مدخل فلسفي شامل حول ماهية السفر عبر الزمن (Time Travel)، وإمكانية تغيير الماضي، والتعارض الزمني، والسببية العكسية؛ نص مترجم لد. نيكولاس ج. ج. سميثث، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة على هذا الرابط، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.
تناقش العديد من الكتابات في الفلسفة والفيزياء موضوع السفر عبر الزمن، وينبع جزء من الاهتمام الكبير بهذا الموضوع من حقيقة أن هناك أسبابا للاعتقاد بأن السفر عبر الزمن ممكن فيزيائيا، وفي ذات الوقت مستحيل منطقيا! ويناقش هذا المدخل بشكل أساسي المسائل المتعلقة بفلسفة السفر غبر الزمن، أما المسائل المتعلقة بفيزياء السفر عبر الزمن فنوقِشت في مداخل منفصلة عن السفر عبر الزمن والفيزياء الحديثة، وآلات الزمن.
نبدأ أولا بسؤال التعريف، ما هو السفر عبر الزمن؟ ومن ثم نتجه إلى الاعتراض الأبرز على إمكانية السفر عبر الزمن -مفارقة الجد-، وبعدها تتم مناقشة المسائل المتعلقة بالسببية، ومن ثم تتم مناقشة مسائل في ميتافيزيقا الزمن والتغير. نختم أخيرا بنقاش حول السؤال عن سبب عدم مقابلتنا لمسافرين عبر الزمن قادمين من المستقبل على افتراض أن السفر عبر الزمن إلى الماضي أمر ممكن.
-
1 ما هو السفر عبر الزمن؟
-
1.1 التعارض الزمني
-
2.1 تغيير الماضي والسفر عبر الزمن
-
-
2 مفارقة الجد
-
1.2 الممكن وغير الممكن في السفر عبر الزمن
-
2.2 المصادفات غير المحتملة
-
3.2 الأحداث التي لا يمكن تفسيرها
-
-
3 السببية
-
1.3 السببية العكسية
-
2.3 الحلقات السببية
-
-
4 الزمن والتغير
-
1.4 السفر عبر الزمن والزمن
-
2.4 السفر عبر الزمن والتغير
-
-
5 أين المسافرون عبر الزمن؟
-
المراجع
-
أدوات أكاديمية
-
مصادر أخرى على الإنترنت
-
مداخل ذات صلة
-
ما هو السفر عبر الزمن؟
توجد العديد من السيناريوهات المختلفة التي قد يتم اعتبارها بديهيا بمثابة سفر عبر الزمن، وفي المقابل هناك سيناريوهات أخرى لا تعتبر سفرا عبر الزمن على الرغم من امتلاكها بعض خصائص السفر عبر الزمن[2].
السفر عبر الزمن
-
الدكتور. يدخل دكتور “هو” إلى آلة الزمن عام 2024، ويرى المراقبون من الخارج الآلة تختفي، تمضي عشر دقائق من الزمن بالنسبة للدكتور داخل الآلة، يرى المراقبون في عام 1984 (آو عام 3072) الآلة تظهر من العدم، ويخرج دكتور “هو” من الآلة[3].
-
القفزة. تحصل المسافرة عبر الزمن على آلة خاصة (أو تدخل في آلة)، ومن ثم تختفي فجأة وتعاود الظهور في زمن سابق (أو لاحق). على عكس دكتور “هو” لا تحس المسافرة عبر الزمن بمرور الوقت بين مغادرتها ووصولها، حيث أنها ظهرت بصورة آنية في زمن الوصول من وجهة نظرها.
-
بتنام. يدخل أوسكار سميث إلى الآلة عام 2024، ومن وجهة نظره فإن الأمور تسير كما في سيناريو الدكتور، حيث أن بعض الوقت يمر بالنسبة لأوسكار سميث، وبعدها يخرج من الآلة عام 1984. تسير الأمور بشكل مختلف بالنسبة للمراقبين خارج الجهاز، فيرى مراقبو وصول أوسكار في الماضي أن آلة الزمن تظهر فجأة من العدم وتنقسم على الفور إلى نسختين من نفسها: يخرج أوسكار سميث من إحداها، ويرى المراقبون عبر النافذة بداخل النسخة الأخرى شيئًا يشبه ما كانوا ليشاهدوه لو تم عرض فيلم معكوس لأوسكار سميث من حيث أن شعره أقصر، ويخرج الطعام من فمه ويعود إلى صندوق الغداء الخاص به من غير أن يؤكل؛ إلخ). لا يرى مراقبو رحيل أوسكار عن المستقبل أن آلة الزمن الخاصة به تختفي بعد أن يدخلها، بل يرونها تصطدم بالآلة التي تسافر بشكل معكوس في الزمن والتي تم وصفها للتو، بحيث تختفي كل منهما في ذات الوقت.
-
غودل. تدخل المسافرة عبر الزمن إلى مركبة صاروخية عادية (وليست آلة زمن خاصة)، ومن ثم تطير في مسار معين. لا تختفي المسافرة أبدا على عكس سيناريو القفزة، ولا تنعطف إلى الخلف في الزمن كما في سيناريو بتنام، ولكن على الرغم من ذلك فإن المسافرة تصل إلى نقطة في الماضي أو المستقبل بالنسبة لوقت مغادرتها، وذلك يعود إلى البنية الشاملة للزمكان بحسب نظرية النسبية العامة. هذا شبيه بالكيفية التي تسافر فيها إحداهن نحو الغرب وتظل مسافرة بهذا الاتجاه حتى تصل إلى شرق نقطة الانطلاق، وهذا عائد إلى البنية الشاملة المنحنية لسطح الأرض.
-
أينشتاين. يدخل المسافر عبر الزمن في مركبة صاروخية عادية وينطلق بسرعة عالية في رحلة حول الأرض، وعندما يهبط إلى الأرض، فإن مقدارا قليلا من الزمن يكون قد مر بالنسبة إليه، حيث يكون قد كبر بضعة شهور فقط بينما مر على الأرض مئات الأعوام منذ بدء رحلته، وهذا يتوافق مع حيثيات نظرية النسبية الخاصة.
ما لا يعتبر سفرا عبر الزمن
-
النوم. على افتراض أن أحدهم شعر بالتعب وغط في نوم عميق، ومن ثم استيقظ بعد اثني عشر عاما، فإنه بالنسبة إليه لم يمر أي قدر من الزمن.
-
الغيبوبة. إذا كانت إحداهن في غيبوبة لعدة سنوات ومن ثم أفاقت، فإنها عند إفاقتها لن تكون قد شعرت بمرور الزمن بالنسبة إليها.
-
التبريد العميق. إذا تم تجميد أحدهم لمئات الأعوام ثم استيقظ بعد ذلك، فإنه لن يكون قد مر زمن بالنسبة له.
-
الواقع الافتراضي. عندما تدخل إحداهن إلى محاكاة واقع افتراضي تفاعلي حيث تم إعادة بناء أدق تفاصيل الماضي
-
الكرة البلورية. إذا نظر أحدهم إلى كرة بلورية وشاهد ما حصل في الماضي، أو ما سيحصل في المستقبل، فإن هذا لا يعد سفرا عبر الزمن. ( تخيل أن الكرة البلورية تعمل فعلا وتقوم بعرض الصور مثل كاميرا المراقبة لكن من الماضي أو المستقبل ).
-
الانتظار. عندما يدخل أحد ما في خزانته ويظل هناك لسبع ساعات، فعندما يخرج يكون قد خرج بعد سبع ساعات في المستقبل بالنسبة لوقت دخوله.
-
خط التاريخ. عندما تقلع طائرة أحدهم الساعة الثامنة مساء يوم الإثنين، وتستمر الرحلة لأربعة عشر ساعة وتصل الساعة العاشرة مساء يوم الإثنين.
يتعين على أي تعريف مقبول لمفهوم السفر عبر الزمن أن يتمكن من تصنيف السيناريوهات السابقة بطريقة صحيحة، وهذا قد يؤدي إلى حصول مفاجآت كأن يتم تصنيف التبريد العميق كأحد سيناريوهات السفر عبر الزمن وفقا لتعريف مطور لمفهوم السفر عبر الزمن، ولكن في كل الأحوال ينبغي أن يظل سيناريو غودل يصنف بـ السفر عبر الزمن، بينما تظل سيناريوهات النوم والانتظار لا تصنف كذلك.
لا يوجد في الواقع أي تعريف وافي لمفهوم السفر عبر الزمن في الأدبيات، ويعد التعريف الذي قدمه لويس (1976, 145-6) أكثرها شهرة:
“ما هو السفر عبر الزمن؟ من المحتم أنه يحوي تعارضا بين الزمن والزمن، فأي مسافر يغادر ثم يصل إلى وجهته، يكون قد مر زمن بين وقت المغادرة ووقت الوصول، ويشكّل هذا الزمن مدة رحلة السفر. ولكن إذا كان مسافرًا عبر الزمن، فإن الفاصل الزمني بين وقت المغادرة ووقت الوصول لا يساوي مدة رحلته. كيف يمكن أن يفصل بين نفس الحدثين –مغادرته ووصوله- مدتان زمنيتان مختلفتان؟ الإجابة تكمن بالتمييز بين مفهومين مختلفين للزمن ذاته، الزمن الخارجي كما سأسميه، والزمن الشخصي للمسافر عبر الزمن، ذلك الذي يُقاس تقريبيا بساعة يده. لنفترض أن رحلته تستغرق ساعة من وقته الشخصي، فسيكون الوصول يستغرق أكثر من ساعة بعد المغادرة بالنسبة للزمن الخارجي إذا سافر نحو المستقبل، أو يمكن أن يصل قبل المغادرة بالنسبة للزمن الخارجي إذا سافر نحو الماضي“.
يستبعد هذا التعريف بشكل صحيح سيناريو الانتظار، حيث تكون مدة الرحلة مساوية تماما للفترة بين موعد المغادرة وموعد الوصول، كما يستعد سيناريو الكرة البلورية حيث لا توجد رحلة من الأساس. يشمل هذا التعريف بالمقابل سيناريو الدكتور، ولكنه مع ذلك يواجه مشكلة مع سيناريو غودل؛ لأنه عندما تكون البنية الشاملة للزمكان ذات طبيعة منحنية كما هو الحال في سيناريو غودل، فإن مفهوم الزمن الخارجي يفقد أهميته.
