مجلة حكمة
كيف تتنفس؟

كيف تتنفس I دليل إرشادي

الكاتب  مارتن بيتروس
ترجمةحصة السنان

ما تحتاج إلى معرفته

أنت لا تعرف متى ستلتقي بمن سيغير مجرى حياتك، حدث لي هذا قبل نحو خمس سنوات، عندما سجلتُ في دورة في هولندا يقدمها ويم هوف أستاذ معلمي التعرض للبرودة، ، دون أن أعرف ما الذي سيأخذني هذا إليه[1].

هوف معلّم استثنائي، قد اشتهر بتحقيقه أرقاماً قياسية عالمية، وبقدرات تحمّلٍ أخرى، مِثل حصوله على اللقب لإتمامه أطول ]مدة مكوث[ على الإطلاق في حمام جليدي. والركض حافي القدمين في نصف مارثون في منطقة القطب الشمالي، وتسلُّق معظم جبل إيفيرست مرتدياً سراويل قصيرة. أحد أهم عناصر طريقته في تحبيب الناس بدرجات الحرارة المنخفضة هو ما يسميه (التنفس الواعي). بالتحكم بالنفَس، يحوّل تجربة غطسك في ماء متجمد، التي عادةً ما تكون ]حالة[ صراع من أجل البقاء، – يحوّلها إلى شيء تأمليّ عميق.

كانت حياتي، عندما التقيت هوف، معاناة متواصلة – كنت دائماً ما أمرض، أشعر بأني مكتئب، وحزين عموماً. كنت أبحث عن سبل لتحسين جهازي المناعي ورفع مستويات الطاقة عندي. لم أكن أعرف حينها بأن الإجابة على كثير من أسئلتي ستكون بهذا الوضوح: تنفَّس وحسْب.

يؤثر التنفس على العديد من العمليات في أجسامنا، مما له تأثير مباشر على صحتنا الجسدية والنفسية. نحن تنفس في اليوم ما يقارب 20.000 نفسًا، ولذا فهذا العدد يتضاعف مع السنين. مع كل شهيق، تتسارع دقات القلب، ومع كل زفير، تتباطأ. إن الجهاز العصبي حساس على وجه الخصوص للتغيرات في التي تحدث في معدل التنفس. عن طريق التنفس، يمكننا تغيير من حالتنا، من التوتر إلى الاسترخاء، أو من شعورنا بالخمول إلى النشاط.

يمكن، إذا ما كنّا متنبِّهين للطريقة التي نتنفس بها، أن تتحقق منافع[2] -طويلة الأمد- لصحتنا ولشيخوختنا. خلاصة القول، إننا نستطيع أن نغير من تنفسنا متى أردنا ذلك، وفي ذلك منفَذ يمكن أن يكون به تأثير في سائر الوظائف الحيوية في أجسامنا.

لقد ألهمني ما تعلمته من هوف وأخرين، وحقق تحولاً في حياتي، حتى أنني شعرت بأن عليّ أن أعلم ما تعلمته للآخرين، وها أنا اليوم، أعمل مدرباً على التنفس. فما هو التنفس؟ يمكن وصفه بأنه ‘الوعي المتنفِس‘، و‘التنفس الواعي‘. في كل مرة نلاحظ تنفَسَنا، أو نغير من نمط تنفسنا من أجل الحصول على نتائج محددة، فإننا -بذلك- نمارس (عملية التنفس). 

يعدّ التنفس اليوم هو اليوغا الجديدة، ويمكن أن تجده في كل مكان، من جلسات العلاج حتى النوادي الرياضية، لكن، وعلى الرغم من رواجه الآن، إلا أنه ليس بجديد. ومن الصعب تعيين المرة الأولى التي قرر عندها البشر أن يستخدموا التنفس عمداً، ولكنك قد تجد مؤشرات مبكرة للتنفس الواعي في النصوص المقدسة عند الهندوس، التي يعود تاريخها إلى مئات السنين،  وعلى سبيل المثال في  الباهاغافادقيتا Bhagavadgita التي يعود تاريخ تأليفها  إلى ما بين القرن الثاني قبل الميلاد، والقرن الثاني بعد الميلاد:

ومع ذلك يظل آخرون،  ممن يُستحَثّون إلى عملية ضبط النَفَس، ليَبقون في حالة غيبة، يمارسونه بأن يواصلوا حركة النَفَس الماضي بالنفس اللاحق، والنَفَس الآتي بالنفَس الماضي، وبذا تبقى أخيراً في حالة غيبة، توقف كل تنفس. آخرون، كما لو كانوا يختصرون عملية تناول الطعام، يحبسون النفس الماضي كتضحية[3].

Still others, who are inclined to the process of breath restraint to remain in trance, practise by offering the movement of the outgoing breath into the incoming, and the incoming breath into the outgoing, and thus at last remain in trance, stopping all breathing. Others, curtailing the eating process, offer the outgoing breath into itself as a sacrifice.

تعاليم تونبا شينراب ميوتش التيبتة، التي شكلت أساس تقلد البون، الذي يعدّ التنفس أمراً مهماً، هي أقدم من ذلك، إذ تعود إلى 1800 سنة. وقد استُخدمت تقنيات التنفس في اليوغا أيضاً لأكثر من 2000 عام. في الواقع، لقد كان التنفس حاضراً في كل التقاليد والثقافات تقريباً: في أساطير الشعوب (الميثولوجيا)، الفلسفة، الشعائر المختلفة، في طقوس العبور، طرق الاستشفاء، الممارسات الروحانية والدينية، الفنون القتالية، التأمل.

