مجلة حكمة
اسحاق نيوتن

آيزاك نيوتن

الكاتبجورج سميث
ترجمةعلي الحارس
تحميلنسخة PDF

مدخل فلسفي شامل حول سيرة العالم الشهير آيزاك نيوتن، منشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التعديل منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


من هو نيوتن؟

اشتهر آيزاك نيوتن (1642-1727) باختراعه التفاضل والتكامل في المدّة ما بين منتصف عقد ستّينيات القرن السابع عشر حتّى أواخر ذلك العقد (أي: قبل حوالي عقد من اختراع لايبنيتس له بشكل مستقلّ، وكان له تأثير أكبر في نهاية المطاف)، وبصياغته لنظرية الجاذبية العامة التي احتواها كتابه (پرينكيپيا Principia = المبادئ)، والذي يعدّ أهمّ ما كتب في مرحلة التحوّل من الفلسفة الطبيعية الحديثة المبكّرة إلى العلوم الفيزيائية الحديثة. وكانت له اكتشافات كبرى سوى ما سبق، وذلك في مجال البصريات (بدأت في منتصف ستّينيات القرن السابع عشر واستمرّت أربعة عقود). ولم تؤدّ جهوده في الرياضيات والفيزياء إلى تخفيف زخم جهوده الأخرى خلال الأعوام الستّين التي قضاها في النشاط الفكري المكثّف، فبذل جهودًا مماثلة في الكيمياء والخيمياء واللاهوت ودراسات الكتاب المقدّس. ولم يكد ينشر كتابه (المبادئ) في العام (1687) حتّى أصبح من الشخصيات المرموقة في بريطانيا، ونتج عن ذلك ترسّخ “النيوتنية” فيها، بشكل أو بآخر، خلال العقد الأوّل من القرن الثامن عشر.

أمّا تأثيره في باقي القارّة الأوروبية فجاء متأخّرًا لما لاقته نظريّته للجاذبية من معارضة قوية عبّرت عنها أسماء في الصدارة، من أمثال كريستيان هويگنز ولايبنيتس، واللذان رأيا بأنّ هذه النظرية تستعين بقوّة فاعلة غامضة تمارس فعلها عن بعد دون أن يقدّم نيوتن أيّ مقترح لآلية تماس يمكن لقوى الجاذبية أن تعمل بواسطتها. ومع تزايد الأدلّة الواقعية التي تدعم صدق الوعود التي أطلقتها نظرية الجاذبية، بدءًا من أواخر ثلاثينيات القرن الثامن عشر وخصوصًا خلال أربعينيات وخمسينيات هذا القرن، أصبح اسم نيوتن مهيمنًا على القارّة الأوروبية على نحو يضاهي فيه منزلة الأسماء المرموقة الأخرى فيها، فازدهرت هنالك “النيوتنية” أيضًا، وإن جاءت بأشكال أكثر حذرًا. وإنّ ما تشير إليه كتب الفيزياء الدراسية الحالية على أنّه “ميكانيكا نيوتن” أو “علم نيوتني” يتألّف في معظمه من نتائج جرى إنجازها في أوروبا القارّية في المدّة (1740-1800).


1. حياة نيوتن

يمكننا أن نقسم حياة نيوتن إلى أربعة مراحل: ما قبل دراسته في ترينيتي كوليج في كيمبريج في العام (1661)؛ والأعوام التي قضاها في كيمبريج قبل نشر كتابه (المبادئ) في العام (1687)؛ ومدّة من الزمن امتدّت إلى عقد تقريبًا تلت نشر كتابه واتّسمت بما ناله من شهرة وشعوره المتزايد بالإحباط من كيمبريج؛ والعقود الثلاثة الأخيرة من حياته التي قضاها في لندن، وكان في معظمها رئيس دار سكّ العملة. وعلى الرغم من أنّه ظلّ على نشاطه الفكري خلال المدّة التي قضاها في لندن، فإنّ فتوحاته العلمية الشهيرة تعود بأكملها تقريبًا إلى مرحلة كيمبريج، لكنّ كلّ كتاباته المنشورة قبل وفاته تعود إلى المرحلة اللندنية، وذلك باستثناء بحوثه في البصريات في أوائل سبعينيات القرن السابع عشر والطبعة الأولى من كتابه (المبادئ).[i]

1.1 الأعوام الأولى من حياة نيوتن

ولد نيوتن في أسرة پيوريتانية في وولزثورپ (قرية صغيرة في لينكونشاير بالقرب من گرانثام) في (25 ديسمبر 1642) وفقًا للتقويم الميلادي القديم، قبل بضعة أيّام من اكتمال مرور عام كامل على وفاة گاليليو، وكان أبوه قد توفّي قبل ولادته بشهرين. وبعد ثلاثة أعوام تركته أمّه (هانّا) مع والديها لتنتقل للإقامة مع زوجها الجديد بارناباس سميث الذي كان يبلغ من العمر ثلاثة وستين عامًا (تعلّم آيزاك القراءة والكتابة على يدي أمّه وجدّته لأمّه، وكانتا متعلّمتين خلافًا لوالده). وفي العام (1653) عادت أمّه إلى منزل والديها بعد وفاة زوجها، ومعها ثلاثة أطفال آخرين.

وبعد عامين غادر آيزاك المنزل لينخرط في مدرسة داخلية في گرانثام، لكنّه تركها في العام (1659) وخصّص وقته بأكمله للعمل بالزراعة التي لم يحقّق فيها نجاحًا كبيرًا. لكنّ خاله الحاصل على شهادة الماجستير من كيمبريج، وكان يعمل مديرًا لمدرسة گرانثام حينها، أقنع أمّ نيوتن بأنّ ابنها يجب أن يهيّئ نفسه للدراسة بالجامعة؛ فتلقّى نيوتن تعليمًا إضافيًا في مدرسة گرانثام، ثمّ دخل ترينيتي كوليج في كيمبريج في العام (1661)، وكان حينها أسنّ بقليل من معظم زملائه.

قضى نيوتن شبابه في مرحلة هي الأكثر اضطرابًا من تاريخ إنگلترا؛ إذ اندلعت الحرب الأهلية الإنگليزية في العام (1642)، وقطع رأس الملك چارلز في العام (1649)، وحكم البلاد أوليڤر كرومويل تحت مسمّى (السيّد الحامي) من العام (1653) حتّى وفاته في العام (1658) ليتلوه ابنه ريچارد في المدّة (1658-1659)، لتعود الملكية مرّة أخرى تحت حكم چارلز الثاني في العام (1660). وليس من الواضح مدى التأثير الذي طال نيوتن وأسرته بسبب الاضطراب السياسي في هذه المرحلة، لكنّ التأثيرات التي طالت كيمبريج وغيرها من الجامعات كانت تأثيرات هائلة، ويكفيها على الأقلّ أنّها تحرّرت لأعوام من سيطرة الكنيسة الكاثوليكية الأنگليكانية، وكانت عودة هذه السيطرة مع الملكية عاملًا رئيسيًا في استعانة بعض الشخصيات، من أمثال روبرت بويل، بالملك چارلز الثاني، وجاء العون في العام (1660) على هيأة ما عُرِف بـ(جمعية لندن الملكية). ولهذا فإنّ البيئة الفكرية الإنگليزية التي عايشها نيوتن في كيمبريج بعد انخراطه فيها كانت شديدة الاختلاف عما كانت عليه عند مولده.

