مجلة حكمة
الجماليات اليومية - موسوعة ستانفورد للفلسفة

الجماليات اليومية – موسوعة ستانفورد للفلسفة / ترجمة: فيّ السحيباني، مراجعة: محمد الرشودي

 


مدخل حول التاريخ المتأخر لـ الجماليات اليومية وصفاتها، وأهميتها، وتطورتها المستقبلية، يبحث المدخل أنواعًا متعددة من الجماليات كالجماليات السلبية، ويذيب الحد الفاصل ما بين الجمال والحياة؛ نص مترجم لد. يوريكو سايتو، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة على هذا الرابط، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.

 


تنوعت المواضيع التي حظيت بالاهتمام عبر تاريخ الجماليات الغربية ما بين العناصر والظواهر الطبيعية، والهايكل المبنية، والأشياء النفعية، والأفعال الإنسانية، إلى ما يُعدُّ اليوم فنونًا جميلة. إلَّا أنَّه وبدءًا من القرن التاسع عشر، ازداد تركيز على مجال الفنون الجميلة، فظهر هذا الاهتمام الضيق بالرغم من بروز نظرية الموقف الجمالي في الجماليات الحديثة، والتي تقول بعدم وجود حدٍ حقيقي لما يمكن أن يكون مصدرًا لتجربةٍ جمالية. كما شاع الميل لمساواة الجماليات بفلسفة الفن في جماليات القرن العشرين، وتحديدًا في التراث الأنجلو أمريكي.

بدأت التحديات التي واجهت هذا النطاق المحدود للجماليات خلال النصف الأخير من القرن العشرين، متمثلةً باهتمامٍ متجددٍ بالطبيعة والبيئة الذي لحقته دراسة الفن الشعبي. واستمرَّت الجماليات اليومية على مسارٍ واسع النطاق بضمِّها الأشياء والأحداث والأنشطة التي تشكِّل حياة الناس اليومية، إلَّا أنَّه من الأدق وصف هذا التطور الحديث بأنه “ترميم” لنطاق الجماليات عوضًا عن كونه افتتاحًا لمجالٍ جديد.

بالإضافة إلى أنَّ العديد من الثقافات خارج الجانب الغربي من الكرة الأرضية طالما اهتمَّت بجماليات الحياة اليومية، ففي تراث بعض الثقافات كـ الإنويت والنافاهو، أُدمجت الاعتبارات الجمالية في الأنشطة اليومية التي تشمل صنع الأشياء كالأدوات (Papanek 1995; Witherspoon 1996)، وتتخلل الممارسات الجمالية حياة الناس اليومية حتى في ثقافاتٍ أخرى كاليابانية والصينية التي تميزت بصناعة الفن من لوحاتٍ وأدبٍ ومسرحٍ ونحوها. كما أشارت إحدى نتائج أحد دراسات الجماليات المقارنة إلى أنَّ جماليات الحياة اليومية قد أُعطيت أهمية أكبر في العديد من الثقافات غير الغربية أكثر مما أُعطيت في الغرب (Higgins 2005).

وعليه فإنَّه يجب وضع المنظور الذي يرى بكون الجماليات اليومية ميدان جمالياتٍ جديد في سياق جماليات أواخر القرن العشرين الأنجلو أمريكية، أيّْ أنَّ الجماليين أسسوها ردًّا على ما عدُّوه تقييدًا مفرطًا لنطاق الجماليات، فتهدف الجماليات اليومية إلى إعطاء حياة الناس الجمالية متعددة الجوانب الاهتمام المستحق، بما في ذلك من مكونات الحياة اليومية المختلفة مثل: المصنوعات اليدوية التي تُستعمل يوميًا، والأعمال المنزلية، والتواصل مع الآخرين، والأنشطة اليومية كتناول الطعام والمشي والاستحمام. وتسعى الجماليات اليومية أيضًا إلى تحرير البحث الجمالي مما يكاد أن يكون تركيزًا مقصورًا على الجمال (وعلى السمو إلى حدٍ ما) الذي يميز الجماليات الغربية الحديثة. كما تضمُّ إلى نطاق اختصاصها تلك الصفات التي تطغى على التجربة اليومية كالجميل واللطيف والفوضوي والمبهرج والحسن الذوق والقذر والحيوي والرتيب، على سبيل المثال لا الحصر، فتتميز تلك العناصر والصفات بوجودها في جميع جوانب حياة الناس اليومية بصرف النظر عن هويتهم، أو مهنتهم، أو أساليب حياتهم، أو حالتهم المادية، أو طبقتهم الاجتماعية، أو خلفيتهم الثقافية، أو إلمامهم بالفن.

تتعدى الجماليات اليومية [مجرد] الاعتناء بمزيد من العناصر والصفات إلى مبحثها، فتطرح المسائل النظرية التي لم تعطها الجماليات الغربية السائدة الاهتمام الكافي، وتشمل تلك المسائل: الهوية غير المحددة لمصدر التجربة الجمالية؛ بسبب عدم وجود إطار مُتفق عليه مؤسسيًا، والتغيرات والتعديلات التي تطرأ على الأشياء اليومية، وعموم مجهولية المصمم والمبدع، وعدم وجود أي مؤلف أصلي واضح للأشياء اليومية، وكذلك التفاعلات الجسدية مع الأشياء والأنشطة ونتائجها العملية، بالإضافة إلى عدم وجود معايير ملموسة للأحكام الجمالية، فتتحدى الجماليات اليومية الافتراضات الراسخة التي يقوم عليها مجال الجماليات المتمحورة حول الفن بطرح تلك المسائل. إلَّا أنَّ مؤيدي الجماليات اليومية لا يعرضون هذه التحديات بوصفها طريقةً لإبطال صلاحية مجال الجماليات الموجود، بل تُعنى بتسليط ضوءٍ جديد على المجال السائد. وكما تقدم أشكال الفن الحديثة صفات وقيم تثري عالم الفن، ولم تكن قد وضعت بعين الاعتبار من قبل، كما ذكر آرثر دانتو (Arthur Danto)؛ فإنَّ الجماليات اليومية تعرض المساعدة في تطوير مجال الجماليات ككل بإضافة ميادين بحث جديدة. وبناءً على ذلك؛ ستركز مقالة الجماليات اليومية التالية على تلك المسائل المطروحة لإلقاء الضوء على مجال الجماليات السائد في الفلسفة الغربية المعاصرة وتحدِّيه.

 

 

  1. التاريخ المتأخر

  2. «الجمالي» و«اليومي» في الجماليات اليومية

  3. تجديد المألوف

  4. الجماليات السلبية

  5. صفات الجماليات اليومية

  6. الجماليات المحيطة والجماليات الاجتماعية

  7. الجماليات ذات التوجه الفعلي

  8. إذابة الحد الفاصل ما بين الفن والحياة

  9. أهمية الجماليات اليومية

  10. تطورات حديثة ومستقبلية

  • قائمة المراجع

  • أدوات أكاديمية

  • مصادر أخرى على الإنترنت

  • مداخل ذات صلة


  1. التاريخ المتأخر

بدأت الجهود لتوسعة مجال الجماليات مع تأسيس الجماليات البيئية ليتعدى الفنون الجميلة في النصف الأخير من القرن العشرين. ويستلهم معظم كتاب الجماليات اليومية أفكارهم من عمل جون ديوي «الفن كتجربة» الذي نُشر لأول مرة عام ١٩٣٤، كما يوضح طرحه «المرور بتجربة» تحديدًا أنَّ التجربة الجمالية ممكنة في جميع مجالات حياة الناس اليومية، ابتداءً من تناول وجبةٍ، أو حل مسألةٍ رياضية، وانتهاءً بمقابلة عمل، فعن طريق وضع «الجمالي» في عنصر التجربة عوضًا عن وضعه في نوعٍ محدد من الأشياء أو الأحوال؛ مهَّد ديوي الطريق لمؤيدي الجماليات اليومية ليبحثوا في شتى مجالات حيوات الناس الجمالية بلا حدود مرسومة مسبقًا.

إذا كان يمكن النظر إلى جماليات ديوي على أنَّها عمل كلاسيكي في مجال الجماليات اليومية ، فإنَّه يمكننا أن ننظر إلى أعمال أرنولد بيرلينت (Arnold Berleant) المبكرة في مجال الجماليات والتفاعل بالطريقة نفسها، فبالرغم من تركيزها على تجربة الفن بدون ذكر مصطلح “الجماليات اليومية” تحديدًا، تقدم أعمال بيرلينت المبكرة نظرة ظواهرية للتجربة الجمالية عن طريق التأكيد على العملية التفاعلية ما بين المُجَرِّب ومصدر التجربة، وينطبق مفهوم «التفاعل» هذا -أنموذجًا للجماليات- على تجربة الفرد لما وراء الفن. وفي الوقع، كانت أعمال بيرلينت عن الجماليات البيئية (طبيعية كانت أم مبنيَّة)، والجماليات الاجتماعية، والجماليات السلبية التي تلت ذلك توَّسع نطاق بحث الجماليات باستمرار.

تشمل الأعمال المبكرة والبارزة الأخرى التي تتناول مسائل الجماليات اليومية -إلى جانب الأعمال عن الجماليات البيئية التي تتناول البيئات المبنيَّة (راجع مقالة الجماليات البيئية)- عمل ملفين رايدر (Melvin Rader) وبيرترام جيسوب (Bertram Jessup) «الفن والقيم الإنسانية» (1976)، وعمل جوزيف كوبفر (Joseph Kupfer) «التجربة كفن: الجماليات في الحياة اليومية» (1983)، وعمل ديفيد نوفيتز (David Novitz) «حدود الفن: بحث فلسفي في منزلة الفن في الحياة اليومية» (1992)، وأعمال توماس ليدي (Thomas Leddy) «صفات الجماليات اليومية السطحية: منظم وفوضوي ونظيف وقذر» (1995)، و «ألقٌ وبريق» (1997)، وعمل فولفجانج ويلش (Wolfgang Welsch) «نقض الجماليات» (1997)، وعمل أوسي نوكارينين (Ossi Naukkarinen) «جماليات ما لا مفر منه: التنوع الجمالي في المظهر الإنساني» (1999)، وأعمال مارسيا إيتون (Marcia Eaton) «الجماليات والحياة الطيبة» (1989)، و«الأهلية، الجماليات والأخلاقيات» (2001).   

ضمَّت المقتطفات الأولى حول هذا الموضوع «جماليات الحياة اليومية» -التي نقحها أندرو لايت (Andrew Light) وجوناثان م. سميث (Jonathan M. Smith) ونُشرت عام ٢٠٠٥- مقالاتٍ عدة، والتي شكلت بمجملها حجر الأساس للأبحاث الحديثة حول الجماليات اليومية ، ومن بين تلك المراجع أعمال أرتو هابالا (Arto Haapala) «عن جماليات اليومي: الأُلفة والغرابة ومعنى المكان»، وتوم ليدي «طبيعة الجماليات اليومية». 

كتبت كاتيا ماندوكي (Katya Mandoki) أول دراسة بعنوان «الجماليات اليومية»، الحقتها بالعنوان الفرعي «المبتذل، ومسرحية الثقافة، والهويات والاجتماعية» ونُشرت عام ٢٠٠٧، فقدمت نقدًا شاملًا لمجال الجماليات الغربية السائد المُثقل بما وصفته «تقديسًا» (fetishes) لما يتعلق بالفن والجمال، بالإضافة إلى تحليل سيميائي مفصل للجماليات في مجالاتٍ تنوعت ما بين الدين والتربية والعائلة والطب، كما نُشر عمل يوريكو سايتو (Yuriko Saito) «الجماليات اليومية» بعد نشر كتاب ماندوكي مباشرةً تقريبًا، ولحق تلك الأعمال عمل توماس ليدي «الاستثنائي فيما هو عادي: جماليات الحياة اليومية» (2012)، فحققت تلك الأعمال مجتمعةً الخطوة الأولى في التطور اللاحق للجماليات اليومية.

تزامنت تلك الأعمال المبكرة مع دراسات ومقتطفات مخصصة لجوانب معينة من الحياة اليومية، كالجماليات الذوقية (Korsmeyer 1999, 2005; Perullo 2016; van der Meulen and Wiese 2017)، والجماليات المنزلية (McCracken 2001)، وجماليات الجسد (Shusterman 1999, 2013; Bhatt 2013; Irvin 2016)، والجمال العملي (Parsons and Carlson 2008)، وجماليات التصميم (Forsey 2013)، والجماليات الشمِّية (Drobnick 2005; Shiner forthcoming)، وكذلك مجموعة من المقالات التي تناقش مفهوم «جعل الشيء فنيًّا» في التطبيق ابتداءً من إدارة الأعمال والتربية وانتهاءً بالعلوم والرياضة (Naukkarinen and Saito, 2012).  

أثارت تلك الأعمال كلها جدالًا حيًّا حول الموضوع في مجلاتٍ مثل «اسثيسيس»، و«المجلة البريطانية للجماليات»، و«الجماليات المعاصرة»، و«اسبس»، و«مجلة الجماليات ونقد الفن»، و«المجلة النوردية للجماليات»، و«أعمال المجتمع الأوروبي في الجماليات»، و«استديو دي ايستيتيكا (المجلة الإيطالية للجماليات)» كأمثلة للمجلات التي تختص بنشر مقالات بالإنجليزية أو تضم بعضها، بالإضافة إلى أنَّه قد نشرت مقتطفات حول الجماليات اليومية حديثًا، وتحديدًا في عدد مجلة «اسثيسيس» المخصص لموضوع «الأشياء اليومية» (2014)، و«تجربة اليومي» (Friberg and Vasquez 2017)، و«الطريق من فلسفة الفن إلى الجماليات اليومية» (Kuisma, et al. 2019). كما أنَّ تلك المقتطفات والمجلات مفيدةٌ خاصةً للقراء الناطقين بالإنجليزية الذين ليست لديهم المقدرة اللغوية على الاستفادة من العديد من أعمال الجماليين الأوروبيين وبعض الدراسات المكتوبة بلغاتهم، ومن بينهم جيويا إيانيلي (Gioia Iannilli)، وجيوفاني ماتيوتشي (Giovanni Matteucci)، ودان يوجين راتيو (Dan Eugen Ratiu)، وإليزابيتا دي ستيفانو (Elisabetta di Stefano)، فمقالاتهم المكتوبة بالإنجليزية التي ضمَّتها تلك المقتطفات والمجلات قيِّمةٌ في إتاحتها أعمالهم المهمة للقراء الناطقين بالإنجليزية.

تضمنت دراسة سايتو الأخيرة «جماليات المألوف: الحياة اليومية وصنع العالم» (2017) نقاشًا شاملًا للجماليات اليابانية كما في عملها «الجماليات اليومية»، إلَّا أنَّ أول بحثٍ واضحٍ متعدد الثقافات في الجماليات اليومية ظهر على شكل مقتطفات «جماليات الحياة اليومية: الشرق والغرب» (2014) نقَّحها ليو يويدي (Liu Yuedi) وكورتيس كارتر (Curtis Carter)، مع عدد من الأعمال حول الجماليات الصينية. وكما هو الحال مع اللغات الأوروبية، تنقص معظم القراء الناطقين بالإنجليزية المقدرة اللغوية على الاستفادة من الكثير من الأعمال حول الجماليات الصينية المكتوبة بالصينية، فتمنح الأوراق البحثية المكتوبة بالإنجليزية التي تضمنتها هذه المقتطفات وغيرها من مقالات المجلات مدخلًا جيدًا لإرثٍ ثري من الجماليات الحية في التراث الصيني الذي يحظى باهتمام متجدد اليوم. وأخيرًا، فإنَّ العديد من المقالات -مع أنها ليست مخصصة للجماليات اليومية- المجموعة في العدد الثالث الخاص من مجلة «الجماليات المعاصرة» (2011) عن الجماليات والفنون في جنوب شرق آسيا، والعدد السادس الخاص من المجلة نفسها (2018) عن الوعي الجمالي في شرق آسيا، و«الرؤى الفنية وحلم الجمال: وجهات نظر عبر الثقافات» (Higgins, et al 2017)؛ كلها تُقدم مصادر قيِّمة للجماليات غير الغربية.  

 

  1. «الجمالي» و«اليومي» في الجماليات اليومية

لم يكن نطاق الجماليات اليومية مُعرَّفًا بوضوح سوى أنَّها تضمُّ كل ما أغفلته الجماليات المتمحورة حول الفن؛ نظرًا لكونها عُرضت في بادئ الأمر كطريقة لتخطي الحدود التي وضعتها الجماليات الغربية الحديثة لما تشمله حياة الناس الجمالية واتخذته موضوعًا لها، إلَّا أنَّه ومع تطور هذا المجال نشأت أسئلةٌ حول ما يمثِّل «الجمالي» و«اليومي» في الجماليات اليومية ، فدعا ضمّ الأحداث الموسمية وحتى النادرة كالحفلات، والمحافل الرياضية، والأعياد، ومراسم الزفاف، والسفر وليس الأنشطة اليومية فحسب كتناول الطعام، والتزيُّن، وارتداء الملابس، والتنظيف إلى التساؤل إذا ما كان ينبغي أن نفهم كلمة «اليومي» حرفيًا.

إنَّ ما يُعد نشاطًا يوميًا لشخصٍ ما، قد يكون حدثًا استثنائيًا لآخرين، فالعمل في المزرعة يمثِّل حياة المزارع اليومية، بينما يعدُّها ساكن المدينة تجربةً نادرةً يسعى لها حين يشارك في جولةٍ تُجسِّد تجربة العمل، كالعمل ليومٍ في حقل عنبٍ على سبيل المثال. كما تحدد بيئات المعيشة المتنوعة ما تضمُّه حياة الناس اليومية، إلى جانب مهنهم وأساليب حياتهم، فقد تكون قيادة السيارة حدثًا نادرًا لأولئك الذين يعيشون في مناطق حضرية مكتظة بالسكان ومزودة بشبكة مواصلاتٍ عامةٍ متطورة، ولأولئك الذين يعيشون في مناطق مختلفة من العالم، بينما هي روتين يومي للكثير ممن يعيشون في الضواحي الأمريكية التقليدية. وأخيرًا فإنَّ حيوات بعض الناس اليومية تشمل أسفارًا مستمرة، كما في حال قائد الأوركسترا المشهور فاليري جرجيف (Valery Gergiev) (Puolakka 2019).

