مجلة حكمة
ملا صدرا الملا صدرا

ملا صدرا

الكاتبسجاد رضوي
ترجمةلسود محمد

مدخل فلسفي حول ملا صدرا ، نص مترجم ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد يطرأ عليها بعض التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


 

صدرالدين محمد بن إبراهيم بن يحيى قاوامي الشيرازي (حوالي 1571-1636) هوالفيلسوف الإسلامي الأكثر أهمية بعد ابن سينا. اشتهر باسم الملا صدرا، وقد حصل لاحقًا على لقب صدرالمتألهين لمقاربته في الفلسفة التي جمعت بين الاهتمام بعلم الكلام واستفادت من رؤى الحدس الصوفي. ولقد اعتبر ملا صدرا الفلسفة مجموعة من التدريبات الروحية وعملية تألّه وسعي وراء الحكمة التي كان هدفها اكتساب الحكمة والتحول الى حكيمً، وبالتالي أن يصبح الفرد متشبها بالله. و لقد دافع ملا صدرا عن طريقة فلسفية راديكالية حاولت تجاوز الانقسام البسيط بين أسلوب برهاني، تصاعدي من التفكير والمعرفة، ونمط معرفة أكثر بديهية وشاعرية وغير قضوية.

واشتهر ملا صدرا بأنه المفكّر الذي أحدث ثورة في عقيدة الوجود في الميتافيزيقيا الإسلامية وكان ذلك من خلال نقد الميتافيزيقيا الأرسطية التي افترضت أن المادة الأساسية للواقع تتكون من الجواهر وهكذا أنشأ( افلاطونية جديدة ) مساراميتافيزيقيا لفهم التغير مبنيا على أفعال الوجود وحركته. فكان مفكرًا مخلصًا كتب أعمالًا في الفلسفة وعلم الكلام والتصوف وتأويل النص القرآني. وقد حاول بناء توليف واسع النطاق لمقاربات الفكر الإسلامي ودافع على ضرورة أن تكون طريقة فهم الواقع من خلال مزيج من التفكير المنطقي والإلهام الروحي وتأمل عميق في المصادر الكتابية الرئيسية للتقاليد الشيعية الإثني عشرية في الإسلام. وباتباعه نهجًا شموليًا في البحث الفلسفي، فقد تضمن فهمه للسعي وراء الحكمة التأويل والتفسير الكتابي بالإضافة إلى التفكير الكلامي. و كان شخصية رئيسية في مجموعة المفكرين الذين أطلق عليهم نصر و كوربين اسم “مدرسة أصفهان”. ولقد أدرى ملا صدرا دورًا رئيسيًا في الحياة الفكرية أثناء إحياء الفلسفة في عهد الشاه الصفوي عباس الأول (حكم 996-1038 هـ /. 1588-1629 م) وبعد ذلك في حياته و كان أهم معلم في المدرسة الفلسفية المعروفة باسم مدرسة يي خان في مسقط رأسه شيراز. ومنذ أوائل القرن التاسع عشرأصبح فكرالملا صدرا النموذج الفلسفي السائد في المدرسة الشيعية في الشرق الإسلامي وكان له تأثير كبير في جنوب آسيا.


 

1. حياته وأعماله

1.1 حياته

كان الملا صدرا الطفل الوحيد الذي وُلد لعائلة من البلاط الملكي في شيراز، جنوب إيران، حوالي 979 هـ / 1571-772. شاب لامع، انغمس في اهتمامه بالملاحقات الفكرية، فانتقل أولاً إلى قزوين عام 1000 هـ / 1591 ثم إلى أصفهان عام 1006 هـ / 1597، العواصم المتعاقبة للإمبراطورية الصفوية، لمتابعة دراسته للفلسفة وعلم الكلام والسيرة النبوية والتفسير والتأويل القرآني. و كان أساتذته إثنان من العلماء البارزين في عصره هما مير محمد باقر داماد أسترابدي، حفيد الفقيه القوي ورجل الدولة علي كركي، والشيخ بهاء الدين عاملي المعروف بالشيخ بهائي (ت 1030) هـ / 1620– 1621 م)، الذي كان الفقيه الرائد في أصفهان في عهد الشاه عباس الأول، درس مع السابق الفلسفة وعلم الكلام، ولا سيما أعمال المشائيين لابن سينا ​​(ت 428 هـ / 1037) وتلميذه بهمانيار (توفي 458 هـ / 1066 م)، و Plotiniana Arabica و الأفلاطونية العربية الزائفة (ولا سيما ما يسمى كتاب الربوبية لـ أرسطو)، وأعمال السهروردي الإشراقية (ت 586 هـ / 1191 م).

ومع الشيخ بهائي، كما كان الحال مع عدد من الطلاب الآخرين، درس العلوم الروحية للتأويل القرآني وتقاليد الأئمة الشيعة. وعلى عكس ما ادعى كوربين وآخرون (Corbin 1971: 58 ؛ نصر 1977: 32)، لا يبدو أن هناك دليلًا على أنه درس مع عالم مثير للاهتمام آخر من أستاراباد وشريك مير داماد و مير فندريسكي (المتوفى 1050 هـ / 1640) – م1641). إنه عالم متجول أمضى الكثير من الوقت في دراسة الفلسفات والأديان الهندية. ومن المؤكد أن القصة التي سجلتها بعض قواميس السيرة الذاتية اللاحقة والتي تدعي أن الملا صدرا نصحه مير فندريسكي بالدراسة مع مير داماد هي قصة ملفّقة. وليس لدينا إجازة من أساتذته الذين كانوا على قيد الحياة، والتي يمكن أن تشهد على دراسته معهم ومحتوى المنهج. ونعلم بالتأكيد أن كلاً من مير داماد والشيخ بهائي منح طلابهم عددًا من هذه الإجازات وشهادات الدراسة التي جمعها المجلس الثاني (الملا محمد باقر مجليسي، والمعروف باسم العلامة المجليسي، ( 1036-1110 هـ). (1627–1699) في ”بحار الأنوار”. ومع ذلك، لدينا مصدر واحد قيّم للغاية يسجل العلاقة الحميمة لدراسته وحتى التلمذة الروحية في مجموعة أدبية شعرية من أوائل القرن السابع عشر من قزوين المعروفة باسم يونج أي قزوين Jung-i Qazvin.

يتضمن المجلد (الموجود في المكتبة الوطنية في طهران) ملاحظات و توقيعات مير داماد والشيخ بهائي والملا صدرا. و من بين هذه الملاحظات عبارات قصيرة تشبه الإجازة للملا صدرا. ولقد اقتبس الشيخ البهائي بعض روايات الأئمة وكتب أنه فعل ذلك بناء على وصية “ابنه اللامع الامتياز والذكاء والنقي” (خامنئي 2000: 59). وبالمثل، أشار ميرداماد في مذكرة إلى أن الصدر هو ابنه الروحي (Khaminihi 2000: 56). ويمكن قياس التأثير المزدوج لأساتذته في ملاحظاته المبكّرة التي تكشف عن اهتمام بالصوفية وخاصة بالشعر الصوفي والقانون. وربما كُتبت هذه الملاحظات في شيراز عام 1016 هـ / 1607-1608م. ومع ذلك، فإن الاهتمام بالصوفية لا يستلزم بالضرورة الانتماء إلى نظام صوفي وهي ممارسة كانت، على أي حال، مثيرة للجدل إلى حد كبير في هذه الفترة: إن ادعاء نعمة الله الصوفي معصوم علي شاه في القرن التاسع عشر أن الملا صدرا كان  Nurbakhshi نوربخشي صوفي لا يمكن إثباته.

وبعد أن استكمل تدريبه، وربما كان الدافع وراءه وفاة والده عام 1010 هـ / 1601-1602م، عاد إلى شيراز للعمل والتعليم. ولكن، بعد أن فشله في العثور على راعي مناسب ومواجهة المعارضة لنقده لمدينة نسيت قيمة دراسة الفلسفة، تراجع ملا صدرا إلى قرية كاهاك، وهي قرية صغيرة خارج مدينة قم المقدسة، للتأمل في استفساراته والمبادرة بتأليف مؤلفاته الرئيسية ولا سيما خلاصته الفلسفية والكلامية، ” الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة ” المعروفة شعبياً بالأسفار الأربعة. واستغرقت خلواته على الأرجح خمس سنوات ثم بدأ حياة متجوّلة في قم بالتدريس والكتابة في قم وبزيارة ومراسلة مير داماد في أصفهان حتى وفاة هذا الأخيرعام 1040 هـ / م1631، وقضى ملا صدرا بعض الوقت في عقارات عائلته في شيراز. و تشهد المخطوطات على حياته المتجولة حتى عام 1040 هـ / 1630-1631م. وكانت علاقته بميرداماد ذات أهمية خاصة: فقد بدأ في تبني أفكار أستاذه حتى غيّر وجهات نظره لاحقًا في حياته لكن ميرداماد ظل سيده الروحي.  ولقد تم التعبير عن إخلاصه له في الرسائل التي تبادلاها. ففي رسالة بتاريخ 1018 هـ / 1609-1610م من شيراز، وصف الملا صدرا ميرداماد بأنه “يوزع النعمة على قلوب الحكماء، العقل الحادي عشر، الذي يتقن نظرية وممارسة العلوم فهو سيد الفلاسفة وسيد الفقهاء و أشرف العلماء المتحضر في الإسلام ”(خامنئي 2000: 109).

وفي رسالة أخرى بتاريخ 1037 هـ /7 162–1628م أرسلها من مدينة قم على الأرجح، اشتكى من انفصالهما وأعرب عن قلقه على صحة مير داماد واصفًا إياه بأنه ” السيد والاستاذ حفظ الله ظله على تلاميذه المنفصلين عن طريقهم. حفظاً لوجوده الكريم وكرامته ونور نوره الذي ينير قلوب عابري السبيل الروحيين ”(Khaminihi 2000: 113). ولقد قام بتدريب عدد من الفلاسفة البارزين في فترة قم، أهمهم محسن فايز كاشاني (ت 1090 هـ / 1680-1)، الذي درس معه ما بين 1030 هـ / 1620-1-1038 هـ /. 1628-1629 م كما تشهد عليه أطروحة السيرة الذاتية لفايز شرح صدر، وعبد الرزاق لاهيجي (المعروف باسم فايز لاهيجي، المتوفي 1072 هـ / 1661-162)، وكلاهما أصبحا أصهاره. ومن بين الطلاب الآخرين الفيلسوفان حسين تونيكابوني (ت 1105 هـ / 1693-1994) ومحمد رضا أقجاني (ت 1071 هـ / 1660-1661م). و بعد انسحابه إلى قم، ربما تزوج الملا صدرا في شيراز. وتشير أحد المصادر الحديثة إلى أن زوجته كانت ابنة ميرزا ​​ضياء الدين محمد رازي، مما يعني أن زوجته ووالدة فايزكانتا أختين ومما يوحي بعلاقة تفوق المعلم والطالب. وكرجل ثري، كان للملا صدرا خمسة أطفال بقوا على قيد الحياة وأسرة كبيرة، بما في ذلك الخدم والطلاب. و ولدت بكره أم كلثوم عام 1019 هـ / 1610-161م1 وتزوجت بعد ذلك تلميذه فايز لاهيجي في قم. وولدت له ابنة أخرى هي زبيدة عام 1024 هـ / 1615م في قم وتزوجت فيما بعد فايز كاشاني. وولدت ابنته الثالثة معصومة في قم عام 1033 هـ / 1623-1624م وتزوجت فيما بعد من طالب آخر هو قطب الدين محمد النيرزي الذي لم يُسجل عنه أي شيء. كما أن للملا صدرا ثلاثة أبناء أصبحوا علماء في حد ذاتهم: إبراهيم الذي ولد في قم عام 1021 هـ / 1612-1613 م، أصبح عالمًا دينيًا بارزًا في البلاط، وتوفي في أصفهان عام 1071 هـ / 1660-م1661: نظام الدين أحمد من مواليد كاشان عام 1031 هـ / 1621-م1622 وتوفي في شيراز عام 1074 هـ / 1664 م. وابنه الأصغر محمد رضا، الذي من المحتمل أن يكون قد ولد في قم ولكن ليس لدينا أي معلومات عن سيرته الذاتية.

في عام 1040 هـ / 1630-م1631، انتقل الملا صدرا بشكل دائم إلى مسقط رأسه بناءً على طلب (ربما تلميذه السابق) إمامقولي خان (المتوفى 1042 هـ / 1633)، الحاكم العام القوي للغاية (بيجليربيجي) لمحافظة فارس، موطن صدرا ونجل القائد العسكري الجورجي الشهير الله فيردي خان. و تم إنشاء مدرسة مدرسة يي خان، التي أسسها والد إمامقولي وتم الانتهاء منها عام 1024 هـ / 1615 مبهدف صريح يتمثل في تدريس الفلسفة والعلوم. وكان الملا صدرا هو الخيار الواضح للتدريس هناك، ومن المحتمل أنه بدأ جمعيته منذ بداية المؤسسة. وأكمل عمله الرئيسي، الأسفار الأربعة في شيرازعام 1038 هـ / 1628م وفي نفس العام وصف الرحالة الإنجليزي السيرتوماس هربرت المدرسة: حيث تقرأ الفلسفة وعلم التنجيم والفيزياء والكيمياء والرياضيات. و “هذا هو الأكثر شهرة عبر بلاد فارس” (هربرت، Some Years Travel، لندن، 1634، ص 129). وكانت هذه الفترة المتأخرة من حياته مثمرة، وكان يحظى باحترام كبير كمدرس في مسقط رأسه. بعد مسيرة مهنية لامعة وغزيرة. وتوفي ملا صدرافي البصرة في طريقه إلى الحج السابع إلى مكة. والتاريخ التقليدي لوفاته هو 1050 هـ / 1640-1641م. ومع ذلك، لا يوجد دليل واضح يدعم هذا التاريخ. وذكر حفيده محمد علم الهدى ابن فايز كاشاني أن جده توفي بالبصرة عام 1045 هـ / 1635-1636م ودفن في النجف في حرم مرقد الإمام الشيعي الأول علي بن أبي طالب (خامنئي 2000: 414). وقد تم إثبات ذلك في نسختين من أعماله، ويبدو أن هذا يؤكده حقيقة أن تاريخ الانتهاء من أعماله الأخيرة، بما في ذلك تلك التي تُركت غير مكتملة، هو 1044 هـ / م1635.

2.1 أعماله

كتب الملا صدرا أكثر من خمسة وأربعين عملاً. إن أعظم أعماله ” الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة” المعروفة باسم الأسفار الأربعة، هي خلاصة وافية كبيرة للفلسفة و علم الكلام، الذي بدلاً من اتباع التقسيمات التقليدية للمنطق والفيزياء والميتافيزيقا، يبني الاستقصاء الفكري على الاستعارة الصوفية للتعبير عن رحلة النفس في هذا العالم. ومن ثم كان هذا المؤلف معروفا على نطاق واسع باسم الاسفار الأربعة.  ولقد بدأ كتابتها عام 1015 هـ / 1606 م في الكحق وأكملها في شيراز عام 1038 هـ / 1628 م.  وتوفر السفرة الأولى من هذا العالم إلى الله للباحث المبادئ الفكرية لفهم الفلسفة مثل التعريف الأساسي للفلسفة والميتافيزيقا، وأهمية الميتافيزيقيا ومسألة الوجود لهذه الدراسة. في هذه السفرة، يبتعد الباحث عن التعددية والخداع الهائل نحو الوحدة وإدراك الطبيعة الكامنة للواقع. أما السفرة الثانية في اتجاه الله ومع الله فهي حديث عن طبيعة الله وصفاته الإلهية بشكل كبير بما في ذلك برهانه الشهير على وجود الله. إنها سفرةة امتصاص الصوفي للجوهر الإلهي ومحوه للذات. وتشرح السفرة الثالثة من الله إلى هذا العالم العلاقة بين الله والعالم والطبيعة والزمن والخلق والمقولات الأنطولوجية في هذا العالم. وبالنسبة للصوفي، هذا هو عود الرصانة وإدراك واجبات الفاعلية الأخلاقية في هذا العالم. اما السفرة الأخيرة في هذا العالم مع الله فهي وصف لعلم النفس البشري يركز على علم الخلاص وعلم الأمور الأخيرة ويكشف بوضوح أكبر أهمية المذهب الشيعي الإثني عشري بالنسبة لفكره. هذه هي المرحلة الغيبية في سفرة الصوفي المفضية الاعتراف بأن كل الاشياء موحدة وهو ما يعكس الوحدة الأنطولوجية لله وأن الإنسان المدرك يدرك الرغبة في العودة إلى المبدأ الذي هو مصدر الوجود ألا وهو الله.

ويعد “الاسفار الأربعة” مصدرًا رئيسيًا لتاريخ التقاليد الفلسفية الإسلامية فهو يكشف عن التأثير القوي للبنية الفكرية لابن سينا ​​مع مساهمات كبيرة من نقد ابن سينا للسهروردي والوحدة الصوفية الميتافيزيقية لابن العربي (ت 1240 م). ولكن ليست فقط حجج المفكرين، المعروفة جيدًا في الأوساط الأكاديمية والعلمية هي التي يتم أخذها في الاعتباراذ تناول ملا صدرا مواقف بعض كبار فلاسفة شيراز، الذين لا يزالون غير معروفين حتى بالنسبة للمختصين في الفلسفة الإسلامية، مثل مير غياث الدين منصور الدشتكي (ت 948 هـ / 1541) وشمس الدين محمد خفري (ت. 957 هـ / 1550 م).

