الكاتب | كريس غاونز |
ترجمة | مصطفى شلش |
مراجعة وتدقيق | نورة العوهلي |
تحميل | نسخة PDF |
مدخل فلسفي شامل حول الخلفية التاريخية لـ النسبية الأخلاقية (moral relativism)، ونماذجها، وحججها، ودورها في الفلسفة التجريبية، وقابلية النسبية الأخلاقية للحل المنطقي؛ نص مترجم لد. كريس غاونز، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة على هذا الرابط، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.
تشكّل النسبية الأخلاقية موضوعًا مهمًا في علم الأخلاق، حيث نوقش على نطاق واسع خارج الفلسفة (على سبيل المثال، من قبل القادة السياسيين والدينيين)، وهو مثير للجدل بين الفلاسفة وغير الفلاسفة على حد سواء. ربما لا يكون هذا مفاجئًا في ضوء الأدلة الحديثة على أن حدس الناس حول النسبية الأخلاقية يختلف بشكل كبير. وعلى الرغم من أن العديد من الفلاسفة ينتقدون النسبية الأخلاقية، إلا أن هناك العديد من الفلاسفة المعاصرين الذين يدافعون عن أشكال منها. من بين هؤلاء شخصيات بارزة مثل جيلبرت هارمان وجيسي ج برينز وج ديفيد فيليمان وديفيد ب وونغ.
يُفهم مصطلح “النسبية الأخلاقية” بعدة طرق وهو غالبًا ما يرتبط بأطروحة تجريبية مفادها أن هناك خلافات أخلاقية عميقة وواسعة الانتشار وأطروحة ميتا-أخلاقية مفادها أن الحقيقة أو تبرير الأحكام الأخلاقية ليس مطلقًا، ولكن نسبياً حسب المعيار الأخلاقي لشخص ما أو لمجموعة من الأشخاص. في بعض الأحيان، ترتبط “النسبية الأخلاقية” بموقف معياري حول الكيفية التي يجب أن نفكر بها أو نتصرف بها تجاه أولئك الذين نختلف معهم أخلاقياً، وأكثر تلك المواقف شيوعًا هو أننا يجب أن نتسامح معهم.
-
الخلفية التاريخية لـ النسبية الأخلاقية
-
النماذج والحجج
-
الفلسفة التجريبية
-
النسبية الأخلاقية الوصفية
-
هل الخلافات الأخلاقية قابلة للحل بشكل منطقي؟
-
النسبية الأخلاقية الفوقية (الميتا-أخلاق النسبية)
-
مواقف مختلطة: تقارب بين النسبيين والموضوعيين
-
النسبية الأخلاقية والتسامح
-
المراجع
-
أدوات أكاديمية
-
مصادر أخرى على الإنترنت
-
مداخل ذات صلة
-
الخلفية التاريخية لـ النسبية الأخلاقية
على الرغم من أن النسبية الأخلاقية لم تصبح موضوعًا بارزًا في الفلسفة أو في أي مكان آخر حتى القرن العشرين، إلا أنها ذات أصول قديمة. في العالم اليوناني الكلاسيكي، ظهر أن كل من المؤرخ هيرودوت والسفسطائي بروتاغوراس يؤيدان شكلاً من أشكال النسبية (جذبت الأخيرة انتباه أفلاطون في كتاب محاورة ثياتيتوس). وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الفيلسوف الصيني الداوي القديم جوانغ زي (Zhuangzi) طرح وجهة نظر لا موضوعية تُفسر أحيانًا على أنها نوع من النسبية.
حظي التنوع الأخلاقي بالاعتراف على نطاق واسع بين الفلاسفة اليونانيين القدماء، ولكن كان رد الفعل المضاد للموضوعية ]الأخلاقية[ الأكثر شيوعًا هو الشك الأخلاقي، وهو الرأي القائل بعدم وجود معرفة أخلاقية (موقف المتشكك البيروني Sextus Empiricus)، بدلاً من النسبية الأخلاقية، وهي وجهة النظر القائلة بأن الحقيقة أو التبرير مرتبطة بالثقافة أو المجتمع. استمر هذا النمط خلال معظم تاريخ الفلسفة الغربية ووجدت بالتأكيد نقاشات عرضية حول الخلاف الأخلاقي – على سبيل المثال في مقالات ميشيل دي مونتين أو في بحث في مبادئ الأخلاق لديفيد هيوم. كانت هذه المناقشات تتعلق بالموضوعية الأخلاقية، لكن النسبية الأخلاقية كأطروحة مميزة صراحةً عن الشك الأخلاقي لم تكن في العادة محل التركيز ولم يشعر الفلاسفة الأخلاقيون قبل القرن العشرين عمومًا بأنهم ملزمون بالدفاع عن موقف متعلق بالنسبية الأخلاقية.
ومع ذلك، فإن الوعي المتزايد بالتنوع الأخلاقي (خاصة بين الثقافات الغربية وغير الغربية) من جانب الأوروبيين في العصر الحديث هو سابقة مهمة للاهتمام المعاصر بالنسبية الأخلاقية. خلال هذا الوقت، كان الرأي السائد بين الأوروبيين وذريتهم الاستعمارية هو أن قيمهم الأخلاقية كانت أعلى من القيم الأخلاقية للثقافات الأخرى وقلة هم من اعتقدوا أن جميع القيم الأخلاقية لها صلاحية متساوية أو نسبية، أو أي شيء من هذا القبيل. تولد الزخم الرئيسي لمثل هذا الموقف ]المغاير [من الأنثروبولوجيا الثقافية حيث كان علماء الأنثروبولوجيا مفتونين بتنوع الثقافات، وأنتجوا دراسات تجريبية مفصلة عنها – خاصة تلك “البدائية” وغير الغربية. قَبِل علماء الأنثروبولوجيا في البداية افتراض التفوق الأوروبي أو الغربي، لكن بدأ الطعن في هذا الافتراض في القرن العشرين، وخاصة من قبل بعض علماء الاجتماع في الولايات المتحدة. جاءت المعارضة المبكرة من عالم الاجتماع ويليام جراهام سمنر، الذي اقترح نسخة من النسبية الأخلاقية في كتابه فولكوايز عام 1906. لكن التحدي الأكثر تأثيرًا نشأ مع عالم الأنثروبولوجيا فرانز بواز وطلابه – على وجه الخصوص، روث بنديكت وملفيل ج. هيرسكوفيتس ومارجريت ميد – الذين صاغوا بوضوح أشكالًا مؤثرة من النسبية الأخلاقية في النصف الأول من القرن العشرين. في عام 1947، وبمناسبة مناقشة الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان العالمية، أصدرت الجمعية الأنثروبولوجية الأمريكية بيانًا أعلنت فيه أن القيم الأخلاقية مرتبطة بالثقافات وأنه لا توجد طريقة لإثبات أن قيم ثقافة واحدة أفضل من قيم ثقافة أخرى. لم يُجمع علماء الأنثروبولوجيا على هذا مطلقًا، ومؤخراً خففت الدعوة لحقوق الإنسان من جانب بعض علماء الأنثروبولوجيا من التوجه النسبي للمجال. ومع ذلك، فقد دافع علماء الأنثروبولوجيا البارزون مثل ريتشارد أ. شويدر والراحل كليفورد غيرتز عن المواقف النسبية في السنوات الأخيرة.
أنشأ إدوارد ويسترمارك (1906–1908 & 1932) جسرًا مهمًا مبكرًا من الأنثروبولوجيا إلى الفلسفة، وهو عالم اجتماع كتب أعمالًا أنثروبولوجية وفلسفية تدافع عن أشكال النسبية الأخلاقية التجريبية والميتا-أخلاقية. وبدأ الفلاسفة الأخلاقيون في النصف الأخير من القرن العشرين بتكريس اهتمام كبير للنسبية الأخلاقية وقام بعضهم – وعلى الأخص ريتشارد ب. براندت (1954) وجون لاد (1957) – بأخذالجهد التجريبي للأنثروبولوجيا لفهم أخلاقيات ثقافات مختلفة بجدية، إلى حد إجراء مثل هذه التحقيقات التجريبية بأنفسهم. تزايد الاهتمام بالنسبية الأخلاقية في العقود العديدة الماضية وتوجد الآن أدبيات هائلة حول هذا الموضوع (الببليوغرافيا أدناه محدودة للغاية). تقع معظم هذه المناقشات في المجال الميتا-أخلاقي البحت، ولكن ليس كلها. على سبيل المثال، هناك عمل كبير حول النسبية الأخلاقية فيما يتعلق بـ حقوق الإنسان (Donnelly 2013، part 2 and Okin 1998) والفلسفة السياسية (Accetti 2015، Bilgrami 2011 and Long 2004) والفلسفة النسوية (Code 1995 and Khader 2019).، كما توجد أيضًا مناقشات حول النسبية الأخلاقية في المجالات التطبيقية مثل الأخلاقيات الطبية (Earp 2016).
-
النماذج والحجج
بشكل عام، يشير مصطلح “النسبية” إلى العديد من الأفكار المختلفة. على سبيل المثال، في الأنثروبولوجيا، يشير أحيانًا، من بين أشياء أخرى، إلى الفكرة غير المثيرة للجدل التي مفادها أن علماء الأنثروبولوجيا يجب أن يسعوا جاهدين ليكونوا محايدين وغير متحيزين في مساعيهم التجريبية. ومع ذلك، في الفلسفة الأخلاقية، عادة ما تؤخذ “النسبية” على أنها تشير إلى موقف تجريبي أو أخلاقي ميتا أخلاقي أو معياري. عادة ما يُعرّف الموقف التجريبي كالتالي:
النسبية الأخلاقية الوصفية (DMR): كمسألة تجريبية واقعية، هناك خلافات أخلاقية عميقة وواسعة الانتشار عبر المجتمعات المختلفة، وهذه الخلافات أكثر أهمية بكثير من أي اتفاقات قد تكون موجودة.
في بعض الأحيان يتم التأكيد على التنوع الأخلاقي بدلاً من الخلاف الصارم وغالبًا ما يُعتقد أن النسبية الوصفية هي مفهوم نشأ بواسطة الأنثروبولوجيا والتخصصات التجريبية الأخرى. ومع ذلك، فهي ليست غير مثيرة للجدل: فقد أثيرت ضدها اعتراضات تجريبية وفلسفية. ومن ثم، فهي نقطة محورية للنقاش.
بالنسبة للموقف الميتا-أخلاقي فهو عادةً ما يهتم بحقيقة أو تبرير الأحكام الأخلاقية وقد طالته تعريفات مختلفة إلى حد ما. يفترض منظرو النسبية الميتا-أخلاقية عمومًا أن العديد من الخلافات الأخلاقية الأساسية لا يمكن حلها بشكل عقلاني، وعلى هذا الأساس يجادلون بأن الأحكام الأخلاقية تفتقر إلى السلطة الأخلاقية أو القوة المعيارية التي يجادل أنصار الموضوعية الأخلاقية عادة بوجودها في هذه الأحكام. ومن ثم، فإن النسبية الأخلاقية الميتا-أخلاقية هي في جزء منها أطروحة سلبية تتحدى مزاعم أنصار الموضوعية الأخلاقية، إلا أنها غالبًا ما تتضمن أطروحة إيجابية أيضًا، وهي أن الأحكام الأخلاقية لها سلطة معنوية أو قوة معيارية ولكن بالنسبة لمجموعة معينة من الأشخاص في مجتمع أو ثقافة ما وليس بشكل مطلق أو كوني (كما تقتضي الموضوعية الأخلاقية). تتعلق هذه النقطة عادة بالحقيقة أو التبرير الأخلاقي أو كلاهما ويمكن تعريفها بالشكل الآتي:
النسبية الميتا-أخلاقية) (MMR): إن حقيقة أو بطلان الأحكام الأخلاقية أو تبريرها ليست مطلقة أو كونية، ولكنها مرتبطة بتقاليد أو قناعات أو ممارسات مجموعة من الأشخاص.
فيما يتعلق بالقيمة الصوابية، هذا يعني أن حكمًا أخلاقيًا مثل “تعدد الزوجات هو خطأ أخلاقي” قد يكون صائبًا بالنسبة لمجتمع ما، ولكنه خاطئ بالنسبة إلى مجتمع آخر. إنه ليس صحيحًا أو خاطئًا بمفردات بسيطة. وبالمثل، فيما يتعلق بالتبرير، قد يكون هذا الحكم مبررًا في مجتمع ما، وغير مبرر في مجتمع آخر. لا تعتبر النقطة الأخيرة مثيرة للجدل فقد يكون لدى الناس في مجتمع ما أدلة مختلفة متاحة لهم عن تلك الموجودة في المجتمع الآخر. لكن أنصار النسبية الميتا-أخلاقية عادة ما يكون لديهم شيء أقوى وأكثر استفزازًا لأخذه بعين الاعتبار، وهو أن معايير التبرير في المجتمعين قد تختلف عن بعضها البعض بحيث لا يوجد أساس منطقي لحل هذه الاختلافات. هذا هو السبب في أن تبرير الأحكام الأخلاقية نسبي أكثر منه مطلق.
تعددت صيغ مختلفة للنسبية في السنوات الأخيرة (لمناقشة بعضها انظر Fricker 2013, Krausz 2011 and López de Sa 2011) مما يجعله من المهم ملاحظة العديد من الفروق في صياغة مواقف نسبية ميتا-أخلاقية مختلفة. أولاً، يتم التمييز أحيانًا بين نسبية المحتوى، وهي وجهة النظر القائلة بأن العبارات قد تحتوي على محتويات (معاني) مختلفة في أطر مختلفة، ونسبية الحقيقة، وهو الرأي القائل بأن العبارات لها نفس المحتوى في أطر مختلفة، لكن القيمة الصوابية فيها قد تختلف عبر هذه الأطر (لمناقشة هذا التمييز في النسبية الأخلاقية انظر Prinz 2007: 180–3). في المناقشات التالية، سينصب النقاش حول نسبية الحقيقة عادة. ثانيًا، يقال أحيانًا أن حقيقة أو تبرير الأحكام الأخلاقية قد يكون نسبيًا لشخص فرد أو إلى مجموعة من الأشخاص. ستركز المقالة على نسبية الحكم أو التبرير لمجموعة من الأشخاص كما هو الحال في تعريف النسبية الميتا-أخلاقية، ما لم يُذكر خلاف ذلك. ثالثًا، تكون الحقيقة أو التبرير نسبيًا إلى الأشخاص الذين يصدرون الأحكام الأخلاقية أو الأشخاص الذين تُصدر الأحكام بشأنهم. يطلق على النوعين أحيانًا نسبية المُقيّم ونسبية الفاعل الأخلاقي على التوالي. تشير نسبية المُقيّم إلى أننا نقوم أو يجب علينا إصدار أحكام أخلاقية على أساس معاييرنا الخاصة، بينما تشير نسبية الفاعل الأخلاقي إلى أن المعايير المُحتكم إليها هي تلك الخاصة بالأشخاص الذين نحكم عليهم (بالطبع، قد تتطابق كلا النوعين من المعايير في بعض الحالات). نسبية المقيّم هي الموقف الأكثر شيوعًا، وعادة ما يتم افتراضها في المناقشة التالية. أخيرا، قد تُقّدم النسبية الميتا-أخلاقية كأفضل تفسير لما يعتقده الناس بالفعل، أو قد تُطرح كموقف يجب على الناس قبوله بغض النظر عما يعتقدونه الآن. ستكون هناك فرصة لمناقشة كلا الادعاءين أدناه، على الرغم من أن الأخير ربما يكون الأكثر شيوعًا.
عادة ما تتناقض النسبية الميتا-أخلاقية مع الموضوعية الأخلاقية. دعنا نقول أن الموضوعية الأخلاقية تؤكد أن الأحكام الأخلاقية هي عادة صائبة أو خاطئة بالمعنى المطلق أو الكوني، وأن بعضها صائب، وأن الناس في بعض الأحيان يكون لديهم ما يبرر قبولهم للأحكام الأخلاقية الصائبة (ورفض الأحكام الخاطئة) على أساس الأدلة المتاحة لأي شخص عاقل ومستبصر. توجد طرق مختلفة لتحدي هذه الموضوعية الأخلاقية. تقول الشكوكية الأخلاقية أنه لا يمكن قطعًا تبرير قبول أو رفض الأحكام الأخلاقية فيما تؤكد وجهات النظر الأخرى – يُطلق على وجهات النظر الأخرى بتنوع اللاأدْرِية الأخلاقية والتعبيرية واللاواقعية والعدمية، وما إلى ذلك – إلى أن الأحكام الأخلاقية تفتقر إلى قيمة صوابية، على الأقل إذا ما تجاوزنا الادعاء الأدنى بأن التأكيد على أن س صائبة هو ببساطة تأكيد س (تدّعي وجهة نظر ذات صلة وهي نظرية الخطأ بأن الأحكام الأخلاقية خاطئة دائمًا). غالبًا ما تتميز النسبية الوصفية عن كل هذه الآراء من حيث كونها تؤكد على الأشكال النسبية للقيمة الصوابية والتبرير الأخلاقي بدلًا من إنكارهما. ومع ذلك، يُنظر أحيانًا إلى وجهة النظر الميتا-أخلاقية هذه على أنها مرتبطة بالمواقف التي تقول بافتقار الأحكام الأخلاقية إلى قيمة صوابية لأن الآراء النسبية تؤكد أن الأحكام الأخلاقية تفتقر إلى وجود قيمة صوابية بالمعنى المطلق أو الكوني. قد تكون هذه مجدر مسألة اصطلاحية، ولكن ليس دائمًا. إذا قيل إن الأحكام الأخلاقية تفتقر إلى قيمة صوابية (تتجاوز الادعاء الأدنى)، فلا يمكن أن تكون هناك قيمة صوابية نسبية بالمعنى الذي يقصده أنصار النسبية الأخلاقية عادة (على الرغم من أنه يمكن القول بوجود هذه القيمة بالقدر الذي يسمح به وجود التبرير الأخلاقي). كما سيظهر أدناه، هناك نقاش حول العلاقة بين النسبية الميتا-أخلاقية والمواقف اللاأدرية الأخلاقية أو التعبيرية.
تستند معظم الحجج الخاصة بـ النسبية الميتا-أخلاقية إلى النسبية الوصفية والحجة القائلة بأنه من غير المعقول افتراض أن الخلافات الأخلاقية الأساسية يمكن حلها دائمًا بشكل عقلاني (للحصول على لمحات عامة عن هذه الحجج، انظر Plakias 2020 و Seipel 2020b). يقال أحيانًا أن بعض الخلافات الأخلاقية لا تشوبها شائبة، مما يعني أن أياً من الطرفين لم يرتكب خطأ (see Kölbel 2004). على سبيل المثال، أكد كل من هرمان (1996) وبرينز (2007) وونغ (1984 and 2006) على أهمية الخلافات الأخلاقية في مناقشتهم للنسبية الميتا-أخلاقية، وسيتم النظر في مثل هذه الحجج بشيء من التفصيل في الأقسام اللاحقة. ومع ذلك، فإن لبعض الحجج الخاصة بالنسبية الميتا-أخلاقية نهج مختلف إلى حد ما، وينبغي الإشارة إلى اثنتين منها هنا.
