| الكاتب | براء علي شريف |
أعراض الشيخوخة وينبوع الشباب؟ دودة قديمة، ورؤية جديدة
أدت جهود الباحثة البروفسيورة سينثيا كينيون “Cynthia Kenyon” الأستاذة في جامعة كاليفورنيا، إلى اكتشاف سلالة جديدة من ديدان الخوذة الجلدية C. elegans تعيش ضعف عمر الدودة الطبيعي؛ حيث توصلت إلى أن حدوث طفرة جين واحد تزيد من عمر الدودة، كما تهرم هذه الديدان ببطء أكثر من هرم الديدان الطبيعية. وقد أدت هذه النتائج -إضافة إلى الدراسات والأبحاث التي أجريت على جينوم دودة الخوذة الجلدية الأسطوانية- إلى استئناف الدراسات والأبحاث في مجال الشيخوخة. وقد تقود هذه الأبحاث يوما ما إلى اكتشاف ما يسمى بـ ينبوع الشباب. أي أن يعيش الإنسان بقدرة الله -عز وجل- فترة زمنية أطول في مرحلة الشباب على حساب مرحلة الشيخوخة.
استخدام العلماء الديدان في تجاربهم حول الشيخوخة!
أثناء الدراسة اكتشف العلماء أن بعض الديدان تعيش أطول من قريناتها، ولعل أهم ما يميز هذه الديدان عن غيرها، هو أنها تحمل جينات متحوّلة كما أن تركيز السكر الأميني والغلوكوزامين عالٍ لديها، ما دفع العلماء إلى إضافة الغلوكوزامين لغذاء بعض الديدان. وتبين أن إضافة هذه المادة أطال عمر الديدان لبضعة أيام، حتى في غياب الجينات المتحولة.
إذا نظرت الى الطبيعة سوف تشاهد انواع مختلفة من الحيوانات لديها اعمار مختلفة، وتلك الحيوانات مختلفة عن الاخرى لأن لديها جينات مختلفة. وهذ يضع اقتراحاً انه يوجد في تلك الجينات في مكان ما داخل الحمض النووي “DNA”، وهو وجود جينات مسؤوله عن الشيخوخة، جينات تمكنها من أن يكون لديها أعمار مختلفة، فإذا كان يوجد جين مثل ذلك، إذاً يمكننا تغيير أحد الجينات في تجربة علمية، بمعنى إذا غيرنا جين الشيخوخة ربما سوف نتمكن من إبطاء الشيخوخة وزيادة العمر.
لذلك أقيم البحث عن جينات تتحكم في الشيخوخة ولم يقم العلماء بدراسة أي من تلك الحيوانات، بدلاً من ذلك درسوا دودة صغيرة دقيقة تُسمى “C. elegans” وهي بحجم الفاصلة في الجملة وكانوا متفائلين لأنه يوجد هُناك تقرير عن مُتحولة طويلة العُمر، بدأوا في تغيير الجينات بشكل عشوائي بحثاً عن حيوانات طويلة العمر وكُنا محظوظين جداً أن وجدنا تلك المتحولات التي أتلف فيها جين واحد فقط يُسمى داف-2 “Daf-2” ضاعف عُمر الدودة الصغيرة.
النتائج
بعد شهر، الديدان الطبيعية ماتت جميعها لكن في نفس الوقت معظم الديدان المعدلة مازالت على قيد الحياة واستمرت حتى ضعف المدة.
فيديو صغير في تجربة لحياه الدودة الطبيعية والمحولة (الرابط)
الشيء الأول الذي سوف تشاهده هو الدودة الطبيعية عندما تكون في سن البلوغ وبعد ذلك سوف تشاهد المتحولة طويلة العمر عندما تكون شابة، هذا الحيوان سوف يعيش ضعف المدة.
بعد ذلك، سوف تشاهد في مدى أسبوعان الديدان الطبيعية اصبحت عجوزة وإذا نظرت الى أنسجة الحيوان فقد بدأت في التدهور، وأصبحت كبيرة في السن.
بعد ذلك سوف ترى داف-2 المُتحول، غيرنا جين واحد من ضمن 20,000 وإذا نظرت اليها فهي في نفس العمر لكنها ليست في مرحلة الشيخوخة وهذا هو الجميل في الأمر أنها تشيخ ببطء، تحتاج هذه الدودة يومان لتكون في نفس العمر الذي تكون عليه الدودة الطبيعية في يوم واحد.
توجد هناك ظاهرة تسمى الشيخوخة القليلة، وهي مخلوقات في هذا الكوكب لا يحصل لديها شيخوخة، بعض الحيوانات لا يبدو أنها تتقدم في العمر، على سبيل المثال هناك بعض السلاحف تسمى السلاحف الخيطية وتم التركيز عليها ووجد أنها تعيش الى عمر 70 وعندما تنظر الى تلك السلاحف ذات السبعين عاماً لا يمكنك تحديد الفرق بالنظر بينها وبين السلاحف البالغة 20 عاماً، وذات السبعين عاماً هي أفضل في استطلاع الأماكن الجيدة للعيش، وهناك امثلة اخرى لتلك الحيوانات مثل انواع معينة من الطيور ولا أحد يعلم ما الذي يمنعهم من الشيخوخة، الامر ليس واضحاً.
