مجلة حكمة
مفارقة التشويق

مفارقة التشويق

مدخل فلسفي شامل حول مفارقة التشويق وفلسفتها، وكيف نستمتع بالغموض، والتعرف العاطفي الخاطئ للتشويق والدهشة؛ نص مترجم لد. آرون سموتس، ترجمة: تغريد العتيبي، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة. نسخة PDF


يعتمد النجاح المُطلق لأفلام هوليوود العملاقة على تكرار المشاهدة. حيث يعود الجمهور إلى المسارح لمشاهدةِ تلك الأفلام عدة مرات وشراء أقراص الــ DVD ليتمكنوا من مشاهدتها مرةً أخرى. وبالرغم من أنه يعتبر شيء بديهي في الفلسفة وعلم النفس أن التشويق يتطلب الغموض، إلا أن بعض أكبر نجاحات شباك التذاكر تكون لأفلام الحركة (الأكشن) التي يدّعي الجمهور أنها ما تزال مشوقة حتى في المشاهدات المتكررة. يخلق الخلاف بين نظرية التشويق وسرديات المشاهدين مشكلةً تعرف باسم “مفارقة التشويق”، والتي يمكننا أن نختزلها في سؤال بسيط: إذا كان التشويق يتطلب الغموض، كيف يمكن للمشاهد الذي يعرف النهاية أن يستمر بإحساس التشويق؟

ثمة مشكلة تتعلق بـ” التشويق الموسيقي”: كيف يمكن للمرء أن يشعر بالتشويق استجابةً للموجات الصوتية التي قد يعرفها بشكل وثيق؟ على عكس التشويق النماذجي، فإن التشويق الموسيقيّ عادة ما يكون غير مصحوبٍ بالخوف. وبناءً على ذلك، من الأفضل وصفه بأنه مجرد شعور بالتوتر. بالنظر إلى جدلية طبيعة الاستجابة للموسيقى، فسيتناول هذا المدخل مفارقة التشويق فيما يتعلق بالأعمال الفنية السردية فقط.

سأنظرُ في أربعة حلول مختلفة لمفارقة التشويق: (1) النظرية الفكرية في الاستمتاع بالغموض، (2) نظرية الرغبة-المحبِطة للتشويق، (3) نظرية النسيان اللحظي (لحظة بلحظة)، و (4) فرضية التعرف العاطفي الخاطئ. تشرح النظرية الفكرية في الاستمتاع بالغموض المفارقة من خلال إنكار أن الغموض الفعلي ضروري للتشويق، في حين أن كل ما هو مطلوب هو أن يشارك المشاهدون في الخيال كما يفعلون عادةً – الاستمتاعُ بأفكار القصة وكأنها ليست معروفة. وترى نظرية الرغبة-المحبِطة للتشويق أن الغموض، سواءَ المُستمتعٌ به أو الفعلي، ليس ضرورياً للتشويق.

بالتالي لخلق التشويق، يحتاجُ المرء فقط إلى إحباط الرغبة في خلق تأثيرٌ معين على نتيجة حدثٍ وشيك الوقوع. أما نظرية النسيان اللحظي (لحظة بلحظة) فموقفها هو وجهة الرأي التي تدور على أنه طالما انغمس المشاهدون في سيناريو خيالي، فإنهم غارقون في اللحظة ولا يتذكرون النهايةَ بشكلٍ فعال. و ترى فرضية التعرف العاطفي الخاطئ أنه من المستحيل على المشاهدين الذين يعرفون النهاية أن يشعروا بالتشويق، وأفضل تفسيرٍ لسرديات الجماهير التي تقول العكس، هو أن المشاهدين قد خلطوا خوفهم وقلقهم الفعلي بما يعتبرونه تشويقا.

بدلاَ من تقديم مسحٍ شامل للأدبيات حول التشويق، فيما يلي أناقش الأنواع الأربعة من الحلول المعروضة للمفارقة مبتدئا بوصف مفارقة التشويق ومن ثم شرح الافتراضات التي ترفضها تلك الحلول المختلفة.

  1. مفارقة التشويق
  2. الاستمتاع بالغموض
  3. نظرية الرغبة-المحبِطة للتشويق
  4. نظرية النسيان اللحظي (لحظة بلحظة)
  5. التعرف العاطفي الخاطئ
  6. التشويق والدهشة  
  7. موجز
  • الببليوغرافيا
  • أدوات أكاديمية
  • مصادر أخرى على الإنترنت
  • مداخل ذات صلة

1. مفارقة التشويق

طرح علماء النفس الإدراكي أورتوني و كلور و كولينز نظريةً مفيدة للتشويق قد نسميها السردية القياسية. حيث ناقشوا تكوّن حالة التشويق من الخوف والأمل و “الحالة الإدراكية للغموض” (131). بتعريف الخوف على أنه شعور بالاستياء من احتمال وقوع حدث غير مرغوب به؛ والأمل كشعورٌ بالمتعة بشأن احتمالية وقوع حدثٍ مرغوب به. حيث أنه في السردية القياسية: يشعر الناس بالتشويق عندما يخشون نهايةً سيئة، و بالأمل في الحصول على نهايةٍ جيدة، و في حالة الغموض من النهاية التي ستكون هي الواقع. وفي الحياة الحقيقية، قد نشعر بالتشويق عند المشي في حيٍّ غير مألوف ذو سمعةٍ خطيرةٍ في الليل، لأننا نخشى أن نُسلب، و لكننا نأمل أن نكون آمنين، بالرغم من غير تأكدنا مما سيحدث فعلاً.

