مجلة حكمة
الفكر السلفي

الإصلاح التربوي في الفكر السلفي في المشرق والمغرب – محمد شكري سلام

  • مقدمة: الفكر السلفي والإصلاح التربوي

لا تطرح إشكالية الإصلاح في مجتمعات تتميز حركتها الاجتماعية بالتطور والتماسك فهي لا تظهر إلا في مجتمعات التأخر. فأوربا صاغت إشكالية النهضة والإصلاح حين وعت نخبتها مستوى التأخر الذي يطبع بطابعه الكلي كل فضاءات السياسة والثقافة والعلم والدين والاقتصاد، فكانت محاولات الإصلاح البروتستاني التي حملتها نخبة متنورة من رجال الاكليروس كمشروع لإعادة بناء المؤسسات الدينية الكنسية، وكان لعامل الوعي بالتأخر والانحطاط أساس في انفتاح تلك النخبة على قيم العلم والعقل والتطور، لتستقل عن الفهم المنغلق للمؤسسة الدينية الرسمية التي عارضت في بدايات النهضة انبعاث العقل والتجديد والتقدم فعمقت الهوة بين الدين والعلم، مثلما عمقتها في فترة لاحقة، بعد انفصال المؤسسة السياسية للدولة عن المؤسسة الدينية للكنسية، النخبة الثقافية العلمانية، فأصبح التعارض الشكلي بين الدين والعلم مدار القيم والتصنيفات وتوزيع السلط الاجتماعية، في حين أن العلم موضوعه التجربة الحسية التي تتخذ الطبيعة موضوعا لها، بينما الدين موضوعه التجربة الإيمانية التي تتخذ من الطبيعة منطلقا لها نحو ما بعد الطبيعة.

أما في المجال العربي الإسلامي، فإن ما ميز الديانة الإسلامية هو غياب المؤسسة الدينية الرسمية وانتفاء تنظيم رجال الدين في الإسلام من علماء وفقهاء لأنفسهم في تنظيمات مغلقة تحتكر تأويل العالم كما تحرك الشأن المدني، وتراقب المجال السياسي. لم يكن المجال الديني الإسلامي مجال الهيمنة الثقافية والإيديولوجية على كل مرافق المجتمع ومؤسساته، ولا مجال الاحتكار الاقتصادي؛ لذلك فإن الباعث على الإصلاح لم يكن “ترميم” المؤسسة الدينية وإعادة بناء علاقتها مع المجتمع، بل كان هو إصلاح هذا المجتمع لأنه يعاني من التأخر مقارنة بالغرب المتقدم. مشروع الإصلاح في المجال العربي الإسلامي هو الوعي بالتأخر والانحطاط والفساد لأن هناك من تقدم ونحن تأخرنا، إنها يقظة الوعي العربي المعاصر بعد إدراكه لمستوى الفوات والتقهقر الذي أصبح عليه المجتمع العربي.

