائية. ولكن معظمها سيشمل الصداقات، والعلاقات الأسرية، وبعض المؤسسات الاجتماعية التي ترعى و تعزز وتؤمن الحياة الاجتماعية التي ننخرط فيها باعتباره جزءاً من ازدهارنا. وبقدر ما نقبل أن يكون التعامل مع أو في شكل معين من أشكال الارتباط أو العلاقة هو أساس ازدهارنا، هنا سنعتبر الولاء له مبرراً- بل ومطلوباً.

فالحجج التي تبرر الولاء لا تبرر تلقائياً الولاء المطلق، على الرغم من أنها لا تستبعد إمكانية أن يكون الشخص، على سبيل المثال، مستعداً بشكل مشروع، بدافع الولاء، للتضحية بحياته من أجل شخص آخر. وهذا هو الحال غالباً  في زمن الحرب، وقد ينطبق أيضا على بعض الصداقات. وستتوقف قوة المطالبات بالولاء على أهمية الروابط للشخص الموالي، وبطبيعة الحال، على شرعية الروابط المعنية. وقد لا تكون بعض العلاقات الترابطية غير شرعية فحسب، بل قد تتعارض توقعات روابطية ما مع توقعات روابطية أخرى: فتنشأ لدينا صراعات على الولاء، و في حال حُلَّ النزاعُ من خلال إعطاء أولوية الولاء لأحدهما على حساب الآخر، فلا يعني ذلك بالضرورة أن الولاء لأحدهما هو عدم الولاء للآخر. على سبيل المثال، لا تعد خيانة لصديقي الذي يعتمد علي إذا كنت بدلاً من ذلك أهتم باحتياجات والدتي المريضة جداً. وفي بعض الأحيان تكون هذه الأولويات واضحة؛ و في أوقات أخرى لا. ومع ذلك، قد يتطلب ترتيب الأولويات تقديم اعتذار وتعويض للطرف المحبط. وحتى لو قررنا بشكل غير حكيم (كما فعل روبرت إي لي)، فإن قرارنا لن يعد تلقائياً خيانة. لأن الخيانة غالبا ما ترتبط بالأنانية أو النفاق.

يسعى رويس، الذي يبدو أحياناً منحازا بشكل مطلق للولاء، إلى تجنب مشاكل الاستبداد بطريقتين. أولاً، إنه يفسر الولاء الذي يعده أساسياً لامتلاك الحياة التي يكون المرء فيها صاحب السيادة كسبب مُختار بشكل معقول: الأسباب غير المختارة لا تعد أسباباً من وجهة نظر رويس. وثانياً، يعتقد أن مبدأه الأخلاقي الشامل، “الولاء للولاء”، سوف يستبعد تكوين الولاءات التي تُظهر نفسها من خلال انتهاك الولاءات الأخرى (انظر أيضاً ( Foust, 2012a; Mullin غير أن شكلية موقف رويس تعطي القليل نسبيًا من التوجيه فيما يتعلق بمحتوى الولاءات التي لا تتعارض مع الولاءات الأخرى أو حتى مع بعض الأوامر المعجمية التي من شأنها حل النزاعات المحتملة.

  1. تقييد الولاء

لوحظ بالفعل أنه ليس من الولاء أن تكون راضيًا أو ذليلًا، على الرغم من أن الولاء قد يتعرض للفساد ليتحول إلى رضا وذل. إن أي كلام معقول عن الولاء بوصفها فضيلة يجب أن يكون عبر انفتاح على النقد التصحيحي من كلا جانبي الولاء وهما الفاعل والمفعول. إن الكفاءة “التصحيحية” شيء مهم، دون أي معارضة. الخصم المخلص ليس مجرد خصم، وإنما هو خصم يظل مخلصًا. ما يستلزمه ذلك هو أن تظل المعارضة ضمن الحدود التي تتوافق مع الرفاه أو المصالح الفضلى أو ازدهار موضوع الولاء.  وبشكل عام، فإن المعارضة الموالية لن تؤيد (بما يعادل) التمرد أو الثورة لأن هذا الأخير سيعرض موضوع الولاء للخطر (وربما يؤدي إلى استبداله بموضوع ولاء بديل).