2.1 حياته في كيمبريج قبل نشر كتابه (المبادئ)

تلقّى نيوتن التعليم التقليدي أوّلًا في كيمبريج، والذي كان يركّز في الأساس على المنهاج الأرسطي بما فيه من خطابة ومنطق وأخلاق وفيزياء (عبر نصوص ثانوية لمؤلّفين آخرين). وفي العام (1664) بدأ نيوتن يتجاوز المنهاج المعياري، فقرأ، مثلًا، نسخة (1656) اللاتينية من (الأعمال الفلسفية) لـ ديكارت، والتي ضمّت كتبه: (التأمّلات)، و(خطاب حول المنهج)، و(علم انكسار الضوء)، و(مبادئ الفلسفة). وفي أوائل العام (1664) بدأ بتعليم نفسه الرياضيات، وأخذ يسجّل الملاحظات على أعمال آوتريد، وڤييتي، وواليس، وديكارت (اطّلع على ما كتبه ديكارت في هذا المجال عبر الترجمة اللاتينية والشرح الذي أنجزه ڤان شوتن لكتابه [الهندسة]).

أمضى نيوتن المدّة (صيف 1665 – ربيع 1667)، باستثناء ثلاثة أشهر منها، جليس منزله في وولزثورپ عندما أغلقت الجامعة أبوابها بسبب انتشار الطاعون. وكانت هذه المدّة حافلة بالإنجازات، إذ شهدت اكتشافاته التجريبية الأوّلية في علم البصريات، وتطويره للنظرية الرياضية للحركة الدائرية المنتظمة (بشكل مستقلّ عن معالجة هويگينز لها في العام 1659)، ولاحظ في أثناء ذلك العلاقة بين الجذر المعكوس وقاعدة كيپلر التي تربط جذر الدور المداري للكوكب بمكعّب متوسّط بعده عن الشمس.

والأكثر إدهاشًا ممّا سبق أنّه أصبح في أواخر العام (1666) عالم الرياضيات الأوّل على مستوى العالم بما قدّمه من منجزات ملموسة، بعد أن انتقل من بحوثه في المسائل الرياضية الحديثة إلى اكتشاف حساب التفاضل والتكامل كما قدّمه في الكتيّب الذي أصدره في (أكتوبر 1666). عاد نيوتن بعد ذلك إلى كلّية ترينيتي بمنزلة (زميل) في العام (1667)، وتابع فيها بحوثه في البصريات، وصنع فيها منظاره الانعكاسي الأوّل في العام (1669)، وألّف كتيّبًا أوسع باللاتينية حول التفاضل والتكامل أسماه (التحليل بواسطة المعادلات من الدرجة اللامنتهية) ضمّنه عملًا جديدًا حول السلاسل اللامنتهية؛ وعلى أساس هذا الكتيّب رشّحه آيزاك بارو بديلًا له في منصب أستاذ الكرسي اللوكاسي في الرياضيات؛ وتبوّأ نيوتن منصبه الجديد في (أكتوبر 1669) بعد أربعة أعوام ونصف من حصوله على شهادة البكالوريوس.

قضى نيوتن في الكرسي اللوكاسي خمسة عشر عامًا أمضاها في إلقاء المحاضرات والبحوث في عدد من المجالات المتنوّعة. وبحلول العام (1671) كان قد أكمل مؤلَّفًا حول التفاضل والتكامل يصل إلى حجم رسالة كاملة، لكنّه لم يجد من يقبل بنشره.[ii] ويبدو أنّ إخفاقه هذا قد جعل اهتمامه في الرياضيات ينصرف عن التفاضل والتكامل لفترة من الزمن، فالمحاضرات الرياضية المسجّلة في هذه الفترة تشير إلى أن معظم اهتمامه قد انصبّ على الجبر (أقدم نيوتن في أوائل ثمانينيات القرن السابع عشر على مراجعة نقدية للنصوص التقليدية في الهندسة، وهذه المراجعة قلّصت رؤيته المتعلّقة بأهمّية الرياضيات الرمزية).

وفي المدّة (1670-1672) ركّزت محاضراته على علم البصريات، وقدّم نطاقًا واسعًا من التجارب المفصّلة. وفي أوائل العام (1672) أعلن نيوتن ما توصّل إليه في علم البصريات، فنشر نصوصًا كانت (الجمعية الملكية) قد قرأتها ونشرتها في (المداولات الفلسفية للجمعية الملكية)، وتلا ذلك أربعة أعوام من المراسلات مع مختلف العلماء الذين طعنوا في ادّعاءاته، بمن فيهم: روبرت هوك وكريستيان هويگينز، وكانت هذه المراسلات مزعجة أحيانًا إلى حدٍّ جعل نيوتن يقرّر الامتناع عن التراسل العلني في مجال الفلسفة الطبيعية، وفي أواخر سبعينيات القرن السابع عشر عاش معظم حياته منعزلًا، لكنّه انخرط قبل ذلك (خلال أواسط السبعينيات) في سلسلة من المراسلات، كان بعضها مطوّلًا، وكان أبرز هذه المراسلات مع جون كولينز (الذي كان يمتلك نسخة من [التحليل]) ولايبنيتس، وذلك بخصوص عمله الخاصّ بالتفاضل والتكامل. ولذلك فإنّ الفتوحات الرياضية التي أنجزها نيوتن نادرًا ما احتفظت بسرّيتها، على الرغم من عدم نشره لها.

وكانت المدّة التي أمضاها في الكرسي اللوكاسي قد شهدت أيضًا بداية بحوثه الأكثر خصوصية في الخيمياء واللاهوت. ففي العام (1669) اشترى نيوتن معدّات كيميائية وكتبًا في الكيمياء، وأجرى تجارب كيميائية استمرّت خلال هذه المدّة بأكملها. ويبدو أنّ القَسَم الذي ربّما أدّاه نيوتن في تبوّئه للكرسي كان سببًا في دراسته لعقيدة التثليث، والتي مهّدت الطريق ليتساءل حول مشروعية الكثير من العقائد المركزية في الكنيستين الكاثوليكية والأنگليكانية.

ولم يُبدِ نيوتن سوى القليل من الاهتمام بعلم الفلك المداري خلال تلك المدّة، حتّى شرع هوك بمراسلة موجزة معه بغرض الحصول على مادّة للجمعية الملكية، وذلك في نهاية (نوفمبر 1679)، بعد أمد قصير من عودة نيوتن لكيمبريج بعد وفاة والدته. وكان من المشكلات المتعدّدة التي اقترحها هوك على نيوتن: مسألة مسار جسم يقع تحت تأثير قوّة مركزية منعكسة الجذر:

«يبقى علينا الآن أن نعلم خصائص الخطّ المنحني (لا الدائري، ولا ذي الاتّحاد المركزي) الذي تصنعه قوّة منجذبة مركزيًا تجعل سرعة الانحدار من خطّ التماسّ أو الحركة المستقيمة المساوية في كلّ بعد ضمن تناسب مطابق للمسافات المأخوذة بشكل متبادل. وأنا لا أشكّ بأنّ أسلوبك الممتاز يمكّنك من اكتشاف ما يجب أن يكون عليه الخطّ المنحني، وخصائصه، واقتراح سبب فيزيائي لهذه النسبة».[iii] 

ويبدو هنا أن نيوتن كان قد اكتشف حينها العلاقة المنهجية بين المسارات ذات الأقسام المخروطية والقوى المركزية ذات الجذر المنعكس، لكنّه لم يبح بذلك لأحد، ولم يتابع البحث في هذا المجال لأسباب مجهولة، إلى أن زاره هالي في (صيف 1648) ليطرح عليه السؤال نفسه، فكان جوابه الفوري: القطع الناقص، لكنّه عجز عن تزويده بالدراسة التي قادته لهذا الجواب القطعي، فوافق على طلب هالي بأن يرسل إليه في لندن نصًّا حول ذلك. وأنجز نيوتن وعده في نوفمبر عندما أرسل لهالي مخطوطة من تسعة أوراق مكتوبة باللاتينية تحت عنوان (في حركة الأجسام ضمن المدار)، وقد أدرج النصّ في سجلات الجمعية الملكية في أوائل (ديسمبر 1684). ويتألّف النصّ من عشرة قضايا مستنبطة (ثلاثة مبرهنات وسبع مشكلات) تكرّرت جميعها، مع ما تستلزمه من نتائج، ضمن قضايا مهمّة في كتابه (المبادئ).

