مجلة حكمة
أسواق الجنس النسوية

منظورات النسوية عن أسواق الجنس

مدخل فلسفي شامل حول وجهات النظر النسوية حول أسواق الجنس والمواد الإباحية؛ نص مترجم لد. لوري شرايج، ,وترجمة: إبراهيم الفواز، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد يطرأ عليها التعديل من منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة. نسخة PDF


 

تثير أسواق المواد الجنسية الصريحة (المواد الإباحية) والخدمات الجنسية (بيع الهوى) مخاوف عديدة للفلاسفة والنسويات. القلق الرئيس هو أن هذه الأسواق تبدو حتميًا مضرّة للنساء – سواء بصفتهن أفرادًا أو جماعة. قامت الفيلسوفات النسويات بتحليل كيفية إيذاء بيع الهوى و المواد الإباحية للنساء، موظّفات مفاهيمًا من الفلسفة الأخلاقية والسياسية، وفلسفة اللغة والفن.

  1. المواد الإباحية

    1.1 لماذا تخصّ النسويات المواد الإباحية بالتركيز؟

    1.2 هل الأعمال الإباحية تُسكت المرأة وتُخضعها؟

    1.3 هل تشيّئ المواد الإباحية المرأة جنسيًا؟

    1.4 هل تخدم بعض المواد الإباحية غايات نسوية؟

  2. بيع الهوى

    2.1 أيجب منع بعض أسواق الجنس؟

    2.2 هل يمكننا التمييز بين الاتجار بالبشر والعمل الجنسي بالتراضي؟

    2.3 هل يمكن تنظيم أسواق الخدمات الجنسية بفاعلية؟

  • المراجع
  • أدوات أكاديمية
  • مصادر أخرى على الإنترنت
  • مداخل ذات صلة

 

1. المواد الإباحية

1.1 لماذا تخصّ النسويات المواد الإباحية بالتركيز؟

تجادل آن إيتون بأن المواد الإباحية تصوّر إخضاع المرأة ممتعًا جنسيًّا، لذا فهي أكثر فعالية من المواد التمثيلية الأخرى في تشكيل مواقف ورغبات المشاهدين (Eaton 2007: 680). تُشركنا الإباحيّة و تدرّبنا على الاستثارة جنسيًّا من مشاهد تصوّر النساء أدنياء اجتماعيًّا، وبالتالي تعزز “الآليات والمعايير والأساطير” التي تحافظ على الوضع الاجتماعي غير المتكافئ للنساء (679). تقر إيتون بأن بعض المواد الإباحية لا تُشبق اللامساواة، و تركّز نقدها على “المواد الإباحية اللامساوية”. فهي تفترض أن الأضرار الناجمة عن التعرض للمواد الإباحية اللامساوية تتراوح بين زيادة معدلات التمييز الجنسي، والتحرش الجنسي والاعتداء، إلى الحط من مكانة المرأة. تدرك إيتون أن نموذجها السببي يتطلب دعم تجريبي، وأن الدراسات اللازمة لتأكيده أو دحضه لم تتم بعد. نظرا لأن المواد الإباحية اللامساوية ليست هي النوع الوحيد من الثقافة الجماهيرية التي تعزز التمييز الجنسي في المواقف والسلوك، فقد يكون من الصعب فصل آثار المواد الإباحية التي تُميّز جنسيًّا من تلك التي ليست إباحية.

في السنوات الأولى من الموجة الثانية للحركة النسوية، قامت الناشطات بحملة ضد جميع مواد الإعلام الشعبية العنيفة و المُميّزة جنسيًا. تجادل كارولين برونشتاين بأن التحول من إدانة الصور الإعلامية العنيفة و المُميّزة جنسيًا إلى إدانة المواد الإباحية فقط (حتى الإباحية غير العنيفة) شملت عاملين رئيسين. أولا، بدأت النسويات الراديكاليات في رؤية تكاثر المواد الإباحية العنيفة كجزء من رد فعل عنيف أوسع على التقدم في مساواة المرأة. فُسّر تشبّع المجتمع من مجلات بلاي بوي، و هسلر، و ديب ثروت، و متاجر مجلات الراشدين، و لاحقًا القنوات التلفزيونية المشفّرة و فيديوهات الإباحية في الستينات والسبعينات، من قبل بعض الناشطات كحملة مدبرة للحفاظ على النساء في مجالهم الاجتماعي المعين. و اتّهم بعض النسويات خصومهن في نشر بروباغاندا مغوية و كارهه للنساء، تصوّر النساء بخبث خطآً كراغبات و مُستحقّات للاستعمال الجنسي القسري و المُهين. ثانيًا، تزعم برونشتاين أنه، باستهداف المواد الإباحية كمذنب بدلا من التمييز الجنسي في وسائل الإعلام، استفادت الحركة النسوية المناهضة للإباحية من المناخ المحافظ في الثمانينات. أصبح المحافظون الاجتماعيون الدينيون، على وجه الخصوص، ينتقدون بشكل متزايد الثورة الجنسية في الستينات، ورأوا نمو صناعة المواد الإباحية دليلًا على التحول الثقافي في بلدهم. مكّن النسويات تقارب الأهداف بينهن و بين بعض المحافظين من حصد الدعم المالي من غير النسويين، وحتى من المنظمات المناهضة للنسوية (Bronstein 2011: 322).

تُوج العمل الأساسي للحركة المناهضة للمواد الإباحية في تطوير نهج جديد لتقييد المواد الإباحية لم يعتمد على رقابة الحكومة على الكلام الفاحش. كتبت كاثرين ماكينون وأندريا دوركين مرسومًا نموذجيًا لمكافحة المواد الإباحية، والذي سرعان ما تبنته مدينة إنديانابوليس بمساعدة المنظمات المسيحية الإنجيلية (Bronstein 2011: 324). عرّف المرسوم المواد الإباحية على أنها “إخضاع جنسي صريح للمرأة، مصوّر بوضوح من خلال الصور و / أو الكلمات”، و سمح للضحايا المحتملين برفع دعاوى مدنية ضد منتجي وموزعي المواد ذات المحتوى المحدد. ردًا على ذلك، تعاون العديد من نشطاء حرية التعبير لتحدي هذا القانون الجديد، وقوانين مماثلة مقترحة في مدن في جميع أنحاء البلاد. في عام 1986، حكمت المحكمة العليا أن مرسوم إنديانابوليس غير دستوري، وبعد فترة وجيزة، سقطت الحركة النسوية المناهضة للمواد الإباحية في حالة من الفوضى.

على الرغم من أن الحركة النسوية المناهضة للإباحية من الموجة الثانية تطوّرت إلى حركة مؤيدة لكل أشكال الجنس ضمن الموجة الثالثة للحركة النسوية، إلا أن عددًا من الأكاديميات النسويات يحاولن إحياء المعارضة المجتمعية للمواد الإباحية (Eaton 2007; Langton 2009; Hornsby 1995; Brison 1998). من خلال استخدام أدوات التحليل الفلسفي والعلوم الاجتماعية التجريبية، تهدف الأكاديميات النسويات إلى تقوية الأسس الفكرية للحركة المناهضة للمواد الإباحية. فبالاستعانة بفهم أفضل لوقع المواد الإباحية على الأفراد والمجتمع، والآليات النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تفسر تأثيرها، يمكن للمجتمعات تعبئة استجابات أكثر فاعلية ضد إنتاجها وتوزيعها واستهلاكها. الآن وقد أتاح الإنترنت للمواد الإباحية الوصول إلى جمهور أوسع، فقد يكون تأثيرها أكبر من أي وقت مضى.

كانت هيلين لونجينو واحدة من أوائل الفيلسوفات النسويات اللاتي صغن نظرية عن إضرار المواد الإباحية بالنساء. جادلت بأن المواد الإباحية تُظهر الرجال والنساء يستمتعون بأنشطة تشيئ النساء و تعاملهن على أنهن أقل من البشر. من خلال تصوير الموضوعات النسائية على أنها أشياء غير إنسانية، تعزز المواد الإباحية فكرة أنه يمكن معاملة النساء دون اعتبار أخلاقي (أي، اغتصابهن واستعبادهن). تكتب لوجينو:

  مشكلة المواد الإباحية، إذن، يكمن في تصويرها المهين وغير الإنساني للمرأة، وليس في محتواها الجنسي. تتطلب المواد الإباحية، بطبيعتها، أن تكون المرأة تابعة للرجال وأن تكون مجرد أدوات لإشباع خيالات الذكور (Longino 1980: 45)

متّبعة الفيلسوف إيمانويل كانط، تفترض لونجينو أن الجنس يمثل مشكلة أخلاقية لأنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، ممارسة الجنس دون معاملة شخص آخر على أنه “مجرد وسيلة” لإرضائنا. الرغبة الجنسية غير عقلانية وتقودنا إلى اختزال الآخرين إلى أعضاء أجسادهم الجنسية، وبالتالي فهي مُشيّأة و مُجرِّدة من الإنسانية و مُهينة. تضيف لونجينو عنصرًا نسويًا إلى كانط بالقول إنه نظرًا لأن الرجال يتمتعون بسلطة اجتماعية أكبر من النساء، فإن الرجال قادرون على استخدام النساء كأدوات لإرضاء غاياتهم الجنسية. ومن ثم، فإن الصور الإباحية للجنس المغاير، تمجد وتعزز المعاملة اللاأخلاقية والتبعية للنساء من قبل الرجال.

يشتمل تحليل كاثرين ماكينون وأندريا دوركين الشهير للمواد الإباحية بالمثل على نموذج كانطي للأخلاق الجنسية مع إضافة نسوية (Shrage 2005). تعتبر الأفعال الجنسية المغايرة عنيفة بطبيعتها بالنسبة للمرأة من حيث أنها تنطوي على معاملة الرجال للمرأة كأشياء قابلة للتبديل لا تُحترم سلامتها وحدودها. الأفعال العادية بين الجنسين بالنسبة لدوركين، تتضمن قيام الرجال بغزو واحتلال أجساد النساء (Dworkin 1987).  المواد الإباحية، إذن، تعادل أدلة مرئية و توثيق الإساءة إلى نساء بعينهن، و من يشاهدها فهو متعاون في انتهاكهن. وفقًا لماكينون، لا تتمتع النساء في المجتمعات الأبوية بحرية رفض ممارسة الجنس مع الرجال، وبالتالي فإن مشاركتهن في ممارسة الجنس مع الرجال لا تتم بالتراضي تمامًا. إن ممارسة الجنس مع أشخاص غير قادرين على إعطاء موافقة حقيقية، والتي تُحوّل إلى مشهد عام من خلال المواد الإباحية، توسع الأبعاد الزمنية والمكانية للجريمة. عندما تشاهد النساء المواد الإباحية، فغالبًا ما يسترجعن الانتهاك والإذلال العام. لذلك، فإن المواد الإباحية لديها القدرة على إيذاء النساء مرارًا وتكرارًا ولا تقوم فقط بعرض إساءة ماضية مسجّلة، وفقًا لماكينون ودوركين. المواد الإباحية للبالغين تشبه المواد الإباحية للأطفال، والتي تسجل وتضخم إساءة معاملة الأطفال المتحرش بهم. كلاهما يسمح للآخرين بالمشاركة واستغلال إيذاء شخص ما من أجل المتعة السادية. علاوة على ذلك، تؤكد ماكينون أن المواد الإباحية للبالغين هي أداة يمكن استخدامها للحصول على تعاون المرأة مع المعتدي، تمامًا كما يمكن استخدام المواد الإباحية مع الأطفال. تكتب أن الرجال يستخدمون المواد الإباحية “لتدريب النساء على الخضوع الجنسي” (MacKinnon 1987: 188).

تدّعي ماكينون أيضًا أن “مواد إباحية معينة تسبب بعض الاعتداءات بشكل مباشر. بعض حالات الاغتصاب يقوم بها رجال مع كتب ورقية في جيوبهم “(MacKinnon 1987: 184). ولأن “المواد الإباحية تجعل النشوة الجنسية للذكور مشروطة بإخضاع الإناث” (MacKinnon 1987: 190)، فإنها بشكل غير مباشر ولا شعوريًا تسثير في الرجال سلوكيات جنسية مُتسلطة. تشكّل المواد الإباحية الرغبة الجنسية لكل من الإناث والذكور في أدوار الضحية / المعتدي، و تظهر السلوكيات الجنسية المعتدية كأشكال طبيعية للتعبير الجنسي والجنس. لذلك فإن المواد الإباحية ضارة للرجال الذين يستهلكونها، وكذلك للنساء اللاتي يمارسن الجنس مع الرجال، سواء على الشاشة أو خارجها. على حد تعبير ماكينون، تمثل المواد الإباحية

  ممارسة الجنس القسري على نساء حقيقيات بحيث يمكن بيعها بربح لإجبارها على نساء حقيقيات أخريات؛ أجساد النساء تُربط و تُشوّه و تُغتصب و تُحوّل إلى أشياء يمكن أن تُؤذى و تُمتلك و تُستباح، و يُقدّم هذا على أنه طبيعة المرأة؛ الإكراه المرئي والإكراه الذي أصبح غير مرئي – هذا والمزيد يزعج النسويات بشأن المواد الإباحية … تسبب المواد الإباحية مواقف وسلوكيات عنيفة و مُميِّزة تحدد مكانة و معاملة نصف السكان (MacKinnon 1987: 188).

لهذه الأسباب، تعتقد النسويات المناهضات للمواد الإباحية عمومًا أن المواد الإباحية ليست مجرد مصدر إزعاج تمييزي يمكن معالجته من خلال دعوات المقاطعة و محاسبة مسؤولية الشركات. فالمواد الإباحية “تغذي التمييز الجنسي” (Longino 1980: 54) وعدم احترام المرأة بطرق تؤدي إلى انتهاك الحقوق الأخلاقية والمدنية الأساسية للمرأة.

تجادل لونجينو بأن المواد الإباحية لا ينبغي أن تُمنح نفس الحماية القانونية للمواد التعبيرية الأخرى. فهي كما ماكينون، تقترح أنه يجب تقييد المواد الإباحية، ليس كشكل من أشكال التعبير الفاحش، ولكن كمنتج يمكن أن يتسبب في إصابات خطيرة للنساء، بشكل فردي و كجماعة. تؤكد لونجينو أن التسامح الليبرالي مع المواد الإباحية يشكل قبولًا للمعاملة غير الأخلاقية للمرأة (Longino 1980: 48). تأخذ ماكينون ودوركين هذه الحجة خطوة إلى الأمام وتزعمان أن المواد الإباحية غالبًا ما تصوّر أعمال الاغتصاب الإجرامي، وبالتالي فإن نشرها يزيد من أضرار هذه الأعمال الإجرامية (MacKinnon 1987: 128 ، 148-49 ؛ Dworkin 1979: 201). يضعف التسامح مع المواد الإباحية كل النساء لأنه يديم مناخًا تشعر فيه النساء باستمرار بالتهديد بالاغتصاب، مما يجعل من المستحيل عليهن ممارسة الحقوق الرسمية التي اكتسبنها. سعى المرسوم النموذجي لماكينون ودوركين إلى جعل “المواد الإباحية تُحاكم باعتبارها انتهاكًا للحقوق المدنية” بحيث يمكن للمرأة أن تلجأ إلى القانون عندما تمنع المواد الإباحية ممارسة حقوقها أو تسبب إصابات شخصية (MacKinnon 1993: 22، 121، n. 32). وبحسب ماكينون، من خلال حماية خطاب المصورين الإباحيين وحمايتهم من المسؤولية، تفشل الدولة في حماية المساواة والحقوق المدنية للمرأة.

