مجلة حكمة

المشروع النقدي لمحمد مفتاح – أحمد بوحسن

ملخص العرض

سأحاول في هذا العرض أن أقدم افتراضا يقوم على تشييد ما سميته بـ المشروع النقدي لمحمد مفتاح. ويمثل هذا المشروع ما قام به الأستاذ والباحث والمؤلف محمد مفتاح خلال أزيد من عقدين من الممارسة والإنتاج الدائبين في ميدان الدراسات الأدبية وتحليل الخطاب. ولا يشير محمد مفتاح في أعماله إلى مفهوم أو مصطلح المشروع، بل هو مفهوم ملاحظ تكون لدي أثناء قراءتي وتتبعي لمسار أعماله. وهكذا يمكن أن يخضع مفهوم المشروع هنا، منذ البداية، للمناقشة نتيجة قراءات أخرى مختلفة ومتباينة.

وسنركز في هذا العرض على النقاط التالية:

(أ) ماذا نقصد بالمشروع النقدي؟

(ب) مبادئ المشروع النقدي لمحمد مفتاح

1 – الاستمرار المنتظم

2 – الجمع بين الممارسة النظرية والتطبيقية

3 – تناسل ونمو المشروع

4 – الفرضيات الأساسية للمشروع

5 – الفرضيات الخاصة

6 – الانتقاء والترجيح

7 – القراءة المضاعفة

(ج) آفاق المشروع.


(أ) ماذا نقصد بالمشروع النقدي؟

المشروع هو ما نرمي القيام به، من تخطيط أو دراسة معززة بكل ما يوضح إمكانيات تحققه ويستدل عليه، وكذلك ما يتطلبه من إمكانيات مادية وغيرها، ثم المدة الزمنية التي يتطلبها. وهكذا يحمل مفهوم المشروع الفكرة الأولى لإنجاز ما، أو الكتابة الأولى لشيء ما. المشروع، إذن، هو البدايات النظرية من أجل تحققات فعلية في المستقبل.

والمشروع النقدي، مثله مثل المشروع الفكري، يختلف عن المشروع المادي المحدد، غالبا، في الزمان والمكان والمواد، يصعب ضبط آماده وتحققاته. ومع ذلك فالمشروع النقدي مرهون في تحققاته بالتراكمات التي تخلقها القراءات المختلفة والمتعددة، والتي تتم عبر سيرورة متوالية. وهكذا يجد المشروع النقدي تحققاته في نموه المطرد وتأثيراته الفعلية فيما يمكن به الآخرين من إمكانات إنجازية، تتمثل في خلق تصورات جديدة لظاهرة معينة، ومعالجتها بطرق فعالة، وخلق كتابة نقدية تحدث سلوكات جديدة في التعامل مع النصوص والخطابات، أو الظواهر الأدبية والفنية والفكرية.

وإذا كان المشروع النقدي لا يتحدد بالزمن الذي قد يطول أو يقصر، فإنه يتطلب شروطا تاريخية واجتماعية وعلمية تساعد على بلورته وإعطائه حظوظ التحقق. ولهذا فإن المشروع النقدي يتطلب في إنجازه وضعا تاريخيا وقصديا يبرز ذواتا خلاقة تتجمع في مؤسسات أو مجموعات أو مدارس نقدية وفكرية عبر سيرورة تظهر تحققاته شيئا فشيئا.

المشروع النقدي، إذن، ينجزه الأفراد، وهم الذين يستطيعون قدح زناده من خلال أعمال متواصلة تتوفر على مقومات نظرية وعملية، تؤهلها لتكتسب صفة المشروع النقدي. فهل تتوفر كتابات ومؤلفات محمد مفتاح على ما يؤهلها لتمثل في مجموعها مشروعا نقديا؟

(ب) مبادئ المشروع النقدي لمحمد مفتاح:

يظهر أن أعمال محمد مفتاح تقوم على مجموعة من المبادئ التي تؤهلها لتشكل مشروعا نقديا. ويمكن أن نوجز هذه المبادئ فيما يلي:

1 – مبدأ الاستمرار المنتظم

عندما نستعرض مؤلفات محمد مفتاح فإننا نجدها منذ أواخر السبعينات وبداية الثمانينات(1) قد اتخذت في مسارها وتيرة منتظمة. فبعد رسالته الجامعية عن التصوف في الغرب الإسلامي(2)، نجد مؤلفاته قد ظهرت على الشكل التالي:

  • 1) في سيمياء الشعر القديم: دراسة نظرية وتطبيقية، دار الثقافة، البيضاء 1982.
  • 2) تحليل الخطاب الشعري: استراتيجية التناص، المركز الثقافي العربي، البيضاء 1985.
  • 3) دينامية النص: تنظير وإنجاز، المركز الثقافي العربي، البيضاء 1987.
  • 4) مجهول البيان: دار تبقال، البيضاء 1990.
  • 5) التلقي والتأويل: مقاربة نسقية، المركز الثقافي العربي، البيضاء 1994.
  • 6) التشابه والاختلاف: نحو منهاجية شمولية، المركز الثقافي العربي، 1996.
  • فتوالي ظهور مؤلفات محمد مفتاح، وبوتيرة منتظمة، يدل على السير المنتظم لأعماله، بحيث نجدها تظهر كل سنتين تقريبا(3).