إن الالتزام بالمعارضة داخل (ما يُنظر إليه على أنه) الهيكل السائد هو الذي دفع ببعض منتقدي الولاء المتطرفين (مثل Agassi، Greene) إلى اعتبارها -في الأساس- فضيلة محافظة.  بالفعل هي محافظه، على الرغم من المعنى الإيجابي لهذه الكلمة: فهو ينطوي على الالتزام بتأمين أو الحفاظ على مصالح الكيان الموالى، الذي تم تقيمه من أجل المصلحة الشخصية (أيًا كان ما يُقدر له). ومع ذلك، فإن وجود معارضة موالية لا يعني بالضرورة أن يحول دون احتمال تشكيل معارضة أكثر تطرفاً في وقت لاحق. وإذا أثبتت المعارضة الموالية عجزها عن “إصلاح” موضوع الولاء، فقد يُتخذ خيار الخروج (أو شيء أقوى منه). في مثل هذه الحالات، يمكن القول بأن موضوع الولاء لم يعد جديراً بالولاء أو أنه فقد مطالبته به. إذا فكرنا بشكل خاطئ أو مضلل فقط في الولاء على أنه تقديم مطالبة مطلقة لنا، فإن الاتهام المهين بالمحافظة على المعارضة الموالية سيكون له زخم.

لأغراض تبيين الموقف، قد يسعنا التمييز بين التركيز المزدوج للولاء – إما كنوع من الارتباط (مثل حالة) أو إنشاء مثيل معين من نوع (الولايات المتحدة). وبمعنى أدق، سيكون الولاء للأخير فقط، على الرغم من أنه يساعد في فهم حدود الولاء إذا قمنا بالتمييز. إذا كان يُعتقد أن نوع المؤسسة أمر بالغ الأهمية لازدهار الإنسان، سيكون من المتوقع الولاء لها. ولكن إذا كانت المؤسسة ذات أهمية ثانوية نسبياً، فإن تطوير التعديلات على هذه المؤسسة، إلى جانب الولاء لها، سيكون غير مهم نسبياً (وإن لم يكن بالضرورة لأولئك الذين يطورون مثل هذه الولاءات).

على سبيل المثال، ما إذا كانت الوطنية (أي الولاء الوطني) مبررة، سوف تعتمد جزئياً على الأهمية التي ينبغي أن تُمنح لدولة أو بلد ما. إذا كنا متعاقدين اجتماعيين، فإن الدولة (التي تم تصورها على نطاق واسع) تقدم حلاً مهماً لبعض مشاكل الارتباط البشري بالإضافة لتوفير ساحة لتحديد الهُوية الاجتماعية. قد نعتقد أن كل من الدولة والولاء لها أمران مهمان. ومع ذلك، يجب تجسيد ذلك في دولة معينة، وقد تكون تلك الصورة على نحو يجعل الولاء الذي تستحقه، يُصادر من خلال كيفية تصرفها.

قد يخسر كائن معين الولاء -أي نفاد مطالباته بحماية وتعزيز الهُوية الترابطية والالتزام- عندما يُظهر هذا الكائن أنه لم يعد قادرًا على أن يكون مصدرًا للرضا الترابطي أو أهمية إعطاء الهوية.  وهذا يعني أن مطالبات الطرف الموالي قد نفدت (بالطبع قد يعارض الآخرون  هذا). ولكن سواء كان يعتقد أن الولاء قد صُودر بشكل مبرر أم لا، فقد تختلف نقطة التوقف باختلاف الأشخاص. تأمل حالة الخيانة الزوجية. بالنسبة لأحد النساء، قد تشكل خيانة الزوج تحدياً لمستقبل العلاقة ولكنها لا تدمرها تلقائيا. وستعتبر العلاقة قابلة لإعادة النظر. ويمكن معالجة مسائل الثقة التي ينطوي عليها الأمر وإصلاح العلاقة. ولكن بالنسبة لأخرى، قد تؤدي هذه الخيانة إلى انهيار الهيكل الذي تم فيه إيواء العلاقة. الثقة الأساسية ستكون محطمة بشكل يستحيل إصلاحه.

