مجلة حكمة
فلسفة التعددية الثقافية

التعددية الثقافية

الكاتبلويس رودريغس
ترجمةعقيل العبودي

مدخل حول فلسفة (التعددية الثقافية) وجذوره التاريخية، بقلم الد. لويس رودريغس، دكتور الفلسفة والقانون في جامعة إيسكس، مترجم من (موسوعة الإنترنت الفلسفية)، تعود حقوق النص الإنجليزي الأصلي لكل من الكاتب وموسوعة الإنترنت الفلسفية. بالغ الشكر لكل من الكاتب ومحرري الموسوعة على منح مجلة حكمة حقوق الترجمة ونشرها على موقعها

التعددية الثقافية
د. لويس رودريغس

 يوجد التنوع الثقافي في المجتمعات منذ زمن طويلة. لقد كانت في اليونان القديمة مناطق صغيرة متنوعة في ازياءها، لهجاتها وهواياتها  ومثال ذلك أولئك الذين ينحدرون من مناطق إيتوليا، لوكريس، دوريس، إيبروس. وكان يشكل المسلمون في الإمبراطورية العثمانية الغالبية مع وجود أقليات مسحية، يهودية، وثنية، عرب ومجموعات دينية أخرى.  ظلت المجتمعات متنوعة ثقافيا في القرن الواحد والعشرين حيث يوجد في معظم البلدان خليط بشري من اعراق وخلفيات لغوية وانتماءات دينية مختلفة الخ. وصف المنظرون السياسيون المعاصرون هذه  الظاهرة  المتمثلة في التعايش بين الثقافات المتنوعة في البقعة الجغرافية نفسها بفضاء التعددية الثقافية . أي أن أحد معاني التعددية الثقافية هو التعايش بين الثقافات المختلفة.

لم يستعمل مصطلح التعددية الثقافية لوصف مجتمع متنوع ثقافيا فحسب، لكنه يشير الى نوع السياسة التي تهدف إلى حماية هذا التنوع الثقافي أيضاً. فعلى الرغم من أن التعددية الثقافية ظاهرة لها تاريخ طويل وكان هناك بلدان عديدة اعتمدت سياسات التعدددية كالامبراطورية العثمانية، لكن لم تزدهر الدراسة المنهجية للتعددية الثقافية في الفلسفة الاً في نهاية القرن العشرين، عندما بدات تلقى أهتمام خاص من قبل الفلاسفة الليبراليين. وكان دور الفلاسفة الكنديين بالتحديد كبيراً في ذلك، لكنه اصبح موضوعاً شائعا في الفلسفة السياسة المعاصرة في القرن الحادي والعشرين.

فقد ركزت العديد من الكتابات في هذا الحقل على مواضيع تتعلق بمفهوم إعادة توزيع عادل للموارد ، قبل ان تكون التعددية الثقافية موضوعاً في حقل الفلسفة السياسة يسلط الضوء على فكرة أن الهويات الثقافية  ذات صلة معيارية بالتعددية وان السياسات يجب ان تأخد هذه الهويات المختلفة بنظر الأعتبار.

يتطلب فهم التعددية الثقافية في الفلسفة السياسية المعاصرة ان نأخذ بنظر الاعتبار أربعة محاور مهمة هي؛ معنى مفهموم الثقافة؛ معنى مفهموم التعددية الثقافية ؛ النقاش حول مفهوم العدالة بين المجموعات الثقافية والنقاش بخصوص التطبيقات العملية للممارسات التي تترتب على التعددية الثقافية .

 

 

المحتويات

١ مفهوم الثقافة في النظرية السياسية المعاصرة

  • المنظور السيمائي

  • المفهوم المعياري

  • التصور المجتمعي

  • المنهج الاقتصادي العقلاني

  • مناهضة الاصولية والعالمية

 

٢ مفهوم التعددية الثقافية

  • التعددية الثقافية كمفهوم وصفي للمجتمع

  • التعددية الثقافية كسياسة

المواطنة متعددة الثقافات

سياسة تايلور للاعتراف

الليبرالية متعددة الثقافات عند كمليكا

الإقامة التحويلية عند شاكر

** السلبية العالميه

  • المساواة الليبرالية عند بيري

  • ليبرالية كوكاثا

 

٣ الموجة الثانية من الكتابة عن التعددية الثقافية

  • االمثليون ، المثليات وثنائي الجنس

  • النساء

  • الأطفال

٤- الحيوانات وتعدد الثقافات

 ٥- مراجع / المزيد من القراءة.


 

 

 

١- مفهوم الثقافة في النظرية السياسية المعاصرة

إن التعددية الثقافية هي قبل كل شيء نظرية حول الثقافة وقيمها. ولكي نفهم ماذا تعني التعددية الثقافية يكون إيضاح معناها لاغنى عنه.  سيوجز هذا القسم خمسة مفاهيم للثقافة لها حضور مميز في الفلسفة السياسية : السميائية، المعيارية، الاجتماعية، الاقتصادية / العقلانية والعداء للاصولية العالمية. كما أوضح (Festenstein 2005)، ليست هذه مفاهيم متنافسة للثقافة، حيث يختار كل منها مجموعة متميزة من الشروط الضرورية والكافية للتطبيق الصحيح “للحجة المفترضة” . بالمقابل ، تدافع كل مفاهيم الثقافة هذه ولو بطريقة مختلفة قليلاً عن فكرة  أنً الثقافة تُشكل الهوية الشخصية. لذلك ، من الممكن الدفاع في الوقت نفسه، على سبيل المثال، عن المفهوم السيميائي للثقافة والاعتراف بأن الثقافة قد تكون لها سمات، معيارية  اجتماعية، اقتصادية وعالمية.

 

  • المفهوم السيميائي

كان هذا المعيار واسع الانتشار في ستينيات القرن العشرين، وكانت له جذور في الأنثروبولوجيا الاجتماعية الكلاسيكية. اعتبرعلماء انثروبولوجيا الاجتماع أمثال ماركريت مييد – ليفي ستراوس و مالونوسكي  الثقافة مجموعة نظم اجتماعية، رموز، بالإضافة الى التمثيل والممارسات العامة التي تحتفظ بها جماعات معينة.  فتعرف الثقافة، من هذا المنطلق ، على انها نظام من الأفكار او بناء رمزي للمعنى.  بمعنى اخر، وطبقا لهذه الرؤية، يجب ان تفهم الثقافة انها نظام رمزي والذي في المقابل يكون طريقة للتواصل مع العالم.  يستند هذا الشكل من التواصل الى الرموز التي تتضمن البنى والمعتقدات او المبادئ الأيديولوجية.  واحد من الفلاسفة الذين يتبنون هذا المعيار للثقافة هوباريخ Parekh (2005).   فطبقا لـ –  Parekh  (2005، p. 139) ، تنظم الحياة البشرية بواسطة نظام أنشأ تاريخيا المعاني المهمة والتي ندعوها نحن بالمقابل بالثقافة.

يؤكد تايلور (1994b)  على ان المخلوقات البشرية عبارة عن كائنات تفسر نفسها ذاتيا، وتعتمد هوياتها على الطريقة التي يرى فيها كل شخص نفسه ، ومن الضروري جداً ، أن يكون لهذا الفهم الذاتي معنى.   بالتالي فان النظرية القائلة بأن الكائنات البشرية هي كائنات ذاتية التفسير تقترح ان الوجود البشري يتكون بواسطة المعنى.  في المقابل ، يدل هذا على ان الكائنات البشرية حيوانات ناطقة أيضاً.  نعني باللغة ، هنا كل اشكال التعبير ( الموسيقى ، اللغة المتحدثة ، الفن وهكذا دواليك) ( تايلور 1994 b).  أن تكون حيواناً ناطقاً يعني، ومن وجهة نظر تايلور، ان الافراد قادرين على خلق قيم ومعانى، ولهذه المعاني جذور في كل مجتمع ثقافي.  وهذا يعني، ان تكون اللغة ، نتاج التفاعل بين الافراد داخل مجتمعاتهم الثقافية ، وعلى وجه التحديد ( تايلور، 1974; 1994b).

فأذا ما اخذنا هذا بنظر الاعتبار، يمكن القول إن دراسة الثقافة من منظور السيميائية هي تحليل أو توضيح للمعنى.  وكما هو الحال بالنسبة للتفسيرأو التأويل، عندما يفسر القاريء معنى معينا في نص ثقافي ، عليه ان يفسر منطقه الداخلي (Festenstein 2005) .  المثال الذي  يقدمه كواين (Quine 1960) بخصوص الرجل الأصلي الذي قال ‘Gavagai’ ، كلما رأى أرنبًا، هو مثال على أهمية تفسير المنطق الداخلي للثقافة. يشير  Quine (1960) ، الى ان هنالك العديد من المعاني المرتبطة بالأفعال ؛ والتي ربما تعني ارنباً ، طعامًا ، او جزء من ارنب ، او ربما القول ان عاصفة  قادمة هذه الليلة (اذا كان الرجل الأصلي يؤمن بالخرافة) وهكذا دواليك. إن نظام الرموز وعملية الأشارة أو نظام المعنى الكامن خلف هذا الفعل  هو طبقاً لوجهة النظر السيميائية ، ما يجب ان تكون عليه الثقافة ، وما يجب ان يدرس.  وبأختصار ، إنها دراسة المنطق المستقل للثقافة.

 

  • المفهوم المعياري

عادة ما يتم اعتماد المفهوم المعياري للثقافة من قبل الجماعاتيين . فالثقافة مهمة، من وجهة النظر هذه، لأنها تزود الافراد بالمعتقدات والأعراف والأحكامم الأخلاقية  التي تحثهم على الفعل. ومن ثم، فإن جزءًا من ماهية الشخص يشمل التزاماته الأخلاقية ؛حيث تتكون هويتهم العملية من هذه الالتزامات وكذلك هي تحرك دوافعهم للعمل. وبعبارة أخرى، يشير مصطلح ‘الثقافة’ الى مجموعة من المعايير والاعتقادات المميزة والتي تشكل الهوية العملية لمجموعة من الافراد؛ وبالتالي، ينشأ جزء من قيم الأفراد وألتزاماتهم من الثقافة (Festenstein، 2005، p. 14). 

 

تعود أهمية الثقافة من وجهة نظر المعيارين لما تشير اليه من الاعتقادات، العادات، والأسباب الأخلاقية الاخرى التي تدفع الافراد للفعل، وبالتالي، فان جزء مما يشتمل عليه الفرد هو ألتزاماتهم الأخلاقية؛ فتشكل هوياتهم العملية من هذه الالتزامات الأخلاقية، وتحفز دوافعهم للفعل بواسطتها.

لقد تشكل جزء من الديانات السماوية، كالمسيحية، الإسلام واليهودية،على سبيل المثال بواسطة حقيقة مفادها هو ألتزام اتباع هذه الديانات بالتعاليم الأخلاقية المذكورة في كتب هذه الديانات الانجيل، القرأن والتوراة على التوالي.  بالتالي ، فمعرفة شخص ما، ترتبط بمعرفة او فهم الالتزامات الأخلاقية لذلك الشخص، وعليه تكون الثقافة قاعدة لتوفير المعلومات هنا.

إن أحد الفلاسفة المؤيدين لمفهوم الثقافة هذا، هي شاكار (Shachar2001 a، p. 2) التي تمثل الثقافة، طبقاً لها نظرة للعالم، شاملة ومميزة يشرع بواسطتها قانون للمجتمع.  تلصق شاكار مصطلح المجتمعات البدوية بالأقليات التي تمتلك ثقافة.  ويشيرهذا المصطلح، طبقا لها، ((Shachar، 2001a، p. 2  الى الجماعات الدينية، العرقية، القبلية والقومية ، لان هذه الجماعات جميعا تكشف عن البعد المعياري المطلوب الذي يساعد على تصنيفها كمجتمعات بدوية.

يرتبط المفهوم المعياري للثقافة عادة بالمفهوم السيميائي لها ، من ناحية عدم تعارض احدهما مع الاخر ؛ بل ربما يكمل احدهما الاخر.   يؤيد تايلور، على سبيل المثال ، كل من هذين  المعيارين للثقافة.  وعلى أية حال ، فالأمر ليس بذات أهمية لان لا يحتاج نظام المعنى وأهميته تقديم أسباب أخلاقية لكي يكون محفزاً للفعل عند الشخص. فما يكون عليه الانسان من وجهة نظر السيميائية هذه ، ليس بالضرورة أن يكون تعبيرعن التزامه / التزامها الأخلاقي ؛ فمن الممكن ان يكون أي شيء داخل هذا النظام.

  هذا هو ما يصطلح عليه بنظام المعنى ، والذي يمكن ان يستند على أي شيء ، بينما ، وطبقاً للمفهوم المعياري للثقافة ، تكون هذه الأخيرة مصدر قوي لالتزامات المرء الأخلاقية.  لتوضيح إمكانية التقابل بين هذين المفهومين ، السيميائي والمعياري في الثقافة ، علينا أن نأخذ بالاعتبار مفهوم تايلور في الثقافة.  يرى تايلور ان الافراد ‘كائنات ذاتية التفسير’. الحقيقة التي تقول ان الوجود البشري يتشكل من خلال المعاني.  فمن وجهة نظر المنهج المعياري ، أن جوهر هذه  المعاني، هي قدرتها القوية على تقييم الاخلاق.  انها تشير لمسألة التمييز الذي يستند على قيمة ما يراه الافراد في الشيء المرغوب.  بعبارة أخرى ، أنها تعتبر أرضية للتمييز بين تلك الأشياء التي تكون لها قيمة عند بعض الافراد ، وبين تلك التي تبدو عند البعض الاخر أقل أهمية او اقل قيمة.

يوجه الافراد حياتهم وأهدافهم من وجهة نظر المنهج المعياري للثقافة ، نحو ما يعتبرونه ذو قيمة أخلاقية.  بأختصار ، فأن هذه الأطر والتقييمات الأخلاقية  القوية هي التي توضح للافراد ماهو مهم ومجزي لهم في الوقت نفسه.  وتكون هذه التقييمات دافع او حافز لهم (Taylor، 1974).  وبالتالي ، فأن النفس لها بعد أخلاقي ، بمعنى أن العقلانية والهوية تشير الى هذه التقييمات الأخلاقية.  ترتبط الهوية بالاخلاق ، لأن يتشكل الافراد من خلال تفسيراتهم الذاتيةً والتي تقدم من خلال تلك التقييمات القوية في نهاية المطاف (Taylor، 1974).  إن هذه الاعتقادات الاخلاقية أو التقييمات القوية في المقابل نتاجٌ لثقافة الفرد فيمكن أعتبارها لهذا السبب مفهموم معياري للثقافة.

 

  • التصور المجتمعي

أستعمل مفهوم ‘التصور المجتمعي للثقافة’  بالأساس من قبل الفيلسوف الكندي كاميلكا “Kamlicka”.  ولكي نفهم هذا التصور، لابد أن نأخذ بالاعتبار تصنيف كاميلكا المزدوج لمصادر التنوع الموجودة في المجتمعات المعاصرة ؛ فبالنسبة له هناك نوعان من التنوع: الأقليات المتعددة الأعراق والاقليات القومية.  يستعمل كيميلكا مصطلح تعددية الأعراق للإشارة لنوع الاختلاف الناتج عن طريق الهجرة. 

تشير التعددية الثقافية العرقية الى ما يتعارف عليه اصطلاحًا  بالجماعات الاثنية.  ولايتحدد وجود هذه الجماعات بمكان معين؛  لكنها تنتشر حول البلدان التي هاجرت اليها أيضًا ، حسب رأي كيميلكا.

ابعد من ذلك ، يؤكد كيميلكا على ان هذه الجماعات في الاغلب لا تحبذ الانفصال عن ثقافة الاغلبية؛ بل ان هذه الجماعات ترغب بالاندماج معها أي ‘الأغلبية’ ، وتطالب بقوانين وبقرارات تضمن لها حقوق متساوية بالانتماء.  ومن جملة هذا المطالب تلك التي تتعلق بحق اللغة ، بحق الانتخاب ، ومقاعد في البرلمان وهكذا دواليك. 

حتى وأن كانت المطالبة بحقوق الانتماء المتساوية، هي ما تطمح اليه هذه الجماعات العرقية، فان تلك المطالب لن تكون بالقضية الأساسية على الدوام. يؤكد كيميلكا على ان الجماعات العرقية تنقسم الى جماعات ليبرالية وأخرى غير ليبرالية (Kymlicka،2001، pp. 55-58). ولا تتعارض طموحات الجماعات العرقية الليبرالية بالضرورة مع القيم الليبرالية، بل انها تطمح  الى لانغماس في المجتمع  في الاغلب  وتطالب بسياسات تتمكن من خلالها من الحصول على حقوق المواطنة المتساوية.  يشير كيميلكا على سبيل المثال، الى الجاليات اللاتينية في الولايات المتحدة الامريكية التي تطالب بصورة عامة بحقوق تتعلق باللغة، والمتمثلة في ادخال اللغة الاسبانية في المناهج التعليمية.

