مجلة حكمة
الفنومينولوجيا

الفنومينولوجيا – ديفيد وودروف سميث / ترجمة: وائل ضياء الدين شويحة


تدرس الفنومينولوجيا الوعي من خلال خبرتنا الذاتية له، وبتركيز النظرية الفلسفية للعقل على القصدية أو التمثلات العقلية، فإنها تضع الأساس للأبحاث التجريبية للعقل في العلوم المعرفية.


المحتويات

  • المقدمة                                      

  • ماهي الفنومينولوجيا؟

  • تاريخ الفنومينولوجيا.

  • الفنومينولوجيا كمنهج فلسفي.

  • الفنومينولوجيا كمنهج بحث تجريبي.

  • (Cognitive science) دور الفنومينولوجيا في العلوم المعرفية


 

  • مقدمة

تطوّرت نظرية العقل[1] في الفلسفة منذ أفلاطون وأرسطو مرورا بديكارت وكانط إلى برنتانو[2] وجيمس، وفي سنة 1900 قام هوسرل بتأسيس مفهوم القصدية الذي يمثل مركز الفنومينولوجيا عن طريق وضع فروقات حاسمة بين الأفكار ومدلولاتها من الأشياء. إن نموذج العقل الحسابي[3] ظهر أول مرة مع العلوم المعرفية[4] سنة 1970 ثم أصبح مشكل الوعي مركزيا مرة أخرى سنة 1990، وأما بالنسبة للعلوم المعرفية المعاصرة فإن الفنومينولوجيا تقدم تحليلا متقدما لخبرة القصدية الواعية.

 

  • ماهي الفنومينولوجيا؟

الفنومينولوجيا هي دراسة الوعي كما يُخبَر من وجهة منظور الشخص الأول (أي من خلال التجربة الذاتية له)، ومجال دراستها هو نطاق خبرة الوعي ككل: بما في ذلك الإدراك، الخيال، الأفكار، الاستدلال العقلي، الرغبة، الانفعال، الإرادة، والأفعال المتجسدة، بالإضافة إلى الوعي بالزمان، الوعي بالأنا والهوية الذاتية، الوعي بالآخرين، والنشاطات العملية والسلوكيات الاجتماعية. كما إن الفنومينولوجيا تركز على أُسس الحالات أو الخبرات الذهنية الواعية، خصوصا فيما يتعلق بالقصدية التي هي حالة ذهنية يكون بها العقل في حالة تمثُل أو مُوجها نحو أشياء مختلفة.

لذلك فإنه يتم تعريف الفنومينولوجيا على أنها منهج يختص بدراسة الوعي، (سنتناول مناهجها أدناه).

مايزال الجدل قائمًا حول ما إذا كان يجب على الفنومينولوجيا أن تبحث بواسطة شكل من أشكال الاستبطان[5] أو التأمل الانعكاسي أو بواسطة شكل من أشكال التأويل الذكي للخبرة المماثل لتأويل النصوص، أو بواسطة منهجية تحليلية أكثر شبها بالمنطق أو اللسانيات أو الرياضيات، أو عن طريق مناهج الملاحظة التجريبية المختلفة، أو الفرضيات والتحقيقات المنطقية المُثبِتة أو الناقضة لهذه الفرضيات.

تقوم الفنومينولوجيا كمنهج فلسفي بتأسيس الفلسفة في خبرتنا اليومية، وكمنهج بحثي تجريبي، تركز الفنومينولوجيا على أُسس الوعي أثناء تجربتنا له، والمنهج البحثي الأخير يتقاطع في أجزاء منه مع العلوم المعرفية.

 

  • تاريخ الفنومينولوجيا

تكلم أفلاطون عن النفس (الروح، العقل) وعن صورة أو مُثل (ماهية) الأشياء، ثم اقترح أرسطو بعد ذلك أنه في عملية الإدراك تأخذ النفس داخليا صورة لا مادة الشيء المُدرَك. وفي العصور الوسطى قام الفلاسفة الإسلاميين بالتمييز بين الصورة (الشكل) في الذهن من الصورة (الشكل) في الشيء، ثم قام الأرسطيون الجدد السكولاستيون في القرن الرابع عشر بإطلاق تسمية القصد (المحتوى العقلي المُوجَّه نحو شيء ما) على الصور(الشكل) في العقل.  

وفي القرن السابع عشر قام ديكارت بتطوير مفهوم العقل عما كان عليه في السابق: أولا، اعتقد أنه يمكن معرفة العقل يقينا بينما كل شيء آخر يخضع للشك المنهجي (أنا أفكر إذن أنا موجود) ثانيا اعتقد أن العقل والجسد مختلفان في النوع حيث أن الجسم ممتد في المكان والزمان بينما أن العقل ليس كذلك.

 وفي القرن الثامن عشر أكد كل من لوك، هيوم، وكانط على الاختلاف الجذري لخصائص كل من العقل والطبيعة. وفي نفس الحقبة وضعت فيزياء نيوتن القوانين الرياضية للحركة، بينما ركز لوك على بنية أفكارنا وعلى الوعي وعلى وعينا بذواتنا الذي هو بالنسبة للوك ما يميز حالاتنا الذهنية الواعية وكما أكد على مبادئ الاستمرارية عبر الزمن[6] التي تشكل هويتنا الشخصية، فإن هيوم في المقابل يشكك في قدرتنا على معرفة وجود العالم الخارجي، وقام كانط بالتمييز بين الفينومان أو الأشياء كما تظهر وبين النومين أو الأشياء في ذاتها، متمسكا بأن تمثُّلاتنا عن الأشياء هي كل ما يمكننا معرفته عنها.

في القرن التاسع عشر وانطلاقا من هذه النقاشات تم إنشاء أسس الفنومينولوجيا، قام برنار بولزانو[7] أولا بالفصل بين الأفكار الذاتية (الخبرات) والأفكار الموضوعية بما في ذلك القضية اللازمانية (التي درست كثيرا من طرف المناطقة)، ثم قام فرانز برنتانو بإحياء مفهوم القصدية من فلسفة القرون الوسطى وهذا المفهوم يفصل بين الظاهرة العقلية والظاهرة المادية ووفقا لبرنتانو فان القصدية تعني الطريقة التي تكون بها الأفعال الذهنية موجهة نحو الأشياء.