وتتعامل أعماله الأخرى بشكل أساسي مع علم الكلام الفلسفي، مثل” الحكمة العرشية”و”الشواهد الربوبية”. و يبرز أحد الأعمال، “المشاعر”باعتباره مثالًا كثيفًا لعقيدته عن الكينونة كما تم التعبير عنها في الجزء الأول من الرحلات الأربع حول دلالات الوجود. وكمفكر ديني، كان الملا صدرا حريصًا أيضًا على التصالح مع تراثه النصي، وكتب ثلاثة أعمال عن تأويل القرآن كإعداد لتعليقه الصوفي والفلسفي غير المكتمل على النص القرآني وهو”مفاتيح الغيب” و”أسرارالآيات” و”متشابهات القرآن”. وكمفكر شيعي، كتب أيضًا تعليقًا غير مكتمل على مجموعة العقائد الرئيسية للتقاليد الشيعية وهو” أصول الكافي للكلاني “(ت 329 هـ / 941 م) وهومحاولة للتعامل مع مسألة معنى أن تكون فيلسوف حدسي في التقليد الشيعي. كما كتب عددًا من الأطروحات الأخرى حول قضايا معينة، مثل “حدوث العالم” والبعث وطبيعة المعرفة والمنطق والعلاقة بين الوجود والماهية. لكن تظل “الاسفار الأربعة” أهم أعماله والمفتاح لفهم فلسفته حيث استشهد بها مرارًا وتكرارًا في أعماله الأخرى لإجراء مناقشة موسعة لقضية ما.

2. الفلسفة

1.2 تعريف الفلسفة

يشارك الملا صدرا تقاليد الفلسفة ما قبل الحديثة في يتصور الفلسفة على أنها أكثر من مجرد تساؤل عقلي. إنها نمط من الوجود وأسلوب حياة هدفه الحكمة وتنشئة حياة مقدسة يشابه فيها الحكيم الله (راجع محاورة ثياتيتوس أفلاطون). ومن الواضح أن فكره يقع ضمن نموذج أفلاطوني حديث لفهم الفلسفة كما تبناها بيير هادوت وآخرون. فالفلسفة هي السعي وراء الحقائق الميتافيزيقية التي لا يتم فهمها وإدراكها من خلال الإدراك فحسب، بل هي حقائق معيشية، حيث يكون الفلاسفة، بعد اتباع التقليد الأفلاطوني مرة أخرى، نفوسا متكاملة تجمع بين المعرفة النظرية والعملية وتنفذها لإحداث أخلاقيات شمولية معيشة. ويستلزم هذا التساؤل انضباطًا ذا شقين للعقل من خلال التدريب المنطقي والتمارين الذهنية للجدل والتحليل والتقسيم والدحض، وتأديب انفس من خلال التدريبات الروحية التي تسهّل توريث الصفات الإلهية للمعرفة والعدالة والتقوى. وفي الاسفار الأربعة يقدّم الملا صدرا هذا التعريف النقدي للفلسفة الذي يجمع في حد ذاته رؤية أفلاطونية حديثة للفلسفة توفق بين أفلاطون وأرسطو:

''اعلم أن الفلسفة هي كمال النفس البشرية، من خلال معرفة الطبيعة الحقيقية للوجود، كما هو بالفعل ومن خلال الأحكام المتعلقة به والتي يتم التأكد منها من خلال البراهين ولا تُفهم بالتخمين، أو التمسك بالاوهام السابقة. ، بقدر ما هو ممكن بشريًا. ومن خلال الفلسفة، يكتسب الإنسان تشبهًا بلخالق وينسب إلى الكون نظامًا عقلانيًا ليخرج الإنسان كمزيج من اثنين: صورة روحية من المعقول وصورة المادة الحسية لعالم الخلق، وبالتالي يمتلك في نفسه الارتباط [بالجسم] والانفصال [عنه]. وتصقل الحكمة من خلال شحذ ملكات تتعلق بممارستين: واحدة نظرية وتجريدية والأخرى عملية مرتبطة بالخلق. . . انه الفن النظري. . . وهو الحكمة التي سعى إليها سيد الرسل - عليه السلام - عندما قال لربه : يا ربي، أرني الأشياء كما هي حقًا، وأيضًا عندما طلب من حبيب الله إبراهيم عندما سأل: ربي امنحن الحكمة [سورة26 ضد 82]. الحكم هو التحقق من وجود الأشياء التي تنطوي عليها التصورات. (الملا صدرا 2001-5، أ: 23)
يتطلب عدد من العناصر الواردة في هذا التعريف بعض التعليقات وهي:
-الفلسفة هي عملية اكمال للنفس من خلال المعرفة وللمعرفة تأثير تحويلي في علاج الجهل (المريض) النفس / العقل، وهو موضوع شائع في العصور القديمة المتأخرة. 
• إن هدف الفلسفة ميتافيزيقي بشكل صريح وهو اكتساب معرفة الأشياء الموجودة وفهم جوهرها في حد ذاتها بعيدًا عن أي خداع ظاهري و ما هو مهم هو أن الملا صدرا يقترح نهجًا عقلانيًا أو فكريًا شاملًا لفهم الواقع الذي لا يفترض فقط أن الواقع هو معطى، موجود بشكل مستقل عن أذهاننا، ولكن أيضًا أن العقول البشرية قادرة من خلال الكمال الذاتي على فهم الواقع. 
- المعرفة عملية تتطور من خلال إصدار الأحكام و مصطلح الحكم هو مفهوم تقني في نظرية المعرفة الإسلامية لوصف تحليل الاقتراح الذي يؤكد فيه المرء ما إذا كان صحيحًا وما إذا كان يصف شيئًا موجودًاو لذلك، ترتبط الأحكام ارتباطًا وثيقًا بتمييز الوجود
- تتطور المعرفة ويتم إثباتها من خلال علم البرهان الأرسطي (apodeixis). 
- الفلسفة تتطلب التحليل والتوضيح. إن التمرين على الأفكار، والتمسك بالاوهام والتخمينات السابقة (الأشكال غير الكاملة والخطابية للحجج) لا تشكل تفكيرًا فلسفيًا. 
- المعرفة ليست عملية غير محدودة أو فعل كيان بالنسبة الى الملا صدرا ولكن لها حدود بسبب الوسيلة البشرية للمعرفة. 
-الفيلسوف المثالي، كما هو عند أفلاطون، يتشبه بالخالق / الصانع بقدر ما يعرف جوهر وأشكال الأشياء الموجودة خارج العقل و يكون قادرا على إسناد نظام عقلاني للكون ومن ثم يفهم علاقات السببية و العلاقة بين الوجود. 
- المعرفة الفلسفية السليمة والكاملة، المكتسبة من التأمل والعقل، مطابقة للمعرفة الميتافيزيقية للأنبياء، وخاصة محمد. وبهذا المعنى، فإن الفلسفة هي ممارسة نبوية وميراث. 

ويناقش ملا صدرا في أعماله التأويلية أيضًا عملية فهم الكتاب المقدس من حيث تحوله الذاتي، حيث تؤدي قراءة النص إلى تنشيط مفاتيح في النفس تسهل تغييرها. وهو يقول:

اعلم أن الإنسان هو أشرف الكائنات ؛ كان في بداية نشوئه ضمن الحد ود الحقيقية لأدنى مستوى من الانحطاط والعيوب التي تنشأ من طبيعة العناصر والمكونات [التي شكلته] مثل جميع أنواع الحيوانات الأخرى، وكانت طبيعته على درجة من الإنحطاط في علاقة بالجواهر والكيانات الأخرى، باستثناء أنه كان لديه في جوهره ملكة التقدم إلى أقصى حد من الكمال والتقدم إلى أنوار الأصل المتعالي والداعم النشط، المجرد من الشر والكارثة، ليصبح واحدًا من سكان العالم عبر نور ينعم بهبة الآخرة وبنعمتها. فلا يجب أن تسمح له العناية الإلهية بالغرق في مراعي الأهواء مثل الحشرات والديدان. . . لأنه من المعروف أن كل شيء له كمال خاص به، والذي من أجله خُلق، و الفعل الذي يكمل ما هو مناسب [له].

إن كمال الإنسان هو من خلال إدراك المحطات الإلهية والمشاركة في المعرفة الإلهية المعقولة من خلال تجريد الارتباطات المادية المعقولة والتخلي عن الأمور الدنيوية الأساسية والخلاص من دوافع العاطفة والتحرر من قيود الرغبات الجسمية والشهية. كل هذا لا ييسر إلا بالتوجيه والتعلم والتأديب والصمود. . ويلزم من يرغب في اجتياز طريق أهل الواقع واليقين بعد تنقية نفسه من صفات الشخصية الخبيثة، أن يترك الشركة مع المنكرين والضالين جانبا لأن هناك ختمًا موضوعًا على قلوبهم وسمعهم وبصرهم لكنهم لا يفهمون، وأيضًا تنحية رفقة المبتدعين الضالين لأنه لما جاء الأنبياء لهم مع البراهين الواضحة، كانوا مسرورون بما لديهم من معرفة، واحتضنوها، لكنهم استهزأوا بهم [براهين الأنبياء]. حفظكم الله من شر هاتين المجموعتين ولا يجعلكم بينهم ولو للحظة. . . نعوذ بهم بالله. . . وفي ضوء التصرف الطبيعي السليم في القلب الرضي. (الملا صدرا 1987، 1: 2-3).

إن التفكير الفلسفي والقدرة على الاعتماد على الملكات الفكرية للفرد هو ما يميز الإنسان على الحيوانات الأخرى، وبالتالي من الأهمية بمكان أن يتابع الإنسان طريق الفلسفة لتحقيق إنسانيته. و بهذا المعنى يمكننا أن نرى التكامل في فكر الملا صدرا بين ممارسة الفلسفة كفهم وإدراك للواقع خارج العقل وكممارسة تأولية لفهم الوحي، استنادًا إلى فكرة أن هناك تجانسًا بين الكتاب المقدس على أنه كتاب والكون ككتاب آخر يجب أن يقرأه الباحث ويتطلب بحثه تأويلاا مشتركًا للحكيم للتعبير عنه.

2.2 ممارسة الفلسفة

يعتمد أسلوب الملا صدرا في الفلسفة على ثلاثة أنماط رئيسية من التمثيل. أولاً، كما ناقشنا أعلاه، الفلسفة هي طريقة حياة ونمط معيش للوجود وعملية تتضمن تمارين روحية. وبالنسبة للملا صدرا، تسعى الفلسفة إلى السعي وراء مكافأة الخير ( summum bonum تلخيص الخير) و المشاركة المستنيرة (المعرفة) والعمل الجيد، الذي لا يستحق فقط من يتبع ارسطو بل أيضًا العالم المسلم المتدين. فالتفلسف هو تنمية التقوى، لأن نهاية الفلسفة هي أعلى تقوى، وهو انعكاس لمجاز مثالي محكم. فكلما زادت الحقيقة التي يعرفها المرء، أصبح أكثر تقوى. وفي الواقع، كلما كان المرء أكثرقوة، كان الأفضل والأكثر سعادة. فالفلسفة التزام ديني يحجب الحدود المفاهيمية بين النظرية والعقيدة. وإن السعي وراء البحث والخطاب الفكريين بحد ذاته هو أعظم خير والوسيلة التي يعرف المرء من خلالها كيف يعيش حياة جيدة، ويمكنه من الصعود إلى أعلى منزلة سماوية. وعندما يؤدب العقل يشفي روح الدوكسا الخاطئة ومرض اللاعقلانية. إنه يشفي معاناة النفس بقدر ما يقلل من اغتراب النفس عن الحقيقة، وفي النهاية عن الله من خلال رحلة العقل إلى الواحد. وتتضمن ديناميكية هذه الرحلة أداء التدريبات الروحية. ويحث الملا صدرا القارئ على ممارسة الفلسفة كفن وطريقة لتحسين الذات والتنوير الروحي (الملا صدرا 1986: 232-3). ذلك أن فعل التأمل ليس انفصالًا غير منطقي بل ممارسة للعقل (Hadot 1995: 59). والزهد هو شرط أساسي للفلسفة بعد القول الشهير للإمام الشيعي الأول علي بن أبي طالب: دراسة الحكمة تتطلب ممارسة روحية وترك الدنيا. وفي مقدمة الأسفار الأربعة، يحث ملا صدرا على تنقية الذات والسعي إلى الكمال للحصول على النعمة الإلهية والمعرفة ذلك أن التربية الحقيقية المتحالفة مع النعمة الإلهية تقود الإنسان إلى الكمال وتحقيق الذات. ولقدكتب في شرحه لسورة الواقعة من القرآن: يكمن كمال الإنسان في إدراك الحقائق العالمية (الحقائق الكلية) والتوجه نحو الإدراك الإلهي، والتعالي فوق الحساسيات المادية، والتنقية الذاتية من قيود الشهوات الجسدية والعاطفية. لا يمكن الحصول على هذا إلا من خلال التوجيه والتعليم والانضباط وتنشئة الشخصية الصالحة (الملا صدرا 1988، السادس: 132).

هذه هي المرحلة التمهيدية التي يجب حسب الملا صدرا أن يمر بها الجميع، ولكن يجب على الفيلسوف والفيلسوف الإلهي اي بعبارته الحكيم المطلع الباحث عن التألّه، أن يتخطى هذه المرحلة في السعي وراء الحقيقة. وهذا المسعى هو الذي يقود المسافر إلى فلسفة أعلى وهي الحكمة التعالية كما يصفها في عنوان عمله الرئيسي. اما في المرحلة الثانية فهو يدمج التفكير الفلسفي والروحي لأنه، كما كان شائعًا بين الأفلاطونيين الإسلاميين وخاصة في منهج السهروردي أصر ملا صدرا على أن الفلسفة كانت نمطًا من المعرفة النبوية موروثة في سلسلة ابتدائية من آدم نزولاً إلى أنبياء التوراة والفلاسفة اليونانيين والحكماء الهنود والبابليين وصولاً إلى النبي محمد ومن ثم عبر الفلاسفة والصوفيين المسلمين. و يلخص الملا صدرا في أطروحته عن الخلقفي”رسالة في حدودث العالم”سلسلة نسب الفلسفة هذه من آدم والشرق إلى الإغريق:اعلم أن الفلسفة صدرت أولاً من آدم، المختار من الله ومن نسله سيث وهرميس ومن نوح لأن العالم لا يمكن أبدًا أن يتحرر من شخص يؤسس معرفة وحدة الله والعودة [إلى الله]. نشرها هرمس العظيم [الفلسفة] في الأجواء وفي البلدان وشرحها وأعطى النفع للناس. إنه والد الفلاسفة وأعلمهم. . . .

أما بالنسبة لروما واليونان، فالفلسفة ليست قديمة في تلك الأماكن حيث كانت علومهما الأصلية هي البلاغة والرسائل والشعر. . . حتى أصبح إبراهيم نبيًا وعلمهما علم الوحدة الإلهية. وقد ورد في التاريخ أن أول من تفلسف من بينهم [الإغريق] كان طاليس من ميليتس وأطلق عليه اسم لفلسفة بعينها. ولقد تفلسف أولاً في مصر ثم انتقل إلى ميليتس عندما كان رجلاً عجوزًا ونشر فلسفته. و بعده جاء أناكساغوراس وأناكسيمينيس من ميليتس. وبعدهم ظهر إمبيدوكليس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطون. (الملا صدرا 1999 أ: 153-4)

ثالثًا، فيما يتعلق بالمنهجية، يحتاج المرء إلى دمج المعرفة العقلية التقديرية، والمعرفة القضوية، وأسلوب التفكير الخطي مع أنماط معرفة أكثر بديهية وغير قضوية، بما في ذلك على وجه الخصوص ما يسمى بالمعرفة “المباشرةة” أو “الحضورية”. وتتطلب معرفة الحقائق الميتافيزيقية العليا، على غرار التقليد الأفلاطوني، تنمية سمات الشخصية وتجاوز التصديق. تمامًا كما كان فرفوريوس وآخرون قد حددوا من قبل قوائم بالفضائل فإن الحكيم، بالنسبة للملا صدرا، يمتلك صفات الكرم، وروح الدعابة الجيدة، والحكم الجيد، والذوق الواضح وتجربة الكشف الروحي (الملا صدرا 2001-5، 6: 6). ويجب أن تستمد الحقيقة شرعيتها وأساسها من النعمة والوحي، ولا يمكن أبدًا أن تجد تربة خصبة في مجرد تجربة مذاهب الفلاسفة السابقين. فالتجربة الظاهرية هي أساس الفلسفة. ولقد كتب الملا صدرا في الاسفارالأربعة: اعلم أن العقائد الميتافيزيقية لا يمكن استيعابها إلا من خلال المكاشف الباطنية، والمشاهد السريية والمعاينات الوجودية ولا يمكن معرفتها حقًا من خلال التمرين على المذاهب الخطابية (الملا صدرا 2001-5، 9: 146 ). لكنه لم يكن صوفيًا ظلاميا ولا يضع الحدس الروحي فوق البرهان؛ بل إنه يدافع عن تكاملها لأن “الإثبات لا يتعارض مع الكشف الداخلي”. ودراسة النصوص تدفع الباحث إلى بناء عالم، لإنشاء ترتيب واضح للقضايا والإحراجات aporiai التي يواجهها.

