مجلة حكمة
فلسفة العلماء العفوية

مفهوم فلسفة العلماء العفوية عند لويس ألتوسير

الكاتبعصام نكادي

قدم ألتوسير وطور مفهوم “فلسفة العلماء العفوية” في سياق “دروس الفلسفة للعلماء”، وهي مؤسسة جماعية أطلقها في 68-1967 في المدرسة العليا للأساتذة في شارع أولم Rue d’Ulm، وأشرف على اجتماعاتها التمهيدية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 1967؛ الاجتماعات التي اكتسبت شهرة كبيرة في ذلك الوقت (Macherey, 2009, p. 14)، ويعد هذا المفهوم أحد مخرجات الإنعطافة النظرية التي قام بها ألتوسير حول تصوره للفلسفة، حيث سيعتبر هذه الأخيرة كصراع طبقي على مستوى النظرية، وبالتالي دفعها ناحية تضاريس جديدة مرتبطة بالممارسة الإجتماعية والإيديولوجية بعدما كانت تنأى بنفسها ناحية برج عاجي وتظن أن خطابها غير ملوث اليدين بالممارسة الإجتماعية والسياسة؛ مما سيترتب عنه تحديد وظيفة خاصة لها تتمثل في التدخل النظري من أجل “رسم حدود فاصلة  بين ماهو أيديولوجي وماهو علمي” (الداوي، 2012، صفحة 59).

   أصبحت الفلسفة وفق هذا التصور الألتوسيري الجديد “تعرف بعلاقة مضاعفة : علاقة مع العلوم وعلاقة مع الأيديولوجيات العملية*” (ألتوسير ل.، الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، 1989، صفحة 43)، أما بخصوص العلاقة الأولى أي علاقة الفلسفة بالعلوم فتتلخص في قوله بأن” الفلسفة لا توجد ولا تزدهر وتتجدد إلا حيث تكون هناك علوم” (الداوي، 2012، صفحة 60)، فلا ” يمكن أن توجد الفلسفة إلا متأخرة عن (التحريض العلمي)” (ألتوسير ل.، 1973، صفحة 23)، ولتوضيح مضمون هذه الأطروحة ” يماثل الإكتشافات العلمية الكبرى في التاريخ البشري باكتشاف قارات كبيرة جديدة في الميدان المعرفي. ومن منظور هذه المماثلة، يرى أنه قبل ماركس اكتشفت فقط قارتان للمعرفة العلمية: هما قارة الرياضيات، وقارة الفيزياء. وقد أحدث اكتشاف هاتين القارتين المعرفيتين تحولات كبرى في ميدان الفلسفة؛ فالفلسفة اليونانية القديمة ازدهرت مع أفلاطون بفضل التقدم الذي عرفه آنذاك علم الرياضيات بعدما تأسس على يد طاليس (624- 547 ق.م)،  كما أن الفيزياء الجديدة التي دشنتها أبحاث جاليلي كان لها دور في ميلاد الفلسفة الحديثة مع ديكارت، واكتشافات نيوتن العلمية في ميدان علم الفيزياء ذاته ساعدت في ظهور الفلسفة النقدية الكانطية” (الداوي، 2012، صفحة 60)، أما بخصوص العلاقة الثانية أي علاقة الفلسفة بالأيديولوجيا العملية فلها علاقة بالتعريف الذي أشرنا له سلفا؛ فالفلسفة بما هي صراع طبقي على مستوى النظرية فهذا يجعلها مرتبطة “بالممارسة السياسة أي أن العلاقة الأساسية تغيرت من علاقة تربطها بالعلوم إلى علاقة تربطها بشكل رئيسي بالأيديولوجيا ويصبح كل من السياسة والأيديولوجيا مستويين محددين في الممارسة* الفلسفية” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 20)، وبالتالي ” تصبح الفلسفة عبارة عن انعكاس للصراع الطبقي في النظرية ” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 21)، مما يجعل من وظيفة الفلسفة والفيلسوف حسب ألتوسير تتمثل “في خط حدود فاصلة بين ماهو للأيديولوجية من جهة وماهو للعلم من جهة أخرى” (يفوت، 1989، الصفحات 48-49). وهو ما حذا به ودفعه لتطبيق هذه الرؤية النقدية للفلسفة على ممارسة العلماء من أجل رصد  فلسفتهم العفوية والتلقائية ومحاولة “إبراز هذا اللون من التفلسف “اللاواعي” الذي يمارسه العلماء، رغم نيتهم العلنية في البقاء بعيدا عن تأثير الفلسفة، بل أحيانا، في الهروب منها لسد كل باب يمكن أن تتسرب منه عدواها إلى العلم ” (يفوت، 1989، صفحة 46).