ولقد قضى نيوتن المدّة (أواخر 1684 – أوائل 1687)، باستثناء عدّة أسابيع ابتعد فيها عن كيمبريج، مركّزًا عمله على مسارات بحثية وسّع من خلالها الكتيّب الموجز بقضاياه العشر إلى كتاب (المبادئ) بصفحاته الخمسمئة وما تحتويه من (192) قضية مشتقة. وكانت الخطّة الأوّلية تستهدف كتابًا من جزأين، لكنّ نيوتن غيرّ الخطّة لتستهدف ثلاثة أجزاء، واستعاض عن الجزء الثاني السابق بجزء يغلب عليه الطابع الرياضي أكثر. وأرسلت مخطوطة الجزء الأوّل إلى لندن في (ربيع 1686)، تلتها مخطوطتا الجزأين الثاني والثالث في (مارس وأبريل 1687) على التوالي. وصدرت حوالي ثلاثمئة نسخة من كتاب (المبادئ) في صيف (1687)، فدفعت بنيوتن، وكان يبلغ الرابعة والأربعين حينها، إلى صدارة الفلسفة الطبيعية، وأنهت، دون رجعة، حياة العزلة النسبية التي كان يعيشها.

1. 3. الأعوام الأخيرة له في كيمبريج

كان الشعور المتزايد بالإحباط من وضعه في كيمبريج هو السمة التي طبعت الحقبة الفاصلة بين إصدار نيوتن لكتابه (المبادئ) وبين انتقاله النهائي إلى لندن في العام (1696). ففي (يناير 1689)، وبعد (الثورة المجيدة) التي اندلعت في نهاية العام (1688)، جرى انتخاب نيوتن ليمثّل جامعة كيمبريج في البرلمان العرفي، وظلّ في منصبه هذا حتّى (يناير 1690)؛ وفي أثناء ذلك انعقدت أواصر الصداقة بينه وبين جون لوك ونيكولاس فاتيو ديدويليير، وفي نهاية العام (1689) استطاع أخيرًا أن يلتقي كريستيان هويگينز وجهًا لوجه في نقاشين مطوّلين. وربّما كان شعور نيوتن بالخيبة لعدم اقتناع هويگينز بحجّة الجاذبية العامّة هو السبب الذي دفع نيوتن للبدء في أوائل تسعينيات القرن السابع عشر بإعادة كتابة جذرية لـ(المبادئ).

وخلال هذه الأعوام نفسها كتب (دون أن ينشر) رسالته الرئيسية حول الخيمياء (وعنوانها: الممارسة)؛ وراسل ريچارد بينتلي حول الدين وسمح لجون لوك بقراءة بعض ما كتب في هذا الموضوع؛ وحاول مرّة أخرى أن يعمل على إعداد عمله حول التفاضل والتكامل على هيأة مناسبة للنشر؛ وأجرى تجارب على انكسار الضوء منتويًا إكمال كتابه (البصريات)، لكنّه امتنع عن نشر مخطوطة الكتاب لعدم رضاه عن معالجته لموضوع الانكسار. وتخلّى نيوتن في العام (1693) عن مشروعه لإعادة الكتابة الجذرية لـ (المبادئ)، وذلك في خضمّ إصابته بما دُعي لاحقًا بـ(الانهيار العصبي)، وهو أمرّ أقرّ به شخصيًا. وفي (خريف 1693) شُفِي من مرضه، فاستمرّ خلال العامين التاليين بإجراء التجارب في الكيمياء الخيميائية (Chymistry) وبذل جهدًا كبيرًا في محاولة صقل وتوسيع ما ورد في (المبادئ) من تفسير مدار القمر وفقًا لنظرية الجاذبية، لكنّه لم يحرز الكثير من النجاح خلافًا لما كان يأمل.

ولقد أبدى نيوتن في هذه الحقبة اهتمامًا بتولّي منصب رسمي في لندن، لكنّه فشل أيضًا في تحقيق ما يصبو إليه، وبقي كذلك حتّى قبوله في العام (1696) بمنصب (المشرف على دار السكّ)، وهو منصب ثانوي نسبيًا، وبقي فيه إلى العام (1699) حين أصبح (رئيس دار السكّ). وإلى جانب ذلك، مثّل نيوتن جامعة كيمبريج في البرلمان خلال (16) شهرًا بدءًا من العام (1701)، وهو العام الذي استعاد فيه زمالته في كلّية ترينيتي والكرسي اللوكاسي. ثمّ جرى انتخابه رئيسًا للجمعية الملكية في العام (1703)، وحصل على رتبة (فارس) من الملكة آن في العام (1705).

1. 4. أعوام نيوتن في لندن وصولًا إلى وفاته

وهكذا أصبح نيوتن من المرجعيات الرئيسية في لندن خلال بقيّة حياته، وتمتّع باتصال شخصي مباشر مع أرباب السلطة والجاه على نحو لم يعهد له مثيلًا خلال أعوامه في كيمبريج. وتغيّرت حياته اليومية على نحو لا يقلّ إثارة عندما انتقلت -بعد وقت قصير- ابنة أخته غير الشقيقة، هانا، للإقامة معه، وهي فتاة مراهقة تُدعى كاثرين بارتون كانت تتمتّع بقسط وافر من الحيوية، وظلّت تقيم معه حتّى زواجها بجون كوندويت في العام (1717)، لكنّها لم تنقطع عن التواصل معه عن قرب (انتقلت أوراق نيوتن إلى ذرّية كاثرين وزوجها بعد ذلك). وكانت كاثرين تُعرَف قبل زواجها بعلاقاتها الاجتماعية القوية مع أرباب السلطة، وكانت تلقى الحفاوة في أوساط المثقّفين، أمّا زوجها فكان من أثرى أثرياء لندن.

خاض نيوتن في لندن عددًا من النزاعات البغيضة، وربّما كان السبب في تفاقمها هو استغلال نيوتن لمنصبه المرجعي في الجمعية الملكية. ففي أوائل أعوام ترؤّسه للجمعية انخرط في نزاع مع جون فلامستيد، وخلال ذلك أقدم مع هالي (وكان متحاملًا على فلامستيد منذ زمن) على خيانة فلكي الملك، وحوّلاه إلى عدوّ دائم. وكانت مشاعر الضغينة بين نيوتن ولايبنيتس تختمر تحت السطح حتّى قبل وفاة هويگينز في العام (1695)، ووصلت إلى ذروتها في العام (1710) حين وجّه جون كيل في مجلّة (المداولات الفلسفية) إلى لايبنيتس تهمة انتحال التفاضل والتكامل من نيوتن، فطلب لايبنيتس من الجمعية الملكية، وهو زميل فيها منذ العام (1673)، أن تردّ له اعتباره؛ فنشرت الجمعية في العام (1712) ردّها، وكان أبعد ما يكون عن ردّ الاعتبار.