2 – مبدأ الجمع بين الممارسة النظرية والتطبيقية

لا شك أن عناوين محمد مفتاح تفصح عن ثابت منهجي يقوم عليه مشروعه، وهو استعراض الإطار النظري الذي يعتمد عليه المؤلف، ثم الجانب التطبيقي الذي يختبر فيه آراءه النظرية. ففي الإطار النظري يكشف عن مرجعه النظري ومراجعه في ذلك. كما يكشف في ذلك عن الطريقة التي قرأ بها؛ بحيث يلجأ إلى استخلاص المهم مما يقرأ، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالنظريات العلمية الأجنبية. ومما يتصف به هذا الجانب النظري عند المؤلف هو محاولة تتبع ومواكبة المستجدات النظرية التي تظهر في الدراسات الأجنبية الأوروبية والأمريكية، وفي الحقول المعرفية والعلمية المختلفة والمتنوعة.

وفي الجانب التطبيقي يختبر فرضياته النظرية. وهذا دأب المؤلف في كل مؤلفاته. ويكفي أن ننظر إلى كتبه لنجدها تخصص كلها جزأها الأول للقضايا النظرية، والجزء الثاني للتحليل التطبيقي، باستثناء كتاب مجهول البيان الذي خصص جزأه الأكبر للقضايا النظرية. وحتى عناوين كتب المؤلف تفصح عن ذلك التركيب الثنائي لها.

3 – مبدأ تناسل ونمو مشروع محمد مفتاح

المقصود بالتناسل هنا هو خروج أعمال المؤلف الواحدة من صلب الأخرى، مما يعطيها نوعا من الوحدة في الهدف الذي تريد أن تحققه.

ـ وهكذا يمكن أن نجد كتاب في سيمياء الشعر القديم قد خرج من صلب الكتابات التي سبقته، وهي رسالته الجامعية حول التصوف في الغرب الإسلامي، والمقالات التي كتبها آنذاك. وتعتبر رسالته الجامعية هي الرحم الأول لأعماله. ويشير المؤلف في بداية كتابه في سيمياء الشعر القديم إلى هذا التناسل بقوله: “قد افترضنا سابقا أن الدعوة إلى الجهاد والاتحاد كانت أكبر شاغل للأندلسيين، وقد قلنا إن هذه الدعوة صيغت شعرا ونثرا، وعبر عنها بكتابات فلسفية وصوفية وتاريخية وفقهية، كما تجلت في بناء معماري.

وقد برهنا على هذه الفرضية من خلال الكتابة الصوفية، وسنبرهن عليها الآن من خلال الشعر، وسنختار نموذجا كتب في فترة حرجة من تاريخ المسلمين في الأندلس” (مفتاح 1982، ص9).

كتاب في سيمياء الشعر القديم تناسل من أعمال المؤلف السابقة، لأنه يريد هنا مواصلة ما بدأه بالبرهنة على فرضيته من خلال تصور نظري آخر، ومن خلال نص شعري أندلسي. ويختتم كتابه بالتساؤلات التالية: “فهل يمكن -بعد هذا- أن نتبنى ما يقال: إن الشعر حل لغوي لمعركة بين قوات متعارضة… ولذلك تبقى عدة تساؤلات واردة وهي: أهذا النوع من المقابلات خاص بشعر المواجهة أم هو عام في كل شعر؟ … إن دراسة نماذج أخرى هي التي تسمح لنا بالإجابة عن الأسئلة الوجيهة وبإبعاد المزيف منها” (نفسه، ص186). وستكون هذه الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها دافعا لظهور الكتاب اللاحق.

ـ يحاول كتاب تحليل الخطاب الشعري (استراتيجية التناص) أن يجيب، إذن، عن الأسئلة السابقة ويتولد عنها. وهكذا سيوسع ما قدمه في الكتاب السابق، فيستعرض مختلف النظريات اللسانية والسيميائية، ويتبنى جانبا منها للكشف عن فرضيته من خلال تحليله لقصيدة أخرى أندلسية لابن عبدون(3).