تقدم ماكينون و دوركين دعمًا امبريقيًا قصصيًا فقط لمزاعمهما حول ضرر المواد الإباحية. لكن عملهما ألهم عددًا من علماء الاجتماع لإجراء دراسات تجريبية للعثور على مزيد من الدعم الامبريقي لمزاعمهما. كتبت ديانا سكالي عن مراجعة أدبيات العلوم الاجتماعية المتوفرة في ذلك الوقت

  يزيد انتشار المنتجات الثقافية، مثل المواد الإباحية، من كمية ونوعية العنف في خيالات الرجال. علاوة على ذلك، لا سيما عندما تُصوّر النساء على أنهن يستمتعن بالعنف الموجه ضدهن، فإن المواد الإباحية تقلل من أهمية الاغتصاب، وبالتالي قد تشجع المزيد من الرجال على التصرف وفقًا لخيالاتهم. مسلحين بالأساطير التي يُحتفى بها في المواد الإباحية العنيفة، مثل النساء اللواتي يرغبن سرًا في أن يُغتصبن، يمكن للرجال المغتصبين أن يؤمنوا بأن سلوكهم يقع ضمن الحدود المعيارية للثقافة . (Scully 1990: 155)

يقارن بحث سكالي استهلاك المواد الإباحية من قبل المغتصبين المدانين بمجموعة ضابطة من المجرمين. على الرغم من أنها لاحظت بعض المشكلات في تصميم بحثها، إلا أنها استنتجت

  تثبت البيانات أن غالبية المغتصبين المدانين كانوا على دراية بالمواد الإباحية وأن استخدامهم لهذه المواد كان أكبر إلى حد ما من استخدام المجرمين الآخرين. (Scully 1990: 154)

في مراجعتهم لأبحاث المواد الإباحية، ذكر نيل مالاموث، و تمارا أديسون، وماري كاص

  تشير النتائج الحالية إلى أنه بالنسبة لغالبية الرجال الأمريكيين، فإن التعرض للمواد الإباحية (حتى في أعلى المستويات التي قُيّمت هنا) لا يرتبط بمستويات عالية من الاعتداء الجنسي … ولكن من بين أولئك الذين لديهم أعلى مستوى “مهيء” لخطر الاعتداء الجنسي (أعلى بقليل من 7 ٪ من العينة بأكملها)، أولئك الذين يستخدمون المواد الإباحية بشكل متكرر (حوالي 12 ٪ من هذه المجموعة عالية الخطورة) لديهم مستويات عدوانية جنسية أعلى بأربع مرات تقريبًا من نظرائهم الذين لا يستهلكون المواد الإباحية بشكل متكرر. (Malamuth, Addison, and Koss 2000: 85)

في مراجعة أحدث لأدبيات العلوم الاجتماعية، أفاد كريستوفر فيرغسون وريتشارد هارتلي بـ

  إن الدليل على وجود علاقة سببية بين التعرض للمواد الإباحية والاعتداء الجنسي ضئيل، وقد يكون، في أوقات معينة، مبالغًا فيه من قبل السياسيين وجماعات الضغط وبعض علماء الاجتماع. ركزت بعض المناقشات على المواد الإباحية العنيفة، لكن الأدلة على أية آثار سلبية غير متسقة، والمواد الإباحية العنيفة نادرة نسبيًا في العالم الحقيقي. تُظهر معدلات إيذاء الاغتصاب في الولايات المتحدة علاقة عكسية بين استهلاك المواد الإباحية ومعدلات الاغتصاب. أظهرت بيانات من دول أخرى علاقات مماثلة. (Ferguson and Hartley 2009)

على الرغم من أن فيرغسون وهارتلي لا يناقشان الدراسات التي تنظر فقط في المواد الإباحية اللامساوية، كما يقترح عمل إيتون، فقد ناقشا دراسة أجريت عام 2004 “وجدت أن المواد الإباحية تحمي من المواقف السلبية تجاه النساء”، ودراسة عام 2007 “لم تجد أي علاقة بين استهلاك المواد الإباحية و المواقف السلبية تجاه المرأة “. ومع ذلك، تشير دراسة عام 2004 إلى أن “مستهلكي المواد الإباحية قد يكونون أكثر عرضة للتمييز الجنسي الخيّر، والذي يشمل ضمن معتقداته أنه يجب حماية المرأة من الأذى” (2009: 326). على عكس لونجينو وماكينون، لا يبدو أن المواد الإباحية “تغذي التمييز الجنسي” في أشكاله الشائنة.

تتساءل ديبورا كاميرون وإليزابيث فريزر عما إذا كانت أي تحليلات للخصائص السببية للمواد الإباحية مفيدة أو مُثرية. تجادلان بأن مثل هذه التفسيرات تفترض نموذجًا حتميًا للسلوك البشري، حيث يفقد الرجال السيطرة على سلوكهم ويستجيبون إلى حد ما بلا تفكير للمثيرات الإباحية (Cameron & Frazer 2000: 248–251). إن فكرة أن الرجال ببساطة يقلدون ما يرونه في المواد الإباحية، أو أنهم مكيّفون للتصرف بطرق معينة من خلال التعرض للمواد الإباحية، تعني أن الرجال غير قادرين على تفسير المواد الإباحية بشكل خلاق ونقدي. على الرغم من أن بعض الرجال قد يقلدون دون تفكير ما يرونه، أو قد يصبحون “مدمنين” على العنف الجنسي من خلال المواد الإباحية، فإن هؤلاء الرجال هم الاستثناء لا القاعدة (Cameron & Frazer 2000: 243). من خلال التعامل مع العنف الجنسي باعتباره نتاجًا للتعرض للمواد الإباحية، تروج النسويات لوجهة نظر تخفف من مسؤولية المعتدين الجنسيين عن أفعالهم، ويلومون أفعالهم بدلاً من ذلك على المواد التعبيرية أو الظروف المرَضيّة التي يُزعم أنها تسببها. على الرغم من أن النظريات السببية التي تستدعي فقدان السيطرة الفردية من خلال “التقليد” و “الإدمان” قد تكون مفيدة للمتهمين في قضايا الاعتداء الجنسي والقتل، تشير كاميرون وفريزر إلى أن هذه النظريات تقوض الهدف النسوي لإظهار أن العنف الجنسي هو وظيفة الأعراف الثقافية واللامساواة الهيكلية، وليس الوهن العقلي أو المرض (Cameron & Frazer 2000: 248). ومن المفارقات أن النماذج السببية قد تولّد تعاطفًا اجتماعيًا مع مرتكبي العنف الجنسي وتجعل من الصعب معاقبتهم (Cameron & Frazer 2000: 247). خلصت كاميرون وفريزر إلى أن النسويات يمكن أن ينتقدن “الخطابات التي تُعلم الممارسة الجنسية” ويتخيلن خطابات بديلة، دون الترويج للنماذج الإشكالية للسلوك البشري (Cameron & Frazer 2000: 253).

لا تتفق جميع الفيلسوفات النسويات مع النقد النسوي للمواد الإباحية. فبينما وافقت آن غاري على أن محتوى المواد الإباحية يتغاضى عن المعاملة المرفوضة للنساء، كانت آن غاري واحدة من أوائل اللواتي تساءلن عما إذا كان يجب تحميل المواد الإباحية المسؤولية عن تفشي العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي. تكتب غاري

  تشير الكثير من الأبحاث حول تأثيرات المواد الإباحية إلى أن أي تأثير لها – إيجابي أو سلبي – عمره قصير. (Garry 1978: 404)

تتساءل غاري أيضًا عما إذا كانت معاملة المرأة على أنها أداة جنسية أمرًا سيئًا دائمًا، و تشير إلى أن المواد الإباحية تنجح في إيذاء النساء، جزئيًا، لأن المشاهدين يفترضون أن الجنس بشكل عام ضار بالنساء (Garry 1979: 136-37 ؛ انظر أيضًا Garry 2001). تشجع غاري النسويات على دعم إنتاج مواد إباحية غير متحيزة جنسياً بدلاً من محاولة قمع المواد الإباحية.

1.2 هل الأعمال الإباحية تُسكت و تُخضع المرأة؟

استحوذ المرسوم النموذجي لماكينون ودوركين على وجهة النظر النسوية السائدة القائلة بأن المواد الإباحية هي شكل من أشكال خطاب الكراهية ضد المرأة، والتي لا تؤدي فقط إلى العدوان الجنسي لدى الرجال ولكن أيضًا تقلل من حساسية الآخرين تجاه معاناة الضحايا. تكتب ماكينون، “لا تُصدَّق النساء اللاتي يتهمن الرجال بالاعتداء الجنسي. فوجهة النظر الإباحية عنهن هي: أنهن يردن ذلك؛ كلهن يردن ذلك “(MacKinnon 1987: 191). عندما يعبرن عن عدم رغبتهن في المشاركة في نشاط جنسي، فإن محاوريهن سيستنتجون أنهن يخطئن في التعبير عن رغباتهن. وبهذه الطريقة، فإن المواد الإباحية تُسكِت النساء، لأنها تعزز التحيز بأن المرأة ليست صادقة أو أنها خجولة عندما تبدي القليل من الاهتمام الجنسي بالرجال الذين يسعون إلى الاتصال الجنسي بها أو لا تبدي اهتمامًا بهم إطلاقًا. وبالمثل، عندما يستمع أحد المحلفين إلى شهادة ضحية اعتداء جنسي، فإن تصوره عن صدقها سيتأثر بسبب تعرضه للمواد الإباحية (Langton 2009: 297). بناء على وجهة النظر هذه، المواد الإباحية هي آلية يمكن استخدامها لحرمان المرأة من حقها المتساوي في حرية التعبير والاحترام الاجتماعي والأمن الشخصي، وبالتالي فهي تُخضعهم و تُسكتهم.

توظّف راي لانغتون أدوات نظرية فعل الكلام لتوضيح كيفية إسكات المواد الإباحية للمرأة و إخضاعها (Langton 1995: 215). تشير لانغتون إلى أن الكلمات والصور الإباحية، مثل الأقوال بشكل عام، هي شكل من أشكال الفعل الاجتماعي. يتضمن المحتوى الحرفي (القوة اللفظية) لعمل إباحي تمثيل أفعال جنسية معينة، والتي لها تأثير (القوة التأثيرية) في إثارة بعض المشاهدين وتشكيل مواقفهم تجاه النساء. تتعلق القوة غير اللفظية (الإنجازية) للعمل الإباحي بالأفعال الاجتماعية التي تُؤدى في تصوير الجنس والنساء، مثل الإخطار، والأمر، والتسلية، والموافقة، وما إلى ذلك. على سبيل المثال، تؤدي لافتة معلّقة تحمل الكلمات “للبيض فقط” الفعل الاجتماعي المتمثل في أمر الفصل العنصري وفرضه في سياق مع أنواع معينة من القواعد الاجتماعية الرسمية أو غير الرسمية التي تنطوي على مكانة عرقية. وبالمثل، قد يؤدي العمل الإباحي وظيفة التوصية أو الموافقة على بعض سلوكيات الإعتداء الجنسي في سياق مع أنواع معينة من القواعد الاجتماعية حول حالة واستحقاقات أنواع الشخصيات المعروضة. تعتمد القوة الإنجازية لفعل كلام أو علامة أو عمل تعبيري معين على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك نوايا المؤلف والأعراف اللغوية والاجتماعية التي تربط الكلمات بمعاني معينة وممارسات اجتماعية. لافتة “للبيض فقط” الموضوعة على سلة غسيل تؤدي تصرفًا إنجازيًا مختلفًا عن تلك الموضوعة على نافورة الشرب أو مقعد الحافلة. يعتمد فعل الكلام الناجح، حيث يحصل الجمهور على ما يعتزم المتحدث توصيله أو القيام به، على العديد من الميزات التاريخية والقانونية وغيرها من سياق الاستخدام (Saul 2006b؛ Bianchi 2008؛ Mikkola 2008). تجادل لانغتون بأن هناك أسبابًا جيدة، وإن لم تكن قاطعة، للاعتقاد بأن العوامل الأساسية التي تمكن النصوص الإباحية من تأييد أو التوصية أو الأمر بأفعال عدائية ضد النساء موجودة. ومع ذلك، فهي تقترح أيضًا أن القوة الإرشادية للمواد الإباحية قد تُحظر بشكل فعال من خلال أفعال خطاب منتقديها، بدلاً من الرقابة (Langton 1995: 216).

توظّف جينيفر هورنسبي أيضًا نظرية الفعل الكلامي لشرح كيفية إسكات المواد الإباحية للنساء. تؤكد هورنسبي أن المواد الإباحية تعزز الأفكار حول النساء والتي تنزع من تصريحاتهن معانيها الإنجازية العادية (Hornsby 1995: 227). على سبيل المثال، ربما تحمل الأعمال الإباحية فكرة أن النساء اللواتي يجدهم الرجال مثيرات يتقن إلى إشباع شهواتهن الجنسية، فعندما يقلن تلك النساء “لا”، فإن تصريحهن لا يشكل فعل رفض بل تمنّع. وبهذه الطريقة، تعزز المواد الإباحية الرموز الاجتماعية التي تسمح للرجال بإساءة قراءة خطاب النساء هيكليًا و تجاهله. قد تُسكت النساء، إذن، ليس من خلال قمع خطابهن ولكن من خلال التغييرات في الظروف الأساسية اللازمة لأفعال الكلام الناجحة، مثل الرفض. إذا كانت المواد الإباحية تتعارض مع قدرة المرأة على التواصل، فلا يمكن للمرأة أن تطعن في ضرر المواد الإباحية بمزيد من الكلام، ولكن فقط عن طريق قمع المواد الإباحية.

أحد الآثار الضمنية للادعاء بأن المواد الإباحية تجعل الرجال يخطئون في قراءة أفعال النساء التواصلية هو أنه من المحتمل أن يقدم دفاعًا للمعتدين جنسيًا الذين يزعمون أنهم يعتقدون صدقًا أن ضحاياهم يعتزمون نقل شيء مخالف للمعنى العادي لتصريحهم. تجادل ماري ميكولا بأن هذا القلق لا يقوض تحليل لانغتون وهورنسبي للمواد الإباحية. بدلاً من ذلك، يجب أن تجبرنا هذه النتيجة لروايتهم على إعادة التفكير في مدى اعتماد الإدانة في قضية اغتصاب على وجود دوافع أو نوايا خبيثة للمتهم (Mikkola 2011). تجادل ماري كيت ماكجوان و أخريات:

         حتى لو أدى استهلاك المواد الإباحية إلى اعتقاد بعض الرجال بأن النساء يوافقن (و هن لا يوافقن)، فهذا غير كافٍ لإثبات أن هذه المعتقدات معقولة. مجرد الإيمان بالموافقة لا يفعل شيئًا لتقويض مسؤولية المغتصب (في معظم الولايات القضائية على أي حال) ما لم يكن هذا الاعتقاد معقولًا أيضًا. (McGowan et al. 2011: 145)

ومع ذلك، إذا كانت المواد الإباحية يمكن أن تعطل أو تحبط التواصل العادي، فكيف يجب أن يضمن الأشخاص العقلاء والأخلاقيون أن أفعالهم الجنسية تتم بالتراضي؟ الحملات ضد الاعتداء الجنسي التي تقترح قواعد بسيطة، مثل “لا يعني لا” و “نعم تعني نعم”، ترشدنا أساسًا إلى مساواة القوة الإنجازية للتصريح بمعناه الحرفي أثناء اللقاء الجنسي. إذا كانت المواد الإباحية لديها القدرة على سرقة الكلام من معانيه العادية، فإن الطريقة الحذرة والمعقولة لتأمين الموافقة على فعل جنسي قد تتطلب الرجوع لفهم حرفي، مما يعني ضمنيًا أن أولئك الذين لا يفعلون ذلك سوف يكونون عرضة للتهم الجنائية والعقاب.

تستكشف سوزان بريسون أطروحة الإخضاع وتؤكد أن المواد الإباحية هي شكل من أشكال التشهير الجماعي الذي قد يقوض استقلالية المجموعة المستهدفة. من خلال نشر الأكاذيب عن المرأة، تضيق المواد الإباحية نطاق الخيارات الاجتماعية والفرص المتاحة لها. يواجه أعضاء المجموعات التي شُوّهت سمعتها اجتماعيا بواسطة أدبيات الكراهية رحلة أكثر صعوبة في السعي وراء أهدافهم أو محاولة أداء أدوار اجتماعية معينة (Brison 1998). تجادل لانغتون أنه حتى لو كانت المواد الإباحية تتعلق بالخيال ويجب أن تُفهم على أنها خيالية، فإنها يمكن أن تكون مضللة. وفقًا للانغتون، إن المواد الإباحية تعرض معتقدات و خيالات أولئك الأقوياء اجتماعيًا، ولأن أولئك الذين لديهم قوة اجتماعية أقل قد يطابقون سلوكهم مع تلك المعتقدات، فإن المعتقدات تحقق ذاتها. بهذه الطريقة، يؤذي التعبير الإباحي النساء من خلال تغيير العالم الذي يبدو أنه يصفه (Langton 2009: 301-9). بالمثل، تجادل ماكجوان بأن المواد الإباحية تعمل على أنها “حكم خاطئ ولكن موثوق به حول طبيعة المرأة”، بالطريقة التي تؤسس بها صافرة الحكم الحقائق حول أحداث اللعبة (McGowan 2005: 43). تدعي أبيغيل ليفين أن “المواد الإباحية وخطاب الكراهية هما صوت الأغلبية المهيمنة” وبالتالي تعملان على منح الامتياز والدفاع عن مصالح الأغلبية القوية والمجموعات المهيمنة (Levin 2009: 371–2).

