مجلة حكمة
الإسهامات العلمية

ما هي الإسهامات العلمية وكيف نكتبها؟   

الكاتبعبد الله البريدي

هنالك غموض وتشوش عند الكثير من الدارسين وبعض الباحثين حيال الإسهامات العلمية Scientific Contributions  من حيث ماهيتها وأنواعها وتدوينها في الأبحاث المحكَّمة أو في الرسائل العلمية في برامج الدراسات العليا، بجانب اشتباك هذا المفهوم مع عدة مفاهيم أخرى (مثل مفهوم الأصالة وأهمية البحث)؛ مما دفعني إلى كتابة هذا النص المختصر الذي أعرض فيه خريطة لـ الإسهامات العلمية، بما يجعلها سهلة المأخذ من حيث الفكرة، ومتأتية من حيث التطبيق. وسوف أعالج هذا الموضوع عبر الإجابة عن عدة أسئلة متسلسلة تبرز الأبعاد الرئيسة لهذا الموضوع وتيسرها،  وذلك كما يلي:

أولاً: ما الإسهامات العلمية؟

تتسم المعرفة العلمية بخاصة التراكمية التعاقبية الرأسية (بخلاف المعرفة الفلسفية المتسمة بخاصية التراكمية التزامنية الأفقية)، كما لو كان العلماءُ في سباقِ تتابعٍ، كلُ يقطع بعض المسافة بأكبر جهد ممكن، ثم يُسلم الراية لمنْ بعده، وهكذا في عمل يُكمِّل بعضُه بعضاً. هذا هو نهج العلم في المجتمعات المتقدمة القوية أو التي تروم أن تكون متقدمة قوية.  إذن، يجري تطوير العلم عبر مراكمة النتاج البحثي الرصين في قالب بِتنا نسميه بـ “الإسهامات العلمية”، وهذه المراكمة تنبني على النتاج السابق (=رأسي تعاقبي تجاوزي)، والسعي لتطويره في جانب أو آخر؛ وفق مقاربة منهجية ناجعة دقيقة.

ثانياً: ما أنواع الإسهامات العلمية؟

ثمة جدل حول تصنيف الإسهامات العلمية في الأدبيات كما هو معروف، بيد أننا سنضرب صفحاً عن هذا الجدل، لنبلور تصنيفاً دقيقاً من جهة، وواضحاً من جهة ثانية. وللظفر بمثل هذا التصنيف الدقيق الواضح، سنجعل هذه الإسهامات  في نوعين كبيرين وهما:

  1. الإسهامات النظرية: وهي الإسهامات ذات الطبيعة التنظيرية Theoretical أو المفاهيمية Conceptual  أو المنهجية Methodological ، حيث تتضمن هذه الإسهامات مكوناً جديداً في أي من هذه المسارات في مستويات متفاوتة من الأصالة Originality  والتأثير Impact على بِنية العلم في حقل معرفي أو آخر، وتتخذ هذه الإسهامات العديد من الأشكال. وتجدر الإشارة إلى أن البعض قد يفصل الإسهامات المنهجية ويضعها في نوع خاص بها، وهذا سائغ بلا شك، إلا أنني أرى أنها ذات طبيعة تنظيرية في جوهرها، مما يجعلها داخلة في هذا الصنف العام، وفي هذا قدر من التيسير.    
  2. 2-    الإسهامات التطبيقية: وهي الإسهامات ذات النزعة التطبيقية Empirical / Applied، حيث لا تقدم هذه الإسهامات أيَ مكونٍ جديد ذي طبيعة تنظيرية أو مفاهيمية أو منهجية، بقدر ما تسعى إلى تطبيق العلم القائم (نظرية/نموذج/دراسات سابقة) في دراسة ظاهرة أو موضوع ما، ولهذا النوع العديد من الأشكال أيضاً.

ثالثاً: ما أشكال الإسهامات النظرية؟

سبق القول بأن الإسهامات النظرية تقع في ثلاثة مسارات: تنظيرية، مفاهيمية، منهجية، على أنها تختلف من حيث النوع والكم، فبعضها يكون إسهاماً كبيراً لا يطيقه إلا كبار المنظرين والعلماء والباحثين، الذين أمضوا أوقاتاً كافية في ميادين العلم والبحث والاستقصاء في مجالات معرفية محددة وفي دراسة ظواهر أو موضوعات معينة، وبعضها يكون إسهاماً متوسطاً أو محدوداً.

