الكاتب | روجر كريسب |
ترجمة | ضُحى الضحيان |
تحميل | نسخة PDF |
مدخل فلسفي شامل حول الرفاهية؛ نص مترجم، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد يطرأ عليها التعديل من منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.
يُستخدم مصطلح الرفاهية في الفلسفة لوصف ما هو غير فعال وغير مفيد للفرد. حيث تلقى مسألة الرفاهية اهتمامًا مستقلًا، وتحظى بأهمية عالية في الفلسفة الأخلاقية، خاصةً في حالة النفعية التي بموجبها يكون المتطلب الأخلاقي الوحيد هو تعظيم الرفاهية. لقد تصاعدت تحديات كبيرة للمفهوم ذاته، على وجه الخصوص من قبل G.E. Moore و T.M. Scanlon فقد أصبح المقياس الأساس للتمييز بين نظريات الرفاهية، إما نظريات المتعة، أو نظريات الرغبة، أو نظريات القائمة الموضوعية. وفقًا لوجهة النظر المعروفة باسم الرفاه، فإن الرفاهية هي القيمة الوحيدة. ومن المهم أيضًا في الأخلاق ارتباط شخصية الفرد الأخلاقية وأفعاله بالرفاهية.
جدول المحتويات
1. مفهوم الرفاهية
يرتبط الاستخدام الشائع لمصطلح الرفاهية “well-being” عادةً بالصحة، على سبيل المثال: قد يدير طبيب الجراحة “عيادة رفاهية المرأة”. الاستخدام الفلسفي لمصطلح الرفاهية واسع، ولكنه يرتبط ويرقى إلى فكرة مدى رفاهية الحياة بالنسبة إلى الشخص. إن رفاهية الشخص تعني “ما هو جيد” بالنسبة إليه. لهذا يمكن القول إن الصحة هي إحدى مكونات الرفاهية، ولكن من غير المعقول اعتبارها كل الرفاهية. إن أحد المصطلحات المرتبطة والجديرة بالملاحظة هنا هي “المصلحة – الذاتية” “self-interest”: وتعني مصلحتي الذاتية: أي ما يصب في مصلحتي وليس مصلحة الآخرين.
يميل الاستخدام الفلسفي للمصطلح ليشمل الجوانب “السلبية” لكيفية سير حياة الأشخاص. لذا قد نتحدث عن رفاهية شخص ما، بالرغم من أنه يعيش أسوء معاناة: هنا تكون رفاهيته سلبية، وبالنسبة إليه فإن حياته أسوء من عدم وجود حياة على الإطلاق. وينطبق الشيء نفسه على المصطلحات المشابهة جداً مثل “الرفاه” “welfare” التي تعبر عن كيفية أداء الشخص ككل سواء أكان جيداً أو سيئاً، أو “السعادة” والتي يمكن فهمها -كما كانت تفهم أحيانًا من قبل النفعيين الكلاسيكيين منهم Jeremy Bentham وغيره، على سبيل المثال- تعني التوازن بين الأشياء الجيدة والسيئة في حياة الشخص. لكن لوحظ أيضاً أن الفلاسفة يستخدمون مثل هذه المصطلحات بطريقة “إيجابية” أكثر معيارية بالحديث عن “سوء الأحوال” “ill-being” أو “سوء الحظ” “ill-faring” أو “التعاسة” “unhappiness” لتحديد الجوانب السلبية لحياة الأفراد. كانت معظم المناقشات الفلسفية تدور حول “الخير” “goods” بدلاً من “الشر” “bads”، ولكن في الآونة الأخيرة ظهر اهتمام أكبر بهذا الأخير (انظر مثلًا، Kagan, 2015 ؛ Bradford, 2021).
عادةً ما يستخدم مصطلح “السعادة” “Happiness” في الحياة العادية للإشارة إلى حالة قصيرة في حياة إنسان، وغالباً يكون هناك شعور بالرضا: عندما نقول “تبدو سعيداً اليوم”؛ “أنا سعيد جداً لأجلك”. وفلسفياً، يكون نطاقها أوسع بحيث تشمل كل الحياة. ومن الممكن الحديث في الفلسفة عن السعادة في حياة شخص ما، أو حياته السعيدة حتى لو كان هذا الشخص في الواقع بائساً جداً. النقطة المهمة هي: أن بعض الأشياء الجيدة في حياتهم جعلتها سعيدة رغم أنهم لا يمتلكون القناعة بذلك. لكن هذا الاستخدام غير شائع وقد يسبب الحيرة.
على مدى العقود القليلة الماضية، زاد الاهتمام بما يسمى بـ “علم النفس الإيجابي” “positive psychology” وأولى علماء النفس وعلماء آخرون اهتماماً كبيراً لمفهوم “السعادة”. عادةً ما تُفهم السعادة من منظور القناعة أو الرضا عن الحياة “life-satisfaction”، وتقاس بوسائل مثل: التقارير الفردية أو الاستبانات اليومية. هل علم النفس الإيجابي يتعلق بالرفاهية؟ حتى الآن الفروق المفاهيمية ليست واضحة بالشكل الكافي. ولكن من المُنصف أن نقول: إن العديد من المشاركين سواء كانوا باحثين أو دارسين، يفترضون أن حياة المرء تسير على ما يرام إلى الحد الذي يرضى عنه – أي أن نوعًا من التفسير اللطيف للرفاهية هو صحيح. لكن بعض علماء النفس الإيجابيين يرفضون بوضوح نظريات الرفاهية التي تعود إلى الفلسفة الأخلاقية الأرسطية أو الازدهاريين “eudaimonist“. والتي تعد إصدارًا من نظرية القائمة الموضوعية للرفاهية والتي تمت مناقشتها أدناه. على سبيل المثال: اقترح Martin Seligman الرائد في هذا المجال أن علم النفس الإيجابي يجب أن يهتم بالمشاعر الإيجابية والمشاركة والعلاقات والمعنى والإنجاز، بدلاً من السعادة (‘Perma’) (2011 ,Seligman).
عند مناقشة فكرة ما الذي يجعل الحياة التي يعيشها الفرد جيدة، فمن الأفضل استخدام مصطلح “الرفاهية” بدلًا من “السعادة”. لأننا على الأقل نريد إتاحة مساحة مفاهيمية لاحتمال أن تكون حياة هذا النبات على سبيل المثال “جيدة لـ” “good for” نفس النبات. والحديث عن سعادة النبات من شأنه أن يبعد بالمعنى إلى حد بعيد. (قد يكون البديل هنا هو “الازدهار” “flourishing”، على الرغم من أن هذا قد يعد تحيزاً لتحليل رفاهية البشر على طريقة تحليل الغائية الطبيعة). في هذا الصدد، فالكلمة اليونانية (eudaimonia التي تعني الازدهار الإنساني والرفاهية) والمترجمة ترجمة شائعة إلى “السعادة” من الممكن أن يُعتقد أنها راقية. لكن في الحقيقة يبدو أن الازدهار لم يقتصر فقط على الكائنات الواعية، بل على البشر كذلك، حيث لا يمكن للحيوانات أن تكون مزدهرة. وذلك لأن eudaimon تقترح أن الآلهة أو الثروة، قد فضلت واحداً، وفكرة أن الآلهة تهتم بغير البشر فكرة مستبعدة ولم تخطر ببال معظم اليونانيين.
