مجلة حكمة
الفلسفة الوسيطية فلسفة العصور الوسطى فلسفة القرون الوسطى

الفلسفة الوسيطية

الكاتبجون مارنبُن
ترجمةيوسف العماري

مدخل حول المكونات الرئيسية لـ الفلسفة الوسيطية منذ توافر النصوص اليونانية وفترة آباء الكنيسة إلى منتصف القرن الثاني عشر وظهور الجامعات. يجدر التنويه بأن هذا المدخل قد حل محل مدخل سابق بنفس العنوان من قِبَل كاتب آخر؛ نص ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


تغيّر معنى «الفلسفة الوسيطية» عند أهل الاختصاص خلال العقدين الأخيرين. ولم يقتصر هذا التغير على التحقيب الزمني الذي ما برحت الأنظار بشأنه متباينة (انظر: §5): إذ يتفق جل الباحثين على أن هذه الحقبة تمتد على الأقل من 500م إلى 1500م، ولو أن البعض يمُطّ إلى الوراء مبتدأها أو يمدّ إلى الأمام منتهاها.

إنما طرأ التغير على الجغرافيا، وبالتبع على اللغة والثقافة. ففي القرنين التاسع عشر والعشرين، نُظِر إلى الفلسفة الوسيطية بوصفها فلسفة حدثت في أوروبا الغربية، بلسان لاتيني في معظمها، وبباريس وأكسفُرد كأهم مراكزها. ولم يُدرَج المفكرون الإسلاميون واليهود الذين كتبوا بالعربية إلا بمقدار تأثير أعمالهم المترجمة إلى اللاتينية في المفكرين المسيحيين. أما اليوم، فبات يُنظَر إلى «الفلسفة الوسيطية» من جهة شمولها لا فقط لعمل المسيحيين الذين كتبوا باللاتينية (وأحيانا بالألسن المحلية الأوربية)، بل أيضا لعمل المسيحيين في الإمبراطورية البيزنطية الذين كتبوا باليونانية، ولعمل المسلمين (وبعض المسيحيين) الذين كتبوا بالعربية، واليهود الذين كتبوا بالعربية في العالَم الإسلامي وبالعبرية في العالَم المسيحي.[1]

ورغم التفاوت في عرض مختلف التوجهات، إذ تعتني جل الدراسات بالفلسفة اللاتينية ويتسارع العمل على الفلسفة العربية بينما لا تزال بقية الميادين مهملة، فهناك إجماع اليوم على أن وجوه التفلسف الوسيطي بمختلف هذه الألسن والبلدان يجب (ولو بقليل من التحفظ) أن تُعَد فروعا لتقليد واحد، يرجع إلى العصر الإغريقي القديم ويستمد اتساقَه عبر سلاسل حركات الترجمة بين الألسن المختلفة. لذا، فإن هذا التقليد (وإنْ دُعِي تقليدا «غربيا» فينبغي حمل معنى «الغربي» على أوسع مما هو معتاد) يجدر أن يُدرَس منفصلا عن الآثار العظيمة للفلسفة خلال الحقبة نفسها في الهند والصين وغيرهما.[2]

يبدأ هذا المدخل بمقطع عن مقومات الفلسفة الوسيطية. فيبين استناد الفلسفة الوسيطية على النصوص وشرحها خاصة، وينظر في انتقال هذه النصوص إلى الفروع الأربعة للتقليد الوسيطي وانتقال بعضها إلى بعض. وينظر المقطع الموالي في مختلف أساليب التفلسف خلال هذه الحقبة، فيما سيركز المقطع الذي يليه على ثلاث مسائل تبرز قدرا من خصوصية انشغالات الفلسفة الوسيطية، وتفاعل الانشغالات الدينية مع التعقل وكذا الفروق بين الفروع الأربعة. ثم يختص المقطع ما قبل الأخير بالمنطق وأهميته الفريدة إبان هذه الحقبة، فيما يناقش المقطع الأخير حدود تحقيب الفلسفة الوسيطية.

جدول المحتويات


1.مقومات الفلسفة الوسيطية

1.1.         تقاليد النص والشرح

على غرار سائر الحقب، تعددت أشكال كتابة الفلسفة في الحقبة الوسيطية، من الموسوعات والتلاخيص إلى الدراسات المفرَدة والمقالات الموجزة، ومن العروض الشعرية التمثيلية والقصصية إلى نصوص تستند مباشرة إلى الممارسة المدرسية والجامعية (كتمارين المناظرة الحرة quodlibets) (انظر مدخل الأشكال الأدبية للفلسفة الوسيطيةLiterary Forms of Medieval Philosophy). بيد أن الشكل الأدبي الذي ارتكزت عليه التقاليد الأربعة كلها هو الشرح، ولو أنه فَقَد قيمته حديثا. فجل الفلسفة الوسيطية الجيدة متضمن في شروح كان كثير منها أكبر من مجرد معين على استيعاب النص المشروح. وبينما يفكر فلاسفة اليوم، ضمن التقليد التحليلي على الأقل، في موضوعات تَخَلَّقت من مشكلات يستعينون في معالجتها بأقوال الآخرين، قام التفلسف في العصر الوسيط (غالبا، لا دائما) على نصوص قديمة ومهيبة. لكن، رغم أنّ الغرض كان عادة هو تأويل تلك النصوص، فلطالما أدَّى عمل التأويل إلى نظر جديد لا يتصل بالنص المعني إلا اتصالا لطيفا.

شكّلت نصوص أرسطو ركيزة الشرح في الفروع اليونانية واللاتينية واليهودية، ولدى الفلاسفة العرب حتى القرن الثاني عشر. أما فلاسفة بيزنطة، فاستخدموا صيغها الأصلية، بينما استعملها الفلاسفة اليهود الذين كتبوا بالعبرية بصورة غير مباشرة غالبا، عبر تلاخيص وشروح على اللفظ مترجمة من العربية. ولم تحظَ نصوص أي فيلسوف قديم آخر بهذا القدر الفائق من العناية، رغم الشروح الكثيرة في التقليد اللاتيني لعدد من أعمال بويثيُس؛[3] أما شرح أفلاطون فحصل على نحو متقطع.[4] هذا وقد اشتمل كثير من شروح التوراة والقرآن على مناقشات فلسفية غنية أحيانا.

في التقليد اللاتيني، ظل الشرح المباشر لأرسطو يحتل مكانة مركزية في معظَم التعليم العالي حتى القرن السابع عشر (§5.2)، بينما توقف المصنفون العرب عن الشرح المباشر لأعماله بعد القرن الثاني عشر، وقبل ذلك خارج إسبانيا؛ حيث شرعوا، بدلا من ذلك، في شرح المراجعة السينيوية لأرسطو (§2.3§2.10). ولئن استمرت شروح أرسطو فيما بعد، فقد أُضيفت إليها، على التتالي، شروح على المصنفين المتأخرين الذين استأنفوا النظر فيما عرضه ابن سينا وأعادوا تحريره. ولم يقف النظار الإسلاميون عند عدّ الشرح طريقة تفكير يستندون فيها إلى نصوص قديمة مهيبة، بل باشروا شرح أفضل نصوص المحدَثين.[5] ورغم أن هذا الاستبدال المستمر للنصوص المشروحة كان غريبا عن التقليد اللاتيني، اختصت ثلاثة نصوص وسيطية لاتينية بشروح غزيرة. فكانت مجموعتا النصوص في كليات علم اللاهوت بالجامعة (§2.7) هما الكتاب (Bible) ومؤلَّف پيتر لُـمْبار، الأحكام (Peter the Lombard, the Sentences) حوالي 1155، الذي رتّب جميع المسائل المشكلة في علم اللاهوت، واقترح حلولا اغترفها من أگسطين (Evans and Rosemann 2002–14). وما أكثر المؤلفات الثيولوجية والفلسفية الجيدة التي كُتِبت ما بين 1250 و1555 في عُرض شروح الأحكام، لكن نص لُـمْبار لم يكن غالبا إلا نقطة انطلاق للنقاش. كما حظي المصنَّف المنطقي المشهور لپيتر الإسباني (§4.2) بشروح، على غرار ما حظيت به أعظم القصائد الفلسفية في ذلك الإبان: الكوميديا الإلهية لدانتي (§2.8).[6]

كانت الشروح أصنافا شتى؛ شملت الحواشي الحرفية البسيطة بغرض مساعدة المبتدئين (مثل الشروح اللاتينية الحرفية للمنطق خلال القرن الثاني عشر)؛ والشروحَ الحرفية المتقنة التي تفسر دليلا من أدلة أحد الكتاب تفسيرا عاليا (مثل شروح الأكويني على أرسطو)؛ والشرحَ المسترسل سطرا بعد سطر، مع مناقشات استدلالية واستطرادات مسهبة (مثل شروح بويثيُس وأبيلار على منطق أرسطو؛ والشروح «الكبرى» لابن رشد)؛ فضلا عن صنف الشرح المختصر وإعادة تحرير النصوص الأصلية، مع زيادة مواد وأفكار وتفاصيل جديدة (مثل جوامع ابن رشد وتلاخيصه)؛ ومراجعةَ مجمل مصنفات أحد المتقدمين (مثل شروح ابن سينا وألبير الكبير على أرسطو)؛ والقراءات المجازية لنص من النصوص (كبعض الشروح الكتابية، المسيحية واليهودية معا، والشروح الأولى على طيماوس لأفلاطون، والبيت9 من الكتاب3 من عزاء الفلسفة لبويثيُس الذي هو تلخيص له، ثم شروح دانتي). كما تميَّز شرح المسألة في الجامعات اللاتينية، حيث يُشرَح الكتاب عبر وضع الأسئلة حول محتوى مقاطعه، بل أحيانا بنحو مجمل حول أقسامه الكبرى، (Bazán, Wippel, Fransen, & Jacquart 1985)، فلا يغدو النص سوى مشجب يعلق عليه الشارح خطته الخاصة للمناقشة الفلسفية.

2.1.         المدارس الأفلاطونية أواخرَ العصر القديم

يرجع أصل الفروع الأربعة من الفلسفة الوسيطية – اليونانية واللاتينية والعربية واليهودية – إلى ما يُدعى بالمدرستين الأفلاطونيتين الكبريين لأثينا والإسكندرية، رغم أن لكل تقليد من تلك التقاليد أصوله الخاصة ((§1.4. فقد حلّت الصيغة التي أحدثها أفلوطين (ت.270) عن الأفلاطونية محل المدارس الهلّينية (الرواقية والأبيقورية والشكانية، الخ.)، وأضحت الصنفَ المهيمنَ من الفلسفة أواخر الإمبراطورية الرومانية. غير أن تلميذ أفلوطين النجيب، فورفوريُس (ح.232-305)، انعطف بدروس شيخه منعطفا حاسما. فبينما رأى أفلوطين أن أرسطو خاصم أفلاطون ونظر إليه نظرة عدائية، قال فورفوريُس إن فكر أرسطو، المتعلق بالعالَم المحسوس، يوافق فكر أفلاطون المنصرف إلى ما فوق المحسوس. وعلى هدي فورفوريُس، شرع تلاميذ المدارس «الأفلاطونية» في دراسة المتن الأرسطي بأكمله، يفتتحون بالمنطق ثم ينتقلون إلى دراسة محاورات أفلاطون. وقد قُيّض البقاء للبرنامج الأرسطي، كله أو بعضه، في جميع الفروع الأربعة. لذلك بقدر ما كانت الفلسفة الوسيطية تاريخا للأرسطية، كانت أرسطيةً انتقلت في سياق أفلاطوني، وصاغتها مختلف التقاليد الدينية وتحولت في الآن نفسه على يد نظار أفراد وفي حيثيات ثقافية متبدلة متعددة.

3.1.         حركات الترجمة

انتقلت نصوص القدماء إلى أهل العصر الوسيط، وأثرت مختلف فروع التقليد الوسيطي في تطور بعضها البعض عبر سلسلة من حركات الترجمة.[7]

1.3.1. من اليونانية إلى العربية

أقفل الغزو الإسلامي مدرسةَ الإسكندرية عام 641م، إلا أن جل تركتها من النصوص العلمية والفلسفية نُقل إلى العربية بين القرن الثامن وبداية القرن التاسع، من لدن مسيحيين ناطقين بالسريانية غالبا وبوساطة السريانية أحيانا. فنُقِل أرسطو كله تقريبا، ومعه أعمال الأرسطي الإسكندر الأفروديسي (Alexander of Aphrodisias) (حوالي 200م) (Gutas 1998). كما نُقِلت إلى العربية صيَغ من نصوص أفلوطين (Plotinus) والأفلاطوني اپْرُكلس (القرن الخامس)، لكن لم يُعرَف أفلاطون نفسه مباشرة إلا عبر ترجمة التلاخيص. (انظر أيضا المصادر اليونانية للفلسفة العربية والإسلامية: Greek sources in Arabic and Islamic philosophy.)

2.3.1. من اليونانية إلى اللاتينية

استمرت الترجمة من اليونانية إلى اللاتينية. فتُرجِمت إبّان العصر القديم كتابات فلسفية نافذة حررها بعض آباء الكنيسة اليونانية؛ وفي القرن الرابع، ترجم كالسيديُس قسما من طيماوس أفلاطون، مع شرح مستفيض. وترجم بويثيُس (476-ح.525) منطق أرسطو وقرَّبه إلى اللاتينية، كما حازت شروحه وكتبه التعليمية – التي جمعت بين الترجمة والانتقاء واستئناف النظر– قدرا وافرا من دروس المنطق الأرسطي من المدارس الأفلاطونية. وكان عزاء الفلسفة، الذي حرره بويثيُس في شكل قصيد حواري أثناء الحكم عليه بالإعدام، أحد أكثر النصوص قراءة وترجمة خلال العصور الوسطى، حيث لم تكن مجرد ترجمة، بل نقلا لفهم بويثيُس الخاص للأفلاطونية الأولى. كما نُقِل ديونيسيُس المنحول ومكسيمُس المعترِف في القرن التاسع (§2.1§2.2)، ونُقِل يوحنا الدمشقي (ح. 660-ح. 750) في القرن الثاني عشر. وفي القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر أيضا، نُقِلت إلى اللاتينية باقي ترجمات بويثيُس لكتب أرسطو: الأعمال غير المنطقية والتحليلات الثانية، ابتداء من العربية أحيانا (كما ترجم هنري أريستيپُس محاورتَيْ أفلاطون فيدون ومينون، وإنْ ظلتا مجهولتيْن تقريبا). وكان ويليام المربكي (1215-1286) أعظم هؤلاء التراجمة، حيث ترجم أو نشر ترجمات من اليونانية، بالغة الدقة والحرْفية، لكل أعمال أرسطو، ولنصوص الأفلاطونيين المتأخرين: اپْرُكلُس وأمونيُس (Ammonius) وسمپليسيُس(Simplicius). وفي القرن الخامس عشر، توفرت ترجمات كثيرة أخرى من اليونانية، كترجمات مرسيليو فيسينو (Marsilio Ficino) لأفلاطون وأفلوطين.

3.3.1. من العربية إلى اللاتينية

خلال القرن الثاني عشر بطليطلة وصقلية خاصة، تُرجِمت طائفةٌ متنوعة من النصوص العربية إلى اللاتينية. شملت ترجمات عربية لبعض نصوص أرسطو ساعدت على ملء النقص قبل الترجمة المباشرة من اليونانية، ومؤلفات لنظار عرب عملوا ضمن تقليد أرسطو والفلاسفة الأوائل: الكندي، والفارابي وسليمان بن جبرول (يهودي لا تظهر يهوديته في نصه)، وأقساما مهمة من العمل الموسوعي الذي أعاد فيه ابن سينا النظر في أرسطو، بما فيها المقاطع المخصصة للنفس وما وراء الطبيعة، ثم عددا من شروح ابن رشد على أرسطو. وقد أحدثت هذه الترجمات، فضلا عن ترجمات أرسطو، تحولا في برامج الجامعة في القرن الثالث عشر (§2.7).

4.3.1. من العربية إلى العبرية

حين بادر يهود أوروبا اللاتينية إلى المشاركة في الفلسفة بالعبرية، لسان الفقه والطقوس الدينية، توجهوا شطر الأعمال العربية أولاً. وكان دلالة الحائرين لابن ميمون النص المركزي (§2.4)، فتُرجِم مرتيْن بعد تحريره مباشرة، كما تُرجِم نزر آخر من النصوص الفلسفية اليهودية. وخلال القرن الثالث عشر ومطلع الرابع عشر، وفّر المترجمون المنهاج الأرسطي كله تقريبا؛ ورغم وجود ترجمات مباشرة، فقد جرت غالبا عبر مختصرات وتلاخيص ابن رشد، والشروح الموجزة للفارابي على المنطق. كما اشتملت ترجمات أخرى على مقاصد الفلاسفة للغزالي (§2.4) وقصة ابن طفيل الفلسفية (§2.6).

5.3.1. من اللاتينية إلى اليونانية

منذ القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر، وُجِد فلاسفة بيزنطيون اعتنوا أيما عناية بالفكر اللاتيني. واشتملت النصوص التي ترجموها إلى اليونانية على أعمال أگسطين وبويثيُس، والأكويني، وأنسيلم وبعض أقسام الكتاب المشهور لپيتر الإسباني المصنّف في المنطق.

6.3.1. من اللاتينية إلى العبرية

في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، نُقلت إلى العبرية كتب مؤلفين جامعيين لاتينيين، منهم بويثيُس والأكويني وألبرت الكبير (Albert the Great) وويليام أكام، كما تُرجم مصنّف پيتر الإسباني (Manekin 1996). بل وُجِدت ترجمة عبرية للشرح الكبير لكتاب النفس لابن رشد (§2.6) أنجزت في القرن الخامس عشر انطلاقا من اللاتينية بعد ضياع الأصل العربي.

7.3.1. من العبرية إلى اللاتينية

تُرجِم كتاب ابن ميمون دلالة الحائرين (§2.6) إلى اللاتينية في القرن الثالث عشر انطلاقا من إحدى ترجمتيْه اللاتينيتين. وفي القرن الخامس عشر والقرن السادس عشر كان هناك فيض من الترجمات اللاتينية للصيغ العبرية من ابن رشد، ولكن قلما تُرجِمت الفلسفة اليهودية المكتوبة بالعبرية إلى اللاتينية (Manekin 1996).

1.1      مصادر فلسفية أخرى

إلى جانب اعتماد كل فرع من فروع الفلسفة الوسيطية الأربعة على الفلسفة اليونانية القديمة عبر المدارس الأفلاطونية أواخرَ العصر القديم، حاز كلّ واحد من تلك الفروع مصادره الخاصة.

  • ففي الفلسفة البيزنطية، وُجِد كُتاب يونانيون مسيحيون على دراية بالفلسفة، أمثال أوريجين (ح. 184-ح.253Origen)، ثم بازيل گريگوار النيصي وگريگوار النزيانزي.
  • وكان لأگسطين (354-430م) الأثر الأعظم في التقليد الفلسفي اللاتيني، بل يُعَد، حسب بعض التواريخ، مؤسس هذا التقليد. وقد تشكَّل قسمٌ من فكر أگسطين (Augustine) عبر قراءة بعض نصوص أفلوطين وفورفوريُس المترجمة إلى اللاتينية؛ وتشكَّل قسمٌ آخر من خلال تجربته الشخصية مع العقائد المتصارعة في زمنه – المسيحية، المانوية، والوثنية اليونانية-الرومانية؛ وتشكَّل قسم آخر عبر التقليد الفلسفي والأدبي اللاتيني؛ ثم تشكَّل القسم الأكبر بحسه العقلي النقدي الصارم بوصفه ناظرا. كما كان للفلاسفة اللاتينيين اتصال مباشر بنطاقات من الفلسفة القديمة قبل أفلاطونية أفلوطين، عبر كتاب لاتينيين أمثال سيسرو (الشكانية، الرواقية)، وسينيكا (الرواقية).
  • في العربية، وُجِد تقليد الكلام (§2.4). ورُبِط النظر الفلسفي في اللغة أحيانا بالنحو العربي كما رُبِطَت الفلسفة والأخلاق معا بالأدب، أي بتقليد المعارف الأدبية والتاريخية التي يحتاجها كل متأدب. هذا فضلا عن تغلغل التصوف – ذاك التقليد الإسلامي المستور –في بعض الفلاسفة (§2.4§2.6§2.10).
  • لم يرث النظار اليهود قانون التوراة المكتوب فحسب، بل ورثوا كذلك القانون الشفهي المدوَّن في المشنا وتقليد الشرح التلمودي. وكان أعظم العلماء التلموديين هو رأس الفلسفة اليهودية: ابن ميمون (§2.6).