إنه تماماً مثل لو أنك كنت كلباً او قطة وتلاحظ أنك تكبر في العمر، وتنظر الى البشر وتفكر” لماذا لا يكبر أولئك البشر في السن؟”.
دودة صغيرة واستعمالات كبيرة
في عام 1998 م دخلت دودة الخوذة الجلدية كتب التاريخ مرة ثانية عندما حل العلماء شفرة جيناتها كاملة، وكانت أول مخلوق عديد الخلايا يسجل له هذا التميز، وتعد دراسة جيناتها أسهل نسبياً من دراسة جينات الإنسان؛ فهي تحوي 97 مليون قاعدة، مقارنة ب 3 بلايين في الإنسان.
وهناك % 40 من التشابه بين دودة الخوذة الجلدية والإنسان؛ إذ تقوم هذه الدودة الصغيرة ببعض العمليات التي يقوم بها جسم الإنسان.
وتنمو الدودة من بويضة ملقحة إلى دودة بالغة لها أجهزة وأعضاء وأنسجة متطورة عن طريق الانقسام المتساوي ويجعلها هذا الأمر مفيدة لدراسة الشيخوخة، وبعض الأمراض الوراثية والسرطانية، وإنتاج الأنسولين.
الشيخوخة: من الديدان إلى الإنسان
لنقل إنك شاب عمرك 30 سنة وقابلت انسانة أعجبت بها ورغبت في التعرف عليها وأنت في المطعم وتقول لها ” حسناً كم عمرك” وتجيبك” عمري 60 سنة” رغم ان شكلها يقول انها بالعشرينات وهذا ما سوف يكون عليه الامر!
من الواضح ان هذه الدودة الصغيرة مازالت تحمل الكثير من الغموض الذي يتعين علينا اكتشافه وقد اندهشت الباحثة سينثيا كينيون كثيرا من التقدم الهائل الذي أحرز في هذا المجال، كما حصلت على النتائج نفسها من دراستها الذباب والفاكهة والفئران.
هل يوجد هناك أي تأثير على امراض الشيخوخة؟ كلما تقدمت بالعمر كلما زاد احتمال ان تصاب بأمراض السرطان والزهايمر وأمراض القلب وجميع أنواع الامراض ولكن اتضح أن تلك المتحولات طويلة العمر أكثر مقاومة لكل تلك الأمراض أي انهم يصابون بصعوبة بالسرطان وعندما يصابون به لا يكون حاداً، ربما يكون لدينا طريقة لمكافحة الكثير من امراض الشيخوخة المختلفة جميعها مرة واحدة بهذا الجين.
الدكتور أسامة الأبيض أخصائي الأمراض الباطنية والقلب في حديث له على DWقال ” أن عامل الوراثة له دور أساسي في تحديد العمر البيولوجي، مشيرا إلى أن الإصابة بأمراض مثل السكري والكوليسترول تسرع عملية الشيخوخة”.
ويرى الدكتور أن أفضل وسيلة لتأخير الشيخوخة تكون بالعيش بطريقة صحية من خلال تناول الأغذية المفيدة وممارسة الرياضة والابتعاد عن العادات السيئة كالتدخين، علما أن العيش في مدن كبيرة تكثر فيها الملوثات يؤثر على عملية تجدد الخلايا مما يسرع الشيخوخة أيضا.
لماذا هذا الدواء غير موجود؟
تقول Cynthia Kenyon في عرض لها على TED talk حسنا المشكلة هنا أن ذلك النوع من الادوية التي تحدثنا عنها لن يغير الجينات بل سوف يتعامل مع البروتين نفسه ويغير نشاطه فإذا توقفت عن اخذ الدواء فإن البروتين سوف يعود الى طبيعته السابقة، يمكنك تغيير الجينات من حيث المبدأ ولا يوجد تقنية للقيام بذلك حاليا ولكن الامر الأهم هو انه إذا اخذت هذا الدواء سوف يقلل من مناعتك والسبب هو أن تلك الهرمونات مثل هرمونات الانسولين و: اي جي اف” و”تور” هي أساسية أذا فقدتها كاملة تصبح مريضاً لذلك يبدو اننا نحتاج لتعديلها بعناية فائقة للحصول على منافع بدون أضرار.
المراجع
- Aging Genes: Genes and Cells that Determine the Lifespan of the Nematode C. elegans ( https://www.ibiology.org/development-and-stem-cells/aging-genes/ )
- https://2u.pw/0dNMF
- المقالة البحثية من مجموعة نيتشر( https://www.nature.com/articles/366461a0 )
- اكتشاف الطفرات الجينية طويله العمر من المكتبة الوطنية الامريكية لطب والصحة ( https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3001308/ )
- اسأله واجوبه ومعلومات عامه عن البروفيسورة “Cynthia Kenyon”