ـ أما كتابه دينامية النص (تنظير وإنجاز)، فسيحاول فيه المؤلف أن يوسع من دائرة عمله. وسيشكل هذا الكتاب طفرة نظرية وعملية في مشروعه النقدي. ففي هذا الكتاب سينفتح المؤلف على نظريات جديدة، وبخاصة العلمية منها؛ الفيزيائية والبيولوجية والرياضية والمعلوماتية. كما نجد المؤلف في هذا الكتاب ينفتح في تطبيقاته على أنواع جديدة من الخطابات. فإلى جانب الشعر القديم والخطاب الصوفي، نجد هنا الشعر الحديث والخطاب السردي الحديث والنص الديني القرآني. وهكذا اتسع مجال الدراسة هنا عند المؤلف ليشمل نظريات لسانية وسيميائية وعلمية، وليشمل على مستوى التطبيق خطابات مختلفة ومتنوعة. وهذا المنزع نحو توسيع دائرة النظر وتوسيع دائرة العمل هو ما سيميز المشروع النقدي لمحمد مفتاح في أعماله اللاحقة.

ـ أما كتاب مجهول البيان فيشكل في مشروع المؤلف وقفة تأملية وتدقيقية لأعماله السابقة. فلكي يوسع من دائرة عمله النظري والعملي ويشحذ أدواته لتحليل الخطاب، عمد هنا إلى معالجة المسألة البيانية التي احتلت مكانة مرموقة في الثقافة العربية في إطار البلاغة. وحتى يعرفنا المؤلف على التطورات التي عرفتها الدراسات البلاغية الحديثة، وبخاصة في مجال الاستعارة، والتقييس منها بصفة أخص، وذلك “لإدراك دور الاستعارة في خلق النظرية وفي تسويغها وفي الربط بين عناصر الكون المهيمنة عليه وضمان العيش فيه، أو في خلق الأوهام وقلب الحقائق، وفي نشر معرفة مزيفة” (مفتاح، 1990، ص8).

لا يشكل مجهول البيان قطيعة مع أعمال المؤلف السابقة، وإنما هو استمرار وتدقيق وتوسيع وتنويع لممارسته النقدية. ولهذا كان القسم النظري في هذا الكتاب طويلا يكاد يحتل معظمه. ومع ذلك فقد عززه في الأخير بدارسة تطبيقية لنص المنقبة للتدليل على استعارة النص/السياق، بدل استعارة الجملة التقليدية. كما يفتح هذا الكتاب آفاقا جديدة للتلقي والتأويل، وهو ما سيفصل فيه القول في الكتاب اللاحق.

ـ ويأتي كتاب التلقي والتأويل: مقاربة نسقية ليعمق البحث في بعض القضايا التي طرحها في كتاب مجهول البيان. وهذا عين الاستمرار المنتظم الذي يدقق فرضيات المشروع وأدواته كل مرة. ويؤكد هذا قول المؤلف في مفتتح كتابه هذا: “هذا الكتاب تعميق للبحث في بعض المسائل التي طرحناها في مجهول البيان، فقد أثرنا هنالك مسألة علاقة الاستعارة والكتابة والمجاز بالمنطق الصوري، ومسألة العلاقة بين الاستعارة وبين قياس التمثيل، ومسألة التأويل وحدوده.

لقد أوحى إلينا بعض أصدقائنا وزملائنا بأن نجذر بعض النتائج التي توصلنا إليها بالتمثيل لها وتوسيعها. وقد اقتنعنا بإيحائهم فتابعنا البحث مؤملين تعزيز تلك النتائج وتعضيدها بطرح مسائل جديدة حتى يحدث دينامية علمية متوخاة من كل بحث علمي جاد” (مفتاح 1994، ص7).

يهدف الكتاب الحالي، إذن، إلى ترسيخ وتوسيع ما قدمه في كتاب مجهول البيان، وذلك بطرح فرضيات الضرورات البشرية وتوضيح مبادئه الإنسانية والطبيعية والإنسانية (الكونية) الاصطناعية، وإلى الكشف عن غاياته الظاهرة والخفية، (ص7). وسينتقل مشروع المؤلف هنا من دراسة النصوص المفردة والمحددة في القصيدة القديمة أو الحديثة والنص الصوفي والنص السردي والنص القرآني ونص المنقبة إلى دراسة النصوص التي تشكل كتبا خاصة يجمع بينها نسق خاص. وهكذا درس بعض الكتب البلاغية المغربية القائمة على مجموعة من المبادئ التأويلية كالاستدلال والتناسب والتصنيف والتأليف. ويمثله على التوالي ابن عميرة في كتاب التنبيهات على ما في التبيان من التمويهات، وابن البناء في كتاب الروض المريع في صناعة البديع، والسجلماسي في كتاب المنزع البديع في تجنيس أساليب البديع. وفيما يتعلق بقوانين التأويل يستدل عليها هنا، بعد أن برهن على فرضيته المركزية من قبل من خلال تحليله لبعض القصائد والنصوص التي أشرنا إليها من قبل، بعلم الكلام وأصول الفقه، وبعد أن استدل عليها في علم البيان كذلك. والكتب التي درسها هي: فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، والكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة لابن رشد، وكتاب لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول للمكلاتي، والموافقات والاعتصام للشاطبي. كما يقدم أنواعا من التأويل من خلال نصوص مختلفة. المثال الأول يقوم فيه بتأويل قصيدة لابن طفيل تأويلا يقوم على الصورة القائمة بدورها على التوازي والتماسك والترادف، وعلى العمق القائم بدوره على المثلية والتماثل والتناظر. والمثال الثاني يقوم فيه بتأويل كرامات أبي يعزى. والمثال الثلاث يقوم فيه بتأويل كتاب ابن الخطيب روضة التعريف بالحب الشريف. لا شك أن كتاب التلقي والتأويل قد أعطى لمشروع المؤلف بعدا آخر تمثل في انفتاحه على نصوص تشكل فيما بينها منظومة معرفية خاصة يجمعها نسق بعينه، وإن اختلفت موضوعاتها، كعلم البيان وعلم الكلام وأصول الفقه، أو كانت قصيدة شعرية أو كرامات المتصوفة وكتبهم.