 يرى كيميلكا  من جهة أخرى،  ان الجماعات العرقية الأخرى غير الليبرالية تتمثل بأولئك الذين لا تكون مطالبهم في الثقافة وامور أخرى متماشية مع القيم الليبرالية.  فبعض هذه  الجماعات العرقية الدينية، على سبيل المثال ، تناصر عقوبة الإعدام للمثليين داخلها ؛ بينما اخرين لهم مواقف تتعلق بالنوع والمعايير التمييزية المرتبطة بالزواج والطلاق.  بعض من مطالب هذه الجماعات تكون مشابهة لتلك التي لدى العرقيات القومية، لكن كيميلكا يؤكد ان هذه المسائل شاذة ولا يمكن اعتبارها قاعدة عامة (Kymlicka، 1995، pp. 11-26، 97-99).

 لا تعتبرالعرقيات القومية ‘ثقافة’ ، وحسب وجهة نظر كيميلكا، تعتبر الأمم ثقافة فقط.  يستعمل كيميلكا (Kymlicka، 1995، p. 18)  مصطلح الامة بالتبادل مع مصطلح الثقافة، الافراد والثقافة المجتمعية، فهو يقول “أنا استعمل مصطلح الثقافة على سبيل المثال، كرديف “للامة” أو”الشعب” والتي تُكْوَن مجتمعاً مترابطًا ومتكاملًا مؤساساتيا بنسبة قليلة او كبيرة ، ويقطن في بقعة جغرافية معينة، ويشترك فيه الافراد بلغة وتاريخ مميزين”. 

من وجهة نظره ، فالعرقيات القوميةً هي تجمعات لها ثقل اجتماعي ، وتكون اقل من الأغلبية.  بالتالي ، فان العرقيات القومية تكون ثقافة مجتمعية عندما يكون عددها اقل من اعداد الأغلبية.  بالنسبة الى كايميلكا (1995، p. 76) فأن الثقافة المجتمعية تكون نوع من وضع اجتماعي يوفر للافراد طرقاً مهمة وذات قيمة في حياتهم العامة والخاصة.  وتكمن أهمية هذه الثقافات المجتمعية بالتحديد ، لانها تعطي الافراد الأرضية التي يستندون عليها وتساعدهم في صنع اختياراتهم.

  بتعبير أدق عن كيميلكا ( 1995، p. 76) نظرا لان الثقافات المجتمعية توفر طرقاً ذات معنى للأفراد في الحياة، فهي أيضاً، توفرالسياق الاجتماعي الذي يحتاجه الافراد من اجل تحقيق اختياراتهم الخاصة بهم (لكي يكونوا مستقلين).  الاساس المنطقي لكيميلكا هنا، هو ان الاستقلالية ممكنة فقط في سياقات إجتماعية معينة وان هذه السياق الاجتماعي يتم اعداده بواسطة الثقافات المجتمعية.

تشترك الأقليات القومية أو الثقافات المجتمعية في الاغلب ، من وجهة نظر كاميلكا في عدد من الصفات.  أولا، هو أستقرار هذه الاقليات القومية في بلد لفترة طويلة.  فقد استوطنت غالبية تجمعات الايميش “Amish”  على سبيل المثال، في ولاية بانسيلفانيا الامريكية منذ القرن الثامن عشر، نتيجة للاضطهاد الديني الذي تعرضت اليه في أوروبا.  كذلك الامر بالنسبة للسكان الأصليين في أستراليًا، والكثير من مواطني أمريكا الأصليين من “الهنود الحمر”، قد عاشوا في هذه المناطق ولفترات زمنية طويلة. 

ثانيا، غالباً ما تتركز هذه الجماعات في أماكن محددة، حسب رأي كيميلكا؛ فعلى سبيل المثال، تقع كل من مقاطعتي كيوبك وكاتلونيا في مناطق جغرافية محددة في كندا وأسبانيا على التوالي. ويجتمع ‘السيخ’ في مناطق محددة من الهند ، خاصة في مقاطعة البنجاب. 

ثالثاً ، توفر المؤسسات والممارسات لهذه الجماعات، طبقاً لكيميلكا بعدا كبيراً للنشاطات الإنسانية ؛ وهذا يعني ان الأمم تتجسد في مؤسساتها الاقتصادية والتعليمية والسياسية المشتركة.  لم تؤسس هذه المؤسسات على معاني وذكريات وقيم مشتركة فقط لكنها تتضمن ممارسات وأجراءات أخرى. بمعنى أخر، تكون الأمم متكاملة من ناحية شمولها على تفاصيل مؤسساتية واسعة والتي تشمل تنوعاً في مجالات الحياة المختلفة وتتمثل ؛ في الحكومات ، والقوانين ، والمدارس وهكذا دواليك. 

رابعًا ، فأن الصفة الأخيرة التي تشترك فيها هذه الأقليات القومية ، هي نزوعها الى الانفصال التام او الجزئي عن المجتمع الأم في الاغلب.  ترغب هذه المجموعات بأن تكون مستقلة اما بصورة كاملة او بصورة جزئية ، وان تكون لها دولة خاصة بها وتحكم بواسطة قوانينها ومؤسساتها الخاصة.   وبالتالي ، فأن هذه الأقليات القومية لا ترغب بأن تكون جزء من جسد اجتماعي كبير، طبقاً لوجهة نظر كيميلكا ؛ وعوضاً عن ذلك ، فهي ترغب بأن يكون لها نوع محدد من الاستقلالية.  على سبيل المثال ، فأن العديد من سكان مقاطعة كيوبك في كندا ، لديهم الرغبة بأن يكون لهم مؤسساتهم الحكومية الخاصة ، والتي تقاد بالطريقة التي يرغبون بها هم ، مثل المدارس التي تكون فيها اللغة الفرنسية هي اللغة الأساسية في التعليم.  “من الممكن ان نضيف الاكراد في شمال العراق الى هذه المجاميع القومية التي تسعى لان يكون لها بلد خاص بها ، وتحكم من خلال مؤسسات وقوانين تضعها هي لنفسها بعيداً عن البلد الام / المترجم”.

يرغب الايميش “Amish” ، في كثير من الأحيان بأن يتركوا لحالهم ، وان لا تتدخل الدولة في مسائلهم الداخلية الخاصة ،  وواحدة من المطالب المهمة التي يرغب الايميش في تحقيقها في الولايات المتحدة الامريكية ، هو أن تسقط الدولة عنهم بعض قوانين التعليم التي يخضع لها بقية الأمريكيين ، وهذه القوانين تتعلق تحديدًا بالحد الأدنى من متطلبات محو الأمية.  سوف نعود ثانية لهذه النقطة بعد حين ، لانها ترتبط مع مجموعة أخرى من الأسئلة المعيارية عن ما يمكن للمجموعة وما لا يمكن لها ان تفرض على الاخرين في نفس المجموعة.

لطرح هذه المشكلة بصورة أخرى ، يرسم كيميلكا لنا تمييزاً بين ممارسات يمكن فرضها والتي تتعلق في (الحماية الخارجية) ،  وممارسات لا يمكن فرضها والتي تتمثل في (المعوقات الداخلية).

أن الأقليات القومية تنقسم، حسب وجهة نظر كيميلكا، الى أقليات ليبرالية وأخرى غير- ليبرالية.  فالأولى هي التي تكون مطالبها متوافقة مع القيم الليبرالية ، والتي لا تتعارض بأي حال من الأحوال مع حقوق الاخرين.  وتحت هذا العنوان ، يمكن لنا أن نضع الأقليات القومية في كل من مقاطعة كيوبك في كندا ‘الكيوبيكيون’ ، وفي مقاطعة كاتلونيا في الباسك الاسباني ‘الكاتلون’ ؛ وهذه الأقليات القوميةً عادة ما تطالب بحق استخدام لغة مختلفة خاصة بها في المدارس وفي المؤسسات الأخرى ، وهذه ليست بالضروره تتعارض مع أي قيمة ليبرالية.

الثانية ، فيشير مفهوم الأقليات القومية غير-الليبرالية الىً تلك المجموعات التي ترغب بتأييد القيم غير-الليبرالية ، مثل عقوبة الإعدام للمثليين من كلا الجنسين. 

 

  • المنهج الاقتصادي /العقلاني

تهدف نظرية الاختيار العقلاني الى توضيح وتوقع السلوك الاجتماعي. يتصرف الافراد طبقًا لوجهة نظرهذا المنهج ‘الاختيار العقلاني’ بدوافع المصلحة الذاتية عندما يأخذون بنظر الأعتبار التفضيلات والمعلومات المتوفرة.  فالمصلحة الذاتيةً تعني هنا ، ان الافراد يرغبون بتعظيم ماهو قيم بالنسبة لهم.  أي، ان السلوك البشري موجه نحو هدف معين.  يكون السلوك البشري موجها نحو هدف معين من خلال التفضيلات المتاحة والتي تعني ، ان الافراد يعملون طبقاً لها.  فأذا فضل الفرد على سبيل المثال ، مشروب الشكولاتا الساخنة على الفانيلا او الفراولة ، وكانت كل الأختيارات متوفرة ، فانه سوف يختار الشكولاته الساخنة ( فبقية الأشياء تبقى متساوية) .

يذهب أصحاب منهج “الخيار العقلاني” ، الى الاعتقاد ، بأن المعلومات المتوفرة تأثر بقوة في السلوك.  مثلاً، لا يميل  الفرد الى اختيار الشكولاتة الساخنة، إذا أدرك بأنها غير متوفرة.  وهكذا يعمل الافراد طبقاً لمصالحهم الذاتية ، مهما كانت أشكال هذه المصالح ، معلومات او تفضيلات.  عندما تقود التفضيلات فرد معين شراء الشكولاتة الأكثر شهية، وان لدى هذا الفرد معلومات من ان اشهى أنواع الشوكولاتة الساخنة تباع في محل معين ، فأن مصلحة هذا الفرد تحتم عليه الذهاب الى ذلك المحل لشراءها. 

 تتحدد هذه الأفعال وبوضوح بواسطة الاختيارات المتوفرة وبواسطة أفعال الاخرين.  وبناء عليه ، فأذا لم تتوفر الشوكلاتة الساخنة في السوق ، فلن يكون هذا الشخص قادرًا على شراءها ، والخيار غير متوفر بسبب ان موردها قرر ان لا يبيعها.  وبهذا المعنى ، يعتمد الافراد في ظروفهم وفي افعالهم على الاخرين. 

عندما نضع كل هذه المقدمات في أذهاننا ، فأن التعريف المحتمل  للثقافة من وجهة نظر منهج ‘الاختيار العقلي’ يقدمه لنا لاتن Laitin  (2007، p. 64)، والذي يفيد بأن الثقافة تكون: في توازن مجموعة محددة من الظروف، التي يشترك فيها  جماعة في الأصل المشترك او الممارسات الرمزية او في مستوى عالي من التفاعل ، وبالتالي تصبح هذه المجموعات ، مجموعات ثقافية قادرة على تكييف سلوكها من خلال معتقدات المعرفة المشتركة – حول سلوك جميع أعضاء هذه المجموعة.

بالتالي ، فأن هنالك أربعة خصائص لمفهوم الثقافة هذا.

 أولاً ، تتمثل في الخاصية التي ترى ان الجماعة الثقافية هي تلك المجموعة التي يشترك افرادها بعدد من الصفات التي تميزهم عن الاخرين – على سبيل المثال ، اللغة او الدين. 

ثانياً ، تتمثل في الخاصية التي ترى أن كل الافراد في هذه الجماعات  يشتركون بدرجة عالية من المعرفة وما نعني به هنا بالمعرفة المشتركة ، هو ان كل الأعضاء في ثقافة معينة، تبادلوا المعلومات والتوقعات المتبادلة حول أفعال ومعتقدات الأخرين في المجموعة.

  ثالثًا ، تتمثل في الخاصية التي تربط بين وجود حالة التوازن الثقافي وبين وجود الحافز والمصلحة الذاتية للفعل ، شريطة أن يكون هذا الحافز أو المصلحة الذاتية مطابقاً للمعتقدات التي تفرضها عليه اوعليها ثقافته.  يقع هذا التوازن الثقافي ، بصورة أوضح عندما تكون أفعال ومصالح الافراد متوافقة مع عادات وممارسات ثقافاتهم.  هذه العادات والممارسات يمكن ان تكون أي شيء.  يقدم لاتن “Laitin ” مثالاً ثاقباً في هذا الخصوص.  يتمثل في عادة ربط أقدام المرأة الصينية قبل زواجها.  وهذه هي أحدى العادات الصينية القديمة جداً (Laitin 2007) . يوضح هذا المثال، الصعوبة التي كانت تواجهها المرأة الصينية قبل ان تتزوج من رجل ما، إذا لم تنخرط معه في تقليد ربط القدم.  تجبرغالبية العوائل الصينية بناتها في الانخراط  بهذه الممارسة ، ظنناً منها أي ‘العوائل’ ، أن ما تقوم به يتماشى مع ممارسة ثقافة ربط القدمين. 

رابعاً ، وأخيراً ، فأنه يمكن وصف مجموعة محددة من الظروف بأنها نوع من الحالات التي يكون فيها التفاعل القائم بين الأعضاء، قائم على أساس من التعاون بدلًا من الصراع .  بعبارة أخرى ، يجب أن تكون أفعال الافراد منظمة بطريقة تتطابق مع بعضها البعض أو مكملة لبعضها البعض ، بدلاً من ان تكون في حالة من الصراع.

 

  • منهج مناهضة الأصولية والعالميه.

تعرضت مفاهيم الثقافة التي ذكرت أعلاه الى اعتراضات قوية من قبل بعض منظري السياسة. وقد وجهت بعض هذه الاعتراضات  نحو مفاهيم السيميائية ، المعيارية والمجتمعية ، وكان والجدال  يدور حول كون هذه المفاهيم ذات ابعاد أصولية لا تصف بشكل دقيق الحقيقة الاجتماعية.  على اية حال ، وكما أشار Festenstein (2005) ، أن هذه الاعتراضات لم تكن في مكانها الصحيح في بعض الأحيان ، وان مفاهيم الثقافة هذه لا تحتاج بالضرورة ان تكون أصولية.

 تميز النظرة الأصولية ، بصورة عامة بين الخصائص الجوهرية والخصائص العرضية التي قد تحتوي عليها الأشياء والمواضيع التي لديهم.  حضورهذه الخصائص العرضية ، ليس ضرورياً لدى كل الاعضاء في الجماعة  المحددة ، وفي الأشياء والمواضيع. 

يشار الى أن الخصائص الأصولية او الجوهرية هي الخصائص التي تعرف الأشياء والمواضيع ، وهذه الأشياء والمواضيع ، تحتاج بالضرورة الى هذه الخصائص لكي تكون أعضاء في هذه الجماعة.  علاوة على ذلك ، لا يتمتع أعضاء الجماعة الأخرى بهذه الخصائص ؛ وإلا لكانوا هم أيضاً جزء من هذه الجماعة. على سبيل المثال ، فلكي يكون رف المكتبة رفاً ، يجب ان يعمل هذا الرف بطريقة يكون قادراً على حمل الكتب – فهذه هي خاصيته الجوهرية ، وأن كل الخصائص العرضية الأخرى مثل اللون أو شكل لا تتعدى كونها خصائص عرضية لا يمكن ان تغير من ماهية الرف وما يرمز اليه. 

لا تكون هذه الخصائص ضرورية وكافية فقط لا دخال شيء ما او نوع معين في الجماعة، لكنها تكون ضرورية أيضاً لأبعاد كل شيء وموضوع لا يشترك في هذه الخصائص.  عندما نضع مثل هذه الشيء في الاعتبار، ممكن أن نستنتج حينها، ان الجواهر تعطى من خلال الاختلافات والتشابهات ؛ وان تعريف الموضوع يكون من خلال ما يملكه من تشارك مع المواضيع الأخرى في نفس المجموعة وفي المقابل تمثل صفة او خاصية لا تتمتع بها جماعة أخرى.

 ماذا يعني هذا للثقافة ، انه يعني تحديد المميزات الاجتماعية او الصفات التي تجعل من مجموعة ما كما هي ، والتي من المهم ان يتشارك بها كل الأعضاء ، وتساعد هذه الخصائص وبشكل واضح، على تمييز أعضاء مجموعة ما عن المجموعات الأخرى والتي تستبعد بكل وضوح الاخرين (Young، 2000a. P. 87).

لكي يصنف الاصولي، على سبيل المثال،  المسلمين على أنهم مسلمين ، عليه تحديد بعض الخصائص ، مثل الممارسات المشتركة والاعتقادات التي يشارك فيها جميع من تنطبق عليهم مواصفات المسلمين.