تتحدى لويز أنطوني استخدام لانغتون لنظرية فعل الكلام لشرح الطبيعة الواضحة للتحقق الذاتي للمواد الإباحية. تجادل أنطوني بأن فعل الكلام لا يمكن أن يصف حالة الأمور و يوجدها في الوقت ذاته. تجادل أنطوني بأن تحليل لانغتون يخلط “القوة” ب”السلطة”، فبينما قد يكون للمواد الإباحية القوة أو القدرة على التأثير في العالم، إلا أنها ليست مخولة سلطة القيام بذلك. تشير أنتوني إلى أن السلطة تأتي من خلال اتفاق أو اتفاقيات اجتماعية، وأن المواد الإباحية، بهذا المعنى، لا تتمتع بسلطة الحكم (أو القانون) لفرض أوامرها أو رؤيتها للواقع، على الرغم من أنها قد تنجح في بعض الأحيان في التأثير في معتقدات أو سلوك المشاهدين (Antony 2017 ؛ انظر أيضًا Stewart 2019).

تتحدى نادين ستروسن الفكرة القائلة بأن الأعمال الإباحية لها معانٍ موثوقة واحدة هي بطبيعتها مُميِّزة جنسيًا أو كارهة للنساء. تكتب:

  قد تنظر النسويات المؤيدات للرقابة إلى الترحيب الظاهري للمرأة بالجنس مع الرجل على أنه مهين ، ولكن هذا بسبب مواقفهن السلبية تجاه قدرة المرأة على اتخاذ خيارات جنسية. من المرجح أن ترى مشاهدات أُخريات مثل هذا المشهد إيجابيًا وصحيًا. (Strossen 1995: 162)

علاوة على ذلك ، وفقًا لستروسن:

  تنطبق التفسيرات الغامضة والإيجابية على النطاق الكامل للخطاب الجنسي، بما في ذلك الصور العنيفة و الصور التي قد توصف بأنها “مُخضعة” أو “مهينة”، مثل مشاهد الاغتصاب والمشاهد التي تصور ما يسمى بأسطورة الاغتصاب، أي أن النساء يرغبن في أن يُغتصبن. (Strossen 1995: 146)

لتوضيح أن النصوص الإباحية يمكن أن تنتج ردودًا متباينة، تفحص ستروسن ردود الفعل المتعارضة على مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام الشعبية، بما في ذلك الأفلام التي تصور الاغتصاب، والصور المثيرة للجدل للنساء في الإعلانات السائدة، والروايات المصورة الجنسية لأندريا دوركين. تدعي ستروسن أن التأثير على بعض المشاهدين، بما في ذلك النساء، قد يكون إيجابيًا:

  قد تخدم المواد الإباحية، بما في ذلك مشاهد الاغتصاب الإباحية، غاية أخرى للنساء اللاتي يقرأنها أو يشاهدنها: فهي تتعارض مع التيار، مما يسمح للمشاهدات بالتعبير عن التمرد والفردانية. بهذا المعنى أيضًا، قد يكون للكلمات أو الصور التي تصور حرفيًا عجز المرأة تأثير مقوّي للمشاهدين من الإناث. (Strossen 1995: 174)

إن وجود تفسيرات وردود متباينة على الأعمال الإباحية يتحدى فكرة أن المواد الإباحية لها أي تأثير ضار منفرد على الظروف الأساسية للاتصال. باختصار، يمكن للأعمال الإباحية دعوة المشاهدات أو استفزازهن لتحدي الأعراف الاجتماعية القمعية، بدلاً من مجرد الالتزام بها. على أقل تقدير، تجعل هذه المواد جوانب مقلقة من النشاط الجنسي البشري متاحة للنقاش العام والنقد (Strossen 1995: 176).

تقلب جورجيا وارنك الطاولة على فرضية الإسكات بقول:

  تعمل الحركة النسوية المناهضة للإباحية على إسكات تعابير النساء الجنسية المختلفة عن طريق إدانة التعابير التي لا تتفق معهن باعتبارها وعيًا زائفًا … [و] من خلال تعزيز التشريعات التي من شأنها قمع المواد التي يمكن للمرأة من خلالها اكتشاف وجهات نظر مختلفة عن الجنسانية الأصيلة، وفي الواقع، طرق مختلفة لفاعليتها الجنسية. (Warnke 1999: 124)

تجادل كونسويلو كونسيبسيون بأن النسوية المناهضة للإباحية

  تُظهر القليل من الاحترام للممارسات الجنسية المختلفة للمرأة، سواء كانت الجماع بين الجنسين أو السادية المازوخية السحاقية. هذا الشكل من التعميم يحرم النساء من الفاعلية الجنسية لأنه يفترض أن أفكارنا حول الجنسانية ليس لها شرعية وأن النظام الأبوي سيستولي عليها. … [وهي] تنزع الشرعية عن الأصوات الجنسية المختلفة للمرأة؛ وبالتالي، يمكن أن تصور حياتنا الجنسية كشكل من أشكال الانحراف الأخلاقي. (Concepcion 1999: 98)

باختصار، لا تتعرض كل النساء لصدمة نفسية أو يُسكتن بسبب المواد الإباحية. تستمتع بعض النساء بالمواد الإباحية كمستهلكات بطرق تتعدى أو تتحدى، بدلاً من أن تعزز الأعراف الاجتماعية أو المعتقدات الخاطئة حول طبيعة المرأة. تتجاهل النسويات المناهضات للإباحية و يهمشن الأشكال المتنوعة وغير التقليدية للتعبير الجنسي التي تتمتع بها بعض النساء.

تنتقد إيمي ألين النقاشات النسوية حول المواد الإباحية لاختزالها فكرة السلطة إلى القدرة على إخضاع شخص ما أو مقاومة التبعية. لا تفهم النسويات المناهضات للمواد الإباحية تأثير المواد الإباحية إلا من حيث تبعية الرجال للنساء، وبهذه الطريقة يعاملن جميع النساء كضحايا ويتغاضين عن أشكال القوة الاجتماعية التي تتمتع بها بعض النساء بحكم أعراقهن أو جنسياتهن أو طبقاتهن. تنظر النسويات المؤيدات للجنس إلى المواد الإباحية على أنها أداة لتخريب الأعراف الجنسية، وتقوية النساء من خلال تمكينهن من مقاومة القمع الجنسي و البنى التمييزية جنسيًا للاحترام الأنثوي. تجادل ألين، متّبعة فوكو، بأن قوة القهر أو المقاومة مترابطين، حيث يتشكل كلاهما من خلال الفهم المشترك للاحتياجات والرغبات البشرية التي يمكن السيطرة عليها من قبل الآخرين أو تحريرها. تكتب ألين:

  لا تتمتع المواد الإباحية بالقدرة على بناء واقعنا الاجتماعي الذي تدعي ماكينون ودوركين أنها تمتلكه، ولا نمتلك نحن بصفتنا أفرادًا القدرة على تحليل المواد الإباحية على أنها تخريبية بالضرورة. لا يمكن إحداث مثل هذا التحول في تأثير المواد الإباحية إلا من خلال حركة اجتماعية جماعية. (Allen 2001: 528)

وفقًا لوجهة النظر هذه لتأثير المواد الإباحية، فإن قدرتها على دعم أو تقويض الأعراف الاجتماعية السائدة مشروط بنوع ثالث من السلطة، وهو القدرة على التصرف بالتضامن مع الآخرين.

1.3 هل تشيئ المواد الإباحية المرأة جنسيًا؟

توظف أليسون أسيتر فهم هيجل الثنائي للهيمنة والمقاومة لنقد المواد الإباحية. تكتب

  يبدو أن ديالكتيك السيد والعبد يلتقط العلاقة بين الناس في الشبقية الإباحية. في كثير من المواد الإباحية، يتحول الناس، عادة النساء، إلى أشياء للآخر … في حالة المواد الإباحية، ما يحدث هو أن يصبح أحدهم جسدًا يرغب فيه الآخر، بلا مبادلة. (Assiter 1988: 65)

إن معاملة شخص ما على أنه مجرد جسد لاستخدام شخص آخر، دون الاعتراف بأنه أيضًا ذات لها رغبات، هو معاملة شخص ما على أنه عبد، ومخلوق أو كائن دون البشر، وبالتالي تنتهك كرامته كإنسان. تشرح أسيتر أنه بالنسبة لهيغل:

  “ديالكتيك السيد والعبد” هو مرحلة في تطور تاريخ العالم – في التقدم نحو حرية “الروح” التي تتحكم في التغيير التاريخي. في الواقع، العلاقة ضارّة لكل من العبد والسيد (Assiter 1988: 65)

لأن أيا منهما لا يكتسب أشكال الاعتراف اللازمة للوعي الذاتي والإشباع العاطفي.

يجادل هاري برود بأن المواد الإباحية تؤذي الرجال بشكل فردي حتى في حين أنها تزيد من القوة الجماعية للرجال (Brod 1992: 158). يطبق برود المفاهيم الأخلاقية الكانطية والهيغلية والماركسية ويكتب:

  الأنثى موجودة في المقام الأول كموضوع جنسي، وليس كذات جنسية. أو، إذا لم تُشيئ بشكل كامل، لأن الرجال يريدون أن يكونوا مرغوبين أيضًا، فإن ذاتيها هي على الأقل ذاتية خاضعة. لكن المرء يحتاج إلى ذات مستقلة أخرى، وليس موضوعًا أو ذاتية خاضعة، إذا كان المرء يريد التحقق من براعته، أو إذا كان يرغب ببساطة في التفاعل البشري. يُحرم الرجال الذين يعيشون في النمط الإباحي لجنسانية الرجل، حيث يهيمن الرجال على النساء، من إشباع هذه الرغبات البشرية. (Brod 1992: 154)

حسب برود، تعزز المواد الإباحية السلطة السياسية للرجال على النساء، بينما تقلل من جودة العلاقات الشخصية بين الرجال والنساء، وبالتالي تساهم في فقدان التفاعل البشري الإيجابي وإدراك الذات. يجادل برود أيضًا بأن المواد الإباحية تساهم في تسليع الجنسانية، مما يعزز سلطات الرجال كمستهلكين، و ليس بالضرورة استقلاليتهم الحقيقية وحريتهم.

تستخدم كاثرين ماكينون أيضًا فلسفة كانط الأخلاقية لتوضيح المشكلة مع المواد الإباحية:

  الشخص، من وجهة نظر كانط، هو فاعل حر وعقلاني، وجوده غاية في حد ذاته، لا أداة. بينما توجد النساء في المواد الإباحية، لمتعة الذكور. (MacKinnon 1987: 158)

بالنسبة لماكينون، تتضمن المواد الإباحية معاملة الرجال للنساء على أنهن مجرد أدوات لإشباع رغباتهم الجنسية. مثل هذه المعاملة، في أحسن الأحوال، لا تعترف بالنساء كأشخاص أحرار ومتساوين، وفي أسوأ الأحوال، تجرّد المرأة من إنسانيتها وتشجّع على تعرّضها للإيذاء. رداً على ماكينون، تتساءل مارثا نوسباوم عما إذا كان التشيؤ الجنسي ينطوي دائمًا على معاملة شخص ما على أنه مجرد وسيلة لتحقيق غايات شخص آخر، أو ما إذا كان ينطوي على ذلك فقط في سياقات معينة (Nussbaum 1999: 214).

حددت نوسباوم سبعة أنواع مختلفة من الأفعال التي قد تكون أو لا تكون جزءًا من التشيؤ في أي حالة معينة: الأداتية، والحرمان من الاستقلالية، والتقييد، وقابلية التبديل، والانتهاك، والامتلاك، وإنكار الذاتية (Nussbaum 1999: 218). دائمًا ما تكون بعض هذه الأفعال إشكاليات أخلاقية، لكن بعضها مقبول عندما تكون جزءًا من علاقة أكبر تنطوي على الاحترام المتبادل. تكتب نوسباوم:

  إن إنكار الاستقلالية وإنكار الذاتية أمران مرفوضان إذا استمرا طوال علاقة البالغين، ولكن وجودهنا كمرحلة في علاقة تتميز بالاحترام المتبادل، يمكن أن يكون مقبولًا، أو حتى رائعًا … و بطريقة وثيقة الصلة، قد يكون من الرائع في بعض الأحيان معاملة الشخص الآخر على أنه سلبي، أو حتى خامل. يبدو أن الاختراق العاطفي للحدود يُحتمل أن يكون جزءًا مهمًا جدًا من الحياة الجنسية، وبعض أشكال اختراق الحدود الجسدية أيضًا، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما هي هذه. تعتبر معاملة الشخص على أنه قابل للاستبدال أمرًا مشكوكًا فيه عندما يكون الشخص المُعامل على هذا النحو من مجموعة سُلعت في كثير من الأحيان واستُخدمت كأداة أو جائزة؛ أما بين المتكافئين الاجتماعيين فتختفي هذه المشاكل…. (Nussbaum 1999: 238–39)

بعبارة أخرى، تتسق بعض الأفعال التي نستمتع فيها بجسد شخص آخر جنسيًا مع الاعتراف بالشخص المستخدم على هذا النحو كغاية في حد ذاته، ولا تنطوي على معاملته على أنه مجرد شيء بالمعنى الكانطي. لكن نوسباوم تخلص إلى أن معظم المواد الإباحية التقليدية، مثل بلاي بوي، تفشل في تلبية المعايير الأخلاقية الكانطية، و:

  تصوّر قابلية استبدال شاملة وتسليع للشركاء الجنسيين، وفي هذه العملية، يفصل الجنس عن أي اتصال عميق بالتعبير عن الذات أو العاطفة . (Nussbaum 1999: 234)

لذلك تتفق نوسباوم مع ماكينون في أن المواد الإباحية السائدة تعامل النساء على أنهن مجرد أشياء أو جوائز – أشياء تعزز مكانة الرجل أو يمكن استبدالها عند الطلب بالجسم الجذاب التالي.

على الرغم من أن نوسباوم متعاطفة مع تحليل ماكينون ودوركين للمواد الإباحية، فإنها تقدم أربعة تحفظات فيما يتعلق بالقوانين التي تهدف إلى جعل الإباحيين مسؤولين قانونيًا عن الأضرار المزعومة التي تسببها موادهم. أولاً، فشل المرسوم النموذجي في التمييز بين الأخطاء الأخلاقية التي يمكن رفع دعوى قضائية بشأنها وتلك التي لا يمكن. ثانيًا، للعنف ضد المرأة أسباب متنوعة ومن الصعب عزل مساهمة للمواد الإباحية. ثالثًا، من المرجح أن يكون لتحميل المؤلفين المسؤولية عن الأعمال الإجرامية التي قد يلهمها عملهم تأثيرًا مخيفًا على التعبير القيّم. ورابعًا، من المرجح أن يسيء المسؤولون والمحاكم تطبيق مثل هذه المراسيم على الخطاب المثير للجدل ولكن غير المؤذي (Nussbaum 1999: 248-249). يتجنب نقد نوسباوم التذرع بحق غير محدود أو واسع النطاق لحرية التعبير، حيث تشير إلى أنه ليس كل الكلام محميًا بموجب المادة الأولى [في الدستور الأمريكي] (Nussbaum 1999: 247). وتشير أيضًا إلى أن صانعي المنتجات الأخرى الضارّة، مثل التبغ، يمكن أن يكونوا مسؤولين عن الآثار الضارة لمنتجاتهم، وأن الدول الديمقراطية الغربية الأخرى تسمح بفرض قيود على خطاب الكراهية. ومع ذلك، تقترح نوسباوم أنه يمكن معالجة أضرار المواد الإباحية من خلال الحوار الأخلاقي والتحليل الثقافي. وبالمثل، فإن لانغتون، التي تتعاطف بشدة مع تحليل ماكينون للمواد الإباحية، ترى أنها في الأساس قضية أخلاقية ومشكلة فلسفية عن معنى أن تعيش حياة جيدة (Langton 2009: 24).

