مجلة حكمة
أرسطو موسوعة ستانفورد ميتافيزيقا أرسطو

ميتافيزيقا أرسطو

المترجمعبد العظيم منادي إدريسي
الكاتبمارك كوهن

لقد كانت مقالة أرسطـــو المعروفة لنا باسم ما بعد الطبيعيات (ميتافيزيقا) أول عمل أساسي في تاريخ الفلسفة يحمل هذا الاسم. غير أن أرسطو نفسه لم يستعمل هذا العنوان، بل حتى أنه لم يصف مجال دراسته هذا ب”الميتافيزيقا”. من الواضح أن  هذا الاسم  قد تمت صياغته من قبل محرر من القرن الأول للميلاد، الذي قام بتجميع المقالات التي نعرفها اليوم باسم “ميتافيزيقا” أرسطو، من بين مجموعة مختارات صغرى و متنوعة من أعمال أرسطو. من المرجح جدا أن نعت ميتافيزيقا– والذي يعني حرفيا ‘ما بعد الطبيعة’– قد أشار إلى المكانة التي أريد للمواضيع التي تمت مناقشتها في المقالات أن تحتلها في المنهاج الفلسفي. لقد كان من المفروض أن تتم دراسة هذه المواضيع بعد المقالات التي تتعامل مع ‘الطبيعة’ (taphusika).

في هذا المدخل، سنناقش الأفكار التي تم تطويرها في مقالات ‘ما بعد الطبيعة’ لأرسطو.


–1 موضوع ميتافيزيقا أرسطو

لقد وصف أرسطو نفسه موضوع بحثه بعدة طرق: الفلسفة الأولى، أو دراسة الوجود بما هو وجود، أو الحكمة، أو الثيولوجيا. سيساعد تعليقنا على هذه الأوصاف في توضيح موضوع أرسطو هذا.

يقول أرسطو في مقالة الألف الكبرى،1  من كتاب ما بعد الطبيعيات «لقد افترض الجميع أن يقوم ما يصطلح عليه بالحكمة(sophia)  بالتعامل مع العلل الأولى(aitia)  ومبادئ الأشياء(archai) » (981ب28)، ويقترح أن تكون هذه العلل والمبادئ موضوع الدراسة  في كتابه. وقد كان من عادته استهلال البحث بمراجعة الآراء السابقة لدى الآخرين، وهو نفسه ما فعله هنا, حيث تستمر مقالة الألف الكبرى في سرد تاريخي لأفكار من سبقوه حول العلل والمبادئ.

من الواضح أن هذه العلل والمبادئ هي موضوع ما يطلق عليه الفلسفة الأولى. لكن هذا لا يعني بالضرورة ذلك الفرع الفلسفي الذي يجب دراسته أولا، بل إنه بالأحرى يهتم بالمسائل التي تعتبر بشكل ما ذات أهمية قصوى، أو في أعلى مستوى من العمومية. يميز أرسطو بين «الأشياء المعروفة لدينا» و«الأشياء المعروفة في ذاتها».  ويؤكد على أنه ينبغي لنا أن نبدأ في دراستنا لأي موضوع بالأشياء المعروفة لدينا للوصول في النهاية إلى فهم الأشياء المعروفة في ذاتها. قد تبدو المبادئ التي تدرسها الفلسفة الأولى غاية في العمومية والتجريد، لكنها، حسب أرسطو، معروفة على نحو أفضل في ذاتها، مهما بدت بعيدة عن عالم التجارب المألوفة. مع ذلك، بما أنها (أي المبادئ) ستدرس من قبل شخص سبق له أن درس الطبيعة (أي موضوع الفيزياء)، فيبقى من الملائم وصفها بأنها تأتيبعد الطبيعة.

لقد أسيئ فهم عبارة أرسطو«دراسة الوجود بما هو وجود» بشكل متكرر، حيث يبدو كما لو أنها تقترح وجود موضوع بحث منفرد الوجود بما هو وجود– قيد البحث. لكن عبارة أرسطو لا تنطوي على شيئين– (1) دراسة، و(2) موضوع بحث (الوجود بما هو موجود)– فأرسطو لم يعتقد بوجود أي موضوع للدراسة مثل «الوجود بما هو وجود». في الواقع, تنطوي عبارة أرسطو على ثلاثة أشياء: (1) دراسة،  و (2) موضوع بحث (الوجود)، (3) وطريقة يتم بها دراسة الموضوع (بما هو وجود).

لقد استعمل أرسطو لفظة يونانية ترجمت إلى اللاتينية بكلمة ” qua ” لتدل تقريبا على «من حيث هو’» أو «من جهة ما هو». فدراسة (أ) بوصفه (ب ) تعني إذن دراسة  (أ) على نحو تهتم فيه بالجانب (ب) من (أ) . لذا فدراسة أرسطو لا تهم أحد الموضوعات العويصة المعروف ب«الوجود بما هو وجود». إنها بالأحرى دراسة للموجود، أو الموجودات– للأشياء التي يمكن أن يقال بأنها موجودة– والتي تدرس هذه الموجودات من جهة محددة: بما هي موجودة، أي من جهة ما هي موجودة.

بطبيعة الحال، الفلسفة الأولى ليست الحقل أو المجال الوحيد الذي يدرس الموجودات، فالرياضيات والطبيعيات بدورها ]علوم] تدرس الموجودات، ولكن بطرق مختلفة، ومن جوانب مختلفة. يدرس علماء الطبيعة الموجودات من حيث هي أشياء خاضعة لقوانين الطبيعة، أي بما هي أشياء تتحرك وعرضة للتغير(subject to change). وبعبارة أخرى، يدرس علماء الطبيعة الموجودات «بما هي» متحركة، (بوصفها خاضعة للتغير)؛  يدرس عالم الرياضيات الموجودات بما هي قابلة للحساب والقياس. بينما نجد الميتافيزيقي من جهة أخرى يدرس هذه الموجودات بطريقة أكثر شمولية وتجريدا– بما هي موجودة. لذا, فالفلسفة الأولى تدرس علل ومبادئ الموجودات ‘بما هي موجودة’. في مقالة الجيم,1 من ما بعد الطبيعة، يضيف أرسطو بأنها لهذا السبب تدرس علل الجواهر ومبادئها (ousiai). سنقوم بتوضيح هذا الرابط في الفقرة (3) أسفله.

في مقالة الهاء من ما بعد الطبيعة،  يضيف أرسطو توصيفا آخر لدراسة علل الموجودات ومبادئها ‘بما هي موجودة’. ففي حين يدرس العلم الطبيعي أشياء مادية وخاضعة للتغير، وتدرس الرياضيات أشياء ،رغم كونها غير خاضعة للتغير، إلا أنها غير مفارقة ل (أو مستقلة عن) المادة، لذا يبقى هناك متسع لعلم يدرس أشياء (إن كانت موجودة بالفعل) أزلية، غير خاضعة للتغيير، وتوجد بشكل مستقل عن المادة. يصرح أرسطو أن هذا العلم  هو الثيولوجيا. وهو العلم ‘الأول’ و’الأشرف’.  لقد شكل تعريف أرسطو للثيولوجيا، كما تم فهمها، بالوجود بما هو وجود تحديا كبيرا لمفسري أعماله. سنناقش هذا الأمر في الفقرة (14) أسفله.

وأخيرا, يمكننا أن نلاحظ أن أرسطو قد قام، في مقالة الباء, بوصف موضوع بحثه بطريقة مختلفة، عن طريق وضع قائمة بالمشاكل أو المعضلات التي كان يأمل أن يعالجها. وإحدى خصائص هذه المعضلات، حسب قوله، هي أنها تحير تفكيرنا. من بين العديد منها, نجد ما يلي: هل الجواهر المحسوسة هي الوحيدة الموجودة، أم أن هناك أخرى بجانبها؟ هل عناصر الأشياء ومبادئها هي الأنواع أم الأفراد ؟ وإذا كانت الأنواع، فأي واحدة منها: الأكثر عمومية أم المحددة أكثر؟ هل هناك علة أخرى غير المادة؟ هل هناك أشياء أخرى غير المركبات المادية؟ هل المبادئ محدودة، إما من حيث العدد أو من حيث النوع؟ هل المبادئ التي تقبل الفساد، معرضة بدورها للفساد؟ هل المبادئ ذات طبيعة كلية أم جزئية، وهل توجد بالقوة أم بالفعل؟ هل الأشياء ذات الطبيعة الرياضية (خطوط، أعداد، نقط، أشكال) جواهر؟ وان كانت كذلك، فهل هذه الأشياء مفارقة للأشياء المحسوسة أم تنتمي إليها على الدوام؟ و«الأمر الأصعب والأعقد في هذا كله»، حسب قول أرسطو، هو ما إذا كانت الوحدة والوجود هما جوهر الأشياء، أم أنهما عبارة عن خصائص لأشياء أخرى؟ في ما تبقى من مقالة الباء، يقوم أرسطو بتقديم حجج متعارضة في ما يتعلق بهذه المسائل، وفي مقالات لاحقة يقوم بتبني عدد منها من جديد. غير أنه ليس من الواضح دوما كيف يقوم بحل هذه المسائل. ومن الممكن أن أرسطو لم يعتقد بان الميتافيزيقا تحتوي حلولا نهائية لهذه المعضلات جميعا.

2–المقولات

لفهم أطروحة الميتافيزيقا الأرسطية وإشكالاتها، من الأفضل البدء بأحد أعماله المبكرة، كتاب ‘المقولات (Categories). بالرغم من أنه صنف تقليديا ولمدة طويلة ضمن أعماله المنطقية، نظرا لتحليله المفاهيم التي تؤسس للمسائل أو الإفتراضات التي منها تتركب الاستدلالات الإستنتاجية، يبدأ كتاب المقولات بسرد شامل ومفصل بشكل مدهش للأشياء الموجودة (ta onta)– الموجودات. وفقا لهذا الاعتبار، يمكن تقسيم الموجودات إلى عشر مقولات متمايزة.(ومع أن أرسطو لم يقل أيا من هذا، إلا أنه من المغري افتراض أن هذه المقولات مانعة  لبعضها البعض [أي أن كلا منها تستبعد الأخريات من نطاقها] بالتبادل، وجامعة في اقترانها للأشياء الموجودة). وتشمل من بين العديد منها: الجوهر والكم والكيف والعلاقة… ومن بين مقولات الوجود هذه، يعطي أرسطو المقولة الأولى، أي الجوهر، وضعا مميزا.

والجواهر مميزة من حيث كونها أشياء مستقلة، أما باقي عناصر المقولات فكلها تعتمد بشكل ما على الجواهر. ذلك أن الكيفيات هي كيفيات الجواهر؛ والكميات هي مقادير وأحجام هذه الجواهر؛ والعلاقات عبارة عن العلاقات التي تربط بين الجواهر. كل هذه العناصر التي ليست بجواهر تدين بوجودها للجواهر– كل واحدة منها, كما يقول أرسطو, « توجد فقط في موضوع ». بمعنى أن كل ما ليس جوهرا « يوجد في شيء ما، ليس كجزء منه، ولا يمكن أن يوجد منفصلا عن ما هو فيه» (24أ1–Cat). وطبعا، يصبح من الواضح أن الجواهر هي المواضيع التي “فيها” توجد هذه الأشياء المفتقرة للجوهر وغير المستقلة أنطولوجيا.

وهكذا، كل مقولة مفتقرة للجوهر، ترتبط لزوما (كما يطلق عليها بشكل متكرر) بهذا الجوهر أو ذاك– فاللون يوجد دائما في الأجسام, والمعرفة في النفس. فمثلا، لا يمكن أن يوجد البياض ولا أي ضرب من المعرفة النحوية من تلقاء ذاته. ووجود أي منهما يقتضي لزوما وجود جوهر ما يتعلق به.

بالإضافة إلى علاقة التلازم الأساسية هذه الموجودة بين المقولات، يشير أرسطو إلى وجود علاقة أخرى أساسية، والتي تسود بين العناصر في المقولة الواحدة. يصف هذه العلاقة ب«المقول على موضوع». يوضح المثال الذي جاء به أرسطو هذه العلاقة بأنها علاقة شيء عام أكثر بآخر أقل عمومية ضمن المقولة الواحدة. وهكذا “يقال” لفظ ‘إنسان’ على رجل بعينه، ‘ويقال’ لفظ حيوان على الإنسان، وبالتالي, كما أشار أرسطو، “يقال” لفظ حيوان كذلك على رجل ما بعينه . بناءا على ذلك، يمكن وصف علاقة «المقول على» هذه بأنها متعدية (transitive) (10ب1.cf). وهكذا، فالجنس (حيوان) “يقال على” النوع (إنسان)، ‘ويقال’ كل من الجنس والنوع على ‘الجزئي’. وهي نفسها العلاقة التي تحكم المقولات المفتقرة للجوهر. ففي مقولة الكيف مثلا, يقال الجنس (لون) على النوع (بياض)، “ويقال” كل من الجنس والنوع على الجزئي المحدد (أبيض).

 إن اللغة المعبرة عن هذا التباين (“في” موضوع ،مقابل “مقول على” موضوع) لغة خاصة بكتاب المقولات, لكن يبدو أن هذه الفكرة تتكرر في أعمال أخرى، مثل الاختلاف بين الحمل العرضي مقابل الحمل الجوهري. وبالمثل، نجد أرسطو، في أعمال أخرى غير المقولات، يستعمل تسمية “كليات”(universals) لوصف الأشياء التي «تقال على العديد من الأنحاء»، ويطلق على الأشياء التي ليست  كليات  إسم “جزئيات” (particulars). ورغم أنه لا يستخدم هذه التسميات في كتاب المقولات، فلن يكون من المضلل القول بأن المذهب القائم في كتاب المقولات ينص على أن كل مقولة تتضمن مراتب أو هرمية من الكليات والجزئيات، حيث يقال كل كلي على الكليات الأدنى مستوى منه وعلى الجزئيات التي تقع تحتها. وهكذا فلكل من هذه المقولات بنية شجرة مقلوبة رأسا على عقب. في أعلى الشجرة المقلوبة(*) (أي الجذع) توجد العناصر الأكثر عمومية في تلك المقولة (في حالة مقولة الجوهر، الجنس ‘نبات’ والجنس ‘حيوان’). في الأغصان التي تتفرع عن الجذع توجد كليات في المستوى الأعلى التالي. وفي الفروع التي تلي الأغصان توجد مستويات أدنى من الكليات، إلى آخره، هبوطا إلى الكليات في المستوى الأدنى في التفريع (أنواع مثل إنسان أو حصان). وفي المستوى الأدنى (عند أوراق الشجرة) توجد الجواهر الأفراد (هذا الرجل و ذاك الحصان)، إلى آخره.

