مجلة حكمة
الحب زمن الخصخصة

الحب في أزمنة الخصخصة

الكاتبميغان إيركسون
ترجمةريناد ملا، غَدي الشهري

مقدمة

إن العلاقات العاطفية هي انعكاس لصورة العلاقات المادية في نظام الأجور من حيث  البنية والصفة مع عدم التصريح بأنها علاقة أجير وصاحب عمل. (مراجعة ميغان أريكسون لرسالة الباحثة أرلي رسل هوتشيلد (: العلاقات العاطفية في زمن السوق الحرة Outsourced self ) – 2013

تقوم مهندسةُ ما محترفةُ بتطبيق استراتيجيات إدارة المشاريع في بحثها عن الارتباط العاطفي، وتقوم منسقةٌ ما للحفلات والمناسبات بتنسيق حفل زواج يشيد بقصة ارتباط عازبين متحابين، ويخلد قصة الحـــب التي ربطت بينهما. وعلى الصعيد  الآخر، نجد رجل أعمالٍ ما تقترح عليه شركته أن تملأ زوجته وأبنائه نموذج تقييم لأدائه الأبوي،كي تحدد الجوانب الهامة التي تمكنه من أن يصبح أباً أفضل، وبالتالي شخصيةً أكثر سعادة مما يؤدي الى ارتفاع  إنتاجيته.

الحب في أزمنة الخصخصة

كانت هذه هي المواضيع التي تناقشها الباحثة آرلي رسل هوتشيلد في رسالتها المتألقة التي لم تخل من الإشكالات  (Outsourced self الحياة العاطفية في زمن السوق الحرة)، وهي دراسةٌ تعنى بظاهرة تحول العائلة والصداقة و الحب إلى نوعٍ من السلع للمتاجرة بها، هذه الدراسة وسط بين التحليل العلمي ودراسة المجتمع الشعبي، وإذا ماتابعت القراءة فسوف  تبدد تساوْلاتك عن نوع الحفلات التي قد يفوّتها شخص متخصص في اعتلاء المنصات لإلقاء الخطابات وتغيير وجهات نظر  الجماعات.

 بدايةً، ابتكرت الباحثة هوتشيلد مصطلح ” الجهد العاطفي”  لتصف مقايضة  السلوك المحبب اجتماعيا (الابتسامة البسيطة والغير متكلفة) بالمقابل المادي والمتمثل في إيصالات الأجر أو الراتب، ونجد أن عملها التاريخي الذي قدمته  في عام ١٩٨٨ (وردية العمل الثانية)  يشرح الثورة التي أُوقفت فجأة، والتي جعلت العمل خارج المنزل هو الاتجاه السائد للسيدات الامريكيات على الرغم من تكبدهن نصيب الأسد من الأعمال المنزلية.

تعتبر رسالة (OUTSOURCED SELF)) التكملة الروحية لرسالة (وردية العمل الثانية)، حيث تشرح الأولى الاعوجاج النفسي والمادي الذي يعاني منه الأشخاص ليجعلوا السوق الحرة تعمل على صعيدي الممارسة كما هو على صعيد النظرية. وليس المقصود هو سوء الحظ الكئيب المرتبط بالتحليل النفسي كما يعبر عنه عنوان الرسالة.

تهتم الباحثة هوتشيلد في المقام الأول بالصورة بالسياق المتغير والمصطلحات الخاصة بالأعمال الخدمية (مثل من قام به، ولمن يقدم، وبكم يقدم ، ولماذا ،،،،وفي هذا المجال تطبّق نهج التوثيق على  العلاقات السوقية (والتي تسميه الحياة الحميمية) وهو الأمر الذي اتبعته في دراسة ما أسمته بـ (تأنيث القوى العاملة) مستخدمة التجربة عوضا عن البيانات كنقطة بداية، لفحص التدبيرات الشخصية المخادعة للحياة اليومية، والتي تكشف في مجملها عن التناقض في الأنظمة والسياسات في قلب النظام الرأسمالي.

وكعادتها نجدها أتقنت عملها بصورة كبيرة، فرسالة (OUTSOURCED SELF)، تلخص المئات من المقابلات الشخصية التي أجرتها مع أصحاب العلاقة بالدراسة على كل الأوجه و التي تطورت بسرعة  وبصورة استثنائية خاصة في مجال تقديم الخدمات المتخصصة (من  مستحقي الأجور، الاستشارين المتخصصين، المرضى وأرباب العمل ).

إن المجالات الخدمية المألوفة مثل تقديم الاستشارات،  الاعمال المحلية، الترفيه، الوكالات و خدمات العناية مابعد الوفاة، كلها تمثل موجةً جديدةً في تقديم الخدمات الشخصية المتفانية في تقديم التسهيلات الخالية من التعقيدات والعقبات، والتي قد تشغل أصحاب الطبقة الراقية والعصريين عن أداء أعمالهم، مع تحديد ما يريدونه وتحويله إلى أمر ممكن التنفيذ، بالإضافة إلى تمييز الخدمات بمسمياتٍ أكثر جاذبية ورنانة لتوريثها إلى أجيال المستقبل من التنفيذيين في شجرة العائلة من ذوي الرؤي المتميزة  ومتعهدي الأعمال.