يُعدّ التأمل، لكثير من الناس، أكثر من محض حركة محسوسة للهواء، فهو غالباً ما يوصف بأنه الطاقة، القوة الدافعة للحياة، جوهر كوني، المبدأ الحيوي الذي يتغلغل في الوجود على جميع المستويات بما فيها الجمادات. إنه روح الأشياء أو روحانيتها. تشير الثقافات المختلفة إلى الظاهرة نفسها ولكن بأسماء مختلفة: مثل: برانا، تشي، كي، رئة، رونتش، روحاني، روح، بنيوما.

في اليوغا، لا يعدّ النَفَس طريقاً للتطور الروحي فحسب، بل هو طريقة بسيطة للإبقاء على صحة جيدة. في تنفس يوغا البراناياما pranayama ، توصف الممارسات جيداً، كلٌ مع الغاية منها – بما في ذلك: التنشيط والطاقة، التطهير، الاسترخاء. زمناً طويلاً، لم تكن جلّ الممارسات الطبية السائدة مهتمة بممارسات التنفس، ولكن ذلك بدأ بالتغير في الخمسينيات. على سبيل المثال، بعد بحثه في الطرق التي يؤثر بها معدل التنفس على الصحة، ابتكر كونستانتاين بوتيكيو الطبيب، الأوكراني مَوْلِداً، تقنيةً للتعامل مع اضطرابات التنفس، مثل: الربو، ضيق التنفس العام، التهام الأنف، وأيضاً بوصفه علاجاً لارتفاع ضغط الدم. كانت طريقته تستخدم في المستشفيات في أنحاء روسيا، والآن، على أن ‘طريقة بوتيكيو‘ تعدّ أحد صور الطب البديل، فهي تستخدم في أنحاء المعمورة لعلاج اضطرابات نمط التنفس. بصورة عامة. أنني أعتقد أن فهمنا الحديث للجهاز العصبي، والدراسات الحديثة تؤكد أن ممارسات تنفس اليوغا لها أثارها المنشودة. إننا نعيد اكتشاف ما قد عرفه أصحاب اليوغا منذ زمن طويل.

هذه الأيام، يهتم الرياضيون، كذلك، بممارسات التنفس. في الرياضة، يبدو الأمر دائماً كأنما هو سباق تسلّح. من يجد طريقة جديدة للتحسين، ولو بقدر ضئيل، يمكنه أن يحقق تفوقاً هائلاً على منافسه. يتجه الرياضيون لممارسات تقليدية في اليوغا للتحكم بالتنفس وسيلةً لتكييف الجسم وتقوية الجهاز التنفسي – يمكن لتمارين تنفس معينة أن تحسن من كفاءة استخدام الجسم للأكسجين. لممارسات التنفس صلة وثيقة برياضات التحمل؛ تقترح طريقة بوتيكو أن التنفس الأنفي وتقييد سيرورة النفس يمكن أن يساعدا في رفع تحمّل ثاني أكسيد الكربون (CO2). وقد اختُبرت طرق حبس النَفَس على نطاق واسع بوصفها سبيلاً لزيادة الحِمل على الجسم، وخلق تكيفات طويلة الأمد مشابهة للتدريب على المرتفعات.

ومع ذلك، وعلى أهمية ممارسات التنفس، ورواجها المتزايد، فلا يزال كثير من الناس لا يولون عناية لهذا الجانب الأساسي من الحياة. ولولا جهازنا العصبي اللاإرادي، أجزم بأن كثيراً منا كان ليموت بسبب أنه قد نسي أن يتنفس بينما يقرأ بريداً إلكترونياً.

في هذا الدليل الإرشادي، سأعرض عليكم بعض تقنيات التنفس الأساسية. سواء كنت رياضياً أولومبياً تسعى لتحقيق مكسب، أو كنت تكابد قلقاً مزمناً، أو كنت مدفوعاً برغبة الاستطلاع وحدها، فلِم لا تبدأ باستخدام تنفسك فيما ينفعك وأنت تتنفس على أي حال.

لا تزال المنافع الممكن تحقيقها بالتنفس- تلك الأداة المتاحة لنا جميعاً- تدهشني، حتى بعد أن درّبتُ كثيراً جداً من الناس. وقد يكون الأمر بسيطاً، بساط تعلّم روتين استرخاءً مدته ثلاث دقائق، أو قد يكون هذا بداية لرحلة تطوير ذاتي مداها العمر، وفي كلا الحالتين، مرحباً بك في ممارسة التنفس.

ما عليك القيام به

مارِس التنفس الأنفي

إذا كنت كثير الانشغال ولا تجد ما يكفي من الوقت لممارسة التنفس، ولكنك ترغب بأن تعمل على تحسين صحتك وعافيتك wellbeing بالتنفس، فإني أقترح أن تحاول أن تطبق إحدى المبادئ الأساسية: تنفّس بأنفك بدلاً من فمك. هذا أمر يمكنك أن تقوم به طوال يومك وليلتك.