ـ أما الكتاب الأخير للمؤلف التشابه والاختلاف: نحو منهاجية شمولية، فقد خرج بدوره من صلب الكتاب السابق، التلقي والتأويل. إنه يدفع المشروع ليوضح أكثر خلفياته المختلفة ويعمقها. يقول المؤلف في المقدمة: “تساءل كثير من قراء كتابنا التلقي والتأويل: مقاربة نسقية عن ماهية مقاربته ومكوناتها وأبعادها وغاياتها، وعن سر إثبات العلاقة بين مختلف العلوم أصيلها ودخيلها، وعن درجات ارتباطها بالإشكال الذي توخى الكتاب حله والإجابة عنه. ومع ورود إشارات في الكتاب إلا أنها لم تشف غليل القراء الذين يريدون أن يتعرفوا على الخلفيات التي كانت خلف تأليفه وكانت السبب القريب والبعيد لوجوده. لذلك تحتم علينا أن نكشف الغطاء عن تلك الخلفيات بذكر بعض المبادئ وتوضيح بعض المفاهيم، وعن المغازي والمرامي من تصنيف العلوم وترتيبها وتدريجها”(ص5).

لقد جاء هذا الكتاب، إذن، ليكشف الخلفيات الإبستمولوجية والتاريخية لمفاهيم متعددة، مثل مفهوم العلاقة بمختلف أنواعها، وليدقق المفاهيم التي طرحها في كتبه السابقة؛ كالتفاعل والدينامية والنسقية وغيرها. ولعل المقارنة بين ما جاء في هذا الكتاب وما تعرض له في كتبه السابقة تجعلنا ندرك أكثر الخيط الرابط بين هذا المشروع النقدي الذي لا يكف عن النظر وإعادة النظر في أدواته ومفاهيمه ومناهجه، أملا في توسيعه ليشمل خطابات مختلفة ومتنوعة، وتحقيقا لفرضياته والبرهنة عليها.

4 – الفرضية الأساسية لمشروع محمد مفتاح

يمكن القول بأن مؤلفات محمد مفتاح تقوم على فرضية مركزية كبرى، هي نواته النظرية الصلبة التي سيعمل المشروع في مختلف مراحله النظرية والتطبيقية على البرهنة عليها والتدليل عليها، كل مرة، بمنهج معين وبمفاهيم خاصة ومقاربات نظرية متعددة. هذه الفرضية الأساسية نجد أصولها وجذورها في أطروحته الجامعية وكتاباته الأولى. هذه الفرضية هي الدعوة إلى الجهاد والاتحاد. كانت هذه الدعوة أكبر شاغل للأندلسيين والمغاربة في مختلف كتاباتهم. فقد استدل عليها وعبر عنها بكتابات فلسفية وصوفية وتاريخية وفقهية وكتابات شعرية. (مفتاح 1982، ص9). بل إن جل الكتابات العربية الأندلسية والمغاربية كانت تقوم على الموافقات والخوف من التشتت والاختلاف لأسباب كثيرة. وهذا ما عبرت عنه مختلف الكتابات التي حللها المؤلف في مشروعه.

"فالفقيه العزفي جامع الكرامات والمناقب فقيه وبقي فقيها، ولكنه تحت الضغوط المختلفة التجأ إلى التدين الشعبي فعقد مصالحة بين الطرفين. وهذا هو سر التوازن الذي ألحت عليه المناقب والكرامات التي تصور العلاقة بين أبي يعزى وبين السلطة المركزية. ونعتقد أن هذا هو ديدن مثقفي "الموافقات" مثلما رأينا بوضوح عند ابن رشد والمكلاني والشاطبي في علم الكلام وأصول الفقه، وعند ابن عميرة وابن البناء والسجلماسي في البلاغة، وعند ابن طفيل في الشعر وعند ابن الخطيب.."(مفتاح 1994، ص192). ولما حلل المؤلف روضة التعريف لابن الخطيب وصل إلى ما يزكي فرضيته الأساسية حينما قال: "ومهما اختلف مشروعه عمن سبقه فإنه ذهب في الاتجاه نفسه، أي تحقيق وحدة الأمة ووحدة الدولة لتحقيق المصالح الدنيوية والأخروية"(نفسه، ص212).