سوف نعمد إلى ذكر أهم الأشكال التي يمكن أن تتمظهر فيها الإسهامات النظرية، مبتدرين بالإسهامات الكبيرة فالمتوسطة فالمحدودة، مع ملاحظة تداخل بعض الأشكال من عدة جوانب، مع طرح الأمثلة العملية لمزيد من الإيضاح:

  1. الإسهامات المنهجية:
  2. إنتاج منهجية علمية جديدة، مثل اقتراح عبدالوهاب المسيري لمنهجية النماذج التفسيرية كما في عمله الموسوعي، وكاقتراح بارني جلاسر وآنسليم ستراوس لمنهجية النظرية المجذرة Grounded Theory كما في كتابهما: اكتشاف النظرية المجذرة، 1967.
  3. تطوير منهجية علمية  قائمة، وقد يكون هذا التطوير:
  4. جوهرياً أو متوسطاً، ويكون كذلك إذا كان في بِنية المنهجية ذاتها، كما لو طوَّر باحثُ منهجية النماذج التفسيرية السابقة بأن أضاف عليها أبعاداً  منجهية محورية، أو سعى في بلورتها بقالب منهجي أكثر إحكاماً وتكاملاً من حيث البعد الإجرائي الأساسي للمنهجية، ومثل ذلك إضافة جوليت كوربن على منهجية النظرية المجذرة، حيث وضعتْ كتاباً مع ستراوس عام 1990، وفي عام 2008 حُدِّث الكتابُ في طبعة ثالثة، ونظراً لإسهامها الجوهري في هذه الطبعة فقد أصبحتْ هي المؤلف الأول، وهذا له دلالاته من جهة الإسهام ومن جهة العدالة والاحترافية والدقة في تثبيت الإسهامات للمؤلفين، وفق العمل والجهد، لا الاسم أو الأسبقية أو نحو ذلك، وفي هذا درس مستفاد.
  5. ب‌-  محدوداً، ويكون كذلك إذا كان في إيجاد إجراءات تفصيلية أو شكلية للمنهجية، ويدخل في ذلك أتمتة المنهجية عبر اقتراح برنامج حاسوبي لمعالجتها (تجدر الملاحظة أن المعالجة الحاسوبية قد تعد إسهاماً نوعياً من الجانب التقني وهذا له مساره الخارج عن نطاق اهتمامنا هاهنا، وأما إن كانت المعالجة تتضمن تطويراً ملموساً في الجانب الإجرائي الأساسي فهو داخل في عِداد التطوير المتوسط).
  6. الإسهامات التنظيرية:
  7. وضع نظرية Theory أو نموذج Model تفسيري جديد، مثل وضع  فريدريك هرزبرج  لـ نظرية ذات العاملين في مجال الرضا الوظيفي، وكما فعل عبدالوهاب المسيري في ابتداعه لـ نموذج العلمانية الشاملة، كما في كتابه الشهير: العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة 2002.
  8. دمج أكثر من نظرية أو نموذج لإنتاج نظريات أو نماذج أكثر شمولية وتكاملاً وتفسيرية، مثل دمج نموذج العلمانية الشاملة للمسيري مع نموذجه في الجماعات الوظيفية بما يؤدي إلى إنتاج نموذج أكثر تكاملاً وذي قدرة تفسيرية أكبر.
  9. تطوير نظرية أو نموذج قائم، وقد يكون هذا التطوير:
  10. جوهرياً، مثل إعادة بناء النظرية أو النموذج أو إضافة أبعاد جديدة ذات قيمة تفسيرية وتنبؤية عالية، مثل تطوير نموذج العلمانية الشاملة لتفسير ظواهر جديدة أو تفسير العلمنة الشاملة بشكل أكبر وأعمق.
  11. ب‌-  متوسطاً، مثل إضافة متغيرات Variables محورية حاسمة أي لها قدرات تفسيرية أعلى سواء أكانت مستقلة أو تابعة أو وسيطة أو معدلة.

ج- محدوداً، مثل إضافة متغيرات محدودة القيمة التفسيرية أو معتادة مثل المتغيرات الديموغرافية ونحوها مما لا يتطلب جهداً تنقيبياً بحثياً كثيراً.

