مجلة حكمة
الحب السائل هشاشة الروابط الانسانية .. حوار مع زيجمونت باومان

الحب السائل: هشاشة الروابط الانسانية .. حوار مع زيجمونت باومان

حاورهفيونا أتوود
ترجمةمحمد العربي العياري

*تُشير في كتاب “الحب السائل” إلى أن الروابط الإنسانية أصبحت هشّة ومُؤقتة. هل ما زلت مُتمسّكا بنفس وجهة النظر هذه؟

**باومان: يتمحور قلق الناس اليوم، قبل الدخول في علاقات مُلزمة، حول كيفية الخروج منها. عندما يُقرر اثنان من الناس أن يعيشا سويًا، يكون الشعار: سنرى كيف ستجري الأمور.  هذا ما يجعل من تلك العلاقة هشة. إذ أنه لو أقسم كل منهما بالولاء للآخر، حينها، حتى عندما يُواجهان الصعوبات، سوف تلتقي شخصيتان وسلطتان.  إذ عليهما الجلوس والتفاوض حول ماضي كل منهما وأصدقائه وعاداته. هذه الأمور دائمًا دراميّة جدًا. في الماضي لم يكن الطلاق منتشرًا إلى هذا الحد. أما الآن فقد أصبح أمرا روتينيًا، لا مشكلة. تريد الطلاق، حسنًا لنحصل على طلاق. هذا كل ما في الأمر. وأغلب الحالات تحدث في السنة الأولى من الزواج.   

*حسب رأيك، لماذا؟

**باومان: لقد فقدنا الرومانسية، فالناس لم يكن لديهم الوقت للتفاوض حول كونهم معًا. كيف يعيش أحدهم مع الآخر لمدة أربع وعشرون ساعة في اليوم وسبعة أيام في الأسبوع. إذا كنت تعرف أن الانسحاب يجري بسهولة بالغة، حينها، حتى الخلافات البسيطة لن يكون من السهل تجاوزها ونسيانها، وسوف تغدوا الخلافات والصعوبات التافهة، خلافات جذرية. لذا فالأمر ميؤوس منه. أتذكر الوقت الذي كنت فيه تشتري أداة ما بنيّة الحفاظ عليها لعدة سنوات. إذا توقفت تلك الأداة عن العمل، يُمكنك دائمًا إصلاحها. أما الآن، إذا تعطلت، فسوف تشتري آلة جديدة. إن لم تتطابق المنتجات التي نشتريها، مع توقعاتنا، أو إذا شاهدنا على التلفاز أو الفيسبوك أو الإنترنت أو أي شيء آخر، أن الكل يسعى للحصول على الأدوات الأفضل، فلن يبقى حينها سبب لعدم استبدال ما نمتلك. كلما زادت سهولة ربط العلاقات وانهاءها، كلما ازدادت الهشاشة. نحن بصدد خسارة المهارات اللازمة لجعل علاقاتنا مستقرة، فالحب ليس شيئًا نعثر عليه، بل نجتهد في صُنعه وإعادة صُنعه. والوصفة الملائمة، هي أن نبذل قصارى جهدنا حتى لا يفرّقنا سوى الموت. هي مهمة مُستمرّة ما دمت حيًا، وليست شيئًا يمكنك أن تجده أو أن تدمره أو أن تحصل عليه من خلال موقع للمواعدة.    

*ما ذا تعني ب: الحب ليس شيئًا نجده، بل نجتهد في صنعه وإعادة صنعه. والوصفة هي أن نبذل قصارى جهدنا حتى لا يفرّقنا سوى الموت فعلًا؟

**باومان: يعيش الناس تناقضات جوهرية، إذ هناك تعارض بين رغبتنا فيما هو سهل ومريح في الحياة، ونتوق في نفس الوقت الى الحميمية والحب الحقيقي. هناك تعارض بين الاثنين.  تتمثّل فكرة التقدم في الوقت الحالي، في التخلص من المشاكل وجعل الحياة أكثر سهولة، والحصول على نتائج آنيّة، كالقهوة سريعة التحضير: تسكب المسحوق، تُدير فوقه الماء، تشربه، وانتهى الموضوع. لذا: إجابتي هي أن الروابط الإنسانية أصبحت هشُة وعابرة بشكل متزايد. ولتعلمي أيضًا أن الأبحاث تُؤكد ذلك، فأنا لا أخترع هذا كما أنني لست واهمًا. ومن الحقائق الصعبة – في أمريكا، التي دائمًا ما تتصدر موجة التقدم – أن 80% من الزيجات تنتهي بالطلاق، هذا بالنسبة للزيجة الأولى، إذ تزداد النسب مع الزيجات الثانية والثالثة. يحدث الطلاق الأول بصعوبة ويأتي الثاني بصورة أسهل قليلا، بينما يكون الثالث خاليًا من أية صعوبات. يبدو أن 40% من الأطفال في أمريكا يولدون في بيت بلا أب. وحوالي 60% يخوضون تجربة العيش دون أحد آبائهم في وقت ما من سنوات حياتهم.   