2.       أساليب الفلسفة الوسيطية

1.2.         الفلسفة البيزنطية (ح.450-ح.1450)

لم يحتج نظار الإمبراطورية الرومانية الغربية – الذين عدّوا أنفسهم رومانيين وندعوهم «بيزنطيين»– إلى حركة ترجمة لنيل تركة المدارس القديمة.[8] نظريا، كان التقليد القديم كله في متناولهم. لكن هذا لم يؤدّ فقط إلى النزعة الموسوعية، كحال فوتيُس (Photius, 820-91) الذي كانت موسوعته ببليوتيكا (Bibliotheca) مجموعة قطوف مسهبة من الكُتاب الأوائل، بما في ذلك الفلاسفة. بل توجست سلطات الكنيسة من وقوع الشراح الذين يتجاوزون المنطق في إثم «النزعة الهلينية»،  فيجعلون الولاء لتقليدهم الثقافي اليوناني فوق الولاء للعقيدة المسيحية. كان ميكائيل اپسيلُس (Michael Psellus, 1018–96)، ويوحنا إيتالس (John Italos, 1025–85) وأستراتس النيقي (Eustratius of Nicaea c. 1050–c. 1120) أجرأ الشراح الأرسطيين، ولم يفلت من الإدانة إلا أول الثلاثة. ومع أفول حضارة بيزنطة بعد أربعة قرون، قدّم جيميستُس اپليتُن (Gemistos Plethon, c. 1360–1454) مادة لهذه المخاوف عبر ولائه لأفلاطون والأفلاطونية البائنة (Siniossoglou 2011).

يقصِر بعض المؤرخين الفلسفة البيزنطية على هذا التقليد المستند إلى نصوص أرسطو القديمة ونصوص أفلاطون وأتباعه أحيانا.[9] بيد أن للفلسفة البيزنطية جوانب أخرى. أحدها جانب أولئك المفكرين الذي ولوا وجوههم، بعد 1200، شطر الفكر اللاتيني (1.3.5). أما الآخر فيرجع إلى الميول الفلسفية لآباء الكنيسة اليونانيين وبخاصة (على الأرجح) ذاك الراهب السوري الذي حرّر، أواخر القرن الخامس، جملة كتب أخرجها باسم ديونيسيُس الأريوپاجي الأثيني (القاضي العالِـم) الذي تاب على يد القديس پول. قرأ هذا الكاتب مُعاصرَه القريب: اپْرُكلُس الأفلاطوني الوثني، الذي شيّد كونا متعدد المدارج، صدر في النهاية عن الأول المتعالي حتى عن الوجود. استعاض ديونيسيُس المنحول(Pseudo-Dionysius) بالله عن الواحد، وبينما وضع اپْرُكلُس الترتيب الثلاثي المدارج لملئه على وفق ملأ الآلهة البائن، أحلّ ديونيسيُس المنحول الملائكة والتراتبية الكنسية. كما درس مكسيمُس المعترف (Maximus the Confessor) الفلسفة القديمة رغم مخاصمته لها، وبسط فكر ديونيسيُس المنحول، وخاصة منه اللاهوت السلبي. هذا الجانبُ من التقليد البيزنطي وجد أقوى تجلياته المتأخرة في عمل كاهن من جبل آثوس، گريگوري پالاماس (Gregory Palamas, 1296–1359)، الذي جمَع بين فكرة امتناع العلم بالله وبين فكرة أن الله أظهر نفسه حتى في هذه الحياة لثلة من البشر المؤيَّدين بضرب مخصوص من الصلاة الهدوئية.

2.2.         قاعدة واستثناءان: الفلسفة اللاتينية، 800-1100

جرى الفكر الفلسفي بالأديرة، ثم بالمدارس الكاتدرائية في أوروبا اللاتينية من القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر، رغم أنه بدأ أواخرَ القرن التاسع ببلاط شارلمان مع ألْكوِن وثيودولف الأرلياني وآخرين.[10] ومع قيامه على الصنائع النظرية السبع (الثالوث: النحو، المنطق، الخطابة؛ والرابوع: الحساب، الهندسة، الفلك، الموسيقى)، فقد غلَب التركيز على الصناعتين الأوليين. يبدأ النحو بالتعليم اللغوي البسيط ويبلغ التحليل الدلالي المركب. أما المنطق، الذي عُرِف أولاً عبر تلاخيص وكتب مدرسية رومانية، فدُرس منذ أواخر القرن العاشر اعتمادا على ترجمات بويثيُس وشروحه على إيساگوجي لفورفوريُس وكتابَي أرسطو في المقولات والعبارة، وكذا اعتمادا على كتبه المدرسية. كما عُدّت الرسالة الثيولوجية الموجزة وعزاء الفلسفة لبويثيُس نصوصا مدرسية. أما أعمال أگسطين فلم تدرَّس، لكن قراءتها ذاعت ذيوعا وفَّر مصدرا آخر أكثر إلهاما للفلاسفة. وقد شدّدت الفلسفة اللاتينية في هذه القرون على التحليل اللغوي والمنطق الذي تطور أكثر في القرن الثاني عشر، واستقر في الجامعات حتى بعد توافر المزيد من المصادر القديمة.

اشترك في هذا الأسلوب من التفكير خلال هذه الحقبة مفكران لاتينيان بارزان، شكّلا استثناء من وجوه شتى.

جون سكُت إيريوجين(John Scottus Eriugena)، الإيرلندي الذي خدم ببلاط شارل الأصلع شماليّ فرنسا بين ح.850-ح.870، درس اللاتينية وترجم ديونيسيُس المنحول ومكسيمُس المعترف، وتشبع بأفكارهما؛ واستخلص في منظومته الضخمة في الطبيعة النتائج العقلية لخط التفكير الذي استمداه من اپْرُكلُس (أي من أفلوطين وأفلاطون). استخدم إيريوجين أفضل كتاب مدرسي منطقي في زمنه، وهو شرح لاتيني لكتاب أرسطو المقولات، فاستدل على أن الله ليس من الأمور التي توجد، قبل أن يُظهِر كيف أنه يتجلى، لا في ذاته، بل في المظاهر التي تشكِّل قصة خلق العالم، والهبوط والمعاد الأخير لكل الأشياء.

ثم أنسيلم، المزداد بأوست (Anselm, 1033–1109)، الذي كان كاهنا في بيك (Bec) شماليّ فرنسا وصار ربما رئيس أساقفة كنتربري. وبينما تبجّح نظار زمنه بمرجعياتهم المأثورة القديمة والتي تعود إلى الآباء، كتب أنسيلم محاورات ومقالات مفرَدة لا تكاد تذكر أي مؤلِّف. ذلك أنه تشرّب منطق بويثيُس ووجوها شتى من فكر أگسطين، واستطاع إثر ذلك أن يوظفها لمباشرة تفكير يخصه. فلم يقف – عبر نظره الخاص وبقبس إلهام– عند مجرد كشف دليل غير مسبوق على وجود الله («الدليل الوجودي»؛ انظر مدخل الدلائل الوجودية ontological arguments)، بل برع في بلورة فكرة عن حرية الإرادة كان أگسطين قد أحجم عنها، وستخيم بظلالها الطويلة من سكُتس إلى كانط وحتى بعده.

3.2.         الفلسفة

مكنت الترجمات الغزيرة للنصوص الفلسفية اليونانية (§1.3.1) بعض نظار عالَم الإسلام من المشاركة في أسلوب التفلسف اليوناني الذي دعوه بالفلسفة.[11] بيد أن حمَلتها (الفلاسفة) لم يندمجوا في المنظومة التربوية المتمحورة حول الشريعة. كان الأمير الموسوعي الكندي (ح.810-66 al-Kindī) أول الفلاسفة، وقد اجتذبه الإرث الأفلاطوني خاصة. في القرن الموالي، ازدهرت ببغداد حلقة من المشائين، المسلمين والمسيحيين، عكفت على الدرس الدقيق لنصوص أرسطو وتفسيرها. أبرزهم الفارابي (ح. 870-950)، الذي كتب شروحا موجزة وأخرى مطولة على أرسطو، كما قدّم عرضا استدلاليا لكتاب العبارة مفعما بفكر أصيل حول الدلاليات والجبرية. ثم قدّم في مواضع ثانية عرضا طبيعانيا لأصول اللغة والفلسفة والدين، ودافع عن فكرة -أخذ بها فلاسفة آخرون- مفادها أن صناعة الفلاسفة تحوز العلم البرهاني (كما عند أرسطو في التحليلات الثانية) (§4.1). وقد تجلى أثر معرفته بأفلاطون (عبر تلاخيص) في نظرته للمدينة الفاضلة التي ارتبطت بتصورٍ لنظام الكون مزجَ نظرية الفيض الأفلوطينية بكُسمُلوجيا الواحد البطلميوسية (انظر مداخل ميتافيزيقا الفارابي، سيكولوجيا وإبستيمُلوجيا الفارابي، فلسفة المنطق واللغة عند الفارابي، فلسفة المجتمع والدين عند الفارابي ( al-Farabi’s metaphysicsal-Farabi’s psychology and epistemologyal-Farabi’s philosophy of logic and languageal-Farabi’s philosophy of society and religion)).

لا شك أن أهم فيلسوف هو ابن سينا (قبل 980-1037، المشهور في اللاتينية بـ«أڤيسينا» Ibn Sīnā). فقد كان أحد أقطاب التقليد العربي الإسلامي اللاحق، وامتد أثره العظيم في الفلسفة اليهودية والفلسفة اللاتينية (انظر مداخل منطق ابن سينا، ميتافيزيقا ابن سينا، الفلسفة الطبيعية عند ابن سينا( Ibn Sina’s logicIbn Sina’s metaphysicsIbn Sina’s natural philosophy)). ولد ابن سينا في أزبكستان الحالية، وقضى عمره شرق عالَم الإسلام، خادما لأمراء كثر في المنطقة (اشتهر طبيبا وصنّف في الطب). وقد ميّز مقاربته تمييزا واضحا عن مقاربة «المغربيين»، أي المشائين ببغداد. كان يعُدّ نفسه أرسطيا مثلهم، لكن بينما عملوا على عرض نصوص أرسطو بنحو يحتذيه حذوا، وجد ابن سينا في نفسه نباهة تقديم الحقائق التي تضمنها فكر أرسطو عبر إعادة ترتيبها ومعاودة النظر فيها وتنسيقها. فكان جل تأليفه عبارة عن موسوعات فلسفية تغطي كل واحدة منها قسما كبيرا من عمل أرسطو: موسوعات مسهبة، كالشفاء، أو موجزة، كالإشارات والتنبيهات الذي هو عرض بعيد للغاية عن نصوص أرسطو، وهو الذي اعتنى بدرسه أتباعه العرب.

فعلى غرار الفارابي، قال ابن سينا إن الله يحرك الكون لا فقط من حيث كونه علة غائية، بل أيضا من حيث هو علة تفيض عنها سلسلةُ العقول والأفلاك السماوية فتتنزل إلى العقل الفعال، واهب الصور لعالَم ما تحت القمر والضامن بذلك لدوام النظام في الطبيعة. تمثّل التجديد السينيوي في تعيين هذه العلة الأولى بوصفها واجب الوجود الواحد الواجب بذاته: الذي يوجد بطبعه ولا يمكن إلا أن يوجد. أما سائر الأشياء فممكنة بذاتها فقط، واجبةٌ بغيرها – أي بالله، واجب الوجود. وعليه، فإن إله ابن سينا، مثله في ذلك مثل إله الفارابي والأفلاطونيين وأرسطو نفسه، ليس موجودا مختارا ومريدا، إذ ربطت نظريتُه في الواجب بالذات والواجب بالغير تاريخ الكون كلَّه بمبدأ صارم هو مبدأ السبب الكافي.

4.2.         الكلام

قبل قرن من الكندي، نشأ في العالَم الإسلامي أسلوب مختلف من أساليب التفلسف: الكلام.[12] فعلا، اقترح البعض أن يُنظَر إلى نشأة الفلسفة بوصفها خصما للكلام، تزعم أنها طريقة لتفسير العالَم بشكل أفضل مما يفعله الكلام. حيث قام الكلام على مسائل ترد في القرآن، لكنه نجم أيضا عن الحاجة إلى الدفاع عن العقيدة الإسلامية ضد الهجمات المستندة إلى الفلسفة من لدن المسيحيين والمشتملة ربما على أفكار من التقليد اليوناني القديم. في القرن التاسع، غلب كلام المعتزلة الذين وثقوا في قدرة عقل الإنسان على نيل الحقيقة المطابقة التي توافق، بنظرهم، العدل الإلهي.[13] ثم شدَّدوا أيما تشديد على توحيد الله، وطوروا، على غرار متكلمين آخرين، فيزياء ذرانية ومادية مباينة غاية المباينة لصورة أرسطو عن عالَم ثابت من الجواهر المنتمية إلى أجناس طبيعية. وقد وُجِدت صيغةٌ يهودية للكلام في عمل سعديا (882-842 Saadya).[14]

وجاء الأشعري (ت. 935-6) فغيَّر وجهة الكلام. حيث أكّد أن الله قوي قوة مطلقة، وأنه الناظِم الحق في كل آن للذرات، ولإرادة الإنسان ولفعله. ثم بعد قرن من الزمان، شرع الجويني (1028-85) في إدخال المفاهيم السينيوية في الكلام. أما تلميذه الغزالي (1058-1111 al-Ghazālī) فذهب إلى أبعد من ذلك.

درس الغزالي الكلام والفلسفة السينيوية والتصوف، الذي هو ضرب من ضروب العلم المستور، وكتب في هذه الميادين كلها، كما كان أحد كبار المنظرين المسلمين في الفقه. لم تقتصر تآليفه على كتاب مقاصد الفلاسفة، الذي استند فيه إلى أوجز موسوعة فلسفية كتبها ابن سينا (بالفارسية)، بل كتب أيضا تهافت الفلاسفة ضد الفلسفة في صورتها عند ابن سينا. وكان لهذا الكتاب أثر عظيم، فشاع عدُّ الغزالي خصما لدودا للفلسفة، أسهم في الحدّ من التفلسف في العالَم الإسلامي. والحال أنه بدّع ابنَ سينا وأتباعه في ثلاث عقائد لا غير: قدم العالَم (§3.1)، وقصر علم الله على الكليات (3.2) وإنكار بعث الأجسام (§3.3). هذا النقد يبيِّن، إجمالا، أن الفلسفة السينيوية تمسي مقبولة عند المسلمين إذا خُلِّصت من هذه النتائج. وفعلا، قبلها الغزالي نفسه، لكن مع تغييرين اثنين هامين. حيث شدّد على إرادة الله واختياره؛ ثم اعتبر – وهذه هي النقطة المركزية في التهافت – أن الفلاسفة أمثال ابن سينا لا علم برهاني عندهم كما يزعمون (§2.3)، لأن مقدمات استدلالاتهم ليست بينة بذاتها. فاستدلالاتهم جدلية مثلهم في ذلك مثل المتكلمين (Griffel 2009).

5.2.         مدارس باريس خلال القرن الثاني عشر

أضحت باريس مركز الفلسفة بأوروبا اللاتينية في القرن الثاني عشر، ومن أسباب ذلك أن السلطات الكاتدرائية لم تُجِز العمل لمدرسة واحدة، بل لمدارس كثيرة متنافسة: فتوافد إليها الأساتذة، وقصدها الطلاب من كافة أقطار أوروبا.[15]

ركّز كثير من هؤلاء الأساتذة على المنهاج المنطقي الذي لم يتغير إلا لِماما منذ أواخر القرن العاشر، لكنهم استوعبوا نصوصه على التمام. ففضلا عن التقدّم فيما كان يدخل في عداد المنطق، أتاح لهم هذا المنهاج بلورة ميتافيزيقا متكاملة لا تنطلق من ميتافيزيقا أرسطو – التي لم يعرفوها – وإنما من كتاب المقولات. كان پيتر أبيلار (Peter Abelard, 1079–1142) أجرأ هؤلاء الميتافيزيقيين. الظاهر أن مقولات أرسطو تستلزم القول بأنه مثلما توجد جواهر جزئية (هذا الإنسان، هذا الكلب) وصور جزئية (هذه العقلانية، هذا البياض)، فثمة صور كلية. لكن أبيلار لم يوافق على هذا، فعمل على تشييد العالَم وتأويل أرسطو من دون قبول القول بوجود كليات. كما تطرق إلى الوضع الوجودي لما تقوله الجُمَل – أي مقول الجُمل (Dicta). حيث كان للمقول دور مركزي في فهم أبيلار للحقيقة ولأساس الاستنتاج المنطقي، لكنه أصر على إنكار أن تكون أشياء. وقد شيَّد جيلبير الپواتيي (Gilbert of Poitiers, c. 1085–90–1154) نسقا ميتافيزيقا أشد تعقيدا، أقامه على التمييز بين ضروب القول (الطبيعي، «التعاليمي»، اللاهوتي، الخلقي).

كتب الرجلان معا، وأتباعهما الذين غلب فيهم طبع الإبداع (الاسمانيون[nominales]: أتباع أبيلار، والپوريتانيون [Porretani]: أتباع جيلبير) في النصف الثاني من هذا القرن، وحرروا كتبا في الثيولوجيا. وفعلا، فبقية أعمال جيلبير كلها ثيولوجية، وأهمها شرح الرسائل الثيولوجية المختصرة لبويثيُس. حيث سعى جيلبير، من دون أن ينجح، في إقامة المنهج الذي جعله بويثيُس في الرسائل الثيولوجية المختصرة معيار العمل: السير إلى أبعد مدى في المقابلة بين الظواهر الطبيعية والأسرار القدسية، وتعيين الحد الذي ينبغي الوقوف عنده. أنكِرت أفكار أبيلار الثيولوجية– التي تضمنت مقاربة عقلية (إلى حد ما) للتثليث، ورؤية تقول إن الله، خلافا للبشر، لا يقدر على أن يفعل غير ما فعل، بل أدينت بعض هذه الأفكار. إلا أن طريقته في محاولة التوفيق بين النصوص المأثورة المتناقضة ظاهريا، عبر تحليل التصورات، صارت طريقة تبناها معاصروه وشكَّلت أساس الثيولوجيا لدى المتأخرين في العصر الوسيط.

فضلا عن ذلك، تبلورت مقاربات أخرى للفلسفة خارج باريس خاصة، وكانت أقل تركيزا على المنطق والأنطولوجيا. حيث ركَّز ويليام الكونشي (توفي بعد 1155) على تفسير نصوص مثل عزاء بويثيُس وطيماوس أفلاطون، وعلى العلم الطبيعي الذي كان يعُدُّ أفلاطون حجةً فيه.

6.2.         إسبانيا الإسلامية، ح. 1050-ح.1200

بينما نشأت طريقة مخصوصة لمزاولة الفلسفة بباريس خلال القرن الثاني عشر، اختصت إسبانيا الإسلامية في الإبان نفسه تقريبا بأسلوب نظر شدّد على أهمية العلم والفلسفة في التقليد الإغريقي.[16] كان اليهودي سليمان بن جبرول (1021/2(؟)-1057/8(؟)Solomon ibn Gabirol)، المتأثر بالأفلاطونية، أول النظار البارزين، لكنه أصرّ على أن الله خلق اعتبار الكون بإرادته لا بفيض ضروري، وأن المادة موجود في كل مرتبة من مراتب الخليقة، بما فيها الموجودات العقلية.