  • الإسهامات المفاهيمية:
  • توليد مفهوم علمي  “بنائي” جديد؛ وفق الصنعة الاصطلاحية (مثل سك عبدالوهاب المسيري لمفاهيم المرجعية المتجاوزو والمرجعية الكامنة، وكما فعل طه عبدالرحمن في نحت مفاهيم الترجمة المقصدية والترجمة المصدرية، إذا تمتاز هذه المفاهيمُ جميعُها بالعمق والدقة والإلهام للأفكار والممارسات).
  • تطوير في مفهوم علمي قديم، وقد يكون هذا التطوير:
  • جوهرياً بما يجعل المفهوم بعد التطوير قادراً على التوصيف أو التفسير أو التنبؤ بشكل أفضل، ومثال ذلك ما قام به المسيري، حيث طور مفهوم العلمانية تطويراً جوهرياً، عبر تقسيمه إياه إلى: علمانية جزئية وعلمانية شاملة، ونجاحه في تركيب المفهوم وإعادة تركيبه وفق نموذج تفسيري يتجاوز محدودية التعاريف الضيقة.
  • محدوداً بما يجعل المفهوم أكثر دقة أو إحكاماً أو ملاءمة وفق الاعتبارات الاصطلاحية أو اللغوية أو الثقافية.

رابعاً: ما أشكال الإسهامات التطبيقية؟

للتيسير يمكن القول بأن كل ما لا يدخل في الإسهامات النظرية هو داخل في الإسهامات التطبيقية. هذا توصيف مفيد بلا شك، غير أنه توصيف سالب، فما التوصيف الموجب؟ قبل عرض توصيف الإيجاب، من المهم إعادة التأكيد على أن الإسهامات التطبيقية هي دون الإسهامات النظرية من الزاوية المعرفية إذ هي أقرب إلى رجع الصدى أو التكرار مما يضعف من إمداداتها للتراكمية المعرفية، على أن هذه الإسهامات التطبيقية تتفاوت أيضاً فيما بينها من جهة أهميتها ونجاعتها العملية. وأهم أشكال الإسهامات التطبيقية ما يلي: 

  • إجراء بحث للتحقق Verification من صحة أو دقة أو شمول نظرية/نموذج معين، وعادة ما يكون هذا البحث كمياً Quantitative ، حيث يجري اشتقاق متغيرات وتبنى فروض بحثية معينة في ضوء النظرية/النموذج، ثم تُجمع بيانات وتُحلل إحصائياً ويخلص إلى القول بتحقق النظرية/النموذج أو العلاقة بين المتغيرات المختبَرة أو عدم تحقق ذلك أو عدم الوصول إلى نتائج حاسمة في ذلك.
  • إعادة إجراء نفس البحث بنفس المنهجية والطريقة Replication بغرض التحقق من صحة أو دقة النتائج البحثية وإمكانية تعميم نتائجها، ويكون البحث في العادة تجريبياً Experimental ، مع إمكانية التوسل بالتحليل الكمي أثناء العمل البحثي.
  • إعادة إجراء بحث في بيئة ثقافية أو في مجتمع جديد، ويكون البحث في العادة كمياً أيضاً، وقد تُعقد مقارنات بين النتائج الخاصة بهاتين البيئتين أو المجتمعين، وقد تسمى هذه الأبحاث بـ الدراسات عابرة الثقافات أو المجتمعات. مع أنني أشير إلى تحفظي على كون الأبحاث الكمية قادرة على اصطياد الفروقات المعمقة بين الثقافات والمجتمعات، إذ إن ذلك هو شأن الأبحاث النوعية المتسمة بالتنقيبية السياقية Contextual.

وبعد عرضنا لأشكال الإسهامات النظرية والتطبيقية، نختصر هذه الأشكال في هذا الشكل:

خريطة الإسهامات العلمية: أنوعها وأشكالها ومستوياتها


خامساً: ما مستوى الإسهام العلمي المطلوب في الدراسات العليا؟

يمكن صياغة هذا السؤال بطريقة مختلفة: ما مستوى الأصالة المطلوبة؟ قد يجد الدارس في الدراسات العليا صعوبة في تحديد نوع الإسهام المطلوب ومستواه. ولتجلية هذه المسألة، نضع التوصيف الذي يعكس الممارسات الأكثر استقراراً في الجامعات الجيدة في العالَم، وذلك كما يلي:

  1. الإسهام العلمي المطلوب في مرحلة الماجستير

في العادة، لا يُنتظر من طالب الماجستير تقديم إسهام علمي يتجاوز الإسهام التطبيقي. ولو استطاع الطالب تقديم أي إسهام نظري ولو كان محدوداً، فإنه يُعد إنجازاً جيداً يُسجل للطالب نفسه، وللبرنامج وللكلية وللجامعة أيضاً.