يوجد تعريف آخر لـ السفر عبر الزمن قد نصادفه في الأدبيات (Arntzenius, 2006, 602) و (Smeenk and Wüthrich, 2011, 5, 26)، يقول هذا التعريف بأن السفر عبر الزمن ما هو إلا اتباع منحنيات زمنية مغلقة، ويعد المنحنى في هذا السياق بمثابة خط في الزمكان، وهو يعد زمنيا طالما هو يمثل الأحداث الحاصلة لشيء مادي، وهو مغلق طالما يعود إلى نفس النقطة التي يبدأ منها (أي في الزمكان وليس فقط في المكان). يشمل هذا التعريف الخاص بالسفر عبر الزمن سيناريو غودل ولكنه لا يشمل سيناريو أينشتاين.
لا يهمنا عدم وجود أي تعريف مرضي لـ السفر عبر الزمن في هذا المدخل، حيث يكفي أن يكون لدينا حالات لا شك في كونها تمثل سيناريوهات سفر عبر الزمن، وهذه السيناريوهات ستولد كافة المشاكل التي نحن بصدد مناقشتها.
قام بعض المؤلفين -في الفلسفة، والفيزياء، والخيال العلمي- بطرح سيناريوهات سفر عبر الزمن ذات بعدين زمنيين (مثلا ميلاند، 1974)، بينما يتحدث مؤلفون آخرون عن سيناريوهات ذات أكوان “متوازية”، حيث يتكون كل كون منها من زمكان رباعي الأبعاد بشكل مستقل عن الأكوان الأخرى (مثلا ديوتش ولوكوود، 1994). تطرح هذه السيناريوهات سؤالا حول ما إذا كان السفر إلى نسخة أخرى من عام 2001 – أي نسخة مختلفة عن تلك التي عشناها في الماضي سواء كانت هذه النسخة بمثابة نقطة مختلفة في البعد الزماني الثاني أو كانت في كون مواز- يعد مثابة سفر عبر الزمن أم يعد أشبه بسيناريو الواقع الافتراضي. على أية حال فإن مثل هذه السيناريوهات لا تولد العديد من المشاكل كما تفعل سيناريوهات السفر إلى ذات الماضي الذي عشناه عندما كنا أصغر سنا، وهذه المشاكل هي ما سيركز عليها هذا المقال، ولن يكون لدينا الكثير لقوله حول الأنواع الأخرى من سيناريوهات السفر عبر الزمن.
-
1.1 التعارض الزمني
ينبع أحد الاعتراضات الموجهة نحو إمكانية السفر عبر الزمن مباشرة من محاولة تعريفه كما يعرفه لويس، فالمشكلة تكمن في أنه طالما يستدعي السفر عبر الزمن تعارضًا بين “الزمن والزمن”، فإن سيناريوهات السفر عبر الزمن غير منطقية ببساطة. تقطع المسافرة عبر الزمن ثلاثين عاما في عام واحد، حيث أن عمرها يكون 51 عاما بعد 21 عاما من تاريخ ولادتها، وتموت بعد 200 عاما لولادتها وهي بعمر 90 عاما، وهكذا. الاعتراض هنا هو أن هذه عبارة عن تعارضات بديهية أي أن التعريف الأساسي لـ السفر عبر الزمن يستدعي تعارضًا، وهو بالتالي مستحيل منطقيا.
لا بد من وجود مشكلة في هذا الاعتراض؛ لأن نتيجته ستكون اعتبار سيناريو أينشتاين مستحيل منطقيا، بينما هذا السيناريو وما يستدعيه من سفر للمستقبل تم بالفعل رصده – وإن كان على نطاق أصغر للغاية ولكن هذا لا يؤثر على نقاشنا الحالي – (Hafele and Keating, 1972b,a) أبرز رد على هذا الاعتراض هو أنه لا يوجد أي تعارض لأن المقدار الزمني الذي تقطعه المسافرة عبر الزمن ومدة رحلتها يتم قياسهما وفقا لإطارات مرجعية مختلفة، وبالتالي لا يوجد سبب لكي تتساوى المدتان. هذا أشبه بقولنا أن مدينة ملبورن تبعد 800 كيلومترا عن سيدني إذا سلكنا الطريق السريع الرئيسي، في ذات الوقت تبعد 1200 كيلومترا عن سيدني إذا سلكنا طريق الساحل. لا وجود لأي تعارض في هذا المثال وسيناريو أينشتاين على حد سواء.
-
1.2 تغيير الماضي والسفر عبر الزمن
قبل أن نترك سؤال “ما هو السفر عبر الزمن؟”، فإن علينا ملاحظة أن هناك فرقا جوهريا بين تغيير الماضي وبين المشاركة في الماضي عبر التأثير فيه. تسمح قصص السفر عبر الزمن في الخيال الجمعي بتغيير الماضي وتصحيح الأخطاء التي حصلت في التأريخ، ومنع النفس في الماضي من فعل أمور نندم عليها مستقبلا، ودواليك. لكن هذه الفكرة تصبح غير منطقية في نموذج بماضي واحد فقط؛ لأن وصف هذه الحالة بحد ذاته يستدعي تعارضا، مثل أن تحرق المسافرة عبر الزمن كل مذكراتها في منتصف ليلة عيد ميلادها الأربعين عام 1976، وفي ذات الوقت لا تحرق كل مذكراتها في منتصف ليلة عيد ميلادها الأربعين عام 1976، فلا وجود لنسختين من الماضي: تكون النسخة الأصلية بدون وجود المسافرة عبر الزمن، والنسخة الثانية تلعب فيها المسافرة عبر الزمن دورا، إذ ثمة ماض واحد فقط لكن طريقتان للنظر إليه، إحداهما من وجهة نظر الشخص، والأخرى من وجهة نظر الشخص عندما يكون أكبر سنا ويسافر عبر الزمن، وإذا كانت وجهات النظر هذه غير متسقة مع بعضها، كأن يحدث في إحداها ما لا يحدث في الأخرى، فإن سيناريو السفر عبر الزمن يكون غير منطقي.
هذا يعني أن حرية المسافرين عبر الزمن أقل من المتوقع، فهم لا يستطيعون تصحيح الأخطاء التي حصلت في التاريخ، ولا يستطيعون حتى تحريك ذرة غبار في يوم ما إذا كانت ذرة الغبار هذه لم تتحرك في اليوم عينه في الماضي، ولكن هذا لا يعني أن المسافرين عبر الزمن فاقدون للتأثير بشكل كامل في الماضي، فهم وإن كانوا عاجزين عن إحداث أمور لم تحدث بالفعل، إلا أنهم قادرون -من حيث المبدأ- على إحداث أمور حدثت بالفعل، أي أن المسافرين عبر الزمن لا يمكنهم تغيير الماضي، ولكنهم يمكن أن يكونوا من ضمن الناس الذين صنعوا أحداث الماضي ليبدو كما هو الآن.
ماذا عن النماذج التي تحوي بعدين زمنيين أو أكوانا متوازية؟ هل تسمح هذه النماذج بسيناريوهات منطقية يتغير فيها الماضي؟ من المؤكد أنه لا وجود لأي تعارض في قولنا أن المسافرة عبر الزمن أحرقت كل مذكراتها في منتصف ليلة عيد ميلادها الأربعين عام 1976 في الكون رقم 1 (أو البعد الزماني أ)، وأيضا لم تحرق كل مذكراتها في منتصف ليلة عيد ميلادها الأربعين عام 1976 في الكون رقم 2 (أو البعد الزماني ب)، ويكمن السؤال هنا حول إن كان هذا السيناريو يشمل تغييرا للماضي بالمعنى الذي أردناه في البداية، أي تصحيح الأخطاء التي حصلت في التاريخ، ومنع أنفسنا من ارتكاب أمور ندمنا عليها لاحقا، وهكذا. يدّعي غودو (2003) وفان إنفاغن (2010) بأن هذا السيناريو يشمل بالفعل تغييرا للماضي في سياق النماذج التي تحوي أبعادا زمنية، بينما يناقش سميث (1997, 365–6; 2015) أن هذا السيناريو لا يشمل أي تغيير للماضي بل يشمل تفاديا للماضي عبر تركه بدون تغيير، والسفر إلى نسخة أخرى منه حيث جرت الأمور على نحو مختلف.
-
مفارقة الجد
أهم اعتراض موجه نحو الإمكانية المنطقية لـ السفر عبر الزمن إلى الماضي هو ما يطلق عليه اسم مفارقة الجد، حيث جعلت هذه المفارقة العديد يقتنعون باستحالة السفر عبر الزمن إلى الماضي.