ولما حلل المؤلف، أيضا، الثقافة المغربية في كتاب التشابه والاختلاف وصل إلى “أن النواة الموجهة للثقافة المغربية، بما فيها من علوم شرعية وعقلية وأدبية، والأدبية بما فيها من شعر فصيح بمختلف أغراضه وعامي بتنوع تجلياته، هي الدعوة إلى الاتحاد والجهاد”(مفتاح 1996، ص158).

5 – الفرضيات الخاصة عند محمد مفتاح

تنطلق كل دراسة في مشروع محمد مفتاح من فرضية خاصة، يفصح عنها في البداية ويعرض مكوناتها النظرية، ثم يستدل عليها في ممارسته التحليلية التطبيقية. وبهذا تكون كتابة محمد مفتاح مشدودة إلى هذا التصور النظري وخاضعة له، بحيث لا يترك كتابته عرضة إلى ما سيأتي به التحليل اعتباطيا. التحليل والتطبيق، إذن، إثبات للفرضية وتعزيز لها أولا وأخيرا.

ما هي أهم فرضياته في مشروعه؟

ـ الدعوة إلى الجهاد والاتحاد، في كتاب في سيمياء الشعر القديم، وكذلك في الكتابات التي سبقته. وهي في نفس الوقت فرضيته الأساسية في مشروعه.

ـ التشاكل والتباين والتناص، في كتاب تحليل الخطاب الشعري.

ـ نمو النص الشعري، وسيرورة النص الصوفي، وصراعية النص القصصي، وانسجام النص القرآني، في كتاب دينامية النص.

ـ النظرية التفاعلية الاستعارية التي تمر من الاستعارة الجملية إلى الاستعارة النصية ثم السياقية، في كتاب مجهول البيان.

ـ الضروريات البشرية من حياة وممات وما صاحبها وتبعها من سيولة وجنس وتدين وتملك ومدار التدافع البشري بوسائله المختلفة، ومنها اللغة، في كتاب التلقي والتأويل. وقد اشتق من هذه الفرضية فرضيات فرعية هي: أولا، أن الآليات المنطقية والتقييسية آليات إنسانية كونية نابعة من الفطريات الإنسانية وكفايتها التخييلية وتفاعلاتها المحيطية. ثانيا، أن تفاعلات الإنسان مع محيطه تحتم على كل ضروب سلوكه اللغوية وغيرها أن تكون مؤطرة ومغيأة. ثالثا، أن ما تغياه مفكرو المغارب إلى منتصف القرن الهجري التاسع من كتاباتهم وتأويلهم هو توحيد الدولة للقيام بأعباء الجهاد (مفتاح 1994، ص7-8).

ـ تقوم فرضيته في كتاب التشابه والاختلاف على أساس أنتروبولوجي، بحيث عمد إلى مقاربة تقوم على الترتيب والتدريج. وقد أبانت عن إنسانيتها وشموليتها، لأنها متجذرة في الفكر البشري، وما اختلافها إلا وليد الإكراهات التاريخية والمحيطية والبيولوجية والثقافية. إن الأصل هنا عند محمد مفتاح هو التشابه، والاختلاف هو الفرع. وهذه الفرضية القائمة على المقايسة هي التي انبنى عليها هذا الكتاب.

يظهر مما تقدم أن مشروع محمد مفتاح يقوم على دعامة كبرى هي فرضيته المركزية والأساسية، بل هي أطروحته الكبرى. كما يقوم مشروعه في نفس الوقت على فرضيات فرعية صغرى تشد وتعزز الفرضية الأصلية. وبهذا تعطي هذه الفرضيات الفرعية للمشروع النقدي لمحمد مفتاح إمكانيات النمو والتوسع ليشمل مختلف الخطابات، ويقوى على استيعاب مختلف الممارسات الفكرية والنظرية، وبخاصة ما تقدمه الدراسات العلمية المعاصرة المختلفة.

6 – الانتقاء والترجيح عند محمد مفتاح

يقوم البناء النظري عند محمد مفتاح على استعراض أهم النظريات الحديثة في مجال الدراسات اللسانية والسيميائية والبلاغية والفلسفية والذكاء الاصطناعي والمعلوماتية والعلم المعرفي والبيولوجية والرياضية والفيزيائية. ولا يهم المؤلف من كل هذه النظريات المختلفة والمتنوعة إلا ما هو مهم أو ما هو أساسي فيها. فيكفي أن ننظر كيف يكثف روح كل نظرية عن طريق صياغة مفاهيم وبنائها لتستجيب ومتطلبات تحليل الخطاب العربي بمختلف أشكاله وأنواعه.