لم يكن نيوتن مجرّد شخصية مهيمنة في إصدار الردّ، بل إنّه نشر أيضًا حول هذا الردّ مراجعة صريحة مغفَلة الاسم في مجلّة (المداولات الفلسفية). ولم يكن لايبنيتس وزملاؤه في القارّة الأوروبية مرتاحين مطلقًا لما ورد في (المبادئ) من تلميح لفكرة (الفعل عن بعد)، وتفاقم هذا الموقف بسبب النزاع حول تحديد الأولوية لمن اكتشف التفاضل والتكامل منهما، فتحوّل إلى عداوة صريحة ضد نظرية الجاذبية لدى نيوتن، وكانت هذه العداوة تبلغ في عماها مستوى التقبّل المحموم لهذه النظرية في إنگلترا.

وكان للعناصر الشعبية في نزاع الأولوية أثرٌ في توسيع الشرخ بين نيوتن ولايبنيتس ليصبح هوّة تفصل بين الإنگليز المنتمين للجمعية الملكية وبين المجموعة التي كانت تعمل مع لايبنيتس في مجال التفاضل والتكامل منذ تسعينيات القرن السابع عشر، بمن فيهم العالم المرموق يوهان بيرنولي، وتحوّلت هذه الهوّة بدورها إلى هوّة تفصل بين إنگلترا والقارّة الأوروبية فيما يتعلّق بالعمل في العلوم والرياضيات، واستمرّت إلى أمد بعيد تلا وفاة لايبنيتس في العام (1716).

ومن الواضح أنّ نيوتن كان يمتلك في لندن وقتًا أقل بكثير ممّا كان لديه في كيمبريج، لكنّ هذا الأمر لم يؤدِّ إلى توقّفه التام عن العمل المثمر؛ ففي العام (1704) صدرت الطبعة (الإنگليزية) الأولى من (البصريات)، وبذيلها رسالتان في الرياضيات، وهما أوّل ما طبعه من بحوثه في التفاضل والتكامل؛ وتلتها طبعة باللاتينية في العام (1706) وطبعة إنگليزية ثانية في العام (1717)، واحتوى كلٌّ منهما على مسائل مهمّة في مواضيع رئيسية في الفلسفة الطبيعية لم ترد فيما سبقهما.

وبدأت تظهر طبعات لبحوث أخرى أقدم في الرياضيات، ومنها كتابه في الجبر (المبادئ العامّة للرياضيات) (Arithmetica Universalis) في العام (1707)، وكتابه (في التحليل) (De Analysi)، وكتيّب حول الفرق المحدود بعنوان (أساليب التفاضل) (Methodis differentialis) في العام (1711). وفي العام (1713) صدرت الطبعة الثانية من (المبادئ)، والتي بدأ نيوتن العمل عليها في العام (1709) وهو في السادسة والستين من العمر، ثم تلتها طبعة ثالثة في العام (1726).

وعلى الرغم من أنّ نيوتن تخلّى عن خطّته الأصلية لإعادة هيكلة (المبادئ) بشكل جذري، فإنّ ما أدخله حقًّا من تعديلات تكاد تشمل كلّ صفحة من صفحات الطبعة الثانية إنّما يعدّ دليلًا على الحذر الشديد الذي التزمه نيوتن في إعادة النظر بكلّ ما ورد في كتابه، وكثيرًا ما كان ذلك بتحريض من محرّر الكتاب روجر كوتيس؛ ويضاف إلى ذلك أنّه أعاد كتابة أجزاء مهمّة من كتابه دون أن يكون ذلك بسبب ما نالها من نقد في أوروبا القارّية، بل جاء أيضًا بسبب بيانات جديدة جاء بعضها من تجارب أجريت في لندن على القوى المقاومة.

وفي العام (1723) بدأ نيوتن بتركيز جهده لإصدار الطبعة الثالثة، وكان يبلغ الثمانين حينها، وعلى الرغم من أنّ مراجعات هذه الطبعة لم تكن واسعة على النحو الذي شهدته سابقتها، إلّا إنّها احتوت إضافات وتعديلات كبيرة، وكانت جديرة حقًّا بأن تكون الطبعة التي تمثّل رؤاه على النحو الأكمل من العناية.

توفّي نيوتن في (20 مارس 1727)، لكنّ نظرة معاصريه إليه استمرّت بالتوسّع بفضل ما نشر بعد وفاته من كتب مختلفة، ومنها: (تعديل التسلسل الزمني للممالك القديمة) (1728)؛ و(منظومة العالم) (1728)، وهو في الأصل كان يُراد له أن يكون الفصل الأخير من (المبادئ)، وقد طُبِع بالإنگليزية واللاتينية؛ و(ملاحظات حول نبوءات دانيال ونهاية العالم عند القديس يوحنا) (1733)؛ و(رسالة حول التدفّق والسلاسل اللامنتهية) (1737)؛ و(أطروحة حول مقياس الذراع المقدّس عند اليهود) (1737)، و(أربع رسائل من السير آيزاك نيوتن إلى الدكتور بنتلي حول بعض الحجج المتعلّقة بدليل وجود إله) (1756).

وعلى الرغم من كلّ هذه الإصدارات، فإنّ الأعمال المنشورة لم تمثّل سوء جزء محدود من العدد الكلّي للنصوص التي تركها نيوتن لدى كاثرين وجون كوندويت. ولم يتغيّر هذا الحال حتّى مع صدور مجموعة الأعمال الكاملة لنيوتن (في خمسة أجزاء) بتحرير سامويل هورسلي في المدّة (1779-1785). وبعد أن تزوّجت كاثرين ابنة كوندويت انتقلت ممتلكاتها بالوراثة حتّى وصلت أخيرًا إلى اللورد پورتسموث، فوافق في العام (1872) على السماح بمراجعتها على يد خبراء من جامعة كيمبريج (وهم: جون كوچ آدامز، وجورج ستوكيس، وإچ. آر. ليوارج، وجي. دي. ليڤينگ)، وأصدر هؤلاء فهرسًا بمحتوياتها في العام (1888)، واحتفظت الجامعة بكلّ النصوص المتعلّقة بالعلوم الطبيعية.

ومنذ ذلك الحين وحتّى ما قبل الحرب العالمية الثانية، لم يجر سوى القليل من البحث في النصوص العلمية باستثناء العمل المرموق الذي قام به دبليو. دبليو. روسبول. أمّا ما تبقّى من نصوص فلقد أعيدت إلى اللورد پورتسموث، وفي النهاية بيعت بالمزاد في العام (1936) لعدّة أطراف، ولم يجرِ عليها أيّ بحث أكاديمي جادّ حتّى سبعينيات القرن العشرين، وما زال يوجد الكثير ممّا يمكن فعله بشأنها.

2. جهود نيوتن وتأثيره

توجد عوامل ثلاثة تقف في وجه تقييم جهود نيوتن وتأثيره:

  • أوّل هذه العوامل هو المباينة بين نيوتن المعروف لعامّة القرّاء، بما نُشِر من مؤلّفاته خلال حياته وفي العقدين التاليين لوفاته، وبين نيوتن المعروف للخاصّة، بما لم ينُشَر من مؤلّفاته في الرياضيات والفيزياء وعمله في الكيمياء الخيميائية (مزيج من الخيمياء والكيمياء راج في القرن السابع عشر) وكتاباته في اللاهوت الجذري، وهو إنتاج لم يكن معروفًا إلّا للقلّة قبل الحرب العالمية الثانية. ونيوتن العامّ هو وحده من أثّر على القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، لكنّ الاقتصار على نيوتن العامّ في تناول حياته لا يعكس، في أحسن حالاته، سوى شذرات يسيرة منها.
  • والعامل الثاني: المباينة، الصادمة في كثير من الأحيان، بين المحتوى الحقيقي لما ورد في كتابات نيوتن المنشورة وبين المواقف التي تُعزى له، وخصوصًا من قبل الأصوات المروّجة له بين الناس؛ إذ يشير مصطلح “النيوتنية” إلى عدد من التيّارات الفكرية المختلفة التي ظهرت في القرن الثامن عشر، ومنها ما كان أكثر ارتباطًا بعلماء آخرين بالمقارنة مع ارتباطها بنيوتن، أي: ڤولتير وپيمبيرتون وماكلورين، ناهيك عن غيرهم ممّن كانوا يرون في أنفسهم امتدادًا لجهود نيوتن، من أمثال كليرو وأولير ودالامبير ولاگرانج ولاپلاس.
  • والعامل الثالث: المباينة بين النطاق الهائل من المواضيع التي كرّس لها نيوتن تركيزه بأكمله في وقت ما خلال ستين عامًا من احترافه الفكري (الرياضيات، البصريات، الميكانيكا، الفلك، الكيمياء التجريبية، الخيمياء، واللاهوت) وما بين المقدار، المثير للانتباه بقلّته، للمعلومات حول ما الذي دفعه إلى ذلك أو ما كان يعتمل في ذهنه حينذاك. وإنّ من يكتب سيرة نيوتن أو يحلّلها ويحاول أن يجمع الأجزاء المتفرّقة لتكوين صورة موحّدة لنيوتن ومساعيه الفكرية ينتهي به الحال في كثير من الحالات إلى أن يخبرنا عن نفسه بقدر ما يخبرنا عن نيوتن.

وإذا جمعنا المواضيع المتنوّعة التي كرّس نيوتن وقته لها فسنجد بأنّها تتباين تباينًا حادًا عند النظر إلى عمله في كلّ موضوع على حدة؛ فالبصريات وميكانيكا الحركة المدارية يندرجان ضمن ما يعرف بـ(الفيزياء) حاليًا، وحتّى في ذلك الحين كان يُنظَر إليهما باعتبارهما موضوعين مترابطين كما يدل على ذلك ما ورد في الكتاب الأول لديكارت حول الموضوع (العالم.. أو كتاب النور)، لكنّك تجد تقليدين “نيوتنيَّين” مختلفين جدًّا في الفيزياء ينبثقان من كتابي نيوتن (البصريات) و(المبادئ): فمن (البصريات) ينبثق تقليد يتركّز حول التجريب الدقيق، ومن (المبادئ) ينبثق تقليد يتركّز حول النظرية الرياضية؛ وكان العنصر المشترك الأهمّ في هذين التقليدين: الاهتمام العميق لدى نيوتن بأن لا يقتصر دور العالَم التجريبي على كونه الحكَم النهائي وحسب، بل على كونه الأساس الرئيسي لتبنّي النظرية المرحلية.

وقد أبدى نيوتن في كلّ أبحاثه انعدام ثقته بما كان يُعرَف في أيّامه بأسلوب الفرضية (وضع فرضية مسبقة تتجاوز الظاهرة المعلومة ثمّ اختبارها باستخلاص استنتاجات قابلة للملاحظة استنادًا إليها)؛ إذ أصرّ نيوتن عوضًا عن ذلك على أن تكون الظاهرة المحدّدة هي من يقرّر كلّ عنصر من عناصر النظرية، وذلك للحدّ من الجانب المرحلي إلى أقصى حدّ ممكن وصولًا إلى اقتصاره على خطوة التعميم الاستقرائي اعتمادًا على ظاهرة محدّدة. وهذا الموقف يمكن تلخيصه على النحو الأمثل في (قاعدة البرهنة) الرابعة التي أضافها للطبعة الثالثة من (المبادئ) ولكنّه تبنّاها في وقت مبكّر يرجع إلى أيّام إلقائه لمحاضرات البصريات في سبعينيات القرن السابع عشر. وتقول هذه القاعدة:

«يجب، في الفلسفة التجريبية، أن تؤخذ القضايا المستخلصة استقرائيًا على أنّها صادقة إمّا بشكل مطابق وإمّا شبه مطابق على الرغم من أيّة فرضية مخالفة، وذلك إلى أن تبرز ظاهرة أخرى لتطرح قضايا أخرى تتّصف بأنّها إمّا أكثر مطابقة وإمّا قابلة للاستثناءات». 

ويجب اتّباع هذه القاعدة حتّى تتعرّض الحجج القائمة على الاستقراء إلى الإبطال استنادًا إلى الفرضيات.

لقَد كان هذا الالتزام بالعلم الموجّه بالتجريب علامة فارقة لعمل (الجمعية الملكية) منذ إنشائها، ويمكننا أن نجده في أبحاث كيپلر وگاليليو وهويگينز وفي الأبحاث التي أجرتها أكاديمية باريس الملكية. لكنّ نيوتن كان يتميّز بأنّه وصل بهذا الالتزام إلى حدّ أبعد، وذلك من خلال: تحاشي منهج الفرضيات أوّلًا، وثانيًا بما أظهره في كتابيه (المبادئ) و(البصريات) حول المدى الذي يمكن الوصول إليه من غنى النتائج النظرية من خلال تجارب جيّدة التصميم ونظرية رياضية مصمّمة على نحو يتيح الاستدلال من الظاهرة. ولقد أدّى نجاح من تلاه في البناء على هذه النتائج النظرية إلى إكمال عملية تحوّل الفلسفة الطبيعية إلى العلم التجريبي الحديث.

إنّ التزام نيوتن بجعل الظاهرات تقرّر عناصر النظرية كان يتطلّب ترك الأسئلة دون أجوبة في حالة عدم وجود ظاهرات متاحة يمكنها تقرير عناصرها. ولـــقــد بيّن نيوتن أنّه يفترق بشدّة عن لايبنيتس في هذا الشأن، وذلك في نهاية مراجعته المغفلة من الاسم التي كتبها على تقرير الجمعية الملكية حول خلاف أولوية اكتشاف التفاضل والتكامل، فقال:

«يجب القول بأنّ هذين السيّدين يختلفان كثيرًا من الناحية الفلسفية؛ فأحدهما ينطلق من الدليل القادم من التجارب والظاهرات ويتوقّف أينما أراد له الدليل ذلك، أمّا الآخر فينشغل بالفرضيات وينظر فيها دون أن يختبرها بالتجارب، بل يعتقد بها دون فحص. إنّ الأوّل يريد للتجارب أن تبتّ في المسألة، ولذلك لا يصرّ على أنّ علّة الجاذبية ميكانيكية أو غير ميكانيكية؛ أمّا الآخر فيرى بأنّها معجزة مستمرّة إن لم تكن ميكانيكية». 

ولقد كان نيوتن ليقول الشيء نفسه حول مسألة البتّ في تركيب الضوء (أمواج أو جسيمات)، فعلى الرغم من أنّه كان يرى بأنّ القول بـ(الجسيمات) أرجح، فإنّه لم يكن يرى بأنّ هنالك أيّة تجربة أو ظاهرة يمكنها البتّ في هذه المسألة خلال مدّة حياته. ولقد كان تركه لسؤالي (العلة النهائية للجاذبية) و(تركيب الضوء) العامل الذي جعل أبحاثه تدقّ إسفينًا بين الفلسفة الطبيعية وبين العلم التجريبي.

ولم يكن للجهود التي بذلها نيوتن في المجالات الكثيرة الأخرى إلّا تأثير أقلّ في فلسفة القرن الثامن عشر وعلومه. ففي الرياضيات كان نيوتن أوّل من طوّر نطاقًا كاملًا من اللوگاريتمات من أجل التمثيل الرمزي لما ندعوه اليوم التكامل والمشتقّات، لكنّه أصبح بعد ذلك يعارض فكرة كان أوّل لايبنيتس أوّل من طرحها، وتقضي بتحويل الرياضيات إلى علم يقوم على أساس التلاعب بالرموز (symbol manipulation). وكان نيوتن يعتقد بأنّ الطريقة الوحيدة في ترصين الحدود تكمن في توسيع مجال الهندسة حتّى تشملها، وهي فكرة كانت تتعاكس تمامًا مع موجة تطوّر الرياضيات في القرنين الثامن عشر والسابع عشر.