فقد وُجد ابن طفيل (قبل 1110-1185)، الذي عُرِف بمؤلَّفه الفريد حي بن يقظان، تلك القصة الفلسفية التي تحكي كيف استطاع حيّ، الذي نشأ تلقائيا في جزيرة خلاء، أن يشيِّد لنفسه بالمشاهدة والنظر العقلي، نسقا فلسفيا لا يقف عند حد الموافقة التامة لنسق ابن سينا، بل يوافق أيضا المعنى الباطن والروحاني لتعاليم الإسلام.

وابن رشد («أڤيرويس» لدى اللاتينيين، 1126-98): القاضي والفقيه الذي دخل في خدمة الموحدين، الخصوم الألدة لليهود والنصارى. فبينما كان نظار المشرق الإسلامي يستعملون ابن سينا لدراسة الفلسفة، عكف ابن رشد على نصوص أرسطو يشرحها على اللفظ، مثلما فعل السلف من المشائين ببغداد. فحرّر جوامع وتلاخيص لمعظم المتن الأرسطي، وشروحا كبرى لبعض النصوص (بمثابة عروض مفصلة فقرة فقرة). ولكم كانت فائدة هذه العروض المفصَّلة لأرسطو عظيمة للنظار اليهود والمسيحيين الذين اطّلعوا على ترجماتها (§1.3.3§1.3.4)، رغم الخلاف الكبير الذي أثاره تأويله لكتاب النفس في شرحه الكبير (§3.3) (انظر أيضا مدخل فلسفة ابن رشد الطبيعية: Ibn Rushd’s natural philosophy).

ثم موسى بن ميمون (ميمونيدس لدى اللاتينيين، ورَمبَم في الدراسات اليهودية؛ 1138-1204 Maimonides): تلقى تعليمه في إسبانيا (انظر المدخل حول أثر الفكر الإسلامي على ابن ميمون: the influence of Islamic thought on Maimonides)، إلا أن سياسة الموحدين أجبرته على اللجوء والاستقرار بمصر. ولى ابن ميمون وجهَه، مثله في ذلك مثل ابن رشد، شطر أرسطو والفارابي، ورأى أن أرسطو كمُل عنده ما يمكن من العلم. لكن إلى أي حد يوافق هذا العلم تعاليم اليهود؟ يبدو أن ابن ميمون، في كتبه الكبرى حول الشريعة اليهودية، كان مستعدا لقبول القول بأن البرهان الأرسطي يوصل إلى الحقيقة الحرفية. فتعهَّد في دلالة الحائرين، الذي كتبه أواخر حياته، باستقصاء البحث في مسألة الموافقة أو المخالفة تلك، مستدلا بصراحة ضد قول أرسطو بقدم العالَم  (§3.1)حيث اعتبره هادما لشريعة اليهود. لكنه في صدر الدلالة، بيَّن أنه سيستر معناه أحيانا، حتى ذهب بعض الدارسين إلى أن كتاب الدلالة، إذا ما أول تأويلا صحيحا، يتبنى النظرة الأرسطية، بينما رأى آخرون أن نتائجه الأخيرة شكانية.[17]

7.2.         الفلسفة الجامعية

حوالي 1200، أضحت مدارس باريس جامعة، ونشأت في نفس الآن تقريبا جامعةٌ بأكسفُرد. انقسمت الجامعات إلى كليات للصنائع وكليات عليا للثيولوجيا والقانون والطب.[18] حازت كليات الصنائع العدد الأكبر من الطلبة، وكان طلبة الكليات العليا أسنّ وغالبا ما مروا من كلية الصنائع أو ما يشبهها. هناك دُرس النحو والمنطق منذ البداية، لكن مع التوافر التدريجي للترجمات الكاملة لأرسطو خلال القرن الثالث عشر، وعقب بضعة عقود من الاعتراض الكنسي، أمست كليات الصنائع بمثابة كليات أرسطية فعلا، بمنهاج قُسِّم وفق نصوص أرسطو. ورغم أن الجامعات كانت في حمى الكنيسة، فقد اقتصرت الدراسة في كليات الصنائع على المعرفة الطبيعية التي غدا أرسطو – الوثني – مثلها الأعلى في نظر السواد الأعظم. كما شكلت كليات الثيولوجيا – التي سرعان ما هيمن عليها الرهبان الفرنسِسكان والدومينكان – حيزا لمناظرات استدلالية رفيعة بشأن الحقيقة المنزلة، مع كثير من الاستطرادات الفلسفية الخالصة.

في منتصف القرن الثالث عشر، صار فلاسفة الجامعة أشدّ حماسة بفضل ما توافر من موارد أرسطية استكملتها عروض ابن سينا وأعانت شروحُ أرسطو على استيعابها.[19] وقد سعى أستاذا الصنائع الباريسيان الشهيران، سيجر البرابنتي وبويثيُس الداسي(Boethius of Dacia)، اللذيْن عملا خلال ستينات وسبعينات القرن الثالث عشر، إلى بسط فلسفة أرسطية ضمن حدود أرسطو نفسه، بحيث لا تستقل فحسب عن العقيدة المنزلة (كما قضى بذلك العملُ في كلية الصنائع)، وإنما من دون اكتراث لمدى مخالفتها للتعليم المسيحي. أما عالِم اللاهوت الدومينكاني توما الأكويني (Thomas Aquinas 1225-74)، فلم يكن أقل حماسة لأرسطو، بل لم يكن لثقته حدود تقريبا في أن أرسطو بلغ نتائج برهانية صادقة بالضرورة، وبالتالي لن تتعارض، من حيث كونها حقا، مع التعليم المسيحي (رغم اشتمال العقيدة المسيحية أيضا على أمور لا تُعرَف إلا بطريق الوحي) (§3.1§3.3). وقد كان سيجر وبويثيُس ممن طالتهم إدانة أسقف باريس عام 1277 (انظر المدخل إدانة 1277 Condemnation of 1277) لعدد من المفكرين في الجامعة. ولم يفلت منها الأكويني، الذي توفي قبل الإدانة بقليل، حيث ظل محل خلاف، رغم حجيته بالنسبة للدومينيكيان (انظر أيضا Aquinas’s moral, political, and legal philosophy).

في الجيل اللاحق، كان هنري الگانتي (ت. 1293 Henry of Ghent)، الذي شارك في لجنة الإدانة، أعظم علماء اللاهوت تأثيرا في باريس. إلا أن جون دانس سكُتس (John Duns Scotus, 1265/5–1308)، الفرنسسكاني الأكسفُردي الذي أرسِل إلى باريس لأجل التدريس، هو الذي سيُغير الوضع. فقد استوعب الأرسطية جيدا، لكنه خطّأ تصور أرسطو للإله، لأنه يمنع من القول بأن الإله يختار (§3.2). فأنكر التصور الأرسطي للجهات (§3.2)، وقال بقوة الله المطلقة وبأن إرادة الله هي الفاعل الحاسم للخير والشر. كما أدخَل في الميتافيزيقا جملة تمييزات دقيقة زادت الترسيمة الأرسطية تعقيدا. أما ويليام أوكام (ح. 1287-1347 William of Ockham)، عالِم اللاهوت الفرنسسكاني الذي عمل بأكسفُرد ولندن قبل أن يستجير من تفتيش بابوي بالإمبراطور لودفيگ الباڤاري، فقد سار على خط سكُتس بشأن مشيئة الله، لكنه استعاض عن ميتافيزيقاه بأنطولوجيا متناثرة بحيث صاغ التمييزات التي رسّخها سكُتس في الواقع بلغة معنوية. كما برع أوكام في المنطق، إذ استعمل هو وجيلُه الزاهر بأكسفُرد التحليلَ المنطقي واللغوي استعمالا واسعا لا يختلف عما فعله أبيلار ونظار باريس خلال القرن الثاني عشر (§4.2). وفي باريس، سار على البرنامج نفسه جون بوريدان (ت. 1360 John Buridan) -رأس أساتذة الصنائع عقودا من الزمن والمنطقي المبرز-، واجتهد، عند شرح أرسطو، في الجمع بين الوفاء للنصوص المباينة وبين الإخلاص للحق الأسمى للعقيدة المسيحية.

رغم أن الحديث عن الفلسفة الجامعية اللاتينية يقل مع منتصفَ القرن الرابع عشر، ظل هذا الأسلوب في التفلسف قويا ثلاثة قرون على الأقل (§5.2)، حيث كانت الجامعات في هذه الحقبة قائمة في أوروبا بأكملها. وفي أواخر القرن الرابع عشر، بلور جون وايكليف (ت.1384) الذي درس بأكسفُرد ومهر في المنطق، نسقا بالغ التعقيد ألّف بين الفلسفة والثيولوجيا، وأخذ وجوها منه پول الڤنيسي (ت. 1429Paul of Venice)، كبير مناطقة زمنه. ثم ازدهرت كليات الصنائع بالجامعات الإيطالية خاصة أواخر القرنين الخامس عشر والسادس عشر؛ وكان پيترو پُـمپُنازي (1642-1525 Pietro Pomponazzi) أشهر أساتذتها، وأجرأهم في الدفاع عن حق أساتذة الصنائع في عرض فكر أرسطو، مهما بلغت الفروق بينه وبين التعليم المسيحي (§3.3). وقد امتد هذا التقليد الفلسفي الجامعي لما يناهز قرنين إضافيين، مع نظار مثل جياكومو زَبريللا (ت. 1589Giacomo Zabarella) بإيطاليا وجمهرة من الأعلام بإسبانيا والبرتغال(§5.2).

8.2.         الفلسفة اللاتينية خارج الجامعات (حوالي 1200- ح. 1500)

زاول أهلُ العصر الوسيط اللاتيني الفلسفة خارج الجامعات، رغم أن المؤرخين لم يفطنوا لذلك إلا مؤخرا.[20] أجل، فإن بعض أشهر وأعظم التآليف الأدبية الرائجة في هذا العصر وأكثرها دراسة كانت في الآن عينه أعمالا فلسفية. أظهرُ شاهد على ذلك الكوميديا الإلهية لدانتي، القصيدة الإيطالية التي تنظر في الحب والفعل الأخلاقيين من خلال أمثولة مآل الإنسان بعد الموت. ورغم أن دانتي (Dante) (الذي كتب رسالة لاتينية أصيلة في السياسة) لم يتلق تكوينا جامعيا، فقد شارك بوصفه مفكرا أصيلا ضاهى كبار مفكري القرن الثالث عشر: الأكويني وأستاذه ألبير الكبير، وخاصة أساتذة الصنائع (Imbach 1996; De Libera, Brenet, & Rosier-Catach 2019).

عمِل دانتي ضمن تقليد يرجع إلى عزاء الفلسفة لبويثيُس، تلك المحاورة الفلسفية التي توسلت بالتشخيص والشكل الأدبي من السرد والقصيد البديع. تُرجِم عزاء الفلسفة إلى جل اللغات المحلية الأوروبية، وامتزج تأثيره بالأعمال اللاتينية للقرن الثاني عشر التي لحظته، مثل كسموگرافيا برناردس سِلڤِسترُس (Bernardus Silvestris’s Cosmographia) (المستندة إلى طيماوس)، وشكوى الطبيعة لألان الليلي (Alain of Lille’s Complaint of Nature). وكانت أولى القصائد الفلسفية الدارجة التي نسجت على منوال هذا التقليد بمثابة استمرار لقصيدة الوردة لصاحبها جون الموني في 1270، وهو رجل قانون وثيق الصلة بجامعة باريس (Morton & Nievergelt 2020). وقد كتب المؤلفان الإنجليزيان خلال القرن الرابع عشر شوسر(Chaucer) ولانگلاند (Langland) شعرا فلسفيا مستحضرين الكوميديا وقصيدة الوردة (Troilus and Criseyde, Piers Plowman) (Coleman 1981).

فضلا عن ذلك، فإن بعض الذين تلقوا تكوينا فلسفيا عاليا وكتبوا باللاتينية قد اشتغلوا خارج الجامعات. حيث كتب ريمون لول (1232-1315/16Ramon Llull) مؤلفات كثيرة بالكطالانية واللاتينية ويُقال بالعربية أيضا، وأنشأ نسقا منطقيا خاصا لا يرتبط بالمنطق الجامعي، بغية النظر في الله وصفاته والبرهان على حقيقة المسيحية. وفي القرن الخامس عشر كان من بين الفلاسفة غير الجامعيين الكردينال والدبلوماسي البابوي نيكولاس الكوزي (1401-64 Nicholas of Cusa)، والخادم والكاتب البابوي لورنزو ڤالا (1407è57Lorenzo Valla)، ومرسيلو فيسينو (1433-99 Marsilio Ficino)، المحمي من لدن عائلة الميديشي بفلورنسا، والنبيل پيكو المراندولي (1463-94 Pico della Mirandola ). وجميعهم بلوروا أفكارهم ضمن أشكال مختلفة عما راج في الجامعات وكان تقديرهم للعصر الكلاسيكي القديم تقديرا عاليا؛ فكان فيسينو أفلاطونيا ذائع الصيت (§1.3.2)، وسعى پيكو إلى الحكمة أنى وجدت، من القبّالة إلى … الثيولوجيا الجامعية.[21]

ولئن حُرِم النساء من جل أشكال التعليم العالي في العصور الوسطى، فقد صادفن فرصا للدراسة والمشاركة في بعض أشكال الفلسفة. حيث شاركت في مناقشة القضايا الفلسفية بعض اللواتي نُعتن بـ«المتصوفات» (مثل هيلدگرد البنگينية(Hildegard of Bingen)، ومرگريت الپوريتية (Margaret Porete) وميتشيلد المگبورية (Mechthild of Magdeburg) وغيرهن).[22] ثم بادرت كريستين الپيزانية (1364-ح.1430Christine de Pizan)، المرأة المتزوجة التي علمها والدُها المنجم لدى ملك فرنسا، إلى الدفاع عن أسرتها عبر نظم قصيدة بالفرنسية عند وفاة زوجها. فكتابتها، التي كانت في البداية غنائية، أصبحت فلسفية مع إحالات إلى بويثيُس والأكويني، وذات وعي حاد بالقيود الموضوعة على النساء وملكاتهن (König-Pralong 2012).

9.2.         الفلسفة اليهودية في أوروبا المسيحية

رغم أن الفلسفة اليهودية المكتوبة بالعربية اختفت، في العالَم الإسلامي، بعد ابن ميمون، فقد شرعت في الازدهار، بالعبرية وباستخدام النقول اليهودية للنصوص العربية (§1.3.4)، في الأوساط اليهودية بأوروبا المسيحية، خاصة بإسبانيا وجنوب فرنسا وإيطاليا.[23] تمثلت النصوص المركزية في دلالة الحائرين لابن ميمون وشروح ابن رشد، وخاصة تلاخيصه، التي كثيرا ما آثر المفكرون اليهود استعمالها على نصوص أرسطو نفسه، وأنجز بعضهم شروحا عليها.

كما بان سابقا (§2.6)، فتح ابن ميمون باب تأويل دلالة الحائرين. وبينما اعتقد بعض النظار اليهود في القرنين الثالث عشر والرابع عشر أن كتابه –حتى لو أُوِّل تأويلا حرفيا- يغلو في التسليم بالأفكار الفلسفية، فإن فريقا، مثل شمويل بن تيبون (ت. 1232Samuel ibn Tibbon) القيم على إحدى الترجمات العبرية، آثر قراءة كتابه قراءة باطنية تجعل الكتاب أرسطيا بشكل جذري. وعلى الشاكلة نفسها قرأ موسى النربوني (ت. 1362Moses of Narbonne) الدلالة وقبِل أغلب رؤى ابن رشد، بما فيها فكرة أن الفلسفة تعلم الحق الكامل وأن الشريعة تقدم صيغة مجازية للحق تساير فهم العامة.

كان ليڤي بن جرشون (1288-1344؛ گرسونيدLevi ben Gershom) أيضا قارئا متبصرا من قراء ابن ميمون وابن رشد، لكنه سعى إلى بلورة رؤيته الخاصة بشأن أغلب المسائل الخلافية، بعد تقليب الأدلة من جميع الوجوه؛ وقد بيّن في كتابه الأم، حروب الرب(The Wars of the Lord)، كيف أن نتائجه المدللة توافق التوراة فعلا. وتعد رؤاه بشأن سابق العلم الإلهي (§3.2) وخلود النفس (§3.3) أمثلة لافتة على أمله في تتبع موقف فلسفي من مبتدئه إلى نتائجه القصوى.

بارز حروب الرب كتاب نور الرب (Light of the Lord) الذي ألفه حسداي كرِسْكاس (ح. 1340-1410/11 Hasdai Crescas) بوصفه أعمق وأجرأ المصنفات الفلسفية اليهودية الوسيطية. فقد بسط كرِسْكاس أيضا نظريةً جريئة حول سابق العلم الإلهي مضادة كليا لنظرية گرسونيد (§3.2). كان كرِسْكاس يعُد نفسَه منافحا عن السنة اليهودية ضد الأرسطية، وألفى أدلة قوية تحدى بها عددا من المذاهب الأرسطية الأساسية في العلم: حيث استدل على وجود الخلاء، وكثرة العوالم، وعلى زمن بلا أجسام، وعلى القوانين المشتركة الناظمة لعالمَيْ ما تحت القمر وما فوقه.

لم يتأثر النظار اليهود بتقليدهم الخاص وبالتقليد العربي فحسب. فالراجح أن ابن جرشون اطلع، بشكل غير رسمي، على مسائل وتقنيات الفلسفة المسيحية الجامعية (Sirat, Klein-Braslavy, & Weijers 2003). فلقد تُرجمت كتب لاتينية إلى العبرية، وفي القرن الخامس عشر غرف بعض نظار اليهود، مثل أبراهام بيباگو (ت. قبل 1489 Abraham Bibago) ويهودا ميسر ليون (ت. 1498Judah Messer Leon) من الفلسفة اللاتينية (Zonta 2006) في حين كتب إليا ديل ميديگو (ت. 1493Elijah Delmedigo ) باللاتينية والعبرية معا، وخالط حلق جامعة پادوفا وعمل مترجما لپيكو الميراندولي.

10.2.   الفلسفة العربية بعد العصر الكلاسيكي

إن العبارة: «ما بعد الكلاسيكية» هي الكنية التي يطلقها المتخصصون على الفلسفة العربية بعد ابن سينا، ما عدا الفلسفة العربية خلال القرن الثاني عشر بإسبانيا.[24] وهي تمثل المادة الغالبة التي لم تُدرَس دراسة تاريخية إلا مؤخرا (رغم أنها ظلت تقليدا حيا في بعض المناطق إلى حدود القرن العشرين). وهي الآن من مجالات البحث الحدودية المثيرة.

ففضلا عن انتشار دراسة المنطق (§4.1)، هناك عوامل أربعة خلَّقت التفلسف في هذه الحقبة: ابن سينا، الكلام، التصوف، والغزالي الذي يجمَع فكره العوامل الثلاثة الأولى. فلقد حلت موسوعات ابن سينا محل نصوص أرسطو وباتت نقطا مرجعية وتقليدا متبعا في شرحها قرونا من بعد، وخاصة منها الإشارات. كما كُتِبت موسوعات جديدة على نهج ابن سينا، وغدَت بدورها موضع شرح. ورغم أن لابن سينا أتباعا أوفياء، فغالبا ما كان الموقف من عمله موقفا نقديا. ففي كتاب المعتبَر في الحكمة، عبَّر أبو البركات البغدادي (ولد حوالي 1077)، اليهودي الذي أسلم آخر حياته، عن اختلافه عن ابن سينا في مواضع عديدة. وقد أخذ بانتقاداته فخر الدين الرازي (ح. 1150-1210) ضمن شرحه المأثور للإشارات، وجاوب على بعض اعتراضاته القوية أحد أعلام نظار الجيل اللاحق، المفكر الجامع الطوسي (74-1201). كما كان الرازي رأسا من رؤوس الكلام: حيث رد على نقد الغزالي للفلسفة من خلال القول بموقفين مذهبيين اثنين: فرغم انتقاداته لابن سينا، أخذ في شرحه بعدد من مذاهبه المركزية التي تركها في كتبه الكلامية (Griffel 2021). لكن، وكما يبين مثال الرازي نفسه، الذي كتب في كلا النطاقيْن، شهدت الحقبة التالية للعصر الكلاسيكي مرونةً في التمييز بين الكلام والفلسفة (التي لم تعد تُعرَف باللفظ المشتق من اليونانية فلسفة، بل بلفظ الحكمة. وعلى سبيل المثال، فإن كتاب المواقف في علم الكلام للإيجي (ت. 1355)، الذي شرحه الجرجاني (وهذا الشرح كان محل شروح)، أخذ بأقسام كبيرة من تعليم ابن سينا، رغم أنه يستدل ضد معظمها (Dhanani 2017).