وعليه فإنَّ مفهوم “اليومي” يصبح متعذِّرًا تعذُّرًا ميؤوسًا منه، كما يستحيل الإتيان بقائمة بالأشياء والأنشطة التي تنتمي إليه، إلَّا أنَّه من الممكن الإشارة إلى بعض الأنشطة والأشياء الرئيسة التي تتجاوز الاختلافات الفردية والثقافية كتناول الطعام وارتداء الملابس والتزيُّن والمأوى، والأشياء العملية الأساسية كالملابس والأثاث وأدوات الطعام (Melchionne 2013). وعلى أيّ حال فإنَّ العنصر الأهم لغاية الجماليات اليومية ليس إحصاء الأشياء والأنشطة بل موقفنا المعتاد منها، فنحن غالبًا ما نميل إلى أن نعيش تجربة تلك الأشياء والأنشطة باعتبارات عملية تحجب إمكاناتها الجمالية (Bullough 1912–13; Stolnitz 1969; Ziff 1997)، كما ننظر إلى تلك التجارب عامةً على أنها عادية وشائعة وروتينية، وقد يكون وصفٌ كهذا الطريقة الأمثل للتعبير عن “اليومي”، شاملًا المهن، وأساليب الحياة، وبيئات المعيشة المتنوعة التي ينشأ عنها عناصر مختلفة من الحياة اليومية.

إلَّا أنَّ الكثير من مؤيدي الجماليات اليومية يضمُّون مناسباتٍ نادرة وبارزة وأكثر جمالية إلى نطاقها؛ فعلى سبيل المثال، يُحَمَّلُ الاحتفال بأحد الأعياد بساشر أشكال الاعتبارات الجمالية، ما بين الزينة الداخلية والخارجية، والأطباق الخاصة، والمائدة المنسقة بعناية، والموسيقى الاحتفالية، كذلك يتولَّى الكثير منا تلك الجوانب الجمالية مقدِّمين ومتلقِّين، مانحين الجماليات دورًا رئيسًا في تلك التجارب. وعلى ضوء تلك التجارب المختلفة، يقترح البعض تخصيص تدرجٍ للأشياء والأنشطة المتنوعة، حيث يشير أحد الأطراف إلى أكثر الأشياء والأنشطة يوميةً، والتي تُختبر بعقلية عملية في المقام الأول، ويشير الطرف الأخر إلى تلك الأحداث التي تبرز عن الحياة اليومية، والتي تتميز باهتمامٍ واعٍ بالبعد الجمالي، جاعلةً التجربة أكثر شبهًا بتقدير الفن (Naukkarinen 2013; Leddy 2015).  

وعليه فإنَّ النقاش المتأخر حول مفهوم اليومي يؤكد على العلائقية والتغير (إطار مؤقت يتجاوب مع زمان ومكان محددين) وعمَّا إذا كان يُعنى بمسار حياة فرد (مثل لوحةٍ تصبح جزءًا من الحياة اليومية لشخص ما بعد شرائها وتعليقها على جدار غرفة المعيشة)، أم بتغير اجتماعي عام كتزايد حضور العالم الرقمي اليوم. وبناءً على ذلك؛ لا ينبغي أن نفهم التمييز ما بين العادي/الاستثنائي، والمألوف/غير المألوف، والعَرَضي/الروتيني الذي يطغى على النقاش حول اليومي على أنه ساكن وجامد وثابت (Haapala 2017; Potgieter 2017).  

ليس الجدل حول ما يشكِّل “الجمالي” في الجماليات اليومية محصورًا على هذا المجال، فقد كانت طبيعة الجماليات نقطة خلافٍ دائمة في علم الجماليات ككل، سواءً كان عن الفنون الجميلة، أو الطبيعة، أو الثقافة الشعبية، أو الأشياء والأنشطة اليومية (انظر المقالات حول فكرة الجمالي وجماليات ديوي بالتحديد)، إلَّا أنَّ ثمة نقطتين على الأقل تحملان فائدة وأهمية فيما يتعلق بمفهوم “الجماليات” في الجماليات اليومية ، والأولى هي حالة الأحاسيس الجسدية، حيث يمكن لنا الشعور بها حين نستقبل مُحفزًا حسِّيًا كعبق رائحة المخبوزات، وملمس الحرير على بشراتنا، وطعم السوشي، وشعور التدليك، كما يمكن أن تنتج عن أنشطة جسدية، كالركض، أو تقطيع الخضروات، أو استخدام الأدوات، أو تشذيب الحديقة. كذلك فإنَّ الجدال حول ما إذا كانت تلك الأحاسيس الجسدية تنتمي إلى ميدان الجماليات أم لا ليس بجديد، والحل التقليدي الأشهر لهذه المسألة هو تمييز إيمانويل كانط الجميل عن المقبول أو الجذاب. كما أثارت العديد من المشاريع الفنية المعاصرة هذا النقاش بابتكارها الفن الشمِّي، ومحافل فنية تتضمن الطبخ وتناول الطعام، وفن تشاركي يتطلب تفاعل الجمهور الجسدي. وعلى أيّ حال فإنَّ المسألة تصبح أكثر إلحاحًا للجماليات اليومية لكون التجارب الحسية والأنشطة الجسدية تتخلل تجربتنا اليومية (انظر قسمي 7 و8 للاستزادة).

ثمة مسألة أخرى مهمة فيما يتعلق بمصطلح “الجماليات” في الجماليات اليومية ، وهي مسألة التمييز ما بين استعمالاته التشريفية والتصنيفية، ففي كلٍ من مجال الجماليات واللهجة الدارجة يستعمل المصطلح «جمالي» عمومًا بمعناه التشريفي؛ ولذا فإننا عادةً ما ننظر لشيءٍ له صفة جمالية بإيجابية، ونفهم من المرور بتجربة جمالية أنَّها تجربة مُرضية وزاخرة بالمعنى، إلَّا أنَّ الكثير من مؤيدي الجماليات اليومية يعودون إلى المعنى الأصلي لـ”الجمالي” على أنَّه إدراكٌ حسيٌّ يحصل بالحساسية والخيال بغضِّ النظر عن تكافؤه التقييمي، فنجد لبعض الأشياء قيمًا جماليةً إيجابيةً مؤثرة كعملٍ فنيٍّ رائع أو منظرٍ طبيعيٍ خلاب، بينما لا تؤثر بنا أشياء أخرى كثيرًا لكونها مملة أو غير مميزة أو عادية، وتوجد تلك الأشياء والظواهر التي تسوؤنا أو تزعجنا بشدة؛ لأنَّ مظهرها الحسي قبيح أو بشع أو مريع بلا أيِّ قيمة تعويضية كرسالةٍ فنيةٍ مثلًا، كما تُلقي الجماليات اليومية شبكة واسعة لتصطاد تلك الأبعاد المتنوعة لحياتنا الجمالية. ومن الجدير بالذكر أنَّه في المجالات الأكاديمية خارج الجماليات الفلسفية تؤخذ “الجماليات” بالمعنى التصنيفي، كما في جماليات الأخلاق التي تضم السلوكيات المهذبة والفظة كلتيهما، وجماليات السياسة التي تشير إلى -ضمن أشياء أخرى- التفسير الاجتماعي والسياسي لما يُعدُّ ملموسًا (Mandoki 2007; Rancière 2009; Vihalem 2018). 

يقترح بعض الكتَّاب الحديثين أنَّ وصف الجمالي بمثابة نمط إدراك محدد سيخدم الجماليات اليومية خدمةً أفضل، كما يميل مؤيدو الجماليات اليومية -الذين يؤكدون على اختلاف التجربة الجمالية اليومية عن تجربة الفن التقليدية- إلى وصف الأول بـ “الخمول”، والتقليل من شأن وساطة الاعتبارات التصورية المختلفة، والانخراط العاطفي، والتفاعل التخيلي الذي عادةً ما تتطلبه تجربة الفن، ومع اتفاق النقاد على أنَّ الجمالي يقوم على إدراكنا الحسي بلا تدخل أكثر نشاطًا وإبداعًا وتخيلًا، فإنهم يشيرون إلى أنَّه ليس ثمة شيء جمالي واضح بأحاسيس مجردة، وأحد الحلول المقترحة هو تمييز التجربة الجمالية بوصفها عملية إدراك حسية ديناميكية وجدلية وتأملية، تشكِّل إدراكًا يؤدي إلى علاقة حوارية مع الشيء الذي ندركه (Matteucci 2017). إنَّ نظرية الإدراك الجمالي العامة هذه ستعين في التغلب على المسألتين اللتين انبرى لهما مؤيدو الجماليات اليومية المذكورتين آنفًا، لا سيما ضمّ الأنماط الحسية وجعل المصطلح محايد التكافؤ. وكما سنتناول لاحقًا في القسم الثامن، إنَّ أحد المسائل التي ينبغي للجماليات اليومية تحديدها هي ما إذا كانت تشقُّ مجالًا مستقلًا عن الجماليات، أم هي استكمالٌ للجماليات الموجودة التي تتخذ الفن أنموذجها الأساسي، فيرى أولئك الذين يؤيدون أنموذج الاستمرارية أنَّ نمط الإدراك الحواري الذي يدمج التأملية يضيف صفة الجمالية ذاتها للتجربة اليومية (Nielsen 2005; Mateucci 2017; Potgieter 2017).    

 

  1. تجديد المألوف

إذا كان “اليومي” يصنف بوصفه مألوفًا وعاديًا وشائعًا وروتينيًا بغضِّ النظر عن المحتوى المعين الذي يختلف من أشخاص لآخرين حسب أساليب حياتهم، ومهنهم، وبيئات معيشتهم، وعوامل أخرى؛ ما الذي يُمَكِّن تقديره الجمالي؟ يطغى الرد التالي على مجال الجماليات اليومية: يتطلب التقدير الجمالي للحياة اليومية تجديدها، أو جعلها غريبة، أو إلقاء هالة عليها، فتُخفي الاعتبارات العملية الإمكانات الجمالية للأشياء الشائعة والأنشطة العادية، لكوننا منشغلين بالمهمة التي نقوم بها معظم الوقت في حياتنا اليومية، بالإضافة إلى أنَّه ليس لتجربة كهذه أي أساس منطقي من ترابط وصفة سائدة وبدايةٍ ونهايةٍ واضحتين، وباختصار وحسب رأي ديوي، تستمر رتابة حياتنا اليومية تلقائيًا وبلا أي تحول داخلي أساسي، وبالتالي “لا جمالي”، إلَّا عندما نمر بتجربة مستوفين المتطلبات الأساسية كلها حينها فحسب تحصل حياتنا اليومية على أهلية الجمالية، فيمكننا ما إن نمر بتجربة بموقف مغاير ونحن متهيئين إدراكيًا و/أو على أساسٍ داخليٍ متين أن نكشف عن القيم الجمالية الكامنة في أكثر الأمور عادية وروتينية، ويمكن تفسير وجهة النظر هذه بأنها تطبيق تام لرأي نظرية الموقف الجمالي بأنَّ أي شيء يمكن أن يكون مصدرًا للتجربة الجمالية نظريًا، فيمكن للأشياء المعتادة أن تكتسب شيئًا من “هالة” تُعلي من قيمتها الجمالية (Leonhardt 1985; Tuan 1993; Visser 1997; Gumbrecht 2006; Leddy 2008, 2012a; Al Qudowa 2017). ووفقًا لهذا التفسير، إنَّ الجديد في الجماليات اليومية هو إلقائها الضوء على تلك الجوانب من حياتنا التي عادةً ما نهملها أو نتجاهلها؛ لأنَّ التجارب الجمالية البارزة التي كثيرًا ما نمر بها مع الأعمال الفنية والطبيعة تحجبها، كما يمكن لاهتمام أكبر وعقلية مختلفة أن يسفرا عن بعدٍ جماليٍّ غنيٍّ غنًا غير متوقع للأجزاء المعتادة وسهلة النسيان والعادية من حياتنا اليومية، وتفيد الكثير من الأعمال الفنية في إخراجنا من شراك تشوش الحياة اليومية إلى تجربة جمالية مثمرة (Dillard 1974; Prose 1999; Stabb 2002; Martin 2004, Leddy 2012a; Nanay 2016, 2018)، كما يرحِّب العديد من المفكرين بهذا المسار من الجماليات اليومية لمساهمته في إثراء تجارب الحياة، والحث على العيش الواعي، وتيسير سبل السعادة بدون الإشكالات التي كثيرًا ما تتبع نمط حياة المتعة (Irvin 2008b; Shusterman 2013; Melchionne 2014; Leddy 2014b).

في ذات الوقت، يشير البعض إلى خطر المبالغة في التأكيد على التجديد بوصفه شرطًا مسبقًا للجماليات اليومية، أيّ أنَّ هذه الطريقة في تفسير الجماليات اليومية تجازف بفقدان يومية الجماليات اليومية بذاتها، وبالتالي عدم القدرة على رؤية قوام الحياة اليومية الجمالي مميزًا بصفة المألوف والعادي والمعتاد (Felski 2002, 2009; Highmore 2004, 2011a; Haapala 2005; Saito 2017a)، فيكون التحدي في كيفية الإلتفات إلى يومية الحياة اليومية شديدة الاعتيادية والتفاعل معها  تفاعلًا جماليًا، أيّ أنَّ تجربة العادي وتقديره كما لو أنه استثنائي تتخذ طريقًا ممهدة في مجال الجماليات، في حين تشكل تجربة العادي وتقديره كما هو تحديًا لمجال الجماليات اليومية .

لقد أعطى الباحثون العديد من الردود على نظرة الجماليات للعادي كما هو، وكان أحد الردود المقترحة أن ننظر إلى الصفات كالمألوف والعادي على أنها جديرة بالتقدير الإيجابي تمامًا كتلك الصفات التي تُبرز بعض التجارب لكونها قوية واستثنائية، فتمنح تلك الصفات التي تميز الحياة العادية تجربة حياتنا الهدوء والسكينة والراحة والاستقرار والأمان على الرغم من أنها ليست مُذهلة أو قوية (Haapala 2005). إنَّه لمن الصعب تصور كيف يمكننا تحمُّل -ناهيك عن الاستمتاع- سلسلة من التجارب الاستثنائية القوية بلا فترة راحة، فتوفر العديد من جوانب الحياة المنزلية الراحة والاستقرار والمتنفس والحميمية باختصار؛ نظرًا لطبيعتها العادية والمتكررة، ولا غنى عن صفاتٍ كهذه لحياةٍ طيبة، كما أنَّها جديرة بالتقدير بطريقتها الخاصة (Highmore 2004, 2011a; Irvin 2008b; Melchionne 2014,).

لكن يواجه هذا الرد فشله في تفسير ما يمكن تمييزه بالجمالي في الإحساس بالراحة والاستقرار، ووفقًا للنقاد، فإنَّ قيمة تلك المشاعر هي ذات توجهٍ وجودي ويحتمل اعتمادها على الدور الفعال الذي تلعبه في ضمان أساسٍ متينٍ للحياة، فالحل البديل للمعضلة المعروضة هو التركيز على الاستخدام العملي لعناصر الحياة اليومية الذي ليس بمعزل عن تحكمنا وسير حياتنا اليومية، أو السياق الثقافي والمعرفة التي يتطلبها، كما يظل الرضا الذي نحسه حين يعمل شيء ما جيدًا ضمن حياتنا اليومية، ولا يجعل من التجربة شيئًا خارج سير ما هو يومي (Forsey 2014).

يمكن كذلك وصف هذا الاتجاه بأنه نوعٌ من الجماليات ذات التوجه المعرفي التي كثيرًا ما تتناولها الجماليات البيئية فيما يتعلق بالطبيعة، فعوضًا عن استرشاد تقدير الطبيعة الجمالي بالعلوم الطبيعية، يُقترح أن تسترشد التجربة الجمالية اليومية بالمعرفة الفطرية بطريقة عمل الشيء وأهميته ومكانته في حياتنا، مما يمنح الألفة المنشودة من تجربة المألوف كما هو جماليًا (Carlson 2014).

تتناول تلك الحلول تجربة الأُلفة كما هي باعتبارها قيمة إيجابية سواءً كانت تتعلق بالحميمية أم بالعملية المتقنة، إلَّا أنَّ أولئك المهتمين بتطوير المعنى التصنيفي للجماليات يشيرون إلى أنَّ غياب الأساس المنطقي، والركود والروتين والرتابة التي -حسب ديوي- تخلق تجارب “لا جمالية”، هي ما يميز القوام الجمالي للحياة اليومية (Highmore 2011a; Mollar 2014; Saito 2017a)، فلا يعني نقص الصفات الجمالية الإيجابية كالقوة المثيرة، أو الأساس التسلسلي المنطقي، أو السمة الموحدة السائدة بالضرورة غياب الصفات الجمالية، كما يزال بالإمكان النظر إلى الصفات الجمالية على أنها تتخلل جوانب حياتنا تلك، حتى وإن كانت سلبية كالكآبة والروتينية الخانقة. وكثيرًا ما كانت أوصاف الحياة اليومية السلبية كهذه موضوعًا للتفسيرات الماركسية للحيوات اليومية للعمال سواءً في العمل أو في المنزل، مُتيحةً الوسائل للحركات الثورية كحركة «سيتواتيونيست إنترناشونال» (Situationist International) (Highmore 2010).