هل هناك صواب وخاطئ في مثل هذه الحالات؟ هل تفتقر المرأة الأولى لتقدير “قدسية” الزواج/العلاقة الحميمة؟ هل الطرف الأخر غير قادر على تقدير ضعفنا المشترك وإمكانيات الفداء والتجديد؟ وربما لا ينبغي لنا أن نرضخ للرأي النسبي القائل بأن ما هو صحيح لأحد هو خطأ بالنسبة للآخر. غير أنه قد لا يكون هناك في الوقت نفسه جواب سهل. ويشكل هذان الموقفان بداية النظر في طبيعة العلاقة الحميمة، وما تتطلبه منا بشكل معقول، وكيف ينبغي لنا أن نستجيب لتجاوزات توقعاتها.

وقد ينطبق الشيء نفسه على الولاءات الأخرى. ويمكن مساعدة النهج باستخدام التمييز الاستدلالي السابق بين الشكل العام للارتباط ولحظة إنشاء مثيله الخاص. قد نتمكن من التوصل إلى بعض الإجماع العام حول ما قد يكون متوقع منا. ومع ذلك، في أي ارتباط فعلي مع حالة معينة, قد يكون محتوى التعهد معرض لجعله محتوى فردي.

 

6.1. الإبلاغ عن المخالفات

تتضح مسألة حدود الولاء بشكل مفيد من خلال ظاهرة “الإبلاغ عن المخالفات” (Whistle blowing). هذه الظاهرة على الرغم من وجود بعض الجدل حول نطاقها،يمكن اعتبارها مفيدة بشكل جيد (إن لم يكن بالكامل) على أنها نشاط موظف داخل مؤسسة – عامة أو خاصة – ينبه مجموعة أوسع إلى الانتكاسات التي تلحق بمصالحهم نتيجة للإهدار، أو الفساد أو الاحتيال أو السعي وراء الربح (Westin ؛ Bowman ؛ Miethe). نظرًا لأن هؤلاء الموظفين يُعتبرون عمومًا غير موالين،فقد كان من الشائع وصفهم بأنهم خونة، أو جواسيس، أو شريرين، أو صراصير، أو جرذان. يقدم “المبلغ عن المخالفات” طريقة أكثر حيادية للإشارة إلى هؤلاء الأشخاص،ويسمح بالتحقق من الحدود المناسبة لولاء الموظف.

الخلفية المعيارية للإبلاغ عن المخالفات هي الاعتقاد بأن الموظفين مدينون بالولاء لمنظماتهم. سيتضمن هذا الولاء توقعًا بأن الموظفين لا يعرضون مصالح مؤسستهم للخطر من خلال الكشف عن أنواع معينة من المعلومات لأشخاص من خارجها. إذا كان لدى الموظفين شكاوى، فينبغي التعامل معها داخل المؤسسة. ومن ثم، فإن الدافع وراء  قضية الإبلاغ عن المخالفات هو الاعتراف، أولا وقبل كل شيء، بأن الآليات الداخلية كثيرا ما تفشل في التعامل بشكل مناسب مع إخفاقات المنظمة، وثانيا، أنه نظرا لأن المصالح التي تتعرض للخطر تشمل في كثير من الأحيان من هم خارج المنظمة، فإن هناك جماعة أوسع نطاقا الحق شرعي في أن تعرف التكاليف التي تواجهها أو التي فرضت عليها.