ظهرت الحركة السلفية على أيدي مثقفين تشبعوا بالثقافة الدينية واطلعوا على المصادر الفقهية. سافر بعضهم إلى أوروبا، فعاش الحياة اليومية بأوروبا وقاس تطور المدنية الغربية على الحالة العربية، بعد أن ولدت حملة نابليون على مصر سنة 1793 السؤال الحاد والقلق: “من نحن ومن هو الغرب؟” السؤال وجه الفكر العربي المعاصر، وتحكم في تفكير المثقف العربي بطريقة واعية أولا واعية، في صيغة مباشرة أو غير مباشرة. يمثل السؤال هنا مركز الجاذبية بالنسبة للفكر العربي ومدار كل المقارنات التي نعقدها يوميا بين مجتمعنا العربي والمجتمعات الغربية. يصير السؤال حول “نحن” و”هم” سؤالا حول النهضة العربية: كيف نستيقظ من سباتنا الطويل؟ بحث مفكرو النهضة في وسائل اليقظة من هذا السبات التاريخي المستديم وفي ممكنات الانبعاث والتطور. والتأخر التاريخي للعرب والمسلمين لا يرجع إلى الدين الإسلامي لأن الغرب لم يتقدم بتقدم ديانته بل إن نهضته الحقيقية كانت انفصالا عن الهيمنة المطلقة للكنيسة، بل إنه تقدم لأنه حدد أسباب التطور وعين مجالات النهضة الفعلية. هل التأخر المميز للتجربة الجماعية للشعوب العربية والإسلامية يرجع إلى عوامل سياسية؟ لعل للعنصر السياسي حظه في ترسيخ الانحطاط، كما أن السلطة السياسية كان لها نصيبها الكبير في صنع التأخر بتعميق الهوة بينها وبين فئات المجتمع، وباعتمادها على الاستبداد والتسلط لضمان استمراريتها فأهملت الشأن المدني العام. لكن هذا لا يعني أن العقيدة الدينية هي جذر الانحطاط أو أن المنظومة الإسلامية تغيب فيها نظرية في السلطة(1) مما أدى إلى تسلط النخبة السياسية والتباس مفاهيم الحكم والخلافة والجمهور والعدل الخ، بل إن تلك المنظومة تضمنت آراء في الحكم والسياسة ونظمت علاقة الحاكم “بالرعية”. إنها كلها عوامل مساعدة في التفسير لكنها أحادية الجانب، تختزل الواقع المركب وتبعدنا عن فهم أسباب التأخر وجذور الانحطاط. إن اجتهادات رموز الحركة السلفية ذات قيمة عقلانية في سبر أعماق المشكلة، وفي إضاءة عتمة القرون المظلمة.

إن المقاربة التي تفهم الفكر السلفي انطلاقا من تحديده اللغوي فقط، باعتباره دعوة للعودة إلى قيم ومعتقدات السلف الأول والأمة هي مقاربة اختزالية، تضيق من الفضاءات الاجتهادية والنظرية للإصلاحية السلفية. صحيح أن تلك الدعوة هي مرتكز هذه الإصلاحية لكنها ليست كلها سلفية. فلنحدد مرتكزات أهم أطروحات الإصلاحية السلفية كما نشأت وتطورت بالمشرق العربي أولا قبل مناقشة الفكر الإصلاحي بالمغرب.

  • الفكر السلفي وإصلاحه بالمشرق العربي

إن أول المفكرين السلفيين الذي كان له فضل التأسيس النظري للإصلاحية السلفية هو جمال الدين الأفغاني الذي كان أستاذا لمفكر سلفي آخر هو محمد عبده. في دراستنا لكتابات الأفغاني يستوقفنا مفهوم أساسي هو “المدنية” وهو مفهوم غربي النشأة والتداول ونتاج للفكر الأوربي في القرن التاسع عشر ومتصل بطفرته الصناعية والعلمية. يدخل الأفغاني مفهوم المدنية إلى العالم الإسلامي ليبين أن الإسلام ليس ديانة لها رسالة واحدة وأحادية الاتجاه هي خدمة الله، بل له رسالة ثانية هي خلق مدنية إنسانية(2)

ليس الإسلام نظاما عقائديا محضا، بل هو أيضا نظام دنيوي تضمن تشريعات مختلفة تنظم سير الدولة الإسلامية ومصلحة الجماعة وكانت المدنية الإسلامية كباقي المدنيات الأخرى تستند على العقل، كما استندت على التضامن والاتحاد بين أفراد الأمة الإسلامية.

من هنا ينبع مشروع الجامعة الإسلامية عند الأفغاني كمشروع لوحدة المسلمين يذيب خلافاتهم المذهبية (الشيعة/السنة) ويحجم نزاعاتهم الثانوية. وأساس الجامعة الإسلامية العصبة الإسلامية، وليس التعصب كعصبية يجب تقويتها وتدعيمها؛ والأفغاني لا ينسى دور العصبية اللغوية في تعضيد الجامعة الإسلامية فينتقد العثمانيين الذين لم يعتمدوا على اللغة العربية كلغة للديانة الإسلامية. وهذا لا يعني أن الأفغاني كان متعصبا للإسلام بل هو إسلامي ذو دعوة شمولية، يقول:

“لاح لي بارق أمل كبير أن يتحد أهل الأديان الثلاثة مثل ما اتحدت في جوهرها وأصلها وغايتها، وأنه بهذا الاتحاد يكون البشر قد خطوا نحو السلام خطوة كبيرة في هذه الحياة القصيرة”(3).