 

  1. الجماليات السلبية

نشأت “الجماليات السلبية” عن تلك النظرة للحياة اليومية حيث تطغى الصفات الجمالية السلبية بدلًا عن غياب الصفات الجمالية كلها، وقد يبدو هذا المفهوم لأول وهلة تناقضًا لفظيًّا، إن أخذنا “الجماليات” بمعناها التشريفي المعتاد. كما تؤكد كاتيا ماندوكي وأرنولد بيرلينت أهمية رعاية هذا الجانب السلبي جماليًا -الشائع جدًا مع الأسف- من حياة الناس (Mandoki 2007; Berleant 2010, 2012)، فلم تكن الصفات الجمالية السلبية كالقبح والبشاعة والنفور والاشمئزاز غائبة عن مجال الجماليات السائد، إلا أنها لم تشغل مكانةً بارزة (كورسماير 2011، وفورسي 2016 هما استثناءان ملحوظان)، بالإضافة إلى أنه كثيرًا ما تُبرَّر تلك الصفات السلبية بوصفها وسائل ضرورية لتيسير حصول تجربة جمالية إيجابية في نهاية الأمر، فعلى سبيل المثال، قد يكون محتوىً فنيٍّ مثيرٍ للاشمئزاز ضروريًا لإيصال رسالة عامة، كبيانٍ وانتقادٍ لآفاتٍ اجتماعية، أو يمكن تقدير منظرٍ منفِّرٍ في الطبيعة، كمفترسٍ يلتهم فريسته لكونه جزءًا مكملًا لدورة الطبيعة.

وبالمقابل فإنَّ تجربة الصفات الجمالية السلبية كما هي، سائدةٌ في الحياة اليومية بكثرة للأسف، كما تؤثر في جودة الحياة مباشرة، وتتنوع تلك الصفات ما بين الأقل أهمية كالممل والرتيب، وغير الملهم، والتافه، والمضجر، والأكثر من ذلك مثل “العنف الجمالي”، و”الألم الجمالي”، و”التسمم الجمالي”، و”الاعتداء الجمالي”، مثل القبيح، والمسيء، والمنفر، والمبتذل (Mandoki 2007). كما يمكن أن نشهد تلك الصفات الأكثر سلبية في منطقةٍ مدنيةٍ قذرة، وفي ضوضاء تصمُّ الآذان، وفي لوحة إعلاناتٍ تغصُّ باللافتات المبهرجة والصور الدنيئة، وفي رائحةٍ كريهةٍ منبعثةٍ من مصنعٍ قريب، وما إلى ذلك. وعلى ضوء حقيقة ميل الجماليات إلى حصر نطاقها على الصفات والتجارب الإيجابية؛ تتحدانا الجماليات اليومية بأن نُعير الجوانب السلبية سلبيةً جمالية في حياتنا اهتمامًا جادًّا لأثرها المباشر في جودة الحياة.

إنَّ التركيز على الجماليات السلبية مهمٌ في مجال الجماليات اليومية لأنها تؤدي إلى ما قد يُعدُّ بعدها النشط، فإننا عامةً لا نبقى مجرد متفرجين حين نواجه الصفات الجمالية السلبية، بل نهرع للتصرف لنبعدها أو نحد منها أو نغيرها، وحتى إن لم نتصرف أو لم نستطع التصرف نتمنى لو كان بوسعنا، كما نعتقد أن علينا ذلك. ووفقًا لنمط التحليل الجمالي السائد -إلى حد ما- للفن والطبيعة، توصف حياتنا الجمالية من وجهة نظر المتفرج في المقام الأول، فنحن لسنا متفاعلين حرفيًا في نشاط مع الشيء سوى تفاعلٍ جماليّ، وحتى إن ألهمنا الفن أو الطبيعة بأن نتصرف، عادةً ما يكون التصرف الناتج عن ذلك غير مباشر، كالانضمام لحركةٍ سياسية أو المساهمة في منظمة.

وفي المقابل، يكون للتصرف الذي اتخذناه -مدفوعًا بالجماليات السلبية في الحياة اليومية- الأثر المباشر في الحياة. وعلى الصعيد الشخصي، نحن نغسل القميص المبقَّع ونكويه، وننظف السجادة التي بلَّلها نبيذٌ مسكوب، ونُعيد طلاء جدار غرفة المعيشة، ونفتح النافذة لنستنشق هواءً نقيًا بعد طهي السمك داخل المنزل، ونرتب غرفة الضيوف، ونعيد تنسيق ملفٍ لمنظر أوضح، والقائمة تطول (Forsey 2016; Saito 2017a)، فنتخذ تلك التصرفات -في المقام الأول- استجابةً لرد فعلنا الجمالي السلبي من البقعة أو التجعيد، أو لون الجدار المزعج، أو رائحة السمك، أو الفوضى وعدم الترتيب، أو المنظر غير المنظم. وعلى الصعيد المجتمعي، إمّا أن تُهدم المباني المهجورة قبيحة المنظر أو ترميمها، وأن يُنظف الحي القذر، وأن تسنُّ قوانين للتخلص من روائح المصانع الكريهة ولوحات الإعلانات الفوضوية. وعلى الأقل، كثيرًا ما نعمل -أو نعتقد أنَّ علينا العمل- على تحسين جماليات بيئة اليومي والحياة، وعليه فإنَّ التجارب الجمالية السلبية مفيدةٌ وضرورية للكشف عمَّا هو ضار بجودة الحياة والبيئة، كما تمنح دافعًا للتحسين (Berleant 2012).  

 

  1. صفات الجماليات اليومية

وعلى أيّ حال فإنَّه يمكن طرح أسئلة حول ما إذا كانت صفاتٌ كالفوضى وعدم الترتيب تنتمي إلى مجال الجماليات، فيُعتقد بأنَّ تقدير الصفات الجمالية المعتادة كالجمال والسمو والرقي والأناقة، والجودة الفنية، والتعبير المؤثر وما إلى ذلك يتطلب درجةً معينةً من الحساسية الجمالية أو “الحسّ” الذي يجب صقله، بالإضافة إلى أنَّه عادةً ما يتطلب تقدير تلك الأمور فهمًا تصوريًا للأشياء، كسياق الشيء التاريخي والثقافي، وأعمال الفنان، وبعض المعلومات الأساسية المتعلقة بالطبيعة وغيرها. كما يُتوقع من التجربة الجمالية -في النهاية- أن تُنمِّي العملية الحوارية ما بين المُجرِّب ومصدر التجربة، موسعةً ومعمِّقةً مدارك الفرد الحسِّية والعاطفية والخيالية والفكرية، موصوفة أحيانًا “بالتثقيف”؛ ينبغي لها أن تكون تجربة تربوية وتمكينية. 

وفي المقابل، يبدو رصد صفات الجماليات اليومية المعنية كعدم الترتيب والرثاثة، واللطافة والجمال ناتجًا عن ردِّ فعلٍ غير محسوب بلا أيّ معرفة سابقة أو ثقافة جمالية أو عملية تأملية، ومثل ذلك لا يستحق أن يكون موضوعًا للجماليات.  

أعطى الباحثون ردَّين على هذا التحدي، والأول أنَّه حتى وإن أمكن تجربة بعض الصفات بدون نوع ودرجة الحساسية أو الثقافة الجمالية ذاتها التي يتطلبها تقدير الفن، فإنَّ ذلك وحده لا يجعلها خارج ميدان الجماليات، وإنَّ ما يبدو ردًّا غير تأملي على صفاتٍ كالقذر والفوضوي وغير المنظم، لا يخلو من إطارٍ ثقافي وسياقي (Douglas 2002; Saito 2007)، والثاني أنَّ بالإمكان تقديم مقياسٍ متدرج، حيث يتطلب أحد الأطراف الحساسية القصوى التي غالبًا ما نكتسبها بالدراسة والممارسة الشاملتين، كالتمكن من تقدير مقطوعة ذات اثنتا عشرة نوتة موسيقية، وروايات جويس، ومسرح النو الياباني، وجمالية المستنقعات؛ ولا يتطلب الطرف الآخر كثير دراسة وممارسة، كلوحات نورمان روكويل (Norman Rockwell)، ومسيرةٍ عسكرية، وقطعة مجوهراتٍ متلألئة، وحديقة زهورٍ زاهية الألوان. كما يمكن النظر إلى بعض الصفات على أنها “بعيدة المنال” أو من العيار الثقيل، وأخرى على أنها “سهلة المنال” أو من العيار الخفيف بدون استبعاد الأخيرة من ميدان الجمالي كليًا، فتلك الصفات تشير -في النهاية- إلى ردِّنا النوعي على التجربة الحسِّية للأشياء والظواهر، وتكون بعض التجارب أكثر قوةً وعمقًا من غيرها بدون أن ينفي ذلك البعد الجمالي عن التجارب الأكثر بساطةً وسهولة (Leddy 1995, 1997, 2012a, 2012b; Harris 2000; Ngai 2012; Postrel 2013; Mollar 2014). 

إذا كانت الثقافة والعمق غائبتين عن الصفات الجمالية سهلة المنال مقارنةً بالصفات الجمالية بعيدة المنال، يمكن القول بأنها تعوض عن ذلك الغياب بكونها سائدة في الحياة اليومية، وما يحمله ذلك من تبعاتٍ جسيمة. ومع أننا نعيش تجربة الجمال والسمو في حياتنا اليومية إلا أنَّ مناسباتٍ كتلك نادرة الحدوث، فكثيرًا ما نحكم على الأشياء في حياتنا اليومية بأنها جميلة ورائعة ومثيرة للاهتمام وجذابة ولطيفة وبديعة، وبأنها مملة وعادية وباهتة ورثة ومهترئة ومبهرجة ومبالغ بها وما إلى ذلك، ومن المهم أن نرعى تلك الصفات لأنَّ لها -لشيوعها وسهولة تمييزها- بالغ التأثير في قراراتنا وتصرفاتنا فيما يتعلق بالأمور المعتادة، وفي الواقع، كثيرًا ما تستغل استراتيجيات الإعلان والحملات السياسية والترويج تلك الصفات لتوجيه سلوك الناس (Postrel 2003; Mandoki 2007; Saito 2007, 2017a, 2018b; Sartwell 2010). كما يدعو أولئك المهتمين بشيوع تجميل الحياة والقبول غير النقدي له إلى نمط إدراك أكثر نشاطًا وتفاعلًا وتأمليةً، بدلًا عن المرور بتجربة بلا فاعلية والتأثر بحيل التجميل، وبالتالي صقل المعرفة واليقظة الجمالية (Vihalem 2016; Matteucci 2017; Potgieter 2017).

وقد أعرب الباحثون عن قلق آخر حيال جدارة بعض التجارب أو “مقوماتها الجمالية” (Dowling 2010)، ويتعلق ذلك بالردود ذات التوجه الجسدي التام كالإحساس بالحكة، وتلقي رسالة، وشرب الشاي، وشم رائحة السمك (Irvin 2008a,b)، فثمة مسألة أنَّ تلك الردود خاصةٌ جدًّا، وشخصيةٌ بدرجةٍ لا تسمح بأيّ نقاشٍ ذاتيٍّ مشترك أو مجالٍ نقدي؛ مما يؤدي إلى النسبية الشخصية، وانقطاع الأمل في “الفطرة السليمة” (sensus communis)، كما يُستشهد كثيرًا بتمييز كانط ما بين الجميل ومجرد المقبول لدعم هذا النقد (Parsons and Carlson 2008; Soucek 2009; Dowling 2010).

وردًا على ذلك، يشير بعض المفكرين إلى أنه من الخطأ معاملة تلك الأحاسيس الجسدية معاملة التجربة الحسِّية المفردة لوحدها، فهم يرون أننا لا نكاد نمر (في الحياة العادية) بتجربة شمٍّ أو تذوقٍ أو لمسٍ بمفردها البتة، بل تكون تجاربنا مُتعددة الحسِّية أو متزامنة عادةً، كما تحصل ضمن سياقٍ معين (Howes 2005; Howes and Classen 2014). فقد يكون حكُّ الجلد جزءًا من الشعور بقرصة بعوضة، أو الانزعاج الذي يسببه قماش العلامة الخشن المخيط داخل ياقة قميصٍ جديد، كذلك لا يمكن فصل طعم الشاي عن رائحته ومظهره والإحساس الملموس لقوامه ودفئه حين يمسك شخص ما بالقدح ويلمس حافته بشفته. وتحصل كل تلك التجارب الحسِّية في محيطٍ وموقفٍ محددين بجوٍ يخصها وحدها، كما تحصل خلال سير الحياة اليومية للفرد، فقد يأخذ شخص ما قدحًا من الشاي ويشربه على عُجالة ليحصل على جرعة الكافيين بينما يهرع لاجتماع، أو قد يتلذذ بكل رشفة بينما يجلس مسترخيًا أمام موقد أو مشاركًا في طقوس شاي يابانية، فحتى وإن كان الشاي بذاته يبقى كما هو فإنَّ التجربة المحيطة بطريقة شربه تتغير، مؤثرةً أحيانًا على تجربتنا لطعم الشاي بذاته (Irvin 2009a; Melchionne 2011, 2014; Perullo 2016; Saito 2017a). وعليه فإنه يمكن أن نضمَّ الأحاسيس الجسدية التامة إلى الجو العام أو المحيط المكون من عناصر كثيرة، وبالتالي فإنَّ ما نقدِّره ليس مجرد إحساس جسدي مفرد لوحده كالإحساس الملموس أو الرائحة، بل الملائمة أو -كما يمكن القول- “الغرض” الكانطي (purposiveness) أو عدمها التي كونتها العلاقة بين وضمن العوامل التي تخلق الجو العام. 

ومن ثم فإنه يمكن التقليل من النسبية الشخصية المفترضة فيما يتعلق بالإحساس الجسدي التام -إلى حدٍّ ما على الأقل- إن عُدَّت بمثابة أحد العناصر الكثيرة التي تخلق الكل الذي يتخلله جوٌّ عامٌ موحَّد، كالإحساس بالعافية والرضا والراحة، أو سلبًا كالإحساس بالعزلة والضيق والاضطراب أو القلق، ويمنح تقديرٌ (أو عدم تقديرٍ) كهذا شيئًا من التواصل والمشاركة الذاتية المشتركة، كما تقدم العديد من الروايات الأدبية مخزونًا ثريًا من تجارب كهذه. 

 

  1. الجماليات المحيطة والجماليات الاجتماعية

إنَّ لهذا الاهتمام بالجو العام أو المحيط بموقفٍ معينٍ مكونٍ من عناصر متنوعة؛ باعًا طويلًا في الجماليات اليابانية (Saito 2005)، كما كان النقطة الأساسية في جماليات التداعي التي دعا إليها أرشيبالد أليسون (Archibald Alison) (1757–1839)، وتحظى الجماليات المحيطة باهتمامٍ متجددٍ اليوم بفضل أعمال غيرنوت بوم الذي رأى بأنه ينبغي للجو العام أن يكون مركز الاهتمام في الجماليات الحديثة. ففي حياتنا اليومية، كثيرًا ما نعيش تجربة الجو العام لموقفٍ ما، متوترٍ أو مسترخٍ، وبهيجٍ أو كئيب، وجذلٍ أو هادئ، وجذابٍ أو منفر، ومثيرٍ أو مُضجر، كما نخطط أحيانًا للصفة المميزة للموقف، وعادةً ما يكون ذلك في مناسبةٍ خاصةٍ كمراسم زفافٍ أو جنازة، شاملةً الموسيقى المختارة بعناية، والزينة والأزياء، والتحركات المخطط لها على سبيل المثال لا الحصر، وفي أحيانٍ أخرى، تُثير العناصر المختلفة المكونة للبيئة المادية تلقائيًا جوًّا عامًّا موحدًا عندما يجتمع التفاعل البشري والتحركات داخل تلك البيئة (Böhme 1993, 1998; Miyahara 2014; di Stefano 2017). 

مع أننا كثيرًا ما نعيش تجربةً ونقدِّر (أو لا نقدِّر) جوًّا عامًّا أو محيطًا معينًا في حياتنا اليومية، فإنَّ ذلك لم يحظَ باهتمامٍ كافٍ في مجال الجماليات؛ نظرًا لغياب مصدر تجربةٍ واضحٍ ومحدد، فيرى النقاد استحالة تناول جماليات التجربة تناولًا ذاتيًا مشتركًا بدون «إطار» واضح لمصدر التجربة، كما لا توجد معايير واضحة كأعراف الفن التاريخية، المفيدة في تحديد ما إذا كان شيء ما جزءًا من التجربة الجمالية أم لا (Parsons and Carlson 2008)، فإنَّ المحيط والشعور أو الجو العام جميعها ذات توجه شخصي في الواقع من حيث أنَّ تجربة الفرد تتلون وفقًا لذلك، وعلى أيّ حال فإنه ينبغي الإشارة إلى أنها ليست شخصية أو خاصة تمامًا كما يرى النقاد، طالما تشير إلى سمات البيئة والموقف التي يمكن التعرف عليها موضوعيًّا، بالإضافة إلى أنَّ بعض الأعمال الفنية المعاصرة تهدف إلى خلق جوٍّ عامٍّ يأسر الجمهور (Z. Wang 2018).

كذلك تسلط الجماليات المحيطة الضوء على الدور المهم الذي تلعبه التجارب الحسِّية غير البصرية التي تتخلل حياتنا، وقد ذكرنا أهمية ما تسمى بالحواس الدنيا في الجماليات اليومية مسبقًا (القسم الخامس)، ولكن يحجب البصري عادةً التجارب الحسِّية -باستثناء الذوقية وغير البصرية، لا سيما السمعية والشمِّية واللمسية- على الرغم من أنه لا يمكن إنكار أثرها على التجربة الجمالية اليومية (Ackerman 1991; Tuan 1993; Brady 2005; Howes 2014; Korsmeyer 2017; Interference Journal (Issue 7, 2019) ; Shiner forthcoming)، فتُثري تلك التجارب المحيط العام أحيانًا، كصوتٍ محيطٍ مهدئ أو واجهة مبنى ملساء بدت عليها آثار تقلبات الطقس، بينما تمثِّل جماليات سلبية كصوت مسجل السيارة الصاخب ورائحةٍ كريهةٍ منبعثةٍ من مصنعٍ قريب في أحيانٍ أخرى، كما قد يكون غياب الأصوات والروائح متنفسًا مُحبذًا، بينما قد يجعل التجربة ناقصة في أحيانٍ أخرى (Drobnick 2005; Anderson forthcoming). وتُشجع الجماليات اليومية على الاهتمام بتلك التجارب غير البصرية التي تساعد على صقل حساسيتنا، كما أنَّ الاهتمام بتلك التجارب الحسِّية له بالغ الأهمية في التنفيذ المعماري والتخطيط الحضري اللذان عادةً ما يطغى عليهما التوجه البصري (Pearson 1991; Pallasmaa 1999).  