وعليه ، فأن تطبيق الأصولية على ثقافة ما تعني ، أن ثقافة معينة تمتلك صفة او صفات يشترك بها الجميع ولا يملكها شخص اخر من خارج الجماعة.  بالتالي ، فأن هوية المجموعة ومن وجهة النظر هذه ، تتركب بواسطة مجموعة من الخصائص او الصفات والتي تعتبر ضرورية لهذه المجموعة المحددة (Young، 2000a). 

تنطوي هذه النظرية ، من وجهة نظر المعارضين لها على افتراضين خاطئين بخصوص الثقافة.

  أولا ، يبين المعترضون على هذه النظرية ، أن معتنقيها من الأصوليين يشددون بصورة خاطئة على أن الثقافات ترسم بوضوح خطوط تشير الى ان ممارساتها واعتقاداتها لا تتقاطع مع الثقافات الأخرى.   بالتالي، يؤكد الاصوليون بصورة خاطئة على ان الاعتقادات والممارسات تكون حصرية لكل ثقافة ، طبقاً لحجة المعترضين.  تكون هذه النظرية مهمة جداً في الدفاع عن الأصولية ، لانه ومن وجهة نظر الاصولي ؛ فأن المجموعات المختلفة لا يمكن ان تتشارك في الخصائص الجوهرية نفسها ؛ وأن تشاركوا في هذه الخصائص لاصبحوا منتمين لنفس المجموعة.

ثانيا ، يرى المعترضون على هذه النظرية ، أن الأصوليين يصورون الثقافات خطأ على انها متجانسة داخلياً.  لنضع الامر بشكل مختلف ، يعتبر الاصوليون الافراد الذين ينتمون الى نفس الثقافة ، بأنهم جميعاً يوافقون ويفسرون الممارسات بالطريقة نفسها.  ترتبط أهمية هذه النظرية للاصوليين بحقيقة مفادها ، ان الجماعة يجب ان يكون لديها خاصية او مجموعة من الخصائص المتوقعة في جميع الافراد لكي يكونوا جزء من هذه الجماعة.

تعرض هذا التصور الاصولي للثقافة للطعن بصورة واسعة النطاق.  وتكمن الحجة الأساسية في هذا الطعن ، فيما تقدمه الأصولية من صورًا نمطية ، ووضعها لتعميمات مسيئة لما تكون عليه الجماعة.   ان ما يمكن قوله بشأن الأصولية وطبقا للمعارضين لها ، انها أي ‘الاصولية’ غير دقيقة في الجانب الوصفي.  يُشكلك المعارضون لهذه الرؤية  من كونها أي النظرية الأولى ، تفتقد للبراهين التجريبية.  ليس هناك من دليل على التفرد في مجال الممارسات والاعتقادات، وفي الحقيقة فأن الأدلة تقترح العكس؛ حيث تستعير الثقافات كل الممارسات والاعتقادات لكي تزيد من مقبوليتها. 

ليس للثقافات حدود ، وهذا يحسب لحقيقة مفادها ان الثقافة تتغير بأستمرار، وهي تتاثر بعوامل محلية وقومية وعالمية (Phillips، 2007a; 2010).  بالتالي ، فأن رسم حدود واضحة للثقافات بسبب اشتراكهم في العديد من الممارسات والاعتقادات غير ممكن ، طبقاً لوجهة النظر أعلاه.  تمتاز الثقافات بالتقاطع مع بعضها البعض ، لا سيما مع الثقافات المجاورة.  ان التمييز بين الثقافات هو تأكيد مفرط على الحدود بين هذه الثقافات والتي لم يتم تحديدها بوضوح ( Benhabib، 2002; Phillips، 2007a). 

أما فيما يتعلق بالنظرية الثانية ، فالاعتراض يؤكد على انه من الخطأ القول بأن هناك وحدة داخلية في الجماعة فيما يخص الاحتياجات ، المصالح والاعتقادات.  يكون للاعبين الاجتماعين في الجماعات الثقافية ، عوضاً عن ذلك احتياجات ، ومصالح وتفسيرات مختلفة عن الممارسات والاعتقادات لمجموعات أخرى.  ويرى أصحاب هذه الرؤية ، ان الكثير من القضايا والممارسات والاعتقادات قابلة للنقاش وهي أيضا مفتوحة على تفسيرات مختلفة ، وعليه سيكون لدينا أختلافاً واسعا لمًا يعنيه مصطلح الثقافة( Benhabib، 2002).  

يؤكد أعداء الأصولية ، على ان هناك العديد من الاستثناءات لتقديم ادعاءات الاصولية. .  وعليه فان هناك العديد من الأمثلة المقابلة لهذا التعميم ( Phillips، 2007a; 2010; Schackar، 2001a).  ونتيجة لذلك، يجادل بعض أعداء الأصولية،  بضرورة استبدال هذه التصنيفات بتصنيفات صغيرة.   ويرى هولاء، بالتالي أن لا يجب ان يكون الحديث عن النساء ، بل حول النساء من الأصول الافريقية ، أو النساء المسلمات المثليات.

أقترح ، وبناء على هذا الاعتبار ، العديد من المفاهيم المرنة والمختلفة ؛ ومن بين هذه المفاهيم الأكثر شيوعاً ، هو المفهوم العالمي للثقافة ، والذي دافع عنه Waldron.   يرى والدرون أن الثقافات ديناميكية  وهي في حالة خلق مستمرة ومتغيرة (Waldron، 1991).   وتتقاطع هذه الثقافات مع مع بعضها البعض الاخر ، تبعاً لذلك ، مما يجعل الامر مستحيلًا لنسب خصائص حصرية لثقافة واحدة وكذللك للتمييز بين هذه الثقافات.   بعبارة أخرى ، وأستناداً للرؤية هذه ، يكون لدينا مزيج من الثقافات وهذا المزيج ، يسببه التنقل المستمر للافراد بين هذه الثقافات ، ومن خلال استمتاعهم بكل الفرص التي توفرها كل واحدة منها.   بالتالي ، يعيش الافراد في مشهد من الثقافات يستمتعون فيه ومن خلاله يستعيرون كل ممارساتهم (Waldron، 1996).   والسؤال الذي يطرح نفسه، هو ما ادا كان الانتقاد نفسه يتبعه محاولة لتعريف الثقافة ، عندها تكون المحاولة خاطئة.  

 

أكد بعض أعداء الأصولية ، أمثال (Narayan 1998) ، على ان هذه ليست قضيتنا.   وتؤكد ناريان ، عوضاً عن ذلك ، أن الثقافة يمكن تعريفها، إذا ما اخذ بالاعتبار نقطتين مهمتين.

 الأولى ، تتعلق بكون الثقافات متحركة ومتغيرة بأستمرار ، وبالتالي ، فأن أي تعريف للثقافة يجب ان يأخذ بالحسبان ، كون الثقافات في حالة تغيرمستمر.

الثانية ، يرى ضرورة أستبدل التصنيفات الواسعة باخرى صغيرة او ضيقة. هذا يعني، أن نستخدم مصطلح ثقافة التوتسي في راوندا ، بدلامن ذلك المصطلح الذي يتحدث عن الثقافة الافريقية.

 

٢- مفهوم التعددية الثقافية

 تم تعريف مفهوم التعددية الثقافية ، ضمن الفلسفة السياسية المعاصرة، بطريقتين مختلفتين.  أستخدم مصطلح ‘التعددية الثقافية’ في بعض الأحيان كمفهوم وصفي ؛ واحيان أخرى عرف على انه نوع من سياسة تستجيب للتنوع الثقافي.   سنناقش في الجزء القادم التعددية الثقافية كمفهوم وصفي ، ثم نتبعه بعد ذلك ببعض الإيضاحات فيما يتعلق بأستخدام مصطلح ‘التعددية الثقافية ‘ كسياسة.

 

  • التعددية الثقافية كمفهوم وصفي للمجتمع

أستخدم مصطلح ‘التعددية الثقافية ‘ في بعض الأحيان لوصف حالة المجتمع ؛ ولاكون اكثر وضوحاً ، استخدم هذا المصطلح لوصف المجتمع عندما تكون هناك ثقافات مختلفة ومتعايشة.  تتنوع الثقافات في العديد من دول العالم.  كندا هنا كمثال، حيث يحتوي هذا البلد، على ثقافات متنوعة ، مثل الكنديون ذوالأصول الإنكليزية ، مقاطعة كيوبك، والمواطنون الامريكيون الاصليون ، الايميش ، الهوتريتس ، والمهاجرون الصينيون.

تعتبر الصين هي الأخرى ، بلد متعدد الثقافات.  وتحتوي الصين المعاصرة على ما يقرب من ستة وخمسين مجموعة عرقية منتظمة بشكل رسمي  وخمسة وخمسين من هذه المجموعات ، تعتبر أقليات عرقية والتي تكون ما نسبته ٨.٤١ بالمائة من نسبة السكان الكلية للصين.  تعتبر “الهان” المجموعة الاثنية الكبرى بين كل المجموعات العرقية الاخرى، حيث تشكل الأغلبية من سكان الصين.  (Han، 2013; He، 2006).

تتنوع المجتمعات من خلال عدة طرق ، فعلى سبيل المثال ، يرى گور ، أن الثقافة يمكن ان تأتي بصور مختلفة (Gurr، 1993 p. 3).   واحد من اهم الطرق التي يصبح من خلالها البلد مختلفًا ثقافيًا ، هي وجود مجموعات دينية مختلفة ، مجموعات تتحدث بلغات مختلفة ، مجموعات تعرف نفسها بواسطة المنطقة الجغرافية التي تقطن فيها ومجموعات عرقية مختلفة.  

يمثل الاختلاف الديني احدى الظواهرالواسعة الانتشار في العديد من بلدان العالم.  ربما تكون الهند مثال واضح في هذا المجال ، حيث تحتوي الهند في مكوناتها على ، الهنود السيخ ، والهندوس ، والبوذيون.

تعطينا الولايات المتحدة الامريكية مثال أخرعلى هذه التعددية الثقافية الدينية ، حيث يوجد المورمن ، الايميش ، الهوترتيس ، الكاثوليك، اليهود، وهكذا دواليك.  تختلف هذه المجموعات عن بعضها البعض من خلال عناصر متنوعة ، منها ما يتعلق بالعبادة ، الاعياد الوطنية ، الاحتفالات الدينية وتلك التي تتعلق بالملابس.

التنوع اللغوي هو الاخر واسع الانتشار.  في القرن الحالي ، هناك اكثر من مائتي بلد ، وما يقارب على ستة ألاف لغة محكية (Laitin، 2007).   ينتج التنوع اللغوي من نوعين من المجموعات.  

المجموعة الأولى ، تنتج عن طريق هجرة الافراد الى بلدان أخرى تكون اللغة المستخدمة فيها غير تلك التي يتحدثون بها (Kymlicka، 1995).  تشمل هذه الحالة المهاجرون للولايات المتحدة الامريكية من بورتوريكو وكوبا ؛ وكذلك هي الحال بالنسبة لليوكرانيين في البرتغال.

 

  المجموعية الثانية ، تنتج من وجود الأقليات القومية.

  وتعرف الأقليات القومية، على أنها تلك المجموعات البشرية التي استوطنت بلد ما لفترة زمنية طويلة ، لكنها لا تشترك مع أغلبية سكان ذلك البلد في استخدام لغة الأغلبية.  بعض الأمثلة على ذلك، مقاطعة كيوبك في كندا ، مقاطعة كاتلونيا في اسبانيا ، ومقاطعة اليوغر في الصين.   تتمركز هذه الجماعات اللغوية عادة في بقع جغرافية محددة ، والاقليات التي تقع ضمن هذا التصنيف عادة ما تطلب نسبة استقلال كبيرة  في تلك البلدان.   ترى هذه الأقليات ، أنها تمتلك قوة أقليمية تؤهلها لحكم ذاتي خاص بها،  “كما هو الحال عند الاكراد في شمال العراق”/المترجم”

المجموعة الثالثة، تنشأ من موقع إقليمي مميز. لكن هذا الموقع الاقليمي، لا يعني بالضرورة ، ان أعضاء الثقافات المميزة  مختلفين، في الحقيقة.   فليس من الضروري ان تكون العادات والتقاليد مختلفة بشكل كبير.   تعتبر هذه الجماعات المعينة نفسها مختلفة عن الاخرين لسبب يتعلق بالموقع الجغرافي المحدد الذي تتواجد فيه.  

ربما، ، هذا ما يميز الإسكتلنديين عن الأنجليز في المملكة المتحدة ، على الرغم من وجود بعض الاختلافات التاريخية بين الاسكتلنديين والانجليز ، واذا افترضنا ان هاتين المجموعتين ليس لديهما سوى القليل للتمييز بينهما بخلاف الموقع الجغرافي ، فأنهما يناسبان المجموعة الثالثة.    

كما أوضحنا أعلاه، فأن هذه الاختلافات هي معيارية بالاصل، وفي الجانب العملي، تصنف هذه الجماعات الثقافية بواسطة اشكال متنوعة وليس بواسطة شكل واحد.

المجموعة الرابعة ، ترتبط بالعرق.  والأعراق جماعات تكون خصائصها الطبيعية مشبعة بالاهمية الاجتماعية.   يتركب مفهموم العرق اجتماعيًا من خلال إضفاء الفرد او الافراد أهمية كبيرة على مجموعة من الصفات الظاهرة على الشكل الطبيعي للفرد او الافراد ، مثل لون الجلد ، لون العيون ، لون الشعر ، العظام / شكل الفك وهكذا دواليك. 

وجود الصفات الطبيعية المختلفة ، على اية حال ، لا تعني ان هناك بيئة إجتماعية ذات ثقافات مختلفة.  أن مسألة تقرير السويد  كدولة متعددة ثقافيا، على سبيل المثال، بسبب وجود سويديون لهم عيون زرق واخرين لهم عيون خضر ، مسألة فيها بحث ولا يمكن إقرارها.   تخلق الصفات الطبيعية ، بيئةً متنوعة فقط عندما تعني هذه الصفات الطبيعية ان هذه الجماعات، تتطابق وبقوة مع صفاتها الطبيعية وعندما ينظر الى هذه الصفات الطبيعية من ناحية اجتماعية تمييزا لهم عن بقية الافراد. 

فكرة الهوية المشتركة، مبالغ فيها كما تقترح حجة والدرون Waldron .   على الرغم من وجود فكرة ثقافة للاقلية الملونة ‘السود من أصول أفريقية’  في الولايات المتحدة الامريكية ، الا ان Appiah (1996) ، يرفض فكرة من هذا النوع ، لانه وبحسب رأيه ، لا وجود لفكرة الهوية المشتركة بين السود في الولايات المتحدة الامريكية. 

 

تعتبر جماعات “التوتسي والهوتوس” في راوندا ، أمثلة على اعتبار الاختلافات الطبيعية ، لها اثر اجتماعي كبير تساعد من خلاله على تكوين بيئة ثقافية متعددة.  حيث تتشابه هذه القبائل بشكل عام في صفات معينة منها، أستخدامها  لنفس اللغة، العيش في نفس المنطقة الجغرافية والأشتراك في نفس العادات والتقاليد.

يكون ‘التوتسي’ ، على أية جال، أطول وأضعف بالغالب الأعم من الهوتوس.  ان الأهمية الاجتماعية المعطاة لهذه الاختلافات الطبيعية ، تكون مهمة لافراد المجموعتين على حد سواء ، وبشكل عام ، لتحديد الأعضاء في مجموعة او أخرى ، ويتبع ذلك معارضة كل منها الاخر.

من الواضح، ان أتحاد الجماعات لا يكون ممكنا في أغلب الأحيان  ، من خلال الاختلاف اللغوي فقط ، والتمركز في بقعة جغرافية محددة أو من خلال الاختلاف الديني.  أن العديد من هذه المجموعات في حقيقة الأمر، ربما لها صفة واحدة أو أكثر مما ذكرنا أعلاه.  لنأخذ على سبيل المثال السيخ في الهند ، فألى جانب أختلافهم الديني عن الاخرين ، هم أيضاً ومن ناحية عامة يصنفون من خلال منطقتهم الجغرافية  في مقاطعة البنجاب في الهند.  يتبع اليوغر في الصين، كمثال أخر الديانة الإسلامية ، ولهم لغتهم الخاصة ويقطنون في منطقة جغرافية محددة في مقاطعة  شن چنك.  يكون التصنيف ، بالتالي ، عاملاً مساعدا في فهم صفات كل مجموعة ، لكن هذا لا يعني ان هذه المجموعات تعرف ببساطة بواسطة هذه الصفات.

 

  • التعددية الثقافية كسياسة.

