مجلة حكمة
فلسفة الأمل

الأمل

الكاتبكلوديا بلوزير وتيتسو ستاهل
ترجمةآمال السيد
تحميلنسخة PDF

مدخل فلسفي شامل حول فلسفة الأمل؛ نص مترجم، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد يطرأ عليها التعديل من منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


يمكننا العثور على نقاشاتٍ تتمحور حول الأمل في كل أحقاب تاريخ الفلسفة وفي كل التقاليد الفلسفية الغربية، مع أنها لم تولِ للأمل ذات الاهتمام الذي أولته لمواضيع أخرى كالإيمان والرغبة. وبالرغم من أن الأمل قَلّما نوقش بمنهجية طِوال تاريخ الفلسفة –مع استثناءات بارزة كالأكويني وبلوخ ومارسيل- إلا أن جميع الفلاسفة تقريبًا يُقِرون بأنه يلعب دورًا مهمًا فيما يتعلق بالدوافع البشرية أو المعتقدات الدينية أو السياسة؛ كما أن النقاشات حول أهميته غالبًا ما كانت جزءًا لا يتجزأ من أعمال فلسفية استثنائية. تقدم النقاشات الأحدث عن الأمل آراء مستقلة عن طبيعته وعلاقته بالظواهر العقلية الأخرى مثل الرغبة والقصدية والتفاؤل.


1. المقدمة

مقارنة بالمواضيع التي نوقشت على نطاق واسع كالإيمان والرغبة، فإن ظاهرة الأمل تستعرض بعض التحديات الفريدة لكل من نظريات العقل ونظريات القيمة. لا يُعتبر الأمل فقط مجرد موقف ذا مقوماتٍ معرفية –إذ أنه يتجاوب مع الحقائق حول إمكانية واحتمالية الأحداث المستقبلية. كما أن له مكونًا نزوعيًا- فالآمال تختلف عن التوقعات بقدر ما تعكس رغباتنا وتعتمد عليها. يفترض التحليل الكلاسيكي للأمل –المعروف بـ ‘‘التفسير القياسي” (انظر القسم 3)- أن الأمل موقف مركَّب يتكون من رغبة في نتيجة ما ومن إيمانٍ بإمكانية حدوثها؛ ولكن ليست كل النتائج التي نعتقد أنها ممكنة والتي نرغب فيها هي بالتالي محور آمالنا، فمن أجل أن يأمل الشخص ليس عليه فقط أن يأخذ في عين الاعتبار احتمالية النتيجة بل يجب أيضًا أن يتفاعل معها بصورة استثنائية. هذا ما يثير التساؤلات حول ما إذا كان يمكن حصر الأمل في المعتقدات والرغبات.

غالبًا ما يعتبر معظم الناس أن الأمل مرادف للتفاؤل. وفي حين أنه من الممكن تحليل التفاؤل بشكلٍ مجدٍ على أنه رغبة في التوصل إلى نتيجة ما مع الاعتقاد بأن حدوثها مرجح أكثر من عدمه (أو مرجح أكثر من الأدلة التي تدفع الآخرين إلى ذلك الاعتقاد) يرى العديد من الفلاسفة أن الأمل، إذا ما تم فهمه بشكل صحيح، هو أمر مستقل عن تقدير الاحتمالات (انظر القسم(3. يمكن للشخص أن يأمل في النتائج التي يعتبرها غير مرجحة للغاية ولذا فهو لا يتوقع حدوثها؛ ولا يكون التفاؤل في هذه الحالات استجابة مناسبة.

يبقى السؤال دون إجابة عما إذا كان يجب ربط مساهمة الأمل في الإرادة البشرية مع مثلها في الرغبات الكامنة أو ما إذا كان يقدم مساهمة مستقلة في التحفيز أو التفكير المنطقي. إذا افترض الشخص أن الأمل لا يمكن أن يقدم أي مساهمة مستقلة في المنطق العملي ولكنه لا يزال محفزًا له فإن هذا يثير الشك في أنه يشوه الإرادة العقلانية. بينما يمكن العثور على مثل هذا التقييم على مدار تاريخ الفلسفة، يقدم العديد من الفلاسفة السابقين والمعاصرين تحليلات للأمل تضيف المزيد من العناصر لتفسير الرغبة والاعتقاد ويستخدمون هذه العناصر لشرح سبب كون التصرف بناءً على آمال المرء أمرًا عقلانيًا (في بعض الأحيان).

2. التاريخ الفلسفي للأمل

تتغير تقييمات الأمل على مر التاريخ وفق النظرة السائدة للعلاقة بين السلوك البشري والمستقبل. وطالما يُنظر إلى الظروف الإنسانية على أنها غير قابلة للتغيير في الأصل، فإن الأمل غالبًا ما يعامل باعتباره ناشئًا من الشك المعرفي وله تأثيرات متفاوتة على سعادة الإنسان. كما يُنظر إليه غالبًا في السياقات الفلسفية التي يُؤكّد فيها على إمكانية وجود حياة مستقبلية خارج هذا العالم أو على فكرة التقدم البشري على أنه موقف مستحسن -أو حتى فاضل- يُمكِّن البشر من توجيه إرادتهم نحو تلك الاحتمالات (انظرMiceli  و Castelfranchi 2010).

1.2 التفسيرات القديمة لـ الأمل

على الرغم من وجود عدد قليل من التفسيرات الواضحة والمنهجية للأمل (elpis) في الفلسفات اليونانية القديمة إلا أنها اشتملت على مناهج مهمة لطبيعة الأمل ودوره في الحياة الكريمة والمداولات المنطقية (Gravlee 2020). يمكن العثور على تقييمات متفاوتة للأمل في العديد من النصوص؛ فمن ناحية، غالبًا ما يُرى على أنه موقف من لا يملكون معرفة كافية أو يتأثرون بسهولة بالتفكير الحالم، وبالتالي فإن له سمعة سيئة (Vogt 2017) باعتباره موقفًا يظلل السلوك والأشخاص (وذلك من المحتمل على الأقل). حتى المشّرع سولون يركز على الآمال الفارغة (انظرLewis 2006: 85; Caston and Kaster 2016). أما من الناحية الأخرى، فيُشاد به باعتباره تصدٍ لليأس؛ على سبيل المثال في حوارات ثوقيديدس الذي يطور وجهة نظر تفصيلية عن مزايا الأمل وأخطاره المحتملة (Schlosser 2013). يتجلى التقييم المتناقض للأمل أيضًا في نسخة هسيودوس من قصة باندورا؛ عندما فرت كل الشرور من جرة باندورا، وكما ذاعت القصة، فإن الأمل (elips) وحده من بقي في الداخل (Works and Days”،§90″). يشير هذا على ما يبدو إلى أن الأمل يمكن أن يقوي أيضًا الإرادة البشرية في مواجهة الشرور المنتشرة. كما تجدر الإشارة أيضًا إلى أن هناك العديد من التفسيرات المتناقضة حول سبب بقاء elpis في الجرة (Verdenius 1985): هل كان لإبقاء الأمل متاحًا للبشر أم للحفاظ عليه من الجنس البشري؟ أيجب إذًا أن ينظر للأمل على أنه موقف فاضل (“طمأنينة للشخص في بؤسه ودافع يوقظ حماسته”، Verdenius 1985: 66) أم بوصفه أحد الشرور (“الأمل الفارغ الذي يغرق فيه الشخص الكسول عندما يكون عليه أن يعمل بأمانة في سبيل عيشه”، Verdenius 1985: 66)؟ نوقشت هذه التفسيرات المختلفة لأسطورة باندورا طِوال تاريخ الفلسفة (خاصة بين المؤلفين الوجوديين، انظر القسم 5.2).

نجد في محاورات أفلاطون تقييمات سلبية وإيجابية للأمل، حتى أنه يؤكد بشكل خاص على أن الأمل يمكن أن يكون أمرًا عقلانيًا؛ ويتبنى في محاورة طيماوس موقفًا سلبيًا إلى حد ما تجاه الأمل من خلال سرد أسطورة تفيد بأن الكائنات الإلهية تمنحنا “هؤلاء المرشدون الحمقى الثقة والخوف، (….) والأمل الساذج” (Timaeus، 69b). يتجلى نقيض ذلك في محاورة فيليبوس، إذ يبدو أنه يعترف أيضًا بوجهة نظر أكثر إيجابية لدور الأمل في حياة الإنسان. تجري المناقشات المتعلقة بالأمل في سياق الجدال حول “الملذات الكاذبة”؛ لذا يطور سقراط مقارنةً بين الرأي والملذة رفضًا لاعتراض بلوتارخ بأن الآراء فقط، وليست الملذات، هي التي يمكن ان تكون حقيقية أو كاذبة (Philebus، 36d). ويصف في هذا السياق “ملذات الترقب”، أي توقعات ملذات المستقبل والتي تسمى الآمال (Philebus، 39e3). وكما يزعم فريد (1985) فإن ما نستمتع به في الوقت الراهن في مثل حالات ملذات الترقب هذه ما هو إلا مجرد فكرة، ونظرًا لإمكانية وجود اختلاف بين الفكرة التي نستمتع بها وما سيحدث في الواقع، فيمكن أن تكون الملذات حقيقية –ويبدو من المناسب في هذه الحالة القول بأن الأمل المشابه يمكن تأييده بشكل عقلاني- أو كاذبة (Frede 1985: 174f.). تطرح محاورة فيليبوس أيضًا الأمل باعتباره ضرورة للإرادة البشرية: يبدو أن أفلاطون يشير إلى أن تصوراتنا الإرادية متعلقة بالمستقبل مما يربطها بالأمل (Vogt 2017). يمكننا أيضًا العثور على نظرة أفلاطون الإيجابية للأمل في محاورة الدفاع ومحاورة فيدون، إذ يزعم بأن الأمل في الحياة الآخرة أمر عقلاني (Gravlee 2020).

حظيت معالجة أرسطو لموضوع الأمل في سياق مناقشته لفضيلة الشجاعة ببعض الاهتمام (Gravlee 2000; Lear 2006)، كما هو الحال بالنسبة لدور الأمل في فلسفته العملية بشكل عام (Kontos 2021a). فمن ناحية، يصف أرسطو العلاقة بين الأمل والشجاعة على أنهما نقيضين، كما حدد مصدرين غير شجاعين للأمل: أولًا، من الممكن أن تكون آملًا “في البحر (…) وفي المرض”، لكن هذا الأمل لا يستلزم الشجاعة طالما أنه لا توجد في مثل هذه المواقف “فرصة لإظهار الشجاعة” كما أن الموت في هذه الحالات ليس “نبلًا” (Nicomachean Ethics 3.6، 1115a35ff.). أما الثاني، وفقًا لأرسطو، هو أن المرء يمكن أن يكون آملاً بناءً على خبرته في الحظ الجيد (Nicomachean Ethics 3.8، 1117a10ff.)؛ لذا فإن الاعتقاد في هذه الحالة باحتمالية الحصول على نتيجة جيدة ليس له أساس متين، إنما هو مبني على مجرد الاستقراء؛ وكلا هذين النوعين ليسا شجاعين. أما من ناحية أخرى، فهناك أيضًا علاقة تربط الأمل بالشجاعة من خلال مفهوم الثقة (Gravlee 2000)؛ ومثالًا على ذلك، يقول أرسطو:

إذًا فالجبان هو نوع يائس من الأشخاص؛ لأنه يخاف من كل شيء. أما الرجل الشجاع فله طبيعة معاكسة؛ لأن الثقة دلالة على الشخصية المتفائلة. (Nicomachean Ethics 3.7، 1116a2)

لذا فإنه على الرغم من أن ليس كل شخص متفائل شجاع، إلا أن كل شخص شجاع متفائل. الأمل يخلق الثقة والتي بدورها يمكن أن تقود الشخص إلى فضيلة الشجاعة إذا كانت مستمدة من المصادر الصحيحة. يذكر غرافلي (2000: 471ff.) أمرين آخرين متعلقين بقيمة الأمل في فكر أرسطو. أولاً؛ أن الأمل هو أساس المداولات، مما يعني بأنه ضرورة من أجل أي ممارسة للشخصية الفاضلة. أما الثاني فيطرح الأمل أيضًا باعتباره ذا قيمة في ارتباطه بالشباب وسمو الأخلاق (megalopsychia): يحفزنا الأمل على السعي إلى النبل. يركز كونتوس (2021a، 2021b) على كل من فينومينولوجيا الأمل في فكر أرسطو، والسؤال المعياري حول ماهية شروط “الأمل الجيد”: يزعم بأن الأمل الجيد يشكل ارتباطًا وثيقًا مع الحظ الأخلاقي ويتطلب الاعتماد على التجارب السابقة بطريقة ملائمة وإدراك الواقع الحالي بصورة موثوقة.

ربما يكون من غير المستغرب أن الأمل تلقى اهتمامًا أقل من قبل الفلاسفة الرواقيين. وعلى وجه التحديد، يؤكد سينيكا على علاقة الأمل بالخوف (الفكرة التي تناولها سبينوزا لاحقًا، انظر القسم 3.2):

إنهما مرتبطان ببعضهما البعض وغير متصلين كما قد يبدوان؛ وبالرغم من اختلافهما إلى حد كبير، إلا أنهما يسيران في انسجام تام كالسجين وحارسه الذي قُيّد إليه. الخوف يساير الأمل، ولا يفاجئني تحركهما معًا فكلاهما ينتميان إلى ذهن مترقب، إلى ذهن في حالة من القلق إزاء النظر إلى المستقبل. كلاهما يرجعان أساسًا إلى استعراض أفكار مستقبلنا البعيد أمامنا بدلًا من تكييف أنفسنا مع الحاضر. (Seneca، Letter 5.7-8; in: 1969: 38)

وفقًا لما يراه سينيكا فإن علينا أن نتجنب كلًا من الخوف والأمل وأن نركز بدلًا منهما على الحاضر؛ وأن نزرع في أنفسنا سكينة الروح.

2.2 الكتاب المسيحيون في حديثهم عن الأمل

ترى التفسيرات ما قبل المسيحية الأمل غالبًا كموقف تجاه الواقع يعتمد على معرفة ناقصة حول ما هو حقيقي أو صحيح. وعلى العكس منها يستقصي الفلاسفة المسيحيون، مثل أوغسطينوس وتوما الأكويني، الأمل باعتباره أحد الفضائل الجوهرية للمؤمن: فالأمل جزء من الإيمان العقلاني بفضل قدرته على تبرير الفعل بطريقة غير مرتبطة بالمعرفة.

يلعب الأمل دورًا مركزيًا حتى في حجة القديس بولس الداعية إلى تمديد المجتمع المسيحي إلى ما بعد الشريعة اليهودية. يزعم بولس أنه لا يسعنا أن نأمل إلا في ما هو غير مجهول (Romans 8:24; انظر أيضًا Augustine، City of God، book XIX، §IV، 1960: 139). بيد أن مثل هذا الأمل قد يكون نتاج تجربة المعاناة إذا ما نُظر إلى هذه التجربة من منظور الإيمان (Romans 5:3-5) وإذا كانت الرغبة في الخلاص من هذه المعاناة مدعومة بالثقة في عدم الشعور بخيبة الأمل. فبدلًا من الامتثال إلى الشريعة المستندة إلى الماضي (المرتبطة بالنسبة لبولس بالإيمان باليهودية)، فإن مثل هذا الأمل التطلعي هو ما يميز العلاقة الملائمة مع الله. وكتوضيح لذلك، يصف بولس إبراهام بأنه “متفائل رغم اليأس” (Romans 4:18)، مؤكدًا على الطريقة التي يتخطى الأمل بها الأدلة.

يناقش القديس أوغسطينوس الأمل بشكل منهجي في كتابه Enchiridion on Faith، Hope and Love (c.420). يختلف الأمل عن الإيمان –والذي يقوم أيضًا على أدلة ناقصة- من ناحيتين اثنتين: الأولى هي أن الأمل مرتبط بالضرورة بالأحداث المستقبلية بينما يمكن أن يرتبط الإيمان بأحداث الماضي أيضًا (مثل قيامة المسيح). أما الثانية فهي أن الأمل يرتبط فقط بما هو جيد للشخص الآمل، في حين أن الإيمان يمكن ان يرتبط بما هو سيء أيضًا (كالعقاب على خطايا المرء). أخيرًا، ينظر إلى الأمل والإيمان والحب على أنها أمور مترابطة. فقط إذا أحب الشخص الاستجابة المستقبلية لإرادة لله وأمل فيها بناءً على ذلك، فيمكنه عندها أن يصل إلى الصورة الصحيحة للإيمان (Enchiridion، II.7). ونظرًا إلى أن الحب يوفر الرؤية المعيارية التي يرتكزان عليها الأمل والإيمان (وبالتالي عنصر الرغبة في الأمل) ينظر إلى الحب على أنه فضيلة أساسية أكثر من الأمل (Enchiridion، XXX.114).