يلعب الأفراد (individuals) في مقولة الجوهر دورا خاصا في هذا المخطط. يطلق عليهم أرسطو إسم «الجواهر الأولى»، فبدونها، حسب قوله، لن يوجد أي شيء آخر. يقدم أرسطو حجة (2أ35–2ب7) ليرسخ  مكانة الجواهر الأولى بوصفها كيانات أساسية في هذه الأنطولوجيا. ويوضح أن كل الأشياء التي ليست جواهر أولى تقوم ضمن إحدى هاتين العلاقتين (إما توجد “في” أو “مقولة على”) بالنسبة للجواهر الأولى. فجنس ما، مثل إنسان، يقال على الأنواع التي تقع تحته، وبما أنها مقولة على الجواهر الأولى، فكذلك الأمر بالنسبة للجنس (راجع علاقة “المقول على” المتعدية). لهذا, فالأشياء كلها التي تدخل في مقولة الجوهر، والتي ليست هي نفسها بجواهر أولى, هي بالأساس ‘مقولة على’ الجواهر الأولى. ولو لم تكن هناك جواهر أولى’ لما كانت هناك أية ‘جواهر ثانية’ (الجنس والنوع). فهذه الجواهر الثانية ليست سوى الأشكال التي بها يتم تصنيف الجواهر الأولى بالأساس داخل مقولة الجوهر. أما بالنسبة لعناصر المقولات المفتقرة إلى الجوهر، فتعتمد هي الأخرى في وجودها على الجواهر الأولى. يخبرنا أرسطو أن الكليات  في المقولة المفتقرة إلى الجوهر، اللون مثلا، في مقولة الكيف، توجد في الجسم، وبالتالي في أجسام الأفراد. فلا يمكن للون أن يوجد ‘في’ جسم ما بشكل عام، إلا إن وجد ‘في’ بعض الأجسام بعينها. وبالمثل، فالجزئيات في المقولة المفتقرة إلى الجوهر(بالرغم من عدم وجود إجماع عام بين الدارسين حول ما يمكن أن تكون هذه الجزئيات) لا يمكن أن توجد من تلقاء ذاتها.

–3 دور الجوهر في دراسة الوجود بما هو وجود

يقودنا كتاب المقولات إلى توقع أن دراسة الوجود بشكل عام (الوجود بما هو وجود) سيشمل لا محالة دراسة الجوهر، ولا يخيب ظننا عندما ننكب على دراسة ما بعد الطبيعيات. في البداية، يجادل أرسطو, في مقالة الجيم، بطريقة جديدة لصالح الأولوية الأنطولوجية للجوهر؛ وبعدها في مقالات الزاي والحاء والطاء، يتطرق إلى المشكل المتعلق بما الذي يعنيه كون الشيء جوهرا. سنبدأ بسرد مقالة الجيم للمكانة المركزية للجوهر في دراسة الوجود بما هو وجود.

كما أشرنا سلفا، الميتافيزيقا (أو الفلسفة الأولى) هي ذاك العلم الذي يدرس الوجود بما هو موجود. وبالتالي، فهي ليست مثل العلوم المتخصصة أو التي تدرّس في أقسام (departmental)، والتي تدرس جزءا واحدا فحسب من الوجود (فقط جزء من الأشياء الموجودة)، أو تدرس الموجودات من زاوية خاصة. (أي بما هي متغيرة, وليس بما هي موجودة).

لكن ‘الوجود’، كما يخبرنا أرسطو في مقالة الجيم، «يقال على عدة أنحاء». بمعنى أن فعل ‘الكينونة’ له عدة معاني، كذلك الأمر بالنسبة إلى مشتقاته ‘الوجود’ و ‘الكيانات’. يبدو إذن أن العلم الشمولي الخاص ‘بالوجود بما هو وجود’ قد بُني على التباس: كيف يمكن أن يوجد علم خاص ‘بالوجود’، في حين أن مصطلح ‘وجود’ نفسه غامض؟

لنأخذ هذه المماثلة(*). هناك طاولات طعام، وهناك طاولات [جداول] المد والجزر. تدل طاولة الطعام على طاولة مكونة من لوح أملس مسطح ومثبّت على أرجل؛ وتدل طاولة المد والجزر على جدول عبارة عن ترتيب منظم من البيانات في صفوف وأعمدة. غير أنه لا وجود لمعنى أوحد لمصطلح ‘طاولة’ ينطبق على كل من قطعة الأثاث التي أكتب عليها هذه الكلمات، والكتيب الصغير فوقها. لذا سيكون من الحمق أن تتوقع وجود علم واحد خاص بالطاولات بشكل عام, والذي سيشمل ضمن مواضيعه كلا من طاولة الطعام وطاولة المد والجزر. وبعبارة أخرى، لا تشكل الطاولات نوعا واحدا تحت تعريف واحد، وبالتالي لا يمكن لعلم واحد، أو مجال معرفي واحد، أن يشمل بالتحديد كل الأشياء التي يطلق عليها اسم “طاولات” على النحو الصحيح.

إذا كان لفظ ‘وجود’ غامضا كما هو حال لفظ ‘طاولة’، فان علم أرسطو بالوجود بما هو وجود سيكون مستحيلا، كاستحالة وجود علم بالطاولات بما هي طاولات. لكن أرسطو يحاجج، في مقالة الجيم، بأن مصطلح ‘وجود’ ليس غامضا على هذا النحو. فلفظ ‘وجود’، حسب أرسطو, ‘يقال على عدة أنحاء’، ولكنه ليس ببساطة (كما يطلق عليه) «اشتراك لفظي»، أي غامض تماما. بل إن المعاني المتعددة ‘للوجود’ ترتد جميعها إلى معنى واحد مركزي.

يشرح أرسطو هذه النقطة عبر بعض الأمثلة التي يعتبرها مشابهة ل ‘الوجود’. فلنأخذ على سبيل المثال كلا من مصطلح «صحي» (healthy) و«طبي» (medical). لا أحد منهما له تعريف واحد ينطبق بشكل موحد على كل الحالات: فليس كل ما هو صحي (أو طبي) صحي (طبي) بنفس معنى لفظ ‘صحي’ (‘طبي’). هناك تشكيلة من الأشياء التي يمكن أن يطلق عليها لفظ ‘صحي’: الناس والحميات والتمارين وألوان البشرة، إلى آخره. وهذه الأشياء ليست جميعها صحية بالمعنى نفسه. فالتمارين الرياضية صحية بمعنى كونها منتجة للصحة؛ والبشرة النقية صحية  بمعنى أنها دالة عرضيا على الصحة؛ والشخص صحيح بمعنى كونه يتمتع بصحة جيدة.

لكن لاحظ أن لهذه المعاني المختلفة شيئا مشتركا: كلها تحيل على شيء واحد مركزي، ‘الصحة’، وفي الحقيقة توصف بها فقط بعض الأشياء التي يقال عنها ‘صحية’، أي الكائنات الحية السليمة، ويطلق على هذه الكائنات لفظ صحي بالمعنى الأول للكلمة. وتعتبر الأشياء الأخرى صحية فقط بوصفها مرتبطة على نحو مناسب بهذه الأشياء ‘الصحية’ بالمعنى الأول.

يدعي أرسطو أن الحال هو نفسه بالنسبة لمصطلح ‘الوجود’. فللوجود أيضا معنى أول ومعاني متعلقة به، والتي بمقتضاها ينطبق على أشياء أخرى بسبب ارتباطها على نحو مناسب بأشياء يطلق عليها لفظ ‘الوجود’ بالمعنى الأول. الموجودات بالمعنى الأول هي الجواهر؛ والموجودات بالمعاني الأخرى هي الكم والكيف، إلى آخره، والتي تنتمي إلى الجواهر. فالحيوان حصان ما، موجود، وكذلك اللون، أبيض، موجود. لكن الحصان موجود بالمعنى الأول– فهو جوهر–، في حين أن اللون ،أبيض، (كيفية) موجود فقط بسبب كونه يصف جوهرا ما. ومن ثم, يجب على أي تفسير لوجود أي شيء أن يحيل في آخر المطاف على الجوهر بشكل أو بآخر. من هنا، فالعلم الخاص بالوجود بما هو وجود سيشتمل على قول ما للمكانة المركزية للموجودات–الجواهر.

4– المبادئ الأساسية: المسلمات

قبل الإنكباب على دراسة الجوهر, يذهب أرسطو في كتاب الجيم إلى الجدال بأنه على الفلسفة الأولى، أكثر العلوم عمومية، أن تعالج أيضا المبادئ الأساسية– المسلمات المشتركة (axioms)–  التي تستخدم في كل أشكال البرهان. وبالتالي، وجب على الفلسفة الأولى أن تدخل في دائرة اهتمامها أيضا مبدأ عدم التناقض: المبدأ القائل بأنه من «المستحيل أن تنتمي صفة واحدة بعينها وأن لا تنتمي إلى شيء واحد بعينه في وقت واحد, ومن جهة واحدة بعينها» (1005ب17). يقول أرسطو عن هذا المبدأ بأنه أكثر المبادئ يقينية، وليس فرضية وحسب. وبالرغم ذلك، لا يمكن البرهنة عليه، بما أنه يستخدم بشكل ضمني في البراهين كلها، بغض النظر عن الموضوع. إنه مبدأ أولي، وهو بذلك غير مشتق من أي شيء أساسي أكثر.

فماذا يمكن للعلم الخاص بالفلسفة الأولى إذن أن يقول عن مبدأ عدم التناقض؟ إذ لا يمكنه أن يقدم أي إثبات لصالح مبدأ عدم التناقض، ما دام أن هذا المبدأ يتم افتراض صحته مسبقا في أي برهان قد يقدمه المرء– أي برهان مزعوم لمبدأ عدم التناقض سيقع في دور(circular). لهذا لم يحاول أرسطو إثبات مبدأ عدم التناقض. بدلا من ذلك, سيجادل في الفصول اللاحقة من مقالة الجيم بأنه سيكون من المستحيل إنكار مبدأ عدم التناقض. كما لا يمكن لهؤلاء الذين يدّعون إنكار هذا المبدأ, إن كانو يؤمنون بأي شيء في الاصل, أن يعتقدوا بأنه زائف. فعلى الشخص الذي يؤمن بأمر ما، إن كان ينوي التعبير عن هذه القناعة  لنفسه أو للآخرين، أن يقول شيئا– أن يؤكد  أمرا ما. عليه، حسب قول أرسطو, أن يحدد شيئا ما. غير أن فعل تحديد شيء ما هو نفسه أمر ممكن فقط إذا تم القبول بمبدأ عدم التناقض. فمن دون القبول بهذا المبدأ، لن يكون للشخص أي سبب للاعتقاد بأن لكلماته أي مغزى على الإطلاق– إذ لا يمكنه أن يعني شيئا واحدا بدلا من شيء آخر. وبالتالي, فكل شخص يحاول تأكيد أي شيء، سيجد أنه قد ألزم نفسه مسبقا بمبدأ عدم التناقض. لهذا لا يحاجج أرسطو بأن مبدأ عدم التناقض حقيقة ضرورية (أي إنه لا يحاول إثباته)؛ بل يحاجج على العكس من ذلك بأن مبدأ عدم التناقض لا يمكن الشك فيه.

5– ما هو الجوهر؟

في الأقسام السبعة عشر التي تتكون منها مقالة الزاي من كتاب ما بعد الطبيعيات، يتناول أرسطو الدراسة الواعدة للجوهر (substance). يستهل بتكرار بعض ما قاله في مقالة الجيم وتنقيحه: ذلك أن لفظ ‘وجود’ يقال على عدة أنحاء، وأن المعنى الأول ل’الوجود’ هو المعنى الذي به تكون الجواهر موجودات. ومع ذلك نجده هنا يربط بشكل ضمني المعاني الثانوية ‘للوجود’ بالمقولات المفتقرة إلى الجوهر. لقد قادت ‘أولوية الجوهر’ أرسطو إلى القول إن السؤال القديم قدم الزمان «ما الوجود؟»  هو ببساطة السؤال «ما الجوهر؟» (4ب1028).

قد يعتقد المرء بأن هذا السؤال قد تمت الإجابة عنه في كتاب المقولات. فهناك تم إعطاؤنا كلا من مصطلحي إنسان أو حصان فرد، أمثلة عن الجواهر. وتعلَّمنا أن الجوهر الأولي هو «ما لا يوجد في موضوع ولا يقال على موضوع» (2أ10). يبدو أن هذا سيمدنا بأمثلة عن الجواهر الأولى وبمعيار لكونها جواهر أولى على حد سواء. لكن لا يبدو أن أرسطو, في مقالة الزاي، يأخذ لا الأمثلة ولا المعيار في حكم المسلم به.

في مقالة الزاي،2 ، يعيد أرسطو ذكر الأجوبة المتعددة التي تم تقديمها جوابا عن السؤال المتعلق بالأشياء التي تعتبر جواهر– الأجسام (بما في ذلك النبات والحيوان، وأجزاء النبات والحيوان والعناصر والأجسام الثقيلة)، الأشياء الأكثر بساطة من الأجسام (الخطوط والنقط والأسطح)، والأشياء غير المدركة بالحواس (المثل الأفلاطونية، والأشكال الرياضية)– ويبدو أنه يعتبرها جميعا مرشحة محتملة في هذه المرحلة. ولا يبدو أن لديه أدنى شك في أن أكثر الأمثلة وضوحا عن الجواهر هي تلك المحسوسة منها، لكنه يترك المجال مفتوحا لسؤال ما إذا كان هناك جواهر أخرى أيضا.

قبل الشروع في الإجابة عن هذا السؤال حول “الأمثلة”، يقول أرسطو إنه يتوجب علينا أولا الإجابة عن السؤال المتعلق “بالمعايير”: ما الذي يعنيه كون الشيء جوهرا؟ يخبرنا المعيار السلبي في المقولات («ما لا يوجد في موضوع ولا يقال على موضوع») فقط عن أي الأشياء التي تعد جواهر. وحتى لو سلمنا بان شيئا ما جوهر، فسيبقى علينا أن نسأل عن ما الذي يجعله جوهرا– أي السبب الذي يجعل منه جوهرا. وهذا هو السؤال الذي سيعرج عليه أرسطو بعدئذ. وللإجابة عنه يجب تحديد جوهر ذلك الشيء، حسب صياغة أرسطو.

6– الجوهر والمادة والموضوع

تبدأ مقالة الزاي،2  بوضع قائمة من أربعة مرشحين لجوهر الشيء: الماهية والكلي والجنس والحامل. يعني هذا، من باب الافتراض، أنه إذا كانت (ب) جوهرا، فإن جوهر (ب) قد يكون إما (1) ماهية (ب)، أو (2) محمول كلي على (ب)، أو (3) جنس ينتمي إليه (ب )، أو (4) موضوع تحمل عليه (ب). سيتم تناول المرشحين الثلاث الأوائل في فصول متأخرة, أما مقالة الزاي،2  فمكرسة بالكامل لفحص المرشح الرابع: الفكرة القائلة إن جوهر الشيء هو الموضوع الذي يحمل عليه.