إضافة إلى هذا، ظهر تيار آخر في الرد على ابن سينا مثَّلَه عمل السهروردي (المقتول عام 1191 al-Suhrawardī). وهو يأخذ بالصور الأفلاطونية، وينكر رأي أرسطو بوجود صور كلية في الأشخاص: فإننا، بحسبه، نعرف الأشياء الجزئية الحاصلة مباشرة بشكل أفضل عبر حضورها من معرفتها عبر الاستدلال العقلي. دشن السهروردي مدرسة الفلاسفة «الإشراقيين». كما تبلور التصوف، بمعجم فلسفي غني وقريب الصلة بالتقليد الفلسفي، رغم المسافة بينهما، من لدن ابن عربي (1165-1240Ibn ‘Arabī)، الذي قام القونوي (ت. 4/1273) بوضع أفكاره ضمن صورة أكثر تنسيقا.

تآلفت جميع هذه العناصر خلال السنين اللاحقة. مثلا، في معرض نقاش شهير جرى بداية ازدهار الفلسفة بإيران، قرأ الداواني (ت. 1501) ابن سينا بطريقة تأثر فيها بالسهروردي (الذي شرحه) وابن عربي؛ بينما نقاده، أمثال الدشتكي الأب والابن (ت. 1498، ت. 1542)، فظلوا أقرب إلى النص.[25]

3.       ثلاث مسائل وسيطية

نصل الآن إلى المناقشة المفصّلة لمسائل ثلاث: قِدم العالَم؛ العلم الإلهي المحيط والحرية الإنسانية؛ النفس والخلود. ولاختيار هذه المسائل دواعٍ ثلاثة: إذ حظيت كلٌّ منها بأهمية بالغة في كافة تقاليد الفلسفة الوسيطية. وكانت، على الشاكلة التي بُحِثت بها، مسائل وسيطية خاصة (اعتبارا لفهمنا للعصر الوسيطي بوصفه عصرا مديدا ومتسعا)، رغم وثاقة صلتها بالقضايا الفلسفية التي بُحِثت من قبل ومن بعد. ثم – على رأس دواعي اختيارها دون سواها – أن كل واحدة منها تضيء على وجوه تفاعل الهموم الدينية بالاستدلال العقلي، وعلى السبل المختلفة لذلك التفاعل داخل نطاقات كل تقليد ديني على حدة، وفيما بين تلك النطاقات أيضا.

3.1.         3.1. قِدم العالَم

حسب أرسطو، لا بداية للعالَم، إذ لابد لكل تغير من تغير يسبقه. أما نظام الطبيعة فظل كما هو، وسيبقى كذلك.[26]

لبث قول أرسطو بقِدَم العالَـم (كل شيء خلا الله) مقبولا إلى حدود الأفلاطونيين المتأخرين الذين قالوا إن العالَم المعقول يفيض عن الله، لكنه هذا لم يكن مقبولا من جل اليهود والمسيحيين والمسلمين. إذ تقول دياناتهم المنزلة إن العاَلم ابتدأ حين خَلَقَه الله. فضلا عن ذلك، بدا لهم أن العالَم لو كان قديما لامتنع أن يكون الله خالقا.

فهذا جون فيلوپونُس (ح. 490-570John Philoponus )، المسيحيّ على مذهب الطبيعة الواحدة، والذي درس في مدرسة الإسكندرية التي كانت بعد بائنة، حرص على إظهار خطأ شيوخه بشأن قدم العالَم، مستعملا ألفاظهم. فحسب حجته، التي أُخِذ بها لاحقا في العصور الوسطى، لا يتوافق القول بقدم العالَم مع مبادئ أرسطو نفسه. فإنّ أرسطو قال بامتناع وجود ما لا نهاية له بالفعل: ولو كان العالَم قديما إذن لكان ما لا نهاية له من الأيام السابقة لليوم لا يتناهى بالقوة فقط. إلا أن فيلوپونس ادعى أنه مادام كل يوم معدودا، فإن القِدَم في الماضي سوف يكون محصلا بالفعل. ولما كان هذا ممتنعا، وجب أن يكون للعالَم ابتداء ((Philoponus, On Aristotle Physics 3 [1994: 428–430, 467–478] and Against Aristotle on the Eternity of the World [1987: 143–146]; Sorabj 1983: 214–215)).

أما أنصار الفلسفة منذ الفارابي، فقاربوا الأمر على نحو مختلف. إذ أقروا بقِدم العالَم، رغم أنهم قالوا، ليظلوا موافقين لتعليم الإسلام، إن الله هو الفاعل للعالَم والصانع له. أما الغزالي (تهافت الفلاسفة، المسألة الثالثة [2000: 55–77])، فرأى أن الفلاسفة لجؤوا إلى استعمال هذه الوصفين على سبيل المجاز بسبب قولهم بقدم العالَم (ولأسباب أخرى). وقد حاول ابن رشد ردَّ هذه التهمة، وتضييق البون بين موقفه وبين موقف المتكلمين (تهافت التهافت، المسألة الثالثة [1954: 87–155]). حيث قال (في فصل المقال؛ [2001: 14–15]) إنّ الفيلسوف والمتكلمين يقرّون بثلاثة ضروب من الأشياء: أجسام منها صُنع العالَم، وهي مسبَّبَة مسبوق وجودُها بزمان؛ والله الذي لا سبب له وغير مسبوق بزمان؛ ثم العالَم في كليته، المسبوق بزمان (إذ لا يوجد زمان من دون حركة الأجسام)، لكنه أتى إلى الوجود بفعل فاعل. الفرق الوحيد أن الفيلسوف يقول إنّ الزمان يمر إلى ما لا نهاية، بينما المتكلمون ينكرونه.

خلافا لذلك، أنكر ابن ميمون – على الأقل وفق القراءة الحرفية لكتابه دلالة الحائرين –أي محاولة للتوفيق بين قِدَم العالَم وبين الدور الخلاق لرب إبراهيم، إذ يقتضي بنظره إرادة واختيارا. بل أنكر أن يكون أرسطو قد أفلح في البرهان على قِدَم العالَم، وادّعى أن أرسطو نفسَه يقر بأنه لم يبرهن ذلك (II, 15 [1963: II, 289–293]). لكنه، خلافا لفيلوپونُس، لم يسع إلى البرهان على أن ابتداء العالم، إنما قدَّم أدلة قوية، غير برهانية، لصالح موقفه. وأقواها تلك التي تربط أنظاره هنا على شاكلة أشد إحكاما بفكرته عن رب مريد فاعل. لقد زعم ابن ميمون أن أرسطو لم يقدم تفسيرا كافيا عندما عرض طبيعيات عالَم ما تحت القمر، أي عندما عرض أرسطو كيفية صدور العالَم عن الواحد (وفي بال ابن ميمون هنا نظرية الفيض التي طورها الفارابي). فرأى أن الطريق الوحيدة التي تجلب التفسير المطلوب هي طريقة الإرادة الإلهية: فالعالَم حدث على هذه الشاكلة لأن الله اختاره. لكن الله لا يمكن أن يريد ويختار، بحسب ابن ميمون، إلا إذا كان للعالَم الذي خلقه بداية (II, 19–25 [1963: II, 302–330]).

بالنسبة للمسيحيين، اتّضح أنّ الكنيسة تقول إن للعالَم بداية، وسعى بعض اللاهوتيين في الجامعات اللاتينية خلال القرن الثالث عشر إلى استخدام أدلة فيلوپونس وادّعوا إمكان البرهنة على هذا الموقف. فعلى غرار ابن ميمون، أنكر بويثيُس الداسي (Boethius of Dacia [1987])، أحد أعلام أساتذة الصنائع خلال ستينات-سبعينات القرن الثالث عشر، أن تكون هذه الأدلة المقدَّمة لصالح قِدَم العالَم – أو غيرها- برهانية. لكنه اعتقد أيضا أن المشتغِل بالعلم الطبيعي الأرسطي (وهو أحد أدوار أستاذ الصنائع النظرية) يجب أن يتقدّم فينكر بداية العالَم بالفعل، لأن العلم الطبيعي قائم على مبدأ أن كل تغير يقتضي تغيرا يسبقه. ولدرء تهمة الهرطقة عن أساتذة الصنائع النظرية، دافع بويثيُس عن نسبيَّةٍ مقيَّدة. بحيث إن علماء الطبيعة حين يقولون بأن العالَم ليس له بداية، فإنهم يقولون إن العالَم ليس له بداية بحسب مبادئ العلم الطبيعي، بينما يوافق العقيدة المسيحية الصحيحة التي تقول بأن للعالَم بداية.

وقف الأكويني موقفا مشابها من بعض الوجوه لهذا الموقف في كتابه في قِدَم العالَم. فأقرّ بموجب الإيمان أنّ للعالَم فعلا بداية، لكنه أنكر بازدراء أدلة فيلوپونُس التي استخدمها بعض معاصريه. غير أنه ودّ لو يستدل على موقف مخالف: فقد يصدق القول إن العالَم لم يزل موجودا وإنه مع ذلك «مسبَّب من الله بحسب جميع ما فيه». عمل الأكويني على التمييز الدقيق بين هذا الموقف وبين النظرة القائلة بـ«إمكان الوجود الدائم لغير الله، كما لو أمكن وجود شيء من غير صنعه»، –وهذا أمر شنيع لا ينكره، بنظره، التعليم المسيحي فقط بل ينكره الفلاسفة أيضا. وهو على حق فعلا، إذ أقرّ الفيلسوفان –ابن سينا وابن رشد، وليس أرسطو! –بأن الله صنع العالَم. لكن، كما نبَّه إلى ذلك الغزالي، لا يتضح كيف تأتى له ولابن سينا ولابن رشد أن يقبلوا (§3.2)– ضمن خطاطة الجهات الأرسطية – أن يترك عالَم قديم حيزا يصنع لله فيه العالَم بالمعنى الذي يعنيه الأكويني حقا: عالَم أراده واختاره.

2.3.         العلم الإلهي المحيط والحرية الإنسانية: مشكلة سابق العلم

معظم فلاسفة العصرين القديم والوسيط، البائنين منهم أو اليهود أو المسيحيين أو المسلمين، قالوا إن علم الله محيط، فاعتقدوا بأنه عالِم بالمستقبل.[27] لكن، لو كانت مراداتي وأفعالي المستقبلية في سابق علمه، فكيف تكون حرة وأنا عاجز عن الإرادة أو الفعل خلافا لعلمه بما أفعل؟ ثمة طرق شتى لصياغة مشكلة العلم السابق صياغة تجعلها مشكلةً زائفة قائمة على الإخفاق في لحظ المنظور الموسَّع للواجب ضرورة (إنْ كان الله – أو غيره – يعلم أن أ، فإذن ب) لا يستلزم بالضرورة ب. ظن پيتر أبيلار أنه حل هذه المشكلة حينما نبّه على هذه المغالطة. وكان لحلُّه وقع مؤثر، إلا أنه أغفل ما لحظه بويثيُس ستة قرون من قبل في الكتاب5 من عزاء الفلسفة (Marenbon 2005: 55–116). ثمة مشكلة فعلا، لأن الله لا يعلم فقط وإنما علمه سابق. نظر بويثيُس في الدليل كما يأتي (Boethius, §6). إن حوادث المستقبل الجائزة هي مما يمكن حدوثه بوجه أو بآخر، لكن كونها معلومة – لا مظنونة أو محزورة فقط– يجعل المستقبَل مقدَّرا سلفا، فلا تكون هناك حوادث جائزة أصلا. غير أن هذا يهدم، بنظره، أصول الأخلاق وقيمة العبادة. أنكر بويثيُس هذه النتيجة غير المرغوبة مستدعيا مبدأ مفاده أن المدرَكات كلها لا تُنال بحسب قوتها الخاصة وإنما بحسب قدرة مدرِكيها (Consolation V, pr. 4.25 [2001: 138])، بحيث يضفي هذا المبدأ النسبية على التعرف بحسب تعدد أصناف العارفين. وتأسيسا على هذا تمكن من القول بأن كثيرا من حوادث المستقبل (كتلك التي تتوقف على استعمال إرادتي) غير مقدَّرة سلفا ولا جائزة في ذاتها وإنما هي مقدَّرة وواجبة من حيث علم الله بها. فهذا الصنف الإلهي من التعرف يمكن أن يُفسَّر إلى حد ما بصلة الله بالزمان. فهو يوجد أبدا لا في زمان. وبحسب كثير من المؤولين، فالله لازماني، لكن يبدو أن بويثيُس أدنى إلى أن يقول إن لله صلة خاصة بالزمان بموجبها يدرك عقليا كلَّ لحظاته العابرة دفعةً واحدة، وبالتالي يدرك كل لحظة من الزمن كما لو أنها اللحظة الحاضرة. ومثلما نستطيع في سباق ما رؤية الفارس المتقدم من دون أن نعيق بذلك سائر المتسابقين، كذلك يعلم الله كل الأشياء، الماضية والحاضرة والآتية، كما لو أنها حاضرة.

وعلى نهج بويثيُس سار الأكويني الذي كان فهمه للبنية المنطقية للمشكلة فهما أوسع.[28] ونحا سكُتس نحوا مختلفا تماما (Lectura I 39 [1994]). قال جل نظار العصر الوسيط إن علم الله غير متوقف على الأشياء كتوقف علم الإنسان عليها، لأنه محدِثها. وبينما انصرف بويثيُس عن هذه المشكلة، تصدى سكُتس مباشرة لبيان كيف يجوز الشيء إنْ كان الله يُحدِث كل الأشياء عبر علمه بها. هذا التنافر يرتفع، حسب استدلال سكُتس، إذا وفقط إذا كان الله مريدا بإرادة جائزة. إلا أن الضرورة وفق الفهم الأرسطي الذي كان مذهب أغلب نظار الجامعة خلال القرن الثالث عشر ما كان يسمح بجريان إرادة الله أو فعله على سبيل الجواز. فقالوا إن الضروري يكافئ ما يبقى على حاله دوما، ولذلك فإن الله، الذي أجمع الكل على أنه دائم لا يتغير أبدا، مريد بإرادة ضرورية. وقد كشف سكُتس عن فهم مختلف للجهة لا يرتَدّ بموجبه الممكن والواجب إلى شرائط الزمن. وهكذا لا تتغير إرادة الله على امتداد الزمن، لكنها قد تكون مختلفة. (Knuuttila 1993: 139–149; and entry on medieval theories of modality).

أما ابن سينا وابن رشد، اللذان قادهم أرسطو إلى القول بأن الله يعلَم الكليات فقط لا الجزئيات، فلم يجابها مشكلة العلم السابق؛ لكنهما استشعرا الحاجة إلى أن يفسرا، بطريق غير مباشرة، كيف لا يكون علم الله مقصورا على الكليات.[29] كما سعى ابن ميمون إلى خفض التوتر بين إله أرسطو وبين إله العناية، ثم بين سابق العلم الإلهي وبين الجواز، من خلال بلورة كلام سلبي بشكل جذري يقضي بأنا لا نعلم ما يُقال عن ماهية الله، من حيث هي مقابلة لآثاره. ففي نظره، يُقال لفظ «العلم» في حق الله باشتراك مع لفظ «العلم» الذي درجنا على استعماله بحق البشر. ونحن لا نحيط بما تدل عليه لفظة العلم في حق الله (رغم قدرتنا على نيل قبَس فهم مما يدركه الصانع من صنعته)، لكنا لا نقدر على التيقن من أنه يعلم كل شيء، بما في ذلك الجائزات في المستقبل (Maimonides, Guide III, 20 [1963: 480–484]).

طبعا، لم يقنَع ابن جرشون بموقف ابن ميمون. ورغم مدحه لإلحاح ابن ميمون على عدِّ نفي الجسمانية عن الله أصلا من أصول الإيمان اليهودي، وإسقاط اليهودية عمن ينكره، نبَّه ابن جرشون إلى أن اللغة المستعملة في حق الله لو كانت مشتركة فعلا، فأنّى لابن ميمون أن يعلم فساد القول بأن «الله جسم»؟ (Wars III.3 [1987: 107–115]). فغير بعيد من ابن سينا وابن رشد، أراد ابن جرشون أيضا قصرَ علم الله على نظام الطبيعة جملة، لكنه ذهب إلى أن تفصيل حياة البشر، وليس سائر الطبيعة، مقدَّر من لدنه بتوسط النجوم. وقد أفلت من الجبرية التي قد تلزم عن هذا حين ترك حيزا لخرق العادة. فالبشر قادرون، باستعمال عقولهم، على تغيير ما قدّرته النجوم. لو قدَّرت النجوم أن أقضي هذا المساء في حفلة، فبمقدوري مع ذلك أن أدرك بعقلي أنه يحسُن بي تخصيص المساء لقراءة ابن جرشون فأقرّ في البيت، رغم النجوم، صحبة كتاب حروب الرب (Wars III, 3–4 [1987: 107–131]).

بالمقابل، أصر كرِسكاس على أن الله يعلم مسبقا الحوادث الجزئية لحياة البشر، وأنه في النهاية قد قدَّرها تقديرا. لقد أقرّ بالنتائج الجبرية لهذه الرؤية لأنه – مثله مثل التوفيقيين بين الجبرية والحرية اليوم – لم يعتبرها منافيةً لسعي الإنسان إلى تحقيق غايته ولا لاستحقاق العقوبة على سيئات أفعاله. فميَّز بين ما يفعله الفاعل بسبب طبيعته وما يفعله بتقدير سببي (لأن هذا الأخير ممكن في ذاته، لكنه واجب بغيره). ولو كان غنى البشر بحسب طبيعتهم لكانت مساعيهم لجلب المال سدى. أما وأن الأمر ليس كذلك، فإن تقدير جهودهم سببيا لا يجعلها سدى: بل العكس، إنهم ينضوون في سلسلة الأسباب التي يصيرون أغنياء نتيجة لها. وبالمثل، فلو أحجمتُ آجلا عن ارتكاب جرم ما فسيكون ذلك مقدَّرا سببيا، لأن العقوبة المقدَّرة ذات بال بحيث كانت (بفعل أثرها الرادع) جزءا من تلك السلسلة السببية.[30]

2.4.         النفس والخلود

حسب أفلاطون، إن النفوس البشرية جواهر مباينة لأبدانها، وهي مما يوجد وجودا مفارقا ويتناسخ. فأخَذ الأفلاطونيون الأوائل بهذه الثنائية وجاهدوا حتى إبّان حيواتهم الفانية لتحرير نفوسهم من الأبدان ونيل الاتحاد بالواحد. بالمقابل، اعتبر أرسطو النفس صورةً لجسم حي، تتعهد وظائفَ الحياة مثلما تتعهد صورةُ الشيء غير الحي – كصخرية الصخرة مثلا– وجودَهُ على شاكلته التي هو عليه. فالنبات ينمو ويقضي دورة حياته بفضل نفسِه النباتية. ونفس الحيوان -من غير الإنسان – ليست نباتية فقط، وإنما حسية أيضا، إذ تتعهد قدرة الحيوان على الحركة والإدراك الحسي. أما نفس الإنسان فتتعهد كل هذه القوى، وهي ذات عقل أيضا، إذ تقوى على تعقل الكليات. وإذا كانت النفس صورة الجسم، فإن البقاء بشكل منفصل عن الجسم يبدو محالا مبدئيا. غير أن ثمة مقاطع في كتاب النفس لأرسطو (خاصة  430a، الفصل5) تلمح إلى أن العقل لا يفنى، إلا أن القصد منها ربما لم يكن يعني نفوسا بشرية فردية.