بحلول سنة 1900 قام هوسرل بتشكيل نظريته من: المنطق ونظرية المعرفة وعلم النفس والأنطولوجيا في منهج أطلق عليه اسم الفنومينولوجيا (هوسرل 1900-1913)، وكان من قَبل قد تم استخدام مصطلح الفنومينولوجيا على نحو واسع (فضفاض) منذ القرن السابع عشر وتم تعريفه على أنه وصف للظاهرة أو ما يَظهر، خاصة فيما يتعلق بالكيفيات المحسوسة[8] للأشياء وأما هوسرل فقد عرّف الفنومينولوجيا كعلم لماهية الوعي.

إن الأطروحة الرئيسية للفنومينولوجيا وفقا لهوسرل هي: أن الوعي هو دائما وعي بشيء ما و أن كل فعل للوعي هو قصدي( في اصطلاح هوسرل) أو مُوجَّه نحو الأشياء، و من ناحية أخرى فإن الوعي يتمثل أشياء موجودة في العالم، ومنذ 1970 سلطت العلوم المعرفية الضوء على الدراسات التجريبية (الإمبريقية) للتمثلات الذهنية، وهو ما يطلق عليه هوسرل مفهوم القصدية، إن إنجاز هوسرل العظيم يكمن في تحليله لأسس القصدية بشكل عام ثم تقصي أشكال معينة من القصدية في صور مختلفة من الخبرة: في الإدراك، الخيال، الأفعال، الكلام، الوعي بالزمان، و الوعي البيذاتي بالآخرين. ورسم هوسرل بوضوح ولأول مرة الفروقات اللازمة والضرورية بين الذات، الفعل، المحتوى وبين موضوع الوعي، ومع أن هذه المفاهيم لم تزل تتطور منذ أفلاطون وأرسطو فإن مفهوم القصدية عند هوسرل لم يكن مرتبطا في حد ذاته وبشكل مباشر بالمشكلات الأنطولوجية كالثنائية والمثالية أو الاختزال المادي[9] الذي سيطر على الفلسفة منذ القرن السابع عشر أو بإشكالية التمييز بين الأشياء كما تبدو والأشياء في ذاتها التي كانت مركز اهتمام الفلسفة الكانطية والكانطية الجديدة في القرن الثامن والتاسع عشر.

بعد أعمال هوسرل في الفنومينولوجيا أعقبتها كتابات كل من مارتن هايدغر، موريس ميرلو-بونتي، وجون بول سارتر، وغالبا ما كانت هذه الأعمال تدرس الجوانب السيكولوجية والاجتماعية للوجود الإنساني حيث قام هايدغر بإبراز ولفت الانتباه إلى كينونة الإنسان في أفعالنا القصدية والعملية والثقافية مقللا من دور الوعي لصالح أنماط كينونتنا. وقام ميرلو-بونتي بالتأكيد على أهمية ودور الخبرة الجسدية في الإدراك وأشكال أخرى من الخبرة الإنسانية وأما سارتر فقد كشف عن خبرتنا لحرية الإرادة وأيضا عن كينونتنا مع الآخرين في العالم، وكان وصفه وتحليلاته إلى نظرة الآخرين (نظرة الآخر لي)[10] هو ما أفضى من خلال سيمون دي بوفوار إلى تحليلات سياسية واجتماعية عن الأقليات والنساء التي صيغت وعوملت على أنها آخر.

في المنتصف الأول من القرن العشرين تنازع الفنومينولوجيون حول الأساس الذي يشكل القصدية (الوعي أو اللغة أو الممارسة الاجتماعية) وأيضا حول ما هو أساس الكينونة (الفرد، الوعي، الجسد أو الأفعال القصدية المتجسدة، الخلفية الثقافية، أو الآخرون). اقترح هوسرل منهجية التعليق (الإبوخية) أي تعليق موضوع الوعي من أجل التركيز على صورة أو محتوى خبرتنا الذاتية ومن ثم وصف الموضوع فقط كما هو مُجرب، وقد قام بعض الفنومينولوجيين بتتبع هذا الموقف الترنسندنتالي بطريقة تشبه طريقة تأمل الزن: نشاهد العالم كما نخبره وبدون أحكام مسبقة حول العالم الطبيعي ( راجع سكولوفسكي [11]1999)، واتبع هايدغر منهج هيرومنطيقي لتأويل أنماط الأفعال القصدية في سياق الكينونة مع الآخرين، و أما ميرلو-بونتي فقد تتبع وصف الخبرة في سياق الأفعال المتجسدة على سبيل المثال كما في فعل الرؤية فهي رؤية بواسطةِ و من خلال استخدام لأجسادنا. غالبا ما ذهبت التحليلات الفنومينولوجية وراء المحتوى البَدهي للوعي المُتعلِق بخِبِراتنا إلى ممارسات أكثر اعتيادية وإلى خلفية الممارسات الثقافية التي تعطي المعنى لنشاطاتنا، بهذا المعنى تكون الفنومينولوجيا تجاوزت مبحثها الذي هو في الأصل يُعنى بالجانب البَدهي الواعي لأفعالنا القصدية.

هذا العمل في الفنومينولوجيا كان جزءا من التقليد الفلسفي القاري في الفلسفة الألمانية و الفرنسية على الرغم من أنه قد تطور من أعمال بولزانو التحليلية، ومن أعمال برنتانو و هوسرل في التقاليد النمساوية التي أنتجت أيضا المدرسة الوضعية[12] في فيينا في 1920-  1930، وفي نفس الوقت تم تطوير فلسفة للعقل مختلفة في إنجلترا وثم في أمريكا بما في ذلك نظريات المدرسة السلوكية[13]، المادية[14]، والوظائفية[15]، و السلوكية المنطقية[16] (1950)  التي تم استلهامها من فيتغنشتاين و رايلي و التي أصبحت مشهورة فيما بعد، وقد قرأ رايلي[17] كل من هوسرل و هايدغر و تأثر بهما إلا أنه رفض الرؤية الديكارتية التي تقول أن معرفتنا بحالاتنا الذهنية غير قابلة للاستبدال، واقترح أن اللغة المستخدمة حول الحالات الذهنية هي مُلتزمة بوصف الصفات الجوهرية للسلوك الظاهر، ثم عادت النظرية المادية (النظرية القائلة أن العقل هو الدماغ)  إلى الحياة في 1950 و 1960 ثم أُتبعت بالوظيفية ( النظرية القائلة أن العقل عبارة عن عمليات عصبية أو حسابية) و التي قادت إلى ظهور العلوم المعرفية سنة 1970.

