الكاتب | سعيد بن عبد العزيز الغامديّ |
المقدّمة
الحمد لله ربّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فإنَّ قضيّة التّأثّر والتّأُثير بين أدبين مختلفين أو مجموعة من الآداب المختلفة من أهمّ القضايا في الأدب المقارن في جميع مدارسه، على اختلاف رؤيتها ومعالجتها لهذا التّأثّر والتّأُثير. وقد تأثّر الأدب العربيّ وأثّر في عدد من الآداب الشّرقيّة والغربيّة؛ فتأثّر بالأدب الفارسيّ مثلًا وأثّر فيه، وتأثّر بالآداب الأورُبّيّة وأثّر فيها. وفنّ القَصّ في الأدب العربيّ القديم خاصّة من أبرز ما أثّر في الآداب الأورُبّيّة وفتن أهلها، بجميع صوره الّتي تضمّنها؛ من الحكاية إلى المقامة إلى الخبر الأدبي، والشّواهد على ذلك كثيرة.
وقد استرعى انتباهي تشابه موضعين عرضا لي أثناء قراءتي خبرَ قَصّ أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان أثرَ بعيرٍ أضلّه صاحبُه؛ الموضع الأوّل في قصّة “صادق أو القدر” للمؤلّف الفرنسيّ فولتير، يقصّ فيه بطل القصّة أثرَ حصان الملك وكلبة الملكة. والموضع الثّاني في رواية “اسم الوردة” للمؤلّف الإيطاليّ أمبرتو إيكو، يقصّ فيه بطل الرّواية أثرَ جوادٍ يملكه رئيس كهنة دَيرٍ قد فرّ هذا الجواد منه. واخترتُ دراسة مدى التّشابه بينهما في بحثي هذا، بالإضافة إلى المواضع التي تصل بينهما من منظومة “هشت بهشت” لـ أمير خسرو الدّهلويّ وقصّة “صادق” لفولتير.
ويتجلّى هذا التّشابه في وجود سمات متكرّرة تدور حول قَصّ أثر الدّابّة وتبيّنها وإصابة وصفها، بين خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان مع الأفعى الجُرهُميّ في الأدب العربيّ القديم، وقصّة “صادق أو القدر” عند الأديب الفرنسيّ فولتير في القرن الثّامن عشر، ورواية “اسم الوردة” عند أمبرتو إيكو في عصرنا الحديث، عبر سلسلة من القوالب الأدبيّة. وتتبّع هذه السّمات وحصرها وتفكيكها يُفيدُ في الوصول إلى نتيجة في مسألة التّأثّر والتّأثير بين هذه الأعمال الأدبيّة، وتحديد العمل الأدبيّ الذي انتقلت منه. ويتّضح هذا من خلال تطبيق مفهوم التّوازي أو التّشابه في الأدب المقارن عند المدرسة الأمريكيّة؛ وذلك عن طريق رصد وجوه التّماثل في البنية والأسلوب بين أطراف المقارنة. وقد ذكر د.يوسف بكّار ود. خليل الشّيخ أنّ ”مصطلح “التّوازي” أو “التّشابه” أو “القرابة” أو “Paralellism” في الإنجليزيّة من مصطلحات المنهج الأمريكي في الأدب المقارن… معناه الكشف عن وجوه التّماثل في البيئة أو الفكرة أو المزاج أو الأسلوب بين أعمال مختلفة([1])“.
وقد ختمتُ الدّراسة بخاتمة تتضمّن أهمّ النّتائج المستلّة منها، وأهمّ التّوصيات الّتي رأيتُ أهميّتها على ضوئها. ثمّ ملاحق؛ لعرض نماذج القصص المذكورة من خبر أبناء نزار إلى قصّة أثر الجواد في رواية “اسم الوردة” عند أمبرتو إيكو، ومقال الأستاذ رِنْزُو براغَنْتِيني (سَرَنْدِبيّة أمراء سرنديب الثّلاثة).
وأصل هذه الدّراسة مشروع بحثي كُنتُ قدّمته لاستكمال شروط نيل درجة الماجستير في تخصّص الأدب بكلّيّة اللّغة العربيّة بجامعة أم القرى، وقُبل بحمد الله واجتزتُ برنامج الماجستير، وأنا الآن في انتظار صدور معاملة منح الدّرجة لي، وقد عدّلتُ فيها أشياء يسيرة لنشرها على الشّبكة بما لا يفقدها محتواها العلمي.
خبر أبناء نزار بن مَعَدّ وسِماته
يُطالعنا خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان (مُضَر، وربيعة، وأنمار، وإياد) في العديد من المصادر الأدبيّة والتّاريخيّة، فنجده في كتب السيرة حِينًا عند الحديث عن نسب نبيّنا الكريم ﷺ، وفي كتب التاريخ الحوليّة حينًا كما عند الطبري في تاريخه([2]) ونجد عند اليعقوبي([3]) أوّل الخبر ولا يكمله. ونجده أيضًا في كتب الأمثال؛ إذ نجد أوّل ذكر لهذا الخبر في كتاب (الفاخر في الأمثال([4])) للمُفضّل بن سَلَمَة بن عاصم الضَّبِّيّ المتوفّى حوالي عام 291هـ، وعنه أخذ الخبر كما هو تقريبًا مَن كتب بعده في الأمثال، مثل الميدانيّ في (مَجمَع الأمثال([5])).
ووجدتُ الخبر أيضًا في كتاب (التّيجان في ملوك حِميَر([6])) المنسوب لوهب بن منبّه من رواية ابن هشام (ت 213هـ) بزيادة وطول أنكرتهما؛ لما في أسلوبها من استغراق في السّجع لا يُعهد عند الكُتّاب في القرن الثّالث الهجري، ووجدتُ المخطوط الذي اعتُمد في الطّبعة قد انتهى من كتابته مطهر بن عبد الرّحمن بن المطهر بن الإمام شرف الدّين يوم السبت 16 من شهر رجب عام 1034هـ وهو سجين بقصر صنعاء المُسمّى “الدّار الحمراء”، فلم أعتمدها من مصادر هذا الخبر لشكّي في أسلوبها وزمان كتابتها وخشيتي أن تكون ممّا أُضيف على الكتاب في وقت متأخر ولم تثبت عن ابن هشام الراوي عن وهب بن منبّه، ولما أعتقد من أنّ هذا محلّ بحثٍ مستقلّ قد يخرج عن إطار الدّراسة المقارنة.
ونجد الخبر أيضًا عند المسعوديّ في مروج الذهب([7])، وكذلك عند النّويريّ في نهاية الأرب([8])، وغيرها الكثير من المصادر، فدلّ هذا على أنّ رواية خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان مستفيضة عن العرب، وأنّه ثابت عنهم.
ويمكن ترتيب أحداث هذا الخبر كالتّالي:
1- يجمع نزار أبناءه الأربعة وهو على فراش الموت ويقسم بينهم ميراثهم، ويوصيهم إن اختلفوا في القسمة أن يرحلوا إلى الأفعى الجرهمي بنجران ليحكم بينهم.
2- يرحل الإخوة الأربعة بعد وفاة أبيهم، ويصادفون أثر كلأ أكله بعير، فيصف مُضَر البعير بأنّه أعور، ويصفه ربيعة بأنه أزور، ويصفه إياد بأنّه أبتر، وأنمار بأنّه شرود. ثم يلتقون بالرّاعي الذي أضلّ البعير فيسألونه عن صفة بعيره فيجيبهم ويسألهم أن يدلّوه عليه، فيجيبونه بأنّهم لم يروه، فيتهمهم بأخذه ويشكوهم إلى الأفعى ليحكم بينهم.
3- وحين يشكوهم الرّاعي إلى الأفعى يسألهم كيف وصفوه دون أن يروه، فيجيب مُضَر بأنّه رأى البعير يرعى جانبًا ويترك جانبًا فعرف أنّه أعور، ويجيب ربيعة بأنّه رأى إحدى يدي البعير ثابتة الأثر والأخرى فاسدة فعرف أنّه أزور أفسد أثر الأخرى لشدّة وطئه عليها، ويجيب إياد بأنّه رأى بعره مجتمعًا لم يمصعه بذيله فعرف أنّه أبتر، ويجيب أنمار بأنّه رآه يرعى في المكان الملتفّ نبته ثم يجوزه إلى أرق منه وأخبث نبتًا فعرف بأنّه شرود، فيحكم لهم الأفعى بأنّهم لم يأخذوا البعير.
4- ثم يسألهم الأفعى من هم فيخبرونه، فيضيفهم ويذبح لهم شاة ويأتيهم بخمر ويجلس منهم بحيث يسمعهم ولا يرونه، فيقول ربيعة ما أطيب اللحم لولا أن شاته رضعت لبن كلبة، ويقول مُضَر ما أطيب الخمر لولا أنّ حَبَلَتها نبتت في مقبرة، ويقول إياد ما أسرى الأفعى لولا أنّه ليس لأبيه الذي إليه يُدعى، ويقول أنمار ما أنفع كلامهم هذا في حاجتهم وأنّ الأفعى الجرهمي يسمعهم.
5- فيقول الأفعى إنهم شياطين، ثم يستدعي قهرمانه([9]) فيسأله عن الخمر فيجيبه بأنّها من حَبَلَة غرسها على قبر أبي سيّده، ثم يسأل الراعي عن الشّاة فيقول إنّها بعد أن وُلدت ماتت أمّها ولم تكن في غنمه شاة ولدت غيرها لترضعها فأرضعها بلبن كلبة، ثم يسأل أمّه أن تصدقه عن أبيه فتجيبه أنّها كانت تحت ملك عقيم وخشيت أن يموت وليس له ولد ويذهب المُلك فأمكنت من نفسها ابن عم له كان نازلًا عليه فولدت الأفعى.
6- ثم يرجع الأفعى إلى الإخوة الأربعة فيقصّون عليه قصّتهم ووصيّة أبيهم، فيقول إنّ ما أشبه القبّة الحمراء من مال فلمُضَر ويذهب مُضَر بالدنانير وحمر الإبل ويُسمّى بنوه مُضَر الحمراء، ويقول إنّ صاحب الفرس الأدهم والخِباء الأسود له كل شيء أسود فتصير لربيعة الخيل الدُّهم ويُقال لبنيه ربيعة الفرس، ويجعل ما أشبه الشمطاء لإياد فتصير له الماشية البُلق ويُسمّى بنوه إياد الشمطاء، ويجعل لأنمار الدّراهم والأرض، فيصدرون من عنده على ذلك.
7- ثم يقول الأفعى: (إنّ العصا من العُصَيّة، وإنّ خُشَينًا من أخشَن، ومساعدة الخاطِل تُعدّ من الباطل)، فتذهَب مثلًا.
وجميع المصادر تتّفق على هذا التّرتيب وهذا التّفصيل غير المسعودي، إذ نجد عنده اختلافًا يسيرًا هذا بيانه:
1- في الحادثة الأولى في بداية الخبر حين دعا نزار بنيه جعله يدعو معهم جارية له شمطاء ويقول لابنه إياد: هذه الجارية وما أشبهها من مالي فلك، ثم يأخذ بيد مُضَر ويدخله قبة حمراء من أدم ويقول: هذه القبة وما أشبهها من مالي فلك، ثم يأخذ بيد ربيعة ويقول له: هذا الفرس الأدهم والخِباء الأسود وما أشبههما من مالي فلك، ثم يأخذ بيد أنمار ويقول له: هذه البَدرَة وما أشبهها من مالي فلك، ثم قال لهم أن يأتوا الأفعى الجرهمي -وكان ملك نجران- إذا أشكلت عليهم القسمة.
فزاد في هذه الحادثة أنّه دعا الجارية الشمطاء معهم ليجعلها لإياد، وأنّه أخذ بأيدي باقي أبنائه وأدخل مُضَرا القبة الحمراء بعد أن أخذ بيده وجعلها له. وجعل فيه الأفعى الجرهمي ملكًا، وهو في باقي الروايات الأخرى للخبر حَكَم العرب ومنزله بنجران يحتكمون إليه في حكوماتهم ليقضي بينهم، وليس ملك نجران.
2- وزاد في الحادثة الثّانية بعد أن ارتحلوا إلى الأفعى ليقسم لهم الميراث أنّهم كانوا على بُعد يوم وليلة من أرض نجران في مفازة حين رأوا أثر البعير، وغيّر ترتيبهم فيما وصفوا البعير به؛ فجعل إياد يصف البعير بأنه أعور بدلًا من مُضَر، وجعل أنمار يصفه بأنّه أبتر بدلًا من إياد، وجعل ربيعة يصفه بأنّه أزور كما كان غير أنّه أتى به ثالثًا لا ثانيًا بعد مُضَر، وجعل مُضَر يصفه بأنّه شرود بدلًا من أنمار وجعله في الأخير بعد أن كان أوّلًا. ويجعل الرّاعي يتّبعهم إلى نجران بعد أن لقوه وذكروا له صفة بعيره ونفوا بأنّهم رأوه حتّى أناخوا بباب الأفعى.
3- جعل الرّاعي في الحادثة الثالثة -بعد أن استأذن الإخوة على الأفعى وأذن لهم- يصيح من وراء الباب: أيها الملك، هؤلاء أخذوا بعيري ثم حلفوا أنهم ما رأوه. فأكّد وصفه بالملك.
4- وجعل الأفعى في الحادثة الرابعة ينزلهم دار الضيافة ويأمر خادمًا بأن يحسن إليهم ويكرم مثواهم، ويأمر كذلك وصيفًا له من بعض الخدم ظريفًا أديبًا أن ينظر كل كلمة تخرج من أفواههم فيأتيه بها، بدلًا من أن يجلس الأفعى نفسه في مكان يسمعهم فيه ولا يرونه. ويجعل القهرمان يأتيهم بقرص من الشّهد بعد أن نزلوا بيت الضيافة فيأكلونه ويقولون: ما رأينا شهدًا أعذب ولا أحسن ولا أشد حلاوة منه، فيقول إياد: صدقتم لولا أنّ نحله ألقاه في هامَة جبّار، فوعى الغلام قولته، وقرص الشهد لم يرد في باقي الروايات، وكذلك تقديم إياد وتأخير مُضَر. فلمّا جاء غداؤهم إذا بشاة مشويّة فأكلوها وقالوا: ما رأينا شواءً أجود شيًّا ولا أرخص لحماً ولا أسمن منه، فيقول أنمار (بدلًا من ربيعة في باقي الروايات): صدقتم لولا أنه غُذي بلبن كلبة. ثم جاءهم بالشراب فلما شربوا قالوا: ما رأينا خمرًا أرق ولا أعذب ولا أصفى ولا أطيب رائحة منه، فيقول ربيعة (بدلًا من مُضَر في باقي الروايات): صدقتم لولا أن كرمها نَبَتَ على قبر. ثم قالوا: ما رأينا منزلًا أكرم قرى ولا أخصب رَحْلًا من هذا الملك، فيقول مُضَر (بدلًا من إياد في الروايات الأخرى): صدقتم لولا أنه لغير أبيه. فيذهب الغلام إلى الأفعى ويخبره بما كان منهم.
5- ثم جعل المسعودي الأفعى الجرهمي هنا في الحادثة الخامسة يذهب إلى أمّه أوّلًا بعد أن استمع إلى غلامه ويقول لها: أقسمت عليك إلا ما أخبرتني مَن أنا ومَن أبي، فتقول: يا بني، وما دعاك إلى هذا؟ أنت ابن الأفعى الملك الأكبر. فيقول: حقاً لتصدقني، فتقول لما أن ألحّ عليها: يا بني إن أباك الأفعى الذي تُدْعَى له كان شيخاً قد أثقل، فخشيت أن يخرج هذا الملك عنا أهل البيت، وقد كان قدم إلينا شاب من أبناء الملوك، فدعوته إلى نفسي، فعلقت بك منه. ثم يبعث إلى القهرمان، فيقول: أخبرني عن الشهد الذي بعثت به إلى هؤلاء النفر ما خطبه، فيقول له: إنا أُخبرنا بدَبْر في طف فبعثت إليه من يَشُورُه، فأخبروني أنهم هجموا على عظام نخرة منكرة في ذلك الطف، فإذا النحل قد عسّلت في جمجمة من تلك العظام فأتوا بعسل لم أر مثله فقدمته إلى القوم لجودته. ثم يبعث الأفعى إلى صاحب مائدته فيقول: ما هذه الشاة التي شَوَيْتها لهؤلاء القوم؟ فيجيبه: إني بعثت إلى الراعي أن ابعث إلي بأحسن شاة عندك، فبعثَ بها إلي وما سألته عنها. فيبعث الأفعى إلى الراعي أن أعلمني خبر هذه الشاة، فيقول: إنّها أوّل ما ولدت من غنمي عام أوّل، فماتت أمها وبقيت، وكانت كلبة لي قد وضعت فأنست السَّخْلة بِجِرَاء الكلبة فكانت ترضع من الكلبة مع جِرَائها، فلم أجد في غنمي مثلها وبعثت بها. ثم يبعث إلى صاحب الشراب، فيسأله: ما هذا الخمر الذي سقيت لهؤلاء القوم؟ فيقول له: من حبة كرْم نبتت غرستُها على قبر أبيك، فليس في العرب مثل شرابها. ثم يقول الأفعى (بعد أن يكمل سؤال حاشيته لا كباقي الروايات من قبل أن يسألهم): ما هؤلاء القوم؟ إن هُمْ إلا شياطين!
6- ثم في الحادثة السّادسة يُحضر الأفعى الجرهمي الإخوة الأربعة ويسألهم ما خطبهم، فيقُصُّون عليه قصتهم. فيقول إياد: إن أبي جعل لي خادمًا شمطاء وما أشبهها من ماله، فيقول: إنّ أباك ترك غنمًا بَرْشاءَ([10]) فهي لك ورعاؤها مع الخادم، وقال أنمار: إنّ أبي جعل لي بَدرَة ومجلسه وما أشبههما من ماله، فقال: فلك ما ترك أبوك من الرِّقَّةِ والحرث والأرض، فيقول ربيعة: إنّ أبي جعل لي فرسًا أدهم وبيتًا أسود وما أشبههما من ماله، فقال: فإنّ أباك ترك خيلًا دُهْمًا وسلاحًا فهي لك وما فيها من عبيد، فسُمّي ربيعة الفرس، ويقول مُضَر: إنّ أبي جعل لي قبة حمراء من أدَمٍ وما أشبهها من ماله، فيقول: إن أباك ترك إبلًا حمراء فهي لك وما أشبهها من ماله، فصارت لمُضَر الإبل والقبة الحمراء والذهب، فسُمّيت مُضَر الحمراء.
7- ثم في نهاية الخبر لا يأتي المسعودي في مروجه بكلمات الأفعى التي ذهبت مثلًا كباقي روايات الخبر، وإنّما يزيد على صُلب الخبر فيحكي ما جرى مع أبناء نزار بعد قسمة الأفعى الجرهمي لهم، فيقول: ”وكانوا على ذلك مع أخوالهم جرهم بمكة فأصابتهم عام أهلكت الشاء وعامة الإبل، وبقيت الخيل، وكان ربيعة يغزو عليها ويصل إخوته، وذهب ما كان لأنمار من شاء في تلك السنين. ثم عاود الناس الخصب والغيث، فرجعت الإبل وثابت إليها أنفسها ومشت، فتناسلت وكثرت وقام مُضَر بأمر إخوتهم، فبينما هم كذلك وقد قدم الرعاء بإبلهم فتعشوا ليلًا وعشوا رعاءهم فقام مُضَر يوصي الرعاء وفي يد أنمار عظم يتعرَّقُهُ فرمى به في ظلمة الليل وهو لا يبصر فأوتد في عين مُضَر وفقأها، فتأوّه مُضَر وصاح: عيني عيني، وتشاغل به إخوته. فركب أنمار بعيرًا من كرائم إبله، فلحق بديار اليمن، وكان بين إخوته ما ذكرنا من التنازع([11])“.
ويُلحظ أنّ الشّخصيّات الرّئيسة أو الأبطال في الخبر هم أبناء نزار الأربعة (مضر، وإياد، وربيعة، وأنمار)، وشخصيّة الحافز أو الباعث هو أبوهم الذي رحلوا إلى الأفعى الجرهمي في نجران حسب وصيّته، ولقاؤهم الرّاعي في الرّحلة واتّهامه لهم بسرقة بعيره ثم سجنهم بسبب هذه التّهمة هو الاختبار أو المهمّة الصّعبة، وشخصيّة الأفعى الجرهمي هي شخصيّة الواهب، وشخصيّة الرّاعي هي شخصيّة وظيفيّة ثانويّة. أمّا زمان الخبر فهو تاريخي ممتدّ يبدأ من حين احتضار أبيهم نزار وقَسمه ميراثه بينهم ووصيّته إيّاهم بالرّحيل إلى الأفعى الجرهمي إن اختلفوا من بعده في القسمة، ثم رحيلهم بعد وفاته ولقائهم الرّاعي ثم وصولهم عند الأفعى الجرهمي وسجنه إيّاهم لشكوى الرّاعي منهم ثم إطلاقهم وإكرامهم بعد تبيّن خطأ الرّاعي في شكواه إلى قسمه ميراث أبيهم بينهم أخيرًا وحصول مطلوبهم.
قصّة أمراء سرنديب الثلاثة
تُعدّ آداب لغات الشّعوب المسلمة (الفارسيّة، والأُرْديّة، والتّركيّة،… إلخ) أكثر آداب اللّغات تأثّرًا وتشرّبًا للّغة العربيّة وأدبها؛ للتّمازج التّاريخي الكبير في المكان والدّين والثّقافة، وقد نشأت بسببه لغات (كالأُرديّة) ودخلت لغات أخرى في طور جديد كلّيًّا بعد فتح العرب المسلمين لأراضيها (كالفارسيّة). وقد لمحتُ تشابهًا كبيرًا بين قصّة تَرِد في منظومة شعريّة للشّاعر الهندي أمير خسرو الدّهلويّ وبين خبر أبناء نزار بن مَعَدّ السّابق، وفيما يلي بسط الحديث عن هذا الشّاعر ومنظومته وأوجه التّشابه والتّأثير فيها مع خبر أبناء نزار:
الحديث عن أمير خسرو:
هو أبو الحسن يمين الدّين بن سيف الدّين([12])، واشتهر بلقبه أمير خسرو الدّهلويّ. ولد أمير خسرو بقرية بتيالي في الهند، ويذكر السيد أبو النصر أحمد الحسيني الهندي أن مولده كان ”في عام 652 هجرية من سلالة عريقة في الشرف من الأتراك المهاجرين إلى الهند من مظالم جنكيز خان في وسط آسيا([13])‟، وهذه القرية تقع ضمن حدود ولاية أُتَّر بَرْدِيش في الهند اليوم. وهو ينحدر من إحدى قبائل التّرك المشهورة بلقب “لاجين”، ووالده هو سيف الدّين محمود كان رئيسًا لقبيلة موطنها مدينة “كش” إحدى مدن التّركستان ([14]).
- أمير خسرو واللّغة العربيّة:
يذكر شبلي النّعماني في كتابه “شعر العجم” عن أمير خسرو أنّه انتهى من تحصيل العربيّة ودراسة جميع العلوم والفنون وعمره ما بين 15 و20 عامًا([15]). وهو يذكر أنّ أمير خسرو على الرغم من أصله الهندي، ”فإن شعراء إيران اعترفوا بشاعريته ومهارته في اللّغة الفارسيّة، ويذكر جامي في “بهارستان” أنه لم ينظم أحدٌ معارضةً لخمسة نظامي([16]) أفضل من خسرو، وكانوا قد لقبوه ببغاء الهند([17])“.
ويذكر الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي عن أمير خسرو أنّه كان لغويًّا مغرمًا بمعرفة شتّى اللّغات، وكان موظّفًا في البلاط الملكي؛ إذ ”تأتّى له أن يخدم نحو سبعة من الملوك الأجلّاء الذين اعتلوا عرش المملكة بدهلي القديمة([18])“.
وهو يشبّه أمير خسرو في ولعه باللّغات وغوصه فيها ببلديّه البيروني، فيقول عنه: ”ولعله لم يأت مثله بعد الأستاذ الفذ أبي الريحان أحمد بن محمد البيروني في سعة المعرفة ونهاية العمق والإجادة في علوم الهند ولغاتها، وفي الولوع بصنوف آدابها ومعطياتها، والشبه بينه وبين البيروني قوي جدًّا حتّى من ناحية الأصل التّركيّ، فكان خسرو كما رضع لبان اللغتين التّركيّة والفارسيّة، إذ كانت الأولى لغة أسرته وجدوده، والثّانية لغة البلاط ولغة الثّقافة في آسيا الوسطى من بلاد ما وراء النهرين إلى العراق في جانب وإلى أصقاع الهند الشمالية في آخر، كذلك أتقن اللّغة العربيّة وبلغ فيها ذروة سنامها لكونها لغة القرآن ولغة الثّقافة الإسلاميّة على وجه البسيطة ثم إنه لم يقصر في إتقان السّنسكريتيّة العتيقة حيث إنها لغة ديانات الهنود، ولا في معرفة بعض اللهجات المحلية البراكرتيّة وعلى الخصوص اللّهجة الهندويّة([19])“.
ويؤثَر عن الشّيخ نظام الدّين البدايونيّ -وهو شيخ صاحبنا الأمير خسرو الدّهلويّ- أنّه كان يفوق مَن عاصره في العربيّة، وأنّه قرأ أشياء جمة على شمس الدّين الخوارزميّ منها كتاب مقامات الحريريّ، كما قرأ على الشّيخ كمال الدّين زاهد أيضًا بسنده عن الشّيخ برهان الدّين محمود بن أسعد البلخي بسنده مستقيمًا عن الصّغانيّ كتاب مشارق الأنوار للصّغانيّ خاصة، فسمع منه هذا الكتاب تامًّا([20]).
فأمير خسرو ”بدأ يحصل اللّغة العربيّة منذ نعومة أظفاره، وقد ساعدته على إتقانها فيما يبدو مجالس الأعلام المثقفين في بلاط جده عماد الملك… وقد ظل حفيده (خسرو) منقطعًا إلى كنفه… وربما كان من محض التكلف وصريح التفاهة أن يقال: إن خسرو شرع في تعلم اللّغة العربيّة بعد تعلقه بأهداب الشّيخ نظام الدّين، وذلك كما وقع مع الأخي سراج([21])، فلا غرو أن خسرو وقع يتردد إلى الشّيخ نظام الدّين منذ أن ناهز العشرين وقد دلت الأمارات على أنه قبل ذلك بكثير استوى بارعًا في العربيّة كثير العناية بآدابها الرفيعة الخالدة([22])“.
ويذكر الأستاذ معصومي عن أمير خسرو أيضًا أنّه على عُجمة أصله ومعرفته الواسعة باللّغات إلّا أنّه كان ”لا يرضى بتفضيل شيء من هذه اللّغات العجمية على اللّغة العربيّة، فقد اعتقد بالجزم أنها تفوق اللّغات والألسنة كلها، وإنما تتلوها اللّغة السّنسكريتيّة في التقدم، فدونكم ما يقول في هذا الصدد:
عرب در گفت دارد كار ديگر | كه ناميزد درو گفتار ديگر |
زبان هند هم تازي مثال أست | كه آميزش در آنجاكم مجال أست |
يعني أن العرب يختلف شأنهم في اللّغة عن سائر الأمم، فلا يرنق صفو لغتهم لوثة غيرها من لغات الأعجمين، وإنما تحكي العربيّة من هذه الناحية، لغة أهل الهند بحيث لا يشوبها أي كدرة إلّا قليلًا جدًّا. وإذا كان هذا رأي خسرو في اللّغة العربيّة، فلا بد أن نلفت النظر إلى استقائه من منهلها الصافي النمير ثم إلى مكانته كأديب متعرب ينظم ويكتب بهذه اللّغة الكريمة…([23])“.