أحد أهم المشاعر التي يمكن أن يبيعها علينا سوق العمل هو الإحساس بأننا تماما خارج السوق

  على صعيد الحياة الشخصية، نجد أن الكاتبة  هوتشيلد (في محاولة لنسج جميع جوانب حياتها) ومع معاناتها الشخصية للعناية بعمتها إليزابيث المتقدمة في السن، نجدها تندب أن المساعدات العاطفية والتي تقدَّم بصورة مشترطة اقتصاديا بخلاف الحال في القرى الصغيرة، أصبحت في الزمن الحالي غالباَ كسلع كثيراً ما تباع وتشترى. إن العلاقات الاجتماعية تعكس علاقات الأجور في البنية والطبقية (من حيث أنهم غير متساويين في الطبقة الاجتماعية) ولكن بدون توضيح جلي أنها علاقة أجير وصاحب عمل.

وتضيف الباحثة  من ملاحظاتها الدقيقة أن أحد أهم المشاعر التي يقنعنا بها سوق العمل هو أننا وبكل وضوح لا ننتمي إلى السوق بتاتاً، فلم يسبق قط أن تم تطوير لغة  تدمج بين واقع القرية – وسوق العمل بانسجام كما في مصطلح  استئجار أم ،،،،أو استئجار – أب،،،،أو استئجار جدة،،،، استئجار صديق، حيث تدخل هذه المصطلحات  متسللة في الثقافة الأمريكية بشكل نصف جدي ونصف هزلي، إن الزمن الفاصل  لهذا الدمج اللغوي غير واضح ودقيق،،، لكنه يقع بالتقريب على مدى عمر الكاتبة هوتشيلد.

وتورد الكاتبة روايتها للقصة كالتالي: عاش ربع الامريكيين  في  مناطق متروبوليتانية (مدنية وخدمية) في عام ١٩١٠ وبحلول عام ٢٠٠٠ ارتفعت النسبة إلى ٨٠ بالمئة منهم. والآن يستمر الأمريكيون المتحضرون (سكان المدن) في التعامل بالقيم القديمة الأصيلة  مع الجيران والأصدقاء وزملاء العمل،   مثل مبدأ(فقط افعل ذلك بدون أي مقابل ) ولكن ولعدد متزايد من الناس أصبحت القرية تعني لهم (أفراد العائلة فقط). الأمر الذي أدى إلى التحولات الهائلة – زيادة أعداد السيدات العاملات ، وزيادة حالات الطلاق،  وتزايد انعدام الأمان والشعور بالضغط في بيئة العمل- جميع هذه الأمور ، أدت وبشدة الى إضعاف قدرة العائلة على العناية بأفرادها، فربات المنازل في الزمن الماضي، أصبحن السيدات العاملات اليوم، وبالتالي يطرح التساؤل (من الذي سيعتني  اليوم بالأطفال و المرضى وكبار السن في المنازل).

إنه تساؤل جيد، ولكنه وبكل صعوبة، تساؤل جديد على المجتمع، حتى أن الكاتبة هوتشيلد في  تصورها المتكرر لمنزل طفولتها في نورث ايسترن بلدة المزارعين لا تجد أي إجابة عن هذا التساؤل، فقط تجد  الحنين إلى أطلال  الوطن ، والذي يجعله ماضياً مثالياً كما تحب أن تسميه  (أسلوب الحياة ما قبل سوق العمل)، حيث تتخيل روح الجماعة تلهم الجيران ليعينوا بعضهم بتقديم العناية لبعضهم البعض  بالأسلوب القديم (فقط افعل ذلك بدون أي مقابل). وتذكر الكاتبة هوتشيلد من تجربتها الشخصية : أن جميع احتياجات  العمة اليزابيث كانت تٌقضى حتي بلغت سن التاسعة والاربعين، بدعوات العشاء المقدمة من أفراد العائلة الذين يسكنون أعلى التل والأقرباء اللطفاء الذين عرضوا مساعدة العمة أيضاً في إخراج القمامة وغسل شعرها.

إنه من الواضح جداً أن الكاتبة  ترى أن  المجتمع الزراعي لقاطني الأكواخ الريفيين القديم هو البديل  المفضل- على نحو واسع- لانتهاكات مجتمع سوق العمل والذي ركز  أفراد الشعب الأمريكي – بقصر نظر واضح-  علي نتائجه أكثر من التركيز على كيفية التطبيق العملي له، والخضوع لمبدأ التعاملات التجارية للحصول على المعونة بدلًا من  التعاطف والمحاباة، وتردف الكاتبة: و لكن عندما أصيبت العمة اليزابيث بفتق إربي – الأمر الذي جعلها بحاجة لرعاية مستمرة- عرفت الكاتبة هوتشيلد أنها هي نفسها تواجه أزمة تقديم رعاية ذاتية. وتشرح ذلك بقولها (لم أستطع ترك عائلتي ووظيفتي في كاليفورنيا للعناية بها في ماين لم استطع أن (افعل ذلك بدون مقابل).