” فالرصاصة التي تصيب مفهوم السفر عبر الزمن في مقتل هي التعارضات التي يستدعيها، وأبرز مثال على هذه المفارقات هو السؤال القائل “ماذا لو استطعت العودة إلى الماضي وقتل جدك حين كان لا يزال طفلا صغيرا؟”. إن هذه المفارقات معقدة وصعب لدرجة أن أسهل طريق للخروج من هذه الفوضى اللاعقلانية هي بافتراض أن السفر عبر الزمن مستحيل وسيبقى كذلك إلى الأبد”. (Asimov 1995 [2003, 276–7])
” السفر إلى ماضي المرء قد يولد العديد من أنواع المشاكل المنطقية، فإذا كنت قادرا على تغيير الماضي، فماذا لو استطعت قتل والديك قبل ولادتك على سبيل المثال. من الممكن تفادي مثل هذه المفارقات عبر تعديل مفهوم الإرادة الحرة، ولكن هذا لن يكون ضروريا إذا ثبتت صحة ما أسميها بحدسية حماية التسلسل الزمني والتي تقول أن قوانين الفيزياء تمنع المنحنيات الزمنية المغلقة من الظهور”. (Hawking, 1992, 604)
هناك عدة أشكال للمفارقة، وهذه إحداها:
“إذا كان السفر عبر الزمن مستحيلا منطقيا لاستطاع المسافر عبر الزمن العودة إلى الماضي وتدمير آلة الزمن في نوبة غضب شديدة قبل أن تكتمل، وكذلك قتل ذاته الأصغر سنا، ولكن إن حدث ذلك بالفعل فإن شرطا أساسيا لحدوث رحلة الزمن سيزول، ونستنتج حينها أن رحلة الزمن لم تحدث. أي أنه إن كانت رحلة الزمن قد حدثت، فإنها لم تحدث، ونستنتج أن الرحلة لم تحدث وأنه من الضروري أنها لم تحدث، وأحد الردود التقليدية على هذا الاعتراض هو أن المسافر عبر الزمن لا يستطيع تغيير الماضي بهذه الطريقة، ولكن هذا الرد يشكل مصادرة للمطلوب، فلماذا حرية المسافر عبر الزمن مقيدة بهذا الشكل؟ ماهي هذه القوة الغامضة التي تقوم بتسكين نوبة غضب المسافر؟” (Smith, 1985, 58)
الفكرة هي أن السفر عبر الزمن إلى الماضي مستحيل لأنه حال حدوثه سيكون من الممكن للمسافرين عبر الزمن فعل أمور مثل قتل ذواتهم الأصغر سنا، أو أجدادهم، إلخ، ونحن نعرف أن فعل مثل هذه الأمور، أو تغيير الماضي بأي طريقة أخرى أمر مستحيل، ولكن إن كان السفر عبر الزمن ممكنا فإنه لن يكون هناك مانع أمام هذه الأمور من الحدوث. إذا سمحنا للأمور بالوصول إلى المرحلة التي يقف فيها المسافر عبر الزمن أمام جده وبيده سلاح محشو، فإنه لن يبقى أي أمر لمنع المستحيل من الحدوث؛ لذا يتعين علينا وضع الحد قبل هذا، وجعل حدوث مثل هذا الموقف مستحيلا، أي أن السفر عبر الزمن إلى الماضي يجب أن يكون مستحيلا.
إذا أردنا الدفاع عن إمكانية السفر عبر الزمن في وجه هذه الحجة، فإنه يتعين علينا إظهار أن السفر عبر الزمن لا يؤدي بالضرورة إلى فعل أمور مستحيلة؛ لذا ما الذي قد يمنع المسافرة عبر الزمن التي عادت إلى الماضي من قتل جدها حين تقف أمامه؟ بعض مؤلفي الخيال العلمي يلجؤون إلى فكرة وجود مرافقين أو حراس للزمن يمنعون المسافرين عبر الزمن من تغيير الماضي، أو قد يلجؤون إلى فكرة وجود قوى منطقية غامضة تمنع مثل هذا التغيير، ولكن من الصعب أخذ مثل هذه الأفكار بجدية، والأهم من ذلك أنه من الصعب وضع تفاصيل حول كيفية عملها عندما نتذكر أن تغيير الماضي مستحيل، فالمرافق الزمني يعمل على ضمان أن الماضي لن يتغير ولكن وجود المسافر عبر الزمن هو سبب حدوث الماضي بالطريقة التي حدث بها من البداية. لحسن الحظ فإن أدبيات الخيال العلمي تحوي ردا أفضل، وقام لويس (1976) بالإشارة له وتنبيه الفلاسفة إليه. ما الذي سيوقف المسافرة عبر الزمن من فعل أمر مستحيل؟ الإجابة هي أنها ستفشل في فعل ذلك الأمر المستحيل “نظرا لسبب شائع”، كما يقول لويس (1976, 150)، فيمكن أن يعلق مسدسها، أو أن تشتت ضجة انتباهها، أو يمكن أن تتعثر في قشرة موز، إلخ، وليست هناك حاجة لأكثر من هذه الأمور الشائعة لمنع المسافرة عبر الزمن من قتل جدها؛ لذلك فإن السفر عبر الزمن إلى الماضي لا ينطوي على حدوث أمور مستحيلة، وبالتالي يتم الرد بشكل مقنع على الاعتراض أعلاه.
-
2.1 الممكن وغير الممكن في السفر عبر الزمن
تبقى هناك مشكلة. فلنفترض أن “تيم” المسافر عبر الزمن يواجه جده بمسدس محشو، فهل يستطيع تيم قتل جده؟ من جهة فإن الجواب نعم، حيث أنه ماهر في التصويب، ولا يوجد أي مرافق زمني لمنعه، وقوانين المنطق لن تمنعه من ذلك بشكل سحري، وهو يكره جده ولن يتردد في الضغط على الزناد، إلخ، ومن جهة أخرى فإن الجواب لا، حيث أن قتل الجد يتطلب تغيير الماضي، ولا يمكن لأحد تغيير الماضي- دون ذكر أنه في حالة موت الجد فإن تيم لن يولد أصلا-، إذن فلدينا تعارض حيث يستطيع تيم قتل جده ولا يستطيع ذلك في آن معا، أي أن السفر عبر الزمن يؤدي إلى تعارض؛ لذا فهو مستحيل.
لاحظ الفرق بين هذه النسخة من مفارقة الجد وبين النسخة التي ناقشناها أعلاه. يتمحور التعارض في النسخة السابقة حول ما سيحصل إذا قام تيم بقتل جده، وكان الحل عبر قول أن تيم بإمكانه العودة إلى الماضي دون أن يتمكن من قتل جده، وبذلك لا ينطوي السفر عبر الزمن على تعارض، أما في هذه النسخة من الاعتراض فإن التعارض يأتي بمجرد أن يعود تيم إلى الماضي، فهناك مفارقة في كل الأحوال حتى وإن لم يقتل تيم جده، فالتعارض يكمن في إمكانية قتل تيم لجده، وفي عدم إمكانيتها في ذات الوقت، وكما يقول لويس:
“هل يستطيع المسافر عبر الزمن تغيير الماضي؟ يبدو أن الجواب لا، فأحداث اللحظة الماضية لا يمكن تغييرها تماما كما لا يمكن للأعداد أن تتغير، ومع ذلك فإنه يبدو أننا نستطيع القيام بأمور من شأنها تغيير الماضي إذا قمنا بها، وإذا كان المسافر عبر الزمن العائد إلى الماضي يستطيع فعل أمر لتغييره ولا يستطيع في آن معا، فإنه لا يمكن أن يكون السفر عبر الزمن ممكنا”. (Lewis, 1976, 149)
حظي الحل الذي قدمه لويس لهذه المشكلة بقبول كبير، فهو يقوم على فكرة أن القول بإمكانية حصول أمر ما بمثابة قول أن حصوله مرهون بحقائق معينة، حيث يحدد السياق -بشكل أو بآخر- أي من الحقائق هي المهمة. إن قتل تيم جده عام 1921 أمر معتمد على حقائق حول سلاحه، وتدريبه، وحالته الذهنية، وهكذا، فهو ليس معتمدا على حقائق أخرى مثل كون الجد لم يمت عام 1921؛ لذلك فإن عبارة “تيم يستطيع قتل الجد” هي صحيحة وفقا لمفهوم معين يعتمد على حقائق معينة، ولكنها خاطئة وفقا لمفهوم آخر يعتمد على حقائق أخرى، ولكن لا وجود لمفهوم واحد حيث تكون العبارة صحيحة وخاطئة في آن معا، وبالتالي لا وجود لأي تعارض بل فقط التباس في المفاهيم.
تقدم فيهيلن (1996) ردا آخر، حيث تحاجج بعدم وجود تعارض لأن عبارة “تيم يستطيع قتل الجد” خاطئة ببساطة، أي على عكس ما يقوله لويس فليس هناك احتمال أن تكون صحيحة، ووفقا لفيهيلن فإنه حتى تكون عبارة “تيم يستطيع قتل الجد” صحيحة، فإنه يجب أن تكون عبارة ” إذا حاول تيم قتل الجد، فإنه سوف ينجح أو على الأقل هناك احتمال أن ينجح” صحيحة، ولكن وفقا لفيهيلن فإن هذه العبارة دائما ما تكون خاطئة في جميع العوالم التي لها أدنى صلة بعالمنا.
-
2.2 المصادفات غير المحتملة
نعود إلى النسخة الأصلية من مفارقة الجد ورد لويس عليها القائم على “الأسباب الشائعة”. حيث نجد في هذا الرد اعتراضا آخر يحوم في الأفق قدمه هورويتش (1987)، وهذا الاعتراض لا يتعلق بإمكانية السفر عبر الزمن إلى الماضي ولكن باحتماليته.
فلنفكر بالأحداث المترابطة بشكل عام، فكلما رأينا أمرين يحصلان بشكل متكرر سويا، فهذا إما بسبب أن أحدهما سبب للآخر، أو أن هناك أمرا ثالثا يسبب كليهما، ويطلق هورويتش على هذا اسم “مبدأ الترابط V “:
“إذا كان لدينا حدثان مترابطان (أ) و (ب)، إذن إما أن تكون هناك سلسلة من الأحداث تصل بينهما، أو يكون هناك الحدث ج الأسبق منهما ويتصل بكل من (أ) و (ب) عبر سلسلتين من الأحداث، لكننا لا يمكن أن نرى مفترق طرق معكوس حيث يكون كل من الحدث أ والحدث ب متصلين بحدث ثالث لاحق لهما دون أن يكونا متصلين بحدث سابق لهما”. (Horwich, 1987, 97–8)
على سبيل المثال، إذا افترضنا وجود طالبين يذهبان إلى الفصل ويرتديان نفس الثياب، فإن هذا قد يكون محض مصادفة، أي أنه لا وجود لسبب مشترك لذلك، ولا توجد أي سلسلة سببية مباشرة تصل بين الحدثين، ولكن إن كان هذا يحصل كل أسبوع طوال الفصل الدراسي، فإنه من الممكن أن تكون هذه مصادفة، ولكن هذا غير محتمل بالمرة.