يلعب الأمل في الحياة بعد الموت أيضًا دورًا بارزًا في فلسفة أوغسطينوس السياسية. يميز أوغسطينوس، في كتاب مدينة الله، المدينة الأرضية الفعلية عن المدينة السماوية التي لا توجد إلا في الآمال المعقودة على الرب (City of God، book XV، §XXI، 1966: 541). لذا فهو يقدم بدوره نقطة مرجعية لوجهة نظر مسيحية سياسية. ومع ذلك فإن الأمل لا يوفر فقط منظورًا سياسيًا يتفوق على ذلك المنظور الضيق للسياسة الكلاسيكية (Dodaro 2007)، بل أن نظرياته الملائمة تعّدِل أيضًا فهم الفضائل السياسية التقليدية، إذ تعيد توجيه غايتها هنا من المدينة الأرضية إلى السماوية. أحد الأمثلة على مثل هذا التعديل يتعلق بالعقاب: من خلال الأمل سيعيد “رجل الدولة” المسيحي توجيه العقوبة من الاهتمام المقتصر على التوافق إلى الإصلاح المحتمل للمجرم (City of God، book V، §XXIV، 1963: 263).

أكد أوغسطينوس أخيرًا في احدى رسائله إلى ماكدونيوس، وهو مسؤول عام، أن الأمل في حياة مستقبلية هو أساس كل سعادة انسانية حقيقية على صعيد الفرد والدولة (Letter 155، Political Writings، §4-8، pp. 91-94)، وبالتالي فإن أهميته ليست فقط للأفراد المؤمنين بل أيضًا للقادة السياسيين المهتمين بالسعادة القومية، إذ أن الاهتمام بالأمل يمكنهم من إتباع دستور سياسي يسمح للفضيلة الحقيقية للمواطنين بالظهور (انظر أيضًا Dodaro 2007).

بينما اهتم أوغسطينوس بشكل أو بآخر بأهمية الأمل في سعينا نحو حياة مسيحية كريمة، فإن كتاب الخلاصة اللاهوتية لتوما الأكويني تضمن مناقشة منهجية للأمل (الاعتيادي) باعتباره عاطفة (ST I-II، q. 40) وباعتباره فضيلة لاهوتية (ST II-II، qq. 17-22). تتعلق الأولى بالأمور الدنيوية المحدودة، في حين يتعلق الأمل باعتباره فضيلة لاهوتية بالسعادة المطلقة في الارتباط بالله. وبالرغم من أن هذين النوعين مختلفان بلا شك، إلا أن الأكويني يقدم وصفًا موحدًا للسمات المنهجية لغاياتهما (I-II، q. 40، art.1) (انظرBobier 2020a). وكما يرى فإنه دائمًا ما يُعتقد بان الغاية من الأمل جيدة وآتية، وعلى النقيض من مجرد الرغبة فيها، يجب أن يكون من الصعب الحصول على غايات الأمل ولكنها مع ذلك في نطاق الاحتمال (ST I-II 40.1). يُستبعد هنا كل ما هو سهل الحصول عليه.

يتبنى الأكويني وجهة نظر أكثر تفصيلًا فيما يتعلق بعقلانية الأمل؛ فهو يعترف من ناحية بأن نقص الخبرة يمكن أن يجعل الشخص غير مدرك للعقبات، إذ يمكن لهذا الميل (والثمل، ST I-II 40.6) أن يعزز الأمل (غير العقلاني). أما من الناحية الأخرى، فيفترض أن الأمل من الممكن أن يعزز الإرادة العقلانية: طالما أنه يشتمل على الإلمام بما هو ممكن وعلى معرفة الصعوبات لتحقيق النتيجة المرجوة، لذا فإنه من الممكن أن يحفز الأشخاص على تكريس الطاقة لأنشطتهم.

وبسبب هذا التناقض، فإن الأمل تبعًا لمعناه المتعارف عليه لا يعد فضيلة بالنسبة للأكويني. وكعاطفة، يمكن للبشر أن يظهروا أملًا فائضًا أو ناقصًا (ST II-II 17.5). علاوة على ذلك، فإن العواطف ليست فضائل بطبيعتها (Bobier 2018)، لكن هذا يتغير بمجرد أن نبحث الأمل اللاهوتي؛ أي الأمل الذي يمكننا أن نعقده على الله. أولاً، كونه موجه في المقام الأول إلى الله، فإن مثل هذا الأمل لا يعرف أي مغالاة. ثانيًا، لا يمكننا فهم الأمل اللاهوتي باعتباره عاطفة لذا فإن علينا تحليله باعتباره سلوكًا للإرادة. وفي حين أن الأمل كعاطفة لا يمكن تحريضه إلا من خلال الأمور المنطقية (وبالتالي فهو يحفز الفعل بقدر ما تستوعب الذات نفسها لتكون قادرة على تحقيق ذلك الأمر)، يمكننا أيضاً أن نأمل في عون الله (ST II-II 17.1) في الوصول إلى السعادة الأبدية (ST II-II 17.2). وبما أن الحياة الأبدية والسعادة ليسا أمرين منطقيين، فإن هذا النوع من الأمل لا يمكن أن يعتبر عاطفة بل يجب أن يكمن في الإرادة (ST II-II 18.1). لاحظ مع ذلك أن الأكويني يصف الفضائل اللاهوتية على أنها سلوكيات للإرادة من نوع خاص: لا يمكن اكتسابها عن طريق التعود، بل يمكن منحها فقط بفضل الله (ST II-II 17.1،  انظر Pinsent 2020  لتفسير الأمل كفضيلة “مغروسة”).

يعتبر الأمل فضيلة لاهوتية تبعًا لهاتين السمتين (ST II-II 17.5; انظر أيضًا 1 Corinthians 13). وفي حين أن المحبة (أو الإحسان) موجهة إلى الله من أجل الوحدة، فإن الإيمان والأمل موجهان إلى الله بهدف الحصول على بعض الخير من تلك الوحدة: يرتبط الإيمان بالله كمصدر للمعرفة، ويرتبط الأمل بالله كمصدر للخير (ST II-II 17.6).

وفقًا للأكويني، فإنه لا يمكن فهم الأمل اللاهوتي بشكل صحيح إلا عندما نقر بأن الأمل يجب أن يكون مسبوقًا بالإيمان (الذي يقوم على أساس الإيمان بإمكانية الخلاص) ولكن بالنظر إلى الإيمان، فإن الأمل في الخير المرجو من الخلاص هو أمر عقلاني. وعلى عكس معظم النقاشات الحديثة حول الأمل، يرى الأكويني وغيره من المؤلفين المسيحيين أن الأمل متوافق مع الثقة أو حتى اليقين بشأن النتيجة المرجوة مع (استمرارية) استبعاد المعرفة؛ أما اليأس الناجم إما عن غياب الإيمان أو عن الرغبة في الخلاص، فهو خطيئة (ST II-II 20.1). بالنسبة للأمل، والموجه بطبيعته نحو المستقبل، فإنه ممكن فقط لأولئك الذين يشكون في ما إذا كانوا مباركين أم ملعونين، في حين أن الحب يمكن أن يستمر حتى بعد أن يُكشف عن مصيرهم النهائي (ST II-II 18.2-3).

3.2 الأمل في فلسفة القرنين السابع عشر والثامن عشر

يرفض العديد من فلاسفة القرنين السابع عشر والثامن عشر تفريق الأكويني بين أنواع مختلفة من العواطف لصالح علم النفس الأخلاقي الذي يصنف المشاعر والرغبات معًا على أنها عواطف تولد الفعل، وعادة ما يعتبر الأمل واحدًا منها. يتبنى جميع المؤلفين المذكورين في ما يلي تقريبًا نموذجًا من فكرة تُعرِّف “التفسير القياسي” بأن الأمل يعتمد على الشك في الإيمان جنبًا إلى جنب مع التصور بأن الغاية مرغوبة (Blöser 2020a).

وفقًا لديكارت فإن الأمل شكلًا أضعف من أشكال الثقة (Passions of the soul، (1649) 1985: 389)، ويتمثل في الرغبة (التصور بأن النتيجة جيدة لنا ومحتملة أيضًا) بجانب الميل إلى اعتبارها محتملة ولكنها غير مؤكدة (Passion of the Soul، (1649) 1985: 350f، 389). يعني ذلك أن الأمل والقلق متلازمان دائمًا (على عكس اليأس والثقة المتناقضان تمامًا). يتبنى هوبز تفسيرًا مشابهًا؛ فالأمل بالنسبة له عاطفة معقدة أو “متعة للعقل”، أي متعة لا تنشأ من الإحساس المباشر بل من التفكير. وبالنسبة له فإن أبسط لبنة أساسية للأمل هي الرغبة و “الرغبة مع فكرة الحصول على الشيء” هي أمل بحد ذاتها (Leviathan، 36، I.VI.14)؛ وكما هو الحال في فكر ديكارت، يعمل الأمل بمثابة لبنة بناء لظواهر عقلية أكثر تعقيدًا، مثل الشجاعة أو الثقة (Leviathan، 36f، I.VI.17/19). كما أن له أيضًا دورًا في النشاط الذهني للتروي والذي يعرف بأنه تناوب الأمل والخوف مع الرغبة والنفور (Leviathan، 39، I.VI.49;  انظر أيضًا Bobier 2020b). يلعب الأمل – وهو مصطلح يستخدمه هوبز غالبًا كمرادف إلى حد ما للتوقع (االمبرر)- دورًا بارزًا في التطبيق السياسي لعلم النفس الأخلاقي لديه: لا يقتصر تعريف المساواة في صورتها الطبيعية على المساواة في الأمل (Leviathan، 83، I.XIII.3) -مما يجعل من المنطقي للجميع السعي وراء منافعهم الشخصية– لأن قوانين الطبيعة تأمر المرء أيضًا بالسعي وراء السكينة حيث يُأمل في الحصول عليها (Leviathan، 87، I.XIV.4). بالتالي فإن كلًا من مشكلة الإرادة الجماعية في حالتها الطبيعية وحلها يعتمدان على الآمال التي يمكن للفرد الاستمتاع بها بعقلانية.

يُعرف سبينوزا أيضًا عاطفة الأمل على أنها شكل من أشكال المتعة (Ethics III، P18، Spinoza (1677) 1985: 505) أو الفرح الذي يختلط بالحزن (بسبب الشك في حدوث النتيجة، انظر Short Treatise، book II، ch. IX، Spinoza ((c. 1660) 1985: 113. وعلى عكس التعريفات الأكثر حداثة للأمل، يميز سبينوزا المتعة التي ينطوي عليها الأمل عن الرغبة؛ لذا فإن الأمل (في كتابه علم الأخلاق) ليس مرتبطًا بالضرورة بالرغبة وإنما هو طريقة يتأثر بها العقل بفكرة حدث مستقبلي. وعلى عكس هوبز وديكارت، يرى سبينوزا أن الأمل غير عقلاني أساسًا ويزعم بأنه يجب ان يكون نتيجة لاعتقاد زائف لأنه لا يعرض بشكل صحيح أن كل شيء محكوم بالضرورة (Short Treatise، book II، ch. IX، (c. 1660) 1985: 113). كما يصف سبينوزا في كتابه علم الأخلاق الأمل بأنه أحد أسباب المعتقدات الخرافية، خاصة أنه دائمًا ما يكون مصحوبًا بالخوف (Ethics III، P50، (1677) 1985: 521)؛ إذ يمنعه مثل هذا الخوف من أن يكون جيدًا في حد  ذاته (Ethics IV، P47، (1677) 1985: 573)، وهذا هو السبب الذي يوجب علينا أن نحاول جعل أنفسنا مستقلين عن الأمل (على الرغم من أن غيتس وآخرون (2021: 202) يزعمون بأن سبينوزا لديه أيضًا مساحة لفكرة الآمال المعقولة).

إلا أن سبينوزا يتفق مع هوبز على الرغم من ذلك في نسب أهمية سياسية إلى ألأمل؛ وكما يشرح في كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة، فإن حقيقة أن الناس محكومون بالأمل والخوف تجعل منهم ضحايا سهلة للخرافات والمعتقدات الخاطئة (Theological-Political Treatise، (1670) 2002: 389). يمكن للقوانين الجيدة الاستفادة من هذا الأمر وتحفيز الناس بترتيب النتائج بحيث يمكن أن يحفزهم الأمل (Theological-Political Treatise، (1670) 2002: 439; انظر أيضًا Gatens et al. 2021 للنقاش حول الأهمية السياسية للأمل عند سبينوزا). تكمن الأهمية نفسها التي يوليها سبينوزا للأمل وراء حجة العقد الاجتماعي خاصته: ويزعم -مثل هوبز- بأن السبب الوحيد الذي يبقي الناس مخلصين للعقد الاجتماعي أو ينفذون أوامر صاحب السيادة يكمن في أملهم في الحصول على مقاصد معينة بهذه الطريقة (Theological-Political Treatise، (1670) 2002: 529). حتى الشعب ككل دائمًا ما توحده الآمال والمخاوف المشتركة (Political Treatise، (1675) 2002: 700) لكن الأمل وليس الخوف هو السائد بين الشعوب الحرة (المرجع نفسه). يقود ذلك سبينوزا إلى إعلان الأمل والخوف كأساس للسلطة السياسية في كتابه الرسالة السياسية ((1675) 2002: 686).

يعد تفسير هيوم مثالًا آخر على تحليل الأمل باعتباره عاطفة –ومع ذلك، فقد عُدِل من خلال المنهج المحدد الذي يتبعه في علم النفس البشري. بالنسبة لهيوم فإن الأمل “عاطفة مباشرة” تولد عندما ينظر العقل في الأحداث التي لها احتمال بين اليقين المطلق والاستحالة المطلقة. يصف هيوم المعتقدات المتوقعة على أنها انعكاس للذهن الذي يستمتع بأفكار متناقضة –عن حدث أو كائن سواء كان موجودًا أو غير موجود- في تتتابع سريع. تثير كل من هذه الأفكار إما الفرح أو الحزن (عندما يكون الموضوع جيدًا أو سيئًا) واللذان يبقيان في العقل لفترة أطول من الخيال الأصلي لوجود الكائن أو عدم وجوده. يتأثر العقل بمزيج من الفرح والحزن عند التفكير في الأشياء المحتملة، ولكن الغير مؤكدة، والذي يمكن –اعتماداً على العنصر السائد- أن يطلق عليه الأمل أو الخوف.

ينشأ الأمل والخوف بعد هذه الطريقة من مزيج مختلف من هذه المشاعر المتناقضة من الحزن والفرح ومن اتحادهما وترابطهما الناقصين (Treatise، (1738) 2007: 283).

نظراً لأن هيوم يرى الأمل كأثر ضروري للتفكير في حدث غير مؤكد، فإن ما يترتب على ذلك هو أنه ليس بوسعنا غير أن نأمل في أي نتيجة إيجابية لسنا متأكدين بشأنها. يمكن أن يعتمد الشك المعني على الشك الفعلي في الحدث وعلى اعتقاد غير مؤكد أيضًا.

4.2 إيمانويل كانط

في حين أن الأمل نوقش بشكل أساسي في القرنين السابع عشر والثامن عشر باعتباره سمة من سمات سيكولوجية الأفراد وباعتباره موقفًا غير معرفي، أي أنه لا يعتبر عقلانيًا ولا غير عقلاني من الأساس؛ فقد أولاه إيمانويل كانط اهتمامًا أكبر بكثير، وهو الذي يتبنى بدوره نظرة أكثر أهمية (وتعقيدًا) للعلاقة بين الأمل والمنطق.

يبدو أن تعريف كانط للأمل على أنه “عرض غير متوقع لاحتمال حظ جيد لا حصر له” (AE 7:255) في كتاب الأنثروبولوجيا لا يزال ضمن المتعارف عليه في موضوع الأمل. كما أنه يمنح الأمل في نهاية المطاف مكانةً مركزيةً في نظامه الفلسفي بالتركيز عليه كموقف يسمح للعقل البشري بالارتباط بتلك الأسئلة التي لا يمكن أن تجيب عليها التجربة. ويشير في كتابه نقد العقل الخالص إلى السؤال “ما الذي قد أتمناه؟” كواحد من الأسئلة الأساسية في الفلسفة بعد “ما الذي يمكن أن أعرفه؟” و “ما الذي علي أن أفعله؟” (B833/A805). يُعتبر هذا السؤال، بقدر ما تعتمد إجابته على الادعاءات المتعلقة بعواقب الاستقامة الأخلاقية ووجود الله، “تطبيقيًا ونظريًا في آن واحد” (B833/A805) ويجيب عليه الدين (AE 9:25). يربط تفسير كانط للأمل نتيجة لذلك فلسفته الأخلاقية بآرائه حول الدين؛ إذ يؤكد على الإمكانية العقلانية لمثل هذا الأمل، لكنه يوضح أيضًا أن الأمل العقلاني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعقيدة الدينية؛ أي الإيمان بالله.