تتحدى ليندا ليمونتشك وجهة النظر القائلة بأن المواد الإباحية تتضمن أشكالًا غير مقبولة من التشيئ الجنسي من خلال القول بأن التخيلات الجنسية المصوّرة في المواد الإباحية تشير ضمنيًا إلى أن ذاتية المرأة معترف بها من قبل مستهلكي هذه المادة (LeMoncheck 1997: 133). يفترض خيال قهر إرادة المرأة أن لديها إرادة لتُقهر (LeMoncheck 1997: 131)، والخيال المتمثل في تمتع المرأة بالاستغلال الجنسي يفترض أن لديها رغبات يحققها الاستخدام الجنسي للرجال (LeMoncheck 1997: 133). تكتب ليمونتشك:

  لا يقتصر العمل الجنسي على معاملة المرأة كشيء ولا مجرد تجريدها من إنسانيتها. العمل الجنسي هو جدل معقد بين الذات والموضوع حيث يكون تجريد المرأة من إنسانيتها ناجحًا على وجه التحديد لأنه يُنظر إليها على أنها شخص تخضع إرادته وإغوائه وسلطته للرجال. (LeMoncheck 1997: 134)

من وجهة النظر هذه، فإن المواد الإباحية ومستهلكيها يعترفون بوكالة المرأة فيما يتخيلون إخضاعها. وبالتالي، يتعرفون على النساء على أنهن ذوات لهن غاياتهن ولا يُصوّرن على أنهن مجرد أشياء غير بشرية. تدرك سوزان بوردو بالمثل أن النساء يُصوّرن كذوات في المواد الإباحية، لكنها تجادل بأنهن ذوات تعبر وكالاتهن عن نفسها فقط كرغبة في إرضاء المُشاهد المقصود. تكتب:

  إحدى المكونات الأساسية في الإباحية … هو تصوير الذاتية (أو الشخصية) مُسلّمة عن طيب خاطر إمكانياتها ومتعتها لغاية وحيدة – قبول الذكر وإشباعه … تتخلى المرأة في الإباحية عن إرادتها، و تمييزها الجنسي، واستقلالها، لكن لا لتصبح جسدًا أخرسًا للرجل. (Bordo 1994: 276)

بالنسبة لبوردو، هناك عقل داخل الجسد الأنثوي الإباحي، لكنه ينقل فقط نطاقًا محدودًا من الرغبات غير المُهدِدة، وبالتالي فهو موجود كذات مبتورة.

تعارض شارغ الفكرة الكانطية القائلة بأن الجنس يمثل إشكالية أخلاقية لأنه يتضمن حتمًا استخدام شخص آخر بصفته محض أداة. لا تتمتع وكالة الفاعلين الجنسيين بإمكانية أكبر لتشيئ الآخرين بشكل غير أخلاقي من إمكانية وكالة أصحاب العمل والمستهلكين والعديد من الوكلاء الذين يستغلون القدرات البشرية لتحقيق غاياتهم الخاصة. تجادل شارغ بأن استخدام الآخرين العاملين في المواد الإباحية لا يعتبر تشيئًا لا أخلاقيًا طالما أن المستهلكين والمنتجين يحترمون مطالب الممثلين والعارضات العاملين. وتشمل هذه المطالب، الرغبة في الاستفادة اقتصاديًا من جاذبيتهم الجنسية ضمن الحدود التقليدية التي تحددها أنواع مختلفة من التمثيل الجنسي والترفيه. العلاقة بين النجوم الإباحيين والمستهلكين لعملهم هي علاقات سوقية ويجب الالتزام بمعايير تلك العلاقات، لا معايير الصداقات والرومانسية (Shrage 2005). وبالمثل، تجادل باتريشيا مارينو بأن احترام استقلالية الآخرين وموافقتهم هما أمران حاسمان لتجنب التشيئ الجنسي اللا أخلاقي، وليس ما إذا كان الاستخدام الجنسي متبادلاً أو ما إذا كان يحدث في إطار علاقة راشدة مستمرة. يتجنب الشخص معاملة شخص آخر على أنه مجرد شيء أو أداة إذا كان منتبهًا لما إذا كان شريكه يعطي، ضمنيًا أو صراحةً، موافقة مستمرة على نوع الاستخدام والمثال المعين له. علاوة على ذلك، يجب أن تكون الظروف مهيئة بحيث يمكن الحكم على الشخص الذي يُستخدم كوسيلة لتحقيق غايات شخص آخر بأنه موافق طوعيًا وصدقًا. عندما تُستوفى هذه المعايير في تبادل تجاري أو عرضي من جانب واحد، فإن استخدام الأداتي ليس غير أخلاقي (Marino 2008).

تستكشف جينيفر شاول العلاقة المحتملة بين التشيئ – معاملة الناس كأشياء – والتشخيص – معاملة الأشياء كأشخاص. تنتقد شاول الادعاءات النسوية السابقة بأن استخدام الرجال للصور الإباحية يتضمن معاملة قطع الورق مثل النساء، وبالتالي ينطوي على خلط النساء بأدوات غير حية (Saul 2006a، 49-50). تجادل ميليندا فاداس، على سبيل المثال، بأن إنتاج الأشياء التي يمكن استخدامها، مثل النساء، لإشباع الشهية الجنسية يضع النساء وبدائلهن الإباحية في فئة وجودية واحدة – على سبيل المثال، فئة الكيانات التي يمكن أن تثير وترضي الرغبة الجنسية. هذا يعزز الفكرة الجنسية القائلة بأن كل تلك الأشياء الأنثوية والجذابة سواء كانت أفرادًا أم لا، قابلة للاستهلاك الجنسي دون موافقة، أو قابلة للاغتصاب (Vadas 2005). تجادل شاول بأن التشيئ والتشخيص مرتبطان بطرق مقلقة فقط إذا استُوفيت بعض الشروط للتشيئ الإشكالي أخلاقيًا. تعتمد شاول على العمل التاريخي لراشيل ماينز على تطوير جهاز يُعرف الآن باسم الهزاز الشخصي ويؤكد أن استخدام النساء للهزازات للوصول للمتعة الجنسية والنشوة الجنسية يمثل شكلاً من أشكال التشيئ. بالنسبة لبعض النساء، حلت الهزازات في نهاية المطاف محل الخدمة التي قدمها الأطباء (والقابلات والمنتجعات الصحية). ومع ذلك، فإن هذا ليس شكلاً مقلقًا من أشكال التشخيص – وهو شكل مرتبط بأشكال مقلقة من التشيئ – لأنه من غير المحتمل أن يُخلط بين الأطباء والألعاب الجنسية نتيجة لاستخدام النساء في العادة السرية لتقنية الاهتزاز. للأطباء استخدامات طبية أخرى معترف بها، بالإضافة إلى استخدامات خاصة بهم. لذلك، فإن تحول دورهم التاريخي في علاج النساء المحبطات جنسيًا (أو “الهستيريات”)، من خلال الفهم الجديد للصحة الإنجابية والجنسية للمرأة والتقدم في تكنولوجيا الهزاز، لا يساهم في اضطهاد الأطباء. مناقشة شاول للمعادلة المحتملة للأشخاص والأشياء، والظروف الأساسية التي قد تسمح بذلك، مفيدة للنظر في بعض التطورات التكنولوجية الجديدة في المواد الإباحية. تتيح تقنيات التصوير الرقمي والحاسوب الشخصي الجديدة للمستخدمين التفاعل و “ممارسة الجنس” مع الرسوم المتحركة لزملائهم على شاشة الكمبيوتر. قد يكون من الصعب أحيانًا التمييز بين التفاعلات التي تتم بوساطة الكمبيوتر مع أشخاص محاكين رقميًا ولكن خياليين عن التفاعلات عبر الإنترنت التي تتم بوساطة الكمبيوتر مع أشخاص حقيقيين. ومع ذلك، فإن مثل هذه الاحتمالات الإباحية لا تنطوي بالضرورة على تشخيص أو تشيئ مقلقين من الناحية الأخلاقية، طالما أن ظروف الخلفية الاجتماعية تتطلب منا التمييز بين اللحم والدم، والبشر غير الافتراضيين والأشياء السلبية، ومعاملة الأول كذوات، أو كوكلاء نشطين ومستقلين.

تستدعي نانسي باور أفكار بوفوار فيما يتعلق بالبناء الاجتماعي للأنوثة، وتشير إلى أن النساء مسؤولات إلى حد ما عن تشيئ الذات، و لسن مجرد وكيلات سلبيات يتصرف بهن الرجال. تنتقد باور الفيلسوفات النسويات المعاصرات، مثل لانغتون، لفشلهن في إلقاء الضوء على الثقافات والممارسات الجنسية المعاصرة بطرق قد تؤدي إلى أصالة نقد الذات والوعي الذاتي. الخطاب الفلسفي، مثل الخطاب الإباحي، هو شكل من أشكال الفعل الاجتماعي، ويحث كتاب باور الفيلسوفات النسويات على التفكير في أنواع العمل الاجتماعي الذي ينخرطن فيه عندما يقدمن تحليلات لغوية تقنية لتأثير المواد الإباحية (Bauer 2015). هل تعمل أفعالهن الاتصالية كتعليق اجتماعي مُوجِّه للأفعال، أو كتفسيرات نظرية داخل العالم المنعزل للفلسفة الأكاديمية؟ هل يمكن لتحليل الخصائص السببية للمواد الإباحية أن يخبرنا ماذا نفعل بها أو عنها؟

تجادل آن كاهيل بأن فكرة “التشييء” هي أداة خاطئة لتحليل الأشكال المختلفة للعمل الجنسي. تفسر التحليلات التي تعتمد على هذا المفهوم احترام ذاتية واستقلالية الأشخاص كواجب أخلاقي، في حين أن معاملة الشخص كشيء مادي أو جسد أمر غير مسموح به أخلاقيا. وبهذه الطريقة، تعطي هذه الروايات امتيازًا للعقل على الجسد، وتعامل المكونات الجسدية للذات على أنها أقل أهمية أو كرامة. النسويات وغيرهن من المنظرين الأخلاقيين الذين تبني انتقاداتهم للعمل بالجنس على الأخطاء المزعومة المتمثلة في تشيئ الأشخاص، لا يمكنهم “شرح كيف يمكن لتجربة معاملة المرء كجسم جذاب جنسيًا تعزيز إحساس المرء بذاته بدلاً من تقويضه” (Cahill 2014: 842). تقترح كاهيل أننا نحط من قدر الآخرين عندما ندرك في ذات أخرى فقط تلك الجوانب من ذاتيتهم المهمة لأنفسنا. غالبًا ما تختزل “الذوات المشتقة” في الأدوار التي تؤديها لذات أخرى (على سبيل المثال، النادل، الأم، إلخ)، و تُقيّم فقط بناء على السمات المناسبة لهذه الأدوار. إن الاشتقاق يحط من قدر الناس ليس من خلال معاملتهم على أنهم مجرد جسد، ولكن بمعاملة الناس بحيث تتحدد صفاتهم وهوياتهم الذاتية من خلال احتياجات الآخرين. تؤكد كاهيل أن العمل الجنسي يمثل مشكلة عندما ينطوي على اشتقاق المشتغلين بالجنس (تعريفهم من حيث متطلبات زبائنهم)، لكن العمل الجنسي لا ينطوي بطبيعته على هذا النوع من الانحطاط. وتشير إلى أن الاشتقاق يمثل مشكلة أخلاقية بشكل خاص عندما يعكس ويعيد إنتاج الامتيازات الاجتماعية غير العادلة.

1.4 هل تخدم بعض المواد الإباحية غايات نسوية؟

تجادل بعض المنظرات النسويات بأن المواد الإباحية تتعلق بشبق النظر، وأن بعض النساء (وبعض الرجال) يسعدون بالنظر إلى تصوير الجنس. لاستكشاف استخدام النساء للمواد الإباحية، درست الباحثات النسويات الأنواع الإباحية الناعمة التي تُسوّق للنساء، مثل الخيال الرومانسي المثير (Radway 1991). كما درس البعض المواد الإباحية السحاقية لتحدي فكرة أن المواد الإباحية تنطوي دائمًا على إخضاع الرجال للنساء (Ross 2000). في عام 1986، نشرت مجموعة من النسويات “ضُبط ينظر: النسوية، و الإباحية، و الرقابة”، والذي يجادل بأن النسويات استهدفن المواد الإباحية بسبب إحباطهن من عدم إحراز تقدم في الحد من العنف ضد المرأة. يعرض الكتاب مجموعة متنوعة من الصور الإباحية لتوضيح أنواع المواد التي قد تكون مقيدة بموجب اللوائح القانونية المدعومة من النسوية (Duggan، Hunter، & Vance 1986). في المقدمة، جادلت كيت إليس وباربرا أودير وآبي تالمر:

  يجب ألا تنجذب الحركة النسوية، باسم حماية المرأة، إلى ممارسة الرقابة على التمثيل أو التعبير الجنسي “المنحرف” … كان على النساء أن يتعلمن، بدعم من نساء أخريات، التعبير عن الخبرات التي تقع خارج المجال الملائم “للفتاة الوديعة”، لكي نعترف بخيالاتنا ونفخر بخياراتنا الجنسية … يجب أن نتحدث حين نكون ضحايا، كما يجب أن نعترف بما يثيرنا، وندعم النساء اللواتي يكسبن عيشهن من خلال توفير هذه الإثارة للرجال و لأنفسنا. (Ellis et al. 1986: 6)

تدعو آن سنيتو إلى إعادة النظر في المناقشات الجنسية النسوية حول “الحق في المطالبة بجنس أكثر تركيزًا على متعة الإناث”، بدلاً من التركيز على التحكم في النشاط الجنسي الذكوري (Snitow 1986: 11).

في “ضُبط ينظر”، تشكك ليزا دوغان ونان هانتر وكارول فانس في الاستراتيجيات السياسية للنسويات المناهضات للمواد الإباحية. يتساءلن “كيف يمكن للنسويات أن يعهدوا إلى الدولة الأبوية بمهمة التمييز قانونًا بين الصور الجنسية المسموح بها وغير المسموح بها؟” (73). يمكن استهداف أي شكل غير معياري من التعبير الجنسي ، مثل السادية بالتراضي أو الشبقية السحاقية، من خلال المرسوم النموذجي لدوركين و ماكونين. توضح جايل روبين:

  إن استخدام المواد الإباحية ككبش فداء سيخلق مشاكل جديدة، وأشكالًا جديدة من الإساءة القانونية والاجتماعية، وأنماطًا جديدة من الاضطهاد. لا شأن لأي حركة سياسية مسؤولة و تقدمية في اتباع استراتيجيات تؤدي إلى مطاردة السراب. (Rubin 1993: 38)

تقدم داغان و هنتر و فانس ثلاثة أسباب أخرى لمعارضة قوانين مكافحة المواد الإباحية:

  أولاً، الصور الجنسية المعنية لا تسبب ضررًا أكثر من الجوانب الأخرى لثقافة كراهية النساء؛ ثانياً، الخطاب الجنسي الصريح، حتى في المجتمع الذي يهيمن عليه الذكور، يخدم وظائف اجتماعية إيجابية للمرأة؛ وثالثًا، من المرجح أن يعيق إقرار وإنفاذ قوانين مناهضة المواد الإباحية، مثل تلك المدعومة في مينيابوليس وإنديانا، الأهداف النسوية بدلاً من تعزيزها. (Duggan Hunter, & Vance 1986: 80–81)

تنتقد دروشيلا كورنيل المرسوم النموذجي لماكينون ودوركين لميله إلى تكريس الصورة النمطية القديمة للمرأة في القانون – المرأة على أنها ضعيفة وبحاجة إلى الحماية. و تدّعي أن نهج المرسوم يعتمد على القانون لفرض الأعراف الاجتماعية، وبالتالي لا يناضل “فيما وراء تلك الأشكال الرمزية التي أُدرجت بعمق في الهياكل الجنسانية ومن خلالها”، كما تفعل الأشكال الجديدة للشبقية أحيانًا (Cornell 2000a: 554 ).