يخلق الإبلاغ عن المخالفات المتكرر بكثرة اضطرابا كبيرا داخل منظمة – قد تفقد السيطرة على شؤونها لأنها تتعرض للتحقيقات والقيود الخارجية؛ قد تجد نفسها مشلولة بسبب التكاليف أو القيود الأخرى؛ والكثير من الأبرياء داخل المنظمة قد يعانون من تداعيات التحقيقات الخارجية. ولأن الإبلاغ عن المخالفات يعرض مصالح المنظمة للخطر (على الأقل كما هو مفهوم داخل المنظمة)، فيُنظر  إليه على أنه عمل من أعمال عدم الولاء. وكثيراً ما يجادل المبلغون عن المخالفات أنفسهم بأن الولاء المستحق قد فقد (أو على الأقل قد تم تجاوزه بمصلحة أكبر)، مما يجعلهم لا يعتبرون الإبلاغ عن المخالفات خيانة للولاء. بل أنهم في بعض الأحيان يجادلون بأن الإبلاغ عن المخالفات يمكن أن يكون عملا نابعاً من الولاء.

يجب أن يعالج قرار هذه التقييمات المتضاربة مسألة حدود الولاء، وفي حالة الإبلاغ عن المخالفات، يجب أن يأخذ في الاعتبار عدة أمور: (أ) نظراً للاضطراب الذي تهدد به، ينبغي ألا يتم الإبلاغ عن المخالفات إلا كملاذ أخير. (ب) ولنفس السبب ينبغي أن تكون المخالفات التنظيمية خطيره بما فيه الكفاية. (ج) ينبغي أن تكون الشكوى العامة ذات أساس متين – وينبغي أن تكون الأسباب التي تدعمها قوية بما يكفي للدفاع عنها علنا. (د) ينبغي للمبلِّغ عن المخالفة أن ينظر فيما إذا كان على عاتقه التزام خاص بدوره باتخاذ إجراء ما تجاه المخالفة. ورغم أن أي عضو في منظمة ما قد يكون مسؤولاً عما يصدر باسمها، فإن بعض الأعضاء سيكونون في وضع أفضل لإجراء تقييمات مناسبة لخطورة المخالفة، وقد يكونون أكثر مسؤولية عن الطريقة التي تدير بها المنظمة أنشطتها. (هـ) لأن الغرض من الإبلاغ عن المخالفات هو إحداث تغيير، ينبغي النظر في إمكانية أن يكون الإبلاغ عن المخالفات فعال في هذا الموقف. (و) ويذكر أحيانا أن فعل الإبلاغ عن المخالفات يحتاج إلى دافع  مناسبا – ويجب على الأقل أن يتم بدافع القلق على مصلحة الذين تتعرض مصالحهم للخطر. ولكن يمكن أن يكون الاهتمام هنا منصباً حول المديح للمبلغ أكثر مما يتعلق بالصلاحية المبررات وراء فعل الإبلاغ. ومع ذلك، قد يجد المبلغ عن المخالفات المختل أخلاقياً أن مصداقيته قد تقوضت وأن فعل الوشاية أصبح غير فعال.

وحتى لو تم تناول الاعتبارات السابقة بشكل مُرضٍ، يبقى هنالك سؤال عما إذا كان فعل الإبلاغ عن المخالفات إلزامياً أو مجرد فعل جائز. إن الفشل في الإبلاغ عن المخالفات يجب أن يفتح باب الدخول في مناقشات حول الالزام الأخلاقي الساعي لمنع الضرر. حتى لو كان الأمر واجباً أخلاقياً، قد تكون هناك أسباب لعدم جعل الإبلاغ عن المخالفات إلزاميا قانونا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التكاليف المحملة على عاتق للمبلّغين قد تبرر الإبلاغ القانوني عن المخالفات التنظيمية (Glazer & Glazer; Martin) وعلى الرغم من أن الحماية القانونية للمبلّغين عن المخالفات قد وضعت في عين الاعتبار في بعض الولايات القضائية، فقد ثبت في كثير من الأحيان أنها غير كافية (Glazer & Glazer).

يمثل الإبلاغ عن المخالفات مع إخفاء هُوية المبلّغ حلاً ممكنًا، بيد أنه يفتح الباب على مصراعية  للبلاغات التخريبية التي تُطلق لأسباب خاطئة أو بسبب تحقيق مهمل (راجع Elliston ؛ Coulson).