يمكن استخدام مصطلح ‘التعددية الثقافية’ أيضا للدلالة على ‘سياسة’.   وتمتاز هذه السياسة بصفتين:

 

الأولى ، تهدف الى تلبية المطالب المختلفة للجماعات الثقافية.  هذا النوع من السياسة يشير الى التحديات المعيارية المختلفة (النزاع العرقي ، التعصب الداخلي السيئ، الاستقلال الفيدرالي ، وهكذا دواليك) والذي ينشأ نتيجة للتنوع الثقافي.  ترمي هذه السياسات ، على سبيل المثال ، الى معالجة التحديات المعيارية المختلفة والتي تنشأ من وجود هذه الأقليات ، مثل كيوبيكيوس،  والذين يرغبون في امتلاك مؤسسات خاصة بهم ، وبلغة تختلف عن تلك التي يتحدث بها بقية الكنديون. 

تكون سياسات أعادة التوزيع ، على النقيض تماماً من سياسات التعددية الثقافية والتي لا تعبر بالدرجة الأساس عن عدالة أعادة التوزيع ، ولكنها تشير ربما الى من يحصل على هذه الوسائل ، وربما تشير  التعددية الثقافية أيضا الى مسألة إعادة التوزيع بصورة عرضية (Fraser، 2001). 

تهدف سياسات التعددية الثقافية ، الى إعادة تصحيح كل المساؤى التي يكون الافراد ضحية لها ، والتي تنتج من الهويات الثقافية لهولاء الافراد.  ربما تهدف هذه السياسات، على سبيل المثال، الى تصحيح المساؤى الناتجة من كون الافراد ينتمون الى مجموعات معينة.  ربما يعطينا وضع بعض المسلمين، في بعض الدول الغربية حيث سيادة المسيحية بعض الوضوح لمشاكل المسلمين الذين يعيشون في هذه بلدان ويطالبون بمناسبات عامة  تختلف عن تلك التي يمارسها اغلبية سكان ذلك البلد ، مثل عيد الفطر.

يكون أختلاف الافراد ، طبقا الى وجهة نظرالاستيعاب هذه ، مقبولًا ، لكن الهدف الأخير او النهائي لهذه السياسات هو جعل الاقلية جزء من الأغلبية ، وان تكون مقبولة من قبل الأغلبية ، وإيجاد نوع من التوازن بين هذه الثقافات المختلفة بدرجة ما. 

 

تعترف التعددية الثقافية ، على النقيض ، ان الافراد لهم طرق مختلفة في الحياة ، وبصورة عامة ، لا يجب على الدولة ان تستوعب هذه الجماعات، لكن من الممكن لها ان توفر الأدوات لهم في سعيهم للوصول الى حياتهم الثقافية الخاصة.  أي ان الهدف النهائي للسياسات هنا، من وجهة نظر أصحاب نظرية التعددية الثقافية ، ليس بتوحيد الهدف النهائي للسياسات وليس بتوحيد الاشكال الثقافية ؛ لكن الهدف ، يكون عوضاً عن ذلك هو في السماح للجماعات وإعطاءها الوسائل لمتابعة اختلافاتهم.

كانت هناك موجتين من الكتابة في التعددية الثقافية ، في سياق النظرية السياسية الليبرالية المعاصرة، طبقا لوجهة نظر كيميلكا (Kymlicka، 1999a).  تركز النقاش في الاولى طبقا لكيميلكا، حول ما يجب ان تكون عليه هذه السياسات ، وما يجب القيام به لحماية ثقافة الأقليات.

ناقش فلاسفة السياسة الليبرالية المعاصرة ، في الموجة الأولى ، أنواع اللا -مساواة والتي تظهر بين الأغلبيات والأقليات ، وكيفية طرحها.  لقد دار النقاش، بعبارة أخرى، حول نوع هذه الأختلافات بين الجماعات، وما يمكن ان تقوم به الدولة بهذا الشأن. 

أتخذ فلاسفة السياسة الليبرالية المعاصرة الذين كتبوا في هذا الموضوع ، بشكل عام ، موقفين مختلفين.  دافع بعض فلاسفة السياسة الليبرالية المعاصرة ، من جانب ، عن أمكانية غض الطرف من قبل مؤسسات الدولة عن هذه الاختلافات، ويجب ان يتمتع الافراد بمجموعة موحدة من الحقوق والحريات.  يرى أصحاب وجهات النظرهذه ، ان التنوع الثقافي ، الحرية الدينية وهكذا دواليك، محميان بما فيه الكفاية بواسطة هذه الحقوق والحريات ، لا سيما بواسطة حرية الارتباط والوعي.

يؤكد أولئك الذين يعارضون مسألة أدخال الجماعات الموحدة في الحقوق والحريات على قاعدة العضوية في الجماعة ، أي جماعة ، من انها ترتكز على سياسة تمييزية غير أخلاقية، تخلق تراتبية في المواطنة تكون غير عادلة وغير مرغوب فيها (Kymlicja، 1999a pp. 112-113). 

تكون مشاركة الدولة ، بالتالي ، ومن وجهة نظر فلاسفة السياسة الليبرالية المعاصرة ، غير ذات جدوى في تكوين الشخصية الثقافية في المجتمع.

وقد عارض فلاسفة أخرون ، على الجانب الاخر ، هذه الرؤية في هذه القضية.  تعاطف بعض فلاسفة السياسة الليبرالية المعاصرة ، على سبيل المثال مع فكرة ادخال الحقوق للمجموعات عن بعض السياسات الحساسة والمختلفة. 

فقد أشار كيميلكا (1999a، p. 112) ، من ان هولاء الفلاسفة حاولوا اظهار قواعد الاختلافات الحساسة على انها ليست متوارثة في عدم عدالتها.  وقد احتج هولاء الفلاسفة ، بشكل عام على نظام الاختلافات الحساسة وكونها ليست بالضرورة تتطلب او تحتوي على نظام تراتبي للمواطنة او على ممارسات غير عادلة لبعض المجموعات. وقد احتج هولاء ، عوضاً عن ذلك ، على ان سياسات الاختلاف الحساسة تقود الى عملية تصحيح لكل مسائل  اللا-مساواة وانعدام الفرص في المجموعات في سوق الثقافة.

اقترح هولاء الذين دافعوا عن الحقوق الخاصة لهذه المجموعات ، مجموعة مختلفة من السياسات.

أظهر ليفي في كتابه ، “التعددية الثقافية للخوف”، Levy (2000، p. 125-16) ، بصورة منتظمة أنواع سياسات الاختلافات الحساسة والتي تم شرحها في كتابات متعددة.   يمكن ان تنقسم ، وطبقاً له ، سياسات الاختلافات الحساسة الى ثمانية أصناف: الإعفاءات ، المساعدة ، المطالبات الرمزية ، الاعتراف/والتطبيق ، التمثيل الخاص ، الحكم الذاتي ، القوانين الخارجية والقوانين الداخلية.

 

 تكون الاعفاءات من القوانين ، حقوق تستند الى ما يطلق عليه بالحرية السلبية لعدم تدخل الدولة في قضايا خاصة ، والتي يمكن ان تسبب في وجود ثقل كبير على جماعات معينة.  تحدث الإعفاءات من القانون بعبارة أخرى، عندما تمتنع الدولة عن التدخل مع او الزام مجموعة معينة والتي ترغب في ممارسة بعض الأشياء لكي ترفع عنها مثل هذه الاحمال أو القيود.   يمكن أن تكون هذه الإعفاءات أيضاً تحديدات لحرية الشخص لفرض بعض التكاليف على مجموعة أخرى.

 

تخيل ان هناك قانون عام ، يقر ان الشركات الكبيرة تمتلك الحق لتطبيق قانون الزي الموحد على موظيفها.   من الممكن جداً أن يشكل هذا القانون، عبأ على تلك المجموعات التي ترتدي ازياءها ضمن صيغة معينة ( والتي تكون مختلفة عما تطلبه الشركة) ، الوضع هنا يشكل قيمة مختلفة.  

 

يمثل أرتداء الأزياء في صيغة معينة ، على سبيل المثال ، أمرا مهما للكثير من رجال السيخ وللنساء المسلمات، على التوالي، والحديث هنا عن العمامة التي يضعها السيخي فوق رأسه والحجاب الذي تضعه المرأة المسلمة فوق رأسها هي الأخرى.  تكون المطالبة بالاعفاءات هنا امر ضروري جدا ، وممكن ان توفر للافراد خيارات متعددة في إيجاد عمل مختلف او رفض قانون الزي في العمل ؛ اخذين بالاعتبار ما يمثله الملبس للرجال السيخ وللنساء المسلمات من مسؤولية كبيرة تختلف عن تلك التي يراها الغربيون، والتي يمكن ان تؤثر على هوياتهم ، والاعفاءات ربما تكون مبررة هنا (Levy، 2000، pp. 128-133).  بالتالي ، هذه المجموعات ربما تكون قادرة على الانخراط في بعض الممارسات التي تكون غير متاحة لغالبية المواطنين في ذلك المجتمع.

 

تهدف حقوق المساعدة ، على مساندة الافراد في التغلب على كل العراقيل التي يمكن ان يواجهوها في جماعات معينة،  حيث تعمل حقوق المساعدة هذه، بعبارة أخرى على تصحيح الحرمان الذي خبرته بعض الجماعات ، نتيجة كونهم أعضاء في هذا المجاميع ، عندما تقارن بالأغلبية.   مساعدة الافراد هنا، ربما تبرر، في عملية سعيهم للوصول الى أهدافهم من خلال استخدام تمييز إيجابي لمساعدة هولاء في طرق مختلفة.

 

تعتبر حقوق اللغة ، مثالًا لهذه الطريقة.  لنفترض ان بعض الافراد في كاتلونيا لا يتحدثون اللغة الأسبانية فتكون مسألة تواجد افراد يتحدثون هذه اللغة في المؤسسات الاسبانية الكاتلونية العامة ، عاملاً مساعداً في هذا الصدد، حتى يستطيع هولاء من تقديم خدمة للناس في كلتا الحالتين ، الأغلبية والأقلية. 

 

منح المساعدات ، ربما يكون مثالا اخرا في عملية مساعدة الجماعات للحفاظ على ترابطهم من خلال الاحتفاظ بممارساتهم واعتقاداتهم ، من خلال مساعدة أعضاء هذه الأقليات في المشاركة في المؤسسات العامة كمواطنين أساسيين.  تكون غالبية هذه الممارسات وقتية ، لكن لا يجب ان تكون بقية الممارسات كذلك ( كحقوق اللغة ، على سبيل المثال ، والتي لا تكون في الأغلب وقتية) (Levy، 2000 pp. 133-137). 

 

تشير المطالبات الرمزية الى المشاكل التي لا تؤثر على حياة الافراد بصورة مباشرة او بصورة جدية ، لكنها ممكن ان تجعل العلاقات بين الافراد من مجموعات مختلفة افضل بكثير.  ففي بلد تتعدد فيه الثقافات ، والديانات ، والعرقيات وطرق الحياة المختلفة ، ربما لا يكون من الحكمة ان توجد رموز معينة تمثل ثقافة محددة.

 

تعرف المطالبات الرمزية على انها تلك التي ، تطالب على أرضية من المساواة ، أشراك الجميع في ثقافة ذلك البلد ومن خلال كل رموزه.   تضمين السيخ ، الكاثوليك ، المسلمون ، البروتستانت ، ويلز ، أيرلندا الشمالية ، أسكتلندا ، والرموز الإنكليزية الأخرى في كل من العلم الانكليزي والنشيد الوطني، مثال على ذلك.  يمكن أعتبار عدم دمج رموز الأقليات هنا، على أنه نوع من قلة الاحترام والمعاملة غير المتساوية لهذه الأقليات.  

 

يكون الاعتراف مطلباً لاندماج قانون معين او ممارسة ثقافية معينة في مجتمع أوسع. اذا أحتاج الافراد دمج قانون معين ، فأنه يمكن لهم المطلبة في جعل هذا القانون جزء من نظام قانوني واسع.   ربما يصبح قانون الشريعة الإسلامية، بالتالي، جزء من قانون الطلاق للمسلمين ، بينما يمكن لقانون الافراد الأصليين في استراليا ان يسير بالتوازي مع قانون الملكية الاسترالية. 

 

ويمكن ان تستخدم مثل هذه القوانين أيضا لادخال جماعات معينة في كتب التاريخ والتي تستخدم في المدارس – على سبيل المثال ، أدخال المهاجرين الهنود والباكستانيين في مقررات كتب التاريخ في المدارس الإنكليزية.  يشكل الفشل في دمج هذا القانون سوف عبأ كبيراً على الهويات الفردية.  يشكل قانون العائلة بالنسبة للمسلمين ، أهمية كبيرة في تحديد هوياتهم ، لذلك يشكل اجبارهم بألتزام القانون الغربي في مسألة الطلاق عبأ كبيراً عليهم.  كذلك الامر بالنسبة للسكان المحليين في أستراليا ، فكون الصيد مهم جداً في حياتهم ، فأن مسألة أمتلاك شخص اخر من خارج هذه الجماعات لأراضيهم يمكن ان يؤدي الى التأثير على ثقافة هذه المجموعات من السكان الأصليين.  

 

توضع حقوق التمثيل الخاصة لحماية المجموعات التي تعرضت منهجياً لقلة التمثيل والحرمان في المجتمعات الكبيرة.  ربما تكون مجموعات الأقليات اقل تمثيلاً في المؤسسات المجتمعية ، ولاجل وضعهم في مواقع متساوية مع الاخرين ، من المهم جدا تقديم حقوق خاصة لهم.  تعمل هذه الحقوق ، بالتالي ، على حماية مصالح الافراد في شكل متساوي بواسطة تأكيد بعض الأشياء الخاصة او منع التمييز.  أحدى الوسائل المهمة للوصول الى هذا الحل ، يتمثل بزيادة عدد الأصوات الممثلة لهذه الأقليات في البرلمانات( Kymlicka، 1985، pp. 131-52; Levy، 2000، pp. 150-54). 

 

تحصل الأقليات القومية على حقوق الحكم الذاتي  (على سبيل المثال ، هنود بيبلو وكذلك كيوبيكيوس) والتي تطالب في الاغلب بنوع من الاستقلال وحكم ذاتي.   يتطلب هذا الامر، في بعض الأحيان سيطرة حصرية على بعض الأراضي او بعض المناطق الجغرافية. 

 

يكمن السبب وراء سعي بعض المجموعات خلف هذه الحقوق ، هو ان نوع الاستقلال الذي يعطى لهم يشكل عاملاً مهما في تطوير الافراد لثقافاتهم ، والتي تكون في مصلحة بقية أعضاء هذه الثقافة.  أن وجود نظام تعليمي خاص ، وحقوق تتعلق باللغة أو السيطرة القانونية على منطقة معينة، على وجه الدقة، ربما تكون متطلبات ضرورية لغرض أستمرار وأزدهار ثقافة معينة ولافراد هذه الثقافة على حد سواء.  تتماشى هذه مع كل من الحرية والمساواة ؛ فهي تتماشى مع الحرية لانها تتيح للافراد منفذا لثقافاتهم وتساعدهم في تحقيق خياراتهم ؛ وهي متوازية مع مبدأ المساواة لانها تضع الافراد على قدم المساواة من ناحية النفوذ الى الثقافة ( Kymlicka، 1995، pp. 27-30; Levy، 2000، pp. 137-138). 

 

ما يصنفه Levy  على انه قوانين خارجية، يمكن أعتبارها على أنواع لحقوق  الأستقلال الحكم الذاتي. 

و تستدعي هذه تحديد او تقييد حريات الاخرين لكي يحافظ على ثقافة معينة.  يوظف السكان الأصليون في استراليا، بالتالي، عوامل حماية خارجية لحماية أراضيهم.   فتكون حرية التنقل ، على سبيل المثال  محدودة للغرباء الذين ينتشرون حول المناطق التي يقطنها السكان الأصليين ؛ ابعد من ذلك ، لا يحق لهولاء الغرباء  شراء أراضي السكان الأصليين.  ان مطالب الجماعات بوجود قواعد داخلية، يكون الهدف منها تحديد سلوك الافراد ضمن الجماعة.  ان وصم الافراد، نبذهم او طردهم من الجماعات لانهم لم يلتزموا بالقواعد، هو ما نعنيه عادة بالقواعد الداخلية.   بالتالي، هذه هي السلطة التي تمنح لجماعات تتعامل مع اعضاءها بطريقة غير مقبولة لبقية افراد المجتمع. على سبيل المثال، زواج فرد معين من فرد اخر من جماعة اخرى، ربما يؤدي الى طرده من الجماعة التي ينتمي اليها.   حالة اخرى، هي حالة الايميش الذين يريدون سحب اطفالهم من المدرسة في وقت ابكر من بقية المجتمع.  تنطبق القيود على الحرية هنا، بالنقيض من القواعد الخارجية، على أعضاء الجماعة وليس على الغرباء.  أن توافق القواعد الداخلية مع قيم الليبرالية ام لا، يبقى امر مثيرا للجدل.   يؤكد كيميلكا من جانب، على ان هذه القواعد لا تتوافق مع القيم الليبرالية، بينما يجادل فلاسفة مثل كوكاثس، من جانب اخر، بان الليبراليين ملتزمون بالتسامح، وبالتالي، يجب عليهم قبول بعض القيود الداخلية.      