كما استعرض كانط في كتاباته ثلاثة أهداف أساسية للأمل: (1) سعادة الفرد (كجزء من الخير الأسمى)، (2) التقدم الأخلاقي للفرد (في كتابه الدين) و ((3 التقدم الأخلاقي للجنس البشري بأكمله (في كتاباته التاريخية والسياسية).

(1) يصرح كانط بوضوح في قانون نقد العقل الخالص: “يتعلق كل أمل بالسعادة” (B833/A805). إلا أن ما هو على المحك ليس الأمل في سعادة المرء في حد ذاتها بل الأمل في السعادة التي يستحقها المرء بسبب سلوكه الأخلاقي (B837/A809). يزعم كانط بأن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الأخلاقيات والأمل في السعادة، ومع ذلك فإن هذا الارتباط لا يتواجد إلا “في فكرة العقل الخالص” وليس في الطبيعة (B837/A809). لا يمكن التفكير في التناسب بين السعادة والأخلاق إلا على أنه ضرورة في عالم أخلاقي واضح ومفهوم، حيث نتجرد من جميع معوقات السلوك الأخلاقي. كما يعتبر الارتباط بين السلوك الأخلاقي والسعادة غير مضمون في العالم التطبيقي للتجربة؛ وبالتالي فإن كانط يستنتج أننا قد نأمل في السعادة بصورة منطقية بما يتناسب مع الأخلاقيات فقط إذا قدمنا الافتراض غير التطبيقي الإضافي لـ “السبب الأسمى، المهيمن وفقاً للقوانين الأخلاقية، باعتباره (…) المتسبب في الطبيعة” (B838/A810). يربط كانط بهذه الطريقة الأخلاق والسعادة بغاية الأمل ويضمن إمكانيته في سبب أسمى؛ أي الله. يسمي كانط العلاقة بين “السعادة في تناسبها الدقيق مع أخلاقيات الكيانات العقلانية، والتي من خلالها يكونون مستحقين لهذه السعادة” الخير الأسمى (B842/A814). من سمات معالجة كانط للأمل التي ذكرها في كتابه أن الأمل في الخير الأسمى يعتبر على ما يبدو ضروريًا للدوافع الأخلاقية (B841/A813)- وهي فرضية يرفضها في كتاباته فيما بعد.

يصور تفسير كانط للأمل في السعادة الأمل باعتباره وثيق الصلة بمفهومه للإيمان، ويتجلى ذلك في كتابه نقد العقل العملي؛ ويزعم بأنه من أجل الإيمان باحتمالية الخير الأسمى –وعلينا أن نؤمن بهذا الاحتمال كما تنص عليه الضرورة الحتمية- علينا أن نفترض أو نؤمن بوجود الله وخلود الروح. يستخدم كانط نفسه كلًا من مفهوم الاعتقاد أو الإيمان ومفهوم الأمل في شرح مضمون فرضية الخلود: يجب أن نؤمن بالخلود مسبقًا من أجل تصور أن الخير الأسمى “ممكن عمليًا” وبالتالي فإننا قد ”نأمل في مزيد من التواصل لهذا التقدم (الأخلاقي) مهما طال بقاءه، حتى ولو بعد هذه الحياة” (AE 5:123). وهكذا يمكن الاستيعاب بأن كانط يجادل لصالح شكل ديني تقليدي من الأمل –الأمل في الحياة بعد الموت أو خلود الروح. ومع ذلك فإنه يشير إلى أن الخلود ليس أملًا محضًا (أي أملًا في نتيجة نفتقر فيها إلى دليل للادعاء بأنها ممكنة حقًا) لكن هذا السبب يجعله ضروريًا (كنتيجة للضرورة القاطعة) من أجل الإيمان بأن الخلود أمر ممكن.

في حين أن بعض مفسري فكر كانط لم يميزوا بوضوح بين الأمل والإيمان (Rossi 1982، Flikschuh 2010)، يؤكد لنا أندرو تشينيل أن الأمل موقف مختلف عن الإيمان أو الاعتقاد وأن كانط يتبع سياسة “تأكيد الأقوى”: إذ يؤكد أقوى موقف مبرر تجاه الافتراض (الاعتقاد المبرر)، حتى لو كان لدى المرء أيضًا مواقف أضعف تجاه الافتراض (الأمل) (Chignell 2013: 198). كما يفسر أونيل فلسفة كانط على أن التمسك بهذا الأمل يوفر سبباً للاعتقاد الديني: الإيمان بالله وبالخلود ليست “محض احتمالات” بل مسألة “اتخاذ نظرة متفائلة تجاه مصير الإنسان” (O’Neill 1996: 281). وفقًا لما يراه أونيل فإن السبب وراء الإيمان هو الأمل في نجاح العمل الأخلاقي؛ أي أن نوايانا الأخلاقية يمكن أن تحدث فرقًا في النظام الطبيعي.

((2 يصور كانط في كتاب الدين التحسن الأخلاقي للفرد كغاية للأمل، والذي يتطلب تغيير المرء لمبدأه الجوهري من سيء إلى جيد. المشكلة هي أن من واجبنا تحسين أخلاقنا وبالتالي يجب أن نكون قادرين على فعل ذلك (AE 6:45)، ولكن من غير الواضح كيف لهذا التغيير أن يكون ممكنًا إذا كان المبدأ الأساسي للفرد فاسدًا. وطالما أننا لا نستطيع معرفة كيف يكون ذلك ممكنًا، فيبقى التحسين الأخلاقي غايةً للأمل. يقترح لنا كانط أملين بديلين: الأمل في أن يصبح الواحد منا شخصًا أفضل، من خلال “جهوده الخاصة” (AE 6:46) والأمل في أن يتولى الله ما يتجاوز قدرة الشخص (AE 6:52).

(3) يضع كانط في كتاباته السياسية والتاريخية غايةً أخرى للأمل العقلاني وهي: الأمل في تقدم تاريخي نحو مستقبل سلمي أفضل أخلاقيًا. نجد هنا علاقة مماثلة بين الاعتقاد العقلاني والأمل فيما يتعلق بالله والخلود: يرى كانط أن التحسن الأخلاقي للجنس البشري هو أمل يقوم على افتراض متسامٍ (في حالة الإيمان) في نظام غائي للطبيعة. كما يعتبر “الأمل في أوقات أفضل” غايةً مهمةً للدافع الأخلاقي عن طريق الادعاء أن الرغبة في إفادة المصلحة العامة من دونه “لم تكن لتدفئ قلب الإنسان مطلقاً” (AE 8:309). يوصي كانط بالنظر إلى التاريخ البشري مع “التحيز التأكيدي” (Kleingeld 2012: 175) أي بهدف تحقيق المطالب الأخلاقية.

يغض النظر عن هذه القضايا المنهجية المعنية بالأمل في فلسفته؛ إلا أنه يجدر تلخيص يعض السمات العامة التي يتناولها فيما يتعلق بالأمل. بالنسبة للتفسير الوصفي لما يعنيه أن يأمل الشخص في هذا الافتراض، يمكن للشخص أن يستخلص شرطين أساسيين من ملاحظات كانط بما يتماشى مع التفسير الأساسي للأمل: على الغاية من الأمل أن تكون غير مؤكدة وعلى الشخص أن يأمل فيها. يمكن العثور على كلا الشرطين في الفقرة التالية من كتاب السلام الدائم:

ليس العقل مستنيرًا بما يكفي لاستجلاء سلسلة الأسباب المحددة مسبقًا والتي تتنبأ بدقة بالعواقب السعيدة أو التعيسة لأنشطة الجنس البشري وفقًا لآلية الطبيعة (على الرغم من أنه يسمح لنا بالأمل في أن تتوافق هذه العواقب مع أمنياتنا). (AE 8:370)

بالنسبة للظروف المعيارية التي يكون الأمل عقلانيًا في ظلها، فإن كانط حساس تجاه البعد النظري والعملي: فهو يركز على تلك الآمال المرتبطة (بالضرورة) بواجب أخلاقي والتي تنطوي تبعًا لذلك على ضرورة عملية. يبدو الاهتمام الرئيسي لكانط من الناحية النظرية هو إظهار أن هذه الآمال ليست مستحيلة. في حين أنه يرى أن الأدلة التجريبية تسمح بالأمل طالما لا يوجد دليل على عكس ذلك (AE 8:309f.)، فإن هذا المعيار الأدنى مرتبط بفكرة أن الأمل مبني على افتراضات سامية (أي وجود الله والخلود وغائية الطبيعة) (Blöser 2020a).

اجتذب تفسير كانط للأمل اهتمامًا كبيرًا مؤخرًا سواءً فيما يتعلق ببحثه العلمي أو بتطبيق وتطوير مفهومه عن الأمل في سياقات مختلفة. بالنسبة لبحثه العلمي، فقد اتبع كل من ديورنغ و دويل (2017)، بيليفيلد وزيتشه (2015) في التأكيد على أهمية كتاب نقد الحكم لفهم الأمل الكانطي –إذ يرون أن الأمل متسق جماليًا. يجادل زوكيرت (2018) بأن الأمل الكانطي هو شعور ويوضح دانزيغر ((2020 أن الأمل يلعب دورًا حتى في فلسفة كانط النظرية.

أما بالنسبة لما يتعلق بتطبيق وتطوير وصف كانط للأمل، فقد أعاد تشينيل (2018) بناء حجة كانط الأخلاقية في الإيمان بوجود الله (والتي يلعب فيها الأمل دورًا أساسيًا) واستكشاف علاقتها بالسياقات السياسية (النظام الغذائي)، حيث تعتبر احتمالات أن يُحدث الفرد فرقًا ضئيلةً جدًا. ويرى هوبر (2019) بالمثل أنه يمكن النظر إلى الأمل الكانطي على أنه يعب دورًا بارزًا في منع الإحباط ومواصلة الالتزام بالعمل السياسي عندما تكون احتمالات النجاح ضئيلة. ترسم دنين (2020) تصورًا كانطيًا للأمل الذي قد يسترشد به التعليم العملي، لأنه يبرر لنا التفكير في أننا قادرون على وضع وتحقيق الأهداف حتى في ضوء النقص والضعف. يُظهر سبيت (2021) كيف تبنى وحول والتر بنيامين تفسير كانط للأمل من خلال الانتقال من منظور شخصي إلى منظور جماعي للأمل وإلى الاهتمام بالماضي.

5.2 فلسفة ما بعد كانط والوجودية

لطالما كان دور الأمل موضع خلاف في فلسفة ما بعد كانط. يمكن تحديد نهجين مختلفين في هذا السياق: فمن ناحية، هناك مؤلفون يرفضون الأمل، مثل آرثر شوبنهاور وفريدريك نيتشه وألبير كامو؛ ليس بقدر ما هو غير عقلاني من الناحية المعرفية وإنما كتعبير عن علاقته المضللة بالعالم والعاجزة عن مواجهة متطلبات الوجود البشري. ومن الناحية الأخرى يرى مؤلفون آخرون، مثل سورين كيركغور وغابريل مارسيل، أن الأمل وسيلة للتغلب على قيود التجربة الاعتيادية.

يبحث كيركغور بشكل رئيسي في ارتباط الأمل بالإيمان الديني؛ وفي حين أن كانط يهدف إلى إظهار أن إيماننا بالله وأملنا في الخير الأسمى ممكن في حدود المنطق، فإن كيركغور حريص على التأكيد على أن الأمل (الأبدي) يجب أن يتجاوز كل مفهوم. وكترياق لليأس، يلعب الأمل دورًا إيجابيًا في عمل كيركغور الذي تُوّج بنصيحته: “يجب أن تكون حياة المرء بأكملها هي وقت الأمل!” (Kierkegaard (1847) 1995: 251). يُعرف كيركغور في كتاب أعمال الحب الأمل بشكل عام على أنه علاقة باحتمالية الخير: “إن تعليق المرء نفسه بترقب باحتمالية حدوث أمر جيد يسمى أملًا” (Kierkegaard (1847) 1995: 249).

يؤكد معظم مفسري كيركغور على التمييز بين الأمل “السماوي” أو الأبدي والأمل “الدنيوي” أو المؤقت (Bernier 2015; Fremstedal 2012; McDonald 2014). يبدو أنه يفترض بالفعل، في بعض الفقرات، أن هناك أيضًا “أملًا طبيعيًا” (Kierkegaard (1851) 1990: 82) أو أمل “في بعض المصالح الدنيوية”. ومع ذلك فإن كيركغور يعتبر هذا “استخدامًا خاطئًا للغة” (Kierkegaard (1847) 1995: 261) ويكمل تعريفه على النحو التالي: “إن تعليق المرء نفسه بترقب باحتمالية حدوث أمر جيد يسمى أملًا، والذي لا يمكن أن يكون توقعًا مؤقتًا بل أملًا أبديًا” (Kierkegaard (1847) 1995: 249). من وجهة نظره أن الأمل موجه دائمًا نحو الأبدية بالتحديد “لأن الأمل يتعلق باحتمالية الخير، وبالتالي بالأبدية” (Kierkegaard (1847) 1995: 249) وهذا مرتبط بتفسير كريكغور للوقت. كما يعتبر الأمل، بوصفه شكلًا من أشكال التوقع، موقفًا تجاه الممكن؛ وفي حين أن التوقع بشكل عام يتعلق باحتمالية الخير والشر (Kierkegaard (1847) 1995: 249)، فإن الأمل يتعلق فقط باحتمالية الخير. تعد احتمالية الخير في تفسير كريكغور سمة من سمات الأبدية (“فيما يتعلق بالوقت، الأبدي هو الممكن؛ هو المستقبل”).

في حين أن توقع الأمور الدنيوية غالبًا ما يكون مخيبًا للآمال –إما لأنه تحقق بعد فوات الأوان أو لم يتحقق مطلقًا (Kierkegaard (1843-1844) 1990: 215)- لا يمكن من حيث المبدأ أن يخيب الأمل الأبدي (Kierkegaard (1847) 1995: 261-3، Kierkegaard (1843-1844) 1990: 216). يعني الأمل الأبدي أنه “في كل لحظة دائمًا هناك أمل في كل شيء” (Kierkegaard (1847) 1995: 249). يساوي كريكغور غالبًا الأمل الأبدي بالأمل المسيحي (McDonald 2014: 146).

من المفيد النظر في التقدم الجدلي الذي قدمه كريكغور في Nachlab  من أجل فهم العلاقة بين الأمل الدنيوي والأمل السماوي (1978: 247 (محرر) Malantschuk). هناك نوع من الأمل يحدث تلقائيًا في مرحلة الشباب والذي يبدو أنه أمل ما قبل انفعالي؛ أي نوع من الثقة المباشرة (Fremstedal 2012: 52). ويليه “التقدير الداعم للفهم”؛ أي بالأمل الذي ينطوي على التفكير في إمكانية النتيجة المرجوة. غالبًا ما يخيب الأمل (الدنيوي) بسبب تأخر أو عدم حدوث الأمور المتوقعة. إن خيبة الأمل هذه ضرورية من أجل اكتساب الأمل الأبدي، والذي “ينافي الأمل، لأنه وفقاً لذلك الأمل الطبيعي تمامًا، فإنه لم يعد هناك مزيد من الأمل، وبالتالي فإن هذا الأمل منافٍ لمفهوم الأمل” (Kierkegaard (1851) 1990: 82). يمكن فهم تفسير كريكغور لقصة إبراهام في كتاب الخوف والارتجاف على أنه توضيح لمثل هذا النوع من الأمل (Lippitt 2015).