يُزعم أن بعض النظريات الأخلاقية القديمة مثل نظريات أرسطو، تؤدي إلى فكرة انهيار الرفاهية ذاتها. من وجهة نظر أرسطو، أنه إذا كنت صديقي فإن رفاهيتي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا برفاهيتك. لذا قد يكون من المغري إذن أن نقول إن “رفاهيتك” هي “جزء” من رفاهيتي، وفي هذه الحالة لا يوجد فرق بين ما هو جيد بالنسبة إلى وما هو جيد للآخرين، ولكن يجب مقاومة هذا الإغراء. فرفاهيتك متعلقة بمدى نجاح حياتك، ويمكننا السماح بأن تعتمد رفاهيتي على رفاهيتك دون إدخال الفكرة المربكة التي مفادها أن رفاهيتك تتشكل من خلال حياتك. هناك إشارات في الفكر الأرسطي لتوسيع موضوع الرفاهية أو مالكها. الصديق هو “نفسٌ أخرى” “another self”، لذا فإن ما يفيد صديقي يفيدني. ولكن ينبغي أن يؤخذ هذا إما على أنه تعبيراً مجازياً عن ادعاء التبعية، أو مطالبة بالهوية لا يهدد مفهوم الرفاهية: إذا كنت حقًا مثلي، بالطبع ما هو جيد لك سيكون جيداً لي، لأنه لم يعد هناك أي تمييز ميتافيزيقي مهم بيني وبينك.
الرفاهية هي نوع من القيمة، وتُسمى أحياناً “القيمة الاحترازية” “prudential value”؛ لتميزها عن القيمة الجمالية والقيمة الأخلاقية. ما يميزها فكرة “جيد لـ”. على سبيل المثال: الصفاء في لوحة Vermeer هو نوع جيد لكنه ليس “جيد لـ ” اللوحة. قد يكون من الجيد لنا التأمل في مثل هذا الصفاء، لكن التأمل في الصفاء ليس مثل الصفاء ذاته. مثلاً: تبرعي بالأموال للأعمال الخيرية قد يكون ذو قيمة أخلاقية، أي أنه جيداً من الناحية الاخلاقية، وقد تكون آثار التبرعات مفيدة للآخرين. لكن يبقى السؤال مفتوحًا . . هل كوني جيداً أخلاقيا هو أمر جيد بالنسبة إلي؛ وإذا كان الأمر كذلك، فإن كونه جيداً بالنسبة إلي لا يزال مختلفاً من الناحية المفاهيمية عن كونه جيداً من الناحية الأخلاقية. وقد تم إيلاء قدر كبير من الاهتمام في الفلسفة لمسألة “المعيارية” “normativity” الأخلاقية، واهتمام أقل لمسألة المعيارية الاحترازية..(Recent exceptions are Dorsey, 2021; Fletcher, 2021).
إن النظرة الأكثر شيوعًا للرفاهية هي “النهج الثبوتي” “invariabilism”، والتي بموجبها يوجد وصف واحد للرفاهية لجميع الأفراد الذين من الممكن أن تسير حياتهم بشكل جيد أو سيئ (Lin, 2018). وبالرغم من ذلك جادل البعض في أنه يجب علينا تطوير وجهة نظر متغيرة، والتي وفقًا لها، قد تكون هناك نظرية واحدة لرفاهية للبالغين مثلاً وأخرى للأطفال (انظر Skelton, 2015). وفقًا لــ Benatar (2006)، فإن وجود أي فرد يتمتع بالرفاهية دائمًا ما يكون ذا قيمة سلبية بشكل عام.
2. تحدي مور
هناك بعض الغموض حول فكرة “جيد لـ”. ضع في اعتبارك عالماً محتملاً يحوي عنصراً واحداً فقط: لوحة Vermeer الساحرة. اترك أي شكوك تراودك جانباً عما إذا كانت اللوحات يمكن أن تكون جيدة في عالم خالٍ من المشاهدين، واقبل الجدل بأن هذه اللوحة لها قيمة جمالية في هذا العالم –بداهةً- يبدو من المعقول الادعاء بأن قيمة هذا العالم تتكون فقط من القيمة الجمالية للوحة. لكن فكر الآن في عالم يضم فرداً يعيش حياة جيدة بالنسبة إليه. كيف يمكننا وصف العلاقة بين قيمة هذا العالم والحياة التي يعيشها الفرد؟ هل نقول إن العالم يملك كامل القيمة؟ كيف يمكن ذلك إذا كانت القيمة الوحيدة التي يحويها هي “جيد لـ” “good for” مقابلًا لـ”جيد” “good” فقط؟ مع ذلك نريد القول بالتأكيد بأن هذا العالم أفضل (أكثر جودة) “more good” من عالم فارغ آخر. إذن، هل يجب أن نقول إن العالم جيد، وهل هذا بسبب محتوياته الجيدة للفرد؟ هذا يفشل في التقاط فكرة أنه لا يوجد في الواقع في هذا العالم شيء ذو قيمة سوى ما هو خيّر للفرد.
تلك الأفكار دفعت G.E. Moore إلى الاعتراض على فكرة “جيد لـ” (Moore 1903, pp. 98–9). وجادل Moore في فكرة “مصلحتي” “my own good”بأن لامعنى لها، والتي رأى أنها مساوية لمعنى “جيد لي” “good for me”. عندما أتحدث على سبيل المثال: عن المتعة على أنها جيدة بالنسبة إلي، كما أدعي، يمكنني أن أعني فقط إما المتعة التي أحصل عليها جيدة، أو أن الحصول عليها أمر جيد. لا جديد في القول إن اللذة تشكل الخير لي، أو أنها جيدة بالنسبة لي.
لكن الفروق التي رسمتها بين تصنيفات القيمة أعلاه، تبين أن تحليل مور للادعاء بأن مصلحتي تتألف من المتعة هو تحليل محدود للغاية. تستند حجة مور إلى الافتراض ذاته الذي يسعى إلى إثبات أن فكرة “الخير” ضرورية لإصدار جميع الأحكام التقييمية التي قد نرغب في اتخاذها. وبالحديث منطقياً: إن ادعاء القول بأن من الجيد أن أحظى بالسعادة مكافئًا منطقياً لادعاء القول بأن العالم الذي يحوي لوحة Vermeer الفريدة جيد.
تتمثل إحدى الطرق للرد على كل من تحدي Moore والألغاز المذكورة أعلاه في محاولة تتمثل في الاستغناء عن فكرة “الجيد” (انظر Kraut, 2011) والاكتفاء بـ “الجيد لـ”، جنبًا إلى جنب مع المنفصل وغير المنفصل. وغير التقييمي لأسباب العمل. ومن ثمَّ فإن العالم الذي يحوي على فرد واحد بحياة تستحق العيش، يمكن القول إنه لا يحوي على شيء جيد بحد ذاته، بل حياة جيدة لذلك الفرد. وقد تعطينا هذه الحقيقة سببًا لتحقيق مثل هذا العالم إذا أتيحت لنا الفرصة.
3. تحدي سكانلون
نُشر في بدايات القرن العشرين كتاب Moore في كامبريدج، إنجلترا، وفي نهاية القرن نفسه نُشر كتاب في كامبريدج، ماساتشوستس، وقد طرح بعض التحديات الحقيقية عن مفهوم الرفاهية بسؤال: ما الذي ندين به تجاه بعضنا البعض؟ بواسطة T.M. Scanlon
كان هدف Moore النهائي في انتقاد فكرة “جيد لـ” هو مهاجمة الأنانية. كذلك Scanlon لديه دافع خفي في الاعتراض على فكرة الرفاهية – لمهاجمة ما يسمى بالنظريات “الغائية” “teleological” أو النظريات الأخلاقية القائمة على النهاية ولا سيما النفعية، والتي تتطلب في شكلها القياسي تعظيم الرفاهية. لكن في كلتا الحالتين، تقف الانتقادات بشكل مستقل.