وفي الكيمياء أجرى نيوتن مجموعة متنوّعة جدًّا من التجارب، ناهيك عن أنّ لاڤوازييه كان يصف نفسه بأنّه نيوتني؛ ولا بدّ هنا من التساؤل: هل كان لاڤوازييه ليربط نيوتن بالصيغة الجديدة التي اقترحها لعلم الكيمياء لو أنّه كان يعلم بولع نيوتن بالكتابات الخيميائية؟ ونجد الأمر نفسه حتّى في بحوثه اللاهوتية، فهنالك نيوتن الهرطيق المعتدل المعارض للتثليث الذي لم يكن يزيد كثيرًا على الكثير من أبناء عصره في راديكاليته بالخروج على تعاليم المسيحية الكاثوليكية والأنگليكانية، وهنالك نيوتن المتديّن المتشدّد الجامح الذي تنبّأ بموعد نهاية العالم في أوائل بروز اسمه للعلن.

وممّا يثير استغراب القارئ أنّه لا يجد إلّا القليل من الإحالات التي تربط المواضيع المتكرّرة بين الحقول التي شملتها بحوث نيوتن، ويكاد يكون العنصر المشترك بينها جميعًا هو وجود حلّال مشاكل (استثنائي) ينبري لحلّ مشكلة بعينها دون الانشغال بغيرها في الوقت نفسه، ويستمرّ في ذلك حتّى يجد الحلّ، ويحدث ذلك بشكل فوري إلى حدّ ما.

وكلّ الكتابات التقنية التي سطّرها نيوتن تبدي هذه السمة، لكنّنا نجدها أيضًا في مخطوطته غير المنشورة التي يعيد فيها إنشاء هيكل سليمان بالاستناد إلى أوصافه في الكتاب المقدّس، ونجدها كذلك في كتابه المنشور بعد وفاته بعنوان (تعديل التسلسل الزمني للممالك القديمة)، والذي حاول فيه أن يعتمد على الظواهر الفلكية ليستنتج منها تواريخ وقوع الأحداث الكبرى الواردة في العهد القديم. ومن يقرأ نصوص نيوتن يجد نفسه أمام شخص يبدو عليه أنّه يجزّئ اهتماماته في كلّ موضع؛ ولا يزال الجدل دائرًا بين الخبراء حول ما إذا كان لدى نيوتن مفهوم موحّد لما كان ينتويه من وراء جهوده الفكرية بأجمعها، وحول تحديد هذا المفهوم في حال وجوده.

ولا ريب في أنّه لولا (المبادئ) لما كان هنالك باب ندلف منه إلى موسوعة نيوتن الفلسفية؛ إذ كان ليُعرَف في العلوم بإسهاماته في البصريات وحسب، وهي إسهامات مرموقة ولا شك، ولكنّها لا تقلّ شأنًا عما جاء به هويگينز وگريمالدي، واللذان لم يكن لهما إسهام فلسفي مهم؛ ويضاف إلى ذلك أنّ إخفاقه في نشر بحوثه في الرياضيات كان ليجعل منها مجرّد ملاحظة صغيرة أمام إنجازات لايبنيتس ومدرسته.

وبغضّ النظر عن تحديد الجانب الذي يمكن إطلاق صفة “النيوتنية” عليه من بين مساعي نيوتن، فإنّ هذه الكلمة اكتسبت هالتها بفضل (المبادئ)؛ لكنّنا نضيف تعقيدًا آخر للمسألة بإطلاق هذا الحكم، لأنّ (المبادئ) لم يكن له الوقع نفسه عند الجميع، فعدد نسخ الطبعة الأولى (تقدّر بثلاثمئة نسخة) كان ضئيلًا جدًّا لا يمكن أن يصل إلى شريحة مؤثّرة من القرّاء، والطبعة الثانية المقرصنة جرت في أمستردام على نسختين، ولذلك وصلت إلى شريحة أوسع، وكذلك كان حال الطبعة الثالثة وترجمتها الإنگليزية (ثمّ الفرنسية لاحقًا).

لكنّ (المبادئ) ليس كتابًا تسهل قراءته، ولذلك يبرز السؤال التالي حول من استطاعوا الحصول على الكتاب: هل قرؤوه بأكمله أم اقتصروا على أجزاء منه؟ وإلى أيّ حدّ وصل استيعابهم لكلّ تلك النصوص المعقّدة؟ ولقد أصدر الجزويت في المدّة (1739-1742) شرحًا تفصيليًا لهذا الكتاب في ثلاثة أجزاء، ممّا قلّل من الرهبة التي تعتري من يروم قراءته، لكن حتّى هذا الشرح لا يمنع من القول بأنّ الأغلبية الغالبة ممّن يستخدمون مصطلح “النيوتنية” ليس من المرجّح أنّهم كانوا على اطّلاع على (المبادئ) يفوق بكثير اطّلاع مستخدمي مصطلح “النسبية” في النصف الأوّل من القرن العشرين على بحثي آينشتاين في النسبية الخاصة الصادرين في العام (1905) أو بحثه في النسبية العامّة الصادر عام (1916). والسؤال المهمّ الذي يجب طرحه هنا على أيّ فيلسوف يعلّق على نصوص نيوتن: ما هو المرجع الرئيسي الذي قرأتَه؟

ولقد شهدت أربعينيات القرن الثامن عشر تحوّلًا كبيرًا في المكانة العلمية لـ(المبادئ)؛ فهذا الكتاب يحتوي على عدد من المسائل غير المكتملة، ومعظمها لا تميّزه إلّا عين القارئ المتمرّس. وبحلول العام (1730) كان بعض هذه المسائل غير المكتملة قد أشير إليه في كتاب ألّفه برنارد لوبوڤييه ديفونتينيل لتكريم نيوتن،[iv] وفي الملحق الذي كتبه جون مَيچين للترجمة الإنگليزية التي صدرت في العام (1729)، ممّا أثار تساؤلات حول مدى متانة نظرية نيوتن للجاذبية من الناحية التجريبية. وحدث التحوّل على مستوى القارّة الأوروبية في ثلاثينيات القرن الثامن عشر عندما أقنع ماوپيرتوا الأكاديمية الملكية بإرسال بعثات استكشافية إلى لاپلاند والبيرو للتأكّد من سلامة ادّعاءات نيوتن حول الشكل غير الكروي للأرض وتغيّر الجاذبية السطحية بتغيّر الارتفاع.

ولقد شهدت أربعينيات القرن الثامن عشر نجاحًا في حلّ الإشكاليات المتعلّقة بعدد من المسائل غير المكتملة، وذلك من خلال بعض الإنجازات العلمية المتقدّمة التي تجاوزت ما ورد في (المبادئ)، من مثيل: إصدار كليرو لكتابه (نظرية في شكل الأرض)، وعودة البعثة الاستكشافية من البيرو، وحلّ (الجسم الصلب) الذي اقترحه دلامبير في العام (1749) لتفسير تمايل الأرض الذي ينتج دقّة حدوث الاعتدالين، وحلّ كليرو في العام (1749) بشأن تحديد عامل ثنائي التباين بين النظرية والملاحظة في الحركة المتوسّطة للذروة القمرية (تجاهلها نيوتن وأكّد عليها ماكين)، وأوّل وصف ناجح لحركة القمر على يد توبياس ماير في العام (1753) (نال عليه جائزة) وذلك بالاستناد إلى نظرية لحركة القمر مشتقّة من مفهوم الجاذبية وضعه يولر في أوائل خمسينيات القرن الثامن عشر بالاستفادة من حل كليرو للحركة المتوسّطة للذروة القمرية.