إنَّ التفاعل البشري جزءٌ من الأجزاء التي تحدد المحيط أو الجو العام، فتمثل شخصيات الأطراف وعلاقاتهم بالآخرين (التي هي موضع اعتبارات جمالية) صفة تواصل كهذا، فيمكن أن يُعدَّ شخص ما -بالإضافة إلى ما يقوله ويفعله- ودودًا أو قاسٍ أو رسميًا أو متحفظًا أو لطيفًا أو مخيفًا أو دمثًا وما إلى ذلك؛ غالبًا بسبب العوامل الجمالية كنبرة الصوت وطريقة التحدث، وتعابير الوجه ولغة الجسد ووضعيته، والمظهر الخارجي كاللباس وتسريحة الشعر والزينة ونحوها. كما نقيّم صفة تصرف الشخص الأخلاقية بأبعاد جمالية تتعدى ما يحققه أحيانًا، فعلى سبيل المثال، قد يلتهم شخص ما وجبةً أعدَّها الطباخ بحب وقدَّمها بعناية بلا مبالاة، أو قد يأخذ آخر وقته ويتلذذ بكل لقمة بانتباه واحترام ليظهر تقديره للطباخ، كذلك يمكن أن يغلق أحدهم الباب بعنف مصدرًا ضجة عالية ومفزعًا الآخرين، أو أن يغلقه بهدوء وحرص كي لا يزعجهم، وأخيرًا، يمكن أن يعين شخصٌ أخرَ محتاج بحقدٍ وعلى مضض، أو بعنايةٍ وروحٍ طيبة (Buss 1999; Sherman 2005; Naukkarinen 2014; Shusterman 2016; Saito 2016, 2017a).

كذلك يمكن أن تُعدَّ الرغبات المهمة للتجارب الجمالية في تلك الأمثلة مرغوبة في العلاقات الإنسانية أيضًا، كالانفتاح لتقبُّل وتقدير الاختلافات، والاحترام والأخذ والعطاء، والتفاعل التام والصادق وغيرها، فتدعو الجماليات الاجتماعية (التي أسسها أرنولد بيرلينت مجالًا فرعيًا للجماليات اليومية) إلى الاهتمام بحقيقة أن الجماليات تلعب دورًا غير متوقعٍ ومهمَّشٍ عادةً في تحديد الصفة الأخلاقية للأفعال والأشخاص والتفاعل البشري (Berleant 2005b, 2010, 2012, 2017).    

بالإضافة إلى أنَّ الجماليات الاجتماعية تُشجع على تهذيب الفضائل من خلال الممارسة اليومية، فيتطلب لطف الفرد وتعاطفه ومراعاته واحترامه التعابير اللائقة على ضوء الحساسية والمهارات الجمالية، إلى جانب تحقيق عملٍ معين.    كما لا يتطلب التفاعل المتناغم والمتعاون مع الآخرين المعرفة الثقافية الكافية فحسب، بل الحساسية الجمالية لحل شفرة الديناميكية الجماعية وتحديد الطريقة الأمثل للمساهمة في خلق جوٍ عامٍ معين (Naukkarinen 2014)، فالممارسة المجسدة مطلوبة للمساهمة في التفاعلات الاجتماعية ذات العقلية الجمالية، ومجرد فهمٍ تصوري لأهمية الجماليات في ذلك التفاعل غير كاف.

 

  1. الجماليات ذات التوجه الفعلي

كذلك تسلط الجماليات الاجتماعية الضوء على ميدان بحثٍ جديدٍ آخر أدخلته الجماليات اليومية ، وهو البعد الجمالي لفعل الأشياء بدلًا عن، أو بالإضافة إلى التجربة التي يكتسبها الفرد متفرجًا أو مشاهدًا، فيهتم نمط البحث الجمالي التقليدي -في المقام الأول- بتحليل التجربة الجمالية للمتفرج الذي تحصل له المتعة الجمالية بتأمل شيءٍ (أو ظاهرةٍ أو حدث)، وحتى في تجربةٍ كهذه -كما في وصف ديوي “المرور” و “الفعل”، وكما يوضح أنموذج بيرلينت للتفاعل- ليس الشخص بخامل، بل متفاعل مع الشيء بنشاط وباستعمال الخيال والتواصل معه إدراكيًا وفكريًا وعاطفيًا، إلَّا أنَّ الشخص يظل -بالمعنى الأكثر حرفية- مشاهدًا للشيء سواءً كان لوحة أو سيمفونية، أو إناء شاي، أو أداء تزلج على الجليد، أو حديقة زهور، أو قطعة أثاث أو سيارة أو منزل، أو قميصٍ مغسولٍ حديثًا. 

ومع أنَّ الجماليات اليومية تضمّ جمالياتٍ من وجهة نظر المتفرج، إلَّا أنَّ جزءًا كبيرًا مما يشكِّل سير الحياة اليومية هو تفاعلنا النشط في فعل الأمور بالتعامل مع شيءٍ، والقيام بتصرفٍ، والتوصل إلى نتائج محددة؛ كل ذلك مدفوعًا باعتبارات جمالية. وإلى وقتٍ قريب، لم يبحث الجماليون في الأبعاد الجمالية للاندماج النشط في رسم لوحةٍ، وعزف الكمان، والتزلج، والبستنة، ورتق ثوبٍ، ونشر الغسيل خارجًا، والولادة إلا القليل (Rautio 2009; Brook 2012; Lintott 2012)، كما قد تبين جماليات الطعام هذا التناقض بجلاء، فعادةً ما تركز جماليات الطعام على الطعم عوضًا عن تركيزها على تجربة تناول الطعام بحد ذاتها أو على عملية الطبخ (باستثناء Curtin and Heldke 1992; Visser 1997; Giard 1998; Korsmeyer 1999; Shusterman 2013; Perullo 2016). 

إنَّ صعوبة تفسير الجماليات في تلك الأنشطة من منظور الأطراف هي الصعوبة نفسها التي تواجه الجماليات المحيطة، وهي غياب تعريف واضح لمصدرية التجربة الجمالية، كما أنَّ مقومات العنصر الجمالي واضحة -إلى حدٍّ ما- في حال تقدير لوحةٍ أو حديقة زهورٍ من وجهة نظر المتفرج، بالإضافة إلى أن ثمة شيءٌ يمكن الإشارة إليه للموضوعية، إلَّا أنَّه لا يوجد «مصدر» مقابل للتجربة الجمالية حين نتحدث عن نشاطٍ يقوم به الفرد، فحسب بعض المفكرين، يدل هذا الغياب على نهاية أيّ نقاش منطقي حين يكون موضوع النقاش خاصًّا مع فسحة أملٍ ضيقة في طرحٍ ذاتي مشترك، ومع أنه يمكننا خوض جدال حول الأهلية الجمالية للوحةٍ أو حديقة زهورٍ بإعطاء تبريرات لحكمنا، فإنه ليصعب تصور نقاشٍ مقابلٍ حول تجربتنا للتفاعل الجسدي أثناء تنفيذ لوحةٍ بالحبر، أو حفر الأرض لغرس زهورٍ في حديقة.

إذا قبلنا مفهوم ديوي للمرور “بتجرب” الذي يعطي صفة الجمالية لما يمر به الشخص؛ تصبح إتاحة مجال نقدي لتحديد ما إذا كان الشخص يمر فعلًا “بتجربة” تحديًا. فيدخل في زراعة الزهور تجربة متعددة الحسِّية وتفاعل جسدي، بالإضافة إلى تصميم مخطط الحديقة، وقد تتحد تلك العناصر لتثير في البستاني إحساسًا بالفرح عند حلول الربيع وانتظار أوج تفتح الزهور بفارغ الصبر، ولكن يصعب تصور إمكانية تعريض تجربة البستاني هذه للنقد بالطريقة نفسها التي نقيّم فيها تصميم مشتل الزهور جماليًا، فهل بإمكاننا خوض جدال حول ما إذا كانت تجربة البستاني جمالية بحق، أو إن كانت قد منحته تجربة جمالية غنية أم مجرد تجربة متواضعة؟ إن كانت الإجابة لا؛ فهل يتعذَّر البحث الجمالي من أيّ نمط في هذا الجانب من حياتنا دائمًا؟

يمكن نسبة الصعوبة فيما يتعلق بالجماليات المحيطة والفعلية إلى نمط البحث الجمالي الغربي المعاصر ذو التوجه الحكمي غالبًا (Böhme 1993)، فيدور معظم الجدل الجمالي السائد حول مصدرية الحكم الجمالي وتبريره، كما يقتضي الحكم تحديد الشيء وتجربته القابلة للمشاركة بذاتية مشتركة، وكل ما يخرج عن ذلك يُعَدّ شخصيًّا ونسبيًّا. وعلى أيّ حال فإنَّ أمثلة النظرة الظواهرية للتفاعل الجسدي أثناء الطبخ والرياضة والأنشطة المعتادة الأخرى كثيرة لا في كتابات بعض الجماليين فحسب، بل -ربما أكثر شيوعًا- في كتابات الممارسين والكتاب الأدبيين (Curtin and Heldke 1992; Giard 1998; Rautio 2009; Tainio 2015)، كذلك تحظى جماليات الجسد باهتمام أكبر في الفلسفة الحديثة، كما يشكِّل التفاعل الجسدي في التجربة الجمالية جزءًا كبيرًا من اهتمامها (Bhatt 2013; Irvin 2016).

أضِف إلى ذلك اتفاق البعض على أنَّ ممارسة الأنشطة المعتادة (الأعمال المنزلية بالتحديد) يمنح الفرد فرصة استعمال الخيال والإبداع لخلق تجربة جمالية (McCracken 2001; Lee 2010; Highmore 2011a)، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون عملية نشر الغسيل خارجًا فرصةً للشخص في أن يرتب وينشر القطع بطريقة مُرضية جماليًا، للتعبير عن احترامه ومراعاته للجيران والعابرين الذين هم عُرضة لمشهد الملابس المغسولة حتمًا، وفي الوقت ذاته، ستجعل هذه العملية الشخص يقدِّر حلول الربيع بعد شتاءٍ طويل، ويترقَّب الرائحة الزكية والملمس اللطيف لقطع الملابس التي جففتها الشمس، والهواء المنعش الذي حمله النسيم (Rautio 2009; Saito 2017a). فيسلب إقصاء تلك التجارب من مجال الجماليات لكونها لا تناسب صيغة التحليل المتوقع، ولأنها لا يمكن أن تخضع للمجال ذو التوجه الحكمي؛ المحتوى الثري لحياتنا الجمالية بلا داعٍ، كما أنَّ تلك التجارب ليست خاصةً خصوصيةً ميؤوسًا منها، بل يمكن خلقها ومشاركتها جماعيًا، فيمكن للبستنة، والطبخ، والمشاركة في الأنشطة الرياضية أن تكون نشاطًا جماعيًا حيث يستطيع الأطراف المشاركة ومساعدة بعضهم بعضًا على إثراء وتحسين التجارب الجمالية بالإشارة إلى الأثر الجمالي في بعض الجوانب التي قد غفل عنها الآخرين.

وفي الواقع، من المهم للجماليات اليومية أن تكون تلك التجارب الخاصة قابلة للتواصل بذاتية مشتركة، وإن كانت الأبعاد الجمالية لحياتنا اليومية مهمة (وهذا الاعتقاد هو ما نشأت عنه الجماليات اليومية أصلًا)، فإنَّ تبرير قيمة ما يبدو تجارب أحادية عن طريق تيسير ما تبرع به التجربة الجمالية عامةً مثل: التشجيع على الانفتاح بمشاركة تجارب الآخرين، ورؤية العالم بمنظور مختلف عن منظور الفرد وحده، وتوسعة آفاق الفرد ورؤيته؛ هو أحد مهماتها (Ratiu 2017a)، فيدعم فهمنا للتجربة الجمالية بهذه الطريقة قابليتها للتعليم، وقيمتها التعليمية، ومساهمتها في تحسين الحياة (Potgieter 2017). 

 

  1. إذابة الحد الفاصل ما بين الفن والحياة

ظهر مجال الجماليات اليومية بالتزامن مع محاولات إيقاف التمييز ما بين الفن والحياة المتزايدة في عالم الفن اليوم، وعلى الرغم من وجود أمثلةٍ كثيرة على تصوير واقع الحياة اليومية، كاللوحات الهولندية الصامتة، على مرِّ تاريخ الفن، فقد قدَّم فن القرن العشرين واختبر أنماطًا مختلفة للتعبير عن الحياة اليومية، كان أشهرها باستعمال العناصر الجاهزة. فكان الفنانون يحاولون منذ ذلك الحين تخطي الانفصال المفترض ما بين الفن والحياة الواقعية بعدة طرق، منها: رفض إطار الفن المؤسسي مركزًا لفنهم، ونفي ضرورة وجود سلطة على الإبداع، والترحيب بالتغيرات المتنوعة التي تحدثها الطبيعة والعامل البشري في أعمالهم، وكسر حدِّية الصانع/المتفرج بالتعاون مع العامة على صنع فن بمثابة مسعىً مشترك، وتحويل دور الفنان من صانع/مصمم إلى وسيط يمنح الأشياء المناسبة أو الحدث لتحصل، وتحسين البيئة والمجتمع حرفيًّا بزراعة الأشجار، وتنظيف النهر، ولعب دور المرشد الاجتماعي لتنمية الحوار ما بين المتنازعين، إلى جانب ممارسة الأنشطة المعتادة ذات النواتج المادية لغرض الاستهلاك كالطبخ والزراعة. كما نشأ عن تلك المحاولات أنواع فنية عديدة تضم الفن الموقفي، والفن التصوري، والفن البيئي، وفن الحدوث والأداء والنشاط، والفن النشط اجتماعيًا، والمشاريع الفنية الموصوفة بتجسيدها “الجماليات العلائقية” أو “الجماليات الحوارية” (Kaprow 1993; Spaid 2002, 2012; Bourriaud 2002; Kester 2004, 2011; Dezeuze 2006; Johnstone 2008; Bishop 2012).

ثمة حركة موازية لحركة تبني الفن للحياة اليومية إلَّا أنها في الاتجاه المعاكس، ألا وهي دعوة الحياة اليومية لتبني الفن، ومع أنَّ تجميل الحياة ليس بظاهرة جديدة، يجدر بالذكر أنه ينتشر فيما يسمى بالجماليات التنظيمية واستراتيجية جعل الشيء فنيًّا؛ الفن وطرق التفكير والتصرفات الشبيهة بالفن في مجالات الحياة تلك التي لم يسبق ربطها بالفن أو الجماليات تقليديًا مثل: الطب وإدارة الأعمال والتربية والرياضة والعلوم وغيرها، بالإضافة إلى الحياة التنظيمية عامةً (Darsø 2004; Naukkarinen and Saito 2012; Ratiu 2017b)، كما تُفضل تلك الممارسات المهنية عادةً المجال العقلاني الذي يحكمه المنطق والقوانين، لكن لا يمكنها تجاهل أبعادها الجمالية، فلا ننظر إلى الفن والجماليات في هذا السياق على أنها كماليات تزيينية أو لمسات تجميلية، بل تقوم الجماليات التنظيمية واستراتيجية جعل الشيء فنيًّا على أساس أنَّ البشر يشقّون طريقهم في الحياة متسلحين بالمعرفة الحسِّية والتجارب المؤثرة بالتواصل مع الآخرين والبيئة بغضِّ النظر عن السياق، وهكذا لا بُدَّ وأن يعين العمل مع الأبعاد الجمالية لتلك الأنشطة والبيئات المهنية على بلوغ الأهداف المرجوَّة، و-ربما ما هو أهم- الإسهام في رفاهية الأعضاء والمشاركين. كذلك يمكن للفن والجماليات أن يكونا حليفين قويين في توجيه المساعي والأفعال الإنسانية وتحديد جودة الأنشطة والبيئات، وتنوعت أدوار كهذه ما بين تيسير الإبداع والخيال في المشاريع التعليمية والتجارية، ومنح المجتمعات المحتاجة كمرضى المستشفيات وقاطني دور الرعاية بيئاتٍ علاجيةٍ وإنسانية، إلى جانب جعل الحقائق العلمية سهلة الفهم (Pine and Gilmore 1998; Linstead 2000; Postrel 2003; Howes 2005, 2013; Duncum 2007; Tavin 2007; Dee 2010, 2012; Schulze 2013; Moss and O’Neill 2013, 2014; Ratiu 2017b; Krawczyk forthcoming).      

عُرضت الجماليات اليومية في البدء بمثابة طريقةٍ لتفسير تلك الأبعاد الجمالية لحيواتنا التي لم تتناولها الجماليات المتمحورة حول الفن كفاية، كما ذكرنا في بداية هذه المقالة. وعلى أيّ حال، تعرضت أعمال الجماليات اليومية المبكرة، كالتي قدمتها سايتو (2007)، للنقد لوصفها التقييدي الذي عفا عليه الزمن لما يسمى بالجماليات المتمحورة حول الفن، فإنَّ الشروط المميزة المفترضة لجماليات الفن كالإطار الواضح نسبيًا، والمعنى الأسمى الذي يفضِّلها عن غيرها، والهوية الإبداعية، والهوية الثابتة لمصدر التجربة، ونمط المتفرج في التجربة لم تعد تنطبق على أمثلةٍ عديدةٍ للفن اليوم، ولهذا يحث النقاد على أن تذهب الجماليات اليومية إلى ما هو أبعد من مجرد تقديم مسرحٍ لسرد تلك الأبعاد الجمالية للحياة اليومية التي أغفلتها الجماليات سابقًا بأن تمنح أساسًا تصوريًا، كما يدعون بالأخصّ إلى فهم الجماليات اليومية على أنها استكمالٌ لمجال الجماليات التي كانت تركز على الفن سابقًا (يوصف هذا الرأي بأنه صيغة ضعيفة أو قطب استكمالي أو موقف استثنائي أو أنموذج توحدي)، عوضًا عن كونها شيئًا مميزًا ومنفصلًا عن جماليات الفن (صيغة قوية أو قطب لا استكمالي أو موقف مألوف أو أنموذج تعددي) (انظر Dowling 2010; Ratiu 2013; Iannilli 2016; Matteucci 2016 لـ”خرائط” و “تسميات” واضحة ومفيدة لفروع الجماليات اليومية تلك).       