3. الميتافيزيقيا

1.3 الكونية والوجود

غالبًا ما يوصف الملا صدرا بأنه ثوري ميتافيزيقي بسبب عقيدته الفريدة في الوجود. وهو يبدأ تحليل الوجود بالتمييز الوجودي بين واجب الوجود (المبدأ، الله) وممكن الوجود. فالله هو وجود محض بدون ماهية أو صفة أو خاصية تخضع للتغيير أو الحركة. وتكمن أصول هذه العقيدة في تفسير ابن سينا ​​للإمكان الجذري الذي يعتبر أن التمييز بين الوجوب والامكان الذي يعتمد على بساطة وجود الواجب مما ينتج عنه تعقيد وجود الإمكان وماهيته، حيث يكون الإمكان موجودًا لـما يكون عرضيا يتم تجميعه فيما يعرف بـ “ماهيته”. فالاعراض هي ثنائيات من الناحية المفاهيمية للوجود (حقيقة أنها موجودة) والماهية (حزم الخصائص التي تحدد ماهيتها)، (الملا صدرا 2001-5، 1: 289-92). وبما أن الله يمنح الوجود الإمكان، أو بالأحرى لأن الإمكان يستمد علة وجوده من مبدئه، فإن الوجود يسبق الماهية من الناحية الوجودية. أما من الناحية التحليلية، فقد يبدو لنا أن العكس هو الصحيح لأن مواجهتنا مع الأشياء والأحداث تأخذ الشكل الهائل من التعرف على شكل وماهية ذلك الشيء أولاً. ولكن في الواقع، فإن موقف الملا صدرا من الوجود هو أكثر جذرية حتى من العقيدة الأرسطية المتعلقة بالتجانس بين المتماثلات. إن الجواهر ليست المعنى الأساسي للوجود بل هي “أفعال الوجود” أو مسارات الوجود. وفي هذه الحالة، ، وفي مذهبه عن الحركة الجوهرية التي نوقشت أدناه، يمكن للمرء أن يرى رفضًا منهجيًا لنظرية المقولات الأرسطية. وقبل دراسة المذاهب المزدوجة حول الواقع الأساسي للوجود وطابعه المعدَّل ولكن المفرد في ملامحه في قلب الميتافيزيقيا تجدرالإشارة إلى بعض المواقف الأولية التي يتبناها الملا صدراحول طبيعة الوجود:

• الوجود هو مفهوم يتم فهمه بالفطرة ومباشرة في الذهن.  وهو لا يتطلب أي تعريف ولا رسم من أي نوع (الملا صدرا 2001-5، 1: 45-6). و الوجود هو مفهوم بسيط لا يحتوي على جزء مميّز تحليليًا وبالتالي فهو غير قابل للتعريف. ولقد كان هناك إجماع على هذه العقيدة النابعة من ابن سينا ​​على الأقل لأنها نشأت من المفهوم الأرسطي للماهية وطبيعة التعريف. فالمرء يعرّف الأشياء ويعرفها من خلال ماهيتها ولكن ليس للوجود ماهية فريدة تتجلّى من خلال مراجعه ومظاهره المختلفة. وبالمثل فإنه لدى الملا صدرا حجة مطولة حول سبب عدم اعتبار الوجود جنسا مطلقا أو مرتبة من الأشياء (في سياق الحمولات الخمسة لفرفريوس، الملا صدرا 2001-5، IV: 424ff). كما أن الوجود ليس نوعًا من الكليات الذي ترتبط به التفاصيل الفردية في الواقع (الملا صدرا 2001-5، I: 140). إنه يدحض هذه المواقف على وجه التحديد لأنها قد تطرّق إليها مفكرون سابقون له أنكروا أي واقع يتوافق مع مفهوم الوجود. 
- وكمفهوم، فهو ثانوي التعقل. إذ أن المعقولات الأولية هي الأسماء التي تشير إلى الماهيات التي تمتلك مراجع ملموسة في العالم مثل "الإنسانية". ومع ذلك، فإن المعقولات الثانوية هي مفاهيم منطقية، ومفاهيم مجردة، ومفاهيم تستند إلى ماهية مشتقة، وما يصاحبها من ماهية (الملا صدرا 2001-5، 1: 387). وعلى هذا النحو، فإن الوجود كمفهوم ثانوي هو مفهوم مرتبط بماهية موجودة في واقع خارج العقل (راجع Fana’i Ashkivari 2008: 75). ونظرًا لأن المعقولات الثانوية هي مسندات مرتبة أعلى، فهي أيضًا مصطلحات متجانسة موجودة في النفس. وهناك فرق حاسم بين الوجود كمفهوم ثانوي والوجود كحقيقة خارج العقل. 
- والوجود هو مصطلح يُنسب إلى محمول مشترك لمراجعه. و توجد أشياء كثيرة متميزة نوعيًا وكميًا ولكنها تحمل جميعها مصطلح "الوجود" (الملا صدرا 2001-5، I: 40). و بالطبع فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كان الوجود هو مجرد متجانس بالطريقة التي يكون بها "القطب". ويشكل الوجود حالة خاصة من التماثل الذي يسميه ملا صدرا "تشكيك"، وهو مصطلح استخدمه ابن سينا ​​بالفعل لتقديم الحالة الثالثة tertium quid  المعروفة عند القدماء. ويدافع ملا صدرا على الخصائص الرئيسية للتشكيك هي الاختلاف بين الموجودات "بالأولوية والأولية"، و"بأن تكون أكثر أسبقية وأكثركثافة" (الأقدمية والأشهدية) ( الملا صدرا 2001-5، أنا: 42-3). و يُطرح هذا مباشرة ردًا على إنكارابن سينا ​​أن الجواهريمكن أن تكون أكثر كثافة أو أنه يمكن تمييزها بخاصية غير عرضية تمتلكها. ولذلك، فإن الوجود بهذا المعنى هو مصدر القواسم المشتركة والتمييز بين الأشياء الموجودة لأنه على عكس التقليد المشائي فإنه يصر على أن الوجود هو مبدأ التفرد (التشاكك) لشيء آخر غير جوهره. 
- الوجود هو المحمول الحقيقي حسب الملا صدرا لأنه خاصية ماهوية توجد في واقع مابع العقل ( Mulla Sadra 2001-5، I: 47-52). إنه محمول حقيقي (وليس مجرد منطقي أو نحوي) لأن "x حسب الملا صدرا موجود"و ينطبق على إذا وفقط إذا أشارت "x" الى مرجع. وبالمثل، إذا لم يكن الوجود محمولا، فلا يمكننا التحدث بشكل هادف عن الماهيات التي ليس لها مرجع مباشر في الواقع (الملا صدرا 2001-5، 2: 5). يجب أن يكون الوجود محمولا، وإلا عندما نقول "الأسود موجود"، فإننا نقول "الأسود هو الأسود" وهو حشو أساسي. لكن بالنظر إلى إجماع ابن سينا ​​ زيادة الوجود على الماهية والتمييز بينهما، فإن هذا ليس هو الحال. فبالنسبة الى الملا صدرا، القضايا الوجودية ليست تحليلية. ويدافع ملا صدرا على أن الوجود ليس جزءًا تحليليًا من الماهية. فإذا أخذنا في القضية "الإنسان موجود" "الإنسان" و "موجود" كمرادفين، فسيكون ذلك مساويًا للقول إن "الإنسان هو الإنسان"، وهو حشو لا يفيدنا. ففي "وجود الإنسان"، يشير "الإنسان" إلى الكلي "الإنسانية". لكن كلمة "موجود" لها إشارة مخالفة لمن ينكرون الإشارة إلى الوجود، معتبرين إياه مفهومًا عقليًا بحتًا. والمرجع في طرح اقتراح "زيد موجود" هو هويّة زيد، أي وجوده ولذلك، فإن الوجود ليس مصطلحًا فارغًا ولكن له مراجع في واقع يفوق العقل، أي أنه مفهوم وحقيقة في نفس الوقت (الحقيقة العينية). ووفقًا للملا صدرا، يمكن تجنب العديد من الألغاز وحتى الأخطاء في الميتافيزيقيا طالما يحافظ المرء على التمييز بين الوجود كمفهوم وكواقع. 
- الوجود خير خالص (الملا صدرا 2001-5، 1: 395-7). ويكرر الملا صدرا هذا المبدأ الأساسي الأفلاطوني المحدث. فالوجود أساس كل قيمة وغيابه شر. لأن الوجود هو المفهوم الأساسي الذي بدونه لا يكون لأي مفهوم آخر معنى، فهو جيد عقليا. وهذا الخير ينبع من مبدأه، وهوالله، وهو الخير الخالص والوجود النقي، ومن خلال عنايته الدائمة فإنه يتمنى أن ينشر هذا الخير في جميع أنحاء الكون. وبالنسبة الى الملا صدرا، الوجودقبلي من الناحية الوجودية، فهوواقع موحد متدرج في درجات الشدة وواقع مراوغ لا يمكن إدراكه بالكامل. وأي محاولة لتصور الوجود تزيّفه من خلال التجسيد الذي يحدد ماهية مدركًة في العقل (الملا صدرا 1964: 6). ولا يمكن لمفهوم موحد وثابت أن يلتقط طبيعة الوجود الديناميكي والمتدفق. وفي نهاية المطاف، فان الماهيات خاصة، ونقلاً عن ابن العربي، "لن تشم رائحة الوجود أبدًا". اذ يتم طرحها فقط في العقل على أنها أنماط للفهم ولتحديد الواقع على أنه "كائنات عقلانية". وبتفكيك هذه الحزمة الميتافيزيقية، يمكن للمرء أن يميز ثلاثة مذاهب متميزة للوجود تعتمد على مؤثراته الفكرية، والتي تشمل فلسفة ابن سينا ​، والفلسفة الحدسية للمدرسة الاشراقية المرتبطة بالسهروردي، والتصور الصوفي الميتافيزيقي للكون عند ابن العربي. 

العقيدة الأولى هي هي القائلة بأأصالة الوجود وهي عقيدة تقع ضمن الجدل حول التمييز عند ابن سينا ​​بين الوجود والماهية في الكائنات الممكن الوجود كما يترى من خلال المنظور الميتافيزيقي الصوفي لوحدة الوجود). – الوجود. فإذا كانت الممكنات مركّبة، فعندئذٍ يكون عنصر واحد من التكوين نشطًا وسابقًا وجوديًا. فهل هناك ماهيات في بعض الوجود، مثل الإنسانية، تنتظر الفاعل الإلهي ليحققها ويفردها من خلال إغداق الوجود عليها، وهي عقيدة ماهوية تفترض وجودًا متناقضًا إلى حد ما للماهية قبل أن يأتي إلى الوجود؟ أو كما يقترح الملا صدرا، فإن الفاعل الإلهي ينتج وجودًا في هذا العالم يتخذ “زي” ماهية معينة. فيجب أن يكون الوجود سابقًا من الناحية الوجودية، ليس فقط بسبب عبثية وجود قبل الوجود، ولكن أيضًا لأن الله خالٍ من الماهية، ولا يمكن أن تكون علاقته السببية بالعالم وجودية إلا إذا رغب المرء في تجنب تلوث الطبيعة الإلهية بالماهيات. التي هي مركبات ذات خصائص وميزات مختلفة ومتعددة. ويستخدم الملا صدرا هذه العقيدة كجزء من برهانه الأنطولوجي لوجود الله المعروف باسم برهان الصديقين. ويتم التعبير عن وحدانية العقيدة في عبارة باسط الحقيقة كل الاشياء وهي عقيدة مبنية على المفهوم الأفلاطوني المحدث للواحد البسيط: الله، الواحد بسيط والوجودالمحض وبالتالي على هذا النحو هو مجمل الوجود.

2.3 الأحادية والتعدّدية

المذهب الثاني هو تشكيك الوجود. تُلزم دلالات مصطلح “الوجود” وتفرده المُعدَّلة الملا صدرا بتصوّرلواقع مُعدَّل ومُفرَّد على حدٍ سواء. فالوجود هو حقيقة فريدة من نوعها لأن التجربة الظاهراتية للوجود المتعدد خادعة. ولكن التعددية في هذا العالم لا تزال بحاجة إلى شرح. وهكذا فإن الوجود المختلف في هذا العالم هو درجات مختلفة ومكثفة لكل واحد. وبالتالي، هناك تسلسل هرمي أفقي ورأسي للوجود متصل ومشارك في سلسلة كاملة من الوجود. ثم إن درجات الوجود المعينة ليست جواهر مستقرة بالمعنى الأرسطي، وبالتالي لا تهتم الأنطولوجيا الصدرية بتعدد الجواهرأو بالمشكلة التي قد يثيرها الاعتراض التالي: كيف يمكن أن تكون كل الأشياء جوهرًا واحدًا؟ ويعالج التدرج إحدى الإشكاليات الرئيسية للميتافيزيقا التي تنشأ من الأرسطية: الوجود مبني على نواحٍ عديدة”(أرسطو، ميتافيزيقيا 1028a10). والكينونة مصطلح شائع يتم تطبيقه على عدد من السياقات والتعبيرات: السياق العقلي (الكائن العقلي، الوجود المفاهيمي) و السياق المنطوق (كونه في الكلام) والسياق المكتوب (الكائن المدرج)، والسياق الحقيقي (الملموس، كائن خارج الفضاء العقلي). و في كل هذه السياقات، الوجود هو مفهوم مشترك وواقع يتم التعبير عنه بطرق مختلفة. ولكن ربما يكون الجانب الأكثر إثارة للفضول في العقيدة هو الادعاء بأن كونه ليس فقط مصدر القواسم المشتركة، والمعنى المحوري لحالات الوجود كما سيحملها التقليد الأرسطي، بل هو أيضًا مصدر التباين أو التمييز الميتافيزيقي، لأن التسلسل الهرمي للوجود متمايز من خلال درجات التكثيف والوهن للوجود (اشتداد وتضايف). وهكذا فإن الجدل الميتافيزيقي القديم حول الواحد والكثير حسم لصالح كليهما: الوجود فردي ومتعدد. وبالتالي، فإن عقيدة التدرج تقدم تفسيرًا لطبيعة التسلسل الهرمي الروحي والقدرات والميول المختلفة للناس، ولكنها تصرّ أيضًا على التفرد المطلق للوجود البشري. وبالتالي فإن الآثار الأخلاقية للعقيدة هي مساواة اجتماعية وأنطولوجية شاملة للوجود (بما في ذلك البشرية والحيوانات وما إلى ذلك) إلى جانب التسلسل الهرمي الفكري والروحي والنظام وعدم المساواة. و يلخص الملا صدرا التعديل بالطريقة التالية:

الوجود هو حقيقة واحدة بسيطة ليس لها جنس ولا تفاضل، ولا تعريف أو مظاهرة أو دفاعات. ولا تقبل الدرجات إلا بالكمال والنقص و التقديم والتأخيرو والغنى والحاجة. (الملا صدرا 1964: 68-9)

ويقودنا هذا إلى العقيدة الثالثة القائلة بأن جميع الأفراد في الوجود يخضعون للحركة والتدفق، أي الحركة الجوهرية. و العقيدة تنبع من موقف ملا صدرا من الوجود ورفضه لنظرية التصنيف لأرسطو. وهو يوضح كيف أنه يفضل أن يصبح أكثر من كونه ثابتًا وغير قابل للتغيير. و تختلف الحركة الجوهرية عن حركة الجواهر التي تعتبر واضحة (Rahman 1975: 95-108 ؛ Jambet 2006: 191–223 ؛ “Ubudiyyat 2006: 309–85). اما في إطار فكرأرسطو، هناك نوعان من التغيير: مباشر مثل الانتقال من القوة إلى الفعل، وتدريجي مثل عملية الشيخوخة في الأشياء التي تخضع للكون والفساد. ويثير هذا اعتراضين على الحركة الجوهرية: أولاً، إذا كانت الوجود دافعًا دائمًا للحركة، فكيف يمكن أن يكون هناك موضوع ندرك أنه يخضع للتغيير؟ ثانيًا، تظهر الجواهر في الماهيات ولا يمكن تحديدها في شكل أنواعها لأن الحركة تنفي ثبات حدود الأنواع (والاجناس) التي تحدد الجوهر. وبالنسبة إلى الملا صدرا، فإن النقطة الثانية أسهل في المعالجة: الماهيات ليست أساسية حيث يكون الوجود عرضيًا، لذا فإن حدود ما يمكن أن نتصور وجوده لا ينبغي أن تحد من الوجود. و في السابق وجدنا ان الوجود هو موضوع خاص بذاته. و بالاعتماد على نظرية الصور الأرسطية، يدافع ملا صدرا على أن مادة الوجود هي التي تكتسب الصورمع تغيرها باستمرار. والكيان الحالي ليس ثابتًا ثابتًا في الوقت الذي يحدث فيه التغيير كعرض، مثل تقدم الشاب زيد في السن والشيب هو بالاحرى هيكل لأعراض الوجود الديناميكية المتكشفة. وبالتالي، فإن الشاب زيد ليس هو نفسه موجودًا مثل زيد العجوز، لأن التغيير فيه ماهوي ووجودي. وأحد الآثار الضمنية لهذه العقيدة هو أنه في كل حالة يتم تجديد كل وجود وبالتالي يوفر حلاً لمشكلة الزمن والخلق القديمة من خلال التأكيد على أن العالم قد تم إنشاؤه في الوقت المناسب، لأنه في كل لحظة يكون كل الوجود جديدًا في الوقت المناسب. على هذا النحو المتسق مع الفلاسفة الصفويين الآخرين وبتميز عن التقليد السينوي السابق، فإنه يدعم الحساب الفلسفي للعقيدة الكلامية لخلق الله للعالم من عدم في الوقت المناسب. والضمني الآخر هو اعتبار الزمن بُعدًا للوجود، و كخاصية تحليلية للحركة الجوهرية فإنه لا وجود لها بشكل مستقل.