أحد الجوانب الغريبة لرأي Scanlon القائل بأن “الرفاهية” فكرة غير مجدية في الأخلاق ويبدو أن لديه وجهة نظر حول ماهية الرفاهية. فهو يعتقد أن النجاح في الأهداف يتضمن عقلانية الفرد، والعلاقات الشخصية بالإضافة إلى أمور أخرى. لكن Scanlon يدعي أن وجهة نظره ليست “نظرية للرفاهية” “theory of well-being”، لأن النظرية يجب أن تشرح ما الذي يوحد هذه العناصر المختلفة، وكيف يمكن مقارنتها. ويضيف أنه من غير المحتمل أن تكون مثل هذه النظرية متاحة على الإطلاق، لأن مثل هذه الأمور تعتمد كثيرًا على السياق.
ومع ذلك، يقترح Scanlon ضمنيًا ما يوحد هذه القيم: فجميعها مكونات للرفاهية، على عكس الأنواع الأخرى من القيم، مثل: القيم الجمالية أو الأخلاقية. كما أنه ليس من الواضح سبب عدم إمكانية تطوير رؤية Scanlon للرفاهية للمساعدة في اتخاذ خيارات واقعية بين القيم المختلفة في حياة المرء.
يذكر Scanlon أننا غالباً ما ندعي معرفة ما هو جيد في حياتنا دون الإشارة إلى فكرة الرفاهية، في الواقع يبدو هذا الأمر غريباً. على سبيل المثال، قد أقول “إنني أستمع لموسيقى اليسون كاريس لأنني أستمتع بها” وهذا يعد سبباً كافياً. ولست بحاجة للقول إن هذه المتعة تزيد من رفاهيتي.
لكن هذا الادعاء الأخير لـ Scanlon يبدو غريبًا لأننا نعلم بالفعل أن المتعة تجعل حياة الشخص أفضل بالنسبة إليه. لكن لن يكون مثل هذا الادعاء غريبًا في بعض الظروف: فكر كيف تحاجج زاهداً أو شخصاً يدعي أن التجربة الجمالية لا قيمة لها. بالإضافة لذلك، يستخدم الناس فكرة الرفاهية في التفكير العملي. فمثلاً لو أتيحت لي الفرصة لتحقيق أمر مهم ينطوي عليه قدر كبير من عدم الراحة على مدار عدة سنوات، قد أفكر فيما إذا كان المشروع يستحق المتابعة أم لا.
يجادل Scanlon أيضاً في أن فكرة الرفاهية يجب أن توفر “مجالًا للتعويض” “sphere of compensation” لتكون مقبولة فلسفياً، ومنطقياً يمكن القول: إنني قد أفقد شيئاً واحداً جيداً في الحياة مقابل كسب الحياة كلها. كما أنه يدعي أنه لا يوجد مثل هذا المجال. بالنسبة إلى Scanlon فإن التخلي عن الراحة الحالية من أجل صحة المستقبل “يبدو وكأنه تضحية” “feels like a sacrifice”.
لكن هذا لا يتناغم مع تجربتي الخاصة، فعندما أتبرع بالدم أشعر بأنني قدمت تضحية وإن كانت صغيرة. لكن عندما أزور طبيب الأسنان، أشعر وكأنني أوازن الآلام الحالية مقابل الآلام المحتمل حدوثها في المستقبل. ويمكننا أن نوازن المكونات المختلفة للرفاهية مقابل بعضها البعض. ضع في اعتبارك في حال عرض عليك وظيفة بأجر مرتفع ولكن موقعها بعيد عن أصدقائك وعائلتك.
يرفض سكالنون حاجتنا لوصف الرفاهية لمفهوم الإحسان، حيث إنه ليس من واجبنا بصفة عامة تقديم الإحسان لكننا نقوم بذلك من أجل مساعدة الآخرين بطرق معينة من قبيل: محاولة التخفيف من آلامهم. لكن من منظور فلسفي، وقد يكون من المفيد جدًا استخدام عنوان “الإحسان” “benevolence” من أجل تجميع هذه الواجبات، وبشكل آخر قد تكون المقارنات مهمة إذا كان لدينا العديد من واجبات الإحسان ولا يمكن الوفاء بها جميعاً، مما يتعين علينا تقدير الفوائد المرجوة التي يمكننا تقديمها مع بعضها البعض. وهنا ستظهر فكرة الرفاهية مرة أخرى.
علاوة على ذلك، إذا كانت الأخلاق تشمل ما يسمى بالواجبات “غير الكاملة” في إفادة الآخرين، وهذه المهام تسمح للفرد ببعض حرية التصرف فيما يتعلق بـ متى وكيف يساعد، فمن المرجح أن يؤدي عدم وجود أي مفهوم شامل للرفاهية لجعل الوفاء بهذه الواجبات مشكلة.
4. نظريات الرفاهية
1.4 مبدأ المتعة
من وجهة نظر أخرى، يتصرف البشر دائمًا سعياً وراء ما يعتقدون أنه يمنحهم أقصى توازن بين المتعة والألم. إن ” مذهب المتعة النفسية” “psychological hedonism”، لن يكون ضمن اهتماماتي هنا. فإني أعتزم مناقشة “مذهب المتعة التقديري” “evaluative hedonism” أو “مذهب المتعة الاحترازية” “prudential hedonism” والذي وفقًا له تكمن الرفاهية في أقصى توازن بين المتعة والألم.
كان تعبير سقراط و بروتاغوراس في الحوار الأفلاطوني، بروتاغوراس (Plato 1976 [C4 BCE], 351b–c) عن هذا الرأي هو الأول والأكثر شهرة، بدأ Jeremy Bentham -أحد أشهر أتباع المتعة- تقديمه مبادئ الأخلاق والتشريعات: “لقد وضعت الطبيعة البشرية تحت حكم سيدين، الألم والمتعة. هما دون غيرهما يستطيعان أن يوضحا لنا ما يجب علينا فعله”.
مذهب المتعة سيجيب عن سؤال: ما الذي تتكون منه الرفاهية؟ هي “أقصى موازنة بين الألم والمتعة”. يمكن أن نسمي هذا مذهب المتعة الجوهرية “substantive hedonism” . موقف المتعة الكامل سيتضمن أيضًا مذهب المتعة التوضيحي، والذي يتكون من إجابة السؤال التالي: “ما الذي يجعل المتعة جيدة، والألم سيئًا؟”، وتكمن الإجابة في: “لذة المتعة، ووجع الألم”. ضع في اعتبارك شخصًا ساعٍ وراء المتعة يعتقد أن ما يجعل المتعة جيدة لنا هو أنها تفي بطبيعتنا. هذا الشخص ليس من دعاة المتعة التفسيرية.
لطالما بدى مذهب المتعة كما يتضح من جذوره القديمة بأن لديه وجهة نظر معقولة بشكل واضح. الرفاهية، ما هو جيد بالنسبة إلي، ويُعتقد أنها مرتبطة بشكل طبيعي بما يبدو جيداً بالنسبة إلي، وتبدو المتعة جيدة لبعض الناس. وكيف يمكن لأي شيء أن يفيدني إلا بالقدر الذي أستمتع به؟
أبسط شكل من أشكال المتعة هو مذهب Bentham، ووفقاً له كلما زادت المتعة في حياة المرء سيكون ذلك أفضل، وكلما واجه المرء المزيد من الألم سيكون ذلك أسوء. ووفقًا لـ Bentham، نقيس قيمة التجربتين من خلال الجانبين الرئيسيين للألم والمتعة وهما: الشدة والمدة.