أولاً، يمكن الدفاع عن النسبية الميتا-أخلاقية كنتيجة للأطروحة النسبية العامة القائلة بأن الصواب أو التبرير لجميع الأحكام ليس مطلقًا أو كونيًا، ولكنه متعلق بمجموعة معينة من الأشخاص. على سبيل المثال، يمكن الحفاظ على هذا الموقف العام على أساس أن لكل مجتمع إطاره المفاهيمي الخاص به وأن الأطر المفاهيمية غير قابلة للقياس مع بعضها البعض. ومن ثم، لا يمكننا التحدث عن الصواب أو التبرير إلا بعبارات نسبية. قد يُعتقد أن هذا الموقف يعيبه أنه لا يمكن طرحه على أنه صحيح أو مبرر إلا بالنسبة إلى بعض الأطر المفاهيمية (عادة ما يكون الاقتراح هو أن هذا الإطار هو إطارنا الخاص)، ويجد كثيرون أنه غير معقول بالاحتكام إلى الأحكام البدهية أو الأحكام في العلوم الطبيعية. ومع ذلك، فهذه إحدى السبل للوصول إلى النسبية الميتا-أخلاقية. لكن معظم مؤيدي النسبية الميتا-أخلاقية يركزون على السمات المميزة للأخلاق ويرفضون النسبية العامة وهم في الواقع غالبًا ما يقارنون الأخلاق والعلم فيما يتعلق بقضايا الصواب والتبرير. على سبيل المثال، يربط كل من هرمان (2000b) وبرينز (2007) وونغ (1996 and 2006) النسبية الأخلاقية بالطبيعة، وهو الموقف الذي يفترض عادةً موضوعية العلوم الطبيعية.
ثانيًا، يمكن الدفاع عن الموقف النسبي الميتا-أخلاقي من خلال التأكيد على جوانب أخلاقية لا يطالها الاختلاف. على سبيل المثال، تؤكد روفان (2011 & 2013) أن أفضل طريقة لفهم النسبية هي ليست بأنها استجابة للاختلافات الأخلاقية، ولكنها استجابة لمخططات مفاهيمية بديلة تصور عوالم مختلفة معزولة معيارياً عن بعضها البعض. وفقًا لهذا المفهوم، لا ترتبط حوامل الحقيقة في عالم ما ارتباطًا منطقيًا بحوامل الحقيقة في عالم آخر (لذلك لا يمكن أن يكون هناك خلاف صارم)، ومع ذلك لا يمكن اعتناق كلا العالمين (لذا فهما بدائل). تجادل روفان بأنه في المجال الأخلاقي، وليس في مجال العلوم الطبيعية، قد تكون هناك عوالم مختلفة بهذا المعنى. ومن ثم، قد يكون الحكم الأخلاقي صائبًا بالنسبة لقاطني عالم ما، ولكن ليس لقاطني عالم آخر، ونتيجة لذلك، تقول روفان بأن التعلم والتعليم بين العوالم الأخلاقية المختلفة قد يكون مستحيلًا.
ادعى فيليمان (2015) في وجهة نظر مماثلة جزئيًا على أساس البيانات الإثنوغرافية والتاريخية بأن المجتمعات المختلفة تصيغ أنواع الأفعال المتاحة بشكل مختلف. علاوة على ذلك، تعتمد أسباب العمل دائمًا على منظور المجتمع الخاص لأنها تنشأ من دافع التفسير المتبادل المطلوب للحياة الاجتماعية داخل المجتمع. وبالتالي، لا توجد أسباب مستقلة عن المنظور الخاص للجماعة، ولا يمكن أن يكون هناك خلاف مباشر عبر المجتمعات المختلفة لأنها لا تملك مجموعات مشتركة من أنواع الأفعال. ومع ذلك، قد تتناول هذه المجتمعات الموضوعات الأساسية للأخلاق ولكن بطرق متباينة نظرًا لاختلاف وجهات نظرها مما يجعل للأخلاق صلاحية محلية فقط.
يؤكد كل من روفان وفيلمان على التنوع الأخلاقي بدلاً من الخلاف الأخلاقي. وهم لا يسعون بذلك لتأكيد أن الخلافات لا يمكن حلها بشكل عقلاني، ولكن إلى نفي وجود أساس ما يمكن من خلاله إظهار التفوق العقلاني لبعض تلك البدائل المختلفة المتباينة دون أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن النسبية الميتا-أخلاقية يمكن تبريرها أحيانًا من خلال اللجوء إلى طريقة فريدة لتحليل الأحكام الأخلاقية جنبًا إلى جنب مع ادعاء معين حول الاختلاف الأخلاقي. على سبيل المثال، يجادل برينز (2007) بأن ما يسميه “العاطفية الأخلاقية” تنطوي على شكل من أشكال النسبية الميتا-أخلاقية بمجرد أن نعترف بالخلافات الأخلاقية. وفقًا للعاطفة الأخلاقية، يكون الفعل صائبًا (خاطئًا) من الناحية الأخلاقية إذا وفقط إذا كان لدى أحد المراقبين للفعل شعور بالاستحسان (الاستنكار) بشأنه. يدافع برينز عن هذا الموقف على أساس حجة ميتا-أخلاقية تزعم كونه المفهوم الأكثر منطقية في ضوء الدراسات التجريبية التي تربط الأحكام الأخلاقية بالعواطف. نظرًا لأن الأشخاص غالبًا ما يكون لديهم مشاعر متضاربة حول نفس الفعل، فقد يكون الحكم على الصيغة “الفعل ع صحيح” صائبًا (عندما يعبر عنه شخص يوافق على ع)، و “الفعل ع خطأ” قد تكون صائبة أيضًا (عندما يعبر عنها شخص لا يوافق على ع). من وجهة النظر هذه، فإن حقيقة مثل هذه الأحكام الأخلاقية مرتبطة بمشاعر الأشخاص الذين يتخذونها. العاطفة الأخلاقية هي سمة حاسمة لهذه الحجة وقد ينكر العديد من الفلاسفة أن الصواب والخطأ الأخلاقيين يعتمدان على مشاعرنا بهذه الطريقة، كما أن معظم الحجج المؤيدة للنسبية الميتا-أخلاقية لا تستند إلى العاطفة الأخلاقية.
في مثال آخر، يجادل هرمان (2000) بأن الحكم الأخلاقي الذي يفرض على الشخص أن يفعل ع (“حكم باطني”) يشير إلى أن لدى الشخص أسبابًا دافعة لفعل ع، وأنه من المحتمل أن يكون لدى الشخص مثل هذه الأسباب فقط إذا دخل في اتفاق ضمني مع الآخرين حول ما يجب القيام به. ومن ثم، فإن الأحكام الأخلاقية من هذا النوع صالحة فقط لمجموعات الأشخاص الذين أبرموا مثل هذه الاتفاقات. قد يكون الفعل صائبًا بالنسبة لاتفاق ما وخاطئًا بالنسبة إلى اتفاق آخر (هذا يجمع بين نسبية التقييم والفاعل الأخلاقي بقدر ما يفترض هارمان أن كلا الشخصين، ذاك الذي يصدر الحكم والشخص مناط الحكم، طرفان في الاتفاقية).
تُقدّم نسبية هارمان على أنها أطروحة لنموذج منطقي، لكن الدلالة النسبية تظهر فقط بافتراض أن الأسباب المحفزة ]للفعل الأخلاقي[ذات الصلة ليست كونية ومن المحتمل أن تكون قد نشأت من اتفاق توصل إليه بعض الأشخاص وليس كلهم. بهذا المعنى، فإن الخلاف الأخلاقي هو سمة مهمة لهذه الأطروحة. لكن التركيز الرئيسي ينصب على الفكرة الداخليانية القائلة بأن الأحكام الباطنية تتضمن أسبابًا محفزة، وأسبابًا لا تُقدّم ببساطة من خلال كونها عقلانية، ولكنها تتطلب رغبات أو نوايا معينة قد يمتلكها أو لا يملكها الشخص. الباطنية بهذا المعنى هي وجهة نظر مثيرة للجدل وقد يقول الكثيرون بأن الحكم الأخلاقي يمكن أن ينطبق على الشخص سواء كان ذلك الشخص لديه الدافع لاتباعه أم لا (راجع قسم “السيكولوجية: الدافع الأخلاقي” في مدخل الإبستمولوجيا الأخلاقية). ومع ذلك، فإن الداخليانية ليست سمة قياسية لمعظم الحجج المتعلقة بالنسبية الأخلاقية، وفي الواقع ينتقد بعض النسبويون النزعة الداخليانية. (على سبيل المثال، راجع: Wong 2006: ch. 7)
تجدر الإشارة إلى أن الداخليانية هي تعبير عن وجهة نظر أكثر عمومية تؤكد على الطابع التوجيهي للأفعال للأحكام الأخلاقية. على الرغم من أن هارمان وآخرين (مثلًا، دراير 1990 و2006) قد جادلوا بأن شكلاً من أشكال النسبية الأخلاقية يوفر أفضل تفسير للداخليانية، إلا أن الحجة الأكثر شيوعًا كانت أن الطابع التوجيهي للأفعال للأحكام الأخلاقية يمكن تفسيره بشكل أفضل من خلال تصورات لاأدْرية أخلاقية أو تعبيرية تنفي وجود أي قيمة صوابية للأحكام الأخلاقية (تتجاوز الادعاء الأدنى للقيمة الصوابية ]الذي سبق الإشارة إليه[). في الواقع، ادعى البعض أن الموقف التعبيري يتجنب النسبية الأخلاقية ويتفوق عليها لأنه يفسر الطابع الموجه للفعل للأحكام الأخلاقية دون مواجهة المشكلات التي يُعتقد أن النسبية الأخلاقية تنطوي عليها (على سبيل المثال، ر اجع: Blackburn 1998: ch. 9 and 1999, and Horgan and Timmons 2006). على النقيض من ذلك، يؤكد آخرون أن المواقف اللا أدرية والتعبيرية ملتزمة بذاتها بشكل من أشكال النسبية الأخلاقية. (على سبيل المثال، راجع: Bloomfield 2003, Foot 2002b, and Shafer-Landau 2003: ch 1). لمزيد من التحليل لهذا الجدال، راجع Miller 2011. ولمزيد من البحث حول حول اللا أدرية والمواقف ذات الصلة، راجع مدخل moral cognitivism vs. non-cognitivism.
أخيرًا، يرتبط مصطلح “النسبية الأخلاقية” أحيانًا بموقف معياري يتعلق بكيفية التفكير أو التصرف تجاه الأشخاص الذين نختلف معهم أخلاقياً وكثيرًا ما يُصاغ هذا الموقف بعبارات التسامح. على وجه الخصوص، يُقال إنه لا ينبغي لنا التدخل في تصرفات الأشخاص التي تستند إلى أحكام أخلاقية نرفضها حين لا يبدو أن حل الخلاف بشكل عقلاني أمر متاح أو ممكن. يُعتقد أن هذا ينطبق بشكل خاص على العلاقات بين مجتمعنا وتلك المجتمعات التي لدينا معها خلافات أخلاقية كبيرة، ونظرًا لأن التسامح يُفهم على أنه أطروحة معيارية حول ما يجب علينا القيام به أخلاقياً، فمن الأفضل عدم اعتباره كشكل من أشكال النسبية الأخلاقية بحد ذاته، ولكن كأطروحة يُعتقد غالبًا أنها ضمنية في المواقف النسبية مثل النسبية الوصفية النسبية الميتا-أخلاقية. يعتقد معظم الفلاسفة بخطأ هذه الأطروحة على الرغم من شعبيتها، ويبقى السؤال الرئيسي حول ماهية العلاقة الفلسفية الملائمة، إن وجدت،بين النسبية الأخلاقية والتسامح.
سيناقش الجزء المتبقي من هذا المقال النسبية الوصفية، وهي الحجة القائلة بأنه من غير المرجح أن تُحل الخلافات الأخلاقية الأساسية عقلانيًا، والحجج والتحديات التي تواجه لنسبية الميتا-أخلاقية، والمواقف المختلطة التي تجمع بين النسبية الأخلاقية والموضوعية الأخلاقية،والعلاقة بين النسبية الأخلاقية والتسامح. ولكن يجب أولاً أن يكون هناك بعض النظر في المساهمات الأخيرة للفلسفة التجريبية (Experimental) في هذه المناقشات.
-
الفلسفة التجريبية (Experimental)
الفلسفة التجريبية هي نهج للفلسفة يعتمد صراحة على المعرفة التجريبية التي أنشأتها العلوم لمعالجة الأسئلة الفلسفية. (راجع مدخل: experimental moral philosophy). هناك ثلاث طرق مهمة لعبت الفلسفة التجريبية من خلالها دورًا مهمًا في مناقشات النسبية الأخلاقية. تهتم هذه الطرق بمدى الاختلاف الأخلاقي أو التنوع الأخلاقي بين الناس (أي النسبية الوصفية، ومدى التزام الأخلاق الشعبية بفهم موضوعي أو نسبي للأحكام الأخلاقية (أي آراء الناس العاديين بشأن النسبية الميتا-أخلاقية، ومدى تأثير القبول بالنسبية الأخلاقية على السلوك الأخلاقي مثل التسامح (أي الطرق التي تؤثر بها وجهات النظر المتأثرة بالنسبية الميتا-أخلاقية سببياً على إبداء الناس لمواقف متسامحة أو عدم ذلك.
لأول هاته الطرق تاريخ طويل في مناقشات النسبية الأخلاقية ويمكن اعتبارها في الواقع أحد أقدم الأمثلة على الفلسفة الأخلاقية التجريبية. كما رأينا في القسم ١، ساهم عمل علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الاجتماع الآخرين لأكثر من قرن في تطوير الفكر حول النسبية الأخلاقية، سواء من خلال الزعم بتقديم أدلة تجريبية على الاختلاف الواسع بين الثقافات والتنوع حول الأخلاق، أو من خلال اقتراح فكرة أن القواعد الأخلاقية صائبة فقط بالنسبة للثقافة كأفضل تفسير لذلك. أي أن هؤلاء العلماء قد قدموا أسسًا تجريبية لقبول النسبية الأخلاقية الوصفية، وقد اقترحوا أن بعض أشكال النسبية الأخلاقية الميتا-أخلاقية هي استنتاج معقول من هذه البيانات التجريبية (على الرغم من أن هذه المواقف لم تكن دائمًا ظاهرة بوضوح). وتتجلى أهمية أكبر في أعمال براندت (1954) و لاد (1957) اللذين اُستشهد بهما في القسم ١ حيث تتضمن تلك الأعمال التحقيقات التجريبية في القيم الأخلاقية للأمريكيين الأصليين والتفكير الفلسفي حول أهمية هذه التحقيقات، وعلاقتها بالنسبية الأخلاقية، وتشكل تلك الأعمال أمثلة على انخراط الفلاسفة في البحث التجريبي لدعم أهداف فلسفية. إلا أن عملهم التجريبي لم يلهم فلاسفة آخرين للمشاركة في بحث مماثل على الفور، حيث لم تبرز الفلسفة التجريبية بهذا المعنى – التجارب أو غيرها من التحقيقات التجريبية التي أجراها الفلاسفة – إلا بعد نصف قرن تقريبًا. ويقوم الفلاسفة في الوقت الحاضر أحيانًا بإجراء تجارب للتحقق من مدى الخلاف الأخلاقي (for example, see the study of Western and East Asian values cited in Doris and Plakias 2008). أما ما كان أكثر شيوعًا في العقود الأخيرة هو اقتباس الفلاسفة للدراسات التجريبية من قبل علماء الأنثروبولوجيا لتأسيس حقائق حول الاختلاف أو التنوع الأخلاقي (for example, see Prinz 2007, Velleman 2015, and Wong 1984 and 2006). وعلى الرغم من وجود اهتمام متجدد بالأخلاق من قبل بعض علماء الأنثروبولوجيا في السنوات القليلة الماضية (see Klenk 2019 and Laidlaw 2017)، إلا أن هذا لم يجذب الكثير من اهتمام الفلاسفة بعد. يوجد المزيد حول هذه القضايا في القسم ٤.
أما ثاني الطرق، والتي تركز على دراسة مدى تقبل الناس العاديون لبعض صيغ الموضوعية الأخلاقية أو بعض صيغ النسبية الميتا-أخلاقية (أو بعض المواقف غير الموضوعية الأخرى)، فقد كانت موضوع بحث تجريبي كبير في السنوات الأخيرة. أُجريت هذه البحوث أحيانًا من قبل علماء النفس (أو علماء آخرين)، وأحيانًا من قبل الفلاسفة، وأحيانًا وبشكل متزايد من خلال عمل الفريقين معًا (for overviews of this literature, see Pölzler and Wright 2019 and Sarkissian 2016). في الماضي، ادعى الفلاسفة الذين لديهم مجموعة متنوعة من الالتزامات الأخلاقية الفوقية أنه في الممارسات الأخلاقية اليومية، يفترض الناس ضمنيًا أن الموضوعية الأخلاقية صحيحة بمعنى ما (for example, see Blackburn 1984: 180 and Jackson 1998: 137) ولكن توجد بعض الحالات التي أكد فيها فلاسفة آخرون النقيض من ذلك، أي أن الناس العاديين لديهم أحيانًا مواقف تتعارض مع الموضوعية. على سبيل المثال، جادل وونغ بأنه في بعض الخلافات الأخلاقية، يوافق الناس على معقولية الشخص الذي لديه حكم أخلاقي متضارب في اختياره الأخلاقي إلى الحد الذي يكون فيه هؤلاء الأشخاص غير متأكدين مما إذا كان موقفهم صائبًا بشكل فريد – ما يسميه وونغ بــــــ”التردد الأخلاقي” (see Wong 2006: ch. 1). إذن، أيهما أقرب للصواب، الفلاسفة الذين يدعون أن الناس العاديين يقبلون شكلاً من أشكال الموضوعية (الموضوعية الأخلاقية الشعبية) أو الفلاسفة الذين يعتقدون أن الناس العاديين على الأقل يقبلون أحيانًا شيئًا أقرب إلى النسبية الميتا-أخلاقية (النسبية الأخلاقية الشعبية)؟
تشير الأبحاث التجريبية الحديثة إلى أن كلا الموقفين قد يكون لهما بعض المزايا مما يدل على تعقيد الآراء الميتا-أخلاقية للأشخاص العاديين. من الطرق الشائعة لقياس ما إذا كان الناس موضوعيين أو نسبويين حول مسألة أخلاقية هي عرض مسألة الخلاف بين الطرفين لهما وسؤالهما عما إذا كان يمكن لطرف واحد فقط أن يكون صائبًا في أفضل الحالات. تشير الإجابة القائلة بأن واحدًا فقط يمكن أن يكون صائبًا إلى التزام موضوعي، بينما تشير إجابة أنه يمكن أن يكون أكثر من طرف على حق إلى الالتزام بالنسبية (أو بعض المواقف غير الموضوعية). قدمت العديد من الدراسات التي تستخدم هذه الطريقة والمنهجيات ذات الصلة أدلة على أنه في حين أن العديد من الناس موضوعيين في نظرتهم إلى الأخلاق، فإن عددًا كبيرًا منهم ليسوا كذلك (for example, see Nichols 2004). وعلاوة على ذلك، أظهرت بعض الدراسات ارتباطات مثيرة للاهتمام مع هذه الاختلافات. على سبيل المثال، التواجد في تفاعل تنافسي لا تكافئي والاعتقاد بإله شديد العقاب يرتبط بحدسيات موضوعية أكثر (see Fisher et al. 2017 and Sarkissian and Phelan 2019) في حين أن الانفتاح على التجارب والإمكانيات البديلة أكثر شيوعًا بين أولئك الذين لا يملكون حدسيات موضوعية (see Feltz and Cokely 2008 and Goodwin and Darley 2010). بالإضافة إلى ذلك، تزعم بعض الدراسات أنه قد تكون هناك علاقات سببية بالإضافة إلى تلك الارتباطية. على سبيل المثال، تولد الرغبة في العقاب حدسًا موضوعيًا اتجاه الأخلاق (see Rose and Nichols Forthcoming).