إننا نعزو عادة مثل هذا الترابط الكبير بين الحدثين إلى وجود سبب مشترك كأن يكون لكلا الطالبين اتفاق رعاية مع نفس شركة الملابس، أو أن كليهما يستقيان الأفكار من نفس مدونة الأزياء والموضة، أو عبر رابط سببي مباشر كأن يكون أحد الطالبين يقوم بتقليد الآخر.
فلنلتفت الآن إلى حالة المسافرة عبر الزمن العائدة لقتل ذاتها الأصغر سنا، وكما رأينا أعلاه فإن هذا لا ينطوي على تعارض بالضرورة، حيث أن هذا التعارض لا يتم تفاديه عبر المرافقين الزمنيين أو القوى الغامضة وإنما عبر أحداث عادية حيث يسقط الزناد من مسدس المسافرة عبر الزمن، أو تهب نسمة هواء وتطيح بالرصاصة عن مسارها، أو تتعثر المسافرة عبر الزمن بقشرة موز، وهكذا.
ولكن الآن فلننظر إلى سلسلة الأحداث العادية التالية: كلما فكرت المسافرة عبر الزمن بقتل ذاتها الأصغر سنا، فإن أحدهم بالقرب منها سيسقط قشرة موز جاهزة للانزلاق عليها، أو سيبدأ طائر بالطيران ويسد الطريق على رصاصة المسافرة عبر الزمن عندما تطلقها، وهكذا. أي بشكل عام سيكون هناك ترابط بين محاولات قتل الذات الأصغر سنا وبين الأمور التي تفشل هذه المحاولات كوجود قشر الموز مثلا، وهذا الترابط سيكون من النوع الذي لا يحتوي على رابط سببي مباشر بين الأحداث المترابطة أو على سبب مشترك لكليهما.
لكن هذا النوع من الترابط الكبير نادر للغاية كما رأينا من قبل؛ لذلك فإن السفر عبر الزمن سيحصل بنفس عدد المرات التي يرتدي فيها طالبان نفس الثياب إلى الدوام كل يوم طوال الفصل الدراسي دون أن يكون هناك أي رابط سببي بين ما يرتديه أحدهما وما يرتديه الآخر.
بإمكاننا كتابة حجة هورويتش بهذه الطريقة:
-
إذا كان السفر عبر الزمن ممكن الحصول، فإننا سوف نلاحظ ترابطات كبيرة غير سببية.
-
من غير المحتمل أبدا أن نلاحظ ترابطات كبيرة غير سببية.
-
إذن فإنه من غير المحتمل بالمرة أن يحصل السفر عبر الزمن .
نستنتج أن السفر عبر الزمن ليس مستحيلا، ولكننا يجب أن نعتبر احتمالية حصوله مماثلة لاحتمالية رمي قطعة نقدية ذات وجهين متساوين والحصول على “كتابة” بدلا من “نقش” لألف مرة متتالية، وكما يقول برايس (1996, 278 n.7) مؤيدا لاستنتاج هورويتش: “يمكن جعل فرضية السفر عبر الزمن تنطوي على قضايا ذات احتمالات صغيرة بشكل اعتباطي، وهذا ليس مجرد اختزال اعتيادي، ولكنه أقرب وصف للواقع ممكن أن يزودنا به العلم”.
ينتقد سميث (1997) كلا المقدمتين في حجة هورويتش، حيث ينتقد المقدمة الأولى بقوله أن السفر عبر الزمن إلى الماضي بحد ذاته لا ينطوي على ترابطات كبيرة غير سببية، بل وبنظرة أخرى فإننا نرى أن سيناريوهات السفر عبر الزمن التي تنطوي على ترابطات كبيرة غير سببية دائما ما تبنى على مصادفات مسبقة تكون هي بدورها غير محتملة، وينتقد سميث المقدمة الثانية من الحجة بقوله أنه حتى وإن كنا لم يسبق لنا ملاحظة ترابطات كبيرة غير سببية فإن هذا لا يعني أننا لن نلاحظها أبدا في المستقبل، وهذا لا يعد تشكيكا في الاستقراء، فعلى عكس المشككين في الاستقراء، فإننا نفترض أن الأحداث ستحدث بذات الكيفية مستقبلا طالما لم يوجد لدينا سبب لاعتقاد العكس، ولكن مع ذلك فإنه لا يمكننا استبعاد سبب معين يجعل المستقبل يبدو على نحو مختلف لمجرد أن هذا السبب لم يسبق له الحصول أبدا في الماضي.
قد تقوم بتهدئة صديق قلق بقولك أن الشمس لا بد أن تشرق غدا لأنها كانت تشرق دائما في الماضي، ولكنك لا تستطيع بذات الكيفية دحض عالمة فلك تقول أنها توصلت لسبب معين يدفعنا للاعتقاد أن الأرض ستتوقف عن الدوران هذه الليلة. يؤيد ساير (2002، 119-120) اعتراض سميث الثاني، بينما ينتقد دوي (2003) اعتراض سميث الأول، ولكنه يتفق مع الاعتراض الثاني، ويستنتج أن احتمالية السفر عبر الزمن ليس صغيرة، وتصل إسماعيل (2003) إلى نتيجة شبيهة. ينتقد غودو (2007) اعتراض سميث الأول على هورويتش، بينما تضم مجموعة المساهمين في النقاش كلا من أرنتزينيوس (2006) وسمينك وفوثريك (2011، 2.2)، وبالامكان مراجعة ناي (2000) للاطلاع على حجة مختلفة تصل إلى نفس نتيجة هورويتش التي تقول أن السفر عبر الزمن غير محتمل.
-
2.3 الأحداث التي لا يمكن تفسيرها
بالعودة إلى النسخة الأصلية من مفارقة الجد والحل الذي قدمه لويس لها، فإننا نجد أن هذا الحل يتولد عنه اعتراض جديد، حيث أن المسافرة عبر الزمن التي تريد قتل ذاتها الأصغر سنا تحاول القيام بأمر مستحيل وهو قتل نفسها في عمر أصغر من العمر الذي حاولت فيه القيام بذلك أصلا. فلنفترض أنها ستفشل في محاولاتها، وأن سلسلة من الأحداث العادية ستقوم بإفشالها، حينها سيكون هناك اعتراض يقول أن حدوث مثل هذه السلسلة من الأحداث هو أمر غير محتمل.
إن الاعتراض الجديد يقول أن فشل المسافرة عبر الزمن في قتل ذاتها الأصغر سنا هو أمر غامض ولا يمكن تفسيره، حيث أن كل حدث عادي يمنع المسافرة عبر الزمن من ذلك هو أمر طبيعي ويمكن تفسيره، ولكن تتالي هذه الأحداث بشكل متكرر يصبح أمرا غامضا وصعب التفسير. إن الأمر يبدو كمؤامرة كبيرة تحاك ضد المسافرة عبر الزمن لإفشال محاولاتها في فعل ما تريد، ولكن بدون وجود أي متآمرين، فليس هناك كائنات تتحكم بالزمن، ولا يملك المنطق قوى سحرية، مما يجعلنا في حيرة كبيرة من أمرنا. يقول ريغز (1997، 52): “إن الحل الذي يقدمه لويس قد يكون ناجعا في حال المحاولة لمرة واحدة فقط، ولكنه لا يمكنه تفسير سبب فشل تيم المتواصل في حال كرر المحاولة”، وتقول إسماعيل (2003، 308): “إذا أخذنا كل محاولة على حدة، فإن التفسير سيكون متماسكا، ولكن بمجرد أخذنا لمجموع المحاولات سويا وفشلها جميعها فإنه سيصبح من المحتم اعتبار هذا التفسير غير متماسك بالمرة”. اطلع أيضا على غوروفيتز (1964، 366-7)، وهورويتش (1987، 119-21)، وكارول (2010، 86).
هناك نوعان من الردود التي يقدمها المدافعون عن إمكانية السفر عبر الزمن على الاعتراض القائل بأن السفر عبر الزمن ينطوي على أحداث غامضة وليس لها تفسير. يتفق بارون وكوليفان (2016، 70) مع المعترضين في قولهم أن الاكتفاء بالتفسير السببي لفشل المحاولات من قبيل فشل تيم في قتل جده بسبب تعثره في قشرة موز هو أمر غير كاف، لكنهم في المقابل يحاججون أنه – وبالإضافة إلى ذلك- فإن لويس يقدم تفسيرا منطقيا وغير سببي لفشل المحاولات: “ما يفسر فشل محاولات تيم في قتل جده هو إذن أمر ما يتعلق بالمنطق، وبالأخص فإن تيم يفشل في قتل جده لأن قانون عدم التعارض يمنعه من ذلك”. يحاجج سميث (2017) أن عدم قدرتنا على تفسير الأحداث هو مجرد وهم، ففي الواقع السبب الذي يمنع وجود سيناريو تنجح فيه المسافرة عبر الزمن من قتل ذاتها الأصغر سنا هو أن هذا السيناريو يتعارض مع ذاته، فمثلا ينطوي على أن تموت المسافرة عبر الزمن في عمر العشرين ولكن تكون على قيد الحياة في عمر الأربعين. إذن أيا كان ما سيحصل فإنه لن يكون هذا السيناريو المتعارض، فلا توجد حرفيا أي إمكانية للمسافرة عبر الزمن ألا تفشل في محاولته؛ ولذلك لا داعي حتى لتقديم أي تفسير موضوعي للأمر، ولا توجد أي إمكانية لوجود مثل هذا التفسير، وبالتالي فإن هذا الفشل غير محير بالمرة.
-
السببية
تولد سيناريوهات السفر عبر الزمن إلى الماضي أسئلة مثيرة للاهتمام بخصوص السببية، وفي هذا القسم سوف نتطرق لسؤالين من هذه الأسئلة.