يدرك صاحب “العروة الوثقى” ما يعترض هذا الحلم الكبير من معوقات، لأنه في يوتوبيته لا يستطيع تنحية التعدد الكبير في الفرق الدينية واللادينية. يتشبث الأفغاني بأطروحته المركزية حول الإسلام كمدنية، وهذا يعني أن لهذا الدين بعدا عالميا، ولذلك فقد ظل مشروع الجامعة الإسلامية حلما يلازم الأفغاني في كتاباته، وكان مشروعه الإصلاحي يقوم على ركائز أساسية هي اللغة، الأخلاق، العادات، الأقاليم، والدين. استفاض في شرح هذه الركائز والأسس المدعمة لمشروع الجامعة الإسلامية، وكان طموحه كبيرا في أن يرى مشروعه ينتقل من الممكن إلى الكائن ولذلك يسم محمد عابد الجابري هذا الطموح اليوتوبي والحلم الكبير في تناوله للفكر النهضوي بـالـ”تضخم على مستوى الخطاب النهضوي”، تضخم يربط النهضة بـ”قيادة الإنسانية”(4).

ليس موضوع هذه الدراسة أن تضع الفكر السفلي على محك النقد وأن تجعله هدفا للمساءلة النظرية والنقدية، فهو فكر له منطلقاته النظرية، ومقولاته المعرفية مثلما له أحكامه الإيديولوجية، إن غرضنا هو رسم الخطوط العريضة للمشاريع الإصلاحية النهضوية للسلفية العربية الإسلامية وهنا يظهر الأفغاني مثقفا إسلاميا متفطنا في فهمه لجدلية الزمني والديني، لعلاقة الثقافي والسياسي. فهم أن المشروع الإصلاحي للجامعة الإسلامية يجد مفتاحه حتما في مستوى السياسة، وكثيرا ما خاطب الخلافة العثمانية في شأن المبادرة بالإصلاح. إلا أن تاريخية دعوته ومرجعية إصلاحه تمتحان مشروعيتهما من مجال إسلامي خاص بمسلمي الهند، فتجربته هي حصيلة ميدان ثقافي آخر(5). وهذا يؤكد أن الخطاب الإصلاحي للأفغاني ظل محدود الانتشار، ضعيف التأثير، وقد كان لتلميذه الشيخ محمد عبده فضل في تبليغ أفكاره. فهل كانت علاقة التلميذ بالأستاذ علاقة الإخلاص الدائم، أم أنها تحولت في مرحلة معينة إلى استقلال في التفكير وتميز في الدعوة الإصلاحية؟

يعد محمد عبده أكثر المفكرين السلفيين تأثيرا في الأجيال اللاحقة التي حققت الامتداد لدعوته سواء في مشرق المجال العربي أو في مغربه. شخصية تخرجت من الأزهر وتنوعت أفكارها بين الدين والعلم والتربية والسياسة. نموذج المثقف المغمور بالسياسة والسياسي المجبول بالثقافة. ربط الإسلام بالتقدم وحدد هدفين في حياته: الهدف الأول هو “تحرير الفكر من قيد التقليد، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة، قبل ظهور الخلاف”, والهدف الثاني هو “إصلاح أساليب اللغة العربية في التحرير”(6).

 

  • ارتكز برنامج الإصلاح الديني عند محمد عبده على مبادئ ثلاثة أساسية:

  1.  إثبات الجوهر العقلاني للإسلام ضد التقليديين والخصوم المحدثين.

  2. بناء علم العقيدة انطلاقا من رؤية عصرية.

  3. إصلاح النظام التربوي وبشكل خاص نظام التعليم.