3.3 دليل وجود الله

تؤسس هذه المذاهب المبادئ الأساسية لحجة الملا صدرا عن وجود الله. فهناك العديد من الأدلة على وجود الله لأنه كما يقول الملا صدرا هناك العديد من العلامات التي تدل عليه وأوجه كثيرة تكشف عنه (الملا صدرا 2001-5، السادس: 15). ولقد بدأت براهين علم كلام الكونية بحدس الوجود الظاهر الذي يتطلب سببًا. اذ هناك خلق يحتاج إلى سبب. ويجب أن يكون هناك سبب لوجود شيء بدلاً من لا شيء. ولقد بدأ برهان ابن سينا ​​الشهير حول واجب الوجود بمفهوم الوجود، وشرع في تمييز شكلي بين الواجب الوجود والممكن الوجود، ووصل إلى ضرورة وجود واجب وجود. وأطلق ابن سينا ​​نفسه على حجته اسم “برهان الصديقين ”، وقدم شارحه الطوسي تصنيفًا لثلاثة أدلة على وجود الخالق التي بدورها هي حجة الكلام الكونية، والدليل على الحركة المستمد من فيزياء أرسطو، والحجة الأنطولوجية لابن سينا هي:

يستنتج علماء الكلام الخلّص من نشأة الأجسام والخصائص [المتعلقة بها] وجود الخالق ومن اعتبار حالات الخلق و صفاته واحدة تلو الأخرى. وّيستنتج الفلاسفة الطبيعيون أيضًا من وجود الحركة وجود “المحرك” ومن استحالة ربط الكائنات المحركة في سلسلة لا نهائية بوجود المحرك الأول غير المتأثر بأي علة. ثم يستنتجون من ذلك وجود المبدأ الأول. ومع ذلك، فإن الميتافيزيقيين يستنتجون من تفكيرهم أنه من الضروري أو المشروط إثبات وجود واجب الوجود. ثم بالتأمل في ما يقتضيه االواجب والممكن يستدلون على صفاته ومن صفاته يستدلون على طبيعة انبثاق أفعاله منه الواحدة تلو الأخرى. ولقد ذكر المعلم غلبة هذه الطريقة على غيرها لأنها أكثر موثوقية وأنبل. وذلك لأن أفضل العروض هي التي تنتج اليقين وهي الاستدلال من السبب إلى النتيجة ؛ ومع ذلك، فإن نقيضه وهو الاستدلال من التأثير إلى السبب قد يؤدي إلى اليقين وهذا إذا كان للشيء المطلوب سبب لا يمكن تمييزه إلا من خلاله كما تم شرحه في مفهوم المؤكد (الابودكسيس apodeixis. ) وهذان المستويان في قوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. [س. 41:52] (ابن سينا ​​، الاشارات والتنبيهات، قم، 1996، 3: 66-7).

يذكر الطوسي نوعين من البرهنة التي يصفها التقليد بأنها دليل أكيد أوبرهان إني وإثبات توضيحي برهان لمي، والأول هو استنتاج من التأثير إلى السبب والأخير من السبب إلى النتيجة. والدليل الإرشادي للملا صدرا هو “الأكثر موثوقية، والأكثر إضاءًتا ونبلًا”، وهو يتضمن استنتاجًا للواقع من خلال أخذ الله، الوجود، كشاهد على مجمل الوجود. وهذا ما يسميه “سبيل الصديقين”. و ما يعنيه بالصدّيق ليس هو نفسه ابن سينا ​​والفجوة في المعنى هي توضيح جيد للاختلاف في منهجهم الفلسفي. وبالنسبة للملا صدرا، فإن الصدّيق هو الشخص الذي يمتلك الحدس والإفصاح الداخلي الذي يتم تحقيقه من خلال النعمة والتمرين الروحي. وفي تفسير السورة 57:19 حول عبارة والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم “، يدافع الملاصدرا على أن الصدّيق يتميز بشهادة الحق من خلال الوحي الباطني:

والمقصود بالإيمان بالله ورسله هو درجة كاملة من المعرفة لا تتحقق إلا من خلال العارفين الحقيقيين. و يُقصد بالإيمان الحقيقي الموحى أن يمتلكه القديسون والصوفيون خاصةً لأنهم هم الصادقون والشهود بسبب المستوى الأقصى لشهادتهم [على الحقيقة] المكتسبة من خلال الكشف وبسبب فناء الذات المكتسب من مجاهدتهم الروحية الداخلية ضد القوى الجسمية لنفوسهم (الملا صدرا 1988، السادس: 229).

لم تكن حجة ابن سينا ​​كافية لأنها قدمت تأكيدًا وليس دليلاً برهانيًا ولأنها انخرطت في المفهوم ولكن ليس في الواقع الملموس للوجود. والبرهان الصدري على الصدق هو نتيجة طبيعية لموقفه من الواقع الأساسي وتعديل الوجود. وفي الواقع فان هذا الأخير مهم لإثباته.

إن الوجود واقع ملموس بسيط وفريد ​​ولا فرق بين أفراده أساسًا إلا بالكمال والنقص والشدة والوهن (الملا صدرا 1964: 69). وهذه الدرجات من الوجود هي أفعال نابعة من الجوهر الإلهي لدرجة أن البراهين الكونية هي في النهاية وجودية. وتعتمد البراهين الأنطولوجية على وضوح مفهوم الوجود الذي يجب أن يكون مشتركًا بين مفهومنا عن وجودنا ووجود الله. وهذه هي بالضبط النقطة التي أثيرت سابقًا حول إمكانية اعتماد علم الكلام على مفهوم التعديل. وتبدأ السفرة الثالثة من الاسفار الأربعة بمناقشة طرق إثبات وجود الله. بعد مناقشة البراهين الكونية والأنطولوجية السابقة ليعبر الملا صدرا عن “منهج الصديقين” بالطريقة التالية كـ “تجربة فكرية تفصيلية”: فحقيقة الوجود بحكم كونها مجرد شيء (أمران بسيطان)، لا تمتلك جوهرًا أو خاصية مكونة أو وسيلة للتعريف، مطابقة للواجب و تتطلب الكمال الكامل يكون مكثفا للغاية لأن كل درجة أخرى [من الوجود]، وهي أضعف في الشدّة، ليست حقيقة الوجود الخالصة. بل هو الوجود مع النقص لأن نقص كل شيء يختلف عن ذلك بالضرورة. إن نقص الوجود ليس الوجود ذاته، بل الحرمان منه، وهذا الحرمان مرتبط فقط بالوجود المصاحب وليس أساس الوجود، لواقعه في درجة لاحقة [من الوجود] وما يأتي بعد ذلك. تتكون أوجه القصور والحرمان من [كيانات] ثانوية بقدر ما هي ثانوية ولكن الأول هو كمالها الكامل الذي ليس له تعريف ولا يمكن تصور أي شيء أفضل منه. والنقص والعوز الأنطولوجي مصدره الانبثاق والوجود ويكتمل به [واجب الوجود]. و عسر هذه الكائنات الثانوية مرتبط بالأول. ولذا فهو يعالج نواقصهم بكماله وعوزهم الوجودي بغناه الأنطولوجي. وهكذا من خلال هذه البرهنة يتم اثبات واجب الوجود (الملا صدرا 2001-5، السادس: 17-8). ويمكن تلخيص الحجة الصدرية على النحو التالي (في الواقع الجمع بين قياسين)

  • 1- هناك وجود
  • 2. الوجود هو الكمال الذي لا يمكن تصوركمال يفوقه
  • 3. الله كمال وهوالكمال في الوجود
  • 4. الوجود هو حقيقة فريدة وبسيطة. لا توجد تعددية ميتافيزيقية
  • 5. هذا الواقع الفردي متدرج في شدته في مقياس الكمال (أي إنكار الوحدانية الصافية).
  • 6. يجب أن يكون لهذا المقياس نقطة حد، ونقطة ذات كثافة أكبر وذات وجود أكبر.
  • 7. من هنا الله موجود (= وجود).

وهكذا يبدأ الدليل بمفهوم وواقع الوجود والله وينتهي به. وهويعرض تشابهًا ظاهريًا مع حجة وجود الله بالقوة أو حجة الحالة المحدودة الموجودة عند الأكويني والتي تمت مناقشتها في Miller 1996، وحتى مؤخرًا في بعض أشكال الحجة الأنطولوجية الشكلية (Nagasawa 2017، Speaks 2018). ومع ذلك، يظل الدليل الصدري عرضة للانتقادات الشائعة للبراهين الأنطولوجية. وفي الواقع يبدو أنه حشو. ولأنه يجادل بأن واقع الوجود يستعصي على قدرة الإنسان على حصره في الخطاب، فليس من المستغرب أن لا يكون منهج الصديقين بالمعنى الضيق دليلاً apodeictic مصحّحا.

يقول طباطبائي (المتوفى 1981) الفيلسوف والمعلق البارز، في لمعان إدراكي، أن الملا صدرا لا يقدم دليلاً وإنما حجة تأكيديّة لأن في الواقع جميع البراهين على وجود الله تبدأ بآثاره ويستنتج وجوده كسبب لتلك الآثار. هذا لأن الوجود هو حدس مسبق تمتلكه جميع العقول السليمة وضمن هذا الحدس، فإن وجود كائن ضروري ضروري منطقيًا. وبالتالي، فإن البراهين على وجود الله ليست محاولات لإنتاج مظاهرات تقنع أو حتى تحقق المعايير العلمية ضمن نظرية البرهان، ولكنها مجرد تذكير بما نعرفه بالفعل في نفوسنا ومن ثم تؤكد وتدعم الإيمان بالواحد. وربما لهذا السبب لا يشير الملا صدرا أبدًا إلى حجته على أنها “تدليل” ولكن كوسيلة (منهج) للتفاهم و تذكرة. وبالتالي فإن “الحجة” قد تكون وسيلة مفيدة لعرض وجهة نظر إيمانية ولكنها لا تندرج في فئة الإقناع. .

4.3 الوجود البسيط

ترتبط حجة وجود الله بعقيدة أساسية تشرح العلاقة بين الواحد والكثير من خلال مفهوم “الواقع البسيط”. وهذا أمر أساسي للفلسفة الصدرية اعتماد ا على بساطة الأولى في التاسوعات(  V. 4 [7]. 1. 5-15 Enneads)، لأنه يجب أن يكون هناك شيء بسيط قبل كل شيء، ويجب أن يكون مختلفًا عن كل ما يأتي بعده، لكونه في حد ذاته غير مختلط بما يأتي بعده ؛و مع ذلك، يكون قادرًا على أن يكون حاضرًا في الآخرين بطريقة مختلفة، وأن يكون شخصًا واحدًا حقًا، وليس لشيئًا آخر ان يكون كذلك. وفي رسالته حول اتحاد الذات والشيء العقلي، يعتمد الملا صدرا على Plotiniana الافلاطونية ويذكر أن العقل الفعال هو كل شيء. و يأتي هذا من مذهبه في الأولوية والأولية المنطقية للوجود. و في الأسفار الأربعة، يقتبس ملا صدرا النص التالي من الفصل العاشر من البوبية لارسطو Theologia Aristotelis، وهو مقتطف يوضح كيف يوفق مذهب الواقع البسيط بين الأحادية والتعددية من خلال الدفاع عن كليهما. فالواحد المحض هو سبب كل شيء وهو ليس كل شيء. بل هو بداية كل شيء وليس هو كل الأشياء. و كل شيء فيه وهوليس فيه. و كل الأشياء ينبع منه وتعيش ويدعمه ويعود إليه. إذن، إذا قال أحدهم: كيف يمكن أن تكون الأشياء متأتية من شيء بسيط ليس فيه ازدواجية أو تعدد بأي معنى؟ أقول: لأن الواحد البسيط المحض ليس فيه شيء، ولكن لأنه واحد محض، فكل شيء ينبع منه. وهكذا عندما لم يكن هناك وجود (الهوية) فإنها قد اندفعت منه (الملا صدرا 2001-5، 7: 351).

يتبنى الملا صدرا في تعليقه شكلاً من أشكال الموكب الأفلاطوني المحدث وعقيدة النفس-العاقلة the intellect-psuchē التي تتعارض مع معظم خطاباته الفلسفية في الأسفار الأربعة. وهو يقبل اولا الحساب القياسي Theologia لعلم الكلام. ولأن الوجود الأول يتدفق مباشرة من الواحد و ينبع منه، فإن الوجود يتقدم من خلال وساطة العالم المعقول. وثانيًا، الواحد هو نفسه فوق الكمال والإمتلاء. وهوأول كائن موجود وأول كائن كامل. انه النوس. وهذه الخلفية الأفلاطونية الحديثة مهمة لأنها تسبب مشكلة في التعديل على ما يبدو. فهل يمكن تعديل هذا الواقع البسيط، وإذا كان الأمر كذلك، فهل يستلزم ذلك التعدد في الألوهية؟ يتم الرد على الجزء الثاني من الاعتراض في الاعتراض المقتبس في المقطع أعلاه. ولكن بالنسبة للأول، وحسب التاسوعات (Enneads VI. 2. 20 )، من الواضح أن الوجود هو شبه جنس يكون فيه الكل قبل أجزائه، ولكن بسبب “قوته”، يظل غير متأثر بأي موكب. وهذا يشير إلى الواحد، والنووس وجميع الكائنات.

إن عقيدة الحقيقة البسيطة صعبة ولكنها مركزية في الفلسفة الصدرية. وتتعلق الحجة المقدمة في “حكمة العرش “بطبيعة الله على أنه ذلك الكائن البسيط وتوضح معرفته بالأشياءو من خلالها (MORIS 1981: 98-99). وهذا المفهوم أساسي لحل العديد من المشاكل الكلامية المتعلقة بطبيعة الله. وفي الواقع، إنه دليل وجودي مهم لوجود الله من خلال تحليل مفهوم البساطة. فكل حقيقة بسيطة، بحكم وحدتها، هي كل الأشياء. ولا يحرم أي من هذه الأشياء منها إلا من خلال النواقص والحرمان والاعتباطية (الملا صدرا 2001-5، السادس: 185). فالله كائن بسيط لأنه موصوف بالوجود، والوجود هو حقيقة فريدة وبسيطة. إنها بساطة خالية من الماهية (الملا صدرا 2001-5، السادس: 45-51). و هذه البساطة غير ملوّثة بالتعدّد أو الحرمان أو النقص أو أي خاصية سلبية من هذا القبيل. ووجود الله خالص وغير مقيد بالتعقيد مثل الماهية الذي قد يثير أسئلة حول الأجناس والتقسيم والتكوين والتعريف

هذا هو الله بدون تعدّد، على مستوى التفرّد الذي يشمل الصفات المعتبرة في الماهية ولا تتجلى تجاه الكون و تجاه تجليه. و مفهوم الشيء لا يستلزم أو يشمل حرمانه أو نقصه حيث أنه “لا يوجد بديل في الوجود لأن التبادلية هي الحرمان”. وهكذا فإن الحقيقة البسيطة التي هي أن الله لا يتضمن أو يستلزم عيوبًا أو حرمانًا. وقد يكون الاعتراض على ذلك هو تأكيد السمات السلبية في علم الكلام، لا سيما في التقليد الشيعي الذي يؤكد فيه المرء على تلك المفاهيم والخصائص التي لا يمكن التكهن بها، مثل “هو ليس جسداً”، ولا “محصور في مكان”. وما إلى ذلك وهلم جرا. والإجابة هي أنه بما أن هذه الخصائص سلبية وخصوصية وغير كاملة، فيمكن للمرء أن يؤكدها لأن “نفي النفي موجود ونفي النقص هو كمال الوجود”. ثم ينتقل الملا صدرا إلى تحليل اللغة والدلالة:

وبالتالي [بأخذ المثال] أنت تقول أن ج ليست ب. والجوهر هو المرجع للنفي، إذن [إذا كان الأمر كذلك] فإن جوهر ج سيكون حقيقة خفية لأن كل من يفكر في ج لن يفكر أيضًا ب. لكن النتيجة غير صالحة لذلك يجب أن تكون المقدمة السابقة كذلك. وهكذا ثبت أن [لكل ج] موضوع ج -نفي هو جوهر مركب. وهكذا يميز العقل المعنى الوجودي الذي من خلاله تكون ج والمعنى الخاص الذي من خلاله لا يكون ج هو ب أو أي شيء آخر يتم نفيه منه.