وقد نقل ابن بطّوطة في رحلته الشّهيرة صورةً دقيقةً واضحةً لعصر أمير خسرو ولانتشار اللّغة العربيّة في الهند وتقريب سلاطينها للعلماء وعنايتهم بهم، إذ كان أوّل دخوله بلاد السّند والهند عام 743هـ كما يورد في الفصل العاشر من رحلته([24])، أي بعد 18 عامًا فقط من وفاة أمير خسرو.
- مصنفاته:
يُعدّ أمير خسرو أبا الأدب الأُرديّ، وله مصنفات كثيرة في الشعر والنثر بالفارسيّة والأُرديّة كلتيهما، لكنّي سأقتصر في تعداد مصنفاته على منظوماته الشعرية بالفارسيّة من نوع المثنويّ التي عارض بها مجموعة “بنج كنج (الكنوز الخمسة)” للشّاعر نظامي الكنجوي فحسب، وهي كما يلي:
- مطلع الأنوار: وهي منظومة في التصوف في 3310 أبيات، نظمها عام 698هـ على منهج كتاب “مخزن الأسرار” للشاعر الفارسيّ الشهير نظامي.
- شيرين وخسرو: نظمها في نفس العام 698هـ عن عشق خسرو لشيرين، وهما من أشهر المتحابين في الأدب الفارسيّ.
- ليلى والمجنون: نظمها في نفس العام أيضًا في 4124 بيتًا، وهي -كما يتضح من عنوانها- عن مجنون ليلى في الأدب العربيّ.
- آئين إسكندري: نظمها عام 699هـ في 4450 بيتًا، على منوال “إسكندر نامه” للشاعر نظامي([25]).
- 5- ”هشت بهشت: آخر مثنوي في سلسلة الكنوز الخمسة، ويعارض فيه ديوان “هفت بيكر” لنظامي، وانتهى منه عام 701 هـ، ويحتوي على 3382 بيتًا.
والخمسة كاملة باسم السلطان علاء الدّين خلجي، ومجمل أبياتها 18 ألف بيت، وخمسة نظامي تحتوي على 28 ألف بيت وهو الديوان الخامس، وانتهى منه في غضون سنتين([26])“. واسم سلسلة الكنوز الخمسة بالفارسيّة “بنج كنج”، وهي ”معارضة لـ”بنج كنج” نظامي، ولهذا عنوان كل كتاب منها باسم السلطان علاء الدّين([27])“.
- وفاته:
في آخر حياته سافر أمير خسرو مع السلطان محمد تغلق شاه إلى البنغال، ثم عاد تغلق شاه وظل أمير خسرو هناك، وذاع خبر وفاة شيخه نظام الدّين أولياء البدايوني الجِشْتي، فقَفَلَ أمير خسرو عائدًا إلى دلهي وتصدّق عن شيخه بالذّهب والأموال وارتدى ملابس الحداد السوداء، وجلس مجاورًا لقبره، وتوفي بعد ستة أشهر في ذي القعدة عام 725هـ([28]).
كتاب هشت بهشت، وقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة:
“هشت بهشت” هو خامس سلسلة الكنوز الخمسة (بنج كنج) وآخر مثنوي نظمه أمير خسرو، وسأُفرد حديثي عنه فقط في قصّة “أمراء سرنديب الثّلاثة” التي وردت فيه، وأكتفي بما قاله عنه شبلي النّعماني مؤلّف كتاب “شعر العجم”، إذ يقول: ”وصل شعر أمير فيه إلى نهاية مدارج النضج والاحتراف، حيث وصل فيه إلى ذروة الكمال في تصوير الوقائع، وقد نظم حكايات خيالية في سائر الكتاب، وكان يلتزم في الواقعة التي يكتبها بأن تكون جزئياتها صغيرة بحيث يكون اللسان قاصرًا عن أدائها. والمثنوي بأكمله على هذا الأسلوب، ولا يستطيع أي مثنوي في اللّغة الفارسيّة أن ينافسه في هذه الخصوصية([29])“.
- قصّة أمراء سرنديب الثّلاثة:
تبدأ القصّة في منظومة “هشت بهشت” من البيت 781، وقد استعنتُ في قراءتها بترجمة أستاذة متخصّصة في اللّغة الفارسيّة تواصلتُ معها([30])، ويمكن ترتيب أحداثها على هذا النّحو:
- يدعو ملك سرنديب أبناءه الثّلاثة ويقول لهم إنّه يريد ترك العرش، دون تسمية أحدٍ منهم لا الملك ولا أبنائه، وحين لا يقبل أحدٌ منهم أن يَخلُفَه ينفيهم من مملكته.
- بعد رحيلهم يلتقي الشبّان الثّلاثة -وهم يدخلون بلد أحد الملوك- راعي إبل زنجي أَضَلّ بعيرَه يسألهم إن كانوا رأوه، فيسأل الإخوة الثّلاثة الرّاعي، بدءًا بأكبرهم، ثم أوسطهم، ثم أصغرهم: أليس البعير أعور؟ أليس فيه سنّ مثلوم؟ أليس أعرج؟ فيجيبهم الرّاعي عن أسئلتهم ويشكرهم ويكمل بحثه. ثم يعود يتّهم الثّلاثة بتضليله، لأنّه لم يجد الدّابة.
- فيدلّل الأمراء للرّاعي بعلامات جديدة أنّهم لم يضلّلوه قط كما اتّهمهم وأنّهم يصفون له بعيره، فيقول أوّل الإخوة أنّ البعير يحمل حِملًا مضاعفًا، زيتًا في جانب، وعسلًا في الآخر. ويقول ثانيهم إنّ البعير يحمل أيضًا امرأة. ويقول ثالثهم إنّ المرأة ثقيلة. فيظنّ الرّاعي يقينًا أنّهم سرقوا بعيره، ويشكوهم إلى الملك عازمًا أن ينصفه.
- فيحبس الملك الإخوة الثّلاثة، لكنّه يطلقهم بعد أن يجد الرّاعي دابّته، ويسألهم كيف تبيّنوا صفة البعير ودقيق حِمْلِه. فيجيبه أكبرهم أنّ البعير كان أعور لأنّ العشب رُعي من ناحية، ولم يُمَسّ من الأخرى. ويقول أوسطهم إنّه ثُلم فيه سنٌّ لأنّ في طريقه قَضَمات كبيرة من العشب سقطت من سنّ مثلوم. ويقول أصغرهم إنّه أعرج لأنّ المرء يرى من آثاره أنّ إحدى أخفافه كان يُجَرّ على الرّمل. ثم يقول أكبرهم إنّ البعير يحمل زيتًا على جانب، وعسلًا على الجانب الآخر، لأنّ أمّة من النّمل على جانب الطّريق، وأمّة من الذّباب على الجانب الآخر. ويقول أوسطهم إنّ البعير كان يحمل امرأة لأنّه رأى بولًا قرب بعض الآثار، ووضع يده فيه فاغْتَلَم. ويقول أصغرهم إنّ المرأة كانت ثقيلة لأنّها بعد قضاء حاجتها -كما يبصر المرء من الآثار على الرّمل- اعتمدت على يديها لتعاود الوقوف. فيدهش الملك من فراستهم ويدعوهم أن يبقوا عنده.
- ويسمع أحد عمّال الملك في يومٍ -وهو ينصت إلى حديثهم سرًّا- ما قالوه عن خمرٍ وطعامٍ قدّمه الملك لهم، فينقل له ما قالوه. إذ قال أوّلهم إنّه لا يشكّ أنّ الخمر من كَرْمَة زُرِعَت في مقبرة. وأقسم ثانيهم أنّ الـجَذَع الذي يأكلونه أرضعته لبنها كلبة. وقال ثالثهم إنّ هذا الملك هو ابن طباخ وليس ابن ملك.
وبعد أن تحرّى فيما استنبطه ضيوفه علم الملك صدقهم أيضًا. ثم يسأل الشّبّان كيف اهتدوا إلى ما استنتجوه: فيجيب أكبرهم أنّ كَرْمَة الخمر مزروعة في مقبرة لأنّ الخمر التي تَسُرّ المرء عادة جعلته وقتَها حزينًا مكتئبًا، وكذلك الآخرين. ويقول أوسطهم إنّ الـجَذَع قد أرضعته كلبة لأنّه ما إن أكل منه شعر أنّ قلبه التهب واللّعاب يسيل من فمه، وأنّ عروق الجَذَع فيها رائحة كلب. وقال أصغرهم إنّ الملك ابن طبّاخ؛ لأنّ علامات الملوك من الحنكة والتّمرّس بالتّجارب ليست فيه، وإنّما ليس له إلّا الحساء والخبز يُطعم النّاس.
- ثم يصلهم الملك بعدها بمئة دينار، ويجهّزهم إلى أبيهم. وحين يصلون إليه يسعد بمقدمهم، ويهب لهم علامات مُلكه ورايته التي هي كلّها سوداء بلون المسك.
- المقارنة بين خبر أبناء نزار بن مَعَدّ وقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة:
أوّل الفروقات التي نجدها بين خبر أبناء نزار بن مَعَدّ وقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة عند أمير خسرو، أنّ أمير خسرو قد جعل والدَ الأبناء ملكَ جزيرة سرنديب، وجعلهم ثلاثة ولم يُسمِّ أحدًا منهم، وجعله ينفيهم من مملكته لرفضهم أن يخلفوه على العرش. ثم أضاف إلى صفة الرّاعي بأن جعله زنجيًّا، وأضاف في صفة البعير فجعله مثلوم السِّنّ وجعله يحمل امرأة ثقيلة، ثم جعل اسم الملك الذي يَقدُمون عليه “بَهْرام” في إشارة ضمنيّة أنّ وجهتهم هي بلاد فارس دون أن يذكرها صراحة، وجعله ابنَ طبّاخ أيضًا، وجعلهم في آخر القصّة يعودون -بعد صِلَة الملك لهم- إلى أبيهم ويتلقّون منه علامات مُلكه ورايته.
انتقال القصّة إلى أورُبّا، ومحطّة الانتقال الأولى (إيطاليا)
المترجم كرِسْتُوفَر الأرمنيّ
ليس لدينا الكثير من المعلومات عن هذا المترجم الأرمنيّ غير ما سطره بنفسه في كتابه، وبضعة أسطر تذكره في السّجلّات الحكوميّة، وكلّها لا تزيد على أنّه قد عاش في البندقيّة منتصف القرن السّادس عشر الميلادي. وهو يذكر عن نفسه في مقدمة كتابه أنّه نصراني -أرمني كما يتّضح من اسمه- من مدينة تبريز، رحل إلى مدينة البندقيّة في بلاد (الفرنجة([31])) لما يسمعه عن رُقيّ ونُبل أهلها وثقافتهم، ولرحمتهم بالفقراء والغرباء -إذ كانوا يوفّرون لهم سكنًا مجانيًّا استفاد منه المترجم نفسه فسكن في غرفة ثلاث سنين مجّانًا- قرّر أن يترجم قصص هذا الكتاب من الفارسيّة إلى الإيطاليّة ردًّا لجميلهم، وأهداه إلى النبيل مارك أنطونيو غيوسْتِنْيانو Marcantonio Giustiniano الذي كان يملك مطبعة تطبع الكتب العبريّة، ابن السيد غِيرُولامو Girolamo ناظر كنيسة سان ماركو([32]).
وقد وصل بعض الباحثين -منطلقين من إنكار وجود أصل فارسيّ نُقل عنه الكتاب- إلى إنكار وجود كرِسْتُوفَر الأرمنيّ، منهم رِتْشَرْد فِكْ Richard Fick وزميله أَلْفُنْس هِلْكَا Alfons Hilka اللذان نشرا ترجمة أستاذهما ثِيُودُور بِنْفيTheodor Benfey لكتاب “الحِجَّة” بالألمانيّة وقدّما لها، إلّا أنّ باحثين آخرين ردّوا على هذه التّهمة بإثبات وجود هذا المترجم في سجلّات حكومة مدينة البندقيّة والفاتيكان؛ يقول د. رِنْزُو براغَنْتِينِي Renzo Bragantini في مقال له عن هذا الكتاب: ”وقد وجدتُ في سجلّات حكومة البندقيّة -وأنا أبحث عن دليل في حقيقة كرِسْتُوفَر- أرمنيًّا يجيد عدّة لغات شرقيّة (العربيّة، الفارسيّة، إلخ) وكان صديقًا قريبًا من جوزيبي تراميزينو Giuseppe Tramezzino الذي يتّفق أن يكون ابن أخي ميشيل ناشر “الحِجَّة”([33])“. وقد وجد البروفِسور أَنْجِلو ميكيل بِيمُنْتِيزي Angelo Michele Piemontese في سجلّات الفاتيكان -كما يذكر في بحث له عن منظومة هشت بهشت- جواز مرور أصدره البابا يوليوس الثالث عام 1552م لمسيحي (ترد الكلمة بالعربيّة “Masihi”) أرمني من مدينة تبريز هاجر إلى إيطاليا ويتقن الإيطاليّة([34]).
مجموعة ” Peregrinaggio di tre giovani figliuoli del re di Serendippo (حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب)“
نُشر الكتاب في مدينة البندقيّة عام 1557م في مطبعة ميشيل تراميزينو بعنوان: (Peregrinaggio di tre giovani figliuoli del re di Serendippo; tradotto dalla lingua persiana in lingua italiana da M. Christoforo Armeno)؛ أي: (حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب؛ تُرجمت من اللّغة الفارسيّة إلى اللّغة الإيطاليّة من السيد كرِسْتُوفَر الأرمنيّ)، وقد استعنتُ في قراءته بالتّرجمة الإنجليزيّة له من الأصل الإيطالي.
ويأتي فيه أوّلًا إهداء المترجم للنبيل مارك أنطونيو غيوسْتِنْيانو، ثم مقدمته التي يبدأها بحمد الله تعالى ثم الحديث عن نفسه وبلاده وعن البندقيّة وأهلها وما اجتذبه إليها([35]).
ومن هنا سأستعرض أحداث القصّة إلى نفي الوزير بتصرّف كبير من مقال د. رنزو براغنتيني الذي أرفقته كاملًا في ملاحق الدّراسة([36]). إذ تبدأ القصّة الرئيسة في سالف الزمان في بلد سرنديب بأن يدعو ملك عظيم قوي اسمه جعفر أبناءه الثّلاثة قائلًا أنّه يريد ترك العرش، وحين لا يقبل أحدٌ منهم أن يَخلُفَه ينفي الملك جعفر أبناءه الثّلاثة من مملكته وهو يتصنّع الغضب منهم لرفضهم. ثم يلتقي الشبّان الثّلاثة -وهم يدخلون بلاد فارس، بلد الملك بَهْرام (Beramo بِيرامو بعد طَليَنَته)- راعي إبل أَضَلّ بعيرَه يسألهم إن كانوا رأوه، فيسأل الأمراء الثّلاثة الرّاعي بالتّرتيب سِنًّا من الكبير إلى الصّغير: 1- أليس البعير أعور؟ 2- أليس فيه سنّ مثلوم؟ 3- أليس أعرج؟ وبعد أن يجيبهم عنها يشكرهم الرّاعي ويكمل بحثه. ثم يعود يتّهم الثّلاثة بتضليله، لأنّه لم يجد الدّابة. فيدلّل الأمراء للرّاعي بعلامات جديدة أنّهم لم يضلّلوه قط كما قد يتبيّن، وهي: 1- يحمل البعير حِملًا مضاعفًا، زبدًا في جانب، وعسلًا في الآخر (أكبر الإخوة). 2- يحمل البعير أيضًا امرأة (أوسطهم). 3- والمرأة حامل (أصغرهم). فيظنّ الرّاعي يقينًا أنّهم سرقوا بعيره، فيشكو سرقتهم إلى الملك بَهْرام عازمًا أن ينصفه. فيحبس الملك الأمراء الثّلاثة، لكنّه يطلقهم بعد أن يجد الرّاعي دابّته، ويسألهم كيف تبيّنوا صفة البعير ودقيق حِمْلِه. وكان تفسيرهم لاستنتاجاتهم الأولى أنّ البعير 1- أعور لأنّ العشب رُعي من ناحية، ولم يُمَسّ من الأخرى. 2- وثُلم فيه سنٌّ لأنّ في طريقه قَضَمات من العشب كبيرة سقطت من سنّ مثلوم. 3- وهو أعرج لأنّ المرء يرى من أثره أنّ إحدى أخفافه كان يُجَرّ على الرّمل. أمّا أجوبة الاستنتاجات الثّانية فهي: أنّ البعير 1- يحمل زبدًا على جانب، وعسلًا على الجانب الآخر، لأنّ المرء يرى أمّة من النّمل على جانب الطّريق، وأمّة من الذّباب على الجانب الآخر. 2- وكان يحمل امرأة لأنّ أوسطهم رأى بولًا قرب بعض الآثار، ووضع يده فيه فاغْتَلَم. 3- وكانت المرأة حاملًا لأنّها بعد قضاء حاجتها -كما يبصر المرء من الآثار على الرّمل- اعتمدت على يديها لتعاود الوقوف. فدعاهم بَهْرام -وقد أدهشته استنتاجات الأمراء الثّلاثة- أن يبقوا عنده زمانًا.
وسمع بَهْرام يومًا -وهو ينصت إلى حديثهم سرًّا- ما قالوه عن خمرٍ وطعامٍ قدّمه لهم. 1- فيقول أكبرهم أنّه لا يشكّ أنّ الخمر من كَرْمَة زُرِعَت في مقبرة. 2- ويقسم ثانيهم أنّ الجَذَع الذي يأكلونه أرضعته لبنها كلبة. 3- ويقول أصغرهم أنّه لاحظ أنّ وزير بَهْرام يريد قتل ملكه، الذي قتل ابن الوزير قبلها لجُرمٍ اقترفه. وبعد أن يتحرّى فيما استنبطه ضيوفه يعلم بَهْرام صدقهم. ثم يسأل الشّبّان كيف اهتدوا إلى ما استنتجوه، فكانت أجوبتهم: 1- أنّ الخمر مزروعة في مقبرة لأنّها -والخمر تَسُرّ المرء عادة- جعلت أكبرهم وقتها حزينًا مكتئبًا. 2- وكان الجَذَع قد أرضعته كلبة لأن ثانيهم ما إن أكل منه شعر أنّ فمه مالح مُزبِد. 3- وتبييت الوزير قتل الملك لأنّ أصغرهم لاحظ في مجلس لبَهْرام مع حَشَمه أنّ أسارير الوزير اضطربت حين قال بَهْرام أنّ الخبيثِين أهلٌ للعقوبة. ورآه الأمير أيضًا يطلب ماءً ليطفئ حرّ كبده، فظنّ أنّه لا يوجعه هذا الوجعَ غيرُ قتل ولده. ثمّ نفى الملكُ الوزيرَ من مملكته.
وبعد أن رأى بَهْرام فطنة هؤلاء الأمراء يأتمنهم على مهمة استعادة “مرآة العدالة” التي هي من إرث أسرته، كان قد سرقها عمّ له ليعطيها لملكة هندية. وحين يصلون إلى الهند يغلبون “يدًا مميتة” خرجت من البحر للإفساد في مملكة الملكة، ثم يبهرونها بحلّهم لغزين (يتّصل الأوّل بتقسيم بعض البيض، والثّاني بكمية من الملح) فتعطيهم الملكة المرآة. وحين يعود الأمراء الثلاثة إلى بلاد فارس يجدون بَهْرام في غم عظيم، إذ أغرم في غيابهم بجارية له اسمها ديليراما بارعة في الموسيقى، وخرج بها يومًا يصطاد، فتحدّته معابثةً أن يسدّد رمية فائقة تثبت حافر الظبي بأذنه، ففعلها بمهارة نادرة غير أنّ الجارية سخرت منه ولم تثن عليه، فغضب الملك من إهانتها له أمام حاشيته وأمر أن تُلقى الجارية إلى وحوش الغاب لتلتهمها. وبعد أن أُخذَت راجعته نفسه وتفكّر في حبّه الجَمّ لها، فأرسل بعض مأموريه ليستعيدوها، غير أنّهم لم يجدوها، إذ لقيها قبلهم تاجر شيخ فانضمّت إلى قافلته. ومن غير جاريته التي يحبّ تردّت صحّة الملك، ولم يعد يرضيه شيء. فيقترح الأمراء الثلاثة على الملك أن يبني سبعة قصور تختلف ألوانها، وأن يضع في كل قصر أميرة وراويًا للحكايات، عَلّه يتعزّى بهذا، ولعلّه إن أمضى في كلّ قصر ليلة يجد من البهجة ما ينسيه لوعته.
ويحتوي ما بقي من الكتاب سبع قصص (أو نوفِلّات novellas) تعرض الحكايات التي رويت في كل ليلة في تلك القصور، ولن أفصّل فيها بل سأوجز في ذِكرها، ما عدا القصّتين الثالثة والسابعة التي سأعرض أحداثهما في عُجالة لأهميّتهما.
تُروى القصة الأولى في قصر الفضّة، والقصّة الثّانية في قصر الأرجوان، وتُروى القصّة الثالثة في قصرٍ زُيّن بعدّة ألوان يقع في مدينة في الهند اسمها (ذهب Zeheb). وهذه القصّة -كما يقول البروفِسور سكايْلَر كامان Schuyler Cammann- هي أكثر القصص تأثيرًا في الكُتّاب اللاحقين بعد قصّة الأمراء الثلاثة الرئيسيّة([37])، وفيها يعطي حاكمُ مدينة (ذهب) الثري أحدَ الصّاغة ذهبًا كثيرًا لينشئ له أسدًا كبيرًا من ذهب. غير أنّ صائغًا آخر من خصوم هذا الذي كُلّف بالعمل يشكّ أنّ خصمه يستبقي لنفسه شيئًا من الذهب، لكنّه لا بد له من وزنه لكي يتأكد. فأغرى زوجته أن تذهب إلى زوجة صاحبه وتجعلها تعرف من زوجها كيف يصنع. فأخبر الصائغ الأوّل زوجته أنّ الأسد يوزن بوضعه في قارب، ويُؤشّر على جانبه العمق الذي يبلغه وهو يطفو، فإذا حملوا منه التّمثال يملؤونه حجارة حتّى يبلغ الموضع المؤشّر على جانبه، ثم تُزال الحجارة منه وتوزن وحدها. فأفشت زوجته سرّه غافلةً إلى زوجة خصمه، ووشى به خصمه إلى الحاكم، فوُزن التّمثال وكُشفت سرقته، وسُجن الصّائغ المُدان في برج عالٍ. لكنّ هذا الصّائغ يخبر زوجته عن طريقة لإنقاذه، ثم يدبّر استدراجها -وهي تنفّذها- إلى البرج لتكون سجينةً محلَّه. وبعد أن يخلّصها مسافرون عابرون ويأخذوها إلى حاكم المدينة، يُسرّ الحاكم لسماع قصّة هروب الصّائغ وثأره الماكر. فيعفو عنه، ويصالح الصّائغ زوجته وأيضًا خصمه الصّائغ الآخر.
والقصّة الرّابعة تُروى في القصر الأصفر، والخامسة في القصر الأخضر، والسّادسة في القصر البُنّي. وأخيرًا في القصّة السّابعة المرويّة في القصر الذّهبي يعلم الملك بَهْرام من الرّاوي أنّ محظيّته ديليراما ما زالت حيّة، فيرسل في طلبها حالًا. ويتزوجها حين تعود، ويتزوج الأميرات السّبع في القصور، ويكافئ أمراء سرنديب الثّلاثة ويعودون إلى بلدهم. فيبتهج أبوهم الشّيخ لرؤيتهم، ويخلفه ابنه الأكبر عند موته على العرش. ويرجع الابن الثّاني إلى الهند ليتزوج الملكة التي أسهم مع إخوته في حلّ معضلاتها، ويُستدعى الابن الأصغر إلى بلاد فارس ليتزوّج بنت بَهْرام الصّغرى، وما يلبث أن يخلفه في المُلك. وبهذا تنتهي الحكاية([38]).
- المقارنة بين (حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب) لكرِسْتُوفَر الأرمني وقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة لأمير خسرو:
ثمّة عدّة فروقات نجدها بين “حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب” وبين قصّة أمراء سرنديب الثّلاثة في منظومة “هشت بهشت” لأمير خسرو التي أُخذت منها، وهي على هذا التّرتيب:
- تسمية ملك سرنديب والد الأمراء بجعفر.
- جعل الأمراء يرتحلون إلى بلاد فارس، فذكرها صراحة، واسم الملك الذي قَدموا عليه بَهْرام.
- جعل المرأة التي يحملها البعير حاملًا، ولعلّ هذا لأنّ العبارة الفارسيّة عن مَن يركب البعير (حامل) تحتمل المعنيين، الرّاكب والمرأة الحامل([39]).
- استبدال حديث أصغر الإخوة الأمراء عن نيّة وزير الملك بَهْرام اغتيالَ سيّده بحديثه عن أنّ والد الملك الحقيقي طبّاخ عند أمير خسرو، ويعلّل هذا د. رِنْزُو براغَنْتِينِي بالتّأثير الصّادم لبنوّة الملك غير الشّرعيّة في البندقيّة في ذلك الوقت، وأيضًا بتزويج أصغر الأمراء في نهاية “الحِجَّة” بنت بَهْرام ووراثته عرشه ”ولا يستقيم أن يبدو خليفةً لإمبراطور كان ابن زنا“([40]).
- جعل حكاية أمراء سرنديب الثّلاثة حكاية إطار يُبنى عليها الكتاب، ثم جعلهم يرتحلون بعدها ليجلبوا لبَهْرام “مرآة العدالة” من ملكة الهند، ثم جعلهم يقترحون عليه بناء سبع قصور تختلف ألوانها وفي كلّ قصر أميرة يبيت ليلةً عند كلّ واحدة منهن وراوي حكايات يستمع لحكايته ليتعزّى عن ضياع محظيّته ديليراما، ثم في الحكاية السّابعة يعلم الملك بَهْرام من الرّاوي أنّ محظيّته ديليراما ما زالت حيّة، فيرسل في طلبها ويتزوجها هي والأميرات السّبع في القصور، ويكافئ أمراء سرنديب الثّلاثة ويعودون إلى بلدهم. فيبتهج أبوهم الشّيخ لرؤيتهم، ويخلفه ابنه الأكبر عند موته على العرش. ويرجع الابن الثّاني إلى الهند ليتزوج الملكة التي ذهب إليها من قبل مع إخوته، ويُستدعى الابن الأصغر إلى بلاد فارس ليتزوّج بنت بَهْرام الصّغرى، ثمّ يخلفه في المُلك بعد وفاته.
وقد شكّك بعض الباحثين في صحّة ترجمة الكتاب من الفارسيّة، فأنكروا أنّ له أصلًا فارسيّا، وعلى رأس مَن تبنّى هذا الرّأي العالم الإناسيّ واللّسانيّ الألمانيّ ثيودور بِنْفي، الذي ترجم “الحِجَّة” من الإيطاليّة إلى الألمانيّة، وقرّر أنّ أقرب كتاب منه بالفارسيّة المنقول منها هو منظومة “هَفْت بَيْكر” للشّاعر الفارسيّ نظامي، غيرَ أنّها بعيدة جدَّا عن بنية “الحِجَّة”، حتّى تكاد “الحِجَّة” تكون إعادة نظم للمنظومة بقلمِ فارسيّ نصرانيّ([41]). وترجمة “هَفْت بَيْكر” -عنوان هذه المنظومة بالفارسيّة- إلى العربيّة: الصّور السّبع، وهي الصور التي شاهدها بَهْرام گور على حيطان حجرة في قصر (الخورنق) لسبع فتيات من بنات ملوك أقاليم العالم السّبعة، تزوجهن لاحقًا. وقد أمر ببناء سبعة قصور، كلّ قصر منها لأميرة منهنّ، يقضي معها فيه يومًا في الأسبوع. وكانت كل أميرة منهنّ تقصّ على بَهْرام في يومها قصّة تتّصل بلون القصر الذي تعيش فيه، وفي كلّ قصّة من هذه القصص حديث حب. والمنظومة من نظم الشاعر الفارسيّ نظامي الكنجوي على بحر الخفيف، فرغ من نظمها عام 593، وجعل بطل منظومته بَهْرام گور أو بَهْرام الخامس من ملوك الفرس الأقدمين. وعارض منظومته هذه كثير من شعراء الفارسيّة، من أشهرهم أمير خسرو الدّهلويّ بمنظومته “هشت بهشت (الجنّات الثّماني)”([42]).