يناقش كلٌ من أورتوني و كلور و وكولينز “العواطف الاحتمالية” كالخوف والأمل التي تعتمد على الرغبة وأرجحية نهايةٍ مستقبلية—النهاية التي لم يتحددُ مصيرها بعد لحدث ما. على سبيل المثال، الخوف يتضخّم تزامناً مع زيادةِ درجة الخطر و عدم الرغبة و/أو احتمالية حدوث نهايةٍ معينة. إذا كنتُ خائفاً من التعرضِ للهجوم، سيتضخم خوفي أكثر إذا كان الهجوم المحتمل بشعاُ، بالنظر إلى توقّع مساوٍ، سأكون أكثر خوفاً من التعرض للطعن بنصلٍ في الأحشاء أو ضربٍ مبرحٍ حول الجذع بوسادةٍ مليئةٍ بالبرتقال بدلاً من مجرد التعرض للّكم مرارأً وتكراراً. إذاً بالمثل، كلما كان من المرجح أن أصادف نهايةً غير مرغوب بها، كلما كنت أكثر خوفاً من تلك النهاية. والعكس صحيح فيما يتعلقُّ بالأمل: كلما كانت النهايةُ مرغوبة ومن المرجح أن تحدث، سنصبح أكثر تفاؤلا.

يتضح لنا من ذلك أن حدّة مشاعرنا التشويقية تعتمد على ميزتين لنهايةِ الحدث: (1) الغموض، و (2) أهمية ما هو على المحك. على الرغم من أن الرأي العام لا يدّعي وجود علاقةٍ مباشرة بين الغموض، وما هو على المحك، والتشويق، إلا إنه يشير إلى أن أعظم أحاسيس التشويق هو الشعور به في الحالات التي تكون فيها النهاية غير مؤكدة للغاية وتكون المخاطر عاليةً جداً. ويخبرنا الرأي العام أيضا أنه يمكن أن يتكّون لديك تشويق بخلط نسب منخفضة من الــ “غموض” والمخاطر العالية جداً، و أيضاً مع نسب عالية من الــ “الغموض” و المخاطر منخفضة النسبة. ومع ذلك، في الرأي العام، إذا لم يكن يوجد غموض، فلا يمكن أن يوجد أي تشويق. وبالمثل، إذا لم يكن يوجد شيءٌ على المحك، فلا يمكن أن توجد نهاية مرغوبة أو غير مرغوب فيها، وبالتالي لا خوف أو أمل، ولا تشويق.

يخلقُ التحليل السابق للتشويق مفارقةً عسيرة نوعاً ما. إذا كان الغموض مطلوباً ليشعر المرء بالتشويق، فكيف ما تزال بعض الأعمال الفنية السردية تبدو مشوقة في المرات المتكررة؟ على سبيل المثال، إذا رأينا بالفعل فيلماً، ونتذكره جيداً، فنحن نعرف كيف سينتهي ذلك الفيلم. وعلى الرغم من أننا قد لا نشعر بحماس شديد كما كنا عند المشاهدة الأولى، إلا أنه لا يمكن إنكار أننا يمكن أن نشعر بالحماس عند المشاهدة المتكررة. ولكن إذا كان التشويق يتطلب الغموض، فيستحيل منطقياً أن نشعر بالتشويق أثناء المشاهدة اللاحقة. تُعرف هذه المعضِلة باسم “مفارقة التشويق”. ويمكن شرحها بشكلٍ أكثر رسمية على النحو التالي:

  1. التشويق يتطلب الغموض
  2. معرفة نهاية القصة يستبعد الغموض.
  3. يشعر الناس بالتشويق كردة فعل على بعض القصص عندما يكون لديهم معرفة بالنهاية.

على الرغم من أن أياً من هذه الادّعاءات يبدو غير منطقي في حد ذاته، لكن معاً فهي غير متناسقةٍ البتة. توجد أربعة حلول لتلك المفارقة والتي سأناقشهنّ في القسم التالي، بحيث كلٍّ منهن يحلل ويتسآءل عن واحداً أو آخر من الادعاءات التي تشكّل المفارقة. فالنظرية الفكرية في الاستمتاع بالغموض ونظرية الرغبة-المحبِطة للتشويق ترفض الفرضية الأولى، ونظرية النسيان اللحظي (لحظة بلحظة) ترفض الفرضية الثانية، ونظرية التعرف العاطفي الخاطئ لها جدلً مع الفرضية الثالثة.