يهتم أولئك الذين يدعمون أنموذج الاستمرارية بتقديم أساسٍ ذاتي مشترك ومعياري للجماليات اليومية بالإشارة إلى تلك السمات التي تميز مجال الجماليات عامةً، فبدون إطار كهذا يُخشى أن تتدهور الجماليات اليومية لتصبح قضية حرة وشخصية تمامًا، مما يجعل المشروع كله عديم الأهمية، كما إننا محصورون بصومعة ذاتية وشخصية إلا إذا افترضنا إمكانية “الفطرة السليمة”، أي التواصل -ليس العمومية بالضرورة- الذي يمكِّن من مشاركة وفهم تجربة الآخر. أضِف إلى ذلك، يشير داعمي أنموذج الاستمرارية إلى أنَّ وصف الجماليات اليومية الأحادي داخل مجال الجماليات العام لا يفضي إلى تفسير الطرق التي تتفاعل فيها الحياة اليومية والفن مُشكِّلةً التغير المستمر لتجربة الشخص المتجسدة للعالم المعاش؛ تفسيرًا مثمرًا. كما تتخلل أشكال الفن الشائعة والنشطة اجتماعيًا حياة الناس اليومية أكثر مما مضى، ولا يوجد ما يمنع رؤية تجربتها على أنها بعدٌ سائد لعالمهم المعاش، فإنَّ طبيعة الفن -في النهاية- منفتحة وديناميكية، كما أنها جزءٌ لا يتجزأ من حياة الناس، ويخدمها أخذ الاستمرارية بين الفن واليومي بعين الاعتبار، وبطريقة أخرى، يجب تعديل نمط الجماليات اليومية الرجعي المبدئي إلى نمط استباقي يتناول مجمل تفاعلنا الجمالي مع العالم الذي يضم الفن، والطبيعة، واليومي (Ratiu 2013; Potgieter 2017). ثمة إمكانية أخرى، مع أنها تتناول المسألة من زاوية مختلفة، وهي أن نطور تصنيف رانسيير للملموس ونبحث فيما يُعدُّ مهمًّا جماليًا في سياق ثقافي/تاريخي/اجتماعي محدد، ومع أخذ نظام الملموس بالاعتبار؛ يصبح التمييز المفترض ما بين الحياة والفن بلا جدوى (Vihalem 2018). 

 

  1. أهمية الجماليات اليومية

إنَّ للجمالي القدرة العظيمة على التأثير في -وأحيانًا تحديد- جودة الحياة والمجتمع، كما تبين ظاهرة تجميل الحياة المتزايدة الشيوع، ففي حين يمكن استغلال قدرة الجماليات اليومية في تحسين جودة الحياة، يمكن كذلك استعمالها لخدمة أجندة سياسية أو هدف تجاري. وكثيرًا ما توجِّه الردود على الجماليات اليومية تصرفات الناس بطريقة مباشرة جدًا، كما ذكرنا في الأقسام حول “صفات الجماليات اليومية” و “الجماليات ذات التوجه الفعلي” أعلاه، فإذا لفتنا شيء ما بجاذبيته الجمالية؛ نميل إلى حمايته أو شرائه أو محاولة الحفاظ على قيمته الجمالية، وفي المقابل، إذا رأينا بأنَّ بيئةً أو شيئًا ما غير جذاب جماليًا؛ فنميل إلى أن نكون لا مبالين بمصيره أو متخلين عنه أو محاولين جعله أكثر جاذبية (Nassauer 1995; Orr 2002)، كما يغذِّي “التقادم الملموس” المتعلق بموضة وأناقة المنتج بقليل من التحسينٍ –أو بلا أي تحسين- لقيمها العملية الاقتصاد الرأسمالي العالمي اليوم، فتشمل الجمالية الإضافية لـ”المُقنات الخفيّة”: وتشمل العلامة التجارية، والإعلان والحملات، والبيئات المصممة جماليًا للمتاجر (Pine and Gilmore 1998, 2013; Postrel 2003; Schulze 2013; Böhme 2017). كذلك كثيرًا ما تُخفي تلك القيم الجمالية الإيجابية للمنتج وما حوله أمثلةً مختلفةً على “القبح” في عملية صناعته وما بعد التخلص منه، فتضم الجماليات السلبية المرتبطة بالصناعة، الدمار البيئي الذي يتسبب به استخراج الموارد والتلوث، وظروف العمل المُزرية التي يعمل تحتها عمال المصنع -عادةً في الدول النامية- المجبرين على تحمُّل الحرمان الجمالي، ناهيك عن المخاطر الصحية والأمنية، أمَّا الجماليات السلبية لما بعد التخلص من المنتج فيمكن أن نلحظها في الكميات المهولة من الأشياء التي لم تعد مواكبة للموضة، والمتخلى عنها باستمرار ليس في مدافن النفايات البلدية فحسب، بل حتى في المحيط، كما تُشحن «نفايات» كهذه للدول النامية حيث يلتقط السكان المحليون القطع القابلة لإعادة الاستخدام -والسامة غالبًا- بلا معدات وقاية (Saito 2018b). 

كذلك يمكن أن نلحظ التبعات السلبية لاختيارات الناس الجمالية في المظهر المثالي المتناسق للفواكه والخضروات على أرفف المتاجر، فيُتخلص أحيانًا من العناصر المشوهة مما يتسبب بمخلفات حرفيًّة، بل حتى بتكوُّن غاز الميثان المنبعث من المنتجات المتعفنة، وفي أحيانٍ أخرى تخرج سوقٌ متخصصة لتحويل العناصر المعيبة تلك لتخصصها للتبرعات المجانية للمحتاجين، أو تسليعها للبيع بأسعارٍ زهيدة للعامة؛ مُفاقمة بذلك انعدام الأمن الغذائي عند المجتمعات المحتاجة. كما أنَّ للانجذاب الأمريكي للحديقة الخضراء الغضَّة المتناسقة والخالية من الأعشاب الضارة تداعياتٌ بيئيةٌ خطيرة كالإسراف في استخدام المياه، والأسمدة الكيميائية، ومبيدات الحشرات والأعشاب الضارة. وعندما نحكم على نشر الغسيل خارجًا، وعلى توربينات الرياح بأنها قبيحة المنظر؛ تسنُّ المجتمعات قانونًا بمنعها، حائلين بذلك دون فرصة خلق طريقة عيشٍ أكثر استدامة (Duerksen and Goebel 1999; Gipe 2002; Saito 2004, 2017a; Gray 2012).  

وعلى النقيض من ذلك، كثيرًا ما يعتمد نجاح التصميم المستدام، والبضائع المصنعة تحت ظروف إنسانية على قبول نماذج جمالية جديدة كالحدائق التي تتألف من زهورٍ برية أو نباتاتٍ صالحة للأكل، والملابس والأثاث المصنوع من مواد معاد تصنيعها أو استخدامها، والمباني الصديقة للبيئة التي تقلل من آثار الأقدام الفعلية على الأرض، بالإضافة إلى انبعاثات الكربون (Walker 2006, 2017; Salwa 2019). كما كتب الجماليون بعض الأعمال لدراسة الطرق التي يمكن أن يُعبِّر فيها الأشخاص، بل وحتى السمات الجمالية للأشياء والمباني والبيئات عن الفضائل الأخلاقية كالاحترام والمراعاة والتواضع (Norman 1990; Whiteley 1993, 1999; Sepänmaa 1995a, 1995b; Pallasmaa 1999; Taylor 2000; Orr 2002; Berleant 2005, 2010, 2012; Berleant and Carlson 2007; Saito 2007, 2017a)، بالإضافة إلى أنه يمكن لصقل الحساسية، وممارسة المهارات الجمالية المساهمة في تيسير التفاعل الاجتماعي المحترم والمراعي والإنساني، كما بينت الجماليات الاجتماعية. 

لقد كانت العلاقة بين الجمالي والأخلاقي أحد المسائل المتنازع عليها في مجال الجماليات فيما يتعلق بالفن، فنشأ جدلٌ حول الأهمية الجمالية لمحتوى الفن الأخلاقي، وشخصية الفنان أو المؤدي، وعملية إبداع العمل الفني، وتنوعت المواقف ما بين فصلهما التام الذي دعمته الجمالية، ودمجهما الذي دعا إليه الأخلاقيون. وعلى أيّ حال فإنه ليس لانعكاسات الفن الأخلاقية (في شكلها المتعارف عليه على الأقل) تأثيرٌ مباشرٌ في تغيير العالم، فقد تؤثر في إدراك الجمهور وموقفهم ونظرتهم للعالم، مما قد يدفعهم للقيام بتصرف معين لكن هذا الأثر غير مباشر، وفي المقابل، كثيرًا ما يؤدي الأثر الجمالي للشؤون اليومية إلى تبعاتٍ مباشرةٍ تغير من حال العالم. إلَّا أنَّه وكما في الجماليات المتمحورة حول الفن، ثمة آراء مختلفة حول ما إذا كان -وإلى أي حد- ينبغي للانعكاسات الأخلاقية التأثير في قيمة الشيء الجمالية، فيفضِّل البعض فصلهما وحماية ميدان الجمالي المستقل (Forsey 2013)، أمَّا البعض الآخر فيؤيدون الدمج بالدعوة إلى تغيير النموذج الجمالي (Orr 2002; Saito 2007, 2017a, 2018b; Maskit 2011)، لا بضم الأبعاد الأخلاقية للأشياء والبيئات إلى جمالياتهم صراحةً فحسب، بل بإعادة النظر في الطرق الأساسية التي نتفاعل فيها نحن البشر مع العالم المادي، كما أن ليس للعالم المادي أيّ دور في معنىً مهمٍّ أخلاقيًا (حسب الثقافة الغربية على الأقل)، إلى جانب أنَّ قيمته تنتفي بنفعيته الجوهرية للبشر، وعلى أيّ حال، وكما خضع الموقف الغربي المتمحور حول الإنسان -القائم منذ وقت طويل- تجاه الطبيعة للتمحيص، يقترح بعض المفكرين موقفًا أكثر احترامًا للعالم المادي وفي التفاعل معه (Ingold 2000; Nielsen 2005; Brook 2012; Perullo 2016; Saito 2018b).    

قد تكون دلالة الجماليات اليومية الأخلاقية والاجتماعية والسياسية أكثر خطورةً في جماليات الجسد، فمعايير جسد الإنسان الجمالية -مستحيلة التحقيق عادةً- التي نظمتها الثقافة والمجتمع تدفع الناس إلى ممارسات جمالية مختلفة، ابتداءً من عمليات التجميل والأنظمة الغذائية القاسية، وانتهاءً بحقن مواد خطرة وتبييض البشرة التي كثيرًا ما تودي بالصحة (Brand 2000, 2012; Lintott 2003; Rhode 2010; Archer and Ware 2018; Widdows 2018). كما تتورط الجماليات بكونها الذريعة الأساسية لتبرير الاضطهاد المجتمعي الواقع على أجساد ذوي الإعاقة، والذين تتعرض أجسادهم للتجنيس والجندرية والتمييز العرقي؛ فيعاني أولئك الذين لا تُطابق أجسادهم المعايير الجمالية من الاعتقاد الخطأ بأنَّ مظهرهم الجسماني يرتبط بكفاءتهم، وذكائهم، وصفاتهم الأخلاقية، ويتعرضون لأشكال الظلم والتفرقة في التوظيف، والمكانة الاجتماعية، والعلاقات الشخصية، والحالة الاقتصادية. ويمكن أن تكون المؤهلات الجمالية للجسد المثالي مؤسسيةً صراحةً كما في النازية أو السياسات التي تتطلب مظهرًا معينًا من الموظفين، أو مشار إليها ضمنيًا بترسيخها الصورة النمطية القائمة للفئات المضطهدة (Garland-Thomson 2009; Siebers 2010; Irvin 2016; P. Taylor 2016; انظر أيضًا المداخل حول المنظور النسوي للجسد، والمنظور النسوي للإعاقة، والمنظور النسوي للتجسيد).

وعليه فقد كان استغلال الجماليات بوصفها استراتيجية للاستهلاك والأجندة السياسية مصدر قلق للجماليات اليومية، فيمكن للجاذبية الجمالية أن تغري الناس بأن تتبنى قضايا إشكالية وتدعمها وتنميها، والتي قد تناقض في نهاية الأمر رفاهيتهم وجودة حياتهم، ومُثل العدالة والديموقراطية كذلك. وعادةً ما يُستخدم تجميل الحياة اليومية للحصول على مستهلكين للسوق، وجمهور للمحافل السياسية، وشركاء في إدامة الاضطهاد والظلم، عوضًا عن رعاية المواطنين والمجتمع المدني ليشاركوا في حوار عميقٍ وواعٍ، ويمارسوا تأملاتٍ نقدية للأفكار، إلَّا أنَّ خطر تجميل الحياة اليومية هذا ليس حتميًّا بالضرورة، فيرى البعض إمكانية، بل أهمية أن نشجع استراتيجية التجميل في سبيل خدمة تنمية العدل، والديموقراطية، والمواطنة، والحوار المدني (Nielsen 2005; Matteucci 2017; Saito 2017a, 2018b).

 

  1. تطورات حديثة ومستقبلية

ما زال هناك مسائل عدة يجب تناولها، مع أنَّ الجماليات اليومية تطورت تطورًا ملحوظًا منذ ظهورها الحديث نسبيًا في مجال الجماليات الغربية، وعلى ضوء التطورات الحديثة المبينة أدناه، تكثر الإمكانات والفرص لتوجيه مستقبل الجماليات اليومية .

أولًا، يشير العديد من النقاد والداعمين للجماليات اليومية إلى ضرورة قيامها على أساس نظري متين (Forsey 2013a; Ratiu 2013; Iannilli 2016)، فتضمنت الاقتراحات الرجوع إلى الظواهرية، والبنيوية وما بعد البنيوية، إلى جانب البراغماتية التي كثيرًا ما يشار إليها بوصفها المصدر الأساسي (Potgieter 2017)، كما اقترحوا تأطير الجماليات اليومية بمثابة فلسفة عملية، بتركيزها على المعرفة العملية العرَضية والعلائقية، ومنحها الدور للتصرف من أجل المصلحة العامة كذلك (Vihalem 2016; Ratiu 2017a)، وكان اقتراحٌ آخر أن تُقدم نظرية إدراك جمالي قائمة على نمط اهتمام محدد (Nanay 2016, 2018)، وتهدف تلك الاقتراحات بالتحديد إلى تناول، وربما حلّ النزاع والتوتر الملحوظ في جدل مؤيدي الجماليات اليومية حول اليومي وغير اليومي، والحياة والفن، والنظرية والتطبيق، والعادي والاستثنائي، والروتيني وغير الروتيني، والمألوف وغير المألوف، والحواس (الدنيا) ذات التوجه الجسدي والحواس (العليا) ذات التوجه المعرفي. كما ينبغي أن يدعم الأساس النظري المتين اشتراك ذاتية التجربة الجمالية كي لا يجعل الجماليات اليومية شخصيةً وتافهة، أحد أكثر الانتقادات الموجهة إليها شيوعًا، أضِف إلى ذلك الاعتقاد بأنَّ الأساس النظري يساعد في إلقاء الضوء على الأبعاد السياسية للجماليات اليومية، وتحديدًا نظام الملموس المليء بالاعتبارات السياسية، وتجميل التجارة والسياسة المتزايد الذي يعامل الناس معاملة المستهلك لا المواطن.    

ثانيًا وكما طرحنا في القسم الثاني، إنَّ ما يُعدُّ يوميًا مسألةٌ معقدة، وأحد التعقيدات هي حقيقة أن عالمنا المعاش في تغيُّر سريع بسبب التقنية والتغير المناخي، فلا يمكننا تصور حياتنا اليومية اليوم بدون استخدام الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبحث في جوجل، والكم الهائل من البيانات، والواقع الافتراضي وما إلى ذلك. كما أننا نعيش بالفعل المستقبل الذي يتضمن السيارات ذاتية القيادة، والتقنية التي يمكن ارتداؤها، والذكاء الاصطناعي، ومع أنه من الممكن افتراض أننا سنظل نحن البشر نشقُّ طريقنا في الحياة محاطين ومتفاعلين مع أشياء متنوعة بنفس الطريقة التي عهدناها دائمًا، وأنَّ حياتنا اليومية ستضم التقدم التقني وتتأثر به أكثر فأكثر في المستقبل المتوقع، بالإضافة إلى أنه يتحتَّم على البيئات المادية (التي تتألف من الطبيعة والمباني) للكثير من الناس أن تتحول بفعل التغير المناخي؛ مُغيِّرة بذلك شؤونهم اليومية وممارساتهم الثقافية جذريًا (Nomikos 2018).       

إذا كانت الجماليات اليومية تركز على ما وُصف بالبيئة الثابتة نسبيًا، والمُتألفة من محيط مألوف وعناصر مادية؛ يكون التحدي أن نبحث فيما إذا كانت التغيرات السريعة على المألوف اليومي تؤثر -وإلى أي حد- في طبيعة مجال الجماليات اليومية ، ولقد بدأت كتابة بعض الأعمال بالفعل كما تبين الأبحاث في آثار السيارات ذاتية القيادة (Mladenović, et al 2019)، وأدوات رسم الخرائط (Iannilli 2014; Lehtinen 2019)، وشيوع أنواع الآلات عمومًا (Naukkarinen 2019)، فتدرس تلك الأبحاث ما إذا كانت تلك الآلات تتيح للمستخدمين تجربة تفاعلية وكيفية ذلك، وطريقة نقل مجال الجماليات من التأكيد على التجارب التأملية إلى التجارب المباشرة والمتفاعلة جسديًا موجَّهةً بعملية الشيء، وكيفية تأثيرها في الخصوصية وطبيعة الجماليات بوصفها اختصاصًا أكاديميًا. فقد يكون الأمر أن أصبح العادي في عالمنا اليومي تغيرًا سريعًا ومستمرًا، بدلًا عن الاستقرار والأُلفة التي تُعدُّ السمة المميزة للحياة اليومية حتى الآن، كما أنَّ توقع المستقبل هذا قد يتطلب من مؤيدي الجماليات اليومية أن يراجعوا بعض الافتراضات التي دعمت طرحهم. 