والنقطة التي أثيرت تتعلّق بالتمييز بين الوجود والماهية. فكل ما هو ليس بسيطًا ولكنه معقد هو زوج مركب من الوجود والماهية. لكنه يوضح أيضًا كيف أن الواقع البسيط هو وجود ويشتمل على الأشياء من حيث وجودها وليس ماهيتها. والأكثر من ذلك، أن الوجود البسيط لا يمكن إنكاره لأن البساطة لا يمكن تحليلها إلى أجزاء أو مكونات. وإذا كان من الممكن إنكار أي شيء لعامل وجودي، فهو ليس حقيقة بسيطة. فكل حقيقة بسيطة هي كل الأشياء فيما يتعلق بوجودها واكتمالها وليس فيما يتعلق بحرمانها وعدم اكتمالها. و لا يمكن توقع حقيقة بسيطة من أي شيء لأنها بسيطة وغير مشروطة. هذا يؤكد التنوع في الوحدة لأنه إذا لم يكن هناك شيء يمكن التنبؤ به عن الله، فسيترتب على ذلك أن الكون لا يمكن التنبؤ به. وبالتالي، فإنها تنفي الوحدانية الوجودية. ثم يربط الجزء الأخير من الحجة هذا بطبيعة معرفة الله ووجوده المباشر لأشياء مثل “ادعاء الظالم” الذي لا يعرف تفاصيل معينة لا يمكن أن تنشأ. هذه، بالطبع، إشارة إلى الخلاف بين ابن سينا ​​والغزالي حول معرفة الله بالجزئيات.

ثبت أن معرفته بكل الأشياء هي معرفة بسيطة وأن وجودهم فيه حقيقة بسيطة. المعرفة ما هي إلا تعبير عن الوجود بشرط ألا تختلط بالمادة. وهكذا فإن البساطة تحدد طبيعة معرفة الله. ولعقيدة الواقع البسيط دورين إضافيين. أولاً، يقدم دليلاً على وجود الله بالكمال، باعتباره أكثر الحالات حدًا، نظرًا لأن البساطة هي صفة الكمال. ثانيًا: يؤكد ضرورته بكل ما في الكلمة من معنى، مما ينفي الشك الشهير لابن قمينة كمونة [د. 1284] من افتراض وجود نوعين من واجب الوجود. وتنكر البساطة أي وجه عرضي لله، الذي هو واجب بكل معنى الكلمة. فالله مجرد وجود لأنه واجب بشكل فريد في ذاته ومنفرد.  

4. علم المعرفة وعلم النفس

يطبّق الملا صدرا ميتافيزيقيته على مشاكل في علم النفس وعلم الآخرة أيضًا. فتمامًا كما أن مجمل الوجود فردي بدرجات من الشدّة، فإن العقل والنفس بالمثل هما حقائق فريدة بدرجات من الشدة، حيث أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الوجود والعقل والنفس باعتبارها الجوانب الملموسة والفكرية والنفسية من الوجود. وهذا يستلزم روح نفسية شاملة حيث يعتبر الملا صدرا كائنات واعية تطمح إلى أن تكون “أكثر حدة” مما هي عليه وتتوق إلى مستوى وجودي أعلى. وهكذا فإن كل ما هو موجود يمتلك الوعي. وبما أن جميع مستويات الفكر مترابطة، فإن المعرفة هي علاقة وجودية للهوية وإدراك اليقين حيث يتعرف الفاعل العقلاني على الموضوع المعقول (اتحاد العقل والنقل). وعلاوة على ذلك، يستخدم مذهبه في التعديل لشرح البعث الجسمي، وهي عقيدة كلامية لا يمكن إثباتها بشكل فلسفي تقليديً. إنه يميز بين مستويين من البعث يتضمنان “نوعين” من الجسم، أحدهما جسمي بحت وجسم “خيالي” حقيقي مثل الجسم المادي. ويتم إحياء الجسم التخيلي في البداية ويمكن إظهاره. وهذا مبني على وجود حالة وجودية لكونها تُعرف باسم التخيل (المثالي) الذي يتوسط بين العالم المفهومي للمفاهيم وعالم الأشياء الموجودة حسّيا. و يتم استخدامه لشرح تلك التقاليد التي تناقش المفاهيم المجرّدة مثل الخوف والرغبة حيث أن لها سمات جسمية أو مادية في البعث. يمكن لمفاهيم العالم المعقول أن تحاكي مادية هذا العالم من خلال وساطة الواقعية الخيالية للوجود.

1.4 طبيعة النفس

النفس أبدية ومستقلة وغير مادية حسب الملا صدرا. وهي منفصلة عن الجسم (ولكنها مرتبطة به) وهي حامل الهوية الحقيقي (الملا صدرا 2004: 467). وكما رأينا أعلاه في عقيدة الحركة الجوهرية، فإن النفس في طريق الكمال نحو البساطة والوحدة وعودتها إلى أصولها في الواحد. والنفس في حدّ ذاتها أبدية وغير قابلة للفساد ولا تموت مع الجسم بل تعود إلى أصولها مع الواحد (الملا صدرا 2004: 515).

من أين تأتي النفس؟ بالنظر إلى التأثير الأفلاطوني المحدث على الملا صدرا، يتوقع المرء منه الإصرار على الوجود المسبق للنفس ويتم تقديم نصوص مختلفة لصالح مثل هذا الموقف. ومع ذلك، فهو يميز بين النوع “النفس” التي يسميها “النفس الآدمية” والنفس البشرية الفردية. و المشكلة الأساسية هي في السماح بوجود نفس الفرد مسبقًا الذي من المحتمل أن يفتح الطريق أمام اعتقاد في التقمّص الذي يرفضه ملا صدرا، كما سنرى في ”حكمة العرش” ويدافع عن الوجود المسبق للنفس البشرية كمقولة:

والنفس الآدمية لها وجود يسبق الجسم دون أن يستلزم ذلك التقمّص أو يستلزم ما قدم النفس الفردية، وهي عقيدة معروفة لأفلاطون. و لا يتطلب هذا النمط من الوجود المسبق تعدد الأفراد من نوع واحد أو تمايزهم دون الإشارة إلى المادة أو أي نزعة تجاه المادة. كما أنه لا يستلزم انقسام النفس بعد أن كانت واحدة بطريقة الجواهر المتصلة. كما أنها لا تفترض خمول النفس قبل أن تتحد مع الأجسام (الملا صدرا 1981، 140-1). فنفس الفرد هي التي تحمل جسمها وعرباتها (الملا صدرا 2001-5، IX: 63-4). إنه يأتي إلى الوجود مع الجسم ولا تزال تحتفظ بإحساس كونها مصدر إلهام للجسم ولهذا السبب لا يمكن فصل الاثنين (Mulla Sadra 2004: 240). فكما أن الوجود ليس مصادفة جوهرية بل هو المبدأ الذي ترتبط به الماهية، فإن النفس بالمثل ليست عرضا للجسم (ملا صدرا 1981: 139). و لا يمكنه الاعتراف بوجود أنفس بشرية معينة مسبقًا لأن ذلك قد يفتح الطريق نحو التقمّص وهي عقيدة يرفضها بشدة في علم الأخرة( الاسكاتولوجيا).

2.4 علاقة النفس والجسم

يتم التعبير عن السمة المركزية علاقة النفس والجسم عند الملا صدرا في العبارة القائلة بأن النفس “جسمية في نشأتها وروحية [أو غير مادية] في بقائها”. و في ”حكمة العرش ”يصف ولادة النفس وعلاقتها بالجسم من خلال تقدمها إلى الآخرة:

فللنفس البشرية محطات ودرجات عديدة من بداية نشاتها إلى نهاية هدفها ولديها حالات وأنماط أساسية معينة من الوجود. أولاً، في حالة ارتباطها بالجسم فهي جوهرجسمي ؛ ثم تتقدم تدريجيًا في شدتها وتتطور خلال مراحل تكوينها حتى تصبح قائمة على ذاتها وتنفصل عن هذا العالم إلى الآخرة وتعود إلى ربها. إنها مادية في نشأتها ولكنها غير مادية في بقائها. وأول شيء يتولّد في حالة ارتباطها هو القوة الجسمية، ثم الصورة الطبيعية، ثم النفس المحسوسة في مستوياتها، ثم الانعكاس والتذكر، وأخيراً النفس العاقلة. إنها تكتسب العقل العملي ثم النظري إلى حد كونها تصبح عقلًا عملياّ وأخيرًا العقل الفعال (الملا صدرا 1981: 131-2).

إن تقدم النفس في هذا العالم يكون من خلال كمال العقل الذي هو الحياة والملك الأساسي للنفس. ويسهل تجسيدها اكتسابها للمعرفة وكمال عقلها ولكنه يعمل أيضًا كقفص لضبط النفس. وما نراه في هذا المقطع أعلاه هو تطور النفس-العقل خلال المراحل الخمس من كمال العقل الموصوف عند ابن سينا. حيث تبدأ النفس قابلة للتقبل، ثم تكتسب عادة التعلم والفكر حتى يكتمل ؛ إذن فهي عقل مكتسب مدرب بشكل صحيح.

والمرحلة التالية هي قدرة النفس على إنتاج المعرفة بفعالية، من خلال كونها عقلًا فعالا و أخيرًا تكتسب اليقين من خلال الاتحاد مع العقل الفعال، وهو مبدأ سام للمعرفة الكاملة الذي نناقشه أدناه. ثم إن التمييز بين مجال العقل والجسم يشكل نوعاً من الازدواجية التي تنعكس في تمييز الملا صدرا بين الوجود العقلي والوجود الفائق للعقل.

3.4 الوجود العقلي

بالنسبة للملا صدرا، يمتلك العقل عالمًا وجوديًا يسميه المرء الوجود العقلي، وهو مفهوم يعادل معرفة الوجود (Rahman 1975: 215-20). إنه واقعي بمعنى أن كل فكرة يجب أن تتوافق مع كائن حقيقي حتى لو كان كائن غير واقعي للإدراك. ومن خلال افتراض عالم من الواقع العقلي ثنائي لكن وجود العقل والوجود العقلي ليسا متماثلين لأن وجود العقل بحد ذاته واقع خارج عقلي، في حين أن الوجود العقلي هو ما يشير إلى وجود خارج عقلي. و هذا تمييز دقيق ولكنه مهم. و لقد أوضح هذا ردًا على اعتراض مفاده أن وجود الشيء لا يمكن أن يتحلل بشكل تحليلي في الكينونة العقلية وغير العقلية (أي الملموسة) لشيء ما. وبالتالي، يرى الملا صدرا أن “المشكلة الصعبة” للعقل والجسم لا تحدث لأن وجود العقل هو وجود خارج عقلي. فهناك طريقتان أساسيتان للوجود كل منهما متميز وغير قابل للتبديل جذريًا: الوجود في الواقع والوجود العقلي. ولقد اتفق الفلاسفة، على عكس معظم علماء الكلام التأمليين، على أنه بصرف النظر عن هذا النمط من الوجود، فإن للأشياء نمطًا آخر من الوجود والتجلي مرتبًا بالمثل ويخضع لسبب مماثل. [هذا الوضع] يسمى الوجود العقلي (الملا صدرا 2001-5، I: 313). ويشترك الوجود العقلي في نفس الصفات والميزات والوصف مع الوجود خارج العقل لأنه مجرد نمط آخر للوجود، بمعنى معين للمصطلح. تمامًا كما أن الوجود خارج العقل ليس غامضًا، كذلك الوجود العقلي ليس غامضًا. إنه متجانس اللفظ ومعدّل. وبالمثل، فإن الوجود العقلي ليس كونيًا و لقد رأينا أعلاه الحجة التي تنكر أن مفهوم الوجود هو مفهوم كلّي. والتمييز بين الذهني و ونافوق الذهني متجذر في التمييز الأفلاطوني بين الكائن المحسوس والمفهوم، وفي تمييز ابن سينا ​​بين الوجود والماهية في عالم ممكن الوجود. وبسبب الوجود العقلي تحديدًا، يمكن للبشر تصور كيانات ليس لها أي مرجع في الواقع الموجود خارج العقل.

4.4 طبيعة المعرفة

ورث الملا صدرا مجموعة متنوعة من النظريات تتراوح من التذكر الأفلاطوني (anamnesis) والانقسام إلى القياس المنطقي المشائي والتعاريف واوليات العلم. و بشكل عام، يتعرف مؤلفنا على ثلاث طرق معرفية مختلفة. الأولى هو نموذج علمي مشترك للعلاقة (Mulla Sadra 2001-5، III: 317). وفي هذا النموذج، المعرفة هي علاقة بين الموضوع والشيء الذي يخلو من المحتوى المعرفي في حد ذاته وغير مفهوم بشكل جوهري. إنها خاصية العارف وهي خالية من المسارالفعلي. والمعرفة هنا مرتبطة باستعدادات شخصية. وعلى هذا النحو، تتميز هذه النظرية بالداخلية الراديكالية. وهذه وجهة نظر مرتبطة بعلماء الكلام المتأخرين من العصور الوسطى (وخاصة فخر الدين الرازي) وهي مرفوضة. إنها غير مقبولة عند الملا صدرا على وجه التحديد لأنها تقوم على إنكار الوجود العقلي.  ووفقًا لهذا النموذج، فإن المعرفة سالبة بقدر ما هي ذاتية (Mulla Sadra 2001-5، III: 318). والنموذج الثاني هو نظرية المراسلات أو التمثيل للمعرفة عن طريق التخوف (العلم الحصولي الإرتسامي). “أعلم أن ب” تعني أن هناك كائنًا خارجيًا ب يتوافق مع مفهوم داخلي ب. وبالتالي فإن العقل هو “مرآة الطبيعة”. إنه يحكم على العلاقة بين الكائن فوق الذهني والصورة الذهنية له كما هو موضح في نظرية الصورة لفيتجنشتاين

أوجه القصور في هذا النموذج واضحة. إنه يفشل في حساب الأشياء التي يمكن تصورها والتي لا وجود لها. المعرفة هي الإتصال بين الموضوع والموضوع والتوسط بينهما. إنه يفترض وجود كيانات خارج عقلية مستقلة “موجودة” وهي ثنائية بشدة. و يقوم العقل بتجريد الصورة من مادةلشيء ويقوم بتمثيله. و على هذا النحو فالصورة حقيقة سلبية. ويمكن للمرء فقط فهم الصورة في العقل لأن ماهية الأشياء غير متاحة لنا. لكن الملا صدرا يدافع على أن النتيجة خاطئة بشكل واضح، وبالتالي فإن المقدمة السابقة كذلك (الملا صدرا 2001-5، III: 316). إنها متاحة لنا بقدر ما هي موجودة وحاضرة لنا. و المعرفة ليست فكرة مجردة. إن الأشكال المادية العرضية للمعقولات التي تم استيعابها على هذا النحو ليست هي الأشياء الحقيقية للمعرفة و تلك هي المعقولات المحضة التي تم اختبارها مباشرة (الحائري يزدي 1992: 35). هذا المذهب المشائي مرفوض. ومن الخطأ تمامًا أن نفترض في هذا النموذج أن الإدراك يتم التوسط فيه لدرجة أنه يتطلب واجهة بين العقل والأشياء الخارجية (غالبًا ما تسمى مثل qualia). و هذا النموذج لا يعطي في الواقع حقيقة الشيء، على الرغم من أنه يبحث عن ماهية الأشياء. يقتبس الملا صدرا هذا الرأي من ابن سينا ​​(من التعليقات، ابن سينا ​​1973: 34). فحقائق الأشياء ليست متاحة للإنسان و نحن نعرف فقط السمات الخاصة والسمات المصاحبة لها وأعراض الأشياء، ولا نعرف الفروق التي هي مكونات كل شيء، وإحداها تدل على حقيقته. وبالأحرى، نحن نعلم أن هناك أشياء لها سمات وأعراض محددة (الملا صدرا 2001-5، ط: 461).

يبقى أن الملا صدرا يقبل نظرية الإتصال في المعرفة على الرغم من أنها ليست خياره المفضل للوصول إلى المعرفة التي لا تقبل الشك. ومع ذلك، فإن هذه النماذج غير كافية ولا تسفر عن يقين لا يتوفر إلا من خلال النموذج الثالث للمعرفة أي من خلال الحضور. ولا يمكن معرفة الوجود إلا من خلال المعرفة البصيرة الحضورية(العلم الحضوري الشهودي)، ولا يمكن إدراك الواقع الداخلي للضوء إلا من خلال ارتباط ضوئي فوري (الإضافة الإشراقية) والحضور الفعلي ( الحضر العيني). و إذا كان هناك شيء معروف بالمعرفة الرسمية فإنه يغير واقعه (الملا صدرا 2001-5، I: 489). و تعتمد هذه الصيغة بشكل كبير على عرض السهروردي السابق للمعرفة الحضورية (على سبيل المثال السهروردي 1998: 79-81) ولكن مع التمييز أن الملا صدرا يشير صراحة إلى الواقع من حيث الوجود بينما الوجود بالنسبة للسهروردي هو مفهوم فارغ. و تمد المعرفة بالحضورالى أطروحة الهوية المطروحة في التقليد القديم إلى كيانات تتجاوز العقول الإلهية المحضة، وهي في الواقع تعكس عملية فهم المعرفة الإنسانية التي يجدها المرء في المعرفة عن طريق التمثيل. و يُسقط هذا الأخير نموذج المعرفة البشرية هذا على المعرفة الإلهية، وبالتالي لا يمكنه فهم كيف يمكن أن يعرف الله الجزئيات في خصوصياتها. في حين أن المعرفة بالحضور توسع طبيعة المعرفة الإلهية إلى الإنسان وتحل مشكلة معرفة الله بالجزئيات من خلال الإصرار على الطبيعة الموحدة لتلك المعرفة.