يخبرنا أرسطو بأن الموضوع (الحامل) هو «ما يحمل عليه كل شيء، بينما لا يُحمل هو على أي شيء آخر في المقابل» (1028ب36). إن وصف الموضوع هذا يذكرنا بلغة المقولات, التي تخبرنا بأن الجوهر الأولي لا يحمل على أي شيء آخر، بينما تحمل عليه الأشياء كلها. يبدو إذن أن المرشح الرابع يعيد تكرار المعيار القائم في كتاب المقولات لكون الشيء جوهرا. غير أن هناك سببين يدعوان للحذر من التسرع في تبني هذه النتيجة. أولا، بينما يخبرنا المعيار القائم في كتاب المقولات بأن الجواهر هي الموضوعات النهائية للحمل، فإن المعيار القائم كما تم تصويره هنا يُفترض أن يخبرنا عن ما هو جوهر الشيء. وبالتالي، فما سيخبرنا به هو كالتالي: إذا كانت (ب) جوهرا، فجوهر (ب) ما يجعل من (ب) جوهرا هو موضوع تحمل عليه (ب). ثانيا, كما يوضح تعليقه التالي، لدى أرسطو فكرة مغايرة لهذه الفكرة التي في المقولات. ذلك أن الموضوع الذي يتصوره أرسطو هنا, حسب قوله، هو إما المادة (matter) أو الصورة (form)، أو المركب من المادة والصورة. وهذه المفاهيم مشتقة من كتاب أرسطو الطبيعة، ولا توجد أي منها في أنطولوجيا المقولات. ولفهم المسائل التي يثيرها أرسطو هنا، يجب أن نقارن بشكل موجز بين طريقة معالجة أرسطو لمسألة ‘الموضوع’ في كتاب الطبيعة، مع طريقة معالجته للمسألة نفسها في كتاب المقولات.

في كتاب المقولات،  كان اهتمام أرسطو منصبا على موضوعات الحمل: ما الأشياء التي نتحدث عنها وننسب إليها صفات معينة؟ بينما نجد أرسطو, في كتاب الطبيعة, مهتما أكثر بموضوعات التغير(subjects of change): ما الأشياء التي تحمل (في أوقات مختلفة) محمولات متضادة، وتبقى هي نفسها خلال عملية التغير؟ لكن هناك علاقة واضحة بين تصورات الموضوع هذه، بما أنه يجب أن يكون لموضوع التغير محمولا ينتمي إليه في وقت واحد ولا ينتمي إليه في وقت آخر. لذا فموضوعات التغير هي أيضا موضوعات للحمل (العكس ليس صحيحا: الأعداد موضوعات للحمل–ف ستة زوجي، بينما سبعة عدد فردي– وليست موضوعات للتغير).

في كتاب المقولات، نجد أنه قد تم التعامل مع الجواهر الأفراد (رجل، حصان) على أنها موضوعات أساسية للحمل. وقد تم أيضا فهمها بشكل غير مباشر على أنها موضوعات للتغير،

 «الجوهر واحد من حيث العدد إلا أنه يقبل المتضادات. فالإنسان الفرد، مثلا، رغم كونه واحدا إلا أنه يصبح تارة شاحبا وتارة أخرى كئيبا، وتارة يشعر بالبرد وتارة أخرى بالحر، وتارة يكون صالحا وتارة أخرى يكون شريرا» (4أ17–20). هذه هي التغيرات التي تطال الجوهر، والتي بموجبها يتحرك أو يتغير أو ينمو. غير أن الجانب الذي لم يفحصه كتاب المقولات هو التغيرات التي بموجبها يتكون الجوهر أو يفسد. لكن نظرية التغير التي طورها أرسطو في كتاب الطبيعة تتطلب موضوعا آخر لتفسير مثل هذه التغيرات– موضوعا ما يحمل عليه الجوهر– وتحدد المادة على أنها الموضوع الأساسي للتغير. (192أ31–32). ينظر إلى التغير في كتاب الطبيعة على أنه العملية التي من خلالها تتخذ المادة صورة ما أو تفقدها.

كما أشرنا سابقا، فمفهوما المادة والصورة هذان يغيبان عن كتاب المقولات. يُنظر إلى الجواهر الأفراد هذا الرجل, ذاك الحصان بعيدا عن صفاتها العرضية– مثل الكم أو الكيف الملازمة لها في ذلك الكتاب [المقولات] على أنها ذرّات بسيطة وغير قابلة للتحليل بالأساس. وبالرغم من وجود بنية ميتافيزيقية لحقيقة أن ‘هذا الحصان أبيض’ (كيفية معينة مرتبطة بجوهر معين)، فحقيقة أن ‘هذا حصان’ هي نوعا ما حقيقة موحشة، خالية من أي بنية ميتافيزيقية. ‘هذا الحصان’ عبارة عن جوهر أولي، و ‘الحصان’، أي النوع الذي ينتمي إليه، عبارة عن جوهر ثانوي. لكنه لا وجود لمركب حملي (predicative complex) يطابق واقعة أن هذا حصان، بالطريقة التي تجعل مركبا من هذا القبيل يطابق واقعة أن ‘هذا الحصان أبيض’.

لكن من وجهة نظر كتاب الطبيعة، يُنظر إلى الأفراد الجواهر على أنها مركبات حملية (1087. Matthen.cf). إنها عبارة عن مركبات ذات بنية ماد–صورية– مركبات من مادة وصورة– ويبدو معيار الموضوع (subject criterion) معيارا مختلفا إلى حد ما عن المنظور الماد–صوري. تفحص مقالة الزاي،3  من الميتافيزيقا معيار الموضوع  من هذا المنظور.

يخبرنا أرسطو بأنه يمكن اعتبار كل من المادة والصورة، والمركب من مادة وصورة موضوعات محتملة (1029أ2)، لكن أي منها هو الجوهر؟ يقود معيار الموضوع نفسه إلى الجواب القائل بأن جوهر (ب) عبارة عن مادة غير محددة تتكون منها (ب) (1029أ10). فالصورة محمولة على مادة كموضوع لها، ويمكن للمرء دائما أن يحلل مركبا ماد–صوري إلى محمولاته  والموضوع الذي تحمل عليه. وعندما يتم إزالة كل المحمولات (في الفكر)، فالحامل المتبقي ليس شيئا على الإطلاق في ذاته كيان كل خصائصه عرضية بالنسبة إليه (1029أ12–27). والحامل المتبقي ما هو إلا مادة أنتزع عنها كل الصور. (يطلق عليها الدارسون التقليديون اسم «المادة الأولية», لكن أرسطو لا يشير هنا إلى ما إذا كان يعتقد بوجود شيء كهذا). لذا فمعيار الموضوع يقود إلى الجواب القائل بأن جوهر (ب) هو تلك المادة التي لا شكل لها والتي منها تتكون في نهاية الأمر.

لكن أرسطو يرفض هذا الجواب بدعوى أنه مستحيل (1029أ28)، ويدعي أن الجواهر يجب أن تكون «قابلة للفصل» (separated) ومشارا إليها ب«هذا» (“this)، ملمحا إلى أن المادة فشلت في تحقيق هذه المتطلبات. وبشكل دقيق، يبقي ما تحاول هذه المتطلبات بلوغه، مع ذلك، موضع جدل كبير بين الدارسين. هناك تفسير معقول يقول: كون الشيء “قابلا للفصل” له علاقة بكونه مستقلا، (تكون (ب) مستقلة عن) ج) إذا كانت (ب) قادرة على الوجود بشكل مستقل عن (ج). وكون الشيء مشارا إليه ب”هذا” يعني كونه فردا محددا. ولذلك، يجب على جوهر ما أن يكون فردا محددا قادرا على الوجود بذاته. (قد يذهب أحدهم، بالرغم من كون هذا الأمر مثيرا للجدل، إلى أن قول أرسطو ليس كل “هذا” أيضا “منفصل”. يمكن اعتبار لون أو شكل معين فردا محددا قادرا على الوجود بذاته– إنه دوما لون شكل أو جوهر ما. لكن المادة فشلت في أن تكون شيئا محددا ومستقلا في الآن نفسه. قد توجد المادة التي منها يتألف الجوهر بشكل مستقل عن هذا الجوهر (فكر في الخشب الذي صنع منه المكتب، والذي وجد قبل صنع المكتب، وقد يبقى حتى بعد تفكيك المكتب), لكنها ليست في ذاتها أي فرد محدد– هي فقط كمية من مادة من نوع ما. وبالطبع يمكن تفسير المادة كما لو أنها تشكل جوهرا مفردا ومحددا (قد يقول قائل بان الخشب ليس سوى المكتب المكون منه), لكنه بهذا المعنى غير منفصل عن الصورة أو الشكل الذي يجعل منه ذلك الجوهر (فالخشب لا يمكن أن يكون ذلك المكتب بعينه ما لم يكن مكتبا). ولهذا، فبالرغم من كون المادة بمعنى ما منفصلة وبمعنى ما محددة، إلا أنه من غير الممكن أن تكون منفصلة ومحددة معا. وبالتالي, فالمادة غير مؤهلة كي تكون جوهر الشيء الذي هي مادته.

7– الجوهر والماهية

يعرج أرسطو، في مقالة الزاي،4 على المرشح التالي للجوهر: الماهية (essence). (الماهية هي الترجمة الرسمية بالإنجليزية لعبارة أرسطو اللاتينية (to ti ên einai ) المثيرة للفضول، والتي تعني حرفيا «ما يكونه الشيء» . حيرت هذه العبارة المترجمين الرومان مما دفعهم إلى صقل كلمة (essentia) لاختزال العبارة كاملة، ومن هذه العبارة اشتقت الكلمة التي بين أيدينا.) كما يستعمل أرسطو أحيانا عبارة «الما هو» للتعبير عن الفكرة نفسها تقريبا. في أعماله المنطقية, يربط أرسطو مفهوم الماهية بالتعريف. «التعريف عبارة عن قول يدل على الماهية» (102أ3 Topics)–  ويربط كلا من هذين المفهومين بنوع معين من الحمل «الحمل بالذات أو بالنظر إلى ذاته» (“in respect of itself”). فالذي ينتمي إلى شيء ما «بالنظر إلى ذاته» ينتمي إليه في ماهيته. إذ نُحيل عليه بعبارة «في القول الذي يعبر عن الماهية» (73أ34 Posterior Analytics)  ويعيد تكرار هذه الأفكار في مقالة الزاي،4 بقوله «هناك ماهية فقط لتلك الأشياء التي مبدؤها تعريف» . تذكر أنه بالنسبة لأرسطو، فنحن نعرف الأشياء وليس الكلمات. فتعريف مصطلح ‘النمر’ لا يخبرنا عن معنى كلمة ‘نمر’، بل يخبرنا عن ما معنى أن تكون نمرا، عن ما قد يكون النمر «فيما يتعلق بذاته». بالتالي فتعريف النمر يخبر عن الماهية– «ما معنى أن تكون»  نمرا، ما الذي يحمل على ‘نمر’ فيما يتعلق بذاته.

يفيد جواب أرسطو التمهيدي في مقالة الزاي،4 عن سؤال«ما الجوهر؟» أن الجوهر هو الماهية. غير أن هناك شروطا مهمة. فكما يشير أرسطو، فإن «التعريف مثل ‘الما هو’ يقال على عدة أنحاء» (1030أ19). ذلك أنه يمكن تعريف عناصر المقولات كلها، وبالتالي عناصر المقولات كلها لها ماهيات. فكما أن هناك ماهية للإنسان، هناك أيضا ماهية ل ‘الأبيض’ وماهية ل’الموسيقي’. ولكن نظرا للالتباس الذي يلحق «فعل الكينونة» (is) الذي ترتبط به، فإن هذه الماهيات ثانوية. «ينتمي التعريف والماهية بشكل أولي وبدون شروط إلى الجواهر» (1030ب4–6). وهكذا تخبرنا مقالة الزاي،4 بأن هذه الماهيات الأولية هي وحدها التي تعد جواهر. لا يحاول أرسطو هنا أن يستخرج تفاصيل «هرمية الماهيات» هذه (Loux, 1991)، لكن يبقى من الممكن إعادة بناء نظرية عن هذه الهرمية بناء على التطورات اللاحقة في مقالة الزاي.

في مقالة الزاي،6  يستمر أرسطو في الحجاج بأنه إذا كان شيء ما «أولي» و«مقول بالنظر إلى ذاته» , فإنه واحد وهو عين ماهيته.  يبقى المعنى الدقيق لهذا الادعاء, وكذا طبيعة الحجج التي قدمت لدعمه وصحتها محل جدال بين الدارسين. لكن يبدو من الآمن القول إن أرسطو يعتقد أن «الوحدة العرضية» (accidental Unity) مثل «رجل شاحب» ليست «مقولا بالنظر إلى ذاته» (بما أن الشحوب خاصية عرضية للإنسان)، بالتالي ليس مثله مثل ماهيته. ف ‘رجل شاحب’ لا يحدد ماهية أي موجود أولي, بالتالي لا يمكن أن يكون ماهية للأنواع الأولية. وكما سبق وقيل في مقالة الزاي، «فقط أنواع الجنس لها ماهيات» بالمعنى الأولي (1030أ11–12).  الإنسان نوع، وبالتالي هناك ماهية للإنسان؛ أما ‘رجل شاحب’ فليس بنوع, بالتالي، حتى لو افترضنا وجود شيء ما كماهية لرجل شاحب، فإنه ليس على كل حال ماهية أولية.

في هذه المرحلة يظهر أن هناك صلة أساسية بين ماهية الجوهر وأنواعه، وهذا قد يغري المرء للافتراض بأن أرسطو يربط جوهر الشيء (بما أن جوهر الشيء هو ماهيته) بأنواعه. (ستكون النتيجة المترتبة عن هذه الفكرة أن أرسطو قد غير بشكل جذري مفهومه عن أهمية الأنواع, التي يسميها في كتاب المقولات بالجواهر الثانوية، أي أنها جواهر بمعنى ثانوي فقط. غير أن هذا الصلة ستكون خطأ لسببين: الأول, فكرة أرسطو لا تنص على أن النوع هو الماهية، بل أن ماهية نوع أولي تتطابق مع النوع (إنسان)، وليس مع نوع متخيل بشكل ضيق (رجل شاحب) (1030أ11). ثانيا، أن المصطلح اليوناني (eidosوالذي يعني في أعمال أرسطو المنطقية «النوع»، قد اكتسب معنى جديدا في السياق الماد–صوري [الماد–صوري: المركب من مادة وصورة] , حيث أصبح يعني «الصورة» ( مقابل ل المادة)، بدلا من «النوع» (مقابل ل الجنس). في الإطار المفاهيمي لمقالة الزاي من ما بعد الطبيعيات، تفسّر الكليات مثل ‘الإنسان’ أو ‘الحصان’ على أنها ليست «جواهر، بل مركبة من صورة ما ومادة ما، مأخوذان عموميا» (1035ب29, ز.10). فالنوع (eidos) الذي يعد جوهرا أوليا في مقالة الزاي ليس بالنوع الذي ينتمي إليه الجوهر الفردي، بل هو الصورة التي تحمل على المادة التي تتألف منها (119811, Cf. Drisco).

8– الجوهر بما هو مركب ماد–صوري

دور الصورة في هذا السياق الماد–صوري(*) هو موضوع مقالة الزاي7–9 من ما بعد الطبيعيات. (بالرغم من أن هذه الفصول لم تكن موجود في مقالة الزاي الأصلية على وجه اليقين– إذ لا وجود مثلا لإحالة عليها في ملخص مقالة الزاي المذكور في مقالة الحاء،1 والذي يقفز مباشرة من الفصل 6 إلى الفصل10 من مقالة الزاي– إلا أن هذه الفصول تمدنا برابط بين الجوهر والصورة، وبالتالي تملأ ما كان ليكون من ناحية أخرى فجوة في البرهان). بما أنه ينظر إلى الجواهر الفردية على أنها مركبات ماد–صورية، فيجب الأخذ في عين الاعتبار دور كل من المادة والصورة في تكوين هذه الجواهر. فسواء كنا بصدد التفكير في الأشياء الطبيعية، مثل النبات والحيوان، أو في الأشياء المصنوعة، مثل البيوت، فان متطلبات تكوينها تظل هي نفسها. ذلك أننا لا ننتج المادة (على افتراض أننا نعود بشكل لا نهائي للوراء)، كما أننا لا ننتج الصورة (إذ من ماذا يمكننا أن نصنعها؟)؛ بل نقوم بدلا من ذلك بإضفاء الصورة على المادة، وننتج المركب (1033أ30– ب9, ز.8). لذا يجب أن توجد كل من المادة والصورة مسبقا (1034ب12, ز.9)، لكن مصدر الحركة في كلتا الحالتين– ما يطلق عليه أرسطو “العلة المحركة” لما يتكون– هي الصورة.