خلافا لأفلاطون وأرسطو معا، يُعد بعث الأبدان أصلا من أصول العقيدة عند اليهود والمسيحيين والمسلمين، يرتبط بالعقاب على الآثام والثواب على الحياة الخيرة. كما بلور المسيحيون مذهبا مفاده أن ثمة فترة بين الموت والقيامة تلبث فيها نفوس البشر منفصلة، ويمكن أن تُثاب وتُطَهَّر أو تُساق إلى العقاب الأبدي.

ذهب ابن سينا مذهبا مخالفا لعقيدة الإسلام بشأن بعث الأبدان، وادّعى، انطلاقا من قراءة أرسطو من منظور أفلاطوني، أنّ كل إنسان يحوز عقلا غير مادي، مغاير لسائر أجزاء النفس –ولو لم يكن مفارقا للمادة لما أدرك الكليات-، وبما أنه غير مادي، فهو باق (انظر المقطع المعني في: The Salvation translated in Khalidi 2005: 27–58). كذلك، لم يشأ ابن رشد التصريح ببعث الأبدان، وحين جابه انتقادات الغزالي لابن سينا في هذا المضمار، رجع فقال إن الفلاسفة يقولون بالبعث نظرا لأن العامة يجدر أن تأخذ بهذا الاعتقاد الديني المشهور لئلا يشهروا مناقضتها (Averroes Incoherence [1954: 359–363]). بيد أن ابن رشد لم يحذ حذو ابن سينا في إضفاء الطابع الأفلاطوني على تأويل رؤى أرسطو بشأن النفس: ففي الشرح الكبير لكتاب النفس، قال بوجود عقل بالفعل غير فان، لكنه موجود غير مادي ومفارق؛ إلا أن حصول التعقل يحتاج الإنسان، إذ العقل يتطلب صورا ينشئها دماغ جسم الإنسان. فمثلما أن الكتاب الموجود أمامي يجعل إدراكي الحسي له إدراك حقا، كذلك الصور المنشأة في أدمغتنا عن الأشياء الجسمانية تُقدِر العقل الواحد المستقل اللامادي على التعقل حقا باستخدام الكليات.[31]

أما ابن ميمون فرأى أن اللذات العقلية هي وحدها اللذات الحقيقية، وأن صنوف الثواب الجسماني المقترن عادة بالبعث ليست عديمة القيمة فقط، إلا أن تكون بواعث لمن تنقصهم الحكمة، بل هي مُضللة أيضا؛ فإنما يجدر أن نتصرف وفقا لشرع الله وحبا في الله، لا طمعا في الثواب (Commentary on Mishnah, Introduction to Sanhedrin [translated in “Maimonides on the Jewish Creed”, 1906]). ومع ذلك، أقر ابن ميمون بأن البعث جزء من العقيدة اليهودية، وردّ الانتقادات التي كان قد أنكرها. وكما في مواضع شتى، ظلّ موقفه الخاص مفتوحا على التأويل.

انجذب نظار الجامعة اللاتينية الأوائل خلال القرن الثالث عشر بقوة إلى تأويل ابن سينا لأرسطو، إذ وافق الرؤية الثنائية لأگسطين بشأن النفس والجسم التي هيمنت إلى أن عُرِف كتاب النفس (Hasse 2000). وما أن فُهمت نظرية ابن رشد على حقيقتها حتى أُقِرّ بمخالفتها الصريحة للتعليم المسيحي، لكونها تنفي الخلود الشخصي. لكن كثيرا من أساتذة الصنائع منذ ستينيات القرن الثالث عشر حتى القرن السادس عشر ظلوا يعُدّونها أصح تأويل لأرسطو وأفضل نظرية يمكن نيلها بالعقل الطبيعي، ولو أنها باطلة لمخالفتها حقيقة الوحي. وقد آخذ الأكويني بشدة على نظرية ابن رشد سوء فهم أرسطو، فضلا عن تهافتها، إذ تجعل البشر موضوعات في العقل لا عقلاء.[32] كما رفض القراءة السينيوية الثنائية، فأكد أن لكل إنسان نفسا عاقلة هي صورةٌ لجسمه. ثم فسَّر ما يبقى من نفس الإنسان مفارقا بأن بيّن أن فعله الخاص، أي التعقل، هو فعل لا يحل في عضو جسماني (كما يحل الإبصار في العيون)، وبالتالي فهو شيء باق في استقلال عن الجسم.[33]

كان أعنف نقد وسيطي لنظرية الأكويني هو ذاك الذي قدّمه پيترو پمپنازي في كتاب خلود النفس الذي نشره عام 1516. ابتدأ پمپنازي بالتصريح بأنه يعُدّ القول بخلود النفس الإنسانية قولا حقا، معلوما بطريق الوحي، وأنّ حجة الأكويني لصالح الخلود هي أفضل ما في الإمكان. ثم قابل بين نظرة ابن رشد وبين الثنائية الأفلاطونية التي بعثها قبل مدة فيسينو. لكن يبدو أن انتقاداته ضد الأكويني كانت كثيرة. وقد شدد خاصة على أنه بحسب أرسطو، رغم أن التعقل غير مادي، فإنه ممتنع الحصول ما لم يجرِ في الآن عينه استعراض للصور الذهنية، وهي أشياء محسوسة تتطلب عضوا جسمانيا، هو الدماغ. فعقل الإنسان، إذن، متوقف على الجسم، ليس في فعل التعقل نفسه، وإنما بالنسبة إلى شرطه الضروري. ونظرا لهجومه الشديد، ومبادرته إلى تفسير السبب الذي لأجله لا يحتاج إنكار خلود النفس إلى العواقب الأخلاقية السيئة، ظن بعض المؤرخين أنه پمپنازي أنكر بالفعل التعليم المسيحي بشأن الحياة ما بعد الموت. ولعل الراجح أن يُعَدّ – على غرار بويثيُس الداسي في القرن الثالث عشر – مهتما بحفظ صلاحية أساتذة الصنائع النظرية في تأويل أرسطو والعمل داخل مجال العقل الطبيعي، ولو دل ذلك على مضادة تعليم الكنيسة.

4.       أهمية المنطق

أقام أرسطو والرواقيون في عصر العالَم القديم أنساقا منطقية رفيعة؛ لكن خلافا للخطابة، لم يصبح المنطق مكونا من مكونات البرنامج الدراسي المرعي آنئذ.[34] بالمقابل، صار المنطق في العالم الإسلامي وفي أوروبا اللاتينية خلال العصر الوسيط نطاقا دراسيا أساسيا، لا فقط ضمن الفلسفة (كما كان حال القرن الأخير في عالم الناطقين بالإنجليزية)، وإنما بالنسبة لكل من جاوز المعارف الأولية الضرورية.

1.4.         المنطق العربي

صار أرگانون أرسطو كله متاحا بالعربية منذ مطلع القرن العشر. بل كان موسَّعا اشتمل على كتابَيْ الخطابة والشعر. وقد عُدّ المنطق مصدرا لقواعد مختلف ضروب القول المتفاوتة من حيث قيمتها العقلية. ففي أدنى الدرجات توجد القياسات الشعرية، فالخطابية، فالقياسات الجدلية المتضمنة في كتاب المواضع ثم أخيرا البرهان، الذي خُصّ به الفلاسفة وعرض أرسطو نظريتَه في التحليلات الأولى وطبّقها على المعرفة في التحليلات الثانية، حيث ساد الاعتقاد بأن أرسطو قد شيَّد عليه نسقه الفكري بأكمله. لم يرفض ابن سينا هذا الرؤية العامة، لكنه عني أكثر بإعادة صوغ القياس (البرهاني) لأرسطو، وعلى نحو أكمل مما فعل لإعادة صوغ الميتافيزيقا والعلم الطبيعي. فألَّف القياسَيْن الجازم والظني في نظرية واحدة، وزاد في تعقيد نسق أرسطو حين أدخل جهات زمنية على كل أصناف القياس (انظر مدخل منطق ابن سينا Ibn Sina’s logic). وقد حل منطق ابن سينا محل منطق أرسطو، إلا في إسبانيا الإسلامية.

بيد أن الفلسفة ظلت دوما سعي قلة قليلة من الناس وعلى هامش عالَـم التربية الإسلامية. وقد بدّل الغزالي وضع المنطق: فبينما كان موقفه من الفلسفة ملتبسا، صرح بأن المنطق – وفي باله صيغة ابن سينا في القياس – نافع، بل ضروري للعلوم الإسلامية كالفقه، فنال حيزه ضمن جل المناهج المدرسية التي بدأت تزدهر في زمنه. وسيرا على هديه، أمسى المنطق قسما ثابتا في التربية المدرسية. فدُوِّنت خلال القرن الثالث عشر كتبٌ منطقية مدرسية مختصرة، مثل إيساگوجي للأبهري والشمسية للكاتبي اللذَيْن شُرِحا شروحا كثيرة من بعد. وقد اعتنى منطق المدرسة بالجوانب الصورية: بسط طرق ابن سينا في القياس، خاصة قياس الجهة، والقياسات العقلية ومفارقة الكذاب. واستمر هذا التقليد في إيران وتركيا والهند، رغم البعد الكبير لكل واحدة من هذه المناطق عن الأخرى، حتى القرن التاسع عشر. انظر المدخل حول فلسفة اللغة والمنطق العربية الإسلامية: Arabic and Islamic philosophy of language and logic.[35]

2.4.         المنطق اللاتيني

في العالم اللاتيني، مُنح المنطق دورا مركزيا ضمن النموذج التربوي الذي أنشئ حوالي 800 ميلادية في الأديرة والمدارس الكاتدرائية (§2.2)، المعدود آنذاك تعليما عاليا رغم محدودية المصادر المتاحة.[36]

ومع أن الفلسفة الرفيعة التي بلورها في هذا المقام نظار مثل أبيلار انحصرت في نخبة مدارس باريس خلال القرن الثاني عشر، فقد درج كل من نال تكوينا عقليا في أوروبا اللاتينية أن يحصل على الأقل أوليات المنطق الأرسطي ونظرية انتقالات المواضع الجدلية، وفقا لما كانت عليه في العصر القديم المتأخر وكما نقلها بويثيُس. ورغم ما رافق تأسيس الجامعات من اتساع البرنامج الدراسي بحيث شمل كافة النطاقات المعرفية التي تناولها أرسطو، لم يخسر المنطق صدارته؛ وذلك لسببين اثنين: الأول أن معظم الأعوام الأولى من دروس الصنائع النظرية كانت تخصص في مجملها للمنطق، وأن عددا من الطلاب لا يواصلون التعليم الجامعي؛ ثم غالبا ما يلتحقون بالجامعة (بعد سن الثالثة عشر) وقد ناولوا طرفا من التعليم المنطقي، فضلا عن دروس المنطق الإضافية في الكليات العليا للقانون والطب (Brumberg 2021: 95–97). والسبب الثاني أنه بينما دفع تدفقُ النصوص الجديدة أعلام نظار جامعات القرن الثالث عشر إلى تركيز الاهتمام على الميتافيزيقا والعلم الطبيعي والإبستيمولوجيا والأخلاق والمنطق، فإن نظار أكسفُرد خلال عشرينات القرن الرابع عشر – ليس أكام فقط، بل أيضا تلميذاه الفرنسسكانيان والتر شاتُن (ت. 1343/4Walter Chatton ) وآدم وودهام (ت. 1358Adam Wodeham) والدومينكاني روبرت هُلكوت (ت. 1349Robert Holcot/Holkot)– استمروا في استعمال تقنيات منطقية حاذقة في مناظراتهم اللاهوتية، فأسسوا بذلك طريقةً سوف تُحتَذى في باريس (Courtenay 1987: 171–306).

في التقليد العربي، بدأ درس المنطق الأرسطي بالقراءة الفاحصة لنصوص أرسطو، صار ابن سينا حجةً بدل أرسطو، ثم حلت الكتب المدرسية اللاحقة محل مؤلفاته (§1.1). أما في العالَم اللاتيني، فالمسار كان معكوسا تقريبا: إذ بينما كان بعض الجوامع الموسوعية أساس البرنامج المنطقي، صار مشتملا على بعض أعمال أرسطو، إضافة إلى فورفوريُس وبويثيُس (المنطق القديم) خلال القرن الحادي عشر، ثم ما أن أضحت بقية الأرگانون متاحة (المنطق الجديد) أوائل القرن الثالث عشر حتى غدا منطق أرسطو (مضافا إليه مدخل فورفوريُس ومكمَّلا بنص من نصوص القرن الثاني عشر من المقولات) موضعَ درس مفصَّل في الجامعات، واستمر على تلك الحال حتى القرن السادس عشر، بل بعده في إسبانيا. ورغم أن هذا التقليد الشارح لم يترك قط نص أرسطو، فإنه لطالما وصل إلى تخريج المسائل في تقديمه واستئناف الاشتغال على منطقه (كما في شرح رُبرت كِلْوَرْدبَي (Robert Kilwardby) التحليلات الأولى في أربعينات القرن الثالث عشر، Thom 2019).[37]

منذ أواخر القرن الثاني عشر، تطور في التقليد اللاتيني منطق سُمي منطق المحدَثين، وهو جملة فروع مستجدة لم ترِد عند أرسطو. ولعل أهمها ما تعلق بأوصاف الحدود (تحليل مرجع الألفاظ – «مقدمتها» – في سياق الجمل (انظر مدخل Medieval theories: properties of terms)؛ والاستنتاجات (منطق القضايا مقابل منطق الحد الأرسطي (انظر مدخل medieval theories of consequence)؛ والمغالطات [sophismata](وهي عبارات ملتبسة عمدا و/أو عبارات تبدو ملغزة النتائج يمكن تبيُّنُها عبر تحليل منهجي، مثل «شيء ما أبيض سيكون أسود»)؛ والمحالات [insolubles] (كمفارقة مفارقة الكذاب)؛ والإلزامات [obligations] (ضرب من اللعب الاستدلالي يستدعي جملا مصطنعة لاختبار قدرة الخصم على حفظ اتساقه). وقد كُتِبت مصنفات في كل واحدة من هذه الموضوعات، لكن أشهر الكتب المدرسية على الإطلاق هو مصنف پيتر الإسباني (ح. 1125-50Peter of Spain)، المعروف بمختصرات في المنطق، حيث ألَّف بين المنطق القديم والمنطق الجديد وأسهب في عرض نظرية أوصاف الحدود. ومع أن پيتر ما كان منطيقا بارعا (انظر: Peter of Spain Summaries, 1–9)، فإن عمله الذي صار الكتاب المدرسي المهيمن كُيِّف بكثير من التجوز في منتصف القرن الرابع عشر، ليصبح حاملا لكتابه المشهور الآخر: مختصرات في الجدل، من لدن جهبذ المنطق في زمنه جون بوريدان. وقد ظل العمل ساريا داخل منطق المحدَثين حتى منتصف القرن السادس عشر.[38]

3.4.         المنطق في بيزنطة وعند اليهود

لم تكن للمنطق في التعليم البيزنطي المنزلة الرفيعة التي نالها في المدارس والجامعات اللاتينية أو المدارس (=العربية). ومع ذلك وُجِد تقليد متصل في دراسته قام على تفسير الأرگانون وتأثر تأثرا بالغا بمتأخري مدرسة الإسكندرية القديمة.[39]

ولم ينبغ مناطقة يهود في أرض الإسلام، إنما نشأ بأوروبا اللاتينية منذ القرن الثالث عشر تقليد منطقي حي، تأسس على الترجمات العبرية لشروح الفارابي المختصرة ومختصرات ابن رشد على أرگانون أرسطو، والقسم المنطقي من مقاصد الفلاسفة للغزالي. إلا أن النظار اليهود استأنسوا أيضا ببعض الموارد اللاتينية، مثل مصنف پيتر الإسباني (خاصة منه أقسام المنطق القديم). وكان ابن جرشون (Gersonides) منطيقا أصيلا، كتب شروحا مسهبة على جوامع ابن رشد انتقده فيها مرارا، ثم مصنف كتاب القياس الصحيح الذي بلغ في التصوير درجة لافتة (Manekin 2012).

5.       متى كانت الفلسفة الوسيطية؟

بينما يتفق جل المتخصصين، ولو نظريا، على التصور الجديد الموسَّع لجغرافيا الفلسفة الوسيطية، لا يزال الخلاف قائما بشأن الترتيب الزمني للعصر الوسيط. أجل، هناك رؤية رائجة، مثل (De Rijk 1985: 1–64; Luscombe 1997: 1; Flasch 1986 [2000: 27–29] ; Lagerlund 2020: v) مفادها أن التقسيمات التحقيبية غير مهمة، وأنها تُختار لدواع عملية بحتة تيسِّر تقسيم العمل. لكن، كما سيتبين أدناه، يلعب اختيار التقسيمات التحقيبية دورا كبيرا في كيفية كتابة تاريخ الفلسفة، ويمكن إقامة الأدلة لصالح تحقيبات متباينة انطلاقا من الاتصال والانقطاع في التقاليد (Marenbon 2011).

1.5.         متى بدأت الفلسفة الوسيطية؟

هناك ثلاث نقط تُعتبَر عادة عند اختيار بداية الفلسفة الوسيطية:

  • حوالي 500، التاريخ الذي يختاره المؤرخون لبداية العصور الوسطى، ويطابق نهاية الإمبراطورية الرومانية في الغرب (إبان خلع آخر الأباطرة عام 476)؛
    • خلال القرن الثاني مع الفلاسفة المسيحيين الأوائل (لكن عادة ما يُقصى التقليد اليوناني البائن؛ أو
    • حوالي 800، التاريخ الموافق للحركة الفلسفية في بلاط شارلمان وبداية الفلسفة في بغداد.[40]

يثير كل واحد من هذه الآراء مشكلات:

  1. فمسوغ اختيار القرن الخامس يصدق فقط على الفلسفة اللاتينية،
    1. ومسوغ اختيار القرن الثاني لا ينطبق إلا على الفلسفة المسيحية؛ بينما
    1. يتجاهل الفلسفة اليونانية ويُنذر بترك الفلسفة اللاتينية بين 500 و800 -التي يزدريها مؤرخو الفلسفة الكلاسيكية- خارج الاعتبار.

لو نُظِر إلى التقليد الوسيطي في فروعه الأربعة الرئيسة كلها، إذن لكان الأفضل تعليم نقطة البداية مع عمل أفلوطين (ت.270) وفورفوريس (ت.305؟)، وإدراج مواد يونانية بائنة أيضا. ذلك أن جميع الفروع الأربعة تجد أصولها في المدارس الملقبة بالمدارس الأفلاطونية، وتستمد توجهها من الفيلسوفين المذكورين. طبعا، سوف يريد مؤرخو الفلسفة القديمة إدراج بعض نظار القرون الأولى من هذه الحقبة ضمن نطاقهم الخاص، لكن هذا ليس مشكلة، فلا مانع من تداخل الحقب في تاريخ الفلسفة.

2.5.         متى انتهت الفلسفة الوسيطية؟

يحتمل هذا السؤال أجوبة شتى، لكن الجواب المقبول (والمفاجئ للكثيرين) هو: حوالي 1700، علما أن التقليد العربي، في المنطق خاصة، قد امتد إلى ما بعد ذلك.