   فما الذي عناه ألتوسير بـ «فلسفة العلماء العفوية”؟ وكيف تتشكل هذه الفلسفة وتتسرب إلى نظريتهم حول ممارستهم النظرية؟

  1. في مفهوم “فلسفة العلماء العفوية”

   قام ألتوسير بوضع معالم نظرية في فلسفة العلماء، أي مجموع الأفكار التي تهم ممارستهم العلمية (دوشي، 2018، صفحة 96)، و “المفاهيم التي يكونونها حولها والتي غالبا ما تكون “بصورة عفوية غير منسقة، عن ممارستهم النظرية للعلم، عن ما يمارسونه في المختبر، مما يجعلها فلسفة تلقائية لا تتخذ صورة مذهب فلسفي متكامل أو نسق مفاهيم مغلق، بل صورة آراء في العلم وقضاياه وأزماته – إن كانت هناك أزمات – دون أن يفقدوا الإعتقاد بأن آرائهم تنبع من داخل العلم، ولا تأتي من خارجه” (يفوت، 1989، صفحة 45)، ففلسفة العلماء العفوية لا يعني بها ألتوسير ” مجموع الأفكار التي يملكها العلماء على الكون (أي تصورهم للعالم ) بل (..) فقط كل الأفكار التي يملكونها في رؤوسهم  (واعية أو غير واعية ) والتي تهم ممارستهم العلمية وتهم العلم” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 116) وكيفية فهمهم لطرق وآليات اشتغالهم العلمي وتأويلها.

    ميز داخل هذه الفلسفة بين عنصرين ” العنصر (1) من داخل العلم، يميل إلى المادية، والعنصر (2) يميل إلى المثالية، وهو خارجي المنشأ، إنه في الحكم الأخير صادر عن الأيديولوجية المسيطرة حيث تعلب الفلسفة” (ألتوسير ل.، 2019، صفحة 222) فيه دورها المعتاد الذي أشرنا له سلفا، والذي يقتضي بأنها استمرار لأيديولوجيات مقنعة بغطاء فلسفي-علمي تضرب جذورها في الممارسة الأيديولوجية-العملية داخل المجتمع.

    بالنسبة إلى العنصر الأول الداخلي المنشأ يمكن تفكيكه قناعاته واعتقاداته على الشكل التالي:

  1. الاعتقاد في الوجود الحقيقي والخارجي والمادي لموضوع المعرفة العلمية؛
  2. الإعتقاد في وجود وموضوعية المعارف العلمية التي تمدنا بمعرفة هذا الموضوع؛
  3.  الإعتقاد في صحة وفعالية صيغ التجريب العلمي والطريقة العلمية باعتبارها قادرة على انتاج معارف علمية” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 117).