5.4 هوية العقل وما هو المتعقل

المعرفة الحاسمة للحاضر هي العقيدة فرفريوس حول وحدة العقل و التعقل الذاتي وموضوعه المتعقل. وتعتمد المعرفة الذاتية الخالصة لأفلوطين على الاتحاد بالعقل الإلهي الذي يتفكر فيه الذات. مثل هذه التجربة النوسية ليست برهانية عقلية. و ينتقد ابن سينا ​​بشدة هذه العقيدة (Avicenna 1996، III: 292–93؛ Avicenna 1959: 239–40). فلا يمكن لشيء واحد أن يصبح شيئًا آخر جوهريًا، ولا يمكن لنفس عاقلة أن تتحد مع العقل الفعال غير القابل للتجزئة. ولا يمكن أن يتحد العقل البشري مع العقل. و بالأحرى يعرف المرء الأشياء بالاتصال وليس الاتحاد بالعقل الفعال الذي من خلاله يدرك المرء كليات الأشياء الجوهرية فيه. وتستقبل النفس الصور من العقل الفعال لكنها تظل على حالها. و تتجلى الصور في النفس في العقل من خلال العقل المادي. و ينتقد ابن سينا ​​فرفريوس لنشره مغالطة الإتحاد والتغيير. ولكن بفعله هذا يميز ابن سينا ​​اختلافًا حادًا بين معرفة الله والمعرفة البشرية. ووفقًا للملا صدرا، لا يمكن للمرء أن يتبنى مثل هذه النظرة حول معرفة الله لأنها تنتهك كلاً من وحدته وحقيقة معرفته بالجزئيات. و يستند نقد الملا صدرا لابن سينا ​​إلى مذهبين رئيسيين له يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بتفسير التعديل. مذهب أولا يثبت أسبقية وجود هذا الاتحاد(وتعديله). و الوجود في كل شيء أساسي. إنه مبدأ الفردية (مبدأ الشخصية) ومصدر ماهية الشيء. و يمكن أن يصبح الوجود أكثر كثافة وأن يصبح أضعف، ويمكن أن يصبح أكثر كمالا ويمكن أن يصبح غير كامل، ومع ذلك يبقى الفرد كما هو (الشخص هوهو). ألا ترى أن الإنسان كان منذ بدايته جنينًا إلى آخر كيان عقلي يتعقّل بينما تتغير سياقاته وأوضاعه، لكن أسلوب وجوده وتفرده يظلان ثابتين (الملا صدرا 2001-5، III: 351) ).

ثانيًا، تدافع عقيدة الحركة مابعد الجوهرية عن الاتحاد. فالنفس في حركة “كالفعل الخالص”. و علاوة على ذلك، فإن الاتحاد ليس اتحادًا جوهريًا أو حتى مفاهيميًا، ولكنه اتحاد معرفي ومرجعي حيث تصبح المكونات “ واحدة موجودة بقدر ما يشير إليها مفهوم واضح واحد. و ” الطبيعة النهائية للمعرفة، مثل الوجود، لا تميز بشكل صارم بين الإلهي والبشري. ولا يستلزم التعدد في الفكر التعددية في الله لأن هذه المعقولية intelligibilia مرتبطة بـ “علاقات مضيئة”. فالعقل والوجود مترابطان لا يمكن أن يتواجدوا بشكل مستقل.

إن العقل البسيط (أي الله) يعرف كل شيء لأن كل الأشياء موجودة فيه وهو المرجع النهائي لجميع المفاهيم. هذه هي “أطروحة الداخلية”، وهي أن كل الذكاء الداخلي للعقل وأن موضوعات الإدراك الحسي خارجية. ينتقد فيلسوفنا ابن سينا ​​بشدة لأنه يحمل مفهوم العقل البسيط (الذي يعتبر بالنسبة لابن سينا ​​إدراكًا بسيطًا غير برهاني عقلي ولا يلجأ إلى الصور) بينما ينكر اتحاد الذات العقلية وموضوعها. و علاوة على ذلك، بالنسبة للتقليد المشائي، لا يمكن للعقل البشري في هذه الحياة أن يبلغ مستوى العقل البسيط الخالص. ويدحض الملا صدرا هذا الرأي بقوله: وإذا كان العقل البسيط (الذي يعتقد أنه موجود في الجنس البشري وفي الجواهر المفارقة) ليس قابلا للتعقل ( كليا)، فكيف تستفيد النفوس مما لا يحدث فيها؟ كيف يمكن للنفوس أن تنتقل من القوة إلى الفعل مما ليس فيها؟ (الملا صدرا 2001-5، III: 405)و يُعرف نمط وجود الأشياء في هذا العقل البسيط بـ “الشيء (أو الحقيقة) نفسها” (نفس الأمر) أو الموضوع المحايث. وهذا العقل البسيط والأعلى ليس مجردا ولكنه يحتوي على جميع صور ودرجات الوجود الدنيا والمعقدة. وبهذا المعنى فإن هذا النوس هو “وحدة في تعددية”. وهو أيضًا العقل الأرسطي الفعال في De Anima III. 5.

ولكن كيف يحمي المرء الفردية والتمييز الأنطولوجي بين الإنسان والله؟ يكون الحل من خلال مفهوم التعقل ومفهوم الصور. فجميع التعقلات والصور موجودة في العقل البسيط / الفعال في القوة، لكن تحقيقاتها هي كائنات فردية موجودة خارج العقل. وبالتالي، فإن العقل الفعال هو المرجع لتهيئة التعقل. وهذا الاتحاد لا يحل الوجود الفردي للعقول. والعقل هو كل الأشياء المعقولة. وهذا لا يعني أن كل تلك الأشياء في أنماط وجودهم الفردية الفائقة العقلية مجمعة معًا لأن هذا مستحيل. بل يعني أن جميع الجواهر الموجودة في الواقع خارج العقل من خلال العديد من الوجود المختلفة وموجودة في العقل من خلال وجود العديد من الوجود المعقول في وجود واحد معقول ومفهوم، والذي في وحدته وبساطته هو كل تلك المعاني (الملا صدرا 2001-5، III: 365). ). لذلك تكمن المعرفة الحقيقية في الاتحاد مع العقل الفعال. ويتم التمييز داخل هذا المجال عن طريق التعديل، اي عن طريق تغيير الحركة والأنوار على الأنوار بترتيب حسب نبلها. وفي هذا النموذج من المعرفة، يوجد انعكاس ذاتي خالص، ولا يوجد ظن( دوكسا) حول الصور ولا توجد epistēmē معرفة حول الحساسية sensibilia. إنه شكل من أشكال العصمة. ولا يمكن للمرء أن يخطئ في الحالة أ والحالة ب لأنه يجب على المرء أولاً أن يدرك الحالة أ. ولكن هل هذا الشكل من المعرفة مفيد وهل يتواصل؟ أم أنه مجرد أمر لا يوصف مثل العديد من المعتقدات والمشاعر التي تعتبر مهمة للطريقة التي نعيش بها حياتنا. في العقل البسيط يعرف المرء الأشياء في وقت واحد وبالتالي بالنسبة إلى القضية أ، لا نعرف س أولاً ثم ب ولكن كلاهما في وقت واحد. لكن محتوى العقل البسيط على عكس رواية ابن سينا ​​لا يختلف عن العقل الخطابيللعقل النوسي. س و ب هما محتويات أ سواء كان المرء يعرف أ ببساطة أو برهاني عقلي. وهذا يرتبط بأحد الاعتراضات الشهيرة على الفكر غير القضوي عند أفلوطين، وهو يملي عدم التعقيد. وما هو مطلوب هو مابعد لغة مناسبة لمثل هذه التجربة حيث يمكن للمرء أن يتحدّث عن مثل هذه المعرفة. ويمكن للمرء أن يصوغ تخصصًا لغويًا لمناقشته ولكن المعرفة الحضورية المتضمنة ليست معلوماتية ولا يمكن أن تكون أساسًا للمعرفة العامة ولكنها مؤشرات للمبتدئين. إن المباشراتية، وعدم القابلية للتشكيك، والإدراك الناجح للمعرفة الحضورية يمنحها امتيازًا على النماذج المعرفية الأخرى.

5. الإيمان بالآخرة (الاسكاتولوجيا)

بالنسبة للملا صدرا، فإن الآخرة هي مجرد نمط جديد أو تجديد للوجود في مستوى مختلف من الظهور، وبالتالي يبقى إلى حد كبير ضمن اختصاص الميتافيزيقيا. إن مناقشة علم ألآخرة في الفلسفة ذو مغزى. ففي الهجوم الشهير الذي قام به الغزالي (ت 1111) في كتابه “تهافت الفلاسفة”، تمت إدانة مفكرين مثل ابن سينا ​​بسبب الهرطقة لفشلهم في إظهار الرواية القرآنية المفترضة عن البعث الجسمي وحقيقة الآخرة. وتتمثل إحدى ميزات فلسفة الملا صدرا في توسيع نطاق اختصاص الفلسفة لتغطية القضايا التي شعر أمثال ابن سينا ​​بضرورة الصمت حيالها. ولذلك، وضع الملا صدرا على نفسه مهام إثبات البعث الجسمي، وقضاء الكثير من الوقت في مناقشة المقصود بجسم الآخرة، ودحض التقمّص، والتأكيد على حقيقة المعاد. إن مفهومه عن الوجود كعملية ديناميكية مستمرة للظهور والتجلي الذي يظل حقيقة وعملية فريدة يسمح له بدمج عالم الكونّ والفساد هذا وضمه إلى المستوى الأعلى من المعاد وأخيراً وجود الحياة الآخرة.

1.5 المبادئ الإحدى عشر

يمكن رؤية شمولية نهج الملا صدرا في فحصه لعلم الآخرة. وكانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية في الفكر الإسلامي في العصور الوسطى تتعلق بإمكانية وجود تقمّص، وهي فكرة تغلغلت عبر الأفلاطونية المحدثة المتأخرة في العصور القديمة المتأخرة إلى حدود ظهور الإسلام. حتى أن الفلاسفة الإسلاميين السابقين أظهروا بعض التعاطف مع الفكرة. لكن الملا صدرا، انسجاما مع تقليد ابن سينا ​​، رفض الفكرة باعتبارها معادية لرؤيته لطبيعة النفس ووجودها المسبق وملكاتها وحياتها الآخرة. قبل أن ينتقد ما وراء التقمّص. ولقد قال الملا صدرا إن الفهم الصحيح لمبادئ طريقته الفلسفية سيوضح اعتراضه على الفكرة. وفي عدد من الأعمال، حدد أحد عشر مبدأً لطريقته التي تُظهر أهمية الميتافيزيقيا في علم النفس وعلم الآخرة. وفي القسم ذي الصلة من الاسفار الأربعة، يصف الملا صدرا (2001-5، 9: 261–72) هذه المبادئ الإحدى عشر:

أولاً، الوجود هو مبدأ تأسيسي والماهية خاصية عرضية تتعلق على وجه التحديد بالوجود. وإلى حد كبير، هذا يعني أيضًا أن الوجود ليس مجرد مفهوم ينسبه المرء إلى خاصية تتعلق بالماهيات التي نحللها في الواقع خارج العقل.

ثانيًا، وبشكل متزامن، الوجود هو مبدأ التفرد وليس الماهية. و يرقى هذا إلى القول بأن الوجود هو المحدد الرئيسي للهوية والبنية المجمعة لمختلف الخصائص التي تتعلق بالهوية بمرور الوقت.

ثالثًا، من طبيعة الوجود أنه فردي ولكنه متدرج ومعدَّل. يتعرض للتكثيف والوهن. و تختلف الماهيات المختلفة التي ترتبط بالوجود في العقل حسب الأنواع والجنس والجواز.

رابعًا، وبشكل متزامن، لأن الوجود يخضع للتكثيف، فإن الجواهر التي هي مظاهر للوجود هي في حالة تغير مستمر وتخضع للحركة.

خامسًا، والنقطة ذات الصلة، يتم تحديد وتعريف كل جوهر مركب من خلال شكله وليس مادته، لأن نظرية الصور تؤكد أن الصورة هو المبدأ الفعال وأنالمادة سلبية.

سادسًا، بعد النقطة السابقة حول الهوية، يتم تحديد هوية كل شخص من خلال وجوده وهذا ينطبق أيضًا على الأجرام السماوية.

سابعاً، إن هوية الجسم تحددها نفسه اللا مادية. وتظل الهوية الإنسانية ثابتة عبر خلود النفس من صورتها في الرحم إلى الطفولة مروراً بالشيخوخة وصولاً إلى القبر وما بعده إلى عالم الحياة الآخرة.

ثامناً، القوة التخيلية (التي تعتبر في نظرية المعرفة التي اتبعها الملا صدرا لابن سينا ​​أهمية بالغة لإنتاج معرفة جديدة) هي خاصية غير مادية لا تكمن في جزء معين من الدماغ بل تتجاوز الجسم وبالتالي (بالمصطلحات الأفلاطونية) يمكن اتحادها مع مثل مفهوم غير مادي في العالم العقلي الأعلى.

تاسعاً، الأشكال التخيلية تنتجها النفس وليست مجرد حالات تجد النفس نفسها فيها، أي أنها لا تقبل بشكل سلبي.

عاشرًا، أصبحت الصور الجسمية وغيرها من الصور المادية تتحقق من خلال التصرفات والحالات التي تستقبل المادة.

النقطة الحادية عشرة والأخيرة، يتم تصنيف الوجود وله ثلاثة مستويات أولية (تم تعريفها مرة أخرى بمصطلحات أفلاطونية):عالم الصور المادية والمعقولة، وعالم الصورغير المادية، وعالم الصورالمعقولة. فالبشر، على سبيل المثال، يحتفظون بنفس الوجود والهوية عبر هذه المستويات الثلاثة من الوجود ومن ثم ينكرون الحاجة إلى تقمّص. لذلك تحدد الميتافيزيقيا وجهة نظر المرء عن علم الآخرة والحياة الآخرة وتوفر المبادئ لفهم أصول المرء وحالاته الحالية والمستقبل.

2.5 الإيمان بالآخرة كاستكمال للميتافيزيقا

المستقبل هو أيضا ذروة الحاضر وكماله. والوجود في حركة نحو الكمال. ويرتبط وجود الشيء بصورته الكاملة في المستقبل. بهذا المعنى، فإن الآخرة مجرد مفهوم نسبي. وكما رأينا، فإن العقل وملكة الخيال هما السمات المميزة التي تشكل بقاء الفرد. على عكس معظم الفلاسفة من قبله، فإن المادة ليست مبدأ التفرّد، وبالتالي فإن الهوية الفردية والشخصية يمكن أن توجد منفصلة عن المادة، والنفس غير مادية، مثل أجسام الحياة الآخرة (الملا صدرا 2001-5، 9: 311).

إن وجود المرء هو عملية رجوع إلى الواحد، وتكشف صيرورة تتقدم من بدايتنا الجسمية مع الجسم من خلال كمال النفس الذي يتخلص تدريجياً من الجسم المادي لهذا العالم بحثًا عن غبطة ونشوة العالم المعقول والآخرة (الملا صدرا 2001-5، التاسع: 164). إن وجود الآخرة أكثر دقة، وأكثر كمالًا، وأقرب إلى الآخرة. و ملذات وآلام الحياة الآخرة التي نوقشت في الكتاب المقدس هي في المقام الأول نفسية ومفهومة على الرغم من أنها تحتفظ بالارتباط بالجسم، على عكس جسد هذا العالم، الجسد الخالي من المادة (الملا صدرا 2001-5، 9: 165-6) ).

والمادة هي استعداد خامل ومحض، وبما أن وجود الآخرة خالٍ من الاحتمالية والإنحطاط، فإن جسم الآخرة لا يمكن أن يكون ماديًا. إنه صورة الجسم التي تمتلكها هوية معينة. وكان الملا صدرا حريصًا على الإصرار على الرواية القرآنية عن بعث الجسم، لكنه أدرك أنه من الصعب تقديم سرد فلسفي لبعث الجسدم المادي لهذا العالم. ومن ثم فإن حله هو القول بأن البشر لديهم أجسام مختلفة تتوافق مع مستويات مختلفة من الوجود، وهو في حد ذاته تطبيق لحركة جوهرية. والوجود الجسمي ليس أبديًا بل فانيا (الملا صدرا 2001-5، 9: 167)

توجد الأجساد في هذا العالم من خلال صور محسوسة. لكن وجود الحياة الآخرة يتضمن أجساما روحية مرتبطة بصور مفهومية (Jambet 2006: 394-6). والنتيجة الطبيعية لموقفه من بقاء انفس والعقل في الحياة الآخرة من خلال كمالها هو الاعتراف بأن بعض العقول التي تظل موجودة بالقوة وغير متحققة بالفعل ليس لها حياة بعد الموت. إنهم ممنوعون من المشاركة في سعادة الآخرة لأن وجود الآخرة لا مكان فيه لغياب العقل الفعال والإستعداد بالقوة (الملا صدرا 2001-5، 9: 183-8). و الحساب الذي يقدمه عن الآخرة للجسم بسيط. فللنفس قوة إبداعية تنبع من علاقتها المباشرة بقوة الله الخلاقة وبعد موت الجسم لا تفقد هذه القوة ولا تفقد ذاكرتها. وبدلا من ذلك، فهي تنتج جسما من نوع ما من ذاكرة تجسيدها السابق ونموها المتبادل منذ نشأتها الجسمية. ولقد كانت القضية الأساسية هي ما إذا كان ذلك الجسم الذي توفره النفس في الآخرة، الذي تحركه القوة الخلاقة للإله، يشكل القيامة الجسمية التي يذكرها الكتاب المقدس.