ومن الذي يستطيع إذًا في هذه الحالة:  إن السياسة المستمرة لمشروع الأربعين سنة والذي يعنى بتفكيك وإزالة وخصخصة القطاع العام في الولايات المتحدة الأمريكية أدت إلى تحولٍ عميقٍ ومنسجمٍ في  ثقافة بيئة العمل والقوى المرتبطة بها، فأثناء تأييد تقليص الخدمات الحكومية نجد أن المدراء التنفيذيين  ورؤساء موظفي السعادة يتوقعون من موظفيهم في القطاع  الخاص أن يكونوا مرتبطين تماماً -بدورهم-  بمهامهم المؤسسية 24/7. وفي حال ما كنت رئيساً مرتبطاً بتحقيق الرؤية المستقبلية  لمنشأتك،  فإن الحضور لمقر العمل فحسب –وبكل بساطة-  يعتبر التزاماً دائماً بالحد الأدنى للأداء ولن يؤدي بك إلى أي تطوير، ولكن حماسك الهستيري واستثمارك في ذاتك وهويتك العملية حتي في ساعات راحتك في  المنزل، هو الأمر الذي يحدث فارقاً.

تناقش مقالة للأستاذه تيريزا أمبل – من جامعة هارفارد لإدارة الاعمال تم نشرها في مجلة نيويورك تايمز في عام  2011 ، تناقش  التساؤل التالي (هل الأشخاص الأسعد يعملون بجد أكثر؟) حيث تلخص المقالة أنهم فعلا كذلك، وفي مقالة أخرى تم نشرها في عام ٢٠١٢، في مجلة inc تعطي أصحاب مشاريع الأعمال الصغيرة خطة من ثلاث خطوات (كيف تجعل  موظفيك أصحاب رسالة بدافعية كبيرة).

وبالنسبة للموظفين المحرومين من التمتع بأوقاتهم الخاصة و الذين يتوقع منهم أن يكونوا تحت الطلب علي مدار الساعة جسدياَ وعقلياً وأن يتصرفوا بلطافة  وحساسية ويبدون العلاقات الوطيدة والإناة والحلم-  في حال استدعوا من أوقات راحتهم – فإنهم يشعرون بأن الحياة غير مريحة مثل  غسيل الملابس المتكدس، مكرهين على العمل لساعات طويلة – ويفتقرون  إلى حق  المساومة  في الإذعان لتلك الطلبات خلال أوقاتهم الخاصة، إن الأمريكيين من فئة الطبقة الراقية والوسطى  الذين يستطيعون تحمل بعض النفقات هم في استعدادٍ متزايدٍ للدفع للآخرين لكي يقوموا ببعض التدابير في حياتهم العاطفية والخاصة عوضاً عنهم.

وهذا هو المقصود بالاعتماد على الآخرين في تدبير الأمور الشخصية في عنوان الرسالة     (استخدمت كلمة outsourced  هنا بالمعني الأكثر صرامة للتعبير عن الممارسات التعاقدية ضمن المنظمات، وليس بالمعنى المرادف لكلمة offshore = الإبحار بعيداً)، وتستنتج المقالات أن المجتمع قد تم تصنيفه ليس على  حسب الفئة والجنس والسلالة فقط، وإنما على حسب النمط العاطفي أيضاً، إلى (اللاهثون خلف النظام – سريعي  المبادرة سريعي الخطى في القمة-  و المتناغمون عاطفيا – و الإنسانيون متوسطي الخطى  في القاع).

إحدى الأمهات – تصنف من فئة الطبقة الراقية  إلى المتوسطة – والتي  تعمل لساعات طويلة ،وترضع طفلا بسن ثلاثة أشهر، تشرح قراراتها في شراء الأطعمة السريعة التحضير وتعيين مربية قائلة: بهذه الطريقة  أنا لا أستثمر هويتي في الأمور التي من الممكن أن أوكلها لشخص آخر، فأنا  لست طباخة رائعة، و لذلك أرى أنه لا ضير في أن نطلب الطعام الجاهز أو أن نتناول الطعام خارج المنزل، إن تقديري لذاتي يعتمد على  شي واحد – كوني ممتازة في أعمال دستور  الضرائب الأمريكية، إنني لا أقِّيم نفسي علي أي شي آخر يذكر.

