![رجال وراء الجدران 1](https://hekmah.org/wp-content/uploads/2015/05/رجال-وراء-الجدران-1-206x300.jpg)
في كتاب “ظل العالم” ، يتحدث فاسا ديدييه عن “أنثروبولوجيا أوضاع السجون”، معتمدا على دراسة استقصائية أجريت في سجن للرجال ، يقبع فيه متهمين في انتظار المحاكمة و أشخاص صدرت بحقهم عقوبات قصيرة. استغرق بحث ديدييه سبعة أشهر موزعة على أربع سنوات بين عامي 2009 و 2013.
إضاعة الوقت
عند سرد قصص هؤلاء الرجال الذين يواجهون العديد من الصعوبات، يكشف ديدييه زيف الفكرة المجردة التي يجعلها القضاة أحيانا فضائل ل “صدمة السجن” كما لو أنها فرصة للحصول على الوعي الملائم . يتابع القارئ تحليل الحياة اليومية للسجن : الاختلاط الذي فرضه الاكتظاظ ، انعدام الخصوصية التي تجسدها عدسة المراقبة ، ندرة الأنشطة والأعمال، و صعوبة الحصول على موعد لاستشارة طبيب أسنان أو أخصائي نفسي. يطرح الكتاب، على حد تعبير أحد المشاركين في البحث، ” الشعور بإضاعة الوقت، لايوجد أي شيء مثير للاهتمام، أو يمكن تعلمه في السجن ، لا تغذية جسدية أو روحية، ينفق السجين الثواني والدقائق فيما لا طائل منه ليزداد شعوره بلاقيمة وجوده ” .
يوجه ديدييه نظرة يقظة للتحديات اليومية في حياة السجين ومحاولات المعتقلين لجعل بيئة السجن أكثر ملائمة للعيش أو يمكن العيش فيها، من خلال تبادل الأشياء، و تعلم اقتناص اللحظة الهاربة ، على سبيل المثال، محاولة الاستمتاع بطهي الطعام مع مجموعة من رفقاء السجن . لا تخلو هذه الحياة من التسلسلات الهرمية وعلاقات القوة، التي تتجلى بوضوح في تداول الأشياء الثمينة ومرتفعة السعر ، كما هو الحال لدى التبغ الذي يوجد في قائمة المتع الضرورية وعملة متداولة في هذا العالم المغلق ، ولكي يحصل عليه السجناء الفقراء يعتمدون على المراقبين المتساهلين أو زملاء السجن الأقوياء . بالإضافة إلى الهواتف المحمولة المحظورة و الحاضرة بقوة جدا في آن معا ، يلقى بها أحيانا من فوق أسوار السجن ، فيحاول السجناء الأكثر ضعفا استعادتها ليصدر في حقهم لاحقا إجراءات تأديبية . هذه الحالات الثابتة ليست مجهولة لقراء علم اجتماع السجون وتقارير الهيئات الخارجية التي تدرس عالم السجون، لاسيما تلك المرتبطة بالمسؤول الفرنسي جان ماري دولارو، المراقب العام الأول لأماكن الحرمان من الحرية في فرنسا .
![رجال وراء الجدران 2](https://hekmah.org/wp-content/uploads/2015/05/رجال-وراء-الجدران-2-300x156.jpg)