مجلة حكمة
حزب الحرية وزيارة مناحيم بيغن

حزب فلسطيني جديد: مناقشة زيارة مناحيم بيغن وأهداف الحركة السياسيّة / ترجمة: ريم العامري


رسالة حنة آرنت وألبرت آينشتاين إلى محرري صحيفة نيويورك تايمز:


من بين أكثر الظواهر السياسيّة إثارة للقلق في عصرنا هذا هو ظهور «حزب الحرية» (Tnuat Haherut) في دولة إسرائيل حديثة النشأة، وهو حزب سياسي شبيه جدًا في تنظيمه وأساليبه وفلسفته السياسيّة وجاذبيته الشعبيّة للحزبيّن النازي والفاشي. وقد تشكل هذا الحزب من أعضاء وأتباع سابقين لمجموعة الإرغون تزافي ليؤمي[1] ((Irgun Zvai Leumi ، وهي منظمة إرهابيّة يمينيّة شوفينيّة في فلسطين.

من الواضح أن الزيارة الحاليّة التي يقوم بها مناحيم بيغن[2]، زعيم هذا الحزب، للولايات المتحدة تهدف إلى إعطاء انطباع بالدعم الأمريكي لحزبه في الانتخابات الإسرائيليّة المقبلة، ولترسيخ العلاقات السياسيّة مع المجموعات الصهيونيّة المحافظة في الولايات المتحدة. لقد قام العديد من الأمريكيين المعروفين بوطنيتهم بالترحيب بزيارته. إلا أنه من غير المعقول أن أولئك الذين يعارضون الفاشيّة في جميع أنحاء العالم، إذا ما تم إطلاعهم بصورة صحيحة بالسجل السياسي لسيد بيغن ووجهات نظره، يمكنهم الترحيب به ودَعم الحَراك الذي يمثله.

وقبل وقوع ضرر لا يمكن إصلاحه لأي مساعدات ماليّة، أو مظاهر عامة نيابةً عن مناحيم بيغن، أو خلق انطباع في فلسطين بأن شريحة كبيرة في أمريكا تدعم العناصر الفاشيّة في إسرائيل، يجب إبلاغ الجمهور الأمريكي بسجل وأهداف السيد بيغن وحركته.

إن الاعترافات العلنيّة لحزب مناحيم بيغن ليست دليلاً ألبتّة على طابعه الحقيقي. فهم يتحدثون اليوم عن الحريّة والديمقراطيّة ومعاداة الإمبرياليّة، بينما كانوا حتى وقت قريب يبشرون علنًا بعقيدة الدولة الفاشيّة. إن الحزب الإرهابي يُعْرَف من خلال أفعاله التي تُظهر حقيقته,  ومن أفعالها السابقة يمكننا أن نحكم على ما يمكن أن يقوم به في المستقبل.



هجوم على قرْية عربيّة


من الأمثلة المروعة على ذلك ما قاموا به في قرية دير ياسين العربية. تقع هذه القرية خارج الطرق الرئيسية وتحيط بها أراضي يهوديّة، ولم تشارك في الحرب، بل إنها قاتلت الفرق العربيّة التي أرادت استخدام القرية كقاعدة لها. في 9 أبريل (نيويورك تايمز)، هاجمت عصابات إرهابيّة هذه القرية المسالمة، والتي لم تكن هدفاً عسكرياً في القتال، وقامت بقتل معظم سكانها 240 رجلاً وامرأة وطفل، وأبقت على عدد قليل منهم على قيد الحياة للاستعراض بهم كأسرى في شوارع القدس. أصيب معظم الجالية اليهوديّة بالرعب من هذا الفعل، وسارعت »الوكالة اليهوديّة« بأرسال برقية اعتذار إلى الملك عبد الله ملك شرق الأردن. إلا أن الإرهابيين، ناهيك عن عدم الشعور بالخجل من فعلهم، كانوا فخورين بهذه المجزرة، بل وقاموا بالترويج لها على نطاق واسع، ودعوا جميع المراسلين الأجانب المتواجدين في البلاد إلى مشاهدة الجثث المكدسة والخراب في دير ياسين.