هي  تعتبر نفسها أماً متفانية، ويأتي هذ في المقدمة بالنسبة اليها، وفي أفضل تخطيط للأمور، ولكن وبحسب خبراء  الأنتاجية – والذين تعتبر كتبهم الأكثر مبيعا في جامعات إدارة الأعمال- فإنها تريد أن تركز على الأمر الذي تتقنه بالصورة الأفضل، ولكنها لم تكن تعتقد أن ذلك الأمر هو الأمومة، (مالذي أُجيد فعله: لقد سألت نفسي هذا السؤال وكانت الإجابة هي تخطيط الضرائب ) لذلك قررت الاستعانة بمساعدة خارجية في كل شي ماعدا ما أجيده بمهارة، وتضيف: إنني دائما ما أتسائل ماالأمور التي استطيع أن أحصل فيها على المساعدة من أشخاص آخرين؟  أتمنى أن لا يكون (نفسي) من بينها.

تبين لنا هذه المقالة أن الباحثة هوتشيلد على حق في التنويه الى أن الدَفعة الصارمة في تحقيق الضرائب في  نظام الرأسمالية قد أدت الى استعمار روح العاملات العصريات، واللاتي (في حالة الطبقة الاجتماعية العالية والمتوسطة) تم تشجيعهن على تطبيق منطق السوق محدود النظر على حياتهن الخاصة، -وفي حالة الكثير من العاملات في تقديم الرعاية-  أن يعشن بين أرباب العمل.

إنه أمر حذق أن نتوقع الاختلاف بين الأنواع المتعددة من الشخصيات ومن الطبقات المختلفة، ولكن مرة أخري نعود الى أن الوضع لا يبدو غير مألوف كما يبدو أن الكاتبة تتوقع ، وإستخلاصها بأن مجال تقديم الخدمات ( بجميع أوجه العمل فيه) يضعضع الثقة بالنفس بالنسبة  للأفراد المحليين من حيث الكفاءة الذاتية وأيضا كفاءة الأصدقاء والأقرباء، ذلك أن –وعلى سبيل المثال-  مدربة الحمام المحترفة للأطفال تؤدي عملها أفضل من الوالد المتذمر أو الجارة المتعاونة، ليس بالضرورة أن يكون هذا الاستخلاص عارضاً تشخيصياً، حيث أنه لايبدو أن الاشخاص الذين تمت مقابلتهم يعانون من ضعف الهمة، ولكن الأغلبية برروا موقفهم بالتخوف من الأمور الاقتصادية والنفسية، في حال أصبحوا غير موظفين ، بالإضافة لخسارة المكانة الاجتماعية.

حتى بعد تخفيض ساعات عملها الرسمية إلى ثلاثين ساعة عمل أسبوعياً _مايجعلها عاملة بدوام جزئي حسب المقاييس الحالية_ تؤكد الأم التي نستطلع قضيتها على القيم العائلية عندها في عرضٍ من حوالي ثلاثين شريحة باوربوينت.

إن الذي يفصل مابين الأيديولوجيا ومابين نظرية التخطيط للأهداف، ومابين الثقافة الشعبية وبين الاتجاه السائد، هو أن الأخيرة عملية جداً ومهمة أيضا- تحت رأسمالية السوق الحرة. هناك سبب يقبع خلف التظاهر والافتعال الدائم لأفراد الطبقة المحترفة من العاملين، فهم غالباً ما يصرحون بانهم يعملون ١٢ ساعة  لعدة أيام، لأنهم يحبون التسويق لأنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية لدرجة أنهم لا يستطيعون التوقف عن العمل.

إن غرس هذه  الهوية في عقولهم هو أمر ضروري للمحافظة على وظائفهم، ومن المتوقع من هؤلاء الموظفين أن يعيشوا حالة مستحيلة من السعادة الدائمة، الثقة بالنفس والشغف، وإلا فإنهم مهددون باستبدالهم بأشخاص اخرين يقوموا بإعطاء انطباع أفضل منهم بالسعادة في العمل.   

 هل مازلنا مندهشين لأنهم على استعداد لأن يدفعوا أي شئ لدعم هذا المسعى اللاإنساني؟

تاريخيا، كانت ضرورة تنشئة العمال المستقبليين معترفا بها وبشكل حذر من الرأسماليين، ومن الجدير بالملاحظة أن سياسات دور رعاية الأطفال التي تديرها الحكومة في دولة فرنسا المعاصرة، والتي مثلت المعيار الأمثل للعديد من مناصري المساواة بين المرأة والرجل، قد وضعت أساساً لمجاراة  انخفاض معدل المواليد في فرنسا، وفي مقارنة بمعدل المواليد في أمريكا نجد الأخيرة قد حققت أعلى معدل مواليد في عام 2007م، (والذي استمر منذ ذلك الحين في التناقص بصورة أسرع من فرنسا).

وعلى نحو مميز نجد أن لليبرالية الاقتصادية – كما مايبدو – تأثيرا ديموقراطياً، فالخدمات المقدمة من المربين، الحاضنات، والسائقين  أصبحت في متناول عدد متزايد من الأفراد خارج الطبقة الأرستقراطية العريقة، بل أنه وفي الواقع نجد أن الاقتصاد الذكي – ينزع قوة الاختيار من الفئات التي لا تستطيع دفع قيمة هذه الخدمات – وفي ذات الوقت- يهيّج حدة المنافسة بين أفراد الطبقة القادرة على دفع قيمة هذه الخدمات.