فيما يأتي، بعض فوائد التنفس الأنفي:

  • يبطّئ تدفّق الهواء الوارد، مما له يؤثر في تهدئة للجهاز العصبي (وعلى وجه الخصوص، ينشّط الجهاز العصبي السيمثاوي، مما يساعد على تحقيق الهدوء والاسترخاء).
  • ينتقل الهواء أبطأ، ويبقى مدة أطول في الحويصلات الهوائية، حيث تتبادل الغازات. هذا يمنح الأكسجين مدة أطول للانتشار في مجرى الدم، مما قد يؤدي إلى زيادة امتصاص الأكسجين بنسبة 10 – 20%.
  • يعمل أنفك كمرشِّح (جهاز تنقية) لمسببات المرض، مثل البكتيريا والفيروسات.
  • يُكيّف الهواء الداخل إلى رئتيك لما يناسب الجسم – يُسخَن أو يُبرَّد، حسب البيئة الخارجية.
  • بالتنفس بالأنف، أنت تقلل التخلص من الماء بنسبة قد تصل إلى 40 بالمئة (مما يعني أنك أقل عرضة للجفاف).
  • أنه يجنّب المشاكل ذات الصلة بالإفراط في التنفس الفموي مدة طويلة، مثل: مشاكل الأسنان، والتهاب الشعب الهوائية العلوية، ووضعية الرأس وحتى التغييرات في شكل الفك.

ماذا لو كان أنفك مسدوداً؟ عليك أن تحاول أن تفعل كل ما يمكنك لكي تزيل سده. أحياناً كل ما تحتاجه هو أن تتغلب على شعور الانزعاج من ضيق النَفَس. لعلك معتاد على التنفس بالفم حتى أن التنفس بالأنف قد يبدو لك غير طبيعي في بادئ الأمر، غير أنك كلما تنفست من أنفك سيسهل الأمر عليك. إذا كنت تعاني حقاً، فإن موسّعات الأنف، الضمادات، والبخاخات (لتنظيف فتحتي الأنف) ستساعدك في الأيام والأسابيع الأولى. إذا كان عند انحراف في الحاجز الأنفي (اعوجاج في العظم والغضروف الذي يفصل فتحتي الأنف) مما يعيق التنفس الأنفي، فلعلك تسأل طبيبك عن إمكانية القيام بعملية للتصحيح.

إذا كانت الممرات الأنفية مسدودة سداً طفيفاً، قد يكون مما يساعدك في تنظيفها تمرين يسير: ازفر زفرة خفيفة، اضغط على أنفك واحبس أنفاسك، وعند ذروة حبس النَفَس، سيتراكم ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتريك، وكلاهما موسّع للأوعية، مما يساعد في أن يزول انسداد الممرات الأنفية.

متى يجب أن تتنفس من أنفك؟ من التوجيهات الجيدة هي أن تقوم بذلك في ثلاث مراحل:

  1. تنفس كامل بالأنف
  2. شهيق بالأنف وزفير بالفم
  3. تنفس كامل بالفم

في أوقات الراحة وقلة الضغط، يمكنك أن تظل في المرحلة الأولى كل الوقت. عندما تبدأ بالحركة، أو حتى عندما ترفع أحمالاً ثقيلة، حاول أن تظل في هذه المرحلة ما أمكنك. عندما تبذل جهداً ثقيلاً جداً، عندها انتقل إلى المرحلة الثانية. وإذا ما زدت الحِمل أكثر، قريباً من أقصى إمكانيتك، عندها ستكون المرحلة الثالثة ضرورية، وإذا ما انخفض الجهد، يمكنك أن تعود إلى المرحلة الثانية والأولى على التوالي.

مارس التنفس البطني

خطوة أخرى أساسية يمكنك القيام بها في حياتك لتحسين تنفسك هي أن تراعي وضعية جسدك، وهذا له أثر في الاتجاهين – الوضعية الخاطئة ستحدّ من تنفسك، وقد تؤثر أنماط التنفس المتقطع سلباً على الجهاز العضلي. لكي نضبط وضعيتنا علينا أن نمعن النظر في الحجاب الحاجز، الذي يؤدي دوراً رئيساً في تثبيت جذع الجسم. إنها عضلة كبيرة، على شكل قبة، تقع تحت ضلوعنا، وتفصل التجويف البطني عن الصدر. عندما تستنشق الهواء، فإن الحجاب الحاجز يهبط، مما يحدث ضغطاً على رئتيك، ويسحب الهواء. وعندما تسترخي (تطلق أنفاسك) يرتفع الحجاب الحاجز، ويخرج الهواء. وفي هذا ما يساعدك على التنفس الطبيعي –في الشهيق، تسحب الهواء للداخل، وفي الزفير، أن تطلق الهواء، مسترخياً، دون أن تدفع به خارجاً.

لكي تطوّر نمط تنفس بطني صحي، جرب التمرين الآتي:

  1. استلقِ على قفاك، أو اجلس جلسة مريحة على الأرض، أو على كرسي، يمكنك أن تجعل يديك على جسدك لتتفحص ردة فعل جسمك.
  2. لاحظ شهيقك، متفحصاً بطنك وهو يتمدد عندما تمتلئ رئتيك بالهواء. وبينما يحدث ذلك، يجب أن يبقى الجزء العلوي من صدرك ثابتاً ورئتيك كذلك.
  3. كل زفير سلبي، استرخ فقط وسيخرج الهواء، لا داعي أن تدفعه.
  4. واصل تنفسك بنمط مطّرد، تستنشق بسحب الهواء، وتزفر بإطلاقه دونما جهد.
  5. بعد مدة قصيرة، حين يصبح التنفس سهلاً، وجّه انتباهك إلى منطقة البطن المحيطة بالضلوع السفلية، حاول إشراك الضلوع السفلية – مع كل شهيق، يجب أن تتمدد الضلوع قليلاً إلى الجانبين. ستكون هذه حركة أكثر خفاءً من حركة مقدمة البطن.
  6. بعد التنفس لعدة دقائق في هذه المنطقة، ركز على أسفل الظهر. تخيل أن، مع كل شهيق، يتنشط أسفل ظهرك بلطف، ومع كل زفير يسترخي.
  7. ومع مرور الوقت، ستكون قادراً أن تجمع، بلا جهد، بين هذه المناطق الثلاث (المقدمة، الجانبين، الظهر)، وبذا فإن شعورك بالتمدد، عند الشهيق، لن يقتصر على مقدمة البطن، ولكن في 360 درجة حول جسمك.
  8. وإذا لم تشعر في البداية بأي حركة نشطة في الضلوع أو أسفل الظهر، لا تقلق، اسمح ببعض الوقت.
  9. مارس هذا دقائق كل يوم، وتنفس بصورة طبيعية باقي اليوم. حتى عندما لا تركّز في تنفسك، بمرور الوقت ستجد أن تنفسك أصبح أكثر عمقاً واسترخاءً.