تدرس جوديث بتلر دور الخيال في السياسة النسوية وتدافع عن الحفاظ على الظروف التي تسمح بتمثيلات متنوعة للمرأة. تكتب بتلر، “تعتمد النظرية النسوية على القدرة على افتراض مستقبل لم يأت بعد من خلال الخيال” (Butler، J. 2000: 487). ووفقًا لبتلر، تفترض النسويات المناهضات للإباحية بشكل غير نقدي وجود أنطولوجيا تمثيلية واقعية تُقلّد فيها “التصاوير” ويمكن أن تعطل واقعًا موجودًا مسبقًا. تجادل بتلر من أجل فهم أكثر تعقيدًا للعلاقة بين التمثيلات ومراجعها، مع التركيز على كيف يمكن للتمثيلات أن تشكك في الوضع الأنطولوجي للكيانات وكيف يتم إنتاج “الواقعي” من خلال الفعل الاجتماعي. ستنتج التمثيلات المخففة أشكالًا جديدة من العمل الاجتماعي بدلاً من حماية نسخة مفضّلة، و غير مشوّشة من الواقع. تكتب بتلر:

  إن أنواعًا معينة من الجهود لتقييد ممارسات التمثيل على أمل السيطرة على الخيال، والسيطرة على الوهمي، ينتهي بها الأمر إلى إعادة إنتاج وتكاثر الوهم بطرق غير مقصودة، في الواقع، بطرق تتعارض مع الأغراض المقصودة للقيود نفسها. (Butler, J. 2000: 490)

تشير بتلر إلى أن الجهود المبذولة لفرض رقابة على صور الإغواء المثلي قد أدت إلى زيادة إنتاجها وعرضها. تستنتج أنه:

  لا يمكن للنظرية والسياسة النسوية تنظيم تمثيل “النساء” دون إنتاج ذلك “التمثيل” ذاته: وإذا كان هذا بمعنى ما حتمية استطرادية للسياسة التمثيلية، فيجب أن تكون المهمة حماية الإنتاجية المفتوحة لتلك الفئات، مهما كان خطرها. (Butler, J. 2000: 503)

تتفق بتلر مع النسويات اللاتي يعتقدن أنه يمكن معالجة هذا الكلام المؤذي، في معظم الحالات، من خلال العمل الذي يتضمن خطابًا نقديًا ومدروسًا. على سبيل المثال، يمكن الطعن في أي تصوير مقلق “للجنس الحقيقي” من خلال التعليقات الثاقبة وأنواع جديدة من الصور المثيرة. تطور كورنيل هذا النهج بالقول إن “العمل السياسي، وليس الإجراء القانوني، يجب أن يكون النمط الرئيسي للتدخل في إنتاج المواد الإباحية” (Cornell 2000a: 551). من خلال العمل السياسي، تعني كورنيل أن النسويات يجب أن يشكلن تحالفات مع النسويات في صناعة المواد الإباحية لخلق تمثيلات للجنس ستفيد النساء. تجادل كورنيل، مثل سنيتو، بأن النشاط النسوي يجب أن يركز على “إطلاق العنان للخيال الأنثوي، بدلاً من تقييد الرجال” (Cornell 2000a: 553). تفحص كورنيل فيلم وأداء كانديدا رويال و أونا زي وآني سبرينكل لإظهار كيف تتحدى “المرأة” والمواد الإباحية النسوية الطرق التي تعرض بها المواد الإباحية التقليدية النساء والجنس. تؤكد كورنيل، مثل بتلر، على أهمية الخيال في تحقيق المشاريع النسوية التحويلية. تكتب “بدون صور جديدة وكلمات جديدة للتعبير عن حياتنا الجنسية، لن نكون قادرين على خلق عالم جديد للنساء” (Cornell 2000a: 564).

تستكشف آن إيتون إنتاج وتسويق المواد الإباحية النسوية وتجادل بأنه، تمامًا كما تشكّل المواد الإباحية التقليدية أذواقنا المثيرة بطرق تعزز القيم الأبوية، يمكن بل يجب أن تُستغل للأغراض النسوية. يمكن إنتاج المواد الإباحية بحيث تُظهر الممارسات الجنسية والعلاقات التي تعكس قيم المساواة (Eaton 2017; see also Stewart 2019). تستكشف روبن زينغ عمل النساء الملونات في صناعة المواد الإباحية، وتنظر في قدرة المواد الإباحية على تعزيز ومقاومة الصور النمطية العنصرية والقيم الجمالية. كتبت زينغ في مواجهة حجج أولئك الذين يزعمون أن مخاطر المشاركة في صناعة الإباحية تفوق الفوائد، “إذا كان علينا الانتظار حتى يُفكك النظام الأبوي من أجل ملذات جنسية طاهرة أخلاقياً، فلن يُسمح لنا بأي ملذات على الإطلاق. علاوة على ذلك، لن نشارك في هذا النوع من التجريب واللعب – والذي، بالتأكيد، قد يؤدي في البداية إلى أخطاء أكثر من النجاحات – والتي ستؤدي في النهاية إلى المواد الإباحية التحويلية التي طالما رغبت بها النسويات. بينما يمكننا بالتأكيد انتقاد عناصر وأعمال معينة من المواد الإباحية، فإن المواد الإباحية كصناعات سوق وأشكال للإنتاج الثقافي ستستمر في لعب دور مهم في تسهيل تنمية و تشكيل الذوات الجنسية النشطة التي نرغب في أن نكون … “(Zheng 2017).

2. بيع الهوى

2.1 أيجب منع بعض أسواق الجنس؟

وفقًا لديبرا ساتز، يجب قمع الأسواق التي تفسد أو تخلّ بأسس أخلاقية و سياسة. تميل هذه الأسواق إلى استغلال نقاط الضعف الاجتماعية للآخرين، و تفتقر إلى الشفافية، و تشكّل مخاطر عالية لبعض المشاركين، أو تساهم في التهميش الاجتماعي لبعض الجماعات. على سبيل المثال، أسواق الخدمات الجنسية التي (1) تستقطب مقدمي الخدمات من الطبقات الاجتماعية الموصومة و المستضعفة، أو (2) التي تفشل في خلق شروط الموافقة المستنيرة، أو (3) التي تضرّ بصحة المشاركين، أو (4) التي تعزز الصور النمطية الخبيثة عن النساء أو جماعات أخرى، هي ذات قيمة مشكوك فيها. على الرغم من أن سمات الأسواق هذه عادة ما تكون عارضة، لكن إن استمرّت، فإن للدول حق تقييد أو تنظيم هذه الأسواق، خاصة إذا كان بإمكانهم القيام بذلك بمنفعة تفوق الضرر (SATZ 2010). وتدعي آن فيليبس أن أسواق الخدمات الجنسية تنشأ فقط في ظل ظروف عدم المساواة الاجتماعية. تكتب، “عدم المساواة في مثل هذه الأسواق ليست عارضة فقط؛ إنما هي سمة أصيلة بها “(Phillips 2011: 738). يقدّم الناس العلاقة الحميمة الجنسية، أو الأعضاء الجسدية، كأفعال عاطفية، ولا يسلّعون هذه القدرات الجسدية عادة. تشير فيليبس إلى أن عدد قليل من العملاء في هذه الأسواق سيكونون على استعداد للدخول كبائعين. و أن أولئك الذين يقومون بعرض قدراتهم الجنسية أو الإنجابية أو غيرها من قدرات جسدية أساسية يفعلون ذلك فقط عندما تحدّهم الظروف.

تجادل كارول بيتمان بأن عمل بائعة الهوى يختلف عن الوظائف الأخرى، حيث يعبر عن الوضع الاجتماعي والسياسي الدوني للمرأة. علاوة على ذلك، نظرًا لأن أجساد الناس والقدرات الجنسية هي جزء لا يتجزأ من هوياتهم كرجال والنساء، فإن المرأة التي تعمل كبائعة هوى تبيع أنوثتها وبالتالي نفسها (Pateman 1988: 207). تجادل كريستين أوفرول بشكل مشابه بأن بيع الهوى هي صفقة يجب أن يُعرّف طرف فيها كتابع اجتماعي يلبي رغبات الآخر. تدّعي أن عمل بائعة الهوى يختلف عن أعمال المكانة الدنيا الأخرى في أنها صنف من الأعمال لا يمكن أن تُرد بالمثل (Overall 1992: 718). تطوّر إليزابيث أندرسون هذه الفكرة و تجادل بأن خير ما في العملية الجنسية هو أنها:

  تتحقق فقط عندما يردّ كل شخص هدية الآخر بالمثل نوعيًا، فتقدّم [المرأة] جنسانيّتها بنفس الروح التي تتلقّى بها جنسانية الآخر – كعطيّة أصيلة من الذات. إن تسليع “الخدمات” الجنسية يدمّر نوع الرد بالمثل اللازم لتحقيق الحياة الجنسية البشرية باعتبارها تشاركًا،

وقد تُفسد العلاقات الجنسية غير السوقية من خلال الترويج لتقييم النساء من حيث قيمتهن في السوق (Anderson 1993: 154–55; see also Radin 1996: 133).

على الرغم من أن فيليبس،و بيتمان، و أوفرول، و أندرسون يعتبرن تسويق قدرات المرء الجنسية على أنه مهين و قامع بطبيعته، فإن المنظرات النسويات الأخريات يعترضن بأن سمات العمل هذه عارضة. تجادل شارغ بأن أسواق الجنس، مثل الأسواق الأخرى، غالبًا ما تستغل الأفكار التي تميّز جنسيًا و تنزل النساء إلى أدوار التابع، ووجودها في هذا النموذج يمكن أن يديم الأساطير الاجتماعية الخبيثة التي توصم المرأة. ومع ذلك، فإن الظروف الأساسية لهذه الأسواق يمكن أن تتغير، خاصة وأن قواعد النوع الاجتماعي والجنسانية تتطور بطرق أقل تمييزًا (shavage 1989: 357). تكتب ديبرا ساتز:

  إذا كان بيع الهوى خاطئًا، فهو بسبب تأثيره على تصوّر الرجال للنساء و تصوّر النساء لأنفسهن. في مجتمعنا، يمثّل بيع الهوى النساء خدم جنس للرجال. (SATZ 1995: 78)

تشير ساتز إلى أن الصورة السلبية للنساء التي يروّج لها بيع الهوى “تشكّل وتؤثر على الطريقة التي تُرى فيها المرأة ككل” (SATZ 1995: 79). ومع ذلك، إذا أُعيدت هيكلة الصناعة لتكون أقل تمييزًا جنسيًا، فإن تأثيرها على المجتمع سيكون مختلفا.

تتساءل مارثا نوسباوم عما إذا كان بيع الخدمات الجنسية يضر حقًا بمقدميها أو يلحق الضرر بالنساء ككل. تشير نوسباوم إلى أنه قبل قرنين من الزمان، كان استخدام المواهب الفنية للفرد بمقابل، مثل الغناء أو التمثيل، يعتبر شكلاً من أشكال بيع الهوى (Nussbaum 1999: 277). تقر نوسباوم بأن العاملات في مجال الجنس يتعرضن للوصم حاليًا بسبب مهنتهن، لكنها تتساءل عما إذا كانت الوصمة التي تلحق بعملهن مُبرّرة. من خلال تتبع هذه الوصمة إلى كل من التحيز الأرستقراطي تجاه العمال بأجر والمواقف الأخلاقية والقلق بشأن التعبير الجنسي الأنثوي، تتحدى نوسباوم الأساس العقلاني لهذه الوصمة الاجتماعية (Nussbaum 1999: 278–79، 286–88). خلصت إلى أن النسويات يجب أن يعارضن وصم العمل الجنسي، بدلاً من معارضة العمل الجنسي لمساهمته في وصم النساء. تتساءل نوسباوم أيضًا عن سبع ادعاءات شائعة ضد بيع الهوى: انطوائه على مخاطر مفرطة، و الاستقلالية المحدودة لبائعة الهوى، و انتهاكه السلامة الجسدية لبائعة الهوى، و تأثيره المدمّر على العلاقات الحميمية غير التجارية، و انتهاكه حق الشخص الثابت لجنسانيتها، و مساهمته في نظام اجتماعي يهيمن عليه الذكور، و اعتماده لإكراه الاقتصادي للعاملات. تجادل نوسباوم بأن المشاكل المرتبطة ببيع الهوى هي مكونات لأنواع أخرى كثيرة من العمل والممارسات الاجتماعية، وأن هذه المشاكل ليست متأصلة في العمل ولكنها غالبًا ما تكون نتيجة لظروف عمل بائعات الهوى و معاملتهن من قبل الآخرين (Nussbaum 1999: 288– 97 ، انظر أيضًا Moen 2012).

يعارض سكوت أندرسون خطوات معاملة بيع الهوى كأشكال العمل الأخرى، مجادلًا بأن تطبيع بيع الهوى يقوّض حق الشخص في الاستقلال الجنسي، وهي قيمة مهمة تدافع عنها النسويات الراديكاليات. تتنازل بائعات الهوى عن حقهن في الاستقلال الجنسي لأن عملهن يضعهن تحت التزامات تعاقدية لممارسة الجنس، وبالتالي يقلل من سيطرتهن على متى ومع من يمارسن الجنس. يقر أندرسون بأن جميع أشكال العمل، إلى حد ما، تقلل من الأشكال المختلفة للاستقلالية. ويؤكد أن الاستقلالية الجنسية يجب أن تُقدَّر بشكل مختلف عن الأشكال الأخرى، مثل سيطرة الشخص على متى ولمن يقدم الطعام، أو يُدلّك، أو يرقص، أو يقدم مشورة، أو يتحدث عن الفلسفة. يكتب:

  تتمظهر جنسانيّة الشخص دائمًا كجانب من جوانب تصوره لذاته، ومكانته في المجتمع، و تطلعاته الاقتصادية والاجتماعية … و لأن الجنس يلعب دورًا محوريًا في حياة معظم البالغين … فهو يخلق عالمه الخاص حيث يمكن أن يكون المرء أكثر أو أقل استقلالية. (Anderson 2006: 386)

يردد أندرسون هنا زعم بيتمان بأن قدراتنا وممارساتنا الجنسية هي جزء لا يتجزأ من هوياتنا كرجال ونساء. لهذا السبب، يجب أن تكون الاستقلالية الجنسية للشخص غير قابلة للاغتراب، لأن اغترابها يعني تدمير وحدة الشخص أو أصالته.

رداً على أندرسون، ميّزت هالي ليبرتو ثلاث طرق للاغتراب عن حق أو سلعة. أولاً ،يمكن للمرء التنازل عن الحق في \(س \) (بمعنى ضعيف) من خلال منح شخص ما حق الوصول إلى \(س \) على أساس أنه، في أي لحظة، يمكن إلغاء إذن الاستخدام \(س \). ثانيًا، يمكن للمرء أن يتنازل عن الحق في \(س \) (بمعنى قوي) من خلال منح شخص ما حق الوصول إلى \(س \) لمدة من الوقت، على أساس أنه لا يمكن إبطال الإذن باستخدام \(س \) خلال هذه الفترة (على الأرجح إذا استُوفيت شروط عقد الإيجار الأخرى). ثالثًا، يمكن أن يتنازل المرء عن حقه في \(س \) عن طريق نقل هذا الحق، مثل البيع أو الهبة. في هذه الحالة، يُمنح إذن استخدام \(س \) بشكل دائم ولا يمكن إلغاؤه إذا استُوفيت شروط النقل الأخرى. تشير ليبرتو إلى أن أولئك الذين يعتبرون تسويق الخدمات الجنسية شكلاً مشروعًا من العمل يفترضون أن عاملة الجنس، مثل غيرها من العاملات، لن تغترب عن حقها في السيطرة على جسدها والعمل الجنسي إلا بمعنى ضعيف (Liberto 2009: 141 –43 ؛ انظر أيضًا Schwarzenbach 1991: 112). في مجتمع يُحظر فيه أي شكل من أشكال العمل الجبري (على سبيل المثال، العبودية والسخرة)، يُسمح للعمال عمومًا بالتراجع عن عقود العمل، على الرغم من أنهم بذلك يتخلون عن جميع المزايا المتوقعة (Shrage 2016).

لطالما جادلت الناشطات والمدافعات عن العاملات في مجال الجنس بأنهن لا يغتربن (يبيعن) قدراتهن الجنسية بشكل دائم، بل يستبدلن العمل الجنسي بالمزايا (Schwarzenbach 1991: 112–14). لا يُقوّض حق عاملة الجنس في الاستقلال الجنسي في السياقات التي تحتفظ فيها بالحق في الانسحاب من عقود عملها في أي وقت (Tuana and Shrage 2003: 33 ؛ Shrage 2016). تقترح كارول لي ونورما جان المودوفار أن قوانين مكافحة بيع الهوى تقوّض الاستقلال الجنسي من خلال عدم السماح للبالغين بإبرام اتفاقيات جنسية متبادلة المنفعة (Leigh 2004 ؛ Almodovar 2002). يجادل بيتر دي مارنيف بالحد من عقود المشتغلين بالجنس بطرق مشابهة لأشكال أخرى من العمل الخطير والضار. من شأن تقييد بيع الهوى وتنظيمه أن يوازن بين احترام استقلالية مقدمي الخدمات (ومستهلكي الخدمات الجنسية) وبين مصلحة المجتمع في حماية أعضائه من الأذى (de Marneffe 2010).