باختصار، لا توضح حالة الإبلاغ عن المخالفات أهمية الولاء للعديد من المنظمات فحسب، بل توضح أيضًا الرعاية التي يجب ممارستها عندما يُزعَم أن التزامات الولاء قد تم تجاوزها أو التنازل عنها بشكل مبرر.

 

 

 


المراجع

  • Aeschylus, 2003 [485BCE], Oresteia, trans., intro., and notes Christopher Collard, New York: Oxford University Press, 2003.
  • Agassi, Joseph, 1974, “The Last Refuge of the Scoundrel,” Philosophia, 4 (2/3): 315–17.
  • Allen, R.T., 1989, “When Loyalty No Harm Meant,” Review of Metaphysics, 43: 281–94.
  • Baron, Marcia, 1984, The Moral Status of Loyalty, Dubuque, IO: Kendall/Hunt.
  • Bennett, William J., 2004, Virtues of Friendship and Loyalty, Nashville, TN: Thomas Nelson Publishers.
  • Blamires, Harry, 1963, The Christian Mind, London: S.P.C.K.
  • Bloch, Herbert A., 1934, The Concept of our Changing Loyalties: An Introductory Study into the Nature of the Social Individual, New York: Columbia University Press.
  • Böszörményi-Nagy, Iván & Spark, Geraldine M., 1973, Invisible Loyalties: Reciprocity in Intergenerational Family Therapy, second edition, New York: Brunner-Mazel.
  • Bowman, J.S., 1990, “Whistle Blowing in the Public Sector: an Overview of the Issues,” in Combating Corruption/Encouraging Ethics: a Sourcebook for Public Service Ethics, W.W. Richter, F. Burke, and J.W. Doig (eds.), Washington, D.C.: American Society for Public Administration.
  • Carville, James, 2000, Stickin’: The Case for Loyalty, New York: Simon & Schuster.
  • Coleman, Stephen, 2009, “The Problems of Duty and Loyalty,” Journal of Military Ethics, 8(2): 105–15.
  • Conee, Earl, 2001, “Friendship and Consequentialism,” Australasian Journal of Philosophy, 79(2): 161–79.
  • Connor, James, 2007, The Sociology of Loyalty, Dordrecht: Springer.
  • Conrad, Joseph, 1899/1902, Heart of Darkness, Blackwood’s Edinburgh Magazine. [Available online]
  • –––, 1907, The Secret Agent, London: J. M. Dent. [Available online]
  • –––, 1913, Chance, New York: Alfred Knopf. [Available online]
  • Coulson, Robert, 1982, “Commentary on Elliston’s ‘Anonymous Whistleblowing: An Ethical Analysis,’” Business and Professional Ethics Journal, 1: 59–60.
  • Elliston, Frederick, 1982, “Anonymous Whistleblowing: An Ethical Analysis,” Business and Professional Ethics Journal, 1: 39–58.
  • Ewin, R.E., 1990, “Loyalty: The Police,” Criminal Justice Ethics, 9(2): 3–15.
  • –––, 1992, “Loyalty and Virtues,” Philosophical Quarterly, 42(169): 403–19.
  • –––, 1993, “Loyalties, and Why Loyalty Should be Ignored,”Criminal Justice Ethics, 12(1): 36–42.
  • –––, 1993, “Corporate Loyalty: Its Objects and its Grounds,” Journal of Business Ethics, 12(5): 387–96.
  • Felten, Eric, 2012, Loyalty: The Vexing Virtue, New York: Simon & Schuster.
  • Fletcher, George P., 1993, Loyalty: An Essay on the Morality of Relationships, New York: Oxford University Press.
  • Foot, Philippa, 1978, Virtues and Vices, Berkeley, CA: University of California Press.
  • Foust, Mathew A., 2011, “‘What Can I Do for the Cause Today Which I Never did Before?’: Situating Josiah Royce’s Pittsburgh Lectures on Loyalty,” Transactions of the Charles S. Pierce Society, 47(1): 87–108.
  • –––, 2012a, Loyalty to Loyalty: Josiah Royce and the Genuine Moral Life, New York: Fordham University Press.
  • –––, 2012b, “Loyalty in the Teachings of Confucius and Josiah Royce,” Journal of Chinese Philosophy, 39(2): 192–206.