في العصر الحالي، نجد أن المجالين (العمل- المنزل) اللذان تم الفصل بينهما بفعل الرأسمالية الصناعية، نجد أنه أعيد دمجهما مرة أخرى بالأسلوب الجديد للإدارة التكتيكية وهو ما يسمى بأسلوب بيتر دركر ، والذي يطالب بالاستحواذ على كل ثانية من أوقات العاملين، كما نجد أنه وبالنسبة لأفراد الطبقة العالية والمتوسطة، فإن هذا المبدأ يعني نقل مبادئ الإنتاجية للحياة اليومية، أما بالنسبة للعاملين في مجال تقديم الخدمات فإن هذا المبدأ يعني أن يعيشوا في منزل أرباب العمل، وهذا يفرض نوعاً من التقييد والاستحواذ على العاملين، وعوضاً عن أن يكون هذا التقييد والاستحواذ في ملكية عامة -كما كان الحال في العصر الإقطاعي- فإن الأشخاص مقيدون ضمن سياج الرأسمالية لدرجة أن يصبح هذا التقييد جزءا من ذواتهم.

إن (المرأة العاملة ) وعلى وجه الخصوص ، تعلم أنه وفي مجال تقديم الخدمات، أن بعض الترتيبات تكون مجحفة أكثر من غيرها وتبدو وكأنها تعود للعصر الإقطاعي، فمثلاَ كلما كان منزل العامل أقرب الى مكان العمل كلما خسر بعض قدرته على التفاوض بشأن عمله. فمدبرات المنازل مثلاَ لا يتوقع منهن فقط مسح الغبار عن القصور الفارهة التي يعملن بها، وتوصيل أطفال أرباب القصور إلى مباراة الهوكي، بل وأيضاَ :السكن حيث يعملن لضمان ولائهن التام للعائلة التي يعملن بها، من الأمثلة على ذلك تورد الكاتبة أن الزوجين الأثرياء من عائلة هوتشيلد (والديها) غالباً ماكانا يمتدحان مربية الأطفال التي تعمل لديهم لما يلمسونه من مشاعرها المخلصة، بينما كانت المربيات ذوات الدوافع المادية الخفية غير موثوقات وغالبا ما يتم تسريحهن من العمل. فتحوّل المربية لفرد من العائلة يعني انعدام حقها في طلب إجازة عمل أو المطالبة بزيادة الأجر.

من الأمثلة التي قامت بدراستها الباحثة هوتشيلد أيضاً زوجان يعملان في تصميم البرمجيات، وهما يجزمان بأنهما من أفضل أرباب العمل فالمربية ماريسل التي تعمل لديهم – فقيرة وغير نظامية الإقامة- وحسب قولهما فإنهما يدفعان لها أجراً جيداً ، وتقوم بدورها بإرسال النقود لمساعدة عائلتها في الفلبين، ولكنها تعيش كفرد من العائلة، هي تقوم بمساعدتنا – وبالنظر إلى مستوى الفقر الذي يعانون منه هناك- فإنني أشعر بالرضى لأننا نساعدها أيضاً.

وتعلق الباحثة – إن نظرية التفاني تنص على أنك إذا ماكنت مولعاً بعملك فإنك ستؤديه بدون أين يدفع لك أجر مادي ، وبالتالي فإن الأجور في المنطق المتداول بين من لا يدركون الامتياز الذاتي, سينظر لها كصدقات مجيدة.

وبالرجوع الى مثال الزوجين ذاتهما، نجدهما يرْجِعان أصل العناية الودودة للمربية ماريسل بطفلتهم الرضيعة إلى تربيتها العائلية الأصيلة الفلبينية، ويعبرون عن ذلك بقولهم” إن أسس العناية هي أمر جبِلَتْ عليه (إنه في عظامها). في حين تقول المربية ماريسل للباحثة هوتشيلد:

(إن الوحدة في منزلهم الكبير والبارد جعلتها تسعى إلى توطيد علاقتها بالطفلة، وقد تعلمت من مشاهدة برنامج (أوبرا وينفري) أنه من المفيد للروابط العائلية تبادل عبارة: أحبك، وكذلك التعبير عن المشاعر بالحضن والتقبيل، على العكس تماماً من الوضع في موطنها الفلبين، حيث يَنْدُر أن يقول أحد الوالدين لأطفالهم (إنني أحبك) وبخاصة بين أفراد العائلات الفقيرة. كما هي الحال في عائلتي.