يميل Bentham إلى التفكير في اللذة والألم كنوع من الإحساس، كما توحي فكرة الشدة. غالبًا ما يُزعم أن إحدى مشكلات هذا النوع من مذهب المتعة هي أنه يبدو أن هناك خيطًا واحدًا مشتركًا بين تجارب المتعة المختلفة التي يستمتع بها الناس، مثل تناول الهامبرغر أو قراءة شكسبير أو لعب كرة الماء. عوضاً عن ذلك، هناك بعض التجارب التي نريد إتمامها ومستعدين لتسميتها ملذات وذلك لأغراض فلسفية (على الرغم من أن بعضها لا توصف عادة بأنها ممتعة، مثل الغوص في كهفٍ عميق وضيق جدًا).
يمكن لمذهب المتعة أن ينجو من هذا الاعتراض من خلال دمج أي منظور للمتعة يُعتقد أنه مقبول. الاعتراض الأكثر جدية هو الموقف التقييمي لمذهب المتعة نفسه. على سبيل المثال وصف Thomas Carlyle عنصر المتعة في النفعية بأنه “فلسفة الخنازير” “philosophy of swine”، والنقطة الرئيسة هي أن مذهب المتعة البسيط يقوم بمساواة كل الملذات، سواء كانت أدنى الملذات الحيوانية أو على أعلى تقدير جمالي. قد يوضح المرء هذه النقطة بتجربة فكرية. تخيل أنك مُنحت خيار عيش حياة بشرية مُرضية للغاية، أو حياة حيوان المحار البحري الذي ليس لديه إحساس بالمتعة. وتخيل أيضًا أن عمر المحار يمكن أن يطول كما يشاء، في حين أن حياة الإنسان ستكون ثمانين عامًا فقط. إذا كان Bentham على حق، فسيتم تفضيل طول فترة حياة المحار على حياة الإنسان. لكن ومع ذلك يقول الكثيرون أنهم سيختاروا الحياة البشرية بدلاً من حياة المحار مهما طالت.
لكن هذه الحجة لا تعد ضربة قاضية ضد مذهب المتعة البسيط. فهناك بعض من الناس مستعدين لقبول فكرة حياة المحار الطويلة وتصبح مفضلة لديهم. ولكن هناك بديل لمذهب المتعة البسيط، والذي أوضحه J.S. Mill باستخدام تمييزه (متأثرًا بمناقشة أفلاطون عن المتعة في نهاية جمهوريته (Plato 1992 [C4 BCE], 582d-583a)) بين الملذات “الأعلى” و “الأدنى” (1863 [1998], ch. 2)). فقد أضاف Mill خاصية ثالثة إلى محددات القيمة التي حددها Bentham وهما المدة والشدة. أطلق Mill على خاصيته الثالثة “الجودة” “quality” . الادعاء هو أن بعض الملذات بطبيعتها أكثر قيمة من غيرها. على سبيل المثال، فإن طبيعة متعة قراءة شكسبير أكثر قيمة من أي قدر من متع الحيوانات الأساسية. يمكننا أن نرى هذا، كما يقترح Mill إذا لاحظنا أن أولئك الذين جربوا كلا النوعين، وهم “قضاة أكفاء” “competent judges” سوف يتخذون خياراتهم على هذا الأساس.
الادعاء المعارض لفكر Mill على الأمد الطويل هو أن موقفه لم يعد من الممكن وصفه بأن مذهب المتعة (أو ما أسميته “مذهب المتعة التفسيرية” “explanatory hedonism”). إذا كانت الملذات الأسمى أعلى بسبب طبيعتها، فلا يمكن أن يكون هذا الجانب من طبيعتها ممتعاً، حيث يمكن تحديده من خلال المدة والشدة فقط. وكما يتحدث Mill على أي حال هناك خصائص مثل “النبل” “nobility” باعتبارها إضافة إلى قيمة المتعة. يجب الاعتراف بأن Mill هنا يقترب من المحظور أو يقترف خطئاً كبيراً. ولكن هناك شيء من المنطق في موقف المتعة الذي يسمح لخصائص مثل النبل بتحديد اللذة، لكنه يصر على أن اللذة هي فقط التي تحدد القيمة. لكن قد يتساءل المرء كيف يمكن أن يؤثر النبل على اللذة، ولماذا لم يبتكر Mill فكرة أن النبل بحد ذاتها هي ملكية جيدة.
أشرت أعلاه إلى معقولية الادعاء بأن لا شيء يمكن أن يفيدني إذا لم أستمتع به. وقد نفى ذلك بعض غير الباحثين عن المتعة، على حين قبلوا بما يسمى بـ “متطلبات الخبرة” “experience requiremen” المتعلقة بالرفاهية. ويقترحون أن ما يهم هو الوعي القيِّم، ويمكن أن يكون هذا الوعي ذا قيمة لأسباب غير متعلقة بالمتعة (انظر Kraut, 2018 ؛ Kriegel, 2019). ولكن هناك اعتراض ذو قيمة على كل من مذهب المتعة والرأي القائل: بأن الرفاهية تتكون فقط من حالات واعية: ما يسمى بـ “آلة التجربة” “experience machine”. تخيل أن لدي آلة يمكنني توصيلك بها لبقية حياتك. وهذه الآلة ستمكنك من تجربة كل ما تعتقد أنه أكثر قيمة أو متعة – مثل كتابة رواية رائعة، وتحقيق السلام العالمي، وحضور حفلة Rolling Stones مبكراً. لن تعرف أنك موصول بهذه الآلة، ولا داعي للقلق بشأن تعطلها أو أي أمر آخر. هل سترغب بأن يتم توصيلك بهذه الآلة؟ هل من الحكمة أن تفعل ذلك وفقاً لوجهة نظر رفاهيتك؟ يعتقد روبرت نوزيك Robert Nozick أن التوصيل سيكون خطًأ كبيراً: “نرغب أن نقوم بأشياء معينة … نريد أن نكون بطريقة معينة … الارتباط بآلة خبرة يجعلنا محدودين بواقع من صنع الإنسان” (Nozick, 1974، p. 43).
يمكن للمرء أن يجعل هذه الآلة مستساغة أكثر من خلال السماح باتخاذ خيارات حقيقية عليها، بحيث يتمكن أولئك الموصولين بها الوصول إلى “عالم افتراضي” “virtual world” مشترك بينهم وبين مستخدمي الآلة الآخرين في عالم يمكن فيه الاتصال “العادي” “ordinary” وما إلى ذلك. لكن هذا لن يكون كافياً للعديد من معارضي المتعة. يبدأ خط آخر من الاستجابة في فلسفة العقل يسمى بـ “الخارجية” “externalism”، والتي بموجبها يتم تحديد محتوى الحالات العقلية من خلال حقائق خارجية. وهكذا، فإن تجربة كتابة رواية رائعة حقًا تختلف تمامًا عن تجربة كتابة رواية على ما يبدو أنها رائعة، على الرغم من أنه قد يتعذر تمييزها “من الداخل”. لكن هذا خطأ فادح. إذا كان بإمكان العالم التأثير في محتوى تجربتي دون أن أكون في وضع يسمح لي بإدراك ذلك، فلماذا لا يؤثر هذا العالم في شكل مباشر على قيمة تجربتي؟
إن أقوى مسار يمكن أن يتخذه أتباع المتعة هو قبول القوة الظاهرة للاعتراض على آلة التجربة، ولكن الإصرار على أنها تستند إلى حدس “الفطرة السليمة” “from the inside”، والتي يمكن أن تبرر مكانة مذهب المتعة في حياتنا. هذا لتبني استراتيجية مشابهة لتلك التي طورها “النفعيون ذوو المستويين” “two-level utilitarians” ردًا على الأمثلة المضادة المزعومة القائمة على أخلاق الفطرة السليمة. ستشير المتعة إلى ما يسمى بـ “مفارقة المتعة” “paradox of hedonism”، والتي تتم متابعتها بشكل غير مباشر بطريقة أكثر فاعلية. إذا حاولت تعظيم سعادتي وأنا مدرك، فلن أتمكن من الانغماس في تلك الأنشطة التي تمنحني المتعة مثل القراءة أو ممارسة الألعاب. وإذا كنا نعتقد أن هذه الأنشطة ذات قيمة بغض النظر عن المتعة التي نكتسبها من جراء القيام بها، فمن المحتمل أن نحظى بمزيد من المتعة بشكل عام.