استمر التقليد العربي، خاصة في فارس وتركيا والهند، خلال القرن السابع عشر، بل بعد هذا التاريخ في المنطق خصوصا (انظر§4.1). كان إيران الصفوية المركز  الأساس، حيث طور صدر الدين الشيرازي (المعروف بالملا صدرا، 1571-1636Mullā Ṣadrā) نسقا فكريا أصيلا شيَّده على قاعدة الأرسطية السينيوية ذاتها، مع التعديلات التي أجراها السهروردي عليها، وأفكار ابن عربي الصوفية. وتُظهِر بحوثٌ مستجدة أن الإمبراطورية العثمانية خلال القرن السابع عشر كانت أيضا محلا لتجديد فلسفي انطلق أحيانا من التقليد الإيراني الذي تقدّمه (El-Rouayheb 2015).

أما تقليد الفلسفة اليهودية بالعبرية في أوروبا المسيحية فتوقف عموما مع طرد اليهود من إسبانيا عام 1492، رغم أنه بقي قرنا آخر في تركيا (انظر: Tirosh-Samuelson 1997: 529–545). لكن الفلسفة اليهودية بأوروبا استمرت مع محاورات في الحب (Dialogues of Love) ليهودا أبرابانيل، الملقب بليون إبريو (ت. بعد 1521Judah Abrabanel,)، ذلك الكتاب الذي حُفِظ– ولربما حُرِّر أيضا – بإيطاليا. وإذا كان التقليد الوسيطي اللاتيني قد امتد، كما اقترحنا أعلاه، إلى حوالي 1700، فربما كان بالحري عدُّ سپينوزا (1632-77Spinoza) آخرَ فلاسفة العصر الوسيط: فقد كتب باللاتينية وبالألمانية قليلا، ونبذته جماعته، وأُعجِب عن بصيرة بديكارت وانغمس في الآن عينه في فكر ابن ميمون وحسداي كرِسكاس.

وأما التقليد البيزنطي فانتكس بسقوط القسطنطينية عام 1453. إلا أن النظر اللاهوتي والفلسفي باليونانية استمر في ظل الحكم التركي، وكان وثيق الصلة بالتقليد السابق، لكنه تأثر بالفكر المدرسي اللاتيني للقرن السابع عشر، وبالتيارات الجديدة في الفكر الأوروبي خلال القرن الثامن عشر (Podskalsky 1988).

وأما التقليد الوسيطي اللاتيني، فالتعليم على نهايته عسير. ورغم ما يُقال اليوم عن تهافت الأخذ بالتاريخ التقليدي الذي لم يزل شائعا: 1500، فقد درج نظار التاريخ العام على اختيار هذه السنة للتعليم على بداية الأزمنة الحديثة، بنحو يقارب عام 1492، تاريخ أول رحلة إلى الدنيا الجديدة من لدن كولومبُس، وعام 1517 حين ابتداء حركة الإصلاح التي نقضت الوحدة الظاهرية لأوروبا الكاثليكية. غير أن جمعا من المؤرخين الوسيطيين يحجمون، اليوم، عن وضع حد عند هذا التاريخ، ويشددون على صلات الوصل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي دامت إلى حدود الثورة الصناعية. وفي كل الأحوال، لا داعي يوجِب موافقة التحقيب في تاريخ الفلسفة للتحقيب في الميادين الأخرى.

في كثير من المداخل متعددة الأجزاء أو المجلدات، عادة ما تعقب الفلسفةَ الوسيطية فلسفةُ عصر النهضة ثم فلسفةُ مطلع العصر الحديث التي تبدأ مع ديكارت. وعادة ما يُعرَّف «فلاسفة النهضة» باشتغالهم خارج الجامعات؛ وبولع عدد منهم بأفلاطون وغيره من الفلاسفة الأوائل، على قدر أرسطو، أو بدلا منه؛ وبتوق طائفة منهم إلى الكتابة بلسان لاتيني مبين، ودراسة اليونانية، واستعمال أشكال أدبية مثل المحاورات. وفعلا، وُجد فلاسفة من هذا الطراز، لكنهم لا يقعون ضمن ترتيب زمني بحيث تعقب فلسفةُ عصر النهضة الفلسفة الوسيطية: فلم يعش أشهر هؤلاء، مرسيل فيسينو (Marsilio Ficino) وپيكو الميراندولي (Pico della Mirandola) (§2.8)، إلى حدود 1500.[41]

استمرت الفلسفة الجامعية ضمن أطرها القائمة حتى أواخر القرن السابع عشر، مع بعض التغييرات الهامة (كالتخلي عن دراسة الميتافيزيقا) في البلدان البروتستانتية. وفي شبه الجزيرة الإيبيرية، ازدهر اللاهوت الفلسفي في القرنين السادس عشر والسابع عشر على الطريقة الجامعية المرعية (انظر مدخل مدرسة سلامنكا School of Salamanca). واتصل هذا التقليد بالتقليد الباريسي المبكر، إذ كان مؤسسه، فرنسِسكو الڤيتوري (1486-1546)، تلميذا لآخر علماء الثيولوجيا الكبار بجامعة باريس: سكوت جون مايور (1467-1550Scot John Major, ). ونجد بين أتباع الڤيتوري المشهورين دومينگو دي سوتو (ت. 1560Domingo de Soto, )، لويس مولينا (ت. 1600Luis de Molina) – الذي ادّعى أن لله علما خاصا بما نختار من أعمال لكنه لا يتحكم في اختياراتنا، ثم فرنسسكو سواريس (المولود عام 1548Francisco Suárez)، أحد أعمق وأقوى نظار التقليد اللاتيني بأكمله. يكمن أحد أهم الفروق القليلة عن الفكر الوسيطي الجامعي المبكر في المكانة المركزية التي مُنِحت للأكويني حين أمست خلاصته اللاهوتية موضع شرح (رغم أن سواريس قد تأثر أيضا بسكُتُس وأُكام). ولم يكن تاريخ وفاة سواريس عام 1617 (أزيد من عشرين عاما بعد ميلاد ديكارت) علامة على نهاية هذا التقليد الجامعي، بل تطورت فيه أفكار جريئة، وذهب في اتجاهات جديدة بالميتافيزيقا وبالنظر في الأخلاق، مع نظار منسيين في الأزمنة المتأخرة أمثال پيدرو هرتادو ميندوسا (ت. 1642 Pedro Hurtado de Mendoza,)، وتلميذه رُدريگو أرياگا (ت. 1667 Rodrigo de Arriaga,) وخوان كارامويل ولُبْكوڤيتش (ت. 1682 Juan Caramuel y Lobkowitz,).

لقد بدأ الإقرار بفائدة هذه «السكولائية الباروكية» (انظر Novotný 2009). وفي الآن نفسه، كتب ثلة من أفضل الدارسين في هذا الحقل دراسات تعمدوا فيها القطيعة مع الفصل الشائع بين فلسفة العصر الوسيط والفلسفة الحديثة، فنظروا في الميتافيزيقا ابتداء من 1274 إلى 1671 (پاسنو Pasnau 2011)، أو في نظريات الانفعالات من 1270 إلى 1670 (Perler 2011 [2018]). ولا تزال هذه المقاربات تنحو صوب قبول الفكرة المشهورة التي مفادها أن الفلسفة الوسيطية انتهت، وأن الفلسفة الحديثة بدأت حوالي 1500 أو على الأقل قبل 1600، مع التشديد على الاتصالات أو الدفاع عن وجود «فلسفة وسيطية بعد العصور الوسطى».[42] إلا أن ثمة مقترحا جذريا يضع نهاية الفلسفة اللاتينية الوسيطية حوالي 1700 (مع السماح طبعا بمداخلة الفلسفة الحديثة)، طالما أنه في هذا التاريخ فقط بدأت نتائج العلم الجديد والديكارتية تسلك طريقها إلى التعليم الجامعي، وشرع التقليد الأرسطي في الاختفاء (ولو أنه لم يغب كليا من كافة أرجاء أوروبا).[43]

ببليوگرافيا

‌أ.        تواريخ عامة للفلسفة الوسيطية

تشتمل هذه القائمة على المراجع التي تهم أكثر من فرع واحد من التقليد. أما تلك التي تقتصر على فرع واحد فقط، فيُشار إليها ضمن الفقرات الملائمة لها، وتوجد تفاصيل ضمن مقطع المراجع أدناه.

Adamson, Peter, 2015–2022, A History of Philosophy without any Gaps, Oxford: Oxford University Press.

  • volume 2, Philosophy in the Hellenistic and Roman Worlds, 2015
    • volume 3, Philosophy in the Islamic World, 2016
    • volume 4, Medieval Philosophy, 2019
    • volume 6, Byzantine and Renaissance Philosophy, 2022

[يتطرق إلى الفلسفة بالعبرية على نحو موجز في المجلد3، 249-91. ويقف المجلد4 بعد 1400؛ ويواصل المجلد3 إلى حدود الأزمنة الحديثة. الأصل في هذه المؤلفات مقاطع صوتية تُبَث على موقع لا يزال مستمرا. https://historyofphilosophy.net/

De Libera, Alain, 1993, La philosophie médiévale, Paris: Presses universitaires de France.

لهذا الكتاب الريادة في النظر إلى فروع الفلسفة الوسيطية الأربعة مجتمعة: يبدأ حوالي 500 وينتهي مع القرن الخامس عشر.

Grundriss der Geschichte der Philosophie. Die Philosophie des Mittelalters. Philosophie in der islamischen Welt, Berlin: Schwabe Verlag.

[صُمِّم The  Grundriss ، وهو “the New Ueberweg”، ليكون كراسة شاملة لتاريخ الفلسفة. وقد نشر ضمن سلاسل Die Philosophie des Mittelalters 

  • volume 1 on philosophy in Byzantium and among the Jews (a short essay) (see below Brungs, Kapriev, and Mudroch 2019),
    • volume 3 on Latin philosophy in the twelfth century (see below Cesalli, Imbach, De Libera, and Ricklin 2021), and
    • volume 4 on Latin philosophy in the thirteenth century (see below Brungs, Mudroch, and Schulthess 2017).

أما في Philosophie in der islamischen Welt، فنشر

  • volume I, on eighth–tenth centuries (see below Rudolph 2012) and
    • volume II, Part 1, on eleventh–twelfth centuries in the East and Central areas (see below Rudolph 2021).

كما جرى إخراج صيغة رقمية مترجمة من المجلد1 للسلاسل الإسلامية من لد بريل بعنوان: Philosophy in the Islamic World Online: 8th–10th Centuries)].

Lagerlund, Henrik (ed.), 2020, Encyclopedia of Medieval Philosophy, second edition, Dordrecht, Heidelberg, London and New York: Springer. doi:10.1007/978-94-024-1665-7

[يشمل الفروع الأربعة، ما بين 500 و1500. تضمن مقالات حول أعلام ومصادر (غاية في الاتساع) وعددا أقل من للمقالات المنصبة على موضوعات بعينها. أما نمط التناول، فأقل استيعابا من تناول موسوعة ستانفورد.

Marenbon, John, 2007, Philosophy: An Historical and Philosophical Introduction, London/New York: Routledge. doi:10.4324/9780203968765

[يشمل الفروع الأربعة، لكنه مقلل فيما يهم الفلسفة العربية ما بعد 1100، باستثناء تلك الفلسفة بإسبانيا. ويقف عند حدود 1400]

––– (ed.), 2012a, The Oxford Handbook of Medieval Philosophy, New York: Oxford University Press. doi:10.1093/oxfordhb/9780195379488.001.0001

[يشمل الفروع الأربعة، لكنه ضعيف فيما يهم الفلسفة العربية ما بعد 1100، باستثناء تلك الفلسفة بإسبانيا. القسم الأول يتضمن فصولا تاريخية وجغرافية، بينما يتضمن القسم الثاني دراسات لموضوعات فلسفية. وينصب التركيز الأساس للفصول الموضوعاتية، عمليا ولو عن غير قصد، على الفلسفة اللاتينية، 1100-1350.]

Pasnau, Robert (ed.), 2014, The Cambridge History of Medieval Philosophy, second edition, 2 volumes, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CHO9781107446953

منظّم بحسب الموضوعات. التركيز الأقوى على التقليد اللاتيني، وإن لم يكن في كل الفصول.

‌ب.    مختارات مساعدة من النصوص المترجمة

Foltz, Bruce (ed.), 2019, Medieval Philosophy: A Multicultural Reader, London and New York: Bloomsbury.

[مقتطفات من ترجمات موجودة لنصوص من كل الفروع الأربعة.]

Khalidi, Muhammad (ed.), 2005, Medieval Islamic Philosophical Writings, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511811050

[مختارات من النصوص المركزية، في ترجمات حديثة.]

Klima, Gyula (ed.), 2007, Medieval Philosophy: Essential Readings with Commentary, Oxford: Blackwell.

[مختارات، مرتبة بحسب الموضوعات، من ترجمات موجودة للتقليد اللاتيني، إلى حدود 1350.]

Manekin, Charles (ed.), 2008, Medieval Jewish Philosophical Writings, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511811067

[مختارات من النصوص المركزية، في ترجمات حديثة أو مراجعة.]

Schoedinger, Andrew, 1996, Readings in Medieval Philosophy, New York: Oxford University Press.

[مختارات واسعة من النصوص، الكثير منها معروف، أغلبها من التقليد اللاتيني، وبعضها مترجم ترجمة حديثة.]

The Cambridge Translations of Medieval Philosophical Texts, Cambridge/New York: Cambridge University Press

  • Volume 1: Logic and the Philosophy of Language, Norman Kretzmann and Eleonore Stump (eds.), 1988. doi:10.1017/CBO9781139171557
    • Volume 2: Ethics and Political Philosophy, Arthur Stephen McGrade, John Kilcullen, and Matthew Kempshall (eds.), 2001. doi:10.1017/CBO9780511609183
    • Volume 3: Mind and Knowledge, Robert Pasnau (ed.), 2002. doi:10.1017/CBO9780511606243

[ترجمات حديثة لنصوص أقل شهرة مع مادة مهمة للتقليد اللاتيني.]

‌ج.    ببليوگرافيات

Marenbon, John, “Medieval Philosophy”, Oxford Bibliographies (abstract is freely available on-line, the rest of the content is available by subscription)

(الملخصات متاحة على الشبكة، أما بقية المضمون فمتاح من خلال التسجيل)

هنكا ببليوگرافيات أخرى كثيرة ضمن هذه السلاسل متعلقة بالمجال:

Ashworth, Jenny, “Medieval Logic”; Penner, Sidney, “Scholasticism and Aristotelianism: fourteenth to seventeenth centuries” and on Aquinas, Boethius, Dante, Duns Scotus, Pico della Mirandola, William of Ockham.

‌د.      مراجع

د.1.نصوص أساسية

Al-Ghazali, The Incoherence of the Philosophers: A Parallel English-Arabic Text (Tahāfut al-Falāsifah), Michael E. Marmura (trans.), Provo, UT: Brigham Young University Press, 2000.

Aquinas, Thomas, Aquinas against the Averroists. On There Being Only One Intellect (De unitate intellectus contra Averroistas, Ralph McInerny (trans.) (parallel text), West Lafayette, IN: Purdue University Press, 1993.

Averroes, Tahafut al-Tahafut (The Incoherence of the Incoherence), 2 volumes, Simon van den Bergh (trans.), Cambridge: Gibb Memorial Trust, 1954.

–––, Decisive Treatise and Epistle Dedicatory (Faṣl al-maqāl fīmā bayna al-sharīʻah wa-al-ḥikmah min al-ittiṣāl), parallel text, Charles E. Butterworth (trans.), Provo, UT: Brigham Young University Press, 2001.

–––, Long Commentary on the “De Anima” of Aristotle (Sharḥ Kitāb al-nafs), Richard C. Taylor (trans.), New Haven, CT/London: Yale University Press, 2009.

–––, Metaphysics Book Lam: Ibn Rushd’s Metaphysics, Charles Gennequand (trans.) Leiden: Brill, 1984  (Islamic Philosophy and Theology: Texts and Studies, 1).
 (Islamic Philosophy and Theology: Texts and Studies, 1), pp. 197–8.

Avicenna, The Metaphysics of ‘The Healing’: A Parallel English-Arabic Text (al-Ilahīyāt min al-Shifāʼ), Michael E. Marmura (trans.), Provo, UT: Brigham Young University Press, 2005.

Boethius, Anicius Manlius Severinus, On the Consolation of Philosophy (De consolatione philosophiae), Joel Relihan (trans.), Indianapolis, IN/Cambridge: Hackett, 2001.

Boethius of Dacia, On the Supreme Good : On the Eternity of the World : On Dreams (De summo bonoDe aeternitate mundi, and De somniis), John F. Wippel (trans.), Toronto: Pontifical Institute of Mediaeval Studies, 1987.

Crescas, Ḥasdai, Light of the Lord (Or Hashem), Roslyn Weiss (trans.), Oxford: Oxford University Press, 2018.

Duns Scotus, John, Contingency and Freedom. Lectura I 39, A. Vos Jaczn, H. Veldhuis, A. H. Looman-Graaskamp, E. Dekker, and N. W. Den Bok (trans/eds), (New Synthese Historical Library 42), Dordrecht: Kluwer, 1994.

Gersonides, Wars of the Lord (Milḥamot ha-Shem) volume 2 (includes Books II–IV), Seymour Feldman (trans.), Philadelphia/New York/Jerusalem: Jewish Publication Society, 1987.

Maimonides, Moses, The Guide of the Perplexed, Shlomo Pines (trans.), Chicago/London: University of Chicago Press, 1963

–––, “Maimonides on the Jewish Creed”, The Jewish Quarterly Review (commentary on the tenth chapter of the Mishna Tractage Sanhedrin), J. Abelson (trans.), 1906, 19(1): 24–58. doi:10.2307/1451103

Peter of Spain, Summaries of Logic. Text, Translation, Introduction, and Notes, Brian P. Copenhaver, Calvin G. Normore, and Terence Parsons (trans. and ed.), Oxford: Oxford University Press

Philoponus, John, Against Aristotle on the Eternity of the World (De aeternitate mundi contra Aristotelem), Christian Wildberg (trans.), London: Duckworth and Ithaca, NY: Cornell University Press, 1987.

–––, On Aristotle Physics 3 (Eis to 3. tēs Aristotelous Physikēs akroaseōs), Mark J. Edwards (trans.), London: Duckworth and Ithaca, NY: Cornell University Press, 1994.

Pomponazzi, Pietro, 1516, On the Immortality of the Soul (Tractatus de immortalitate animae), translated by William Henry Hay II and John Herman Randall, Jr, in The Renaissance Philosophy of Man, Ernst Cassirer, Paul Oskar Kristeller, and John Herman Randall, Jr. (eds), Chicago/London: University of Chicago Press, 1948, 280–381.

د.2.أعمال ثانوية

Abram, Marieke, Steven Harvey, and Lukas Mühlethaler (eds.), 2022, The Popularization of Philosophy in Medieval Islam, Judaism, and Christianity, (Philosophy in the Abrahamic Traditions of the Middle Ages 3), Turnhout: Brepols.

Adamson, Peter and Richard Taylor, 2004, The Cambridge Companion to Arabic Philosophy, Cambridge: Cambridge University Press

Bäck, Allan, 2021, “Qualification”, in Cross and Paasch 2021: 19–30.

Bazán, Bernardo C., John W. Wippel, Gérard Fransen, and Danielle Jacquart (eds.), 1985, Les Questions disputées et les questions quodlibétiques dans les facultés de théologie, de droit et de médecine, (Typologie des sources du Moyen Age occidental, fasc. 44–45), Turnhout: Brepols.

Bornholdt, Jon, 2017, Walter Chatton on Future Contingents: Between Formalism and Ontology, (Investigating Medieval Philosophy 11), Leiden: Brill.

Brumberg-Chaumont, Julie, 2021, “The Rise of Logical Skills and the Thirteenth-Century Origins of the ‘Logical Man’”, in Logical Skills: Social-Historical Perspectives, Julie Brumberg-Chaumont and Claude Rosental (eds.), (Studies in Universal Logic), Cham: Birkhäuser, 91–120. doi:10.1007/978-3-030-58446-7_6

Brungs, Alexander, Vilem Mudroch, and Peter Schulthess (eds.), 2017, Die Philosophie des Mittelalters, Band 4: 13. Jahrhundert, (Grundriss der Geschichte der Philosophie), Basel: Schwabe.