   أما بالنسبة للعنصر الثاني فيمثل ” كذلك في شكله الأكثر توزيعا عددا معينا من ((القناعات)) و ((الإعتقادات)) ” التي ” تعود إلى الممارسة العلمية نفسها، لكنها لا تصدر عن هذه الممارسة بالعكس من ذلك يمثل هذا العنصر عملية تفكير تتم حول الممارسة العلمية وتقوم بها أطروحة فلسفية وقع صنعها خارج هذه الممارسة من طرف ((فلسفات علمية)) دينية، روحانية أو مثالية نقدية (…) إن من خاصية ((قناعات وأطروحات)) هذا العنصر الثاني هي إخضاع تجربة الممارسة العلمية إلى أطروحات وبالتالي إلى ((قيم)) أو ((مستويات)) خارجة عنها تستغل العلماء وتخدم بصفة غير نقدية عددا من الأهداف المرتبطة بالأيديولوجيا العملية” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 118).

    يكون “العنصر 1 (المادي) في أغلب الحالات (ومع بعض الإستثناءات) تحت هيمنة العنصر 2” بسبب هيمنة الأديولوجية الفلسفية المثالية داخل المجتمع مما يجعلها تهمين داخل حقل الفلسفة وتبعد الطرح المادي من حلبة الصراع.

   إن الفلسفة هي انعكاس للموقف و الأيديولوجية المسيطرة داخل المجتمع، ولهذا نجد أن الموقف المثالي هو المهمين مما يجعل أغلب العلماء يعتنقونه ما دام له السيطرة والهيمنة في المجتمع؛ إن الشرط المحدد في هذه الهيمنة يعود قبل كل شيء إلى “علاقات القوى التاريخية (…) لأن وجود فلسفة العلماء العفوية لا يملك شكلا واحدا في فترة معينة، بل عدة أشكال يكون الواحد منها في موقع هيمنة والآخر الذي مر سابقا بساعات انتصار واعتلاء السلطة، يكون خاضعا ويستمر في الوجود في شكله الخاضع هذا وهو ما حدث للعقلانية الآلية المهيمنة في القرن السابع عشر والعقلانية التجريبية المهيمنة في القرن الثامن عشر، وأخيرا الوضعية في القرن التاسع عشر” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 128)، وهو ما يعني أن أشكال الصراع والهيمنة المختلفة عبر تاريخ الفلسفة تعمل وفق منطق عسكري تكون فيه الغلبة للأقوى تاريخيا ضمن علاقات القوى الإجتماعية.

  1. تسربات الفلسفة العفوية إلى نظرية الممارسة النظرية لدى العلماء

   كيف تتسرب الأيديولوجيا إلى العلماء؟ وبعبارة أصح، كيف يمارس العلماء الفلسفة بدون شعور منهم؟ بل كيف يتعاطون الفلسفة رغم رفضهم لها؟ يرى ألتوسير أنهم يفعلون ذلك في مواقفهم تجاه المشاكل العلمية ذاتها، في فترة الأزمات التي تعترضهم ” (دوشي، 2018، صفحة 101) والتي “هي أزمات العلم نفسه، فهي بهذا المعنى تلقائية عفوية لأنها تتخذ في الغالب صفة لاواعية” (يفوت، 1989، صفحة 51)، وقد ميز ألتوسير بين ثلاث مواقف يتخذها العلماء تجاه “أزمات” العلم وهي تعكس ثلاث أنواع من فلسفة العلماء العفوية:

  • الموقف الأول: “وهو رد فعل العلماء الذين يحتفظون ببرودة دمهم ويجابهون مشاكل العلم دون الخروج عن العلم، فهم يتخبطون بقدر استطاعتهم في المشاكل العلمية ويحاولون حلها فلا يفل ذلك في عزمهم لأن الأزمة بالنسبة إليهم ليست “أزمة العلم” التي تجعلنا نعيد النظر في العلم بل هي على أكثر تقدير مرحلة ومحنة وبما أنهم لا يملكون عموما رؤية تاريخية واضحة وليس لهم إدراك لمعنى التاريخ (le sense de l’histoire) فهم لا يقولون أن كل أزمة علمية هي ((أزمة تطور))، ففي أزمة الفيزياء* الكبرى في القرن 19 وفي بداية القرن العشرين رأينا علماء من هذا النوع الذين قاوموا العدوى العامة العامة ورفضوا أن يوافقوا على الخبر العظيم ((المادة فد انتهت)) بل لقد ذهبوا ضد التيار، ولم يكونوا دائما قادرين على التدليل على ذلك بسهولة” (ألتوسير ل.، الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، 1989، الصفحات 85-86)، فهذا الصمف الأول من العلماء بقوا متشبثين بالعلم ولم يطلبوا “النجدة من ميادين أخرى غريبة عن العلم” (يفوت، 1989، صفحة 52) بل أصروا على المضي قدما من داخل العلم وقيمه وعلى إيجاد إيجابات عن الإشكالات التي أفرزتها الفيزياء حول أزمة المادة وإنقضاءها.
  •  الموقف الثاني: في مقابل الموقف الأول وفي الطرف المقابل لهم ” نرى نوعا من العلماء يفقدون صوابهم. ((فالأزمة)) تباغتهم وهم عزل وها هو ذا إيمانهم قد زعزع فجأة حتى أنهم استسلموا. ولا يؤدي بهم اضطرابهم ذلك إلى إعادة النظرفي هذا المفهوم أو تلك النظرية العلمية فقط لكي يصححوها أو يعيدوا صهرها بل في شرعية ممارستهم و((قيمة)) العلم، فعوض أن يقفوا بحزم في حقل العلم ليجابهوا مشاكله الجديدة الفجئية وحتى المبلبلة يتحولون إلى ((الجانب الآخر)) ويخرجون من ميدان العلم وينظرون إليه من الخارج” (ألتوسير ل.، الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، 1989، صفحة 86)، و”ينصبون محاكم للعلم والعقل والنظريات العلمية (…) ومثال ذلك المحاكمة التي نصبها بوتر لمبدأ الحتمية في كتابه ((الصدفة والإمكان في قوانين الطبيعة)) حيث دافع عن لاحتمية قوانين الطبيعة باعتبار هذه الأخيرة قضايا افترضتها مخيلتنا وتأكدنا منها عددا من المرات فقط وبكيفية جد محدودة في مجموعة تجارب محددة ثم عممنا بصورة تعسفية قيمتها واعتبرناها مطلقة” (يفوت، 1989، الصفحات 52-53). إن الفلاسفة والعلماء الذين يستغلون فرصة “الأزمة” مستندين إلى تراث فلسفي يأول أزمة العلم ويعطيها تأويلا يقول بمحدودية العلم وتهافته وليست جزءا من تطوره الداخلي الخاص به، حيث يقوم هذا التراث “بتصيد مشاكل وتناقضات العلوم وأزماتها الداخلية باعتبارها نقاط ضعف فيحولها ويستغلها – كما فعل باسكال بالرغم من انه كان عالما حقيقيا – بالضبط كما بفعل بعض رجال الدين في انتظارهم لحشرجة الموت لكي ينقضوا على الكافر وهو على فراش الموت وليقيموا حوله مراسم الموت” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 88)، وهناك تقاليد فلسفية روحانية معروفة بتلقٌّطها واستغلالها لأزمات العلم لكي تعلن وفاته وتبرر بعض القناعات الدينية الخاصة بها مثل فلسفة هنري برغسون، لكننا نجد ايضا عالما كبيرا مثل بليز باسكال عندما اعترضته بعض المصاعب مثل مشكلة تفسير الفراغ وتعليله، “فحولها من صعوبة علمية إلى قناعة دينية ((ليس الفراغ ماديا محسوسا إلا أنه مع ذلك يوجد وجودا واقعيا))” (يفوت، 1989، صفحة 55)
  • الموقف الثالث: إن هذا الصنف الثالث من العلماء ” يعيشون ((الأزمة)) لكنهم لا يعيشونها باعتبارها عملية صهر وتطور للنظرية والممارسة العلميتين بل كقضية ((فلسفية)). هم يخرجون من نطاق العلم ويسألونه من الخارج أسئلة فلسفية حول ظروف صدق ممارسته ونتائجه أي حول أسسه وعناوينه” (ألتوسير ل.، 1989، صفحة 89)، وهوؤلاء العلماء لا يخرجون عن جادة العلم ولا ينتقصون من قيمته بل يحملون المسؤولية إلى فلسفة العلم التي كانت يعتقدون فيها ويحاولون بلورة فلسفة علم جديدة يرون انها تستطيع مد العلم بالفلسفة المواتية له والتي تستطيع أن تخرجه من أزمته؛ ومن أبرز الأمثلة على هؤلاء العلماء نجد الفيلسوف ارنست ماخ رائد المذهب النقدي التجريبي الذي اعتبر استنادا إلى كانط أن المعرفة لا تستطيع النفاذ إلى كنه الأشياء “الشيء في ذاته” وأنها تقتصر على ظاهره فقط وبالتالي فقد نفى وجود الواقع الموضوعي؛ فـ” المفاهيم، والقوانين، والتفسيرات العلمية عامة، تخلو – عند ماخ- من أي مضمون موضوعي، لاصلة لها بالظواهر، التي عنها تتحدث، إلا كصلة الرموز الاختزالية بالمفاهيم التي عليها تدل: انها نتاج للعقل، وجدت لا لتعكس الواقع، وانما لتلبية حاجة الذات العارفة، وهنا يؤكد ماخ أن “لا سبب ولا نتيجة في الطبيعة”، لان “السبب والنتيجة مجرد نتاج لفكرنا” (الصوراني، 2021)، وكان هذا هو كنه الفلسفة الجديدة التي أنتجتها بعد الأزمة التي شهدتها الفزياء المعاصرة لـ مد العلم بالفلسفة الحسنة التي يحتاج إليها ليتمكن من نقد وتجاوز وتحطيم سبب أزمته المتمثلة في الفلسفة السيئة التي اعيش في رؤوس العلماء والتي أساءت كثيرا للعلم” (ألتوسير ل.، الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، 1989، صفحة 90) وهذه الفلسفة هي الفلسفة المادية التي تمثل العنصر الأول من فلسفات العلماء العفوية والتي تؤمن بموضوعية المادة والواقع والقوانين العلمية.