 إن هذا الوصف للعقل من منظور ثالث وضع الفنيومينولوجيا في موقف محرج، كما نجد ذلك عند دينيت[18] 1991 عندما رفض منظور الشخص الأول (الذاتي) أو ما يسميه الفنومينولوجيا الذاتية لصالح منظور الشخص الثالث أو ما يطلق عليه فنومينولوجيا الآخر (في مقابل الذاتي)، وهو تحليل للوعي بواسطة علم الأعصاب والذي كما يزعم دينيت أنه يرفض المسرح الديكارتي أي حيث تكون الحالات الذهنية تحدث على مرأى من موضوع التجربة (أنظر إلى النظرية المادية والنظرية الوظيفية)

في السبعينات أكد كل من داغفين فولسدال[19] وآخرون (درايفيس[20]، سميث[21] وماكنتاير[22] 1982) على العلاقة بين الفنومينولوجية الهوسرلية وبين نظرية المنطق المعاصر. قام فولسدال سنة 1969 بإعادة صياغة وترتيب نظرية القصدية مع نظرية المرجعية والحقيقة في نظرية الدلالة-المنطقية وفلسفة اللغة.

ومع تطور العلوم المعرفية أعاد جون سيرل[23] (1992،1983) صياغة أسس القصدية ولم يكن عمل سيرل فنومينولوجيا ولكنه بدلا من ذلك ركز على أنطولوجيا العقل من الناحية الذاتية (منظور الشخص الأول)، وعلى الرغم من أنه بالنسبة لسيرل أن العالم لايزال في أساسه ماديا (البشر في جوهرهم كائنات بيولوجية، والخصائص الذاتية للعقل هي ظاهرة طبيعية وبيولوجية في جوهرها)، فإنه مع ذلك قد انتصر لعدم قابلية تبسيط واختزال الخصائص الذاتية التي للقصدية وللوعي في الظواهر البيولوجية والطبيعية.

مع تطور فلسفة العقل خلال الثمانينات، احتل الوعي مكانا مركزيا مرة أخرى، فالسلوكية تجاهلت: الوعي، الاستبطان، ونتائج الفنومينولوجيا، ولكن بعد ذلك جادل نايجل[24] (1974): أن رؤية موضوعية للعالم ستلغي بالضرورة الخصائص الذاتية للحالات العقلية (أي عندما نقول ما هو عليه الحال في أن نجرب هذه الحالات؟)، ثم شيئا فشيئا استعاد منظور الشخص الأول (الذاتي) أهميته. تمت دراسة الوعي على نطاق واسع في التسعينات وعندما قام تشالمر[25] (1996) بمسح شامل للدراسات المختصة صرح أن الوعي، الذاتية، هي أكثر المعضلات صعوبة في النظرية العلمية للعقل.

 

  • الفنومينولوجيا كمنهج فلسفي

ليست الفنومينولوجيا منهجا مستقلا مُعدا لدراسة الوعي من أجل ذاته، فبالنسبة إلى هوسرل وهايدغر وغيرهم من رواد الفنومينولوجيا الحديثة أن كل فلسفة كانت قد واجهت رهانا كبيرا، فديكارت أحدث ثورة في الفلسفة بتحويل الفكر الأرسطي باتجاه العقل المحض في ضوء تفكيرنا الواعي. وقد تابع لوك والتجريبيون الفلسفة من خلال طريق الأفكار الجديدة مؤسسين نظرية المعرفة على التجربة الحسية بدلا من العقل. وسعت فلسفة كانط النقدية أو الترنسندنتالية إلى توليف العقلانية والتجريبية وتجنب النقاش الحاد بين المثالية والواقعية عن طريق وضع كل ما يمكن معرفته ضمن مقولة الشيء في ظاهره. لذلك فإن فنومينولوجيا هوسرل أُنشئت كمنهج لمقاربة المشاكل الفلسفية التقليدية من خلال تطوير منهجية واضحة لدراسة الوعي، ومنه للمعرفة بطريقة علمية وموضوعية. ربما ينظر في الوقت الحالي إلى الفنومينولوجيا على أنها مساهمة منهجية للفلسفة من خلال تحليلها الدقيق للقصدية كما أن القصدية على صلة بفلسفة العقل، اللغة، المنطق، المعرفة، الواقعية، والمعيارية الأخلاقية للخير والشر. (أنظر إلى فلسفة العقل).

إن علاقتنا بذواتنا، بوعينا، و باقي العالم هي من المواضيع الأساسية للفلسفة و يطلق على هذه العلاقة مصطلح: القصدية ووفقا للتحليل الفنومينولوجي للقصدية فإن الوعي يتكون من العلاقة بين: موضوع، فعل ما ، مُحتوى ، وبين شيء، الموضوع هو الشخص أو الأنا الذي يَخبُر الوعي وأما الفعل فهو وحدة الخبرات الواعية، و بالنسبة إلى المحتوى فهو الصورة  أو المفهوم أو الفكرة المُفكر فيها من قِبَل الموضوع في تجربته للفعل، و الشيء هو ما يتم تمثُله أو تقصُّده في الفعل من طرف المحتوى، و بالتالي فإن الأساس العام هو التمثل: الوعي يتشكل في تمثُل عقلي لشيء ما من خلال محتوى في فعل من أفعال موضوع ما ( انظر الى القصدية)