2.2 هل يمكننا التمييز بين الاتجار بالبشر والعمل الجنسي بالتراضي؟

تستغل بعض أسواق الخدمات الجنسية مقدمات الخدمات اللاتي يظهرن وكالة ضعيفة (Satz 2010)، مثل اليافعات، والمشردات، ومدمنات المخدرات، والفقيرات، والأقليات المضطهدة، والمهاجرات، وغير المسجلات، وما إلى ذلك. تجادل جيردا ليرنا بأنه لفهم كيفية تطوّر بيع الهوى تاريخيًا، نحتاج إلى فهم “علاقته بالتنظيم الجنسي لجميع النساء في الدول القديمة وعلاقته باستعباد الإناث” (Lerner 1986: 124). تكتب ليرنر:

  من المحتمل أن يكون بيع الهوى التجاري مستمد مباشرة من استعباد النساء وتوحيد الطبقات وتشكّلها. أدى الغزو العسكري، في الألفية الثالثة قبل الميلاد، إلى استعباد النساء الأسيرات والاعتداء عليهن جنسيًا. عندما أصبحت العبودية مؤسسة راسخة، قام مالكو العبيد بتأجير عبداتهم للعمل في بيع الهوى، وقام بعض الأسياد بإنشاء بيوت بغاء تجارية تعمل بها العبدات. (Lerner 1986: 133)

تتكهن ليرنر بأن الحكام استخدموا بائعات الهوى و الجواري كرموز للثروة والسلطة، ثم قُلّدت هذه الممارسة من قبل رجال آخرين من أصحاب الثروة والمكانة (Lerner 1986: 133). غالبًا ما أُجبر الفقراء على بيع الأطفال، مما زاد من العمالة المعروضة لهذا الغرض. علاوة على ذلك، عندما أصبح الاحترام الاجتماعي للمرأة وقابليتها للزواج مرتبطين بعفتها، “أصبح يُنظر إلى بيع الهوى التجاري كضرورة اجتماعية لتلبية الاحتياجات الجنسية للرجال” (Lerner 1986: 134). باختصار، كانت النساء اللاتي أصبحن بائعات هوى في المجتمعات القديمة إما مستعبدات أو أسيرات أو فقيرات.

تتعقب غايل روبن أصول بيع الهوى الحديث إلى ظهور أنظمة القرابة الأبوية التي تُتبادل فيها النساء كهدايا بين العائلات لتعزيز الروابط الاجتماعية (Rubin 1975: 175). تكتب روبن:

  إذا كانت النساء هن الهدايا، فإن الرجال هم شركاء التبادل. والشركاء، و لسن الهدايا، هم من تضفي عليهم المبادلة بالمثل قوتها شبه الصوفية للربط الاجتماعي. إن العلاقات في مثل هذا النظام تجعل النساء في وضع لا يسمح لهن بتحصيل فوائد تداولهن. وطالما أن العلاقات تحدد أن الرجال يتبادلون النساء، فإن الرجال هم المستفيدون من نتاج مثل هذه المبادلات – التنظيم الاجتماعي. (Rubin 1975: 174)

بعبارة أخرى، ففي خضم خلق المجتمع، يُزعم أن النساء أخضعن من خلال طقوس التبادل من أجل خلق روابط قرابة بين الرجال كأساس للنظام الاجتماعي. تكتب روبن:

  “تبادل النساء” مفهوم مغرٍ وقوي. فهو جذاب من حيث أنه يضع اضطهاد المرأة في النظم الاجتماعية بدلاً من علم الأحياء. علاوة على ذلك، فإنه يقودنا إلى أن نبحث عن الموضع النهائي لاضطهاد المرأة من خلال الاتجار بالنساء، لا من خلال تجارة البضائع. (Rubin 1975: 175)

يشرح الاتجار بالنساء لخلق روابط اجتماعية بين الرجال، حسب روبين، التبعية الاجتماعية للمرأة كزوجات، وفي النهاية كخدم جنس غير عائلات.

تربط تحليلات كل من ليرنر وروبن انتشار بيع الهوى بإخضاع النساء، وتتغاضى عن استعباد الرجال وبيعهم الهوى في كل من المجتمعات القديمة والحديثة. فشل تحليل ليرنر في تفسير سبب تعرض العبدات للاستغلال الجنسي أكثر من العبيد. فهي لا تشرح سبب تبادل النساء أو “الاتجار” بالنساء، عوضًا عن الرجال أو الأزواج، في أنظمة القرابة المبكرة، وبالتالي فإن روايتها تستدعي سؤالًا حول ظهور القرابة الأبوية والأنظمة السياسية (Shrage 1994: 105 ، 131 – 32). في حين أن مستهلكي الخدمات الجنسية التجارية كانوا في الغالب من الذكور عبر التاريخ، فقد أثرت عوامل أخرى غير التبعية الجنسية على من تمت مقايضة أو بيع عملهم الجنسي، مثل الاستعمار والتبعية العرقية (Kempadoo 1999). من خلال محاولة تفسير تجارة الجنس المعاصرة من حيث تبعية النساء، تتغاضى هذه الروايات عن اختلافات تاريخية وثقافية مهمة. على سبيل المثال، لم يُنظر دائمًا إلى مقدمي خدمات الجنس التجاري على أنهم غير مؤهلين للزواج، و دُمجوا في مجتمعاتهم بدرجة عالية في بعض الأماكن (Shrage 1994: 109 ، 115 ؛ White 1990: 19 ؛ Rossiaud 1988: 70).

توظّف كارول بيتمان مفاهيم النظرية السياسية الليبرالية لشرح وجود بيع الهوى في المجتمعات الحديثة. وتجادل بأن العقد الاجتماعي، الذي يؤسس حقوق وحريات الرجال في نظام سياسي ليبرالي، يؤسس أيضًا شروط خضوع المرأة. على وجه الخصوص، يتضمن النظام الاجتماعي الأبوي اتفاقًا ضمنيًا بين الرجال يمنحهم حق الوصول الجنسى إلى النساء (Pateman 1988: 2). يكتسب الرجال حقوقًا جنسية لنساء معينات من خلال الزواج و بيع الهوى. بعبارة أخرى، يتمتع الرجال بامتياز طبقي – الحق في الحصول على التنفيس الجنسي من النساء – والذي يمكنهم ممارسته من خلال تأكيد حقوقهم كأزواج أو قاصدي بائعة هوى. و كما ليرنر وروبين، تتحدى بيتمان فكرة أن بيع الهوى ناتج عن سلوك الرجال أحيائي الدافع، وبدلاً من ذلك تشرح بيع الهوى على أنه دمج لمفهوم معين للذكورة في الهياكل السياسية والاجتماعية الحديثة (Pateman 1988: 198-99). وبهذه الطريقة، يمثل بيع الهوى الحديث بقاء بعض جوانب الأنظمة الاجتماعية غير الليبرالية القديمة داخل الدولة الليبرالية الحديثة. كل من الزواج التقليدي و بيع الهوى، بالنسبة لبيتمان وليرنر وروبن، يمنحان الرجال إمكانية الوصول إلى القدرات الجنسية للمرأة والتحكم بها.

تجادل كامالا كيمبادو بأن “تجارة الجنس العالمية لا يمكن اختزالها ببساطة في تفسير أحادي للعنف ضد المرأة” (Kempadoo 2001: 28). تدعي كيمبادو أن النماذج النسوية الأقدم، التي ترى بيع الهوى على أنه انعكاس لقوة الذكور مدعومة باحتكار استخدام القوة البدنية، “غير كافية لالتقاط تواريخ القمع والتجارب المختلفة للنساء ذوات البشرة الملونة” (Kempadoo 2001: 35 ، 37). تستكشف كيمبادو كيف أن تواريخ العنصرية والاستعمار والعسكرة والعولمة تنظّم اختيارات نساء العالم الأول والثالث ذوات البشرة الملونة. على الرغم من أن كيمبادو تحثّ النسويات على فهم بيع الهوى من منظور نطاق أوسع من القوى الاجتماعية، إلا أنها تؤكد أن التنظير النسوي حول بيع الهوى يجب أن يتجنّب إغفال وكالة النساء ذوات البشرة الملونة من خلال معاملتهن على أنهن مجرد ضحايا سلبيين للقمع (Kempadoo 2001: 43). تكتب كيمبادو:

  تُجنبّت وكالة النساء السمر والسود حيال بيع الهوى أو تم التغاضي عنها و هُمّشت وجهات النظر الناشئة عن هذه التجارب في الخطاب النظري السائد حول تجارة الجنس العالمية و بيع الهوى. حُجبت رؤيتنا ومعرفتنا وفهمنا للعمل الجنسي إلى حد كبير أو هيمنت عليها التحليلات النسوية الراديكالية البيضاء أو الماركسية الجديدة أو النسوية الاشتراكية الغربية التي كانت إما غير قادرة أو غير راغبة في معالجة تعقيدات حيوات النساء ذوات البشرة الملونة. (Kempadoo 2001: 40)

بدلاً من تصور بيع الهوى من حيث الاستغلال الجنسي للمرأة و الحط منها، تدعو كيمبادو إلى فهم بيع الهوى كنوع من العمل الذي يؤدّيه غالبًا الأشخاص المهمشون (Kempadoo 2001: 45 ؛ Kempadoo و Doezema 1998: 4-5 ؛ انظر أيضًا Leigh 1997 ). وبهذه الطريقة، فإن بيع الهوى يشبه العمل في الصناعات الأخرى، مثل الزراعة أو التصنيع أو النقل. من خلال تحليل بيع الهوى كشكل من أشكال العمل، وليس شكلاً من أشكال الانحلال الاجتماعي أو الشر، يمكن للنسويات تجنب النهج الإلغائي غير الواقعي (Kempadoo and Doezema 1998؛ White 1990؛ Shrage 1996).

تقوم عدد من المنظرات النسويات بتحليل بيع الهوى والاتجار بالبشر من منظور العلاقات الاقتصادية النيوليبرالية والاستعمارية الجديدة، حيث تُجنّد النساء من البلدان الفقيرة في جنوب الكرة الأرضية لتوفير “الراحة والترفيه” للعسكريين وغيرهم من الرجال من الدول الغنية في شمال العالم. في بعض الأحيان، تتسامح النخب الاجتماعية في الدول الفقيرة مع مشاريع “السياحة الجنسية” الخاصة بها وتروج لها، حيث توفر النساء المحليات العمل الجنسي لجذب رأس المال الأجنبي (Enloe 1989: 36 ، 86 ؛ O’Connell Davidson 1998: 75 ؛ Bishop and Robinson 1998). تحذر لورا أوغستين النسويات من الخلط بين المهاجرين الطوعيين (رغم أنهم غير شرعيين) الذين يبحثون عن أشكال مربحة أكثر من خلال العمل بالجنس مع النساء المتاجر بهن (Agustín 2007). على الرغم من أن النساء الفقيرات من العالم الثالث (والعالم الثاني) غالبًا ما يُستغلون من قبل المتاجرين بالبشر، فقد يختار البعض الهجرة والعمل في تجارة الجنس بدلاً من المهن الأخرى المتاحة لهن (العمل في المصنع أو العمل المنزلي) في بلدانهم الأصلية والبلدان المستهدفة. غالبًا ما تؤدي القوانين القاسية ضد الاتجار إلى تفاقم محنة عاملات الجنس والمهاجرات الطوعيات اللاتي قد يكن غير موثقات ويعملن بشكل غير قانوني (Kotiswaran 2011 ؛ Rajan 2003 ؛ Kempadoo و Doezema 1998). يجب أن تركّز جهود مكافحة الاتجار ومكافحة بيع الهوى على القضاء على العمل الجبري والهجرة، وعمالة الأطفال، وظروف العمل الاستغلالية، والبيئات القانونية المعادية للمهاجرين والعاملين في مجال الجنس (Kotiswaran 2011: 47-8).

نظرًا لأن العاملات في الجنس غالبًا ما ينتمون إلى فئات اجتماعية مهمشة، فإن حقوقهن الأساسية كعاملات ومواطنات غالبًا ما تُنتهك (Butler، C. 2015). تدرك المنظرات النسويات اللاتي يعترفن بالعمل بالجنس كخيار شرعي يقوم به بعض الناس، من بين مجموعة محدودة من الفرص لكسب لقمة العيش، أن أسواق الجنس يمكن أن تتخذ أشكالًا عديدة. في بعض الحالات يكن بائعات الهوى وكيلات أحرار نسبيًا ولديهن صلاحيات، وفي حالات أخرى لا يكن كذلك. ويتمثل التحدي في وضع سياسات تمنع تجنيد الأطفال والأشخاص المستضعفات اجتماعياً كمقدمات، وتحمي كذلك حقوق أولات اللواتي يدخلن هذه الأسواق حتى برضًى مستنير.

2.3 هل يمكن تنظيم أسواق الخدمات الجنسية بفاعلية؟

إن الاتجار بالبشر (عبودية البشر) لأي غرض، بما في ذلك تجارة الجنس، مُدان عالميًا باستحقاق. تختلف النسويات حول ما إذا كانت جميع أسواق الجنس تنطوي على العمل والجنس القسريان. فاللاتي يعتبرن المتاجرة بالجنس عمومًا شكلاً من أشكال العبودية غير الطوعية والعنف ضد المرأة يدعمن القوانين التي تعاقب الأشخاص الذين يبادلون المال بالجنس في جميع الظروف (Jeffreys 1998؛ Barry 1996؛ Stark and Whisnant 2004). بينما النسويات اللاتي يعتقدن أن بعض الأعمال الجنسية يؤديها أشخاص يمارسون الاستقلالية والوكالة الأخلاقية بشكل عام، يدعمون السياسات التي تسمح بتبادل الجنس مقابل المال بين البالغين المتراضين (Shrage 1996؛ Nussbaum 1999؛ Ditmore 2005؛ Leigh 2004). إن وجود مثل هذه السياسات يتوافق مع الجهود الحثيثة لوقف الاتجار بالبشر.

يميز بيتر دي مارنيف أربعة نهوج للقوانين التي تحكم بيع الهوى. (1) الحظر، و يشمل تجريم بيع وشراء الخدمات الجنسية، إلى جانب الأنشطة ذات الصلة، مثل البحث عن أو إدارة بيت بغاء. (2) الإلغاء، و يشمل تجريم شراء الخدمات الجنسية فقط، جنبًا إلى جنب مع الأنشطة ذات الصلة مثل البحث عن بائعات الهوى أو القوادة. (3) التنظيم (التقنين)، و يشمل الترخيص الحكومي وتنظيم أعمال تجارة الجنس. (4) إلغاء التجريم، و يتضمن رفع الحظر الجنائي عن أفعال شراء أو بيع الجنس بين البالغين بالتراضي (de Marneffe 2010: 28-30 ؛ انظر أيضًا Kotiswaran 2011: 16). وفقًا لدي مارنيف، يمكن للمرء أن يدافع عن إلغاء التجريم من خلال الاحتجاج بالحق الأخلاقي في السيادة الذاتية، دون دعم التقنين، وخاصة للمشاريع الكبيرة (de Marneffe 2013).

معظم النسويات اللواتي يعارضن تجارة الجنس يدعمن الإلغاء بدلاً من الحظر، لأن نهج الإلغاء يتعامل مع مقدم الخدمات الجنسية كضحية، لا كمجرم. يجادل البعض بأن محاكمة النساء بتهمة بيع الجنس تؤدي فقط إلى تفاقم تعرضهن للظلم والقمع. كانت السويد أول دولة تتبنى هذا النهج (Watson 2019). تدعم النسويات الأخريات التنظيم، لأن الإلغاء يمكن أن يعرض العاملات بالجنس للخطر من خلال إجبارهن على العمل بالخفاء من أجل حماية العملاء. تبنت هولندا وألمانيا شكلاً من أشكال التنظيم، والذي يهدف أساسًا إلى تقليل أضرار الدعارة بدلاً من القضاء عليها. تدعم بعض النسويات إلغاء التجريم (النهج المتبع الآن في نيوزيلندا) لأن معظم الأساليب التنظيمية (على سبيل المثال، التسجيل الإلزامي والفحوصات الصحية لمقدمي الخدمات، وتقييد مواقع العمل من خلال تقسيم المناطق وبيوت البغاء، وما إلى ذلك) تهدف إلى حماية العملاء والأطراف الثالثة، لا المشتغلين بالجنس، و تساهم في وصم بائعات الهوى بالمرض و الخطيئة (Nagle 1997؛ Kempadoo and Doezema 1998؛ Almodovar 2002؛ Leigh 2004). على النقيض من ذلك، يشعر داعمي التنظيم بالقلق من أن نهج عدم التدخل يجعل العاملين بالجنس عرضة للاستغلال الشديد، ويستكشف البعض كيف يمكن لقانون العمل وسياسته حماية العاملين في مجال الجنس، وكذلك العملاء والأطراف الثالثة (Davis 2015 ؛ Shrage 1994 و 1996).