لا يكتفي المؤلف بالعرض المسالم لمختلف النظريات التي يعرض لها أو المناهج التي يقارب بها موضوعه، بل غالبا ما يتدخل، وعند الضرورة، ليرجح عنصرا منها دون آخر. وعملية الترجيح ليست عملية مفاضلة اعتباطية، وإنما هي عملية متبصرة يحكمها البصر الدقيق بالموضوع المدروس، وبعد النظر فيما يرمي استخدامه في الخطاب العربي. وهو بهذا المعنى يبحث عن المفاصل التي يمكن أن تستنب فيها المفاهيم والنظريات والمناهج الأجنبية في جسد الخطاب العربي، من دون أن يفقد مقوماته الأساسية. كما أنه ينتقد تلك النظريات والمناهج أحيانا، بحكم اختلاف المقاصد من كل ممارسة نظرية أو منهجية. محمد مفتاح بهذا المعنى ليس مترجما أو معربا للنظريات والمناهج والمفاهيم فقط، ولكنه يحاول، أيضا، أن يبدع فيها بتشريطها وتبيئتها في الخطاب العربي وبالخطاب العربي. وهذا هو جوهر نقل النظريات والمناهج والمفاهيم في مستوياتها المجردة والعلمية الواعية. ولعل هذا التعامل النظري المتبصر هو الذي يميز مشروع المؤلف منذ بداياته إلى الآن.

صحيح أن هناك في مثل هذا العمل نوعا من الاختزال، وعدم تقديم مختلف جوانب تلك النظريات والمناهج كما هي في أصولها. أعتقد أن مهمة المؤلف هنا لا تتطلب منه مثل ذلك، لأن ذلك شأنا آخر يقوم به مختص آخر يكون همه هو الترجمة والتعريب لتلك النظريات والمناهج والمفاهيم. أما المؤلف هنا فيرى بأن مهمته تقتضي منه أن يقدم من كل ذلك ما فهمه ووعاه، وظن أنه صالح للعمل الذي يساعده على التقدم في طرق معالجته للخطاب العربي. إنه يريد أن يبدع بما يقرأ في النظريات والمناهج الأجنبية، لا أن يعرض علينا تلك البضاعة في حد ذاتها. وإن كان عرض تلك النظريات والمناهج والمفاهيم في حد ذاته مفيدا جدا للقارئ العربي. وهذه مهمة أخرى لا يمكن أن نطالب المؤلف بها هنا أيضا. ويجيب المؤلف نفسه على هذه المسألة بقوله في كتاب دينامية النص: “ليس من الضروري التعرض إلى مبادئ النظرية وخلفياتها، فقد فعلت ذلك الكتب التطبيقية والشارحة النافذة، وإنما سنقتصر على ما يهم إشكاليتنا، وهو تبيان الدينامية التي تتجلى في كل مكوناتها النظرية” (ص8).

وصحيح أيضا أن عملية الانتقاء ليست عملية سهلة في هذا الباب، ولكنها أيضا ضرورية. والانتقاء الواعي في حد ذاته عمل علمي دقيق يتطلب التمييز بين الأهم من المهم، وبين الأساسي والثانوي، والذي يجب أخذه والذي يجب تركه. والمؤلف نفسه يصرح منذ كتابه في سيمياء الشعر القديم بالأخذ بالراجح من تلك النظريات التي يتعامل معها. يقول في هذا الكتاب: “وقد اتخذت محاولتنا هذه إلى أخذ الراجح من مبادئ تلك النظريات وصياغتها في بناء عام” (ص58) وقوله كذلك: “لو اكتفينا بهذه القراءة وحدها لكنا غير معاصرين خارجين من التاريخ. ولذلك” نحتنا نظرية “مستمدة مما ورد عند بعض النقاد العرب القدامى ومن بعض وجهات النظر المعاصرة، وقد حللنا القصيدة بحسب ما ورد في “النظرية” من مبادئ”(ص180) ويقول في كتاب تحليل الخطاب الشعري: “نستطيع أن نتغلب على العوائق الإبستمولوجية والإجرائية، وأن نتمكن من فرز العناصر النظرية الصالحة لاستثمارها في إطار منسجم إذا تعرفنا على تلك الخلفية”(ص14) ويقول في كتاب مجهول البيان: “وقد تبنينا نظرية ملائمة جعلتنا نتجاوز العوائق الإبستمولوجية التي تحول دون الوصول إلى هدفنا”(ص8) ويوضح المؤلف أكثر صنيعه النظري أو صنعته في ذلك بقوله في كتاب التلقي والتأويل: “لهذا، فإن قارئ هذا الكتاب لن يجد تمرينات تطبيقية لبرنامج تلك النظريات بكل تفاصيله وإنما ما سيعثر عليه هو اتخاذ مبادئها أداة استكشاف لفضاء أرحب وأغنى، هو التحليل الثقافي”(ص8).