سنناقش الآن هذه المفاهيم بشيء من التفصيل، يظهر الوعي في فئات النشاط العقلي التي تسمى أفعالا (أحداث، حالات، عمليات)، كما أن أفعال الوعي تتضمن أفعال إدراك مخصوصة، الخيال، الرغبة، الإرادة، وهكذا فإن كل فعل وعي له موضوع، ذات أو أنا: الشخص الذي لديه خِبِرات أو يُنجز فعلا، وهكذا كما نقول في اللغة اليومية أنا أرى أو أفكر أو أريد وهكذا… فكل فعل له غاية مفترضة: ما أراه أو أفكر حوله أو أريده، أرى كلبا أو شجرة أو سيارة، ذاك الشيء بالتحديد و ليس شيئا آخر هو موضوع فعل الوعي الذي أقوم به عند الرؤية، لذلك فإن للوعي شكلا علائقيا بين فعل موضوع ما ( ذات)  وبين شيء ما و لكن هذه العلاقة القصدية هي غير اعتيادية لأن الهدف المفترض في بعض الحالات  – الهدف الذي يشير إليه الفعل- غير موجود: عندما أرى ثعبانا في الزاوية و يكون غير موجودا في الحقيقة فإن خبرتي البصرية ليس لها هدف و بالمقابل فإن الشيء المراد رؤيته غير موجود ( من أحد أقوال الأنطولوجيا أن هذا النوع من الأشياء يوجد ولكنه يفتقر إلى الوجود الواقعي فقط).

كيف يمكن للإحساسات كرؤية اللون الأحمر أو الإحساس بالألم أن تتناسب في العلاقة (فعل-شيء)؟ يقوم التجربيون البريطانييون بعزل الإحساس الخالص وأما تجريبيو القرن العشرين مثل (أير[26]) فقد أخذوا الأحاسيس إما على أن لها معطيات عقلية تسمى بالمعطيات الحسية (عندما نرى لطخة حمراء بدلا من حبة طماطم) أو ألا يكون هناك لها معطيات على الإطلاق (عندما نرى احمرارا فقط، أو خبرة غير متقصدة) وعلى الضد من التجريبيين ومثل كانط أخذ هوسرل الإدراك على أنه مزيج من الإحساس والتمفهم (نحن نرى بواسطة خاصية الحساسية البصرية طماطم حمراء). وقد ركزت النقاشات الأخير حول الكيفيات المحسوسة على هذه الخاصية للإحساس كما تم تمييزها عن خصائص القصدية في الإدراك (أنظر إلى التصور، قضايا فلسفية)

قد تَتَمثل أفعال الوعي المختلفة، تُحضر، أو تَتَقصد، نفس الشيء بطرق مختلفة. في مثال مشهور بالنظر إلى خبرتيَّ الاثنتين عندما أرى عند الغسق نجمة المساء ثم عند الفجر أرى نجمة الصباح من دون أن أدرك أنهما نفس الشيء فكوكب الزهرة يظهر لي في تجربتي الأولى على أنه نجمة المساء و في تجربتي الثانية على أنه نجمة الصباح ووفقا لذلك يجب أن نفرق بين محتوى وبين موضوع خبرتي، المحتوى يتضمن الطريقة التي يتم بها تمثُل الشيء، بينما الشيء في ذاته فهو ما يتم تمثله، أو بمعنى آخر يمكن أن نقول أن المحتوى هو مفهوم، صورة، أو إدراك للموضوع، و أما محتوى الفعل فيسمى أحيانا معنى الفعل ( أو الشيء الذي يتعلق بالموضوع في الفعل) وبما أن أفعال مختلفة في أوقات مختلفة و أماكن مختلفة أو في مواضيع مختلفة قد تتشارك نفس المحتوى فلذلك يقول الفلاسفة أن المحتوى هو كيان مجرد أو مثالي: شيء ليس له في ذاته موضع في الزمان- المكان.

بالتأكيد يمكن للشخص نفسه أو الأنا أن يكون له خِبرات أو أفعال وعي مختلفة، وقد يكون لهذه الأفعال محتوى واحد أو مُختلف، بالإضافة إلى ذلك فالمحتويات المختلفة قد تمثل نفس أو مختلف الأشياء، وبالتالي يجب أن نميز ضمن بُنى القصدية بين أدوار الأنا، الفعل، المحتوى، وبين الشيء، تتكون القصدية من علاقة التمثُل التي تحصل بين الموضوع، الفعل، المحتوى، وبين الشيء (أنظر التمثل، قضايا فلسفية)

لا يمكن لأي نظرية عن القصدية أو التمثلات الذهنية أن تكون مقبولة مالم ترسم هذه الفروق و أن تربط ين هذه الأنواع من الكيانات بهذه الطريقة، ومع ذلك في هذه المرحلة من التحليل هناك مجال لتحديد أنطولوجيا الكيانات التي تلعب هذه الأدوار: الموضوع، الفعل، المحتوى، والشيء، وعلى سبيل المثال: هناك العديد من الخيارات بما في ذلك الواقعية، المثالية، أو المادية لذلك على الفنومينولوجيا أن تواصل التقدم من هنا، وبالتالي فإنه يمكن متابعة برنامج الفلسفة الفنومينولوجية ضمن المزيد من افتراضات، الفيزيائية، المثالية، و التاريخية الثقافية، إلخ…، ويضع هذا البرنامجُ  هوسرل (بأحد التأويلات و القراءات المتعددة) الفنومينولوجيا  مثل كانط ضمن المثالية الترنسندنتالية ، ويتابع آخر (هايدغر بأحد التأويلات و القراءات) الفنومينولوجيا ضمن الممارسات الثقافية أو ألعاب واستخدامات اللغة، و برنامج آخر يعلق كل المسائل الميتافيزيقية ويمارس الفنومينولوجيا ضمن تأمل انعكاسي كطريقة للحياة بشكل مماثل للتقاليد البوذية.