في الولايات المتحدة، يعمل العديد من مقدمي الخدمات الجنسية في وكالات مُرافَقة، وبالتالي يتمكنون من الالتفاف على قوانين مكافحة بيع الهوى. نظرًا لأن العميل يدفع للوكالة مقابل وقت المرافقة ولا تأخذ مقدمة الخدمة أموالًا مباشرة من العميل ولكن من الوكالة فقط، غالبًا ما يتم تجاهل ممارسة الجنس بين المرافقة وموكلها من قبل منفذي القانون. عندما تصبح الوكالات عدوانية و متبجّحة في ممارساتها الإعلانية أو التجارية، فإنها تُحاكم أحيانًا كواجهات لبيع الهوى. ومع ذلك، لا يشعر بالقوة الكاملة لقوانين مكافحة بيع الهوى إلا النساء المعدمات، أو المدمنات على المخدرات، أو الهواة فقط، اللائي يلجأن إلى الزبائن مباشرة أو في الأماكن العامة. في ظل أنظمة الحظر، غالبًا ما تُستخدم قوانين مكافحة بيع الهوى ضد الأشخاص الذين يمارسون الجنس من أجل البقاء، مثل النساء المشردات أو القُصّر غير القادرين على العمل في أماكن أكثر أمانًا. نادرًا ما تُستخدم ضد نساء الطبقة المتوسطة اللواتي يواعدن الرجال بشكل متسلسل سعياً وراء هدايا باهظة الثمن أو رسوم دراسية جامعية أو نفقات المعيشة (Shrage 2015). تُستخدم قوانين مكافحة بيع الهوى أيضًا لمقاضاة الرجال الذين يستغلون النساء جنسيًا وتجاريًا (على سبيل المثال، العملاء والقوادين)، لكنها تُستخدم أحيانًا لمقاضاة أحباء بائعات الهوى وزملائهن في العمل الذين تربطهم علاقات توافقية وداعمة (Almodovar 1993). ركزت ممارسات الشرطة في الولايات المتحدة، تاريخيًا، على القبض على بائعات الهوى ومحاكمتهن، وخاصة عاملات الشوارع، اللاتي قد يتعرضن لعقوبات مشددة إذا علموا أنهن مصابات بفيروس نقص المناعة البشرية. تشكّل النساء غالبية بائعي الهوى وأغلبية من يُقبض عليهم، وتمثل نساء الأقليات تمثيلًا زائدًا بين المعتقلين (Marganski 2012).

على مدى العقود القليلة الماضية، تحرّكت عدد قليل من البلدان نحو التسامح وتنظيم أنشطة بائعات الهوى، ومع ذلك، كان الاتجاه الأكبر نحو التجريم، وغالبًا مع زيادة العقوبات على العملاء والقوادين (انظر 100 دولة وسياسات الدعارة الخاصة بهم). حشدت الحملات النسوية ضد بيع الهوى والاتجار بالبشر لكسب الموافقة على سياسات الإلغاء. جوهريًا، تطوّرت الحركة النسوية المناهضة للمواد الإباحية في السبعينيات والثمانينيات إلى الحركة النسوية المناهضة للاتجار بالبشر في القرن الحادي والعشرين. تعاملت كلتا الحركتين مع أسواق المواد والخدمات الجنسية الصريحة كشكل من أشكال العنف ضد المرأة، و ادّعت أن التسامح معهما يديم التبعية الاجتماعية للمرأة. مثل حركة مناهضة المواد الإباحية في الثمانينيات، تجد حركة مكافحة الاتجار بالبشر أرضية مشتركة مع المحافظين الاجتماعيين الذين لديهم اعتراضات دينية على الجنس بلا زواج، ومؤخرًا مع المحافظين السياسيين الذين يريدون إبعاد المهاجرين الاقتصاديين عن بلدانهم .

استجابة لهذه الجهود السابقة لمنع أسواق الجنس، شُكّلت حركة دولية لحقوق العاملين في مجال الجنس للدعوة إلى إلغاء تجريم العمل الجنسي بين البالغين بالتراضي. طعن الناشطون العاملون في مجال الجنس، وكثير منهم نسويات، البحث العلمي حول حياتهم وعملهم، و جادلوا بأن التجريم يجعلهم أقل قدرة على حماية صحتهم وممارسة حقوقهم (Almodovar 1993; Pendleton 1997; Highleyman 1997; Queen 1997; Sprinkle 1998; Quan 2001; Bernstein 2000; Leigh 2004). تقوم منظمات العاملين في مجال الجنس بتشكيل تحالفات مع نشطاء مثليين، ونقابات عمالية، ومدافعين عن حقوق الإنسان لتعزيز أهدافهم السياسية (Beloso 2012). في عام 2015، وافقت منظمة حقوقية مؤثرة، منظمة العفو الدولية، على قرار يدعو الدول إلى إلغاء تجريم العمل الجنسي بالتراضي بين البالغين، وهو ما يمثل انتصارًا كبيرًا لحركة حقوق العاملين في مجال الجنس.

تجادل أدريين ديفس بأن حركة الإلغاء حققت المزيد من الانتصارات السياسية لأنها أكثر اتحادًا في أهدافها. على النقيض من ذلك، فإن النسويات الداعمات لحقوق العاملات بالجنس منقسمات بشدة حول دعم التنظيم أو عدم التجريم. تُظهر ديفيس أن المدافعين عن التنظيم يبالغون في أوجه التشابه بين العمل بالجنس وأنواع العمل الأخرى، بينما يبالغ المدافعون عن عدم التجريم في الاختلافات. تقترح ديفيس نهج “الجغرافيات الجنسية” للعمل بالجنس، والذي يدرك أن الأضرار المحتملة تعتمد على مكان وكيفية أداء العمل. يعتبر العمل الجنسي الافتراضي، حيث يكون مقدمو الخدمة مجهولين نسبيًا ويلتقون بالعملاء عبر الإنترنت فقط، آمنًا نسبيًا. أمّا العمل خارجًا، حيث يلتقي العاملون بالجنس مع العملاء في أماكن خاصة، مثل غرف الفنادق، ويكون لديهم اتصال جسدي مع عملائهم، فهو أكثر خطورة بكثير. تواجه راقصات الإغراء، اللاتي يؤدين عروضهن في الأماكن العامة، مثل الحانات والنوادي، ولديهن اتصال جسدي محدود مع العملاء، مستوى متوسط ​​من المخاطر. يجب أن تشمل لوائح الصحة والسلامة أنواعًا مختلفة من مواقع العمل والمخاطر، وأن تتضمن التدابير المناسبة لكل منها.

تلاحظ ديفيس أن قانون العمل الحالي في الولايات المتحدة غير كافٍ لمعالجة بعض المخاطر التي يواجهها العاملون في مجال الجنس، مثل الاعتداء من قبل العملاء وزملاء العمل والتمييز البغيض (Davis 2015). توفر لوائح العمل عادةً حماية أكبر للإصابات المكتسبة أثناء أداء عمل الفرد مقارنة بالعنف والاعتداءات العرضية. تشير ديفيس أيضًا إلى أن تعريف التحرش الجنسي سيكون أكثر صعوبة في سياقات العمل بالجنس. علاوة على ذلك، نظرًا لأن تفضيلات العرق، مثل الجنس، قد تكون مدمجة في الأذواق والتخيلات الجنسية للعملاء، فقد ينظر أصحاب العمل والمحاكم بشكل عام إلى الخصائص الشخصية غير ذات الصلة على أنها مؤهلات مهنية أصيلة. ومع ذلك، تفضل ديفيس إلغاء التجريم بالتنظيم، وتتحدى النسويات لتحسين تنظيم التوظيف بحيث تكون هناك ضمانات أفضل للعمل بالجنس، والأعمال الأخرى التي تُجرى في مواقع العمل غير التقليدية والمتنوعة.

في عرضها النظري الدقيق والمنصف لكل من المعارضة النسوية الراديكالية لبيع الهوى والدفاع النسوي الليبرالي عن حقوق العاملات في مجال الجنس، ترسم برابها كوتيسواران موقفًا نسويًا “وسطًا”. تولي الحركة النسوية الوسطية الانتباه إلى الحقائق التجريبية لمختلف مهن الجنس وجهود منظمات المشتغلات بالجنس لحماية الحقوق المدنية والاقتصادية لأعضائها. تدرك نسويات الوسطية كيف يُميّز بين الجنسين في صناعة الجنس، وفي بعض الأحيان، يتفاعلن بشكل نقدي ومحترم مع مقترحات المدافعات عن المشتغلات بالجنس. على سبيل المثال، قد يكن متشككات في الاحتياجات المزعومة للرجال التي تهدف صناعة الجنس إلى خدمتها، مع الاعتراف بأن المشتغلات بالجنس لسن مغفلات و سلبيات ولكنهن وكيلات يستغلن ظروف أقل من مثالية. لا تتعامل النسويات الوسطيات مع تجارة الجنس على أنها متجانسة، لكنهن ينتبهن إلى الطرق المختلفة التي يُنظّم بها العمل ورأس المال في مهن مختلفة. فهن يدركن أن الكثير من العمل في مجال الجنس، مثل غيره من أعمال الخدمة ذات المكانة المنخفضة، هو عمل وضيع وأحيانًا غير سار، لكنه ليس عملًا مهينًا أو عنيفًا بالنسبة لأولئك الذين يؤدونه طواعية. وهن يدركن أيضًا أن العمل بالجنس متوافق مع الكثير من أعمال تقديم الرعاية التي تؤديها النساء، مثل الزوجات والأمهات والممرضات والمعلمات والمربيات وخدم المنازل، ولا يستثنين صناعة الجنس لتحميله النساء حصة غير متكافئة من أعمال تقديم الرعاية في المجتمع. وبهذه الطريقة، لا يعاملن العمل بالجنس على أنه استثنائي من حيث مخاطره وصعوباته وآثاره المجتمعية الأكبر. وأخيرًا، من غير المرجح أن تتعاون النسويات في الوسط مع الأخلاقويين الجنسيين المناهضين للنسوية والمحافظين المناهضين للهجرة، ومن المرجح أن يجدوا غاية مشتركة مع نقابات العاملين في الجنس الذين يتصارعون مع ظروف العمل الصعبة والواقع الاقتصادي (Kotiswaran 2011).


 