Brungs, Alexander, Georgi Kapriev, and Vilem Mudroch (eds.), 2019, Die Philosophie des Mittelalters, Band 1: Byzanz, Judentum, (Grundriss der Geschichte der Philosophie), Basel: Schwabe Verlag.

Bulthuis, Nathaniel E., 2021, “Propositions”, in Cross and Paasch 2021: 5–18.

Bydén, Börje and Katerina Ierodiakonou, 2012, “Greek Philosophy”, in The Oxford Handbook of Medieval Philosophy, John Marenbon (ed.), Oxford/New York: Oxford University Press, 29–57.

Calma, Dragos (ed.), 2016, Neoplatonism in the Middle Ages, 2 volumes, (Studia Artistarum 42), Turnhout: Brepols.

Casagrande, Carla and Gianfranco Fioravanti (eds.), 2016, La filosofia in Italia al tempo di Dante, (Le vie della civiltà), Bologna: Società editrice il Mulino.

Cesalli, Laurent, Ruedi Imbach, Alain de Libera, and Thomas Ricklin (eds.), 2021, Die Philosophie des Mittelalters, Band 3: 12. Jahrhundert, (Grundriss der Geschichte der Philosophie), Basel: Schwabe Verlag.

Coleman, Janet, 1981, Medieval Readers and Writers, 1350–1400, (English Literature in History), London: Hutchinson.

Copenhaver, Brian P. and Charles B. Schmitt, 1992, Renaissance Philosophy, (History of Western Philosophy 3), Oxford/New York: Oxford University Press.

Courtenay, William J., 1987, Schools & Scholars in Fourteenth-Century England, Princeton, NJ: Princeton University Press.

Cross, Richard, 2014, The Medieval Christian Philosophers: An Introduction, London/New York: I.B. Tauris.

Cross, Richard and J. T. Paasch (eds.), 2021, The Routledge Companion to Medieval Philosophy, (Routledge Philosophy Companions), New York/Abingdon: Routledge. doi:10.4324/9781315709604

Dales, Richard, 1990, Medieval Discussions of the Eternity of the World, Leiden: Brill (Brill’s Studies in Intellectual History 18

Davidson, Herbert, 1987, Proofs for Eternity, Creation, and the Existence of God in Medieval Islamic and Jewish, New York: Oxford University Press.

De Libera, Alain, Jean-Baptiste Brenet, and Irène Rosier-Catach (eds.), 2019, Dante et l’averroïsme, (Collection Docet Omnia 5), Paris: Collège de France & Les Belles Lettres.

De Rijk, Lambertus Marie, 1985, La philosophie au Moyen Age, Leiden: Brill.

Dhanani, Alnoor, 2017, “Al-Mawāqif fī ʿilm al-kalām by ʿAḍūd al-Dīn al-Ījī (d. 1355), and Its Commentaries”, in El-Rouayheb and Schmidtke 2017: 375–396.

Dronke, Peter (ed.), 1988, A History of Twelfth-Century Western Philosophy, Cambridge/New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511597916

Dutilh Novaes, Catarina and Stephen Read (eds.), 2016, The Cambridge Companion to Medieval Logic, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9781107449862

Dvořák, Petr and Jacob Schmutz, 2019, “Introduction: Special Issue on Baroque Scholasticism”, American Catholic Philosophical Quarterly, 93(2): 187–189. doi:10.5840/acpq2019932178

El-Rouayheb, Khaled, 2015, Islamic Intellectual History in the Seventeenth Century: Scholarly Currents in the Ottoman Empire and the Maghreb, Cambridge: Cambridge University Press, 2015

–––, 2016, “Arabic Logic after Avicenna”, in Dutilh Novaes and Read 2016: 67–93. doi:10.1017/CBO9781107449862.004

–––, 2019, The Development of Arabic Logic (1200–1800), (Medieval and Early Modern Philosophy 2), Basel: Schwabe Verlag Basel.

El-Rouayheb, Khaled and Sabine Schmidtke (eds.), 2017, The Oxford Handbook of Islamic Philosophy, Oxford: Oxford University Press. doi:10.1093/oxfordhb/9780199917389.001.0001

Erismann, Christophe, 2017, “Logic in Byzantium”, in Kaldellis and Siniossoglou 2017: 362–380. doi:10.1017/9781107300859.022

Evans, Gillian (Vol. 1) and Philip Rosemann (Vols 2–3) (eds), 2002–2014, Medieval Commentaries on the ‘Sentences’ of Peter Lombard, Leiden/Boston: Brill. doi:10.1163/9789047400707 doi:10.1163/9789004283046 doi:10.1163/ej.9789004118614.i-551

Flasch, Kurt, 1986 [2000], Das philosophische Denken im Mittelalter: von Augustin bis Machiavelli, Stuttgart: P. Reclam. Second edition 2000.

Frank, Richard M., 1978, Beings and Their Attributes: The Teaching of the Basrian School of the Mu‘tazila in the Classical Period, (Studies in Islamic Philosophy and Science), Albany, NY: State University of New York Press.

Frank, Daniel H. and Oliver Leaman (eds.), 1997, History of Jewish Philosophy, (Routledge History of World Philosophies 2), London/New York: Routledge. doi:10.4324/9780203983102

––, (eds.), 2003, The Cambridge Companion to Medieval Jewish Philosophy, Cambridge: Cambridge University Press

Freudenthal, Gad (ed.), 2012, Science in Medieval Jewish Cultures, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CBO9780511976575

Gabbay, Dov M. and John Woods (eds), 2008, Handbook of the History of Logic, Volume II: Mediaeval and Renaissance Logic, Amsterdam/Boston: North Holland.

Giraud, Cédric (ed.), 2020, A Companion to Twelfth-Century Schools, (Brill’s Companions to the Christian Tradition 88), Leiden/Boston: Brill. doi:10.1163/9789004410138

Griffel, Frank, 2009, Al-Ghazālī’s Philosophical Theology, Oxford/New York: Oxford University Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780195331622.001.0001

–––, 2021, The Formation of Post-Classical Philosophy in Islam, New York: Oxford University Press.

Gutas, Dimitri, 1998, Greek Thought, Arabic Culture: The Graeco-Arabic Translation Movement in Baghdad and Early ʻAbbāsid Society (2nd–4th/8th–10th Centuries), London/New York: Routledge.

–––, 2018, “Avicenna and After: The Development of Paraphilosophy. A History of Science Approach”, in Islamic Philosophy from the 12th to the 14th Century, Abdelkader Al Ghouz (ed.), (Mamluk Studies 20), Göttingen: V&R unipress, 19–72. doi:10.14220/9783737009003.19

Gutas, Dimitri and Niketas Siniossoglou, 2017, “Philosophy and ‘Byzantine Philosophy’”, in Kaldellis and Siniossoglou 2017: 271–295. doi:10.1017/9781107300859.017

Hankins, James (ed.), 2007, The Cambridge Companion to Renaissance Philosophy, Cambridge/New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/CCOL052184648X

Hasse, Dag Nikolaus, 2000, Avicenna’s “De Anima” in the Latin West: The Formation of a Peripatetic Philosophy of the Soul 1160–1300, (Warburg Institute Studies and Texts 1), London: The Warburg Institute.

Imbach, Ruedi, 1996, Dante, la philosophie et les laïcs: Initiations à la philosophie médiévale I, (Vestigia 21), Fribourg, Suisse: Éditions universitaires.

Imbach, Ruedi and Catherine König-Pralong, 2013, Le défi laïque, Paris: Vrin.

Johnston, Spencer C., 2021, “Modal Logic”, in Cross and Paasch 2021: 43–56.

Kaldellis, Anthony and Niketas Siniossoglou (eds.), 2017, The Cambridge Intellectual History of Byzantium, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/978110730085

Kapriev, Georgi, 2005, Philosophie in Byzanz, Würzburg: Königshausen & Neumann

Kenny, Anthony, 2005, Medieval Philosophy, (New History of Western Philosophy 2), Oxford: Clarendon Press.

Knuuttila, Simo, 1993, Modalities in Medieval Philosophy, (Topics in Medieval Philosophy), London/New York: Routledge.

König-Pralong, Catherine, 2012, “Métaphysique, théologie et politique des savoirs chez Christine de Pizan”, Freiburger Zeitschrift für Philosophie und Theologie, 59: 464–479. Also in Imbach and König-Pralong 2013: 193–210.

Kukkonen, Taneli, 2014, “Creation and Causation” in Pasnau 2014, 232–246

Lagerlund, Henrik, 2008, “The Assimilation of Aristotelian and Arabic Logic up to the Later Thirteenth Century”, in Gabbay and Woods 2008: 281–346.

Lagerlund, Henrik and Benjamin Hill (eds.), 2017, Routledge Companion to Sixteenth Century Philosophy, New York/London: Routledge. doi:10.4324/9781315770512

Luscombe, David, 1997, Medieval Thought, Oxford/New York: Oxford University Press.

Manekin, Charles H., 1996, “Medieval Translations into and from Latin and Hebrew”, in Medieval Latin Studies: An Introduction and Bibliographical Guide, F.A.C. Mantello and A. G. Rigg (eds), Washington, DC: Catholic University Press, 713–717.

–––, 2009, “Propositions and Propositional Inference”, in Nadler and Rudavsky 2009: 165–187. doi:10.1017/CHOL9780521843232.008

–––, 2012, “Logic in Medieval Jewish Culture”, in Freudenthal 2012: 113–135. doi:10.1017/CBO9780511976575.009

Marenbon, John, 1988, Early Medieval Philosophy (480–1150): An Introduction, second edition, London ; New York: Routledge.

–––, 2005, Le temps, l’éternité et la prescience de Boèce à Thomas d’Aquin, Paris: Vrin

–––, 2011, “When Was Medieval Philosophy?” Inaugural lecture as Honorary Professor of Medieval Philosophy, Faculty of Philosophy, University of Cambridge. [Marenbon 2011 available online]

–––, 2012b, “Introduction”, in Oxford Handbook of Medieval Philosophy, John Marenbon (ed.), Oxford/New York: Oxford University Press, 3–14.

Morton, Jonathan and Marco Nievergelt (eds.), 2020, The ‘Roman de La Rose’ and Thirteenth-Century Thought, (Cambridge Studies in Medieval Literature 111), Cambridge/New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/9781108348799

Nadler, Steven M. and Tamar Rudavsky (eds.), 2009, The Cambridge History of Jewish Philosophy: From Antiquity through the Seventeenth Century, Cambridge/New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/CHOL9780521843232

Novotný, Daniel D., 2009, “In Defense of Baroque Scholasticism”, Studia Neoaristotelica, 6(2): 209–233. doi:10.5840/studneoar2009623

Paasch, J. T., 2021, “Logic Games”, in Cross and Paasch 2021: 57–76.

Pasnau, Robert, 2011, Metaphysical Themes, 1274–1671, Oxford: Clarendon Press. doi:10.1093/acprof:oso/9780199567911.001.0001

––– (ed.), 2014, The Cambridge History of Medieval Philosophy, second edition, 2 volumes, Cambridge: Cambridge University Press. doi:10.1017/CHO9781107446953

Perler, Dominik, 2011 [2018], Transformationen der Gefühle: philosophische Emotionstheorien 1270–1670, Frankfurt am Main: S. Fischer. Translated as Feelings Transformed: Philosophical Theories of the Emotions, 1270–1670, Tony Crawford (trans.), New York: Oxford University Press.

Podskalsky, Gerhard, 1988, Griechische Theologie in der Zeit der Türkenherrschaft (1453–1821). Die Orthodoxie im Spannungsfeld der nachreformatorischen Konfessionen des Westens, Munich: C.H. Beck.

Rudavsky, Tamar (ed.), 1985, Divine Omniscience and Omnipotence in Medieval Philosophy: Islamic, Jewish, and Christian Perspectives, (Synthese Historical Library 25), Dordrecht/Boston: D. Reidel.

–––, 2000, Time Matters: Time, Creation, and Cosmology in Medieval Jewish Philosophy, (SUNY Series in Jewish Philosophy), Albany, NY: State University of New York Press.

Rudolph, Ulrich (ed.), 2012, Philosophie in der islamischen Welt, I: 8.-10. Jahrhundert (Grundriss der Geschichte der Philosophie), Basel: Schwabe.

––– (ed.), 2021, Philosophie in der islamischen Welt, II.1: 11. und 12. Jahrhundert, Zentrale und östliche Gebiete (Grundriss der Geschichte der Philosophie), Basel: Schwabe.

Schmidtke, Sabine, 2017, “Ibn Anī Jumhūr al-Aḥsāʾī (d. after 1491) and his Kitāb mujlī mir’āt al-munjī”, in El-Rouayheb and Schmidtke 2017: 397–414.

Schmitt, Charles B. and Quentin Skinner (eds.), 1988, The Cambridge History of Renaissance Philosophy, Cambridge/New York: Cambridge University Press. doi:10.1017/CHOL9780521251044

Schmutz, Jacob, 2012, “Medieval Philosophy after the Middle Ages”, in Marenbon 2012: 245–266.

Siniossoglou, Niketas, 2011, Radical Platonism in Byzantium: Illumination and Utopia in Gemistos Plethon, (Cambridge Classical Studies), Cambridge/New York: Cambridge University Press.

Sirat, Colette, 1985, A History of Jewish Philosophy in the Middle Ages, Cambridge/New York: Cambridge University Press & Paris: Editions de la Maison des Sciences de l’Homme.

Sirat, Colette, Sara Klein-Braslavy, and Olga Weijers (eds), 2003, Les méthodes de travail de Gersonide et le maniement du savoir chez les scolastiques, Paris: Vrin.

Sorabji, Richard, 1983, Time, Creation and the Continuum, London: Duckworth.

Stroumsa, Sarah, 2019, Andalus and Sefarad: On Philosophy and Its History in Islamic Spain, (Jews, Christians, and Muslims from the Ancient to the Modern World), Princeton/Oxford: Princeton University Press.

Tatakis, Basil, 1949 [2003], La philosophie byzantine, Paris: Presses universitaires de France. Translated as Byzantine Philosophy, Nicholas J. Moutafakis (trans.), Indianapolis, IN: Hackett Publishing, 2003.

Taylor, Richard C. and Luis Xavier López Farjeat (eds.), 2016, The Routledge Companion to Islamic Philosophy, (Routledge Philosophy Companions), New York: Routledge. doi:10.4324/9781315708928

Thom, Paul, 2019, Robert Kilwardby’s Science of Logic: A Thirteenth-Century Intensional Logic, Leiden/Boston: Brill. doi:10.1163/9789004408777

Tirosh-Samuelson, Hava, 1997, “The Ultimate End of Human Life in Postexpulsion Philosophic Literature”, in Crisis and Creativity in the Sephardic World, 1391–1648, Benjamin R. Gampel (ed.), New York: Columbia University Press, 223–254.

Trizio, Michele, 2007, “Byzantine Philosophy as a Contemporary Historiographical Project”, Recherches de Théologie et Philosophie Médiévales, 74(1): 247–294. doi:10.2143/RTPM.74.1.2022841

Uckelman, Sara L., 2021, “Kinds of Argument”, in Cross and Paasch 2021: 31–42.

Van Ess, Josef, 1991–95, Theologie und Gesellschaft im 2. und 3. Jahrhundert Hidschra: Eine Geschichte des religiösen Denkens im frühen Islam, 6 vols., Berlin: De Gruyter.

Vasalou, Sophia, 2008, Moral Agents and Their Deserts: The Character of Mu’tazilite Ethics, Princeton, NJ: Princeton University Press.

Zonta, Mauro, 2006, Hebrew Scholasticism in the Fifteenth Century: A History and Source Book, Dordrecht: Springer Netherlands. doi:10.1007/1-4020-3716-3

–––, 2012, “Medieval Hebrew Translations of Philosophical and Scientific Texts: A Chronological Table”, in Freudenthal 2012: 17–73. doi:10.1017/CBO9780511976575.005

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.

Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.

Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).

Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الشبكة

[مجموعة غنية للغاية من النصوص المرقمنة، أغلبها بالعربية]

[موقع پول سپاد (Paul Spade). ترجماتـ كتب ومقالات. غير مفعّل 2007]

[مجموعة غنية من الكتب المرقمنة والنشرات الإلكترونية]

[نصوص من الفلسفة واللاهوت اللاتينيين إلى حدود 1200]

[نصوص من الفلسفة واللاهوت الإغريقيين]

[نصوص مرقمنة لكل من بويثيُس، أنسيلم، أبيلار وآخرين، وكذلك نصوص.]

[النزعة المدرسية، 1500-1800]

[Translation by Robert T. Miller]

[هذه هي الصيغة السابقة للمدخل المتعلق بالموضوع ضمن موسوعة ستانفورد الفلسفية – انظر: version history]

مداخل ذات صلة

Arabic and Islamic Philosophy, disciplines in: metaphysics | Arabic and Islamic Philosophy, disciplines in: natural philosophy and natural science | Arabic and Islamic Philosophy, disciplines in: philosophy of language and logic | Arabic and Islamic Philosophy, disciplines in: psychology and philosophy of mind | Arabic and Islamic Philosophy, historical and methodological topics in: Greek sources | Arabic and Islamic Philosophy, historical and methodological topics in: influence of Arabic and Islamic Philosophy on Judaic thought | Arabic and Islamic Philosophy, historical and methodological topics in: influence of Arabic and Islamic Philosophy on the Latin West | Arabic and Islamic Philosophy, special topics in: mysticism | Aristotelianism: in the Renaissance | binarium famosissimum [= most famous pair] | Byzantine Philosophy | categories: medieval theories of | causation: in Arabic and Islamic thought | causation: medieval theories of | condemnation of 1277 | conscience: medieval theories of | consequence, medieval theories of | demonstration: medieval theories of | divine: illumination | emotion: medieval theories of | empiricism: ancient and medieval | future contingents: medieval theories of | haecceity: medieval theories of | insolubles [= insolubilia] | medieval philosophy: literary forms of | modality: medieval theories of | natural philosophy: in the Renaissance | obligationes, medieval theories of | ontological arguments | political philosophy: medieval | practical reason: medieval theories of | School of Salamanca | semiotics: medieval | sophismata [= sophisms] | syllogism: medieval theories of | terms, properties of: medieval theories of | transcendentals, medieval theories of

مداخل بيوگرافية ذات صلة

Abelard [Abailard], Peter | Abner of Burgos | Abrabanel, Judah | Agrippa von Nettesheim, Heinrich Cornelius | al-Farabi | al-Farabi: metaphysics | al-Farabi: philosophy of logic and language | al-Farabi: philosophy of society and religion | al-Farabi: psychology and epistemology | al-Ghazali | al-Kindi | al-Razi, Abu Bakr | Albalag, Isaac | Albert of Saxony | Albert the Great [= Albertus magnus] | Albo, Joseph | Alexander of Aphrodisias | Ammonius | Anselm, Saint [Anselm of Bec, Anselm of Canterbury] | Aquinas, Saint Thomas | Aquinas, Saint Thomas: moral, political, and legal philosophy | Augustine, Saint | Auriol [Aureol, Aureoli], Peter | Bessarion, Basil [Cardinal] | Boethius, Anicius Manlius Severinus | Boethius of Dacia | Buridan, John [Jean] | Burley [Burleigh], Walter | Chatton, Walter | Crathorn, William | Crescas, Hasdai | Cusanus, Nicolaus [Nicolas of Cusa] | Damian, Peter | Dante Alighieri | Delmedigo, Elijah | Duns Scotus, John | Erasmus, Desiderius | Eriugena, John Scottus | Falaquera, Shem Tov Ibn | Ficino, Marsilio | FitzRalph, Richard | Francis of Marchia | Gersonides | Godfrey of Fontaines | Gregory of Rimini | Grosseteste, Robert | Halevi, Judah | Henry of Ghent | Heytesbury, William | Holkot [Holcot], Robert | Ibn ‘Arabî | Ibn Bâjja [Avempace] | Ibn Daud, Abraham | Ibn Ezra, Abraham | Ibn Gabirol, Solomon [Avicebron] | Ibn Kammūna | Ibn Rushd [Averroes]: natural philosophy | Ibn Sina [Avicenna] | Ibn Sina [Avicenna]: logic | Ikhwân al-Safâ’ | Israeli, Isaac | James of Viterbo | Kilvington, Richard | Kilwardby, Robert | Llull, Ramon | Maimonides | Maimonides: the influence of Islamic thought on | Montaigne, Michel de | More, Thomas | Mulla Sadra | Nicholas of Autrecourt [de Altricuria, Autricuria, Ultricuria, Autricort] | Ockham [Occam], William | Olivi, Peter John | Oresme, Nicole | Origen | Patrizi, Francesco | Paul of Venice | Penbygull, William | Peter of Spain [= Petrus Hispanus] | Petrizi, Joane | Philip the Chancellor | Philoponus | Pico della Mirandola, Giovanni | Plotinus | Pomponazzi, Pietro | Proclus | Pseudo-Dionysius the Areopagite | Radulphus Brito | Ramus, Petrus | Richard the Sophister [Ricardus Sophista, Magister abstractionum] | Saadya [Saadiah] | Sanches, Francisco | Sharpe, Johannes | Simplicius | Spinoza, Baruch | Suárez, Francisco | Suhrawardi | Telesio, Bernardino | Theology of Aristotle | Thomas of Erfurt | Tibbon, Samuel Ibn | Valla, Lorenzo | William of Sherwood | Wodeham, Adam de | Zabarella, Giacomo


[1] رغم أن الفلاسفة اليهود الذين كتبوا بالعربية يندرجون ضمن تقليد ثقافة بلاد الإسلام (انظر مثلا ابن ميمون: §2.6)، فإن الاتصال الوثيق للفلسفة اليهودية بالعربية وبالعبرية يُفتقد حين لا يُنظَر إلى الفلسفة اليهودية بوصفها فرعا قائما بذاته من فروع هذا التقليد. لكننا، ربحا للحيز في الفقرة: §2، تطرقنا إلى الفلسفة اليهودية ما قبل 1200 بإزاء فلسفة أخرى بالعربية في الفقرتين:§2.4 و§2.6. وثمة فروع أخرى إلى جانب هذه الأربعة، مثل الفلسفة بالسريانية من القرن الرابع إلى القرن العاشر، وبالجورجية والأرمنية، وبالفارسية (الموصولة بالتقليد العربي).