هذه الأنواع من المواجهة في الفلسفة الأخلاقية مؤسفة، ولكن لا ينبغي تجاهلها (لمناقشة متوازنة آلة التجربة، انظر Lin, 2016). إنهم يثيرون أسئلة تتعلق بمعرفة الأخلاق، والتي نحن أبعد ما نجيب عنها مما يود الكثيرين التفكير فيه. من المؤكد أن الاتجاه الحالي المتمثل في تعجيل نبذ مذهب المتعة على أساس التشغيل السريع للاعتراض على آلة التجربة ليس سليمًا من الناحية المنهجية.
2.4 نظريات الرغبة
آلة التجربة هي أحد الدوافع لاعتماد نظرية الرغبة (للحصول على مقدمة جيدة للرأي، انظر Heathwood, 2016 ؛ 2019). عندما تكون موصولًا بالآلة، فمن المرجح أن تظل العديد من رغباتك المركزية شاغرة. فمثلاً إذا أخذنا رغبتك في كتابة رواية رائعة. قد تعتقد أن هذا ما تفعله، لكنه في الحقيقة هو مجرد هلوسة. والحجة على ذلك: أن ما تريده هو كتابة رواية رائعة، وليس تجربة كتابة رواية رائعة.
تاريخياً، سبب الهيمنة الحالية لنظريات الرغبة يكمن في ظهور اقتصاديات الرفاهية. اللذة والألم موجودتان داخل عقول الناس، ويصعب قياسهما أيضًا – خاصةً عند البدء في تقييم تجارب الأشخاص المختلفة عن بعضها البعض. لذلك بدأ الاقتصاديون يرون أن رفاهية الناس تتكون من تلبية التفضيلات أو الرغبات، والتي يمكن الكشف عن مضمونها من خلال اختياراتهم. أتاح هذا ترتيب التفضيلات، وتطوير “وظائف المنفعة” “utility functions” للأفراد، وطرق تقييم قيمة تفضيل الرضا (على سبيل المثال، استخدام المال معيارًا).
أيسر نسخة من نظرية الرغبة قد يسميها المرء نظرية الرغبة الحالية، والتي بموجبها يتحسن حال الشخص إلى الحد الذي تتحقق فيه رغباته الحالية. تنجح هذه النظرية في تجنب اعتراض آلة التجربة. لكن لديها مشاكل خطيرة خاصة بها. تأمل في حالة مراهق غاضب أخبرته والدته أنه لا يمكنه حضور ملهى ليلي معين، لذلك حمل الصبي مسدسًا على رأسه، راغبًا في الضغط على الزناد والانتقام من والدته. تذكر أن نطاق نظريات الرفاهية يجب أن تكون مجمل الحياة. من غير المعقول أن يجعل الصبي حياته تسير على ما يرام بالضغط على الزناد. قد نُفسر نظرية الرغبة البسيطة على أنها نظرية الرفاهية في وقت معين. لكن حتى ذلك الحين يبدو الأمر غير مرض من أي منظور، سيكون الصبي أفضل حالًا إذا وضع البندقية أرضًا.
يجب أن نتحرك إذن إلى نظرية الرغبة الشاملة، والتي بموجبها ما يهم رفاهية الشخص هو المستوى العام للرضا عن الرغبة في حياته ككل. تشير نسخة موجزة من هذه النظرية، أنه كلما زاد تحقيق الرغبة في الحياة كان ذلك أفضل. لكنه يعمل في حالة الإدمان لـ Derek Parfit ا(1984، ص 497). تخيل أنه يمكنك البدء في تناول دواء يسبب الإدمان بشدة، مما سيولد لديك رغبة قوية للغاية لتناول الدواء في كل صباح. أخذ الدواء لن يمنحك أي متعة؛ ولكن عدم تناوله سيسبب لك معاناة شديدة للغاية. لن تكون هناك مشكلة في توفر الدواء، ولن يكلفك شيئا. ولكن ما السبب الذي يوجب عليك أن تتناوله؟
تصنف النسخة العالمية للنظرية الشاملة للرغبات، بحيث يتم إعطاء الاولوية للرغبات حول شكل ومضمون حياة المرء ككل. لذلك، إذا كنت لا أفضل أن أصبح مدمن مخدرات، فذلك سيشرح لي لماذا من الأفضل لي أن لا آخذ دواء Parfit. ولكن الآن لننظر في قضية الراهب اليتيم. بدأ هذا الشاب التدريب ليكون راهبا في سن مبكرة، وقد عاش حياة مستورة أو محدودة للغاية. ثم يُعرض عليه ثلاثة خيارات: يمكن أن يبقى راهباً، أو أن يصبح طباخاَ أو بستاني في حديقة خارج الدير. سيختار أن يبقى راهباً لأن ليس لديه مفهوم في البدائل الأخرى. ولكن من المؤكد أن حياته ستكون أفضل إذا عاش في الخارج.
لذلك علينا الآن الانتقال إلى نسخة الرغبة المستنيرة للنظرية الشاملة (Sobel, 1994). وفقا لحساب الرغبة المستنيرة، فإن أفضل حياة أرغب فيها إذا كنت على علم تام بجميع الحقائق غير التقييمية. ولكن الآن تأمل في القضية التي اشتهر بها (John Rawls, 1971: 432؛ انظر Stace, 1944: 238): عداد العشب. تخيل وجود عالمة رياضيات بارعة من جامعة هارفارد، على دراية كاملة بالخيارات المتاحة لها، والتي تطور الرغبة الأساسية في حساب أوراق العشب على مروج هارفارد. مثل آلة التجربة، هذه القضية مثال آخر على “حجر الأساس” “bedrock” الفلسفي. سيعتقد البعض أنه إذا تم إبلاغها ولم تعاني من أي اضطراب عصبي، ستكون حياة عد العشب هي الأفضل لها.
لاحظ أنه فيما يتعلق بالرغبة المستنيرة، يجب أن يحوي الموضوع بالفعل رغبات في تحقيق الرفاهية لها. إذا كان ذلك صحيحاً، فإذا علمت تماماً أنني سأرغب في شيء لا أرغب فيه في الوقت الحالي، فإن إعطائي هذا الشيء لن يفيدني.