بينما يُحكم على الأمل الدنيوي بالفهم وفقاً لاحتماليته، فإن الأمل الأبدي يتجاوز حدود الفهم، لذلك يُحكم عليه عادةً على أنه غير عقلاني أو “محض جنون” (Kierkegaard (1851) 1990: 83). لا يتطرق كريكغور بصراحةٍ إلى مسألة متى يكون الأمل عقلانيًا –على الأرجح لأن الأمل الأبدي يفوق المنطق- لكنه يضع إطارًا لمسألة الأمل الجيد أو السيء من حيث “النزاهة” و “العار” (Kierkegaard (1847) 1995: 260f) ويلاحظ أن الشخص الذي يحمل أملًا دنيويًا لم يتحقق بعد كثيراً ما يُنتقد باعتباره طائشًا (أو “مثيرًا للحرج” (Kierkegaard (1847) 1995: 260)) لأن ذلك من المفترض أن يظهر أنه “أخطأ التقدير” (المرجع نفسه). يعترض كريكغور على منظور “الحكمة” الذي يأمله الحكام فقط فيما يتعلق بتحقيقه ويرى أنه علينا أن نهتم بدلًا من ذلك بقيمة النتائج المأمولة (Kierkegaard (1847) 1995: 261). ووفقًا لهذا التفسير فإن الأمل الأبدي “ليس محرجًا مطلقًا” (Kierkegaard (1847) 1995: 260، انظر أيضاً 263). كما يرى أيضًا، تماشيًا مع التقليد المسيحي، أن قيمة الأمل تعتمد على علاقته بالحب: نأمل لأنفسنا فقط إذا كنا نأمل للآخرين بقدر ما نأمل لأنفسنا.

الحب هو المفهوم الوسطي: لا أمل للمرء نفسه بدون الحب، أما مع الحب فهناك أمل للجميع –وبقدر ما يأمل المرء لنفسه فإنه يأمل للآخرين، إذ أنه يكون مُحِبًا بذلك القدر (Kierkegaard (1847) 1995: 260).

هكذا، وعلى نحو مشابه لتفسير كانط، فإن أمل المرء يقف في علاقة تناسبية مع المطلب الأخلاقي، ومع ذلك لا يرى كيركغور أن الأمل يحد من تلبية مطلبنا الأخلاقي.

ويرى بدلًا من ذلك أن العلاقة التناسبية تحدد ما إذا كنا في الواقع نأمل أم لا وتحدد المقدار الفعلي لتوقعنا. لا يمكن تحقيق آمالنا لأنفسنا إلا في ومن خلال آمالنا للآخرين. (Bernier 2015: 315)

يمثل شوبنهاور، كما ذكرنا سابقًا، النهج المعاكس في فلسفة ما بعد كانط. وعلى الرغم من أنه يرى أنه من الطبيعي أن يأمل البشر (Parerga and Paralipomena II، 1851: §313)، إلا أنه يدعي أيضًا أن علينا أن نأمل أقل مما نميل إليه واصفًا الأمل بـ “حماقة القلب” (المرجع نفسه). يمكن العثور على ملاحظات متناقضة بشأن قيمة الأمل في جميع كتاباته (يفسر صندوق باندورا على انه يحتوي على جميع ما هو فاضل، Parerga and Paralipomena II، 1851: §200) ولكن النقد يسود عليها بشكل عام. هناك جانبان لتقييمه النقدي للأمل: تأثير الأمل على الفكر، ودوره في السعادة. يعتبر الأمل في ثنائية شوبنهاور عن الإرادة والفكر تعبيرًا عن الإرادة ،أو بصورة أدق، عن الميول. أحد أسباب إشكالية الأمل فيما يتعلق بتأثيره على الفكر هو أنه يصور ما نأمل فيه على أنه محتمل (The World as Will and Representation، vol. 2، (1818) 1958: 216، 218). يقر شوبنهاور بأن الأمل يشحذ إدراكنا بقدر ما يُبرز بعض سمات العالم؛ لكنه يربط هذه الفرضية بالادعاء الأقوى بأن الأمل (غالبًا) قد يجعل من المستحيل فهم الأشياء المعنية به. وهكذا يشوه الأمل الإدراك بطريقة ملتبسة لأنه يعيق العقل عن استيعاب الحقيقة. ومع ذلك يعترف شوبنهاور أيضًا بإمكانية التأثير الإيجابي للأمل؛ أي كدافع ومحفز للعقل (The World as Will and Representation، vol. 2، (1818) 1958: 221).

أما فيما يتعلق بمساهمته في سعادة الفرد، يذكر شوبنهاور دورًا إيجابيًا للأمل في مقارنته بين حياة الحيوانات وحياة البشر، إذ يفترض أن الحيوانات تشعر بمتعة أقل من البشر لأنها تفتقر إلى الأمل وبالتالي إلى ملذات الترقب. لكن الأمل لا يخيب فقط عندما لا يتحقق الهدف المنشود، بل يمكن أن يخيب أيضًا عندما يتحقق إذا لم توفر النتيجة القدر الذي كان متوقعًا من الرضا (The World as Will and Representation، vol. 2 (1818) 1958: 573). ينتقد شوبنهاور أيضًا فكرة كانط التي تنص على أننا قد نأمل في سعادتنا بما يتناسب مع سلوكنا الأخلاقي (الخير الأسمى) ويرى أن هذا المفهوم يقود كانط إلى البقاء ملتزمًا ضمنيًا بشكل من أشكال الازدهار الإنساني (eudaimonism) (Basis of Morality II، §3، 34).

هكذا وعلى الرغم من أن شوبنهاور يلمح أحيانًا إلى جوانب إيجابية للأمل إلا أن تقييمه العام للأمل سلبي. ويتفق هذا مع وجهة نظره القائلة بأن الحياة مليئة بالإحباط والمعاناة التي لا مفر منها وأن هذه المعاناة لا يمكن تقليلها إلا بالتخلص من رغباتنا. يرقى هذا بطريقة مثالية إلى “نفي إرادة الحياة” (The World as Will and Representation، vol. 1، (1818) 2010: 405). تعمل “إغراءات الأمل” (The World as Will and Representation، vol. 1، (1818) 2010: 419 ) كعقبات أمام نفي الإرادة، في حين أن اليأس يمكن أن يساعد في تغيير تفكير المرء واكتساب “الخير الحقيقي ونقاء الفكر” (The World as Will and Representation، vol. 1، (1818) 2010: 420). ومن المثير للاهتمام أن شوبنهاور يتعاطف مع فكرة الخلاص والتي تكمن في إنكار الإرادة (Schopenhauer (1818) 1958: 610)؛ أي أنه يؤيد على ما يبدو نوعًا من الأمل السامي لإنهاء المعاناة بأكملها (Schulz 2002: 125). على الرغم من أنه لم يصرح بذلك، إلا أن وجهة نظره يمكن أن توصف بأنها “أمل في انتهاء الأمل”.

يحذر نيتشه، والذي ربما يكون أشهر ناقد للأمل في فترة ما بعد كانط، في المقدمة الثالثة لزرادشت: “لا تصدق أولئك الذين يحدثونك عن آمال خارج كوكب الأرض!” (Zarathustra، (1883-85) 2006: 6). كما يعارض كل مفاهيم الأمل في كتابه ما وراء الخير والشر (1886) “في التناغم الخفي، وفي النعيم والعدالة المستقبلية” (Beyond Good and Evil، (1886) 2008: 562). وفي تفسيره لأسطورة باندورا (Human، All Too Human، 1878: §71)، يسمي الأمل “أسوأ الشرور؛ لأنه يطيل عذاب الإنسان”. ومع ذلك فإن إمعان النظر هنا يكشف لنا أنه يلمح أيضًا إلى منظور إيجابي للأمل بغض النظر عن نقده للآمال الدينية والميتافيزيقية: “ينقذ البشرية من الانتقام: وهذا بالنسبة لي هو الجسر المؤدي إلى أسمى الآمال والذي ينتصب فوقه قوس قزح بعد هبوب العواصف الكاسحة” (Zarathustra، (1883-85) 2006: 77). يعتبر نيتشه الأمل واحدًا من “العواطف القوية” (Nietzsche (1887) 2006: 103) بجانب الغضب والخوف والشهوانية والانتقام. كما أنه وصف الأمل مرارًا وتكرارًا باستخدام استعارة قوس قزح: “الأمل هو قوس قزح فوق تيارات الحياة المتتالية” [“Die Hoffnung ist der Regenbogen über den herabstürzenden jähen Bach des Lebens”] (كما ورد في Bidmon 2016: 188) مع أن هذه الاستعارة متناقضة، فهي مرتبطة من احدى النواحي برؤية نيتشه للإنسان الأسمى: “ألا تراها؛ قوس قزح وجسور الإنسان الأسمى؟” (Zarathustra، (1883-85) 2006: 36). أما من ناحية أخرى فإن قوس قزح بعيد المنال ومنطوٍ على نفسه –يسميه نيتشه “جسرًا وهميًا” (Zarathustra، (1883-85) 2006: 175; أنظر أيضًا Bidmon 2016: 188f. ). ويدعي أخيرًا في ما وراء الخير والشر أن علينا “إصلاح آمالنا” في “فلاسفة جدد”، “في عقول قوية ومبتكرة بما يكفي لبدء تقديرات معاكسة للقيمة” (Beyond Good and Evil، (1886) 2008: 600). كما يتصور بالفعل في كتابه إنسان مفرط في إنسانيته تغيير النظام الاجتماعي كغاية للأمل:

يحق لنا أن نأمل بشكل معقول فقط عندما نعتقد أننا وأعواننا نملك قوة في القلب والعقل أكثر من ممثلي الحالة الراهنة للأشياء (Human، All Too Human، 1878: §443).

وبالتالي فإن الأمل المعقول يرتكز على الثقة في قدرة الفرد على تحقيق النتيجة المرجوة. ومع ذلك يضيف نيتشه أن هذا الأمل عادةً ما يرقى إلى “الافتراض، والمبالغة في التخمين” (المرجع نفسه).

يتبع كامو نيتشه في إعلانه أن الأمل (الديني) أسوأ الشرور (Judaken and Bernasconi 2012: 264) ويرتبط نقده للأمل بفكرة أن الوجود البشري عبثي. يتميز “شعور العبثية بعيد المنال” (Camus 1955: 12) بالتناقض: يسأل العقل البشري أسئلة أساسية حول مغزى الحياة، لكن العالم لا يقدم أية إجابات. تُفهم وجهة نظر كامو للعبث على نحو أفضل في تصوير سيزيف، الذي يجسد عبثية الحياة في “العامل اليائس والفاشل” (Camus 1955: 119). يسير الافتراض القائل بأن الحياة عبثية جنبًا إلى جنب مع إنكار الأمل الديني في الخلاص. كما أن كامو يعارض في كتاباته المبكرة، في كتاب أعراس ((1938) 1970)، الأفكار الدينية حول الروح الخالدة والأمل في الحياة الآخرة؛ إذ يُعتبر “الأمل هو الخطأ الذي يرغب كامو في تجنبه” (Aronson 2012)، وعلى الرغم من اعتباره وجوديًا إلا أنه ينأى بنفسه عن هذه الحركة. أحد الأسباب على وجه التحديد هو اختلافه مع تفسير الأمل عند الوجوديين، ولا سيما كيركغور، إذ يقول عنهم “إنهم يؤلهون ما يسحقهم ويجدون سببًا للأمل فيما يفقرهم؛ هذا الأمل القسري ديني بالنسبة لكل منهم” (Camus 1955: 32).

كما ذكرنا سابقًا، فإن أحد أنواع الأمل التي يرفضها كامو بشكل قاطع هو الأمل الديني في الحياة ما بعد الموت. أما النوع الثاني من الأمل، والذي نوقش بشكل رئيسي في كتاب الإنسان المتمرد، هو الأمل الذي تأسس على سبب عظيم يتجاوز الذات؛ أي “أمل في حياة أخرى يجب أن ‘يستحقها‘ المرء” (Camus 1955: 8). وفقًا لوجهة نظره في هذا السياق فإن مشكلة الأمل في اليوتوبيا الاجتماعية هي ميلها إلى أن تكون ديكتاتورية. يبدو أن سببًا آخر لرفضه مثل هذه الآمال هي أنها تصرف الانتباه عن الحياة الحسية، عما هو موجود الآن وعن تقدير جمال هذه الحياة. كما أننا لسنا بحاجة إلى الأمل لمواجهة مصاعب الحياة والموت: فبدلًا من الأمل في الحياة بعد الموت (أو الانتحار) يجب أن يدرك المرء أن الموت هو “العبث الأكثر وضوحًا” (Camus 1955: 59) “الموت دون تسوية ودون إرادة منا” (Camus 1955: 55). يجسد سيزيف موقف الوضوح والوعي الذي يوصي به  كامو؛ على الرغم من أنه لا يأمل في مستقبل أفضل –أو بالأحرى لأنه لا يأمل في مستقبل أفضل -“على المرء أن يتخيل سيزيف سعيدًا” (Camus 1955: 123).

وعلى الرغم من انتقاده للأمل، إلا أن كامو يعترف بأنه من المستحيل (تقريبًا) العيش دون أمل، حتى لو كان الشخص يأمل في التحرر من الأمل (Camus 1955: 113). من المفترض أن يكون هذا الادعاء وصفيًا فقط إذ أنه يوضح حقيقة حول علم النفس البشري إلا أن كامو وصف كتاب الإنسان المتمرد في إحدى رسائله إلى صديقه الشاعر رينيه شار بـ “livre d’espoir” أي كتاب الأمل (Schlette 1995: 130). اُقترح مؤخرًا على أساس تلك الرسالة أن كامو يقر بنظرة إيجابية للأمل –نوع من “étrange espoir” (الأمل الغريب) المعني بالاحتمالات الكامنة في الحاضر (Schlette 1995: 134) والذي يتميز بالإنسانية والتضامن مع جميع البشر (Bidmon 2016: 233).

في حين أن الدور الإيجابي للأمل عند كامو مخفي في أحسن الأحوال إلا أنه يتجلى بشكل بارز في كتابات مارسيل، إذ يكمن التمييز بين “آمل…” الجملة المطلقة و “آمل أن…” في صميم تفسيره للأمل (Marcel (1952) 2010: 26). يهتم مارسيل في الغالب بالأمل المطلق العام والذي يعتبره “الفعل الذي يُتغلب به (…) بفاعلية أو بانتصار على إغراء اليأس” (Marcel (1952) 2010: 30f.). إحدى الطرق التي يميز بها مارسيل “غموض” الأمل (Marcel (1952) 2010: 29) هي الإشارة إلى العلاقة بين الأمل والصبر (Marcel (1952) 2010: 33). الأمل يعني احترام “الإيقاع الشخصي” (المرجع نفسه) و “الثقة بعملية معينة للنمو والتطور” (Marcel (1952) 2010: 34). كما يتناول مسألة عقلانية الأمل بطرح سؤالٍ عما إذا كان الأمل وهمًا يتشكل من اعتبار الشخص أن رغباته واقعية (Marcel (1952) 2010: 39)، ويجيب عليه بأن الاعتراض على قيمة الأمل ينطبق في المقام الأول على الآمال المعنية بنتائج معينة “الأمل في شيء ما” لكنه غير مجدٍ عندما يتجاوز الأمل الخيال. ولأن الشخص الذي يأمل ببساطة لا يتوقع حدثًا معينًا، فلا يمكن الحكم على ما إذا كان أمله من المحتمل أن يتحقق. يوضح مارسيل هذا بمثال على المريض (Marcel (1952) 2010: 40): إذا كان هذا الشخص يأمل في أن يكون بصحة جيدة في وقت معين، فهناك خطر ينذر بخيبة الأمل واليأس إذا لم يحدث ذلك. ومع ذلك فإن مارسيل يوضح لنا أن الأمل المطلق يعني “وسيلة للتغلب”: لدى المريض أمل مطلق إذا أدرك أن “كل شيء لن يفقد بالضرورة إذا لم يكن هناك علاج” (Marcel (1952) 2010:40). ولكونه “وجوديًا توحيديًا” (Treanor and Sweetman 2016) مثل كريكغور، يربط مارسيل في نهاية المطاف إمكانية الأمل المطلق بوجود الله: الأمل المطلق مرتبط بالضرورة بوجود الله وهو “استجابة المخلوق للكائن المطلق الذي يدرك أنه مدين له بكل ما لديه” (Marcel (1952) 2010: 41).

6.2 البراغماتية

على الرغم من أن الأمل نادرًا ما نوقش بشكل صريح في الكتابات البراغماتية، إلا أنه أشير إلى أن التفسيرات البراغماتية للأمل يمكن أن تتواجد في كتابات ويليام جيمس وجون ديوي (Fishman and McCarthy 2007; Green 2008; Koopman 2006، 2009; Rorty 1999; Shade 2001). ما يلاحظه باتريك شيد هو أن موضوع الأمل “ضمني في معظم الفلسفات البراغماتية” لأنه مرتبط بالموضوعات البراغماتية الرئيسية، مثل المليورية والإيمان، والآمال الخاصة بالتقدم الاجتماعي (Shade 2001: 9f.). تفترض سارة ستيتزلين (2020) بأن مفهوم الأمل باعتباره مجموعة من العادات يوحد فهم الأمل في كتابات البراغماتيين الكلاسيكيين (تشارلز بيرس، ويليام جيمس، وجون ديوي) كما استمر تطويره بشكل أكبر في الكتابات الاجتماعية والسياسية للبراغماتيين الجدد (ريتشارد رورتي، كورنيل ويست، باتريك شيد وكولين كوبمان).