ثالثًا، لقد أصبحت الجماليات اليومية مؤثرة في اختصاصات وممارسات مختلفة خارج المجال الفلسفي، فقد رُحب بـ الجماليات اليومية لمنحها المبادئ والاستراتيجيات لمجالات متنوعة ابتداءً من إدارة الأعمال، والاستهلاكية، والرعاية الصحية، والرياضة، والقانون، والعلوم، والتربية، وانتهاءً بالدراسات الحضرية، والاستدامة، والموضة، والتصميم، كما تبين العديد من الأعمال الواردة في المراجع، ويرجع هذا القبول والاستغلال الواسع للجماليات اليومية إلى رؤيتها فيما يتعلق بشيوع الجماليات في عالم الجميع المعاش، بالإضافة إلى أملها في مساهمة صقل المعرفة والحساسية الجمالية في تحسين رفاهية الفرد، والتواصل الاجتماعي، وحال المجتمع والعالم، لكن الفرصة، وكذلك التحدي الذي تُشكِّله تلك الممارسات المتنوعة المحددة الاختصاص هو التساؤل حول ما إذا كان ثمة مفهوم شامل موحِّد للتجربة الجمالية والتطبيق الجمالي، وحتى إن وُجد المفهوم الموحِّد، يبقى التساؤل الآخر ما إذا كان ينبغي لنا التوصل إلى مفهوم كهذا بالاعتماد على دراسات تلك الاختصاصات المختلفة (Vihalem 2016).

أخيرًا وعلى ضوء الاهتمام المتزايد بطبيعة مختلف المجالات المحددة الثقافة، تواجه الجماليات اليومية التحدي -والفرصة كذلك- لتحدد موقعها في سياقٍ عالمي، فالتُمست عولمة الجماليات في الفن خاصةً، كما يبين إنهاء استعمار مجالات الفن، وتاريخ الفن، وإدارة المتاحف. ولقد وضحنا في بداية هذه المقالة أنَّ الجماليات اليومية ظهرت لتحدي ما كان يُعَدُّ جمالياتٍ متمحورة حول الفن والتي طغت على الجماليات الغربية في القرن الماضي؛ تاريخيًا وثقافيًا، كما أنَّ للعديد من الثقافات (بما فيها تلك التي ليس لديها فكرة مقابلة للمفهوم الغربي للفن) باعًا طويلًا في الاهتمامات والمخاوف الجمالية التي تتخلل حياة الناس وترشدها وتوجهها، سواءً فيما يتعلق بإدارة الحياة اليومية، أو العلاقات الاجتماعية، أو الطقوس الروحانية، أو الأنشطة الثقافية، أو صناعة الأشياء (انظر Higgins 1996 and Higgins, et al. 2017 لمجموعة مقالات تستعرض ثقافات جمالية غير غربية متنوعة)، فعلى سبيل المثال، يحصل تراث “جماليات المعيشة” الصيني -القائم منذ وقت طويل- الذي يمارسه الناس بمثابة طريقة لتحسين جودة التجربة المعاشة، والمساهمة في سعادتهم ورفاهيتهم بدلًا عن فهمه بوصفه نظريةً مجردة؛ على الاهتمام المتجدد للباحثين الصينيين الذين يعملون على حوار عابر للثقافات (Liu 2014, 2017, 2018; Pan 2014; Q. Wang 2014)، كذلك يحظى التراث الياباني بالاهتمام المتزايد لأولئك الذين بصدد دراسة الطريقة التي تتعدى فيها جمالياته الفنون الموجودة لتسترشد حياة الناس اليومية بها (Ikegami 2005; Sasaki 2013; Otabe 2018)، فالبحث في الطريقة التي تنمي فيها الثقافات المختلفة ممارساتها الجمالية اليومية الخاصة يساعد في توضيح الموقع الثقافي لبعض افتراضات الفلسفة الغربية والجماليات، كالعلاقة ما بين الفن والحياة، والنظري والتطبيقي، والمجرِّب ومصدر التجربة، وكذلك بين وضمن الجمالي والأخلاقي والاجتماعي والعملي والوجودي والروحاني. 

كما بدأت الجماليات اليومية مهمتها بروح الشمول بتوسعة مادتها العلمية لغرض المناقشة، يكمل المجال مهمته بالروح نفسها بالتشجيع على الدراسات المحددة الثقافة والاختصاص، وآخذةً المستقبل بعين الاعتبار، وبالبحث في الوقت ذاته عن أساسٍ نظري يسمح بالحوار الذاتي المشترك، العابر للثقافة والاختصاص.


قائمة المراجع

تضمُّ قائمة المراجع هذه أعمالًا معاصرة بالإنجليزية فقط، راجع المقالات المخصصة للأعمال الفلسفية الكلاسيكية والثقافات غير الغربية.