وممّن فنّد شكوك وتُهم ثيودور بِنْفي وتلامذته البروفِسُور سكايْلَر كامان، فيقول: ”سُرعان ما يكشف الفحص الأوّلي أنّ [منظومة] “هشت بهشت” هي المصدر الرّئيسي بالفعل لـ[كتاب] “الحِجَّة”، لكنّه يكشف أيضًا أنّ كرِسْتُوفَر في أخذه مادّته الأساسيّة من قصيدة أمير خسرو، قد تعامل معها بحريّة بالغة، مجريًا عدّة تعديلات وماحيًا الكثير. لذلك يجب أن يُسمّى هذا العمل اقتباسًا، بدلًا من ترجمة صحيحة. لا يمكن أن يُقال عن “الحِجَّة” أنّها (تُرجمت من الفارسيّة إلى الإيطاليّة) إلّا بالمعنى اللّفظي للكلمة؛ للإشارة إلى أنّ المادّة نُقلت، أو جُلبت، من لغة إلى الأخرى. ولأتوخّى الدّقّة، وجدتُ عاجلًا أنّ كرِسْتُوفَر كان على الحقيقة يقلب “هشت بهشت” ظهرًا لبطن. فكان لكي يصنع إطار “الحِجَّة” مثلًا يستخدم أوّلى قصص أمير خسرو الدّاخليّة (حكاية أمراء سرنديب الثّلاثة) ممزوجةً مع قصّة الملك بَهْرام الافتتاحيّة، التي اختصرها اختصارًا كبيرًا. وفي الأخير يستخدم حادثة الرّمية الفائقة التي رواها الفردوسي ونظامي (لكن ليس أمير خسرو)، وعزّز ثبات هذا الإطار أكثر بإضافة بعض العناصر من مصادر أخرى، مثل اليد القاتلة ومرآة العدالة واللّغزَين. ثم أزال العنصرين الأساسيّين من إطار أمير خسرو الأصلي لينشئ له قصّتين داخليّتين جديدتين([43])“. ويقول أيضًا في اختلاف تفرّد به كرِسْتُوفَر عن منظومة أمير خسرو ومنظومة نظامي التي عارضها خسرو: ”ثَمَّ انحراف آخر عن النّماذج في معاملة كرِسْتُوفَر لمساكن الأميرات. فنظامي جعلهنّ يقطنّ سبع قباب في قصر واحد عظيم، ووهب لهنّ أمير خسرو سبع منشآت منفصلات داخل مجمّع قصر كبير، لكنّ كرِسْتُوفَر وضعهنّ في سبع قصور مختلفة، وجعل لكلّ واحد منها راويًا. كما فشل في اتّباع سابقيه في تلوين المساكن وأثاثها وملابس الفتيات أنفسهنّ([44])“. ويقول عن كتاب “الحِجَّة” لكرِسْتُوفَر في موضع آخر: ”لكنّ التّشابهات بين كتابه و[منظومة] “هشت بهشت” غامرة جدًّا لدرجة أنّه لا يبقى أيّ شك في أنّها كانت النّموذج الأساس للحِجَّة([45])“، ويقول عنه في الخُلاصة الخاتمة: ”لم يصنع بالتّأكيد ترجمةً صحيحةً وَفق المعايير الحديثة، لكنّ هذا غالبًا لم يكن مُتوقّعًا منه بأيّ حال، فمن الصّعوبة البالغة ترجمة شعر أمير خسرو مباشرةً إلى أيّ لغة أورُبّيّة. لقد أدّى عملًا عظيمًا بتقديمه محتوى “هشت بهشت” في صيغة مقروءة جيّدًا، وكشفت حبكاتُه سريعة الوَقع قدرتَه الكبيرة على التّلخيص والتّأليف. إنّ كتابه في مجمله يفصح عن براعة كبيرة. إنّ كرِسْتُوفَر لم يخترع أمراء سرنديب، كما وُضّح هذا كثيرًا. إنّما كان أمير خسرو هو مَن سمّى بهذا الاسم هؤلاء الأبطال المجهولين من حكاية عتيقة أصلًا. لكنّه -بإعطائهم أهميّة أكبر في كتابه- رفعهم من شخصيّات صغيرة إلى مقام بارز نسبيًّا في أدب العالم، وعرّف بهم الغرب([46])“.
وخُلاصة القول أنّ الكاتب “كرِسْتُوفَر الأرمنيّ” وكتابه “حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب” كِلاهما ثابتان تاريخيًّا، وأنّ الكتاب مأخوذٌ من الفارسيّة بشهادة كاتبه، وأنّ الحكاية الإطار الأساس بالتّحديد التي بُنيت عليها باقي الحكايات الفرعيّة في الكتاب تكاد تُطابق قصّة “أمراء سرنديب الثّلاثة” في منظومة “هشت بهشت” لأمير خسرو بحذافيرها بشهادة النُّقّاد، ما عدا كون أبي الأبناء ملك سرنديب يُسمّى جعفر، وكون الملك بَهْرام ابن طبّاخ، وكون المرأة التي يحملها البعير حامل، وهي تفصيلات جزئيّة يسيرة.
محطّة الانتقال الأورُبّيّة الثّانية (فرنسا وإنجلترا)
ترجمة لويس دو مايي للمجموعة الإيطاليّة، وقصّة “صادق” لفولتير
تعدّدت ترجمات “الحِجَّة” من الإيطاليّة إلى غيرها من اللّغات([47])، إذ إنّ ”كتاب كرِسْتُوفَر أنتج تأثيرًا واسعًا مستمرًّا في أورُبّا([48])“. إلّا أنّني هنا سأفُرد الحديث عن ترجماتها إلى الفرنسيّة أو الاقتباسات منها؛ لأنّ معظم التّرجمات إلى اللّغات الأخرى -عدا الترجمات المباشرة من الأصل الإيطاليّ- كانت من الفرنسيّة، ولصلتها بقصّة “صادق” للأديب الفرنسي فولتير.
ففي عام 1712م أصدر المؤلّف تومَس سايْمُن غُولِيت Thomas Simon Gueulette -الذي كان غزير التّاليف ومشهورًا في القرن الثامن عشر الميلادي في فرنسا بروايته الحكايات الخياليّة- كتابَ “الأماسيّ البريتونيّة Les soirées bretonnes”، وعلى أنّه استعار بعض التّفاصيل من “الحِجَّة” لحبكتها الجذّابة والمعقّدة، إلّا أنّ كتابه كان كسابقه بعيدًا من الأصل، بل إنّ غُولِيت الذي اشتهر بسرقاته من المؤلّفين استقى من “الحِجَّة” تفاصيل أكثر في كتاب آخر له عنوانه “حكايات تَتَاريّة Contes tartares”. فكلا الكتابين لم يوردا الملك بَهْرام وديليراما ولا الأمراء الثّلاثة ولا حتّى بلاد سرنديب، فلا يُعدّان قد نقلا أو ترجما كتاب “الحِجَّة”، وإنّما -كما يذكر البروفِسُور سكايْلَر كامان- قد تأثّرا به([49]).
وفي عام 1719م أصدر لويس دو مايي Louis de Mailly المعروف أيضًا بالفارس دي مايي ([50])Chevalier de Mailly كتابه بعنوان “رحلات ومغامرات أمراء سرنديب الثّلاثة Voyages et aventures des trois princes de Serendip”. وقد أُعيد طبعه عام 1721م في أمستردام، ثم أعيد طبعه أيضًا عام 1788م في باريس وأمستردام في مجموعة مختارات بعنوان “رحلات خياليّة Voyages Imaginaires” حرّرها تشارلز جورج تُومَس غَارْنِيِيهْ C. G. T. Garnier. وتُرجم كتاب مايي إلى الإنجليزية، غير أنّ المترجم مجهول لم يُعرف اسمه، ونشر وِلْيَم تشِتْوُد William Chetwood هذه النّسخة الإنجليزية في لندن عام 1722م([51]).
وقد احتوى الكتاب على ترجمة جزئيّة من “الحِجَّة”، فلم يبتعد كثيرًا عن سابقيه، وما عرض إلّا إطارها الافتتاحي والقصص الثّلاث الأولى مؤدّيًا إيّاها بالمعنى من غير ضبط مع بعض التعديلات، ثم فجأةً يفارق الأصل تمامًا من غير تعليل. فليست القصص الباقية وحدها جديدة بالكامل فحسب، بل إنّ مايي يمحو باقي الإطار، فلا يجتمع الملك بَهْرام أبدًا مع جاريته التي نفاها بعد حادثة الصّيد، ورجوعها كان عنصرًا أساسيًّا في حبكة كرِسْتُوفَر. فمايي ترك خاتمة هذا الإطار مفتوحة، وأضاف ملحقًا طويلًا مضجرًا -يقارب طوله ثلث الكتاب كلّه- لرواية مغامرات الأمراء الثّلاثة اللّاحقة بعد أن غادروا بلاد فارس. وفوق هذه التّعديلات الكثيرة محا مايي كلّ ذِكر للنّصرانيّة أو للدّين عامّة، وهي موضوعات بارزة في “الحِجَّة”، وأحلّ محلّها الكثير من الإشارات الكلاسيكيّة والفواصل العاطفيّة، التي هي أدعى للقبول لقرّائه بلا شك في عصر الإنسانيّة والرّومانسيّة ذاك الذي عاش فيه. كان كتاب مايي في الأساس تكسّبيًّا فحسب، مكوّنًا من عجائب ونهايات تراثيّة غريبة، شديدَ الاختلاف عن سرد كرِسْتُوفَر المُحكَم، لكنّه كان اعتياديًّا ضمن أعمال دي مايي الغزيرة، الذي نشر قرابة خمس عشرة رواية وترجمة بين عام 1690م و1724م، عام وفاته. وعلى ولادته لأحد أشهر الأسر النبيلة في فرنسا، وأنّ من أجداده الملك لويس الرّابع عشر والملكة آن النّمساويّة، فقد كان يهزأ عَمدًا بمعارفه النّبلاء. وبحلول منتصف القرن التاسع عشر ما عاد أحد يقرأ كتبه، لأنها ما اشتُهرت إلّا لكثرتها لا لما تحتويه، ونُسي حتّى اسمه، فلا يُذكر إلّا بلقبه؛ “الفارس دي مايي”.
ووضع مايي أو ناشره إعلانًا على صفحة العنوان في كتابه تقول إنّه مترجَم من الفارسيّة. وهذا -كما يرى البروفِسُور سكايْلَر كامان- عين الغَرَر؛ فبداية الكتاب بالكاد تكون ترجمةً مجحودةَ النّسبة لجزء من “حِجَّة” كرِسْتُوفَر الإيطاليّة، وباقي الكتاب صنعه المؤلّف على أنّه استقى بعض مادّته من كُتّاب آخرين، فعمله تمامًا -كما يصفه- غيرُ فارسيّ لا في الفكر ولا في الشّعور.
وأيًّا كان مترجم كتاب مايي إلى الإنجليزيّة لطبعة وِلْيَم تشِتْوُد عام 1722م -الذي لم يذكر اسمه- فقد استطاع نقل شكله ومضمونه بما يفي. غير أنّه زَلّ في التّرجمة بعض الزّلّات السّخيفة -كما يلاحظ البروفِسُور سكايْلَر كامان- التي تدلّ على أنّه كان إنجليزيًّا غير متمرّس جيّدًا في اللّغة الفرنسيّة؛ إذ يصف مايي مثلًا كيف لقي مالكُ الجمل الضّالّ الأمراءَ الثّلاثة مجدّدًا وهم قاعدون في ظلّ (ombre، نَقْحَرَتُها([52]): “أُومْبْر”) شجرة دُلْب، على حافّة نبع جميل. فترجمها الإنجليزيّ بقوله: “في اليوم التّالي باغتَ مرّةً أخرى الأمراء الثّلاثة الذين كانوا في أومْبْر Ombre على سهلٍ بجانب نبع بهيج”. وأيضًا في إحدى القصص الفرعيّة التي أعدّها مايي تقول سيّدة يونانيّة أنّ لديها بيتًا بديعًا في ضاحيةٍ (faubourg، نقحرتها: “فُبُور”) بمدينة كورِنثَة، فيجعلها الإنجليزيّ “بيتًا بديعًا في فَوْبُور Faubourg قُرب كُورِنثَة”. ومن الطّريف أنّ هذه الأخطاء شبيهة ببعض ما صنعه كرِسْتُوفَر في تبديله أسماء الأماكن.
وتُرجم كتاب مايي إلى الألمانيّة عام 1723م بعنوان (Der persianische Robinson، أي: “رُوبِنْسُن الفارسيّ”)، إذ كان اسم رُوبِنْسُن كرُوزُو Robinson Crusoe -المعروف عالميًّا وقتها- له وقعٌ رنّان للدّلالة على الأسفار الخياليّة كما يذكر البروفِسُور سكايْلَر كامان. وكانت صفحة عنوانها تقول إنّها تُرجمت من الفارسيّة إلى الفرنسيّة ثم إلى الألمانيّة، مُغفِلةً أيضًا ترجمة كرِسْتُوفَر السّابقة وإضافات مايي الكثيرة. ثم ظهرت بعدها بستّ سنوات ترجمة دنمركيّة من الألمانيّة، بعنوان (Amazonte، نقحرتها: “آمازُونْتِهْ”)، وهو على اسم بطلة قصّة مايي الأخيرة في كتابه “أَمازُونْتِي”. وفي عام 1766م ظهرت كذلك ترجمة هولنديّة، مأخوذة كما يظهر من الفرنسيّة مباشرة، على أنّ صفحة عنوانها تقول أيضًا: “مترجمة من الفارسيّة”([53]).
وقد لاحظ لِيُو غُدْمَن Leo Goodman تشابهًا مع فصل “الكلب والجواد” من قصّة “صادق أو القدر” لفولتير، إذ يستنتج “صادق” الفيلسوف استنتاجات ذكيّة مذهلة من آثار على الرّمل كاستنتاجات الأمراء الثّلاثة في حادثة البعير. ونشر رِينال فرِيرُون Raynal Fréron مقالًا عام 1767م في مجلّة “السَّنَة الأدبيّة L’Année littéraire” يتّهم فيه فولتير بالسّطو على أجزاء من ترجمة مايي([54]).
على أنّ فولتير ليس في حاجة لأن يقتبس أفكاره من مايي، إذ كان معروفًا بمراجعته موسوعة هِرْبِلُو في عناصر مشرقيّة أخرى في قصّة “صادق”، ويمكن أن يجد قصّة الأمراء الثّلاثة هناك مأخوذة من مصدر آخر([55]). ففي القرن السّابع عشر الميلادي ضمّن بارْتيلِمِي هِرْبِلُو Barthélemy d’Herbelot في موسوعته “المكتبة الشّرقيّة” مَدخَلًا لـ(مير خسرو Mir Khosrau) مصنّفًا إيّاه أنّه شاعر فارسيّ له شعر عن ثلاثة إخوة عرب وصفوا لراعي إبلٍ مظهرَ بعيره الشّارد من غير أن يروه قَطّ، وفي موضع آخر يروي القصّة بالتّفصيل، آخذًا إيّاها من مصدر آخر، يشير أيضًا إلى (مير خسرو) وشعره عنها.
ورُبّما لأنّ الإخوة الثّلاثة وُصفوا بأنّهم عرب لم يتبيّنهم النّاس على أنّهم هم الأمراء الثّلاثة من سرنديب الذين ظهروا مرّةً أخرى في “الحِجَّة”([56]). وأنا أرجّح أن تكون “الموسوعة الشّرقيّة” لهِرْبِلُو هي المصدر الذي رجع إليه فولتير، لكثرة مطالعته إيّاها ورجوعه إليها كما يذكر كُتّاب سيرته.
ونجد أيضًا النّاقد الإنجليزي جُون كُولِن دَنْلُب John Colin Dunlop يقول في كتابه “تاريخ المُتخيّل من الأدب The history of fiction” أنّ حادثة اقتفاء أثر الحصان والكلبة في قصّة “صادق” قد أخذها فولتير من كتاب غُولِيت “الأماسي البريتونيّة” الذي أخذها هو أيضًا من كتاب كرِسْتُوفَر الأرمنيّ “الحِجّة” بالإيطاليّة، إلّا أنّ دَنْلُب يذكر أنّ أصل الحكاية من كتاب عربي كُتب في القرن الثالث عشر الميلادي ”لإبراز نقاء الأمّة العربيّة“ اسمه “نِغْهِيارِسْتان “Nighiaristan، وفيه ”ثلاثة إخوة من آل عدنان ينطلقون في ترحالهم، فيلتقون راعي إبل يسأل إن كانوا قد رأوا بعيرًا أضلّه، فيقول أحدهم إنّ البعير أعور، ويقول الثّاني إنّ البعير ينقصه سن، ويقول الأخير إنّه أعرج وحُمّل بزيت على جانب وبعسل على الجانب الآخر. ولأنّهم يُشتبه بهم في سرقة البعير، يُزجّ بالإخوة في السّجن، وبعدها يشرحون للقاضي بأيِّ ملاحظاتٍ اكتشفوا كلّ هذه النّتائج([57])“. ولم أجد شيئًا عن هذا العمل، غير أنّي وجدتُ الباحث الألمانيّ يوسف شِكْ Joseph Schick يذكر أنّ كتاب “نِغْهِيارِسْتان” هو نسخة من منظومة أمير خسرو نفسها([58])، وهذا الباحث -على ذِكرِه- يقطع بأنّ مصدر كتاب كرِسْتُوفَر الأرمنيّ “الحِجَّة” هو منظومة أمير خسرو “هشت بهشت”، وهو كذلك يقطع بأنّ مصدر إلهام فولتير في اقتفاء أثر الحصان والكلبة في قصّة “صادق” هو غُولِيت([59]). ونجد أيضًا أوغَسْت لُوِيزِيلِير- دِسْلُنْغْتشامْب Auguste Loiseleur-Deslongchamps يقول في طبعته لألف ليلة وليلة الصّادرة في باريس عام 1841م إنّ فولتير قد يكون بنى اقتفاء أثر الحصان والكلبة على ترجمة غُولِيت أو دي مايي لكتاب كرِسْتُوفَر الأرمنيّ “حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب”([60]).
أمّا د. داوود سَلّوم فقد ذكر في بحث له أنّ فولتير في هذه الحكاية قد ”وظّف“ خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان، ويستغرب من شهرتها في وسط الهند، فيبدو أنّه لم يعرف بقصّة “أمراء سرنديب الثّلاثة” عند أمير خسرو، وبالتّالي لم يذكرها، وإنّما ربط مباشرة بين فصل الحصان والكلبة في قصّة “صادق” وبين خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان من غير واسطة([61]).
وأيًّا ما كان المصدر الذي استلهم منه فولتير أفكار فصل “الكلب والجواد” في قصّة “صادق”، سواءً ترجمتا غُولِيت أو الفارس دي مايي بالفرنسيّة لكتاب كرِسْتُوفَر الأرمنيّ “الحِجَّة” بالإيطاليّة، أو حكاية بارْتيلِمِي هِرْبِلُو وصفَ الإخوة العرب الثّلاثة البعيرَ الشّارد دون أن يروه في موسوعته “المكتبة الشّرقيّة”، فكلا هذين الطّريقين منبعهما ومصدرهما قصّة أمراء سرنديب الثّلاثة في منظومة “هشت بهشت” لأمير خسرو الدّهلويّ، التي أُقدّر أنّ أصلها خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان في الأدب العربيّ بعد تصرّف أمير خسرو فيه. وربّما يكون هذا التّصرّف دافعه الالتزام بالقافية في شعر أمير خسرو([62])، كما ألمح البروفِسُور سكايْلَر كامان.
ومُجمل القول أنّ معرفة الأدباء في فرنسا لقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة جاءت من طريق كتاب كرِسْتُوفَر الأرمنيّ “حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب” الذي اقتبسوه وترجموه عدّة مرّات، بَدءًا من غُولِيت والفارس دي مايِي، وصولًا إلى استفادة فولتير من مشهد قَصّ الأثر وتوظيفه في قصّته الشّهيرة “صادق”.
أثر القصّة اللّغوي في الإنجليزية، وتأثيرها غير المباشر في نشوء نوع الأدب البوليسي
جاء في معجم أُكْسْفُرد أنّ كلمة “Serendipity (سَرَنْدِبِيَّة)”: ”سكّها هُورَاس والْبُل Horace Walpole من عنوان الحكاية أمراء سرنديب الثّلاثة، التي كان أبطالها ’دائمًا يكتشفون صُدفَةً أو بفِطنَة أشياءَ لم يسعوا إليها‘“. فتُعرّف بأنّها ”حقيقة أن يحدث شيءٌ مُهمٌّ مُبهجٌ صُدفةً“.
وقد استخدمها هُورَاس أوّل مرّة في رسالة له إلى هُورَاس مان Horace Mann المقيم الإنجليزي في فلورنسا يشكره على هديّة بعث بها إليه، أرسلها من شارع آرْلِنْغْتُن Arlington Street -وهو نفس الشّارع الذي فيه منزل أسرة والْبُل الذي عاش فيه، وهو المنزل الخامس- في العاصمة البريطانيّة لندن، في الثّامن والعشرين من كانون الثّاني/يناير عام 1754م، يقول فيها: ”إنّ هذا الاكتشاف تقريبًا من النّوع الذي أُسمّيه Serendipity سَرَنْدِبِيَّة، كلمة معبّرة جدًّا، التي -وأنا لا أجد أفضل منها لأخبرك به- سأحاول أن أفسّرها لك؛ ستفهمها بأصل اشتقاق الكلمة أفضل من تعريفها. قرأتُ مرّةً حكايةً ماتعةً لا يُؤبَه لها تُسمّى أمراء سرنديب الثّلاثة، فيما يرتحل سموّهم، كانوا دائمًا يكتشفون بالصُّدَف والفِطنَة أشياءَ لم يسعوا إليها؛ مثلًا، اكتشف أحدهم أنّ بغلًا عينه اليمنى عمياء عَبَرَ نفسَ الطّريق من قريب، لأنّ العُشب أُكِلَ فقط من الجانب الأيسر، الذي كان أقلّ من الجانب الأيمن، والآن هل فهمتَ السَّرَنْدِبِيَّة؟ أحدُ أبرز الأمثلة على هذه الفِطنَة اللّحظيّة (لأنّ عليك أن تُلاحظ أنّه لا يندرج ضمن هذا الوصف اكتشافُ أيّ شيءٍ كُنتَ تبحثُ عنه) هو مولاي إيرل شافْتْسْبِرِي shaftesbury، الذي صادف أن كان على العشاء عند السّيّد المستشار إيرل كلارِنْدن Clarendon [إدْوَرْد هايْدْ Edward Hyde]، فعرف زواج دوق يورْك Duke of York [وليّ العهد وقتها، الذي أصبح الملك جيمس الثّاني لاحقًا] والسّيّدة هايْدْ Mrs. Hyde [آن، ابنة إيرل كلارِنْدن] من التّقدير الذي كانت تُولِيها إيّاه أمّها على المائدة([63])“.
والنُّقّاد المُختصّون بسيرة هُورَاس والْبُل يذكرون أنّه قرأ ترجمة الفارس دي مايي الفرنسيّة بطبعة أمستردام عام 1721م، إذ كان قد اقتناها لاحقًا عام 1763م، وإن كان قد ذكر عنوانها في الرّسالة مترجمًا إلى الإنجليزيّة([64]).
فتأثير القصّة في سَكّ هذه الكلمة -التي تنتشر كثيرًا في الأوساط العلميّة وما زالت مستخدمةً إلى اليوم- ثابتٌ بشهادة واضعها ومَن سَكّها. والطّريق الذي وصلت فيه إليه هو عبر ترجمة الفارس دي مايي الفرنسيّة لكتاب “الحِّجَّة” الذي ترجمه كرِسْتُوفَر الأرمنيّ من الفارسيّة إلى الإيطاليّة.
أمّا تأثيرها غير المباشر في نشوء الأدب البوليسي الحديث، فإنّ مؤرّخي هذا النّوع من الأدب منقسمون إلى فريقين؛ الفريق الأوّل يرى أنّه لا يوجد أدب بوليسي قبل وجود الشّرطة المنظّمة وقوّات التّحرّي، والفريق الآخر يذهب إلى تتبّع أمثلة الاستنتاج العقليّ في المصادر المختلفة([65]). وأتباع الفريق الأوّل يرون أنّ الأدب البوليسي يبدأ بإدغار ألان بو، الذي بابتكاره شخصيّة الفارس أُوغَسْت دُوبان C. Auguste Dupin قد ابتكر أوّل مُتحرٍّ في الأدب([66])، وكما يقول د. عبد القادر شرشار فإنّ ”هناك ما يثبت أنّ (إدغار ألان بو) اقتبس فكرة الرواية البوليسية من مؤلّف (فولتير) المسمى: “زاديك Zadig”، ويكشف عن ذلك “فرانسيس لكسان” في قوله: “حين أرسل إدغار ألان بو محققه (دوبان Dupin) للبحث في شارع مورغ عام 1841، تذكّر مواهب الفراسة والحذق في التخمين التي امتازت بهما شخصية البطل في رواية زاديك 1747″([67])“.
ونجد كذلك ممّن تأثّر بهذه الحادثة في قصّة “صادق” البروفِسُور اللّساني الإيطاليّ المشهور أَمْبَرْتُو إيكو -وقد كان يتقن الفرنسيّة- في روايته “اسم الوردة”، إذ جاء في أوّلها بمشهدٍ لقصّ أثر جواد رئيس كهنة الدّير بعد أن فَرّ، وكان أحسن الأحصنة في الدّير([68]).
وقد رأينا كيف أنّ فصل الحصان والكلبة من قصّة “صادق” الذي فيه اقتفاء أثرهما، قد استلهمه فولتير من غُولِيت أو دي مايي عن كتاب كرِسْتوفَر الأرمنيّ “الحِجَّة” عن أمير خسرو الدّهلويّ، أو استلهمه من هِرْبِلُو عن أمير خسرو كذلك، وقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة عند أمير خسرو في منظومته “هشت بهشت” مأخوذة -كما أثبتنا في هذا البحث- من خبر أبناء نزار بن مَعَدّ. فإن كُنّا نجد في الأدب الرّوسي تلك المقولة الشّهيرة: “كلّ الرّوائيين الرّوس خرجوا من (معطف) غوغول”، فهل يجوز لنا أن نقول: “إنّ المتحرّي الذي يحلّ الجرائم اليوم في الأدب البوليسي الحديث قد خرج من عباءة قاصّ الأثر صاحب الفراسة عند العرب في القديم”؟
الخاتمة
من أهمّ نتائج هذه الدّراسة ما يلي:
- تأثّر الأمير خسرو الدّهلويّ (ت: 725هـ) بخبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان في منظومته الشّعريّة “هشت بهشت (الجنّات الثّمان)” المنظومة بالفارسيّة، وبالتّحديد في قصّة “أمراء سرنديب الثّلاثة”، مع تعديله بعض تفاصيل بنية الخبر.