  • الإسهام العلمي المطلوب في مرحلة الدكتوراه

يُتوقع من طالب الدكتوراه أن يكون قادراً على تقديم إسهام علمي نظري “جيد” أو “معقول”. ما محكات الجيد أو المعقول؟ هنا إشكال، حيث يحتدم الجدل حول هذا المسألة، فثمة اختلاف في التوصيفات وفي الممارسات من جامعة ومن دولة إلى أخرى في هذا الجانب، وهذا يعني وجود اختلاف حول تقدير حجم الأصالة المنتظرة من طالب الدكتوراه. لا يمكن عرض هذه التوصيفات والممارسات المتنوعة، وإنما التركيز على أكثرها استقراراً وما أراه مناسباً للجامعات العربية التي هي مستوى متوسط من الناحية المعرفية البحثية، وفي هذا إيماءة إلى أن سقف الجامعات المميزة قد يكون أرفع مما سوف أذكره في بعض المسارات.

يصعب إن لم يكن متعذراً كون الطالب قادراً على الإسهام المنهجي الكبير، حيث يفتقر ذلك لقدرات تنظيرية وبحثية كبيرة لا تتوفر لطالب الدكتوراه في العادة، مما يجعل هذا الإسهام خارج نطاق ما هو مُنتظر من طالب الدكتوراه، على أن بعض طلاب الدكتوراه النابهين قد يتمكنون من تقديم إسهامات منهجية متوسطة أو محدودة وفق توصيفنا السابق لهذه الإسهامات. ويُعد في حكم العسير جداً أو حتى المستحيل بناء نظرية/نموذج جديد في حدود البحث من جهة الزمن والموارد المتاحة لطالب الدكتوراه،  مما يجعل الجامعات ترضى بإسهام نظري متوسط أو محدود وفق توصيفاتنا الفارطة أو ما يقاربها. 

ومن الصعب أيضاً تقديم مفهوم علمي “بنائي” جديد، إلا أنه يمكن توليد مقترح أولي بمفهوم “بسيط”، شريطة أن يكون ذلك وفق علم المصطلح، لا أن يكون التوليد هو أقرب في حقيقته إلى أنشطة العصف الذهني الذي يمارسه البعض، مع إدعاءات كبيرة وجهل بأسس الصنعة الاصطلاحية، وهذا واقع نشاهده وبالأخص في العلوم الاجتماعية.

وهنا يتخلق سؤال مهم: ما الفرق بين هذين النوعين من المفاهيم؟ يمكن تصنيف المفاهيم إلى عدة تصنيفات، ومنها تصنيفها إلى: “المفهوم البسيط” Concept  مثل: الطول والوزن والحرارة والتفوق الأكاديمي والربح، “المفهوم البنائي” Construct  مثل: العدالة والجمال والحب والصحة والعقل والبرهان والفطرة، حيث يعكس مستويات تجريدية وتركيبية أعلى مقارنة بالمفهوم البسيط، وقد يكون من الصعب أو حتى المتعذر ملاحظته أو استكشافه بشكل مباشر، مما يجعله مفتقراً إلى أدوات متطورة من أجل بنائه واستكشافه نوعياً، وقياسه كمياً؛ عبر بلورة العوامل أو الأبعاد أو المتغيرات التي تعكس دلالالته وتعبِّر عن جوهره[1].