 ومن ناحية أخرى قد تربط الفلسفة الفنومينولوجية أسس القصدية بقضايا متعلقة ب: أسس المنطق، الرياضيات، والعلم التجريبي. وهوسرل (1900) نفسه قام بتطوير الفنومينولوجيا آخذا بعين الاعتبار هذه المشاكل والقضايا وفي الأخير يمكن مقاربة الفلسفة الأخلاقية والفلسفة السياسية بتحليلات فنومينولوجية للعلاقة بين الذات والآخر وكان عمل كل من سارتر ومتابعيه ينخرط في هذا المجال.

 

  • الفنومينولوجيا كمنهج بحث تجريبي

كيف ينبغي لنا أن ندرس ماهية الوعي من جانب منظور الشخص الأول (الذاتي)؟ ما هي المنهجية التي يجب على الفنومينولوجيا أن تستخدمها؟  كلنا نخبُر حالات عديدة للوعي ونعرف كيف نعبر عنها بكل وضوح هذه الأساليب موجودة في اللغة اليومية، باستخدام الأفعال النفسية التي تدل على الذات وعلى سبيل المثال عندما نقول: أنا أرى، أسمع، أنا أفكر، إلخ… وبالرغم من ذلك فإن صياغة علمية للمنهجية الفنومينولوجية صعبة المنال والمناهج العلمية في العادة تدرَّس لطلبة الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا ولكن المناهج الفنومينولوجية لا تدرس في العادة ومازالت غير مألوفة خاصة للعلماء.

ومن ناحية أخرى فإن الفنومينولوجيا تجريبية بشكل شامل من حيث أنها تلاحظ خِبرتنا الواعية بواسطة: الاستبطان أو التأمل الانعكاسي في أثناء خوضنا للخبرة، ولكن كيف نلاحظ خبراتنا الذاتية؟ حتما ليس برؤيتها لمسها أو سماعها؟ إن المنهجية التجريبية المعيارية في ملاحظة ماذا نرى ونسمع ونلمس من حولنا ليست هي منهجية الملاحظة في الفنومينولجيا ومع ذلك فنحن على معرفة كيف يبدوا أن نخبُر صور وأشكال مألوفة للوعي.

ومثل المنطق أو اللسانيات فإن الفنومينولوجيا تحليلية إلى حد كبير، فالفنومينولوجيا تحلل أشكالا مألوفة للوعي، كما يقوم المنطق بتحليل أشكالٍ مألوفة من القضايا، أو كما تفعل اللسانيات بتحليل أشكال مألوفة من الخطاب.

كيف يبدأ التحليل الفنومينولوجي؟ هناك ثلاث مناهج مختلفة للتحليل وهي مرتبطة تحديدا بالعلوم المعرفية وهذه المناهج بشكل عام هي: أن تركز على وعيك عن طريق تعليق الأشياء المُتقصَّدة، أن تُأول خبرتك من خلال سياقها العملي، أو أن تحلل المعنى أو شكلا من أشكال وعيك كمثال لأساس مألوف (مثل الأساس المنطقي واللساني في لغتك الأم)

 

  • التعليق (الإيبوخية)

في منهج التعليق (اُستخدم من طرف هوسرل سنة 1913) أن تُعلِق موضوع وعيك، وتضع جانبا السؤالَ; هل فعلا موضوع الوعي له وجود؟ وماهي ماهيته؟ وبالتالي فهذا يعني أن تركز على وعيك بالشيء: الطريقة التي يكون بها الشيء مُعطى، مُتمثل، أو مُتقصد في خبرتك، على سبيل المثال عندما أرى خروفا في حقل، فأنا أضع جانبا ما إذا كان حقا هناك وما هو في حقيقته (ما إذا كان خروفا أو غير ذلك) الآن أستطيع أن أصف خبرتي البصرية: أنا أرى ذاك الخروف من خلال السياج، خروف أبيض بوجه أسود، كما شاهدت ذلك مرات كثيرة في السابق، وهذه المنهجية (التعليق) تفترض أن بمقدورنا التركيز على خبراتنا الواعية.

 

  • تأويل (تصور)

في منهجية التأويل ( الهيرومانطيقا كما سماها هايدغر 1927) و الوصف السياقي كما سماها ميرلو-بونتي ( 1945) أن تتأمل انعكاسيا في أفعال قصدية معينة، و تأول معناها عن طريق وضعها في سياق معناها اليومي، على سبيل المثال: عندما أحمل مطرقة و أدق مسمارا فأنا أتأمل انعكاسيا الأشياء المألوفة التي أواجهها و أفترضها بينما أنا أقوم بدق المسمار، و بالتالي أنا أتأمل انعكاسيا أنني لست فقط أقوم بالفعل المتقصد وهو طرق المسمار، بل أنا منخرط في استعمال المطرقة لأتحكم في المسمار، ولكنني لا أفكر في هذا بشكل واع، أو أفكر بطريقة طرقي، أو بينما أقوم بصنع خزانة في مطبخي و أقوم باختيار أدوات من صندوق أدواتي وهكذا…، فأنا أقوم باستخدام جسدي منخرطا في فعل جسدي الذي هو فعل الطرق مع إدراك حركي لما أقوم بفعله، هذه المنهجية في التأويل تفترض أننا نعيش في العالم متجسدين، مع أشياء من حولنا، مع أناس آخرين في مجتمعنا، مع سلوكيات عن كيف نتحرك و نفعل و نفكر و نتكلم.