- اختلف النُّقّاد في المصدر الذي استلهم منه فولتير أفكار فصل “الكلب والجواد” في قصّة “صادق”، فالبعض يذهب إلى أنّها ترجمة غُولِيت والبعض الآخر إلى أنّها ترجمة الفارس دي مايي الفرنسيّتان لكتاب كرِسْتُوفَر الأرمنيّ “الحِجَّة” بالإيطاليّة، وآخرون يذهبون إلى أنّ المصدر بارْتيلِمِي هِرْبِلُو في موسوعته “المكتبة الشّرقيّة”، لكنّ مصدر هذه الطّرق كلّها قصّةُ أمراء سرنديب الثّلاثة في منظومة “هشت بهشت” لأمير خسرو الدّهلويّ، وأصلها خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان في الأدب العربيّ بعد تصرّف أمير خسرو فيه.
- تأثّر أَمْبَرْتُو إيكو في روايته “اسم الوردة” في مشهدَ قصّ أثر جواد رئيس كهنة الدّير بعد أن فَرّ، وكان أحسن الأحصنة في الدّير، بحادثة اقتفاء أثر الحصان والكلبة في قصّة “صادق” لفولتير.
- تأثير قصّة “أمراء سرنديب الثّلاثة” في سَكّ كلمة “Serendipity (سَرَنْدِبِيَّة)” في اللّغة الإنجليزيّة بشهادة واضعها هُورَاس والْبُل. والطّريق الذي وصلت فيه إليه هو من ترجمة الفارس دي مايي الفرنسيّة لكتاب “حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب” الذي ترجمه كرِسْتُوفَر الأرمنيّ من الفارسيّة إلى الإيطاليّة.
- تأثير قصّة “أمراء سرنديب الثّلاثة” غير المباشر في نشوء الأدب البوليسي الحديث، باقتباس (إدغار ألان بو) فكرة الرواية البوليسية من فراسة بطل قصّة “صادق” لفولتير وحذقه في التّخمين.
- أنّ تأثير الأدب العربيّ في الآداب الأورُبّيّة جاء من طريقين، الطّريق الأوّل التّأثير المباشر بنفسه في الآداب الأورُبّيّة، والطّريق الثّاني التّأثير غير المباشر من طريق آداب الشّعوب المسلمة التي تأثّرت بالثّقافة العربيّة، كالأدب الفارسيّ في بحثنا هذا.
ومن أهمّ التّوصيات التّي يرى الدّارس أهميّتها ما يلي:
- زيادة البحث في دور الاستشراق الإيطاليّ في تأثّر الآداب الأورُبّيّة بالأدب العربيّ وآداب لغات الشّعوب المسلمة.
- دراسة دور الجمهوريّات البحريّة الإيطاليّة (البندقيّة، وجنوة، وبيزا) في التّواصل والتّلاقح الثّقافيّ المعرفيّ بين أورُبّا والعالم الإسلاميّ.
- ترجمة مجموعة الكنوز الخمسة لأمير خسرو الدّهلويّ من الفارسيّة إلى العربيّة، خاصّةً منظومة “هشت بهشت” منها.
- ترجمة كتاب “حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب” لكرِسْتُوفَر الأرمنيّ من الإيطاليّة إلى العربيّة.
- ترجمة كتابَي “الأماسيّ البريتونيّة” و”حكايات تَتَاريّة” للكاتب تومَس سايْمُن غُولِيت من الفرنسيّة إلى العربيّة.
- ترجمة كتاب “رحلات ومغامرات أمراء سرنديب الثّلاثة” للفارس دي مايي من الفرنسيّة إلى العربيّة.
- دراسة حوادث الفراسة وقَصّ الأثر في الآداب الأورُبّيّة ومقارنتها بمثيلاتها في الأدب العربيّ وآداب الشّعوب الإسلاميّة.
- دعوة المهتمّين بالأدب البوليسيّ العرب المعاصرين إلى الاهتمام بقصص الفراسة وقَصّ الأثر في الأدب العربيّ القديم، واستلهامها في أعمالهم لإثراء الأدب البوليسي العربيّ الحديث.
وختامًا
أحمد ربّي وأشكره وأثني عليه، وأبرأ إليه من حَولي وقوّتي، وأستغفره من زللي وهَفوَتي، وأرجوه أن ينفع بهذه الدّراسة وأن يبارك فيها، إنّه سميع قريب مجيب، ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللّه عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾.
ملاحق
الملحق الأول: خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان في كتاب الفاخر:
أوّل مَن حكى هذا الخبر المفضّل بن سَلَمَة بن عاصم في كتابه ”الفاخر([69])“ في الأمثال (ت نحو 290) في سياق حديثه عن قول العرب: “إنّ العصا من العُصَيّة”، قال:
”أوّل من قال ذلك الأفْعَى الْجُرْهُمي، وكان من حديث ذلك أنّ نِزَارًا لما حَضْرَتْه الوفاة جَمَع بنيه مُضَر وإيادًا وربيعة وأنمارًا، فقال: يا بني، هذه القبة الحمراء -وكانت من أَدَم- لمُضَر، وهذا الفرس الأدهم والخِباء الأسود لربيعة، وهذه الخادم -وكانت شَمْطَاء- لإياد، وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه، فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فَأْتوا الأفعى الجرهمي، ومنزلُه بنَجْرَان. فتشاجروا في ميراثه، فتوجَّهُوا إلى الأفعى الجرهمي، فبينا هم في مسيرهم إليه إذ رأى مُضَر أثَرَ كلأ قد رُعِيَ فقال: إن البعير الذي رَعَى هذا لأعْوَر، قال ربيعة: إنه لأزْوَرُ، قال إياد: إنه لأبتَرُ (الأزور: الذي اعوج صدره أو أشرف أحد جانبي صدره على الآخر، والأبتر: المقطوع الذنب) قال أنمار: إنه لَشَرُود، فساروا قليلا فإذا هم برجل يَنْشُد جَمَله، فسألهم عن البعير، فقال مُضَر: أهو أعور؟ قال: نعم، قال ربيعة: أهو أزور؟ قال: نعم، قال إياد: أهو أبتر؟ قال: نعم، قال أنمار: أهو شَرُود؟ قال: نعم، وهذه والله صفة بعيري فدُلوني عليه، قالوا: والله ما رأيناه، قال: هذا والله الكذبُ. وتَعَلَّق بهم وقال: كيف أصَدِّقكم وأنتم تَصِفون بعيري بصفته؟ فساروا حتّى قَدِموا نَجْران، فلما نزلوا نادى صاحبُ البعير: هؤلاء أَخَذوا جَمَلي ووصَفوا لي صفته ثم قالوا: لم نَرَهُ، فاختصموا إلى الأفْعَى، وهو يومئذٍ حَكَم العرب فقال الأفعى: كيف وصفتموه ولم تَرَوْه؟ قال مُضَر: رأيته رَعَى جانبا وتَرَك جانبا فعلمتُ أنه أعور، وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثَر والأخرى فاسدته، فعلمت أنه أَزْوَر، لأنه أفسَده بشدةِ وَطُئه لازوراره، وقال إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بَعَره، ولو كان ذَيَّالا لَمَصَع به، وقال أنمار: عرفت أنه شَرُود لأنه كان يرعى في المكان الملتَفِّ نَبْتُه ثم يَجُوزُه إلى مكان أرقَّ منه وأخبثَ نَبْتاً فعلمت أنه شَرُود، فقال للرجل: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه، ثم سألهم: مَنْ أنتم؟ فأخبروه، فرحَّب بهم، ثم أخبروه بما جاء بهم، فقال: أتحتاجون إليَّ وأنتم كما أرى؟ ثم أنزلهم فَذَبَحَ لهم شاة، وأتاهم بخَمْر: وجلس لهم الأفعى حيث يَرَى ويسمع كلامهم، فقال ربيعة: لم أَرَ كاليوم لحمًا أطيبَ منه لولا أن شاته غُذِيت بلبن كلبة! فقال مُضَر: لم أر كاليوم خمرًا أطيَبَ منه لولا أن حَبَلَتَها نبتت على قَبر، فقال إياد: لم أر كاليوم رجلا أسْرَى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يُدْعَى له! فقال أنمار: لم أر كاليوم كلامًا أَنْفَعَ في حاجتنا من كلامنا، وكان كلامُهم بأذُنِهِ، فقال: ما هؤلاء إلا شياطين! ثم دعا القَهْرَمَان فقال: ما هذه الخمر؟ وما أمرها؟ قال: هي من حَبَلَة غرستُها على قبر أبيك لم يكن عندنا شرابٌ أطيبُ من شرابها، وقال للراعي: ما أمر هذه الشاة؟ قال: هي عَنَاق أرضَعْتُها بلبن كلبة، وذلك أن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها، ثم أتى أمه فسألها عن أبيه، فأخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال، وكان لا يولد له، قالت: فخفتُ أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك، فأمكنت من نفسي ابنَ عم له كان نازلا عليه، فخرج الأفعى إليهم، فقصَّ القومُ عليه قصتهم وأخبروه بما أوصى به أبوهم، فقال: ما أشْبَهَ القبة الحمراء من مال فهو لمُضَر، فذهب بالدنانير والإبل الحمر، فسُمّيت “مُضَر الحمراء”، وأما صاحب الفرس الأدهم والخِباء الأسود فله كل شيء أسود، فصارت لربيعة الخيلُ الدُّهْمُ، فقيل “ربيعة الفرس” وما أشبه الخادمَ الشمطاء فهو لإياد، فصار له الماشية البُلْقُ فسُمّيت “إياد الشَّمْطَاء” وقضى لأنمار بالدراهم والأرض، فصَدَروا من عنده على ذلك. وقال الأفعى: إن العصا من العُصَية، وإن خُشَيْنًا من أخْشَن، ومُسَاعدة الخاطل تعد من الباطل، فأرسلهنّ مَثَلًا“.
الملحق الثّاني: قصّة أمراء سرنديب الثّلاثة في منظومة “هشت بهشت” لأمير خسرو الدّهلوي:
أوردها أمير خسرو في منظومته بدءًا من البيت 781 إلى البيت 1067، وقد اعتمدتُ في قراءتها على هذه التّرجمة لها من أستاذة متخصّصة في اللّغة الفارسيّة، ورأيتُ نشرها في هذا الملحق لأهميّتها؛ إذ لم تُنشر سابقًا بالعربيّة غير هذه المرّة، وترد التّرجمة العربيّة بعد الأصل الفارسي كما يلي على التّرتيب:
نافه گشادن خُلق بَهْرام روز شنبه از بهشت دوّم ودرگنبد هشكين باغزالۀ هندى طيبت كردن | |||||||
انتشار رائحة المسك في الهواء وخلق بَهْرام يوم السبت من الجنة الثانية وانتشار الرائحة الزكية مع الغزالة الهندية في السماء المسكية | |||||||
781 | روز شنبه که باد مشگ انگیز | شد بدامان صُبح غالیه بیز | |||||
إنه في يوم السبت قد تحركت وانتشرت رائحة المسك | وتعطرت بالمسك أطراف الصباح | ||||||
782 | شه بگنبد سرای مشکین شد | خانه زو همچو نافۀ چین شد | |||||
أصبح حاكمًا للسماء المسكية | وبسببه صار المنزل مثل سرة غزالة الصين | ||||||
783 | جامه دا هم برنگ كيوانى | داد ترتيب عنبر افشانى | |||||
صار لون الصرح أيضًا بلون السماء | وتزين الصرح برائحة العنبر المتناثرة | ||||||
784 | ماه هند و نژاد رومی چهر | خاست از خوابگاه ناز بمهر | |||||
إنها قمر الهند وهي رومية الأصل والوجه | نهضت من فراش النوم بوجه جميل صبوح | ||||||
785 | خدمت خاص دا ميان دربست | كمرنبدگى بجان دربست | |||||
ارتبطت بخدمة الخاصة | وتهيأت لخدمة الحبيب | ||||||
786 | کرد چون ساقیان برعنائی | نقل ریزی و مجلس آرائی | |||||
عندما عمل السقاة بجمال ولطف | انتشر الحديث وتزين المجلس | ||||||
787 | نازنين گشته همطويلۀ شاه | تازه كرده قِران زهره و ماه | |||||
صارت المعشوقة قرينة الملك | واقترن ثانية الزُّهرة والقمر | ||||||
788 | ز اول بامداد تا گه شام | عشرت و عیش بود و باده و جام | |||||
من أول الفجر حتى الليل | كانت السعادة والحياة والخمر والكأس | ||||||
789 | شب ﭼو بر رسم شه بعالم نور | گرد عنبر فشاند بر كافور | |||||
كان الليل على طريقة الملك مثل النور للعالم | وأصبح العنبر منثورًا على الكافور | ||||||
790 | شه ز مستی نمود رغبت خواب | هم ز گُل مست بود و هم ز شراب | |||||
أظهر الملك الرغبة في النوم من الثمالة | كان ثملًا من الورد أيضًا وكذلك من الشراب | ||||||
791 | جانش از ذوق بوسه مفتون بود | مستی نُقلش از می افزون بود | |||||
كانت روحه مفتونة من خمر الوجد وقُبلة الذوق | كان حديثه ثملًا من كثرة الخمر | ||||||
792 | زان پری پیکر بهشتی وش | خواست کافسانهٔ سراید خوش | |||||
ومن ذلك القوام الجمیل الذي يشبه الملاك | أراد نظم أسطورة جميلة | ||||||
793 | خاک بوسيد ماه سيمين ساق | گفت کاي پادشاه روم و عراق | |||||
قبّلت الترابَ القمر ذات الساق البيضاء مثل الفضة | وقالت يا ملك الروم والعراق | ||||||
794 | تاجهان هست شهريارى كن | تخت گيرى و تا جدارى كن | |||||
لتكن حاكم الدنيا | ولتأخذ العرش وتغدو حاكمًا | ||||||
795 | آسمان مَفرَشِ سراى تو باد | هرﭼـه جُز تست خاک پاى تو باد | |||||
ولتصبح السماء بساط قصرك | وليصبح كل شيء سواك تراب قدمك | ||||||
796 | من كيم هندوى شكسته زبان | كاين دليرى كنم ﭼوبى ادبان | |||||
لقد كسرت عقدة لسان الهندية | وإن جرأتي هذه لأنه كان فظًا | ||||||
797 | ليک فرمان شه ﭼو بر جانست | گويم از جان هر آنـﭼـه فرمانست | |||||
لكن لأن أمر الملك نافذ على الروح | أقول إن كل ما يأتي من الحبيب هو أمر | ||||||
798 | اين سخن گفت و لب گشاد زبند | و انگبين ريخت از قِمَطْرۀ قند | |||||
قالت هذا الكلام وانحلت عقدة الشفاه من القيد | وتساقط العسل من صندوق السكر | ||||||
افسانه گفتن مُشک و مُشک بى آهو پوست باز كرده از بطانه بيرون دادن | |||||||
قول أسطورة الغزالة المسكية وانفصال المسك عن جلد الغزالة والخروج من البطانة | |||||||
799 | گفت وقتى بروزگار نخست | بود شاهى بشهريارى ﭼُست | |||||
قالت في بداية الزمان | كان الملك قوي الحكم | ||||||
800 | در سرانديب پايۀ تختش | قدم آدم افسر بختش | |||||
وضع أساس حكمه في سرنديب | ومكان قدم آدم وضع تاج حظه([70]) | ||||||
801 | عبره تا غزنيش مهيابور | عبرۀ ديگرش زدريابور | |||||
واستعد لأخذ عبرة على عبرته | وكانت العبرة الأخرى من البحر | ||||||
802 | هوسی بودش از دل افروزی | در چه در کار دانش آموزی | |||||
كان شغفه وهوسه يزداد من القلب | يتعلم الدقائق والصغائر بتجاربه | ||||||
803 | داشت پیوسته چون نکو رایان | میل با زیرکان دانایان | |||||
كان دائمًا صبوح الوجه | يميل إلى الأذكياء والعلماء | ||||||
804 | در دل هركه ديد دانش بيش | خاص كردش بهمنشينى خويش | |||||
يقترب من كل من يرى علمًا في قلبه | له أسلوب خاص مع رفقائه | ||||||
805 | سه پسر داشت هوشمند و جوان | هم توانگر بعلم و هم بتوان | |||||
كان لديه ثلاث أولاد أذكياء وشباب | أغنياء بالعلم وذوو قوة أيضًا | ||||||
806 | بقلم گشته باعطارد جفت | كار شمشير خودﭼـه شايد گفت | |||||
أصبح بالقلم مرتفعًا كالسقف مع كوكب عطارد | قيل إنه ربما عمل بسيفه أيضًا (برع بالسيف أيضًا) | ||||||
807 | هر هنر كاندر و گمان نرسد | وررسد در كمال آن نرسد | |||||
لم يتخيل أن يدخل في كل علم (أن يلم بكل العلوم) | وحتى إذا وصل لذلك إلا إنه لم يبلغ الكمال فيه | ||||||
808 | كرده بود اوستاد شان تعليم | هر يكى گتشه فيلسوف و حكيم | |||||
كان هو أستاذهم الذي يعلمهم | وصار كل واحد منهم فيلسوفًا وحكيمًا | ||||||
809 | عقده زيشان ﭼنان گشاد براز | كه ملک را بكس نماند نياز | |||||
حل العقدة منهم مثل حل السر | ولم يبق لشخص حاجة للملك | ||||||
810 | خواند روزی نهانی از اغیار | هر یکی را جدا بپرسش کار | |||||
قرأ يومًا ما سرًا عن الأعداء | كان لكل منهم سؤال مختلف | ||||||
811 | كازمونش كند بكار سرير | كان تصوّر كرا بود بضمير | |||||
كانت لديه خبرة بعمل العرش | وكان يعطي أهمية كبيرة للضمير | ||||||
812 | گفت اوّل باولین فرزند | که مرا شد بنفشه سرو بلند | |||||
قال في البداية للابن الأول | أصبح البنفسج لي مثل السرو العالي | ||||||
813 | بعد از اين نيست كار مشتى خاک | جز نيايشگرى بحضرت پاک | |||||
بعد هذا لا يكون هناك وجود لحفنة التراب | إلا العبادة والتضرع في حضرة الطاهر | ||||||
814 | قرعه بر تست پادشاهی را | رونق ماه تا به ماهی را | |||||
سأجري قرعة الملك عليك | حتى يتجلى شعاع القمر للقمر | ||||||
815 | آن بنا نو کنی بداد و بجود | که جهان خوش بود خدا خشنود | |||||
تعطي ذلك الطعام بعدل وجود | إن الدنيا قد خلقها الله جميلة | ||||||
816 | ناتوان را برفق پیش آئی | با توانا کنی توانائی | |||||
تقترب برفق من العاجز | وتصبح قويًا مع المقتدر والمتجبر | ||||||
817 | بشبانی رمه نگهداری | گوسپند ان بگرگ نگذاری | |||||
تحفظ القطيع للراعي | ولا تترك الخراف للذئب | ||||||
818 | پور دانا بخاک سود کلاه | گفت جاوید باد دولت شاه | |||||
ينتفع ابن العالم بتراب القبعة | قال لتحيا دولة وحكم الملك | ||||||
819 | كى روا باشد از هوا خواهى | كه زنم پيش شه دم از شاهى | |||||
كيف تريد أن ترتفع عن الهواء | إنني أتنفس أمام الملك هواء من الملك | ||||||
820 | تا توئی مُلک بر کسی نه سزاست | بی تو خود زیستن ز بهر چراست | |||||
حتى كيف أن ملكك لا يليق بأي شخص | لماذا لا يكون للعيش نصيب بدونك | ||||||
821 | تخت مأواى ﭼون منى نبود | جاى تو جاى ﭼون منى نبود | |||||
عندما لم يكن العرش مأوى للكبر | عندما لم يكن مكانك محلًّا للكبر والغرور | ||||||
822 | مور با آنکه در سریر شود | کی سلیمان تخت گیر شود | |||||
ماذا فعلت النملة مع ذلك الذي كان على سرير الملك | فکیف صار سلیمان حاکمًا وملکًا | ||||||
823 | شه درآن آزمایش کارش | چون پسندیده دید گفتارش | |||||
تعلم الملك عمله من تجربته تلك | وذلك عندما رأى قولها المختار | ||||||
824 | در دلش صد هزار تحسین خواند | واشکارش بخشم بیرون راند | |||||
تعلم في قلبه مئة ألف صلاح | وهي أخرجت استيائها الواضح | ||||||
825 | خواند فرزند دومین را پیش | خاص کردش بآزمایش خویش | |||||
أحضر ابنه الثاني | الذي اختص بتجربته (الذي كان معروفًا بحنكته وتجاربه) | ||||||
826 | با فسونگر زبان بافسون داد | ماجرای گذشته بیرون داد | |||||
وبلسان الساحر تمتم بالسحر | ووضح ما حدث سابقًا | ||||||
827 | پسر زیرک از خردمندی | کرد پُرسنده را زبان بندی | |||||
ولد زكي من عقله | انعقد لسان السائل | ||||||
828 | گفت ما را بجان و بینائی | کردنی شد هر آنچه فرمائی | |||||
قال إن روحنا وبصيرتنا | لائقة بكل أمر وحكم | ||||||
829 | لیک پیشت حدیث تاج و سریر | عیب باشد ز بنده عیب مگیر | |||||
لكن أمامك فإن حديث التاج والملك | يصبح عيبًا فلا تُظهر العيب | ||||||
830 | دیرمان تو که تا توئی بر جای | دیگری کی نهد بمسند پای | |||||
إن ابتعادنا كثيرًا لائق بك | حتى يصل الآخر إلى مكان القدم (حتى يصل أحد آخر إلى العرش) | ||||||
831 | وان زمان کاین زمانۀ گذران | با تو نیز آن کند که با دگران | |||||
إن ذلك الزمان هو هذه الدنيا الفانية | معك أيضًا تنفصل تلك الرياح العاتية | ||||||
832 | گر بود در سرت كه افسر خويش | خود مزين کُنى بگوهر خويش | |||||
لو كان على رأسك تاجه | فإنك تزينه بجواهر النفس | ||||||
833 | مهتری هست آخر از منِ خُرد | بار سر جز بدوش نتوان برد | |||||
إن الآخرة أفضل من نفسي الضئيلة | لا يمكن حمل شيء على الرأس إلا الكتف | ||||||
834 | بر بزرگان رواست اين معراج | لؤلؤ خُرد نيست درخور تاج | |||||
إن هذا المعراج لائق بالعظام | فاللؤلؤ الصغير لا يليق بالتاج | ||||||
835 | شاه زو هم گره در ابرو کرد | وز حضور خودش بیک سو کرد | |||||
قطب الملك حاجبه أيضًا | واقترب من أحد الحاضرين | ||||||
836 | روی در خُرد کاردان آورد | خُردهيی باز در میان آورد | |||||
يظهر على وجه عقل المحنكين | وأحضر في الوسط بعض القطع الصغيرة | ||||||
837 | داد پاسخ جوان کارشناس | که ز طفلان نکو نیاید پاس | |||||
وجاوب الشاب المحنك | إنه لا يأت الاحترام (لا يظهر) من الأطفال الجيدين | ||||||
838 | شاه چون دید کان سه گوهر پاک | میشناسند گوهر از خاشاک | |||||
عندما رأت عيون الملك تلك الجواهر الثلاث الصافية | وقد علم الجواهر من الأشياء عديمة القيمة (القمامة) | ||||||
839 | بهر ده روزه مُلك بى سروبُن | ايهنند از فريب ﭼرخ كهن | |||||
لأجل أن يصير الملك مترامي الأطراف في عشرة أيام | ويأمنوا من مكر الفلك العتيق | ||||||
840 | شادمان شد ز بخت فرخ خویش | سود بر خاک بندگی رُخِ خویش | |||||
فإنه فرح من حظه السعيد | وانتفع بوضع الوجه على التراب | ||||||
841 | لیکن از پیش بینی و پی غور | با جگر گوشگان شد اندر شور | |||||
لكن بعد الاحتياط والتفكر | واشتعال قلوب المستمعین | ||||||
842 | داد فرمان که هر سه بدر منیر | پیش گیرنده ره ز پیش سریر | |||||
أصدر أمرًا إلى الثلاث بدور المنيرة | بالمنع من الاقتراب من العرش | ||||||
843 | تا حد ملک شهریار بود | هر که ماند گناهکار بود | |||||
حتى صار حكم الملك حائلًا | وكل من سيبقى سيكون مذنبًا | ||||||
844 | زین سخن هر سه تن ز جای شدند | توشه بستند و ره گرای شدند | |||||
بعد هذا الكلام ذهب الثلاثة من المكان | وأخذوا الزاد وعزموا على الذهاب | ||||||
845 | گه بر آباد بوم و گه بخراب | شهر بر شهر مى شدند شتاب | |||||
ذهبوا أحيانًا إلى الأراضي العامرة وأحيانًا إلى الخرابات | طووا سريعًا مدينة وراء مدينة | ||||||
846 | ره نَوَشتند بی شکیب و سکون | تا شدند از دیارشان بیرون | |||||
طووا الطريق دون صبر وتوقف | حتى خرجوا عن ديارهم | ||||||
847 | در رسیدند تا به اقلیمی | که از آن بود مُلکشان نیمی | |||||
حتى وصلوا إلى إقليم | كان يبلغ نصف ملكهم | ||||||
848 | در بيابان و راه و منزل و جاى | در نهادند بى تجارب پاى | |||||
في الصحراء والطريق والمنزل والمقام | خطوها جميعًا بلا تجارب سابقة | ||||||
849 | روزی از گردش ستاره و ماه | می نَوَشتند سوی شهری راه | |||||
وذات يوم من دوران النجوم والقمر | خطوا الطريق ناحية مدينة ما | ||||||
850 | تا که از پیش زنگیئى چون قیر | تک زنان سویشان گذشت چو نیر | |||||
حتى اقتربوا من زنجي لونه مثل القار | مرت أحد النساء بجانبهم مثل الليل | ||||||
851 | گفت کای رهروان زیبا روی | شتری دید کس روان زین سوی | |||||
قال أيها المسافرون الحسان | هل رأى شخص جملًا ما ذهب من هذا الطرف؟ | ||||||
852 | زان سه برنا یکی زبان بگشاد | نقش نادیده را روان بگشاد | |||||
من ذلك انحل لسان أحد الثلاث شباب | وقال إن أثر الحيوان غير واضح | ||||||
853 | گفت کان گمشده که رفت از دست | یک طرف کور هست گفتا هست | |||||
قال إن ذلك الذي ضل الطريق فقد ضاع من اليد | ومن ثم قال إن أحد عيناه عمياء | ||||||
854 | دومین باز کرد لب خندان | گفت او را کمست یک دندان | |||||
ابتسم الثاني | وقال إنه فقد أحد الأسنان | ||||||
855 | سومین هوشمند با تمئیز | گفت یک پای لنگ دارد نیز | |||||
واستنبط الثالث بعقله | وقال إن لديه قدم عرجاء أيضًا | ||||||
856 | زان نشانهاكه بود روشن و راست | شبهت از پيش ساربان برخاست | |||||