 سادساً: كيف نكتب الإسهامات العلمية؟

قد لا يُحسن بعض الباحثين، وكثير من الدارسين في برامج الدراسات العليا كتابة أو تدوين الإسهامات العلمية في نص أو متن أو تقرير البحث. وقبل الخوص في الكيفية الجيدة في الكتابة أو التدوين، تلزم الإشارة إلى أن الإسهامات  العلمية قد تكتب أو تدون تحت لافتات أو عناوين متعددة، ومنها:

  • إسهامات البحث: إسهامات نظرية، إسهامات منهجية، إسهامات تطبيقية (وقد تكون ثنائية: نظرية وتطبيقية على نحو ما قلنا).
  • أهمية البحث: الأهمية النظرية ، الأهمية التطبيقية. وقد يكون ذلك نابعاً من تخوف الباحث من أن يعقد عنواناً مباشراً “الإسهامات العلمية” أو “إسهامات البحث”. 
  • أهداف البحث: قد ترد الإسهامات ضمناً في الجزء الخاص بأهداف البحث، وقد يكون الباعث على ذلك هو ما ذكرناه في العنصر السابق، وهذا ملمح جيد، إذ فيه دُربة للنفس على النأي عن التورط بمزاعم كبيرة حيال هذه المسألة، وبخاصة إذا كان الإسهام محدوداً أو غير مجزوم به. 

ولكي نكتب أو ندون الإسهامات العلمية بشكل جيد، فإنه يمكن إتباع الخطوات الآتية:

  1. التمييز الدقيق بين الأنواع والأشكال والمستويات للإسهامات العلمية وفهمها بشكل دقيق ومعمق.
  2. تحديد نوع الإسهام العلمي المتوقع وفق المحددات السابقة ومنها نوع البحث وعمق الباحث وخبرته ونحو ذلك.
  3. تحديد شكل الإسهام العلمي المتوقع.
  4. تحديد مستوى الإسهام العلمي المتوقع.
  5. اختيار العنوان الملائم وفق الممارَس في الحقل المعرفي أو الدارج لدى الجماعة العلمية أو المعتمد من قبل الجامعة أو الكلية أو البرنامج.
  6. اختيار التصنيف المناسب للإسهامات العلمية التي تلائم طبيعة الإسهام الذي المزمع تحقيقه أو المحقق فعلاً.
  7. الاطلاع على بعض النصوص البحثية الجيدة والإفادة من أساليب تعبير الباحثين الرِصان عن إسهاماتهم العلمية.
  8. الصياغة الدقيقة لكل إسهام علمي، مع مراعاة الآتي:
  9. الابتعاد عن الجمل العامة التي لا قيمة لها مثل: إثراء المكتبة العربية، ونحوها.
  10. ب‌-  الابتعاد عن المزاعم الكبيرة أو تفخيم الإسهام العلمي.

ج- اختيار الكلمات الواضحة التي تعكس المعنى المراد دون مبالغة أو تهميش للإسهام المتحقق أو المزمع تحقيقه.

د- استخدام الأساليب الاحتمالية مثل: ربما، قد ، لعل ، يرتجى .

  • مراجعة الصياغة والتأكد من دقتها ووضوحها وسلامتها وخلوها من التعميم الساذج أو المبالغة أو الإنقاص للإسهام المتحقق أو المزمع تحقيقه.
  • إعادة مراجعة الصياغة بعد اكتمال البحث بشكل نهائي، للتأكد من ملاءمة الصياغة لما تحقق فعلاً.

هذه خريطة مختصرة للإسهامات العلمية وبيان لماهيتها وأنواعها وأشكالها وكيفية تدوينها، وأشدد في ختام هذا النص على أهمية إعادة الاعتبار إلى الأصالة والإبداع، والسعي المخلص الحثيث إلى إحداث التراكمية المعرفية في أدبياتنا المعرفية، مع تلبسنا بقدر كافٍ من “الأنفة الثقافية”، إذ هي شرط لممارسة بحثية مبدعة، تؤمن بدينها، وتؤسس على تراثها، وتجدده فتصيّره جديداً، مواكباً للعصر وملهماً، وهنا استدعي محمد الجواهري حين يقول:

وقـــائلةٍ أمـــا لكَ مــن جــديــدٍ …………… أقـول لهـا القديمُ هو الجديد!

وأنا أقول:  وجديد الآخر لا يكون لك الجديد. لِمَ؟ لأن جديد الآخر هو ملكه هو، وعليك إذن أن تتملك شيئاً يسعك تملكُه!


[1] عبدالله البريدي، ابن تيمية فيلسوف الفطرة – نحو كبسلة الفيلسوف، الدمام، دار أثر، 2021، ص 56.