في عملية الإنتاج الصناعية، توجد الصورة في نفس الصانع، ذلك أن «فن البناء هو صورة البيت» (1034أ24)، «والصورة توجد في الروح» (1032ب23).  فلدى البناء، مثلا, في ذهنه مخطط أو تصميم للبيت، ويعرف مسبقا كيفية البناء؛ بعدئذ يقوم بتجسيد مادي لذلك المخطط أو التصميم من خلال وضعه في مواد, والتي منها سيبني البيت. أما في عملية الإنتاج الطبيعية، فتوجد الصورة في الأبوين، حيث« المولود مثله مثل الوالد من حيث النوع، ليس بمعنى أنهما الشيء نفسه، ولا أنهما واحد من حيث العدد، بل بكونهما واحد من حيث الصورة– فالإنسان ينجب الإنسان» (1033ب30). وفي كلتا الحالتين، فالصورة توجد مسبقا ولا يتم إنتاجها (1033ب18).  

أما في ما يتعلق بما تم إنتاجه في عملية الإنتاج الماد–صورية هذه، فيوصف وصفا صائبا باسم صورته، وليس باسم مادته. فالذي تم إنتاجه عبارة عن “‘رجل” أو”‘بيت”، وليس الطوب أو اللحم. وبالطبع، سيظل الشيء المصنوع من الذهب يوصف باعتبار عناصره المادية، لكن يجب علينا أن نطلق عليه لقب “ذهبي” بدلا من “ذهب” (1033أ7).  فحتى لو كان الذهب هو المادة التي صنع التمثال منها، فقد كان الذهب موجودا منذ البداية، وبالتالي ليس الذهب هو الذي جاء إلى الوجود، بل التمثال هو الذي جاء إلى الوجود. وبالرغم من كون التمثال ‘ذهبي’– مصنوع من الذهب– إلا أنه لا يمكن تعريفه من خلال الذهب الذي صنع منه.

من الواضح إذن أن ماهية هذا المركب الماد–صوري هي صورته، وليست مادته. في هذا الصدد يقول أرسطو «أعني بالصورة ماهية كل شيء، وجوهره الأول» (1032ب1)، «عندما أتحدث عن الجوهر دون المادة، فإني أعني الماهية» (1033ب14). إن صورة الجوهر هي التي تجعل منه ذلك الشيء الذي هو عليه، بالتالي فالصورة هي التي تستوفي الشروط المطلوبة بالأساس لتكون جوهر الشيء. جوهر شيء ما إذن هو صورته.

9– الجوهر والتعريف

في الفصلين (10–11) من مقالة الزاي يعود أرسطو إلى للنظر في مسألة الماهية والتعريف المتبقية من مقالة الزاي الثانية, لكن هذه المرة من خلال السياق الماد–صوري الذي تم التوسع فيه في الفصلين (7 و9) من المقالة نفسها. والسؤال الأساسي الذي يعالجه هذان الفصلان هو ما إذا كان تعريف (ب) يتضمن إحالة على مادة (ب). إذا كانت بعض هذه التعاريف تتضمن إحالة على المادة, عندها سيبدو أنه تم إضعاف الصلة بين الماهية والصورة.

يستهل أرسطو الفصل العاشر من مقالة الزاي بتبني المبدأ التالي حول التعريفات وأجزائها: « التعريف عبارة عن قول، ولكل قول أجزاء؛ وعلاقة القول بالشيء مثل علاقة جزء من القول بجزء من الشيء» (1034ب20–22). بمعنى، إذا كانت (ب) جزءا من الشيء (ج) القابل للتحديد، فسيشمل تعريف (ج) كجزء شيئا ما (د) الذي يطابق (ب)، وسيكون على (د) أن يكون ل (ب) بالعلاقة نفسها التي بها يكون تعريف(ج) ل (ج)؛ بمعنى أن (د) هي تعريف (ب). لذا، حسب هذا المبدأ، فإن تعريف الشيء سيشمل تعريفات لأجزائه.

 تبدو هذه النتيجة المترتبة عن هذا المبدأ معقولة جدا إلى حد ما، أخذا بعين الاعتبار فكرة أرسطو القائلة بأن الكليات هي وحدها القابلة للتحديد (1036أ29, ز.11). لنأخذ مثلا كمصطلح مُعرّف (defniendum)، الكلي، ‘إنسان’، وتعريفاته (definiens)  ‘حيوان عاقل’. إن أجزاء هذه التعريفات هي الكليات ‘عاقل’ و’حيوان’. لو كانت هذه الأجزاء نفسها قابلة للتعريف، فيجب استبدال كل جزء في تعريف ‘إنسان’ بتعريفه الخاص، إلى آخره. بهذه الطريقة, فإن التعريف الكامل والكافي لشيء كلي، مثل’ إنسان’، لن يتضمن أية أجزاء ليست قابلة للتعريف أكثر. تتألف جميع التعاريف الصحيحة أو التي تم تحليلها تماما في نهاية الأمر من مصطلحات بسيطة وغير قابلة للتعريف أكثر.

لكن الأثر المترتب  عن هذه الفكرة بالنسبة  لتعريفات المركبات الماد–صورية  واضح جدا: بما أنه من الظاهر أن المادة جزء من هذا المركب، فتعريف المركب سيتضمن, كجزء منه، تعريف عناصره المادية. وتبدو هذه النتيجة غير معقولة بالنسبة إلى أرسطو. فالدائرة، مثلا، مكونة من نصفي دائرة (إذ من الواضح أنه يمكن تقسيمها إلى نصفي دائرة). لكن لا يمكن لتعريف الدائرة أن يكون مؤلفا من تعريف أجزائها النصف دائرية. يتم تعريف نصف الدائرة, حسب قول أرسطو، من خلال الدائرة, وليس العكس. وملاحظته هذه يؤخذ بها، ذلك أنه لو تم تعريف الدائرة من خلال علاقتها بنصفي الدائرة خاصتها، فسيكون من المفترض عندها تعريف نصفي الدائرة في علاقتهما بأرباع الدائرة التي منها يتألفان، وهلم جرا إلى ما لانهاية. هذا الرجوع اللانهائي إلى الوراء سيجعل من المستحيل تعريف الدائرة على الإطلاق, إذ لن يصل المرء أبدا إلى الأجزاء النهائية و”البسيطة” التي منها سيتألف هذا التعريف.

يفحص أرسطو فكرة التمييز بين المعاني المختلفة التي بها يمكن للشيء أن يكون جزءا من شيء آخر (1034ب33)، لكنه يقترح بدلا من ذلك حلا مختلفا: يتجلى في تحديد ذلك الكل الذي من المزعوم أن المادة جزء منه بشكل دقيق. « فالبرونز جزء من التمثال المركب، لكن ليس بجزء من التمثال حينما نتحدث عنه بوصفه صورة» (1035أ6). و بالمثل، «عند تقسيم الخط، فانه يتجزأ إلى أنصافه، والرجل إلى عظام وعضلات ولحم، لكن لا يتبع ذلك أن هذه الأجزاء، التي يتألفان منها ,جزء من ماهيتيهما» (1035أ17). بل الأصح أن «المركب هو الذي ينقسم إلى الجسم وأجزائه مثل انقسامه إلى المادة، وليس الماهية» (1035ب21–22).   

لتبسيط هذه الفكرة بطريقة أوضح، يلاحظ أرسطو بين الأقواس جانبا آخر مهما من نظريته حول الجوهر. يعيد تكرار القول بأولوية الصورة وأجزائها على حساب المادة التي ينقسم إليها المركب، ويلاحظ أن «نفوس الحيوانات (كونها جوهر الأشياء الحية) هي جواهرها» (1035ب15).  تظهر هذه الفكرة مجددا في مقالة الزاي،11  حيث يصرح بأنه «من الواضح أن النفس هي الجوهر الأولي، والجسم هو المادة» (1037أ5).  كما نجد أن الفكرة نفسها قد تم تطويرها أكثر في مقالة الزاي،17 من كتاب ما بعد الطبيعيات كما سنرى أسفله، وخاصة في كتاب في النفس (De Anima).

بالعودة إلى المشكل الذي أثارته الحاجة الجلية إلى الإحالة على المادة في تعريف الجوهر، قد نلاحظ أن الحل الذي قدمه أرسطو في الفصل العاشر من مقالة الزاي ناجح بشكل جزئي فقط. تبدو فكرته كالتالي: في حين أن البرونز قد يكون جزءا من تمثال معين، فلا كمية البرونز تلك بحد ذاتها، ولا البرونز بشكل عام  يدخل في ماهية التمثال، إذ كون الشيء مصنوعا من البرونز لا يعني أنه جزء مما يعنيه أن يكون التمثال ما هو عليه– ماهيته. وذلك لأن التماثيل، بالرغم من أنها يجب أن تكون مصنوعة من نوع معين من المادة، إلا أنها لا تتطلب أي مادة بعينها. لكن ماذا عن الجواهر التي تتطلب في تصنيعها نوعا محددا من المادة؟ لا يمكن استخدام التمييز الأرسطي بين الصورة والمركب في مثل هذه الحالات لعزل المادة الماهية عن المادة. وبالتالي قد تكون هناك في نهاية الأمر أسباب للاعتقاد بأن الإحالة على المادة يجب أن تدخل ضمن بعض التعاريف على الأقل.

في الفصل،11 من مقالة الزاي يعالج أرسطو هذه المسألة بالضبط (بالرغم من صعوبة المقطع وعدم وجود إجماع حول تفسيراته). يقول أرسطو «صورة الإنسان موجودة دائما في اللحم والعظم، وفي أجزاء أخرى من هذا النوع» (1036ب4). الفكرة هنا ليست أنه من المفروض على كل إنسان بعينه أن يكون مركبا من المادة، بل الفكرة هي أنه يجب على كل إنسان أن يكون مصنوعا من مادة معينة–اللحم والعظام…يستمر أرسطو قائلا إن « بعض الأشياء بالتأكيد عبارة عن صورة معينة في مادة معينة» (1036ب23)، وبالتالي يستحيل تعريف هذه الأشياء دون الإحالة على أجزائها المادية (1036ب28).  ومع ذلك، ختم أرسطو مقالة الزاي،11 كما لو أنه دافع عن الادعاء القائل إن« التعريف يكون بالصورة وحدها ».  ربما فكرته هي أنه كلما كان من الضروري لجوهر ما أن يكون مصنوعا من مادة معينة (أن يكون هذا الرجل مصنوعا من لحم وعظام، أو «يستحيل أن يكون المنشار مصنوعا من صوف وخشب» (1044أ28) )، فهذا عبارة عن مطلب أساسي أو بنيوي. وعلى كل حال، فإن هناك نوعا من المادة يمكن تحليله هو الآخر بشكل مادصوري– البرونز مثلا عبارة عن خليط من النحاس والقصدير, حسب مقدار وصيغة معينة تحمل هي الأخرى على موضوع عام وضمني أكثر. وهكذا دائما ما ستكون الإحالة على المادة في التعريف إحالة على نوع معين من المادة, وبالتالي على المحمول بدلا من الموضوع.  وعلى كل حال، إذا كان المرء يقصد ب”المادة” ذلك التصور الذي لديه عن الموضوع الأولي الذي تمت الإشارة إليه في الفصل الثالث من مقالة الزاي (ما يطلق عليه «المادة الأولى»)، فلن يكون هناك أية إحالة عليها في أي تعريف، «لأنها غير قابلة للتعريف» (1037أ27).   

تقدم مقالة الزاي،12 مشكلة جديدة بخصوص التعريفات– ما يسمى « وحدة التعريف». والمشكلة كالتالي: التعريفات معقدة (دائما عبارة عن مجموعة من المصطلحات). إذن ما الذي يفسر كون المصطلح المُعرًّف شيئا “واحدا”, بدلا من أشياء متعددة؟ (1037ب10).  فعلى سبيل المثال، يعرف الإنسان بأنه ‘حيوان عاقل’؛ «فما الذي يجعل هذا التعريف واحدا وليس متعددا– عاقل وحيوان؟» (1037ب13–14). من المحتمل أن أرسطو قد فكر في قضية «الوحدات العرضية» (accidental unities) هته مثل ‘رجل شاحب’ في نقاشه في مقالة الزاي، 4. فلا يمكن أن يكمن الفرق في أن لغتنا تتضمن كلمة واحدة (إنسان) ل ‘حيوان عاقل’، لكنها لا تتضمن كلمة واحدة لعبارة ‘رجل شاحب’. ذلك أن أرسطو قد سلم مسبقا (1029ب28)  بأنه ربما كان لدينا مصطلح واحد لعبارة ‘رجل شاحب’، لكن مع ذلك، هذا لن يجعل من صيغة  ‘رجل شاحب’ لا تعريفا، ولا ماهية (1030أ2).  

يقترح أرسطو حلا ينطبق على التعريفات كلها ويتم التوصل إليه من خلال «منهجية التقسيم». حسب هذه المنهجية، يبدأ المرء بالجنس الأوسع نطاقا والذي يحتوي الأنواع المراد تعريفها، ويقوم بتقسيم الجنس إلى جنسين فرعيين (sub–genera) بواسطة “فصل” ما (differentia), بعدها يقوم بوضع المعرًّف في خانة أحد الجنسين الفرعيين، ويواصل تقسيم هذين بواسطة فصل آخر، إلى آخره حتى يتوصل إلى النوع المراد تعريفه. هذا تعريف تقليدي من خلال تحديد الجنس والفصل. اقتراح أرسطو ينص على أن «التعريف يجب أن يكون بتحديد فصل الفصل» (1038أ9). فإذا قام المرء باستخدام الفصل “ذوات أرجل” لتقسيم الجنس ‘حيوان’، فسيكون بإمكانه عندها استخدام الفصل ‘ذوات الأرجل المشقوقة’ للتقسيم الموالي. وإذا قام المرء بالتقسيم بهذه الطريقة، فإنه، حسب قول أرسطو، «من الواضح أن الفصل الأخير سيكون هو ماهية الشيء وتعريفه» (1038أ19). ذلك أن كل «فصل الفصل» يستلزم سلفه (فكون الحيوان من ذوات الأرجل المشقوقة يستلزم كونه من ‘ذوات الأرجل’). وبالتالي يمكن استبدال سلسلة ‘الفصول’ الطويلة هذه ببساطة بالفصل الأخير. فكما يوضح أرسطو «فقول ذو رجلين– حيوان ذو أرجل …هو قول الشيء نفسه أكثر من مرة» (1038أ22).    