عندما تقوم المربية بخَبزِ قطع الكعك بالشكولاتة وبيعها في الأنشطة اللاصفية للمدرسة مثل (الخبز والبيع)-كمساعدة للأطفال الذين تعمل لديهم- فإنه ليس من المهم أن يدفع لها أجرا مقابل خدمة الخبز، حيث أن الأجر المدفوع لها هو مقابل لأن تكون اماً بديلة للطفل. وينطبق الأمر ذاته على تقبيل الطفل وإحتضانه.

يتضح هنا أن (الزوجين مصمِمَيْ البرمجيات) يحاولان شِراء شئ ما غير ملموس لطفلتهما، ألا وهو علاقة إرتباطية (مشاعر وأحاسيس) الأمر الذي تقدّره العائلة كثيراَ- والتي يمكن إكتسابها مثل لُغةٍ ثَانية تم إستيرادها من الخارج، ولا يعد الأمر برمته خداعاَ فالمربية ماريسل تحب الطفلة كلير.

ولكن في المقابل، من الذي يعتني بإبنة المربية ماريسل والتي لا تزال تعيش في في موطنها الفلبين، إن هذه التفاصيل خارجة عن اهتمامات الزوجين مصمِمَيْ البرمجيات، لأن الحياة الخاصة للمربية ماريسل يستحوذ عليها رب عملها، وعوضاً عن أن تنزعج من هذا الواقع فإن عليها أن تستمتع به، وقد أفادت بنفس الأمر إحدى الأمهات التي تعتني بأم المريضة حيث قالت لهوتشيلد” إن إبداء الاستياء من قبل العاملات أمر غير احترافي”.

إن المتطلبات المتداخلة الموضوعة على عاتق مقدمي الخدمات- في النظام الاقتصادي الأمريكي – تعتبر مضاعفة، فهي فقيرة من حيث الامتيازات المقدمة من جانب صاحب العمل، وفي ذات الوقت هي زهيدة الأجر كقيمة إستئجار عامل في السوق الحرة .فهم _مقدمي الخدمات- من الجانب الأول لابد أن يكونوا مخلصين ومن الجانب الآخر يجب أن يكونوا إيجابيين وبشكل هستيري-وهذا الجانب الأخير- هو تناقض أساسي يقبع تقريبا تحت كل علاقة تعاقدية في (الاعتماد على الآخرين في تدبير  الأمور الشخصية)، وفي مجال تقديم الخدمات نجد أن الرابطة بين العميل (صاحب العمل) ومقدم الخدمة ليست عائلية بحتة ولا مهنية بالكامل، وعوضاً عن ذلك نجدها تقع في منطقة غامضة بين البينين، مسربلة بالخجل والإحراجات (المالية).

وينطبق الأمر ذاته في حالة الطلب من المربيات تأدية مهام الوالدين، على مقدمي خدمة مستشاري تنسيق العلاقات العاطفية (تدبير المواعيد الغرامية) والذين إعتادوا على أن يكونوا الجانب المظلم في حياة عملائهم،ويبقى الحذر عامل هام في هذا المجال، والنجاح يتضمن إيحاء الزبائن بأنهم مصقولون كما لو أنهم صنعوا أنفسهم بأنفسهم، حتى لو كان ذلك على حساب الرؤية والحكم الشخصي الفعلي لمقدم الخدمة.

وعلى العكس من العاملين في المنازل، نجد أن إستشاري العلاقات العاطفية يعملون خارج منزل صاحب العمل، ويمْنَحون منزلة الخبراء ، حيث ينظر اليهم على أنهم يمتلكون مهارات ومعلومات خاصة تتخطى مشاعر الإشفاق أو التعاطف مع العملاء، ويتم الدفع لهم بناء على ذلك كمقابل لهذه المهارات، وينَصَّبون كقَّيِمِين ذوو تجارب وخبرة، فهم يقدمون لعملائهم النصح والتحفيز والترياق المضاد للإجهاد وضعف الثقة بالنفس.

على الرغم من كل شئ، وبالنهاية نجد أن كِلاَ النَوْعين (المربيات ومقدمي الاستشارات ) يقدمان الخدمات ذاتها من توفير الوقت، تخفيف حدة إنعدام الأمان، وتهدئة النفس في مواجهة وطأة العمل اللامتناهي.

تتمثل حدود الانتقاد في الدراسة المقدمة من الباحثة هوتشيلد في ميولها لاعتبار الوضع الحالي على أنه سقوط من النعيم، فهي تبتدئ كل جزء من كتابها بوصف يشوبه الحنين الى الماضي والطريقة التي كانت تسير بها الأمور قديماً، حيث تورد قصة جدها وهو يركب دراجة بخسة القيمة لمسافة تقارب تسعة وعشرون ميلاً ليتودد إلى جدَّتها وجهاً لوجه، مستغرقاً خمس ساعات ذهاباً وأخرى إياباً، على نقيض ما تعرضه مواقع بيع خدمة تدبير العلاقات العاطفية مثل موقع ماتش دوت كوم، (والذي يسمى كنية بأكبر متجر للحلويات) حيث يقدم نصائح لعلاقات غرامية وهمية  يرَوِّج لها هاتفيا مدربين مختصين في العلاقات الغرامية.