المراجع

المراجع المستشهد بها

  • Agustín, L., 2007, Sex at the Margins: Migration, Labour Markets, and the Rescue Industry, London: Zed Books.
  • Allen, A., 2001, “Pornography and Power”, Journal of Social Philosophy, 32: 512–31.
  • Almodovar, N.J., 1993, From Cop to Call Girl: Why I Left the LAPD to Make an Honest Living as a Beverly Hills Prostitute, New York: Simon and Schuster.
  • –––, 2002, “For Their Own Good: The Results of the Prostitution Laws as Enforced by Cops, Politicians, and Judges”, in Liberty for Women, W. McElroy (ed.), Chicago: Ivan R. Dee, pp. 781–87.
  • Anderson, E., 1993, Value in Ethics and Economics, Cambridge: Harvard University Press.
  • Anderson, S., 2006, “Prostitution and Sexual Autonomy: Making Sense of Prohibition and Prostitution”, in Spector 2006: 358–93.
  • Antony, L., 2017, “Be What I Say: Authority Versus Power in Pornography”, in Beyond Speech: Pornography and Analytic Feminist Philosophy, M. Mikkola (ed.), Oxford: Oxford University Press, pp. 59–90.
  • Assiter, A., 1988, “Autonomy and Pornography”, in Feminist Perspectives in Philosophy, M. Griffiths and M. Whitford (eds.), Bloomington: Indiana University Press.
  • Barry, K., 1996, The Prostitution of Sexuality, New York: New York University Press.
  • Bauer, N., 2015, How to Do Things with Pornography, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Beloso, B., 2012, “Sex, Work, and the Feminist Erasure of Class”, Signs, 38: 47–70.
  • Bernstein, M., (ed.), 2000, Tricks and Treats: Sex Workers Write About Their Clients, New York: Harrington Park Press.
  • Bianchi, C., 2008, “Indexicals, Speech Acts and Pornography”, Analysis, 68: 310–16.
  • Bishop, R. and L. Robinson, 1998, Night Market: Sexual Cultures and the Thai Economic Miracle, New York: Routledge.
  • Bordo, S., 1994, “Reading the Male Body”, in The Male Body: Features, Destinies, Exposures, L. Goldstein (ed.), Ann Arbor: University of Michigan Press.
  • Brison, S., 1998, “The Autonomy Defense of Free Speech”, Ethics, 108: 312–39.
  • Brod, H., 1992, “Pornography and the Alienation of Male Sexuality”, in Rethinking Masculinity: Philosophical Explorations in Light of Feminism, L. May and R. Strikwerda (eds.), Lanham: Littlefield Adams, pp. 237–54.
  • Bronstein, C., 2011, Battling Pornography: The American Feminist Anti-Pornography Movement, 1976–1986, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Butler, C., 2015, “A Critical Race Feminist Perspective on Prostitution & Sex Trafficking in America”, Yale Journal of Law and Feminism, 27: 95–139.
  • Butler, J., 2000, “The Force of Fantasy: Feminism, Mapplethorpe, and Discursive Excess”, in Cornell 2000b: 487–508.
  • Cahill, A., 2014, “The Difference Sameness Makes: Objectification, Sex Work, and Queerness”, Hypatia, 29: 840–56.
  • Cameron, D. and E. Frazer, 2000, “On the Question of Pornography and Sexual Violence: Moving Beyond Cause and Effect”, in Cornell 2000b: 240–53.
  • Concepcion, C., 1999, “On Pornography, Representation, and Sexual Agency”, Hypatia, 14: 97–100.
  • Cornell, D., 2000a, “Pornography’s Temptation”, in Cornell 2000b: 551–68.
  • ––– (ed.), 2000b, Feminism and Pornography, Oxford: Oxford University Press.
  • Davis, A., 2015, “Regulating Sex Work: Erotic Assimilationism, Erotic Exceptionalism, and the Challenge of Intimate Labor”, California Law Review, 103: 1195–1275.
  • de Marneffe, P., 2010, Liberalism and Prostitution, New York: Oxford University Press.
  • –––, 2013, “Vice Laws and Self-Sovereignty”, Criminal Law and Philosophy, 7: 29–41.
  • Ditmore, M.H., 2011, Prostitution and Sex Work, Santa Barbara: Greenwood.
  • Duggan, L., N. Hunter, and C. Vance, 1986, “False Promises: Feminist Antipornography Legislation”, in Ellis et al. 1986: 72–85.
  • Dworkin, A., 1979, Pornography: Men Possessing Women, New York: Perigee Books.
  • –––, 1987, Intercourse, New York: Free Press.
  • Dwyer, S. (ed.), 1995, The Problem of Pornography, Belmont: Wadsworth Publishing Company.
  • Eaton, A., 2007, “A Sensible Antiporn Feminism”, Ethics, 117: 674–715.
  • –––, 2017, “Feminist Pornography”, in Beyond Speech: Pornography and Analytic Feminist Philosophy, M. Mikkola (ed.), Oxford Scholarship Online.
  • Ellis, K., et al., 1986, Caught Looking: Feminism, Pornography, and Censorship, Seattle: The Real Comet Press.
  • Enloe, C., 1989, Bananas, Beaches, and Bases: Making Feminist Sense of International Politics, Berkeley: University of California Press.
  • Ferguson, C. and R. Hartley, 2009, “The Pleasure is Momentary…The Expense Damnable? The Influence of Pornography on Rape and Sexual Assault”, Aggression and Violent Behavior, 14: 323–29.
  • Garry, A., 1978, “Pornography and Respect for Women”, in Social Theory and Practice, 4: 395–421.
  • –––, 2001, “Sex, Lies, and Pornography”, in Ethics in Practice, 2nd edition, H. La Follette (ed.), Malden: Blackwell Publishing, pp. 344–55.
  • Highleyman, L., 1997, “Professional Dominance: Power, Money, and Identity”, in Nagle 1997: 145–55.
  • Hornsby, J., 1995, “Speech Acts and Pornography”, in Dwyer 1995: 220–32.
  • Hunt, L. (ed.), 1993, The Invention of Pornography: Obscenity and the Origins of Modernity, 1500–1800, New York: Zone Books.
  • Jaggar, A., 1985, “Prostitution”, in Women and Values, M. Pearsall (ed.), Belmont: Wadsworth Publishing Company, pp. 132–46.
  • Jeffreys, S., 1998, The Idea of Prostitution, North Melbourne, AU: Spinifex Press.
  • –––, 2009, The Industrial Vagina, New York: Routledge.
  • Kempadoo, K. (ed.), 1999, Sun, Sex, and Gold: Tourism and Sex Work in the Caribbean, Lanham: Rowman and Littlefield Publishers.
  • –––, 2001, “Women of Color and the Global Sex Trade: Transnational Feminist Perspectives”, Meridians, 1: 28–51.
  • Kempadoo, K. and J. Doezema (eds.), 1998, Global Sex Workers: Rights, Resistance, and Redefinition, New York: Routledge.
  • Kotiswaran, P., 2011, Dangerous Sex, Invisible Labor: Sex Work and the Law in India, Princeton: Princeton University Press.
  • Langton, R., 1995, “Speech Acts and Unspeakable Acts”, in Dwyer 1995: 203–19.
  • –––, 2009, Sexual Solipsism, New York: Oxford University Press.
  • Leigh, C., 1997, “Inventing Sex Work”, in Nagle 1997: 225–31.
  • –––, 2004, Unrepentant Whore: Collected Works of Scarlot Harlot, San Francisco: Last Gasp.
  • LeMoncheck, L., 1997, Loose Women, Lecherous Men: A Feminist Philosophy of Sex, Oxford: Oxford University Press.
  • Lerner, G., 1986, The Creation of Patriarchy, New York: Oxford University Press.
  • Levin, A., 2009, “Pornography, Hate Speech, and Their Challenge to Dworkin’s Egalitarian Liberalism”, Public Affairs Quarterly, 23: 357–73.
  • Liberto, H.R., 2009, “Normalizing Prostitution versus Normalizing the Alienability of Sexual Rights: A Response to Scott A. Anderson”, Ethics, 120: 138–45.
  • Longino, H., 1980, “Pornography, Oppression, and Freedom: A Closer Look”, in Take Back the Night: Women on Pornography, L. Lederer (ed.), New York: William Morrow and Company, pp. 40–54.
  • MacKinnon, C., 1987, Feminism Unmodified: Discourses on Life and Law, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • –––, 1993, Only Words, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Malamuth, N., T. Addison, and M. Koss, 2000, “Pornography and Sexual Aggression: Are There Reliable Effects and Can We Understand Them?” Annual Review of Sex Research, 11: 26–91.
  • Marganski, A., 2012, “Prostitution, Contemporary”, in The Social History of Crime and Punishment in America, W.R. Miller (ed.), Thousand Oaks, CA: Sage, pp. 1450–56.
  • Marino, P., 2008, “The Ethics of Sexual Objectification: Autonomy and Consent”, Inquiry, 51: 345–64.
  • McGowan, M., 2005, “On Pornography: MacKinnon, Speech Acts, and ‘False’ Construction”, Hypatia, 20: 23–49.
  • McGowan, M.K., A. Adelman, S.Helmers, and J. Stolzenberg, 2011, “A Partial Defense of Illocutionary Silencing”, Hypatia, 26: 132–49. doi: 10.1111/j.1527-2001.2010.01122.x
  • Mikkola, M., 2008, “Contexts and Pornography”, Analysis, 68: 316–20.
  • –––, 2011, “Illocution, Silencing and the Act of Refusal” Pacific Philosophical Quarterly, 92: 415–37.
  • Mikkola, M. (ed.) 2017, Beyond Speech: Pornography and Analytic Feminist Philosophy, Oxford Scholarship Online.
  • Moen, O.M., 2012, “Is Prostitution Harmful?” Journal of Medical Ethics, 40: 73–81.
  • Nagle, J., 1997, (ed.), Whores and Other Feminists, New York: Routledge.
  • Nestle, J., 1987, “Lesbians and Prostitutes: A Historical Sisterhood”, in Sex Work: Writings by Women in the Sex Industry, F. Delacoste and P. Alexander (eds.) San Francisco: Cleis Press, pp. 247–65.
  • Nussbaum, M., 1999, Sex and Social Justice, Oxford: Oxford University Press.
  • Overall, C., 1992, “What’s Wrong with Prostitution?: Evaluating Sex Work”, Signs, 17: 705–24.
  • O’Connell Davidson, J., 1998, Prostitution, Power, and Freedom, Ann Arbor: The University of Michigan Press.
  • Pateman, C., 1988, The Sexual Contract, Stanford: Stanford University Press.
  • Pendleton, E., 1997, “Love for Sale: Queering Heterosexuality”, in Nagle 1997: 73–82.
  • Phillips, A., 2011, “It’s My Body and I’ll Do What I Like With It: Bodies as Objects and Property”, Political Theory, 39: 724–48.
  • Quan, T., 2001, Diary of a Manhattan Call Girl, New York: Crown.
  • Queen, C., 1997, Real Live Nude Girl: Chronicles of Sex-Positive Culture, San Francisco: Cleis.
  • Radin, M., 1996, Contested Commodities, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Radway, J., 1991, Reading the Romance: Women, Patriarchy, and Popular Literature, Chapel Hill: University of North Carolina Press.
  • Rajan, R.S., 2003, The Scandal of the State: Women, Law, and Citizenship in Postcolonial India, Durham: Duke University Press.
  • Raymond, J., 2004, “Prostitution on Demand: Legalizing the Buyers as Sexual Consumers”, Violence Against Women, 10: 1156–86.
  • Ross, B., 2000, “‘It’s Merely Designed for Sexual Arousal’: Interrogating the Indefensibility of Lesbian Smut”, in Cornell 2000b: 264–317.
  • Rossiaud, J., 1988, Medieval Prostitution, Oxford: Basil Blackwell Press.
  • Rubin, G., 1975, “The Traffic in Women: Notes on the ‘Political Economy’ of Sex”, in Toward an Anthropology of Women, R. Reiter (ed.), New York: Monthly Review Press, pp. 157–210.
  • –––, 1993, “Misguided, Dangerous and Wrong, an Analysis of Anti-pornography Politics”, in Bad Girls and Dirty Pictures: The Challenge to Reclaim Feminism, A. Assiter and A. Carol (eds.), London: Pluto Press, pp. 18–40.
  • Satz, D., 1995, “Markets in Women’s Sexual Labor”, Ethics, 106: 63–85.
  • –––, 2010, Why Some Things Should Not Be for Sale: The Moral Limits of Markets, New York: Oxford University Press.
  • Saul, J., 2006a, “On Treating Things as People: Objectification, Pornography, and the History of the Vibrator”, Hypatia, 21: 45–61.
  • –––, 2006b, “Pornography, Speech Acts, and Contexts”, Proceedings of the Aristotelian Society, 106: 229–248.
  • Schwarzenbach, S., 1991, “Contractarians and Feminists Debate Prostitution”, New York University Review of Law and Social Change, 18: 103–30.
  • Scully, D., 1990, Understanding Sexual Violence: A Study of Convicted Rapists, London: HarperCollins Academic.
  • Shrage, L., 1989, “Should Feminists Oppose Prostitution?” Ethics, 99: 347–61.
  • –––, 1994, Moral Dilemmas of Feminism: Prostitution, Adultery, and Abortion, New York: Routledge.
  • –––, 1996, “Prostitution and the Case for Decriminalization”, Dissent, 43: 41–45.
  • –––, 1999, “Do Lesbian Prostitutes Have Sex With Their Clients? A Clintonesque Reply”, Sexualities, 2: 259–61.
  • –––, 2005, “Exposing the Fallacies of Anti-Porn Feminism”, Feminist Theory, 6: 45–65.
  • –––, 2015, “When Prostitution is Nobody’s Business”, The New York Times (Opinionator/The Stone section), August 10, 2015.
  • –––, 2016, “Prostitution”, in Philosophy of Sex and Love, J. Petrik and A. Zucker (eds.), Farmington Hills: Macmillan Reference USA.
  • Shrage, L. and Stewart, R.S., 2015, Philosophizing About Sex, Peterborough, Ontario: Broadview Press.
  • Snitow, A., 1986, “Retrenchment vs. Transformation”, in Ellis et al. 1986: 10–17.
  • Spector, J. (ed.), 2006, Prostitution and Pornography: Philosophical Debate About the Sex Industry, Stanford: Stanford University Press.
  • Sprinkle, A., 1998, Post-Porn Modernist: My 25 Years as a Multimedia Whore, San Francisco: Cleis.
  • Stark, C. and R. Whisnant (eds.), 2004, Not For Sale: Feminists Resisting Prostitution and Pornography, North Melbourne: Spinifex Press.
  • Stewart, R.S., 2019, “Is Feminist Porn Possible?”, Sexuality & Culture, 23: 254–70.
  • Strossen, N., 1995, Defending Pornography: Free Speech, Sex, and the Fight for Women’s Rights, New York: Scribner.
  • Tuana, N. and L. Shrage, 2003, “Sexuality”, in The Oxford Handbook of Practical Ethics, H. LaFollette (ed.), Oxford: Oxford University Press, pp. 15–41.
  • Vadas, M., 2005, “The Manufacture-for-use of Pornography and Women’s Inequality”, The Journal of Political Philosophy, 13: 174–93.
  • Warnke, G., 1999, Legitimate Differences: Interpretation in the Abortion Controversy and Other Public Debates, Berkeley: University of California Press.
  • Watson, L., 2019, “Philosophical Debates About Prostitution: The State of the Question”, The Southern Journal of Philosophy, 57: 165–93.
  • White, L., 1990, The Comforts of Home: Prostitution in Colonial Nairobi, Chicago: University of Chicago Press.
  • Zheng, R., 2017, “Race and Pornography: The Dilemma of the (Un)Desirable”, in Beyond Speech: Pornography and Analytic Feminist Philosophy, M. Mikkola (ed.), Oxford Scholarship Online.

مراجع أخرى مهمة

  • Adler, A., 2001, “The Perverse Law of Child Pornography”, Columbia Law Review, 101: 209–273.
  • Barry, K., 1979, Female Sexual Slavery, New York: Avon Books.
  • Bell, L., 1987, Good Girls/Bad Girls: Feminists and Sex Trade Workers Face to Face, Toronto: Seal Press.
  • Bell, S., 1994, Reading, Writing, and Rewriting the Prostitute Body, Bloomington: Indiana University Press.
  • Burstyn, V. (ed.), 1985, Women Against Censorship, Vancouver: Douglas and McIntyre.
  • Butler, J., 1997, Excitable Speech: A Politics of the Performative, New York: Routledge.
  • Carse, A., 1995, “Pornography: An Uncivil Liberty?” Hypatia, 10: 155–82.
  • Cawston, A., 2019, “The feminist case against pornography: a review and re-evaluation”, Inquiry, 62: 624–58.
  • Chancer, L., 1998, Reconcilable Differences: Confronting Beauty, Pornography, and the Future of Feminism, Berkeley: University of California Press.
  • Chapkis, W., 1997, Live Sex Acts: Women Performing Erotic Labor, New York: Routledge.
  • Dewey, S. and P. Kelly (eds.), 2011, Policing Pleasure: Sex Work, Policy, and the State in Global Perspective, New York: New York University Press.
  • Drabek, M., 2016, “Pornographic Subordination, Power, and Feminist Alternatives”, Feminist Philosophy Quarterly, 2(1): 1–19.
  • Gauthier, J., 2011, “Prostitution, Sexual Autonomy, and Sex Discrimination”, Hypatia, 26: 166–86.
  • Gibson, P.C. and R. Gibson (eds.), 1993, Dirty Looks: Women, Pornography and Power, London: BFI Publishing.
  • Grebowicz, M., 2011, “Speech, Rights, Privacies, and Pleasures in Conflict”, Hypatia, 26: 150–65.
  • –––, 2013, Why Internet Porn Matters, Stanford: Stanford University Press.
  • Griffin, S., 1981, Pornography and Silence: Culture’s Revenge Against Nature, New York: Harper and Row.
  • Gubar, S. and J. Hoff (eds.), 1989, For Adult Users Only: The Dilemma of Violent Pornography, Bloomington: Indiana University Press.
  • Itzin, C. (ed.), 1992, Pornography: Women, Violence, and Civil Liberties, Oxford: Oxford University Press.
  • Kappeler, S., 1986, The Pornography of Representation, Minneapolis: University of Minnesota Press.
  • Kipnis, L., 1996, Bound and Gagged: Pornography and the Politics of Fantasy in America, New York: Grove Press.
  • Kulick, D., 1998, Travesti: Sex, Gender and Culture among Brazilian Transgendered Prostitutes, Chicago: University of Chicago Press.
  • Kuo, L., 2002, Prostitution Policy: Revolutionizing Practice Through a Gendered Perspective, New York: New York University Press.
  • Leidholdt, D. and J. Raymond (eds.), 1990, The Sexual Liberals and the Attack on Feminism, New York: Pergamon Press.
  • Levine, J., 2002, Harmful to Minors: The Perils of Protecting Children from Sex, Minneapolis: University of Minnesota Press.
  • Levine, P., 2003, Prostitution, Race, and Politics: Policing Venereal Disease in the British Empire, New York: Routledge.
  • MacKinnon, C. and A. Dworkin (eds.), 1997, In Harm’s Way: The Pornography Civil Rights Hearings, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Marshall, S.E., 1999, “Bodyshopping: The Case of Prostitution”, Journal of Applied Philosophy, 16: 139–50.
  • Matrix, C., (ed.), 1996, Tales from the Clit: A Female Experience of Pornography, Edinburgh: AK Press.
  • Miller v. California, 1972, U.S. Supreme Court, 413 U.S. 15.
  • Mintz, K., 2014, “Sexual Intimacy, Social Justice, and Severe Disabilities”, The Journal of Philosophy, Science & Law, 14: 4–15.
  • Outshoorn, J. (ed.), 2004, The Politics of Prostitution: Women’s Movements, Democratic States and the Globalisation of Sex Commerce, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Pheterson, G. (ed.), 1989, A Vindication of the Rights of Whores, Seattle: Seal Press.
  • Russell, D., 1998, Dangerous Relationships: Pornography, Misogyny, and Rape, Newbury Park: Sage.
  • ––– (ed.), 1993, Making Violence Sexy: Feminist Views on Pornography, New York: Teachers College Press.
  • Segal, L. and M. McIntosh (eds.), 1992, Sex Exposed: Sexuality and the Pornography Debate, London: Virago Press.
  • Stark, C., 1997, “Is Pornography an Action?: The Causal vs. the Conceptual View of Pornography’s Harm”, Social Theory and Practice, 23: 277–306.
  • Truong, Thanh-Dam, 1990, Sex,Money and Morality: Prostitution and Tourism in Southeast Asia, London: Zed Books.
  • Vance, C. (ed.), 1984, Pleasure and Danger: Exploring Female Sexuality, London: Routledge and Kegan Paul.
  • Walkowitz, J., 1980, Prostitution and Victorian Society: Women, Class, and the State, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Watson, L., 2007, “Pornography and Public Reason”, Social Theory and Practice, 33: 467–88.
  • –––, 2010, “Pornography”, Philosophy Compass, 5: 535–50.
  • Weitzer, R., 2011, Legalizing Prostitution: From Illicit Vice to Lawful Business, New York: NYU Press.
  • –––, (ed.), 2009, Sex For Sale: Prostitution, Pornography, and the Sex Industry, 2nd Edition, New York: Routledge.
  • West, D. and C. Haycroft, 1993, Male Prostitution, New York: Routledge.
  • Widdows, H., 2009, “Border Disputes across Bodies: Exploitation in Trafficking for Prostitution and Egg Sale for Stem Cell Research”, International Journal of Feminist Approaches to Bioethics, 2: 5–24.
  • Williams, L., 1989, Hard Core: Power, Pleasure, and the “Frenzy of the Visible”, Berkeley: University of California Press.

أدوات اكاديمية

sep man iconHow to cite this entry.
sep man iconPreview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
inpho iconLook up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
phil papers iconEnhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

مداخل ذات صلة

art: erotic | feminist philosophy, interventions: philosophy of law | feminist philosophy, topics: perspectives on objectification | markets | pornography: and censorship