ينهج عبده نهج أستاذه الأفغاني، فيثبت أن الدين لا يتعارض مع العلم فهو ليس مجرد دعوة فقط ولا منظومة من المبادئ والأحكام الشرعية الإسلامية بل هو منظومة عقلانية نظمت الشؤون المدنية، لذا يتعين تنقيح الإسلام من شوائب التأويلات المحرفة لمضمونه؛ ومن المرافعات المتزمتة التي نظرت إليه كدين “للآخرة” و”العبادات”، في حين أنه أيضا دين الدنيا, ولا يناقض العلم “لا يجوز أن يقام الدين حاجزا بين الأرواح وبين ما ميزها الله به من الاستعداد للعلم”(7). إنه دين العقل، وهو لا يحرم الاقتباس من علوم الغير (أوروبا) لأن الاقتباس من علومـ”ـهم” لا يعني التخلي عن الإسلام. الغرب متفوق في مجالات الجيش والسياسة والعلم، ونحن متأخرون في هذه المجالات، هذا ما جعل الفكر الإصلاحي لعبده فكرا متوترا، موزعا بين عالمين: عالم الإسلام كتعبير عن مشيئة الله وتدخلها في القواعد السلوكية للإنسان في المجتمع، وعالم المدنية الحديثة المؤسسة على قوانين الاجتماع ونوامس حركة الصراع(8). ثمة تناقض في الظاهر ودور عبده تأكيد عدم تناقض الإسلام المنطلق من الوحي والمدنية الحديثة المبنية على الاجتماع الوضعي.

لهذا فقد رجع إلى تحليل الإسلام في أصوله الأساسية لإبراز الخلفية الاجتماعية للإسلام عوض البقاء عند خلفيته العقائدية. والتحليل هنا لا توجهه رغبة الفقيه المتخصص، بل رغبة المصلح الاجتماعي التي حددت لنفسها غاية هي: تأكيد عدم تعارض الإسلام والمدنية الحديثة للانتفاع من علومها والأخذ بمصادره الأولى على عهد السلف الأول.

يتأمل محمد عبده في مظاهر تردي وضعية المجتمع العربي، ويقرأ صور انحطاط المسلمين فيستنتج أن الأصل في هذا كله هو فساد التربية، فصلاح الوضع العام من صلاح التربية وفساده من فسادها. لذلك فهي ذات دور محدد لحالة الانحطاط أو حالة التقدم. ينتقد عبده أستاذه الأفغاني الذي تدخل في دسائس قصر الخلافة العثمانية، بينما كان حريا به كمثقف ومصلح أن يقنع السلطان بإصلاح نظام التربية. الإصلاح الحقيقي في تصور عبده ليس إصلاحا سياسيا يخص مؤسسات الدولة والتشريع والقضاء، بل هو إصلاح المدرسة، لذلك لم تنله خيبة الأمل ولم يتملكه اليأس وهو يردد “البلاد بحاجة إلى التطور” والتطور يكون عن طريق المدرسة. ابتعد بذلك عبده عن الإصلاح المباشر فقتل أفكار الأفغاني كما يرى ذلك علي زيعور في دراسته لفكر محمد عبده(9).

تعتمد التربية على أسس: أولها الدين لأنها ترتبط وتتفاعل معه، إذ لا وجود لتربية خارج الوازع الديني. ثانيها توحيد الأمة للتأليف بين الطوائف ومختلف المشارب. ثالثها التمسك بـ “الثوابت والخوالد”. ورابعها الرفض الواضح لازدواجية التعليم: تعليم ديني/ تعليم مدني. تظهر هذه الأسس مركزية الدين في توجيه التربية. غياب التوجيه الديني للعملية التربوية يؤدي إلى فسادها وفساد الأوضاع السياسية، لأن فساد الأوضاع العام مرده فساد تربية الحاكم والمحكوم. يؤدي غياب التربية الحقيقية إلى جهل الحاكم بمسؤوليته وواجبه تجاه الأمة وجهل المحكوم بحقوقه ومطالبه تجاه الحاكم. دعا محمد عبده إلى إصلاح التعليم باعتباره “الهدف الأكبر” لكل المشاريع الإصلاحية الأخرى, وهو نعت يبين أن التربية هي مفتاح التقدم إن صلحت، والفساد إن فسدت.