2. الاستمتاع بالغموض

يستبعد نويل كارول الادعاء الأول للمفارقة، حيث يجادل بأن التشويق يتطلب فقط “الاستمتاع” بالغموض، وليس الغموض “الفعلي” (كارول 2001). في مقالته “مفارقة التشويق”، يعرض كارول وصفاً مقنعاً لكيفية حل هذه المفارقة حيث يقول إنه حتى لو علمنا أن الفيلم سينتهي بطريقة معينة، فما يزال بإمكاننا أن نتخيل أثناء مشاهدته، أنه لن ينتهي بهذه الطريقة. ويجادل بأن مجرد تخيل أن نهاية الحدث غير مؤكدة كافٍ لخلق جو من التشويق، وبالتالي يكون معدِّلاً على الفرضية الأولى للمفارقة – فقط الاستمتاع بالغموض ضروري للتشويق.

وفقاً لكارول السردية هي شيء أقرب إلى الخيال الموجّه، وهي عملية يصفها بأنها التسلّي بأفكارٍ وتوقعّاتٍ غير جازمة (كارول 1990). يمكن للناس توجيه أنفسهم لحالات عاطفية مختلفة بمجرد تخيّل مواقف بالرغم من معرفتهم أيضاً أنها غير صحيحة، مثل تخيَل احتمالية الترقيةِ في العمل، الخيانة من قبل الزوج، أو اختطاف طفل أحدهم. “نظرية التفكير” في الاستجابة العاطفية هي النظرية القائلة بأن السرديات القصصية تستغل قوة الخيال هذه من أجل شحن وإنتاج ردود فعل عاطفية. تبدو هذه وكأنها تحل مفارقة التشويق، حيث يمكننا أن نعرف أن البطل لن يموت، ولكن لانزال نخشى تخيّل النهاية وأنه ببساطة قد يفنى. بناءً على هذا الرأي، لا يتطلب التشويق الغموض الحقيقي، فقط الغموض المسلّي. على الرغم من أننا لا يمكن أن نكون غير متأكدين حقا من نتيجة سرد مألوف، إلا أننا يمكننا عمداً الاستمتاع بفكرة الغموض. ويمكننا خلق هذا الجو المشّوق بالغموض أياًّ كانَ عدد مشاهداتنا ومواجهاتنا لنفس القصة.

على الرغم من أن النظرية الفكرية لكارول تبدو مفسرةً لإمكانية أن نشعر بالتشويق رداً على رواية مألوفة، إلا أنها لا تعطي تفسيراً للسيناريو المعتاد من تناقص شعورنا بالتشويق. إذا كان كل ما يتطلبه الأمر هو الاستمتاع بفكرة “الغموض” (بالإضافة إلى عوامل مساهمة أخرى غير مذكورة)، فلماذا تفقد بعض القصص قوتها للعديد من المشاهدين؟ فقد يجلس مشاهدٌ راغبًا تماماً بإعادة مشاهدة فيلم مثير للإعجاب دون الشعور بنفس القدر من التشويق كما في المشاهدة الأولى. هذا السيناريو—سيناريو تناقص مردودات التشويق (بالنسبة لنفس القصة السردية) – ليس ممكناً فقط، بل إنه شائع. يدل هذا على أن الاستمتاع بالغموض غير كافٍ لتفسير انخفاض الحماس في المرات المكرّرة — بالطبع رداً على روايةٍ مألوفة. ربما يردّ المدافعون عن نظرية الاستمتاع بالغموض ببساطة عن طريق الإضافة للنظرية بتعليل السؤال المطروح، لماذا يصبح أكثر صعوبة أو أقل احتمالاً للجماهير الاستمتاع بنهايات السرديات بتوقعّات غامضة كلما شاهدوها لاحقاً ـ كونهم أصبحوا أكثر دراية بالقصة عن المرات الأولى.

بغض النظر، تواجه النظرية إشكالياتً أكبر، أحدها هو وجود سبب للإيمان بأن الاستمتاع بفكرة الغموض ليس شرط للتشويق. توجد العديد من الحالات التي يكون فيها معرفة النهاية عنصراّ في جعل السردية أكثر تشويقاً وليس أقل. على سبيل المثال، في المرة الأولى التي نشاهد فيها هيتشكوك “سايكو” Psycho (1960)، قد يشعر المرء بخوف خفيف على ماريون كرين وهي تتحدث مع نورمان بيتس في مكتب الفندق المليء بطيور جارحة برية محنطة ومحشوة خالقةً هالة من الخطرِ للمكتب، لكن المشاهدين ليس لديهم سبب للشك في أنه في خلال الدقيقتين المقبلتين سيغرسُّ نورمان نصلُ النحتِ في صدر ماريون وهي تستحم.

ومع ذلك، في المشاهدة الثانية، قد يشعر المرء بقدر أكبر من التشويق أثناء مشهد المكتب. حيث يبدو اضطراب نورمان واضحاً في المشاهدات المتكررة. كيف فشلت (ماريون) في رؤيته؟ حيث يريد المشاهد أن يصرخ “اخرجي من هناك!” السبب في أن مشهد المكتب في “سايكو” Psycho أكثر تشويقاً في المشاهدات اللاحقة لا يمكن أن يعللّ بأن الجماهير مستمتعة بفكرة أن النهاية غامضة كما كانت في المشاهدة الأولى، بل بالعكس لأن المشاهدة الأولى ليست مشوقة مثل الثانية.