 

  • التحليل

في منهجية التحليل ( المستخدمة من طرف ماكنتاير (1982) و سميث مع استخدامهم للتحليل الدلالي أو المنطقي)، هي أن تفكر في أشكال محددة للخبرة التي تمر بها ( أو مررت بها سابقا) و تحدد الأساس أو المحتوى للخبرة بواسطة تحليل هذه الأشكال المألوفة للخبرة، مثل أن تقوم بتحليل معنى لجملة مألوفة في لغتك الخاصة، إن منهجية التحليل تفترض أن لدينا مخزونا من الخبرات المألوفة و نستطيع أن نفكر في أسسها، و التي نحن على معرفة بها من خلال خبرات حاضرة و سابقة، وهذا أيضا يتطلب معرفة سابقة في المنطق و في اللسانيات، و مع ذلك فإن محتوى خبرة ما ليس في العادة معنى لسانيا، وما يطلق عليه الفلاسفة ״قضية״: هي في العادة صورة بصرية أو خيالية، مفهوم ليس لنا كلمة له،  أو إدراك لفعل والذي ليس لدينا كلمة عنه  (كيف تقوم بوصف الحركة البسيطة و في نفس الوقت المركبة التي تقوم بفعلها عندما تلتقط مطرقة و مسمارا و تدق المسمار في لوح من الخشب بينما تحاول حفظ توازنك)

هذه المناهج الثلاثة ليست متناقضة (بالرغم من أن الفنومينولوجيين تجادلوا حولها وحول افتراضاتها المثالية، الثنائية، التاريخية…)  وبالطبع قد يقترح الفنومينولوجيون المعاصرون هذه المناهج الثلاثة على التوالي كمنهجية علمية جديدة لدراسة الوعي بطريقة تجريبية من منظور الشخص الأول عندما ننتقل من الاستبطان إلى التأويل السياقي ثم بعد ذلك إلى دلالات الخبرة فنحن ننتقل من الملاحظة إلى النظرية. منطق الوعي هو رياضيات الفنومينولوجيا، وهنا نبدأ إذا في بناء كما في أي علم وصف جيد أو نظرية لموضوع البحث: الخبرات القصدية الواعية كما نعرفها في وعينا الذاتي، ومع تتطور هذه النظرية بمرور الزمن فستختبر، وقد تُقبل أو تُرفض، عن طريق تقييم ادعاءات معينة حول أساس الوعي وكيف هو مرتبط بخبرتنا الذاتية والخاصة.

بهذه الطريقة تنتج الفنومينولوجيا منهج بحث تجريبي يستطيع أن يتقاطع مع العلوم المعرفية (بالطبع تستطيع الفنومينولوجيا أن تُطوَر أيضا في اتجاهات مختلفة كالنقد الأدبي والثقافي، مع أهداف تختلف عن أهداف العلوم البحتة)

 

  • دور الفنومينولوجيا في العلوم المعرفية

تقوم العلوم المعرفية بتطبيق مناهج العلوم التجريبية ( الفيزياء، علوم الأعصاب) في دراسة العقل و التي ظلت دراسة العقل لوقت طويل حكرا على الفلسفة، مصطلح العلوم المعرفية أصبح شائعا في 1970 لمحاولة صريحة لدمج التخصصات علم النفس و الفلسفة (فلسفة العقل)، علوم الحاسوب ( الذكاء الاصطناعي) و علم الأعصاب، وقد كان نموذج العقل الحسابي هو الدافع الأكبر للعلوم المعرفية، كما تُقدم الخوارزميات نماذج رياضية لوظائف عقلية معينة، ومع ذلك كان هناك اعتراف متزايد أن مشكلة الوعي (بما في ذلك الكيفيات المحسوسة، القصدية، والوعي المدرك لذاته) لا يمكن تناولها بواسطة النموذج الحسابي، أو بأي نوع من نماذج الوظيفية( الوظائفية) أو النماذج المادية للعقل هذه المشكلات هي مجال الفنومينولوجيا بالتحديد. إن فهمنا للعقل يبدأ بخبراتنا الذاتية وتقوم الفنومينولوجيا منهجيا بتحليل خبرات وعينا التي نخوضها كل يوم، وأما افتراضات الوظائف الحسابية و العصبية والتجارب المصممة لاختبار هذه الافتراضات لهي مسألة أخرى، فعندما يسعى علم الأعصاب المعرفي أن يفسر كيف لأنماط معينة من النشاطات العصبية (باستخدام خوارزميات معينة) أن تتورط في أشكال محددة من الإدراك: فكرة، انفعال… إن فنومينولوجيا هذه الأشكال من الخبرات هي مُفترضة فقط (وبالكاد واضحة) وليس من المحتم أن نفترض مع ديكارت أننا على معرفة بعقلنا الواعي بشكل مطلق، ولكن نحن فقط نخبر أشكالا مألوفة من الوعي وجوانب منها، والتي هي تحت التفحص في علم الأعصاب (أنظر إلى العلاقة العصبية للوعي البصري)

في الممارسة العملية تلتقي الفنومينولوجيا والعلوم المعرفية في العديد من المجالات خصوصا فيما يتعلق بتحليل التمثلات العقلية أو القصدية، كما تلتقي أيضا في تحليل الادراك البصري، أما الجانب النظري فهناك بعض المجالات التي لا تلتقي فيها الفنومينولوجيا والعلوم المعرفية وبالتالي عندما تقيِّم الفنومينولوجيا حالات العقل الواعية أو تقارب خصائصها كما تُخبَر من منظور الشخص الأول (الذاتي) فإن أجزاءً أخرى من العلوم المعرفية تقاربها من منظور الشخص الثالث تقيم الحالات العقلية الغير مخبورة وغير الخاضعة للتجربة.

بالإضافة إلى المجالات التي تتقاطع فيها الفنومينولوجيا بكل وضوح مع العلوم المعرفية هي: تحليل فقدان البصر الغير واعي، وإن نظريتنا العامة للعقل والرؤية والفنومينولوجيا تحلل حالات مألوفة للإدراك البصري الواعي ثم اكتشفت التجارب الحالة الغير الاعتيادية لفقدان البصر أو الادراك البصري الغير واعي: فعندما يقوم شخص بالإجابة بكل وضوح حول ما هو أمام عينيه ولكنه يؤكد بأنه لا يملك أي وعي برؤية أي شيء على الاطلاق.

تقدم هذه المقاربات للرؤية الواعية والغير واعية مساعدة على إخراج عوامل أسس الإدراك وهما ناحيتين مهمتين ولكن مختلفتين: القصدية والوعي المدرك لذاته، هناك فرق بين أن نرى شيئا (أن يكون لك تصور ما به) أن تلتقط المعلومات بصريا وبين أن نكون على وعي برؤيتنا للشيء أن نرى بشكل واع، أن مهمة الفنومينولوجيا أن تصف وتحلل الوعي المدرك لذاته وهذا الوصف أو التحليل قد يؤخذ به في نظرية العلوم المعرفية لحالة فقدان البصر غير الواعي.