لا يكون إصلاح التعليم إلا بتوحيده وتجاوز الخلافات المذهبية بين المدارس الرسمية والدينية وبين مدارس الأجانب والمدارس الأهلية. إن وجود المدرسة ذات المنهج السلفي الديني والموحد مسألة ضرورية وممهدة لتعميم التربية. وهذا لا يعني دفاعه عن طرق التدريس المتبعة؛ فقد انتقد النموذج الكلاسيكي والتاريخي لمؤسسة الأزهر الجامعية، فهاجم أساليب تقلين المواد بها، ووصفها “بالاصطبل” وخاطب “الخاضعين له” –بوصفه كان على رأس الأزهر- خطابا اتسم بعنف لهجته وحدة لغته حتى أن باحثا عربيا في علم النفس وصف خطابه العنيف والنقدي الموجه للأزهر بالخطاب “العصابي”(10). كان محمد عبده مرجعا في نقد المجتمع العربي الإسلامي انطلاقا من حالة مصر، كما كان مرجعا في طرح مشروع إصلاحي مشروط بإصلاح نظام التربية والتعليم كقاعدة أساسية لإصلاح الحاكم والمحكوم وتربية الناشئة وبناء مجتمع سليم ينتفض ضد إرث ثقيل من الانحطاط والفساد.

إن هذا الإلحاح على إصلاح التربية وأساليب التعليم يعني أن إشكالية الإصلاح عرفت تغيرا في مجال الاهتمام في فكر محمد عبده، إذ انتقل من الدعوة لإزالة الاستبداد والقضاء على الفساد إلى الدعوة لإصلاح الدين والعقيدة بإصلاح التربية(11) . فهل تحقق المشروع الإصلاحي-التربوي لمحمد عبده؟ إنه سؤال لا يوجد جوابه في مجال النظرية، بل في مجال الواقع الملموس والتاريخ الحي، إذ تبين الوقائع منذ قرن مضى وعبر مسارات التدخل الاستعماري في الوطن العربي والبلاد الإسلامية، استحالة تحقيق النهضة الثقافية والفكرية التي تنطلق من مؤسسة التعليم لتصل مؤسسة الحكم والسياسة بعد تربية كل فئات المجتمع وشرائح الأمة، إذ تتسع دائرة التأخر وتتعمق الهوة الفاصلة بين تخلفنا وتقدمـ”ـهم”.

كانت أطروحات محمد عبده الإصلاحية مصدرا أساسيا نهلت منه الحركات الإصلاحية السلفية بالمشرق والمغرب، فقد تميزت بتماسكها وتنوع اقتراحاتها. لكن عبده أصيب بخيبة أمل سياسية، فقد فضل كرجل سياسة وهو يخاطب “كرومر” السلطة الاستعمارية أملا منه أن يبادر بالإصلاح، بينما نجح كرجل ثقافة في تحقيق هدفه في نشر دعوته الإصلاحية، وهذا يفسر كون الفكر السلفي يجعل من المجال السياسي مدار التقدم والتأخر, وتلك هي خاصيته التي يتفرد بها(12) وهي خاصية يشترك فيها الأفغاني وعبده وخير الدين التونسي ورشيد رضا الخ.