-
3.1 السببية المعكوسة
سبق وميزنا بين تغيير الماضي وبين التأثير فيه، وحاججنا أن تغيير الماضي مستحيل، ولكن السفر عبر الزمن إلى الماضي لا ينطوي على تغييره بل على التأثير فيه فحسب. يعد التأثير في الماضي مثالا على السببية المعكوسة حيث تسبق الأسباب النتائج، ولقد سبق لفلاسفة أن حاججوا بأن مفهوم السببية المعكوسة مستحيل كذلك، أو على الأقل يعاني من مشاكل. تعد “حجة الخداع” الحجة الكلاسيكية ضد مفهوم السببية المعكوسة، وتقوم على محاولة تفكيك الترابط بين الحدث أ الذي يسبب الحدث الأسبق منه ب، ويكون تفكيك الترابط عبر محاولة إحداث أ في الحالات التي لم يحدث فيها ب، وأيضا محاولة منع أ من الحدوث في الحالات التي حدث فيها ب بالفعل، وإذا نجحت هذه المحاولات وحدث ب بشكل متكرر دون أن يتبعه حدوث أ، وأيضا حدث أ بشكل متكرر دون أن يسبقه حدوث ب، فإن هذا يعني أن الحدث أ لا يمكن أن يكون سببا للحدث ب. في المقابل، إذا كانت المحاولة غير ناجحة -أي إذا لم نتمكن من منع حدوث أ بعد حدوث ب، ولم نتمكن من إحداث أ عندما لم يسبقه ب، فإنه يمكننا أن نحاجج حينها أن الحدث ب هو سبب للحدث أ، بدلا من اعتبار العكس. تستوجب عملية الخداع تلاعبا متكررا بالحدث أ، وبالتالي لا يمكننا استخدامها في الحالات التي يكون فيها الحدث أ غير قابل للتكرار أو للتلاعب، وكذلك فإن العملية تستلزم منا أن نعرف إن كان الحدث ب قد حصل أم لا قبل التلاعب بالحدث أ، وبالتالي فإنه لا يمكننا استخدام عملية الخداع في الحالات التي لا يمكننا فيها معرفة ما إذا كان الحدث ب قد حصل أم لا قبل حصول أو عدم حصول الحدث أ (Dummett, 1964).ستترك هذه الثغرات الثلاث فراغا كافيا للعديد من حالات السببية المعكوسة التي لا يمكن لحجة الخداع الاعتراض عليها لأنه لا يمكن إجراء عملية الخداع فيها على الإطلاق، ولكن ماذا بخصوص الحالات التي يمكن فيها إجراء عملية الخداع؟ أي إذا نجحنا في فك الترابط بين الحدثين أ و ب، وبالتالي أثبتنا زيف الادعاء القائل بأن الحدث أ يسبب الحدث ب، أو على أقل تقدير قمنا بإضعافه (حيث أن هذا يعتمد على تفاصيل كل حالة). لكن في حال فشل محاولات الخداع فإنه لا يترتب على ذلك بالضرورة أن الحدث ب يجب إن يكون سببا للحدث أ بدلا من العكس، فهذا يعتمد على الموقف المعين، وقد يكون بالفعل اعتقادنا أن الحدث ب يسبب الحدث أ بديلا ناجعا لاعتقادنا أن الحدث أ يسبب الحدث ب، ولكن ليس هناك من سبب يدفعنا للاعتقاد أن هذا الاعتقاد هو الأفضل دائما. على سبيل المثال فلنفترض أنني أرى صورتك في جريدة تعود لتاريخ يسبق تاريخ مولدك، ومرفق بالصورة تقرير عن وصولك من المستقبل، حينها أقوم بمحاولة خداع رحلتك المقبلة عبر الزمن، ولكنني أتعثر بقشرة موز بينما أنا أسرع لدفعك بعيدا عن آلتك الزمنية، وتزيدك قصص الرعب التي أرويها عن السفر عبر الزمن إصرارا على إتمام رحلتك بدلا من ثنيك عنها، وهكذا. أيضا فلنفترض أنني أعلم أنك لم تكن في مدينة سيدني يوم أمس، وأنا الآن أحاول أن أجعلك تذهب إلى هناك في آلتك الزمنية، ولكن قبل أن أتمكن من ذلك تصيبني صاعقة برق، وأسقط في منهل صرف صحي، وهكذا. ما الذي يثبته كل هذا؟ بالطبع ليس أن وصولك إلى الماضي يسبب سفرك من المستقبل، لكن وفقا لتفاصيل كل حالة فإنه يبدو أنه من المكن لنا وصف ما يجري على أنه يشمل السفر عبر الزمن إلى الماضي والسببية المعكوسة، وإن لم نستطع وصف ما يجري بهذه الكيفية، فإنه على الأقل سيكون هناك حقائق أخرى عن الحالة، ولن يكون التفسير نابعا ببساطة من محاولات الخداع التي يصدف أن يتكرر فشلها.
-
3.2 الحلقات السببية
يتيح السفر عبر الزمن إلى الماضي على ما يبدو إمكانية وجود الحلقات السببية حيث تظهر الأشياء من العدم، وقد تكون هذه الأشياء جمادات محسوسة، فمثلا بإمكاننا تخيل مسافر عبر الزمن يقوم بسرقة آلة زمن من متحف قريب منه كي يقوم برحلة عبر الزمن ومن ثم يتبرع بآلة الزمن لذات المتحف في نهاية الرحلة أي في الماضي، وفي مثل هذه الحالة فإنه لا يكون هناك صانع حقيقي لآلة الزمن، فهي تكون موجودة فحسب، وأيضا يمكن أن تشمل الحلقة السببية المعلومات، فمثلا بإمكاننا تخيل مسافرة عبر الزمن تقوم بشرح نظرية السفر عبر الزمن لذاتها الأصغر سنا، ويكون هذا سببا في معرفة المسافرة بالنظرية عندما تكبر وتعود إلى الماضي لشرحها لذاتها الأصغر سنا، وكذلك قد تكون الحلقات السببية تتعلق بالأفعال، فمثلا بإمكاننا تخيل مسافر عبر الزمن يزور ذاته الأصغر سنا، وعندما يقابل ذاته الأصغر سنا يتذكر فجأة بوضوح لكمة كان تلقاها على أنفه من زائر غريب، ويدرك عندها أن هذا حصل في هذه المقابلة، ومن ثم يهم بلكم ذاته الأصغر سنا. لماذا قام بذلك؟ لأنه كان يعلم أن اللكمة ستحصل ولهذا أحس بأن عليه توجيهها لذاته الأصغر سنا، ولكنه فقط كان يعلم بما سيحصل لأنه في الواقع هو من فعله.
قد يعتقد أحدهم باستحالة وجود الحلقات السببية، وبالتالي باستحالة السفر عبر الزمن إلى الماضي إذا كان يستدعي حلقات سببية. هناك أمران يجب التطرق لهما هنا، أولا هل يستدعي السفر عبر الزمن إلى الماضي على حلقات سببية؟ يطرح لويس (1976، 148) سؤالا حول ما إذا كان السفر عبر الزمن إلى الماضي دائما ما ينطوي على حلقات سببية، ويجيب على هذا السؤال بقوله ببساطة “لست متأكدا”، يجيب ميلور (1998، 131) على هذا السؤال بنعم، بينما يدافع هانلي (2004، 130) عن الإجابة بلا عبر تخيل سيناريو سفر عبر الزمن ينطوي على كل من السفر عبر الزمن إلى الماضي والسببية المعكوسة، ولكنه لا ينطوي على حلقات سببية. ينتقد مونتون (2009) سيناريو هانلي، ولكنه أيضا يجيب على السؤال بلا، وذلك من خلال تقديم أمثلة مضادة مختلفة.
السؤال الثاني الذي ينبغي التطرق له هو ما إذا كانت الحلقات السببية مستحيلة أو يمكن الاعتراض على وجودها بطريقة ما. أحد الاعتراضات يقول أن الحلقات السببية غير قابلة للتفسير، وهناك ردان رئيسان على هذا الاعتراض، يتفق الرد الأول أن مفهوم الحلقات السببية غير قابل للتفسير، ولكنه ينكر أن تكون هذه مشكلة، فلويس (1976، 149) يتفق مع كون مفهوم الحلقة السببية غير قابل للتفسير، ولكنه يقول أن هذا التفسير أشبه بتفسير الانفجار الكبير أو التحلل الإشعاعي لذرة التريتيوم، أي أن التفسير غريب ولكنه ليس مستحيلا، وفي نفس السياق يدّعي ماير (2012، 263) بأنه إذا طلب أحدهم تفسيرا للحلقة السببية ككل، فإن “اللوم سوف يقع على الشخص الذي طرح السؤال وليس على عجزنا على الإجابة”. أما الرد الثاني (Hanley, 2004, §5) هو إنكار أن كافة الحلقات السببية غير قابلة للتفسير. اعتراض ثان يوجه للحلقات السببية كما يقول ميلور (1998، الفصل 12) هو أن احتمالية حصول الأحداث في الحلقة السببية لا تتوافق مع عدد مرات حصول هذه الأحداث وفقا لقانون الأعداد الكبيرة، ويحاجج كل من بيركوفيتز (2001) و دوي (2001) أن اعتراض ميلور يفشل في إثبات استحالة وجود الحلقات السببية.
-
الزمن والتغير
يمكننا اعتبار أن غودل (1949 [1990a]) هو أول من أسس للأدبيات المعاصرة في موضوع السفر عبر الزمن في كل من الفلسفة والفيزياء، حيث أنه قدم نماذج لنظرية أينشتاين النسبية العامة تحوي على منحنيات زمنية مغلقة، ويناقش غودل في ورقة بحثية مصاحبة تبعات النتائج التي توصل إليها على مواضيع عامة في فلسفة الزمن (Gödel 1949a [1990b])، وركزت أدبيات السفر عبر الزمن طيلة الخمسين عاما التي تلت ذلك بشكل كبير على الاعتراضات على إمكانية (أو احتمالية) السفر عبر الزمن، لكن مؤخرا تجدد الاهتمام بالصلات التي تربط بين السفر عبر الزمن ومواضيع عامة في ميتافيزيقا الزمن والتغير، ونتطرق لبعض هذه المواضيع في هذا القسم.