إن زواج الجدة إيديث (جدة الكاتبة هوتشيلد) كان بسيطا جداً، حيث أقيم في كنيسة عمومية، قدِّم فيه عصير تفاح أعدَّ في المزرعة ، وبعض الشطائر والمثلجات، وكانت ليلة راقصة على أنغام فرقة مؤجرة تعزف على آلة الكمان، الى جانب صورة للزواج قامت بتنسيقها لورا ويلسون المتخصصة في تنسيق حفلات الزواج. وضم الحفل مئة وخمسون ضيفاً اجتمعوا في فندق بسيط.

إن المنهج الذي تستخدمه هوتشيلد في المقارنة لا محالة مضلل لأن الفارق هنا في الطبقية وليس في الحقبة الزمنية، فالجدة إيدث قد عاشت في العصر الذهبي .

إن المتطلبات المتداخلة التي تقع على عاتق مقدمي الخدمات- في النظام الاقتصادي الأمريكي – تعتبر  .فهم من جانب لابد أن يكونوا مخلصين ومن الجانب الآخر يجب أن يكونوا إيجابيين وبشكل هستيري

تقر الباحثة هوتشيلد بأن العائلات الغنية ولزمن طويل إعتادت على الاستعانة بالعاملين لمساعدتهم في اللباس، حضانة الأطفال ورعايتهم، والعناية بأفراد العائلة بالمرضى، وكذلك بإعداد وجبات الطعام للعائلة، وتستطرد الكاتبة “كان ذلك في فترة السبعينات بداية بعام  1970م عندما بدأت المرأة بالعمل خارج المنزل بحثا عن المال ونقِلَتْ وقتها مهام الرعاية بكبار السن إلى أشخاص مختصين، معتقدة بأن هذا على مايبدو لم يكن الاختراق الفريد من نوعه للسوق الرأسمالي للعلاقات الداخلية في المجتمع. فربَّات المنازل في الزمن القديم كن مضغوطات بالأعمال تماماً مثل السيدات العاملات واللاتي يعملن في منازلهن أيضاً بما تسمية الباحثة “الوردية الثانية”

إن قصيدة الشاعرة البريطانية ماري كولير والتي كتبتها في فترة السبعينات  _ إجهاد النساء_  حين كانت تعمل كغاسلة ملابس مأجورة،   توضح العمل المضاعف الذي كانت تتكبده،

مستطلعة قصيدتها ب 

يشاركنا أطفالنا برقتهم في عناء الحقول المضنية

وتخلدون انتم شباعاً الى النوم بلا روية

مرتاحي البال حتى طلوع اليوم التالي

ونحن – واحسرتاه-  قليلاً من الليل مانهجع 

على الرغم من تعاطفها الذي لايمكن إنكاره مع الأشخاص الذين أجرت معهم المقابلات الشخصية لغرض الدراسة، فإنها لا تستهجن الأشخاص الذين يستأجرون المربيات، بل إن التقدير -في الشخصية الأمريكية للباحثة هوتشيلد- للعمل الكادح المخلص، والذي تم إيضاحه في جزئية شرح المجتمع المحلي يمنعها من التصور في الإقدام على ذلك.

وعوضاً عن ذلك فإنها تستذكر الزمن الذي كانت فيه نباتات الغلاديولا والذرة والأكاليل بأنواعها تباع في مناضد على قارعة الطريق ووضع بجانبها جرات صغيرة لوضع ثمنها من العملات النقدية، معززة لهيمنة طابع الحياة البسيطة في المدن الصغيرة ، حيث يتبادل الجميع الثقة المطلقة، وتستطرد في الذكريات حين كانت تجْبَر وهي طفلة على مسح الغبار عن الردهة بينما يتولى أخاها تجميع الواح الخشب في الأسطبل، متذمرة من تفاهة العمل الذي تقوم به، وتذكر أن جدتها كانت على قدر واسع من الحكمة لتعلمهم درساً في أن الفخر في إنجاز العمل بحد ذاته وإتقانه، وأن الجهد الجماعي لصنع طعام العائلة ووضعه على الطاولة له قيمه تكاد تكون مقدسة، ولكن كثرة المال وزيادة الدخل لها تأثير بالغ على الأفراد بصورة  لم تكن متوقعة.