هناك ناحية أخرى يمكن فيها للعلوم المعرفية التجريبية أن تتقاطع مع الفنومينولوجيا فقد يتم تأكيد خصائص الخبرة الواعية التي تم تحليلها في الفنومينولوجيا وربما تدعم بنتائج علم الأعصاب فعلى سبيل المثال: تمسك العديد من الفلاسفة  بأن ما يجعل الحالة العقلية واعية هو نوع من الوعي يحوزه الشخص عن الحالة العقلية: ربما كشكل من المراقبة على المستويات العليا للحالة[27]، فإذا كان يستطيع علم الأعصاب أن يجد نشاطا مميزا في أجزاء محددة من الدماغ تعمل فقط عندما يكون الشخص يخبر حالة ذهنية ما بشكل واع، مثلا: الرؤية الواعية كمقابل للرؤية الغير الواعية و بالتالي فإن التحليل الفنومينولوجي لهذه الأشكال من الوعي سوف يتم اعتباره و الأخذ به.

تتقاطع الفنومينولوجيا و العلوم المعرفية في المضمون و يكمل ويدعم كل منهج الآخر، إلا أن هناك جدالات كثيرة بين المجالين فيما يتعلق بنظرية ومنهج كل منهما، فبالنسبة للعلوم المعرفية فهي تتبنى نظرية حسابية للعقل في الكثير من مقارباتها، وأما الفنومينولوجيون فإنهم يرفضون النموذج الحسابي ( و الوظائفي) و بالتوافق مع حجج سيرل 1984 و دريفيوس 1979 أن المحتوى القصدي أو المعنى لا يمكن أن يتماشى مع قواعد الحساب الخاصة بالمدخلات- المخرجات للنموذج الحسابي، و مع حجة شالمر 1996 أن خصائص الوعي ليست مرتبطة بالإرجاع المادي أو الوظائفي و طالما أنه من المفترض أن العقل متطابق مع النموذج الحسابي أو الوظيفة العصبية ( مسببا الترابط الحسابي) فإن المناهج الفنومينولوجية لانعكاسات منظور الشخص الأول ( التأويل و التحليل) ستبدو مضللة ولكن إذا تم الافتراض بدلا من ذلك أن الخصائص الفنومينولوجية للحلات العقلية تؤثر على الخصائص العصبية للدماغ فسينظر إلى مناهج الفنومينولوجيا على أنها مناسبة لدراسة أسس النشاط العقلي وفي هذه الحالة ستأخذ الفنومينولوجيا موضعها المناسب فيما يخص العلوم المعرفية.

 


المراجع:

  • Chalmers D (1996) The Conscious Mind. Oxford, UK and New York, NY: Oxford University Press.
  • Dennett D (1991) Consciousness Explained. Boston, MA:Little, Brown.
  • Dreyfus H (1979) What Computers Can’t Do. New York, NY: Harper and Row. [Revised edition.]
  • Dreyfus H (1982) Husserl, Intentionality and Cognitive Science. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Føllesdal D (1969) Husserl’s notion of Noema. Journal of Philosophy 66: 680–687. [Reprinted in (Dreyfus, 1982).]
  • Heidegger M (1927a/1982) The Basic Problems of Phenomenology, translated by Hofstadter A. Bloomington, IN: Indiana University Press.
  • Heidegger M (1927b/1968) Being and Time, translated by Macquarrie J and Robinson E. New York, NY: Harper and Row.
  • Husserl E (1900/2001) Logical Investigations, vols. I and II, translated by Findlay JN. London: Routledge and Kegan Paul.
  • Husserl E (1913/1969) Ideas Pertaining to a Pure Phenomenology and a Phenomenological Philosophy, vol. I ‘General Introduction to Pure Phenomenology’, translated by Boyce-Gibson WR. London: George Allen and Unwin, and New York, NY: Humanities Press. [Also translated (1982) by Kersten F. The Hague: Nijhoff.]
  • Kim J (1998) Mind in a Physical World. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Merleau-Ponty M (1945/1962) Phenomenology of Perception, translated by Smith C. London: Routledge and Kegan Paul.
  • Nagel T (1974/1997) What is it like to be a bat? In: Block N et al. (eds) The Nature of Consciousness. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Petitot J, Varela FJ, Pachoud B and Roy J-M (1999) Naturalizing Phenomenology: Issues in Contemporary Phenomenology and Cognitive Science. Stanford, CA: Stanford University Press/Cambridge University Press.
  • Sartre J-P (1943/1964) Being and Nothingness, translated by Barnes H. New York, NY: Washington Square Press.
  • Searle J (1983) Intentionality. Cambridge, UK: Cambridge University Press.
  • Searle J (1984) Minds, Brains and Science. Cambridge, MA:Harvard University Press.
  • Searle J (1992) The Rediscovery of the Mind. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Smith DW and McIntyre R (1982) Husserl and Intentionality. Dordrecht and Boston, MA: Reidel.
  • Sokolowski R (1999) Introduction to Phenomenology. Cambridge, UK and New York, NY: Cambridge University Press.

لمزيد من القراءة:

  • Block NJ, Flanagan O and Guzeldere G (eds) (1997) The Nature of Consciousness. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Dreyfus H (1991) Being-In-The-World. Cambridge, MA: MIT Press.
  • Mohanty JN (1985) The Possibility of Transcendental Dordrecht: Nijhoff.
  • Smith B and Smith DW (1995) The Cambridge Companion to Husserl. Cambridge, UK and New York, NY: Cambridge University Press.
  • Smith DW (1989) The Circle of Acquaintance: Perception,Consciousness, and Empathy. Boston, MA and Dordrecht:Kluwer.