يوضح هذا الاقتراح كيف يمكن اختزال سلسلة طويلة من الفصول في فصل واحد في التعريف، لكنها لا تحل مشكلة ‘وحدة التعريف’. ذلك أننا لا زلنا نواجه حقيقة أن الجنس+ الفصل يشكلان تعددية حتى لو كان ذلك الفصل هو الفصل الأخير أو “المكمل “. لذا لم يكن من المفاجئ أن يعود أرسطو بعدئذ لمسألة الوحدة  في مقالة الحاء،6  ويعرض حلا مختلفا.

10– الجواهر والكليات

يبدو في هذه المرحلة أننا نمتلك فكرة واضحة عن طبيعة الصور الجوهرية (substantial forms)، كما تصورها أرسطو. فالصورة الجوهرية هي ماهية الجوهر، كما أنها تطابق النوع. وبما أنها عبارة عن ماهية، فالصورة الجوهرية هي ما يدل عليه من قبل عناصر التعريف المحددة. وبما أن الكليات هي وحدها القابلة للتعريف، فإن الصور الجوهرية نفسها عبارة عن كليات. والقول بان الصور الجوهرية كليات قد تم تأكيده في تعليق أرسطو الذي ورد في نهاية مقالة الزاي،8 «’سقراط’  و’كالياس’ مختلفان من حيث المادة، لكنهما متشابهان من حيث الصورة» (1034أ6–8).  وحتى يكونان متشابهين من حيث الصورة معناه أن يكون لديهما الصورة نفسها، لكي تكون الصورة الجوهرية الواحدة نفسها محمولة على كتلتين من المادة. وكون الشيء «محمولا على عدة أنحاء  هو ما يجعل منه كليا» (17أ37– De Interpretation)

لكن الفصل،13 من مقالة الزاي يقلب فهمنا كاملا رأسا على عقب. يبدأ أرسطو بالعودة إلى المرشحين المحتملين للقب مفهوم ‘الجوهر’، الذي قدمه في مقالة الزاي،3 ويشير إلى أنه بعدما تم الآن الانتهاء من مناقشة دعاوى كل من الموضوع والماهية, فقد حان الوقت للنظر في المرشح الثالث: الكلي. لكن ما تبقى من هذا الفصل يتألف من مجموعة من الحجج التي تؤكد الخلاصة التي تفيد أن الكليات ليست جواهر.

وبذلك يكون الفصل،13 من مقالة الزاي قد خلق توترا جوهريا في ميتافيزيقا أرسطو، الأمر الذي قسم مفسري أعماله إلى فرق شتى. فذهب بعضهم إلى أن نظرية أرسطو متناقضة، على أساس أنها ملزمة لكل من القضايا الثلاث التالية:

(1) الجوهر هو الصورة

(2) الصورة كلية

(3) لا كلي جوهر

في حين قدم آخرون تفسيرات مفادها أن أرسطو لم يؤكد كلا من القضيتين (1) و (3)، وهناك تشكيلة كبيرة جديرة بالاعتبار من هذه التأويلات, تأويلات متعددة جدا بحيث لا يمكن التدقيق فيها في هذا المدخل. غير أن هناك خطين أساسيين ومتناقضين من التأويلات. حسب الأول، ليست الجواهر الأولى لأرسطو كليات في نهاية الأمر، بل إن كلا منها تنتمي حصريا إلى الجزئي الذي تشكل صورته، وبالتالي، هناك من الصور الجوهرية من نوع ما بقدر ما هناك من الجزئيات من ذلك النوع. أما الاتجاه الثاني فيذهب إلى أن الحجج التي قدمها أرسطو في مقالة الزاي،13 لم يكن المقصود منها إظهار انه لا يعد أي كلي جوهرا، بل المقصود منها هو دعوى أضعف تتوافق مع وجود صورة جوهرية واحدة فقط للجزئيات كلها، التي تنتمي إلى النوع نفسه. من خصوم دعوى الصور الجزئية (الماهيات) نجد (Sellars 1957, Harter 1975, و , Hartman 1977و , Irwin 1988,و  Witt 1989b.) . خصومهم كالتالي (Woods 1967, Owen 1978 و , Code 1986و , Loux 1991 و Lewis 1991).

سيكون من الحمق أن أحاول حل هذه المعضلة في نطاق هذا المدخل، كونها ربما المسألة التأويلية الوحيدة، الأكبر، والأكثر إثارة للجدال في ميتافيزيقا أرسطو. بدلا من ذلك، سأقوم بذكر أهم الاعتبارات التي قدمها كل من طرفي النزاع، ثم أقدم أسباب اعتقادي بأن الصور الجوهرية عبارة عن كليات.

إن الفكرة التي تنصّ على أن الصور الجوهرية عبارة عن ‘جزئيات’ مدعومة بادعاء أرسطو في مقالة الزاي الثالثة بأن الجوهر «قابل للفصل ومشار إليه ب ‘هذا’ (محدد)»، وأنه لا وجود للكليات بمعزل عن الجزئيات (مقالة الزاي.13)، وأن الكليات ليست جواهر (مقالة الزاي.13). في الجهة المقابلة نجد أن الفكرة القائلة إن الصور الجوهرية عبارة عن كليات، مدعومة بزعم أرسطو أن الجواهر هي الكيانات القابلة للتعريف من دون منازع (مقالة الزاي.4)، وأن التعريف لا يكون إلاّ بالكلّي (مقالة الزاي.11 )، وأنه يستحيل تعريف الجزئيات (مقالة الزاي.15 ).

حسب رأيي الشخصي, طبيعة الجزئيات التي تجعل من المتعذر تعريفها، هي ما يجعل من المستحيل أن تكون الصور الجوهرية جزئيات (مقالة الزاي.13 ). فلو كانت هناك صورة جوهرية خاصة بجوهر محسوس,مثل «كالياس»، فإن التعريف الذي يتوافق مع تلك الصورة أو الماهية، سينطبق على “كالياس” حصرا– سيقوم بتعريفه وحسب، وهو الأمر الذي يرفضه أرسطو بالتحديد. يبقى السؤال إذن هو ما إذا كان من الممكن مجابهة الدليل القائم ضد كون الصور الجوهرية كليات. هذا الأمر غير واضح، لكن يمكن الأخذ بالاعتبارات التالية. (1) ادعاء أرسطو أن الصورة الجوهرية ‘فردية’، لا يستبعد أن تكون ‘كلية’. فالكليات مقابلة للجزئيات، وليس للأفراد (بالرغم  من أن أرسطو يتجاهل هذا التمييز بين الجزئيات والأفراد). فالذي يجعل من الشيء فردا هو كونه محددا بالكامل، ولا يقبل المزيد من ‘الفصل’؛ وما يجعل من الشيء جزئيا هو كونه شيئا محددا، لا يقبل التكرار، ولا يحمل على أي شيء آخر. وبالتالي، هناك احتمالية وجود ‘فرد كلي’– كلي محدد بشكل كامل، ولا يقبل التقسيم إلى درجات أدنى من الكليات، لكنه يحمل على جزئيات متعددة. (2) يجب فهم الادعاء القائل إنه لا وجود للكليات بمعزل عن الجزئيات في سياقه.  عندما يؤكد أرسطو بأنه «لا وجود ل’حيوان‘ بمعزل عن الجزئيات»، فمن المحتمل أنه يحيل على أنواع معينة من الحيوانات، كإحالته على عينة محددة. إن كان الأمر كذلك, فقد تكون فكرته أن جنسا عاما، مثل حيوان، يعتمد أنطولوجيا على أنواعه، وبالتالي على الصور الجوهرية التي هي ماهيات تلك الأنواع. (3) إن الحجج المطروحة في مقالة الزاي،13 ضد جوهرية الكليات، قد تم تقديمها كجزء من بحث مطبوع بالأخذ والرد حول التعقيدات التي تتخلل مفهوم الصورة الجوهرية. ومن ثم, فليس من الواضح ما إذا كان المراد من الإدعاء العام «لا يعد الكلي جوهرا»  أن يتم قبوله دون شروط. وبالفعل, قد تُظهر نظرة عن قرب على تلك الحجج أن الشروط مطلوبة في الحجة حتى تكون صحيحة. فعلى سبيل المثال، ترتكز الحجة المذكورة في  (1038ب11–15) على المقدمة التي تنص على أن جوهر (ب) خاص ب (ب)، بعدها تخلص إلى أن الكلي لا يمكن أن يكون جوهرا لكل حالاته (instances) (إذ لا يمكن أن يكون مميزا لها جميعا), ويستنتج أنه لا بد أن يكون جوهرا ل “لا شيء”. غير أن هذه النتيجة لا تنصّ على أنه ‘لا يمكن لأي من الكليات أن تكون جوهرا’, بل فقط أنه لا يمكن للكلي أن يكون جوهرا لحالاته جميعا (1978, cf. Code). قد يكون المغزى من فكرة أرسطو هو بما أن الصورة محمولة على المادة، فإن الصورة الجوهرية محمولة على كتل متعددة من المادة. لكنها ليست جواهر لكتل المادة تلك، لأنها محمولة عليها بشكل عرضي. ليس الشيء الذي ترتبط به بشكل خاص، والذي بفضله تكون جوهرا، هو إحدى حالاتها،  بل الصورة الجوهرية بحد ذاتها. ولا يجب أن تكون هذه النتيجة مفاجئة في ضوء زعم أرسطو أن «كل جوهر هو واحد وهو الشيء نفسه مثل ماهيته». والصورة الجوهرية الكلية هي ببساطة تلك الماهية.

11– الجوهر بما هو علة للوجود

يقترح أرسطو في الفصل،17 من مقالة الزاي نقطة انطلاق جديدة في جهوده لتحديد أي نوع من الأشياء يكون هذا الجوهر. الفكرة الجديدة مفادها أن الجوهر عبارة عن “مبدأ وعلة” للوجود (194ب24–Physics). وقبل النظر في تفاصيل هذا التفسير، سنحتاج إلى القيام بجولة قصيرة حول ‘نظرية العلل’ لدى أرسطو. النصوص ذات الصلة بالموضوع هي كالتالي: كتاب الطبيعة الثاني (فصل 2)؛ كتاب الميتافيزيقا, الألف الكبرى (3) ومقالة الدال (2)؛  وكتاب  التحليلات الثانية، المقالة 2، الفصل 11.

يخبرنا أرسطو بأن الكلمة اليونانية (aitiaوالتي تعني (“علة” أو “تفسير“)، «تقال على عدة أنحاء». العلة بالمعنى الأول، هي «ما يخرج منه الشيء إلى الوجود، ويستمر؛ البرونز والذهب، وجنسهما، هما علتا التمثال والمزهرية». وقد أطلق على العلة بهذا المعنى قديما اسم ‘العلة المادية ‘(Material cause), رغم أن أرسطو نفسه لم يطلق عليها هذا اللقب. والعلة بالمعنى الثاني، هي «الصورة…تعبير عن الماهية»، أطلق علها قديما اسم ‘العلة الصورية’ ( Formal cause) والعلة بمعنى ثالث هي «المصدر الأول للتغيير» ، أو ما سمي قديما ب’العلة الفاعلة’ (efficient cause) (194ب30). وبهذا المعنى يكون الناصح علة الفعل، والأب علة الابن، وبشكل عام, المُنتج علة المنتوج. والمعنى الرابع للعلة هو ما أطلق عليه قديما إسم ‘العلة الغائية’ (Final cause)، ويصفها أرسطو بالقول إنها «الغاية (telos)، التي من أجلها صنع الشيء» (194ب33). يعني، حسب أرسطو, أن الصحة هي الغاية من المشي, بما أنه يمكننا تفسير مشي شخص ما بقولنا إنه يمشي من أجل الحفاظ على الصحة– الصحة هي الغاية من المشي. قد تلاحظ, في مثل هذه الحالة، أن ثمة أشياء قد تكون عللا لبعضها البعض– فالتمارين الشاقة علة للياقة البدن, ولياقة البدن علة للتمارين الشاقة– إنما ليس بنفس المعنى: «فإحداهما علة من حيث هي غاية، والأخرى علة من حيث هي مبدأ للحركة» (195أ10). وبالتالي فالتمارين الشاقة هي العلة الفاعلة للياقة، بما أن الشخص يصبح متمتعا باللياقة بواسطة التمارين الشاقة، بينما اللياقة هي العلة الغائية للتمارين الشاقة، بما أن الشخص يعمل بجهد حتى يتمتع باللياقة البدنية.

بالرغم من أن أرسطو كان دقيقا في تمييزه بين أربعة أنواع مختلفة من العلل (أو أربعة معاني مختلفة ل”العلة”)، من المهم ملاحظة أنه يؤكد أنه يمكن لشيء واحد بعينه أن يكون علة بأكثر من معنى. فكما يقول «الصورة، والمحرك والغاية [علل] تتلاقى في الغالب» (198أ25). وفي كتاب في النفس، يقول أرسطو بشكل صريح إن النفس، والتي هي صورة أو ماهية الشيء الحي, عبارة عن علة بالمعاني الثلاث التي سبق وميزناها” (415ب10)– الفاعلة والصورية والغائية.

لنعد الآن إلى النقاش الذي أثاره أرسطو في مقالة الزاي،17. وظيفة علة أو مبدأ الوجود، حسب قوله، هي تفسير لماذا ينتمي الشيء إلى شيء آخر (1041أ11). أي لتفسير حقيقة حملية ما (predicational). فالأمر الذي يحتاج تفسيرا مثلا هو، لماذا هذا إنسان, أو لماذا هذا منزل. لكن أي نوع من الأسئلة هذا؟ فالشيء الوحيد الذي يمكن أن يكون إنسانا هو الإنسان؛ والشيء الوحيد الذي يمكن أن يكون منزلا هو المنزل. وبالتالي سيبدو الأمر كما لو أننا نسأل لماذا يعد الإنسان إنسانا، أو لم يعد المنزل منزلا. و هذه تبدو أسئلة تافهة، والتي لديها جميعا الجواب نفسه: لأن كل شيء هو نفسه (1041أ17–20). ولهذا يجب إعادة صياغة الأسئلة من خلال استغلال إمكانية التحليل الماد–صوري. يجب أن نسأل مثلا «لماذا هذه الأشياء، الطوب والحجارة, منزل؟» (1041أ26). الجواب الذي يقترحه أرسطو هو أن علة وجود جوهر ما (منزل) هي الصورة أو الماهية التي تُحمل على المادة (على الطوب والحجارة)، والتي تشكل ذلك الجوهر. والماهية ليست علة صورية على الدوام؛ في بعض الحالات، قد تصبح ،حسب قول أرسطو, علة غائية (يعطي مثالا عن البيت والفراش)، وفي حالات أخرى علة فاعلة (1041أ29–30).  وعلى كل حال, «فالذي نبحث عنه هو العلة, أي الصورة, التي بسببها تكون المادة شيئا محددا، وهذا هو جوهر الشيء» (1041ب6–9)، و«العلة الأولى لوجوده» (1041ب27).   