وكان يولر الاسم المحوري في تحويل قوانين الحركة الثلاثة التي وضعها نيوتن من قبل في (المبادئ) إلى الميكانيكا النيوتنية. وهذه القوانين الثلاثة تنطبق، وفقًا لما وضعه نيوتن، على “الكتل النقطية”، وهو مصطلح وضعه يولر في كتابه (الميكانيكا) في العام (1736). ولقد انصبّت معظم جهود الميكانيكا في القرن الثامن عشر حلّ مشكلات الحركة لدى الأجسام الصلبة، والأجسام والأوتار المرنة، والسوائل، وكلٌّ منها يتطلّب مبادئ تتجاوز ما ورد في قوانين نيوتن الثلاثة.

وبدءًا من أربعينيات القرن الثامن عشر أدّت الجهود السابقة إلى إلى مقاربات بديلة في صياغة ميكانيكا بديلة توظّف مبادئ بديلة من مثيل: شبه الحيّ (vis viva)، ومبدأ الحدّ الدنى للحركة، ومبدأ دالامبير. وقد انبثقت الصيغة “النيوتنية” للميكانيكا العامة من مقترح يولر في العام (1750) بأنّ قانون نيوتن الثاني، بصيغة (F=ma) التي لم ترد في (المبادئ) مطلقًا، يمكن تطبيقه موضعيًا على الأجسام والسوائل لإنتاج معادلات تفاضلية لحركة الأجسام، المرنة والصلبة، والسوائل. وطوّر يولر خلال خمسينيات القرن الثامن عشر معادلاته لحركة السوائل، أتبعها في العقد التالي بمعادلاته لحركة الأجسام الصلبة. إذن، فما ندعوه بالميكانيكا النيوتنية يعود الفضل فيه إلى يولر أكثر ممّا يعود إلى نيوتن.

وعلى الرغم من أنّ بعض المسائل غير المكتملة استمرّت في استعصائها على للحلّ حتّى وقت متأخّر جدًّا من القرن الثامن عشر، فإنّ نظرية نيوتن للجاذبية كانت قد اكتسبت في أوائل خمسينيات القرن الثامن عشر القبول بمكانتها كأساس للبحث المستمرّ بشكل يكاد يشمل كلّ العاملين في مجال علم الفلك المداري. وقد أدى نجاح كليرو في توقّع الشهر الذي يعود به مذنّب هالي في نهاية ذلك العقد إلى جعل جزء أكبر من المتعلّمين على علم بالمدى الذي وصل إليه الغياب الواسع للأساس التجريبي في التشكيك بنظرية نيوتن للجاذبية.

ومع ذلك، لا بدّ من توجيه السؤال التالي لكلّ من كانوا خارج نطاق البحث الفاعل في مجال علم الفلك الجاذبي: إلى أيّ مدى وصل بكم الوعي بالتطوّرات الحاصلة في ذلك البحث عندما أصدرتم أحكامكم المتنوّعة بشأن موقع المحتوى العلمي لـ(المبادئ) ضمن مجتمع الباحثين؟ إنّ سذاجة هذه الأحكام تتبدّى في مظهرين: فهي إمّا تعكس في الغالب رؤية مغالية بشأن متانة نظرية نيوتن في ذلك الوقت، وإمّا تبالغ في التقليل من المدى الذي وصلت إليه قوّة الدليل الذي يدعو إلى تفضيل هذه النظرية. والنتيجة: يجب علينا أن نكون حذرين في الإجابة على السؤال التالي: ما الذي كان يعتمل في ذهن كلّ من تكلّموا عن المحتوى العلمي لـ(المبادئ)، دون أن نستثني من ذلك حتّى نيوتن نفسه؟

إنّ من الخطأ أن نختزل سبعين عامًا من البحوث التي تلت وفاة نيوتن بأنّها لم تفعل سوى إكمال ما لم يكتمل في (المبادئ)، أو أنّها لم تكن غير تجميع لأدلّة إضافية تثبت نظريته في الجاذبية؛ وذلك لأنّ الأبحاث التي استندت إلى نظرية نيوتن قد أجابت على عدد كبير من الأسئلة حول عالم يسبقها بزمن بعيد، فحركة القمر ومسارات المذنّبات مثالان مبكّران على ذلك، وكلاهما قدّما أجوبة لأسئلة من قبيل: كيف تختلف المذنّبات بعضها عن بعض؟ وما هي التفاصيل التي تجعل حركة القمر أكثر تعقيدًا بكثير من حركات أقمار كوكبي المشتري وزحل؟ وفي سبعينيات القرن الثامن عشر طوّر لاپلاس نظرية مناسبة للمدّ والجزر، وتجاوز بها إلى حدّ بعيد ما أورده نيوتن في (المبادئ) وذلك بتضمينها تأثيرات دوران الأرض والمكوّنات غير الشعاعية لقوى جاذبية الشمس والقمر، وهي مكوّنات تطغى على العنصر الشعاعي الذي أبرزه نيوتن.

وفي العام (1786) حدّد لاپلاس تذبذبًا كبيرًا يبلغ طوله تسعمئة عام في حركتي المشتري وزحل بسبب خصائص دقيقة جدًّا في مداري كلٍّ منهما؛ وبهذا الاكتشاف أصبح حساب حركة الكواكب بالاستناد إلى نظرية الجاذبية أساسًا في التنبّؤ بمواقع الكواكب، وأصبحت عملية الرصد تُعنى أساسًا بتحديد ما إذا كان هنالك قوى إضافية يجب أخذها بالحسبان. ولقد أدّت هذه التطوّرات في مجال فهمنا لحركة الكواكب إلى إصدار لاپلاس لأربعة أجزاء رئيسية من كتابه (رسالة في الميكانيكا الفلكية) في المدّة (1799-1805)، وهو عمل يجمع كلّ النتائج النظرية والتجريبية للأبحاث المستندة إلى كتاب (المبادئ). ويمكن القول بأنّ العلم النيوتني قد انطلق في هذا الوقت من أبحاث لاپلاس، لا من أبحاث نيوتن.

أحرزت أبحاث الميكانيكا الفلكية المستندة إلى (المبادئ) نجاحًا غير مسبوق، فلم يكن هنالك في الأبحاث التجريبية بأنواعها ما يصل إلى نطاقها ودقّتها، ممّا أدى إلى بروز سؤال فلسفي جديد: ما العنصر الذي ورد في الطرح العلمي لـ(المبادئ) وأتاح له أن يفعل ما فعل؟ وهو سؤال بدأ فلاسفة من أمثال لوك وباركلي بطرحه في حياة نيوتن، لكنّه اكتسب زخمًا متزايدًا مع تراكم النجاحات بعضها فوق بعض خلال العقود التي تلت وفاته. وقد كان لهذا السؤال جانب عملي، فمن كانوا يعملون في حقول أخرى كالكيمياء سعوا إلى تحقيق نجاح مماثل، وآخرون من أمثال ديڤيد هيوم وآدم سميث سعوا إلى علم يتعلّق بشؤون البشر. وكان لهذا السؤال جانب فلسفي، ولا ريب، إذ أدّى إلى ظهور تخصّص فرعي هو (فلسفة العلم)، وقد بدأ مع إيمانويل كانْت واستمرّ طوال القرن التاسع عشر مع ظهور علامات نجاح مماثلة في حقول أخرى من العلوم الطبيعية.