هوامش

[1] نظرية العقل هي النظرية القائلة أن فهمنا للآخرين نفسيا هو في طبيعته تلقائي وهي إمكانية متاحة بسبب طبيعة عقولنا وهناك نظريات علمية تسعى لتفسير هذه الظاهرة. المترجم 

[2] فيلسوف ألماني. ولد في مارينبرغ (ألمانيا) في 16 كانون الثاني 1838. وتوفي في زيورخ (سويسرا) في 17 آذار 1917. اجتذب عدة تلاميذ منهم كراوسه وهوسرل. من مؤلفاته: في مختلف دلالات الوجود حسب أرسطو (1862). معجم الفلاسفة. دار الطليعة. ط3. جورج طرابيشي. ص169.

[3] العقل الحسابي أو الحوسبة وتعنى أن العمليات العقلية كالإدراك والانفعالات وغيرها هي شكل من أشكال الحوسبة. المترجم

[4]علم النفس، الذكاء الاصطناعي، علم الأعصاب، اللسانيات، الأنثربولوجيا. العلوم المعرفية هي تخصص يدرس العقل والذكاء البشري مستخدما: الفلسفة،

[5] هو تلك الملاحظة الذاتية التي يقوم بها الفرد لعملياته العقلية وما يدور فيها… فهو بهذا المعنى رؤية داخلية سواء أكانت مباشرة وقت حدوث النشاط الإنساني أو العملية العقلية، أو استرجاعية لأحداث سابقة. معجم علم النفس والتحليل النفسي، دار النهضة العربية، ط1، مجموعة من المؤلفين، ص43.

[6] أي أن الهوية الشخصية تتكون من استمرارية الحياة النفسية: الرابط

[7] عالم رياضيات وفيلسوف تشيكي ولد في براغ في 5 تشرين الأول 1781 ومات في هذه المدينة نفسها في 18 كانون الأول 1848. نفس المصدر

[8] الكيفيات المحسوسة هي الكيفيات الني ندركها حول الأشياء مثل: إدراك احمرار حبة الطماطم فالاحمرار هو كيفية محسوسة. المترجم.

[9] أي ارجاع كل شيء إلى وجود مادي. المترجم.

[10] كما حلل ذلك في مسرحيته المشهورة: اللامخرج. المترجم.

[11]  فيلسوف أمريكي (1934) والمقصود هنا كتابه مقدمة إلى الفنومينولوجيا الذي ألفه سنة 1999. المترجم.

[12] الوضعية في الأصل معتقد فلسفي قدمه المفكر الفرنسي أوجست كونت (1798-1857) وهي تؤكد على دور كل من العقل والمنطق في البحث عن الوقائع وقبول النظريات… ارتبطت الوضعية بفلسفة حلقة فيينا المعروفة باسم الوضعية المنطقية. فلسفة العلم من الألف إلى الياء. المركز القومي للترجمة. ط1. ستاتس بسيلوس. ص267.

[13] اتجاه أساسي في تفسير السلوك يرى أن الهدف الأساسي لعلم النفس هو دراسة السلوك الظاهر للكائن الحي وذلك باعتباره متغيرا قابلا للملاحظة والتجريب ومن هذا المنطلق فقد فسر السلوكيون معظم العمليات النفسية الداخلية من هذا المنظور. معجم علم النفس والتحليل النفسي. ص229

[14] معتقد فلسفي ملتزم بالأطروحتين التاليتين:1- أن العالم كما هو بمعزل عنا كبشر هو عالم فيزيائي 2- أن كل الوقائع هي في نهاية المطاف وقائع فيزيائية. فلسفة العلم من الألف إلى الياء ص:261.

[15] المذهب الوظيفي نظرية تشدد على الطابع الوظيفي، على الاستعمال الفعلي لأغراض الوظيفة، بدلا من التشديد على بنيتها أو على خواصها السكونية. موسوعة لالاند الفلسفية. منشورات عويدات. ط2: 2001 .ص511.

[16] السلوكية المنطقية أو التحليلية نظرية فلسفية حول معاني ودلالات الحالات والعمليات العقلية وأن السلوكيات هي تابع للعمليات العقلية الداخلية وأن الأفكار تتأثر أيضا بسلوكيات الإنسان:

https://plato.stanford.edu/entries/behaviorism/

[17] فيلسوف إنكليزي (1900-1976) أستاذ الفلسفة بجامعة أوكسفورد ومن رواد ما يعرف بفلسفة التحليل اللغوي. معجم الفلاسفة: ص321.

[18] (28 مارس 1942) بوسطن. فيلسوف أمريكي معاصر مختص في فلسفة العقل وعلوم الإدراك: ويكيبيديا. daniel dennett

[19] فيلسوف نرويجي معاصر (22 جوان 1932) درس في جامعة أوسلو وستانفورد مختص في فلسفة اللغة والفنومينولوجيا و.: ويكيبيديا. dagfinn føllesdal

[20] فيلسوف أمريكي معاصر (1929-2017) بجامعة كاليفورنيا، مختص في الفنومينولوجيا والوجودية. المترجمhubert dreyfus.

[21] أستاذ الفلسفة بجامعة كاليفورنيا مختص بالفنومينولوجيا وفلسفة اللغة، العقل …المترجم david w.smith

[22] فيلسوف أمريكي معاصر بجامعة كاليفورنيا مختص في الفنومينولوجيا.المترجم McIntyre R.

[23] فيلسوف أمريكي معاصر (1932) مختص في فلسفة العقل واللغة.المترجم John Searle 

[24] فيلسوف أمريكي معاصر (1937) وأستاذ الفلسفة في جامعة نيويورك مختص في الفلسفة التحليلية والسياسية.المترجم Thomas Nagel

[25] فيلسوف أسترالي معاصر (1966) مختص في فلسفة العقل والعلوم المعرفية وفلسفة اللغة.المترجم david chalmers

[26]مختص في فلسفة اللغة والعلوم.المترجم  فيلسوف بريطاني (1910-1989) alfred ayer

[27] تسعى نظرية المراقبة على المستويات العليا للوعي تفسير الخصائص المميزة للوعي ضمن بعض العلاقات بين حالة الوعي المدروسة وبين مراقبة عليا للتمثُل: للمزيد أنظر

https://plato.stanford.edu/entries/consciousness-higher/