لاحظ أن الشيء المفسّر (explanandum) في هذه الحالات («لماذا هذا إنسان؟»، «لماذا هذا بيت؟») ينطوي على ‘حمل نوعي’ (Species predication) («كالياس إنسان»، وفالين–واتر منزل”)(*). لكن الجواب الذي يقترحه أرسطو يتطلب تحليلا ذا بعد ماد–صوري لهذه الأسئلة، حيث الصورة محمولة على المادة. إذن ‘كالياس’ إنسان لأن صورة أو ماهية الإنسان حاضرة في اللحم والعظام التي تشكل جسم “كالياس؛ فالين–واتر منزل لأن صورة المنزل حاضرة في المواد التي صنع منها فالين–واتر. وبشكل عام، فالحمل النوعي مفسر في حدود ‘حمل صوري’ (Form predication) ضمني، وموضوعه ليس المركب الجزئي، بل مادته. وبالتالي، فمحمولات الصورة أكثر بساطة من مقابلاتها من محمولات النوع. الصورة الجوهرية، كمعَّرف أولي, هي جوهر نفسها، ذلك أنها محمولة على نفسها فقط بالأساس. لكن الصورة الجوهرية لمركب مادي، بما أنها محمولة (عرضيا) على مادة المركب، هي علة كون المركب ذلك الشيء الذي هو عليه. إن الصورة بناء على ذلك، بشكل اشتقاقي, هي جوهر المركب كذلك.

12–الوجود بالقوة والوجود بالفعل

في مقالة الزاي من ما بعد الطبيعة، يقدم أرسطو التمييز بين المادة والصورة بشكل متزامن، ويطبق ذلك على الجوهر الفردي في وقت محدد. إن مادة الجوهر هي المواد الخام التي منها يتكون هذا الجوهر؛ والصورة هي الكيفية التي تم بها تجميع هذه المواد حتى يتسنى للكل المركب منها أن يقوم بوظائفه الخاصة به. لكنه سرعان ما يبدأ في تطبيق هذا التمييز بشكل متغير, عبر الزمن. وهذا يربط التمييز بين المادة والصورة بتمييز أرسطي أساسي آخر: التمييز بين «الوجود بالقوة» (dunamis) و«الوجود بالفعل» energeia)). وهذا التمييز هو الموضوع الأساس لمقالة الطاء من ما بعد الطبيعة.

يميز أرسطو بين معنيين مختلفين لمصطلح ‘القوة’. فبالمعنى الضيق، القوة هي قوة موجودة في الشيء تدفعه إلى التغيير. ويكون لدى الشيء قوة بهذا المعنى عندما يكون في داخله «مصدر يدفعه للتغير إلى شيء آخر (أو لنفسه بوصفه آخر)» (1046أ12,ط.1؛ د,12 –cf).  وممارسة هذه القوة تكون عبر الحركة (kinêsis) أو العملية. فصنعة البنّاء مثلا عبارة عن قوة تتجلى ممارستها في عملية بناء المنزل. لكن هناك معنى ثان لمفهوم ‘القوة’– وهو الذي يهم أرسطو بالأساس– يمكن ترجمته على نحو أمثل ‘بالقوة’. ذلك أن القوة بهذا المعنى لا ترتبط بالحركة، بل ترتبط بالفعل (1048أ25, ط.6).  ف القوة بهذا المعنى ليست القدرة التي في الشيء على خلق التغيير، بل هي بالأحرى قدرة الشيء على أن يكون في حالة مختلفة ومكتملة. يعتقد أرسطو بأن مفهوم القوة كما يفهمه قابل للتعريف (1048أ37)، بادعائه أنه يمكن فهم الفكرة العامة بالنظر في بعض الحالات. يخبرنا أرسطو بأن نسبة الفعل للقوة «كنسبة شخص يستيقظ لشخص نائم، وكنسبة شخص يرى لشخص عيونه مغلقة، وكنسبة شيء تم تشكيله من مادة ما للمادة التي شٌكّل منها» (1048ب1–3).  

إن المثال الأخير مثال موضّح على نحو خاص. فلنأخذ على سبيل المثال، قطعة من الخشب، والتي يمكن نقشها لتصير تمثالا أو مزهرية. بمصطلح أرسطو، لدى قطعة الخشب هذه قوتين مختلفتين (على الأقل)، بما أن لديها القوة لتصير إما طاولة أو مزهرية. فالمادة (الخشب في هذه الحالة) مرتبطة بالقوة؛ والجوهر (في هذه الحالة الطاولة أو المزهرية) مرتبط ب الفعل. قطعة الخشب التي لم تنقش بعد عبارة عن طاولة بالقوة فحسب، وبالتالي ما إن يتم نقشها حتى تصير قطعة الخشب تلك طاولة بالفعل. هذا ربما ما عناه أرسطو، لكن من المحتمل أنه لا يرغب في اعتبار أن يكون الخشب طاولة. قد تكون فكرته انه لا يمكن اعتبار قطعة من الخشب في ورشة النجار طاولة بالقوة فحسب (بما أنه من الممكن تحويلها إلى طاولة), بل إن الخشب الذي يشكل الطاولة الكاملة هو أيضا، بمعنى ما، طاولة بالقوة. الفكرة هنا هي أنه ليس الخشب بوصفه خشبا طاولة بالفعل، بل الخشب بوصفه طاولة. وباعتبارها مادة, تبقى بشكل ما بالقوة الشيء الذي هي مادته فحسب. (قد يقوم فيلسوف معاصر بصياغة هذه النقطة، عبر رفضه ربط الخشب بالطاولة، والقول بدلا من ذلك إن الخشب يشكل الطاولة فقط، وليس مطابقا للطاولة التي يشكلها.

وبما أن أرسطو يعطي الأولوية ‘للصورة’ على حساب ‘المادة’، فإننا نتوقع منه أن يعطي بالمثل أولوية ‘للفعل’ على حساب ‘القوة’. وهو ما نجده بالفعل (1049ب4–5، ط,8). يفرق أرسطو بين الأولوية من حيث اللوغوس (logos) (التفسير أو التعريف)، ومن حيث الزمان¸ ومن حيث الجوهر. (1) فالوجود بالفعل أولي من حيث اللوغوس, التعريف،  بما أننا يجب أن نذكر الفعل عندما نقوم بتفسير قوته المطابقة. وبالتالي، ‘مرئي’ يعني ‘من الممكن رؤيته’, و’مبني’ يعني ‘من الممكن بناؤه ‘(1049ب14–16).  (2) فيما يتعلق بالأولوية من حيث الزمان، يبدو على العكس بأن القوة أولية على الفعل، بما أن الخشب سابق على الطاولة المصنوعة منه, وبذرة البلوط التي ستنمو لتصبح شجرة سابقة على الشجرة. مع ذلك يجد أرسطو أنه حتى من حيث الزمان, فالفعل سابق على القوة بمعنى ما: «الموجود بالفعل، المطابق من حيث النوع لكن ليس من حيث العدد مع شيء موجود بالقوة، فهو سابق عليه» (1049ب18–19). فثمرة بلوط معينة بالطبع سابقة من حيث الزمان على شجرة بلوط معينة ستنمو لتصيرها, لكنها مسبوقة زمنيا بشجرة البلوط التي أنتجتها، والتي تطابقها من حيث النوع. فالبذرة (جوهر بالقوة) يجب أن تكون مسبوقة بشجرة ناضجة (جوهر موجود بالفعل). وبالتالي، فالوجود بالفعل بهذا المعنى سابق حتى من حيث الزمان.

يحاجج أرسطو لصالح أولوية الفعل على حساب القوة في الجوهر بطريقتين: (أ) تستعين الحجة الأولى بمفهومه حول العلية الغائية. تندفع الأشياء كلها نحو غاية نهائية– يصبح الطفل رجلا، وتصبح بذرة البلوط شجرة– و’الوجود بالفعل’ هو الغاية، ولأجل هذه الغاية تُكتسب القوة…فالحيوانات لا ترى بغرض أن يكون لديها بصر، بل إن لديها بصر بغرض أن ترى… توجد المادة بالقوة، فقط بسبب أنها قد تحقق صورتها؛ وعندما توجد بالفعل، فعندها تكون في صورتها (1050أ9–17). فالصورة أو القوة هي الغاية التي تتجه نحوها العمليات الطبيعية كلها. وبالتالي فالفعل علة بأكثر من معنى لتحقيق الشيء لما هو بالقوة. وكما سبق ولاحظنا في الفصل،11  فالشيء الواحد نفسه يمكن أن يكون علة غائية، وفاعلة، وصورية لشيء آخر. فلنأخذ مثلا, بذرة بلوط تحقق ما فيها بالقوة لتصير شجرة بلوط. العلة الفاعلة هنا هي شجرة البلوط الموجودة بالفعل التي أنتجت الثمرة؛ والعلة الصورية هي ‘اللوغوس’ الذي يعرف تلك القوة؛ والعلة الغائية هي الغاية التي تتطور تلك الثمرة لبلوغها– شجرة بلوط (ناضجة) موجودة بالفعل.

(ب) يقدم  أرسطو حججا «صارمة أكثر» لصالح إدعائه إن ‘الفعل’ أولي على ‘القوة’ في الجوهر (1050ب6–1051أ2). الوجود بالقوة هو من أجل أحد طرفي التضاد؛ وبالتالي فأي شيء قادر على الوجود فهو قادر أيضا على عدم الوجود. والذي في مقدوره أن لا يوجد من الممكن أن لا يوجد, والذي من الممكن أن لا يوجد، فهو قابل للفساد.(*) وبالتالي، فأي شيء لديه مجرد القابلية للوجود بالقوة فهو قابل للفساد. إن الشيء الأزلي لا يقبل الفساد، لذا من غير الممكن لشيء أزلي أن يوجد بالقوة فحسب– يجب أن يكون الشيء الأزلي موجودا بالفعل بالكامل. لكن الأزلي أولي في الجوهر على القابل للفساد. ذلك أنه في إمكان ما هو أزلي أن يوجد دون الحاجة إلى القابل للفساد, لكن العكس مستحيل, وهذا ما تعنيه الأولوية في الجوهر (1019أ2, د,11 cf). وبالتالي, فالموجود بالفعل أولي في الجوهر على الموجود بالقوة.

13– إعادة النظر في الوحدة

في مقالة الحاء [من ما بعد الطبيعة]، يعود أرسطو إلى مشكلة ‘وحدة التعريف’ (التي تمت مناقشتها في الفصل–9 أعلاه)، ويقدم حلا جديدا بالاعتماد على كل من مفهومي «القوة»   و«الفعل». فيبدأ بالإشارة إلى أن الأشياء التي يحاول تفسير و’حدتها’ (unity) هي الأشياء «التي لها أجزاء متعددة, وكليتها (totality) ليست مجرد كومة، بل الكل  يعد شيئا ما إلى جانب الأجزاء»  (1045 أ 8–10). ومهمته تكمن في تفسير وحدة هذه المركبات.

       يقول أرسطو إن هذا المشكل غير قابل للحل إلا إذا أدرك المرء أن «أحد العناصر عبارة عن مادة والآخر عبارة عن صورة, وأن أحدهما موجود بالقوة والآخر موجود بالفعل». وما إن يدرك المرء هذا الأمر، «لن يكون هذا السؤال بتلك الصعوبة بعد الآن» (1045 أ 20–25).  يقدم لنا أرسطو المثال التالي (1045 أ 26–35). لنفترض أن البرونز المستدير هو تعريف المعطف، إذا طرح أحدهم السؤال «ما الذي يجعل من المعطف شيئا واحدا، أي وحدة ما؟» فسيكون الجواب واضحا. ذلك أن البرونز هو المادة، وشكله المستدير هو الصورة. فالبرونز مستدير بالقوة، والاستدارة هي ما يكون عليه البرونز بالفعل عند تلقيه لهذه الصورة. والسبب وراء وحدة المعطف هو سبب كون البرونز مصنوعا بشكل مستدير. وبما أن المعطف قد تم إنتاجه، أو جيء به إلى الوجود، فلا يوجد سبب وراء وحدته غير الفاعل الذي قام بإضفاء الصورة على المادة. فالبرونز (المادة) عبارة عن جسم كروي ب’القوة’، والمعطف عبارة عن جسم كروي ب’الفعل’. لكن البرونز الدائري هو بالتساوي ماهية كل من الجسم الكروي الموجود بالقوة والآخر الموجود بالفعل. والبرونز والاستدارة ليسا شيئين منفصلين. فالبرونز عبارة عن جسم كروي ب’القوة’، وعندما يتم صنعه بشكل مستدير، فإنه يصبح موجودا بالفعل– جسما كرويا من البرونز.

        من السهل رؤية كيف يقوم هذا التحليل الماد–صوري بتفسير ‘وحدة’ جزئي (particular) جوهري ومادي ما، بما أنه لا مادة هذا الجزئي نفسها ولا صورته تعد فردا واحدا ماديا، وتشكلان هذا الفرد فقط عندما تؤخذان معا. لكن المشكل الذي يحاول أرسطو حله يتعلق ب«وحدة الشيء الذي نطلق على قوله ‘تعريف’» (ز,12, 1037 ب,11). وبما أن الكليات هي القابلة للتعريف على النحو الصحيح، فلا يتبقى سوى النظر في كيفية تطبيق الحل المقترح عليها. والكليات ليست أشياء مادية في نهاية الأمر، لذا ليس من الواضح كيف يمكن النظر إليها على أنها مركبات ماد–صورية. غير أنه لدى أرسطو تحت تصرفه مفهوما يمكن أن يملأ هذه الثغرة بشكل مثالي: مفهوم المادة المعقولة (*)(hulê noêtê). (وظيفة المادة المعقولة هي تزويدنا بشيء شبه مادي للأشكال الهندسية التي لا تتحقق في البرونز والحجر، كأن تكون مصنوعة من, على سبيل المثال). وأظن أن أرسطو قد مضى في تقديم المادة في السياق الحالي لهذا السبب (1045 أ 33). إذا كان الأمر كذلك، فيمكننا أن نخلص إلى أن العنصر المادي في تعريف النوع عبارة عن مادة معقولة. وفي مكان آخر [من كتاب ما بعد الطبيعة]، يصف الجنس ضمنيا بوصفه مادة: «الجنس هو مادة ذلك الشيء الذي يطلق عيه جنس» (ي،8. 1045, أ23)  وبالتالي، يمكن اعتبار النوع هو الآخر مركبا ماد–صوري، رغم أنه ليس شيئا ماديا بذاته. ومادته هي جنسه، والتي هي بالقوة فقط ذلك النوع المعرَّف؛ وفصله هو الصورة التي تجعل المادة موجودة بالفعل. لا يوجد الجنس بمعزل عن أنواعه أكثر من وجود الجنس بمعزل عن الصور كلها. فالجنس، حيوان، مثلا، ليس إلا نوعا محددا من الحيوان موجود بالقوة. يخلص أرسطو إلى أن المادة التقريبية [المعقولة] والصورة هما الشيء نفسه, الأولى موجودة بالقوة, والثانية موجودة بالفعل… والموجود بالقوة والموجود بالفعل هما بحال ما واحد. (ب17–21,1045)

        بطبيعة الحال، ينطبق هذا الحل على المركبات الماد–صورية فقط. لكن هذا كاف بالنسبة لأرسطو. ذلك أنه ينهي الفصل بادعائه أن مشكلة الوحدة لا تظهر في أنواع أخرى من المركبات. «كل الأشياء المانعة للمادة وحدات (unities ) بالأساس وبدون شروط» (1045 ب23)