بداية علينا توضيح بعض المواقف الميتافيزيقية قبل أن نناقش علاقاتها مع مفهوم السفر عبر الزمن، فلنتدبر هذين السؤالين:
-
هل الماضي، والحاضر، والمستقبل حقيقيون بذات الدرجة؟
-
هل هناك من تدفق موضوعي أو مرور للزمن، وهل هناك حاضر موضوعي؟
بإمكاننا تسمية بعض المواقف الميتافيزيقية بناء على إجابتنا على السؤال الأول، ” فالأبدية” موقف يعتبر أن كلا من الزمن الماضي والمستقبل بما يحويان من أشياء وأحداث حقيقيان كالحاضر تماما، بينما تعد “الآنية” الموقف الذي يعتبر أن الزمن الحاضر بما يحويه من أشياء وأحداث هو فقط الحقيقي، وأما “الآنية والماضوية” فهي الموقف الذي يعتبر أن الماضي والحاضر حقيقيان أما المستقبل فلا.
بإمكاننا أيضا تسمية بعض المواقف بناء على إجابتنا على السؤال الثاني، “فنظرية – أ” تجيب بنعم، أي أن الزمن يسري والأحداث تنقسم إلى ماضي (قبل الآن)، وحاضر (الآن)، ومستقبل (بعد الآن)، وجميعها سمات موضوعية للواقع، وليست مجرد سمات لإدراكنا، فتدفق الزمن الموضوعي ينبثق من حركة اللحظة الآنية الموضوعية في الزمن من الماضي نحو المستقبل، بينما تنفي النظرية-ب ذلك لتقول أنه بالرغم من أننا نختبر اللحظة الآنية بشكل مختلف عن الماضي والمستقبل، ونختبر تدفق الزمن، إلا أن النظرية – ب تنفي أن يكون هذا عائدا لملاحظتنا سماتا موضوعية للواقع بشكل يعكس هذه السمات بشكل دقيق، فتدفق الزمن واللحظة الآنية ليستا سمتين موضوعيتين للواقع، بل هما محض سمتين لإدراكنا، وعبر دمج إجابتينا على كلا السؤالين فإنه يمكننا الوصول إلى هذه النظريات في ميتافيزيقا الزمن:
-
نظرية كون الكتلة: الأبدية + النظرية – ب
-
نظرية بقعة الضوء المتحركة: الأبدية + النظرية – أ
-
النظرية الحاضرية: الآنية + النظرية – أ
-
نظرية الكتلة المتزايدة: الآنية والماضوية + النظرية- أ
كانت هذه بعض النظريات حول الزمن بحد ذاته، والآن سنستعرض بعض النظريات حول الأشياء الزمنية، أي الأشياء التي توجد في الزمن وتتغير خلاله، تعتبر نظرية الأبعاد الثلاثة أن الأشخاص، والطاولات، والأشياء الزمنية الأخرى هي كيانات ثلاثية الأبعاد وبحسب هذه النظرية فإنك عندما تنظر في المرآة فإنك ترى شخصا كاملا، وإذا كررت النظر غدا فإنك سترى شخصا كاملا مرة أخرى، أي أنه وفقا لهذه النظرية؛ يحضر الأشخاص وتأتي الأشياء الزمنية الأخرى بشكل كامل في اللحظة التي يكونون موجودين فيها، بينما ترى نظرية الأبعاد الأربعة أن الأشخاص، والطاولات، وغيرها من الأشياء الزمنية كيانات رباعية الأبعاد، تمتد في ثلاثة أبعاد مكانية وبعد زمني واحد، ووفقا لهذه النظرية، فإنك ما تراه في المرآة ليس شخصا كاملا بل مجرد جزء زمني ثلاثي الأبعاد لهذا الشخص (أي أنت)، وغدا عندما تنظر في المرآة مرة أخرى فإنك سترى جزء زمنيا مختلفا.
فلنفترض أن شيئا يدوم عبر الزمن إذا كان موجودا في لحظة ما، وبقي موجودا حين تحين لحظة أخرى، يتفق مناصرو نظرية الأبعاد الثلاثة ومناصرو نظرية الأبعاد الأربعة أن بعض الأشياء تدوم عبر الزمن، ولكنهم يختلفون في كيفية هذه الديمومة، وفقا لمناصري نظرية الأبعاد الثلاثة فإن الأشياء تدوم عبر الثبات الزمني، أي أن الأشياء تدوم من اللحظة ز1 حتى اللحظة ز2؛ لأنها تكون حاضرة بشكل كلي في كل من ز1 و ز2 وفي كل لحظة بينهما، بينما يقول مناصرو نظرية الأبعاد الأربعة أن الأشياء تدوم عبر الامتداد الزمني، أي أن الأشياء تدوم من اللحظة ز1 حت اللحظة ز2 عندما تمتلك أجزاء زمنية في كل من ز1 و ز2 وفي كل لحظة بينهما. عادة ما يتم الجمع بين نظرية الأبعاد الثلاثة والحاضرية، والجمع بين نظرية الأبعاد الأربعة ونظرية كون الكتلة، ولكن تبقى هناك بالطبع إمكانية للجمع بين مواقف أخرى.
-
4.1 السفر عبر الزمن والزمن
يدّعي غودل (1949 [1990a]) أن احتمالية السفر عبر الزمن- بشكل أدق وجود حلول لمعادلات الفراغ لنظرية النسبية العامة تحوي منحنيات زمنية مغلقة- تقودنا إلى تبني النظرية- ب، أي بمعنى آخر اعتبار أنه لا وجود لأي تدفق موضوعي للزمن أو حاضر موضوعي، يبدأ غودل باستعراض حجة تقودنا من نظرية النسبية الخاصة إلى النظرية- ب، فمبدأ التزامن يغدو نسبيا في النسبية الخاصة حيث لا مجال لوجود تتابع موضوعي للحاضر، ومن ثم يلفت النظر أن هذه الحجة تتداعى في سياق نظرية النسبية العامة؛ لأن المادة في نماذج النسبية العامة تسمح بوجود مفهوم موضوعي للحاضر، يقترح غول بعدها نموذجا بديلا (Gödel 1949a [1990b) حيث لا يكون مفهوم التتابع الموضوعي للحاضر ممكن الوجود، وهذا هو ذات النموذج الذي يحوي منحنيات زمنية مغلقة.
كما يتناول أخيرا قضية كيفية استنتاجنا بعدم وجود تدفق موضوعي للزمن في كوننا انطلاقا من وجود محض كون محتمل لا وجود فيه لسلسة من لحظات الحاضر الموضوعية، وكان رده الرئيسي أنه في حين أنه لن يكون هناك تعارض واضح إذا افترضنا أن وجود تدفق موضوعي للزمن يعتمد على ترتيب المادة المعين والطارئ وحركتها في العالم، إلا أن هذا الافتراض -وعلى الرغم من ذلك- سيكون غير مرضٍ. وكانت الردود على اعتراض غودل من نوعين رئيسيين، فالبعض اعترض على فكرة عدم وجود تدفق موضوعي للزمن في نموذج غودل الزمني (من الأمثلة على ذلك (Savitt, 2005)، انظر أيضًا: (Savitt, 2005, 1994))، بينما اعترض آخرون على محاولة غودل الربط بين النتائج التي خلص إليها في نموذجه الزمني وتبنيها في كوننا الحقيقي(Earman 1995, 197–200)؛ للاطلاع على رد جزئي على إيرمان، انظر بيلوت (2005, §3.4).
كما قلنا فإن البعض اعترض على فكرة عدم وجود تدفق موضوعي للزمن في نموذج غودل، ولقد سبق أن طرحنا سؤالين:
-
هل الماضي والحاضر والمستقبل حقيقيون بذات القدر؟
-
هل هناك تدفق موضوعي أو مرور للزمن، وهل هناك حاضر موضوعي؟
ترتبط حجة غودل بالسؤال الثاني، لكن فلنركز الآن على السؤال الأول، حيث يكتب غودفري سميث (1980, 72) بأن “البناء الميتافيزيقي الذي يرتكز عليه مفهوم السفر عبر الزمن هو ذاته نموذج كون الكتلة (أي الأبدية كما سبق ووصفناها في هذا المدخل)، وفي هذا النموذج يكون العالم ممتدا في الزمان كما في المكان”، ويرد هاريسون (1980, 67) في ورقته حول مشكلة التحليل – تلك المشكلة التي تعد ورقة غودفري سميث ردا عليها – أنه يحبذ حجة تؤيد هذا الطرح (كون الكتلة)، وهذه هي الحجة:
إن من الشروط الأساسية لإمكانية السفر عبر الزمن أن تكون وجهة الرحلة موجودة بالفعل، وهذا يعني أنه إذا أردنا السفر إلى الماضي أو المستقبل فإنه يتعين على الماضي أو المستقبل أن يكونا حقيقيين إلى حد ما. (Grey, 1999, 56)
يرد دوي (2000, 442–5) بأنه لا يتعين على الوجهة أن تكون موجودة في لحظة انطلاق الرحلة، بل يتعين عليها الوجود فقط في لحظة الوصول، وهذا يتوافق مع النظريات غير الأبدية، بينما يحاجج كيلر و نيلسون (2001, 338) بأن السفر عبر الزمن متوافق مع نظرية الحاضرية،
فالسفر رباعي الأبعاد (أي الأبدي، وفقًا المصطلح الذي استخدمناه في هذا المدخل) عبر الزمن يتحقق عندما تحصل أحداث مناسبة في أوقات مناسبة، على سبيل المثال أحداث يركب فيها أشخاص آلات الزمن ويختفون، ومن ثم يعاودون الظهور مع ذاكرة تشمل ذكرى ركوب آلة الزمن وما إلى ذلك. لكن يمكن لمناصري نظرية الحاضرية أن يفترضوا ذات النمط من الأحداث التي تحصل في الوقت نفسه، أو على الأقل من الممكن أن يشمل النموذج الحاضري أحداثا ستحصل، أو حصلت، أو تحصل الآن، في الأوقات المناسبة، وإذا كان يكفي للسفر رباعي الأبعاد عبر الزمن أن تختفي “جينيفر” عام 2054، ومن ثم تعاود الظهور عام 1985 مع ذكريات مناسبة عن رحلتها، فإذن لماذا لا يكون من الكافي للسفر الحاضري عبر الزمن أن جينيفر سوف تختفي عام 2054، بعد أن ظهرت بالفعل عام 1985 حاملة ذكريات مناسبة عن رحلتها.