من تلك العلامات التي كانت واضحة | تسلل الشك لدى راعي الجمل | ||||||
857 | گفت چون راست شد نشانی او | بایدم ره بهمعنانی او | |||||
قال صحيح هذه صفته وعلامته | وجب علي مرافقته في الطريق | ||||||
858 | باز گفتند هر یکیش جواب | که همین راه گیر و رو بشتاب | |||||
قال كل منهم جوابه | إن هذا المسافر انطلق مسرعًا أيضًا | ||||||
859 | مرد پوینده راه پیش گرفت | رفت و دنبال کار خویش گرفت | |||||
انطلق الرجل في الطريق مسرعًا قبل الوقت | ذهب وانطلق خلف عمله | ||||||
860 | آن جوانان براه گام بگام | می نمودند نرم نرم خرام | |||||
هؤلاء الشباب خطوا الطريق خطوة خطوة (تتبعوا الأثر خطوة خطوة) | أظهروا واستوضحوا الطريق ببطء خطوة خطوة | ||||||
861 | تا زمانیکه گرم گشت سپهر | موج آتش فشاند چشمه مهر | |||||
حتى الوقت الذي اشتدت فيه حرارة الفلك | ونثرت عين الشمس موجات من النار | ||||||
862 | زیر عالی درخت اَنبُه شاخ | کش دو پرتاب بود سایه فراخ | |||||
حينها استظلوا تحت فرع شجرة الأَنبَه([71]) العالية | التي كانت تنشر ظلها ولها ظل وسيع | ||||||
863 | در رسیدند رنجدیده ز راه | میل کردن سوی آب و گیاه | |||||
عند وصولهم كانوا تعبوا من مشقة الطريق | وأرادوا تناول الماء والخضرة | ||||||
864 | چشمه دیدند دست و پا شستند | بر گُل و سبزه خوابگه جستند | |||||
رأوا عين ماء وغسلوا اليد والقدم | وجدوا مكانًا للنوم على الورد والخضرة | ||||||
865 | چون ز باد خوشِ درونه نواز | نرگس مستشان شد اندر ناز | |||||
عندما هبت الرياح اللطيفة البديعة | من زهرة النرجس أحسوا بالنشوة واللطف | ||||||
866 | ساربان باز در رسید چو باد | با زبانی چو خنجر پولاد | |||||
وصل راعي الجمل ثانية مثل الريح | مع لسان مثل خنجر الفولاذ | ||||||
867 | گفت اینسوی تا بیک فرسنگ | پایم از تاختن نداشت درنگ | |||||
قال لم تداوم قدمي على الركض | حتى فرسخ واحد في هذه الناحية (لم تستطع قدمي العدو في هذه الناحية حتى لفرسخ واحد) | ||||||
868 | در نَوَشتم بسى گريوه و كوه | در تک و پويه آمدم بستوه | |||||
طويت كثيرًا من التلال والجبال | وأتيت في الطريق وحيدًا عاجزًا | ||||||
869 | دیده گردی از آن رمیده ندید | گرد چه بود که آفریده ندید | |||||
حولت العين عن ذلك الشّارد ولم يراه أحد عندما هرب | كيف لم ير أحد منهم هذا المخلوق | ||||||
870 | گفت از ایشان یکی که بشنو گفت | هر چه دیدیم چون توانش نهفت | |||||
قال واحد منهم والذي سمع ما قال | لأن كل ما رأيناه هو قوته الخفية | ||||||
871 | هست بارش دو سوی رویاروی | روغن اینسوی و انگبین آنسوی | |||||
إنه كان يحمل حملين متقابلين | الزيت في هذه الناحية والعسل من تلك الناحية | ||||||
872 | دومین کرد روی کار بر او | هست گفتا زنی سوار بر او | |||||
وضّح الثاني أمره | ومن ثم قال إنه كانت تمتطيه امرأة | ||||||
873 | سومین گفت زن گرانبار است | وز گرانیش کار دشوارست | |||||
قال الثالث کانت المرأة ثقيلة | وكان حمل ثقلها أمرًا صعبًا | ||||||
874 | ساربان زانهمه نشان درست | گرد شک را ز پیش خاطر شست | |||||
بدأ الشك يتسرب إلى فكر الراعي | من كل تلك العلامات الصحيحة | ||||||
875 | آگهی چون نداشت از فنشان | چنگ در زد سبک بدامنشان | |||||
عندما لم يكن لديه علم عن فنهم | ضرب باليد على طرف ردائهم | ||||||
876 | نعره برداشت كاين سه طرارند | كه بتاراج خلق پر كارند | |||||
وصرخ إن هؤلاء ثلاثة سارقين | عملهم الهجوم على الخلق | ||||||
877 | هر زمان سو بسو زمين بزمين | بهر كالا همى كنند كمين | |||||
في كل زمان من طرف إلى طرف ومن أرض إلى أرض | يعدّون الكمين لأجل المال | ||||||
878 | تا كجا باشد اشترى و خرى | يا متاعى ز نقرۀ و زرى | |||||
وإلا أين تذهب الجمال والحمير | أو المتاع من الفضة والذهب | ||||||
879 | بفريب و فسون و ﭼاره گرى | ببرند از مقيم و از گذرى | |||||
بالحيلة والمكر والخداع | يُغيرون على المقيم والمسافر | ||||||
880 | زان نفیر و فغان کزو برخاست | گرد گشتند خلق از چپ و راست | |||||
نهض من ذلك النفير والعويل الذي أصدره | الخلق من اليسار واليمين وتجمعوا | ||||||
881 | گرد شان شد زمردم انجمنى | هر كسى گفت بيش و كم سخنى | |||||
تجمعت مجموعة من الناس | وقال كل شخص الكثير والقليل من الكلام (أخذوا يتقولون الكلام) | ||||||
882 | تا نهایت برآن قرار افتاد | که بباید شدن چو کار افتاد | |||||
حتى صدر القرار في نهاية ذلك | حول الأمر الذي يجب فعله | ||||||
883 | مَلِکِ عهد را خبر کردن | راه انصاف را نظر کردن | |||||
وهو أن يصل الأمر إلى الملك | حتى يحكم بالعدل والإنصاف | ||||||
884 | كار كان بسته گشت و نگشايد | كار فرما تمام فرمايد | |||||
كان هذا الأمر معقدًا ولا ينحل | فأوكلوا الأمر بالكامل إلى الحاكم | ||||||
885 | هم بران اتفاق جمله بهم | حُكم جواين شدند سوى حَكَم | |||||
وقع اتفاق الجميع على ذلك أيضًا | وبحثوا عن الحكم ناحية الحاكم | ||||||
886 | ساربان ماجرای حال که بود | وانهمه پاسخ و سئوال که بود | |||||
ومن ثم شرح الراعي ما حدث | وذكر كل تلك الأسئلة والأجوبة | ||||||
887 | گفت باشه يگان يگان بدرست | شاه از آن هر سه نيز پاسخ جُست | |||||
قال للملك الحقيقة واحدة تلو الأخرى | استفسر الملك أيضًا عن كل إجابات الثلاثة | ||||||
888 | آنگ زيشان كياستا فزون داشت | در هر افسانۀ صد افسون داشت | |||||
كان ذلك الشخص أكثر فراسة منهم | وله في كل قصة مئة حيلة | ||||||
889 | گفت اوّل دعای دولت شاه | که بمان تا بود سپید و سیاه | |||||
قال الأول دعاء لحكم الملك | حتى يتضح لنا الأبيض والأسود | ||||||
890 | ﭼشمها را ز خاک پاى تو نور | ديدۀ بد ز آستان تو دور | |||||
وقال إن العيون تنير عند تراب قدمك | ولتبتعد عن بلاطك العين السيئة | ||||||
891 | ماسه بر نامسافریم و غریب | در تک و پویه زاب و خورد نصیب | |||||
نحن ثلاث شباب مسافرون وأغراب | نال منا الحظ والنصيب سريعًا | ||||||
892 | سالها شد كهِ گرد عالم خاک | مينورديم دشت و كوه و مغاک | |||||
سنوات ونحن نهيم في العالم | طوينا الصحراء والجبال والكهوف | ||||||
893 | نيست زين تاختن بهر جائى | بهرۀ ما بجز تماشائى | |||||
لم يكن لنا غرض من هذا العبور السريع لكل مكان | سوى المشاهدة والسياحة فقط | ||||||
894 | در ديارى كه راه بنَوَشتيم | ﭼون بديديم جمله بگذشتيم | |||||
كتبنا كل ما شاهدناه في الطريق من ديار | كما شاهدنا وبكل ما مررنا | ||||||
895 | زين دويدن بزير ﭼرخ كبود | روزى اينسوى نيز راه نمود | |||||
ومن هذا العَدْو والذهاب فإن الفلك الأزرق (القدر) | أظهر لنا يومًا ما طرف هذا الطريق أيضًا | ||||||
896 | میبریدیم ره ز گرش دهر | نارسیدیم بر در این شهر | |||||
طوينا الطريق للتجول فترة من الزمن | حتى وصلنا على باب هذه المدينة | ||||||
897 | اوّل اين زنگىِ سياه وجود | كه دوان پيش ما رسيد ﭼودود | |||||
أولاً كان موجود هذا الزنجي | الذي ركض نحونا مثل الدخان | ||||||
898 | او شتر جست و ما به لابه و لاغ | تازه کردیم نقش او را داغ | |||||
كان يبحث عن جمل واحتال علينا | ونحن تتبعنا آثاره الحديثة | ||||||
899 | ما گنهكارا اينقدر هستيم | كه دروغى بروى اوبستيم | |||||
إن ذنبنا هو بهذا القَدر | ورأينا الكذب على وجهه | ||||||
900 | بس دروغى كه گويمش بيخواست | اتفاقًا مقابل افتدر است | |||||
ما أكثر الكذب الذي قاله لنا | وفجأة حدث عكس الشيء الصحيح | ||||||
901 | شد ملک گرم از این حکایت و گفت | کانچه پیداست چون توانش نهفت | |||||
تحمس وتشوق الملك من هذه الحكاية وقال | إن ذلك واضح عندما اختفت قوته | ||||||
902 | ﭼون خود از دل برون فكندى داز | تيركز شست رفت نايد باز | |||||
عندما تُخرج السر من القلب | فالظلام الذي ولّى لا يأت ثانية | ||||||
903 | ز اتفاق از درو غنا فرجام | راست افتد يكى بُودنه تمام | |||||
وبالإجماع فالكذب لا نهاية له | وعندما تظهر حقيقة واحدة فإنه لا يكتمل | ||||||
904 | برده را بازده بهانه مکن | خویشتن را ببد نشانه مکن | |||||
لا تكن أسيرًا لثعبان الأعذار | ولا تجعل النفس هدفًا للسوء | ||||||
905 | این سخن گفت و چون ستمکاران | بندشان کرد چون گنهکاران | |||||
عندما قال هذا الكلام عاملهم كالمتعدين | وقيدهم مثل المذنبين | ||||||
906 | ﭼون بشام آفتاب نورانى | گشت در زير خاک زندانى | |||||
عندما أتى الليل أصبح نور الشمس | محبوسًا داخل الأرض | ||||||
907 | آن جوانان نغز با فرهنگ | سوی زندان شدند با دل تنگ | |||||
وأصبح هؤلاء الشباب اللطفاء اللائقين بالمعرفة | حزانى داخل السجن | ||||||
908 | همه شب رفتشان بمحزونى | در صف دزد و رهزن و خونى | |||||
إن ما أحزنهم طوال الليل | هو أنهم كانوا ضمن السارقين وقطاع الطرق والقتلة | ||||||
909 | شب ﭼو بر ناقه بست محمل خويش | مه به خورشيد داد منزل خويش | |||||
مر الليل مثل الناقة التي تحمل الحمل | وأعطى القمر مكانه للشمس (أي أدبر الليل وولّى وسطع النهار)([72]) | ||||||
910 | شتر یاوه گشته با همه ساز | بر در ساربان رسید فراز | |||||
في ذلك الوقت ظهر الجمل المفقود بكل ما معه | على باب الراعي | ||||||
911 | مردی آمد که در فلان کهسار | بر درختیش مانده بود مهار | |||||
أتى الرجلَ شخصٌ كان في الجبل | وأبقى لجام الجمل مربوطًا بشجرته | ||||||
912 | من برآنسو شدم بخار کشی | دیدم و کردمش مهار کشی | |||||
قال لقد كنت في تلك الناحية | ورأيت لجامه | ||||||
913 | زن که بالاش بود گفت نشان | تا من آوردمش بر تو کشان | |||||
وقال علامته أن هناك سيدة كانت تمتطيه | حتى أحضرته وسحبته لك | ||||||
914 | ساربان دادش آنچه واجب بود | پس بسوی ملک روان شد زود | |||||
هنا رأى الراعي أنه لا بد من تجلي العدل | ثم انطلق مسرعًا ناحية الملك | ||||||
915 | گفت باشد که من ز دولت شاه | یافتم هر چه یاوه گشت ز راه | |||||
قال للملك إن حكم الملك كان في صالحي | وقد وجدت كل ما فُقد من الطريق | ||||||
916 | شتر و هر چه بود بار بر او | وان عروسی که بد سوار براو | |||||
الجمل وكل ما كان يحمله | وتلك السيدة التي كانت تركبه | ||||||
917 | شه نظر سوی عدل فرماید | بندیان را ز بند بگشاید | |||||
أمر الملك من جهة العدل | أن يُفك وثاق الأسرى | ||||||
918 | شه ز آزار بيگناهی چند | از جگر بر کشید آهی چند | |||||
تألم الملك لمعاقبة الأبرياء الذين لا ذنب لهم | وتأوه بضع آهات من القلب | ||||||
919 | خواندشان با هزار خجلت و شرم | نرمدل کردشان بپرسش نرم | |||||
ودعاهم بألف خجل وحياء | وأجابوا سؤاله الرقيق بقلب رقيق | ||||||
920 | وانگهی دادشان ز بند خلاص | خلعتی داد هر یکی را خاص | |||||
وفي تلك اللحظة حررهم من السلاسل | وأعطى لكل منهم خلعة خاصة | ||||||
921 | پس بپرسیدشان که قصه خویش | باز پاید نمودن از کم و بیش | |||||
ثم سألهم عن قصتهم | أن يشرحوها ثانية بالكامل دون زيادة أو نقصان | ||||||
922 | کانچه مردم ندید پیکر او | چون نشانی دهد ز جوهر او | |||||
ذلك الذي لم ير الناس شكله | كيف أوضحتم جوهره | ||||||
923 | ماجرا گرد رست باشد و راست | خواسته بیکران دهم بی خواست | |||||
لو كان ما جرى صحيحًا | سأعطي عطايا ليس لها نهاية | ||||||
924 | ور کم و بیش در میان آید | سر شمشیر در زبان آید | |||||
وإذا ظهرت الزيادة أو النقصان في الوسط | سيأتي دور السيف على اللسان | ||||||
925 | زاد مردان بشرط خدمت خاص | تازه كردند سجدۀ اخلاص | |||||
ومكافأة الرجال أن يدخلوا في زمرة خواص الملك | فسجدوا مجددًا سجدة الإخلاص | ||||||
926 | پس یکی زان سه تن زبان بگشاد | گفت بادی همیشه خرم و شاد | |||||
ومن ثم انطلق لسان أحد الثلاثة | قال لتكن دائمًا سعيدًا ومبتهجًا | ||||||
927 | من که کوریش را نشان گفتم | بینشم ره نمود زان گفتم | |||||
أنا سأوضح أنه أعور | وسأظهر طريقة ذلك | ||||||
928 | همه یکسوی دیدم اندر راه | خوردنش از درخت و خاره گیاه | |||||
رأيت أنه طوال الطريق | أنه يأكل طعامه من ناحية واحدة سواء من الشجر أو العشب | ||||||
929 | نقش بستم كه يک طرف كور است | کش بيكسوى در ﭼرا زور است | |||||
فتصورت أن أحد عيناه عمياء | وإلا لماذا تظهر قوته في ناحية واحدة | ||||||
930 | دومین گفت کز ره فرهنگ | من بیک پا ازانش گفتم لنگ | |||||
وقال الثاني عن طريق المعرفة | أنا علمت أن أحد قدميه عرجاء | ||||||
931 | کانچنان دیدمش براه نشان | که بیک پای رفته بود کشان | |||||
وسأوضح ما رأيته علامة لذلك | حيث إنه كان يسحب أحد قدميه | ||||||
932 | گفت سوّم كه ﭼون خردمندان | من كه كم گفتمش يكى دندان | |||||
قال الثالث قولًا مثل الحكماء | أنا سأتحدث قليلًا عن أحد أسنانه | ||||||
933 | برگ و شاخی که خورد کردۀ او | دیدم افتاده نیمخوردۀ او | |||||
إن الأوراق والغصون التي أكلها | رأيت أن نصفها سقط ولم يكن مأكولاً | ||||||
934 | هر چه ناخورده مینمود در او | برگ یک یک درست بود در او | |||||
وكل ما ظهر غير مأكول | كان ورقًا سليمًا واحدة تلو الأخرى | ||||||
935 | روشنم شد ز عقل ﭼندانى | كز دهانش كمست دندانى | |||||
فاتضح من عقلي | إن الأسنان قليلة بفمه | ||||||
936 | شاه گفتا که آن سه چیز نخست | هر چه گفتید راست بود و درست | |||||
قال الملك بداية إن الثلاث أشياء تلك | وكل ما قلتموه كان صحيحًا | ||||||
937 | سه دیگر بدانش و تمئیز | روشن وراست گفت باید نیز | |||||
قال توجد ثلاثة أشياء أخرى يجب أن توضحوهم بالعلم والتمييز | والصدق والوضوح أيضًا | ||||||
938 | بازیکتن زبان راز گشاد | وانچه درپرده بود باز گشاد | |||||
قال أحدهم ثانية وقد انحل سر لسانه | ذلك الذي كشف الحجاب مرة أخرى | ||||||
939 | گفت کاوّل دمی که از من رفت | ماجرا ز انگبین و روغن رفت | |||||
قال الأول في الوقت الذي ذهب فيه | اتضح إلى ما جرى وهو سقوط كلًا من العسل والزيت | ||||||
940 | وان چنان بُد که در خس و خاشاک | دیدم آلایشی چکیده بخاک | |||||
وذلك كان مثل الضرر الذي لحق بأوراق النبات الجافة | فقد رأيت حمرة ساقطة على التراب | ||||||
941 | مگس افکنده بود یک سو شور | سوی دیگر قطار لشکر مور | |||||
كان الذباب موجودًا في طرف | والناحية الأخرى عليها قطار من جيش النمل | ||||||
942 | هر چه در وی دوید مور به جهد | حکم کردم که روغن است نه شهد | |||||
كل ما اجتهد أن يبتعد عنه النمل مسرعًا | حكمت عليه أنه زيت وليس شهدًا | ||||||
943 | وانچه سویش مگس نمود هجوم | بفراست شد انگبین معلوم | |||||
وتلك الناحية التي ظهر بها هجوم الذباب | علمت بالفراسة أنها عسل | ||||||
944 | شخص دوّم زبان گشاد كه من | آنگ بروى سوار گفتم زن | |||||
وقال الشخص الثاني إنني | قلت أن من تمتطيه هي سيدة | ||||||
945 | آن چنان دیدمش که گشت یقین | اثر زانوى شتر بزمین | |||||
لأنني رأيت وتيقنت من ذلك | لأنني وجدت أثرًا للمرأة التي تركب الجمل على الأرض | ||||||
946 | گشت پیدا ز پهلوی زانو | نقش نعلینهای کدبانو | |||||
أصبح واضحًا من جانب الركبة | أثر نعلين لامرأة | ||||||
947 | تريئى نيز ديدم از يک سوى | برگرفتم ز خاک و كردم بوى | |||||
ورأيت أيضًا رطوبة من ناحية واحدة | فأخذت من التراب وشممت الرائحة | ||||||
948 | نفس از آن بوى در گد از آمد | جوش شهوت در اهتزاز آمد | |||||
فذابت النفس من تلك الرائحة | وتحركت حرارة الشهوة | ||||||
949 | كردم انديشه را ز خاطر فرد | كه سوار شتر زنست نه مرد | |||||
فجال في خاطري فكرة | أن راكب الجمل امرأة وليست رجلًا | ||||||
950 | گفت سوم که رای من بنهفت | زان سبب حامل و گرانش گفت | |||||
قال الثالث إن لي رأيًا خفيًّا | وتحدث عن سبب الحامل وحِمله | ||||||
951 | کاندران جای کان جمازه نشین | بر جمازه سوار شد ز زمین | |||||
داخل ذلك المكان مقعد جمل سريع العدو | وفي المكان الذي ركب فيه الراكب على الجمل السريع من الأرض | ||||||
952 | ديدم آنجاكه نقش پاش نشست | گشته پيدا بخاک نقش دو دست | |||||
عندها رأيت هناك أثر قدمها | وظهر واضحًا على التراب أثر يدين | ||||||
953 | گفتم این حامل گرانبار است | کزمین خاستنش دشوار است | |||||
فقلت إن هذه الحامل (الراكب) ثقيلة | لأن نهوضها من على الأرض كان صعبًا | ||||||
954 | آنگ در خاک دست سا شده است | از پى خاست ﭼار پا شده است | |||||
تلك المرأة مثلما وضعت اليد على التراب | ظهر وكأنها نهضت على أربعة أقدام | ||||||
955 | شاه کز هر سه تن شنید جواب | بنده شد زان فراستی بصواب | |||||
عندما سمع الملك جواب الثلاث شباب | صار أسيرًا بحق لتلك الفراسة | ||||||
956 | هر یکی را بصد نوا و نواخت | ساخت برگی چنان که باید ساخت | |||||
أمر الملك لكل منهم بمئة عطية | وأغدق عليهم العطايا مثلما كان يجب أن يفعل | ||||||
957 | زان نمو دارد ور بینیشان | کرد رغبت به همنشینیشان | |||||
ومن ثم بعد فراستهم الواضحة تلك | رغب الملك أن يكونوا من ندمائه | ||||||
958 | منزلی دادشان درون سرای | تا بود نزدشان بخلوت جای | |||||
وهبهم مكانًا داخل القصر | حتى كان بجوارهم مكان خالٍ (خلوة) | ||||||
959 | دل چو گشتیش فارغ از همه کار | تازه کردی نشاط را بازار | |||||
عندما ينتهي قلبه من كل الأعمال | فإنه يجدد سوق السعادة | ||||||
960 | با حریفان نوبه تنهائی | باده خوردی بمجلس آرائی | |||||
وذات مرة جلس وحيدًا مع الندماء | وتناول الخمر في المحفل | ||||||
961 | گوش کردی دم نهانی شان | بهره جستی ز کاردانیشان | |||||
وفي لحظة سمع همساتهم | وبحث في كلامهم عن بصيرتهم وحذقهم | ||||||
962 | مغز معنى كه ديدى اندر پوست | نقش كردى بجان معنى دوست | |||||
إن معنى العقل هو أن ترى تحت الجلد | ومعنى الحب أن ينقش في الروح | ||||||
963 | شه فرستاد نزدشان يكروز | بره يى و ميئى در ونه فروز | |||||
وذات يوم أرسل الملك إليهم | طعامًا من لحم الماعز وخمرًا كثيرة معه | ||||||
964 | همه با هم نشاط پيو ستند | شاد و خندان بباره بنشستند | |||||
فرح الجميع مع بعضهم | وجلسوا سعداء يضحكون من أثر الخمر | ||||||
965 | ﭼون ميئى ﭼند كرد هر يک نوش | و امد از مى در ونه ها در جوش | |||||
لأن كلًّا منهم شرب بعضًا من الخمر | ودخلوا في حرارة وغليان من أثر الخمر | ||||||
966 | باز ميگفت هر يک از كم و بيش | داستانى بقدر دانش خويش | |||||
قال كل منهم القليل والكثير | قالوا قصة بقدر علمهم | ||||||
967 | وانک مِه بود و ﭼابک انديشه | باز گفت از دل خرد پيشه | |||||
وذلك الذي كان الرئيس والداهية | تحدث ثانية عن قلب العاقل | ||||||
968 | كاين ميئى كادمى گم است در او | گوئيا خون مردم است در او | |||||
وقال إن الشخص الذي أعد هذه الخمر هناك سر داخله | يقال إن دم الناس داخله | ||||||
969 | دومين ر از دان كارشناس | گفت از انديشۀ درست قياس | |||||
كان الثاني ذا بصيرة وعالمًا للأسرار | قال عن فكرة صحيحة بالقياس | ||||||
970 | كاين بره گوئيانه پاک رگست | پرورش يافته زخون سگ است | |||||
إن هذه العنزة ليست طاهرة العرق (ليست أصيلة النسب) | ففي عروقها دم كلب | ||||||
971 | سومين نقش بند عقده گشاى | باز گفت آنـﭼـه روى داد ز راى | |||||
وحل الثالث عقدة اللسان | ومن ثم تحدث عن ذلك الذي اقترب من الحكم | ||||||
972 | كاين ملک نى ز شاه آزاد است | دانم از پشت مطبخى زادست | |||||
إن هذا الملك ليس من ملك حر | أعلم إنه من ظهر (نسل) طباخ | ||||||
973 | ملک اندر كمين ديسوارى | گوش ميداشت سوى گفتارى | |||||
أعد الملك كمينًا داخل الحائط (كان الملك يضع من يتنصت خلف الحائط) | وسمع هذا الحديث | ||||||
974 | تا هران خُرده آيد از سه حكيم | كشدش در جريدۀ تعليم | |||||
كل ذلك العيب الذي صدر من الثلاثة الحكماء | نقله المتنصت إلى الحاكم | ||||||
975 | زان سه نكته كه گوشگير شدش | دل نازک گمان پذير شدش | |||||
تأذى الملك من تلك الأمور الثلاثة | ودخل الشك في قلبه الرقيق | ||||||
976 | بسكه جوش درونش ابنز كرد | سر بخلوتسر ايشان در كرد | |||||
ثم اشتعل داخله | وانتشر السر من خلوة سرهم | ||||||
977 | هر سه تن تير وار برجستند | با ملک ﭼون نشست بنشستند | |||||
انطلق الثلاثة الشباب مثل السهم | وجلسوا مع الملك عندما جلس | ||||||
978 | شاه فرمود كاين زمان بنهفت | هرﭼـه گفتيد باز بايد گفت | |||||
في هذا الوقت أمر الملك أن يكون الأمر سريًا | يجب أن يقال كل ما قيل ثانية | ||||||
979 | گشت تحقيق در بطانۀ شان | كه شنو دست شه فسانۀ شان | |||||
وحقق في بطانتهم | حتى يستمع الملك إلى قصتهم | ||||||
980 | گرﭼـه آن گفت دلپذير نبود | باز گفتند ﭼون گزير نبود | |||||
لم يكن ذلك الكلام مقبولاً | ولكن لم يكن هناك مفر من قوله مرة أخرى | ||||||
981 | شاه يک يک شنيد و گشت خموش | باده ميخورد با دلى پُرجوش | |||||
سمع الملك واحدًا واحدًا وكان صامتًا | يتناول الخمر وقلبه يغلي | ||||||
982 | كرده بود آز مون كزايشان كس | نزند هرگز از گزاف نفس | |||||
كان يعلم أنه لا يوجد شخص حي | ذو تجربة وبصيرة أكثر منهم مطلقًا | ||||||