وجاءت الثورة الآينشتاينية في مطلع القرن العشرين، والتي أثبتت أنّ النظرية النيوتنية ليست إلّا حالة محدودة من النظريتين الخاصّة والعامّة للنسبية، لتضيف تعقيدًا آخر إلى السؤال السابق، فبموجبها أصبحت كلّ نجاحات النظرية النيوتنية، والتي ما تزال على صوابها، يجب النظر إليها على أنّها تستند إلى نظرية لا تتحقّق إلّا بقدر كبير من التقريبي ضمن ظروف حصرية جدًّا.

إنّ الطبيعة الاستثنائية لكتاب (المبادئ) أدّت إلى تصاعد لم يتوقّف في الميل إلى إيلاء أهمّية عظيمة لكلّ ما قاله نيوتن، وهو أمر كان، وما يزال، معرّضًا للشطط؛ فلا يحتاج المرء إلى أكثر من قراءة الفصلين الأوّلين ليخرج بنتيجة مفادها أنّ نيوتن لا يورد ما يجعله أكثر توافقًا مع الطبيعة والحقيقة بالمقارنة مع أيّ من معاصريه؛ لكنّ المخطوطات التي تركها تظهر، حقًّا، مستوىً استثنائيًا من العناية بالتفاصيل في صوغ عباراته، ونستنتج من هذا أنّ ما أعلنه، في ما طبع منها خصوصًا، كان يستند، بشكل عامّ، إلى تفكير حذر ملتزم بالنقد الذاتي.

لكنّ هذا الاستنتاج يجب ألا يمتدّ تلقائيًا إلى كلّ ما ورد على لسانه أو خطّه بقلمه، بل يجب علينا أن نلتزم الحذر لما حصل، أو يحصل، من إيلاء أهمّية مفرطة لكلّ حكم أصدره بشكل ينفصل نسبيًا عن المسار العام لحياته العلمية التي امتدّت لستين عامًّا؛ وعلينا أن نقاوم الميل للمبالغة من خلال الالتزام بمستوى أشدّ من الحذر في التقيّد بما يمليه السياق (أي: السياق الظرفي جنبًا إلى جنب مع السياق التاريخي والنصّي) فيما يخصّ مقولات نيوتن وما أثارته من ردود أفعال في القرن الثامن عشر.


بيبليوگرافيا

المصادر الرئيسية لـ نيوتن

[P]       Philosophiae Naturalis Principia Mathematica (“Mathematical Principles of Natural Philosophy”), London, 1687; Cambridge, 1713; London, 1726. Isaac Newton’s Philosophiae Naturalis Principia Mathematica, the Third Edition with Variant Readings, ed. A. Koyré and I. B. Cohen, 2 vols., Cambridge: Harvard University Press and Cambridge: Cambridge University Press, 1972. The Principia: Mathematical Principles of Natural Philosophy: A New Translation, tr. I. B. Cohen and Anne Whitman, preceded by “A Guide to Newton’sPrincipia” by I. B. Cohen, Berkeley: University of California Press, 1999.

[O]       Opticks or A Treatise of the Reflections, Refractions, Inflections & Colors of Light, London, 1704 (English), 1706 (Latin), 1717/18 (English). Now available under the same title, but based on the fourth posthumous edition of 1730, New York: Dover Publications, 1952.

[A]       The Chronology of Ancient Kingdoms Amended, ed. John Conduit, London,1728.

[S]       The System of the World, London, 1728. The original version of the third book of the Principia, retitled by the translator and reissued in reprint form, London: Dawsons of Pall Mall, 1969.

[O]       Observations upon the Prophecies of Daniel and the Apocalypse of St John, ed. Benjamin Smith, London and Dublin,1733.

[C]       The Correspondence of Isaac Newton, ed. H. W. Turnbull, J. F. Scott, A. R. Hall, and L. Tilling, 7 vols., Cambridge: Cambridge University Press, 1959–1984.

[M]      The Mathematical Papers of Isaac Newton, ed. D. T. Whiteside, 8 vols., Cambridge: Cambridge University Press, 1967–81.

[W]      The Mathematical Works of Isaac Newton, ed. D. T. Whiteside, 2 vols., New York: Johnson Reprint Corporation, 1964, 1967. Contains facsimile reprints of the translations into English published during the first half of the 18th century.

[U]       Unpublished Scientific Papers of Isaac Newton, ed. A. R. Hall and M. B. Hall, Cambridge: Cambridge University Press, 1962.

[N]       Isaac Newton’s Papers and Letters on Natural Philosophy, 2nd ed., ed. I. B. Cohen and R. E. Schofield, Cambridge: Harvard University Press, 1978. Contains all the papers on optics published in the early 1670s, the letters to Bentley, and Fontenelle’s Elogium, among other things).

[L]       The Optical Papers of Isaac Newton: Volume 1, The Optical Lectures, 1670–72, ed. Alan E. Shapiro, Cambridge University Press, 1984; volume 2 forthcoming.

[J]       Philosophical Writings, ed. A. Janiak, Cambridge: Cambridge University Press, 2004.

المصادر الثانوية حول نيوتن

  • Westfall, Richard S., 1980, Never At Rest: A Biography of Isaac Newton, New York: Cambridge University Press.
  • Hall, A. Rupert, 1992, Isaac Newton: Adventurer in Thought, Oxford: Blackwell.
  • Feingold, Mordechai, 2004, The Newtonian Moment: Isaac Newton and the Making of Modern Culture, Oxford: Oxford University Press.
  • Iliffe, Rob, 2007, Newton: A Very Short Introduction Oxford: Oxford University Press.
  • Cohen, I. B. and Smith, G. E., 2002, The Cambridge Companion to Newton, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Cohen, I. B. and Westfall, R. S., 1995, Newton: Texts, Backgrounds, and Commentaries, A Norton Critical Edition, New York: Norton.

مصادر أخرى على الإنترنت حول نيوتن

MacTutor History of Mathematics Archive

The Newton Project-Canada

The Chymistry of Isaac Newton, Digital Library at Indiana

مداخل ذات صلة بـ نيوتن

Copernicus, Nicolaus | Descartes, René | Kant, Immanuel | Leibniz, Gottfried Wilhelm | Newton, Isaac: Philosophiae Naturalis Principia Mathematica | scientific revolutions | trinity | Whewell, William

هوامش

[1] Smith, George, “Isaac Newton”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2008 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/fall2008/entries/newton/>.


[i]. يوجد الكثير من الكتب التي تتناول سيرة نيوتن، لكنّ اثنين منها تجدر الإشارة إليهما على وجه الخصوص: الأوّل يقدّم السيرة الفكرية الأكثر شمولًا (Westfall 1980)، والثاني (Hall 1992) يتوخّى الحذر في عدم تجاوز ما يُعرَف حقًّا عن نيوتن. كذلك، يمكن الانتفاع من الرجوع إلى (Feingold 2004, Iliffe 2007).

[ii]. نُشِرت هذه الرسالة بترجمتين إنگليزيتين في العامين (1736) و(1737)، وجاءت الثانية تحت عنوان (رسالة حول أسلوب الاشتقاق والسلاسل اللامنتهية، وتطبيقه على الهندسة في مجال الخطوط المنحنية) (أعيد طبعها في [W, I, 27-137]؛ راجع أيضًا [M, III, 32-372] للاطّلاع على نسخة مشروحة بالكامل تحتوي على النصّ اللاتيني وترجمته).

[iii]. هذا التعبير المحدّد للمسألة نجده في رسالة هوك الأخيرة لنيوتن خلال هذه المراسلة، وهي رسالة بتاريخ (17 يناير 1680) تلت رسالة أخرى بتاريخ (6 يناير) لم يجب عليها نيوتن. راجع (C, II, 313).

[iv]. أعيدت طباعته في (N).