على سبيل الختم

   إذا كانت الفلسفة فعالية واستراتيجية تتجلي وظيفتها في التدخل في  المستوى النظري (في الفلسفة والعلم وفي الأيديولوجيات النظرية التي تصبطغ وتتقنع بطابع العلمية) من أجل رسم خطوط وحدود فاصلة وواضحة بين ماهو علمي ينتمي إلى مجال النظرية وماهو أيديولوجي ينتمي إلى مجال الممارسة السياسة والإجتماعية من أجل إنتاج نظرية خاصة بالممارسة النظرية (أي الممارسة العلمية الخاصة بالعلماء من أجل فتح اعينهم على أضرب الأيديولوجيات والفلسفات التي يعتنقونها والتي تعرقل نظرتهم للعلم ولتطوره ولازماته … ) فإن ألتوسير حاول تطبيق هذه الرؤية الجديدة للفلسفة على مجال خاص بالعلم والعلماء مدفوعا بروح ابستيمولوجية لا تفرض على العلم أية قيم ومبادئ خارجية محاولا الكشف عن الجانب اللاواعي لفلسفات العلماء ومصاردها وطرق تسربها إلى أذهانهم من أجل ثباتهم على الموقف المادي من العلم في وقت الأزمات.

المراجع

Macherey, P. (2009, 11 06). Althusser and the Concept of the Spontaneous Philosophy of scientists. (r. mackay, Ed.) parrhesia journal(06), pp. 14-27.

حيدر دوشي. (2018). القراءة الآثمة للفلسفة: مشروع ألتوسير الفلسفي. العراق: دار شهريار للنشر والترجمة.

سالم يفوت. (1989). العقلانية المعاصرة بين النقد والحقيقة. بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر.

عبد الرزاق الداوي. (2012). عناصر نظرية في الفلسفة عند ألتوسير. أوراق فلسفية، الصفحات 53-74.