هناك رغبة في العلاقات الحميمية العميقة، لأن تكون كل لحظة اتحاد اثنين، بمثابة لحظةً أزليّة، تدوم إلى الأبد. لكن في اليوم الموالي، يستيقظ الناس ويجدون أن الفكرة مُفزعة. ألا يُمكن التخلص من تلك العلاقة في حال لم تسر الأمور بشكل جيد؟ هذا ما يزعزع استقرار تلك اللحظات السعيدة. هذا هو التناقض بعينه. من ناحية، أُريد الأمان: أريد على الدوام أن أمتلك خيار الانسحاب. فإن لم تجرِ الأمور على ما يرام، لست ملتزمًا إلى الأبد. أستطيع أن أبدأ من جديد، ودائمًا توجد فرصة لحياة أخرى وهويّة أخرى. من ناحية أخرى، إن فكرة اجتماع هويتين معًا ليُكمّل كل منهما الآخر، هي تجربة شديدة العمق، مُشبعة ومُرضية جدًا. الآن، كيف لنا أن نوفق بين الناحيتين؟ لا يوجد ما يسمح لك من أن تستمتع بالاثنين سويًا. فكما يقول المثل الإنجليزي، لا تستطيع أن تمتلك الكعكة..

*وأن تأكلها؟

**باومان: نعم، لا تستطيع. لذلك ستجد نفسك دائمًا في اللحظات التي تشعر فيها أنك راضٍ كليًا، تشعر بقلق خفي بأن الخيار الآخر في خطر. لا يمكنك الحصول عليه في الوقت ذاته. أُذَكّر أنه مهما كان اختيارنا، فإننا نكسب شيئًا ونخسر الآخر، فلا يوجد طريقة أخرى. لسوء الحظ لا يمكنك الحصول على كل شيء. لذا نجد الناس في حالة من التأرجح والتردد. فهم يتأرجحون بين حاجتين متساويتين في القوة داخلنا.  

*هل تُوجد أيُة تغيرات إيجابية في العلاقات والصلات الإنسانية؟

**باومان: أنا لست متأكدًا ما إذا كان هذا إيجابيًا أم لا. هناك طرائق علاج بديلة.  هي بدائل لا تحل المشاكل، بل على الأغلب تُخفيها تحت السجادة، حتى تخلق شعورًا بأن كل شيءٍ على ما يرام، وتتناسى ما هو ليس على ما يرام اجتماعيًا لكنك فقط تحررت من عبء التفكير فيه.

*تُجادل بأننا الآن بصدد الدخول في عصر يُجلّ الاتصالات بشكل أكبر من العلاقات الاجتماعية، وتحدثت عن الطريقة التي تمكنت من خلالها التكنولوجيا من جعل الروابط «أكثر تواترًا وأكثر ضحالة، وأكثر كثافةً وأكثر اقتضابًا». وقد كان هذا قبل ظهور الفيسبوك في 2004 وتويتر في 2006، فكيف ترى وَقع التطور التكنولوجي على علاقاتنا منذ أن كتبت «الحب السائل»؟  

**باومان: لقد خلق الفيسبوك شيئًا مختلفًا: يمكنك الحديث، يمكنك المخاطبة، يمكنك محاورة شخص، حتى وإن كان هذا الشخص يبعد عنك مئات الآلاف من الكيلو مترات، لأربع وعشرين ساعة يوميًا على مدار الأسبوع. يمكنك التأكد من أنك ستجد دائمًا شخصًا ما مستعدًا لاستقبال رسائلك وحتى الرد عليها. عندما تكتب على تويتر إلى آلاف الناس في نفس الوقت، فإنك لا تكتب لشخص واحد أوصديق أوحد لا يمكن استبداله. على العكس من ذلك، من تكتب إليه قابل للاستبدال بمئات آخرين. كل ما في الأمر أنك ستتواصل مع أحدهم أو تقوم بإضافته على الفيسبوك. البعض يتفاخرون اليوم بالقدرة على كسب 500 صديق في يوم واحد. طيلة حياتي كلها لم أصنع 500 صديق، وقد عشت نحو تسعين عامًا. لذا فكما تعلمين، هناك فرق.  