كيفما كانت أطروحات المصلحين العرب السلفيين منهم كالأفغاني وعبده، أو القريبين من الفكر الليبرالي كالكواكبيو قاسم أمين ولطفي السيد, فإن كل المشاريع النهضوية باختلاف مرجعياتها النظرية وضمنياتها الإيديولوجية قد انتهت على المستوى العملي إلى الإحباط والانحسار. لا مراء في أن الفكر الإصلاحي السلفي جاء استجابة لمثير خارجي تمثل في تهديد الغرب للكيان العربي الإسلامي ومحاولاته نزع السيادة الوطنية لهذا الكيان. ولذلك حاول الفكر الإصلاحي السلفي تحقيق النهضة، فبدأ بعقلنة الدين، فاكتشف فيه الملكية الفردية، واحترام الحرية الفردية، وتأكيد حقوق المرأة، وتحريم الربا وتقديس العلم(13)، وفي محاولة الفكر النهضوي الإصلاحي “تأصيل” القيم العصرية من علم وعقل وتقنية وديمقراطية داخل المنظومة الدينية الإسلامية يكون فكرا توفيقيا، يحاول حل التعارض الظاهر بين مدنية الإسلام والمدنية الغربية؛ وهو في ذلك يحاول التركيب بين إشكاليات وقضايا لكل واحدة منها حقلها الدلالي وإطارها المرجعي ووظيفتها الإيديولوجية. وهذا ما جعله في نظر بعض المفكرين العرب فكرا توفيقيا متناقضا وفاشلا(14) وجعل كل المشاريع الإصلاحية والطموحات النهضوية تؤول إلى “الكبوة”(15) كمصير حتمي لا يخص التيار الديني السلفي مع الأفغاني وعبده، بل التيار العلمي-العلماني مع سلامة موسى وبعده زكي نجيب محمود، والتيار الليبرالي مع لطفي السيد وبعده طه حسين، وهي كلها تيارات تتقارب في العمق أكثر مما تتباعد في الظاهر لأن قاسمها المشترك هو النظر إلى الغرب كنموذج للتحديث والتقدم. تيارات ذات عمر قصير انتهت حيث بدأت وسقطت بمجرد أن قامت(16)، فكل المفكرين الإصلاحيين اهتموا بنفس القضايا والتي تمثلت أساسا في: التعليم، اللغة، المرأة، والأسرة(17) مما يدل على أهمية مؤسسات التربية التعليمية والعائلية، في تحقيق الإصلاح.

كانت الإصلاحية بالمشرق وضمنها الإصلاحية السلفية مشروعا نهضويا حملته النخبة الثقافية انتهى بالتحول المعاق على مستوى الواقع والتاريخ والمجتمع، إذ ظل حلما ويوتوبيا، وقد توالت أحداث تاريخية في القرن العشرين فأثبتت الحضور المستمر لعوائق بنيوية وتاريخية تجهض يوتوبيا النهضة وتتلخص أساسا (العوائق) في تخلف البنيات الاجتماعية واستبداد السلطة السياسية، داخليا، واتساع المد الكولونيالي وزحفه عسكريا، ثقافيا، واقتصاديا، من خلال تأكيد ظواهر التبعية والاستعمار الجديد واستنبات المشروع الصهيوني التوسعي في قلب الوطن العربي. لكن الإحباط الذي لقيه المشروع النهضوي على المستوى التاريخي يقابله انتشار لأطروحاته على المستوى الفكري امتد إلى مغرب المجال العربي الإسلامي فكيف تمثلت النخبة المغربية الإصلاح وما هي دواعيه، أسبابه ونتائجه؟

  • فكر الإصلاح التربوي في المغرب

الإصلاحية المغربية لا تشكل حالة الاستثناء, مقارنة بالإصلاحية العربية، بل إن العلاقة بينهما هي علاقة الخاص بالعام، فقد انطلقت من نفس الأسئلة التي حركت الفكر الإصلاحي بالمشرق، ولم تحصل على استقلالية مطلقة تجعلها ذات مرجعية نظرية جديدة. لكن ثمة خصوصيات وطنية طبعت الفكر الإصلاحي بالمغرب، وجعلته فكرا له مميزاته في طرح إشكالياته وصياغة حلولها الملائمة. لتحديد خصائص هذه الإصلاحية المغربية سنميز بين الإصلاح المخزني الذي طبقته النخبة السياسية وبين الإصلاح السلفي الذي دعت إليه النخبة الثقافية. الإصلاح الأول كان واقعا، والإصلاح الثاني كان مشروعا.