يعتمد هذا الاعتراض على الافتراض بأن الأشخاص العاديين يشعرون بالفعل بالتشويق بالنسبة للمشاهدة الثانية لـ”سايكو” Psycho، ولكن قد يُنكر المرء ببساطة هذا الادعاء. لربما يشعر الجمهور بالتوتر أو الترقب، ولكن ليس التشويق. كما سنرى، هذا هو بالضبط ما يقوله المدافعون عن وجهة نظر “التعرف العاطفي الخاطئ” معللين جميع نسب التشويق المنتكسة. إذا قدّم المدافع عن وجهة نظر الاستمتاع بالغموض تفسيراً مماثلاً للحالات المشابهة لـ “سايكو” Psycho حيث يبدو أن المرء يشعر بمزيد من التشويق عندما تكون النهاية يقينة — فهو يخاطر بتقويض الدعم لادعائه الأساسي بأن التشويق المتناقص أمر شائع. حيث سيكون هذا المدافع عن الاستمتاع بالغموض مديناً لنا بتفسير يوضح لماذا يجب أن نثق في الظواهر وردود الفعل في بعض الحالات وليس كلها.

ومع ذلك، إذا كنا نثق في الظواهر، وإذا كنا نثق في روايات أعضاء الجمهور لما يشعرون به عندما يشاهدون “سايكو” Psycho، فلدينا إذن سببٌ إضافي لرفض ادعاء المفارقة—الادعاء بأن التشويق يتطلب الغموض. إلاّ أننا نفتقر إلى تفسير كيفية حدوث هذا. لذلك ستحاول النظرية التالية التي سنناقشها تقديم إجابة لذلك التساؤل.

3. نظرية الرغبة-المحبَطة لـ التشويق

يدافع آرون سموتس عن نظرية الرغبة-المحبطة للتشويق، والتي ترى أن إحباط الرغبة في التأثير على نهايةِ حدث جوهري ضروري وكافٍ لخلق جو التشويق. وبينما يراجع كارول الادعاء الأول، ينكر سموتس ببساطة أن الغموض ضروري للتشويق (سموتس 2008). معتمداً على حالاتٍ مثل “سايكو” Psycho – على غرار أنها أكثر تشويقاً في المشاهدات المتكررة – والأفلام التي تعيد رواية أحداث تاريخية مثل “لمس الفراغ” Touching the Void  (2004) —حيث يعرف الجمهور النهاية قبل المشاهدة الأولى، في تلك الحالات هناك أدلة لادّعاءه بأن الغموض غير ضروري للتشويق.

يدّعي سموتس بأننا نجد في جميع الروايات التشويقية وفي جميع المواقف المشوقة في الحياة الواقعية عوامل قد تحبط قدرة المرء على تلبية رغبةٍ معينة، وهي عوامل تعيق كفاءة المرء. حيث يكمل جدليته قائلاً بأنه حتى مع ازدياد المخاطر، إذا كان المرء يعمل بجد و بنشاط من أجل تحقيق النهاية المرجوة، فلا يمكن أن يكون هناك تشويق. لذلك أوضح سموتس لماذا تكون القصص الخيالية فعّالة للغاية في خلق جو من التشويق وكيف يمكن أن ينشأ التشويق رداً على تلك القصص عندما نعرف أن النهاية: على النقيض من مشاركتنا في المواقف الحقيقية، حيث يمكننا العمل بنشاط من أجل تحقيق رغبة ما، في تلك القصص الخيالية نحن عاجزون تماماً على التعامل مع رغباتنا بنهاياتٍ معينة.

يلاحظ سموتس أن عدم قدرتنا على التأثير على القصص الخيالية هو شيء غالباً ما نكون على درايةً به، و هو شيءٌ غالباً ما يجعله أفذاذ أفلام التشويق عنصراً بارزاً. على سبيل المثال، أحد أكثر المشاهد تشويقاً في فيلم هيتشكوك “النافذة الخلفية” Rear Window (1954) هي المشهد الذي تبحث فيه ليزا (غريس كيلي) عن أدلة جريمة قتل في الشقة المقابلة. من خلال المنظار، جيف (جيمس ستيوارت) يرى ثروالد يدخل شقته تزامناً مع ليزا التي تحاول العثور على أدلة قتل في غرفةِ النوم. حيث يعكس حالة جيف موقف الجمهور:

نحن لسنا بقادرين على تحذير ليزا من الخطر، و غير قادرين تماماً على استخدام معرفتنا بما يجري للتأثير على الحدث. وبالمثل، يناقش سموتس و فـروم بأن ألعاب الفيديو الأكثر تشويقا هي تلك التي يخرج فيها اللاعب مؤقتاً عن السيطرة، أو يضطر إلى الانتظار لمعرفة نتيجة قفزته أو ما إذا كان سيتم اكتشاف شخصيته عن طريق تقصيّ كلاب الحراسة. تفسير سموتس هو أن الإحباط الجزئي لقدرتنا على تلبية رغباتنا عنصرٌ ضروري لخلق جو من التشويق.