إن التصور الحزين عن القرية مقارنة بأخلاقيات السوق الرأسمالية في كتاب (الاعتماد على الآخرين في تدبير الأمور الشخصية) حافل بالذكريات، حيث تعلق ” شيلا روبيثما” على مشاعر  الحنين لدى الرجال والنساء الذين عاشوا خلال فترة الانتقال من المجتمع الزراعي إلى نظيره الصناعي  خلال فترة الثمانينات في بريطانيا: “إنهم يشعرون بالحنين إلى ذلك الوقت الذي كانوا جميعهم يعملون في المنزل….فحينما استقر عمال المصانع في المدن تحولت القرى إلى مجرد ذكريات كلًحْنٍ قديمٍ يتَرَنَّمُ به، ولكن من المعروف أن الظروف في المجتمع الزراعي كانت صعبة، فالجوع منتشر، ومعدل الوفيات مرتفع، والفرق بين طبقتي الأغنياء والفقراء كان شاسعاً، وهذا ليس أُسلوباً للحياة يود المرء استعادته، وتقر الباحثة هوتشيلد بأن العائلة لم تكن وقتذاك مكتفية ذاتياً في الأمور المادية، وفي الواقع تقوم هي شخصياً باستئجار مُسَاعِدة منزلية بوقت مستقطع للعناية بعمتها اليزابيث.

إن احتمالات إنشاء منظمات جماعية لتقديم خدمات الرعاية والعناية هو أمر مغري، ولكن حالياً ولعدة أسباب مختلفة (والتي بعضاً منها قد يجعلها معتمدة على الأخرين )، من الغير عملي توقع دعمها محلياً، إن الأمر الذي يستهوي الباحثة هوتشيلد وبشدة نحو حياة القرية هو أنه وبالرغم من الأعمال المنزلية الممِلَّة إلآ أنها تجعلها تشعر بالانتماء لأمر أعظم من ذاتها فقط، وشعور الانتماء يمكن وببساطة خلقه عن طريق إنشاء منازل لرعاية كبار السن، ودور حضانة مركزية للأطفال والرضع، على أن تكون مُمَوَّلة ومدارة محلياً بدقة عالية، وبالتالي تستطيع المربية الاستمتاع بإجازة نظامية، أو إجازة مرضية، وأجور منصفة وكذلك الاحترام والتقدير لها، إن هذا الأمر لا يعتبر ضربا من الخيال، بل هو حل سياسي اقتصادي للمشكلة.

من جانب آخر يجب التفريق بين أنواع الجوانب التي نحتاج الى تدخل الآخرين فيها في حياتنا الشخصية والذي يجعلنا مجرد مراقبين لحياتنا -وبين ذلك النوع الذي يستهدف توفير بعض الوقت في حياتنا.

إن اعتبار الأعمال الخدمية كنوع من الاعتماد على المصادر الخارجية يمنعنا من التفكير بحسم في أنواع المهام المضنية التي يجب أن يتشاركها المجتمع، كما يعيقنا عن احتواء الطرق التي من الممكن أن تسهل بها التقنية حياتنا، فمهما تحدثنا عنها بعفوية، نجد أن الكثير من المهام التي يقوم بها الأشخاص لا تعني أي تنمية للمهارات بل هي في النهاية مجرد عمل شاق فقط.

الأمر الأكثر دهشة أن الحلول التي تطرحها السوق الرأسمالية مفيدة أحياناً، فنجد مثلاً أن المعالجين والمستشارين على سبيل المثال يكَوِّنُون شبكة إيجابية لتطوير المجتمع، حتى أن “معالجي الأشخاص كثيري التطلب ” يقدمون نصائح صوتية لأولئك الزبائن المكتئبين والذين –على سبيل المثال- تدعي  إحداهن بأنها ستشعر بالتحسن فيما لو أن لديها منزلاً  أكبر، وتمشي فيه بمحاذاة الشاطي وتستمتع ببعض الاسترخاء، وتقترح المعالجة على العميلة أن توزع في إحدى غرف المنزل الكثير من أحواض شجيرات التين والسرخس وأن تضيف نافورة مائية لمنزلها، وتضيف المُعَالجة للباحثة هوتشيلد” لقد شعرت المرأة –العميلة- بالكثير من التحسن بالتجديدات في منزلها الحالي “متوسط الحجم” وحديقته.

الأمر المضحك، أنه قد تم مهاجمة كتاب الاعتماد على الآخرين في تدبير الأمور الشخصية، من قبل مجلة وال ستريت لتركيزه على طبقة الأمريكيين –الواقعين  في بداية منطقة انحدار الهرم الاقتصادي – والذين يبدوا أنهم جوهر موضوع البحث للباحثة هوتشيلد. بينما تعتبر أحد أهم نقاط قوة البحث ، الطريقة التي اعتمدتها الباحثة هوتشيلد في التمييز والربط في آن واحد لمختلف أنواع الإكراه على العمل والتي يعاني منها العاملين في مختلف الطبقات الإجتماعية.

إن العاملين في مجال تقديم الخدمات والأشخاص الذين يستأجرون خدماتهم  يعانون من المدى الذي تختلط فيه التعاملات المادية بالعلاقات الشخصية والصداقات، وهذا تم إيضاحه في الكتاب من خلال المقابلات الشخصية والتحليل للدراسة، ولايزال سبب المشكلة يرجع الى  اتساع وتزايد سحب الصلاحيات من العاملين وليس تسرب الرأسمالية إلى العلاقات بين أفراد المجتمع.

المصدر