أظهرت دراسات أخرى درجات مختلفة من التعقيد. من المرجح أن يكون الناس موضوعيين بشأن بعض القضايا الأخلاقية (مثل السرقة) أكثر من قضايا أخرى (مثل الإجهاض). هذه الاختلافات لها أيضًا ارتباطات قد تكون تفسيرية جزئيًا حيث يرتبط اعتبار الحكم في مسألة ما كحكم موضوعي بقوة الإيمان وإدراك تحقق الإجماع حول هذه المسألة (see Goodwin and Darley 2008 and 2010; cf. Ayars and Nichols 2020). علاوة على ذلك، من المرجح أن يكون الناس موضوعيين حول بعض القضايا أكثر من غيرها حتى عندما يُسمح لهم بأن يقرروا بأنفسهم القضايا التي تعتبر قضايا أخلاقية (see Wright et al. 2013).
أخيرًا، من المرجح أن يعطي الناس ردودًا موضوعية عندما يعتقدون أن طرفي الخلاف الأخلاقي يتشاركون نفس الثقافة أكثر مما عندما يعتقدون أن الأطراف المتنازعة تنتمي إلى ثقافات مختلفة تمامًا. قد يشير هذا إلى أن العديد من أولئك الذين يقدمون ردودًا موضوعية يفترضون ضمنيًا نوعًا من الموضوعية على افتراض أن الأطراف المتنازعة لديها إطار أخلاقي مشترك، ولكن ليس في الظروف التي توجد فيها أطر أخلاقية مختلفة (see Sarkissian et al. 2011).
باختصار، يشير العمل التجريبي حول وجهات النظر الميتا-أخلاقية الشعبية إلى وجود تنوع كبير في المدى والظروف التي يعبر فيها الناس عن وجهات نظر موضوعية أخلاقية أو وجهات نظر أخلاقية غير موضوعية مثل النسبية الميتا-أخلاقية. قد يستعان بهذا للإشارة إلى أن بعض الناس موضوعيون والبعض الآخر ليسوا كذلك. ولكن قد يُفهم أيضًا أن بعض الأشخاص “ميتا-أخلاقيون تعدديون “: فهم موضوعيون في بعض القضايا الأخلاقية، لكنهم نسبيون في قضايا أخلاقية أخرى (see Pölzler 2017, Wright 2018, and Wright, Grandjean and McWhite 2013). وهذا يعني أن بعض الناس ينكرون ضمنيًا الافتراض المشترك بين الفلاسفة بأن جميع المعتقدات الأخلاقية يجب أن تخضع لنفس التحليل الميتا-أخلاقي .
قد تثار أسئلة مختلفة حول قيمة وأهمية هذا العمل التجريبي. في السنوات الأخيرة، كانت إحدى القضايا المهمة في علم النفس هي مدى إمكانية تكرار النتائج التجريبية. لقد قيل إن معدل تكرار النتائج في الفلسفة التجريبية مرتفع نسبيًا (see Cova et al. 2018) وقد تكررت بالفعل نتائج بعض الدراسات حول قبول الناس للموضوعية الأخلاقية (for example, see Wright 2018). توجد قضية أخرى وهي ما إذا كانت عينات هذه الدراسات متنوعة بما فيه الكفاية لتكون مؤشرا على الالتزامات الميتا-أخلاقية لجميع البشر. مرة أخرى، كانت هناك مخاوف من أن دراسات علم النفس لم تكن تمثيلية (على سبيل المثال، لأنها تعتمد بشكل كبير على الطلاب الجامعيين في الولايات المتحدة). ومع ذلك، تضمنت بعض الدراسات المتعلقة بالموضوعية الأخلاقية على الأقل مجموعة أكثر تنوعًا كموضع للدراسة (for example, Beebe et al. 2015 and Sarkissian et al. 2011). سؤال آخر هو إلى أي مدى تقيس هذه الدراسات بالفعل قبول الموضوعية الأخلاقية أو النسبية الأخلاقية. تركز العديد من الدراسات على الموضوعية الأخلاقية وقد تترك وجهات نظر الناس غير واضحة حول النسبية الميتا-أخلاقية (نظرًا لوجود مجموعة متنوعة من المواقف التي ترفض الموضوعية). ومع ذلك، فقد ركزت بعض الدراسات على النسبية الأخلاقية على وجه التحديد (for example, Sarkissian et al. 2011).
على أي حال، قد يتساءل بعض الفلاسفة عن الصلة الفلسفية لهذا البحث التجريبي. أحد الردود هو أنه يمكن أن يؤثر على معايير النجاح في الحقل الميتا-أخلاقي. على سبيل المثال، يُقترح أحيانًا أن معظم الناس يدينون بالموضوعية الأخلاقية بدلاً من النسبية الأخلاقية، وأن الموقف الميتا-أخلاقي مثل الواقعية الأخلاقية يكتسب المصداقية فقط لأنه يتوافق مع الأخلاق الشعبية كما يشيع فهمها(see Smith 1991). إلا أن الدراسات التي اُستشهد بها للتو وغيرها تتحدى الفرضية الواقعية لهذا المعيار الميتا-أخلاقي (see Sarkissian 2017)، حيث يُحاج بأن أفضل تفسير للبيانات التجريبية هو أن العديد من الناس يقبلون شكلاً من أشكال النسبية (see Beebe Forthcoming). يدعو رد آخر الفلاسفة إلى أن يقودهم التعقيد الذي تكشف عنه هذه الدراسات إلى النظر بجدية أكبر في الجدوى الفلسفية للموقف الميتا-الأخلاقي التعددي أو المختلط الذي وفقًا له، على سبيل المثال، تكون الموضوعية الأخلاقية صحيحة في بعض النواحي، فيما تكون النسبية الأخلاقية الميتا-أخلاقية صحيحة من نواحٍ أخرى (in this connection, see Gill 2008 and Sinnott-Armstrong 2009). يوجد المزيد حول هذه المسألة في القسم ٧. على أي حال، يوجد اعتراف متزايد على كل حال بأهمية تفسير دلالات الأدلة التجريبية بعناية بالنسبة للحقل الميتا-أخلاقي (see Bush and Moss 2020, Hopster 2019 and Pölzler and Wright 2020).
يتعلق المجال الأخير الذي ساهمت فيه الفلسفة التجريبية في مناقشات النسبية الأخلاقية بالعلاقة بين النسبية والسلوكيات الأخلاقية مثل التسامح. يُزعم أحيانًا أن بعض أشكال النسبية الأخلاقية توفر سببًا للتسامح (انظر القسم ٨). لكن هل من المرجح أن يكون النسبيون الأخلاقيون أكثر تسامحًا من الموضوعيين الأخلاقيين؟ تشير بعض الدراسات النفسية الحديثة إلى أن الإجابة قد تكون “نعم”. هناك بعض الارتباط بين قبول النسبية الأخلاقية وأن تكون أكثر تسامحًا (Collier-Spruel et al. 2019)، وهناك بعض الارتباط بين اعتبار المسألة الأخلاقية موضوعية وأن تكون أقل تسامحًا (Wright et al. 2008 and 2014)، من الواضح أيضًا على الرغم من ذلك أن هناك عوامل أخرى ذات صلة بتحديد كون السلوك متسامحًا أو غير متسامح.
بقدر ما تشير هذه الدراسات إلى وجود بعض الارتباط بين قبول النسبية الأخلاقية والتسامح، فقد يُنظر إلى هذا على أنه نتيجة غير مفاجئة لأولئك الذين جادلوا بأن النسبية الأخلاقية توفر أساسًا عقلانيًا للتسامح. بالطبع لا يعني وجود علاقة نفسية وجود علاقة منطقية بالتزامن، ولكن قد يُستمد بعض الدعم من حقيقة أن الناس الذي يتمسكون بالموقف ]النسبي[ يختارون سلوك التسامح على أساس عقلاني. بالإضافة إلى ذلك، فقد زُعم أن من مزايا النسبية الأخلاقية أنه على الرغم من أنها لا توفر سببًا للتسامح، فإن قبولها يجعل الناس أكثر تسامحًا (see Prinz 2007: 208)، وللدراسات المُشار إليها قدرة على دعم هذا الادعاء التجريبي.
-
النسبية الأخلاقية الوصفية
تبدأ معظم المناقشات حول النسبية الأخلاقية بـ النسبية الأخلاقية الوصفية وتنبع منها. على الرغم من أن هذا ليس كافيًا لتأسيس نسبية ميتا-أخلاقية، إلا أن الأسباب المنطقية الأكثر شيوعاً لتبني الأخيرة سرعان ما ستقوض إذا ثبت خطأ النسبية الوصفية (أو بعض الأطروحات الوصفية حول الاختلاف أو التنوع الأخلاقي). علاوة على ذلك، إذا ما رُفضت النسبية الوصفية بشكل عام، فمن المحتمل أن يكون للنسبية الميتا-أخلاقية قلة من المؤيدين. ومن ثم، فمن المهم النظر فيما إذا كانت النسبية الوصفية صحيحة أم لا. عادة ما يعتبر المدافعون عن النسبية الوصفية أنها راسخة في الأنثروبولوجيا الثقافية وغيرها من التخصصات القائمة على التجربة، ويعتقد الكثيرون أنها واضحة لأي شخص لديه فهم أولي لتاريخ وثقافات العالم. ليس من الصعب الحصول على أمثلة للممارسات الأخلاقية التي تتعارض بشكل حاد مع وجهات النظر الأخلاقية الشائعة في الولايات المتحدة: تعدد الزوجات والزيجات المدبرة والانتحار كشرط للشرف أو الترمل والعقوبات الشديدة على التجديف أو الزنا وختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية (كما يطلق عليه كوصف مغاير)، وما إلى ذلك (for a review of some of the literature, see Prinz 2007: 187–95). على مستوى أكثر عمومية، جادل ونغ (1984) بأنه يمكن العثور على نهجين مختلفين على الأقل للأخلاق في العالم: الأخلاق المتمحورة حول الفضيلة والتي تؤكد على مصلحة المجتمع، والأخلاق المرتكزة على الحقوق والتي تؤكد على قيمة الحرية الفردية.
على الرغم من وضوح وجود الخلافات الأخلاقية، إلا أن هذا لا يتساوى مع القول بأن هذه الخلافات عميقة وواسعة الانتشار وأنها أكثر أهمية بكثير من أي توافقات قد توجد. لذا فقد أثار الفلاسفة نوعين من الاعتراضات على هذا الخلاف: اعتراضات بدهية تقول إن النسبية الوصفية لا يمكن أن تكون صحيحة، واعتراضات استدلالية تقول بأن النسبية الوصفية ربما ليست صحيحة أو على الأقل لم يثبت أنها صحيحة.
تؤكد الاعتراضات البدهية أنه يمكننا معرفة خطأ النسبية الوصفية على أساس الاعتبارات الفلسفية من دون اللجوء إلى الأدلة التجريبية. إحدى الحجج التي عبر عنها دونالد ديفيدسون (1984a) بشكل عام تنص على أن الخلاف يفترض اتفاقًا كبيرًا (راجع مدخل Donald Davidson). وفقًا لديفيدسون، فإن القيد المنهجي على ترجمة لغة مجتمع آخر هو أننا يجب أن نعتقد أنهم يتفقون معنا في معظم الأمور. على سبيل المثال، افترض أننا اعتقدنا أن هناك خلافات عديدة بيننا وبين مجتمع آخر حول الأشجار. مع تراكم الخلافات، سنبدأ عقلانيًا في الاعتقاد بأننا أخطأنا في ترجمة كلمة ما في لغة المجتمع الآخر على أنها “شجرة ”: من الأرجح أن (ما نعتبره) معتقدات خاطئة لدى مجتمع آخر عن الأشجار هي في الحقيقة معتقدات حول شيء آخر. بالتعميم، يترتب على ذلك أنه لا يمكن أن تكون هناك خلافات واسعة حول الأشجار بين مجتمعنا والمجتمع الآخر. بالطبع، قد تكون هناك بعض الخلافات، لكن هذه الخلافات ستفترض وجود اتفاقيات جوهرية في نواحٍ أخرى. زعم ديفيدسون (1984b [2004a] and 1995 [2004b])) وآخرون (for example, Cooper 1978 and Myers 2004) أن هذه الحجة تنطبق على المفاهيم الأخلاقية. إذا ما كانوا على حق، فلا يمكن أن تكون هناك خلافات واسعة حول الأخلاق وستكون التوافقات أكثر أهمية من الخلافات، أي لا يمكن أن تكون النسبية الوصفية صحيحة.
حجة ديفيدسون مثيرة للجدل. وأحد الردود هو أنه حتى لو كانت مقنعة في بعض الحالات، فهي لا تمتلك أي قوة لشحذ المفاهيم الأخلاقية. “الشجرة” مفهوم وصفي عادي يعتمد على الملاحظة المباشرة. في ضوء ذلك، يبدو أن الترجمة الخاطئة أكثر احتمالًا من الخلاف الجوهري، ولكن ماذا عن المفاهيم المتعلقة بما هو ممتع أو جذاب أو مثير؟ تتعلق هذه الانطباعات بردود الفعل البشرية اتجاه العالم، ويمكن القول أن معرفتنا بالطبيعة البشرية تشير إلى أن بعض ردود الفعل تتباين على نطاق واسع. الادعاء بأن هناك الكثير من الخلاف حول ما يجده الناس مسليًا – حول ما يجعلهم يضحكون – لا يولد على الفور الشك في سوء الترجمة. إذا ما كانت المفاهيم الأخلاقية أقرب شبهًا إلى “التسلية” منها إلى “الشجرة”، كما يعتقد البعض، فحجة ديفيدسون لن تقوض النسبية الوصفية حتى لو كانت مقنعة في حالات أخرى. ومع ذلك، اعتقد ديفيدسون بأن الحجة تنطبق على جميع الحالات، سواء على التقييمات أو المعتقدات التجريبية. الرد الآخر على حجته هو الادعاء بأنه حتى لو انطبقت حجته على التقييمات، فإنه سينطبق فقط على التقييمات الأساسية للغاية وسيترك مجالًا لخلافات جوهرية تتجاوزها (إذا كان هذا صحيحاً، سيكون ديفيدسون قد أشار إلى ما أدعوه في القسم ٧ بالموقف المختلط). للاطلاع على بعض الردود النقدية على نقد ديفيدسون للنسبية انظر (see Gowans 2004: 144–6, Prinz 2007: 195–9 and Rovane 2013: 247–62.)
اقترحت فيليبا فوت (1978a and 1978b) اعتراض بدهي آخر على النسبية الوصفية كرد على التصور الانفعالي للأخلاق. فهي تجادل أنه مثلما توجد معايير مشتركة لـ “الوقاحة” بحيث لا يمكن اعتبار أي شيء وقحًا، فإن هناك معايير مشتركة للمفاهيم الأخلاقية بحيث لا يمكن أن يكون أي شيء فضيلة أو التزامًا أخلاقيًا. على سبيل المثال، هناك قيود كبيرة على ما يمكن اعتباره شجاعة، وبالتالي، هناك تقييد كبير على مدى اتساع الخلافات الأخلاقية.
تشير أحد الردود على هذه الحجة، التي فُسرت على أنها اعتراض على النسبية الوصفية، إلى معضلة تتحدى هذه الحجة. من ناحية، إذا ما فُهمت “الشجاعة” على نطاق واسع، من حيث كونها مواجهة صعوبة تحقيق بعض الأشياء الجيدة المتصورة، فمن المحتمل أن معظم الناس يقدرون الشجاعة. ومع ذلك، فإن هذا يترك مجالًا لمفاهيم مختلفة جدًا عن الشجاعة. فقد يقدر الشجاعة كلاً من المحاربين ودعاة السلام، لكنهم قد يعتبرون أنواعًا مختلفة جدًا من الأفعال شجاعة. هذا يضع ضغطًا أقل على النسبية الوصفية، وهي نقطة أقرتها فوت لاحقًا. من ناحية أخرى، إذا ما عُرفّت الشجاعة بشكل ضيق، على سبيل المثال، على كونها فضيلة المحارب الذي يواجه خطر الموت في المعركة (كما اقترح أرسطو)، فقد يكون هناك القليل من الخلاف حول نطاق تعريف المفهوم، لكن سيوجد خلاف كبير حول ما إذا كان ينبغي على هذا التعريف للشجاعة أن يكون موضع تقدير (قد يرفض دعاة السلام ذلك). قد يقول أحد مؤيدي النسبية الوصفية أن هذا أيضًا خلاف أخلاقي كبير. في الرد على ذلك، يمكن القول إن فهمنا لطبيعة الإنسان وثقافته يظهر أن كل شخص يقدر الشجاعة المفهومة ضمن بعض الحدود المهمة إلى حد ما. هذه نقطة أكثر تجريبية وتتماشى مع الاعتراضات الواردة في الفقرة الأخيرة من هذا القسم.
تؤكد بعض إصدارات النهج البدهي على القيود التي تفرضها المفاهيم الأخلاقية “الدقيقة” مثل الخير أو الصواب أو الأخلاق نفسها (for example, see Garcia 1988). مرة أخرى، قد يقول أحد المدافعين عن النسبية الوصفية أنه إذا كانت هذه المفاهيم تحتوي على محتوى كافٍ لمنع الاختلاف الكبير في تطبيقها، فمن المحتمل أن العديد من المجتمعات لا تطبقها على الإطلاق – وهو شكل من أشكال الخلاف الأخلاقي في حد ذاته. قد يكون الرد الآخر هو المجادلة، وفقًا لـآر إم هير (1981)، بأن أي تحليل ظاهري، من النوع التقريري على سبيل المثال، هو معقول مع المفاهيم الأخلاقية الدقيقة وهذا يتوافق مع وجود خلافات أخلاقيات هامة. ومع ذلك، يشكك النقاد المسبقون في مدى كفاية أي تحليل من هذا القبيل. يركز جزء كبير من هذا النقاش على المقارنة بين وجاهة التعريف الظاهري والمحتوياتي للأخلاق (راجع مدخل: definition of morality).
يركز النهج الثاني لرفض النسبية الوصفية على تفسير الأدلة التجريبية التي يُزعم أنها تدعم هذه الأطروحة. تشير بعض الاعتراضات إلى العقبات التي تواجه أي محاولة لفهم الثقافات البشرية تجريبياً. على سبيل المثال، يمكن القول أن الأدلة المفترضة غير كاملة أو غير دقيقة لأن المراقبين متحيزون. لدعم ذلك، يمكن الادعاء بأن علماء الأنثروبولوجيا غالبًا ما كانت لديهم تصورات مسبقة متجذرة في النماذج التأديبية أو الأيديولوجيات السياسية التي أدت بهم إلى تحريف البيانات التجريبية أو تفسيرها بشكل خاطئ. أو يمكن القول إنه حتى المراقبين الأكثر موضوعية سيجدون صعوبة في فهم القيم الأخلاقية الفعلية للمجتمع بدقة بسبب ظواهر مثل خداع الذات وضعف الإرادة. تشير هذه المخاوف إلى قضايا جوهرية في منهجية العلوم الاجتماعية. ومع ذلك، حتى لو كانت صحيحة، فإنها ستلقي فقط بظلال من الشك على ادعاء ثبوت النسبية الوصفية لكنها لن تعطينا بالضرورة سببًا للاعتقاد بأنها خاطئة. بالطبع، سيكون هذا اعتراضًا مهمًا على شخص يدعي ثبوت النسبية الوصفية أو يعتمد على عليها للدفاع عن النسبية الميتا-أخلاقية.