ثمة سؤالان مهّمان على الأقل لم يتم الرد عليهما من قبل نظرية الرغبة-المحبَطة. أولا، لماذا يجب أن تكون الأحداث المشوقة وشيكة الوقوع؟ هذا العنصر من النظرية غير مشروح بمافيه الكفاية، مما يثير الشكوك حول ادعاءاته بالاستيفاء. قد يكون المدافع عن هذه النظرية قادراً على الرد بأن هذا مجرد عاملٌ نترقب من خلاله الأحداث الوشيكة الوقوع والمصيرية التي تثير ردود أفعالٍ أقوى بكثير من تلك الأحداث البعيدة المدى. ولكن، هكذا تصبح هذه السردية غير شاملة.

ثانياً، يمكن للمرء أن يشعر بالتشويق استجابةً لأحداثٍ قد لا يصل فيها بسهولةٍ إلى رغبةٍ معينة. إذا كان الأمر كذلك فإن إحباط رغبةٍ ما لن يكون ضرورياً للتشويق. على سبيل المثال، يوجد في فيلم “مايكل كلايتون”Michael Clayton  (2008) مشهد محاولة تثبيت جهاز تتبع في راديو سيارة مايكل من قبل اثنان من قطاع الطرق المأجورين، ولكن قبل أن يتمكنوا من الانتهاء، يبدأ مايكل في العودة إلى سيارته. المشهد مثير للحماس بنسبة كبيرة، لكن ما هي الرغبة المحبَطة هنا؟ لا أتذكر أنني كنت أرغب في تحذير مايكل. هل هي إذن الرغبةَ في رؤية انفلات قاطعي الطريق دون أن يلحظهما أحد؟ سيكون هذا غريباً لأنه ليس من الواضح لماذا يرغب الجمهور في رؤية حدث تركيب أداة التتّبع كاملاً، لأن تعاطفنا يكمن بالتأكيد مع مايكل وليس مطارديه. ولكن لا يبدو أننا نريد أن نفعل شيئاً لوقف تركيب جهاز التتبع.

4. نظرية النسيان اللحظي (لحظة بلحظة)

يعرض ريتشارد غيريغ ما يمكن أن نسميه نظرية النسيان اللحظي. على عكس التفسيران السابقان، يعتقد غيريغ بأن التشويق يستدعي الغموض. حله للمفارقة هو إنكار الفرضية الثانية – وهو أن معرفة نهاية السردية يمنع الغموض. على الرغم من المظاهر، يدعي جريغ أنه يمكن للمرء أن يعرف كيف ستنتهي القصة وأن يكون في الآن ذاته غير متأكد من ذلك في لحظة تحوّرات و وقوع أحداث القصة.

من خلال الاستعانة ببعض السمات المكونّة للافتراضات في بُنيتنا الإدراكية، يدعيّ غيريغ أن الناس غير قادرين على الاستفادة بشكلٍ فعّال من معرفتهم بنهاية القصة بطريقةٍ تمنع التشويق. مستعرضاً تفسيراً نفسياً تطوّرياً لكيفية حدوث ذلك. حيث يدّعي بأن التطور لم يعط البشر القدرة على البحث عن النتائج المعروفة للأحداث المتكررة. نظراً لعدم وجود أحداثٍ متكررة بالضبط في الطبيعة، ولأنه لم يكن هناك ببساطة ضغط انتقائي لتطوير مثل هذه القدرة. على هذا النحو، يمكن أن يشعر الذي يكرر سرديةً معينه بالتشويق، إذ بينما تُحكم القصة قبضتها عليهم فهم في أعماقهم غير مدركين للنهاية. بهذه الطريقة، يشرح غيريغ إمكانية أن تكون السيناريوهات الخيالية غير يقينية بشكل فعّال للمشاهدين حتى لو كانوا يدركون النهاية.

قد يبدو هذا معقولاً فيما يتعلق بالحالات التي تحدث فيها المواقف التشويقية بسرعة خاطفة، ولكن خذ فيلماً مثل “السرعة” Speed (1994) للمخرج جان دبونت حيث تتعرّض الشخصيات الأساسية لسلسلة من المواقف الخطرة المحيقة، بالعلم مع أن كلُّ حدثٍ خطير ينسرد على مدار عدة دقائق. بحيث يجد المرء صعوبة في التخيل لأن عملية الاستدعاء لتخمين النهاية قد تستغرق وقتاً طويلاً، والقدرة على اتخاذ القرارات الخاطفة في المواقف العصيبة، مثل كيفية الهرب من مهاجمٍ قادم أو كيفية تجنب التعرض لحادثٍ سيارةٍ مريع، وتُستَحضر كيفية تصرف المطاردين والسائقين من خلال تذكر سيناريوهات مماثلة. تبدو هذه الاستراتيجية قريبة من التنبؤ بنهاية حدثٍ خيالي. إذا استطعنا التنبؤ، فبالتأكيد يمكننا أن نتذكر في غضون عدة دقائق ما إذا كانت توقعاتنا صحيحةً أم لا بناءً على إدراكنا لقصة. وبالنظر إلى امتلاكنا لقدراتٍ إداركية مماثلة وحدسنا بالاستطراد التدريجي لسيناريوهات التشويق، فإن تصوّر غيريغ للعقل الكسول المُكّررِ للسرديات في الوهلة الأولى غير مقنع.