 لا يعني هذا ضرورة أنهم لم يعودوا وحيدين. في الحياة الواقعية، هم مهدّدون من قِبَل وضعهم الاجتماعي الذي اكتسبوه من خلال اجتهادهم في عملهم، وقد يختفي هذا الوضع في أية لحظة باختفاء شركاتهم التي لطالما بذلوا لها كل حياتهم. ربما تختفي هذه الشركات داخل أخرى أكبر، وقد تخسر كل شيء. لذا فالخوف من أن يتم التخلي عنك أو أن تصبح مستبعدًا أو مطرودًا من بيتك هو خوف حقيقي وليس متخيلًا. في الواقع سيتوجب عليك أن تعيش وحيدًا. الآن يتحول الصغار إلى بالغين، يعيشون نوعًا مختلفا من الحياة، ليس لديهم مستقبل، ولا مهنة، هم دون آفاق. لكنك إذا جلست أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك، يمكن أن تنسى ذلك. هذا ليس رابطًا اجتماعيًا بل اتصالًا. ولكن الانفصال عن الناس يشكل أيضًا صعوبة. طبقًا لأحدث الأبحاث، فإن متوسط عدد الساعات التي يقضيها الفرد أمام الشاشات لا البشر، هي سبع ساعات – وهو نصف الوقت الذي يكون فيه مستيقظًا. يتضمن هذا جميع أنواع الشاشات سواء كان كمبيوتر محمول أو مكتبي أو هاتف محمول أو جهاز آيباد. فنحن لا نفارق الشاشات. نحملها معنا أينما ذهبنا. فإذا نسيتها، تشعر وكأنك نسيت ملابسك. لذا، فإن الوهم هو أننا لسنا وحيدين. لكن في ذاك العالم الافتراضي الذي نعيش فيه، نضع قلقنا جانبًا. نعم، نتناسى هذا القلق، لأن الضغط المصاحب لكونك على الدوام متصلًا بمئات الأشخاص يساعد على إخماد القلق بشكل مؤقت.     

*صرحت بأن الناس لديهم انطباع واهم بأنهم متصلون ببعضهم البعض. فهل تعتقد أن التكنولوجيا قد تصبح طريقة لإنشاء رابط حقيقي، أم أنها مجرد أوهام؟ هل يُعدّ هذا وهمًا بالتواصل والاتصال؟

**باومان: تختلف القواعد إذا ما كنت متصلًا بالإنترنت أم لا. على سبيل المثال، هناك مشكلة كبيرة اليوم وهي الهجرات الضخمة لأعداد كبيرة من الناس. فجأة، تجد أن البيئة التي اعتدت عليها قد تغيّرت بالكامل، شخصيتها تتغير، لتجد أناسًا بلغات مختلفة وعادات مختلفة وطرائق عيش غريبة عنك. لذا، حتى لا تفقد توقعاتك التي ألفتها والتي جعلت حياتك على الأقل تتسم بالأمن واليقين، تُريد من جيرانك أن يصبحوا بشكل أو بآخر مألوفين لك. فتتعلّم من سلوكهم ما يجب عليك توقعه منهم، بماذا يُفيدونك، وكيف يمكن أن يضرّوك. فجأة يصبح هناك أعداد مهولة من الأغراب الذين تصعب قراءتهم، إن جاز التعبير. وهم أيضًا يعيشون الآن في عالم متعدد المراكز، حيث لا يوجد مبدأ أو هرمية أو قيم أو تفضيلات ثابتة ومستقرة. تصبح أمام وجهات نظر متناقضة. فكل فريقٍ يمدح ما يُدينه الآخر. ولكل أطروحة، نجد أطروحة مضادة. في جوٍ عام مليء بالخسارة ومشروط باللايقين، لا تعرف كيف يجب أن تتصرف. وستجد أنك بمجرد أن تخرج من منزلك أو تتنزه في الشوارع أو تذهب لمكان عملك أو جامعتك أو مدرستك، أنك في هذا العالم غير المتصل بالإنترنت معرض لهذا تحديدًا، لهذا التنوع الهائل. رسائل متنوعة تُخبرك بشكل شخصي في نهاية المطاف، لتحاول أنت التوفيق بينها ولتحاول إيجاد طريقك بين الإشارات المتضادة. ولتقوم بالاختيارات التي ستبني عليها لاحقًا مسؤولياتك.

مارك زوكربيرغ مالك الفيسبوك- كما تعلمين -قد جنى 50 مليار دولار في البورصة، كيف؟ لأنه استغل خوفنا من الوحدة. نجاح الفيسبوك شديد البساطة. ولا يخفى على أحد. خوف الناس من الهجران هو منجم الذهب الذي وضع مارك زوكربيرغ إصبعه عليه. والفيسبوك هو الطريقة التي تمكننا من البقاء متصلين حتى وإن كنا وحيدين. هذه واحدة من العمليات الحاصلة. العملية الأخرى هي المتاجرة. إن هشاشة الروابط الإنسانية التي ناقشناها تجعلنا نشعر بالذنب. كيفما عالجنا الموضوع أو عرضناه، نشعر بالذنب. ينفصل الآباء ليصبح أطفالهم لا هنا ولا هناك. نحن نحب أطفالنا، أليس كذلك؟ ونريد لهم الأفضل. إذا كنا لا نتصرف كما ينبغي، وكما يملي علينا شعورنا بالحب، سنشعر بتأنيب الضمير. بإمكانك شراء المهدئات. فقط اذهب إلى أي متجر، واشترِ هدية لطفلك. أعتقد أنها ستعمل كمهدئ.