  • Ackerman, Diane, 1991,A Natural History of the Senses, New York: Vintage Books.
  • Al Qudowa, Salem Y., 2017, “Aesthetic Value of Minimalist Architecture in Gaza”,Contemporary Aesthetics, 15. [Al Qudowa 2017 available online]
  • Ameel, Lieven and Sirpa Tani, 2011, “Everyday Aesthetics In Action: Parkour Eyes and the Beauty of Concrete Walls”,Emotion, Space and Society, 5(3): 164–
  • Anderson, Erik, forthcoming, “Aesthetic Appreciation of Silence”,Contemporary Aesthetics.
  • Archer, Alfred and Lauren Ware, 2018, “Beyond the Call of Beauty: Everyday Aesthetic Demands Under Patriarchy”,The Monist, 101(1): 114–
  • Attfield, Judy, 2000,Wild Things: The Material Culture of Everyday Life, Oxford: Berg.
  • Bennett, Jane, 2010,Vibrant Matter: A Political Ecology of Things, Durham: Duke University Press.
  • Bennett, Jill, 2012,Practical Aesthetics: Events, Affects and Art after 9/11, London: I.B.Tauris.
  • Barthes, Roland, 1990,Mythologies, Annette Lavers (trans.), New York: The Noonday Press.
  • Berleant, Arnold, 1970,Aesthetic Field: A Phenomenology of Aesthetic Experience, Springfield: Thomas.
  • –––, 1991,Art and Engagement, Philadelphia: Temple University Press.
  • –––, 1992,The Aesthetics of Environment, Philadelphia: Temple University Press.
  • –––, 1997,Living in the Landscape: Toward an Aesthetics of Environment, Lawrence: University Press of Kansas.
  • –––, 2004,Re-thinking Aesthetics: Rogue Essays on Aesthetics and the Arts, Aldershot: Ashgate.
  • –––, 2005a,Aesthetics and Environment: Variations on a Theme, Aldershot: Ashgate.
  • –––, 2005b, “Ideas for a Social Aesthetic”, inThe Aesthetics of Everyday Life, Andrew Light and Jonathan M. Smith (eds.), New York: Columbia University Press, pp. 23–
  • –––, 2010,Sensibility and Sense: The Aesthetic Transformation of the Human World, Exeter: Imprint Academic.
  • –––, 2011, “Negative Aesthetics in Everyday Life”,Aesthetic Pathways, 1(2): 75–
  • –––, 2012,Aesthetics Beyond the Arts: New and Recent Essays, Aldershot: Ashgate.
  • –––, 2013, “What Is Aesthetic Engagement?”,Contemporary Aesthetics, 11. [Berleant 2013 available online]
  • –––, 2014, “Transformations in Art and Aesthetics”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 2–
  • –––, 2015a, “Aesthetic Sensibility”,Ambiances, March 30. doi:10.4000/ambiances.526 [Berleant 2015a available online]
  • –––, 2015b, “Co-Optation of Sensibility and the Subversion of Beauty”,Pragmatism Today, 6(2): 38– [Berleant 2015b available online]
  • –––, 2017, “Objects into Persons: The Way to Social Aesthetics”,Espes, 6(2): 9– [Berleant 2017 available online]
  • Berleant, Arnold and Allen Carlson (eds.), 2007,The Aesthetics of Human Environments, Peterborough: Broadview Press.
  • Besson, Anu Marjeaana, 2017, “Everyday Aesthetics on Staycation as a Pathway to Restoration”,International Journal of Humanities and Cultural Studies, 4(3): 34– [Besson 2017 available online]
  • Bhatt, Ritu, (ed.), 2013.Rethinking Aesthetics: The Role of Body in Design, New York: Routledge.
  • Bishop, Claire, 2012,Artificial Hells: Participatory Art and the Politics of Spectatorship, London: Verso.
  • Böhme, Gernot, 1993, “Atmosphere as the Fundamental Concept of a New Aesthetics”, David Roberts (tr.),Thesis Eleven, 36: 113–
  • –––, 1998, “Atmosphere as an Aesthetic Concept”,Daidallos, 68: 112–
  • –––, 2003, “Contribution to the Critique of the Aesthetic Economy”,Thesis Eleven, 73: 71–
  • –––, 2010, “On Beauty”,The Nordic Journal of Aesthetics, 39: 22–
  • –––, 2017,Critique of Aesthetic Capitalism, Edmund Jephcott (trans.), Mimesis International.
  • Bourdieu, Pierre, 1984,Distinction: A Social Critique of the Judgement of Taste, Richard Nice (trans.), Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press.
  • Bourriaud, Nicolas, 2002,Relational Aesthetics, Simon Pleasance and Fronza Woods (tr.), Dijon: les presses du ré
  • Brady, Emily, 2005, “Sniffing and Savoring: The Aesthetics of Smells and Tastes”,The Aesthetics of Everyday Life, Andrew Light and Jonathan M. Smith (eds.), New York: Columbia University Press, pp. 177–
  • Brand, Peg Zeglin (ed.), 2000,Beauty Matters, Bloomington: Indiana University Press.
  • ––– (ed.), 2012,Beauty Unlimited, Bloomington: Indiana University Press.
  • Brook, Isis, 2012, “Make, Do, and Mend: Solving Placelessness Through Embodied Environmental Engagement”,Human-Environment Relations: Transformative Values in Theory and Practice, Emily Brady P. Phemister (eds.), London: Springer, pp. 109–
  • Bullough, Edward, 1912–13, “‘Psychical Distance’ as a Factor in Art and an Aesthetic Principle”,The British Journal of Psychology, 5: 87–
  • Buss, Sarah, 1999, “Appearing Respectful: The Moral Significance of Manners”,Ethics, 109(4): 779–
  • Calhoun, Cheshire, 2000, “The Virtue of Civility”,Philosophy & Public Affairs, 29(3): 251–
  • Carlson, Allen, 2014, “The Dilemma of Everyday Aesthetics”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 48–
  • Chapman, Jonathan, 2006,Emotionally Durable Design: Objects, Experiences and Empathy, Sterling: Earthscan.
  • Curtin, Deane W. and Lisa M. Heldke (eds.), 1992,Cooking, Eating, Thinking: Transformative Philosophies of Food, Bloomington: Indiana University Press.
  • Cwerner, Saulo B. and Alan Metcalfe, 2003, “Storage and Clutter: Discourses and Practices of Order in the Domestic World”,Journal of Design History, 16(3): 229–
  • Danto, Arthur, 2003,The Abuse of Beauty: Aesthetics and the Concept of Art, Chicago: Open Court.
  • Darsø, Lotte, 2004,Artful Creation: Learning-Tales of Arts-in Business, Frederiksberg, Denmark: samfundslitteratur.
  • Davies, David, 2015, “Sibley and the Limits of Everyday Aesthetics”,Journal of Aesthetic Education, 49(3): 50–
  • –––, 2016, “Applied Aesthetics”,A Companion to Applied Philosophy, Kasper Lippert-Rasmussen, Kimberley Brownlee, and David Coady (eds.), Chichester: Wiley-Blackwell, pp. 487–
  • Davies, Stephen, Kathleen Marie Higgins, Robert Hopkins, Robert Stecker, and David E. Cooper (eds), 2009,A Companion to Aesthetics, second edition, Malden: Blackwell Publishing.
  • De Certeau, Michel, 1988,The Practice of Everyday Life, Steven Rendall (tr.), Berkeley: University of California Press.
  • Dee, Catherine, 2010, “Form, Utility, and the Aesthetics of Thrift in Design Education”,Landscape Journal, 29(1–10): 21–
  • Dewey, John, 1958,Art as Experience, New York: Capricorn Press.
  • Dezeuze, Anna, 2006, “Everyday Life, ‘Relational Aesthetics’ and the ‘Transfiguration of the Commonplace’”,Journal of Visual Art Practice, 5(3): 143–
  • Dhillon, Pradeep, 2009, “Aesthetic Education”, in Davies et al. 2009: 114–
  • di Stefano, Elisabetta, 2017, “Designing Atmospheres. The Role of Aesthetics in the Requalification of Space”,Proceedings of the 2nd International Conference on Environmental Design, Milan: De Lettera Publishers (Mediterranean Design Association), 15–
  • –––, 2018, “Cosmetic Practices: The Intersection with Aesthetics and Medicine”,Studies in Somaesthetics, 1: 162–
  • Diaconu, Madalina, 2013, “What is ‘Longing for Clouds: Does Beautiful Weather Have To Be Fine?”,Contemporary Aesthetics, 15. [Diaconu 2013 available online]
  • Dickie, George, 1969, “The Myth of the Aesthetic Attitude”, in John Hospers (ed.),Introductory Readings in Aesthetics, New York: The Free Press, pp. 28–
  • Dillard, Annie, 1974, “Seeing”, inPilgrim at Tinker Creek, New York: Harper’s Magazine Press.
  • Douglas, Mary, 2002,Purity and Danger: An Analysis of Concept of Pollution and Taboo, London: Routledge.
  • Dowling, Christopher, 2010, “The Aesthetics of Daily Life”,British Journal of Aesthetics, 50(3): 225–
  • Drobnick, Jim, 2005, “Volatile Effects: Olfactory Dimensions of Art and Architecture”, in David Howes (ed.),Empire of the Senses: The Sensual Culture Reader, Oxford: Berg, pp. 265–
  • Duerksen, Christopher J. and R. Matthew Goebel, 1999,Aesthetics, Community Character, and the Law, Chicago: American Planning Association.
  • Duncum, Paul, 1999, “A Case for an Art Education of Everyday Aesthetic Experiences”,Studies in Art Education, 40(4): 295–
  • –––, 2007a, “Aesthetics, Popular Visual Culture, and Designer Capitalism”,Journal of Art and Design Education, 26: 3–285–
  • –––, 2007b, “Reasons for the Continuing Use of an Aesthetics Discourse in Art Education”,Art Education, 60(2): 46–
  • Eaton, Marcia Muelder, 1989,Aesthetics and the Good Life, Rutherford: Farleigh Dickinson University Press.
  • –––, 2001,Merit, Aesthetic and Ethical, Oxford: Oxford University Press.
  • Elkington, Sam, 2015, “Disturbance and Complexity in Urban Places: The Everyday Aesthetics of Leisure”, inLandscapes of Leisure, Sean Gammon and Sam Elkington (eds.), Basingstoke: Palgrave, pp. 24–
  • Farías, Gabriela, 2011, “Everyday Aesthetics in Contemporary Art”,Rupkatha Journal on Interdisciplinary Studies in Humanities, 3(3): 440– [Farías 2011 available online]
  • Featherstone, Mike, 1991,Consumer Culture and Postmodernism, London: SAGE Publications.
  • Felski, Rita, 2002, “Introduction”,New Literary History, 33(4): 607–
  • –––, 2009, “Everyday Aesthetics”,The Minnesota Review, 71–72: 171–
  • Forsey, Jane, 2013a,The Aesthetics of Design, Oxford: Oxford University Press.
  • –––, 2013b, “Appraising the Ordinary–Tensions in Everyday Aesthetics”,Proceedings of the European Society for Aesthetics, 5: 237– [Forsey 2013b available online]
  • –––, 2014, “The Promise, the Challenge, of Everyday Aesthetics”,Aisthesis, 7(1): 5– [Forsey 2014 available online]
  • –––, 2016, “The Aesthetic Force of the Unpleasant”,Evental Aesthetics, 5(1): 15– [Forsey 2016 available online]
  • Friberg, Carsten and Raine Vasquez (eds.), 2017,Experiencing the Everyday, København, Denmark: NSU Press. [Friberg and Vasquez 2017 table of contents available online]
  • Garland-Thomson, Rosemarie, 2009,Staring: How We Look, Oxford: Oxford University Press.
  • Giard, Luce, 1998, “Doing Cooking”, inThe Practice of Everyday Life, Volume 2: Living & Cooking, Luce Giard (ed.), Timothy J. Tomasik (tr.), Minneapolis: University of Minnesota Press, pp. 149–
  • Gier, Nicholas F., 2001, “The DancingRu: A Confucian Aesthetics of Virtue”, Philosophy East & West, 51(2): 280–
  • Gipe, Paul, 2002, “Design As If People Matter: Aesthetic Guidelines for a Wind Power Future”, in Martin J. Pasqualetti, Paul Gipe, and Robert W. Righter (eds.),Wind Power in View: Energy Landscape in a Crowded World, San Diego: Academic Press, pp. 173–
  • Graves, Jane, 1998, “Clutter”,Issues in Architecture Art and Design, 5(2): 63–
  • Gray, Tyson-Lord J., 2012, “Beauty or Bane: Advancing an Aesthetic Appreciation of Wind Turbine Farms”,Contemporary Aesthetics, 10. [Gray 2012 available online]
  • Gronow, Jukka, 1987,The Sociology of Taste, London: Routledge.
  • Gumbrecht, Hans Ulrich, 2006, “Aesthetic Experience in Everyday Worlds: Reclaiming an Unredeemed Utopian Motif”,New Literary History, 37: 299–
  • Haapala, Arto, 2005, “On the Aesthetics of the Everyday: Familiarity, Strangeness, and the Meaning of Place”, in Andrew Light and Jonathan M. Smith (eds.),The Aesthetics of Everyday Life, New York: Columbia University Press, pp. 39–
  • –––, 2017, “The Everyday, Building, and Architecture: Reflections on the Ethos and Beauty of our Built Surroundings”,Cloud-Cuckoo-Land: International Journal of Architectural Theory, 22(36): 171–
  • Haapala, Arto and Christopher Stevens (eds.), 2011,Aesthetic Pathways, 1(2).
  • Hainic, Cristian, 2016, “Early Theoretical Models for the Aesthetic Analysis of Non-Art Objects”,Rivista di Estetica, 63: 188– doi:10.4000/estetica.1334 [Hainic 2016 available online]
  • Harris, Daniel, 2000,Cute, Quaint, Hungry and Romantic: The Aesthetics of Consumerism, Cambridge: Da Capo Press.
  • Higgins, Kathleen M. (ed.), 1996,Aesthetics in Perspective, Fort Worth: Harcourt Brace & Company.
  • –––, 2005, “Comparative Aesthetics”,The Oxford Handbook of Aesthetics, Jerrold Levinson (ed.), Oxford: Oxford University Press, pp. 679–
  • Higgins, Kathleen and Joel Rudinow (eds.), 1999, Special Issue: Aesthetics and Popular Culture.Journal of Aesthetics and Art Criticism, 57(2).
  • Higgins, Kathleen, Shakti Maira, and Sonia Sikka (eds.), 2017, Special Issue: Aesthetics and Popular Culture.Artistic Visions and the Promise of Beauty: Cross-Cultural Perspectives, New York: Springer.
  • Highmore, Ben (ed.), 2002,The Everyday Life Reader, Oxon: Routledge.
  • –––, 2004, “Homework: Routine, Social Aesthetics and the Ambiguity of Everyday Life”,Cultural Studies, 18(2/3): 306–
  • –––, 2010,Everyday Life and Cultural Theory: An Introduction, Oxon: Routledge.
  • –––, 2011a,Ordinary Lives: Studies in the Everyday, Oxon: Routledge.
  • ––– (ed.), 2011b,Everyday Life, Abingdon, Oxon.
  • Howes, David, 2005, “HYPERESTHESIA, or, the Sensual Logic of Late Capitalism”, inEmpire of the Senses: The Sensual Culture Reader, David Howes (ed.). Oxford: Berg, pp. 281–
  • –––, 2013, “Selling Sensation”,New Scientist, 219(2934): 28–
  • Howes, David and Constance Classen, 2014,Ways of Sensing: Understanding the Senses in Society, London: Routledge.
  • Iannilli, Gioia Laura, 2014, “Inter-facing Everydayness from Distance to Use, through the Cartographic Paradigm”,Aithesis, 7(1): 63– [Iannilli 2014 available online]
  • –––, 2016, “Everyday Aesthetics: Institutionalization and ‘Normative Turn’”,Proceedings on the European Society for Aesthetics, 8: 269– [Iannilli 2016 available online]
  • –––, 2017, “How Can Everyday Aesthetics Meet Fashion?”,Studi di estetica, serie 7: 229– [Iannilli 2017 available online]
  • Ikegami, Eiko, 2005,Bonds of Civility: Aesthetic Networks and the Political Origins of Japanese Culture, New York: Cambridge University Press.
  • Ingold, Tim, 2000,The Perception of the Environment: Essays on Livelihood, Dwelling and Skill, London: Routledge.
  • Interference Journal, 2019, Issue 7, Editorial Intro by Rob Mackay,available online.
  • Irvin, Sherri, 2008a, “Scratching an Itch”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 66(1): 25–
  • –––, 2008b, “The Pervasiveness of the Aesthetic in Ordinary Experience”,British Journal of Aesthetics, 48(1): 29–
  • –––, 2009a, “Aesthetics and the Private Realm”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 67(2): 226–
  • –––, 2009b, “Aesthetics of the Everyday”, in Davies et al. 2009: 136–
  • ––– (ed.), 2016,Body Aesthetics, Oxford: Oxford University Press.
  • Johnstone, Stephen (ed.), 2008,The Everyday, Cambridge: MIT Press.
  • Kaprow, Allan, 1993,Essays on the Blurring of Art and Life, Jeff Kelley (ed.), Berkeley: University of California Press.
  • Kester, Grant H., 2004,Conversation Pieces: Community and Communication in Modern Art, Berkeley: University of California Press.
  • –––, 2011,The One and the Many: Contemporary Collaborative Art in a Global Context, Durham: Duke University Press.
  • Kim, Kwang Myung, 2013, “The Aesthetic Turn in Everyday Life in Korea”,Open Journal of Philosophy, 3(3): 359– [Kim 2013 available online]
  • Korsmeyer, Carolyn, 1999,Making Sense of Taste: Food and Philosophy, Ithaca: Cornell University Press.
  • –––, 2005,The Taste Culture Reader: Experiencing Food and Drink, Oxford: Berg.
  • –––, 2011,Savoring Disgust: The Foul & the Fair in Aesthetics, Oxford: Oxford University Press.
  • –––, 2017, “Taste and Other Senses: Reconsidering the Foundations of Aesthetics”,The Nordic Journal of Aesthetics, 26(54): 20– [Korsmeyer 2017 available online]
  • Krawczyk, Marcin M., forthcoming“The Aesthetics and Financial Market: Beyond Mere Representing and Supporting”,Contemporary Aesthetics
  • Kuisma, Oiva, Sanna Lehtinen and Harri Mäcklin (eds.), 2019,Paths from the Philosophy of Art to Everyday Aesthetics, Helsinki: The Finnish Society for Aesthetics. [Kuisma et al. 2019 available online]
  • Kupfer, Joseph, 1983,Experience as Art: Aesthetics in Everyday Life, Albany: SUNY Press, 1983.
  • Lafebvre, Henri, 1991,Critique of Everyday Life, John Moore (tr.), London: Verso.
  • Lehtinen, Sanna, and Vesa Vihanninjoki, 2019, “Seeing new in the familiar: intensifying aesthetic engagement with the city through new location-based technologies”,Behaviour and Information Technology, 38: 1–
  • Leddy, Thomas, 1995, “Everyday Surface Aesthetic Qualities: ‘Neat,’ ‘Messy,’ ‘Clean,’ ‘Dirty’”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 53(3): 259–
  • –––, 1997, “Sparkle and Shine”,British Journal of Aesthetics, 37(3): 259–
  • –––, 2005, “The Nature of Everyday Aesthetics”, in Andrew Light and Jonathan M. Smith (eds.),The Aesthetics of Everyday Life, New York: Columbia University Press, pp. 3–
  • –––, 2008, “The Aesthetics of Junkyards and Roadside Clutter”,Contemporary Aesthetics, 6. [Leddy 2008 available online]
  • –––, 2012a,The Extraordinary in the Ordinary: The Aesthetics of Everyday Life, Peterborough: Broadview Press.
  • –––, 2012b, “Defending Everyday Aesthetics and the Concept of ‘Pretty’”,Contemporary Aesthetics, 10. [Leddy 2012b available online]
  • –––, 2012c, “Aestheticization, Artification, and Aquariums”,Contemporary Aesthetics, Special Volume 4. [Leddy 2012c available online]
  • –––, 2014a, “Everyday Aesthetics and Photography”,Aithesis, 7(1). [Leddy 2014a available online]
  • –––, 2014b, “Everyday Aesthetics and Happiness”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 26–
  • –––, 2015, “Experience of Awe: An Expansive Approach to Everyday Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, 13. [Leddy 2015 available online]
  • –––, forthcoming, “Kant and Everyday Aesthetics”,Kants Critique of Aesthetic Judgment in the Twentieth Century: A Historical and Critical Comparison of Its Main Interpretations, Stefano Marino and Pietro Terzi (eds.), Berlin: De Gruyter.
  • –––, forthcoming, “Resolving the Tension of Everyday Aesthetics in a Deweyan Way”,American Aesthetics Today: Theory and Practice, Walter Gulick and Gary Slater (eds.), Albany: SUNY Press.
  • Lee, Jessica, 2010, “Home Life: Cultivating a Domestic Aesthetic”,Contemporary Aesthetics, 8. [Lee 2010 available online]
  • Leonhardt, Gay, 1985, “An Eye for Peeling Paint”,Landscape, 28(2): 23–
  • Light, Andrew and Jonathan M. Smith, (eds.), 2005,The Aesthetics of Everyday Life, New York: Columbia University Press.
  • Linstead, Stephen and Heather Höpfl (eds.), 2000,The Aesthetics of Organization, London: SAGE Publications.
  • Lintott, Sheila, 2003, “Sublime Hunger: A Consideration of Eating Disorders beyond Beauty”,Hypatia, 18(4): 65–
  • –––, 2012, “The Sublimity of Gestating and Giving Birth: Toward a Feminist Conception of the Sublime”, in Sheila Lintott and Maureen Sander-Staudt (eds.),Philosophical Inquiries Into Pregnancy, Childbirth, and Mothering: Maternal Subjects, New York: Routledge, pp. 237–
  • Liu, Yuedi, 2014, “ ‘Living Aesthetics’ from the Perspective of the Intercultural Turn”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 14–
  • –––, 2017, “The Aesthetics of Living: Rooted in Chinese Soil and Going Global”,Confucian Academy, 4(4): 126–
  • –––, 2018, “From ‘Practice’ to ‘Living’: Main Trends of Chinese Aesthetic in the Past 40 Years”,Frontiers of Philosophy in China, 13(1): 139–
  • Liu, Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), 2014,Aesthetics of Everyday Life: East and West, Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing.
  • Livingston, Paisley, 2015, “New Directions in Aesthetics”, in Anna Christina Ribeiro (ed.),The Bloomsbury Companion to Aesthetics, London: Bloomsbury Academic, pp. 255–
  • Lopes, Dominic McIver, 2014,Beyond Art, Oxford: Oxford University Press.
  • Lynes, Russell, 1985, “Kudos for Clutter”,Architectural Digest, 41(3): 34–
  • Mandoki, Katya, 2007,Everyday Aesthetics: Prosaics, the Play of Culture and Social Identities, Aldershot, Hampshire: Ashgate.
  • –––, 2010, “The Third Tear in Everyday Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, 8. [Mandoki 2010 available online]
  • –––, 2012, “The Sense of Earthiness: Everyday Aesthetics”,Diogenes, 59(1–2): 138–
  • Martin, Lois, 2004, “Patinaof Cloth”, Surface Design Journal, 28(4): 16–
  • Maskit, Jonathan, 2011, “The Aesthetics of Elsewhere: An Environmentalist Everyday Aesthetics”,Aesthetic Pathways, 1(2): 92–
  • Matteucci, Giovanni, 2016, “The Aesthetic as a Matter of Practices: Form of Life in Everydayness and Art”,Comprendre, 18(2): 9–
  • –––, 2017, “Everyday Aesthetics and Aestheticization: Reflectivity in Perception”,Studi di estetica, IV serie, 7: 207– [Matteucci 2017 available online]
  • Maxwell, Robert, 1993,Sweet Disorder and the Carefully Careless: Theory and Criticism in Architecture, New York: Princeton Architectural Press.
  • May, Harvey, 2011, “Aestheticization of Everyday Life”,Encyclopedia of Consumer Culture, Dale Southerton (ed.), pp. 15–
  • McCracken, Janet, 2001,Taste and the Household: The Domestic Aesthetic and Moral Reasoning, Albany: SUNY Press.
  • Melchionne, Kevin, 1998, “Living in Glass Houses: Domesticity, Interior Decoration, and Environmental Aesthetics”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 56(2): 191–
  • –––, 2011, “Aesthetic Experience in Everyday Life: A Reply to Dowling”,British Journal of Aesthetics, 51(4): 437–
  • –––, 2013, “The Definition of Everyday Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, 11. [Melchionne 2013 available online]
  • –––, 2014, “The Point of Everyday Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, 12. [Melchionne 2014 available online]
  • –––, 2017, “Aesthetic Choice”,British Journal of Aesthetics, 57(3): 283–