وبمقارنته بينه وبين التنفس الصدري السطحي، للتنفس البطني فوائد عدة. فهو أكثر استرخاءً و يجعل عملية تبادل الغازات أكثر كفاءة. الإجهاد التأكسدي الناتج عن إرهاق عقلي أو جسدي يمكن أن يُخَفف بالتنفس البطني. وكثيراً ما يقال أن التنفس البطني يمكن أن يحسّن من جهازنا المناعي، في ذلك شيء من الحقيقة. يساعد التنفس البطني على تحريك اللمف (السائل الذي يتدفق عبر الجهاز اللمفاوي)، وبذلك يساعد على تحريك الجراثيم عبر العقد اللمفاوية، حيث يمكن معالجتها بخلايا لمفاوية محددة. فائدة أخرى هي زيادة تدفق الدم إلى القلب. أخيرًا، إذا قوّيت عضلة الحجاب الحاجز (بالتنفس البطني المنتظم)، فستزيد من قدرتك على التحمل.

مارس التنفس المنتظم

بالممارسة، ستمنحك عملية التنفس درجةً من التحكم بـ (استجابتك للإجهاد)، وتلك هي واحدة من أهم وأعظم نقاط القوة التي يمكنك أن تتخيلها، وبما أن يجسمك يحكمه انتظام متواتر – يلتقط جهازك العصبي تدفق الهواء المستمر على أنه إشارة سلامة، ويضبط العمليات الجسدية وفقاً لذلك – بوسعك أن تنتفع بهذا.

إحدى طرق الانتفاع هي بممارسة شائعة في اليوغا، حيث نشهق ونزفر بعدد معين. الغاية هنا هي أن نجد طولا مريحاً للنَفَس، ومتى أصبح ذلك سهلاً ذلك، فيمكن إبطاء الوتيرة. عادةً، بعد عدة دقائق من التنفس المنتظم، ستشعر بتغيّر في جهازك العصبي السيمثاوي، فرع من الجهاز العصبي اللاإرادي، لا يقتصر دوره على مساعدة أجسامنا على أن تترمم وتتعافى، ولكنه أيضاً يحسّن من تواصلنا الاجتماعي. أظهر التنفس المنتظم نتائج واعدة في المساعدة في علاج الاكتئاب والقلق. وفيما يلي طريقة تجربة التنفس المنتظم:     

  1. اختر وضعية مريحة، سواء بالجلوس أو الاستلقاء. أغمض عينيك، وتنفس بأنفك.
  2. ركّز على تنفسك البطني.
  3. بطّئ نَفَسك بحيث تتبع نمطاً من التنفس تستنشق فيه لسِتّ ثوانٍ وتزفر فيه لسِتّ ثوانٍ.
  4. إذا كان ذلك صعباً جداً، فأدّهِ مدّة أقصر، مثل: 3 أو 4 ثوانٍ للشهيق، ومثلها للزفير.
  5. حافظ على هذه الوتيرة عدة دقائق، مع بقائك مسترخياً مركّزاً.
  6. عندما يصبح التنفس المنتظم لـِستّ ثوانٍ سهلاً، يمكنك أن تحاول إطالته إلى ثماني ثوانٍ، عشر ثوانٍ، أو أطول من ذلك. ومن أجل شعور أكبر بالاسترخاء، يمكنك أن تحاول أن تزفر زفرتين مع كل شهيق (شهقة وزفرتين).

إذا قضيت وقتاً في ممارسة هذا النوع من التنفس في الحالات التي يكون فيها كل شيء على ما يرام، فستجد أنه أنجع عندما تستخدمه في تهدئة نفسك في لحظات الضيق.

ابنِ قدرتك على تحمل ثاني أكسيد الكربون

واحدة من أهم الأشياء التي يمكنك القيام بها لوظائفك العقلية هي أن تحصل على القدر الصحيح من الأكسجين لعقلك ولأعضائك الحيوية. وفي معدل تنفسك مفتاح ذلك. ما ينبغي أن تسعى له هو: التنفس البطيء واللطيف. حين يكون تنفسنا سريعاً وسطحياً فإننا غالباً ما نحرك الهواء في ‘الفضاء ميت‘، وهو حجم الهواء الذي لا يؤدي دوراً في تبادل الغاز (لا يستخدمه الجسم). ولذا فإننا نريد تنفساً بطيئاً وعميقاً، يعطينا تبادلاً أفضل للغاز.