ثمة مشكلة مرتبطة بسردية غيريغ هي أنه إذا كان المشاهدون يعانون حقاً من مثل هذه العوائق العقلية بسبب مسألة تركيبنا التطوري، فقد بقي تعليل لماذا يقلّ التشويق لدى العديد من المشاهدين. سيكون من الغريب أن نقول أن البعض منا قد طوّر قدرةً إدراكية خاصة للتنبؤ بنهاياتِ أحداثٍ متكررة بشكلٍ مماثل عندما لا تكون هناك ضغوط تطورّية لتغذية وصقل مثل هذه السمة. المشكلة على ما يبدو هو أن غيريغ أخطأ في التنبؤ بهذه المهارة. كما ذكرنا سابقاً، فإن قدرتنا على التنبؤ بنهايات أحداثٍ مألوفة يمكن أن تفسر بشكل معقول قدرتنا على إدراك نهايات السيناريوهات الخيالية المألوفة.

كما توجد مشكلة أخرى مع نظرية غيريغ، وهي أنه لا يمكنها أن تفسّر الظاهرة الشائعة في المشاهدات المتكررة، وأننا قادرون بعد إدراكنا نهاية قصةٍ ما على ملاحظةِ أشياءٍ دقيقة وغير استثنائية لم نحلظها من قبل. خذ هيتشكوك “ظلُّ الريبة” Shadow of Doubt (1943) كمثال. في بدايات الفيلم، تبدو جوانب من سلوك العم تشارلي الدالةّ على ماضيه الدموي عابرة دون أن يلحظها أحد إلاّ في المشاهدات المتكررة.

تتطلب هذه التجربة المشتركة نفس قدرات التنبؤ والحدس التي يعتقد غيريغ أنها متخلفّة وبدائيةً بالضرورة. إذا كان هناك “فشلٌ منهجيٌ لعمليات الذاكرة في إنتاج الإدراك المترابط بتطور وتحوّرات السردية” وفقاً لغيريغ، فإن قدرتنا على ملاحظة وإدراك وربط أدلة جديدة بعد معرفة النهاية السردية وعند المشاهدة المكرّرة غامضة تماماً (Gerrig 1997, 172). حيث أن نظرية النسيان اللحظي هذه تعني أنه لا يمكن للمرء أن يشعر بالتشويق عند المشاهدة المكررة لفيلم “ظلُّ الريبة” Shadow of Doubt وفي الوقت ذاته يدرك ترابط أدلةً جديدة من خلال متابعة نفس المشاهد، حيث أنها تتعارض مع الشروحات التي تشير إلى نسيانه (لحظة بلحظة).

5. التعرف العاطفي الخاطئ

يقدم روبرت يانال حلاً للمفارقة من خلال إنكار الفرضية الثالثة القائلة بأن المكررّين يشعرون بالتشويق الحقيقي في المشاهدات المتكررة مع الروايات المألوفة. وجهة نظر يانال للتعرف العاطفي-الخاطئ تعللُّ ذلك بأنه لا يوجد مكررّين حقيقيين، فقط من أساءوا التعرف العاطفي. وهو يدّعي بأنه طالما التشويق يتطلب الغموض، وبأن الادعاء بأن نفس الفيلم سيكون مشوقاً بنفس القدر في المشاهدة الرابعة والخامسة والسادسة، يعني أن المشاهد المكرّر قد يضلل التعرف على مسمى ردة فعله العاطفية. حيث أنه لا يشعر حقاً بالتشويق، وإنما شعور الترقب. وبذلك الغموض ضروري للتشويق، ولكنه ليس بضرويُّ لمجرد مشاعر الترقب.

ومع ذلك، فإن الشعور بالتشويق عند المشاهدة المكررة لسرديةٍ ما بعد مدة زمنية طويلة ظاهرة مختلفة تماماً. غالبا ما ننسى كيف تستطرد القصة ونكون غير متأكدين حقاً مما يحدث. لذا، بمعنى من المعاني، فإن تلك السرديات الخيالية إذاً جديدة لمن ينسى. في شروحات يانال، يكون المرء مُشاهد مكررّ مضلل، أو نساي، أو بالطبع مشاهد جديد، بحيث أنه لا يوجد مكرّر حقيقي. فالمكرريّن الحقيقيين غير ممكن حدوثهم، لأنهم يفتقرون إلى عوامل الغموض الإدراكي اللازم للتشويق.

لذلك يقوم حل ينال هذا على التمييز بين الترقب والتشويق. لكن تفتقر ردود الأفعال هذه إلى ظواهرٍ تضع تمييزاً واضحاً بين هذا النوع من الترقب الذي يخطئ في التعرف عليه المشاهدين ويخلطونه بالتشويق والتشويق الحقيقي. بما أن هذا الترقب والتشويق قد يظهرا كشعورٍ واحد، فإن الفرق الرئيسي وفقاً لطرح يانال هو أن ردة الفعل لن تكون تشويق حقيقي دون الحالة الإدراكية للغموض. إذا كان الأمر كذلك، فقد عرّفها يانال ببساطة تحت الأضواء. فلماذا يجب علينا أن نعللّ شعور المشاهدين “بالترقب” رداً على المواقف السردية التي يُعرَف فيها حتماً أن الشخصيات ستبقى سالمة دون أن تصاب بأذى؟

باختصار، يستحوذ يانال على فكرة أن التشويق يتطلب الغموض. من هناك يبني حجة بديهية مفادها أنه يستحيل التشويق عندما تكون النهايات معروفة. يخلصُ يانال هذا التعريف إلى أن المكررّين إما قد نسوا النهايات، وأنهم ليسوا مكررّين حقيقيين، أو أنهم أخطأوا في تحديد ردة فعلهم العاطفية التي يعيشونها.