اعتراض آخر ذو صلة أكثر مباشرة بالنسبية الوصفية هو أن علماء الأنثروبولوجيا افترضوا ضمنيًا وعن طريق الخطأ أن الثقافات هي كيانات منفصلة ومتجانسة وثابتة إلى حد ما – مثل الأشكال الموجودة في لوحة بييت موندريان أو لوحة الشطرنج. في الواقع، وفقًا لهذا الاعتراض، عادةً ما تكون الثقافات غير متجانسة ومعقدة داخليًا وحافلة بالاعتراضات، وهم علاوة على ذلك، غالبًا ما يتفاعلون وأحيانًا يؤثرون على بعضهم البعض وقد يتغيرون بمرور الوقت. من هذا المنظور، فإن عالم الثقافات أقرب إلى رسم متحرك لجاكسون بولوك منه إلى التكوين الواضح الذي اقترحته الصورة الأولى. إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فسيكون من الصعب معرفة القيم الأخلاقية للثقافات المختلفة وبالتالي معرفة ما إذا كانت النسبية الوصفية صحيحة أم لا. وكما أشرنا من قبل، لن يظهر هذا الاعتراض خطأ النسبية الوصفية (في الواقع، قد تشير النقطة المتعلقة بعدم التجانس إلى الاتجاه الآخر) ومع ذلك، تشكل هذه المزاعم تحديات مماثلة للنسبية الميتا-أخلاقية.
يحاول نقاد آخرون إثبات أن الأدلة التجريبية المذكورة لدعم النسبية الوصفية لا تُظهر حقًا وجود خلافات أخلاقية كبيرة، وتتوافق مع اتفاق أخلاقي كبير. الخلاف البارز هو أن الخلافات الأخلاقية المزعومة قد تنجم عن تطبيق قيمة أخلاقية عامة (لا يوجد خلاف بشأنها) في ظروف مختلفة أو في نفس الظروف حيث يوجد خلاف وقائعي حول تفسير هذه الظروف، وفي كلتا الحالتين، لا وجود لخلاف أخلاقي حقيقي. على سبيل المثال، قد يتفق الجميع على أهمية تعزيز رفاهية الإنسان (وحتى على طبيعة رفاهية الإنسان)، ولكن قد يُروج لذلك بشكل مختلف في ظروف مختلفة أو مفهومة بشكل مختلف. يفسر اعتراض آخر الخلافات الأخلاقية من خلال الخلافات الدينية ويجادل بأن وجود الخلافات الأخلاقية يمكن ردها إلى الافتراضات الدينية المحددة (على سبيل المثال، حول الروح) فقط. مرة أخرى، إن ما يظهر على أنه خلاف أخلاقي هنا ما هو إلا خلاف من نوع مختلف- هنا، حول طبيعة الروح- ولا يوجد خلاف أخلاقي حقيقي. ينبغي بالطبع إثبات أن هذه الاحتمالات هي أفضل التفاسير للخلافات المعنية من أجل تشكيل اعتراض ]وجيه[على النسبية الوصفية.
أخيرًا، تؤكد بعض الاعتراضات على أن مؤيدي النسبية الوصفية لا يدركون أن هناك أدلة تجريبية مهمة لاتفاق أخلاقي كبير عبر المجتمعات المختلفة (see Sauer 2019). وقد اُقترحت عدة أنواع من الاتفاقات المماثلة. على سبيل المثال، تتكرر دعوة عكس الأدوار في القاعدة الذهبية (“افعل للآخرين كما تريد أن يفعلوا لك”) خارج التقاليد الغربية، وتوجد نسخة منها أيضًا في مختارات كونفوشيوس، ونصوص بوذية تقليدية، ومواضع أخرى (see Wattles 1996). يؤكد شكل آخر من هذا الادعاء على أن المحظورات الأخلاقية الأساسية ضد الكذب والسرقة والزنا وقتل البشر وما إلى ذلك موجودة في العديد من المجتمعات المختلفة والمتنوعة. يشير أيضاً رأي آخر إلى أن الحراك الدولي لحقوق الإنسان يدل على وجود اتفاق أخلاقي جوهري (see Donnelly 2013: ch. 4). اقترح البعض مثل سيسيلا بوك (1995) ومايكل والزر (1994) على أساس أدلة من هذا النوع على أن هناك حدًا أدنى من الأخلاق الكونية وسط كل الاختلافات الأخلاقية الأخرى. وعلى نفس المنوال، أكد هانز كونغ (1996) وآخرون أن هناك “أخلاقًا كونية” مشتركة عبر التقاليد الدينية الرئيسية في العالم فيما يتعلق باحترام الحياة البشرية والعدالة التوزيعية والصدق والمساواة الأخلاقية بين الرجال والنساء. على هذه الادعاءات التي حظيت بدعم متزايد في السنوات الأخيرة أن تخضع لنفس التمحيص النقدي الذي طال النسبية الوصفية والتي سيكون مصيرها أن يُشك فيها إذا ما أُثبتت صحة هذه الادعاءات. قد تكون هناك اتفاقيات مهمة وكذلك خلافات في القيم الأخلاقية للناس في التحليل النهائي. إذا كان هذا هو الحال، فسيؤدي ذلك إلى تعقيد الخلفية التجريبية للجدل الميتا-أخلاقي وقد يشير ذلك إلى الحاجة إلى بدائل أكثر حبكة من المواقف التقليدية.
-
هل الخلافات الأخلاقية قابلة للحل بشكل منطقي؟
يتفق الفلاسفة عمومًا على أنه حتى لو صحت النسبية الوصفية بدون تحفظات، فلا يعني ذلك بشكل مباشر صحة النسبية الميتا-أخلاقية. على وجه الخصوص، إذا كان من الممكن حل الخلافات الأخلاقية بشكل عقلاني في معظمها، فهذا من شأنه تقويض حجج النسبية الميتا-أخلاقية القائمة حول الخلافات الأخلاقية وبالتالي سيعدم أي حافز لتأييد موقفها. هذه القابلية للحل، على الأقل من حيث المبدأ، هي ما ستقودنا الموضوعية الأخلاقية لتوقعه. تتعلق إحدى نقاط الخلاف الرئيسية بين مؤيدي النسبية الميتا-أخلاقية ونقادهم الموضوعيين بإمكانية حل الخلافات الأخلاقية بعقلانية. قد يُرجى من المدافع عن النسبية الميتا-أخلاقية أن يُظهر بشكل قاطع أن الخلافات الأخلاقية التي تحددها النسبية الوصفية غير قابلة للحل بشكل عقلاني، أو مرة أخرى، قد يُرجى من نصير الموضوعية الأخلاقية أن يُظهر بشكل قاطع أن هذه الخلافات قابلة لذلك. كلا الرجاءين غير معقولين. ففي الواقع، ليس من الواضح ما الذي يمكن اعتباره حجة قاطعة لأي من التوقعين. لذا يتعلق مركز النقاش بما يجدر توقعه عقلانيًا. يحاول أتباع النسبية الميتا-أخلاقية إظهار سبب كون حل الخلافات الأخلاقية عقلانيًا هو احتمال غير مرجح، بينما يحاول نقادهم أنصار الموضوعية الأخلاقية إظهار أسباب كون ذلك محتمل، أو على الأقل غير مستبعد.
يمكن أن يسمح الموضوعيون الأخلاقيون بوجود حالات خاصة لا يمكن فيها حل الخلافات الأخلاقية بعقلانية، على سبيل المثال، بسبب الغموض أو عدم التحديد في المفاهيم المعنية. ادعاءهم الرئيسي هو أنه عادة ما يكون هناك أساس عقلاني للتغلب على الخلافات (وليس أن الناس سيتفقون بالفعل). يؤكد الموضوعيون أنه في الخلاف الأخلاقي، عادةً ما يتبنى طرف واحد على الأقل الحكم الأخلاقي بسبب بعض الأخطاء الواقعية أو المنطقية، وأن الكشف عن مثل هذه الأخطاء سيكون كافياً لحل الخلاف بعقلانية، ويقترح أنصار الموضوعية أنه غالبًا ما يمكن حل الخلافات الأخلاقية الحقيقية الموجودة بهذه الطريقة مهما كانت. بالإضافة إلى ذلك، يقدم الموضوعيون أحيانًا تحليلًا لسبب ارتكاب الناس مثل هذه الأخطاء. على سبيل المثال، قد يتأثر الناس بالعاطفة والتحيز والأيديولوجيا والمصلحة الذاتية وما شابه. بشكل عام، يعتقد الموضوعيون أنه بقدر ما يضع الناس هذه التأثيرات جانبًا وبقدر كونهم منطقيين ومطلعين، فلن يعوز الناس بشكل عام الأساسات لحل اختلافاتهم الأخلاقية. ومع ذلك، على الرغم من تقديم هذه الادعاءات في كثير من الأحيان، إلا ان إثبات أن المصلحة الذاتية هي مصدر الخلاف تجريبيًا هي مسألة لا تخلو من عقبات. (see Seipel 2020a)(قد يقول الموضوعيون أيضًا أن بعض الاتفاقات حول الحقائق الأخلاقية على الأقل تعكس حقيقة أن الناس عمومًا عقلانيين ومدركين فيما يتعلق بالمسائل المتعلقة بهذه الحقائق).
قد يسمح أنصار النسبية الميتا-أخلاقية كذلك بالإقرار بان الخلافات الأخلاقية تُحل بعقلانية في بعض الأحيان. على وجه الخصوص، قد يوافقون على أن هذا يحدث غالبًا عندما يشترك أطراف النزاع الأخلاقي في إطار أخلاقي. إنما يظهر الخلاف النسبي الخاص إذا ما فُقد الإطار الأخلاقي المشترك وهذا هو الغالب، خاصة في الخلافات الأخلاقية بين مجتمع وآخر حيث لا يمكن تفسير الاختلافات في الأطر الأخلاقية ببساطة من خلال افتراض أن مجتمعًا أو آخر يرتكب أخطاء واقعية أو منطقية. هذه الخلافات الأخلاقية متجذرة في نهاية المطاف في توجهات أخلاقية مختلفة جوهريًا، ولا يوجد عادة سبب للاعتقاد بأن هذه الاختلافات ناتجة عن حقيقة أنه، في النواحي ذات الصلة، يكون أحد الجانبين أقل عقلانية أو استنارة من الآخر. إنها خلافات لا عيب فيها. قد يستند هذا الاستنتاج إلى ملاحظة أنه ليس من الواضح أن الأخطاء هي أصل هذا الخلاف، لكنها قد تعتمد أيضًا على نظرية تم تطويرها لشرح مثل هذه الملاحظات تفيد بأن الأطر غير قابلة للقياس، أي، ليس لديها ما يكفي من القواسم المشتركة من حيث المفاهيم أو المعايير المشتركة لحل الاختلافات، ولا يوجد وجهة نظر ثالثة محايدة يمكن الوصول إليها من قبل أي شخص عاقل ومستنير ويمكن الاحتجاج بها لحل النزاع.
لا تفتقر الموضوعية الأخلاقية للردود المتنوعة على هذه الحجة. أحدها هو نهج ديفيدسون الذي سبق النظر به والذي يستبعد إمكانية وجود أطر أخلاقية غير قابلة للقياس. رد آخر هو أن عدم القابلية للقياس لا يستبعد إمكانية الحل العقلاني للاختلافات بين الأطر الأخلاقية. على سبيل المثال، جادل ألاسدير ماكنتاير (1988: ch. 18 and 1994) بأنه، في بعض الظروف، من الممكن أن ندرك من خلال تجربة تخيلية أن تقليداً متضاربًا وغير قابل للقياس مع تقليد الفرد ذاته قد يتفوق عقلانيًا على تقليد الفرد. ومع ذلك، فإن الرد الموضوعي الأكثر شيوعًا هو الادعاء بأن إطارًا أخلاقيًا معينًا يتفوق بعقلانية على جميع الأطر الأخلاقية الأخرى. على سبيل المثال يمكن القول من خلال الاسترشاد بكانط أن العقل العملي الخالص ينطوي على مبدأ أخلاقي أساسي مثل الأوامر القطعية (راجع مدخل Kant’s moral philosophy)، أو يمكن الادعاء مثل أرسطو أن فضائل الطبيعة البشرية مثل: الشجاعة والاعتدال والعدالة ضرورية لأي مفهوم للحياة الجيدة ( راجع: the sections on the human good and the function argument in the entry on Aristotle’s ethics, and the entry on virtue ethics). إذا كانت مثل هذه الحجة سليمة، فقد توفر استجابة مقنعة لادعاءات النسبية حول استحالة حل النزاعات بين الأطر الأخلاقية بشكل عقلاني.
لا يتأثر أنصار النسبية الميتا-أخلاقية بهذه الردود. قد يقولون إن تفسير ديفيدسون لا يمكن أن يضمن أرضية مشتركة كافية لحل النزاعات بين الأطر الأخلاقية (أو أن يضمن وجود إطار عمل واحد فقط)، وأنه من المرجح أن ينجح نهج ماكنتاير في أفضل الأحوال فقط في بعض الحالات. وعادة ما يعتبر أنصار النسبية الميتا-أخلاقية المناظرات حول الحجج الكانطية والأرسطية صعبة الحل بشكل عقلاني مثل النزاعات بين الأطر الأخلاقية التي أثارها النسبيون في الأصل. قد يضيفون أن حقيقة اختلاف أنصار الموضوعية الأخلاقية حول النظرية الموضوعية الصحيحة هو مؤشر إضافي على صعوبة حل النزاعات الأخلاقية الأساسية.
تطرح الموضوعية الأخلاقية تحدي مختلف للنسبية الميتا-أخلاقية من خلال وصفها بعدم الاتساق. تقتضي الحجة النسبية هي أننا يجب أن نرفض الموضوعية الأخلاقية لأن هناك احتمال ضئيل لحل الخلافات الأخلاقية الأساسية بعقلانية، ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى أن النسبوي يجب أن يقر بأن احتمال حل الخلافات حول النسبية الميتا-أخلاقية بشكل عقلاني على ذات القدر من الضآلة. من خلال نفس الحجة، يمكن الخلوص إلى عدم وجود حقيقة موضوعية بشأن النسبية الأخلاقية.
لهذا النوع المألوف من الاعتراض، هناك إجابتان مألوفتان بنفس القدر. الأول هو الاعتراف بالاعتراض والتأكيد على أن النسبية الميتا-أخلاقية صحيحة ومبررة في بعض الأطر الميتا-أخلاقية، ولكن ليس في غيرها، أي أنها ليست حقيقة موضوعية يمتلك أي شخص عاقل ومستنير سبباً لقبولها. قد يبدو أن الموقف ينطوي على تنازل كبير، إلا أنه الخيار الوحيد لشخص نسبوي تمامًا في معتقداته، أو على الأقل نسبوي في ادعاءاته الميتا-أخلاقية. الرد الآخر هو الطعن في الادعاء بوجود تكافؤ في الحجة. سيتطلب هذا إظهار أن الخلاف حول عدم قابلية حل الخلافات الأخلاقية (نقاش ميتا- أخلاقي) يمكن حله بشكل عقلاني بطريقة لا تستطيع الخلافات الأخلاقية الأساسية (المناقشات المعيارية الموضوعية) أن تحلها. على سبيل المثال، قد يُحل الجدل الميتا-أخلاقي بشكل منطقي لصالح النسبية، في حين لا يمكن حل المناقشات المعيارية الموضوعية.
-
النسبية الأخلاقية الفوقية (الميتا-أخلاق النسبية)
حتى إذا ثبت أن هناك خلافات أخلاقية عميقة وواسعة النطاق لا يمكن حلها بشكل عقلاني، وأن هذه الخلافات أكثر أهمية من أي اتفاقيات قد تكون موجودة، فلن يتبع ذلك على الفور صحة النسبية الميتا-أخلاقية، حيث يمكن استخلاص استنتاجات أخرى بديلة عن الموضوعية الأخلاقية. على وجه الخصوص، قد يجادل معارضو الموضوعية بالاستعانة بوجاهة الشك الأخلاقي، أي أننا لا نستطيع معرفة الحقائق الأخلاقية، أو أن الأحكام الأخلاقية تفتقر إلى قيمة صوابية (تُفهم هذه الحجة على أنها تعني رفضًا لقيمة الحقيقة النسبية). ومن ثم، يواجه أنصار النسبية الميتا-أخلاقية مجموعتين مختلفتين جدًا من النقاد: أنواع مختلفة من الموضوعيين الأخلاقيين وأنواع مختلفة من غير الموضوعيين الأخلاقيين. يحتاج المدافع عن النسبية الميتا-أخلاقية إلى إثبات تفوقها على كل هذه المواقف، وهذا يتطلب تقييمًا مقارنًا لمزاياها وعيوبها. يعتبر النظر في المواقف البديلة خارج نطاق هذا المقال، (راجع المدخلات حول الإدراك الأخلاقي مقابل اللا أدرية الأخلاقية، ومعاداة الواقعية، والأخلاقية ونظرية المعرفة الأخلاقية، والواقعية الأخلاقية، والشك الأخلاقي) ونكتفي بالنظر إلى التحديات التي يواجهها مؤيد النسبية الميتا-أخلاقية وما يمكن قوله ردًا على هذه التحديات حيث أثار بعض منتقدوا النسبية الميتا-أخلاقية أسئلة حول تماسك موقفها (for example, Boghossian 2011 and 2017).
على سبيل المثال، قد يُعتقد أنه فيما يختص بالقيمة الصوابية فأن النسبية الميتا-أخلاقية ستخلص إلى كون حكم أخلاقي مثل “الانتحار صحيح أخلاقيًا” (س) يمكن أن يكون صائبًا وخاطئًا – صائبًا عندما يكون صالحًا وفق مجموعة ما وخاطئًا عندما يكون غير صالح وفق أخرى. لكن يبدو أن هذا موقف لا يمكن الدفاع عنه حيث أن معظم الناس يوافقون على أنه لا يوجد شيء يمكن أن يكون صائبًا وخاطئًا في الآن ذاته. يمكن بالطبع تبرير تبني بعض الأشخاص لــ(س) ورفض آخرون لها، حيث يمكن أن يكون للمجموعتين أدلة مختلفة، لكن ذلك لا يستوي مع الادعاء بأن )س) صحيحة وخاطئة في الآن ذاته.
الرد النسبوي التقليدي هو القول بأن الحقيقة الأخلاقية نسبية إلى حد ما. وفقًا لوجهة النظر هذه، فإن س ليست صحيحة أو خاطئة تمامًا، ولكنها قد تكون صائبة نسبيًا إلى ع وخاطئة نسبيًا إلى ص (حيث يشير ع و ص إلى القوانين الأخلاقية للمجتمعات المختلفة). هذا يعني أن الانتحار صائب في مجتمع يحكمه ع، ولكنه ليس صائبًا بالنسبة للأشخاص في مجتمع يحكمه ص؛ وربما يدعي النسبوي أنه لا يوجد تناقض في هذا الاقتران لو فُهم بشكل صحيح.