ثاني أكسيد الكربون (CO2) هو الغاز -في الهواء- الذي يثير معدلاً أسرع في التنفس – لدينا غريزة طبيعية لطرده من أجسامنا – ولذا فإن أحد مفاتيح إبطاء تنفسنا هو بأن نعتاد أكثر على ثاني أكسيد الكربون. إننا غالباً نظن أن ثاني أكسيد الكربون شيء سلبي؛ منتج ثانوي علينا التخلص منه، غير أن ثاني أكسيد الكربون يؤدي دوراً مهماً جداً في توسيع الأوعية في أجسامنا. كما أنه يساعد في إطلاق الأكسجين من الدم، وهو ما يعرف بتأثير بوهر، ولهذا السبب فإن زيادة تحمّل جسمك لثاني أكسيد الكربون قد يكون مفيداً، حيث يساعد خلاياك على امتصاص الأكسجين.

عندما تزفر بأنفك، تُبقي من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تبقيه حين تزفر بفمك، ولذا فإن ممارسة التنفس الأنفي -ما أمكن ذلك- هو الخطوة الأولى. وفضلاً عن ذلك، لتكون أكثر تحكماً في تنفسك، سواء كنت تعالج إصابتك بالربو، أو كنت تحسّن من أدائك الرياضي، عليك أن تركّز على تحسين تحمّلك لثاني أكسيد الكربون. تمرين ‘تنفَّس بلطف‘ من طريقة بوتيكو، التي ذكرتها سابقاً، مناسب تماماً لهذا. (لضمات سلامتك، استشر طبيبك قبل أن تجرب هذا التمرين):

  1. ابدأ بوضعية جلوس مريحة. أبق عينيك مفتوحتين أو، إذا كان ذلك يعينك على التركيز أكثر في النفَس، فأبقِهما مغمضتين.
  2. 2.      بينما تتنفس بلطف بأنفك، لاحظ حجم الهواء الذي تستنشقه وتزفره.
  3. ابدأ بتقليل عمق نفَسك بنسبة 20- 30 بالمئة، إلى الحد الذي تبدأ معه تشعر بحاجة طفيفة إلى الهواء، لكن دون شعور هلع (معدل تنفسك يجب أن يبقى نفسه، في المستوى المريح المعتاد).
  4. إذا خفضت كثيراً من عمق النفَس، إلى حد الانزعاج الشديد، عد إلى التنفس الطبيعي، أعد ضبط النفَس، ثم قلله مرة أخرى.
  5. 5.      جِد توازناً يمكنك معه الشعور بحاجة طفيفة للهواء، ولكن يمكنك الاستمرار في التنفس على هذه الحال مدة 5-10 دقائق.

في ممارستك للتنفس احرص، دائماً، على استرخاء جسمك كله. إذا كنت جديداً في ممارسة التنفس، ابدأ ببطء ولطف، ولا تتقدم إلا عندما تشعر بالارتياح، وإذا ما اعتدت على هذا، يمكنك أن تمارسه كل يوم.

وفقاً لطريقة بوتيكيو، كلما رفعت من تحملك لثاني أكسيد الكربون، سيكون تنفسك أكثر خفةً وأقل مجهوداً، وسيتباطأ متوسط معدل تنفسك. يرجح الممارِسون practitioners أن هذا الإجراء يسهل إطلاق الأكسجين من الهيموجلوبين إلى الخلايا ، فضلاً عن مساعدته في تحسين الدورة الدموية. إذا كان أسلوب حياتك فيه حركة وجهد، فهذه طريقة رائعة لتزيد بها من قدرة تحملك وتؤخر لحظة التعب.

مارس حبس النفَس (مع معلم مؤهَّل)

في اليوغا، استُخدمت ممارسة حبس النفَس المسماة kumbhaka مئات السنين. أشار كثير من الأساتذة إلى حقيقة مفادها أن الممارسة المنتظمة لحبس النفَس قد لا تقتصر نتائجها على تحقيق صحة أفضل، بل قد تؤدي إلى تعزيز قدرة التحمل. تقدم نتائج الدراسات العلمية الحديثة دعماً أولياً لهذا، يبين أن قليلاً من حبس الأنفاس يمكن أن يثير عدة آليات تساعدنا على أن نبقى دون هواء مدة أطول. في أثناء حبس النفَس، ينقبض طحالنا، مُطلقاً الدم الغني جدًا بالخلايا الحمراء الحاملة للأكسجين. كما يُطلَق أيضاً هرمون الإريثروبويتين ، الذي يزيد من كفاءة الميتوكوندريا إضافة على أنه يزيد من عدد خلايا الدم الحمراء.

عند العمل مع الأشخاص الذين يبذلون جهداً حركياً، كثيراً ما أتلقى هذا السؤال: “كيف يمكنني أن أزيد من أدائي (الجسدي) بالتنفس؟” يبدو أن الحبس الواعي للنفَس قد يكون واحداً من أجدى الطرق المتاحة لتحقيق هذا الغرض.

يرتبط الأداء الرياضي بكمية الأكسجين التي يمكن تمريرها واستخدامها ، ويمكن لممارسة حبس النفس أن تبني هذه القدرة.

إن استخدام التدريب على المرتفعات في الألعاب الرياضية لتحسين الأداء البدني يستند إلى مبادئ مماثلة. إن وجودنا في منطقة منخفضة الأكسجين (أو “نقص الأكسجين”) يجبر أجسامنا على التكيف، بحيث يمكننا، بعد عودتنا إلى مستوى سطح البحر، أن نستمتع بفوائد الأداء المرتفع. يحاكي حبس النفس، بصورة فعالة، تلك البيئة. يمكن استخدام تقنية “حبس الزفير” أو “محاكاة الارتفاع” لخفض تشبع الأكسجين في جسمك، ولو للحظة قصيرة فقط في برنامج تدريبي. حتى هذه اللحظات القصيرة في نقص الأكسجين يمكن أن تؤدي إلى منفعة مجدية. وبما أن حبس النفَس تقنية معقدة، فإنني دائماً ما أوصي بتعلمه من معلم مؤهل[4]. سيعلمك معلمك أن تؤدي أقصى حبس للنفس بعد زفير خفيف (تاركًا ما يقارب 30-40 بالمئة من الهواء في رئتيك). للحصول على تدريب آمن وفعال، على معلمك أن يستخدم مقياساً للتأكسج يقيس النبض لمراقبة مستويات الأكسجين لديك.

