مجلة حكمة
الفضائل الفكرية

الفضائل الفكرية وطبيعتها في الإبستمولجيا – جون توري، مارك ألفانو، جون غريكو


  • طبيعة الفضائل الفكرية

لنشرع أولا بتوصيف لـ الفضائل الفكرية بقالب غير جدلي، وغني بالمعلومات. هذه الفضائل هي خصائص تعزز الازدهار الفكري، أو تلك التي تصنع مُدركِاً فذاً.

قياسياً، تنقسم إبستمولوجيا الفضيلة إلى مسؤولي الفضيلة ومعتمدي الفضيلة (على سبيل المثال، Axtell، 1997)، على الرغم من أن ثمة تساؤلاً مثاراً حول ملاءمة هذا التقسيم (Fleisher 2017). وفقًا لهذا التصنيف، يختلف القسمان حول كيفية وصف الفضيلة المعرفية. يفهم معتمدوا الفضيلة (مثل Goldman وGreco وSosa) الفضائل المعرفية بكونها تشمل ملكات مثل: الإدراك والحدس والذاكرة؛ وهي تُسمى “فضائل قدرات”.

وجهة نظرهم يمكن فهمها بشكل أفضل على أنها سليلة الإبستمولوجيين الخارجانيين، مثل العملية الاعتمادية البسيطة. الفضائل المعرفية كما يفهمها مسؤولو الفضيلة (على سبيل المثال، Battaly، Code، Hookway Montmarquet، وZagzebski) تشمل سمات الشخصية المتجذرة مثل: الضمير والانفتاح؛ وهي تسمى هذه “فضائل سمات”. يوجد تلاؤم كبير في هذا النهج بتوافقه مع الإبستمولوجيا الداخلانية، ويتمركز عميقًا حول الأبعاد الأخلاقية للإدراك وآثارها.

النقد الموجّه لهذا التصنيف المعتمِد / المسؤول ينبع من محورين. أولًا: ليس واضحاً سبب احتياج إبستمولوجيي الفضيلة إلى الاختيار بين فضائل القدرات وفضائل السمات. للوهلة الأولى، يبدو كلٌّ من الإدراك المتميز، والذاكرة الجيدة، والانفتاح والتواضع المعرفي مرشحين جيدين على قدم المساواة لتعزيز التميز أو الازدهار.

الفضائل “الحقيقية” قد تبدو الحجج حولها عديمة الجدوى ومؤدية إلى نتائج عكسية؛ نظرًا لأن العديد منها طرق للتفوق والازدهار فكرياً (Battaly 2015). ثانيًا: بارتباط وثيق، من المعقول أن تكون الإبستمولوجيا كاملة بفضائل القدرات وفضائل السمات على حد سواء. تبدو فضائل القدرات لا غنى عنها في مساءلة معرفة الماضي والعالم من حولنا. قد توجد حاجة لفضائل السمات لمراعاة المجموعة الكاملة من الإنجازات الفكرية الأكثر ثراءً، مثل الفهم والحكمة، والتي قد تفترض مقدّمًا المعرفة، بيد أنه يمكن أن تتجاوزها أيضًا (قارن Zagzebski 2001: 248–9).

يجادل Baehr (2006b) بأن معتمدي الفضيلة يجب ألا يهملوا فضائل السمات، لأنها ضرورية لتفسير بعض حالات المعرفة. على سبيل المثال، الشجاعة الفكرية والمثابرة، وليس فقط الذاكرة والإدراك الجيد، قد تبرز بشكل جيد في تفسير كيفية وصول الذات العارفة إلى الحقيقة.

 

تقدم Battaly (2008: 7) قائمة مفيدة من الأسئلة لتوجيه البحث حول طبيعة الفضيلة الفكرية. ثمة خمسة أسئلة أساسية يجب أن تحللها الفضائل الفكرية.

  • أولًا: هل الفضائل جبلية أم مكتسبة؟

  • ثانيًا: هل يتطلب امتلاك الفضيلة أن يكون الفاعل ذا دوافع أو تصرفات فكرية فاضلة مكتسبة لأداء أعمال فاضلة فكريًّا؟

  • ثالثًا: هل تتمايز الفضائل عن المهارات؟

  • رابعًا: هل الفضائل موثوقة؟ 

  • خامسًا وأخيرًا: ما الذي يجعل الفضائل ذات قيمة؟ هل هي ذات قيمة فعالة، تكوينية أو جوهرية؟

 يلفت جايسون كاوال (2002) الانتباه إلى مجموعة من الفضائل التي أهملها إبستمولوجيو الفضيلة من جميع الأطياف. لقد أدرك أخلاقيو الفضيلة منذ مدة طويلة وجود فرق بين الفضائل الأخلاقية التي تحترم الذات، مثل الحكمة والشجاعة، والفضائل الأخرى المتمحورة حول الخير والرحمة، إلى جانب إدراكهم لأهمية كلا النوعين.

مع ذلك، فإنّ إبستمولوجيي الفضيلة غفلوا عن تمييز مماثل بين الفضائل الفكرية. ففي جانب، يركزون على الفضائل الفكرية التي تحترم الذات، مثل حدة الإدراك أو الشجاعة الفكرية، التي تعزز الازدهار الفكري. وفي الجانب الآخر، تهمل الفضائل الفكرية الأخرى، مثل الصدق والنزاهة، التي تعزز اكتساب الآخرين للمعرفة والازدهار الفكري.

قد تتضمن الفضائل الأكثر تعقيدًا فيما يتعلق بالآخرين الرغبة والقدرة على إيصال تعليل الفرد بشكل واضح للآخرين، أو الإبداع لاكتشاف معرفة جديدة للمجتمع. كتب كاوال (2002: 260):

“فاعل إبستمولوجي يركز بشكل حصري على الفضائل الإبستمولوجية التي تهتم بالذات”

و”يمكن أن يكون فاعلًا إبستمولوجياً ضعيفًا للمدى الذي يصبح به عضوًا في مجتمع”.

مثل هذا الاهتمام بالجماعة الإبستمولوجية للفاعل المعرفي يرشد أيضًا البحث عن العدالة المعرفية وعدمها (Fricker 2007، Sherman 2016) والاستكشافات الحالية للشخصية الإبستمولوجية المُضمّنة والمدعومة والممتدة (Alfano 2013b، 2014b؛ Alfano & Skorburg 2017).