[2] لفظ «الوسيطي»، الذي يدل على «الانتساب إلى العصر الوسيط»، أطلقه نظار عصر النهضة إشارةً (قدحية) منهم إلى الحقبة الواقعة بين نهاية العصر القديم وبين عصرهم. لكن، لا حاجة إلى الجمود على هذا المعنى الأصلي الذي لا ينطبق إلا على التقليد اللاتيني (وربما على التقليد اليهودي الذي توجد جذوره في العالَم اللاتيني)؛ وفعلا، سيتبيّن لاحقا (§5.2) أن عصر النهضة لا يُعلِّم على نهاية التقليد اللاتيني للفلسفة الوسيطية.

[3] شُرِح كتاب بويثيُس عزاء الفلسفة (Consolation of Philosophy) مرات عديدة (§1.3)، منذ القرن التاسع حتى القرن الخامس عشر، أما رسائله الثيولوجية الموجزة وكتبه المنطقية المدرسية فشُرِحت قبل 1150 خاصة. كما وُجِدت تقاليد وسيطية (800-1200) لاتينية في التحشية والشرح على كتاب موسوعي قديم ذي محتوى فلسفي لمرتيانس كاپيلا: قران عطارد وفيلولوجيا (Martianus Capella’s Marriage of Mercury and Philology)، وعلى شرح ماكروبيُس لكتاب سيسيرو رؤيا سكِپْيو (Macrobius’s commentary on Cicero’s Dream of Scipio).

[4] تُرجِم كتاب طيماوس إلى اللاتينية (بشكل غير تام)، وشُرِح في القرن الرابع من قِبَل كَلسيديُس (Calcidius). كما شرحه ويليام الكُنشي (William of Conches) في القرن الثاني عشر، وفي الفترة عينها وضع ابن رشد تلخيصا للجمهورية(Republic)، بينما شرح مارسيلو فيسينو (Marsilio Ficino) في القرن الخامس عشر أعمال أفلاطون والأفلاطونيين. كذلك، وُجد تقليد لاتيني في شرح ديونيسيُس-المنحول (pseudo-Dionysius) وشرح نسخة معدَّلة من كتاب اپْرُكلُس مبادئ الثيولوجيا [Proclus’s Elements of Theology]، وهو في الأصل عمل حُرِّر بالعربية، ودُعي كتاب العلل (Liber de causis) (انظر Calma 2016). وفي 1340-1364، كتب بيرتولد الموسبرگي [Berthold of Moosburg] شرحا مستفيضا لمبادئ الثيولوجيا.

[5] كان هناك أيضا تقليد للشرح على كتابات السهروردي (§2.10)، وعلى الكتب المدرسية في الكلام (§2.4).

[6] يتيح مشروع [Dartmouth Dante] مناولة 32 شرحا على الكوميديا، كتبت قبل 1600:     https://dante.dartmouth.edu/

[7] يسَّر پاسنو (Pasnau 2014) تعقب جل هذه الحركات، حيث اشتمل الملحق ب: «ترجمات العصر الوسيط» (793-832)، اللائحة التالية: 1. مصنفات أرسطية يونانية ترجمت إلى اللاتينية؛ 2. مصنفات فلسفية يونانية (أخرى) تُرجِمت إلى اللاتينية؛ 3. مصنفات فلسفية يونانية تُرجِمت إلى العربية؛ 4. مصنفات فلسفية عربية تُرجِمت إلى اللاتينية؛ 5. مصنفات فلسفية لاتينية تُرجِمت إلى اليونانية؛ 6. مصنفات فلسفية قديمة وشروح تُرجِمت إلى العبرية.

[8] (Tatakis 2003) ترجمة لكتاب نُشِر بالفرنسية عام 1949؛ توجد مناقشات متوازنة ضمن: (Kaldellis and Siniossoglou 2017, sections IV and V, and Bruns, Kapriev and Mudroch 2019, Part I)؛ ويُركِّز مدخل الفلسفة البيزنطية (Byzantine philosophy) على تقليد الشرح الأرسطي، بينما يركز (Kapriev 2005) على التقليد المسيحي الأفلاطوني.

[9] انظر: (Börje Bydén and Katerina Ierodiakonou (2012: 29–30)). لمناقشة دلالة «الفلسفة البيزنطية، انظر: (Trizio 2007 and Gutas & Siniossoglou 2017.)

[10] انظر: ( Marenbon 1983). (رغم قِدم هذا العمل، لم يعوَّض بعد.)

[11] يُعدّ كتاب (Adamson and Taylor 2005) بحثا تمهيديا جيدا، خاصة في هذه الحقبة؛ أما كتاب (Rudolph 2021) فهو مفصَّل أكثر، ويمتد إلى نهاية القرن الثاني عشر. وقد دُرِست هذه الحقبة في إطار تناول أوسع للفلسفة العربية من لدن (Taylor & Lopéz-Farjeat 2016 and El-Rouayheb & Schmidtke 2017)؛ انظر  أيضا المداخل حول الميتافيزيقا العربية والإسلامية، الفلسفة الطبيعية والعلم الطبيعي العربي والإسلامي، السببية في الفكر العربي والإسلامي. Arabic and Islamic metaphysicsArabic and Islamic natural philosophy and natural scienceArabic and Islamic psychology and philosophy of mindcausation in Arabic and Islamic Thought.

[12] غالبا ما يُستَبعَد علم الكلام، خاصة قبل الغزالي، من الدراسات التي تعرض الفلسفة العربية. يعد كتاب (Frank 1978) دراسة كلاسيكية لميتافيزيقا الكلام لدى المتقدمين، كما يعَد كتاب (Van Ess 1991–95) (الذي هو قيد الترجمة الآن، وقسم منه متاح)، كتابا أساسيا في هذا المضمار.

[13] لكن يجدر تدقيق هذه الصورة، انظر (Vasalou 2008).

[14] انظر تواريخ عامة للفلسفة اليهودية في الهامش 23.

[15] انظر : (Dronke 1988)؛ (Giraud 2020) والكتاب الشامل: (Cesalli, Imbach, de Libera, & Ricklin 2021)

[16] أول دراسة نظرت في الثقافة الفلسفية لإسبانيا الإسلامية في كليتها هي: (Stroumsa 2019). انظر  أيضا المداخل التالية:  Arabic and Islamic metaphysicsal-Farabi’s psychology and epistemologycausation in Arabic and Islamic.

[17] من أجل تواريخ عامة للفلسفة اليهودية الوسيطية، انظر الهامش23.

[18] يقدم كروس 2014 (Cross 2014, The Medieval Christian Philosophers) مدخلا بديعا لأهم الأعلام؛ ويوفر (Cross and Paasch 2021 (Routledge Companion to Medieval Philosophy)) إطلالة من لدن جماعة من المؤلفين، وفق ترتيب موضوعاتي معروض بحس فلسفي متّقد. كما كُتِب مؤلَّف (Kenny 2005, Medieval Philosophy) بطريقة شيقة ونبيهة. وغم أن عناوين هذه الكتب تلمح إلى أنها عروض واسعة، فإنها تركز خاصة على الفلسفة الجامعية. بالنسبة للقرن الثالث عشر، يوفر كتاب (Brungs, Mudroch, & Schulthess 2017) تفاصيل لا تُضاهى؛ كما ينظر في قسم محدود في الفلسفة غير الجامعية في تلك الحقبة. أما كتاب (Flasch 1986 [2000]) فاستثناء، إذ علاوة على اقتصاره على التقليد اللاتيني، فإنه يرى الفلسفة الجامعية مجرد قسم محدود من مجاله.

[19] طبعا، هذه صيغة بالغة التبسيط للقصة المتشابكة لاستعمال الموارد العربية في الفلسفة الجامعية اللاتينية، انظر  مدخل أثر الفلسفة العربية والإسلامية في الغرب اللاتيني: influence of Arabic and Islamic philosophy on the Latin West.

[20] لا يزال هذا المضمار بحاجة إلى الاستكشاف: يجمع كتاب (Imbach & König-Pralong 2013) بعض المقالات أو الفصول الجيدة كتبها هذان الرائدان؛ كما ينظر كتاب (Casagrande & Fioravanti 2016) في الفلسفة الجامعية (بإيطاليا)، لكنه أميل إلى الفسلفة خارج الجامعات، أو على الأقل خارج كليات الصنائع واللاهوت. كما وجدت في التقليدين اليهودي والإسلامي فلسفةٌ موجَّهة إلى جمهور أوسع، مع أنها لم تُدرَس بعد بما في الكفاية من لدن مؤرخي الفلسفة: يتضمن كتاب (Abram, Harvey and Muehlethaler 2022) مقالات حول الحقبة ككل (عوالم اللاتين واليهود والإسلام)، ثم انظر Adamson 2016: 344–350 (on Rūmī).

[21] يُدعى هؤلاء الأعلام عادة «فلاسفة النهضة». انظر أدناه (§5.2).

[22] انظر بشأن وجوه اعتبار صلة المتصوفات بالفلسفة: (Christina Van Dyke 2018)، والفصول التي خصصها أدامسُن لعدد منهن: Adamson 2019 on Hildegard (2019: 128–34), Hadewijch and Mechthild of Magdeburg (2019: 222–27), Marguerite Porete (2019: 368–73), English Mysticism (2019: 489–94), and Catherine of Siena (2019: 509–15)

[23] يقدم كتاب (Sirat 1985) دليلا كاملا لنطاق الفلسفة اليهودية الوسيطية، كما شأن (Frank & Leaman (2003) حول الفلسفة بالعبرية (258-445)، وكذا (Nadler & Rudavsky 2009) الـمُرتَّب موضوعاتيا. ويتناول مدخل أثر الفلسفة العربية والإسلامية على الفكر اليهودي ضمن موسوعة ستانفورد للفلسفة influence of Arabic and Islamic philosophy on Judaic thought التقليد اليهودي العربي والعبري: إذ يوفر جملة تدقيقات هامة للصورة المبسطة المقدمة هنا وفي §2.6 حول المصادر التي استخدمها الفلاسفة اليهود.

[24] تجد أفضل المعلومات العامة حول هذا الأمر في الفصول ذات الصلة ضمن: (El-Rouayheb & Schmidtke 2017 and Adamson 2016: 295–420.). ثمة نقاش تاريخي حاد بشأن العناصر التي يمكن عدُّها فلسفة في الفكر والثقافة العربيين المتأخرين. منظور أدامسُن واسع، أما گوتاس 2018 -الذي كان من أوائل من أشاروا إلى أهمية «الفلسفة العربية ما بعد الكلاسيكية»- فيتبنى منظورا أضيق، بينما تجد تدقيقا للنقاش في گريفل 2011: انظر  خاصة 565-71. انظر  أيضا المداخل: Arabic and Islamic metaphysicsmysticism in Arabic and Islamic philosophy

[25] في الوقت عينه تقريبا، جمع الأحسائي (ت. بعد 1501) «الكلام، والفلسفة المشائية والإشراقية، والتصوف الفسلفي» (Schmidtke 2017: 398).

[26] من أجل مناقشة موجزة، وخاصة للكتاب العرب، انظر (Kukkonen 2014: 237–43). وتجد تناولا أتم في: (Sorabji 1983 and Davidson 1987 (Islamic and Jewish writers) and Dales 1990 and Rudavsky 2000 (Jewish authors).)

[27] تجد دراسة جيدة في المدخل حول medieval theories of future contingents  وباستعمال صياغة صورية ضمن: Bornholdt 2017. وهما معا مقصوران على التقليد اللاتيني. ومن أجل رؤية أوسع، انظر: Rudavsky 1985.

[28] توجد أهم مناقشات الأكويني للمشكلة في: On Truth, q. 2, a.12; Summa contra Gentiles, I, 67; Summa Theologiae I, q. 14, a. 13.

[29] وضع ابن سينا فكرته في: The Cure at Metaphysics VIII.6 (Avicenna [2005: 287–290]). ومع أن ابن رشد أنكر رأي ابن سينا، فإن رأيه لم يكن في الواقع مختلفا عنه اختلافا كبيرا. (Metaphysics Book Lam, 197–98).

[30] عرض كرِسكاس دليله التوفيقي في: (Book II, Parts (“Cornerstones”) 1 and 5)، وهي مترجمة ضمن: (Manekin 2012: 192–235) انظر على وجه الخصوص: (Part 5, chapter 3 at 222–223.)؛ وضمن الترجمة الكاملة: Crescas [2018: 120–142, 188–205]

[31] غيَّر ابن رشد تأويله لكتاب أرسطو في النفس خلال مسيرته. وعدا بعض المقاطع، بقي الشرح الكبير في ترجمته اللاتينية من طرف ميشيل سكوت، والراجح أنه يمثل رؤاه النهائية حول المسألة. (See Averroes Long Commentary [2009: esp. 304–329].)

[32] رغم أن هذا التعليق مبرَّر، وأنّ الأكويني أصاب حين قال إن نظرة ابن رشد تمنع من القول «هذا الإنسان يعقل»، فإنه أخطأ المغزى. ذلك أن ابن رشد لم ير أنّ للبشر قوة الفعل ضمن السيرورة اللامادية للتعقل، مثل التي لهم في الإدراك الحسي. بدلا من ذلك، قدّم ابن رشد للبشر طريقا يُقدِرهم، رغم عدم خلوهم من المادة، على المشاركة في العقل اللامادي. بالنسبة لنص الأكويني، انظر: Thomas Aquinas On There Being Only One Intellect [1993].

 [33] وضع الأكويني أفكاره بإيجاز ضمن: Aquinas, Qq. 75–76 of his Summa Theologiae, Part 1.

[34] يوفر (Dutilh Novaes and Read 2016) عرضا مفصَّلا من قِبَل أفضل الخبراء بالتقليدين اللاتيني والعربي في المنطق.

[35] أول من كشف عن تقليد المنطق العربي منذ القرن الثاني عشر هو عمل طوني ستريت (Tony Street) (انظر مدخل Stanford Encyclopedia المذكور آخر هذا المقطع)، ومؤخرا قدّم الرويهب عرض يصل إلى حدود القرن التاسع عشر(El-Rouayheb 2019)، وأيضا: ( El-Rouayheb 2016)

[36] يوفر كتاب (Gabbay & Woods 2008) أوفى عرض للتقليد اللاتيني في المنطق الوسيطي، لكن مادته غير منظمة. وإضافة إلى أقسام من كتاب: (Dutilh Novaes & Read 2016)، يقدم عمل (Cross & Paasch 2021 Part I (Bulthuis 2021, Bäck 2021, Uckelman 2021, Johnston 2021, Paasch 2021)) عرضا موجزا رفيعا، ومناسبا فلسفيا لبعض أهم المجالات. انظر  أيضا المدخل حول:Medieval theories of the syllogism

[37] كان أثر المنطق العربي في التقليد اللاتيني محدودا للغاية مقارنة بالميتافيزيقا العربية وفلسفة الذهن والعلم الطبيعي، ولم تُعرَف قط الأشكال المميزة لمنطق ابن سينا. انظر: Lagerlund 2008.

[38] يحظى عدد من مناطقة القرن الرابع عشر الذين عملوا خاصة ضمن منطق المحدَثين بمداخل خاصة في هذه الموسوعة: Buridan and Ockham (already given), Albert of SaxonyBurleyHeytesburyKilvingtonRichard the SophisterWilliam of Sherwood.

[39] أفضل مدخل للمنطق البيزنطي هو: Erismann 2017 ، أما بالنسبة لمنطق اليهود فانظر : Jewish logic, Manekin 2009.

[40] بالنسبة لحوالي 500، انظر مثلا: (De Rijk 1985) و(Lagerlund 2020)، كما أحيل إليهما أعلاه؛ أما القرن الثاني فيؤثِره إتيان جِلسُن وپول سپاد (Paul Spade)؛ في حين أن روبير پاسنو يتبنى تاريخ 800، إذ يرى أنه يحظى بـ«نوع من الإجماع» (Pasnau 2014: 1). وكان جون مارنبُن قد قبِل في عمل سابق الخيار الثالث.

[41] إن «فلسفة النهضة» لها تواريخها العامة التي تخصها، وهي تتداخل طبعا في الترتيب الزمني -وعادة في الأعلام والأعمال المدروسة- مع فلسفة العصر الوسيط. تعد أعمال (Schmitt & Skinner 1988; Copenhaver & Schmitt 1992; and Hankins 2007) أعمالا قيمة للغاية؛ وكذلك الكتاب الذي أحجم عن استعمال شعار «النهضة» وركز على الفلسفة في القرن السادس عشر: (Lagerlund & Hill 2017). انظر أيضا مداخل  الأرسطية في عصر النهضة، والفلسفة الطبيعية في عصر النهضة: (Aristotelianism in the Renaissancenatural philosophy in the Renaissance.)

[42] هذا هو عنوان الكتاب النيِّر لشموتز: (Jacob Schmutz, 2012.)

[43] تكرر هذا المقترَح في مواضع شتى (Marenbon 2012b: 7). وقد كتب كل من دڤوراك وشموتز (Dvořák & Schmutz (2019: 187))، في تقديمهما لجملة مقالات حول «السكولائية الباروكية»، أن «پرادايم عصر «السكولائية المديدة»، الممتد من القرن الثالث عشر إلى القرن الثامن عشر، يفرض نفسَه اليوم بديلا عن السردية الكلاسيكية لـ«الثورة» العلمية والفلسفية مطلع العصر الحديث»، وبالتالي قد يفقد المقترح جذريته المغالية.

Marenbon, John, “Medieval Philosophy”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2023 Edition), Edward N. Zalta & Uri Nodelman (eds.), forthcoming URL = https://plato.stanford.edu/archives/spr2023/entries/medieval-philosophy/