نقاط أساسية – كيف تتنفس

  • إن التنفس أحد أهم العوامل التي لها تأثير في صحتنا. في الثقافات كلها، استُخدم التنفس قُروناً في طقوس مختلفة، ومعالجات، وممارسات روحانية. يتيح لنا التنفس أن نؤثر في جهازنا العصبي اللاإرادي، وفي كيمياء جسمنا.
  • كثير من تقنيات التنفس المتأخرة[5]، التي تستخدم للعلاج أو في الرياضات لها أصول في ممارسات تقليدية مثل اليوغا. تؤكد الدراسات فعالية الطرق القديمة.
  • الاهتمام بالتنفس الأنفي هو خطوة أولى يسيرة يمكنك القيام بها لتحسّن من عاداتك في التنفس، ولتجلب منافع لصحتك.
  • ·         تطبيق الأنماط الصحيحة للتنفس البطني هو المفتاح لتحسين وضعية وثبات جذعك.
  • إن الطريقة الأبسط لتخفيف التوتر هي بأن تركز على تعلّم تنفس منتظم بسيط. عند استخدامك هذه التقنية فأنت تفعّل وضعيات الراحة والهضم والترميم في جهازك العصبي. يمكن أن يساعد التنفس المنتظم في انتظام الحالة المزاجية، وفي الاكتئاب أيضاً.
  • يمكن تحسين الوظائف الإدراكية والقدرة على التركيز، وذلك بإبطاء النفس. بهذه التقنية يمكننا تحسين الدورة الدموية وزيادة من وصول الأكسجين إلى الدماغ.
  • أداؤك الجسدي يمكن تحسينه، وذلك بإضافة حبس الأنفاس إلى تمرينك. هذه الممارسة البسيطة يمكن أن تعطيك منافع مساوية لما يعطيك إياه التدريب على المرتفعات، ولكن عليك أن تتدرب مع معلّم مؤهل.

تعلّم أكثر

استخدام التنفس وممارسته من أجل الصحة النفسية، ومن أجل التسامي كذلك.

إن اشتغالك بتطوير نفَسك على المستوى الجسدي يمكن أن يعطيك منافع صحية جمة، غير أن تلك هي البداية فقط. يشير عدد كبير من المعالجين إلى حقيقة أن كثيراً من المشاكل الجسدية تنشأ مسبباتها من الحالات النفسية، مثل التوتر المزمن أو المعاناة الناشئة عن صدمة. ليست أجسامنا مجموعة خالصة من الأجهزة التي تعمل مستقلةً، ولكنها شبكة مركّبة من العمليات المتداخلة. فكرة واحدة قد تحفز هرمونات ونواقل عصبية متعددة، مما يغيّر الكيمياء الحيوية في أجسامنا، ومعدل ضربات القلب وتوتر العضلات. يمكن أن تكون ممارسة التنفس واحدة من أكثر الطرق فعالية للعمل في العواطف والحالات النفسية من أجل تحقيق تماسك wholeness وحياة طيبة wellbeing.

إن العلاج التكاملي للتنفس هو حقل من ممارسات التنفس ناشئ عن حركة علاج كبرى في الولايات المتحدة في السبعينيات من القرن الماضي. في ذلك الوقت، تشكلت كثير من مجتمعات الممارسة: ‘إعادة الولادة‘، التي – على أنها قد قد فقدت كثيراً من صيتها، قد كانت مؤثرة- أسسها المؤلف ورائد (العصر الجديد): ليونارد أرر، ‘ممارسة التنفس الهولوتروبي‘  الذي طوره الطبيب النفسي، الباحث في المواد المخدّرة ستانيسلاف غروف، والمعالجة النفسية كريستينا غروف، كما أسست جوديث كرافيتز ‘التنفس التحولي‘ بعد ذلك بقليل. كل واحدة من هذه التقنيات متفردة، لكن ما يجمعها هو أنها جميعاً تقر بوجود رابط بين تنفس المرء وحالته الشعورية.

وعلى أن الحاجة قائمة إلى قدر أكبر من البحث التجريبي، فإن منطق منهج هذه التقنيات هو الآتي: المشاعر المكبوتة أو معاناة الصدمة المكبوتة يمكن أن تخلق توتراً في الجسم. هذا الانسداد في الأنسجة، سواء كانت عضلات أو أربطة أو أنسجة محيطة بالعضلات، له تأثير مباشر على التنفس. بمجرد ملاحظة تنفسك، يمكن لمن يدرّبك على التنفس أن يتتبع السبب الجذري للاختلال. ثم، بتغيير نمط التنفس وتوجيه الانتباه إلى الموقع الصحيح، يمكن إطلاق الحبسة الشعورية أو المعاناة الناشئة عن صدمة، واكتمال دائرتها integrated.