  • المواطنة متعددة الثقافات

تتمثل فلسفة الكتاب ، الذين دافعوا ، بشكل عام عن مفهوم ‘المواطنة متعددة الثقافات’ ، في خمس نقاط مشتركة:

النقطة الأولى ، تتمثل في أحتجاجهم ، على أمتلاك الدولة لحق دعم القوانين التي تحمي النظام الأساسي ، والحقوق السياسية والمدنية للمواطنيين.

 

النقطة الثانية ، يجادل هولاء الفلاسفة في ضرورة مشاركة الدولة في بناء عناصر الثقافة المجتمعية ، وعليه يجب ان تنصب قوانينها وسياساتها على حماية الثقافة. 

 

النقطة الثالثة ، يحتج هولاء الفلاسفة من ان الثقافة لها صفةً معيارية ، يتبع ذلك بالضرورة ، وهذا هو البعد الرابع ، من ان مصالح الافراد في الثقافة تكون قوية جداً وكافية ولهذا فهي تحتاج لدعم من الدولة.

 

  النقطة الخامسة ، تتمثل في دفاعهم جميعما عن الاختلافات الحساسة / سياسات المواطنة المتعددة الثقافة لحماية الثقافة.  بعض الفلاسفة الذين دافعوا عن هذه الرؤية ‘المواطنة المتعددة الثقافة’ هم Taylor ، Kymlicka and Shachar  (تايلور ، كاميلكا وشاكر) .

 

 

  • سياسة تايلور للاعتراف

يرى تايلور ، أن هناك شكلان من الاعتراف ؛  الاعتراف الحميم ، والاعتراف العام.   Taylor ( 1994b، p. 37)  ويناقش في الأساس فكرة الاعتراف العلني او فكرة الاعتراف في المجال العام.  

هل يدورهذا النوع من الاعتراف حول الاحترام والثقة في هوية الشخص في المجال العام ؛ لأن عدم الاعتراف بالفرد في المجال العام ، تعني عدم الاعتراف بهويته لدرجة تجعل منه مواطنا من الدرجة الثانية. 

أن عدم الأعتراف بالطريقة هذه ، يولد عنه فقدان الفرد للفرص المتساوية من ناحية حصوله على المواطنة الكاملة والتي لها دور في هوية الفرد.  بالتالي ، فان عدم الاعتراف بالشخص ، في المجال العام ينتج من العيب القانوني الناتج من هوية الفرد.  

أن حصول الفرد على الاحترام والثقة في المجال العام يعني حصوله على حقوق المواطنة والتي لا تحرم الفرد من هويته.  فيكون عدم الأعتراف، من وجهة نظر تايلور، بالنهاية شكل من اشكال الاضطهاد وربما يساعد في خلق صورا من الكره الذاتي لدى هولاء الذين يتعرضون لمثل هذا التجاهل او عدم الاعتراف. 

 

يضع تايلور لنا تمييزاً بين الأشكال الليبرالية الإجرائية وتلك الاشكال الليبرالية غير الإجرائية من اجل ان نناقش الطريقة المثلى لتحقيق الاعتراف في المجال في العام.  يؤكد تايلور، وطبقاً للرؤية الاجرائية الليبرالية ، أن المجتمع العادل هو الذي يرى كل الافراد يتمتعون بمجموعة موحدة من الحقوق والحريات  وان وجود حقوق مختلفة لإفراد مختلفون ، يخلق تمييزات بين مواطني الدرجة الأولى وأولئك الذين يكونون من الدرجة الثانية:  تلتزم هذه الليبرالية فقط بحقوق الافراد وترفض فكرة الحقوق الجمعية

  لا يجب أن تدخل الدولة ، طبقاً لهذه الرؤيةً الليبرالية ، في بناء الصفة الثقافية للمجتمع وان إجراءات هذا المجتمع يجب ان تكون مستقلة عن أي مجموعة معينة للقيم والتي يحملها مواطنوا هذه الدولة، بمعنى اخر ، يجب ان تكون الدولة حيادية ومستقلة في أي مفهوم للحياة الجيدة.

 

لا تكون الإجراءات الليبرالية ، من وجهة نظر تايلور ( 1994b، p. 60) ، صديقة للاختلافات وهي غير قادرة على ان تستوعب ثقافات مختلفة.  يعتقد تايلور أن الاهداف الجمعية في بعض القضايا ،تحتاج للدعم من اجل ان تتحقق. 

 

تحتاج المجتمعات الثقافية ، في بعض الأحيان ان تكون لها قوة أو سيطرة على بعض المناطق حتى تستطيع  الترويج لثقافاتها ؛ وهذا الشيء ، لا يمكن أن تقدمه الإجراءات الليبرالية ، طبقًا لتايلور.  يرى ان  الاعتراف شيء مهم ، ويجب رفض الليبرالية التي لا تكون صديقةً للاختلافات ؛ ويرى على خلاف ذلك ايضا ، ان الليبرالية غير الإجرائية التي تشارك في الصفة الثقافية في المجتمع بالطريقة التي تؤدي الى تقوية التنوع الثقافي غير المعادي للاختلاف، هي نوع الليبرالية التي يجب ان نشجع. لا تكون الليبرالية غير الأجرائية، طبقا لوجهة نظر تايلور، محايدة بين طرق الحياة المختلفة وهي مؤسسة في حكم ماهية الحياة الجيدة.  يأخذ هذا النوع من الليبرالية بالأعتبار، طبقا لتايلور، الأختلافات بين المجموعات والافراد، وهذه بدورها أذا ما أخذت بعين الأعتبار، تخلق بيئة ملائمة لأزدهار الثقافات المختلفة.  أن الانخراط في السياسات التي تشجع الثقافة، حسب رأي تايلور، مهمة جدا، لأن المجموعات الثقافية تستحق الحماية، لكونها توفر لأعضائها القواعد الأساسية لهوياتهم.  أن اللغة الثقافية توفر الأطار العام للسؤال عن ماهية الفرد.    

يعتقد تايلور ان الهوية تتأثر بقوة  من خلال الثقافة؛ ونتيجة لذلك، يكون لدينا أطر أخلاقية وأجتماعية تعطى بواسطة اللغة في ثقافة الشخص التي يحتاجها الافراد معنى في حياتهم.  أن الالتزام في تشجيع الاختلاف، من وجهة نظر تايلور، يكون مقبولًا فقط، أذا كانت الخطوات المتبعة في تشجيع هذا الاختلاف متوافقة مع الحقوق الأساسية.  يشير تايلور هنا بالتحديد الى حقوق العيش، الحرية، الأجراءات القانونية، حرية الرأي وحرية الممارسات الدينية. 

 

 يرى تايلور ، أن الليبرالية غير الإجرائية لها اثار على السياسة العامة.  انها تعني وجود قوة غير مركزية لكي تزدهر المجتمعات.  يعتمد التطبيق العملي ، لهذه القوى اللا- مركزية والليبرالية غير- الإجرائية على السياق ؛ ففي الدول التي تضم مجموعات مختلفة من الأقليات، ربما يترتب على ذلك بعض الأثار.

 

كتب تايلور كثيراً في السياق الكندي، وهو يعتقد ان الفيدرالية هي افضل طريقة.  ويرى، يجب أعطاء  مقاطعة كيوبك حكما ذاتيا، حتى يكون لها سلطة على مجموعة محددة من السياسات.  يؤكد تايلور، على أن سيطرتها يجب أن تشمل الادب، الاقتصاد ، العمل ، الاتصالات ، الزراعة ، وكذلك الصيد. 

 

يرى تايلور ، في موضوعة اللغة بالتحديد، يمكن تبرير التجاوز على بعض القيم الليبرالية مثل حق التعبير ، وفي بعض الحالات، لاجل الحفاظ على لغة المجتمع.  يمكن للحكومة الكندية، على سبيل المثال،  ان تحدد أستخدام اللغة الإنكليزية في مقاطعة كيوبك في كندا ، من أجل تشجيع استخدام اللغة الفرنسية. 

 

يرى تايلور ، أنه من المهم جداً ، أن ندرك، بأن الفيدرالية ليست بالضرورة اثر لليبرالية غير الإجرائية.  ليست الفيدرالية في صلب فكرة الاعتراف ؛ عوضاً عن ذلك ، الفيدرالية هي نوع من النظام الذي يعتبره تايلور خيار مناسب في السياق الكندي ، والتي لا تعني انها ستكون خيار مناسب في سياقات أخرى.

 

  • الليبرالية المتعددة الثقافات عند كاميلكا

يعتقد كيميلكا ، ان حقوق الجماعات متوافقة وتشجع قيم الليبرالية في الحرية والمساواة.  يقدم كيميلكا احتاجاً يربط من خلاله الحرية والمساواة ببقية حقوق الجماعات.   الحجة التي تؤسس على الحرية ترتبط بقوة بفكرته في الثقافة المجتمعية.  يرى كيميلكا ، (1995، p. 80) أن الثقافة المجتمعية تروج للحرية.  وان السبب الكامن ، حسب رأيه وراء أهمية عوامل الثقافة المجتمعية في الترويج للحرية هي ان هذه العوامل توفر للافراد الأرضية المناسبة لتحقيق اختياراتهم. 

 

توفر الثقافات المجتمعية الأطر والمعاني المهمة للحياة وهي توفر الظروف الاجتماعية التي تكون مهمة جدا في عملية صنع الافراد لخياراتهم المستقلة أيضاً ، طبقاً لوجهة نظر تايلور.   يكون الاستقلال ممكنا بدوره ، فقط عندما تكون هذه الظروف الاجتماعية هي ظروف الثقافات المجتمعية للأفراد.  أن حجة كيميلكا القائلة بوجوب حماية الثقافات المجتمعية، لانها تشجع القيم الليبرالية بالاستقلال، وأن هذا التشجيع ناتج من أعطاء هذه القيم سياق للأختيار يكون مهما للأفراد في ممارسة حرياتهم.  كذلك توفر ثقافات الافراد، ، الأرضية التي يحتاجها الأفراد لأتخاذ خيارات مجانية.  أن ألتزام الليبراليون، بهذه المبادئ ، لاحقا يعني ألتزامهم في مسألة حماية الظروف (الثقافات المجتمعية) من أجل تحقيقها.  أذا كانت حقوق الجماعات مهمة لحماية سياق الاختيار، فأنها على هذا الاساس تكون مبررة، من وجهة نظر الليبراليين، لأنه أذا كانت حقوق المجموعات حامية لسياق الأختيار، فهي هنا تشجع على الاستقلال.  أن تكون ثقافات الأقليات القومية مجتمعية وكما اوضحنا أعلاه وطبقا للمصادر الثلاثة للاختلاف فقط.  تبرر الحجة هنا، حقوق الجماعة للأقليات القومية لكي تحافظ على ثقافاتهم المجتمعية.   يعطى سياق الأختيار، من وجهة نظر كيميلكا، بواسطة ولوج الفرد لثقافته الشخصية، وليس لكل ثقافة.  لا توفر الثقافات المجتمعية، وطبقا لوجهة النظر هذه، للفرد من مقاطعة كيوبك الكندية اي سياق للاختيار اذا ما قورن بذلك السياق الذي يعيشه الكتالوني، وكذلك هو الحال بالنسبة لشخص من الايميش، فأن سياق الثقافة المجتمعية للسيخ لا يمكن ان توفر اي سياق للاختيار للأيميش.  

 

يقدم تايلور ثلاثة حجج للدفاع عن حقوق الجماعات التي تستند على مبدأ المساواة والتي تعتمد على خط تفكير مختلف. 

 

تبدأ الحجة الأولى ، من خلال ملاحظة حتمية مشاركة الدولة في الصفة الثقافية للمجتمع مع أستحالة حيادية هذه المشاركة.  يؤكد كيميلكا في هذا الصدد ، على ان القرار التي تصنعه الحكومات ، مثل نوع العطل الرسمية وتقريرها ، من دون شك تشجع على وجود هوية ثقافية معينة. 

 

 أن الافراد الذين لا يشتركون في الثقافة التي تشجعها الدولة يكونون، فيما بعد  بوضع غير مريح وغير عادل.  أن أقامة العطل او المناسبات الدينية المسيحية ، على سبيل المثال،  واعتبارها مناسبات وطنية عامة ، يضع المسلمين في وضع غير متكافئ ، لان اعيادهم تقام تزامنا مع أعياد المسيحيين.  يرى كاميلكا هنا ، أن ألتزام الليبرالية بقواعد المساواة يحتم عليها الترويج لنوع من السياسة العامة التي لا تضع بعض الافراد في موقف غير عادل مقارنة بالاخرين ؛ وهذه في المقابل ، تعني ان السعي لمساواة الأوضاع لمجموعات مختلفة ، يجبر الدولة المعنية على أعطاء مجموعات مختلفة لحقوق مختلفة.  

 

أن حقوق الجماعة، من وجهة نظر كيميلكا، يمكن ان تصحح هذه اللا-مساواة بواسطة توفير المعاني المهمة والضرورية والتي من خلالها يمكن للافراد السعي وراء ثقافتهم.  تنطبق حجة الاستقلال فقط في حدود الأقليات القومية ، وهذه الحجة التي تستند على المساواة تشير الى الأقليات القومية والمجموعات المتعددة الأعراق.  يمكن لمبدأ اللا-مساواة بين الاغلبيات والأقليات القومية ان يأخذ اشكالا مختلفة ، لكن الشكل الذي يحب كيميلكا أستخدامه، هو ذلك الذي يرتبط باللا-مساواة في حقوق اللغة.  أن الأقليات التي لها خصوصيات لغوية معينة، من وجهة نظره،  كتلك التي في كيوبك كندا، وكاتاليونيا في أسبانيا ربما تعامل بصورة غير عادلة، اذا لم تكن لغاتهم الرسمية القومية هي الأساس في مؤسساتهم الرسمية. 

 

أن الحوار القائم بين المسيحيين والمسلمين حول العطل الرسمية، هو الأخر مثال على انعدام المساواة بين الاغلبيات وبين الاقليات العرقية المتعددة.  أن قناعة كيميلكا، أذا ما أخذنا هذه النقطة بوجه الاعتبار، بتعرض هاتين المجموعتين للسياسات غير-العادلة، بواسطة وجود مجموعات من القوانين غير الرسمية.

 

  تستند الحجة الثانية لكيميلكا ، على أهمية مبدأ  المساواة وأعتباره القضية الأساسية التي يجب ان يتمتع بها كل الافراد ، فأذا كان الامر كذلك، هنا يأتي التزام الدولة لتشجيع أنواع من الثقافات والتي يكون فيها للافراد خيارات متعددة للوصول الى ما يبتغيه هولاء الافراد.  

 

لاترتبط هذه الحجة، على اية حال، بصورة مباشرة بالاقليات، فهي ترتبط بالاغلبيات ، كما أنها لا تشير الى أحتياجات الأقليات ؛ لكنها تشير عوضاً عن ذلك، الى كيفية تأثير الثقافة بحياة الانسان بصورة أيجابية،  من خلال تشجيع المزيد من الخيارات.   يرى كيميلكا ، انه وبسبب صعوبة تغيير ثقافة شخص ما ، فأن هذه المسألة أو الخيارغير مرغوب به.  (Kymilcka، 1995، p. 121)

 

أن على الليبراليين أحترام المعاهدات التاريخية، وهذه هي الحجة الثالة التي يراها كيميلكا.  أنه يرى أن الكثير من الحقوق التي تمتلكها الأقليات الثقافية في القرن الحادي والعشرين ، يجب على الدولة أن تحترمها لانها كانت نتاج لهذه المعاهدات التاريخية.  اذا كان على الدولة ان تعامل الافراد من ثقافات مختلفة باحترام متساوي ، فعليها اذا ان تحترم هذه المعاهدات.

 

  • الإقامة التحويلية عند شاكار

دافعت الفيلسوفة شاكارعن مواطنة التعددية الثقافية .  تؤيد شاكار نموذج الحكم المشترك والتي تعبر عنه بالاقامة التحويلية.   ويستند هذا النموذج الى أربعة تصورات:

 

1-  يرى هذا التصور، أن الافراد لديهم هويات متعددة،  ومثالاً على ذلك ، شخصية مالكولم x ، ومالكولم   كان رجلا مسلما ، من أصول أفريقية ومحب للجنس الاخر.  يكون مالكوم هنا مثال على الافراد الذين يتمتعون بارتباطات متعددة والتي تلعب دورا في تكوين هويتهم. 