ومما يتبع نفس طريقة التفكير، قد يخطئ الجمهور المتلقي في تحديد مجموعة من الاستجابات العاطفية، بما في ذلك شعور الخوف. تولّد شعور التشويق في المكررّين ليس أقل غموضا من تولّد شعور الخوف. حيث نشعر بالخوف رداً على أحداث خيالية مألوفة نعرف أنها ستتحول إلى شكل جيد. ولكن كيف لهذا أن يكون ممكناً؟ كيف يمكننا أن نخشى حدثاً نعلم أنه سيؤدي إلى النهاية المرجوة؟ نفس السؤال الذي يطرح نفسه فيما يتعلق بالخوف عندما نرى السردية من المنظور-الأول-للشخصية (الخوف على الذات) والخوف على الآخرين.

يحاجج يانال بأن تجربة الخوف ليست مشوّقة بذاتها ولا هي مشروطة على الجهل. (قد أعرف على وجه اليقين أن صديقي سيتم إعدامه غداً، ومع ذلك أشعر بالخوف عليه، والقلق على صحته، وما إلى ذلك)” (Yanal 1999, 139). لذلك بدون أي أمل، ومع العلم بأن صديقك سيعُدم، من المرجح أن تشعر بالجزع، وليس الخوف. لكن هذا خارج المحور الرئيسي، لأن الوضع مع معظم القصص الخيالية هو أنك تشعر بالخوف لأنك تعرف على وجه اليقين، قل إذا كنت قد شاهدت الفيلم من قبل، أنه لن يحدث شيء سيء للبطل. مرة أخرى، فكر في فيلم “السرعة”  Speed: إذا كنت قد شاهدت الفيلم من قبل، أو تعرف استراتيجيات هذا الصنف (من الأفلام) التقليدية، فأنت تعلم أنه لن يحدث شيء سيء للشخصيات الرئيسية، على الرغم من أنه من الممكن أن تشعر بالخوف عند المشاهدة المتكررة. يبدو أن ذلك ممكن إذا كان لدينا أي إيمان بالتقارير الظاهرية لردود فعل الجماهير.

إذا كان من الأفضل وصف شعور الخوف المتعلق بما يذكر بأنه عاطفة محتملة، فإن الحالة الإدراكية للغموض ستكون مطلب ضروري للخوف منطقيا. هل يجب أن نستنتج أن أفراد الجمهور يخلطون ما يعتبرونه بالخوف مع بعض المشاعر الأخرى؟ لو ذلك، ماذا يمكن أن تكون تلك المشاعر؟ على الرغم من أننا قد لا نكون معصومين من الزلل، إلا أننا لا يسعنا إلا أن نفترض أن الناس يمكنهم إدراك خوفهم عندما يشعرون به. لا يكفي الافتراض المسبق البديهي بأن الخوف يتطلب الغموض للتبرير بشيوع الخطأ العاطفي. الشيء نفسه ينطبق على التشويق.

أحد الأسباب التي قد تبدو أكثر منطقية هو إمكانية افتراض قدرات استبطان غير معصومة عن الخطأ فيما يتعلق بالتشويق ولكن ليس الخوف، حيث أن التشويق يبدو حالةً عاطفية مركبة، مفتقراً إلى الأصل المعتمد على مواصفات واضحة. يوصف التشويق بشكلٍ أفضل على أنه مزيجٌ عاطفي، يتألف من الخوف والأمل، بدلا من أن يكون نوع عاطفي نقي، حيث يتم تضمين الغموض في أحد عناصره المكونّة: وبذلك، فإن أفضل طريقة للتطرق لفكرة التشويق هو اعتبارها عاطفة مركبة.

6. التشويق والدهشة

سيُستعرض بعض الشرح لتعليل اعتقاد يانال وآخرون بأنه لا مجال للتشويق إلا بالغموض. تشمل قصص التشويق في كثير من الأحيان العديد من المفاجآت، مما يجعل المرء متشوقاً لما سيحدث مستقبلاً. استطراداً من هذه النقطة، خلطت العديد من التفسيرات للتشويق، مثل كيندال والتون، المفاهيم بين التشويق والدهشة (Walton, 1990: 259-271). قد يكون الميل إلى التفكير في التشويق على أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدهشة، والتي تظهر أن الغموض مطلب ضروري، أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس يعتقدون أن التشويق يتطلب نفس الشيء. لكن هذا الافتراض جانب الصواب في طريقتين.