  • الإصلاح المخزني

تميز النصف الثاني من القرن التاسع عشر بضعف ملحوظ وانحطاط معلوم للمجتمع المغربي وقد وعت النخبة السياسية المشكلة للجهاز المخزني حالة الضعف هذه بعد صدام مع الغرب، كان صداما عسكريا حمل نتائج سلبية، فقد انهزم جيش المغرب في واقعة إيسلي وهو ما كان “مصيبة عظيمة وفجيعة كبيرة”(18) لم تفجع الدولة المغربية بمثلها في عهد السلطان عبد الرحمان سنة 1844، وقد تلتها هزيمة ثانية سنة 1860، هزيمة حرب تطوان. كان للهزيمة الأولى أثر الإحساس بالتأخر، وكان للهزيمة الثانية أثر الوعي التاريخي صعوبة مجاراة القوى “النصرانية” في تفوقها. لم يبدأ الخطر الأوروبي يحدق بالسيادة المغربية بعد الهزيمتين، بل بدأ منذ فرض الواقع الاستعماري على المغرب الأوسط سنة 1830. صدمة الاحتكاك بالغرب، وإدراك غلبته العسكرية واتساع مجال مطامعه السياسية، أسباب دفعت بجهاز المخزن إلى التفكير في وضع إصلاحات إدارية، سياسية، اقتصادية وتعليمية، وقد شكلت مرحلة الإصلاحات الممتدة تاريخيا عبر النصف الثاني من القرن التاسع عشر مادة خصبة للبحث التاريخي(19). وتحليلنا سيتوجه نحو المجالات الأساسية التي شملها الإصلاح المخزني حتى تتبين علاقته بالإصلاح في الفكر السلفي.

كان الهاجس الأساسي للنخبة السياسية المخزنية في عهد السلاطين عبد الرحمان ومحمد الرابع والحسن الأول إصلاح البنيات الإدارية والعسكرية والتعليمية القديمة. وكان أول عمل فرض نفسه على الدولة المغربية هو إثبات السيادة الوطنية ومقاومة التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية. لقد قاومت مطامع دول أوروبية عديدة نجد في مقدمتها فرنسا، إسبانيا، إنجلترا وألمانيا، فاهتمت بتحديث الجيش وذلك منذ عهد السلطان عبد الرحمان ليماثل في تنظيمه الجيش التركي الحديث، واهتم الحسن الأول باستكمال محاولة تحديث الجهاز العسكري التي بدأها سلفه(20) كما كان الاهتمام مركزا على القوة البحرية وبناء معامل حربية بفاس ومراكش، وتشييد صناعات أولية خاصة بالسكر والقطن بمراكش في عهد محمد الرابع وتجديد العملة المغربية وإصلاح البنية الإدراية للجهاز المخزني خاصة نظام الدواوين. لكن المجال الذي يهمنا انسجاما مع موضوع دراستنا هو مجال التعليم، فقد أرسلت الدولة المغربية بعثات علمية للدراسة خارج المغرب، في مصر وأوروبا، ونشطت حركة البعثات العلمية في عهد محمد الرابع الذي كان يرسل مبعوثين لتفقدها ويعتني باستقبال العائدين منها. وقد تطور تدريس العلوم الرياضية والعسكرية والفلكية في عهد محمد الرابع، كما أحدثت مدرسة للمهندسين في فترة حكم عبد الرحمان وأنشئت المدرسة الحسنية بطنجة في عهد الحسن الأول(21).

كل هذه المبادرات الإصلاحية التي أنجزتها النخبة لم تكن كافية لبلوغ مستوى الإصلاح العميق والشامل، ولم تمكن المغرب من الانتقال من التأخر إلى التقدم ولا من رد التهديد الاستعماري، فحركة البعثات الدراسية ظلت محدودة في نتائجها، لأن الطلبة العائدين من أوربا لم يكن لهم التأثير القوي في تطوير المجتمع وتعميق وعيه الحضاري. كانت حركة بعثات لم تخضع لتخطيط واضح وثابت وكانت النخبة القريبة من السلطان تنظر إليها بعدم ارتياح(22). كان هذا الإصلاح المخزني إصلاحا فاشلا لأنه ظل في دائرة المخزن كفاعل أول وأخير؛ وبمبادرة من السلطان كما كان ينصحه بذلك سفراء وكتاب بلدان أوروبية(23). وكانت نوايا المخزن حسنة ورغبته ملحة في مقاومة التهديدات الاستعمارية، لكن إصلاحه كان إصلاحا نخبويا محدود الإطار والزمان، فأخفق لأنه لم يكن إصلاحا شاملا يهم كل الفئات الاجتماعية. لم يكن تصور الدولة المخزنية للإصلاح هو نفس تصور المجتمع بفئاته المتنوعة وخاصة نخبته الثقافية.