 

2- يرى هذا التصور، أن الجماعة والدولة كليهما يتوفران على الأسباب المعيارية والقانونية التي تؤثر في تشكيل السلوك.  ربما يكون لهذا النوع أسباب مختلفة ، لكن المؤكد أن أحد هذه الأسباب ، على اقل تقدير  هي أن يكون للافراد مصلحة قوية في حفظ ثقافتهم وحماية حقوقهم.

 

 3- يتعلق هذا التصور،  بتأثيرات كل من الدولة والجماعة على بعضهما البعض.  فالقوانين التي تضعها الدولة ، على سبيل المثال ، والتي تنظم مسألة زواج المثليين ، تؤثر بدون شك على بقية الافراد الذين يميلون الى النوع الاخر من الزواج ، الزواج العادي بين الرجل والمرأة ؛ ويكون تأثيرالزواج المتباين بين الافراد، مرادف تماما لتأثير خطاب الكراهية للكنيسة المعمدانية في ويست بورو، وكلاهما يؤثران في الدولة.

 

  4-  يرى هذا التصور، أن لدى كل من الدولة والمجموعة مصالح في مساعدة الأعضاء المنتمين لهما (Shachar، 2001a، p. 118).  

 

يستند معيار الإقامة المتحولة ، بالاضافة لما ذكرناه أنفا، على ثلاثة مقومات أساسية هي؛ الفصل الفرعي للسلطة ، عدم الاحتكار ، والتأسيس الواضح للخيارات المحذوفة (Shachar، 2001a، pp. 118-119). 

 

أن أعتبار وجهة النظر الشاملة لمفهوم الفصل الفرعي للسلطة ، والتي اعترضت البيئة الاجتماعية مثل، ( قانون العائلة ، قانون التجريم ، قانون العمالة وهكذا دواليك) غير قابلة للتجزئة ، مفهوم غير صحيح.

 

يمكن لهذه البيئات الاجتماعية ان تتجزأ لمسائل فرعية ، ولمكونات متعددة قابلة للتجزئة ومكملة لبعضها البعض (Shachar، 2001a، pp. 51-54).  هذا يعني ان العادات والقرارات المتعلقة بقضايا اجتماعية متنازع عليها يمكن ان تحدد بصورة منفصلة. 

 

في كل منطقة قانونية ، هناك منطقة أخرى فرعية، وهذه المناطق الفرعية تكون مستقلة جزئياً ؛ والنتيجة تكون ، ان القرار الذي يصنع في منطقة فرعية معينة ، ممكن ان يصنع بأستقلالية في منطقة فرعية أخرى.   أن قانون العائلة ، من وجهة نظر شاكار، ممكن ان يقسم الى حدود مرسمة وفرعية.  (2001a، pp. 119-120).

أن قانون تحديد الاسرة الفرعي، طبقا لشاكار، يكون عندما تعرف الحدود بين افراد الجماعات. في هذا الموضوع الفرعي يتم تحديد السمات الضرورية الكافية (البيولوجية،الاخلاقية،الاقليمية،الايديولوجية وما الى ذلك)، لتحديد عضوية الافراد.  تشير المادة التوزيعية الفرعيةً ، الى توزيع المصادر.  على سبيل المثال ، أن معرفة ماذا يمكن ان يحصل بعد الطلاق، على سبيل المثال مرتبط ارتباطا مباشرا في مسألة ترسيم الحدود الفرعية. 

 

تستخدم شاكار على الدوام النزاع القانوني، لتوضيح كيفية عمل هذا الامر ، وهي تستخدم أحداث حقيقية حصلت مع قبائل الهنود الحمر في أمريكا ، خير مثال على ذلك ، هو قضية جوليا مارتينيز؛ كانت جوليا مارتينيز، جزء من سانتا كلارا ، قبيلة بيوبلو التي رفضت الأعتراف بأبنتها كعضو في القبيلة، الامر الذي قاد الى نتائج تراجيدية فيما بعد.   في العام ١٩٤١، كانت جوليا مارتينيز ابنة لاحد أعضاء هذه القبيلة وتزوجت فيما بعد من شخص خارج هذه القبيلة.   رزقت جوليا بأبنة من هذا الزواج وترعرعت هي الأخرى في هذا المكان ، أي محمية بيوبلو ، تبع ذلك أنخراط هذه الطفلة في تعلم عادات وممارسات هذه القبيلة.  يشير أحد قوانين هذه القبيلة ، على أن العضو لا يكون عضوا، الا اذا كان من نسل الذكر؛ وعلى الرغم من ان ابنة جوليا ترعرعت على ارض هذه المحمية الا انها بقت في عيون أفراد القبيلة وزعماء القبيلة مشكوك في انتمائها.  عندما تعرضت ابنت جوليا للمرض ، كان لزاما عليها ان تأخذها الى المستشفى لكن هذا الاخير رفض إدخالها الابنة على قاعدة كونها لا تنتمي للقبيلة المشار اليها ، هذا الرفض قاد في النهاية الى موت أبنة جوليا (Shachar، 2001a، pp. 18-20).   عند تطبيق مبدأ الفرعية هذا، في حدود قضية سانتا كلار، قبيلة بيوبلو ، يكون فقط من حق المشرع في هذه الفرعية تقرير فيما اذا كانت ابنة جوليا مارتينيز جزء من القبيلة او لا (Shachar، 2001a، pp. 52-54).  على النقيض ، يكون للمادة التوزيعية الفرعية ، القرار فيما اذا كانت ابنة جوليا مارتينيز الحق في استخدام النظام الصحي من عدمه. 

 

تدافع شاكار في المبدأ الثاني، المتعلق بعدم الاحتكار عن مبدأ تقسيم القوة القضائية بين الدولة والمجموعة.  أن الدولة والمجموعة،  لا يتمتعان، طبقاً لهذا المبدا ، بسلطة مطلقة في الساحات الاجتماعية المتنازع عليها.  أن توزيع السلطة، بشكل محدد، يجب ان يكون متساوياً هنا ، فالسلطة لها قوتها والمجموعة كذلك.  أن ما يترتب على هذا المبدأ لاحقا ، يتمثل في كون القرارات القانونية تنتج من التبادل المترابط بين السلطة والمجموعة ( Shachar، 2001a، pp. 120-122).   يكون قانون العائلة، خير مثال هنا، فعندما يتعلق الامر بمسألة الطلاق ، تأخذ السلطة على عاتقها مسألة توزيع الأملاك بعد الطلاق ، بينما تتدخل المجموعة في موضوعة من يطلب الطلاق ولماذا والعكس صحيح.

 

دافعت شاكار في المبدأ الثالث، عما يسمى “تعريف الخيارات المحددة” بوضوح.   يجب ان يكون للأفراد طبقاً لهذا المبدأ، أمكانية واضحة للاختيار بين ألتزامهم بما تمليه عليهم السلطة او ذلك الذي تمليه عليهم المجموعة.   أن الافراد بمعنى أخر لهم الحرية في الالتزام القانوني الذي تمليه عليهم السلطة ، او رفض هذا الالتزام ، لكن هذا يتم من خلال بعض النقاط المعرفة مسبقاً.  وهذه النقاط هي عبارة عن اتفاقات بين السلطة وبين المجموعة ، والتي من خلالها يتم الاتفاق على كيفية خروج الافراد من الجماعات وتحت أي ظروف يتم هذا الخروج.

 

  • السلبية العالمية

يدعى المنهج الاخر للنقاش الفلسفي حول العدالة بين المجموعات بالسلبية العالمية (Festenstein، 2005).  يرى فيستنشتاين ، ان باري وكوكاثس هما، من ابرز الفلاسفة الذين كتبوا في هذا المنهج.  (Barry and Kukathas) .  وعلى الرغم من اختلاف فلسفتهما كعالميين سلبيين، الا انهم يشتركان في أربعة عناصر. 

 

العنصر الأول ، وفيه يدافع كل منهما عن حيادية السلطة بين مفاهيم الخير المختلفة. 

العنصر الثاني ، أن الحياد ليس له نفس التأثير على حياة كل المواطنين ، فبعضهم سوف يكون بحال افضل من الاخرين.  لكن هذا لا يمكن ان يكون، وطبقا لوجهة نظر هذين الفيلسوفين، حجة مضادة لقيم الليبرالية في الحياد، لان المساواة في التأثير ليست هدفا واقعيا.   

العنصر الثالث ، أن أساس النظرية الليبرالية يكمن في تبنيها لمبادئ مدنية وأخرى سياسية ، مع اختلافات يمكن ان تبرر من خلال حقوق أساسية مثل حرية التفكير والتنظيم.  أن الحقوق المدنية والسياسية والانحرافات المبررة، على اية حال، تختلف كثيراً عندما يكون الاثنين مسموحا بهما في الوقت نفسه. 

العنصر الرابع ، يشكك العالميون السلبيون بخصوصية القيم المعيارية للثقافة ، من ناحية توفير حقوق مختلفة للمواطنين (Festenstein، 2005، pp. 91-92). 

 

  • ليبرالية المساواة عند باري

يرى باري، أن ليبرالية المساواة، هي نظام فلسفي يقدم النهج الأكثر تماسكا وعدلا لحماية هذه المصالح.   تقدم ليبرالية المساواة، بالاضافة الى ذلك وطبقا لوجهة نظر باري، الأرضية المعيارية للتحديات التي ربما تقدمها كل من ‘غيرالليبرالية’ وبقية المجموعات الثقافية المترابطة فيما بينها. 

 

يمتاز نظام باري في ليبرالية المساواة ، بشكل خاص بقيم أساسية تتمثل في الحياد ، الحرية والمساواة.  يعتقد باري ، أن الحياد يعني ان السلطات او الحكومات لا تكون مسؤولة عن تشجيع او تفضيل بعض مفاهيم الخير على الأخرى.  أن هذا يعني وبصورة عامة، أن السلطة ليست في موقع يسمح لها ان تشجع البقاء والازدهار لمفاهيم الخير ، في اللغة ، في الدين ، وهكذا دواليك.  أن الحياد هنا يعني، ان الحكومات يجب ان تكون ملتزمة بحقوق الافراد بدون أي نوع من الأهداف الجمعية ، الى جانب تلك التي تتوافق مع المصالح الأساسية العالمية. 

 

عندما تفضل حكومة ما مفاهيم معينة للخير ، فهي هنا تخالف مبدأ الحياد (Barry، 2001، pp. 28، 29، 122).  أن مفاهيم الخير، من منظور باري لحياد الليبرالية، تكون قضايا سياسية فيها خصوصية كبيرة ، والتي تشير الى علاقات شخصية ( Barry، 1995، p. 118).  وهنا، ومن وجهة نظر باري، فان دولا غير علمانية مثل إيران والمملكة العربية السعودية ، يخالفان مبدأ الحياد هذا ، لانهما يشجعان دين معين.

 

 تكون الحرية هي القيمة المهمة الأخرى لدى باري، والتي تعني عدم وجود قيود ابوية للسعي وراء  تصور المرء للخير.  هذا يعني ان يتمتع الافراد بكم كبير من الاستقلالية للسعي وراء تصورهم الخاص عن الخير.  يجب أن توفر للافراد، من وجهة نظر باري، كل الأدوات للوصول الى هذه الغاية. 

 

 

أن الافراد مخولين، وبصورة عملية، من خلال مبدأ الحرية للوصول الى معاني الخيرالعامة، ونمط الحياة المفضل لديهم ؛ وهنا باري ، بوجه خاص ، أن حرية التنظيم والضمير يلعبان دورا جوهريًا في قدرة الافراد في السعي وراء ما يبغون.  ربما يختار الافراد العيش بطريقة قد لا تكون مرغوبة من قبل الليبراليين ؛ لكن باري (2001، p. 161) يعتبر هذه الخيارات السيئة أشياء يقوم بها الافراد في المجتمعات الليبرالية والتي يجب ان تحفظ.

 

يترجم باري الالتزام الثالث، والمتعلق بالمساواة ، من خلال فكرتين اساسيتين. 

الأولى ، وتعني معاملة الافراد بالتساوي ، وان يتزود الافراد بمجموعة متساوية من الأسس القانونية ، السياسية والحقوق المدنية.  يتطلب مبدأ المساواة التأكيد على وحدة مفهوم المواطنة.  

 

الثانية ، ان الالتزام بالمساواة يعني ان للسلطة واجباً يتعلق بتشجيع المساواة في الفرص بين الافراد.  وطبقاً لباري ، فأن هنالك فرصًا متساوية عندما تعمل القواعد الموحدة على تكوين نفس المجموعة من الخيارات التي يقوم بها الافراد (Barry، 2005).   هذا يعني ان هناك فرص متساوية فقط ، وفقط في مواقف معينة يكون فيها للافراد المختلفين القدرة على صنع الاختيارات والتي يحتاجها الافراد للوصول لاهدافهم.

 

  يرغب كل من سام وجان، على سبيل المثال في الحصول على شهادة في الطب؛  تصور الان ، ان عائلة سام من الطبقة العاملة ، وجان من الطبقة الغنية.  أن سام لا يمتلك الإمكانات المالية للدراسة ، لكن جان يملك ذلك.  في هذا النوع من المواقف ، على افتراض ان العنصرالاقتصادي يكون فقط هو العامل المناسب لتحقيق مبدأ التساوي في الفرص، وحتى نصل لهذا المبدأ ، يجب ان يعطى سام نفس الفرص الاقتصادية التي يتمتع بها جان ، حتى تكون له نفس الفرصة في دراسة الطب.  أن تكافؤ الفرص على هذا الاساس يعني ، ان الافراد يعاملون طبقاً لاحتياجاتهم.  يجادل باري ايضا، بأن تكافؤ الفرص يتضمن،أن ما يندرج تحت مجموعة الفرص المتساوية، وليس المخرجات المتساوية والتي تنتج من القرارات التي يعملها الافراد في مجموعات الاختيار هذه.  يقترح باري، مع الاخذ في الحسبان هذه الأرضية المعيارية ، ستة حجج تقوم بالضد من إعطاء حقوق للمجموعات الثقافية.  أربعة من هذه الحجج هي نتاج نظريته في الليبرالية ؛ والحجتين الأخيرتين هما نتاج مستقل وغير مرتبط بنظريته الليبرالية.  

 

تعتبرالحجة الأولى، التي قدمت بواسطة باري ضد سياسات الاختلاف الحساسة للمجموعات الثقافية مخالفة للحياد.  أن الحيادية، طبقا لباري، تتطلب ان لا يكون هناك أي احتمالية حتى وان كانت صغيرة في الصفة الثقافية للمجتمع ، اذا ما ساندت السلطة أي مجموعة كانت من خلال تشجيع ثقافة هذه المجموعة او تلك على حساب بقية المجموعات ، فهذا يعني انها تخالف مبدأ الحيادية.  يرى باري، أن الحيادية تستوجب عدم أو المشاركة القليلة في الصفة الثقافية للمجتمع، وعليه، أذا عملت الدولة على تشجيع ثقافة مجموعة ما، أو تقويتها من خلال اضفاء حقوق مختلفة لها دون غيره، عندها فان هذه الدولة تبتعد عن مبدأ الحيادية.  يعتقد باري، أن الليبراليين ينبنون سياسة عدم التدخل في الصفات الثقافية للمجتع، وكنتيجة لذلك، فان الليبرالية لا تتوافق مع سياسات الاختلاف الحساسة.   يرى باري، أن الدولة التي لا تعاقب الشذوذ الجنسي بينما تطالب بعض من الهيئات الإدارية لمجموعات دينية معينة من الأقليات بالاعتراف في مؤسساتها القضائية الدينية والتي تجرم الشذوذ الجنسي وتحاكم الفرد المثلي ، فان الدولة لا يجب ان تعترف بها وان فعلت، فهذا يعطي حقوق مختلفة لمجموعات مختلفة ، وعليه فان هذا الفعل يكون انتهاك للحيادية.

 

تكون الحجة الثانية ، ضد حقوق المجموعة ، والتي تتعلق بتأثيرات السياسات غير المتساوية على الثقافة ولا تعتبر تدخلاً في حرية الفرد خلال سعيه للخير.  تهدف القوانين، من وجهة نظر باري،  لحماية مصالح بعض الافراد ضد البعض الاخر ؛ فحقيقة كون هذه القوانين لها تأثيرات مختلفة على ثقافة معينة لا يعتبرعلامة للغبن ؛ وعوضا عن ذلك ، فهي تكون اعراض جانبية لوجود القوانين (Barry، 2001، p.34).

 

 تتعلق الحجة الثالثة ، من وجهة نظر باري، بحقوق المجموعة المتنازل عنها ، بالاخص تلك التي تكون معفاة من القانون ، والتي تكون عبارة عن ممارسات ثقافية تتقاطع مع المصالح الإنسانية العالمية، بمعنى اخر ، أن  حقوق المجموعات ،  بالاخص تلك التي تكون معفاة من القانون ، واذا ما شجعت المصالح الإنسانية العالمية ، فهي تكون مقبولة ( Barry، 2001، pp. 48-50).  