15– قائمة بالمسطلحات الأرسطية

  • عرضي: kata sumbebêkos
  • تفسير:  logos
  • الوجود بالفعل: energeia, entelecheia
  • توكيد:  apophansis
  • تغيير:  alloiôsis
  • إيجابي:  kataphatikos
  • فرضية:  hupothesis
  • صفة:  pathos
  • مسلمة:  axioma
  • الكينونة: einai
  • الوجود: on, onta
  • الإنتماء:  huparchein
  • المقولة:  katêgoria
  • العلة: aition, aitia
  • التغير: kinêsis, metabolê
  • ضد:  antiphanai
  • التناقض: antiphasis
  • مناقض ل:  antiphanai
  • تعريف: horos, horismos
  • توضيح: apodeixis
  • تكذيب: apophasis
  • جدل: dialektikê
  • فصل: diaphora
  • متميز: idios, idion
  • غاية: telos
  • ماهية: to ti ên einai, to ti esti
  • جوهري: kath’ hauto
  • يوجد: einai
  • شرح: aition, aitia
  • علة غائية: hou heneka
  • صورة : eidos, morphê
  • صيغة: logos
  • وظيفة: ergon
  • جنس: genos
  • تجانس: homônumon
  • فوري: amesos
  • مستحيل: adunaton
  • بالنظر إلى ذاته: kath’ hauto
  • فرد: atomon, tode ti
  • استقراء:  epagôgê
  • لا متناهي/ لا محدد: apeiron
  • معرفة:   epistêmê
  • مادة:  hulê
  • الحركة: kinêsis
  • الطبيعة:  phusis
  • نفي: apophasis
  • جزئي: en merei, epi meros; kath’hekaston
  • خاص ب:  idios, idion
  • إدراك: aisthêsis
  • تعقيد: aporia
  • ممكن: dunaton, endechomenon
  • محتمل: dunamei
  • الوجود بالقوة: dunamis
  • محمول: katêgorein; katêegoroumenon
  • حمل: katêgoria
  • مبدأ: archê
  • بوصفه/ بما هو: hêi
  • الكم: poion
  • الكيف: poson
  • دحض: elenchein
  • قابل للفصل: chôriston
  • يقال على عدة أنحاء: pollachôs legetai
  • علم: epistêmê
  • الروح: psuchê
  • النوع: eidos
  • محدد: eidopoios
  • موضوع: hupokeimenon
  • جوهر: ousia
  • مصطلح: horos
  • هذا: tode ti
  • كلي: katholou
  • حكمة: sophia

بيبليوغرافيا

  • Ackrill, J. L. 1963. Aristotle: Categories and De Interpretatione. Oxford: Clarendon Press.
  • Addis, L. 1972. “Aristotle and the Independence of Substances.” Philosophy and Phenomenological Research 54: 699–708
  • Allen, R. E. 1969. “Individual Properties in Aristotle’s Categories.” Phronesis 14: 31–39.
  • Annas, J. 1974. “Individuals in Aristotle’s Categories: Two Queries,” Phronesis 19: 146–152.
  • Annas, J. 1976. Aristotle: Metaphysics Books M and N. Oxford: Clarendon Press.
  • Anscombe, G. E. M. 1953. “The Principle of Individuation.” Proceedings of the Aristotelian Society, Supplementary Volume 27: 83–96. Reprinted in J. Barnes, M. Schofield, and R. R. K. Sorabji (eds.), Articles on Aristotle, Vol 3. Metaphysics. London: Duckworth (1979). 88–95.
  • Block, I. 1978. “Substance in Aristotle.” In G. C. Simmons (ed.), Paideia: Special Aristotle Issue. Brockport, NY. 59–64
  • Bolton, R. 1995. “Science and the Science of Substance in Aristotle’s Metaphysics Z.” Pacific Philosophical Quarterly 76: 419–469.
  • Bostock, D. 1994. Aristotle: Metaphysics Books Z and H. Oxford: Clarendon Press. Brody, B. A. 1973. “Why Settle for Anything Less Than Good Old–fashioned Aristotelian Essentialism?” Noûs 7: 351–365.
  • Burnyeat, M. F. et al. 1979. Notes on Book Zeta of Aristotle’s Metaphysics. Oxford: Sub–faculty of Philosophy.
  • Chappell, V. 1973. “Aristotle’s Conception of Matter.” Journal of Philosophy 70: 679–696.
  • Charlton, W. 1972. “Aristotle and the Principle of Individuation.” Phronesis 17: 239–249.
  • Charlton, W. 1983. “Prime Matter: a Rejoinder.” Phronesis 28: 197–211.
  • Chen, Chung–Hwan. 1957. “Aristotle’s Concept of Primary Substance in Books Z and H of the Metaphysics.” Phronesis 2: 46–59
  • Code, Alan. 1978. “No Universal is a Substance: an Interpretation of Metaphysics Z.13, 1038b 8–15.” In G. C. Simmons (ed.), Paideia: Special Aristotle Issue. Brockport, NY. 65–74.
  • Code, Alan. 1984. “The Aporematic Approach to Primary Being in Metaphysics Z.” Canadian Journal of Philosophy Suppl. Vol. 10: 1–20.
  • Code, Alan. 1985. “On the Origins of Some Aristotelian Theses About Predication.” In J. Bogen and J. E. McGuire (eds.), How Things Are: Studies in Predication and the History of Philosophy. Dordrecht: Reidel. 101–131.
  • Code, Alan. 1986. “Aristotle: Essence and Accident.” In R. Grandy and R. Warner (eds.), Philosophical Grounds of Rationality: Intentions, Categories, Ends. Oxford: Clarendon Press. 411– 439.
  • Code, Alan. 1987. “Metaphysics and Logic.” In M. Matthen (ed.), Aristotle Today: Essays on Aristotle’s Ideal of Science. Edmonton: Academic Printing and Publishing. 127–149.
  • Code, Alan. 1995. “Potentiality in Aristotle’s Science and Metaphysics.” Pacific Philosophical Quarterly 76:. Code, Alan. 1997. “Aristotle’s Metaphysics as a Science of Principles.” Revue Internationale de Philosophie 51: 357–378
  • Code, Alan. 1999. “Monty Furth’s Aristotle: 10 Years Later.” Philosophical Studies. 94: 69–80.
  • Cohen, S. Marc. 1978a. “Essentialism in Aristotle.” Review of Metaphysics 31: 387–405.
  • Cohen, S. Marc. 1978b. “Individual and Essence in Aristotle’s Metaphysics.” In G. C. Simmons (ed.), Paideia: Special Aristotle Issue. Brockport, NY. 75–85.
  •  Cohen, S. Marc. 1984. “Aristotle and Individuation.” Canadian Journal of Philosophy Suppl. Vol. 10: 41–65.
  • Cohen, Sheldon M. 1981. “Proper Differentiae, the Unity of Definition, and Aristotle’s Essentialism.” The New Scholasticism 55: 229–240. Cohen,
  • Sheldon M. 1984. “Aristotle’s Doctrine of the Material Substrate.” Philosophical Review 93: 171–194.
  • Cooper, John. 1988. “Metaphysics in Aristotle’s Embryology.” Proceedings of the Cambridge Philological Society no. 214: 14–41. Reprinted in D. Devereux and P. Pellegrin (eds.), Biologie, Logique et Metaphysique chez Aristote. Paris: CNRS (1990). 55–84.
  • Cresswell, M. J. 1971. “Essence and Existence in Plato and Aristotle.” Theoria 37: 91–113. Cresswell, M.J. 1975. “What Is Aristotle’s Theory of Universals?” Australasian Journal of Philosophy 53: 238–247
  • Dahl, Norman. 1997. “Two Kinds of Essence in Aristotle: A Pale Man Is Not the Same as His Essence.” Philosophical Review 106: 233–265.
  •  Dahl, Norman. 1999. “On Substance Being the Same As Its Essence in Metaphysics Z6: The Pale Man Argument.” Journal of the History of Philosophy 37: 1–27.
  •  Dancy, R. 1975. “On Some of Aristotle’s First Thoughts about Substances.” Philosophical Review 84: 338–373.
  •  Dancy, R. 1978. “On some of Aristotle’s Second Thoughts about Substances: Matter.” Philosophical Review 87: 372–413.
  •  Dancy, R. 1983. “Aristotle on Existence.” Synthèse 54: 409–442. Devereux,
  • Daniel T. 1992. “Inherence and Primary Substance in Aristotle’s Categories.” Ancient Philosophy 12: 113–131.
  • Driscoll, J. 1981. “Eidê in Aristotle’s Earlier and Later Theories of Substance.” In D. J. O’Meara (ed.), Studies in Aristotle. Washington: Catholic University. Press. 129–159.
  • Duerlinger, J. 1970. “Predication and Inherence in Aristotle’s Categories.” Phronesis 15: 179–203.
  • Durrant, M. 1975. “Essence and Accident.” Mind 84: 595–600
  • Ebert, T. 1998. “Aristotelian Accidents.” Oxford Studies in Ancient Philosophy 16.
  • Engmann, J. 1973. “Aristotle’s Distinction Between Substance and Universal.” Phronesis 18: 139–155.
  • Ferejohn, M.T. 1980. “Aristotle on Focal Meaning and the Unity of Science.” Phronesis 25: 117–128.