أولا، الدهشة لا تتطلب الغموض، على الرغم من أنها قد تظهر في البدايةِ خلاف ذلك. إذا كنت أعتقد أن شيئاً ما سيحدث ويحدث ذلك، فلن أشعر بالدهشة. على سبيل المثال، إذا كنت أعتقد أن أصدقائي قد تجمعوا في شقتي لعيد ميلادي، فلن أشعر بالمفاجأة عندما أعود إلى المنزل وأجدهم في غرفة المعيشة الخاصة بي. استناداً إلى سيناريوهات حفلات المفاجأة الفاشلة، يمكن للمرء أن يستنتج أن المفاجأة أو الدهشة تتطلب الغموض. لكن هذا حكمٌ متسرعٌ جداً. الدهشة لا تستدعي أن نكون في حالة إدراكية من عدم اليقين. ومن السهل إلى حد ما معرفة السبب. قد أكون على يقين من أن جعّتي موضوعةً على الطاولة أمامي، ولكن ما إن مددت يدي لأخذها، حتى اختفت، سوف أتفاجأ. وبالتالي، يمكن أن أشعر بالدهشة دون الغموض. لأنه أن تكون مخطئاً في حدسك ليس هو نفسه أن تكون غير متأكد. النهايات المدهشة تأتي من قلب المتوقّع رأساً على عقب (عملية التخريب)، وليس صمود الغموض الإدراكي.

ثانياً، على الرغم من أن التشويق والدهشة غالباً ما يتم العثور عليهما في نفس القصص الخيالية، ويمكن أن تكون احتمالية حدوث المفاجأة مصدراً لبعض التشويق، إلا أن علاقتهما تتوقف هنا: بحيث لا تشارك الدهشة في جميع حالات التشويق أو حتى معظمها. وبالتالي، ما إذا كان التشويق يتطلب الغموض فهذه مسألة مستقلة عن تلك المتعلقة بالشروط اللازمة للدهشة.

7. الموجز: مفارقة التشويق

قيمّنا بشكلٍ نقدي أربعةَ حلولٍ لمفارقة التشويق: النظرية الفكرية في الاستمتاع بالغموض، ونظرية الرغبة-المحبَطة للتشويق، ونظرية النسيان اللحظي (لحظة بلحظة)، وفرضية التعرف العاطفي الخاطئ. تحاول النظريتان الأوليتان حل المفارقة من خلال تفسير شعورنا في ظل معرفتنا. أما نظرية النسيان اللحظي فهي تنفي بشكل فعّال أنه سيكون لدينا أي معرفة بنهاية القصة، حتى لو قرأناها من قبل. وتنفي وجهة نظر التعرف العاطفي الخاطئ شعورنا بالتشويق في اللقاءات المتكررة مع السردية، على الرغم من المظاهر.

تختلف إشكاليات النظريات الأربع، لكن تجدر بنا الإشارة إلى أن نظرية التشويق يجب أن تكون قادرة على القيام بأكثر من مجرد توفير حل لمفارقة التشويق؛ حيث يجب أن تكون قادرة أيضاً على شرح حقيقتين إضافيتين. أولاً، كما ذُكر أعلاه، غالباً ما يتضاءل التشويق بعد أن نشاهد فيلماً، ويستمرُّ في التناقص في المشاهدات اللاحقة. ثانياً، على الرغم من أن الخيال السردي فعّال للغاية في خلق جو من التشويق الانفعالي الحاد، إلا أننا نادرا ما نشعر بالتشويق في حياتنا اليومية.


البيبليوغرافيا

  • Carroll, Noël, 2001, “The Paradox of Suspense”, in Beyond Aesthetics Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 1984, “Toward a Theory of Film Suspense”, Persistence of Vision 1: 65-89.
  • –––, 1990, The Philosophy of Horror; or, Paradoxes of the Heart, New York: Routledge.
  • Gerrig, Richard, 1997, “Is there a Paradox of Suspense? A Reply to Yanal”, British Journal of Aesthetics, 37: 168-174
  • –––, 1993, Experiencing Narrative Worlds, New Haven, CT: Yale University Press.
  • –––, 1989, “Reexperiencing Fiction and Non-Fiction”, The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 47: 277-80
  • Ortony, Andrew, Gerald L. Clore, and Allan Collins, 1998, The Cognitive Structure of Emotions, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Smuts, Aaron, 2008, “The Desire-Frustration Theory of Suspense” The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 66 (3): 281-291.
  • Smuts, Aaron and Jonathan Frome, 2004, “Helpless Spectators: Generating Suspense in Videogames and Film”, Text Technology, 13.1: 13-34
  • Walton, Kendall, 1990, Mimesis as Make-Believe: On the Foundations of the Representational Arts, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Yanal, Robert, 1999, Paradoxes of Emotion and Fiction, State College, PA: Penn State University Press.
  • –––, 1996, “The Paradox of Suspense”, British Journal of Aesthetics, 36: 146-158.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

[Please contact the author with suggestions.]

مداخل ذات صلة بـ مفارقة التشويق

desire | emotion | فلسفة الفيلم


[1] Smuts, Aaron, “The Paradox of Suspense”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Fall 2009 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/fall2009/entries/paradox-suspense/>.

Add comment