يرتبط مفهوم جيمس للإيمان في كتاب إرادة الاعتقاد ارتباطًا وثيقًا بالأمل، ويهدف في مقالته إلى تقديم “تبرير للإيمان، دفاعًا عن حقنا في تبني موقف مؤمن فيما يتعلق الأمور الدينية” (James (1897) 2015: 1). وعلى الرغم من أن موضوعه الأساسي هو الإيمان الديني، إلا أنه يشير إلى أنه بالإمكان تطبيق تبرير مماثل هيكليًا للإيمان أو الثقة على المسائل الاجتماعية. قد يكون من المنطقي الاعتقاد بأن الآخر جدير بالثقة أو يحبنا، على الرغم من أننا قد لا نكون قادرين على إثبات ذلك. يجب إذًا تحقيق ثلاثة معايير لكي يتسم الإيمان بالعقلانية: لا يمكن تحديد السؤال علميًا، وقد يكون الاعتقاد صحيحًا، ونحن أفضل حالًا (حتى الآن) طالما أننا نعتقد. يرسم جيمس في حجته رابطًا لمفهوم الأمل عندما يزعم أن الموقف المتشكك أو اللأدري ليس أكثر عقلانية من موقف الإيمان. يرى المشكك أن “الاستسلام لمخاوفنا من كونه خاطئًا هو أكثر حكمة وأفضل من الخضوع لآمالنا في أنه قد يكون صحيحًا” (James (1897) 2015: 27). ينتقد جيمس هذا الموقف: “ما الدليل على أن الخداع بالأمل أسوأ بكثير من الخداع بالخوف؟” (James (1897) 2015: 27).

غالبًا ما يُنظر إلى المفهوم البراغماتي للأمل على أنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بفكرة المليورية والتقدم (على سبيل المثال في عمل ديوي، أنظر Shade 2001: 139). يموضع جيمس في محاضراته حول البراغماتية مبدأ  المليورية بين التشاؤم والتفاؤل: “تتعامل المليورية مع الخلاص على أنه ليس ضروريًا ولا مستحيلًا، بل على أنه محتمل” (James 2000:125). بالنسبة إلى ديوي، فإن هدف الأمل أو المليورية هو الديموقراطية أولًا وقبل كل شيء، والتي هي “الفكرة البسيطة القائلة بأن التقدم السياسي والأخلاقي لا يتوقف على أكثر من الأشخاص وقيمهم وأفعالهم” (Dewey (1916) 1980: 107).

بالاعتماد على تفسير جيمس للتغير في كتاب تنويعات التجربة الدينية، يزعم شيهي بأنه بالإمكان رؤية أن جيمس يدافع عن مفهوم الأمل الذي لا يعتمد على فكرة التقدم بل على “الطابع الزمني للأزمة” والذي يسمح بفهم التغير التاريخي بعد التقدم أو التراجع (Sheehey 2019).

3. التفسير القياسي وعقلانية الأمل

يهتم النقاش المعاصر حول الأمل في الفلسفة التحليلية في المقام الأول بتقديم تعريف للأمل وشرح قيمته ومعايير عقلانيته. كما يتخذ كنقطة لانطلاقه ما يسمى بـ “التعريف الأرثوذكسي” (Martin 2013: 11) أو “التفسير القياسي” (Meirav 2009: 217)، والذي يحلل “الأمل في افتراض ما” من حيث تمني أو الرغبة في الافتراض والإيمان باحتماليته. يعتبر روبن داوني هو الناطق باسم هذا الموقف:

هناك معياران ضروريان بشكل مستقل وكافيان وحديهما من أجل “الأمل في شيء ما”. الأول هو أن موضوع الأمل يجب أن يكون مرغوبًا للشخص الآمِل. (…) والثاني (…) هو أن يقع موضوع الأمل ضمن نطاق الاحتمال المادي الذي يتضمن ما هو غير محتمل أيضًا ولكنه يستبعد اليقين والممكن منطقيًا فحسب (Downie 1963: 248f.).

ومثله يكتب جي.بي.داي:

إن “الأمل في افتراض ما” يكون صحيحًا إذا “كان مرغوبًا فيه وإذا اُعتقد أن له درجة معينة من الاحتمال، مهما كانت ضئيلة”. (Day 1969: 89)

تجسد حالة الرغبة الحدس القائل بأننا نأمل فقط فيما نعتبره جيدًا (من بعض النواحي على الأقل) أو مرغوبًا فيه. يُقصد بمكون الاعتقاد الحدس الذي لا نأمله عادةً فيما نعتقد أنه مستحيل (أو مؤكد)، إلا أن هذه ليست مشكلة في الآمال أو الرغبات (على سبيل المثال، “أتمنى لو أنني أطير”) .

يفترض معظم المؤلفون ضمنيًا أن الحدث المأمول سيكون في المستقبل؛ إلا أن معظم الناس غالبًا ما يعبرون في الاستخدام العادي عن آمالهم فيما يتعلق بالأحداث الماضية التي ليس لديهم معرفة كاملة بها. مثال على ذلك هو الأمل في أن شخصًا ما لم يعاني بشكلٍ مفرطٍ عند وفاته. في حين أن بعض المؤلفين يعتبرون استخدام اللغة هذا متطفلًا على الأوضاع المعنية بالمستقبل (McGeer 2004: 104)، إلا أن آخرون يجادلون بأن هذه حالات أمل حقيقية (Martin 2013: 68).

سؤال آخر في هذا السياق يتعلق بمفهوم الاحتمال الذي يعد موضع خلاف: يبدو بوضوح أننا لا نستطيع أن نأمل في ما هو مستحيل منطقيًا، ولكن هل بإمكاننا أن نأمل في ما هو مستحيل جسديًا، أن الموتى سيرجعون غدًا؟ على سبيل المثال. يرى داوني أن الاحتمالية المنطقية ليست كافية (Downie 1963: 249) بينما لا يستبعد تشينيل إمكانية الأمل في شيء مستحيل جسديًا (Chignell 2013: 201ff.). ومهما كانت الإجابة على هذا السؤال، فإن جميع الآراء (باستثناء ويتلي 1958) تعترف بوجود حالات أمل تكون فيها النتيجة غير محتملة إلى أبعد الحدود؛ بمعنى آخر، لا يتطلب الأمل حدًا أدنى للاحتمال (Meirav 2009: 219).

أُثيرت بعض الاعتراضات ضد الفكرة القائلة بأن التعريف القياسي يوفر ظروفًا كافية للأمل واتخذت توجهان رئيسيان: “اعتراض اليأس” و “اعتراض الأمل المهم” (Milona 2020a: 103). وفقًا لـ “اعتراض اليأس”، يمكن أن يكون لشخصين نفس الرغبات والاعتقادات حول امكانية التوصل إلى نتيجة ما، ومع ذلك فقد يأمل أحدهما في النتيجة بينما ييأس الآخر منها (Meirav 2009). ويرى “اعتراض الأمل المهم” أنه على الرغم من أن التعريف القياسي قد يجسد الحد الأدنى من الشعور بالأمل، إلا أنه يفشل في تفسير القيمة الخاصة لأنواع الأمل الأكثر “أهمية”؛ أي أنه على وجه الخصوص يفشل في شرح كيف يمكن أن يكون للأمل قوة تحفيز خاصة في الظروف الصعبة، خاصةً عندما يكون احتمال النتيجة المرجة ضئيلاً (Pettit 2004; Calhoun 2018). تؤدي هذه الاعتراضات إما إلى الادعاء بوجوب إعادة النظر في التعريف القياسي أو دعم الاقتراح بأن الأمل يختلف تمامًا عن الرغبة والإيمان، وبالتالي فهو غير محصورٍ فيهما.

يقترح لوك بوفينز انه إلى جانب الرغبة والإيمان، فإن الأمل يتضمن أيضًا التصور الذهني (Bovens 1999). ومع ذلك فقد اُعترض على أن التصور الذهني يستلزم الرغبة بالفعل (وبالتالي يمكن للتعريف القياسي تفسير ذلك) وأنه لا يزال من غير الممكن التمييز بين الأمل واليأس طالما أنه بإمكان الشخص اليائس أيضًا تكوين صور ذهنية حول النتيجة المرجوة. يقترح أندرو تشينيل نهجًا مغايرًا لتفسير بوفينز، على الرغم من أنه لا يتطلب تصورًا بل نوعًا معينًا من الاهتمام: يميل الشخص الذي يأمل إلى التركيز على النتيجة المرجوة في ظل جانب من إمكانية حدوثها، بينما يركز الشخص اليائس على النتيجة في إطار استحالتها (Chignell forthcoming).

يتضمن الأمل، وفقًا لـ “تفسير العامل الخارجي” عند ميراف (Meirav 2009: 230)، موقفًا تجاه عوامل خارجية (على سبيل المثال: الطبيعة، القدر، الله) والتي يعتمد عليها تحقيق الغاية المأمولة. “إذا اعتبر الشخص أن العامل الخارجي جيد فإنه هنا يأمل في الاحتمالية، أما إذا اعتبره غير جيد فهو ييأس منها” (Meirav 2009: 230). إلا أن من المشكوك فيه ما إذا كان تفسير ميراف ينطبق على حالات الأمل التي يعتمد تحقيق النتيجة فيها على الحظ (الأمل في الفوز باليانصيب على سبيل المثال). علاوة على ذلك، فقد يبدو أن الشخص قد يأمل حتى في الظروف التي يعتقد فيها أن العامل الخارجي سيء؛ على سبيل المثال: في ظروف سياسية غير عادلة.

بينما تهدف ميراف إلى الرد على اعتراض اليأس، يقترح كل من فيليب بيتيت وتشيشاير كالهون حلولًا لاعتراض الأمل المهم. ومن أجل امتلاك القوة المحفزة للأمل، يميز بيتيت النوع “الظاهري” من الأمل الموصوف في التعريف الأرثوذكسي عن الأمل “المهم” (Pettit 2004: 154)، ويفسِر هذا النوع من الأمل على أنه تصرف بناء على الاعتقاد بأن الشخص لا يتخذه بالفعل:

يتمثل الأمل في التصرف كما لو كان الاحتمال المرجو سيحصل أو كما لو كانت هناك فرصة جيدة لحصوله، تمامًا كما تتمثل الحيطة في التصرف كما لو كان هذا هو الحال مع بعض الاحتمالات المخيفة. (Pettit 2004: 158)

ومع ذلك فإن الشخص المتفائل لا يصف نفسه في الحالات النمطية بأنه يتصرف كما لو كانت الفرص مرتفعة، بل بأنه يتخذ الفرص بقدر ما هي جيدة بما يكفي للمحاولة (Martin 2013: 23). تتشارك تشيشاير كالهون (2018) نقد أدريان مارتن وتزعم بأننا بحاجة إلى التمييز بين “فكرة التخطيط” و “الفكرة الفينومينولوجية” للمستقبل: إذ تعتبر أن المكون الثالث للأمل إلى جانب الرغبة والإيمان هو “فكرة فينومينولوجية للمستقبل المحتوم الذي يتضمن النجاح” (Calhoun 2018: 86) وتزعم بأن هذه الفكرة الفينومينولوجية لها تأثيرات تحفيزية بشكل مستقل عن رغبات الشخص.

يتضمن الأمل وفقًا لاقتراح مارتن عنصرين آخرين إضافةً إلى الإيمان والرغبة: أولًا يجب على الشخص الآمل أن يرى أو يتعامل مع اعتقاده حول إمكانية حدوث النتيجة على أنها أنشطة مأمولة الحدوث، أي عدم تقديم النصح ضد بعض الأنشطة المحددة. ثانيًا، يجب أن يعتبر الشخص الآمل انجذابه للنتيجة كسبب عملي للانخراط في الأنشطة المميزة التي يتسم بها الأمل. تطلق مارتن على تفسيرها نظرية الدمج، والتي تشير إلى أن الشخص الذي يأمل يدمج عنصر الرغبة في مخططه العقلاني للرغبات.

اُنتقد اقتراح مارتن لكونه مفرطًا في التفكير في الأمر وغير قادر على تفسير الآمال “المستعصية” إذ لا يرى الشخص الآمل لنفسه مبررًا في أنشطته المأمولة (Milona and Stockdale 2018). يقدم كل من ميلونا وستوكديل وصفًا للأمل مستوحى من فلسفة المشاعر: إذ يصفان الأمل كنوع من الحالة الإدراكية التي تنطوي على الشعور “بالتفاؤل”.

هناك عدد متزايد من التفسيرات التي تهدف إلى معالجة أوجه القصور في التعريف القياسي (أنظر أيضًا Kwong 2019، Palmqvist 2021). يبدو أن النقاش قد عاد إلى نقطة البداية مع عودة مايكل ميلونا إلى التعريف القياسي: فبدلًا من تعزيز التفسير القياسي، يقترح ميلونا أنه يجب على المرء توظيف مفهوم غني وتفسيرٍ مناسبٍ للعلاقة بين الرغبة والإيمان –الإيمان بأن يكون احتمال النتيجة ضمن “الأساس المعرفي” للرغبة (Milona 2019).

ومع ذلك فإن الرأي القائل بأن الأمل يمكن حصره في الرغبات والمعتقدات (وعامل ثالث) لا يخلو من بديل. يجادل كل من سيغال وتكستور (2015) بان الأمل حالة ذهنية فطرية يمكن أن تتميز بدورها الوظيفي؛ وترى بلوزر أن الأمل مفهوم غير قابل للحصر. يتوافق هذا الرأي مع التنوع الوجودي والرأي القائل بأن مظاهر الأمل المختلفة مرتبطة من حيث أوجه التشابه بينها.

أما بالنسبة لمعايير الأمل، فهناك إجماع على النقطة التي مفادها أن هناك جانبًا نظريًا (أو معرفيًا) وجانبًا عمليًا لعقلانية الأمل. يكمن السؤال من الناحية النظرية فيما إذا كانت النتيجة ممكنة بالفعل (ويرقى هذا إلى تقييم الأمل من حيث صحته) وما إذا كان هناك مبرر للشخص في اعتباره أن النتيجة ممكنة (ويرقى هذا إلى تقييم الأمل من حيث المبرر أو الاستجابة للأسباب). أحد الأسئلة المطروحة للنقاش هو ما إذا كان يجب أن تكون النتيجة محتملة إلى حد ما من أجل أن يكون الأمل عقلانيًا (للحصول على إجابة إيجابية أنظر Moellendorf 2020  و Stockdale 2021). يتطرق أندي مولر للعقلانية المعرفية للأمل من خلال إيضاح فكرة أن “الأمل في افتراضٍ ما” يتعارض عقلانيًا مع “معرفة أن هذا الافتراض ليس متاحًا” (Mueller 2021: 45). (في العلاقة بين الأمل والمعرفة، أنظر Benton 2021 )

أما من الناحية العملية، يركز معظم المؤلفين على العقلانية الفعالة للأمل. تعتقد مارتن أن الأمل عقلاني “طالما أنه يعزز الغايات العقلانية للشخص للقيام بهذه الأشياء (أي الانخراط في أنشطة مفعمة بالأمل مثل العمل على تحسين النتيجة وتخيلها والتلذذ بمشاعر معينة من الترقب)” (Martin 2013). كما يؤكد بيتيت بالمثل على القيمة الفعالة للأمل في تحقيق غاياتنا (Pettit 2004: 161).

ومع ذلك، لا يبدو أن العقلانية العملية للأمل قد استنفدت بسبب الاعتبارات الفعالة. يزعم بوفينز بأنه في الحالات التي لا يكون للأمل فيها قيمة فعالة (لأننا لا نستطيع المساعدة في التوصل إلى الحالة المرغوبة) فإنه لا يزال من الممكن أن يكون للأمل قيمة جوهرية بفضل التصور العقلي المصاحب له: هذه الخاصية مسؤولة عن قيمته الجوهرية من ثلاثة جوانب: أولًا، للأمل قيمة جوهرية لأن التصور الذهني المرتبط به (أي التوقع الخيالي لتحقق هذا الأمل) ممتع في حد ذاته (Bovens 1999: 675f.). ثانيًا، للأمل قيمة معرفية لأنه يزيد من فهم الشخص لذاته. ثالثًا، للأمل قيمة جوهرية لأنه يتشكل من حب الشخص لذاته و حبه للآخرين، وهي أنشطة قيمة في جوهرها؛ لذا يرتبط الأمل ارتباطًا وثيقًا بالحب بفضل التصور الذهني، لأن إنفاق الطاقة العقلية في التفكير في رفاهية شخص آخر هو أحد مكونات حبه. كما يزعم كل من بلوزر وشتال (2017) بأن بعض الآمال –الآمال الرئيسية- يمكن أن تكون عقلانية بفضل مساهمتها في الهوية العملية للشخص الذي يأمل.