*إحدى التغيرات الدرامية في المجتمع الغربي في السنين الأخيرة تتمثّل في منح المساواة للمثليين. مؤخرًا أصبح زواج المثليين ممكنًا في المملكة المتحدة ولأول مرة. كيف ترى وتفسر تلك التغيرات؟

**باومان: عندما كنت طفلًا، تعلمت أن الزواج يتم مرة واحدة، لتدوم تلك المرة إلى الأبد. لم يكن هنالك سؤال حول ذلك. هذه هي الفكرة من الموضوع. الآن أصبح الزواج والأزواج والمنزل كفكرة النُزُل. بإمكانك المجيء والرحيل. لماذا لا نسمح إذًا بزواج المثليين في ظل هذا التحول؟ بإمكانهم أيضًا أن يكون لهم أبناءً بالتبني أو ما شابه. إذن كل شيء متاح. لماذا لا نسمح للناس بأن يلعبوا دور العائلة؟ هذا حق عالمي من حقوق الإنسان. واليوم تتم الموافقة عليه تدريجيًا. لم يعد الأمر كما كان في السابق قضية ساخنة، فالكثير من الدول الآن تتقبّل تلك الإمكانية. أعتقد أنه من المحتمل جدًا أن يصبح الأمر، على الأقل في منطقتنا الثقافية، عامًا وشاملًا. بالطبع هناك دول إسلامية من المستبعد جدًا أن يحدث فيها مثل هذا الأمر. وضع النساء هناك هو الأكثر أهمية. لا يسعك أن تتجاوز عدة مراحل. ربما – وهذا ليس أكيدًا فأنا لست نبيًا – ستصل فكرة زواج المثليين تلك الأماكن. ولكن يبقى هناك عدة مراحل عامة يجب اجتيازها أولًا، والأهم بين تلك المراحل هي مساواة النساء.    

*تحدّثت في «الاستخدامات ما بعد الحداثية للجنس» (1998) عن كيفية انفصال الإيروتيكية عن الإنجاب والحب، وارتباطها باللذة والحس، وأنه قد نتج عن هذا قلق عظيم بدلًا من الرضا. وتحدثت بشكلٍ محدد على «شبح الجنس» الذي يطارد علاقات البالغين بالأطفال، فكيف ترى تطور هذا الجانب من ثقافتنا في المملكة المتحدة في السنين الأخيرة؟

**باومان: هل تتذكرين ميشيل فوكو؟ كتب ميشيل فوكو عن كل هذا. كان هناك ذعر من الاستمناء. حيث يشير إلى أن الأطفال فاعلين جنسيًا، وليسوا مفعولًا بهم. بالطبع لم تكن الفكرة مدعومة من قِبَل السلطات الطبية – فقد كان الاستمناء ضارًّا للغاية، ويسبب العديد من التشوهات النفسية والعقلية وأنواع الأمراض المختلفة – وقد كانت الرسالة أنه إذا ظهر على الأطفال ميول لمثل هذه الممارسات السيئة والمؤذية جدًا، وجب على الأسرة، الأب والأم، متابعتهم بشكل دوري. هذه هى فكرة “البانويتيكون” أو المراقبة. يجب أن يكون باب غرفة الطفل مفتوحًا دائمًا. لا يجب أن يوصِد الأطفال أبواب الحمامات على أنفسهم. تساءل ميشيل فوكو عن فائدة هذا؟ حسنًا، فائدته أنه يزيد من سلطة الأهل. فقد كان هذا زمن العائلة المَرَضية. كان ذلك عذرًا جيدًا للقيام بتلك الممارسات المَرَضية. لمراقبة كل خطوة يخطوها الأطفال والتحكم الكامل في حياتهم. أما الآن فقد انتهى الذعر من الاستمناء، ليحل محله الذعر من الاعتداء على الأطفال. الاعتداء الجنسي على الأطفال. ولكن من الجاني؟ ومَن الضحية؟ جنسانية البالغين والآباء هي التي تمثل المشكلة الآن. فما الأطفال إلا مفعول بهم لرغبات وشهوات الأهل والبالغين. فالأمر أن الآباء الآن يبتعدون عن الأطفال. دعهم يهتمون بشؤونهم – دعهم يوصدون أبواب غرفهم بإحكام. أعطهم الحرية ليتّبعوا غرائزهم. ولأنك إذا أردت التدخل، سيعني هذا أنك تريدهم أن يتبعوا غرائزك أنت.