قد يكون هناك اعتراض على أن فكرة الحقيقة النسبية تفشل في استيعاب المعنى الذي يعتبر فيه “الصواب” و “الخطأ” مصطلحات معيارية تدور حول ما يجب أن تكون عليه الأمور لا حول ما هي عليه في الواقع. إن عبارة “الانتحار حق أخلاقي” معيارية بهذا المعنى، لكن العبارة “الانتحار حق أخلاقي للأشخاص في مجتمع يحكمه القانون الأخلاقي ع” ليست معيارية بل وصفية: فهي تخبرنا بماذا يقبل الأشخاص الذين يتبنون القانون الأخلاقي ع، وعلى هذا النحو يمكن أن يتفق الجميع على صحة ذلك، بغض النظر عن قانونهم الأخلاقي، إذا كان هذا هو في الواقع ما يقوله القانون الأخلاقي ع. ردا على ذلك، يمكن القول أن هناك تعبيرات عن العبارات الأخلاقية النسبية تكون بحكم المعيارية. على سبيل المثال، فإن عبارة “الانتحار حق أخلاقي بالنسبة لنا نحن”، التي يتحدث بها أعضاء المجموعة الذين يشيرون إلى أنفسهم بضمير “نحن”، ليست مجرد وصف لما يؤمنون به، بل بما هو مسموح لهم أخلاقياً (وبالتالي عبارة مرشدة لأفعالهم).
قد تؤدي مثل هذه الصيغ النسبية أيضًا إلى ظهور اعتراض ذو صلة وشائع جدًا. غالبًا ما تقدم النسبية نفسها كتفسير للخلافات الأخلاقية حيث يُقال إنها أفضل تفسير للخلافات الأخلاقية التي لا يمكن حلها عقلانيًا أو التي لا عيب فيها. ومع ذلك، يبدو أن الخلافات تختفي بمجرد اعتبار الحقيقة الأخلاقية نسبية. على سبيل المثال، شخص يقبل ع ويؤكد أن س يقر أن الانتحار صائب للأشخاص الذين يقبلون ع، في حين أن شخصًا يقبل ص وينكر أن س يقر بأن الانتحار ليس صائبًا للأشخاص الذين يقبلون ص. قد يكون كلا الطرفان صائبين في الواقع، وبالتالي لا يختلفون مع بعضهم البعض ( كما قد يكون الشخصان في مكانين مختلفين على صواب عندما يقول أحدهما أن الشمس مشرقة والآخر يقول إنها ليست كذلك، أو كما قد يكون شخصان في دول مختلفة على صواب عندما يقول أحدهما أن شيئًا ما غير قانوني والآخر يقول إنه ليس كذلك). التفسير النسبي يحل الخلاف، ولكن لما إذن يظهر الخلاف في المقام الأول؟ قد يقول مناصر الموضوعية الأخلاقية بأن هذا يرجع إلى أن الناس يفترضون أن الحقيقة الأخلاقية مطلقة وليست نسبية. إذا كان هذا صحيحًا، فلن يتمكن النسبوي من التأكيد على أن النسبية الميتا-أخلاقية تكشف عما يصدقه الناس بالفعل. ما ينبغي أن يحاجج به النسبوي هو ما يجدر بالناس تصديقه وعليه تباعًا صياغة حجة النسبية وفق هذا الاشتراط. على سبيل المثال، قد يجادل النسبوي بأن النسبية الميتا-أخلاقية هو الموقف الأكثر منطقية للتبني من حيث أن الأحكام الأخلاقية غالبًا ما تعطي توجيهات متضاربة عمليًا ولا يمكن إثبات أن أيًا من الحكمين متفوقًا على الآخر.
اعتراض شائع آخر، على الرغم من أنه ربما يكون نابع من خارج الفلسفة لا من داخلها، هو أن النسبية الميتا-أخلاقية لا يمكنها تفسير حقيقة أن بعض الممارسات مثل الهولوكوست في ألمانيا أو العبودية في الولايات المتحدة هي ممارسات خاطئة بشكل موضوعي. عادة ما يتم التعبير عن هذه النقطة بحنق، غالبًا مع الإشارة إلى أن النسبويين يشكلون تهديدًا للمجتمع المتحضر (أو شيء من هذا النوع). قد يجيب أنصار النسبية الميتا-أخلاقية بأن موقفهم ببساطة يحرض على التساؤل وهم على حق بمعنى ما. ومع ذلك، قد يعكس هذا الاعتراض نظرية معرفية أكثر وجاهة، أي على سبيل المثال، أن لدينا سببًا لقبول هذه البديهيات الموضوعية أكثر مما يتعين علينا قبول أي حجة تُطرح لصالح النسبية الميتا-أخلاقية. هذا من شأنه أن يعيدنا إلى حجج القسم السابق. رد نسبوي آخر هو القول بأن الممارسات المعنية، على الرغم من قبولها على نطاق واسع، إلا أنها كانت مخطئة وفقًا للمعايير الأساسية للمجتمعات (على سبيل المثال، كانت هناك حجج ضد العبودية تم تقديمها في الولايات المتحدة قبل الحرب الأهلية). لن يظهر هذا أن الممارسات خاطئة من الناحية الموضوعية لكنه قد يخفف من قوة النقد. ومع ذلك، على الرغم من أن هذه الاستجابة قد تكون معقولة في بعض الحالات، فليس من الواضح أنها ستكون مقنعة دائمًا.
تُظهر هذه الاستجابة الأخيرة حقيقة أن مؤيدي النسبية الميتا-أخلاقية بحاجة إلى تحديد لذلك الذي تكون الحقيقة نسبية له. على سبيل المثال، إذا كانت س صائبة بالنسبة إلى القانون الأخلاقي للمجتمع، فهل هذا يعني أنها صائبة – نسبيًا لما يعتقد الناس في المجتمع بأن القانون الأخلاقي يقره أو إلى ما تشير إليه المعايير الأساسية للقانون الأخلاقي فعليًا؟ قد لا يتشابه الأمران. غالبًا ما يُفترض أن الحقائق لا يمكن اكتشافها أو أن الناس قد يرتكبون أخطاء بشأنها. كما أشرنا للتو، يمكن للنسبوي الأخلاقي أن يعقل ذلك من خلال افتراض أن المعايير الأساسية للقانون الأخلاقي هي التي تعتبر مرجعية للناس في المجتمع الذي يقبل هذا القانون. ومن ثم، فإن ما يشكل حقيقة نسبية أخلاقية للقانون الأخلاقي لمجتمع ما هو ما تقتضيه المعايير الأساسية لهذا القانون. بهذا المعيار، يمكن أن تكون هناك حقائق أخلاقية في قانون أخلاقي غير معروفة للناس في المجتمع الذي يقبل به، أو يمكن أن يخطئ هؤلاء الأشخاص في التفكير في أن شيئًا ما هو حقيقة أخلاقية.
تنشأ نقطة مماثلة من حقيقة أنه يُعتقد أحيانًا أن إحدى ميزات النسبية الميتا-أخلاقية أنها تحافظ على مفهوم مهم ما بين الذوات ((intersubjective عن الحقيقة أو التبرير، حيث أنها تتجنب عيوب الموضوعية الأخلاقية من ناحية، وعيوب الشك الأخلاقي والنظريات التي تنكر القيمة الصوابية من ناحية أخرى، لأنها تؤكد أن الأحكام الأخلاقية ليس لها حقيقة بالمعنى المطلق لكنها تمتلك حقيقة متعلقة بالقانون الأخلاقي للمجتمع (كذلك هو الحال مع التبرير الأخلاقي). يُعتقد أن هذه ميزة لأن النسبية الميتا-أخلاقية تنجح هنا في إدراك أنه عادة ما ينُظر للأخلاق على أنها “ليست مجرد توجهات شخصية “على الرغم من الصعوبات المفترضة مع الموضوعية الأخلاقية. ومع ذلك، فإن هذه الميزة المزعومة تثير سؤالًا مهمًا للنسبية: لماذا نفترض أن الأحكام الأخلاقية لها قيمة حقيقة بالنسبة إلى المجتمع بدلاً من عدم وجود قيمة حقيقية على الإطلاق؟ إذا ادعى النسبيون أن مجموعة من المعايير الأساسية هي ذات مرجعية موثوقة للأشخاص في المجتمع، فقد يُسأل لما قد تتمتع هذه المعايير بهذه المكانة. قد ينشأ هذا السؤال بطرق عملية تمامًا. على سبيل المثال، افترض أن معترضًا ما يتحدى بعض المعايير الأساسية لمجتمعه، هل هذا الشخص مخطئ بالضرورة؟
يمكن إعطاء إجابات مختلفة لهذه الأسئلة. على سبيل المثال، يمكن القول أن المعايير الموثوقة في المجتمع هي تلك التي يقبلها عمومًا أعضاء المجتمع المنطقيون والمطلعون جيدًا. قد يبدو أن هذا يوفر أساسًا للسلطة المعيارية. ومع ذلك، إذا ما اتُبع هذا النهج، فقد يُسأل عن سبب استناد هذه السلطة فقط إلى أعضاء المجتمع المعقولين والمطلعين. لماذا لا تكون مجموعة أوسع؟ لماذا لا يكون كل الأشخاص عقلاء ومطلعين؟
قد يكون الرد الآخر هو القول بأن المعايير التي تعتبر موثوقة للمجتمع هي تلك التي وافق الأشخاص على اتباعها نتيجة لعملية تفاوض أو مساومة (كما رأينا أعلاه، جادل هارمان بأنه يجب علينا فهم بعض الأحكام الأخلاقية وفق هذه الاشتراطات). مرة أخرى، قد يبدو أن هذا يضفي بعض السلطة المرجعية على تلك المعايير. ومع ذلك، قد يُسأل عما إذا كان لديهم حقًا السلطة المرجعية أو ربما ما إذا كان لديهم النوع المناسب منها. على سبيل المثال، لنفترض أن التوصل إلى اتفاق حصل في ظروف معينة كان فيها عدد قليل من أعضاء المجتمع يتمتعون بسلطة كبيرة على الآخرين (وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا في العالم الحقيقي). ربما كان أولئك الذين لديهم سلطة أقل رشيدون لقبول التوافق، لكن ليس من الواضح أن مثل هذا التوافق من شأنه أن يخلق سلطة ذات مرجعية معيارية حقيقية – وهي نقطة يمكن لمثال المعارض الذي يتحدى المعايير أن يوضحها. علاوة على ذلك، إذا ما فُهمت جميع القيم الأخلاقية بهذه الطريقة، فكيف نفسر سلطة الادعاء بأن الناس يجب أن يتبعوا مجموعة من القيم لأنهم وافقوا على القيام بذلك؟ هل يجب أن يكون هناك توافق مسبق للقيام بما نوافق على القيام به؟
يتعلق اعتراض ذو صلة بتحديد طبيعة المجتمع الذي يقال بأن التبرير الأخلاقي أو الحقيقة نسبي له. ينتمي الأشخاص عادةً إلى العديد من المجموعات المختلفة المحددة بمعايير مختلفة مثل الثقافة والدين والحدود السياسية والعرق والجنس وما إلى ذلك. علاوة على ذلك، غالبًا ما يُساءل الادعاء المتداول أحيانًا والقائل بأن قيم المجموعة المحددة بواسطة أحد هذه المعايير لها سلطة مرجعية على أعضاء المجموعة. إن تحديد المجموعة ذات الصلة هو في حد ذاته سؤال مهم من الناحية الأخلاقية، ويبدو أنه لا توجد خريطة موضوعية للعالم تعرض تقسيمًا واضحًا لمجموعات اجتماعية تكون فيها حقيقة أو تبرير الأحكام الأخلاقية نسبيًا، لذ سيحتاج مؤيد النسبية الميتا-أخلاقية إلى طريقة معقولة لتحديد مجموعة الأشخاص التي ترتبط بها الحقيقة الأخلاقية أو التبرير.
علاوة على ذلك، لا ينتمي الأشخاص عادةً إلى أكثر من مجموعة واحدة كما هو محدد في المعايير المذكورة أعلاه، فقد لا تكون القيم المرجعية هي نفسها دائمًا في كل مجموعة ينتمي إليها الشخص. إذا كنت أنتمي إلى دين وجنسية، وكانت قيمهما المتعلقة بالإجهاض متعارضة تمامًا، فما هي القيمة الصحيحة بالنسبة لي؟ يثير هذا تساؤلاً حول ما إذا كان هناك أساس لحل النزاع يتوافق مع النسبية الميتا-أخلاقية (قد يكون لدى المجموعتين معايير أساسية متضاربة) وما إذا كانت النسبية الميتا-أخلاقية في هذا الظرف تستلزم وجود معضلة أخلاقية حقيقية (بمعنى أن الإجهاض صواب وخطأ في نفس الوقت بالنسبة لي). هذه النقطة ليست بالضرورة اعتراضًا، ولكن يجب على المدافع عن النسبية الميتا-أخلاقية مواجهة هذه القضايا وتطوير موقف مقنع بشأنها.
يمكن اعتبار حقيقة أن المجموعات الاجتماعية تُعرّف بمعايير مختلفة وأن الأشخاص ينتمون عمومًا إلى أكثر من مجموعة اجتماعية واحدة سببًا للانتقال من النسبية إلى شكل من الذاتية. أي، بدلاً من القول بأن الحقيقة أو تبرير الأحكام الأخلاقية نسبي لمجموعة ما، يجب أن نقول إنها مرتبطة بكل فرد (كما ذكر أعلاه، تُعرّف النسبية أحيانًا لتشمل كلا الموقفين). قد يؤدي هذا التنقيح إلى نزع فتيل القضايا التي نوقشت للتو، ولكنه سيبدد المفهوم المابين ذواتي ((intersubjective فيما يتعلق بالحقيقة أو التبرير والذي يعتبره العديد من مؤيدي النسبية الميتا-أخلاقية كميزة رئيسية في توجههم. علاوة على ذلك، سيحتاج مؤيد هذا التفسير الذاتي أن يشرح بأي معنى، إن وُجد، تكون للقيم الأخلاقية سلطة معيارية على الشخص بدلاً من مجرد القبول بها.
تنشأ مجموعة أخرى من التساؤلات حول حقائق يُدّعى بها عن أوجه التشابه والتفاعلات عبر المجتمعات المختلفة تجاه الأخلاق. أحيانًا ما يصدر الناس في مجتمع ما أحكامًا أخلاقية عن أناس في مجتمع آخر على أساس المعايير الأخلاقية التي يتخذونها كمعايير مرجعية موثوقة لكلا المجتمعين. بالإضافة إلى ذلك، تُحل أحيانًا النزاعات بين المجتمعات لأن مجتمعًا ما يغير نظرته الأخلاقية ويشترك على الأقل في بعض القيم الأخلاقية للمجتمع الآخر. بشكل عام، يعتقد الناس أحيانًا في مجتمع ما أنهم يتعلمون من القيم الأخلاقية في مجتمع آخر، فهم يعتقدون أن القيم الأخلاقية في مجتمع آخر أفضل في بعض النواحي من قيمهم (المقبولة سابقًا). يصّعب تصور العالم كصورة موندريان مقسمة إلى مجتمعات متمايزة بقيمها الأخلاقية بالنظر إلى هذه الاعتبارات. إذا ما تم التخلي عن هذه الصورة باعتبارها غير واقعية واستُبدلت بواحدة تعترف بوجود قدر أكبر من التداخل الأخلاقي والتفاعل بين المجتمعات (تذكر صورة بولوك)، فإن مؤيد النسبية الأخلاقية سيحتاج إلى تقديم تفسير معقول لهذه الديناميكيات. يرتبط هذا بمشكلة السلطة المرجعية التي أثيرت سابقًا حيث تشير هذه الاعتبارات إلى أن الناس يعترفون أحيانًا بالسلطة المرجعية الأخلاقية التي تمتد إلى ما وراء مجتمعهم، وأن النسبية بحاجة إلى إظهار سبب منطقيتها أو سبب خطأ الناس في هذا الاعتراف.
-
مواقف مختلطة: تقارب بين النسبيين والموضوعيين
غالبًا ما تفترض مناقشات النسبية الأخلاقية (كما يُفترض هنا حتى الآن) أن النسبية الأخلاقية هي التفسير الصحيح لجميع الأحكام الأخلاقية أو لا شيء. ولكن ربما يكون هذا هو التفسير الصحيح لبعض الأحكام الأخلاقية دون غيرها، أو بشكل أكثر غموضًا، فإن أفضل تفسير للأخلاق في مواجهة هذه القضايا سيعترف بكل من العناصر النسبية والموضوعية. قد يكون هذا الموقف المختلط مدفوعًا ببعض الأسئلة الفلسفية التي أثيرت بالفعل (لنتذكر أيضًا الاقتراح الوارد في القسم الخاص بـ الفلسفة التجريبية بأن بعض الناس قد يكونوا “ميتا-أخلاقيون تعدديون”). على المستوى التجريبي، قد يُعتقد أن هناك العديد من الخلافات الأخلاقية الجوهرية ولكن هناك أيضًا بعض الاتفاقيات الأخلاقية المدهشة عبر المجتمعات المختلفة، وعلى المستوى الميتا-أخلاقي، قد يُفترض بأن على الرغم من كونه من غير المحتمل أن تُحل العديد من الخلافات بشكل عقلاني، إلا أن ذلك محتمل في خلافات أخرى (وربما توفر الاتفاقيات التي نجدها بين الثقافات أساساً منطقيًا لهذا الافتراض). ستؤدي النقطة الأولى إلى صيغة أضعف للنسبية الوصفية. أما النقطة الثانية، وهي الأكثر أهمية، فتشير إلى صيغة منقحة للنسبية الميتا-أخلاقية (انظر الاقتراحات الواردة في الفقرة الأخيرة من القسم ٤). اجتذب هذا النهج بعض الدعم بشكل مثير للاهتمام من كلا جانبي النقاش: النسبيون الذين اعتنقوا قيودًا موضوعية، و (الأكثر شيوعًا) الموضوعيين الذين سمحوا ببعض الأبعاد النسبية. فيما يلي بعض الأمثلة البارزة لهذه النظرات الميتا أخلاقية المختلطة.
يؤكد ديفيد كوب (1995) أنه من الصحيح أن شيئًا ما هو خطأ أخلاقي فقط إذا كان خاطئًا وفق القانون الأخلاقي المبرر لمجتمع ما، وأن القانون مبرر في مجتمع ما فقط إذا كان المجتمع مُطالب عقلانيًا باختياره. ونظرًا لأن أي قانون أخلاقي يكون اختياره مطلبًا عقلانيًا يعتمد جزئيًا على القيم غير الأخلاقية للمجتمع، وبما أن هذه القيم تختلف من مجتمع لآخر، فقد يكون هناك شيء خاطئ من الناحية الأخلاقية بالنسبة لمجتمع ما ولكن ليس لمجتمع آخر. يصف كوب هذا الموقف بأنه شكل من أشكال النسبية الأخلاقية. ومع ذلك، فهو يعتقد أن هذه النسبية مُخففة كثيرًا من خلال حقيقة أن أي قانون مطلوب من المجتمع بشكل عقلاني أن يختاره يعتمد أيضًا على الاحتياجات الأساسية للمجتمع والتي يعتقد كوب أنها متماثلة في جميع المجتمعات. على سبيل المثال، يحتاج كل مجتمع إلى الحفاظ على سكانه ونظم التعاون بينهم من جيل إلى جيل. علاوة على ذلك، نظرًا لأن تلبية هذه الاحتياجات الأساسية هي العامل الأساسي في تحديد عقلانية اختيار القانون الأخلاقي، يعتقد كوب أن محتوى جميع القوانين الأخلاقية المبررة سيميل إلى أن يكون متشابهًا تمامًا. على سبيل المثال، سيتطلب أي قانون من هذا القبيل تعزيز احتياجات الأشخاص الأساسية لأشياء مثل البقاء الجسدي واحترام الذات والصداقة (وهي ما يقال إنها ضرورية لضمان الحد الأدنى من الفاعلية العقلانية). تصبح هذه النظرية مختلطة بقدر ما تعتمد عقلانية اختيار القانون الأخلاقي جزئيًا على السمات المشتركة للطبيعة البشرية (الاحتياجات الأساسية) وجزئيًا على السمات المتنوعة للمجتمعات المختلفة (القيم). حول ما إذا كانت القوانين الأخلاقية المبررة (وبالتالي الحقائق الأخلاقية) تميل إلى أن تكون متشابهة إلى حد كبير على الرغم من الاختلافات، كما يجادل كوب، فإن ذلك سيعتمد على كل من الادعاء بأن جميع المجتمعات لديها نفس الاحتياجات الأساسية والادعاء بأن هذه الاحتياجات أكثر أهمية بكثير من القيم الأخرى في تحديد القانون الأخلاقي الذي من المنطقي أن يختاره المجتمع.