  • Ferejohn, M.T. 1994. “Matter, Definition and Generation in Aristotle’s Metaphysics.” Proceedings of the Boston Area Colloquium in Ancient Philosophy 10: 35–58.
  • Fine, Gail. 1985. “Separation: a Reply to Morrison.” Oxford Studies in Ancient Philosophy 3: 159– 165.
  • Fine, Kit. 1992. “Aristotle on Matter.” Mind 101: 35–57.
  • Frede, Michael. 1987. Essays in Ancient Philosophy. Minneapolis: University of Minnesota Press.
  • Frede, Michael. 1990. “The Definition of Sensible Substances in Met. Æ.” In
  • D. Devereux and P. Pellegrin (eds.), Biologie, Logique et Metaphysique chez Aristote. Paris: CNRS.
  • Frede, Michael and Günther Patzig. 1988. Aristoteles Metaphysik Z. Munich: C. H. Beck.
  • Furth, Montgomery. 1978. “Transtemporal Stability in Aristotelean Substances.” Journal of Philosophy 75: 624–646
  • Furth, Montgomery. 1988. Substance, Form and Psyche: an Aristotelian Metaphysics. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Furth, Montgomery. 1990. “Specific and Individual Forms in Aristotle.” In D. Devereux and P. Pellegrin (eds.), Biologie, Logique et Metaphysique chez Aristote. Paris: CNRS.
  • Gill, Mary Louise. 1989. Aristotle on Substance: The Paradox of Unity. Princeton: Princeton University Press.
  • Gill, Mary Louise. 1993. “Matter against Substance.” Synthèse 96: 379–397.
  • Gill, Mary Louise. 1995. “Symposium on Aristotle on Substance and Predication.” Ancient Philosophy 15: 511–520.
  • Gotthelf, Allan. 1999. “A Biological Provenance.” Philosophical Studies. 94: 35–56.
  • Graham, D. W. 1987a. “The Paradox of Prime Matter.” Journal of the History of Philosophy 25: 475– 490
  • Graham, D. W. 1987b. Aristotle’s Two Systems. Oxford: Oxford University Press.
  • Granger, H. 1980. “A Defense of the Traditional Position concerning Aristotle’s non–substantial Particulars.” Canadian Journal of Philosophy 10: 593–606.
  • Granger, H. 1984. “Aristotle on Genus and Differentia.” Journal of the History of Philosophy 22: 1– 24.
  • Granger, H. 1989. “Aristotle’s Natural Kinds.” Philosophy 64: 245–247.
  • Grene, M. 1974. “Is Genus to Species as Matter to Form? Aristotle and Taxonomy.” Synthèse 28: 51– 69.
  • Grice, H. P. 1988. “Aristotle on the Multiplicity of Being.” Pacific Philosophical Quarterly 69: 175– 200.
  • Halper, E.. 1987. “A Solution to the Problem of Sensible Substance.” Journal of Philosophy 84: 666– 672
  • Halper, E. 1989. One and Many in Aristotle’s Metaphysics, the Central Books. Columbus: Ohio State University Press.
  • Harter, E. 1975. “Aristotle on Primary ousia.” Archiv für Geschichte der Philosophie 57: 1–20.
  • Hartman, Edwin. 1976. “Aristotle on the Identity of Substance and Essence.” Philosophical Review 85: 545–561
  • Hartman, Edwin. 1977. Substance, Body, and Soul: Aristotelian Investigations. Princeton: Princeton University Press.
  • Heinaman, R. 1981a. “Non–substantial Individuals in the Categories.” Phronesis 26: 295–307.
  • Heinaman, R. 1981b. “Knowledge of Substance in Aristotle.” Journal of Hellenic Studies 101: 63–77.
  • Heinaman, R. 1997. “Frede and Patzig on Definition in Metaphysics Z.10 and 11.” Phronesis 42: 283– 298.
  • Hetherington, S.C. 1984. “A Note on Inherence.” Ancient Philosophy 4: 218–223.
  • Irwin, T. H. 1981. “Homonymy in Aristotle.” Review of Metaphysics 34: 523–544.
  • Irwin, T. H. 1988. Aristotle’s First Principles. Oxford: Clarendon Press.
  • Jones, B. 1972. “Individuals in Aristotle’s Categories,” Phronesis 17: 107–123.
  • Jones, B. 1975. “An Introduction to the first five chapters of Aristotle’s Categories.” Phronesis 20: 146–172.
  • Kirwan, C. A. 1971. Aristotle: Metaphysics Books Gamma, Delta, and Epsilon. Oxford: Clarendon Press.
  • Kosman, L. A. 1984. “Substance, Being, and Energeia.” Oxford Studies in Ancient Philosophy 2: 121– 149
  • Kosman, L. A. 1999. “Aristotelian Metaphysics and Biology: Furth’s
  • Substance, Form and Psyche. Philosophical Studies. 94: 57–68.
  • Kung, Joan. 1977. “Aristotelian Essence and Explanation.” Philosophical Studies 31: 361–383.
  • Kung, Joan. 1978. “Can Substance be Predicated of Matter?” Archiv für Geschichte der Philosophie 60: 140–159.
  • Kung, Joan. 1986. “Aristotle on ‘Being is Said in Many Ways’.” History of Philosophy Quarterly 3: 3–18.
  • Lacey, A. R. 1965. “Ousia and Form in Aristotle.” Phronesis 10: 54–69.
  • Lear, Jonathan. 1988. Aristotle: the Desire to Understand. Cambridge: Cambridge University Press.
  •  LeBlond, J. M. 1979. “Aristotle on Definition.” In J. Barnes, M. Schofield, and R. R. K. Sorabji (eds.), Articles on Aristotle, Vol 3. Metaphysics. London: Duckworth. 63–79.
  • Lesher, James H. 1971. “Aristotle on Form, Substance, and Universals: a Dilemma.” Phronesis 16: 169–178.
  • Lewis, Frank A. 1982. “Accidental Sameness in Aristotle.” Philosophical Studies 39: 1–36.
  • Lewis, Frank A. 1983. “Form and Predication in Aristotle’s Metaphysics.” In
  • J. Bogen and J. E. McGuire (eds.), How Things Are: Studies in Predication and the History of Philosophy. Dordrecht: Reidel. 59–83.
  • Lewis, Frank A. 1984. “What is Aristotle’s Theory of Essence?” Canadian Journal of Philosophy Suppl. Vol. 10: 89–132.
  • Lewis, Frank A. 1991. Substance and Predication in Aristotle. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Lewis, Frank A. 1995a. “Aristotle on the Unity of Substance.” Pacific Philosophical Quarterly 76: 222–265.
  • Lewis, Frank A. 1995b. “Symposium on Substance, Predication, and Unity in Aristotle.” Ancient Philosophy 15: 521–549.
  • Lloyd, A. C. 1970. “Aristotle’s Principle of Individuation.” Mind 79: 519–529.
  • Lloyd, A. C. 1981. Form and Universal in Aristotle. Liverpool: F. Cairns.
  • Loux, Michael J. 1979. “Form, Species, and Predication in Metaphysics Z, H, and È.” Mind 88: 1–23.
  • Loux, Michael J. 1991. Primary Ousia: An Essay on Aristotle’s Metaphysics Z and H. Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Loux, Michael J. 1995a. “Symposium on Aristotle’s Metaphysics.” Ancient Philosophy 15: 495–510.
  • Loux, Michael J. 1995b. “Composition and Unity: An Examination of Metaphysics H.6.” In May Sim, The Crossroads of Norm and Nature. Lanham: Rowman and Littlefield
  • MacKinnon, D. M. 1965., “Aristotle’s Conception of Substance.” In R. Bambrough (ed.), New Essays on Plato and Aristotle. London: Routledge and Kegan Paul. 97–119.
  • Malcolm, John. 1993. “On the Endangered Species of the Metaphysics.” Ancient Philosophy 13: 79– 93.
  • Malcolm, John. 1996. “On the Duality of Eidos in Aristotle’s Metaphysics.” Archiv für Geschichte der Philosophie 78: 1–10.
  • Mansion, S. 1979. “The Ontological Composition of Sensible Substances in Aristotle (Metaphysics VII, 7–9).” In J. Barnes, M. Schofield, and R. R. K. Sorabji (eds.), Articles on Aristotle, Vol 3. Metaphysics. London: Duckworth. 80–87.
  • Matthen, Mohan. 1987. “Individual Substances as Hylomorphic Complexes.” In M. Matthen (ed.), Aristotle Today: Essays on Aristotle’s Ideal of Science. Edmonton: Academic Printing and Publishing. 151–176.
  • Matthews, Gareth B. 1982. “Accidental Unities.” In M. Schofield and M. C. Nussbaum, Language and Logos: Studies in Ancient Greek Philosophy. Cambridge: Cambridge University Press. 223–240.
  • Matthews, Gareth B. 1986. “Gender and Essence in Aristotle.” In J. L. Thompson (ed.), Women and Philosophy. Supplement to Australasian Journal of Philosophy 64: 16–25.
  • Matthews, Gareth B. 1989. “The Enigma of Categories la20ff and Why it Matters.” Apeiron 22: 91– 104.
  • Matthews, Gareth B. 1990. “Aristotelian Essentialism.” Philosophy and Phenomenological Research Suppl. 50: 251–262.
  • Matthews, Gareth B. 1991. “Container Metaphysics According to Aristotle’s Greek Commentators.” Canadian Journal of Philosophy Supp. vol. 17: 7–23.
  • Matthews, Gareth B. and S. Marc Cohen. 1968. “The One and the Many.” Review of Metaphysics 21: 630–655.
  • Miller, F. D. 1978. “Aristotle’s Use of Matter.” In G. C. Simmons (ed.), Paideia: Special Aristotle Issue. Brockport, NY. 105–119.
  • Modrak, Deborah K. 1979. “Forms, Types, and Tokens in Aristotle’s Metaphysics.” Journal of the History of Philosophy 17: 371–381.
  • Modrak, Deborah K. 1983. “Forms and Compounds.” In J. Bogen and J. E. McGuire (eds.), How Things Are: Studies in Predication and the History of Philosophy. Dordrecht: Reidel. 85–99.
  • Modrak, Deborah K. 1989. “Aristotle on the difference between Mathematics and Physics and First Philosophy.” Apeiron 22: 121–139.
  • Moravcsik, J. M. E. 1967. “Aristotle on Predication.” Philosophical Review 76: 80–96.
  • Morrison, D. 1985b. “Separation in Aristotle’s Metaphysics.” Oxford Studies in Ancient Philosophy 3: 125–157.
  • Morrison, D. 1985c. “Separation: a Reply to Fine.” Oxford Studies in Ancient Philosophy 3: 167–173.
  • Morrison, D. 1993. “The Place of Unity in Aristotle’s Metaphysical Project.” Proceedings of the Boston Area Colloquium in Ancient Philosophy 9: 131–156.
  • Moser, P. 1983. “Two Notions of Substance in Metaphysics Æ.” Apeiron 17: 103–112.
  • Owen, G. E. L. 1965a. “Inherence.” Phronesis 10: 97–105
  • Owen, G. E. L. 1965b. “Aristotle on the Snares of Ontology.” In R. Bambrough (ed.), New Essays on
    Plato and Aristotle. London: Routledge and Kegan Paul. 69–95.
  • Owen, G. E. L. 1965c. “The Platonism of Aristotle.” Proceedings of the British Academy 50 125–150. Reprinted in In J. Barnes, M. Schofield, and R. R. K. Sorabji (eds.), Articles on Aristotle, Vol 1. Science. London: Duckworth (1975). 14–34.
  • Owen, G. E. L. 1978. “Particular and General.” Proceedings of the Aristotelian Society 79: 1–21.
  • Owens, Joseph. 1978. The Doctrine of Being in the Aristotelian Metaphysics. 3d ed., rev. Toronto: Pontifical Institute of Mediaeval Studies.
  • Pontifical Institute of Mediaeval Studies. Page, C. 1985. “Predicating Forms of Matter in Aristotle’s Metaphysics.” Review of Metaphysics 39:
    57–82.
  • Panayides, Christos. 1999. “Aristotle on the Priority of Actuality in Substance.” Ancient Philosophy 19: 327–344.
  • Pelletier, F. J. 1979. “Sameness and Referential Opacity in Aristotle.” Noûs 13: 283–311.
  • Pena, Lorenzo. 1999. “The Coexistence of Contradictory Properties in the Same Subject According to Aristotle.” Apeiron 32: 203–229.
  • Reeve, C. D. C. 2000. Substantial Knowledge: Aristotle’s Metaphysics. Indianapolis: Hackett.
  • Regis, E. 1976. “Aristotle’s ‘Principle of Individuation’.” Phronesis 21: 157–166.
  • Robinson, H. M. 1974. “Prime Matter in Aristotle.” Phronesis 19: 168–188.
  • Rorty, Richard. 1973. “Genus as Matter: a Reading of Metaphysics Æ–H.” In
  • Lee, Mourelatos, and Rorty (eds.) Exegesis and Argument, Phronesis Suppl.
  • 1. Assen: Van Gorcum. 393–420.
  • Rorty, Richard. 1974. “Matter as Goo: Comments on Grene’s Paper.” Synthèse 28: 71–77. Ross, W. D. 1924. Aristotle’s Metaphysics. Oxford: Clarendon Press.
  • Scaltsas, T. 1985. “Substratum, Subject, and Substance.” Ancient Philosophy 5: 215–40.
  • Scaltsas, T. 1994. Substances and Universals in Aristotle’s Metaphysics. Ithaca: Cornell University Press.
  • Schofield, M. 1972. “Metaphysics Æ3: Some Suggestions.” Phronesis 17: 97–101.
  • Sellars, Wilfrid. 1957. “Substance and Form in Aristotle.” Journal of Philosophy 54: 688–699.
  • Shields, C. 1990. “The Generation of Form in Aristotle.” History of Philosophy Quarterly 7: 367–390.
  • Smith, J. A. 1921. “Tode ti in Aristotle.” Classical Review 35: 19.
  • Spellman, L. 1989. “Specimens of Natural Kinds and the Apparent Inconsistency of Metaphysics Z.” Ancient Philosophy 9: 49–65. Stahl, D. 1981. “Stripped Away: Some Contemporary Obscurities Surrounding Metaphysics Z.3 (1029a10–26).” Phronesis 26: 177–180.
  • Stough, C. L. 1972. “Language and Ontology in Aristotle’s Categories.” Journal of the History of Philosophy 10: 261–272.
  • Sykes, R. D. 1975. “Form in Aristotle: Universal or Particular?” Philosophy 50: 311–331
  • Teloh, H. 1979. “Aristotle’s Metaphysics Z.13.” Canadian Journal of Philosophy 5: 77–79.
  • Thorp, J. W. 1974. “Aristotle’s Use of Categories.” Phronesis 19: 238–256.
  • Tweedale, M. 1987. “Aristotle’s Universals.” Australasian Journal of Philosophy 65: 412–426.
  • Tweedale, M. 1988. “Aristotle’s Realism.” Canadian Journal of Philosophy 18: 501–526.
  • Verbeke, G. 1981. “Aristotle’s Metaphysics viewed by the Ancient Greek

Commentators.” In D. J. O’Meara (ed.), Studies in Aristotle. Washington: Catholic University Press. 107–127.

  • Wedin, Michael V. 1991. “PARTisanship in Metaphysics Z.” Ancient Philosophy 11: 361–385.
  • Wedin, Michael V. 1993. “Nonsubstantial Individuals.” Phronesis 38: 137–165.
  • Wedin, Michael V. 1999. “The Scope of Non–Contradiction: A Note on Aristotle’s ‘Elenctic’ Proof in Metaphysics Gamma 4.” Apeiron 32: 231–242.
  • Wedin, Michael V. 2000. Aristotle’s Theory of Substance: The Categories and Metaphysics Zeta. Oxford: Oxford University Press.
  • Wheeler, Mark. 1999. “The Possibility of Recurrent Individuals in Aristotle’s Organon.” Gregorianum 80: 539–551.
  • Wheeler, S. 1977. “The Theory of Matter from Metaphysics Æ, Ç, È.” International Studies in Philosophy 13–22.
  • White, N. 1972. “The Origins of Aristotle’s Essentialism.” Review of Metaphysics 26: 57–85.
  • White, N. 1986. “Identity, Modal Individuation, and Matter in Aristotle.” Midwest Studies in Philosophy 11: 475–494.
  • Whiting, J. E. 1986. “Form and Individuation in Aristotle.” History of Philosophy Quarterly 3: 359– 377.
  • Whiting, J. E. 1991. “Metasubstance: Critical Notice of Frede–Patzig and Furth.” Philosophical Review 100: 607–639.
  • Williams, D. C. 1958. “Form and Matter.” Philosophical Review 67: 291–312, 499–521.
  • Witt, Charlotte. 1987. “Hylomorphism in Aristotle.” Journal of Philosophy 84: 673–679.
  • Witt, Charlotte. 1989a. “Aristotelian Essentialism Revisited.” Journal of the History of Philosophy 27: 285–298.
  • Witt, Charlotte. 1989b. Substance and Essence in Aristotle: an Interpretation of Metaphysics VII–IX. Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Woods, M. J. 1967. “Problems in Metaphysics Æ, Chapter 13.” In J. Moravcsik (ed.), Aristotle: A Collection of Critical Essays. New York: Anchor. 215–238.
  • Woods, M. J. 1974. “Substance and Essence in Aristotle.” Proceedings of the Aristotelian Society 75: 167–180.
  • Woods, M. J. 1991a. “Particular Forms Revisited.” Phronesis 26: 75–87.

Woods, M. J. 1991b. “Universals and Particular Forms in Aristotle’s Metaphysics.” Oxford Studies in Ancient Philosophy supplement. 41–56

مصادر أخرى على الإنترنت

An Outline of Metaphysics Z. (by S. Marc Cohen)

مداخل ذات صلة

Aristotle, General Topics: categories | Aristotle, General Topics: logic | Aristotle, General Topics: psychology | Aristotle, Special Topics: causality | Aristotle, Special Topics: natural philosophy


(*)  ذُكرت بنية الشجرة المعكوسة هذه لأول مرة في القرن الثالث للميلاد من قبل بروفيري (Prophyry): “الجوهر نفسه عبارة عن جنس، تحت هذا الجسم، وتحت الجسم يوجد الجسم الحي، وتحته يوجد الحيوان. وتحت الحيوان يوجد الإنسان الحيوان العاقل، وتحته يوجد إنسان. وتحت إنسان يوجد سقراط وأفلاطون والرجال الأفراد”. ستشق “شجرة بروفيري” هذه كما يسمونها في ما بعد طريقها، عبر الرسومات، إلى النقاشات القرون-وسطوية  حول أرسطو.

(*)   يُستخدم مصطلح (table) في اللغة الإنجليزية للدلالة على كل من طاولات الطعام وجداول المد والجزر، وهو ما لا يصح في اللغة العربية، حيث يطلق على المعنى الثاني “جداول” بدل “طاولات”. لكن وجب الحفاظ على وحدة المصطلح “طاولة” حتى لا يفسد المثال.

يمكننا صياغة المثال بالعربية كالتالي: هناك عيون البصر، وعيون الماء، وهناك عيون الجواسيس. يستعمل لفظ “عين” للدلالة على العضو الذي نبصر به، وعلى نبع الماء، وعلى الجاسوس الذي يتسقّط الأخبار. لكن لا وجود لمعنى واحد لمصطلح “عين” قد ينطبق على العين بالمعاني الثلاث التي سبق ذكرها.

(*)  الماد-صورية (Hylomorphism):  وأالمركب من مادة وصورة (من الكلمة اليونانية ” hyle”, بمعنى مادة؛ و “morphe”, بمعنى صورة), نظرة ميتافيزيقية أرسطية تنص على أن كل جسم طبيعي إلا و يتركب من عنصرين ميتافيزيقيين مميزين: مادة وصورة؛ الأول موجود بالقوة, والثاني موجود بالفعل. (المترجم)

(*) فالين-واتر (Falling-water): منزل فخم تم تصميمه من قبل المهندس المعماري الشهير فرانك رايت (F. L. Wright) سنة (1953) في ولاية ‘بنسيلفانيا’ الأمريكية، وقد وصفه أعضاء مؤسسة الهندسة المعمارية الأمريكية بأنه “العمل المعماري الأفضل في تاريخ المعمار الأمريكي”.  (المترجم)

(*)  الفساد (Corruption): ضد الكَون, مصطلح أرسطي يعني عودة الشيء إلى العدم بعد أن كان موجودا.

يقول إخوان الصفا في الفصل الثاني، “صفة العالم”، من الرسالة الأولى في شرح تعبير “الكون والفساد”: الكون عبارة عن خروج الشيء من العدم إلى الوجود, والفساد هو عودة الشيء إلى العدم”.  ويضيف الإخوان في محل آخر أن “الكون هو حصول الصورة في الهيولى، والفساد هو انخلاعها منها”  (المترجم)

(*)  المادة المعقولة (intelligible matter): يميز أرسطو بين المادة المحسوسة والمادة المعقولة. المادة المحسوسة مثل البرونز والخشب، أي كل مادة خاضعة للتغير؛ والمادة المعقولة هي تلك المجسدة في الأشياء المحسوسة، لكن ليس بما هي محسوسة، مثل الأشكال الهندسية والرياضية. في مقالة الزاي.10 من الميتافيزيقا، يعطي أرسطو مثالا عن دوائر محسوسة وأخرى معقولة، يصف الأولى بأنها عبارة عن دوائر من البرونز أو الخشب، والأخيرة عبارة عن دوائر رياضية. (المترجم)