يؤكد الملا صدرا، الذي يرغب في حفظ مظهر الرواية القرآنية، أن الكتاب المقدس لا يحدد طبيعة الجسم الذي يُبعث. فجسم هذا العالم له جسمية ومادية وحجم وما إلى ذلك، وهو محدود بشكل كبير. إن جسم الآخرة “يولد من النفس (الكاملة)” ولا يزال يحتفظ بخاصية كونه جسدما ولكن على عكس الجسم المألوف لنا (الملا صدرا 2001-5، 9، 279-80). والولادة الثانية للإنسان هي جسم ونفس الآخرة الجديد: يحاول تسوية حجته باقتباس من يسوع: “من لم يولد مرتين لن يصل أبدًا إلى سماء الآخرة” (الملا صدرا 2001-5، التاسع: 302).

6. تراث ومدرسة ملا صدرا

أصبح الملا صدرا الفيلسوف المهيمن في الشرق الإسلامي وكان لمقاربته لطبيعة الفلسفة تأثير استثنائي. وإنجازه الحقيقي، بصرف النظر عن افتراضاته العقائدية، هو إحداث تتويج لاتجاه داخل المدارس الفلسفية في فترة ما بعد ابن سينا ​​، وهو تجميع وتوفيق العقل والحدس، والإيمان والتحقيق العقلاني، والفلسفة والتصوف ضمن نموذج أفلاطوني حديث متأخر إلى حد كبير لممارسة الفلسفة. وبالتالي، فإن الفلسفة هي ممارسة وطريقة حياة يتم فيها دائمًا استكمال التفكير والقراءة والتعلم بممارسات وتمارين روحية. ولا يمكن للمرء أن يصبح حكيمًا بحتًا على أساس الجهود الفكرية للفرد، ولا يمكن للمرء أن يفهم حقًا طبيعة الواقع باعتباره زاهدًا أميًا يعتمد فقط على الحدس الصوفي. وبهذه الطريقة، يمثل الملا صدرا، بأسلوب يمثل عددًا من المفكرين المسلمين الذين يصرون على الطريقة الوسيطة لإيمانهم، وسطاً بين التصعيد “المفرط” والادعاءات غير المقيدة بالتجربة الخالصة التي يقدمها الصوفيون.

 تأثيره على الممارسة الفلسفية والتعلم واضح. أصبح تعليقه على كتاب الهداية لأثير الدين أبهاري (ت 662 هـ / م1264) حجر الزاوية في المنهج العقلاني للمدرسة الهندية منذ القرن الثامن عشر. في إيران، تستمد دراسة الفلسفة الإسلامية من الدراسة والتعليق على أعماله الرئيسية على الأقل من القرن التاسع عشر. أدى إحياء الفلسفة الإسلامية في أصفهان على يد علي نوري (ت 1251 هـ / 1836م) ولاحقًا هادي سابزافاري (ت 1289 هـ / 1873م)، الموصوف بأنه “آخر فيلسوف إسلامي عظيم”، إلى ترسيخ الملا صدرا باعتباره المطلق. الفيلسوف، الذي “ تجاوز ” فكره وحججه فلسفة المشاة الخطابية وأيضًا الحجج الصوفية البديهية والتلميحية والخطاب، لصالح توليفة أعلى تجمع بين الحجج التصاقية مع البصيرة الصوفية، وإثباتات القياس الكامل مع السرد، والتلميح، والقصة الرمزية. في الآونة الأخيرة، تأثر بعض المفكرين الرئيسيين المنخرطين في الثورة الإسلامية عام م1979، مثل آية الله الخميني ومرتضى مطهري، بشدة بفكر الملا صدرة، وحاول البعض حتى تصنيف الملا صدرا كـ “ فيلسوف ”. الثورة على الرغم من الافتقار الواضح للانخراط في الفلسفة السياسية في عمله. إن الجيل المعاصر من الفلاسفة المدربين في المعهد الديني في إيران، بما في ذلك إمام الصلاة في قم، آية الله عبد الله جوادي أمولي (الذي يحتوي على عشرين مجلدًا من التعليقات المفيدة على الرحلات الأربع)، جميعهم من طلاب الراحل العلامة الطباطبائي (المتوفى 1981م). ) الذي كتب مجموعة مؤثرة من اللقطات عن أعمال الملا صدرا. مدرسته تهيمن على الحوزة الشيعية في إيران.

ومع ذلك، هناك اتجاهات فلسفية أخرى في الفترة المعاصرة تنتقد بشدة نهج الملا صدرا والميتافيزيقيا. استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصبح الملا صدرة هو المهيمن. ظل تقليد ابن سينا ​​قوياً طوال الفترة الصفوية وما بعدها مع تلميذه وصهره عبد الرزاق لاهيجي الذي دافع عن أشكال الجوهرية لابن سينا ​​، ولاحقًا الأب والابن الفلاسفة الحسين (المتوفى 1098/1687م) وجمال خوانصاري (ت. د. 1125/م1714) ينتقد مفهوم الملا صدرا للوجود العقلي وتشكيل الكينونة، رافضًا صراحة مواقفه في تعليقاتهم على علاج ابن سينا. ظل هذا النقد لابن سينا ​​للملا صدرا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. كان مهدي نراقي (المتوفى 1794م) مسردًا غزيرًا لابن سينا ​​وانتقد نهج الملا صدرا “التصوف” للميتافيزيقيا.

واصل آخرون مثل ميرزا ​​أبو الحسن جيلفيه (توفي عام 1896 م) وطلابه الدفاع عن أنطولوجيا الجواهروالتعددية الميتافيزيقية، بينما كان الأحاديون مثل محمد رضا قمشيحي (المتوفى عام 1888 م) غير راضين أيضًا عن محاولة الملا صدرا التوفيق. الوحدانية والتعددية. عارضت مدرسة الشيخي التي أنشأها الشيخ أحمد الأحساء (المتوفى 1826 م) الالتزامات الوجودية لدلالات الملا صدرا للوجود. هناك اتجاه أكثر حداثة، وهو ما يسمى بمدرسة الفصل بين العلوم الدينية والعلمانية (maktab-i tafkik)، يتهم الملا صدرا بخلط الإيمان ودراسة الكتاب المقدس مع “ العلم اليوناني ” وانتهاك المعنى الحرفي للكلمةو الآيات كتابية سعيا وراء أجندته الفلسفية ؛ يجادلون بأن الملا صدرا لا يمثل فلسفة كتابية “أصيلة”. ويشبه الاستقبال الحديث للملا صدرا مفكري الماضي العظماء ويمكن للمرء أن يميز على الأقل أربعة أنواع من العلماء الذين يشاركون في فكره. أولاً، هناك رجال الدين الشيعة التقليديون الذين يعتبرون أنفسهم من تلاميذ الملا صدرا، وبالتالي يستمرون في التقليد المدرسي الذي يعود إلى القرن السابع عشر.

إنهم لا ينخرطون في تفكيره بشكل نقدي، ولا يأخذون انتقاداته اللاحقة على محمل الجد. فقد نسميهم التقليديين. ثانيًا، نجد مفكرين متأثرين بالفلسفة التحليلية يرغبون في الدفاع عن فكره ويحاولون إعادة صياغة أفكاره بمصطلحات يمكن أن يفهمها الفلاسفة من التقليد التحليلي الأنجلو أمريكي. وبهذا المعنى، فإنهم يعاملون الملا صدرة على غرار كانط أو لوك أو أرسطو. قد نسميهم التحليليين. وثالثًا، لدينا أولئك الذين يصرون على أن الميول الحقيقية للملا صدرة كانت صوفية وأنه بدلاً من محاولة فتح حوار مع الفلسفة التحليلية، قد يجد المرء أرضية مشتركة مع فلاسفة القارة، ولكن بشكل مثمر أكثر مع أولئك المهتمين بالتصوف والتنجيم. قد نسميهم الثيوصوفيين. أخيرًا، لدينا علماء تعاملوا مع الملا صدرا من أجل تطوير اعتزازهم بإنجازات تراثهم الإيراني واعتباره أكبر مساهمة فكرية لإيران. قد نسميهم بالوطنيين. هذه الأنواع ليست متنافية. ولكن ما هو واضح هو الطرق العديدة التي يتم من خلالها الطعن في إرث الملا صدرا واستخدامه في العالم المعاصر. سيكون إنجازًا أكبر إذا أخذوا رفضه للالتزام بالسلطة بجدية أكبر واحتضنوا فكرته عن الحاجة إلى إعادة التفكير وإعادة تحليل المشكلات الفلسفية بشكل جديد لأنفسهم. سيكون هذا إرثًا مناسبًا للملا صدرا في عصر حرج ومعاصر.


 

المراجع

بالنسبة الى التوجيهات الرئيسة حول حياته واعماله وفكره انظر:

  • John Cooper (1998), “Mulla Sadra Shirazi”, in E. Craig (ed), The Routledge Encyclopaedia of Philosophy (London: Routledge), 6: 595–99.
  • Fazlur Rahman (1975), The Philosophy of Mulla Sadra (Albany: State University of New York Press).
  • Sajjad H. Rizvi (2005), “Molla Sadra Shirazi,” Encyclopaedia Iranica, available online at https://www. iranicaonline. org/articles/molla-sadra-sirazi
  • Sajjad H. Rizvi (2007), Mulla Sadra Shirazi: His Life, Works and the Sources for Safavid Philosophy (JSS S1upplements 18, Oxford: Oxford University Press).
  • Nahid Baqiri Khurramdashti (1999), Kitabshinasi-yi jami‘-yi Sadr al- Muta’allihin (Tehran: Bunyad-i Hikmat-i islami-yi Sadra/Sadra Islamic Philosophy Research Institute = S. I. P. R. In).
  • الطبعات:

نشرمعهد صدرا للبحث في لفلسفة الاسلامية (بوياد إحكت إإسلامي يي صدرا SIPRIn )المتمركز في طهران بإيران طبعات نقدية لمجموع اعماله في السنوات الاخيرة وهي نتاج معظم الملتقياتتم ((1999, 2004. والتكليف بترجمات إلى الإنجليزية لمعظم هذه الأعمال، على الرغم من ظهور القليل جدًا منها حتى الآن وهذه الاعمال هي:

  • 1999رسالة في حدوث العالم، ط:س. ه. موسفيان(رسالة هامة حول خلق الكون)
  • 1999 المظاهر الالاهية في اسرار العلوم الكلامية، ط:س. م. خامنيهي (مثال موجزللفلسفة الدينية)
  • 2000التنقيح في المنطق، ط:ج. يزيبور (موجز للارغانون يعتمد على التعديل الإشراقي لمنطق ابن سينا )
  • 2001 الاسفارالاربعة، ط:س. ه. خامنيهي، 9مجلدات، ( ملخص ملا صدرامع سرد لشرحه التاسع عشرلسبرازفاري
  • 2002كسر اصنام الجاهلية، ط:م. جهنجيري، (عمل موجز في الروحانية مع دفاع على التصوف ولكن نقد لاوجه قصور الصوفيين القائلين بوحدة الوجود والمعادين للجماعة)
  • 2003 شرح الالاهيات من كتاب الشفاء، ط:نجفكولي حبيبي (شرح هام لقسم الميتافيزيقا من الشفاء لابن سينا)
  • 2004 الشواهد الربوبية في مناهج السلوكية، ط:س. م. محقق دمد، (ملخص موسع للقضايا الرئيسية في ملخصه.
  • 2007 ايقاظ النائم، ط:م. خوانزاريعرض قصير يميل باطنيًا للميتافيزيقا
  • 2007مفاتيح الغيب، ط:ن. حبيبي (عرض للتفسير الكتابي والفلسفي للملا صدرا)
  • 2009 التعليقات على شرح حكمة الاشراق، ط:ه. زياي(لمحات عن العمل الإشراقى الرئيسي للسهروردي (ت ١١٩١)
  • 2010 مجموعة يي رسائل افلسفي، ط: سيد محمد خامنيهي، 4 مجلدات، (مجموعة من رسائله الهامة بما في ذلك المشاعر في علم الوجود).
  •  2013 حكمة الاشراق، ط:نجفكولي حبيبي، 4 مجلدات(أفضل نسخة من سردياته على نص السهروردي).
  • هناك عدد قليل من الإصدارات الهامة الأخرى
  • 1964 كتاب المشاعر، ترجمة ونشر هنري كوربان، طهران ، المكتبة الايرانية(رسالة مركزة على الأنطولوجيا للملا صدرة
  • 1979الواردات القلبية، ط:أ. شفيعها، طهران، منشورات جامعة طهران(رسالة صوفية قصيرة عن طبيعة النفس. )
  • 1983 أسرار الآيات، ط:م. خجفي، طهران، معهد الدراسات الثقافية والابحاث(في التأويل الفلسفي للقرآن).
  • 1987شرح اصول الكافي، ط:محمد خجفي. 3مجلدات، قم: انتشارات إي بيدار(تعليق غير مكتمل على تقاليد الأئمة الشيعة. ومؤخراً تم نشر طبعة أحدث بتوجيه من خجوي من قبل SIPRIn)
  • 1988تفسير القرآن الكريم، ط:م. خجفي، 7 مجلدات، قم، انتشارات إي بيدار(تعليق فلسفي جزئي على القرآن، نُشرت طبعة أحدث منه بتوجيه من خجوي بواسطة SIPRIn)
  • 1999مثنوي يي ملا صدرا، ط:م. فوزي، قم، كتابهانا يي مرعشي (نسخة لمجموعة مختارة من شعر الملا صدرا من سلالة، كما أنها تحتوي على مقدمة مفيدة عن حياة الملا صدرا. )
  •  (1961), Risala-yi Sih asl, ed. S. H. Nasr (Tehran: Tehran University Press); (1997), Risala-yi Sih asl, ed. M. Khajavi, Tehran: Intisharat-i Mawla. (The only work in Persian that is a series of homiletic advice, defence of mystical practice and critique of exoteric religion. ) الترجمات
  •  (1964), Kitab al-masha‘ir, tr. as Livre des pénétrations métaphysiques by H. Corbin, Tehran: L’Institut Franco-Iranien.
  • (1981), al-Hikma al-‘Arshiyya, tr. as The Wisdom of the Throne by James W. Morris, Princeton: Princeton University Press.
  • (1986), [Shihab al-Din Yahya] Sohravardî, Hikmat al-ishraq, tr. as Le livre de la sagesse orientale by H. Corbin with the glosses of Mulla Sadra, Paris: Fayard, pp. 439–669.
  • (2000a), Risalat al-hashr, tr. as Se rendre immortel by C. Jambet, Paris: Fata Morgana; new version (2017), La fin de toute chose, Paris: Albin Michel.
  • (2000b), Risala fi huduth al-‘alam, tr. as Die Abhandlung über die Entstehung by S. Bagher Talgharizadeh, Berlin: Klaus Schwarz.
  • (2000c), Садр ад-Дин аш-Ширази, «Приходящее в сердце о познании Господствия» (Sadr al-Din al-Shirazi, Coming Into Heart Concerning the Knowledge of Lordship), in Восток, Москва: Наука, 2: 109–132; 5: 109–127.
  • (2003), Iksir al-‘arifin, tr. as The Elixir of the Gnostics by W. Chittick, Provo, Utah: Brigham Young University Press.
  • (2004), Садр ад-Дин аш-Ширази, «Престольная мудрость» (Sadr al-Din al-Shirazi, The Wisdom of the Throne) (Москва: Восточная литература).
  • (2004), Khalq al-a‘mal, tr. T. Kirmani as The Manner of the Creation of Actions, Tehran: SIPRIn.
  • (2006), al-Risala fi-l-tasawwur wa-l-tasdiq, tr. J. Lameer as Conception and Belief in Sadr al-Din Shirazi, Tehran: Iranian Academy of Philosophy.
  • (2007), al-Hikma al-‘arshiyya, trs. A. Yousef & P. Moulinet as Le Livre de la sagesse du trône, Paris: Bouraq.
  • (2008), Kasr asnam al-jahiliyya, trs. M. Dasht Bozorgi & F. Asadi Amjad as Breaking the Idols of Ignorance, London: ICAS Press.
  • (2008), al-Hikma al-muta‘aliya fi-l-asfar al-‘aqliyya al-arba‘a, vols. 8 & 9, tr. L. Peerwani as Spiritual Psychology: The Fourth Intellectual Journey, London: ICAS Press.
  • (2010), al-Mazahir al-ilahiyya, trs. M. Dasht Bozorgi and F. Asadi Amjadi as Divine Manifestations Concerning the Secrets of the Perfecting Sciences, London: ICAS Press.
  • (2014), al-Masha‘ir, tr. Seyyed Hossein Nasr, ed. Ibrahim Kalin as The Book of Metaphysical Penetrations, Provo: Brigham Young University Press. (A new translation of a critically important work on Mulla Sadra’s metaphysics. )
  • (2016), al-Asfar al-arba‘a, tr. Sayyid Manazir Ahsan Gilani as Falsafa-yi Mulla Sadra, Karachi: Book Time. (A reprint of an old Urdu translation of the first journey but it is in fact more of a paraphrase than a translation. )

ج. مراجع حديثة

  • جعفر آل ياسين ( 1955 ):صدرالدين الشيرازي مجدد الفلسفة الاسلامية، بغداد، جامعة بغداد ادريس هاني (2000):مابعد الرشدية، ملا صدرا الشيرازي رائد الحكمة المتعالية، بيروت، الغدير
  •  
  • Sayyid Jalal al-Din Ashtiyani (1971), Sharh-i hal va ara’-yi falsafi-yi Mulla Sadra, Mashad: Chapkhana-yi Khurasan. (An excellent Persian study of life and ideas by a leading recent ‘traditional’ Iranian philosopher. )
  • Ibrahim Kalin (2003), “An Annotated Bibliography of the Works of Mulla Sadra with a Brief Account of his Life,” Islamic Studies, 42: 21–62.
  • –––(2010), Mulla Sadra, New Delhi: Oxford University Press. (A useful short account including a sketch of his thought. )
  • Sayyid Muhammad Khamenehi (2000), Mulla Sadra: zindagi, shakhsiyyat va maktab-i Sadr al-Muta’allihin, Tehran: SIPRIn. (The best study of his life in Persian. )
  • Muhammad Khajavi (1988), Lawami‘ al-‘arifin, Tehran: Intisharat-i Hikmat.
  • Denis MacEoin (n. d. ), “Mulla Sadra Shirazi,” in Encyclopaedia of Islam, 2nd edition, VII: 547–48.
  • Sayeh Meisami (2013), Mulla Sadra, Oxford: Oneworld Publications. (An excellent introduction to his life and thought as part of the influential Makers of the Muslim World series. )
  • Rahmat-Allah Mihraz (1982), Buzurgan-i Shiraz, Tehran: Anjuman-i athar, 324-27.
  • Seyyed Hossein Nasr (1977), Sadr al-Din al-Shirazi and his Transcendent Theosophy, Tehran: Imperial Iranian Academy of Philosophy.
  • ‘Abd Allah Ni‘ma (1965), Falasifat al-shi‘a, Beirut: Maktabat al-Hayat, 346-66.
  • Abu ‘Abd Allah Zanjani (1972), al-Faylasuf al-farisi al-kabir, Tehran: al-Maktaba al-Islamiyya.
  • Hossein Ziai (1996), “Mulla Sadra,” in S. H. Nasr and O. Leaman (eds), History of Islamic Philosophy, London: Routledge, I: 635–42.