  • Miyahara, Kojiro, 2014, “Exploring Social Aesthetics: Aesthetic Appreciation as a Method for Qualitative Sociology and Social Research”,International Journal of Japanese Sociology, 23(1): 63–
  • Mladenović, Miloš, Lehtinen, Sanna, Emily Sof, and Karel Martens, 2019, “Emerging Urban Mobility Technologies through the Lens of Everyday Urban Aesthetics: Case of Self-Driving Vehicle”,Essays in Philosophy, 20(2): Article 3, 1–25. [Mladenović et al. 2019 available online]
  • Mollar, Dan, 2014, “The Boring”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 72(2): 181–
  • Moss, Hilary and Desmond O’Neill, 2013, “The Aesthetic and Cultural Interests of Patients Attending an Acute Hospital: A Phenomenological Study”,Journal of Advanced Nursing, 70(1): 121– doi:10.1111/jan.12175
  • –––, 2014, “Aesthetic Deprivation in Clinical Settings”,The Lancet, 383(9922): 1032– doi:10.1016/S0140-6736(14)60507-9
  • Mullis, Eric, 2007, “The Ethics of Confucian Artistry”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 65(1): 99–
  • Nanay, Bence, 2016,Aesthetics as Philosophy of Perception, Oxford: Oxford University Press.
  • –––, 2018, “The Aesthetic Experience of Artworks and Everyday Scenes”,The Monist, 101: 71–
  • Nassauer, Joan Iverson, 1995, “Messy Ecosystems, Orderly Frames”,Landscape Journal, 14(2): 161–
  • Naukkarinen, Ossi, 1999,Aesthetics of the Unavoidable: Aesthetic Variations in Human Appearance, Saarijärvi: Gummerus Kirjapaino Oy.
  • –––, 2013, “What is ‘Everyday’ in Everyday Aesthetics?” Contemporary Aesthetics, 11. [Naukkarinen 2013 available online]
  • –––, 2014, “Everyday Aesthetic Practices, Ethics and Tact”,Aithesis, 7(1): 23– [Naukkarinen 2014 available online]
  • –––, 2017, “Everyday Aesthetics and Everyday Behavior”,Contemporary Aesthetics, 15. [Naukkarinen 2017 available online]
  • ––– and Raine Vasquez, 2017, “Creating and Experiencing the Everyday Through Daily-Life”,Experiencing the Everyday, Carsten Friberg and Raine Vasquez (eds.), København, Denmark: NSU Press, pp. 166–
  • –––, 2019, “Feeling (with) Machines”,Paths from the Philosophy of Art to Everyday Aesthetics, Oiva Kuisma, Sanna Lehtinen and Harri Mäcklin (eds.), Helsinki: The Finnish Society for Aesthetics, pp. 180– [Naukkarinen 2019 available online]
  • Naukkarinen, Ossi and Arto Haapala (eds.), 2005,Aesthetics and Mobility, Special Volume 1 of Contemporary Aesthetics. [Naukkarinen and Haapala 2005 available online]
  • Naukkarinen, Ossi and Yuriko Saito (eds.), 2012,Artification, Special Volume 4 of Contemporary Aesthetics. [Naukkarinen and Saito 2012 available online]
  • Ngai, Sianne, 2012,Our Aesthetic Categories: Zany, Cute, Interesting, Cambridge: Harvard University Press.
  • Nielsen, Henrik Kaare, 2005, “Totalizing Aesthetics? Aesthetic Theory and Aestheticization of Everyday Life”,The Nordic Journal of Aesthetics, 17(32): 60– [Nielsen 2005 available online]
  • Nomikos, Ariane, 2018, “PlaceMatters”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 76(4): 453–
  • Norman, Donald A., 1990,The Design of Everyday Things, New York: Doubleday.
  • –––, 2004,Emotional Design: Why We Love (or Hate) Everyday Things, New York: Basic Books.
  • Norton, Brian Michael, 2015a, “The Spectatorand Everyday Aesthetics”, Lumen: Selected Proceedings from the Canadian Society for Eighteenth-Century Studies, 34: 123– [Norton 2015a available online]
  • –––, 2015b, “The Spectator, Aesthetic Experience and the Modern Idea of Happiness”,English Literature, 2(1): 87– [Norton 2015b available online]
  • Novitz, David, 1992,The Boundaries of Art: A Philosophical Inquiry into the Place of Art in Everyday Life, Philadelphia: Temple University Press.
  • Orr, David, 2002,The Nature of Design: Ecology, Culture, and Human Intention, Oxford: Oxford University Press.
  • Otabe, Tanehisa, 2018, “The ‘Aesthetic Life’: A Leitmotif in Modern Japanese Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, Special Volume 6 on Aesthetic Consciousness in East Asia 11. [Otabe 2018 available online]
  • Paetzold, Heinz, 2012, “Aesthetics of Urban Design”,Diogenes, 59(1–2): 63–
  • –––, 2013, “The Aesthetics of City Strolling”,Contemporary Aesthetics, 11. [Paetzold 2013 available online]
  • Pahl, Kate, 2014, “The Aesthetics of Everyday Literacies: Home Writing Practices in a British Asian Household”,Anthropology & Education Quarterly, 45(3): 293– [Pahl 2014 available online]
  • Pallasmaa, Juhani, 1999, “Toward an Architecture of Humility”,Harvard Design Magazine, Winter/Spring 1999: 22–
  • –––, 2005,The Eyes of the Skin: Architecture and the Senses, Chichester: Wiley-Academy.
  • Pan, Fan, 2014, “The Modern Issue of the Living Aesthetics of Traditional Chinese Scholars”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 165–
  • Papanek, Victor, 1992,Design for the Real World: Human Ecology and Social Change, Chicago: Academy Chicago Publishers.
  • –––, 1995,The Green Imperative: Natural Design for the Real World, New York: Thames and Hudson.
  • Parsons, Glenn and Allen Carlson, 2008,Functional Beauty, Oxford: Oxford University Press.
  • Paulson, Ronald, 1996,The Beautiful, Novel, and Strange: Aesthetics and Heterodoxy, Baltimore: The Johns Hopkins University Press.
  • Pearson, David, 1991, “Making Sense of Architecture”,Architectural Review, 1136: 68–
  • Pérez-Carreño, Francisca, 2019, “The Aesthetic Value of the Unnoticed”,Paths from the Philosophy of Art to Everyday Aesthetics, Oiva Kuisma, Sanna Lehtinen and Harri Mäcklin (eds.), Helsinki: The Finnish Society for Aesthetics, pp. 148– [Pérez-Carreño 2019 available online]
  • Perullo, Nicola (ed.), 2012, New Essays on Wine, Taste, Philosophy and Aesthetics, issue of Rivista di estetica, 51. [Perullo 2012 available online]
  • –––, 2016,Taste as Experience: The Philosophy and Aesthetics of Food, New York: Columbia University Press.
  • Pine, B. Joseph II and James H. Gilmore, 1998, “Welcome to the Experience Economy”,Harvard Business Review, July-August 1998: 97–
  • –––, 2013, “The Experience Economy: Past, Present and Future”, in Jon Sundbo and Flemming Sørenson (eds.),Handbook on the Experience Economy, Cheltenham: Edward Elgar Publishing, pp. 21–
  • Postrel, Virginia, 2003,The Substance of Style: How the Rise of Aesthetic Value is Remaking Commerce, Culture, & Consciousness, New York: Harper.
  • –––, 2013,The Power of Glamour: Longing and the Art of Visual Persuasion, New York: Simon & Schuster.
  • Potgieter, Frederick J., 2016a, “On Intersubjectivity in Art and Everyday Aesthetics”,De Arte, 51(2): 3–
  • –––, 2016b, “On Thinking about the Nexus between Art and Everyday Aesthetics”,Critical Arts, 30(5): 655–
  • –––, 2017, “An Educational Perspective and a Poststructural Position on Everyday Aesthetics and the Creation of Meaning”,The Journal of Aesthetic Education, 51(3): 72–
  • Prall, D. W., 1967,Aesthetic Judgment, New York: Thomas Y. Crowell Company.
  • Prose, Francine, 1999, “A Dirty Tablecloth, Deconstructed”,ARTnews, 98(9): 126–
  • Puolakka, Kalle, 2011, “Getting Rid of Bad Habits: The Proper Role of Imagination in Everyday Aesthetics”,Aesthetic Pathways, 1(2): 47–
  • –––, 2014, “Dewey and Everyday Aesthetics: A New Look”,Contemporary Aesthetics, 12. [Puolakka 2014 available online]
  • –––, 2015, “The Aesthetic Pulse of the Everyday: Defending Dewey”,Contemporary Aesthetics, 13. [Puolakka 2015 available online]
  • –––, 2017, “The Aesthetics of Conversation: Dewey and Davidson”,Contemporary Aesthetics, 15. [Puolakka 2017 available online]
  • –––, 2018, “On Habits and Functions in Everyday Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, 16. [Puolakka 2018 available online]
  • –––, 2019, “Does Valery Gergiev Have An Everyday?”,Paths from the Philosophy of Art to Everyday Aesthetics, , Oiva Kuisma, Sanna Lehtinen and Harri Mäcklin (eds.), Helsinki: The Finnish Society for Aesthetics, pp. 132– [Puolakka 2019 available online]
  • Quacchia, Russell, 2016, “The Aesthetic Experience of Aura, Awe, and Wonder: Reflections on Thier Nature and Relationships”,Contemporary Aesthetics, 14. [Quacchia 2016 available online]
  • –––, 2017, “A Conceptual Framework for the Aesthetics of Everyday Object Appreciation”,Contemporary Aesthetics, 15. [Quacchia 2017 available online]
  • Rader, Melvin and Bertram Jessup, 1976,Art and Human Values, Englewood Cliffs: Prentice-Hall.
  • Rancière, Jacques, 2009,Aesthetics and Its Discontents, Steven Corcoran (tr.), Cambridge: Polity Press.
  • Ratiu, Dan Eugen, 2013, “Remapping the Realm of Aesthetics: On Recent Controversies about the Aesthetic and the Aesthetic Experience in Everyday Life”,Estetika: The Central European Journal of Aesthetics, 50(6): 3– [Ratiu 2013 available online]
  • –––, 2017a, “Everyday Aesthetic Experience: Explorations by a Practical Aesthetics”,Experiencing the Everyday, Carsten Friberg and Raine Vasquez (eds.), København, Denmark: NSU Press, pp. 22–
  • –––, 2017b, “The Aesthetic Account of Everyday Life in Organizations: A Report on Recent Developments in Organizational Research”,The Journal of Arts Management, Law, and Society, 47(3): 178–
  • Rautio, Pauliina, 2009, “On Hanging Laundry: The Place of Beauty in Managing Everyday Life”,Contemporary Aesthetics, 7. [Rautio 2009 available online]
  • Rhode, Deborah L., 2010,Beauty Bias: The Injustice of Appearance in Life and Law, Oxford: Oxford University Press.
  • Roberdeau, Wood, 2011, “Affirming Difference: Everyday Aesthetic Experience after Phenomenology”,Contemporary Aesthetics, 9. [Roberdeau 2011 available online]
  • Rothenberg, Julia, 2011, “Aestheticization of Everyday Life”,Encyclopedia of Consumer Culture, ed. Dale Southerton, pp. 15–
  • Ruggerone, Lucia and Neil Jenkins, 2015, “Talking about Beauty: A Study of Everyday Aesthetics among Low-Income Citizens of Milan”,Symbolic Interaction, 38(3): 393–
  • Saito, Yuriko, 2001, “Everyday Aesthetics”,Philosophy and Literature, 25(1): 87–
  • –––, 2004 “Machines in the Ocean: The Aesthetics of Wind Farms”,Contemporary Aesthetics, 2. [Saito 2004 available online]
  • –––, 2005, “The Aesthetics of Weather”, in Andrew Light and Jonathan M. Smith (eds.),The Aesthetics of Everyday Life, New York: Columbia University Press, pp. 156–
  • –––, 2007a,Everyday Aesthetics, Oxford: Oxford University Press.
  • –––, 2007b, “The Moral Dimension of Japanese Aesthetics”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 65(1): 85–
  • –––, 2011, “The Power of the Aesthetic”,Aesthetic Pathways, 1(2): 11–
  • –––, 2012, “Everyday Aesthetics and World-Making”,Contrastes: Revista Internacional de Filosofia, (Supplement) 17: 255–
  • –––, 2014a, “Everyday Aesthetics”, inEncyclopedia of Aesthetics, 2 volumes, Michael Kelly (ed.), second edition, Oxford: Oxford University Press, Volume 2, pp. 525–
  • –––, 2014b, “Everyday Aesthetics in the Japanese Tradition”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liy Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 145–
  • –––, 2016, “Body Aesthetics and the Cultivation of Moral Virtues”, inBody Aesthetics, Sherri Irvin (ed.), Oxford: Oxford University Press, pp. 225– doi:10.1093/acprof:oso/9780198716778.003.0013
  • –––, 2017a,Aesthetics of the Familiar: Everyday Life and World-Making, Oxford: Oxford University Press.
  • –––, 2017b, “The Role of Imperfection in Everyday Aesthetics”,Contemporary Aesthetics, 15. [Saito 2017b available online]
  • –––, 2018a, “Everyday Aesthetics”, inAesthetics: A Reader in Philosophy of the Arts, 4th edition, David Goldblatt, Lee B. Brown, and Stephanie Patridge (eds.), New York: Routledge, pp. 434–
  • –––, 2018b, “Consumer Aesthetics and Environmental Ethics: Problems and Possibilities”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 76(4): 429–
  • Salwa, Mateusz, 2019, “Everyday Green Aesthetics”,Paths from the Philosophy of Art to Everyday Aesthetics, Oiva Kuisma, Sanna Lehtinen and Harri Mäcklin (eds.), Helsinki: The Finnish Society for Aesthetics, pp. 167– [Salwa 2018 available online]
  • Sartwell, Crispin, 2003, “Aesthetics of the Everyday”, inThe Oxford Handbook of Aesthetics, Jerrold Levinson (ed.), Oxford: Oxford University Press, pp. 761–
  • –––, 2004,Six Names of Beauty, New York: Routledge.
  • –––, 2010,Political Aesthetics, Ithaca: Cornell University Press.
  • Sasaki, Ken’ichi, 2013, “Perspectives East and West”,Contemporary Aesthetics, 11. [Sasaki 2013 available online]
  • Scarry, Elaine, 1999,On Beauty and Being Just, Princeton: Princeton University Press.
  • Schor, Juliet B., 2002, “Cleaning the Closet: Toward a New Fashion Ethic”, in Juliet B. Schor and Betsy Taylor (eds.),Sustainable Planet: Solutions for the Twenty-first Century, Boston: Beacon Press, pp. 45–
  • Schulze, Gerhard, 2013, “The Experience Market”, in Jon Sundbo and Flemming Sorenson (eds.),Handbook on the Experience Economy, Cheltenham: Edward Elgar Publishing, pp. 98–
  • Scruton, Roger, 2011,Beauty: A Very Short Introduction, Oxford: Oxford University Press.
  • Sepänmaa, Yrjö, 1995a, “Aesthetics in Practice: Prolegomenon”, inPractical Aesthetics in Practice and in Theory, Marti Honkanen (ed.), Helsinki: University of Helsinki, pp. 13–
  • –––, 1995b, “The Utilization of Environmental Aesthetics”, inReal World Design: The Foundation and Practice of Environmental Aesthetics, Yrjö Sepänmaa (ed.), Helsinki: University of Helsinki, pp. 7–
  • Sherman, Nancy, 2005, “Of Manners and Morals”,British Journal of Educational Studies, 53(3): 272–
  • Shiner, Larry, forthcoming,Art Scents: Exploring the Aesthetics of Smell and the Olfactory Arts, Oxford: Oxford University Press.
  • Shove, Elizabeth, Matthew Watson, Martin Hand and Jack Ingram, 2007,The Design of Everyday Life, Oxford: Berg.
  • Shove, Elizabeth, Frank Trentmann, and Richard Wilk (eds.), 2013,Time, Consumption and Everyday Life, London: Bloomsbury Academic.
  • Shusterman, Richard, 1992,Pragmatist Aesthetics: Living Beauty, Rethinking Art, Oxford: Blackwell.
  • –––, 1999, “Somaesthetics: A Disciplinary Proposal”,Journal of Aesthetics and Art Criticism, 57(3): 299–
  • –––, 2006, “Aesthetic Experience: From Analysis to Eros”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 64(2): 217–
  • –––, 2012,Thinking through the Body: Essays in Somaesthetics, Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 2013, “Everyday Aesthetics of Embodiment”, inRethinking Aesthetics: The Role of Body in Design, Ritu Bhatt (ed.), New York: Routledge.
  • –––, 2015, “Transactional Experiential Inquiry: From Pragmatism to Somaesthetics”,Contemporary Pragmatism, 12(1): 180–
  • –––, 2016, “Somaesthetics and the Fine Art of Eating”, inBody Aesthetics, Sherri Irvin (ed.), Oxford: Oxford University Press.
  • –––, 2019, “Pleasure, Pain, and the Somaesthetics of Illness: A Question for Everyday Aesthetics”,Paths from the Philosophy of Art to Everyday Aesthetics, Oiva Kuisma, Sanna Lehtinen and Harri Mäcklin (eds.), Helsinki: The Finnish Society for Aesthetics, pp. 201– [Shusterman 2019 available online]
  • Siebers, Tobin, 2010,Disability Aesthetics, Ann Arbor: The University of Michigan Press.
  • Simmmel, Georg, 2000,Simmel on Culture: Selected Writings, David Frisby and Mike Featherstone (eds.), London: SAGE Publications.
  • Simpson, Zachary, 2012,Life as Art: Aesthetics and the Creation of Self, New York: Lexington Books.
  • Soucek, Brian, 2009, “Resisting the Itch to Redefine Aesthetics: A Response to Sherri Irvin”,The Journal of Aesthetics and Art Criticism, 67(2): 223–
  • Spaid, Sue, 2002,Ecovention: Current Art to Transform Ecologies, Cincinnati: The Contemporary Arts Center.
  • –––, 2012,Green Acres: Artists Farming Fields, Greenhouses and Abandoned Lots, Cincinnati: Contemporary Arts Center.
  • Sparke, Penny, 1995,As Long as Its Pink: The Sexual Politics of Taste, New York: HarperCollins.
  • Spelman, Elizabeth, 2002,Repair: The Impulse to Restore in a Fragile World, Boston: Beacon Press.
  • Stabb, Jo Ann, 2002, “Transformations: Trash to Art”,Surface Design Journal, 26(2): 14–
  • Stecker, Robert, 2019,Intersections of Value: Art, Nature, and the Everyday, Oxford: Oxford University Press.
  • Stohr, Karen, 2012,On Manners, New York: Routledge.
  • Stolnitz, Jerome, 1969, “The Aesthetic Attitude”, inIntroductory Readings in Aesthetics, John Hospers (ed.), New York: The Free Press, pp. 17–
  • –––, 1977, “On the Origins of ‘Aesthetic Disinterestedness’”, in George Dickie and R. J. Sclafani (eds.),Aesthetics: A Critical Anthology, New York: St. Martin’s Press, pp. 607–
  • Stroud, Scott, 2011,John Dewey and the Artful Life: Pragmatism, Aesthetics, and Morality, University Park: Penn State University Press.
  • Tainio, Matti, 2015,Parallel Worlds: Art and Sport in Contemporary Culture, Helsinki: Aalto ARTS Books.
  • Tavin, Kevin, 2007, “Eyes Wide Shut: The Use and Uselessness of the Discourse of Aesthetics in Art Education”,Art Education, March: 40–
  • Taylor, Nigel, 2000, “Ethical Arguments about the Aesthetics of Architecture”, inEthics and the Built Environment, Warwick Fox (ed.), London: Routledge, pp. 193–
  • Taylor, Paul C., 2016,Black Is Beautiful: A Philosophy of Black Aesthetics, Chichester: Wiley Blackwell.
  • Tuan, Yi-Fu, 1974,Topophilia: A Study of Environmental Perception, Attitudes, and Values, Englewood Cliffs: Prentice-Hall.
  • –––, 1984,Dominance & Affection: The Making of Pets, New Haven: Yale University Press.
  • –––, 1993,Passing Strange and Wonderful: Aesthetics, Nature, and Culture, Washington, D. C.: Island Press.
  • van der Meulen, Nicolaj and Jörg Wiesel (eds.), 2017,Culinary Turn: Aesthetic Practice of Cookery, Bielefeld: transcript Verlag. [van der Meulen and Wiesel 2017 available online]
  • Vihalem, Margus, 2016, “What is at Stake in Everyday Aesthetics? Looking for a New Perspective on Aesthetic Experience”,Kunstiteaduslikke Uurimusi, 25(3/4): 38–
  • –––, 2018, “Everyday Aesthetics and Jacques Rancière: Reconfiguring the Common Field of Aesthetics and Politics”,Journal of Aesthetics & Culture, 10(1): 1– [Vihalem 2016 available online]
  • Vihma, Susann, 2012, “Artification for Well-Being: Institutional Living as a Special Case”, in Ossi Naukkarinen and Yuriko Saito (eds.),Artification, Special Volume 4 of Contemporary Aesthetics. [Vihma 2012 available online]
  • Visser, Margaret, 1997,The Way We Are: Astonishing Anthropology of Everyday Life, New York: Kodansha International.
  • Walker, Stuart, 1995, “The Environment, Product Aesthetics and Surfaces”,Design Issues, 11(3): 15–
  • –––, 2006,Sustainable by Design: Explorations in Theory and Practice, London: Earthscan.
  • –––, 2017,Design for Life: Creating Meaning in a Distracted World, London: Routledge.
  • Wang, Que, 2014, “The Transition of Aesthetics in China and a New Paradigm of Living Aesthetics”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 173–
  • Wang, Zhoufei, 2018, “Atmospheric Design and Experience with an Exemplary Study of Olafur Eliasson’s ‘The Weather Project’”, inContemporary Aesthetics, 16. [ Wang 2018 available online].
  • Welsch, Wolfgang, 1997,Undoing Aesthetics, Andrew Inkpin (tr.), London: SAGE Publications.
  • –––, 2005, “Sport Viewed Aesthetically, and Even as Art?”, in Andrew Light and Jonathan M. Smith (eds.),The Aesthetics of Everyday Life, New York: Columbia University Press, pp. 135–
  • –––, 2014, “Schiller Revisited: ‘Beauty is Freedom in Appearance’: Aesthetics as a Challenge to the Modern Way of Thinking”,Contemporary Aesthetics, 12. [Welsch 2014 available online]
  • Whiteley, Nigel, 1993,Design for Society, London: Reaktion Books.
  • –––, 1999, “Utility, Design Principles and the Ethical Tradition”, inUtility Reassessed: The Role of Ethics in the Practice of Design, Judy Attfield, (ed.), Manchester: Manchester University Press, pp. 190–
  • Widdows, Heather, 2018,Perfect Me: Beauty as an Ethical Ideal, Princeton: Princeton University Press.
  • Wiseman, Mary, 2014, “Damask Napkins and the Train from Sichuan: Aesthetic Experience and Ordinary Things”, inAesthetics of Everyday Life: East and West, Liu Yuedi and Curtis L. Carter (eds.), Newcastle upon Tyne: Cambridge Scholars Publishing, pp. 134–
  • Witherspoon, Gary, 1996, “Navajo Aesthetics: Beautifying the World through Art”, inAesthetics in Perspective, Kathleen M. Higgins (ed.), Fort Worth: Harcourt Brace College Publishers, pp. 736–
  • Zande, Robin, 2007, “Chairs, Cars, and Bridges: Teaching Aesthetics from the Everyday”,Art Education, 60(1): 39–
  • Ziff, Paul, 1997, “Anything Viewed”, in Susan L. Feagin and Patrick Maynard (eds.),Oxford Readers: Aesthetics, Oxford: Oxford University Press, pp. 23–

أدوات أكاديمية

 

How to cite this entry.

 

Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.

 

Look up this entry topic at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).

 

Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

مداخل ذات صلة

Adorno, Theodor W. | aesthetics: aesthetic judgment | aesthetics: environmental | aesthetics: existentialist | art, definition of | Baudrillard, Jean | beauty | Benjamin, Walter | Chinese Philosophy: Chan Buddhism | Dewey, John: aesthetics | feminist philosophy, interventions: aesthetics | Foucault, Michel | Heidegger, Martin: aesthetics | Japanese Philosophy: aesthetics | Kant, Immanuel: aesthetics and teleology | Merleau-Ponty, Maurice | Schiller, Friedrich


[1] Saito, Yuriko, “Aesthetics of the Everyday”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2019 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2019/entries/aesthetics-of-everyday/>.