 

الحجة الرابعة ، يؤكد فيها باري ، على أن لا الثقافة ولا المتطلبات الثقافية تكون عالمية في مصالحها في حد ذاتها ، في حين تكون المعاملة غير المتساوية المقبولة لاجل المصالح العالمية غيرمنطبقة على أولئك ( Barry، 2001، pp. 12-13، 16). 

أعتمدت هذه الحجج الأربعة على نظرية باري في الليبرالية ، وعلى مفهومه للحرية ، الحيادية والمساواة.  يضيف باري لهذه الحجج الأربعة، حجتين اخرتين. 

 

الأولى ، تتعلق بحقوق الاختلافات الحساسة والتي ترمي لحماية المصادر الاقتصادية والتي تكون موقتة ، بينما الحقوق الثقافية تكون دائمية.  هذا يعني ان هولاء الذين يحتاجون المصادرالاقتصادية للوصول الى حالة المساواة في خياراتهم ، يكون أحتياجهم لها فقط بصورة موقتة (Barry، 2001، pp. 12-13).  على النقيض ، وطبقا لوجهة نظر باري فان حقوق المجموعة لحماية الثقافة تتطلب وجود دائمي.  أصدار قانون دائم يعفى بموجبه السيخي من وضع خوذة على رأسه، يكون ضروري جدا، من وجهة نظر باري في هذا الشان.

 

   الحجة الثانية ، ترتبط بعقلانية الحجة ذاتها ، فمن المفترض ان تطبق بدون استثناء.  اذا كانت هنآك مسالة استثنائية ، فالقاعدة بعد ذلك يجب ان تمنع.  طبقا لباري ، فأنه ليس من الاتساق الفلسفي ان تطرح تبريرات عالمية لقاعدة ، ثم بعد ذلك تطرح نسبية السبب المعطى  (Barry، 2001، pp. 32-50).

 

  • ليبرالية كوكاثس.

تعتمد منهجية كوكاثس في التعددية الثقافية ، على فكرتين: وهاتين الفكرتين حسب ما يذهب اليه كوكاثس تمثل الوجود البشري في اكثر مصالحه الجوهرية ونظريته في حرية التنظيم. 

 

يرى كوكاثس ان الوجود البشري يمتلك مصلحة جوهرية واحدة: وهذه المصلحة تتمثل في ان يعيش هذا الوجود البشري طبقًا لضميره.  كوكاثس يرى أن السبب في هذا ، يرجع في جزء منه الى كون الوجود البشري بالأساس وجود أخلاقي ، ولاحقًا ، يوجه هذا الوجود البشري حياته واغراضه كلها لما يعتبره جديرًا أخلاقيا. 

 

يعتقد كوكاثس ، أن الافراد يجدون صعوبة في التصرف بالضد من ضمائرهم.  وهذه النزعة التي يحكم الفرد من خلالها سلوكياته ، بواسطة الضمير وصعوبة التصرف بالضد من فعل الفرد الأخلاقي ربما وحسب رأي كوكاثس ، يمكن ملاحظتها ، ويمكن كذلك اخضاعها للتجربة  (Kukathas، 2003b، p. 53). 

 

يضيف كوكاثس سبباً أخر إضافي ، يشرح من خلاله  لماذا يرى بعض الافراد انه من المصلحة الجوهرية لهم ان يتصرفوا طبقاً لضمائرهم ، والسبب ان معنى الحياة يعطى ، من خلال الضمير طبقاً لكوكاثس  (Kukathas، 2003b، p. 55). 

 

يرى كوكاثس ان الهوية ترتبط مع الاخلاق لان الافراد لا يكونون الا صدى لتفسيراتهم الذاتية ، والتي تنتج في النهاية بواسطة التقييم الذاتي.  من المهم ان نلاحظ هنا ، ان ما يقال في هذا الشأن يبين لنا الصورة الأخلاقية لكل فرد منا.

أن الناشط الحقوقي والارهابي كليهما ربما يتصرفان طبقاً لما يمليه عليهما ضميرهما ، حتى وان قاما بفعل أشياء مختلفة ، واضعين بالحسبان حقيقة مفادها ان الضمير يمثل مصلحة جوهرية ، ويؤكد كوكاثس على ان الدولة تحت شعار المسؤولية مطالبة بحماية هذه المصلحة. 

 

الجانب الثاني المهم في فلسفة كوكاثس يتمثل في  دفاعه عن حرية تكوين التجمعات.  أن حرية تكوين التجمعات، طبقاً لكاكوثس، عرف مبدئيا على انه الحق للخروج من المجموعات وان حرية تكوين التجمعات تتواجد عندما يكون للافراد الحرية في ترك او مغادرة المجموعة التي يكونون جزء منها. 

 

بعبارة أخرى ، يكون مهما جداً للفكرة القائلة بهذا النوع من حرية التنظيم ، الفكرة الاخرى المقابلة لها والتي تؤكد على حرية الافراد بمغادرة الجمعيات او التنظيمات التي لا يرغبون في ان يكونوا جزء منها.  أن حرية التنظيم او حرية تكوين الجمعيات، طبقا لهذا الرأي، لا تعني الدخول في مجموعة معينة ؛ بدلاً عن ذلك ، فهي تعني حرية الفرد او الافراد في الخروج من المجموعات التي لا يرغبون في ان يكونوا جزء منها (Kukathas، 2003b، p. 95).

 

يرى كوكاثس ، أن هناك شرطين مرتبطين معاً ليكون للافراد من خلالهما حرية الخروج من المجموعة ، وهذين الشرطين ، هما: ان لا يمنع الافراد جسدياً من مغادرة المجموعة ، وان هناك مكانا مشابها لمجتمع السوق ومن خلاله يمكن لهم المغادرة، ومن وجهة نظره، يكون وجود مكان يلجأ اليه الفرد مطلب ضروري للخروج لانه لا يمكن الاعتقاد بان الافراد لهم الحق بالخروج أذا تم تنظيم جميع المجتمعات على اساس الملكية، لان الخيارات سوف تكون اما متطابقة للقواعد او لا.  طبقاً لنظرية الحرية هذه ، فان فعالية الدولة تكون محدودة. 

 

أن نمط كوكاثس في حرية تكوين التجمعات ، يشير الى ان واجب الدولة غير محدد بحماية او حفظ حصول الافراد على خدمات مثل النظام الصحي ، التعليم وهكذا دواليك.  هذه الاشكال من الحماية يجب ان توفر من خلال التنظيم ، اذا رغبت هذه التنظيمات بتوفيرهم.  تذهب نظرية كوكاثس هذه، للتصريح من ان تدخل الدولة يكون فقط لضمان حق المغادرة ، والحفاظ على النظام المستمر للمجتمع والذي يضمن امن الافراد وعدم حدوث حرب اهليه.

 

يكون للدولة، ضمن هذا السياق، وظيفتان. 

 

الأولى ، ان الدولة عليها ضمان عدم حدوث أي خرق لحرية تكوين التجمعات أو التنظيمات ، وهذا يعني ان الافراد لا يجوز منعهم جسدياً من المغادرة.

 

 الثاني ، ان الدولة يجب ان تنظم العمل ، حتى لا يكون هناك أي عداء بين التنظيمات.  حتى أذا تبنت  هذه التنظيمات ممارسات أكثرعداونية اتجاه أعضاءها ، لكن مطلب كوكاثس هنا، هو الابقاء على نوع من التسامح المتبادل بين التنظيمات. لا يمكن للمجتمعات ان تلتزم بأفعال عدائية ضد بعضها البعض الاخر ، واذا فعلت ، تكون الدولة في وجهة نظره قادرة على التدخل لايقاف هذه العدوانية. 

 

عندما نأخذ بعين الاعتبار وظائف الدولة ، والبناء الداخلي للتنظيمات ، فأن المجتمع الذي ينشأ يُطلق عليه بمجتمع المجتمعات.   كل مجتمع او مجموعة يجب ان يكون لها قوانينها ، والتي يكون لهم فيها إستقلالية قضائية (Kukathas، 2003b، p. 97).  تتمتع صلاحية القوانين في المجتمعات، من وجهة نظر كوكاثس بأعتراف محلي فقط ، وان الدولة او السلطة تكون مخيرة هنا بأن تعترف بزواج المثليين أو لا تعترف ، وهكذا دواليك ؛ عوضًا عن ذلك  فان الدولة ستكون غير مبالية للطريقة التي ينتظم بها الافراد. 

 

من وجهة نظر كوكاثس ، هذا النوع من حرية التنظيم يتوافق مع فرض الكلفة العالية للخروج او عدم الانتماء والعضوية طبقاً لحقيقة عظم الكلفة في الاختيار ، ولا تكون مرتبطة او عائدة للحرية (Kukathas، 2003b، pp. 107-109).  وهذا النوع من حرية التنظيم،من وجهة نظر كوكاثس، هوافضل طريقة لحماية حرية الافراد لانها تعطي محددات قليلة لما يريد الافراد فعله. 

 

٣-  الموجة الثانية من الكتابة في التعددية الثقافية

تبنى فلاسفة الليبرالية السياسية المعاصرة موقفين مختلفين، أذا ما اخذنا بالاعتبار، نوعية النقاش في كتابات الموجة الأولى في التعددية الثقافية ، والذي دار حول عدالة سياسات الاختلاف الحساسة في سياق الحديث عن الليبرالية ؛ فقد دافع بعضهم عن مبدأ تبرير سياسات الاختلاف الحساسة ، بينما أحتج أخرون في كون هذه السياسات تبتعد عن القيم الاصلية لليبرالية.

 

 ظهرت الموجة الثانية في الكتابة عن التعددية الثقافية ، حديثًا.  لم يركز فلاسفة الليبرالية السياسية المعاصرة كثيرا على النقاش في مسألة العدالة بين المجموعات المختلفة ؛ عوضاً عن ذلك كان التركيز على مبدأ العدالة داخل المجموعات.  لذلك تغير النقاش الى تحليل الاثار المحتملة والمستمرة للسياسات التي تحمي المجموعات الثقافية فيما يتعلق بأعضاء هذه الاقليات وقيمها الثقافية.

 

 لقد غير فلاسفة الليبرالية السياسية المعاصرة نقاشهم لتشمل تلك التي صوبت نحو تصحيح المساواة بين المجموعات وما يمكن ان يحصل عليه الافراد في هذه المجموعات التي توجهت نحوها هذه السياسات. يعتقد فلاسفة السياسة الليبرالية المعاصرة ، ان القلق يكمن في كون السياسات التي تتبع لتمكين المجموعات الصغيرة للسعي خلف ثقافاتها ربما ينتج عنه تفضيل بعض المجموعات على الأخرى.

 

  لهذا فالنقاش الان ، يجب يدور حول الاخطار التي يمكن ان تبرزها هذه السياسات المتعلقة في حماية المجموعات الثقافية والتي يمكن ان ينتج عنها تقويض حالة الأعضاء الأضعف في هذه المجموعات.  السبب الذي يكمن خلف قلق الفلاسفة هذا هو ان سياسات التعددية الثقافية ربما تعطي قادة بعض المجموعات الثقافية القوة لصنع قرارات وتأسيس ممارسات والتي تبسط الملاحقة القانونية للاقليات الداخلية.  بمعنى اخر ، هذه السياسات ربما تعطي قادة المجموعات كل أنواع القوة التي تسهل كل الممارسات البشعة والتعنصر في داخل المجموعة (Phillips، 2007a، pp. 13-14; Reich، 2005، pp. 209-210; Shachar، 2001a، pp. 3،4،15-16). 

 

ركزت كتابات فلاسفة السياسة المعاصرون على ثلاثة أنواع من الأقليات الداخلية ، وهذه الأقليات هي وعلى التوالي:

  • ثنائي الجنس.

  • المثليون.

  • النساء والأطفال.

 

 

  • المثليون وثنائي الجنس

عني بعض الفلاسفة بالسياسات التي تتناول مسالة حماية مجموعات الاقليات الثقافية، ومن امكانية استخدام مثل هذه السياسات لا احداث تهديد جاد يؤثرعلى حقوق المثليين من كلا الجنسين وكذلك الافراد ثنائي الجنس.  يحرم المثليون وثنائي الجنس في بعض مجاميع الأقليات بسبب بعض العواقب غير المقصودة لسياسات التعدد الثقافي (Levy، 2005; Swaine، 2005، pp. 44-45). 

يمثل المغايرون في الجنس ، موضوع متقاطعًا في داخل الأقليات والمجموعات الثقافية ، وفي المجتمع بشكل عام ، وتغطي مساحة مختلفة من الحياة ، تتمثل في المبادئ الأساسية للحريات ، العمالة ، التعليم ، الأمان ، وهكذا دواليك. 

 

ويمكن التثبت وبشكل عام ، من ان المثلين وثنائي الجنس لديهم مصالح في طبيعة الاتحاد الجسدي والنفسي والحرية الجنسية ، والمشاركة في الحياة السياسية والثقافية ، والحياة العائلية ، ومبادئ أساسية سياسية ومدنية ، ومساواة في المسائل الاقتصادية والعمالة وهكذا دواليك.

 

تكمن المصلحة العامة والمهمة للمثلين وثنائي الجنس في بعض مجاميع الأقليات في بقائهم أحراراً من القتل ، والتعذيب ، وممارسات أخرى وحشية تنقص من قيمة الانسان.  (European Union Agency for Fundamental Rights، 2009، pp. 13-16). يكون العديد من المثليين وثنائي الجنس ضحايا للعنف الجسدي والنفسي ، والقتل ، وخطاب الكراهية ، وجرائم الكراهية ، وعلاجات التحول الجنسي الوحشية وعمليات الاغتصاب التي تكون ضحاياه الافراد الذين لهم توجهات جنسية مختلفة عن الاخرين، بين كل الأنواع الأخرى قساوة للعنف الجسدي والنفسي.   بعض الجماعات الثقافية الأخرى تقوض فرص المثليين وثنائي الجنس في المجالات الاقتصادية وفي مجال الرعاية الاجتماعية الاخرى.

 

 في مجالات العمل، تكون الاشارة هنا للقوانين المتعنصرة ضد هذه الفئات ، في كل من مكانات العمل وفي التقديم للعمل.   يجب ان يكون للمثلين وثنائي الجنس، في بعض القضايا ، حق الدخول في وظائف الجيش وغيرها ، للعمل مع الأطفال ، لمنافع العمل والضمان الصحي كذلك.  وبما ان العديد من المجاميع الدينية لا تمتلك قوات عسكرية ، فهذا المثال يمكن ان ينطبق على الجيش السويسري الذي يحمي الفاتيكان.

 

  • النساء

كان لدى بعض الفلاسفة ، لا سيما الفلاسفة النسويات الليبراليات بعض القلق عن ما يترتب من إعطاء حقوق خاصة للمجاميع النسوية.  أكد اوكن (Okin) على ان غالبية الثقافات في العالم تكون ابوية وتقوم على الهوية الجنسية ، يتبعه ، توفير حقوق لمجموعات ربما تساعد في إعادة تقوية الممارسات الابوية  التعسفية.  بعض الممارسات التي يمكن ان تهدد حقوق النساء هو ما يطلق عليه بمصطلح ‘تشويه الاعضاء التناسلية للنساء’، وتعدد الزوجات ، واستخدام الحجاب ، وأخيرا تقليل فرص العمل والتعليم للنساء. 

 

تعتبر بعض الناشطات النسويات، تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة ، الذي تمارسه بعض المجتمعات ممارسة بشعة تهدد الصحة الجنسية للنساء وتشير الى عملية سيطرة الرجل على جسد وحياة المرأة. تعدد  الزوجات، هو الاخر يعتبر وبعمق ممارسة غير محترمة للمرأة ، وطريقة واضحة لعدم المساواة في معاملة المرأة.  استخدام الحجاب يعتبر هو الاخر بنظر بعض الناشطات كوسيلة لممارسة السيطرة من قبل الرجل على المرأة.

 

 هذه السلوكيات كلها مجتمعة ، أدت ببعض الناشطات النسويات الى التعبير عن قلقهن من ان تقوية بعض المجموعات بحقوق خاصة يمكن ان تودي الى اضطهاد المرأة.  على سبيل المثال ، اذا اعفيت بعض التجمعات من الممارسات الصحية للاغلبية في المجتمع ، هذا ربما يساعد ويسرع في مثل هذه الممارسات البشعة بحق النساء كتلك التي تتعلق بتشويه الأعضاء التناسلية للمراة.