غازي الصوراني. (06 01, 2021). إرنست ماخ (1838 – 1916). تم الاسترداد من الحوار المتمدن: https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=707092

لوي ألتوسير. (1973). الفلسفة بين العلم والأيديولوجيا. (محمد سبيلا، المترجمون) منشورات أقلام.

لوي ألتوسير. (1989). الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية. (رضا الزواري، المترجمون) الدرا البيضاء: عيون المقالات.

لويس ألتوسير. (2019). أن تكون ماركسيا في الفلسفة. (الياس شاكر، المترجمون) بيروت: دار الفارابي.


* – عرف ألتوسير الأيديولوجيا العملية في الأطروحة 19 من كتابه “الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية” بأنها “عبارة عن تشكيلات معقدة من تركيبات لمقولات، وتصورات وصور وسلوك وسير ومواقف وحركات، يعمل هذا الكل كمعايير عملية تتحكم في أخذ الناس لمواقف ملموسةتجاه المواضيع الحقيقية، والمشاكل الفعلية لحياتهم الإجتماعية ولتاريخهم” ( أنظر: (ألتوسير ل.، الفلسفة وفلسفة العلماء العفوية، 1989، صفحة 42) )

* مفهوم الممارسة هو المفاهيم التي تشكل قصب البناء النظري والفلسفي الخاص بألتوسير، وهو مفهوم يريد من وراءه الخروج من جبة التجريبية التي تنظر إلى العلم باعتباره نقلا مباشرا للمعرفة الموجودة سلفا في الواقع، فهذا المفهوم ينطلق من مسملة مفادها ان الواقع العلمي غير معطى بل هو مبنى، يتم بناءه عبر عملية تحويل وبالتالي فهو يميز بين الموضوع الواقعي وهو الموضوع المعطى والجاهز بين الموضوع المعرفي الذي يتنزع من الواقع الموضوعي ويحول عبر وسائل إنتاج نظرية (مفاهيم، نظريات وتصورات علمية) بغية الخروج بتائج علمية مغايرة للموضوع الواقعي. والممارسة بشكل بسيط هي عملية تحويل لمادة أولية خام عبر وسائل إنتاج معينة من أجل الحصول على نتائج معينة من عملية التحويل هذه.

 *يُقصد بأزمة الفيزياء التغيرات التي طرأت على الفزياء الحديثة نهاية الفرن التاسع عشر وبداية االقرن العشرين، ” ففي تلك اللحظة تحققت اكتشافات علمية جديدة في مبدان الفزياء تتعلق بطبيعة المادة  وخصائصها. وتتلخص تلك الإكتشافات في أنه لم يعد بالإمكان معرفة المادة ولا صياغة تصور لماهيتها هارج علاقات رياضية مجردة. فالمادة وفق التصور الحديث لم يعد لها وجود واقعي كما كان الأمر مع الفيزياء الكلايبكية التي اهتمت بالظواهر كما يمكن إدراكها إما بالجواس الإنسانية مباشرة او ببهض الأدوات العلمية التي كانت تساعد على تحويلها إلى نتائج يمكن التعبير عنها تعبيرا كميا؛ حيث تصورت الفيزياء الكلاسيكية الواقع كما لو كان مكونا من أجسام مادية تدرك مباشرة باعتبار أن للمادة بنية ذرية وجسمية، وأن قوانينها تنطبق على مستوى الحياة المألوفة، لكن علماء الفيزياء الحديثة انزاحوا عن هذا التصور وأخص بالذكر نظرية الكوانتا ونظرية اللنسبة الأينشتاينية اللتين أدخلتا تغييرات جذرية على المفاهيم والتصورات الفيزيائية السائدة عن المادة مما ألزم العديد من العلماء التخلي عن الكثير من المبادئ التب اعتبرت من قبل يقينا مطلقا. ( أنظر : (الداوي، 2012، الصفحات 62-63).