دافع وونغ (1996) عن موقف مشابه جزئيًا، على الرغم من كون موقفه يهدف إلى السماح بتنوع أكبر في القوانين الأخلاقية الصائبة. لقد جادل بوجود أكثر من قانون أخلاقي صائب، ولكن مع وجود حدود لمدى صوابيتها. النقطة الأولى هي شكل من أشكال النسبية الميتا-أخلاقية حيث تشير إلى أن أخلاقًا ما قد تكون صائبة بالنسبة لمجتمع ما فيما تكون أخلاقًا متضاربة معها صائبة بالنسبة لمجتمع آخر. ومن ثم، لا يوجد أخلاقيات موضوعية صالحة لجميع المجتمعات. إلا أن النقطة الثانية تتضمن اعترافاً ]بوجاهة[ الموضوعية الأخلاقية، حيث تقر بأنه ينبغي على العوامل الموضوعية المتعلقة بالطبيعة البشرية والوضع الإنساني أن تحدد ما إذا كانت أخلاق معينة يمكن أن تكون واحدة من الأخلاق الحقيقية أم لا وإلى أي مدى يمكن أن تكون كذلك. لا تضمن الحقيقة المجردة التي توضح أن قانونًا أخلاقيًا ما مقبول من قبل المجتمع أن يكون لذلك القانون سلطة معيارية في ذلك المجتمع. على سبيل المثال، بالنظر إلى تركيبتنا البيولوجية والنفسية، ليس كل شيء يصلح أن يكون طريقة جيدة للحياة. مرة أخرى، نظرًا لأن معظم الأشخاص يهتمون إلى حد ما بأنفسهم ولأن المجتمع يتطلب قدرًا من التعاون، فإن أي أخلاق معقولة ستشمل قيمة المعاملة بالمثل (الخير في مقابل الخير على أساس نسبي). نظرًا لأن هذه القيود الموضوعية واسعة جدًا، فهي غير كافية في حد ذاتها لتأسيس أخلاق محددة ومفصلة بل تتوافق معها العديد من القوانين الأخلاقية، ويجب أن تحدد ثقافات المجتمعات المختلفة الاختيار بين هذه القوانين.
طور وونغ هذا النهج بالتفصيل في عمل أحدث (2006) حيث تستمر فيه “نسبته التعددية” في التأكيد على وجود قيود كونية على ما يمكن أن يكون أخلاقًا حقيقية. تستند القيود على فهم طبيعي للطبيعة البشرية وظروف الحياة البشرية. بالنسبة لـوونغ، ونظرًا لتنوع الاحتياجات البشرية وعمق المصالح الذاتية، فإن وظيفة الأخلاق هي تعزيز التعاون الاجتماعي والازدهار الفردي. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب الأخلاق أن يكون لدى الأشخاص فاعلية وهوية ناجعتين، وتلك خصيصتين لا يمكن تعزيزهما إلا في السياقات الشخصية مثل الأسرة. ومن ثم، يجب أن يكون المنظور غير الشخصي مقيدًا بالمنظور الشخصي وأي أخلاق حقيقية عليها أن تحترم مثل هذه المتطلبات.
ومع ذلك، وفقًا لـوونغ، فإن القيود الكونية غير محددة بما فيه الكفاية، لذا توجد أكثر من طريقة واحدة لاحترامها. وبالتالي، يمكن أن تكون هناك أكثر من قوانين أخلاق حقيقية وهذا هو فحوى النسبية التعددية. بالنسبة إلى وونغ، لا ينبغي أن تكون القوانين الأخلاق الحقيقية مختلفة تمامًا عن بعضها البعض وهي ليست بالعادة كذلك. في الواقع، غالبًا ما تتشارك القوانين الأخلاقية في بعض القيم (مثل الحقوق الفردية والمنفعة الاجتماعية) على اختلاف أولوياتها.
يقدم وونغ النسبية التعددية كأفضل تفسير لما يسميه “التناقض الأخلاقي”، وهي ظاهرة الاختلاف الأخلاقي مع شخص ما مع الاعتراف بأن الشخص لا يزال منطقيًا في إصدار الحكم المتضارب – لدرجة تزعزع ثقة المرء في كونه محقًا بشكل فريد. يعتبر مدى انتشار التناقض الأخلاقي في حكم السؤال تجريبي (انظر القسم ٣)، إلا أن وونغ يقدم على أية حال حجة مستدامة ومفصلة مفادها أن الفهم القائم على التجربة لطبيعة وظروف الحياة البشرية يقيد لكنه لا يحدد ما يمكن أن تكون عليه القوانين الأخلاق الحقيقية.، يعتبر موقفه أكثر أشكال النسبية تطوراً حتى الآن في كثير من النواحي ويمتلك الموارد اللازمة لمواجهة عدد من القضايا التي أثيرت في القسم الأخير (بالنسبة لبعض الردود الانتقادية على وونغ وردوده، انظر Xiao and Huang 2014; for more recent discussion, see Li 2019, Vicente and Arrieta 2016, and Wong 2020).
قُدم موقف مختلط مشابه إلى حد ما، وإن كان بشكل مؤقت، بواسطة فووت، (2002a and 2002b; see also Scanlon 1995 and 1998: ch. 8) تجادل فيه بوجود قيودًا مفاهيمية على ما يمكن اعتباره قانونًا أخلاقيًا (كما هو موضح في القسم ٤)، وبوجود سمات مشتركة للطبيعة البشرية تضع حدودًا لما يمكن أن تكون عليه الحياة الجيدة. لهذه الأسباب، هناك بعض الحقائق الأخلاقية الموضوعية – على سبيل المثال، كون المحاولة النازية لإبادة اليهود خاطئة من الناحية الأخلاقية. وتقر فوت مع ذلك أن هذه الاعتبارات لا تضمن أن جميع الخلافات الأخلاقية يمكن حلها بشكل عقلاني. ومن ثم، تكون الأحكام الأخلاقية في بعض الحالات صائبة بمرجعية ما وخاطئة بمرجعية آخر، إلا أنها ليست صائبة أو خاطئة بشكل مطلق (كما هو الحال مع معايير الجمال).
توصلت فوت إلى هذه النظرة المختلطة مسترشدة بالمذهب الموضوعي (في شكل نظرية فضيلة)، وقد يجادل بعض أنصار الموضوعية الأخلاقية بأنها سلّمت به إلى حد كبير. نظرًا لوجود معايير موضوعية، فإن ما تبدو على أنها خلافات غير قابلة للحل بشكل عقلاني قد تكون قابلة للحل من خلال فهم أكبر للطبيعة البشرية، أو قد تثبت المعايير الموضوعية أنه في بعض الحالات المحدودة، يكون من الموضوعي الحكم بأن الممارسات الأخلاقية المتضاربة مسموح بها أخلاقياً. في ضوء هذه الاعتبارات، قد يجادل أنصار الموضوعية الأخلاقية أنه ليس من الضروري اللجوء إلى الفكرة الإشكالية للحقيقة الأخلاقية النسبية.
عززت مارثا نوسباوم حجة فوت من خلال طرح مشابه (1993). مع الإشارة الصريحة إلى أرسطو. جادلت نوسباوم بأن هناك فهمًا واحدًا صحيحًا بشكل موضوعي للصالح الإنساني، وأن هذا الفهم يوفر أساسًا لانتقاد التقاليد الأخلاقية للمجتمعات المختلفة. تُشرح تفاصيل هذا المفهوم من خلال مجموعة من التجارب أو الاهتمامات التي يُقال إنها مشتركة بين جميع البشر والمجتمعات، مثل الخوف والشهية الجسدية وتوزيع الموارد وإدارة الممتلكات الشخصية، وما إلى ذلك. يتزامن مع كل هذه التجارب مفهومًا للعيش الكريم، يتلخص بالفضيلة، أي الفضائل الأرسطية المألوفة مثل الشجاعة والاعتدال والعدالة والكرم. اعترفت نوسباوم بوجود خلافات حول هذه الفضائل، وأثارت بنفسها اعتراضًا نسبيًا واضحًا، فقد تساءلت بأنه حتى لو كانت التجارب كونية، فهل تثبت الطبيعة البشرية أن هناك طريقة موضوعية واحدة صحيحة للعيش بشكل جيد فيما يتعلق بكل مجال من هذه المجالات؟ أقرت نوسباوم في جوابها أنه في بعض الأحيان قد يكون هناك أكثر من مفهوم واحد صحيح موضوعيًا لهذه الفضائل وأن تحديد المفهوم قد يعتمد على ممارسات مجتمع معين.
كما هو الحال مع فوت، توصلت نوسباوم إلى هذا الموقف المختلط باتخاذ جانب أنصار الموضوعية من النقاش. قد يعتقد بعض الموضوعيين الأخلاقيين أنها تخلت عن الكثير، ولسبب ذي صلة قد يعتقد العديد من النسبويين الأخلاقيين أنها لم تؤسس سوى القليل. على سبيل المثال، الشهية الجسدية هي بالفعل تجربة كونية، ولكن يتوفر نطاق واسع من الاستجابات لهذه التجارب – نطاق يتراوح من الزهد إلى مذهب المتعة مثلًا. يبدو أن هذا هو أحد المجالات المركزية للخلاف الأخلاقي. تحتاج نوسباوم، من أجل الحفاظ على مؤهلاتها الموضوعية، إلى إظهار أن الطبيعة البشرية تقيد بشكل كبير أي من هذه الاستجابات يمكن أن تكون مناسبة أخلاقياً. قد يقول بعض أنصار الموضوعية الأخلاقية إن نوسباوم لم تظهر ذلك رغم قدرتها، بينما قد يشك أنصار النسبية في قدرتها على إظهار ذلك.
تفترض المواقف المختلطة على غرار تلك التي تمت مناقشتها للتو أن الأخلاق موضوعية في بعض النواحي، حسب بعض سمات الطبيعة البشرية، ونسبية في جوانب أخرى. بالنسبة للجوانب التي تكون فيها الأخلاق نسبية، فإن الأمر متروك لمجتمعات أو أفراد معينين لتحديد القيم الأخلاقية التي يجب تبنيها. ومن ثم، فإن سلطة الأخلاق تعتمد جزئيًا على العوامل الموضوعية وجزئيًا على قرارات الجماعات أو الأفراد. بقدر ما يكون هذا صحيحًا، يجب أن تقول مثل هذه المواقف المختلطة شيئًا ما حول أساس هذه القرارات وكيفية حل النزاعات (على سبيل المثال، عندما يعارض الأفراد مجموعات أو عندما ينتمون إلى مجموعات مختلفة ذات قيم متضاربة). قد تساعد الميزات الموضوعية للمواقف المختلطة في حل هذه المشكلات، أو قد تحد من أهميتها، ولكن ما إن تُستنفذ هذه حتى تتبقى بعض المخاوف التقليدية حول النسبية (والتي سبق الإشارة لها في الفصل السابق).
يمكن تفسير نهج آخر على أنه موقف مختلط على الرغم من أنه لم يطرح وفق ذلك. جادل ايزايا برلين (1998) أنه على الرغم من أن بعض القيم الأخلاقية كونية، إلا أن هناك أيضًا العديد من القيم الموضوعية التي تتعارض ولا يمكن التناسب بين بعضها البعض. أطلق على موقفه “التعددية” ورفض تسمية “النسبية”. ولكن إذا كان عدم القابلية للقياس يعني أن هذه النزاعات لا يمكن حلها بشكل عقلاني، فقد يشير ذلك إلى تنازل للنسبية.
قد يسأل مؤيد الموضوعية الأخلاقية اعتراضًا على هذا الموقف لماذا يجب أن نعتقد أن الأمور الخيّرة الموضوعية غير قابلة للقياس: إذا كان كل من ع و ص أمور خيّرة من الناحية الموضوعية، فلماذا لا نقول إن العبارة “ع أفضل من ص” (أو عبارة أخرى أكثر تقييدًا واكثر اعتبارًا لجوانب المقارنة وظروفها) هي عبارة صائبة أو خاطئة من الناحية الموضوعية، حتى لو كان من الصعب معرفة ذلك؟. لكن برلين يرى أن هناك العديد من الأمثلة على الأمور الخيَرة المتضاربة والتي من غير المعقول افتراض أنها قابلة للقياس، على سبيل المثال، العدالة والرحمة، أو الحرية والمساواة.
أخيرًا، تجدر الإشارة أيضًا إلى أن برنارد ويليامز (1981 and 1985: ch. 9)اقترح نوعًا مختلفًا من المواقف المختلطة. لقد رفض ما أسماه “النسبية الارتباطية الصارمة” والتي يعني بها الادعاء بأن المفاهيم الأخلاقية لها صلاحية فقط بالارتباط بمجتمع ما. لكنه أيد شكلاً آخر من أشكال النسبية والذي يفسره بالرجوع إلى التمييز بين “المواجهة الافترضية”، حيث يكون التصور المتباين مفهوم لنا ولكنه ليس خيارًا حقيقيًا بالنسبة لنا، و “المواجهة الحقيقية”، حيث يكون التصور المتباين خيارًا حقيقيًا بالنسبة لنا – وهو شيء قد نقوم بتبنيه دون أن نفقد صلتنا بالواقع. تقول “نسبية المسافة” لدى ويليامز إن التقييمات الأخلاقية مناسبة في المواجهات الحقيقية، ولكن ليس في المواجهات الافتراضية. على سبيل المثال، لا يمكننا أبدًا تبني تصور الساموراي في العصور الوسطى نظرًا لأن تلك مواجهة افتراضية وسيكون من غير المناسب وصف هذا التصور بأنه عادل أو جائر. هذا هو المعنى الذي تكون فيه النسبية صحيحة. لكن في المواجهات الحقيقية، تثبّط النسبية بشكل غير مفيد تقييم تصورات أخرى تعد خيارًا حقيقيًا بالنسبة لنا (لمتابعة تطور موقف ويليامز بالرجوع إلى الأدبيات التجريبية الحديثة، انظر Gaitán and Viciana 2018).
كان ويليامز ناقدًا قويًا لمعظم أشكال الموضوعية الأخلاقية، لكنه انتقد أيضًا العديد من البدائل غير الموضوعية ولم يكن من السهل تصنيف نظرته بسهولة من بين المواقف الميتا-أخلاقية التقليدية. فيما يتعلق بمفهومه حول نسبية المسافة، يمكن التساؤل عن سبب عدم ملاءمة التقييمات في المواجهات الافتراضية، فلماذا قد تمنعنا حقيقة أن تصورًا ما ليس خيارًا حقيقيًا من التفكير في كونه عادل أو جائر؟ من ناحية أخرى، في المواجهات الحقيقية، اعتقد ويليامز أن لغة التقييم كانت مناسبة، لكنه اعتقد أيضًا أن هذه المواجهات قد تنطوي على خلافات عقلانية لا يمكن حلها. على الرغم من أن ويليامز يرفض النسبية الارتباطية الصارمة، إلا أنه قد يجادل أنصار الموضوعية الأخلاقية بأن موقفه يعاني من عيوب خطيرة مثل تلك التي تعاني منها النسبية الميتا-أخلاقية.
يركز الموضوع الرئيسي في المواقف المختلطة على أنه لا النسبية ولا الموضوعية صحيحة تمامًا. تتعرض هذه المواقف لاعتراضات جدية على الأقل من حيث اشتراطاتها إلا أنها تنبع من تساؤلات وجيهة. قد يبدو أنه يمكن تطوير موقف مختلط يمنحنا أفضل ما في العالمين (يوجد الكثير من الاقتراحات المشابهة، انظر على سبيل المثال Hampshire 1983 and 1989) . ومع ذلك، يبدو أن معظم المواقف المختلطة (لا ينطبق هذا على ويليامز) تتضمن أن بعض الأحكام الأخلاقية صائبة من الناحية الموضوعية (أو مبررة)، في حين أن البعض الآخر لا يمكن أن يكون صائبًا إلا نسبيًا (أو مبرر). لا ينبغي الخلط بين هذا والادعاء بأن الفعل قد يكون صائبًا في بعض الظروف دون غيرها. على سبيل المثال، وجهة نظر عواقبية مفادها أن تعدد الزوجات هو صائب في مجتمع وخاطئ في مجتمع آخر لأن له عواقب جيدة في المجتمع الأول وعواقب سيئة في المجتمع الثاني لن يكون موقفًا مختلطًا لأن كلا الحُكمين “تعدد الزوجات صائب في الظرف أ” و”تعدد الزوجات هو خطأ في الظرف ب ” يحتملان الصواب بالمعنى المطلق. على النقيض من ذلك، قد يقول الموقف المختلط أن “تعدد الزوجات أخلاقي” صائب بالنسبة إلى مجتمع ما وخطأ بالنسبة إلى مجتمع آخر (حيث يختلف المجتمعان في القيم الأساسية وليس بالضرورة في الظروف)، في حين أن الأحكام الأخلاقية الأخرى لها قيمة صوابية مطلقة. هذا مفهوم غير موحد إلى حد ما للأخلاق، وهو يدعو إلى العديد من الأسئلة. يجب على مؤيد وجهة النظر المختلطة أن يُظهر أنها تقدم تصويرًا دقيقًا لممارساتنا الأخلاقية، أو أنها اقتراحاً مقبولًا يحتمل الإصلاح.