د- دراسات حديثة

  • زينب ابراهيم (2004 ): الحركة الجوهرية ومفهوم التصور والتصديق عند صدر الدين الشيرازي، بيروت، دار الهادي(دراسة لمفهوم الحركة الجوهرية. )
  • ·        م. موسوي 1978: الجديد في فلسفة صدرالدين الشيرازي، بغداد، الدار العربية للطباعة
  • M. ‘Abd al-Haq (1970), “The Psychology of Mulla Sadra,” Islamic Studies (Islamabad), 9: 173–81.
  • M. ‘Abd al-Haq (1972), “Mulla Sadra’s Concept of Substantial Motion,” Islamic Studies, 11: 79–91.
  • ‘Abd al-Malik Ben‘athu (2016), Nazariyyat al-fi‘l ‘inda Sadr al-Din al-Shirazi, Freiburg: Manshurat al-Jamal. (A study of Mulla Sadra’s theory of motion in the category of substance. )
  • Biyuk ‘Alizada (1998), “Mahiyyat-i maktab-i falsafi-yi Mulla Sadra,” Khirad-nama-yi Sadra (Tehran), 10: 90–101.
  • Alparslan Açikgenç (1993), Being and Existence in Sadra and Heidegger, Kuala Lumpur: ISTAC.
  • S. K. Toussi-Alaghebandi (2007), Ethics and Politics in the Philosophy of Mulla Sadra, Ph. D. dissertation, University of Exeter.
  • S. H. Amin (1986), Afkar-i falsafi-yi Mulla Sadra, Exeter: Intisharat-i guruh-i pazhuhishi.
  • Hasanzada Amuli (1995), al-Nur al-mutajalli fi zuhur al-zilli, Tehran: Maktabat al-i‘lam al-islami. (A short study of the problem of mental existence in Mulla Sadra. )
  • Muhammad Fana’i Ashkivari (2008), Ma‘qul thani: tahlili az anva‘-i mafahim-i kulli dar falsafa-yi islami va gharbi, Qum: Imam Khomeini Institute. (A comparative philosophical study of universal concepts. )
  • Jalal-al-Din Ashtiyani (1980), Hasti az nazar-i falsafa va ‘irfan, Tehran: Intisharat-i nahzat-i zanan. (A study of Mulla Sadra’s ontology and its debt to mysticism. )
  • Jalal al-Din Ashtiyani (1981), Ma‘ad-i jismani: Sharh-i Zad al-musafir-i Mulla Sadra, Tehran: Intisharat-i Amir Kabir. (On the afterlife according to Mulla Sadra. )
  • Jalal al-Din Ashtiyani (1972) (ed), Muntakhabati az athar-i hukama’-yi ilahi-yi Iran az ‘asr-i Mir Damad va Mir Findiriski ta zaman-i hazir. Qismat-i avval, Tehran: L’Institut Franco-Iranien, I: 123–234.
  • Cécile Bonmariage (2007), Le Réel et les réalités: Mollâ Sadrâ Shîrâzî et la structure de la réalité, Paris: Vrin.
  • Henry Corbin (1962), “La place de Mollâ Sadrâ Shîrâzî dans la philosophie iranienne,” Studia Islamica, 18: 81–113.
  • Henry Corbin (1971–73), En Islam iranien, 4 vols. , Paris: Gallimard, IV: 54–122.
  • Daniel De Smet (1999), “Le souffle de miséricordieux (Nafas al-rahman): un élément pseudo-empédocléen dans la métaphysique de Mulla Sadra ash-Shirazi,” Documenti studi sulla tradizione filosofica medievale, 10: 467–86.
  • Janis Esots (2007), Mulla Sadra’s Teaching on wujud: A Synthesis of Mysticism and Philosophy, Ph. D. dissertation, University of Tallinn.
  • Ghulam-Riza Fayyazi (2009), Hasti u chisti dar maktab-i Mulla Sadra, Qum: Pazhuhishgah-i hamza u danishgah. (A serious study of Mulla Sadra’s ontology by a leading teacher in the seminary in Qum. )
  • Rafael Ramón Guerrero (2001), “El lenguaje del ser: de Ibn Sina a Mulla Sadra,” Convivium, 14: 113–27.
  • Pierre Hadot (1995), Philosophy as a Way of Life, Oxford: Blackwell.
  • Mahdi Ha’iri Yazdi (1981), Haram-i hasti, Tehran: Institute of Cultural Studies and Research. (An important work that makes sense of Mulla Sadra’s metaphysics from the perspective of a traditional seminarian philosopher trained in analytical philosophy. )
  • ––– (1993), “Dar-amadi bar Kitab al-asfar,” Iranshenasi, 4: 707–12.
  • Trad Hamade (1992), Dieu, le monde et l’âme chez Molla Sadra, Ph. D. dissertation, Université de Paris I-Panthéon-Sorbonne.
  • H. Hamid (1995), “Para-yi ‘anasir-i Anaksimandres [Anaximander] dar nazariyya-yi vujud-i Mulla Sadra,” Iranshenasi, 6: 817–32.
  • Jalal-al-Din Huma’i (1977), Du risala dar falsafa-yi islami, Tehran: Imperial Iranian Academy of Philosophy.
  • Max Horten (1912), Die Gottesbeweise bei Schirazi, Bonn: K. J. Trübner.
  • ––– (1913), Das philosophische System von Schirazi, Strassburg: K. J. Trübner. (These two works by the famous German orientalist were the first European attempts to make sense of Mulla Sadra and were based on his main works. However, the translations are inaccurate and the interpretations based on faulty understandings of the philosophical tradition. )
  • Mansur Imanpur (1997–98), “Harakat-i jawhari wa ma wara’-yi tabi‘at,” Khirad-nama-yi Sadra, 8–9: 70–80; 10: 47–52.
  • S. M. Intizam (1998–99), “Ibtikarat-i falsafi-yi Sadr al-Muta’allihin,” Khirad-nama-yi Sadra, 11: 56–62; 12: 78–86; 14: 58–63; 16: 51–55.
  • Christian Jambet (1997), “L’âme humaine d’Aristote à Mulla Sadra Shirazi,” Studia Iranica, 26: 211–36.
  • ––– (2002, 2006), L’acte d’être, Paris: Fayard; tr. Jeff Fort as The Act of Being, New York: Zone Books. (A Corbinian interpretation of the eschatological ends of Mulla Sadra’s ontology. )
  • ––– (2008), Mort et résurrection en islam. L’au-delà selon Mullâ Sadrâ, Paris: Albin Michel.
  • ––– (2016), Le gouvernement divin: Islam et la conception politique du monde, Paris: CNRS. (A study of Mulla Sadra’s political theology and how it relates to his ontology. )
  • Ibrahim Kalin (2002), Knowledge as Appropriation: Sadr al-Din al-Shirazi (Mulla Sadra) on the Unification of the Intellect and the Intelligible, Ph. D. dissertation, George Washington University.
  • Ibrahim Kalin (2004), “Mulla Sadra’s realist ontology and the concept of knowledge”, Muslim World, 94: 81–106.
  • ––– (2007), “Mulla Sadra on theodicy and the best of all possible worlds”, Journal of Islamic Studies, 18: 183–201.
  • Muhammad Husayn Khalili (2003), Mabani-yi falsafi-ye ‘ishq: az manzar-i Ibn Sina va Mulla Sadra, Qom. (A study on the philosophy of love, tracing its history from Avicenna to Mulla Sadra. )
  • Mahmoud Khatami (2004), From a Sadrean Point of View: Toward an Ontetic Elimination of the Subjectivistic Self, London: Salman-Azadeh Publications.
  • Eiyad al-Kutubi (2015), Mulla Sadra and Eschatology: Evolution of Being, London: Routledge. (The best study of Mulla Sadra’s eschatology and noetics as a critique of Avicenna. )
  • Kamal Lazziq (2014), Maratib al-ma‘rifa wa-haram al-wujud ‘inda Mulla Sadra, Beirut: Markaz al-hadara li-tanmiyat al-fikr al-islami. (A comparative study of the structure of being in MS, Descartes, Berkeley, and Kant. )
  • SIPRIn (2001), Majmu‘a-yi maqalat-i hamayish-i jahani-i Mulla Sadra, 5 vols. , Tehran: SIPRIn. (The proceedings of the 1999 World Congress on Mulla Sadra held in Tehran. )
  • A. Ma‘sumi (1961), “Sadr al-Din Shirazi: Hayatuhu wa ma’thuruhu,” Indo-Iranica [Calcutta], 14: 27–42.
  • Mokda Arfa Mensia (2014) (ed), Ibn Sina and Mulla Sadra Shirazi, Carthage: Tunisian Academy of Sciences, Arts, and Letters. (A collection of Arabic, French and English articles on the two philosophers. )
  • Barry Miller (1996), A Most Unlikely God, Notre Dame: Notre Dame University Press.
  • A. Mishkat-al-Dini (1976), Nazari ba falsafa-yi Sadr al-Din Shirazi, Tehran: Intisharat-i bunyad-i farhangi-yi Iran.
  • Zailan Moris (2003), Revelation, Intellectual Intuition and Reason in the Philosophy of Mulla Sadra. An Analysis of the al-Hikmah al-‘arshiyyah, New York & London: Routledge.
  • J. W. Morris (1981), The Wisdom of the Throne. An Introduction to the Philosophy of Mulla Sadra, Princeton: Princeton University Press. (A translation and study of al-Hikma al-‘arshiyya. )
  • Yujin Nagasawa (2017), Maximal God: A New Defence of Perfect Being Theism, Oxford: Oxford University Press.
  • S. H. Nasr, ed. (1960), Mulla Sadra Commemoration Volume, Tehran: Tehran University Press.
  • ––– (1972), “Mulla Sadra and the Doctrine of the Unity of Being,” Philosophical Forum, 4: 153–61.
  • Murtaza Puyan (2009), Ma‘ad-i jismani dar hikmat-i muta‘aliya, Qum: Bustan-i kitab. (A detailed defence of Mulla Sadra’s eschatology. )
  • Sa‘id Rahimian (1996–98), “Maqayisa-yi tatbiqi-yi barkhi-i nizamha-yi sinavi, rushdi va sadra’i,” Khirad-nama-yi Sadra, 3: 73–81; 4: 52–59; 5–6 and 7: 54–60; 8–9 and 9: 41–49; 10: 53–62; 13: 11–19. (A useful series of articles in Persian comparing the metaphysics of Avicenna, Averroes and Mulla Sadra. )
  • ‘Ali-Riza Rahimian (2006), Mas’ala-yi ‘ilm: tahlil-i ‘ilm dar falsafa-yi Sadra’i va maktab ma‘arif-i ahl bayt, Tehran: Munir. (A critique of Mulla Sadra’s epistemology. )
  • Fazlur Rahman (1975), The Philosophy of Mulla Sadra, Albany: SUNY Press.
  • ‘Abd al-Majid Rida (2003), Hiwar al-falasifa: asalat al-wujud wa-l-mahiya bayna Mulla Sadra wa-l-falsafa al-ishraqiyya, Beirut: al-Dar al-Islamiyya.
  • Sajjad Rizvi (2005), “Philosophy and Mysticism: Ibn ‘Arabi and Mulla Sadra,” in P. Adamson and R. Taylor (eds. ), The Cambridge Companion to Arabic Philosophy, Cambridge: Cambridge University Press, 2005, 224–46.
  • ––– (2009), Mulla Sadra and Metaphysics: The Modulation of Being, London: Routledge.
  • Mohammed Rustom (2012), The Triumph of Mercy: Philosophy and Scripture in Mulla Sadra, Albany: State University of New York Press. (An attempt of make sense of Mulla Sadra’s exegesis as philosophy. )
  • Muhammad Amin Sadiqi-Arzagani (2009), Natayij-i kalami-yi hikmat-i Sadra’i, Qum: Bustan-i kitab. (An important study of the theological implications of Mulla Sadra’s ontology. )
  • S. G. Safavi (2002) (ed), Perception according to Mulla Sadra, London: Salman-Azadeh Publications.
  • Ja‘far Sajjadi (1981), Mustalahat-i falsafi-yi Sadr al-Din Shirazi, Tehran: Tehran University Press.
  • Habib Allah Shahraki (2008), ‘Aql az nazar-i qur’an va hikmat-i muta‘aliya, Qum: Bustan-i Kitab. (A scripturalist critique of Mulla Sadra’s concept of the intellect. )
  • ‘Abd-Allah Shakiba (1996), “Shinakht az didgah-i Sadr al-Muta’allihin,” Khirad-nama-yi Sadra, 3: 61–67; 4: 40–46.
  • Jeff Speaks (2018), The Greatest Possible Being, Oxford: Oxford University Press.
  • ‘Abd al-Karim Surush (1978), Nihad-i na-aram-i jahan, Tehran: Intisharat-i Qalam. (A pioneering study of Mulla Sadra’s concept of substantial motion by a philosopher of science and prominent dissident Iranian intellectual. )
  • –––, ed. (1981), Yadvara-yi Mulla Sadra, Tehran: Nahzat-i zanan-i musulman.
  • Akbar Subut (2002), Filsuf-i Shiraz dar Hind, Tehran: Intisharat-i Hermes.
  • ‘Abd al-Rasul ‘Ubudiyyat (2006), Dar amadi bih nizam-i hikmat-i Sadra’i, 3 vols. , Qum: Imam Khomeini Research Institute. (A useful survey of the metaphysics of Mulla Sadra. )
  • Mashkur Husayn Yad (1998), Mulla Sadra ka qabil-i ‘amal falsafa, Lahore: al-Razzaq Publishers.
  • Khizar Yasin (2017), Mulla Sadra ka tasavvur-i wujud, Lahore: Kitab mahal. (A largely unsuccessful attempt at a critique of Mulla Sadra. )
  • Yahya Yasribi (2008), ‘Ayyar-i naqd, Qum: Bustan-i Kitab.
  • ‘Ali-Asghar Zakavi (2005), Basit al-haqiqa az didgah-i Mulla Sadra va monadology-i Leibniz, Qum: Bustan-i Kitab.
  • Husayn Zia’i (1993), “Sadr al-Din Shirazi va bayan-i falsafi-i Hikmat-i muta‘alia,” Iranshenasi, 5: 353–64.

ه- مراجع أخرى

  •  ابن سينا1973: التعليقات، ط:عبدالرحمن بدوي، القاهرة، GEBO
  • ابن سينا1996:الاشارات والتنبيهات مع شرحي الطوسي والرازي، ط:م. شهابي، 3مجلدات، قم، نشر البلاغة
  • Avicenna (1959), Tabi‘iyyat al-Shifa’: Fi-l-nafs [De Anima], F. Rahman (ed. ), Durham: Oxford University Press.
  • Suhrawardi (1998), Hikmat al-Ishraq/The Philosophy of Illumination, H. Ziai & J. Walbridge (eds. /trs. ), Provo: Brigham Young University Press.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

مداخل ذات صلة

Ibn ‘Arabî | Ibn Sina [Avicenna] | Suhrawardi


Rizvi, Sajjad, “Mulla Sadra”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2021 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/spr2021/entries/mulla-sadra/>.