983 | صبح ﭼون راز ﭼرخ روشن كرد | صحن گردون ﭼو سبز گلشن كرد | |||||
عندما أتى الصباح وظهر سر الفلك | صار ميدان الفلك مثل الروضة الخضراء | ||||||
984 | شاه در ما جراى بادۀ روش | باز جست آگهى ز باده فروش | |||||
بحث الملك عمّا حدث في أمر الخمر | وعلم عن بائع الخمر | ||||||
985 | مرد خمار گفت كاين انگور | برده ام از رز فلان دستور | |||||
قال صاحب الخمر إن هذا العنب | قد أحضرته بالأمر من شجرة عنب فلان | ||||||
986 | اوّل آن باغ بور گورستان | كوبر افكندو ساختش بستان | |||||
أول تلك الحديقة كان مقبرة | الذي ابتعد وصنعه بعد ذلك بستان | ||||||
987 | ﭼون يكى باز خوان روشن و راست | ازد و ديگر تفاوتش برخاست | |||||
عندما تحدث ثانية اتضحت الحقيقة | وظهر اختلافه الثاني | ||||||
988 | از شبان باز جُست راز بَره | زد شبان قلب ﭼون نبود سره | |||||
وبحث مرة أخرى عن سر راعي الغنم | دق قلب الراعي عندما انكشف سره | ||||||
989 | گفت كان بَرّه بود پهلوى ميش | شيرپر وردِ مهرما در خويش | |||||
قال إن تلك العنزة كانت من ضلع عنزة | تتربى على لبن وحنان أمها | ||||||
990 | بانگ برزدبد و بتندى شاه | كاين زمانت سر افكنم ﭼو گياه | |||||
صاح الملك بضيق | وقال إنني في هذا الوقت سأسقط رأسك مثل العشب | ||||||
991 | زين سياست كه سر نه آسان رست | جُز به إقرار باز نتوان رست | |||||
لا يوجد أسهل من هذه العقوبة | ولا يمكن النجاة إلا بالاعتراف | ||||||
992 | كرد روشن شبانِ برّه فروش | كاوفتاد از گناه او سرپوش | |||||
هنا أيقن راعي الغنم | أن الحجاب قد وقع عن ذنبه | ||||||
993 | دل ز تيمار جان و تن برداشت | پرده از راز خويشتن برداشت | |||||
تحمل القلب من حزن الروح والجسد | وأزال الستار عن سر النفس | ||||||
994 | گفت كاين بَرّه بود در رمه خُرد | كزرمه گرگ مادرش را بُرد | |||||
قال إن هذه العنزة كانت صغيرة | وانقض الذئب على حلق أمها | ||||||
995 | ماده سگ داشتم رونده ﭼوتير | بـﭼـه يى ﭼند بودش اندرشير | |||||
وكان لدي كلبة سريعة مثل السهم | وكانت لديها جراء صغار تطعمهم من لبنها | ||||||
996 | رام كردم ﭼنان بدستانش | كه بره سخت شد به پستانش | |||||
عندها كنت أرفع يديها | وبصعوبة كنت ألقمها صدرها حتى ترضع | ||||||
997 | ﭼون ﭼنان شد زشير مستى نغز | كاستخوانش بپوست شد همه مغز | |||||
عندها كانت تتناول كثيرًا من لبنها اللطيف | وتكوّن منه عظامها وجلدها وأيضًا عقلها | ||||||
998 | آوريدم ز بهر مطبخ خاص | زين گُنه خواه تيغ خواه خلاص | |||||
وقد أحضرتها من أجل المطبخ الخاص | فليخلصني السيف من هذا الذنب | ||||||
999 | شه ﭼو رمز دو خُرده ديد درست | گشت پاش از خيال سوّم سست | |||||
عندما رأى الملك صحة عقل الاثنين | تزلزل من فكر الثالث | ||||||
1000 | ﭼار و ناﭼار سوى مادر راند | راز دل را نهفته بروى حواند | |||||
ومن ثم ركض طوعًا وكرهًا تجاه والدته | ليستفسر عن سر القلب الخفي | ||||||
1001 | در گريبانش ﭼنگ در زدسخت | گفت خواهم ز تو جهان پردخست | |||||
وأحكم قبضته على ياقتها | قال أريد تصفية حساب العالم منك | ||||||
1002 | ورنه بر گو براستى خبرم | تا كى بودست در جهان پدرم | |||||
إذا لم تخبريني الحقيقة | من هو والدي في الدنيا | ||||||
1003 | از كى آوردۀ ﭼو من پسرى | پدرم شاه بود يا دگرى | |||||
مِن مَن أحضرتِ ابنًا مثلي | لقد ذكرتِ أن والدي هو الملك | ||||||
1004 | مادر از خشم در خروش آمد | خونش اندر جگر بجوش آمد | |||||
صرخت الأم من الغضب | وتدفق دمها داخل القلب | ||||||
1005 | گفت كانديشه نيستت ز وبال | كه نهى تهمتم به پيران سال | |||||
قالت إن فكرك هذا ليس شريف | إنك تتهمني وأنا في هذا السن الكهل | ||||||
1006 | كي تواند جز آفتاب بلند | كافكند بر سرير ماه پرند | |||||
لا يمكن أن ترتفع إلا الشمس | إذا سقطت على العرش يطير القمر | ||||||
1007 | جز كه دادا كرابور يا دا | كه در آيد بپردۀ دادا | |||||
لا تكون هناك قوة إلا لصاحب الثروة | وذو الحق هو من يصل إلى المقام | ||||||
1008 | باز بر فرق شاه بر شد دود | رو بمادر نهاد خشم آلود | |||||
انتشر الدخان ثانية على رأس الملك | وتحركت الأم وهي غاضبة | ||||||
1009 | گفت اگر صد بهانه پيش آرى | نرهى جُز براست گفتارى | |||||
قال لو تقدمين مئة عذر | لن تتحرري إلا بقول الحقيقة | ||||||
1010 | بزه ايرا كه كردۀ بشمار | تا نگردم بكشتنت بزه كار | |||||
لأن الذي أعده ذنبًا | هو ألّا أقوم بقتلك | ||||||
1011 | مادرش كز درونه دود نداشت | عذرها گفت وهـيـﭻ سور نداشت | |||||
والدته التي لم تكن تتألم | ساقت الأعذار والحجج ولكن لم تجدِ نفعًا | ||||||
1012 | آگهى داشت كان غبار انگيز | هست گاه قصاص بى پرهيز | |||||
علمت أن ذلك وقت هبوب العاصفة | إنه وقت القصاص دون حذر | ||||||
1013 | از سر راستى بلرزه و بيم | كرد خود را بدست خون تسليم | |||||
انحنى الرأس وارتعد من الخوف | واستسلمت بحزن | ||||||
1014 | گفت رازى كه داشتم بنهفت | بشنو اكنون اگرﭼـه نتوان گفت | |||||
قالت بألم إن لدي سرًّا خفيًّا | الآن استمع لما لا يمكن قوله | ||||||
1015 | روزى از روزها بفصل بهار | شه برون رفته بود سوى شكار | |||||
ذات يوم من أيام فصل الربيع | خرج الملك للصيد | ||||||
1016 | من جوان بودم و زخوبان طاق | خفته تنها شبى درون رواق | |||||
كنت شابة ومن حسناوات الفلك | وفي الليل نمت وحيدة داخل الرواق | ||||||
1017 | خواب ﭼون رخت در كران آورد | مطبخى در رسيد و خوان آورد | |||||
عندما انتهى النوم | وصل الطباخ وأحضر المائدة | ||||||
1018 | من از آنجا كه هست ميل زنان | آرزويم ز دست برد عنان | |||||
أنا التي كنت أميل إلى النساء | تمنيت أن أطلق عنان اليد | ||||||
1019 | دروى آويختم ﭼو مردم مست | جوش دل مُهر عصمتم بشكست | |||||
تعلقت به مثل الثمالى | واشتعلت المحبة بالقلب وتحطمت عفتي | ||||||
1020 | هرﭼـه در سرنبشت بود مرا | نفس بى عاقبت نمود مرا | |||||
كل هذا كان مكتوبًا على رأسي | ولم يتضح لي عاقبة تلك اللحظة | ||||||
1021 | نَم ﭼو بشنيد راز مادر خويش | ميوۀ ﭼون توأم ببار آمد | |||||
عندها ظهر البرعم على الغصن الجديد | وكبرت أنت بداخلي مثل الفاكهة | ||||||
1022 | شه ﭼو بشنيد راز مادر خويش | سرفكند از خجالت اندر پيش | |||||
عندما سمع الملك سر والدته | سقط الخجل بداخله | ||||||
1023 | رفت در خود فرود و حيران گشت | و ز ﭼنان پرسشى پشيمان گشت | |||||
ذهب وحيدًا وأصيب بالحيرة | وندم على مثل ذلك السؤال | ||||||
1024 | جست بيرون ز كاخ شرمنده | و ز تحيّر نه مرده نه زنده | |||||
خرج سريعًا من قصر الخجل | ومن الحيرة لم يكن حيًا أو ميتًا | ||||||
1025 | شد بخلوتسراى مهمانان | بى زبان گشته زان زباندانان | |||||
كان الضيوف في مكان خلوتهم | وصمت الملك من فصاحة لسانهم تلك | ||||||
1026 | ﭼون بگشت از شراب دورى ﭼند | داز را بر گرفت مستى بند | |||||
وعندما ابتعد عن الشراب | أثملته قيود السر | ||||||
1027 | گفت كانـﭻ از شما شنيدم راز | همـﭼنان يافتم ﭼو جُستم باز | |||||
قال إنني سمعت منكم ذلك السر | عندما بحثت وجدت نفس الشيء مثلما قلتموه | ||||||
1028 | روشن و راست بُد ﭼوهر سه ﭼيز | روشن و راست گفت بايد نيز | |||||
لا بد من توضيح حقيقة هذه الأشياء الثلاث | يجب توضيح الحقيقة أيضًا | ||||||
1029 | كاينهمه كارها كه پنهان بور | بـﭼـه دانسته شد كزينسان بود | |||||
إن هذه الأشياء كانت جميعها خفية | كيف تمت معرفتها على هذا النحو | ||||||
1030 | گفت يكتن كه من ﭼو خوردم مي | ديدم افزايش غم اندروى | |||||
قال الأول إنني عندما تناولت الخمر | رأيت الحزن يزداد داخلها | ||||||
1031 | از مى افزايش طرب باشد | ﭼون غم افزون كند عجب باشد | |||||
بينما الخمر تزيد السعادة | وعندما تزيد الحزن فهذا شيء عجيب | ||||||
1032 | باز جُستم ز ديگران أحوال | بود هم زين نمط جواب وسئوال | |||||
فبحثت عن أحوال الآخرين | كان الجواب والسؤال على هذا المنوال | ||||||
1033 | روشَنَم گشت كان شراب ﭼو نوش | دارد از خون خاكيان سر جوش | |||||
فاتضح لي أن ذلك الشراب اللذيذ | يحتوي على خلاصة دماء الناس | ||||||
1034 | گفت دوّم كه من ببرۀ مست | ﭼون بر آهنگ خورد بردم دست | |||||
قال الثاني إنني سأتحدث عن العنزة | عندما عزمت ووضعت اليد لكي أتناولها | ||||||
1035 | دل ز يك لقمه بسوزش و تاب | و زدهانم روانه گشت لعاب | |||||
اشتعل القلب من لقمة واحدة | وسال اللعاب من فمي | ||||||
1036 | بوى خون سپشت در رگ داشت | پهلوئى همـﭼو پهلوى سگ داشت | |||||
الدماء في عروقها لها رائحة | تشبه رائحة الكلب | ||||||
1037 | گفتم اين نه بره سگيست ﭼو گرگ | يا خود از شيرسگ شدست بزرگ | |||||
قلت هذه ليست عنزة إنما كلب مثل الذئب | أو إنها كبرت بلبن كلب | ||||||
1038 | سومين گفت من حقيقت كار | گويم ار باشدم بجان ز نهار | |||||
قال الثالث سأقول حقيقة الأمر | لو آمَن على الروح | ||||||
1039 | بر زبان داند شه بسى سوگند | كه نباشد بهيـﭻ حال گزند | |||||
أقسم الملك كثيرًا باللسان | إنه لن يؤذيه بأي حال | ||||||
1040 | پس جوان قصه باز گفت كه من | تا رسيدم به پيش شاه زَمَن | |||||
ثم أعاد الشاب القصة وقال إنني | في الوقت الذي اقتربت فيه من الملك | ||||||
1041 | هرﭼـه ديدم ز تو بدانائى | در زدم بر محک به بينائى | |||||
كل ما رأيت عنك رأيته بالبصيرة | وطرقت باب التجربة بالبصيرة | ||||||
1042 | طلب ر از شاه ميكردم | به تجارب لگاه ميكردم | |||||
وبحثت عن سر الملك | ورأيته بالتجارب | ||||||
1043 | از نشانهاى تاج و تاجوران | كاد مى را توان شناخت در آن | |||||
إنه من علامات التاج والملوك أصحاب التيجان | أنهم أناس يمكن معرفتهم بتلك العلامات | ||||||
1044 | باز جُستم يكى از آنت نبود | جُز دَم از شوربا و نانت نبود | |||||
بحثت عن واحدة منهم بك ولم أجد | لم يكن إلا حساؤك وخبزك | ||||||
1045 | نا مدت هيـﭻ ره سخن بزبان | كه نبودت در آن حكايت نان | |||||
ولم تتحدث فترة من الزمان مطلقًا | لأنه لم يكن لك خبز في تلك الحكاية | ||||||
1046 | اين نشانها كه عكس شاهى بود | بنمود اربد گواهى بود | |||||
هذه العلامات هي عكس علامات الملك | واتضح تأييد السوء | ||||||
1047 | كرد روشن فراستم بضمير | كه خمير است نسبتت نه سرير | |||||
استوضحت بفراستي وضميري | أن ما يناسبك هو الخمير وليس العرش | ||||||
1048 | شه فروشد بحيرت اندر خويش | سخن از وى برون نيامد بيش | |||||
زادت الحيرة في نفس الملك | ولم يخرج كلام منه | ||||||
1049 | گفت كزداد نيست شاهان را | ريختن خون بيگناهان را | |||||
قال إن من الملوك من لا يكون عادلًا | يسكب دماء الأبرياء | ||||||
1050 | غضبم تا عنان نبرده زدست | رخت مهمان بناقه بايدبست | |||||
قال إنني أغضب عندما يتسرب اللجام من اليد | يجب ربط متاع الضيوف بالناقة (يجب رحيل الضيوف) | ||||||
1051 | آنگهی گفت جمله را خندان | کافرین بر شما خردمندان | |||||
في ذلك الوقت ضحك الجميع وقال الملك | مبارك عليكم يا ذوي العقول | ||||||
1052 | با شما دوستان با تمئیز | یافتم بهرهمندی از همه چیز | |||||
إن الصداقة معكم مميزة | ووجدت حصتي من كل شيء | ||||||
1053 | با شما عیش موجب هنر است | هر چه بیش است سود بیشتر است | |||||
إن الحياة معكم باعثة على المعرفة والعلم | كل ما كثر الشيء زادت منفعته | ||||||
1054 | لیک گردندهٔ جهان پیمای | نتوان بند کرد در یک جای | |||||
لكن الدنيا دائرة | لا يمكن ربطها في مكان واحد | ||||||
1055 | زین نمط خواست عذرها بسیار | پس بهر یک سپرد صد دینار | |||||
من هذا النمط تكثر الأعذار | ثم سلم لكل واحد مئة دينار | ||||||
1056 | هر سه از بخت شادمانهٔ خویش | ره گرفتند سوی خانۀ خویش | |||||
فرح كل من الثلاثة من حظهم | واتخذوا الطريق إلى منزلهم | ||||||
1057 | سوى مُلک پدر فراز شدند | ﭼون پدر باز سرفراز شدند | |||||
اتجهوا ناحية ملك الوالد | لأن الوالد عالي القدر | ||||||
1058 | پدر پير شاد مانى يافت | باد ديگرز سرجوانى يافت | |||||
وجد الوالد الكهل السعادة | عندما علم السر عن الشباب مرة أخرى | ||||||
1059 | بسكه از خوشدلى بتمكين گشت | هوى كافور گونش مشكين گشت | |||||
ما أكثر السعادة التي تتولد من الاحترام | ومن ثم تحول شعره الذي بلون الكافور إلى لون المسك | ||||||
1060 | كرد روشن به مهترين پسران | بالش مشک فام تا جوران | |||||
علم أهمية الأبناء | وصار متكأ الملوك بلون المسك | ||||||
1061 | ﭼتر مشكنيش داد با همه ﭼيز | ديگران را لواى مشكين نيز | |||||
ومن ثم وهب لهم كل شيء من علامات ملكه المسكي | وأعطى أيضًا لهم الراية المسكية | ||||||
1062 | رنگ مشكين شعار عباسى است | زيور آراى ﭼرخ شمّاسى است | |||||
إن لون المسك (اللون الأسود) هو الشعار العباسي | ويتزين به فلك العبيد | ||||||
1063 | ظلمت شب كه مشک فام بور | بهر آسايش تمام بود | |||||
كان لون المسك مثل ظلمة الليل | كان يتمم كل راحة وهدوء | ||||||
1064 | خون تر در ميان نافۀ خشک | تا نگردد سيه نگردد مشک | |||||
الدم الرطب في وسط سرة الغزالة الجافة | حتى لا يصير أسودًا ولا يصبح مسكًا | ||||||
1065 | خط و خالى كه دلستان دارد | مشک رنگست زيب از آن دارد | |||||
إن الشامة والخال شيء محبوب | لونه أسود كلون المسك ومن ذلك يأخذ جماله وزينته | ||||||
1066 | شاه كزنازنين مشكين موى | اين فسانه شنيد روياروى | |||||
الملك الذي كان شعره جميلًا كالمسك | سمع هذه الحكاية وجهًا لوجه | ||||||
1067 | خفت در خوابگاه نور العين | گُل در آغوش و مشک در بالين | |||||
ومن ثم نام نور العين في فراش النوم | وكان الورد في الحضن والمسك في الوسادة | ||||||
الملحق الثّالث: قصّ الأثر في قصّة “صادق” لفولتير([73]):
”واتّفق أنّه كان يتنزّه ذات يوم بالقرب من غيضة، فرأى خصيًّا من خصيان الملكة يقبل عليه مسرعًا ووراءه رهط من رجال القصر على وجوههم أمارات قلق عظيم، فهم يتراكضون من هنا ومن هناك كأنّهم أناس يفتّشون عن أثمن شيء فقدوه. ولمّا دنا منه رأس الخصيان سأله قائلًا: “أما رأيت يا فتى كلب الملكة؟” فأجابه صادق بتواضع: “ما هو كلب بل كلبة”. فقال رأس الخصيان: “صدقت”. فأردف صادق قائلًا: “وهي غاية في الصّغر، قد وضعت جرائها من عهد قريب، وأصيبت في يدها اليسرى فهي تعرج، ولها أذنان طويلتان جدًّا”. فقال كبير الخصيان وهو يلهث من التعب: “إذن رأيتَها؟” فقال صادق: “ما رأيتها ولا علمت قط أنّ للملكة كلبة”.
ومن الاتفاقات الغريبة التي كثيرًا ما تحدث أنّ أكرم فرس في إسطبل الملك أفلت من يد سائسه في ذلك الوقت نفسه، وشرد في حقول بابل. فتراكض رأس الكلّابين ورجال القصر في طلبه. وكانوا في قلق شديد لا يقلّ عن قلق كبير الخصيان في طلب كلبة الملكة. وسأل رأسُ الكلّابين صادقًا فقال: “أما رأيت فرس الملك مارًّا من هنا؟” فقال صادق: ” إنّه أحسن الخيل إحضارًا. علوّه عن الأرض خمس أقدام وحوافره جدّ صغيرة، وله ذيل طوله ثلاث أقدام ونصف قدم وله حَكَمات من ذهب عياره ثلاثة وعشرون قيراطًا، وفي نعاله من الفضّة الخالصة أحد عشر جزءًا من أصل اثني عشر”. فقال رأس الكلّابين: “أيّ طريقٍ سلك؟” قال صادق: “ما رأيته ولا سمعت به قط”.
فما لبث أن ارتاب رأس الكلّابين وكبير الخصيان في أنّ صادقًا سرق الفرس والكلبة فأمرا بسوقه إلى مجلس الدّفتردار([74]). فحُكم عليه بالجلد وبالنّفي إلى سيبيرية بقيةَ عمره. لكن ما أن صدر الحكم حتّى عُثر على الفرس والكلبة. فاغتمّ القضاة غمًّا شديدًا لاضطرارهم إلى نقض حكمهم. بَيدَ أنّهم غرّموا صادقًا أربع مئة أوقيّة من الذّهب لقوله أنّه لم يَرَ ما رأى. ولم يجيزوا له الدّفاع عن نفسه إلّا بعد تأدية الغرامة. فأدّاها ودافع عن نفسه أمام مجلس الدّفتردار قائلًا: “يا نجوم العدل ومعادن العلم ومرايا الحقيقة، قد حويتم من الرّصاص رزانته ومن الحديد صلابته ومن الألماس بريقه ومن الذّهب أشباهًا له كثيرة. أما وقد أُذن لي في الكلام بين يدي مجلسكم العالي الموقّر، فإنّي أقسم بالإله هرمزد([75]) أنّي ما رأيت قطّ كلبة الملكة الكريمة، ولا فرس ملك الملوك المقدّس، أمّا ما حدث فهو أنّي كنت أتنزّه بالقرب من الغيضة الصّغيرة حيث لقيت كبير الخصيان المبجّل ورأس الكلّابين المعظّم، فرأيتُ على الرّمل آثار حيوانٍ كان من السّهل عليّ نسبتها إلى كلب صغير. فهناك أثلام خفيفة طويلة خطّت منذ قريب على نتوءات ضئيلة، بين آثار قوائم، عرفت بها أنّ الحيوان كلبة قد تدلّت أطباؤها لأنّها وضعت منذ أيّام معدودات. وهناك آثار أخرى في اتجاه مختلف تبدو وكأنّها لامست سطح الرّمل بمحاذاة القائمتين الأماميتين فدلّت على أنّ للكلبة أذنين على غاية من الطّول. ورأيت أنّ إحدى قوائم الكلبة تترك في الرّمل أثرًا أخفّ من أثر القوائم الأخرى فأدركتُ أنّ الكلبة تعرج بعض العرج إن جاز لي أن أقول مثل هذا القول في كلبة ملكتنا المعظّمة.
أمّا فرس ملك الملوك فاعلموا أنّي كنت أتمشّى في مسالك الغيضة فرأيت آثار نعال فرس على أبعاد متساوية فقلت: هذا فرس قد بلغ الغاية في حسن إحضاره. فكانت الطريق التي مر بها ضيقة لا يتجاوز عرضها سبع أقدام، ورأيت الغبار الذي يكون على جذوع الشّجر قد امّحى شيءٌ منه، ذات اليمين وذات الشّمال، على بعد ثلاث أقدام ونصف قدم من وسط الطريق، فقلت: لهذا الفرس ذيل طوله ثلاث أقدام ونصف القدم، فإنّه إذا تواترت حركته من اليمين إلى الشّمال كنس غبار الشّجر.
ثم رأيتُ تحت الأشجار المعرشة على ارتفاع خمس أقدام، أوراقًا سقطت حديثًا من أغصانها فعلمتُ أنّ الفرس قد مسّها وأنّ علوّه بالتّالي خمس أقدام. أمّا شكيمته فهي ذهب من عيار ثلاث وعشرين قيراطًا لأنّه حكّ حَكَمَتيه على حجرٍ اختبرتُه فعرفتُ فيه الحجر الذي يحكّ به الذهب. وتركت نعاله على حصى من نوعٍ آخر آثارًا حكمتُ عند رؤيتها في أنّه منتعلٌ نعالًا فيها من الفضة الخالصة أحد عشر جزءًا من أصل اثني عشر”.
فأكبر جميع القضاة فطنة صادق وحسن فراسته؛ وبلغ ذلك الملك والملكة. ولهجت به ألسن النّاس، فما من حديث في أروقة القصر ومخدع الملك وديوانه إلّا عن صادق.
وقال بعض كهنة المجوس أنّه ساحر وارتأوا إحراقه. فلم يلتفت الملك إلى قولهم وأمر بأن تُردّ عليه الأربع مئة أوقية الذهب التي غُرّمها. فقصد إليه كاتب المحكمة ومباشروها ووكلاؤها القضائيّون في موكب عظيم، يحملون إليه الغرامة. ولم يحتفظوا منها إلّا بنفقات المحاكمة التي بلغت ثلاث مئة وثماني وتسعين أوقية. ثم طلب خدمهم ما تبقّى من الغرامة أجرة نقل.
فرأى صادق أنّ الغلوّ في التّبحّر من العلم يعرّض صاحبه -في بعض الأحيان- لمخاطر جمّة. فقرّر عزمّه إذا رأى شيئًا على ألّا يخبر بما رأى“.
الملحق الرّابع: قصّ أثر الجواد في رواية “اسم الوردة” لأمبرتو إيكو:
أورد أمبرتو إيكو في أوّل روايته هذه مشهدًا لقصّ أثر جواد رئيس كهنة الدّير الذي فرّ، وكان أحسن الأحصنة في الدّير، يقول على لسان الرّاهب أدسو راوي الرّواية([76]):
”وبينما كانت بغلتانا تتقدّمان بصعوبة في المنعرج الأخير للجبل، حيث يتفرّع الدّرب إلى ثلاثة مسالك، اثنان منها جانبيّان، توقّف أستاذي بعض الوقت، ينظر حواليه وإلى حافّتي الطّريق وعلى امتداده وفي أعلاه، حيث كانت توجد مجموعة من أشجار الصّنوبر دائمة الخضرة تكوّن على طول مسافة صغيرة سقفًا طبيعيًّا غطّاه الثّلج ببياضه وقال: “دَيرٌ غني يحبّ صاحبه أن يظهر في المناسبات العموميّة بمظهر حسن”.
وكنت معتادًا على أن أسمع منه أغرب الأقوال فلم أسأله، ثم بعد مسافة قصيرة سمعنا جلبة، وظهرت عند أحد المنعطفات زمرة مضطربة من الرُّهبان والخدم. وتقدّم أحدهم نحونا عندما رآنا وقال بأدب جمّ: “مرحبًا يا سيّدي، ولا تستغرب أن أعرف تخمينًا مَن تكون، فقد أعلمونا بزيارتك. أنا رِميجيو دا فراجيني (Remigio da Varagine)، قيّم الدَّير. أنت على ما أظن الأخ غوليالمو دا باسكرفيل. يجب إذن إعلام رئيس الدَّير”. والتفت إلى أحد الأتباع آمرًا إيّاه: “اصعد أنت وبلّغ أنّ زائرنا على وشك عبور حزام الدَّير!”.
وأجاب أستاذي بمودّة: “شكرًا لك يا سيدي القيّم. فقد توقّفت عن الملاحقة لتحيّتي وهذا ما يجعلني أقدّر لطفك أكثر. ولكن لا تخف فقد مرّ الجواد من هنا واتّجه نحو الدّرب على اليمين. لن يستطيع الذّهاب بعيدًا، إذ إنّه سيُجبَر على التّوقّف عندما يصل إلى مصبّ الزّبل. فهو أذكى من أن يلقي بنفسه في المنحدر…”.
فسأله القيّم: “متى رأيتماه؟”.
– لم نره بالمرّة، أليس كذلك يا أدسو؟ -والتفت إليّ متفكّهًا- ولكن إن كنتم تبحثون عن برونيلّو (Brunello) فلا يمكن أن يكون إلّا في المكان الذي أشرت إليه.
فتردّد القيّم وهو ينظر تارةً إلى غوليالمو وتارةً إلى الدّرب، ثم سأله: “برونيلّو؟ كيف عرفت ذلك؟”.
فأجاب غوليالمو: “يا للسؤال. من الواضح أنّكم تبحثون عن برونيلّو، أفضل جواد لدى رئيس الدَّير وأحسن خيول إصطبلكم ركضًا. أسود الشّعر، تبلغ قامته خمسة أقدام، فاخر الذّيل، مستدير الحافر وصغيره إنّما منتظم الرّكض. صغير الرّأس، نحيف الأذنين ولكن واسع العينين. قلد قلت لكم إنّه اتّجه نحو اليمين، على كلّ حال أسرعوا!”.