-
8. النسبية والتسامح
ترتبط النسبية أحيانًا بموقف معياري، يتعلق عادةً بكيفية تعامل الناس مع من يختلفون معهم أخلاقياً. الموقف المعياري الأبرز في هذا الصدد يتعلق بالتسامح. في السنوات الأخيرة، أصبحت فكرة أننا يجب أن نكون متسامحين مقبولة بشكل متزايد في بعض الدوائر. في الوقت نفسه، تحدى آخرون هذه الفكرة، وأصبح الفهم والتبرير الفلسفي للتسامح أقل وضوحًا (see Heyd 1996). السؤال هنا هو ما إذا كان للنسبية الأخلاقية شيئًا تساهم به في هذه المناقشات، على وجه الخصوص، ما إذا كانت النسبية الوصفية أو الميتا-أخلاقية تدعمان سلوك التسامح. (for discussion, see Graham 1996, Harrison 1976, Ivanhoe 2009, Kim and Wreen 2003, Prinz 2007: pp. 207–13 and Wong 1984: ch. 12). في هذا السياق، التسامح لا يعني عادة اللامبالاة أو عدم الرفض، بل يعني وجود سياسة عدم التدخل في تصرفات الأشخاص التي تستند إلى أحكام أخلاقية نرفضها حين لا يتم حل الخلاف أو حين لا يمكن حله بشكل عقلاني. إذا كان غالبًا ما سيكون سياق المناقشة، ولكن ليس دائمًا، خلافات أخلاقية بين مجتمعين، هل النسبية الأخلاقية تدعم التسامح بهذا المعنى؟
على الرغم من أن الكثير من الناس يعتقدون أن الأمر كذلك، إلا أن الفلاسفة غالبًا ما يرفضون افتراض وجود علاقة فلسفية بين قبول موقف ميتا-أخلاقي والتوصل إلى نتيجة عملية (however, see Gillespie 2016). ومن ثم، غالبًا ما يُعتقد أنه على الرغم من أن النسبية الوصفية قد توفر فرصة للتسامح، إلا أنها لا يمكن أن تعني أن التسامح واجب أخلاقي أو حتى مسموح به. تخبرنا النسبية الوصفية ببساطة أن هناك خلافات أخلاقية. إن الاعتراف بهذه الحقيقة، في حد ذاته، لا يستلزم شيئًا عن كيفية تعاملنا مع أولئك الذين نختلف معهم. ولا تقدم النسبية الميتا-أخلاقية ما هو أفضل من ذلك، حيث لا يمكن أن تشير النسبية الميتا-أخلاقية إلى إننا يجب أن نكون متسامحين كحقيقة أخلاقية موضوعية كونها تنكر وجود مثل هذه الحقائق. (يمكن للموقف المختلط أن يؤكد أن التسامح هو الحقيقة الأخلاقية الموضوعية الوحيدة، وجميع الحقائق الأخرى نسبية؛ ولكن يجب إثبات أن هذه الحجة هي أكثر من مجرد مناورة مرتجلة لهذا الغرض بالذات). يمكن القول إن النسبية الميتا-أخلاقية تشير إلى أن التسامح حقيقة نسبية، إلا أن هذا يظل إشكاليًا. وفقًا لـلنسبية الميتا-أخلاقية، والمعنية بالحقيقة، قد تختلف القيمة الصوابية للحكم الأخلاقي من مجتمع إلى آخر. ومن ثم، فإن الحكم الأخلاقي “يجب على الناس أن يكونوا متسامحين” (ت)، قد يكون صائبًا في بعض المجتمعات وخاطئًا في مجتمعات أخرى. لا تستلزم النسبية الميتا-أخلاقية في حد ذاتها أن تكون ت صائبة في أي مجتمع، وقد تؤدي في الواقع إلى نتيجة مفادها أن ت غير صائبة في بعض المجتمعات (يمكن تقديم نقطة مماثلة فيما يتعلق بالتبرير).
قد يضيف بعض أنصار الموضوعية الأخلاقية أنه في بعض الحالات يجب أن نتسامح مع أولئك الذين نختلف معهم أخلاقياً، ولكنهم هم الوحيدون الذين بإمكانهم إثبات ذلك كحقيقة أخلاقية موضوعية (على سبيل المثال، من خلال الاعتماد على حجج ليبرالية تقليدية من إرث لوك أو ميل). بالنسبة للاعتراض بأن الموضوعية الأخلاقية تعني عدم التسامح (أو الإمبريالية)، يؤكد الموضوعيون عادةً أن حقيقة اعتبار مجتمع خاطئ أخلاقيًا في بعض النواحي لا يستلزم أننا يجب أن نتدخل فيه.
ومع ذلك، استمرت الفكرة القائلة بأن هناك علاقة ذات دلالة فلسفية بين النسبية والتسامح بين بعض النسبويين. ربما يمكن أن يمنحنا اقتران النسبية الميتا-أخلاقية والمبدأ الأخلاقي سببًا للتسامح لم يكن ليتوفر على أساس المبدأ الأخلاقي وحده، وهو ما يقترحه وونغ (1984: ch. 12). يقتضي مبدأه، بشكل تقريبي، أننا لا ينبغي أن نتدخل مع الناس ما لم نتمكن من تبرير هذا التدخل لهم (إذا كانوا عقلانيين ومطلعين في النواحي ذات الصلة). أطلق وونغ على هذا “مبدأ التبرير”، وهو مبدأ يعكس بالفعل تسامح من نوع ما، وسيصلح تطبيقه على نطاق أوسع إذا ما صحت النسبية الوصفية. لنفترض أن العبارة القائلة بأن هناك حقًا فرديًا في حرية التعبير صائبة ومبررة لمجتمعنا، لكنها خاطئة وغير مبررة في مجتمع آخر تُقيد فيه الصحافة لصالح الجماعة. في هذه الحالة، بالنظر إلى النسبية الميتا-أخلاقية، قد لا يكون مجتمعنا قادرًا على تبرير التدخل في المجتمع المُقيد فيما يتعلق بحرية الصحافة لأن أي تبرير يمكن أن نقدمه من شأنه أن يناشد القيم التي هي موثوقة بالنسبة لنا، وليس لهم، ولن يمنحهم أي مناشدة للمنطق أو الحقائق وحدها سببًا لقبول تبريرنا.
إذا ما حظي مبدأ التبرير بالقبول على نطاق واسع، فقد تفسر هذه الحجة وجود سبب وجيه لبعض الناس للاعتقاد بوجود علاقة بين النسبية والتسامح. لكن هناك سؤال حول ما إذا كان هذا الموقف مستقرًا. اشتق وونغ مبدأ التبرير من كانط، ورفض كانط النسبية الميتا-أخلاقية. إذا كان علينا قبول النسبية الميتا-أخلاقية، فهل لا يزال لدينا سبب لقبول مبدأ التبرير؟ اعتقد وونغ أنه ربما يمكننا ذلك على أساس اعتبارات مستقلة تمامًا عن كانط. على أي حال، ستُظهر هذه الحجة فقط أن للنسبية الميتا-أخلاقية دورًا في تزكية حجة التسامح بالنسبة لمجتمع يقبل مبدأ التبرير، ولكنها لا تثبت أن هناك علاقة عامة بين النسبية والتسامح، ولن تلّطف من الزعم بأن النسبية الميتا-أخلاقية قد تقر بصحة ت في مجتمع ما وخطأها في مجتمع آخر.
في دفاعه الأخير عن النسبية التعددية (2006)، جادل وونغ أنه نظرًا لأن بعض الخلافات الأخلاقية الجادة أمر لا مفر منه، فإن أي أخلاق مُرضية ستتضمن القيمة التي يسميها “المواءمة” والتي تنطوي على التزام بعلاقات سلمية وغير قسرية مع الأشخاص الذين نختلف معهم. يبدو أن المواءمة مرتبطة بالتسامح، لكن وونغ يجادل لصالح ما هو أكثر من ذلك، أي أننا يجب أن نحاول أيضًا التعلم من الآخرين، والتنازل معهم، والحفاظ على علاقتنا بهم، وما إلى ذلك. دفاع وونغ عن المواءمة محصن ضد الاعتراض بأن النسبية لا يمكن أن تكون أساس لمثل هذه القيمة الكونية لأن دفاعه يزعم أنه قائم على اعتبارات يجب أن تعترف بها أي أخلاق مُرضية. وعلى الرغم من كون تبريره يفترض مسبقًا الاعتبارات التي تدعم البعد النسبي لموقفه (لا توجد أخلاق حقيقية واحدة)، فإنه يجادل من البعد غير النسبي (هناك قيود كونية يجب على أي قانون أخلاقي قبولها، على وجه الخصوص، قيد أن إحدى وظائف الأخلاق هي تعزيز التعاون الاجتماعي). ومن ثم، فإن حديثه عن المواءمة ليس من جهة نسبوية صارمة.
كما لوحظ في القسم ٣، بصرف النظر عن السؤال الفلسفي حول ما إذا كان شكل من أشكال النسبية الأخلاقية يوفر سببًا لمواقف مثل التسامح أم لا، هناك سؤال نفسي حول ما إذا كان الأشخاص الذين يقبلون النسبية هم أكثر تسامحًا أم لا. كما رأينا، هناك بعض الأدلة على أن النسبويين أكثر تسامحًا من أنصار الموضوعية، وقد زُعم أنه حتى لو كانت النسبية لا تبرر التسامح، فسيكون من السمات الإيجابية للنسبية أن قبولها يجعل الناس أكثر تسامحًا (see Prinz 2007: 208). بالطبع، يفترض هذا الحكم مسبقًا، بمعنى ما، أنه من الجيد أن تكون متسامحًا.
المراجع (النسبية الأخلاقية):
- Accetti, C., 2015, Relativism and Religion: Why Democratic Societies Do Not Need Moral Absolutes, New York: Columbia University Press.
- American Anthropological Association Executive Board, 1947, “Statement on Human Rights,” American Anthropologist, 49: 539–43.
- Appiah, K. A., 2006, Cosmopolitanism: Ethics in a World of Strangers, New York: W.W. Norton.
- Audi, R., 2007, Moral Value and Human Diversity, New York: Oxford University Press.
- Ayars, A. and S. Nichols, 2020, “Rational Learners and Metaethics: Universalism, Relativism, and Evidence from Consensus,” Mind and Language, 35: 67–89.
- Baghramian, M., 2004, Relativism, London: Routledge.
- Beebe, J.R., 2010, “Moral Relativism in Context,” Nous, 44: pp. 691–724.
- –––, 2014, “How Different Kinds of Disagreement Impact Folk Metaethical Judgments,” in H. Sarkissian and J.C. Wright (eds.), Advances in Experimental Moral Psychology, London: Bloomsbury, 167–87.
- –––, Forthcoming, “The Empirical Case for Folk Indexical Moral Relativism,” in T. Lombrozo, J. Knobe and S. Nichols (eds.), Oxford Studies in Experimental Philosophy, Vol. 4, Oxford: Oxford University Press.
- Beebe, J.R. et al., 2015, “Moral Objectivism in Cross-Cultural Perspective,” Journal of Cognition and Culture, 15: 386–401.
النسبية الأخلاقية
- Benbaji, Y. and M. Fisch, 2004, “Through Thick and Thin: A New Defense of Cultural Relativism,” Southern Journal of Philosophy, 42: 1–24.
- Benedict, R, 1934, Patterns of Culture, Boston: Houghton Mifflin.
- Berlin, I., 1998, “The Pursuit of the Ideal,” in Berlin, The Proper Study of Mankind: An Anthology of Essays, H. Hardy and R. Hausheer (eds.), New York: Farrar, Straus, and Giroux, pp. 1–16. Original Publication Date: 1988.
- Bilgrami, A., 2011,“Secularism, Liberalism, and Relativism,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 326–45.
- Bjornsson, G. and S. Finlay, 2010, “Metaethical Contextualism Defended,” Ethics, 121: 7–36.
- Blackburn, S., 1984, Spreading the Word: Groundings in the Philosophy of Language, Oxford: Clarendon Press.
- –––, 1998, Ruling Passions: A Theory of Practical Reasoning, Oxford: Clarendon Press.
- –––, 1999, “Is Objective Moral Justification Possible on a Quasi-realist Foundation?,” Inquiry, 42: 213–28.
- Bloomfield, P., 2003, “Is There a Moral High Ground?,” The Southern Journal of Philosophy, 41: 511–26.
- Boghossian, P., 2006, Fear of Knowledge: Against Relativism and Constructivism, Oxford: Oxford University Press.
- –––, 2011,“Three Kinds of Relativism,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 53–69.
- –––, 2017, “Relativism about Morality,” in K. Neges et al. (eds.), Realism-Relativism-Constructivism: Proceedings of the 38th International Wittgenstein Symposium in Kirchberg, Berlin: Walter de Gruyter, pp. 301–12.
- Bok, S., 1995, Common Values, Columbia, MO: University of Missouri Press.
- Brady, M., 2010, “Disappointment,” Proceedings of the Aristotelian Society, 84: 179–98.
- Brandt, R.B., 1954, Hopi Ethics: A Theoretical Analysis, Chicago: University of Chicago Press.
- –––, 1984, “Relativism Refuted?,” The Monist, 67: 297–307.
- Brogaard, B., 2008, “Moral Contextualism and Moral Relativism,” Philosophical Quarterly, 58: 385–409.
- –––, 2012, “Moral Relativism and Moral Expressivism,” Southern Journal of Philosophy, 50: 538–56.
- Bush, L.S. and D. Moss, 2020, “Misunderstanding Metaethics: Difficulties Measuring Folk Objectivism and Relativism,” Diametros, 17: 6–21.
- Capps, D., M.P. Lynch and D. Massey, 2008, “A Coherent Moral Relativism,” Synthese, 151: 1–26.
- Code, L., 1995, “Must a Feminist Be a Relativist After All?,” in Code, Rhetorical Spaces: Essays on Gendered Locations, New York: Routledge, pp. 185–207.
- Coliva, A. and S. Moruzzi, 2012, “Truth Relativists Can’t Trump Moral Progress,” Analytic Philosophy, 53: 48–57.
- Collier-Spruel, L.A., et al., 2019, “Relativism or Tolerance? Defining, Assessing, Connecting, and Distinguishing Two Moral Personality Features with Prominent Roles in Modern Societies,” Journal of Personality, 87: 1170–88.
- Cook, J.W., 1999, Morality and Cultural Differences, New York: Oxford University Press.
- Cooper, D., 1978, “Moral Relativism,” Midwest Studies in Philosophy, 3: 97–108.
- Copp, D., 1995, Morality, Normativity, and Society, New York: Oxford University Press.
- Corradetti, C., 2009, Relativism and Human Rights: A Theory of Pluralistic Universalism, Dordrecht: Springer.
- Cova, F., et al., 2018, “Estimating the Reproducibility of Experimental Philosophy,” Review of Philosophy and Psychology, doi:10.1007/s13164-018-0400-9
- Davidson, D., 1984a, “On the Very Idea of a Conceptual Scheme” in Davidson, Inquiries into Truth and Interpretation, Oxford: Clarendon Press, pp. 183–98. Original Publication Date: 1973–74.
- –––, 1984b [2004a], “Expressing Evaluations” in D. Davidson, Problems of Rationality, Oxford: Clarendon Press, pp. 19–37; originally published in Expressing Evaluations, Lindley Lecture, Lawrence, Kansas: University of Kansas, 1984.
- –––, 1995 [2004b], “The Objectivity of Values” in D. Davidson, Problems of Rationality, Oxford: Clarendon Press, pp. 39–57; originally published in El Trabajo Filosófico de Hoy en el Continente, edited by Carlos Gutiérrez, Bogatá: Editorial ABC, 1995, 59–69.
- Donnelly, J., 1984, “Cultural Relativism and Universal Human Rights,” Human Rights Quarterly, 6: 400–419.
- –––, 2013, Universal Human Rights in Theory and Practice, Third Edition, Ithaca, NY: Cornell University Press.
- Doris, J.M. and A. Plakias, 2008, “How to Argue about Disagreement: Evaluative Diversity and Moral Realism,” in W. Sinnott-Armstrong (ed.), Moral Psychology, Volume 2: The Cognitive Science of Morality: Intuition and Diversity, Cambridge, MA: The MIT Press, pp. 303–31.
- Dreier, J., 1990, “Internalism and Speaker Relativism,” Ethics, 101: 6–26.
- –––, 2006, “Moral Relativism and Moral Nihilism,” in D. Copp (ed.), The Oxford Handbook of Ethical Theory, New York: Oxford University Press, pp. 240–64.
النسبية الأخلاقية
- Duncker, K., 1939, “Ethical Relativity?”, Mind, 48: 39–57.
- Dyke, M.M., 2020, “Group Agency Meets Metaethics: How to Craft a More Compelling Form of Normative Relativism,” in R. Shafer-Landau (ed.) Oxford Studies in Metaethics, Vol. 15, Oxford: Oxford University Press, pp. 219–40.
- Earp, B.D., 2016, “Between Moral Relativism and Moral Hypocrisy: Reframing the Debate on ‘FGM’,” Kennedy Institute of Ethics Journal, 26: 105–44.
- Egan, A., 2012, “Relativist Dispositional Theories of Value,” Southern Journal of Philosophy, 50: 557–82.
- Elgin, C. Z., 1989, “The Relativity of Fact and the Objectivity of Value,” in M. Krausz (ed.), Relativism: Interpretation and Confrontation, Notre Dame, IN: University of Notre Dame Press, pp. 86–98.
- Evers, D., 2021, “Relativism and the Metaphysics of Value,” British Journal of Aesthetics, 61: 75–87.
- Feltz, A. and E.T. Cokely, 2008, “The Fragmented Folk: More Evidence of Stable Individual Differences in Moral Judgments and Folk Intuitions,” in B.C. Love, K. McRae and V.M. Sloutsky (eds.), Proceedings of the 30th Annual Conference of the Cognitive Science Society, Austin, TX: Cognitive Science Society, 1771–76.
- Fisher, M. et al., 2017, “The Influence of Social Interaction on Intuitions of Objectivity and Subjectivity,” Cognitive Science, 41: 1119–34.
- Fleischacker, S., 1992, Integrity and Moral Relativism, Leiden: E.J. Brill.
- Foot, P., 1978a, “Moral Arguments,” in Foot, Virtues and Vices and Other Essays in Moral Philosophy, Oxford: Basil Blackwell, pp. 96–109, Original Publication Date: 1958.
- –––, 1978b, “Moral Beliefs,” in Foot, Virtues and Vices and Other Essays in Moral Philosophy, Oxford: Basil Blackwell, pp. 110–31, Original Publication Date: 1958–59.
- –––, 2002a, “Morality and Art,” in Foot, Moral Dilemmas and Other Topics in Moral Philosophy, Oxford: Clarendon Press, pp. 5–19, Original Publication Date: 1972.
- –––, 2002b, “Moral Relativism,” in Foot, Moral Dilemmas and Other Topics in Moral Philosophy, Oxford: Clarendon Press, pp. 20–36, Original Publication Date: 1979.
- Frick, M-L., 2017, “A Plurality of True Moralities? Tracing ‘Truth’ in Moral Relativism,” in K. Neges et al. (eds.), Realism-Relativism-Constructivism: Proceedings of the 38th International Wittgenstein Symposium in Kirchberg, Berlin: Walter de Gruyter, pp. 327–38.
- Fricker, M., 2010, “The Relativism of Blame and Williams’s Relativism of Distance,” Proceedings of the Aristotelian Society, 84: 151–77.
- –––, 2013, “Styles of Moral Relativism: A Critical Family Tree,” in R. Crisp (ed.), Oxford Handbook of the History of Ethics, Oxford: Oxford University Press, pp. 793–817.
- Gaitán, A. and H. Viciana, 2018, “Relativism of Distance—A Step in the Naturalization of Meta-ethics,” Ethical Theory and Moral Practice, 21: 311–27.
- Garcia, J.L.A., 1988, “Relativism and Moral Divergence,” Metaphilosophy, 19: 264–81.
- Geertz, C., 2000, Available Light: Anthropological Reflections on Philosophical Topics, Princeton, NJ: Princeton University Press.
- Gewirth, A., 1994, “Is Cultural Pluralism Relevant to Moral Knowledge?,” in E.F. Paul, F.D. Miller, Jr., and J. Paul (eds.), Cultural Pluralism and Moral Knowledge, Cambridge U.K.: Cambridge University Press, pp. 22–43.
- Gill, M.B., 2008, “Metaethical Variability, Incoherence, and Error,” in W. Sinnott-Armstrong (ed.), Moral Psychology, Volume 2: The Cognitive Science of Morality: Intuition and Diversity, Cambridge, MA: The MIT Press, pp. 387–401.
- Gillespie, R., 2016, “Normative Reasoning and Moral Argumentation in Theory and Practice,” Philosophy and Rhetoric, 49: 49–73.
- Goodwin, G.P. and J.M. Darley, 2008, “The Psychology of Meta-ethics: Exploring Objectivism,” Cognition, 106: 1339–66.
- –––, 2010, “The Perceived Objectivity of Ethical Beliefs: Psychological Findings and Implications for Public Policy,” Review of Philosophy and Psychology, 1: 161–88.