تجسّد حادثة دير ياسين طابع وأفعال “حزب الحرية”

في داخل المجتمع اليهودي يقوم الحزب بإلقاء المواعظ الممزوجة بـ القوميّة المتطرفة، والتصوف الديني، والتفوق العرقي. كباقي الأحزاب الفاشيّة الأخرى، اعتادوا على فض الإضرابات، وقد قاموا هم بأنفسهم بالضغط من أجل تدمير النقابات العماليّة الحرة. وبدلاً من ذلك، اقترحوا اتحادات شركات على غرار النموذج الإيطالي الفاشي.

خلال السنوات الأخيرة من العنف المتقطّع ضد البريطانيين، دشنت مجموعة  الإرغون تزافي ليؤمي وعصابة شتيرن[3] عهد الإرهاب داخل الجاليّة اليهودية في فلسطين. لقد تعرض المعلمون للضرب لمجرد الحديث ضدهم، وتم إطلاق النار على الكبار لعدم السماح لأطفالهم بالانضمام إليهم. من خلال أساليب العصابات والضرب وتحطيم النوافذ وعمليات السطو المنتشرة على نطاق واسع، قام الإرهابيون بترويع السكان وفرض جزيّة ثقيلة.

لم يكن لأفراد »حزب الحرية« دور في الإنجازات البناءة في فلسطين. لم يستردوا أي أرض، ولم يبنوا أي مستوطنات، بل وحطّوا من شأن نشاط منظمات الدفاع اليهوديّة. كما أن مساعيهم لجلب المهاجرين والتي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة كانت تافهة، ومكرسة بشكل أساسي لجلب الزملاء الفاشيين.

التناقضات بين الادعاءات الجريئة التي يصرح بها الآن مناحيم بيغن وحزبه، وسجل الأداء السابق في فلسطين، تحمل بصمة عدم وجود حزب سياسي عادي, بل إن هذا هو الطابع الذي لا لبس فيه للحزب الفاشي الذي يعتبر الإرهاب (ضد اليهود والعرب والبريطانيين على حد سواء) والتضليل هما الوسيلة، والهدف هو »دولة الزعيم الأوحد«.

في ضوء الاعتبارات السابقة، فمن الضروري الكشف عن حقيقة السيد مناحيم بيغن وحركته في هذا البلد (الولايات المتحدة)، والأمر الأكثر مأساويّة هو أن القيادة العليا للصهيونيّة الأمريكيّة رفضت شن حملة ضد جهود بيغن، أو حتى أن تبيّن لناخبيها الأخطار التي قد تهدد إسرائيل جرّاء دعمهم لبيغن.

لذلك فإن الموقعين أدناه يتخذون هذه الوسائل ليعرضوا علانيّة بعض الحقائق البارزة المتعلقة بـ مناحيم بيغن وحزبه. وحث جميع المعنيين على عدم دعم هذا التَمَظْهر الأخير للفاشيّة.

إيسيدور أبرامويتز ،
حنة أرندت ،
أبراهام بريك ،
ربي جسورون كاردوزو ،
ألبرت آينشتاين،
هيرمان آيزن ،
حاييم فينيمان ، م. جالين ،
ه ه هاريس ،
زيليج س. هاريس ،
سيدني هوك ،
فريد كاروش,
بوريا كاوفمان,
آرما ليندهم,
نيشمان مايسل,
سيمور ميلمان،
ماير د. مندلسون،
هاري م. اوسلينسكي,
صموئيل بيتليك ،
فريتز رورليتش
لويس بي روكر ،
روث ساجيس ،
 إتزهاك سانكوفسكي،
اي جاي. شوينبيرج ،
صموئيل شمان,
إم. سنجر ،
إيرما وولف ،
ستيفان وولف.

 

نيويورك, 2 ديسمبر ، 1948


المصدر


[1]. من أول الجماعات الصهيونيّة المسلحة التي تشكلت في فلسطين.

[2]. رئيس وزراء إسرائيل السادس, مؤسس حزب الليكود, وزعيم لجماعة الأرغون الصهيونيّة.

[3]. أحد المجموعات الصهيونيّة المسلحة في فلسطين.