لبث القيم برهة متردّدًا ثم أشار إلى أتباعه ونزلوا متّبعين الدّرب على اليمين، بينما تابعت بغلتانا الصّعود. وكنت على وشك أن أسأله لفرط فضولي، ولكنّه أشار إليّ بالانتظار: وفعلًا بعد لحظات قليلة سمعنا صيحات غبطة وعند منعطف الدّرب ظهر الرُّهبان والخدم من جديد يقودون الجواد من لجامه، ومرّوا بجانبنا وهم ينظرون إلينا ببعض الاندهاش ثم تقدّمونا إلى الدَّير. أظن أن غوليالمو أمهل مطيّته حتّى يترك لهم الوقت لرواية ما حدث. وقد أُتيح لي فعلًا أن أدرك أنّ أستاذي -الذي هو عمومًا رجلٌ ذو سجايا سامية- كان يترك الغرور يتملّكه عندما يعطي برهانًا على حدّة ذكائه. وبما أنّه سبق لي أن أُعجبتُ بتبصّره وبلباقته، فقد فهمت أنّه كان يريد الوصول إلى مقصده، تسبقه شهرة متينة بأنّه رجل واسع العلم.
في النّهاية لم أقدر على التّماسك أكثر وسألتُه: “والآن قُل لي، كيف فعلت لتعلم بذلك؟”.
فقال: “يا عزيزي أدسو. إنّني منذ أن بدأنا الرّحلة وأنا أعلّمك أن تقرأ العلامات التي يكلّمنا بها العالم وكأنّه كتابٌ كبير. لقد كان ألانو ديلّي إيزولي (Allano delle Isole) يقول:
كل كائنات الدّنيا،
هي لنا كتاب ورسم،
يتجلّى في مرآة.
وكان يعني الذّخيرة التي لا تنفد من الرّموز التي يكلّمنا بها الرّب -من خلال كائناته- عن الحياة الأزليّة. ولكن الكون أكثر بلاغة ممّا كان يظنّ ألانو فهو لا يتكلّم فقط على أمور الخاتمة (في هذه الحالة يكون دائمًا غامضًا) بل حتّى عمّا هو قريب، وهو عندئذٍ على غاية من الوضوح. أكاد أخجل من تكرار ما ينبغي أن تكون على علمٍ به. عند مفترق الطّرق ارتسمت بكلّ وضوح على الثّلج الذي لا يزال طريًّا آثار حوافر جواد، متّجهة نحو الدّرب الذي كان على يسارنا. وكانت المسافة بين الحافر والآخر طيّبة ومتساوية ممّا يدلّنا على أنّ الحافر كان صغيرًا ومستديرًا وأنّ الرّكض كان منتظمًا جدًّا. واستنتجت من ذلك طبيعة الجواد وأنّه لم يكن يعدو بارتباك كما تفعل الدّابة المهتاجة. وحيث تكوّن أشجار الصّنوبر سقفًا طبيعيًّا كُسرت بعض الأغصان حديثًا على ارتفاع خمسة أقدام بالضّبط. وفي إحدى أجمات التّوت، حيث دار الحيوان ليأخذ المسلك على يمينه، وهو يحرّك ذيله الجميل باعتزاز، بقيت بين الأشواك شعرات طويلة شديدة السّواد… وأخيرًا لا تقل لي إنّك لا تعرف أنّ ذلك المسلك لا يؤدّي إلى مصبّ المزابل، لأنّنا عند صعودنا المنعطف السّفلي رأينا سيلان الأوساخ ينزل عموديًّا تحت البرج الجنوبي، ملوِّثًا بياضَ الثّلج. ونظرًا لوضع مفترق الطّرق فلا يمكن أن يؤدّي ذلك المسلك إلّا نحو ذلك الاتّجاه”.
فقلت: “صحيح. ولكن الرأس الصّغير، والأذنين النّحيفتين، والعينين السّوداوين…”
– لا أعرف إنْ كان كما وصفته ولكنّي متأكّد من أنّ الرُّهبان يعتقدون ذلك بثبات. يقول إزيديرو دي سيفيليا (Isidoro di Siviglia) إنّ جمال الجواد “يتطلّب أن يكون له رأس صغير وعظميّ كما لو كان الجلد ملتصقًا بالعظم، وأذنان نحيفتان ومدبّبتان وعينان كبيرتان ومنخران واسعان ورقبة مستقيمة وعُرفٌ وذيل فاخران وحافر مستدير ثابت”. فلو لم يكن الجواد الذي استنتجت أنّه مرّ من هنا أحسن جواد في الإصطبل فلا يمكنك أن تفسّر لماذا لم يخرج السُّوّاس وحدهم لملاحقته وإنّما تكلّف عناء ذلك القيّم نفسه. والرّاهب الذي يعتبر جوادًا ما ممتازًا، زيادة على شكله الطّبيعي، لا يمكن أن يراه إلّا كما وصفه له أهل المعرفة، خاصّةً -ونظر لي بابتسامة خبيثة- خاصةًّ إذا كان ذلك الرّاهب بنيدكتيًّا علّامة…
فقلت: “حسنًا. ولكن لماذا سمّيته برونيلّو؟”
فصاح أستاذي: “ليمنحك روح القدس فهمًا أكثر ممّا يحويه دماغك يا ولدي! وكيف تريد أن تسمّيه إذا كان بوريدانو (Buridano) العظيم -الذي يوشك أن يصبح رئيس جامعة باريس- عندما تحدّث عن جواد جميل، لم يجد اسمًا أرشَقَ من برونيلّو؟”
هكذا كان أستاذي. لم يكن يعرف قراءة كتاب الطّبيعة الكبير فحسب بل والكيفيّة التي كان الرُّهبان يقرأون بها الكتب المقدّسة ويفكّرون من خلالها. وهي خِصالٌ ستعود عليه في الأيّام اللّاحقة -كما سنرى فيما بعد- بكثيرٍ من النّفع. ومن جهةٍ أخرى بدا لي تفسيره جَليًّا إلى حدّ أنّ الخِزي الذي أحسستُ به لعدم التّوصّل إليه بمفردي ترك الآن المجال للاعتزاز لمساهمتي فيه، وكدتُ أهنّئ نفسي بذكائي. تلك قوّة الحقيقة، فهي كالخير يشعّ من تلقاء نفسها“.
ثم يقول في موضع آخر بعد بضع صفحات عن ذات الحادثة([77]):
”لم أقدر ذلك اليوم عن التّماسك عن سؤاله ثانية بخصوص قصّة الجواد، فقلت: “ولكنك عندما قرأت العلامات على الثّلج والأغصان لم تكن تعرف برونيلّو. تلك العلامات كانت تحدّثنا -بطريقة من الطّرق- عن كل الخيول، أو على الأقل عن الخيول المنتمية لذلك الجنس. ألا ينبغي أن نقول إذن إنّ كتاب الطّبيعة يحدّثنا فقط عن جوهر الأشياء، كما يعلّمنا الكثير من كبار علماء اللّاهوت”.
فأجاب أستاذي: “ليس الأمر كذلك تمامًا، يا عزيزي أدسو. أكيدٌ أنّ تلك الآثار تقدّم لي -إن أردت- (صورة ذهنيّة) عن الجواد، وستعبّر لي عن ذلك أينما عثرت عليها. ولكن الأثر في ذلك المكان وتلك السّاعة من النّهار كان يقول لي إنّ واحدًا على الأقلّ من مجموع الخيول المفترضة قد مرّ من هناك بحيث وجدتُ نفسي في منتصف الطّريق، بين استيعاب مفهوم الجواد والتّعرّف على جواد معيّن. وعلى كلّ حال فإنّ ما أعرفه عن الجواد في العموم قد دلّني عليه الأثر الذي كان دقيقًا، ويمكنني أن أقول إنّني كنت في تلك الآونة حبيسًا بين دقّة الأثر وجهلي، الذي كان يتّخذ شكل فكرة مطلقة على غاية من الضّبابيّة. فإن أنت رأيت شيئًا من بعيد -دون أن تعرف ما هو- فستكتفي بتعريفه كجِرمٍ ممتدّ. وعندما يقترب منك ستعرف آنذاك أنّه حيوان، حتّى وإن كنت تجهل إن كان جوادًا أو حمارًا. وعندما يقترب أكثر سيمكنك القول إنّه جواد وإنّ كنت لا تعرف بعد إنْ كان برونيلّو (أي ذلك الجواد لا غيره، كيفما أردتَ تسميته). وستكون تلك هي المعرفة الكاملة، أو إدراك خصوصيّة الشيء عن طريق الحَدْس. وهكذا كنت أنا منذ ساعة، كنت مستعدًّا لتقبّل كل أجناس الخيول، لا لاتّساع إدراكي ولكن لضعف حَدْسي. ولم أشفِ غليلي من المعرفة إلّا عندما رأيت ذلك الجواد بالذّات يقوده الرُّهبان من لجامه. عندها فقط تحقّقت من أنّ تخميني الأوّل قادني قريبًا من الحقيقة. وهكذا كانت الأفكار التي خطرت لي في البداية لتصوّر جواد لم أرَه من قبل، كانت علامات بحتة، كما كانت الآثار فوق الثّلج علامات لمفهوم جواد: فنحن نستعمل العلامات، وعلامات العلامات فقط عندما تنقصنا الأشياء”“.
الملحق الخامس: بحث “سَرَنْدِبيّة أمراء سرنديب الثّلاثة: حكايات عربيّة في مجموعة قصص قصيرة إيطاليّة من عصر النّهضة([78])” للأستاذ رِنْزُو براغَنْتِيني:
سأبدأ بأن أتنصّل، إذ إنّي أنا الأستاذ في الأدب الإيطالي لا أعرف تراث السّرد العربي إلّا بواسطة، فلن آبه بموضوع عربي متّصل بالتّراث الإيطالي.
اهتمامي هو حادثة([79]) في بدء Peregrinaggio di tre giovani figliuoli del re di Serendippo([80]) {حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب}*، وهي مجموعة قصص قصيرة نُشرت أوّلًا عام 1557م في البندقيّة، ترجمها من الفارسيّة -كما تبيّن صفحة عنوانها- مترجم كان يُدعى كرِسْتوفَر الأرمني.
ومن الغريب أنّ هذه المجموعة يكاد يجهلها حتّى أساتذة الأدب الإيطالي. لكن “الحِجَّة”([81]) هي إحدى أشهر الكتب الإيطاليّة خارج إيطاليا. بل إنّ المرء يكاد يزعم أنّ تأُثيرها على الأدب الغربي لا يعدله أيّ إبداع أدبي إيطالي من عصر النّهضة. حتّى بانْدِلّو Bandello -الذي عرف الفرنسيّون عمله Novelle([82]) {حكايات}، على قلّة، من تنقيح بوِسْتشو Boaistuau له في “المآسي التّاريخيّة Histoires Trgiques” (1559م)، وعرفه الإنجليز من وِلْيَم بَيْنْتر William Painter في “قصر البهجة Palace of Pleasure” (1566-1567م)- لم يعرف مثل نجاح “الحِجَّة”.
وترجماتها وتنقيحاتها تتضمّن النّسخة الألمانيّة (1583م)، والفرنسيّة (1719م)، ثم منها الإنجليزيّة (1722م) والهولنديّة (1766م). ومن ترجمة ألمانيّة متأخّرة (1723م) أخذت الدّنمَركيّة (1729م). ناهيك عن ذِكر ما قد تكون أهمّ تنقيحات “الحِجَّة” وهي: Le voyage des princes fortunes”” {رحلة الأمراء المحظوظين} لبِرْوالْد دو فِرْفِيل Béroalde de Verville . ولا شكّ أنّ “الحِجَّة” تَدين بشهرتها للغرابة الجَلِيّة في عقدتها، ولا شكّ أنّ هذه الغرابة لم تكن لتنبثق في أيّ مدينة إيطاليّة غير البندقيّة؛ لموقعها الجغرافي السّياسي. لكن ثمّة سبب آخر لنجاح الكتاب.
بُنيت المجموعة على الفِطنَة البيّنة للأمراء الثّلاثة، وإذ جعلت الغرابة “الحِجَّة” شائعةً في فرنسا، فإنّ مزيج الغرابة والفِطنَة يَلَذّ لقومٍ كالإنجليز استمرؤوا رواية التّحرّي([83]).
نقرأ في المادّة “سَرَنْدِبيّة” في معجم أُكْسْفُرد أنّ هذه الكلمة ”سكّها هوراس والْبُل Horace Walpole من عنوان الحكاية أمراء سرنديب الثّلاثة، التي كان أبطالها ’دائمًا يكتشفون صُدفَةً أو بفِطنَة أشياءَ لم يسعوا إليها‘“. فتُعرّف بأنّها ”مَلَكَة اكتشاف المُبهِجات المُفاجِآت صُدفة“. وليس بعجيبٍ أنّ المعجم لا يذكر “الحِجَّة”، غير أنّ حكاية أمراء سرنديب الثّلاثة هي قَطعًا منها. والأشدّ عجبًا ما نقرؤه في Grande dizionario della lingua italiana (القاموس العظيم للّغة الإيطاليّة) تفسيرًا تأثيليًّا([84]) لكلمة Serendipità([85]): ”من الكلمة الإنجليزيّة Serendipity (سَرَنْدِبيّة)، وهي كلمة أنشأها هوراس والْبُل Horace Walpole عام 1754م في روايته ’أمراء سرنديب الثّلاثة‘ (يحكي فيها قصّة ثلاثة شبّان موهوبين في اكتشاف النّادر دون أن يبحثوا عنه)“. ولا حاجة بنا أن نقول أنّ والْبُل ما كتب قَطّ الأمراء الثّلاثة، وأنّها -على ذِكرها- ليست رواية.
والغريب أنّ القاموس الإيطالي لا يبدو أنّه يعي أنّ أصل الكلمة من الكتاب الإيطالي “الحِجَّة”، بل الأغرب من هذا الإهمال إذا علمنا أنّ “الحِجَّة” ضمن مصادر القاموس نفسه.
يوجد أحد أوّل أمثلة التّحرّي الفَطِن في الأدب الإبداعي الإيطالي في إحدى أوائل الحكايات من “الـNovellino” {الألف حكاية}، وهي مجموعة قصص قصيرة وضعها في الرّبع الأخير من القرن الثّالث عشر الميلادي فلورنسيّ مجهول. في القصّة الرّابعة من هذه المجموعة يحبس ملك اسمه فِلِب (ربّما فِلِب المقدوني والد الإسكندر الأكبر) حكيمًا يونانيًّا في سجنه.
حينما يُهدى الملك حصانًا يخبره اليونانيّ أنّ الحصان قد غُذي بلبن أتان، وحين يستبين فيما بعد صدق اليوناني يكافئه الملك بنصف رغيف كلّ يوم. ثم يسأل الملك اليونانيَّ رأيه في حجرٍ عزيزٍ عليه، فيجيبه اليونانيّ بأنّ داخله دودة، فيجد الملك أنّ الحكيم صادق فيكافئه برغيف. وبعد مدّة يشكّ الملك في والده، فيستحثّ الرّجل أن يصدقه عن مولده، فيخبره اليونانيّ أنّه ابن خبّاز. ثم بعد أن سأل أمّه يقرّ الملك بفطنة سجينه، غير أنّه سأله آخرًا كيف توصّل للحقيقة في كلّ حادثة، وهنا الأجوبة: 1- غُذي الحصان بلبن الأتان لأنّ أذنيه -غيرَ باقي الخيل- كانتا مَحنيّتين. 2- كان في الحجر دودة لأنّه كان دافئًا إذ الأحجار باردة، وهذا لا يكون إلّا إذا عاش فيه شيء. 3- لو لم يكن الملك ابن خبّاز، فما كان ليكافئه بخبز، فإنّه لو كان ابن ملك لَكافأه بإقطاعه مدينة. فأقرّ الملك الضّالّ ببخله وأجزل عليه هدايا ثمينة.
وعلى أنّها لا تُطابق حكاية الإطار في “الحِجَّة” فإنّ في هذه القصّة عناصر تقاربها. فيها مسألة الحيوان الذي غُذي بلبن آخر، لكنّ الأكثر أهميّة حقيقة أنّ نتيجة الفحص الأخير تخصّ الملك عينه (غير أنّه في “الحِجَّة” -على نقيض “الألف حكاية”- لا يكون شكّ في والد الإمبراطور بَهْرام). وأقرب شيء لاستهلال قصّة “الحِجَّة” هي القصّة الأولى De Sapiensia (في الحكمة) من ” الـNovelliere” {الحَكّاء} لجيوفاني سِرْكامْبي Giovanni Sercambi. كُتبت “الحَكّاء” بين نهاية القرن الرّابع عشر وبداية القرن الخامس عشر الميلاديّين، ونستطيع يقينًا نفي علم كرِسْتُوفَر الأرمني بها، فمؤلّفها لم يُعرَف أنّه أديب إبداعي حتّى القرن التّاسع عشر، بل إنّه لا توجد إلّا مخطوطة واحدة ناقصة من “الحَكّاء”، فلا بُدّ أن نفترض أنّ سِرْكامْبي وكاتب “الحِجَّة” يَمْتَحان من نفس المصدر. وحسبما أعرف لم يظهر المصدر الحقيقي بعد، حتّى إن ظنّ العديد من الدّارسين أنّه قد يوجد في بعض اقتباسات الحكايات العربيّة، التي تتردّد في إسبانيا القرون الوسطى. قد تكون هذه هي البيّنة. خاصّةً La prima veste dei discorsi degli animali (الثّوب الأوّل لخطب الحيوانات) الذي كتبه فرِنْزولا أيْنولو Firenzuola Agnolo عام 1541م ونُشرت عام 1548م. “الثّوب الأوّل” هو تنقيح لإحدى كتب “بَنْچاتَنْتْرا([86]) Pañcatantra” الخمسة، والتي قد اقتبسها في القرن الثّالث عشر الميلادي يوحنّا الكابوني Giovanni da Capua في ترجمته اللّاتينيّة المختصرة The Directorium Humanae Vitae (دليل الحياة البشريّة) من ترجمة يهوديّة لكتاب ابن المقفّع كليلة ودمنة([87]).
لم يعتمد فرِنْزولا أيْنولو على ترجمة يوحنّا الكابوني اللّاتينيّة، بل تابَع اقتباسًا إسبانيًّا من “بَنْچاتَنْتْرا” نُشر أوّلًا في سرقسطة عام 1493م([88]) هو The Exemplario contra los Engaños y Peligros del Mundo([89]) (دليلٌ ضدّ خدع العالم وشروره). وقد يكون شيءٌ من هذا حدث في حالة “الحِجَّة” رغم أنّه لا دليل على هذا إلى الآن.
ففي مطلع “الحِجَّة” يستبين المرء أنّ مادّة السّرد آتيةٌ من أسطورة أبناء نزار العربية، كما رواها المُفضّل بن سَلَمَة والمسعودي وابن الجوزي وآخرون. غيرَ أنّ عدّة تغييرات طرأت عليها. إذ يدعو جعفر ملك سرنديب أبناءه الثّلاثة (الذين يبقون من غير اسم في “الحِجَّة”) قائلًا أنّه يريد ترك العرش، وحين لا يقبل أحدٌ منهم أن يَخلُفَه ينفي جعفر أبناءه الثّلاثة من مملكته وهو يتصنّع الغضب منهم لرفضهم. ثم يلتقي الشبّان الثّلاثة -وهم يدخلون بلد الإمبراطور بَهْرام- راعي إبل أَضَلّ بعيرَه يسألهم إن كانوا رأوه، وهنا تبدأ أولى الحوادث([90]) السَرَنْدِبيّة.
يسأل الأمراء الثّلاثة الرّاعي: 1- أليس البعير أعور؟ 2- أليس فيه سنّ مثلوم؟ 3- أليس أعرج؟ وبعد أن يجيبهم عليها يشكرهم الرّاعي ويكمل بحثه. ثم يعود يتّهم الثّلاثة بتضليله، لأنّه لم يجد الدّابة. وفي الحادثة السَرَنْدِبيّة الثّانية يدلّل الأمراء للرّاعي بعلامات جديدة أنّهم لم يضلّلوه قط كما قد يتبيّن، وهي: 1- يحمل البعير حِملًا مضاعفًا، زبدًا في جانب، وعسلًا في الآخر (أكبر الإخوة). 2- يحمل البعير أيضًا امرأة (أوسطهم). 3- والمرأة حامل (أصغرهم).
فيظنّ الرّاعي يقينًا أنّهم سرقوا بعيره، فيشكو سرقتهم إلى بَهْرام عازمًا أن ينصفه. فيحبس الإمبراطور الأمراء الثّلاثة، لكنّه يطلقهم بعد أن يجد الرّاعي دابّته، ويسألهم كيف تبيّنوا صفة البعير ودقيق حِمْلِه. وهنا أجوبة الحادثة السَرَنْدِبيّة الأولى: البعير 1- أعور لأنّ العشب رُعي من ناحية، ولم يُمَسّ من الأخرى. 2- وثُلم فيه سنٌّ لأنّ في طريقه قَضَمات من العشب كبيرة سقطت من سنّ مثلوم. 3- وهو أعرج لأنّ المرء يرى من أثره أنّ إحدى أخفافه كان يُجَرّ على الرّمل. أمّا أجوبة الحادثة السَرَنْدِبيّة الثّانية فهي: أنّ البعير 1- يحمل زبدًا على جانب، وعسلًا على الجانب الآخر، لأنّ المرء يرى أمّة من النّمل على جانب الطّريق، وأمّة من الذّباب على الجانب الآخر. 2- وكان يحمل امرأة لأنّ أوسطهم رأى بولًا قرب بعض الآثار، ووضع يده فيه فاغْتَلَم. 3- وكانت المرأة حاملًا لأنّها بعد قضاء حاجتها -كما يبصر المرء من الآثار على الرّمل- اعتمدت على يديها لتعاود الوقوف. فدعاهم بَهْرام -وقد أدهشته سَرَنْدِبيّة الأمراء الثّلاثة- أن يبقوا عنده زمانًا.
وسمع بَهْرام في يومٍ -وهو ينصت إلى حديثهم سرًّا- ما قالوه عن خمرٍ وطعامٍ قدّمه لهم. وهنا تقع الحادثة السَرَنْدِبيّة الثّالثة: 1- قال أكبرهم أنّه لا يشكّ أنّ الخمر من كَرْمَة زُرِعَت في مقبرة. 2- وأقسم ثانيهم أنّ الـجَذَع الذي يأكلونه أرضعته لبنها كلبة. 3- وقال أصغرهم أنّه لاحظ أنّ مستشار بَهْرام يريد قتل الملك، الذي قتل ابن الوزير قبلها لجُرمٍ اقترفه. وبعد أن تحرّى فيما استنبطه ضيوفه علم بَهْرام صدقهم أيضًا (وهو حقًّا ليس بحاجة أن يتحرّى في الاستنباط الثّالث). ثم يسأل الشّبّان كيف اهتدوا إلى ما استنتجوه: 1- فكانت الخمر مزروعة في مقبرة لأنّها -والخمر تَسُرّ المرء عادة- جعلت أكبرهم وقتها حزينًا مكتئبًا. 2- وكان الـجَذَع قد أرضعته كلبة لأن ثانيهم ما إن أكل منه شعر أنّ فمه مالح مُزبِد. 3- وتبييت المستشار قتل الإمبراطور لأنّ أصغرهم لاحظ في مجلس لبَهْرام مع حَشَمه أنّ أسارير المستشار اضطربت حين قال بَهْرام أنّ الخبيثِين أهلٌ للعقوبة. ورآه الأمير أيضًا يطلب ماءً ليطفئ حرّ كبده، فظنّ أنّه لا يوجعه هذا الوجع غير قتل ولده. ثمّ نفى الإمبراطورُ المستشارَ من مملكته.
لا شكّ أنّ هذه الحكاية في “الحِجَّة” تمتح من أسطورة أبناء نزار. لكن هل تمتح منها مباشرة؟ لا أظنّ. وعدا أنّ الأسطورة العربيّة ليست فيها الحادثة السَرَنْدِبيّة الثانية، فإنّ البَوْن الشّاسع هو أنّ الشّبّان فيها أربعة -بما أنّها قصّة نزار موحّد القبائل العربيّة الشّماليّة- وفي “الحِجَّة” (وعند سِرْكامْبي) هم ثلاثة. وفَرْق آخر مريب، هو أنّ بَهْرام ابنٌ شرعيّ([91]) خلاف مُضيف أبناء نزار. لكنّ هذا الفرق لا بُدّ أن يكون مقصودًا لأمرين مترابطين: 1- في نهاية “الحِجَّة” يتزوّج أصغر الأمراء بنت بَهْرام، وبعد وفاته يَخْلفه على عرشه. ولا يستقيم أن يبدو خليفةً لإمبراطورٍ كان ابن زنا. 2- وخاصّة في جمهوريّة البندقيّة المشهورة بالمزج بين القيصريّة والبابويّة([92])، وهذه النّتيجة ستكون صادمة في أدبها الذي ينصر دائمًا قوًى سياسيّة.
على أنّه لا سِرْكامْبي ولا كرِسْتُوفَر يبدو أنّهما قد استقيا ما دوّناه من التّراث الشّفوي. ولو فعلا لَصَعُب عليهما أن يكونا بالغي الأمانة لكامل سير السّرد في كِلا السّرندِبيّات وتفسيرها. بل ثمّ نصّ فيه بعض الفروقات التي عند سِرْكامْبي وكرِسْتُوفَر. فكما أشار بعض الدّارسين فإنّ “الحِجَّة” شديدة القرب حقًّا من “هشت بهشت” (الجنان الثّمان) لأمير خسرو. فالخصائص التي توحّد هشت بهشت بـ “الحِجَّة” أربعٌ من ناحية، ومن النّاحية الأخرى تميّزها عن أسطورة أبناء نزار، وإنْ كانت الأسطورة يجب أن تُرى أنّها المصدر البعيد لكِلا العملين: 1- والد الأمراء هو ملك سرنديب. 2- الأمراء ثلاثة. 3- وحوادث السَرَنْدِبيّة أيضًا ثلاثة، وتتوافق في إتقانٍ بعضَ الشيء مع تلك التي في “الحِجَّة” متتابعة. 4- وأجوبة الأمراء للملك الذي يُضيفهم تكاد تتطابق أيضًا، إلّا أنّ الفرق الوحيد بين “هشت بهشت” و “الحِجَّة” أنّ الأخيرة -أمينةً للتّراث([93])– تجعل مُضيف الأمراء ابنًا لطبّاخ، غير أنّ هذا الفارق -كما رأينا- لا يهمّ.
فهل يمكننا أن نقول -مع هذه التّشابهات- أنّ “هشت بهشت” هي المصدر الحقيقي لـ “الحِجَّة”، عدا الحادثة التي تصدر عن أسطورة أبناء نزار؟ حقًّا لا، فليست “الحِجَّة” وحدها من تتضمّن قصصًا ما زال مصدرها مجهولًا، لكن بسبب حوادث أخرى في المجموعة أيضًا ليس فيها شيءٌ من “هشت بهشت”. أحدها يبدو -لوهلة- أنّه يعود إلى المجموعة الهنديّة Kathasaritsagara كاتاسارِتْساݠَرا([94]). فعلينا أن نقرّر أنّ “الحِجَّة” مبنيّة على عدّة مصادر، وما زال الدليل التّاريخي لتعدّد المصادر حجّة في بعض القضايا. وكاتب “الحِجَّة” يبدو -لوهلة- مطّلعًا على قصيدة نظامي “هفت بيكار” (الصور السّبع). وهذا ليس بغريبٍ قطّ، إذ القصيدة هي المصدر الأساسي لـ”هشت بهشت”. ما زالت توجد بعض المخطوطات التي تظهر فيها قصيدتان مقابلتان لبعضهما، وتاريخها يعود لما لا يتأخر عن الرّبع الأوّل من القرن الخامس عشر الميلادي. هذا الدّليل التّاريخي ما زال متاحًا لحكايات أخرى تحتويها “الحِجَّة”، ومع هذا فإنّه -كما رأينا- ليس يُرجّح أنّ هذا العمل مبنيّ على تراث شفوي. فلن تُقال الكلمة الفَصل في هذه المجموعة حتّى يُعثر على المصدر المكتوب.