 

لكن علينا الاعتراف، ان اعتبارالثقافات بالضرورة ذات طابع ذكوري يضطهد المرأة ، هو موقف ليس متفق عليه بين كل الناشطات.  (Volpp، 2001، and Phillips، 2007a) ،  دافع فلوب، عن فكرة كون معظم الناشطات قد اتخذن موقفاً يتمركز حول الاثنية عندما حللن ممارسات الأقليات ، ومن ثم أسأن فهم المعنى الحقيقي لهذه الممارسات.  ابعد من ذلك،  فأن فلوب وفيلبس قررا ، ان العديد من النساء في الأقليات الثقافية عبارة عن أعضاء قادرة على صنع اختياراتهم  ؛ وهذه الممارسات التي تعتبر بنظر البعض في المجتمعات الغربية ممارسات بشعة ، يجب ان تمنع.

 

  • الأطفال

أخذت موضوعة الاثار المترتبة على الحقوق الخاصة للأطفال، الذين هم جزء من الأقليات الثقافية، بعض الانتباه من قبل فلاسفة السياسة المعاصرين (Reich، 2005).  يتعلق الاهتمام هنا، بالاساءة الجسدية والنفسية وانعدام التعليم.   فيما يتعلق بالاساءة الجسدية والنفسية ، تقوم بعض المجموعات بممارسات ربما تكون مؤذية للأطفال.  تمارس بعض المجموعات، على سبيل المثال، ما يسمى بالتهرب او الاجتناب ، وهو ممارسة تتضمن النبذ لهولاء الذين لا يتبعون عادات وتقاليد المجموعة او فعل شيء ما يكون مرفوض من قبل المجموعة. 

 

ممارسة عادة التضحية بالأطفال في بعض المجتمعات الافريقية ، هي أيضا ممارسة يمكن اعتبارها تنطوي على إساءة جسدية للأطفال.

 

في جانب التعليم ، تبدو ممارسة أخراج بعض المجموعات لاطفالها خارج المدرسة في عمر مبكر يقود بالنهاية الى تعريض هولاء الأطفال الى حالة من عدم المساواة مع اقرانهم في تحصيل الخبرات اللازمة لايجاد العمل ، وربما يقود أيضًا الى فشلهم في تكوين قرارات مستقلة.  هناك مجموعات أخرى ترى ان التعليم يجب ان يركز خصوصاً على المسائل الدينية ، وفي بعض الأحيان ينعدم لديها الاهتمام بكل أنواع التعليم الأخرى.

 

ونظراً لاعتبار المدارس المحرك المركزي للاستقلال والتطور الثقافي ، ولان الأطفال يكونون في سن التكوين اكثر تأثراً بالطريقة التي جلبوا بها فقد أظهر فلاسفة السياسة بعض الاهتمام حول تأثير إعطاء بعض الحقوق الخاصة لمجموعات ربما تعامل الأطفال بصورة غير صحيحة ، تلقينهم ، وربما حرمانهم بالمقارنة مع أطفال من مجموعات أخرى.

 

اكد العديد من فلاسفة حقبة مابعد الاستعمار ، مثل موخيرجي (Mookherjee، 2005) ، على انه بالرغم من وجود بعض القلق نتيجة وجود تعسف داخلي ، فأن القلق هذا في بعض الأحيان لا يبدو في محله.  يجد بعض أعضاء الأقليات الثقافية ، وبشكل روتيني قيماً في ممارساتهم الثقافية ، ويرغبون في تأكيد هذه الممارسات ، على الرغم من كون حقيقة هذه الممارسات ربما تبدو عدوانية للأشخاص من خارج المجموعة.  اكثر من ذلك ، بعض الأحيان تبدو الممارسات غير ليبرالية للشخص الخارجي ، لكن بسبب ان معناهم الاجتماعي يختلف من ذلك المعطى بواسطة الشخص الخارجي ، فان الممارسة لا تكون غير ليبرالية (Horton، 2003).

 

  • الحيوانات و التعددية الثقافية

موضوع اخر لم يتم البحث فيه كثيراً هو ، ذلك الذي يتعلق بسياسات التعددية الثقافية التي يمكن ان تترك آثارًا ضارة على الحيوانات غير البشرية.  اذا ثبت المفهوم البسيط لمصالح الحيوانات غير البشرية ، يمكن ان نفهم كيف ان مصالح الحيوانات ربما تتعرض للانتهاك بواسطة سياسات التعدد الثقافي.

 

لنفترض ان الحيوانات لديها ثلاثة أنواع من المصالح.  

 

الأولى ، تلك المصالح المرتبطة في ابعادهم عن أي معاناة جسيمة الحقت بهم (Casal، 3003; Cochran’s، 2007).

 

الثاني ، الحيونات غير البشرية لديها مصالح لدرجة ما من الحرية السلبية: لديها مصالح في ان لا تكون جسديًا عرضة للقهر، او وضعها في اقفاص، او ان تودي اعمال شاقة.   

 

الثالث ، الحيوانات غير البشرية  لديها مصالح للولوج الى بعض المصادر من اجل رفاهيتهم ؛ على وجه الخصوص  ، ان الحيوانات غير البشرية لها مصلحة في الحصول على العناية الصحية وان لا تحرم من الطعام.

 

  مع هذا الافتراض المتواضع القائل بان للحيوانات مصالح في ان لا تعامل بقساوة وبالمقابل ترغب في السعي لحياة صحية ، بعض الفلاسفة اقتنعوا ان مصالح الحيوانات تكون في خطر عندما تعطى بعض المجموعات حقوق خاصة.  هناك بعض المجموعات الثقافية والتي لديها ممارسات تتقاطع مع مصالح الحيوانات غير البشرية وفي شروط التعددية الثقافية هذه السياسات ربما تعطي بعض المجموعات الثقافية قوة ربما تسهل من استخدام القسوة ضد الحيوانات.  بعض المجموعات الثقافية تنخرط في ممارسات مثل ذبح الحيوانات بسبب ما تمليه عليهم دياناتهم قبل ان تأكل هذه الحيوانات.  أن سياسات التعددية الثقافية ، ربما تكون مدمرة للحيوانات غير البشرية، اذا كان الاعفاء لمجموعة معينة من قوانين الدولة المتعلقة في مسألة القسوة ضد الحيوان ربما تقود لتسهيل مثل هذه الممارسات المؤذية ضد الحيوانات، وعلى وجه الخصوص، اذا كانت هذه مجموعات تمارس أنواع معينة من ذبح الحيوانات وتكون معفاة من القوانين التي تتعلق بالقسوة ضد الحيوانات. هذا الموضوع ربما يثير مسألة تتعلق بشرعية المشكلة.  تفشل غالبية المجتمعات في معاملة الحيوانات بأحترام ولا تحمي بالعادة مصالح الحيوانات غير البشرية.

 

المصدر


الفهرست (التعددية الثقافية)

  • Appiah، (1996). Colour conscious : the political of race. Princeton: Princeton University Press.
  • Barry، (1995). Justice as impartiality. New York: Oxford University Press.
  • Barry، (1996). Real freedom and basic income. Journal of political philosophy، 266 4(3)، 242-276.
  • Barry، (1999). Statism and nationalism: a cosmopolitan critique. In I. Shapiro، and L، Brilmayer، (Eds). Global Justice. New York: New York University Press، pp. 12-26.
  • Barry، (2001). Culture and equality: an egalitarian critique of multiculturalism. Cambridge: Polity Press.

التعددية الثقافية 

  • Barry، (2002). Second thoughts-and some first thoughts revived. In. P. Kelly، (Ed). Multiculturalism reconsidered: culture and equality and its critics. Cambridge: Polity Press، pp. 204-238.
  • Barry، (2005). Why social matter. Cambridge: Polity Press.
  • Benhabib، (2002). The claims of culture: equality and diversity in the global era. Princeton: Princeton University Press.
  • Casal، (2003). Is multiculturalism bad for animals? Journal of political philosophy، 11(1)، 1-22.
  • التعددية الثقافية 
  • Cochrane، (2007). Animals rights and animals experiments. An interest-based approach. Red publica، 13(3)، 293-318.
  • Cochrane، (2010). An introduction to animals and political theory. Hampshire: palgarve Macmillan European Union Agency for Fundamental Rights (2009). Homophobia and discrimination on grounds of sexual orientation and gender identity in the EU member states: part ii- the social situation.
  • Festenstein، (2005). Negotiating diversity: culture، deliberation، trust. Cambridge: Polity Press.
  • Fraser، (2005). Recognition without ethics? Theory، culture & society، 18(2-3)، 21-42.

التعددية الثقافية 

  • Gurr،R. (1993). Minorities at risk: a global view of ethnopolitical conflicts: United States Institute of Peace Press.
  • Han، (2013). Contestation and adaptation: The politics of national identity in China. New York: Oxford University Press.
  • He، (2006). Minority rights with Chinese characteristics. In He، B. and Kymlicka، W. (Ed). Multiculturalism in Asia. Oxford University Press.
  • Horton، (2003). Liberalism and multiculturalism: once more unto the breach. In B. Haddock، and P . Dutch، (Eds). Multiculturalism، identity، and rights. Routledge innovations in political theory. London and New York: Routledge، pp. 25-41.
  • Kukathas، (2001). Can a Liberal society tolerate illiberal elements? Policy، 17(2)، 39-44

التعددية الثقافية 

  • Kukathas، (2002a). Equality and diversity. Politics، Philosophy & Economics، 1(2)، 185-212.
  • Kukathas، (2002b). The life of Brian، or now something completely different-blind. In P . Kelly، (Ed). Multiculturalism reconsidered: culture and equality and its critics. Cambridge: Polity Press، pp. 184-203.
  • Kukathas، (2003a). Responsibility for past justice: how to shift the burden. I politics، Philosophy & Economics، 2(2)، 165-190.
  • Kukathas، (2003b). The Liberal arachipelago: a theory of diversity and freedom. Oxford: Oxford University Press.
  • Kymlicka، (1995). Multicultural citizenship: a liberal theory of minority rights. Oxford: Oxford University Press.
  • Kymlicka، (1999a). Comments on Shachar and Spinner-Halev: an update from the multiculturalism wars. In C. Joppke، and S. Lukes، (Eds). Multicultural questions. Oxford: Oxford University Press، pp. 112-232.

التعددية الثقافية 

  • Kymlicka، (1999b). Liberal complacencies. In J. Cohen، M. Howard، and M.C. Nussbaum، (Eds). Is multiculturalism bad for women? Princeton: Princeton University Press، pp. 31-34.
  • Kymlicka، (2001). Politics in the vernacular:،nationalism، multiculturalism، and citizenship. Oxford: Oxford University Press.
  • Kymlicka، (2002). Contemporary political philosophy: an introduction، 2nd Ed. Oxford: Oxford University Press.
  • Laitin، (2007). Nations، states and violence، Oxford: Oxford University Press.

التعددية الثقافية 

  • Levy،T. (2000). The multiculturalism of fear. Oxford: Oxford University Press.
  • Levy،T. (2005). Sexual orientation، exit and refugee. In A. Eisenberg، and J. Spinner-Halev، (Eds). Minorities within minorities: equality، rights and diversity. Cambridge:،Cambridge University Press، pp. 172-188.
  • Masters، (2004). Christians and Jews in the Ottoman Arab World. The roots of sectarianism. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Mookherjee، (2005). Affective citizenship: feminism، post-colonialism and the politics of recognition. Critical Review of International Social and Political Philosophy، 8(1)، 31-50.
  • Narayan، (1998). Essence of culture and a sense of history: a feminist critique of cultural essentialism. Hypatia، 13(2)، 86-106.
  • Okin،M..(1999a). Is multiculturalism bad for women? In J. Cohen، M. Howard، and M.C. Nussbaum، (Eds). Is multiculturalism bad for women? Princeton: Princeton University Press، pp. 7-24.

التعددية الثقافية 

  • Okin،M. (1999b). Reply. In J. Cohen، M. Howard، and M.C. Nussbaum، (Eds). Is multiculturalism bad for women? Princeton: Princeton University Press، pp. 115-132.
  • Okin،M. (2002). Mistress of their own destiny: group rights، gender and realistic rights to exit. Ethics، 112(2)، 205-230.
  • Pareckh، (1999b). The Logic of intercultural evaluation. In J. P. Horton، and S. Mendus، (Eds). Toleration، identity and difference. London: Macmillan Publishers، pp. 163-197.
  • Parekh، (2001a). A response. Ethnicities، 1(1)، 137-140.
  • Parekh، (2001b). Rethinking multiculturalism: cultural diversity and political theory. Ethnicities، 1(1)، 109-115.

التعددية الثقافية 

  • Parekh، (2002). Barry and dangers of liberalism. In P. Kelly، (Ed). Multiculturalism reconsidered: culture and equality and its critics. Cambridge: Polity Press، pp. 123-150.
  • Parekh، (2003). A response. The Good Society، 12(2)، 55-57.
  • Parekh، (2004). Redistribution or recognition? A misguided debate. In S. May، T. Modood، and J. Squires، (Eds). Ethnicity، nationalism، and minority rights. Cambridge: Cambridge University Press، pp. 199-213.
  • Parekh، (2005). Rethinking multiculturalism: cultural diversity and political theory، 2nd Ed. Basingstoke: Palgrave Macmillan.
  • Phillips، (2007a). Multicultural without culture. Princeton: Princeton University Press.

التعددية الثقافية 

  • Phillips، (2007b). What is “culture”? In B. Arneil، and others ( Eds). Sexual justice/cultural justice: critical perspectives in political theory and practice. Routledge innovations in political theory. London and New York: Routledge، pp. 15-29.
  • Phillips، (2010). Gender and culture. Cambridge: Polity Press.
  • Quine، V. I.، (1960). World and Object. Cambridge. Mass: MIT Press.
  • Reich، (2005). Minors within minorities: a problem for liberal multiculturalism. In A. Eisenberg، and J. Spinner-Halev، (Eds). Minorities within minorities: equality، rights and diversity. Cambridge: Cambridge University Press، pp. 209-226.
  • Shachar، (2002a). On citizenship and multiculturalism vulnerability. Political Theory، 28(1)، 64-89.
  • Shachar، (2002b). Should church and state be joined at the altar? Women’s rights and the multicultural dilemma. In W. Kymlicka، and W. Norman، (Eds). Citizenship in diverse societies. Oxford: Oxford and New York: Oxford University Press، pp. 199-223.
  • Shachar، (2001a). Multicultural jurisdictions: cultural differences and womens rights، Contemporary Political Theory. Cambridge: Cambridge University Press.

التعددية الثقافية 

  • Shachar، (2001b). Two critiques of multiculturalism. Cardozo Law Review، 23، 253-298.
  • Swaine، (2005). A liberalism of conscience. In A. Eisenberg، and J. Spinner، (Eds). Minorities within minorities: equality،،rights and diversity. Cambridge: Cambridge University Press.
  • Taylor، (1974). Interpretation and the science of man. In D. Carr، and E. S. Casey، (Eds). Explorations in phenomenology. Selected studies in phenomenology and existential philosophy. The Hague: Springer Netherlands، pp. 47-101.
  • Taylor، (1994b). Reply and re-articulation: Charles Taylor replies. In J. Tully، and D. M. Weinstock، (Eds). Philosophy in an age of Pluralism: the philosophy of Charles Taylor in question. Cambridge: Cambridge University Press، pp. 213-257.
  • Taylor، (1994b). The politics of recognition. In A. Gutmann، (Ed). Multiculturalism: examining the politics of recognition. Princeton: Princeton University Press، pp. 25-73.
  • Volpp، (2000). Blaming culture for bad behavior. Yale Journal of Law & the Humanities، 12-89-116.
  • Volpp، (2001). Feminism versus multiculturalism. Columbia Law Review، 101(5)، 1181-1218.

التعددية الثقافية 

  • Waldron، (1991). Minority cultures and the cosmopolitan alternative. University of Michigan Journal of Law Reform، 25، 751-794.
  • Waldron، (1993). Liberal Rights: collected papers 1981-1991، Cambridge Studies in Philosophy and Public Policy: Cambridge: Cambridge University press.
  • Waldron، (1996). Multiculturalism and melange. In R. K. Fullinwider، (Ed). Public education in a multicultural society: policy، theory، critique. Cambridge: studies in Philosophy and public policy. Cambridge: Cambridge and New York: Cambridge University Press، pp. 90-120.
  • Waldron، (2000). Cultural identity and civic responsibility. In W. Kymlicka، and W. Norman، (Eds)، Citizenship in diverse societies. Oxford and New York: Oxford University Press، pp. 155-174.
  • Waldron، (2002). One Law for all-the logic of cultural accommodation. Washington and Lee Law Review، 59، 3-36.

التعددية الثقافية 

  • Weinstock، (2007). Liberalism، multiculturalism and the problem of internal minorities. In A. S. Laden، and D. Owen، (Eds). Multiculturalism and political theory. New York: Cambridge University Press، pp. 244-264.
  • Young، M. (2000a). Inclusion and democracy، Oxford Political Theory. Oxford and New York: Oxford University Press.
  • Young، M. (2000b). Self-determination and global democracy: a critique of liberal nationalism. In I. Shapiro، and S. Macedo، (Eds). Designing democratic institutions. New York: New York University Press، pp. 147-183.