يبدو أن كل هذه الحالات الإشكالية لنظريات الرغبة هي أعراض أكثر صعوبة عموماً. تذكر مرة أخرى التمييز بين النظريات الموضوعية والشكلية للرفاهية. الحالة السابقة تمثل مكونات الرفاهية مثل المتعة، في حين أن الحالة الأخيرة تمثل ما الذي يجعل بعض الأشياء جيدة للأشخاص مثل اللطف. بشكل جوهري، قد تتوافق نظرية الرغبة والمتعة على أن ما يجعل الحياة جيدة للناس: تجارب ممتعة. ولكنهم سيختلفون رسمياً: حيث ستشير المتعة إلى اللطف مثل صانع جيد، بينما يجب أن تشير نظرية الرغبة إلى الرضا عن الرغبة. (تجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا وصف المرء المتعة بأنها تجربة، فإن الموضوع سيستمر، ويصبح من الصعب جداً التمييز بين المتعة ونظريات الرغبة).
فكرة أن الرضا عن الرغبة هي “ملكية جيدة” “good making property” أمر غريب إلى حد ما. كما يقول أرسطو (Metaphysics, 1072a, tr. Ross): “الرغبة نتيجة مبنية على الرأي بدلاً من الرأي مبني على الرغبة “. وبعبارة أخرى، نحن نرغب في أشياء مثل كتابة رواية رائعة، لأننا نعتقد أن هذه الأشياء جيدة بشكل مستقل؛ وليس بسبب أنها سترضي رغبتنا في تحقيقها.
3.4 نظريات القائمة الموضوعية
أصبح التمييز الثلاثي الذي أستخدمه بين النظريات المختلفة للرفاهية مقياساً في الأخلاق المعاصرة (Parfit, 1984: I). ومع ذلك، هنالك مشاكل فيه كما هو الحال مع العديد من التصنيفات، لأنه من الممكن أن تُعمي طريقة عن أخرى لتمييز المشاهدات (انظر Kagan, 1992؛ Hurka, 2019). عادة ما تُفهم نظريات القائمة الموضوعية على أنها النظريات التي تسرد العناصر وتشكل الرفاهية والتي لا تتكون من التجربة الممتعة ولا إشباع الرغبة. قد تشمل هذه العناصر، المعرفة أو الصداقة على سبيل المثال. وقد ينظر إلى الهدية مثلًا كأنها نوع واحد من نظرية “القائمة”، وقد تعارض جميع نظريات القائمة هذه نظريات الرغبة ككل.
ما الذي يجب أن يدرج على القائمة (Moore, 2000)؟ من المهم أن يتم تضمين كل خير. كما قال أرسطو: “نحن نأخذ ما هو مكتفٍ بنفسه ذاتيًا ليجعل الحياة وحدها جديرة بالاختيار وتفتقر للاشيء. نعتقد أن السعادة هي ذلك الشيء الذي يستحق الاختيار أكثر من أي شيء آخر، ولا تُعد شيئا من بين الأشياء الأخرى”(Nicomachean Ethics، 1097b، tr. Crisp). بعبارة أخرى، إذا ادعيت أن الرفاهية تتكون من الصداقة والسرور فقط، يمكنني أن أظهر لك أن قائمتك غير مرضية إذا كان بإمكاني إثبات أن المعرفة أيضًا شيء يجعل الناس أفضل حالًا.
ما هو “الصانع الجيد” “good-maker” وفقاً لمنظري القائمة الموضوعية؟ هذا يعتمد على النظرية. أحدهما، والذي تأثر في أرسطو وطوره مؤخرًا Thomas Hurka (1993 ؛ انظر Bradford, 2017)، هو الكمال، والذي وفقًا له أن ما يجعل الأشياء من مكونات الرفاهية هو طبيعتها البشرية المثالية. (فيما يتعلق بتاريخ الكمال الحديث، انظر Brink, 2019.) إذا كان اكتساب المعرفة جزءًا من الطبيعة البشرية، على سبيل المثال يجب على من يسعى إلى الكمال أن يدعي أن المعرفة هي إحدى مكونات الرفاهية. ولكن لا يوجد ما يمنع ادعاء أحد منظري القائمة الموضوعية أن كل ما تشترك فيه العناصر المدرجة في قائمتها هو أن كل عنصر يعزز الرفاهية بطريقته الخاصة.
كيف نقرر ما هو موجود في القائمة؟ كل ما يمكننا العمل عليه هو إنقاذ الحكم التأملي – الحدس، لكن لا ينبغي للمرء أن يستنتج من هذا أن منظري القائمة الموضوعية أقل إرضاءً من النظريتين الأخريتين لأنهم حدسيون. بالنسبة إلى تلك النظريات يمكن أيضًا أن تستند على الحكم التأملي فقط. ولا ينبغي لأحد أن يعتقد أن الحدس يستبعد الحجة. الحجة هي إحدى الطرق لجعل الناس يرون الحقيقة. بالإضافة إلى أنه يجب أن نتذكر أن الحدس من الممكن أن يكون خاطئًا. كما هو مقترح أعلاه، في الواقع هذا هو أقوى خط دفاع متاح لدعاة المتعة: لمحاولة تقويض الموازنة الإثباتية للعديد من معتقداتنا الطبيعية حول ما هو جيد للناس.
أحد الاعتراضات الشائعة على نظريات القائمة الموضوعية هي أنها: نخبوية “élitist”، يبدو أنها تدعي أن بعض الأشياء مفيدة للناس حتى لو لم يستمتعوا بها ولم يريدوها حتى. قد تتمثل إحدى الإستراتيجيات في تبني حساب “هجين” “hybrid”، وفقاً إلى أي مدى بعض السلع تفيد الأشخاص بشكل مستقل عن المتعة وإشباع الرغبة، ولكن عندما يجلبون المتعة في الواقع أو يرضون الرغبات أو كلاهما معاً. والشيء الآخر هو أن نتقبل أن نشير إلى أن النظرية يمكن أن تكون نخبوية وحقيقية في آن واحد.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن نظريات القائمة الموضوعية لا تحتاج إلى أي نوع من الاستبداد أو الكمالية المرفوضة. أولاً: قد يرغب المرء في إدراج الاستقلالية في قائمته، مدعياً أن العيش المستنير وانعكاس حياة المرء لنفسه يشكل خيرًا. ثانيًا: وهو الأهم، قد يلاحظ المرء أن أي نظرية للرفاهية ليس لها آثار أخلاقية مباشرة في حد ذاتها. لا يوجد شيء منطقي يمنع المرء من امتلاك مفهوم عالي النخبوية للرفاهية إلى جانب وجهة نظر ليبرالية صارمة تمنع التدخل الأبوي من أي نوع في حياة الشخص (في الواقع، في بعض التفسيرات، فإن موقف J.S. Mill قريب من هذا).
أحد وجهات النظر غير القابلة للتصديق أنه إذا كانت نظريات الرغبة مخطئة بالفعل في عكسها للعلاقة بين الرغبة وما هو جيد، فإن الجدل هو في الحقيقة بين مذهب المتعة ونظريات القائمة الموضوعية. وكما هو مقترح أعلاه، فإن ما هو على المحك هنا هو مسألة الملاءمة المعرفية لمعتقداتنا حول الرفاهية. وتتمثل أفضل طريقة لحل هذه المشكلة إلى حد كبير في العودة مرة أخرى إلى تجربة اعتراض الآلة، والسعي إلى اكتشاف ما إذا كان هذا الاعتراض قائمًا حقًا أم لا.