أخيرًا، تعتبر هذه مسألة نقاش حول كيفية ارتباط الجانب النظري والعملي للعقلانية. الأولوية للجانب العملي في تفسير مارتن؛ وعلى النقيض منها ترى ميريام شلايفر ماكورميك أن كلا الجانبين يساهمان بالتساوي في العقلانية الكلية للأمل وأنهما مترابطان (McCormick 2017).

يستكشف نهج آخر لقيمة الأمل آفاق فهمه كفضيلة؛ إذ يفسر مايكل ميلونا الأمل على أنه فضيلة أخلاقية على غرار “تصحيح أولويات المرء” (Milona 2020b). (لمحاولة أخرى لفهم الأمل كفضيلة أخلاقية أنظرStern، forthcoming; /Han-Pile للحصول على نظرة نقدية لمثل هذا المشروع أنظرBobier 2018.). ويهدف مايكل لامب إلى تطبيق هيكل الفضيلة اللاهوتية للأمل لتوماس الأكويني للقول إن الأمل يمكن أن يكون فضيلة ديموقراطية تُحسن الأمل لدى المواطنين لتحقيق أمور ديموقراطية (Lamb 2016)، و تقترح نانسي سنو (2013) أن بإمكاننا فهم الأمل على أنه فضيلة فكرية. (للحصول على تقييم نقدي لنهج سنو، راجع Cobb 2015.)

تقترح تفسيرات الأمل كونه فضيلة بأنه لا يمكن وصف جميع حالات الأمل بأنها “أمل في افتراض ما”، أي على أنها آمال افتراضية يهدف التعريف القياسي وخلفاؤه إلى تحليلها. هناك نوعان من الأمل غير الافتراضي يخضعان للنقاش (أنظر Rioux 2021): أولًا، وكما يقترح لامب، فقد يكون لدينا أمل في شخص ما وهو ما تسميه أدريان مارتن “الأمل بين الأشخاص” (Martin 2020). اُقترح أن هناك موقفًا من الأمل المطلق قادر على النجاة من فقدان آمال محددة. أدخل غابرييل مارسيل التمييز بين “الأمل في شيء ما” والأمل دون غاية محددة في الفلسفة ونوقش الموضوع مؤخرًا (مع أو بدون إشارة صريحة إلى مارسيل) من خلال تفسيرات مختلفة. يسمي جوزيف جودفاري الأمل دون غاية “الأمل الأساسي” ويبني رأيه على تحليل بلوخ وكانط ومارسيل (Godfrey 1987) وتُميز نظرية باتريك شيد البراغماتية الآمال المحددة والتفاؤل باعتبارها “انفتاح على الاحتمالات المهمة والواعدة بالنسبة لنا” (Shade 2001: 139). يصف جوناثان لير بالمثل “الأمل الراديكالي” على أنه احساس بمستقبل “يظهر فيه شيء جيد” (Lear 2006: 94) بالرغم من استبعاد كل الآمال المحددة؛ ويتخذ ماثيو راتكليف مثل هذا الأمل الراديكالي كمثال على “الأمل المسبق” والذي هو

نوع من التوجه العام أو الإحساس بكيفية تماشي الأمور مع العالم، في السياق الذي تكون فيه الحالات القصدية من نوع “آمل أن شيئًا ما” ممكنة (Ratcliffe 2013: 602).

4. تحليلات الأمل في الأدب النفسي

بحث علماء النفس والمحللون النفسيون بمنهجيةٍ في موضوع الأمل منذ الخمسينيات (Frank 1968، للحصول على نظر عامة أنظر Gallagher et al. 2020). نًظِر إلى الأمل في العديد من هذه الدراسات الأولية كونه عمليةً معرفيةً لتوجيه الإرادة تعتمد على تصور أن تحقيق النتيجة مهم بالنسبة للشخص وعلى أنها، أي النتيجة، ذات احتمالية معينة (Stotland 1969). في حين أن هذا التفسير للأمل يحيد عن التفسير الفلسفي القياسي (أنظر القسم 3) إلا أنه يستمر في لعب الدور الرئيسي في الأدبيات النفسية المعاصرة.

تعد نظرية الأمل لتشارلز سنايدر هي النهج النفسي للأمل الأكثر تأثيرًا في الوقت الحالي (للحصول على نظرة عامة أنظر Rand and Cheavens 2009). يعرّف سنايدر الأمل على النحو التالي:

نقترح وجود عنصرين رئيسيين مترابطين للأمل في إطار تحديد الأهداف. نفترض أولًا أن ما يغذي الأمل هو تصور الإرادة الناجحة المرتبطة بالأهداف. يشير مكون الفعل إلى الشعور بالإصرار الناجح في تحقيق الأهداف في الماضي والحاضر والمستقبل. أما الثاني هو أن الأمل يتأثر بالوجود المتصور للطرق الناجحة المتعلقة بالأهداف. (Snyder et al. 1991: 570)

طور سنايدر وآخرون على هذا الأساس مقاييس مختلفة للأمل، مثل مقياس أمل البالغين (المرجع نفسه) ومقياس أمل الحالة (Snyder et al. 1996) والتي تلقت دعمًا تجريبيًا قويًا وتستخدم الآن على نطاق واسع عالميًا (أنظرGallagher et al. 2020: 193-196  و Rose and Sieben 2018 لمناقشة المقاييس الأخرى).

أثيرت عدة اعتراضات ضد تحليل سنايدر للأمل. الأول هو “تصور الفاعلية” الذي يتعلق بكل من الماضي والمستقبل وبالتالي يقيس سمةً عامةً للأمل بدلًا من الأمل في نتائج محددة. وكرد على ذلك، طور علماء النفس المزيد من مقاييس الأمل “محدودة النطاق” (Lopez et al. 2000: 61). فيما تتعلق المسألة الثانية بما إذا كان تعريف سنايدر للأمل مختلفًا بما فيه الكفاية عن التفاؤل (أنظر Miceli and Castelfranchi 2010; Aspinwall and Leaf 2002). يريد سنايدر التمييز بين الأمل والتفاؤل من خلال ربط الأول بالمعتقدات المتعلقة بالكفاءة الذاتية (Snyder 2002; Snyder، Rand and Sigmon 2018; Magaletta and Oliver 1999) وحصر مصطلح “التفاؤل” في التوقعات العامة حول النتائج الإيجابية. ومع ذلك فإن الاستخدام الشائع للمصطلح يُفهم بصورة أفضل من خلال التفكير بأن بالإمكان التمسك بالأمل حتى لو لم يحدد الشخص احتمالًا كبيراً للنتيجة.

5. الأمل في الفلسفة السياسية

يمكن أن يلعب الأمل ثلاثة أدوار بارزة في السياسة (أنظر Stahl 2020): يمكن أن يكون ذو قيمة فعالة نظرًا لتأثيره التحفيزي والتي تجعل من المرجح أن يحقق الناس أهدافًا مرغوبة سياسيًا. يمكن أن يكون أيضًا مكوناً للسياسة، إذ أنه من الضروري أن تكون بعض الآمال حاضرة لكي يتشكل الوسط السياسي. على سبيل المثال، يرى سبينوزا بأنه لا يمكن للمواطنين التكاتف سياسيًا إلا إذا كان لديهم أمل مدني، والذي يرون بعضهم البعض من خلاله كمصادر للمزايا المحتملة (Steinberg 2018: 90). أخيرًا، يمكن للأمل أيضًا أن يلعب دورًا تبريريًا، بقدر ما هو من الممكن تبرير سياسات معينة علنًا فقط بالرجوع إلى الآمال التي تروج لها بشكل معقول.

نوقشت إمكانية الأمل في التحفيز والتضليل على نطاق واسع في الفلسفة القديمة والحديثة، لكن التفسيرات المنهجية للأهمية السياسية للأمل لم تبدأ في الظهور إلا خلال القرن العشرين (انظر Blöser، Huber and Moellendorf 2020 للحصول على نظرة عامة). كما يمكن فهم العديد من هذه المساهمات على أنها تثير تساؤلات حول المبررات المحتملة للاسترشاد بالأمل في الفاعلية السياسية للفرد من جانب، وحول فوائد ومخاطر الأمل في السياسة من الجانب الآخر.

فيما يتعلق بالسؤال الأول حول تبرير الأمل، يمكن العثور على واحد من أقدم التفسيرات وأكثرها تطلعًا في كتاب مبدأ الأمل لإرنست بلوخ. يقدم بلوخ حجته في سياق نقاش في ماركسية أوائل القرن العشرين، مميزًا بين ما يسميه “التيار البارد” و “الدافئ”: يصور الأول الفكرة المادية القائلة بأن جميع التطورات التاريخية مشروطة ومقيدة بالظروف المادية المتاحة والملموسة “قرارات صارمة لا يمكن تخطيها” (Bloch (1954-59) 1986: I:208)، بينما يُقر الثاني بوجود نظام عملي للواقع يفسره الأمل؛ بعبارة أخرى، يبرر الأمل من خلال فهمه لحقائق العالم بوضوح. يصف بلوخ الأمل على وجه الخصوص باعتباره مرتبطًا دائمًا بـ “ما قبل الوعي” والذي يعكس بدوره “الاحتمالات الموضوعية”. ترتبط هذه الفكرة بميتافيزيقيا بلوخ العملية، والتي بموجبها تتفاعل الميول والإمكانيات الموضوعية مع الأمور الواقعية “المغلقة” بحيث تفتح لحظة تجاوز الإمكانية إلى الواقع دائمًا فرصًا لتدخلات اتخاذ القرار الفعال. ووفقًا لما يراه بلوخ فإن الطريقة الأمثل للارتباط بهذه الفرص هي “التفاؤل المتشدد” أي ليس فقط مجرد الافتراض بأن الأمور ستجري على النحو المرغوب فيه بل  باتخاذ موقفٍ فعالٍ أيضًا تجاه الميول الحقيقية بهدف تحقيقها (Bloch (1954-59) 1986: I:201). يطور بلوخ، من خلال فرضياته من هذه المقدمات، نظرية متكاملة لا يكون فيها الأمل مجرد مزيج خاص من الرغبات والمعتقدات حول الاحتمالات أو الحقائق، بل انعكاس للإمكانيات الميتافيزيقية في العالم وجزء من مجموعة من القدرات البشرية التي تجعل منه ممكنًا ليس للارتباط بما لم يتم بعد، بل بما حدد مسبقًا من الإمكانيات الموضوعية للواقع.

في حين أن معظم الفلاسفة السياسيين المعاصرين يعترفون بأن العديد من آمالنا السياسية ترتكز على الواقع، فإن القليل منهم يصلون إلى أبعد من بلوخ لرؤية موقف عام من الأمل كما تبرره الاعتبارات الميتافيزيقية. على سبيل المثال؛ يرى رولز في كتاب قانون الشعوب أن النظريات السياسية تحتاج إلى تطوير “يوتوبيا واقعية” للعدالة لتوجيه إرادتنا السياسية على نحو موثوق و “دعم وتقوية” آمالنا السياسية (Rawls 2003: 23). يرى هوارد (2019: 300) أن مثل هذه اليوتوبيا تشير إلى نتيجة ممكنة ويمكن تحقيقها في ظل ظروف مواتية، ولكنها مع ذلك قد تكون غير محتملة إلى أبعد الحدود. متبعًا نهج كانط، يبدو أن رولز يفترض أن التبرير الرئيسي لآمالنا السياسية في العدالة يأتي على ما يبدو من حقيقة أننا بحاجة إلى مثل هذه الآمال حتى نتمكن من الاستمرار في التأثر بالعدالة وأنه سيكون من غير المعقول التخلي عن الأمل السياسي لذلك السبب. يلقي بورك (فيما سيصدر له قريبًا) نظرة فاحصة على أوجه التشابه والاختلاف بين كانط ورولز فيما يتعلق بمبرراتهم للإيمان والأمل.

يعتقد بعض المؤلفين المعاصرين أيضًا أن الميل إلى تبني آمال معينة هو فضيلة ديموقراطية يمكن للدول أن تعززها أو تقوضها. يقدم موليندورف ((2006 في هذا الصدد حجةً تقتصر على المجتمعات التي تنتقل من الاستبداد الشديد إلى العدالة: لأن المواطنين بحاجة إلى الآمال ليكونوا قادرين بشكل محفز على الانخراط في الأنشطة الخطرة اللازمة للنضال من أجل التغيير المجتمعي، ولأن الآمال في مستقبل أكثر انصافًا يمكن أن تدعم احترامهم لذواتهم في ظل ظروف غير عادلة؛ لذا يجب على مؤسسات المجتمعات الانتقالية أن توفر “القواعد المؤسساتية للأمل”، مثل إمكانيات الحملات السياسية الحرة والنقاش المفتوح. تزعم سنو (2018: 414) بأن المجتمعات التي لا تقدم للمواطنين “أواصر آمنة” تخلق مواطنين “قلقين” أكثر عرضة للخضوع للقومية المتشككة، في حين أن “الرعاة” الذين هم مواطنون مفعمون بالأمل هم أكثر عرضة لتبني قومية أكثر شمولية. وبصورة أدق، تُعرِف سنو “الأمل المدني” على أنه “ميل راسخ للانفتاح على الاحتمالات السياسية التي يمكن أن توفرها الحكومة الديموقراطية، إذ يجب أن يتضمن الأمل الإيمان بأن غايات الديموقراطية ممكنة” (2018: 419) وتجادل –استنادًا على التقليد البراغماتي (أنظر القسم 2.6 أعلاه)- أن هذا الميل هو فضيلة تساهم في ازدهار حياتهم كمواطنين وفي ازدهار الدولة التي يعيشون فيها أيضًا.

في حين أن معظم الآراء الليبرالية المعاصرة تتبع هذه الحجج في استبدال أسس بلوخ الميتافيزيقية للأمل بمبررات أخلاقية، فإن المدافعين عن الأمل السياسي “غير المبرر” مثل ريتشارد رورتي، يدافعون عن الادعاء الأكثر راديكالية والقائل بأنه لا يمكننا من ناحية المبدأ تقديم أي مبرر أساسي للرغبة في النتائج التي نأملها. ونظرًا لرفض رورتي الشهير لفكرة الفلسفة السياسية التي تستند إلى المعرفة أو الرؤية المتميزة، فإنه يزعم بأن “الأمل الليبرالي” (أي الأمل في ظهور المجتمعات الليبرالية ومساندتها) بالمثل لا يمكن أن يقوم على أي أسس –مثل معرفة الاحتمالات؛ لكنه يعتبر بدلًا من ذلك موقفًا يعبر به أولئك الذين يتبنونه عن التزامهم بأشكال معينة من التفاعل مع المستقبل وإيمانهم بإمكانية حدوثها. يقارن رورتي في كتابه الإمكانية، السخرية، والتضامن، شكلين من الليبرالية: يتوقع “الميتافيزيقي الليبرالي” أن يعتمد التعاون الاجتماعي على المعرفة العلمية أو الفلسفية التي تخترق الخصائص الفردية وتهدف إلى تبني مفردات عالمية أخيرة تقود بعد ذلك للتضامن. وعلى النقيض منه، يتخلى “الساخر الليبرالي” عن فكرة المفردات النهائية ويفترض بدلًا من ذلك أن التداخل المشروط فقط بين “الآمال الأنانية” يمكن أن يكون مصدرًا للتضامن الذي يؤسس الالتزام بالمبادئ الليبرالية (Rorty 1989: 93). يلاحظ سميث (2005) أن رورتي لا ينوي الدفاع عن أمل غير مبرر (أمل لا تبرير ملائم له، على الرغم من إمكانية وجود مثل هذا التبرير)؛ لكنه يشير بدلًا من ذلك إلى شكل من أشكال الأمل لا تُطرح فيه مسألة التبرير المطلق لأنه لا يتضمن فكرة أنه قائم على أي تبرير من هذا القبيل.

بينما يتفق جميع المؤلفين الذين شملهم البحث حتى الآن على الدور الإيجابي للأمل في السياسة، إلا أن هناك أيضًا تقليدًا أكثر تشككًا في الفكر السياسي إذ يتساءل عما إذا كان الأمل بالمعنى المتعارف عليه متاحًا دائمًا للسياسيين أم أنه يجب، على الأقل في بعض الأحيان، التخلي عنه لأسباب سياسية.