وقد نغامر في قول شيءٍ واحد، وهو أنّ العديد من الدّارسين ظنّوا كرِسْتُوفَر الأرمني اسمًا وهميًّا، منهم ثيودور بِنْفي Theodor Benfey. وافترض ثيودور أيضًا أنّ الصّديق الذي أعان كرِسْتُوفَر هو جيوفاني فرانْشِسْكُو سترابارُولا Giovanni Francesco Straparola مؤلّف Le Piacevoli Notti (اللّيالي المَرِحَة)([95]). وقد وجدتُ في سجلّات حكومة البندقيّة -وأنا أبحث عن دليلٍ في حقيقة كرِسْتُوفَر- أرمنيًّا يجيد عدّة لغات شرقيّة (العربيّة، الفارسيّة، إلخ.) وكان صديقًا قريبًا من جوزيبي تراميزينو Giuseppe Tramezzino الذي يتّفق أن يكون ابن أخي ميشيل ناشر “الحِجَّة”، فقد يكون الأرمنيّ متعدّد اللّغات وصديقه تراميزينو هما كاتبا/مترجما هذه المجموعة التي ما زالت متمنّعة، وأنا أظنّهما كذلك.
* نُشرت الورقة في مؤتمر:
(التّقليد السّردي العربي في العصور الوسطى؛ الانتقال والانفتاح).
ضمن وقائع ندوة دوليّة بجامعة لييج البلجيكيّة عام 2005م. *
المصادر والمراجع
المصادر:
- (طبعة فارسيّة)، أمير خسرو دهلوي، شعبه ادبيات خاور، مسكو، 1972م. استعان الباحث على قراءتها بترجمة أستاذة متخصّصة في اللّغة الفارسيّة تواصل معها.
- المفضّل بن سلمة الضَّبّيّ، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1974م.
- فولتير، ترجمة: طه حسين، دار العلم للملايين، الطّبعة: 5، 1982م.
- د. يوسف بكّار – د. خليل الشّيخ، منشورات جامعة القدس المفتوحة، الطّبعة: 1، 1996م.
- The Serendipity of the Three Princes of Serendib: Arabic Tales in a Collection of Italian Renaissance Short Stories)، رِنْزُو براغَنْتِيني Renzo Bragantini، بترجمة الباحث. نُشرت الورقة الأصل في مؤتمر: (التّقليد السّردي العربيّ في العصور الوسطى؛ الانتقال والانفتاح)، ضمن وقائع ندوة دوليّة بجامعة لييج البلجيكيّة، 2005م. ونُشرت ترجمة الباحث في مجلّة أوج، الصّادرة من مركز دلائل، العدد الحادي عشر، 1443هـ.
- ، أمبرتو إيكو، ترجمة: أحمد الصّمعي، دار الكتاب الجديد، الطّبعة: 1، 2013م.
- صادق، أو القدر، فولتير، ترجمة: يوسف غصوب، المكتبة الشّرقيّة، الطّبعة: 2، 2016م.
المراجع:
- التّيجان في ملوك حِميَر، وهب بن منبه، مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، الطّبعة: 1، 1347هـ.
- الأمير خسرو الشّاعر الهندي الكبير، أبو النّصر أحمد الحسيني الهندي، مجلّة الرّسالة، الأعداد: (89-92)، السّنة الثّالثة، 1935م.
- تاريخ اليعقوبي، دار صادر ودار بيروت، بيروت 1379هـ – 1960م.
- أثر العرب والإسلام في النّهضة الأوروبّيّة، مجموعة مؤلّفين، الهيئة المصريّة العامّة للتّأليف والنّشر، 1970م.
- أمير خسرو (احتفالًا بالذّكرى السّبعمائة لميلاد الشّاعر الإسلاميّ الكبير مع النّدوة العالميّة في الهند)، فاروق شوشة، مجلّة الدّوحة، العدد الرّابع، 1976م.
- خسرو ومكانته في اللّغة العربيّة، الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي، مجلة البعث الإسلاميّ، المجلد الثّاني والعشرون، العدد الثّاني – العدد الثالث، 1397هـ – 1977م.
- الثّقافة الإسلاميّة في الهند، عبد الحي الحسني، مجمع اللّغة العربيّة بدمشق، 1403هـ.
- القصّة البوليسيّة، جوليان سيمونز، ترجمة: د. علي القاسمي، منشورات دائرة الشّؤون الثّقافيّة والنّشر – بغداد، 1984م.
- مع خسرو في حدائق شعره، أبو محفوظ الكريم معصومي، مجلّة المجمع العلمي الهندي، المجلّد التّاسع، العدد المزدوج: 1-2، 1984م.
- معجم المصطلحات اللّغويّة، رمزي البعلبكي، دار العلم للملايين – بيروت، الطّبعة: 1، 1990م.
- شيرين وخسرو، الأمير خسرو الدّهلويّ، ترجمة ودراسة وتعليق: د. عبد العزيز مصطفى بقوش، دار سعاد الصّباح، الكويت، 1992م.
- رحلة ابن بطوطة، تحقيق: عبد الهادي التازي، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، 1417هـ.
- الرّواية البوليسيّة، د. عبد القادر شرشار، منشورات اتّحاد الكُتّاب العرب – دمشق، 2003م.
- بحث: المخيال في الأدب البوليسي وأصوله الأسطوريّة والاجتماعيّة في الثّقافات الشّعبيّة العالميّة، د. عبد القادر شرشار، مجلّة إنسانيّات، العدد 21، 2003م.
- شعر العجم، شبلي النّعماني الهندي، ترجمة وتقديم: جلال السعيد الحفناوي، المركز القومي للترجمة، الطّبعة: 1، 2005م، العدد: 2524.
- مروج الذهب، المسعودي، المكتبة العصرية، الطّبعة: 1، 1425هـ – 2005م.
- هفت بيكر، نظامي الگنجوي، ترجمة: عبد العزيز بقوش، المركز القومي للترجمة، الطّبعة: 1، 2005م، العدد: 821.
- في الأدب المقارن: مباحث واجتهادات، د. إبراهيم عوض، المنار للطّباعة والكمبيوتر، مصر، 2006م.
- المستشرقون، نجيب العقيقي، دار المعارف، مصر، 2006م.
- بحث: أثر الحكايات العربيّة والإسلاميّة في كتاب زديج (أو القدر) لفولتير، د. داوُود سلّوم، مجلّة المورد التّراثيّة الفصليّة الصّادرة عن وزارة الإعلام العراقيّة، المجلّد الرّابع والثّلاثون، العدد الثالث، 2007م.
- الأدب المقارن، د. محمد غنيمي هلال، شركة نهضة مصر للطّباعة والنّشر والتّوزيع، الطّبعة: 10، 2009م.
- فصول في الأدب المقارن والتّرجمة، د. إبراهيم عوض، المنار للطّباعة والكمبيوتر، 2009م.
- من التّراث إلى ما بعد الحداثة، فدوى مالطي دوغلاس، المركز القوميّ للتّرجمة، مصر، الطّبعة: 2، 2009م.
- الماضي المشترك بين العرب والغرب، أ. ل. رانيلا، ترجمة: د. نبيلة إبراهيم، دار رؤية للنشر والتوزيع، مصر، الطّبعة: 1، 2016م.
- الأدب الأُرديّ الإسلاميّ، د. سمير عبد الحميد إبراهيم، جامعة الإمام محمّد بن سعود الإسلاميّة، سلسلة آداب الشّعوب الإسلاميّة (2).
- تاريخ الطّبري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، الطّبعة: 6، مصر.
- مجمع الأمثال، لأبي الفضل الميداني، تحقيق محمد محيي الدّين عبد الحميد، مطبعة السُّنَّة المحمدية.
المصادر والمراجع الأجنبيّة:
- Comparative Literature: matter and method, A. Owen Aldridge, university of Illinois press, 1969.
- The oriental tale in England: in the eighteenth century, Martha pike Conant, New York, The Columbia univesity press, 1908.
- Bloody murder: from the detective story to the crime novel; a history, Julian Symons, Viking 1985.
- Chase, chance & creativity: the lucky art of novelty, James h. Austin, New York, Columbia university press, 1978.
- Serendipity and the three princes; from The Peregrinaggio of 1557, edited by Theodore g. Remer, university of Oklahoma press norman.
- The history of fiction, john Dunlop, London: longman, brown, green, and longmans, paternoster row, third edition, 1845.
- The murder book: an illustrated history of the detective story, tage la cour and harald mogensen, translated from the danish [to english] by roy duffell, george allen and unwin ltd, ruskin house, museum street, london, 1971.
- The travels and adventures of serendipity, robert k. Merton and elinor barber, princeton university press, 2004.
- A thesis submitted for the degree of master of arts in italian literature:
Italian versions of the seven sages of Rome: a guide to editions and secondary literature, john Kieth Wikeley, the university of Alberta, 1983.
- Article: a study in literary genealogy, Leon Fraser, the writer magazine, vol. Xxii, no. 3, Boston, march 1910.
- Les Huit Paradis D’amir Khosrow et la Littérature Européenne, Angelo Michele Piemontese, Luqmãn, xiie année, 1 (série 23), automne-hiver 1995-1996.
- Encounters with the orient, louis de Mailly, university of Kent: https://www.kent.ac.uk/ewto/projects/anthology/louis-de-mailly.html
الفهرس
- المقدّمة……………………………………………………………………2
- خبر أبناء نزار بن مَعَدّ وسِماته……………………………………………..4
- قصّة أمراء سرنديب الثّلاثة، ويتضمّن ما يلي:
– الحديث عن أمير خسرو………………………………………………………9
– كتاب هشت بهشت، وقصّة أمراء سرنديب الثّلاثة…………………………….13
- انتقال القصّة إلى أورُبّا، ومحطّة الانتقال الأولى (إيطاليا)، ويتضمّن ما يلي:
– المترجم كرِسْتُوفَر الأرمنيّ………………………………………………….15
– مجموعة ” Peregrinaggio di tre giovani figliuoli del re di Serendippo (حِجّة الشّبّان الثّلاثة أبناء ملك سرنديب)”………………………16
- محطّة الانتقال الأورُبّيّة الثّانية (فرنسا وإنجلترا)، ويتضمّن ما يلي:
– ترجمة لويس دو مايي للمجموعة الإيطاليّة، وقصّة “صادق” لفولتير…………..22
– أثر القصّة اللّغوي في الإنجليزيّة، وتأثيرها غير المباشر في نشوء نوع الأدب البوليسيّ……………………………………………………………………..27
- الخاتمة…………………………………………………………………..29
- ملاحق: وتتضمّن ما يلي:
- الملحق الأوّل: خبر أبناء نزار بن مَعَدّ بن عدنان في كتاب الفاخر……………31
- الملحق الثّاني: قصّة أمراء سرنديب الثّلاثة في منظومة “هشت بهشت” لأمير خسرو الدّهلوي…………………………………………………………..33
- الملحق الثّالث: قصّ الأثر في قصّة “صادق” لفولتير……………………….62
- الملحق الرّابع: قصّ أثر الجواد في رواية “اسم الوردة” لأمبرتو إيكو………..64
- الملحق الخامس: بحث “سَرَنْدِبيّة أمراء سرنديب الثّلاثة: حكايات عربيّة في مجموعة قصص قصيرة إيطاليّة من عصر النّهضة” للأستاذ رِنْزُو براغَنْتِيني..67
- المصادر والمراجع……………………………………………………….72
- المصادر والمراجع الأجنبيّة……………………………………………….75
([1])– الأدب المقارن، د. يوسف بكّار – د. خليل الشّيخ، منشورات جامعة القدس المفتوحة، الطّبعة: 1، 1996م، ص 67.
([2])- تاريخ الطّبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، الطّبعة: 6، مصر، الجزء الثّاني ص 270.
([3])- تاريخ اليعقوبي، المجلد الأوّل، دار صادر ودار بيروت، بيروت 1379هـ -1960م، ص 223.
([4])- الفاخر، المفضّل بن سلمة الضَّبّيّ، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1974م، ص 189.
([5])- مجمع الأمثال، لأبي الفضل الميداني، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السُّنَّة المحمدية، الجزء الأوّل ص 15.
([6])- التّيجان في ملوك حِميَر، وهب بن منبه، مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، الطّبعة: 1، 1347هـ.
([7])- مروج الذهب، المسعودي، المكتبة العصرية، الطّبعة: 1، 1425هـ -2005م، الجزء الثاني ص 90.
([8])- نهاية الأرب في فنون الأدب، النّويري، دار الكتب العلميّة، بيروت، الجزء الثالث ص 8.
([9])– قال ابن منظور في (لسان العرب): “[قال] ابن بري: القَهرمان من أُمناء الملك وخاصته، فارسي معرب. وفي
الحديث: كتَب إلى قَهرمانِه، هو كالخازِن والوكيل الحافظ لما تحت يده والقائم بأُمور الرجل بلغة الفرس”.
([10])– يقول ابن منظور في “لسان العرب”: ”وشاة بَرْشاءُ: في لونها نُقَط مختلفة“.
([11])- مروج الذهب، المسعودي، المكتبة العصرية، الطّبعة: 1، 1425-2005م، الجزء الثاني ص 92.
([12])- مع خسرو في حدائق شعره، أبو محفوظ الكريم معصومي، مجلّة المجمع العلمي الهندي، المجلّد التّاسع، العدد المزدوج: 1-2، 1984م، ص 73.
([13])- الأمير خسرو الشّاعر الهندي الكبير، أبو النّصر أحمد الحسيني الهندي، مجلّة الرّسالة، العدد: 89، السّنة الثّالثة، 1935م، ص 424.
([14])- شعر العجم، شبلي النّعماني الهندي، المجلّد الثاني ص 133.
([15])- المرجع السّابق، ص 135.
([16])– هي مجموعة “بنج كنج (الكنوز الخمسة)” للشّاعر نظامي الكنجوي، وتُسمّى اختصارًا خمسة نظامي.
([17])- شعر العجم، شبلي النّعماني الهندي، المجلّد الثاني ص 167.
([18])- خسرو ومكانته في اللّغة العربيّة، الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي، مجلة البعث الإسلامي، المجلد الثاني والعشرون، العدد الثاني (شوال 1397هـ – سبتمبر وأكتوبر 1977م)، ص 61.
([19])- خسرو ومكانته في اللّغة العربيّة، الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي، مجلة البعث الإسلامي، العدد الثاني ص 61-62.
([20])- خسرو ومكانته في اللّغة العربيّة، الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي، مجلة البعث الإسلامي، العدد الثالث ص 67-68.
([21])– الأخيّة: رابطة مهنيّة وشعبيّة وحضريّة في آسيا الصّغرى تشبه الفتوّة وترتبط بالزّاوية الصّوفيّة. تحدّث عنها ابن بطّوطة في المجلّد الثّاني من رحلته ص163، قال: ”واحدُ الأخيّة: (أَخِي) على لفظ الأخ إذا أضافه المتكلم إلى نفسه، وهم بجميع البلاد التركمانية الرومية في كل بلد ومدينة وقرية، ولا يوجد في الدنيا مثلهم أشد احتفالًا بالغرباء من الناس، وأسرع إلى إطعام الطعام، وقضاء الحوائج، والأخذ على أيدي الظَّلّمة، وقتل الشُّرَط ومَن ألحق بهم من أهل الشر.
والأَخِي عندهم: رجل يجتمع أهل صناعته وغيرهم من الشبان الأعزاب والمتجرّدين، ويقدّمونه على أنفسهم، وتلك هي الفُتُوَّة أيضًا، ويبني زاوية ويجعل فيها الفُرُش والسُّرُج وما يُحتاج إليه من الآلات، ويخدم أصحابه بالنهار في طلب معايشهم ويأتون إليه بعد العصر بما يجتمع لهم فيشترون به الفواكه والطعام، إلى غير ذلك ممّا يُنفق في الزاوية، فإن ورد في ذلك اليوم مسافرٌ على البلد أنزلوه عندهم وكان ذلك ضيافته لديهم، ولا يزال عندهم حتى ينصرف، وإن لم يَرِد واردٌ اجتمعوا على طعامهم فأكلوا وغنّوا ورقصوا وانصرفوا إلى صناعتهم بالغدوّ، وأتوا بعد العصر إلى مُقَدَّمهم بما اجتمع لهم. ويُسَمّون بالفِتْيان، ويُسَمّى مُقَدّمهم كما ذكرنا الأخي، ولم أر في الدنيا أجمل أفعالًا منهم، ويشبههم في أفعالهم أهل شيراز وأصفهان، إلّا أنّ هؤلاء أحبّ في الوارد والصادر وأعظم إكرامًا له وشفقةً عليه“.
([22])- خسرو ومكانته في اللّغة العربيّة، الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي، مجلة البعث الإسلامي، العدد الثالث ص 71-72، بإيجاز واختصار.
([23])- خسرو ومكانته في اللّغة العربيّة، الأستاذ أبو محفوظ عبد الكريم معصومي، مجلة البعث الإسلامي، العدد الثاني ص 63.
([24])- رحلة ابن بطوطة، تحقيق: عبد الهادي التازي، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، 1417هـ، المجلّد الثالث، ص 71.
([25])- الأمير خسرو الشّاعر الهندي الكبير، أبو النّصر أحمد الحسيني الهندي، مجلّة الرّسالة، العدد: 90، السّنة الثّالثة، 1935م، ص 463.
([26])- شعر العجم، شبلي النّعماني الهندي، المجلّد الثاني ص 166.
([27])- المرجع السّابق، ص 147.
([28])- المرجع السّابق، ص 149.
([29])- شعر العجم، شبلي النّعماني الهندي، المجلّد الثاني ص 190-191.
([30])– يُنظر الملحق الثّاني لقراءة النّصّ كاملًا.
([31])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, UNIVERSITY OF ILLINOIS PRESS, 1969, P 229.
([32])- Serendipity and the three princes; from The Peregrinaggio of 1557, Edited by Theodore G. Remer, University of Oklahoma Press Norman, P 54.
([33])- مجلّة أوج، الصّادرة من مركز دلائل، العدد الحادي عشر، 1443هـ، ص 46.
([34])- Les Huit Paradis d’Amir Khosrow et la littérature européenne, Angelo Michele Piemontese, Luqmãn, xiie année, 1 (série 23), automne-hiver 1995-1996, P 8.
([35])- Serendipity and the three princes; from The Peregrinaggio of 1557, Edited by Theodore G. Remer, University of Oklahoma Press Norman, P 56.
([36])– يُنظر الملحق الخامس لقراءة المقال كاملًا.
([37])– COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 231.
([38])- منقولة بالمعنى من: COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 229-232.
([39])– يُنظر البيت رقم 950 في الملحق الثاني ص 58.
([40])- مجلّة أوج، الصّادرة من مركز دلائل، العدد الحادي عشر، 1443، ص 46.
([41])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 233.
([42])- هفت بيكر، نظامي الگنجوي، ترجمة: عبد العزيز بقوش، المركز القومي للترجمة، الطّبعة: 1، 2005م، العدد: 821، ص 7-8 بتصرّف.
([43])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 240.
([44])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 243.
([45])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 245.
([46])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 251.
([47])- ترجمها أوّلا إلى اللّغة الألمانيّة في مدينة بازِل عام 1583م السويسري يوهان وِتْزِل Johann Wetzel، ثم ترجمها ثانيًا إلى الألمانيّة كارُولُس فُون لِيبِنَاو Carolus Von Liebenau عام 1630م، وترجمها بعدهما بعد أكثر من قرنين اللّساني الألماني الشّهير ثيودور بِنْفي ترجمةً جزئيّة عام 1865م ثم نشر ترجمته كاملة لاحقًا عام 1932م تلميذاه رِتْشَرْد فِكْ وأَلْفُنْس هِلْكَا بعد التقديم لها.
للاستزادة يُنظر: Serendipity and the three princes; from The Peregrinaggio of 1557, P 184-190.
([48])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 247.
([50])- Encounters With The Orient, Louis de Mailly, University of Kent: https://www.kent.ac.uk/ewto/projects/anthology/louis-de-mailly.html
([51])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 252.
[52]– نقحرة: كلمة منحوتة من “نقل” و”حرف” تعني الاستنساخ أو النّقل الكتابي، عرّفها د. رمزي البعلبكي في معجم المصطلحات اللغويّة بقوله: ”كتابة لغةٍ ما بحروف تُستعمل كلتابة لغة أخرى؛ ككتابة المستشرقين للكلمات السّاميّة بحروف لاتينيّة أحيانًا“.
([53])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 245-246.
([54])- Serendipity and the three princes; from The Peregrinaggio of 1557, P 179.
([55])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 247.
([56])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 239.
([57])- The history of fiction, John Dunlop, London: Longman, Brown, Green, And Longmans, Paternoster Row, Third edition, 1845, P 374.
([58])- The travels and adventures of serendipity, robert k. merton and elinor barber, princeton university press, 2004, P 16.
([59])- The travels and adventures of serendipity, robert k. merton and elinor barber, P 18.
([60])- The travels and adventures of serendipity, robert k. merton and elinor barber, P 16.
([61])- بحث: أثر الحكايات العربيّة والإسلامية في كتاب زَدِيج (أو القدر) لفولتير، د. داوُود سلّوم، مجلّة المورد التّراثيّة الفصليّة الصّادرة عن وزارة الإعلام العراقيّة، المجلّد الرّابع والثّلاثون، العدد الثالث، 2007م، ص 20.
([62])- COMPARATIVE LITERATURE: Matter and Method, A. OWEN ALDRIDGE, P 241.
([63])- Serendipity and the three princes; from The Peregrinaggio of 1557, P 3-6.
([65])- Bloody Murder: from the detective story to the crime novel; a history, Julian Symons, viking 1985, P 27.
([67])- الرّواية البوليسيّة، د. عبد القادر شرشار، منشورات اتّحاد الكُتّاب العرب – دمشق، 2003م، ص 37.
([68])- وضعتُ المشهد كاملًا في الملحق الرّابع.
([69])- الفاخر، المفضّل بن سلمة الضَّبّيّ، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1974.
([70])– تعليق المترجمة في هذا الموضع: ”حيث يقال إن أول موطأ لقدم آدم عليه السلام على الأرض كان في سرنديب وببركة تلك القدم ظهر الياقوت في تلك الجزيرة“.
([71])– المترجمة: ”شجرة الأَنبَه هي شجرة تنمو في أرض الهند وهي ذات أوراق طويلة ولها نصل حاد وأزهارها جافة وهي شجرة طويلة تصل إلى عشرة أمتار“.
قُلتُ: وتُسمّى في “لسان العرب” الأَنْبَج، وهي التي تُسمّى بالمانجو اليوم، قال ابن منظور: ”والأَنْبَجُ: حَمْل شَجَرٍ بالهِنْد يُرَبَّبُ بالعسل على خِلْقة الخَوْخِ مُحَرَّف الرأْس، يُجْلَب إِلى العراق في جَوفهِ نَوَاةٌ كنواة الخَوْخ، فمن ذلك اشتقوا اسمَ الأَنْبِجَاتِ التي تُربَّبُ بالعسل من الأُتْرُجّ والإِهْلِيلَج ونحوه؛ قال أَبو حنيفة: شجر الأَنْبَج كثير بأَرْض العرب من نواحي عُمان، يُغْرَس غَرْساً، وهو لونان: أَحدُهما ثمرَتُه في مثل هيئة اللَّوز لا يزال حُلْواً من أَوَّلِ نباته، وآخَرُ في هيئة الإِجَّاصِ يبدو حامِضاً ثم يَحْلو إِذا أَيْنَع، ولهما جميعاً عَجْمة وريحٌ طيِّبة ويُكْبس الحامِضُ منهما، وهو غَضٌّ في الجِباب حتى يُدْرِك فيكون كأَنه المَوْز في رائحته وطَعْمه، ويَعْظُم شجَرُه حتى يكونَ كشَجَرِ الجَوْزِ، وورَقهُ كوَرَقهِ، وإِذا أَدْرَك فالحُلْو منه أَصْفَر والمُزُّ منه أَحمر“.
([72])– المترجمة: ”البيت السابق كناية عن بطء مرور الليل في السجن“.
([73])- “صادق أو القدر – فولتير – ترجمة: يوسف غصوب – اللّجنة اللّبنانيّة لترجمة الروائع في بيروت، ضمن مجموعة الروائع الإنسانيّة في الأونسكو – توزيع المكتبة الشّرقيّة ط 2 2016م”.
([74])- يقول المترجم يوسف غصوب في حاشية على هذا الموضع: “كان من كبار الموظّفين عند الفرس والأتراك وكان يتولّى القضايا الماليّة في الشّرطة والجيش. وقد استعمل فولتير هذه الكلمة فأثبتناها على عُجمتها لأنّها مألوفة عندنا”.
([75])- يقول المترجم أيضًا في حاشية على هذا الموضع: “هرمزد هو مبدأ الخير في الدّيانة المانويّة”.
([76])– اسم الوردة، أمبرتو إيكو، ترجمة: أحمد الصّمعي، دار الكتاب الجديد، الطّبعة: 1، 2013م، ص 44-47.
([77])– اسم الوردة، أمبرتو إيكو، ص 50-51.
([78](– مجلّة أوج، الصّادرة من مركز دلائل، العدد الحادي عشر، 1443هـ، ص 41-47.
* الحواشي وما بين منفرجتين { } في النّص من إضافة المترجم، إلّا ما نُسب من الحواشي إلى المؤلّف.
([80])– حجّ أو رحلة أو سفر ثلاثة شبّان أبناءٍ لملك سرنديب. وحجّ هنا لها ذات معنى pilgrimage في الإنݠليزيّة، وتُستخدم للتعبير عن الرّحلة إلى مكان مقدّس أو مكان مجهول أو غريب للاستكشاف، وتحمل هذه الرحلة معنًى.
([81](– أو القصّة، أو الرّحلة، أو المجموعة.
([82](– ولو ترجمنا عنوانه هذا فقد تكون أقرب كلمة له هي “حكايات”.
([83](– أو التّحقيق؛ Detective Novel.
([84])– من علم التّأثيل (أو الإتيمولوجيا) الذي يدرس أصول الكلمات.
([85])– سَرَنْدِبيّة بالإيطاليّة.
([86])– وهو اسم الأصل الهندي لكليلة ودمنة.
([87])– ”انتشرت البَنْچاتَنْتَرا في العالم الغربي -كما هو معروف- من كليلة ودمنة، فبالإضافة للنّسخة اليهوديّة التي ترجمها الحاخام يوئيل (في القرن العاشر الميلادي) تنحدر منها النّسخة اليونانيّة (بترجمة شمعون سِيث حوالي 1080م)، والنّسخة الإسبانيّة (انظر الحاشية التّالية)“. (المؤلّف).
([88])– 898هـ، بعد سقوط مملكة غرناطة آخر الممالك الإسلاميّة في الأندلس بعام واحد.
([89])– ”صدرت نسخة إسبانيّة سابقة لها استنادًا على كليلة ودمنة بطلبٍ من الملك ألفونسو العاشر الحكيم الذي كان صبيًّا وقتَها، وتعود إلى حوالي سنة 1251م، وإضافةً إلى التّرجمة الإسبانيّة يجب أن نذكر الاقتباس الألماني (Anton von Pforr, Buch der Beispiele der alten Weisen, 1480 أنطون فون فورَرْ، كتاب أمثلة الحكماء القدماء ، 1480م)“. (المؤلّف).
([91])– ”وعلى نقيض “الـNovellino”، فإنّا نجد بنوّة المُضيف الشّرعيّة أيضًا عند سِرْكامْبي“. (المؤلّف).
([92])– أي: بين الدّين والدّنيا؛ وقد يكون اقتباسًا للمقولة المنسوبة للمسيح: “أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للخالق للخالق”.
([95])– ”ولكنّ بِنْفي لا يعطينا أيّ دليلٍ ينصر افتراضه“. (المؤلّف).