5. الرفاهية والأخلاق
1.5 الرفاهية
من الواضح أن الرفاهية تلعب دورًا مركزيًا في أي نظرية أخلاقية. النظرية التي تقول إنها لا تهم لن يتم منحها أي مصداقية على الإطلاق. في الواقع، من المغري جدًا التفكير في أن الرفاهية بمعنى نهائي هي كل ما يمكن أن يكون مهمًا من الناحية الأخلاقية. على سبيل المثال تأمل، “المبدأ الإنساني” “humanistic principle” لـ Joseph Raz : “تفسير وتبرير خير أو سوء أي شيء ينبع في النهاية من مساهمته الفعلية أو الممكنة في حياة الإنسان وجودتها” (Raz, 1986، ص 194). إذا وسعنا هذا المبدأ ليشمل الرفاهية غير البشرية فقد يُقرأ جوهرياً أنه يدعي أن القوة التبريرية لأي سبب أخلاقي تعتمد على الرفاهية. هذا الرأي هو رعاية الرفاهية.
النفعيون الذين يؤمنون بأن الإجراء الصحيح هو الذي يزيد من الرفاهية بشكل عام قد يحاولون استخدام المعقولية البديهية للرعاية الاجتماعية لدعم موقفهم بحجة أن أي انحراف عن تعظيم الرفاهية يجب أن يقوم على شيء مميز من الرفاه، مثل المساواة أو الحقوق. لكن أولئك الذين يدافعون عن المساواة قد يجادلون بأن داعمي المساواة معنيون بإعطاء الأولوية لمن هم أسوء حالًا، وكما نرى هنا ارتباط الاهتمام بالرفاهية. مثلا: قد يلاحظ المعنيون بالحقوق أن لدينا حقوقًا في حاجيات معينة مثل الحرية أو غياب “الشر”، مثل المعاناة (كما في حالة الحق في عدم التعرض للتعذيب). بعبارة أخرى، إن تفسير الرفاهية بحد ذاته موضع خلاف. ولكن مهما كان المفهوم، يبدو أن الرفاهية تشكل مشكلة لأولئك الذين يعتقدون أن الأخلاق يمكن أن تتطلب أفعالًا لا تفيد أحدًا وتضر بالبعض مثل العقوبات التي تهدف إلى منح الأفراد ما يستحقونه.
2.5 الرفاهية والفضيلة
كانت الأخلاق القديمة إلى حد ما أكثر اهتمامًا بالرفاهية من الأخلاق الحديثة، وكان السؤال المركزي للعديد من الفلاسفة الأخلاقيين القدامى هو: “أي حياة أفضل للفرد؟”. إن عقلانية الأنانية – وجهة النظر القائلة بأن السبب الأقوى لدي دائمًا هو تعزز رفاهيتي – كانت مفترضةً إلى حد كبير. وهذا يشكل مشكلة بسبب الاعتقاد أن الأخلاق بطبيعتها هي الاهتمام بمصالح الآخرين. لذا إذا كانت الأنانية صحيحة، فما السبب الذي يجب أن يجعل الفرد أخلاقياً؟
تتمثل إحدى الإستراتيجيات الواضحة التي يجب تبنيها دفاعًا عن الأخلاق في الادعاء بأن رفاهية الشخص تتشكل بشكل ما من خلال فضيلته أو ممارسته الفضيلة، وقد تم تبني هذه الاستراتيجية بمهارة وبطرق مختلفة من قبل أعظم ثلاثة فلاسفة قدامى، هم: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو (للدفاع الحديث عن وجهة النظر، انظر Bloomfield ا(2014)). يبدو أن أفلاطون في مرحلة ما من كتاباته يسمح بعقلانية التضحية بالنفس الأخلاقي: في تشبيهه الشهير بـ “الكهف” في الجمهورية (519-20) الفلاسفة ملزمون بموجب الأخلاق بالكف عن تأمل الشمس خارج الكهف، والنزول مرة أخرى إلى الكهف لحكم المواطنين. ومع ذلك، لا توجد توصية بالتضحية في الأعمال الضخمة لأرسطو. اعتقد أرسطو أنه يستطيع الدفاع عن الاختيار الفاضل كما هو الحال دائمًا في مصلحة الفرد. لاحظ مع ذلك أنه لا يريد وصفه بأنه أناني بمعنى قوي – كشخص يعتقد أن الأسباب الوحيدة وراء تصرفاتنا ترتكز على رفاهيتنا. بالنسبة إليه، تميل الفضيلة إلى تعزيز مصلحة الآخرين، وعند التصرف بناءً عليها تُقَدَّم مصلحتنا على الأقل. لذلك ربما سمح أرسطو برفاهية الآخرين لأسباب تجعلني أتصرف. لكن هذه الأسباب لن تتعارض أبدًا مع الأسباب المتجذرة في رفاهيتي الفردية.
حجته الاساسية “حجة الوظيفة” “function argument” سيئة السمعة والكمال، والتي بموجبها يتم تحديد الخير لبعض الكائنات من خلال الانتباه إلى “وظيفته” “function” أو نشاطه المميز. يتمثل النشاط المميز للبشر في ممارسة المنطق أو استخدام العقل، وتكمن النية الحسنة في استخدام العقل جيدًا وفقًا للفضائل. هذه الحجة التي ذكرها أرسطو بإيجاز شديد واعتمد فيها على افتراضات من مكان آخر في فلسفته وفلسفة أفلاطون، يبدو أنها تخلط بين فكرتي ما هو جيد للفرد وما هو جيد أخلاقياً. قد أوافق على أن المثال “الجيد” للإنسانية سيكون فاضلاً، لكنني لا أوافق أن هذا الشخص يفعل ما هو الأفضل له. بدلاً من ذلك قد أصر على أن العقل يتطلب من المرء أن يطور مصلحته وهذه المصلحة تتكون من المتعة أو القوة أو الشرف على سبيل المثال. لكن الكثير من الأخلاق النيقوماخية “Nicomachean Ethics“ لأرسطو مأخوذة من نماذج من حياة الأفاضل والأشرار، والتي تقدم دعمًا مستقلاً للادعاء القائل بأن الرفاهية تتشكل من خلال الفضيلة. من الجدير ذكره على وجه الخصوص أن التأكيد الذي وضعه أرسطو على القيمة لشخص من “طبقة النبلاء ” (لـ kalon)، وهي قيمة شبه جمالية قد يراها الحساسون لمثل هذه الصفات مكوناً معقول لرفاهية الإنسان أكثر من أي شيء آخر. إن خير الفضيلة بالمعنى الكانطي هو “غير المشروط” “unconditional”. بينما بالنسبة إلى أرسطو فإن الفضيلة أو “النية الحسنة” “good will” ليست جيدة من الناحية الأخلاقية فقط، بل هي جيدة للفرد كذلك.
المراجع
a(2016a) Fletcher مقدمة في فلسفة الرفاه؛ للاطلاع على النظرة العامة بشكل واضح، انظر إلى Hooker (2015)a. ومن الأعمال الحديثة المهمة في إعداد قوائم لأهداف مختلفة Griffin (1986)a و Finnis (2011)a؛ وGoldman (2018)a، الذي طور وجهة نظر الرفاهية والتي تتمثل في تحقيق الرغبة العقلانية، Sobel 2016، الذي دافع عن وجهة النظر الذاتية للرفاهية؛ Feldman (2004)a وCrisp (2006)a، اللذان دافعا عن مبدأ المتعة؛ Summer (1996)a، الذي رفض الخيارات المتاحة ودعا إلى نظرية الرفاه القائمة على مبدأ “الرضا عن الحياة” ؛ Kraut (2007)a، الذي طور حساباً أرسطياً على نطاق واسع؛ وتناول Haybron (2008)a، وTiberius (2008)a، و Alexandrova (2017)a القضايا التي نشأت في البحث النفسي المعاصرة حول السعادة. مجموعة من المقالات المفيدة Fletcher (2016b)a. انظر أيضاً إلى Nussbaum و Sen (1993).