يرد سايدر (2005) أنه لا تزال هناك مشكلة في مواءمة نظرية الحاضرية مع مفهوم السفر عبر الزمن كما يضعه لويس؛ لأن مفهوم لويس يتطلب أن يكون هناك تشابه بين مفهومي الزمن الشخصي للمسافر والزمن الخارجي، لكن مثل هذا التشابه غير ممكن وفقا لنظرية الحاضرية. للاطلاع أكثر على المناظرة حول ما إذا كانت الحاضرية – وغيرها من أشكال النظرية-أ – تتوافق مع مفهوم السفر عبر الزمن، انظر مونتون (2003)، و دانيلز (2012)، و هول (2014) لحجج تؤيد التوافق، وانظر ميلر (2005)، و سليتر (2005)، وميلر (2008)، و هيلز (2010) لحجج تؤيد عدم التوافق.
-
4.2 السفر عبر الزمن والتغير
وفقًا لقانون ليبنز فإنه إذا كان س = ص (أي أن س و ص متطابقان- لكلاهما ذات الكيان)، وأيضا يتمتع كل من س وص بنفس الخواص تماما، يكون حينها على ما يبدو تضاد بين مبادئ المنطق وبين حقيقة أن الأشياء تتغير. إذا كان” بيل” نحيفا في أحد الأوقات وسمينا في وقت آخر، فإنه يبقى الشخص نفسه، ولكن هذا يطرح إشكالية أن ذات الشخص (بيل) يتمتع بخاصية النحافة ولا يتمتع بها في آن معا. يرد مناصرو نظرية الأبعاد الثلاثة ونظرية الأبعاد الأربعة على هذه المشكلة عبر طرق مختلفة، فوفقا لمناصري نظرية الأبعاد الأربعة ليس بيل (الكيان رباعي الأبعاد) هو الذي يتسم بالنحافة، وإنما أجزاء زمنية معينة من بيل، وفي المقابل هناك أيضا أجزاء زمنية أخرى لا تتسم بالنحافة، إذن لا وجود لكيان واحد يتسم بالنحافة ولا يتسم بها في آن معا. بالنسبة لمناصري نظرية الأبعاد الثلاثة فإن هناك عدة خيارات بإمكانهم اتباعها، أحدها هو إنكار وجود خواص بحتة مثل “النحافة”، بل هناك فقط خواص بالنسبة لزمن معين، كقولنا “نحيف في اللحظة الزمنية ز”، وفي تلك الحالة فإن بيل في اللحظة ز1 وبيل في اللحظة ز2 يكونان نفس الكيان، وبيل يكون حاضرا بشكل كامل في كلا اللحظتين، ولا وجود لأي خاصية واحدة يتسم بها هذا الكيان ولا يتسم بها في آن معا، بل يتسم بيل بخاصية “النحافة في اللحظة ز1” بينما لا يتسم بخاصية “النحافة في اللحظة ز2”.
فلنفترض أن مسافرا عبر الزمن يقابل ذاته الأصغر سنا في اللحظة الزمنية ز، ولنفترض أن المسافر ليس نحيفا على عكس ذاته الأصغر سنا. يستطيع مناصرو نظرية الأبعاد الأربعة التعامل مع هذا السيناريو بكل سهولة، فكما في المثال السابق فإن لدينا جزئين مختلفين ثلاثيي الأبعاد لنفس الكيان رباعي الأبعاد، وأحد هذين الجزئين يتسم بخاصية “النحافة” بينما الآخر لا يتسم بها. في المقابل يواجه مناصرو نظرية الأبعاد الثلاثة مشكلة؛ لأنه حتى إذا قمنا باعتبار الخواص نسبية إلى الزمن، فإنه لا يزال هناك تعارض من حيث أن المسافر عبر الزمن “بن” يتسم بخاصية “النحافة في اللحظة ز” ولا يتسم بها في آن معا. توجد هناك عدة خيارات متوفرة لمناصري نظرية الأبعاد الثلاثة للتعامل مع هذا الإشكال، أحد الخيارات هو اعتبار الخواص نسبية ليس إلى الزمن الخارجي ولكن للأزمنة الشخصية للمسافرين عبر الزمن (Horwich, 1975, 434–5)، وهناك خيار آخر ذلك يتمثل باعتبار الخواص نسبية إلى المواقع المكانية بالإضافة إلى اللحظات الزمنية (أو ببساطة نسبية إلى نقاط الزمكان). ينتقد سايدر (2001, 101–6) كلا الخيارين (كما ينتقد خيارات أخرى كذلك)، ويستنتج أن السفر عبر الزمن غير متوافق مع نظرية الأبعاد الثلاثة، بينما يرد ماركوزيان (2004) على حجة سايدر، وترد ميلر (2006) كذلك على سايدر بحجة أن السفر عبر الزمن متوافق مع نظرية الثبات. يسعى غيلمور (2007) إلى إضعاف الحجة ضد نظرية الثبات عبر بناء حجج مماثلة ضد نظرية الامتداد الزمني، ويحدد سايمون (2005) عدة ثغرات في حجج سايدر، ولكنه يقدم حججا مختلفة تصل إلى نفس النتيجة. أخيرا، يقدّم آخرون (Effingham and Robson 2007) (Benovsky, 2011) كذلك حججا جديدة تصل إلى ذات النتيجة.
-
أين هم المسافرون عبر الزمن؟
رأينا حججًا تصل إلى نتيجة أن السفر عبر الزمن أمر مستحيل، أو غير محتمل ولا يمكن تفسيره، وإليكم حجة أخرى تهدف لإثبات أن السفر عبر الزمن إلى الماضي لن يحدث مستقبلا، فإذا كان السفر عبر الزمن سيحدث في أي وقت، لكنا رأينا بالفعل المسافرين عبر الزمن، لكننا لم نر أيًا منهم. هذه الحجة ضعيفة، ففي البداية ربما لا يكون بإمكاننا النفي بشكل قاطع أن يكون مسافرون عبر الزمن قد زاروا الأرض بالفعل، ولكن حتى مع التسليم بأنهم لم يفعلوا ذلك، فإن هذا لا يزال متوافقًا مع الإمكانية المستقبلية لـ السفر عبر الزمن إلى الماضي، فأولا قد يكون السفر عبر الزمن مكلفًا للغاية أو صعبًا أو خطيرًا أو لسبب آخر نادر جدًا، وعندما تتوفر التقنية فإنه قد لا تكون الفترة الحالية من التاريخ مثيرة للاهتمام بشكل يجعلها على قائمة أولويات المسافرين عبر الزمن، وثانيًا قد تحتوي – وبالفعل المقترحات الموجودة في أدبيات الفيزياء تحتوي على هذا المفهوم – السفر عبر الزمن إلى الوراء يعمل من خلال إنشاء منحنى زماني مغلق يقع بالكامل في المستقبل، أي يصبح السفر عبر الزمن إلى الماضي في هذه الحالة ممكنًا بعد إنشاء منحنيات زمانية مغلقة، لكن السفر إلى زمن أبكر من الزمن الذي تم فيه إنشاء المنحنى الزماني المغلق يكون غير ممكنا.
المراجع (السفر عبر الزمن)
- Adams, Robert Merrihew, 1997, “Thisness and time travel”, Philosophia, 25: 407–15.
- Arntzenius, Frank, 2006, “Time travel: Double your fun”, Philosophy Compass, 1: 599–616. doi:10.1111/j.1747-9991.2006.00045.x
- Asimov, Isaac, 1995 [2003], Gold: The Final Science Fiction Collection, New York: Harper Collins.
- Baron, Sam and Colyvan, Mark, 2016, “Time enough for explanation”, Journal of Philosophy, 113: 61–88.
- Belot, Gordon, 2005, “Dust, time and symmetry”, British Journal for the Philosophy of Science, 56: 255–91.
- Benovsky, Jiri, 2011, “Endurance and time travel”, Kriterion, 24: 65–72.
- Berkovitz, Joseph, 2001, “On chance in causal loops”, Mind, 110: 1–23.
- Black, Max, 1956, “Why cannot an effect precede its cause?”, Analysis, 16: 49–58.
- Brier, Bob, 1973, “Magicians, alarm clocks, and backward causation”, Southern Journal of Philosophy, 11: 359–64.
- Carlson, Erik, 2005, “A new time travel paradox resolved”, Philosophia, 33: 263–73.
- Carroll, John W., 2010, “Context, conditionals, fatalism, time travel, and freedom”, in Time and Identity, Joseph Keim Campbell, Michael O’Rourke, and Harry S. Silverstein, eds., Cambridge MA: MIT Press, 79–93.
- Craig, William L., 1997, “Adams on actualism and presentism”, Philosophia, 25: 401–5.
- Daniels, Paul R., 2012, “Back to the present: Defending presentist time travel”, Disputatio, 4: 469–84.
- Deutsch, David and Lockwood, Michael, 1994, “The quantum physics of time travel”, Scientific American, 270(3): 50–6.
- Dowe, Phil, 2000, “The case for time travel”, Philosophy, 75: 441–51.
- –––, 2001, “Causal loops and the independence of causal facts”, Philosophy of Science, 68: S89–S97.
- –––, 2003, “The coincidences of time travel”, Philosophy of Science, 70: 574–89.
- Dummett, Michael, 1964, “Bringing about the past”, Philosophical Review, 73: 338–59.
- Dwyer, Larry, 1977, “How to affect, but not change, the past”, Southern Journal of Philosophy, 15: 383–5.
- Earman, John, 1995, Bangs, Crunches, Whimpers, and Shrieks: Singularities and Acausalities in Relativistic Spacetimes, New York: Oxford University Press.
- Effingham, Nikk and Robson, Jon, 2007, “A mereological challenge to endurantism”, Australasian Journal of Philosophy, 85: 633–40.
- Ehring, Douglas, 1997, “Personal identity and time travel”, Philosophical Studies, 52: 427–33.
- Fulmer, Gilbert, 1980, “Understanding time travel”, Southwestern Journal of Philosophy, 11: 151–6.