ومما يدل على أن مشروع المؤلف كان لا يتوقف عند عرض النظريات والمناهج والمفاهيم، بل كان يحاول الكشف عن خلفياتها الإبستمولوجية والفلسفية والتاريخية، ليصوغ بعد ذلك مقاربة جديدة تخدم الخطاب العربي وخلفياته أيضا، قوله في كتاب التشابه والاختلاف: “غير أننا لم نكتف باستعراض منجزات غيرنا وإنما اقترحنا مقاربة جديدة تقوم على الترتيب والتدريج مما تولد عنه تعقيد مثمر وإبعاد لتبسيط مضر”(ص 6). هكذا يبدو أن عملية الانتقاء والترجيح كانت المحرك النظري والعملي في مشروع محمد مفتاح والتي كانت تضعه أمام مسؤولية علمية تتطلب جرأة ووضوحا. وهذا ما عبر عنه مشروعه.

7 – القراءة المضاعفة

المقصود بالقراءة المضاعفة هنا، المراوحة بين الإنتاجات النظرية الأجنبية والكتابات العربية الإسلامية. فمن جهة، يقدم لنا أهم ما أنجز في الميادين المختلفة التي يراها ضرورية لتقدم الدراسات الأدبية العربية، وبخاصة تحليل الخطاب، ومن جهة أخرى، يعيد قراءة مختلف الخطابات العربية الإسلامية في تاريخيتها ليحدد بنياتها ويقف على حدود إنجازاتها. فالقراءة الأولى تظهر للمؤلف الإمكانيات النظرية الجديدة التي يمكن استثمارها لتطعيم الخطاب العربي الإسلامي بأدوات جديدة وتصورات جديدة أعطت نتائجها في تحليل الخطاب الأجنبي. ولا أدل على ذلك من مختلف النظريات والمقاربات التي اشتغل بها منذ كتابه الأول. والقراءة الثانية تهيء لشروط استقبال القراءة الأولى لتعطي إنتاجيتها في الخطاب العربي. قراءة مفتاح كانت تقوم على الذهاب والإياب، والمراوحة باستمرار بين القطب النظري الأجنبي والقطب النظري والعملي العربي الإسلامي. ليس معنى هذا أن المؤلف كان يقف موقفا وسطا أو توفيقيا، بل كان يحدد موقفه دائما مما يقرأ سواء في القراءة الأولى أو الثانية. ثم إنه كان يتدخل في أغلب الأحيان، إما لانتقاد ما يراه قابلا لذلك، أو لتوجيه القراءة توجيها يخدم تحليل الخطاب العربي الإسلامي وفقا لما يتطلبه وضعه التاريخي واللغوي.

لقد تطلبت مثل هذه القراءة من المؤلف أن يقوم بعملية الانتقاء والترجيح كما ذكرنا من قبل. ولكن تطلبت منه أكثر أن يقوم بالنقل والترجمة. إلا أن ترجمته كانت ترجمة فكرية وثقافية وحضارية. وهذه الترجمة هي التي تغذي الفكر العربي أكثر وتساعده على التقدم واستيعاب كل المستجدات العلمية والفنية والفكرية. لهذا جاء مشروع محمد مفتاح يحمل زخما من المصطلحات والمفاهيم التي يمكن أن تشكل لوحدها معجما خاصا وجديدا في الدراسات الأدبية العربية الحديثة، وفي تحليل الخطاب بصفة خاصة. ولعل أهم ما يميز هذه القراءة المضاعفة في هذا المشروع هو لجوء المؤلف باستمرار إلى المقارنة. المقارنة بين النظريات وبين الأنساق المتباينة والثقافات المختلفة والخلفيات التي تحكم كل خطاب. هذا الأسلوب المقارن هو الذي كان يغربل به المؤلف فرضياته ونتائجه.

ومما ترتب على هذه القراءة أن المؤلف قد لجأ إلى الكتابة التجريدية أو اللغة الصورية، القائمة على الخطاطات والرسوم الهندسية والكتابة الترميزية. وهذه الكتابة قد كسرت خطية الكتابة النقدية العربية في صورتها وشكلها ومضمونها، فشوشت على القارئ العربي الذي تعود على كتابة غير مكسرة لأساليب تلقيه لتلك الكتابة وقراءتها. يظهر أن لجوء المؤلف إلى هذا النوع من الكتابة هو وليد الأساليب الحديثة في تحليل الخطاب والدراسات النقدية المعاصرة. ولربما وجد المؤلف في هذه اللغة المجردة أحيانا ما يجعلها تحظى بالقبول العقلي والمنطقي، وفي مواضيع كثيرا ما تتحكم فيها الخلفيات المسبقة، والتي غالبا ما تحجم القراءة والتأويل، وتقلل، بالتالي، من غنى النصوص وثرائها. هل هو أيضا بحث عن التقليل من الاختلاف الذي قد يضع الخطاب العربي ضمن الخطابات الإنسانية والكونية، فيقبل بدوره كل ما يقبله كل خطاب من تحليل علمي مبرر بمختلف الأدوات والأساليب العلمية؟ لا شك أن كتابة المؤلف تدعو القارئ إلى إعمال موسوعته العلمية وقدراته العقلية في الدرجة الأولى، وقد تطالبه، على الأقل، بتأجيل مسبقاته ولو إلى حين. وهذا في حد ذاته مهم جدا، لأنه يساعد على خلق إمكانية التساؤل عن هذه المسبقات أو التحاور معها(4).