- Adler, M. and M. Fleurbaey (eds.), 2016, Oxford Handbook of Wellbeing and Public Policy, New York: Oxford University Press.
- Alexandrova, A., 2017, A Philosophy for the Science of Well-being, New York: Oxford University Press.
- Aristotle, Metaphysics, in The Complete Works of Aristotle, J. Barnes (ed.), Princeton: Princeton University Press, 1984.
- –––, Nicomachean Ethics, R. Crisp (ed.), Cambridge: Cambridge University Press, 2000.
- Benatar, D., 2006, Better Never to have Been: The Harm of Coming into Existence, Oxford: Clarendon Press.
- Bentham, J., 1789 [1996], An Introduction to the Principles of Morals and Legislation, J. Burns and H.L. A. Hart (ed.), Oxford: Clarendon Press.
- Bloomfield, P., 2014, The Virtues of Happiness: A Theory of the Good Life, New York: Oxford University Press.
- Bradford, G., 2017, “Problems for Perfectionism”, Utilitas, 29: 344–64.
- –––, 2021, “Perfectionist Bads”, Philosophical Quarterly, 71: 586–604.
- Bradley, B., 2009, Well-being and Death, Oxford: Clarendon Press.
- Brink, D., 2019, “Normative Perfectionism and the Kantian Tradition”, Philosophers’ Imprint, 19: 1–28.
- Crisp, R., 2006, Reasons and the Good, Oxford: Clarendon Press.
- Dorsey, D., 2021, A Theory of Prudence, Oxford: Oxford University Press.
- Feldman, F., 2004, Pleasure and the Good Life, Oxford: Clarendon Press.
- –––, 2010, What is this Thing Called Happiness?, Oxford: Oxford University Press.
- Finnis, J., 2011, Natural Law and Natural Rights, 2nd edition, Oxford: Clarendon Press.
- Flanagan. O., 2007, The Really Hard Problem: Meaning in a Material World, Cambridge, MA: MIT Press.
- Fletcher, G., 2016a, The Philosophy of Well-being: An Introduction, London: Routledge.
- ––– (ed.), 2016b, The Routledge Handbook of the Philosophy of Well-being, London: Routledge.
- –––, 2021, Dear Prudence: The Nature and Normativity of Prudential Discourse, Oxford: Oxford University Press.
- Goldman, A., 2018, Life’s Values: Pleasure, Happiness, Well-being, and Meaning, Oxford: Oxford University Press.
- Griffin, J., 1986, Well-being, Oxford: Clarendon Press.
- Haybron, D., 2008, The Pursuit of Unhappiness, Oxford: Clarendon Press.
- Heathwood, C., 2006, “Desire Satisfactionism and Hedonism”, Philosophical Studies, 128: 539–63.
- –––, 2016, “Desire-Fulfillment Theory”, in Fletcher (2016b), 135–47.
- –––, 2019, “Which Desires are Relevant to Well-being?”, Nous, 53: 664-88.
- Hooker, B., 2015, “The Elements of Well-being”, Journal of Practical Ethics, 3: 15–35.
- Hurka, T., 1993, Perfectionism, Oxford: Clarendon Press.
- –––, 2019, “On ‘Hybrid’ Theories of Personal Good”, Utilitas, 31: 450–62.
- Kagan, S., 1992, “The Limits of Well-being”, Social Philosophy and Policy, 9: 169–89.
- –––, 2015, “An Introduction to Ill-being”, Oxford Studies in Normative Ethics, 4: 261–88.
- Kraut, R., 2007, What is Good and Why, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- –––, 2011, Against Absolute Goodness, New York: Oxford University Press.
- –––, 2018, The Quality of Life: Aristotle Revised, Oxford: Oxford University Press.
- Kriegel, U., 2019, “The Value of Consciousness”, Analysis, 79: 503–20.
- Layard, R., 2005, Happiness: Lessons from a New Science, London: Penguin.
- Lin, E., 2016, “How to Use the Experience Machine”, Utilitas, 28: 314–32.
- –––, 2018, “Welfare Invariabilism”, Ethics, 128: 320–45.
- Mill, J.S., 1863 [1998], Utilitarianism, R. Crisp (ed.), Oxford: Oxford University Press.
- Moore, A., 2000, “Objective Human Goods”, in B. Hooker and R. Crisp (eds.), Well-being and Morality: Essays in Honour of James Griffin, Oxford: Clarendon Press, 75–89.
- Moore, G.E., 1903, Principia Ethica, Cambridge: Cambridge University Press.
- Nozick, R., 1974, Anarchy, State, and Utopia, Oxford: Basil Blackwell.
- Nussbaum, M. and A. Sen (eds.), 1993 The Quality of Life, Oxford: Clarendon Press.
- Parfit, D., 1984, Reasons and Persons, Oxford: Clarendon Press.
- Plato, Protagoras, C.C.W. Taylor (ed. and trans.), Oxford: Clarendon Press, 1976.
- –––, Republic, G.M. Grube (trans.), revised C.D.C. Reeve, Indianapolis: Hackett, 1992.
- Rawls, J. 1971, A Theory of Justice, Cambridge, MA: Harvard University Press.
- Raz, J., 1986, The Morality of Freedom, Oxford: Clarendon Press.
- –––, 2004, “The Role of Well-being”, Philosophical Perspectives, 18: 269–94.
- Rosati, C., 1995, “Persons, Perspectives, and Full Information Accounts of the Good”, Ethics, 105: 296–325.
- Russell, Daniel C., 2012, Happiness for Humans, Oxford: Oxford University Press.
- Scanlon, T., 1998, What We Owe to Each Other, Harvard: Belknap Press.
- Seligman, M., 2011, Flourish: A New Understanding of Happiness and Well-being—and How to Achieve Them, Boston & London: Nicholas Brealey.
- Skelton, A., 2016, “Children’s Well-being: A Philosophical Analysis”, in Fletcher (2016b), 366–77.
- Smuts, A., 2017, Welfare, Meaning, and Worth, London: Routledge.
- Sobel, D., 1994, “Full-information Accounts of Well-being”, Ethics, 104: 784-810.
- –––, 2016, From Value to Valuing: A Defense of Subjectivism, Oxford: Oxford University Press.
- Stace, W.T. 1944, “Interestingness”, Philosophy, 19: 233–41.
- Sumner, W., 1996, Welfare, Happiness, and Ethics, Oxford: Clarendon Press.
- Tiberius, V., 2008, The Reflective Life, New York: Oxford University Press.
- Velleman, J. David, 1991, “Well-being and Time”, Pacific Philosophical Quarterly, 72: 48–77.
- White, N., 2006, A Brief History of Happiness, Malden, MA: Blackwell.
- Woodard, C., 2013, “Classifying Theories of Welfare”, Philosophical Studies, 165: 787–803.
أدوات أكاديمية
How to cite this entry. | |
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society. | |
Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO). | |
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database. |
مصادر أخرى على الإنترنت
[Please contact the author with suggestions.]
مداخل ذات صلة
altruism | Aristotle, General Topics: ethics | autonomy: in moral and political philosophy | autonomy: personal | Bentham, Jeremy | consequentialism | egoism | ethics: ancient | hedonism | Mill, John Stuart | Plato: ethics and politics in The Republic
[1] Crisp, Roger, “Well-Being”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2021 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2021/entries/well-being/>.