  • –––, 2015, “Nitobe and Royce: Bushido and the Philosophy of Loyalty,” Philosophy East and West, 65(4): 1174–93.
  • Gewirth, Alan, 1988, “Ethical Universalism and Particularism,” Journal of Philosophy, 85(6): 283–302.
  • Glazer, M.P. & Glazer, P.M., 1989, The Whistleblowers: Exposing Corruption in Government and Industry, New York: Basic Books.
  • Godwin, William, 1946 [1798], Enquiry Concerning Political Justice and its Influence on Morals and Happiness (third ed.), photographic facsimile, ed. F.E.L. Priestley, Toronto: Toronto University Press, vol. 1.
  • Goldin, Paul R., 2008, “When ‘Zhong’ Does Not Mean ‘Loyalty’,” Dao, 7(2): 165–74.
  • Goman, Carol K., 1990, The Loyalty Factor, Berkeley: KCS Publishing.
  • Greene, Graham, 1973, The Portable Graham Greene, New York: Viking.
  • Grodzins, Morton, 1956, The Loyal and the Disloyal: Social Boundaries of Patriotism and Treason, Chicago: University of Chicago Press.
  • Guetzkow, Harold, 1955, Multiple Loyalties, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • Hajdin, Mane, 2005, “Employee Loyalty: An Examination,” Journal of Business Ethics, 59: 259–80.
  • Hare, R.M., 1981, Moral Thinking: Its Levels, Method and Point, Oxford: Clarendon.
  • Hart, David W. and Thompson, Jeffery A., 2007, “Untangling Employee Loyalty: A Psychological Contract Perspective,” Business Ethics Quarterly, 17(2): 279–323.
  • Hirschman, Albert O., 1970, Exit, Voice, and Loyalty: Response to Decline in Firms, Organizations and States, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • –––, 1974, “Exit, Voice, and Loyalty: Further Reflections and a Survey of Recent Contributions,” Social Science Information, 13(1): 7–26.
  • Jacoby J. and Chestnut, R.W., 1978, Brand Loyalty: Measurement and Management, New York: John Wiley.
  • Jecker, Nancy S., 1989, “Are Filial Duties Unfounded?” American Philosophical Quarterly, 26 (1), pp. 73–80.
  • Jollimore, Troy, 2012, On Loyalty, London: Routledge.
  • Keller, Simon, 2007, The Limits of Loyalty, Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 2005, “Patriotism as Bad Faith,” Ethics, 115: 563–92.
  • Kleinig, John, (2014), Loyalty and Loyalties: The Contours of a Problematic Virtue, New York: Oxford University Press.
  • Konvitz, Milton, 1973, “Loyalty,” in Philip P. Wiener (ed), Encyclopedia of the History of Ideas (Volume III), New York: Scribner’s, pp. 108–16.
  • Ladd, John, 1967, “Loyalty,” in Paul Edwards (ed), The Encyclopedia of Philosophy (Volume V), New York: Macmillan & The Free Press, pp. 97–98.
  • MacIntyre, Alasdair, 1984, Is Patriotism a Virtue? (Lindley Lecture 1984), Lawrence, KS: University of Kansas Press.
  • Martin, M.W., 1992, “Whistleblowing: Professionalism, Personal Life, and Shared Responsibility for Safety in Engineering,” Business & Professional Ethics Journal, 11(2): 21–40.
  • McChrystal, Michael K., 1992, “Lawyers and Loyalty,” William and Mary Law Review, 33(2): 367–427.
  • –––, 1998, “Professional Loyalties: A Response to John Kleinig’s Account,” American Philosophical Association Newsletter on Philosophy and Law, 98(1): 83–90.
  • McConnell, Terrance, 1983, Gratitude, Philadelphia: Temple University Press.
  • Miethe, Terance D., 1999, Whistleblowing at Work : Tough Choices in Exposing Fraud, Waste, and Abuse on the Job, Boulder, CO: Westview Press.