تبدو جلسات التنفس التكاملي integrative breathwork مختلفة شيئاً ما عن ممارسة التنفس في اليوغا (برانايما اليوغا)، قد تستغرق مدة بين 30 دقيقة حتى بضع ساعات، ويمكن أن تكون في جلسات جماعية أو فردية. عادةً ما يتنفس المشاركون بعمق بوتيرة ثابتة دونما توقف بين الشهيق والزفير. يوجه مدرب التنفس العملية بأكملها بإعطاء تعليمات عن كيف تغيّر درجة عمق أو سرعة النفَس. قد يستخدم المدربون بعض الأحيان ‘عملاً جسدياً‘ (بما في ذلك التمسيد)، أو قد يشجعون المشاركين على أن يتبعوا حركة أجسادهم العفوية ، ليساعدوا في إطلاق التوتر المخزون في عضلاتهم.

عند استخدامه مع بعض العملاء، لاحظتُ، كثيراً من الأحيان، كيف يمكن لهذا النهج أن يكون سريعاً وفعالاً. كثير من المشاركين يصفون هذا بأنه واحد من أكثر التجارب التي اختبروها قدرة على إحداث تحوّل. إذا كنت تتطلع لتجربة هذا النوع من العلاج، أقترح عليك أن تبدأ بالتحدث مع طبيبك العائلي لتتأكد بأن ليس عندك مشاكل جسدية أو غيرها مما قد يُحدِث ما يستدعي مراعاته، ثم ابحث عن ممارس موصى به ومعتمد للتنفس الهولوتروبي، أو التنفس التحولي، أو للتنفس الحيوي وإطلاق معاناة الصدمة.

في جلسات التنفس التكاملي، وبالأخص في الجلسات الطويلة، غالباً ما سيصف المشاركون المشاعر غير المعتادة، والتغيرات الحادثة في تصورهم perception. وغالباً ما يكون مجرد خدر خفيف في الذراعين أو الساقين، غير أنها في أحايين أخرى قد يكون شعوراً يشبه تجربة (خروج من الجسد). يُنظر إلى هذه الحالات غير العادية من الوعي أنها يمكن أن تؤدي دوراً مهماً في عملية التعافي كلها. عادةً، يمكن أن تنتج التغيرات الحاصلة في الوعي من أشياء مثل الحرمان من المتع الحسية، التنويم المغناطيسي، درجة الحرارة المرتفعة، الصوم، الحرمان من النوم، المواد (مثل: النباتات، المخدرات، أو الكحول) بل وتنتج كذلك من تغيرات ملموسة (جسدية) في الدماغ. تحت ذلك يمكننا أن ندرج تقنيات تنفس معينة.

لقد اقترح ستانيسلاف غروف تصنيفاً محدداً للحالات غير العادية المتعلقة بممارسة ما سماه، هو وكريستينا غروف، ‘التنفس الهولوتروبي‘. كان ستانسيلاف هو المؤسس لـ ‘علم نفس التسامي‘، وقد كان يدرس حالات التغير الحاصلة في الوعي منذ 1954 باستخدام LSD. وعلى إثر المنع المفروض على أبحاث LSD في الستينيات، بحث هو وكرستينا عن طريقة لتحفيز حالات الوعي غير العادي، ولاختبار ما إذا كان ممكناُ استخدامها لأغراض العلاج في الطب النفسي. وفي تلك الحقبة كان اكتشافهم ممارسة التنفس، بوصفها مدخلاً آمناً ومنضبطاً يتوصّل به إلى حالات وعي غير عادي.

لقد سكّ آل غروف مصطلح ‘الحالات الهولوتروبية‘ ليصوّروا به ما يحدث في جلسات التنفس الممتدة، إذ  holos تعني: ‘كل‘، و trepein تعني: ‘السعي إلى‘، يحاججان في أن الحالات الهولوتروبية ليست أمثلة على تخدير الحواس وحسب، لكنها لحظات يمكن أن تؤدي إلى تغيرات عميقة في الوعي، وإلى تطور شعوري، وتعافٍ، وتسامٍ على الأنا، أو، حتى، إلى إحساس بوحدة كونية مع كل الكائنات الواعية. لقد رأيت بأم عيني كيف يمكن لهذه الحالات أن تكون مفيدة جداً لنا؛ توفر نظرة ثاقبة لأنفسنا وحتى لطبيعة الواقع. ليس بوحي طبعاً. لقد استخدمت الثقافات الأصلية ما قبل الصناعية الحالاتِ غير العادية في مختلف الممارسات الدينية، والطقوس، ووسائل التعافي، وطقوس العبور، والإجراءات الشامانية، بله ولتلقي الإلهام والأفكار. إن المجتمع الغربي الحداثي هو الذي اعتبر هذه الحالات حالات مَرضية، واصماً إياها بالبدائية وعدم الأهمية. غير أنه بغير فهمنا الحالات غير العادية، لا يمكننا اكتشاف كامل الإمكانات العلاجية للتنفس.

كثيراً ما اختبرت[6] في جلسات التنفس مشاعر متسامية. مرّت لحظات قد شعرت فيها بنعمة لا حدود لها وبفرح غير مشروط. غالباً ما كان هذا مصحوباً بفهم عميق لما أنا عليه الآن، وإلى أين أنا ذاهب بعد ذلك، يشمل هذا العثور على إجابات كانت قد شغلتني زمناً طويلاً.

بعد عدة جلسات، كنت أشعر بأني أكثر هدوءاً، وبطمأنينة أياً ما كان الموقف الذي كنت فيه. الألوان وملمس الأشياء بدت لي أكثر حيويةً، وصار سمعي يلتقط ترددات أكثر من المعتاد. إنني أعدّ ممارسة التنفس واحدة من أكثر العلاجات فاعلية، ذلك أنك تستطيع أن تحس بالتغير وتختبره، لا أن تتعامل مع ما مشكلاتك على أنها مفاهيم (مجردة).