(ج) آفاق المشروع

لقد رأينا بأن مشروع محمد مفتاح يقوم على مجموعة من المبادئ التي تؤهله ليكتسب صفة المشروع النقدي. فهو ذو وحدة في موضوعه، ويسير بشكل مستمر ومنتظم وينمو ويتناسل باستمرار، بحيث ترتبط حلقاته بعضها ببعض، ويقوم على فرضيات أساسية وفرعية توجهه دائما، كما يقوم على الانتقاء والترجيح بشكل واع يجعل المؤلف مدركا لما يريد استنباته في الخطاب العربي الإسلامي، وما يمكن غربلته حتى لا يفقد هذا الخطاب كل مقوماته. ولعل أهم ما أصل هذا المشروع في الأخير هو اعتماده على الأسلوب المقارن الذي كان يضع به من جهة، الخطاب العربي أمام نفسه ووجها لوجه أمام إمكانياته وقدراته وحدوده في نفس الوقت، ومن جهة أخرى، يضع الخطاب العربي أمام إنجازات الخطابات الأجنبية المتقدمة. كل ذلك لإغناء الخطاب العربي نظريا ومفهوميا ومنهجيا وأداتيا ومصطلحيا ولغويا.

ولعل أهم أفق فتحه مشروع محمد مفتاح هو قدرة الخطاب العربي على استيعاب مختلف النظريات والمناهج والمفاهيم. ثم قابليته للإفصاح عن نفسه أكثر كلما دخلنا إليه بأدوات علمية جديدة وتصور نظري أوسع. والنتائج التي توصل إليها المؤلف أكبر دليل على ذلك. ولهذا فإن رهان المشروع ما زال مفتوحا ما دمنا نؤمن بأن الخطاب العربي الإسلامي مفتوح كغيره من الخطابات الإنسانية على كل مجهود علمي وفكري جاد.

ومن الآفاق التي يفتحها هذا المشرروع قابليته للمناقشة والإغناء. وهذه من صفة المشاريع العلمية المحملة دائما بالآراء والأفكار والفرضيات التي تدفع إلى خلق حوار علمي لا يمكنه إلا أن يساهم في تطوير المشروع؛ إما بتدقيقه أو توسيعه أو تقديم فرضيات أخرى تكشف عما غاب عن المشروع. وهذا هو ما يدعونا إليه مشروع محمد مفتاح.

وفي الأخير لا بد من الاعتراف بالمجهود العلمي الكبير الذي ساهم به المؤلف في تطوير الدراسة النقدية العربية بعامة، وتحليل الخطاب بخاصة. ولا شك أن عطاءات المؤلف المتواصلة في أبحاثه المقبلة ستجعلنا نتأكد أكثر فأكثر من أهمية المشروع النقدي لمحمد مفتاح.


هوامش:

1 – من الأبحاث التي كتبها المؤلف في هذه الفترة نذكر مثلا: (الكتابة الصوفية، ماهيتها ومقاصدها)، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية-الرباط، عدد2 – 1977، ص5-26. (وابن رشد ومدرسته في الغرب الإسلامي)، أعمال ندوة “ابن رشد ومدرسته في الغرب الإسلامي”، كلية الآداب والعلوم الإنسانية-الرباط 1979، ص71-84. (والجهاد والاتحاد في الأدب الأندلسي)، عالم الفكر، المجلد الثاني عشر، العدد الأول، أبريل-مايو-يونيو 1981، ص171-200.

2 – الخطاب الصوفي، مقاربة وظيفية، مكتبة الرشاد، الدار البيضاء 1997.

2 – سيصدر للمؤلف قريبا كتاب جديد يعزز مشروعه ويؤكد انتظامه واستمراره.

3 – لقد سبق لي أن كتبت مقالة عن هذا الكتاب في مجلة المشروع، عدد6 – 1986، ص265-273.

4 – للاطلاع أكثر على أهمية اللجوء إلى اللغة المجردة في المجال العلمي يمكن الرجوع إلى كتاب:

Stephen Toulmin: COSMOPOLIS, The Hidden Agenda of Modenity, The University of Chicago Press, 1992, p.45-87.