  • Mullin, Richard P., 2005, “Josiah Royce’s Philosophy of Loyalty As a Basis for Democratic Ethics,” in Democracy and the Post-Totalitarian Experience, Leszek Koczanowicz (ed.), New York: Rodopi, pp. 183–91.
  • Nuyen, A.T., 1999, “The Value of Loyalty,” Philosophical Papers, 28(1): 25–36.
  • Ogunyemi, Kemi, 2014, “Employer Loyalty: The Need for Reciprocity,” Philosophy of Management, 13(3): 21-32.
  • Oldenquist, Andrew, 1982, “Loyalties,” Journal of Philosophy, 79 (4), pp. 173–93.
  • Railton, Peter, 1984, “Alienation, Consequentialism, and the Demands of Morality,” Philosophy & Public Affairs, 13(2): 134–71.
  • Royce, Josiah, 1908, The Philosophy of Loyalty, New York: Macmillan.
  • –––, 1913, The Problem of Christianity New York: Macmillan, 2 volumes.
  • Sakenfeld, Katharine Doob, 1985, Faithfulness in Action: Loyalty in Biblical Perspective, Philadelphia: Fortress Press.
  • Schaar, John H., 1957, Loyalty in America, Berkeley, CA: University of California Press.
  • Scheffler, Samuel, 1997, “Relationships and Responsibilities,” Philosophy & Public Affairs, 26(3): 189–209.
  • Schrag, Brian, 2001, “The Moral significance of Employee Loyalty,” Business Ethics Quarterly, 11(1): 41-66.
  • Shelley, Mary Wollstonecraft, 1957 [1831], Frankenstein, third edition, New York: Pyramid Books.
  • Spiegel, Shalom, 1965, The Last Trial. On the Legends and Lore of the Command to Abraham to Offer Isaac as a Sacrifice: The Akedah, trans. and intro. Judah Goldin, New York: Pantheon Books.
  • Tolstoy, Leo, 1968 [1894], “On Patriotism,” in Tolstoy’s Writings on Civil Disobedience and Non-Violence, New York: New American Library.
  • Trotter Griffin, 1997, The Loyal Physician: Roycean Ethics and the Practice of Medicine, Nashville, TN: Vanderbilt University Press.
  • Twain, Mark (Samuel Clemens), 1935, Notebook, ed. Albert Bigelow Paine, New York: Harper.
  • Varelius, Jukka, 2009, “Is Whistle-Blowing Compatible with Employee Loyalty?” Journal of Business Ethics, 85(2): 263–75.
  • Walker, A.D.M., 1988, “Political Obligation and the Argument from Gratitude,” Philosophy & Public Affairs, 17(3): 191–211.
  • Walzer, Michael, 1970, Obligations: Essays on Disobedience, War, and Citizenship, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Wilcox, William H., 1987, “Egoists, Consequentialists, and Their Friends,” Philosophy & Public Affairs, 16(1): 73–84.
  • Williams, Bernard, 1981, “Persons, Character, and Morality,” reprinted in Moral Luck, Cambridge: Cambridge University Press, 1–19.
  • Wilson, James Q., 1993, The Moral Sense, New York: The Free Press.
  • West, Ranyard, 1945, Conscience and Society, New York: Emerson Books.
  • Westin, A. ed., 1981, Whistle Blowing! Loyalty and Dissent in the Corporation, New York: McGraw-Hill.
  • Zdaniuk, Bozena and Levine, John M., 2001, “Group Loyalty: Impact of Members’ Identification and Contributions,” Journal of Experimental Social Psychology, 37(6): 502–09.
  • أدوات أكاديمية
 How to cite this entry.
 Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
 Look up this entry topic at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
 Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

[1] Kleinig, John, “Loyalty”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2017 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2017/entries/loyalty/>.