- Gilmore, Cody, 2007, “Time travel, coinciding objects, and persistence”, in Oxford Studies in Metaphysics, Dean W. Zimmerman, ed., Oxford: Clarendon Press, vol. 3, 177–98.
- Goddu, G.C., 2003, “Time travel and changing the past (or how to kill yourself and live to tell the tale)”, Ratio, 16: 16–32.
- –––, 2007, “Banana peels and time travel”, Dialectica, 61: 559–72.
- Gödel, Kurt, 1949 [1990a], “An example of a new type of cosmological solutions of Einstein’s field equations of gravitation”, in Kurt Gödel: Collected Works (Volume II), Solomon Feferman, et al. (eds.), New York: Oxford University Press, 190–8; originally published in Reviews of Modern Physics, 21 (1949): 447–450.
- –––, 1949a [1990b], “A remark about the relationship between relativity theory and idealistic philosophy”, in Kurt Gödel: Collected Works (Volume II), Solomon Feferman, et al. (eds.), New York: Oxford University Press, 202–7; originally published in P. Schilpp (ed.), Albert Einstein: Philosopher-Scientist, La Salle: Open Court, 1949, 555–562.
- Godfrey-Smith, William, 1980, “Travelling in time”, Analysis, 40: 72–3.
- Gorovitz, Samuel, 1964, “Leaving the past alone”, Philosophical Review, 73: 360–71.
- Grey, William, 1999, “Troubles with time travel”, Philosophy, 74: 55–70.
- Hafele, J. C. and Keating, Richard E., 1972a, “Around-the-world atomic clocks: Observed relativistic time gains”, Science, 177: 168–70.
- –––, 1972b, “Around-the-world atomic clocks: Predicted relativistic time gains”, Science, 177: 166–8.
- Hales, Steven D., 2010, “No time travel for presentists”, Logos & Episteme, 1: 353–60.
- Hall, Thomas, 2014, “In Defense of the Compossibility of Presentism and Time Travel”, Logos & Episteme, 2: 141–59.
- Hanley, Richard, 2004, “No end in sight: Causal loops in philosophy, physics and fiction”, Synthese, 141: 123–52.
- Harrison, Jonathan, 1980, “Report on analysis ‘problem’ 18”, Analysis, 40: 65–9.
- Hawking, S.W., 1992, “Chronology protection conjecture”, Physical Review D, 46: 603–11.
- Holt, Dennis Charles, 1981, “Time travel: The time discrepancy paradox”, Philosophical Investigations, 4: 1–16.
- Horacek, David, 2005, “Time travel in indeterministic worlds”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 423–36.
- Horwich, Paul, 1975, “On some alleged paradoxes of time travel”, Journal of Philosophy, 72: 432–44.
- –––, 1987, Asymmetries in Time: Problems in the Philosophy of Science, Cambridge MA: MIT Press.
- Ismael, J., 2003, “Closed causal loops and the bilking argument”, Synthese, 136: 305–20.
- Keller, Simon and Nelson, Michael, 2001, “Presentists should believe in time-travel”, Australasian Journal of Philosophy, 79: 333–45.
- Kiourti, Ira, 2008, “Killing baby Suzy”, Philosophical Studies, 139: 343–52.
- Le Poidevin, Robin, 2003, Travels in Four Dimensions: The Enigmas of Space and Time, Oxford: Oxford University Press.
- –––, 2005, “The Cheshire Cat problem and other spatial obstacles to backwards time travel”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 336–52.
- Lewis, David, 1976, “The paradoxes of time travel”, American Philosophical Quarterly, 13: 145–52.
- Loss, Roberto, 2015, “How to Change the Past in One-Dimensional Time”, Pacific Philosophical Quarterly, 96: 1–11.
- Luminet, Jean-Pierre, 2011, “Time, topology, and the twin paradox”, in The Oxford Handbook of Philosophy of Time, Craig Callender (ed.), Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/oxfordhb/9780199298204.003.0018
- Markosian, Ned, 2004, “Two arguments from Sider’s Four-Dimensionalism”, Philosophy and Phenomenological Research, 68: 665–73.
- Maudlin, Tim, 2012, Philosophy of Physics: Space and Time, Princeton: Princeton University Press.
- Meiland, Jack W., 1974, “A two-dimensional passage model of time for time travel”, Philosophical Studies, 26: 153–73.
- Mellor, D.H., 1998, Real Time II, London: Routledge.
- Meyer, Ulrich, 2012, “Explaining causal loops”, Analysis, 72: 259–64.
- Miller, Kristie, 2005, “Time travel and the open future”, Disputatio, 1: 223–32.
- –––, 2006, “Travelling in time: How to wholly exist in two places at the same time”, Canadian Journal of Philosophy, 36: 309–34.
- –––, 2008, “Backwards causation, time, and the open future”, Metaphysica, 9: 173–91.
- Monton, Bradley, 2003, “Presentists can believe in closed timelike curves”, Analysis, 63: 199–202.
- –––, 2009, “Time travel without causal loops”, Philosophical Quarterly, 59: 54–67.
- Nerlich, Graham, 1981, “Can time be finite?”, Pacific Philosophical Quarterly, 62: 227–39.
- Ney, S.E., 2000, “Are grandfathers an endangered species?”, Journal of Philosophical Research, 25: 311–21.
- Price, Huw, 1996, Time’s Arrow & Archimedes’ Point: New Directions for the Physics of Time, New York: Oxford University Press.
- Putnam, Hilary, 1975, “It ain’t necessarily so”, in Mathematics, Matter and Method, Cambridge: Cambridge University Press, vol. 1 of Philosophical Papers, 237–49.
- Reinganum, Marc R., 1986, “Is time travel impossible? A financial proof”, Journal of Portfolio Management, 13: 10–2.
- Riggs, Peter J., 1991, “A critique of Mellor’s argument against ‘backwards’ causation”, British Journal for the Philosophy of Science, 42: 75–86.
- –––, 1997, “The principal paradox of time travel”, Ratio, 10: 48–64.
- Savitt, Steven, 1994, “The replacement of time”, Australasian Journal of Philosophy, 74: 463–73.
- –––, 2005, “Time travel and becoming”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 413–22.
- Sider, Theodore, 2001, Four-Dimensionalism: An Ontology of Persistence and Time, Oxford: Clarendon Press.
- –––, 2002, “Time travel, coincidences and counterfactuals”, Philosophical Studies, 110: 115–38.
- –––, 2004, “Replies to Gallois, Hirsch and Markosian”, Philosophy and Phenomenological Research, 68: 674–87.
- –––, 2005, “Traveling in A- and B- time”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 329–35.
- Simon, Jonathan, 2005, “Is time travel a problem for the three-dimensionalist?”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 353–61.
- Slater, Matthew H., 2005, “The necessity of time travel (on pain of indeterminacy)”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 362–9.
- Smart, J.J.C., 1963, “Is time travel possible?”, Journal of Philosophy, 60: 237–41.
- Smeenk, Chris and Wüthrich, Christian, 2011, “Time travel and time machines”, in The Oxford Handbook of Philosophy of Time, Craig Callender (ed.), Oxford: Oxford University Press, online ed. doi:10.1093/oxfordhb/9780199298204.003.0021
- Smith, Joseph Wayne, 1985, “Time travel and backward causation”, Cogito, 3: 57–67.
- Smith, Nicholas J.J., 1997, “Bananas enough for time travel?”, British Journal for the Philosophy of Science, 48: 363–89.
- –––, 1998, “The problems of backward time travel”, Endeavour, 22(4): 156–8.
- –––, 2004, “Review of Robin Le Poidevin Travels in Four Dimensions: The Enigmas of Space and Time ”, Australasian Journal of Philosophy, 82: 527–30.
- –––, 2005, “Why would time travellers try to kill their younger selves?”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 388–95.
- –––, 2011, “Inconsistency in the A-theory”, Philosophical Studies, 156: 231–47.
- –––, 2015, “Why time travellers (still) cannot change the past”, Revista Portuguesa de Filosofia, 71: 677–94.
- –––, 2017, “I’d do anything to change the past (but I can’t do ‘that’)”, American Philosophical Quarterly, 54: 153–68.
- van Inwagen, Peter, 2010, “Changing the past”, in Oxford Studies in Metaphysics (Volume 5), Dean W. Zimmerman (ed.), Oxford: Oxford University Press, 3–28.
- Vihvelin, Kadri, 1996, “What time travelers cannot do”, Philosophical Studies, 81: 315–30.
- Vranas, Peter B.M., 2005, “Do cry over spilt milk: Possibly you can change the past”, Monist (Special Issue on Time Travel), 88: 370–87.
- –––, 2009, “Can I kill my younger self? Time travel and the retrosuicide paradox”, Pacific Philosophical Quarterly, 90: 520–34.
- –––, 2010, “What time travelers may be able to do”, Philosophical Studies, 150: 115–21.
- Williams, Donald C., 1951, “The myth of passage”, Journal of Philosophy, 48: 457–72.
- Wright, John, 2006, “Personal identity, fission and time travel”, Philosophia, 34: 129–42.
- Yourgrau, Palle, 1999, Gödel Meets Einstein: Time Travel in the Gödel Universe, Chicago: Open Court.
أدوات أكاديمية
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society. |
|
Look up this entry topic at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO). |
|
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database. |
مصادر أخرى على الإنترنت عن السفر عبر الزمن
- Time Travel, entry by Joel Hunter (Truckee Meadows Community College) in the Internet Encyclopedia of Philosophy.
- A Time Travel Website: Exploring the Paradoxes of Time Travel, by John W. Carroll (North Carolina State University).
مداخل ذات صلة بـ السفر عبر الزمن
causation: backward | free will: divine foreknowledge and | identity: over time | temporal parts | time | time machines | time travel: and modern physics
[1] Smith, Nicholas J.J., “Time Travel”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Summer 2019 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/ archives/sum2019/entries/time-travel/>.
[2] هذه القائمة ليست شاملة لكل حالات السفر عبر الزمن.
[3] لمثل هذه السيناريوهات في السفر عبر الزمن، يمكنك الاطلاع على حلقات سلسلة Doctor Who على BBC في منتصف السبعينات الميلادية (the Fourth Doctor years).