تدور مجموعة من الآراء حول ما إذا كانت الجوانب الإيجابية للأمل السياسي متاحة للجميع كما تزعم التفسيرات الليبرالية الكلاسيكية عن الأمل. يجادل ستوشدال (2021) بأن العديد من آمال أعضاء الجماعات المضطهدة ليست أشكالًا من الترقب الممتع بل “أملًا خائف” وبعبارة أخرى؛ أمل في تجنب أسوأ آثار اضطهادهم؛ لذا لا يكون الأمل بهذا المعنى دائمًا شيئًا يجب الحفاظ عليه. وبالطبع فإن هذا لا يستبعد آمال أكثر إيجابيةً مثل الأمل في مستقبل أقل قمعًا. يوجد تحدٍ أكثر راديكاليةً لفكرة أن الآمال المحددة والموضوعية متاحة دائمًا كرد فعل على الظلم والذي يمكن العثور عليها في أفكار لير (2006) حول “الأمل الراديكالي”. يتصور لير موقفًا –ربما مثل ذلك الذي واجهه أفراد شعب كرو بعد أن أُجبروا على العيش في محميات، ونتيجة لذلك أصبح عيش حياتهم التقليدية أمرًا مستحيلًا- حيث أنه، ونتيجة لكارثة تاريخية، تنهار المفردات التي يمكن للمجموعة من خلالها أن تستوعب الأمور الجيدة، وكل ما يمكنهم أن يأملوا فيه هو أن تصبح نسخة جديدة من الحياة الجيدة ممكنة –نسخة يفتقرون حاليًا إلى الكلمات التي تصفها.

تتعلق الحجة المتشككة الثانية بالاعتراض على أن الأمل في السياسة قد يعمل على تشجيع التفكير الحالم أو عرقلة التقييم الواقعي والنقدي للواقع الاجتماعي (انظر Bölser، Huber and Moellendorf 2020 للحصول على نظرة عامة): غالبًا ما يكون مساويًا للتفاؤل (أنظر Eagleton 2015 للحصول على حجة مناقضة لهذه) وبالتالي فهو نهج بدائي للسياسة. ويقال أنه يضعف إمكانيات الشخص لأن الأمل ينطوي على التصور بأن النتيجة تعتمد على عوامل خارجة عن إرادة الفرد وأنه يضلل إرادتنا للأهداف اليوتوبية. وكما يرى موليندورف (2019: 154) فإن كل أمل يفرض تكلفة الفرصة البديلة، إذ يستبعد المواقف البديلة التي قد تكون أكثر قيمة من الناحية العملية. يرى الواقعيون السياسيون (مثل سليت (2013 بأن الأمل قد يكون عنصرًا ضروريًا في السياسة، لكنه بالضرورة سيتجاوز ما هو ممكن بالفعل وبالتالي سيضلل إرادتنا السياسية. على الرغم من أن هذه الحجج تلفت الانتباه إلى مخاطر الأمل في السياسة والتي يجب أن تؤخذ على محمل الجد، إلا أن على القرار المتوازن أيضًا أن يأخذ في الاعتبار أبعاد القيمة التي نوقشت أعلاه. في الواقع، غالبًا ما يؤكد الفلاسفة العاملون في مجال تغير المناخ على القيمة الفعالة للأمل في الحفاظ على العمل الذي يكون فيه تحقيق الهدف النهائي –السيطرة على تغير المناخ- غير مؤكد (McKinnon 2014، Roser 2019). يسلط موليندورف الضوء على الحاجة إلى تطوير سياسات آملة عند مناقشة قضايا المناخ (Moellendorf 2022).

تتطرق حجة ثالثة أخيرًا إلى القضية الأساسية المتمثلة فيما إذا كان الأمل والتفاؤل مرغوبان دائمًا في السياسة كما افترضت الكثير من الحجج السابقة. يرى وارن (2015) على سبيل المثال، بأن مناقشة وتقييم الأمل السياسي في السياسات المتعلقة بالأمريكيين السود، تعمل على ملاءمة المفهوم اللاهوتي للأمل وتستخدمه لفرض “استثمار إجباري” لأمل الأشخاص السود في السياسة –على الرغم من أن السياسات الناتجة تطيل وتعزز فقط الهياكل العنصرية نحو الغايات التي يتجه نحوها ظاهريًا أملهم السياسي. يدافع وارن بدلًا من ذلك عن “مبدأ العدمية السوداء” وهو رفض الإطار السياسي والميتافيزيقي الذي يعمل فيه الأمل السياسي (أنظر Lloyd 2018، Winters 2019). ولكنه يترك كغيره حيزًا لـ “الأمل الروحي” كأمل في نهاية الأمل السياسي.

المراجع

The works of Thomas Aquinas are cited according to the Corpus Thomisticum (available online) as follows: SsS for Scriptum super Sententiis, and ST for Summa Theologiae.

Kant’s works are cited according to the Akademie Edition (AE): Königliche Preußische (later Deutsche) Akademie der Wissenschaften (ed.), 1900–, Kants gesammelte Schriften, Berlin: Georg Reimer (later Walter De Gruyter), except for the Critique of Pure Reason. The latter is cited using the standard A- and B-edition pagination. Quoted translations of Kant are included in the list of sources below.