- Gowans, C., (ed.), 2000, Moral Disagreements: Classic and Contemporary Readings, London: Routledge.
- –––, 2004, “A Priori Refutations of Disagreement Arguments against Moral Objectivity: Why Experience Matters,” Journal of Value Inquiry, 38: 141–57.
- –––, 2011,“Virtue Ethics and Moral Relativism,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 391–410.
- Graham, G., 1996, “Tolerance, Pluralism, and Relativism,” in D. Heyd (ed.), Toleration: An Elusive Virtue, Princeton, NJ: Princeton University Press, pp. 44–59.
- Hales, S., 2009, “Moral Relativism and Evolutionary Psychology,” Synthese, 166: 431–47.
- –––, (ed.), 2011, A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell.
- Hampshire, S., 1983, “Morality and Conflict,” in Hampshire, Morality and Conflict, Cambridge, MA: Harvard University Press, pp. 140–169.
النسبية الأخلاقية
- –––, 1989, Innocence and Experience, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- Hare, R.M., 1981, Moral Thinking: Its Levels, Method, and Point, Oxford: Clarendon Press.
- Harman, G., 1996, “Moral Relativism,” in G. Harman and J.J. Thompson (eds.), Moral Relativism and Moral Objectivity, Cambridge, MA: Blackwell Publishers, pp. 3–64.
- –––, 2000a, “Moral Relativism Defended,” in Harman, Explaining Value: And Other Essays in Moral Philosophy, Oxford: Clarendon Press, pp. 3–19. Original Publication Date: 1975.
- –––, 2000b, “Is There a Single True Morality?,” in Harman, Explaining Value: And Other Essays in Moral Philosophy, Oxford: Clarendon Press, pp. 77–99. Original Publication Date: 1984.
- –––, 2015, “Moral Relativism is Moral Realism,” Philosophical Studies, 172: 855–63.
- Harrison, G., 1976, “Relativism and Tolerance,” Ethics, 86: 122–35.
- Hatch, E., 1983, Culture and Morality: The Relativity of Values in Anthropology, New York: Columbia University Press.
- Herskovits, M.J., 1972, Cultural Relativism: Perspectives in Cultural Pluralism, F. Herskovits (ed.), New York: Random House.
- Heyd, D., (ed.), 1996, Toleration: An Elusive Virtue, Princeton NJ: Princeton University Press.
- Hills, A, 2013, “Faultless Moral Disagreement,” Ratio, 26: 410–27.
- Hopster, J., 2019, “The Meta-ethical Significance of Experiments about Folk Moral Objectivism,” Philosophical Psychology, 32: 831–52.
- Horgan, T. and M. Timmons, 2006, “Expressivism, Yes! Relativism, No!,” in R. Shafer-Landau (ed.), Oxford Studies in Metaethics, Vol. 1, Oxford: Oxford University Press, pp. 73–98.
- Ivanhoe, P.J., 2009, “Pluralism, Toleration, and Ethical Promiscuity,” Journal of Religious Ethics, 37: 311–29.
- Jackson, F., 1998, From Metaphysics to Ethics: A Defense of Conceptual Analysis, Oxford: Clarendon Press.
- Kellenberger, J., 2001, Moral Relativism, Moral Diversity, and Human Relationships, University Park, PA: The Pennsylvania State University Press.
- –––, 2008, Moral Relativism: A Dialogue. Lanham, MD: Rowman and Littlefield Publishers.
- Khader, S.J., 2019, Decolonizing Universalism: A Transnational Feminist Ethic, New York: Oxford University Press.
- Kim, H-K. and M. Wreen, 2003, “Relativism, Absolutism, and Tolerance,” Metaphilosophy, 34: 447–59.
- Kirchin, S., 2000, “Quasi-Realism, Sensibility Theory, and Ethical Relativism,” Inquiry, 43: 413–28.
- Klenk, M., 2019, “Moral Philosophy and the ‘Ethical Turn’ in Anthropology,” Zeitschrift für Ethik und Moralphilosophie, 2: 331–53.
- Kölbel, M., 2004, “Faultless Disagreement,” Proceedings of the Aristotelian Society, 104: 53–73.
- –––, 2005, “Moral Relativism,” in T. Tännsjö and D. Westerstahl (eds.), Lectures on Relativism, Philosophical Communications, Red Series No. 40, Göteburg University, pp. 51–72.
- Krausz, M., (ed.), 1989, Relativism: Interpretation and Confrontation, Notre Dame, IN: University of Notre Dame Press.
- ––– (ed.), 2010, Relativism: A Contemporary Anthology, New York: Columbia University Press.
- –––, 2011, “Varieties of Relativism and the Reach of Reasons,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 70–84.
- Krausz, M. and J.W. Meiland, (eds.), 1982, Relativism: Cognitive and Moral, Notre Dame, IN: University of Notre Dame Press.
النسبية الأخلاقية
- Küng, H., (ed.), 1996, Yes to a Global Ethic: Voices from Religion and Politics, New York: Continuum.
- Ladd, J., 1957, The Structure of a Moral Code: A Philosophical Analysis of Ethical Discourse Applied to the Ethics of the Navaho Indians, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- ––– (ed.), 1985, Ethical Relativism. Lanham, MD: University Press of America.
- Laidlaw, J., 2017, “Ethics/Morality,” in F. Stein et al., (eds), The Cambridge Encyclopedia of Anthropology, first online 19 May 2017, doi:10.29164/17ethics [Laidlaw 2017 available online].
- Levy, N., 2002, Moral Relativism: A Short Introduction, Oxford: Oneworld Publications.
- ––– 2003, “Descriptive Relativism: Assessing the Evidence,” The Journal of Value Inquiry, 37: 165–77.
- Li, Y., 2019, “Moral Ambivalence: Relativism or Pluralism?,” Acta Analytica, 34: 473–91.
- Lillehammer, H., 2007, “Davidson on Value and Objectivity,” Dialectica, 61: 203–17.
- Long, G., 2004, Relativism and the Foundations of Liberalism, Exeter, UK: Imprint Academic.
- López de Sa, 2011,“The Many Relativisms: Index, Context, and Beyond,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 102–17.
- Lukes, S., 2008, Moral Relativism, New York: Picador.
- Lyons, D., 1976, “Ethical Relativism and the Problem of Incoherence,” Ethics, 86: 107–21
- MacIntyre, A., 1988, Whose Justice? Which Rationality?, Notre Dame, IN: University of Notre Dame Press.
- –––, 1994, “Moral Relativism, Truth and Justification,” in L. Gormally (ed.), Moral Truth and Moral Tradition: Essays in Honour of Peter Geach and Elizabeth Anscombe, Blackrock, County Dublin: Four Courts Press, pp. 6–24.
- Macklin, R., 1999, Against Relativism: Cultural Diversity and the Search for Ethical Universals in Medicine, New York: Oxford University Press.
- Mead, M., 1928, Coming of Age in Samoa, New York: William Morrow.
- Miller, C.B., 2002, “Rorty and Moral Relativism,” European Journal of Philosophy, 10: 354–74.
- –––, 2011, “Moral Relativism and Moral Psychology,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 346–67.
- Moody-Adams, M.M., 1997, Fieldwork in Familiar Places: Morality, Culture, and Philosophy, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- Moser, P.K. and T.L. Carson, (eds.), 2001, Moral Relativism: A Reader, New York: Oxford University Press.
- Myers, R.H., 2004, “Finding Value in Davidson,” Canadian Journal of Philosophy, 34: 107–36.
- Nichols, S., 2004, “After Objectivity: An Empirical Study of Moral Judgment,” Philosophical Psychology, 17: 3–26.
- Nussbaum, M.C., 1993, “Non-relative Virtues: An Aristotelian Approach” in M. Nussbaum and A. Sen (eds.), The Quality of Life, Oxford: Clarendon Press, 242–69.
- –––, 1999, “Judging Other Cultures: The Case of Genital Mutilation,” in Nussbaum, Sex and Social Justice, New York: Oxford University Press, pp. 118–29.
- Okin, S.M., 1998, “Feminism, Women’s Human Rights, and Cultural Differences,” Hypatia, 13: 32–52.
- Olinder, R.F., 2012, “Moral and Metaethical Pluralism: Unity in Variation,” Southern Journal of Philosophy, 50: 583–601.
- –––, 2013, “Moral Relativism, Error Theory, and Ascriptions of Mistakes,” The Journal of Philosophy, 110: 564–80.
- –––, 2016, “Some Varieties of Metaethical Relativism,” Philosophy Compass, 11: 529–40.
- Paul, E.F., F.D. Miller and J. Paul (eds.), 2008, Objectivism, Subjectivism, and Relativism in Ethics, Cambridge: Cambridge University Press.
- Plakias, A., 2020, “Moral Relativism and Moral Disagreement,” in M. Kusch (ed.), The Routledge Handbook of Philosophy of Relativism, London: Routledge, pp. 155–64.
- Pölzler, T., 2017, “Revisiting Folk Moral Realism,” Review of Philosophy and Psychology, 8: 455–76.
- Pölzler, T. and J.C. Wright, 2019, “Empirical Research on Folk Moral Objectivism,” Philosophy Compass, 14: 1–15.
- –––, 2020, “Anti-Realist Pluralism: A New Approach to Folk Metaethics,” Review of Philosophy and Psychology, 11: 53–82.
- Prinz, J.J., 2007, The Emotional Construction of Morals, New York: Oxford University Press.
- –––, 2009, “The Significance of Moral Variation: Replies to Tiberius, Gert and Doris,” Analysis Reviews, 69: 731–45.
- Quintelier, K.J.P. and M.T. Fessler, 2012, “Varying Versions of Moral Relativism: The Philosophy and Psychology of Normative Relativism,” Biology and Philosophy, 27: 95–113.
- Rachels, J., 1999, “The Challenge of Cultural Relativism,” The Elements of Moral Philosophy, 3rd ed., New York: Random House, pp. 20–36.
- Raz, J., 2003, The Practice of Value, Oxford: Clarendon Press.
- Renteln, A.D., 1985, “The Unanswered Challenge of Relativism and the Consequences for Human Rights,” Human Rights Quarterly, 7: 514–40.
النسبية الأخلاقية
- Rescher, N., 2008, “Moral Objectivity,” in E.F. Paul, F.D. Miller, Jr., and J. Paul (eds.), Objectivism, Subjectivism, and Relativism in Ethics, Cambridge: Cambridge University Press, pp. 393–409.
- Rorty, R., 1991, Objectivity, Relativism, and Truth, Cambridge: Cambridge University Press.
- Rose, D. and S. Nichols, Forthcoming, “From Punishment to Universalism,” Mind and Language.
- Rovane, C., 2002, “Earning the Right to Realism or Relativism in Ethics,” Noûs, 36 (Supplement): 264–85.
- –––, 2011, “Relativism Requires Alternatives, Not Disagreement or Relative Truth,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 31–52.
- –––, 2013, The Metaphysics and Ethics of Relativism, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- Ryan, J.A., 2003, “Moral Relativism and the Argument from Disagreement,” Journal of Social Philosophy, 34: 377–86.
- Sarkissian, H., 2016, “Aspects of Folk Morality: Objectivism and Relativism,” in W. Buckwalter and J. Sytsma (eds.), A Companion to Experimental Philosophy, London: Blackwell, pp. 212–24.
- –––, 2017, “Folk Platitudes as the Explananda of Philosophical Metaethics: Are They Accurate? And Do They Help or Hinder Inquiry?,” Journal of Indian Council of Philosophical Research, 34: 565–75.
- –––, forthcoming, “Well-functioning Daos and Moral Relativism,” Philosophy East & West.
- Sarkissian, H. et. al., 2011, “Folk Moral Relativism,” Mind & Language, 26: 482–505.
- Sarkissian, H. and M. Phelan, 2019, “Moral Objectivism and a Punishing God,” Journal of Experimental Social Psychology, 80: 1–7.
- Sauer, H., 2019, “The Argument from Agreement: How Universal Values Undermine Moral Realism,” Ratio, 32: 339–52.
- Scanlon, T.M., 1995, “Fear of Relativism,” in R. Hursthouse, G. Lawrence, and W. Quinn (eds.), Virtues and Reasons: Philippa Foot and Moral Theory, Oxford: Clarendon Press, pp, 219–46.
- –––, 1998, What We Owe to Each Other, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- Schafer, K, 2012, “Assessor Relativism and the Problem of Moral Disagreement,” Southern Journal of Philosophy, 50: 602–20.
- Seipel, P., 2020a, “Famine, Affluence, and Philosophers’ Biases,” Philosophical Studies, 177: 2907–26.
- –––, 2020b, “Moral Relativism,” in M. Kusch (ed.), The Routledge Handbook of Philosophy of Relativism, London: Routledge, pp. 165–73.
- Shafer-Landau, R., 2003, Moral Realism: A Defense, New York: Oxford University Press.
- –––, 2009, “A Defense of Categorical Reasons,” Proceedings of the Aristotelian Society, 109 (2): 189–206.
النسبية الأخلاقية
- Shweder, R.A., 1991, Thinking Through Cultures: Expeditions in Cultural Psychology. Cambridge, MA: Harvard University Press.
- Sinnott-Armstrong, W., 2009, “Mixed-up Meta-ethics,” Philosophical Issues, 19: 235–56.
- Smith, M., 1991, “Realism,” in P. Singer (ed.), A Companion to Ethics, Oxford: Basil Blackwell, pp. 399–410.
- Snare, F., 1980, “The Diversity of Morals,” Mind, 89: 353–69.
- –––, 1992, The Nature of Moral Thinking, London: Routledge.
- Sreenivasan, G., 2001, “Understanding Alien Morals,” Philosophy and Phenomenological Research, 62: 1–32.
- Stout, J., 1988, Ethics After Babel: The Languages of Morals and Their Discontents, Boston: Beacon Press.
- Streiffer, R., 2003, Moral Relativism and Reasons for Action, New York: Routledge.
- Sturgeon, N.L., 1994, “Moral Disagreement and Moral Relativism,” in E.F. Paul, F.D. Miller, Jr., and J. Paul (eds.), Cultural Pluralism and Moral Knowledge, Cambridge: Cambridge University Press, pp. 80–115.
- Suikkanen, J., 2019, “Contextualism, Moral Disagreement, and Proposition Clouds,” in R. Shafer-Landau (ed.) Oxford Studies in Metaethics, Vol. 14, Oxford: Oxford University Press, 47–69.
- Sumner, W.G., 1906, Folkways, Boston: Ginn and Company.
- Tännsjö, T., 2007, “Moral Relativism,” Philosophical Studies, 135: 123–43.
- Tasioulas, J., 1998, “Relativism, Realism, and Reflection,” Inquiry, 41: 377–410.
- Tersman, F., 2006, Moral Disagreement, Cambridge: Cambridge University Press.
- Tiberius, V., 2009, “The Practical Irrelevance of Relativism,” Analysis Reviews, 69: 722–31.
- Velleman, J.D., 2015, Foundations for Moral Relativism, Second Expanded Edition, Cambridge: Open Book Publishers.
- Vicente, A. and A. Arrieta, 2016, “Moral Ambivalence, Relativism, and Pluralism,” Acta Analytica, 32: 207–23.
- Walzer, M., 1994, Thick and Thin: Moral Argument at Home and Abroad, Notre Dame: University of Notre Dame Press.
- Wattles, J., 1996, The Golden Rule, New York: Oxford University Press.
- Wellman, C., 1963, “The Ethical Implications of Cultural Relativity,” The Journal of Philosophy, 60: 169–84.
- –––, 1975, “Ethical Disagreement and Objective Truth,” American Philosophical Quarterly, 12: 211–21.
- Westermarck, Edward, 1906–8, The Origin and Development of the Moral Ideas, 2 volumes, New York: The Macmillan Company.
- –––, 1932, Ethical Relativity, New York: Harcourt Brace Jovanovich.
- Wiggins, D., 1990–91, “Moral Cognitivism, Moral Relativism and Motivating Moral Beliefs,” Proceedings of the Aristotelian Society, 91: 61–85.
- Williams, B., 1972, Morality: An Introduction to Ethics, New York: Harper & Row.
- –––, 1981, “The Truth in Relativism,” in Williams, Moral Luck, Cambridge: Cambridge University Press, pp. 132–43. Original Publication Date: 1974–75.
- –––, 1985, Ethics and the Limits of Philosophy, Cambridge MA: Harvard University Press.
- Wong, D.B., 1984, Moral Relativity, Berkeley: University of California Press.
- –––, 1986, “On Moral Realism without Foundations,” The Southern Journal of Philosophy, 24 (Supplement): 95–113.
النسبية الأخلاقية
- ––– ,1996, “Pluralistic Relativism,” Midwest Studies in Philosophy: Moral Concepts, 20: 378–399.
- –––, 2006, Natural Moralities: A Defense of Pluralistic Relativism, New York: Oxford University Press.
- –––, 2011,“Relativist Explanation of Interpersonal and Group Disagreement,” in S.D. Hales (ed.), A Companion to Relativism, Malden, MA: Wiley-Blackwell, pp. 411–29.
- –––, 2020, “Moral Ambivalence,” in M. Kusch (ed.), The Routledge Handbook of Philosophy of Relativism, London: Routledge, pp. 147–54.
- Wreen, M., 2018, “What is Moral Relativism?,” Philosophy, 93: 337–54.
- –––, 2019, “Moral Relativism and Majority Rule,” Metaphilosophy, 50: 361–76.
- Wright, C., 2008, “Fear of Relativism?,” Philosophical Studies, 141: 379–90.
- Wright, J.C. 2018, “The Fact and Function of Meta-Ethical Pluralism: Exploring the Evidence,” in T. Lombrozo, J. Knobe and S. Nichols (eds.), Oxford Studies in Experimental Philosophy, Vol. 2, Oxford: Oxford University Press, pp. 119–50.
- Wright, J.C., J. Cullum and N. Schwab, 2008, “The Cognitive and Affective Dimensions of Moral Conviction: Implications for Attitudinal and Behavioral Measures of Interpersonal Tolerance,” Personality and Social Psychology Bulletin, 34: 1461–76.
- Wright, J.C., P.T. Grandjean and C.B. McWhite, 2013, “The Meta-ethical Grounding of our Moral Beliefs: Evidence for Meta-ethical Pluralism,” Philosophical Psychology, 26: 336–61.
- Wright, J. C., C.B. McWhite and P.T. Grandjean, 2014, “The Cognitive Mechanisms of Intolerance: Do Our Meta-Ethical Commitments Matter,” in T. Lombrozo, J. Knobe and S. Nichols (eds.), Oxford Studies in Experimental Philosophy, Vol. 1, Oxford: Oxford University Press, pp. 28–61.
- Xiao, Y. and Y. Huang, (eds.), 2014, Moral Relativism and Chinese Philosophy: David Wong and his Critics, Albany, NY: SUNY Press.
- Zhuangzi, 2020, The Complete Writings, translated by Brook Ziporyn, Indianapolis: Hackett Publishing Company.
أدوات أكاديمية
How to cite this entry. | |
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society. | |
Look up this entry topic at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO). | |
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database. | |
مصادر أخرى على الإنترنت حول النسبية الأخلاقية
- Bibliography on Moral Relativism (in PDF), by Jörg Schroth (Philosophisches Seminar, Georg-August-Universität Göttingen).
مداخل ذات صلة بـ النسبية الأخلاقية
consequentialism: rule | doing vs. allowing harm | double effect, doctrine of | ethics: virtue | Kant, Immanuel: moral philosophy | Moore, George Edward: moral philosophy | moral dilemmas
[1] Gowans, Chris, “Moral Relativism”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2021 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/ spr2021/entries/moral-relativism/>.