غالباً ما يُنظر إلى ممارسة التنفس على أنها وسيلة للتخفيف من الشعور بالانزعاج، وللشعور بتحسّن – جسدياً، وشعورياً، ونفسياً. لكني أعتقد بأنه أكثر بكثير من كونه مجرد ‘كبسولة سعادة‘.   إنها بوابة للتعرف بعمق على طبيعتك ووعيك، تتيح لك إمكانية اكتشاف، وبالتالي فهم، مناطق من العقل ليست متاحة لآخرين. لا طبيب، ولا معالج، ولا عالم يمكنه أن يصل إلى ما يمكنك الوصول إليه بهذا الاستقصاء المستبطن. إذا أثار هذا الدليل رغبتك، سواء رغبت بالتعرف على أبسط تمارين التنفس، أو على طرقه الأكثر تقدماً، فسأقول بأنه يُفضّل دائماً الاستعانة بمعلّم جيد.

كثير من الممارسات الخفيفة يمكن تعلمها في فصل يوغا، أو حتى في فصل عن بُعد. لتجربة أعمق، مثل ممارسة التنفس التكاملي، ستحتاج إلى مدرّب تنفس يرشدك أثناء الجلسة.

روابط وكتب

في حديثه في تيدكس ‘Breathe to Heal‘  (2015) شرح ممارِس التنفس، الخبير ماكس ستروم منافع التنفس كممارسة مقصودة.

إن كنت سأوصي بكتاب واحد عن ممارسة التنفس، لأولئك الذين لا علم لهم بهذا الموضوع، فسيكون كتاب Breath: The New Science of a Lost Art  (2020) لجيمس نيسور. لقد استقصى جميع أنواع ممارسات التنفس، وكتب رؤية موضوعية في هذا المجال.

يمكنك أن تسمع من نيسور مباشرة في حلقة في 2020 من بودكاست جو روغان: Experience، أُستضيف فيها.

كما أوصي بـ Breath Mastery، مدوَنة ملهمة حقاً لأحد رواد التنفس الحديث دان برول.

لقراءة أكثر عن التنفس في سياق حالات الوعي غير العادية، ستجد أفكاراً رائعة عما يحويه من إمكانيات للتعافي التحول في كتاب Holotropic Breathwork: A New Approach to Self-Exploration and Therapy  (2010) لستانسيلاف غروف و كريستينا غروف.

لتتعلم أكثر كيف يمكن أن تساعدك تمارين التنفس على الربو، راجع موقع Buteyko Clinic International، الذي يحوي على مكتبة واسعة من الدراسات الطبية.

هذا ليس كتاباً سهلاً، ولكنه دليل ممتاز إلى تقنيات pranayama التقليدية: كتاب Light on Pranayama: The Definitive Guide to the Art of Breathing  (2013)، لواحد من أكثر معلمي اليوغا في العالم احتراماً: ب ك آينغر.

إخلاء مسؤولية

إننا نعمل جاهدين لنوفر لك أكثر المعلومات توثّقاً، وخبرة، وجِدّة في علم النفس والصحة النفسية في أدلتنا الإرشادية. يمكنك أن تتعرف أكثر هنا كيف نتأكد من كونها مصادر موثوقة من المعلومات. يقدَّم هذا الدليل الإرشادي بوصفه معلومات عامة فقط، وهو ليس بديلاً عن نصيحة طبية مهنية ومستقلة، مصمَمة لحالاتك الخاصة. إذا كنت تعاني من صعوبات نفسية، فإننا نشجعك على طلب مساعدة من مصدر مختص.


[1] مارتن بيترس (مؤلف هذه المقالة) معلم تنفس وتأمل. تقع اهتماماته الأساسية في مجال التنفس التكاملي، والممارسات الكلاسيكية لليوجا: في التأمل البوذي التيبتي والهندي، مع تركيز ثانوي على المناهج ذات الأساس العلمي من مجال الغوص الحر والتدريب على المرتفعات. يعيش في لندن.

[2] على منافعها الكثيرة، فإن هذه الممارسات قد يُبالغ في تقدير منافعها أو التقليل من مخاطرها المحتملة (المترجمة). انظر:

المخاطر المحتملة للتيقظ الذهني: psychologytoday.com/us/blog/mindfulness-insights/202107/the-potential-dangers-mindfulness

وبوسع من يهتم بالاطلاع على وجهة نظر أخرى أن ينظر في كتاب (McMindfulness: How Mindfulness Became the New Capitalist Spirituality)  (المترجمة)

[3] هذه محاولة متعثرة لترجمة النص أدناه. (المترجمة)

[4] هذا -على ظاهر منفعته- قد يجعل من ممارسات التنفس مجالات عمل محصورة، تتحصل بالتدريب المهني، ومرتبطة بالتحقيق المربحة. (المترجمة)

[5] الحديثة (المترجمة)

[6]  التجارب الفردية لا تقدم دليلاً من أي نوع على جدوى أو أثر هذه العلاجات. وهناك من ينتقد أو يمنع إيراد (قصص النجاح) عند التعريف بالعلاجات البديلة. وقد أخبرتني ممارسة (ريكي) مرخصة في بريطانيا أن التزاماتها المهنية والقانونية تمنعها من إيراد (قصص النجاح) في موقعها، أو حكايتها لعملائها (المترجمة).