  • Aristotle, The Nicomachean Ethics, D. Ross (transl.) and L. Brown (ed.), Oxford: Oxford University Press, 2009.
  • Aspinwall, Lisa G. and Samantha L. Leaf, 2002, “In Search of the Unique Aspects of Hope: Pinning Our Hopes on Positive Emotions, Future-Oriented Thinking, Hard Times, and Other People”, Psychological Inquiry, 13 (4): 276–288.
  • Aronson, Ronald, 2012, “Albert Camus”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2012 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/spr2012/entries/camus/>.
  • Augustine of Hippo, Enchiridion: On Faith, Hope, and Love, A. Outler (transl.), Grand Rapids, MI: Freebooks, 1955.
  • –––, City of God (Volume VI), W.C. Greene (transl.), Cambridge, MA: Harvard University Press, 1960.
  • –––, City of God (Volume II), W.M. Green (transl.), Cambridge, MA: Harvard University Press, 1963.
  • –––, Political Writings, E.M. Atkins and R.J. Dodaro (eds.), Cambridge: Cambridge University Press, 2001.
  • –––, City of God (Volume IV), P. Levine (transl.), Cambridge, MA: Harvard University Press, 1966.
  • Benton, Matthew A., 2021, “Knowledge, Hope, and Fallibilism”, Synthese, 198: 1673–89. doi: 10.1007/s11229-018-1794-8
  • Bernier, Mark, 2015, The Task of Hope in Kierkegaard, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780198747888.001.0001
  • Beyleveld, Deryk and Paul Ziche, 2015, “Towards a Kantian Phenomenology of Hope”, Ethical Theory and Moral Practice, 18 (5): 927–942. doi:10.1007/s10677-015-9564-x
  • Bidmon, Agnes, 2016, Denkmodelle der Hoffnung in Philosophie und Literatur. Eine typologische Annäherung, Berlin/Boston: de Gruyter.
  • Blöser, Claudia, 2019, “Hope as an Irreducible Concept”, Ratio, 32 (3): 205–14. doi:10.1111/rati.12236
  • –––, 2020a, “Enlightenment Views of Hope”, in Steven C. van den Heuvel (ed.), Historical and Multidisciplinary Perspectives on Hope, Cham: Springer, pp. 61–76. doi:10.1007/978-3-030-46489-9_4
  • –––, 2020b, “Hope in Kant”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope, London: Rowman & Littlefield, pp. 57–74.
  • Blöser, Claudia, Jakob Huber, and Darrel Moellendorf, 2020, “Hope in political philosophy”, Philosophy Compass, 15 (5). doi:10.1111/phc3.12665
  • Blöser, Claudia and Titus Stahl, 2017, “Fundamental Hope and Practical Identity”, Philosophical Papers, 46 (3): 345–71. doi: 10.1080/05568641.2017.1400918
  • Bloch, Ernst, [1954–1959] 1986, The Principle of Hope, 3 volumes, N. Plaice, S. Plaice and P. Knight (transl.), Cambridge: The MIT Press, 1986.
  • Bobier, Christopher, 2018, “Why Hope is not a Moral Virtue: Aquinas’s Insight”, Ratio, 31 (2): 214–232.
  • –––, 2020a, “Aquinas on the Emotion of Hope: A Psychological or Theological Treatment?” American Catholic Philosophical Quarterly, 94 (3): 379–404. doi:10.5840/acpq202069204
  • –––, 2020b, “The Hopeful Leviathan: Hope, Deliberation and the Commonwealth”, Archiv für Geschichte der Philosophie, 103 (3): 455–480.
  • Bourke, Richard, forthcoming, “History and Normativity in Political Theory: The Case of Rawls”, in Richard Bourke and Quentin Skinner (eds.), History in the Humanities and Social Sciences, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Bovens, Luc, 1999, “The Value of Hope”, Philosophy and Phenomenological Research, 59 (3): 667–681. doi:10.2307/2653787
  • Calhoun, Cheshire, 2018, Doing Valuable Time: The Present, the Future, and Meaningful Living, Oxford: Oxford University Press.
  • Camus, A., [1938] 1970, “Nuptials” [“Noces”], in Lyrical and Critical Essays, E. C. Kennedy (transl.), New York: Vintage Books, 63–106.
  • –––, 1955, The Myth of Sisyphus and Other Essays, New York: Vintage Books.
  • Caston, Ruth R. and Robert A. Kaster, 2016, Hope, Joy and Affection in the Ancient World, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780190278298.001.0001
  • Chignell, Andrew, 2013, “Rational Hope, Moral Order, and the Revolution of the Will”, in Eric Watkins (ed.), Divine Order, Human Order, and the Order of Nature: Historical Perspectives, Oxford: Oxford University Press, pp. 197–218. doi:10.1093/acprof:oso/9780199934409.003.0009
  • –––, 2018, “Religious Dietary Practices and Secular Food Ethics; or, How to Hope That Your Food Choices Make a Difference Even When You Reasonably Believe That They Don’t”, in Anne Barnhill, Mark Budolfson, and Tyler Doggett (eds.), The Oxford Handbook of Food Ethics, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/oxfordhb/9780199372263.013.5
  • –––, forthcoming, “The Focus Theory of Hope”, in Nancy E. Snow (ed.), Hope, Oxford: Oxford University Press.
  • Cobb, Aaron D., 2015, “Hope as an Intellectual Virtue?”, The Southern Journal of Philosophy, 53 (3): 269–285. doi:10.1111/sjp.12112
  • Danziger, Micha, 2020, “Kantian Theoretical Hope”, Contemporary Studies in Kantian Philosophy, 5: 1–14.
  • Day, J.P., 1969, “Hope”, American Philosophical Quarterly, 6 (2): 89–102.
  • Descartes, René, [1649] 1985, “The Passions of the Soul”, in J. Cottingham, R. Stoothoff, D. Murdoch (transl.), The Philosophical Writings of Descartes (Volume I), Cambridge: Cambridge University Press, 325–405.
  • Dewey, John, [1916] 1980, “Democracy and Education”, in Jo Ann Boydston (ed.), The Middle Works, 18991924 (Volume 7), Carbondale: Southern Illinois University Press.
  • Dineen, Katy, 2020, “The Kantian idea of hope – Bridging the gap between our imperfection and our duty to perfect ourselves”, Educational Philosophy and Theory, 52 (2): 170–179. doi:10.1080/00131857.2019.1624525
  • Dodaro, Robert, 2007, “Augustine on the Statesman and the Two Cities”, in Mark Vesey (ed.), A Companion to Augustine, Chichester: Blackwell, pp. 386–397.
  • Downie, R.S., 1963, “Hope”, Philosophy and Phenomenological Research, 24 (2): 248–51. doi:10.2307/2104466
  • Düring, Dascha and Marcus Düwell, 2017, “Hope, Agency, and Aesthetic Sensibility: A Response to Beyleveld ’s Account of Kantian Hope”, in P. Capps and S. Pattinson (eds.), Ethical Rationalism and the Law, Oxford: Bloomsbury, 55–71.
  • Eagleton, Terry, 2015, Hope Without Optimism, New Haven: Yale University Press.
  • Fishman, Stephen M. and Lucille McCarthy, 2007, John Dewey and the Practice and Philosophy of Hope, Urbana: University of Illinois Press.
  • Flikschuh, Katrin, 2010, “Hope as Prudence: Practical Faith in Kant’s Political Thinking”, in Jürgen Stolzenberg and Fred Rush (eds.), Faith and Reason. International Yearbook of German Idealism (7/2009), Berlin/New York: de Gruyter, pp. 95–117.
  • Frank, J., 1968, “The Role of Hope in Psychotherapy”, International Journal of Psychiatry, 5 (5): 383–395.
  • Frede, Dorothea, 1985, “Rumpelstiltskin’s Pleasures: True and False Pleasures in Plato’s ‘Philebus’”, Phronesis, 30 (2): 151–80.
  • Fremstedal, Roe, 2012, “Kierkegaard on the Metaphysics of Hope”, The Heythrop Journal, 53 (1): 51–60. doi:10.1111/j.1468-2265.2011.00714.x
  • Gallagher, Matthew W., Johann M. D’Souza, and Angela L. Richardson, 2020, “Hope in Contemporary Psychology”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope, London: Rowman & Littlefield, pp. 189–207.
  • Gatens, Moira, Justin Steinberg, Aurelia Armstrong, Susan James, and Martin Saar, 2021, “Spinoza: Thoughts on Hope in Our Political Present”, Contemporary Political Theory, 20 (1): 200–231.
  • Godfrey, Joseph J., 1987, A Philosophy of Human Hope, Dordrecht: Martinus Nijhoff Publishers.
  • Gravlee, G. Scott, 2000, “Aristotle on Hope”, Journal of the History of Philosophy, 38 (4): 461–477. doi:10.1353/hph.2005.0029
  • –––, 2020. “Hope in Ancient Greek Philosophy”, in Steven C. van den Heuvel (ed.), Historical and Multidisciplinary Perspectives on Hope, Cham: Springer, pp. 3–23.
  • Green, Jeremy N., 2008, Pragmatism and Social Hope: Deepening Democracy in Global Contexts, New York: Columbia University Press.
  • Han-Pile, Béatrice and Robert Stern, forthcoming, “Is Hope a Secular Virtue? Hope as the Virtue of the Possible”, in Nancy E. Snow (ed.), Hope, Oxford University Press.
  • Hesiod, “Works and Days”, in Glenn W. Most (ed. and trans.), Theogony. Works and Days. Testimonia, Cambridge: Harvard University Press, 2007.
  • Hobbes, Thomas, [1651] 1998, Leviathan, J.C.A. Gaskin (ed.), Oxford: Oxford University Press.
  • Howard, Dana S., 2019, “The Scoundrel and the Visionary: On Reasonable Hope and the Possibility of a Just Future”, Journal of Political Philosophy, 27 (3): 294–317.
  • Huber, Jakob, 2019, “Defying Democratic Despair: A Kantian Account of Hope in Politics”, European Journal of Political Theory, 20 (4): 719–38. doi:10.1177/1474885119847308
  • Hume, David, [1738] 2007, A Treatise of Human Nature, D.F. Norton and M.J. Norton (eds.), Oxford: Oxford University Press.
  • James, William, [1897] 2015, The Will to Believe and Other Essays in Popular Philosophy, New York: Dover Publications.
  • –––, 2000, Pragmatism and Other Writings, Giles B. Gunn (ed.), New York: Penguin Books.
  • Jeffrey, Anne, 2020, “Hope in Christianity”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope, London: Rowman & Littlefield, pp. 1–12.
  • Judaken, Jonathan and Robert Bernasconi (eds.), 2012, Situating Existentialism, New York: Columbia University Press.
  • Kant, Immanuel, [1781] 1998, Critique of Pure Reason, P. Guyer and A.W. Wood (transl. and eds.), Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, [1785] 2006, Anthropology from a Pragmatic Point of View, R.B. Louden (transl. and ed.), Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, [1795] 2016, “Toward Perpetual Peace”, in P. Kleingeld (ed.) and D.L. Colclasure (transl.), Toward Perpetual Peace and Other Writings on Politics, Peace, and History, New Haven: Yale University Press.
  • –––, [1793] 1960, Religion Within the Limits of Reason Alone, T. Greene and H. Hudson (transl.), New York: Harper & Row.
  • Kierkegaard, Søren, [1847] 1995, Works of Love, H.V. Hong and E.H. Hong (transl. and eds.), Princeton/New Jersey: Princeton University Press.
  • –––, [1851] 1990, For Self-Examination. Judge for Yourself, H.V. Hong and E.H. Hong (transl. and eds.), Princeton: Princeton University Press.
  • –––, [1843–1844] 1990, Eighteen Upbuilding Discourses, H.V. Hong and E.H. Hong (transl. and eds.), Princeton: Princeton University Press.
  • Kleingeld, Pauline, 2012, Kant and Cosmopolitanism. The Philosophical Ideal of World Citizenship, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Kontos, Pavlos, 2021a, Aristotle on the Scope of Practical Reason: Spectators, Legislators, Hopes, and Evils, New York: Routledge.
  • –––, 2021b, “Hoping-well: Aristotle’s phenomenology of elpis”, British Journal for the History of Philosophy, 29 (3): 415–434.
  • Koopman, Colin, 2006, “Pragmatism as a Philosophy of Hope: Emerson, James, Dewey, Rorty”, The Journal of Speculative Philosophy, 20 (2): 106–116. doi:10.1353/jsp.2006.0020
  • –––, 2009, Pragmatism as Transition: Historicity and Hope in James, Dewey, and Rorty, New York: Columbia University Press.
  • Kwong, Jack M. C, 2019, “What Is Hope?”, European Journal of Philosophy, 27 (1): 243–54. doi:10.1111/ejop.12391
  • Lamb, Michael, 2016, “Aquinas and the Virtues of Hope: Theological and Democratic: Aquinas and the Virtues of Hope”, Journal of Religious Ethics, 44 (2): 300–332. doi:10.1111/jore.12143
  • Lear, Jonathan, 2006, Radical Hope. Ethics in the Face of Cultural Devastation, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Lewis, John David, 2006, Solon the Thinker. Political Thought in Archaic Athens, London: Duckworth.
  • Lippitt, John, 2015, “Learning to Hope: The Role of Hope in Fear and Trembling”, in Daniel Conway (ed.), Kierkegaards Fear and Trembling: A Critical Guide, Cambridge: Cambridge University Press, pp. 122–141. doi:10.1017/CBO9781139540834.008
  • Lloyd, Vincent, 2018, “‘A Moral Astigmatism’: King on Hope and Illusion”, Telos, (182): 121–138.
  • Lopez, Shane J., Roseanne Ciarlelli, Lisa Coffman, Marion Stone, and Lisa Wyatt, 2000, “Diagnosing for Strengths: On Measuring Hope Building Blocks”, in C.R. Snyder (ed.). Handbook of Hope Theory, Measures and Applications, San Diego: Academic Press, pp. 57–85. doi:10.1016/B978-012654050-5/50006-3
  • Magaletta, Philip R. and J.M. Oliver, 1999, “The Hope Construct, Will, and Ways: Their Relations with Self-Efficacy, Optimism, and General Well-Being”, Journal of Clinical Psychology, 55 (5): 539–551. doi:10.1002/(sici)1097-4679(199905)55:5<539::aid-jclp2>3.0.co;2-g
  • Malantschuk, G. (ed.), 1978, Søren Kierkegaards Journals and Papers (Volume 2), Indianapolis: Indiana University Press.
  • Marcel, Gabriel, [1952] 2010, Homo Viator. Introduction to the Metaphysics of Hope, L. E. Craufurd and P. Seaton (transl.), South Bend: St. Augustine’s Press, 2010.
  • Martin, Adrienne M., 2013, How We Hope: A Moral Psychology, Princeton: Princeton University Press.
  • –––, 2020, “Interpersonal Hope”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope, London: Rowman & Littlefield, pp. 229–48.
  • McCormick, Miriam Schleifer, 2017, “Rational Hope”, Philosophical Explorations, 20 (1): 127–41. doi:10.1080/13869795.2017.1287298
  • McDonald, William, 2014, “Hope”, in Steven M. Emmanuel, William McDonald and Jon Stewart (eds.), Kierkegaards Concepts. Tome III: Envy to Incognito (Kierkegaard Research: Sources, Reception and Resources, Volume 15), London: Ashgate, pp. 163–168.
  • McGeer, Victoria, 2004, “The Art of Good Hope”, Annals of the American Academy of Political and Social Sciences, 592: 100–127. doi:10.1177/0002716203261781
  • McKinnon, Catriona, 2014, “Climate Change: Against Despair”, Ethics and the Environment, 19 (1): 31–48. doi:10.2979/ethicsenviro.19.1.31
  • Meirav, Ariel, 2009, “The Nature of Hope”, Ratio, 22 (2): 216–33. doi:10.1111/j.1467-9329.2009.00427.x
  • Miceli, Maria and Cristiano Castelfranchi, 2010, “Hope: The Power of Wish and Possibility”, Theory and Psychology, 20 (2): 251–276. doi:10.1177/0959354309354393
  • Milona, Michael, 2019, “Finding Hope”, Canadian Journal of Philosophy, 49 (5): 1–20. doi:10.1080/00455091.2018.1435612
  • –––, 2020a, “Philosophy of Hope”, in Steven C. van den Heuvel (ed.), Historical and Multidisciplinary Perspectives on Hope, Cham: Springer, pp. 99–116.
  • –––, 2020b, “Discovering the Virtue of Hope”, European Journal of Philosophy, 28 (3): 740–754. doi:10.1111/ejop.12518
  • Milona, Michael and Katie Stockdale, 2018, “A Perceptual Theory of Hope”, Ergo. An Open Access Journal of Philosophy, 5 (8). doi:10.3998/ergo.12405314.0005.008
  • Moellendorf, Darrel, 2006, “Hope as a political virtue”, Philosophical Papers, 35 (3): 413–433.
  • –––, 2020, “Hope for Material Progress in the Age of the Anthropocene”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope, London: Rowman & Littlefield, pp. 1–12.
  • –––, 2022, Mobilizing Hope: Climate Change and Global Poverty, Oxford, New York: Oxford University Press.
  • Mueller, Andy, 2021, Beings of Thought and Action: Epistemic and Practical Rationality, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Nietzsche, Friedrich, [1883–85] 2006, Thus spoke Zarathustra, Adrian del Caro and Robert B. Pippin (eds.), Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, [1887] 2006, On the Genealogy of Morality, K. Ansell-Pearson and C. Diethe (eds.), Cambridge/New York: Cambridge University Press.
  • –––, [1878 & 1886] 2008, Human, All Too Human and Beyond Good and Evil, H. Zimmern and P.V. Cohn (eds.), Hertfordshire: Wordsworth Editions.
  • O’Neill, Onora, 1996, “Kant on Reason and Religion”, Tanner Lectures on Human Values [O’Neill 1996 available online].
  • Palmqvist, Carl-Johan, 2021, “Analysing Hope: The Live Possibility Account”, European Journal of Philosophy, 9: 685–698. doi: 10.1111/ejop.12584
  • Pettit, Philip, 2004, “Hope and Its Place in Mind”, Annals of the American Academy of Political and Social Science, 592 (1): 152–165. doi:10.1177/0002716203261798
  • Pinsent, Andrew, 2020, “Hope as a Virtue in the Middle Ages”, in Steven C. van den Heuvel (ed.), Historical and Multidisciplinary Perspectives on Hope, Cham: Springer, pp. 47–60.
  • Plato, Statesman. Philebus. Ion, H.N. Fowler and W.R.M. Lamb (transl.), Cambridge, MA: Harvard University Press, 1925.
  • –––, 2008, Timaeus, in Plato: Timaeus and Critias, R. Waterfield (transl.), Oxford: Oxford University Press.
  • Rand, Kevin L. and Jennifer S. Cheavens, 2009, “Hope Theory”, in Shane J. Lopez and C.R. Snyder (eds.), The Oxford Handbook of Positive Psychology (second edition), Oxford: Oxford University Press, pp. 323–334. doi:10.1093/oxfordhb/9780195187243.013.0030
  • Ratcliffe, Matthew, 2013, “What is it to Lose Hope?”, Phenomenology and the Cognitive Sciences, 12 (4): 597–614. doi:10.1007/s11097-011-9215-1
  • Rawls, John, 2003, The Law of Peoples, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Rioux, Catherine, 2021, “Hope: Conceptual and Normative Issues”, Philosophy Compass, 16 (3): e12724. doi:10.1111/phc3.12724
  • Rorty, Richard, 1979, Philosophy and the Mirror of Nature, Princeton: Princeton University Press.
  • –––, 1982, Consequences of Pragmatism, Minneapolis: University of Minnesota Press.
  • –––, 1989, Contingency, Irony, and Solidarity, Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 1998, Truth and Progress (Philosophical Papers: Volume 4), Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 1999, Philosophy and Social Hope, Middlesex: Penguin Books.
  • –––, 2002, “Hope and the Future”, Peace Review, 14 (2): 149–155. doi:10.1080/10402650220140166
  • Rorty, Richard, Derek Nystrom, and Kent Puckett, 2002, Against Bosses, Against Oligarchies: A Conversation with Richard Rorty, Chicago: Prickly Paradigm Press.
  • Rose, Sage and Nicole Sieben, 2018, “Hope Measurement”, in Matthew W. Gallagher and Shane J. Lopez (eds.), The Oxford Handbook of Hope, New York: Oxford University Press, pp. 83–92.
  • Roser, Dominic, 2019, “Hoping to Achieve the Sustainable Development Goals: For and Against”, Jahrbuch Praktische Philosophie in globaler Perspektive, 3: 201–25.
  • Rossi, Philip, 1982, “Kant’s Doctrine of Hope: Reason’s Interest and the Things of Faith”, New Scholasticism, 56 (2): 228–238. doi:10.5840/newscholas198256231
  • Schlette, Heinz Robert, 1995, Der Sinn der Geschichte von Morgen. Albert Camus Hoffnung, Frankfurt: Joseph Knecht.
  • Schopenhauer, Arthur, [1818] 2010, The World as Will and Representation (Volume I), J. Norman, A. Welchman, and C. Janaway (ed.), Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, [1818] 1958, The World as Will and Representation (Volume II), E.F.J. Payne (transl.), New York: Dover Publications.
  • –––, [1840] 1915, The Basis of Morality, A.B. Bullock (transl.), London: George Allen.
  • –––, [1851] 1974, Parerga and Paralipomena (Volume 2), E.F.J. Payne (transl.), Oxford: Clarendon.
  • Schulz, Ortrun, 2002, Schopenhauers Kritik der Hoffnung, Frankfurt: Peter Lang.
  • Segal, Gabriel and Mark Textor, 2015, “Hope as a Primitive Mental State”, Ratio, 28 (2): 207–222. doi:10.1111/rati.12088
  • Seneca [Lucius Annaeus Seneca], [c.60CE] 1969, Letters from a Stoic, R. Campbell (transl.), London: Penguin.
  • Shade, Patrick, 2001, Habits of Hope. A Pragmatic Theory, Nashville: Vanderbilt University Press.
  • Sheehey, Bonnie, 2019, “To Bear the Past as a Living Wound: William James and the Philosophy of History”, Journal of the Philosophy of History, 13 (3): 325–342.
  • Sleat, Matt, 2013, “Hope and disappointment in politics”, Contemporary Politics, 19 (2): 131–145.
  • Smith, Nicholas H., 2005, “Rorty on Religion and Hope”, Inquiry, 48 (1): 76–98. doi:10.1080/00201740510015365
  • Snow, Nancy E., 2013, “Hope as an Intellectual Virtue”, in Michael W. Austin (ed.), Virtues in Action. New Essays in Applied Virtue Ethics, Basingstoke: Palgrave Macmillan, pp. 153–170.
  • –––, 2018, “Hope as a Democratic Civic Virtue”, Metaphilosophy, 49(3): 407–427.
  • Snyder, C. R., Cheri Harris, John R. Anderson, Sharon A. Holleran, Lori M. Irving, Sandra T. Sigmon, Lauren Yoshinobu, June Gibb, Charyle Langelle, and Pat Harney, 1991, “The Will and the Ways: Development and Validation of an Individual-Differences Measure of Hope”, Journal of Personality and Social Psychology, 60 (4): 570–85. doi:10.1037/0022-3514.60.4.570
  • Snyder, C.R., S.C. Sympson, F.C. Ybasco, T.F. Borders, M.A. Babyak, and R.L. Higgins, 1996, “Development and Validation of the State Hope Scale”, Journal of Personality and Social Psychology, 70 (2): 321–335.
  • Snyder, C.R., Kevin L. Rand, and David R. Sigmon, 2018, “Hope theory: A member of the positive psychology family”, in Matthew W. Gallagher and Shane J. Lopez (eds.), The Oxford Handbook of Hope, New York: Oxford University Press, pp. 27–43.
  • Snyder, C.R., 2002, “Hope Theory: Rainbows in the Mind”, Psychological Inquiry, 13 (4): 249–275. doi:10.1207/S15327965PLI1304_01
  • Speight, C. Allen, 2021, “Kant and Benjamin on Hope, History, and the Task of Interpretation”, in Paul T. Wilford and Samuel A. Stoner (eds.), Kant and the Possibility of Progress, Philadelphia: University of Pennsylvania Press, 202–216.
  • Spinoza, Baruch, c. 1660, “Short Treatise on God, Man, and His Well-Being”, in Spinoza 1985: 53–156.
  • –––, 1670, “Theological-Political Treatise”, in Spinoza 2002: 383–583.
  • –––, 1675, “Political Treatise”, in Spinoza 2002: 676–754.
  • –––, 1677, “Ethics”, in Spinoza 1985: 408–617.
  • –––, 1985, The Collected Works of Spinoza (volume 1), Edwin Curley (ed. and transl.), Princeton: Princeton University Press.
  • –––, 2002, Spinoza. Complete Works, M. Morgan (ed.), S. Shirley (transl.), Indianapolis: Hackett.
  • Stahl, Titus, 2020, “Political Hope and Cooperative Community”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope, London: Rowman & Littlefield International, pp. 265–284.
  • Steinberg, Justin, 2018, Spinozas Political Psychology: The Taming of Fortune and Fear, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Stitzlein, Sarah M., 2020, “Pragmatist Hope”, in C. Blöser and T. Stahl (eds.), The Moral Psychology of Hope. Moral Psychology of the Emotions, London: Rowman & Littlefield, pp. 93–]112.
  • Stockdale, Katie, 2021, Hope Under Oppression, New York: Oxford University Press.
  • Stotland, Ezra, 1969, The Psychology of Hope, San Francisco: Jossey-Bass.
  • Thucydides, [c. 410BCE] 2009, The Peloponnesian War, M. Hammond (transl.), Oxford: Oxford University Press, 2009.
  • Treanor, Brian and Brendan Sweetman, 2016, “Gabriel (-Honoré) Marcel”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2016 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2016/entries/marcel/>.
  • Verdenius, William Jacob, 1985, A Commentary on Hesiod, Works and Days, Leiden: Brill.
  • Vogt, Katja M., 2017, “Imagining Good Future States: Hope and Truth in Plato’s Philebus”, in Richard Seaford, John Wilkins and Matthew Wright (eds.), Selfhood and the Soul. Essays on Ancient Thought and Literature in Honour of Christopher Gill, Oxford: Oxford University Press, 33–48.
  • Walker, Margaret Urban, 2006, Moral Repair: Reconstructing Moral Relations after Wrongdoing, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Warren, Calvin L., 2015, “Black Nihilism and the Politics of Hope”, CR: The New Centennial Review, 15 (1): 215–248.
  • Wheatley, J.M.O., 1958, “Wishing and Hoping”, Analysis, 18 (6): 121–131. doi:10.2307/3326568
  • White, Patricia, 1991, “Hope, Confidence and Democracy”, Journal of Philosophy of Education, 25 (2): 203–208. doi:10.1111/j.1467-9752.1991.tb00641.x
  • Winters, Joseph, 2019, “Afro-Pessimism”, in H. Paul (ed.), Critical Terms in Futures Studies, Cham: Springer International Publishing, pp. 5–11. doi:10.1007/978-3-030-28987-4_2
  • Zuckert, Rachel, 2018, “Is Kantian Hope a Feeling?” in K. Sorensen and D. Williamson (eds.), Kant and the Faculty of Feeling, Cambridge: Cambridge University Press, pp. 242–59. doi:10.1017/9781316823453.014

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

[Please contact the author with suggestions.]

مداخل ذات صلة

Aquinas, Saint Thomas | consciousness: seventeenth-century theories of | faith | Kant, Immanuel: philosophy of religion | Kierkegaard, Søren | Marcel, Gabriel (-Honoré) | Nietzsche, Friedrich | Rorty, Richard | Schopenhauer, Arthur

Acknowledgments

Work on an earlier version of this entry was supported by the Hope and Optimism Project at Notre Dame University.


[1] Bloeser, Claudia and Titus Stahl, “Hope”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2022 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/sum2022/entries/hope/>.