فهم الجهاز المخزني الإصلاح كوسيلة لدفاع مزدوج: دفاع عن السيادة الوطنية، ودفاع عن حكمه كجهاز مخزني ونظام سياسي. أما المجتمع فلم يحصل لديه وعي بضرورة الإصلاح وأهميته. كان لا يتعدى عنده معنى التحرر من الفقر ومن بعض مظاهر التسلط لأعوان الجهاز المخزني ومغالاتهم في تحصيل الجبايات. فالإصلاح الحقيقي لا يمكنه أن يكون إلا مع الشعب(24) فهل استحضرت النخبة الثقافية هذا الدرس الأساسي؟

  • الإصلاح السلفي: الإصلاح في تصور النخبة الثقافية

نجد الإصلاحية السلفية ذات جذور تاريخية ترجع إلى ما قبل القرن التاسع عشر حيث ترتبط بالحركة الوهابية للقرن الثامن عشر، والتي ظهرت كإصلاح ديني سلفي يحاول تنقية الدين من بعض التأويلات اللصيقة به، لتحرير بعض الثغور وللرد على العدو؛ وقد انتعشت الحركة الوهابية في عهد السلطان محمد بن عبد الله (1757-1791)(25). لكن الإصلاحية السلفية الحقيقية ظهرت في القرن التاسع عشر وخاصة في نصفه الثاني، وكانت لها أيضا خصائص التيار الليبرالي المتفتح على الغرب والداعي إلى تطبيق العلم. كانت حركة للمتثقفين تدعو إلى تجديد العلوم وتطوير أساليب التدريس وتحديث المؤسسات السياسية، ومن أهم رموزها نجد أبا إسحاق التادلي المتوفى سنة 1894، المثقف المطلع على المعارف الحديثة لعصره والمتمكن من لغات عديدة. شارك في توسيع دائرة تدريس العلوم بالمغرب وفي إبراز فوائد الإبحار؛ وأبو العباس الناصري المتوفى سنة 1897 المتمكن من تطور العلم في أوربا والمواكب لكل ما كان ينشر ويصدر بها(26). شكل هذان المثقفان نموذجا لتفتح النخبة الثقافية المغربية على الغرب، والأخذ من معارفه وعلومه، لأن الإصلاح لا يكون بالانغلاق على الذات والتعصب للماضي، بل بمسايرة تطوره والتصدي لامتداده الكولونيالي. كانت أجيال المثقفين المغاربة تطور وعيها حسب تطور مواقف الغرب من المغرب. مقاربة النخبة الثقافية للإصلاح حين كان تهديدا ولم يكن واقعا قائما، ليست هي مقاربتها للإصلاح وفهم لأبعاده وأهدافه في المرحلة الأولى للحماية، ولا هي نفس المقاربة حين فرض الاستعمار واقع “التهدئة” بقوة السلاح، والاختراق الأيديولوجي للأجهزة المخزنية لتتعامل معه ويتكون منها طرفه الحليف لمخططاته الكولونيالية.

كان دور النخبة الثقافية هو مقاومة الآثار السلبية للوجود الاستعماري خاصة على مستوى الشعور والوعي بوجود الآخر المستعمر الذي حاول مسخ المعالم الأساسية للثقافة المغربية، بل واجتثات أصولها في المغرب الأوسط عبر استلاب سيكولوجي(27) يرتكز على اللغة وعلى تكوين نخبة ثقافية تابعة له، وتلك هي أهداف الوجود الاستعماري في المنطقة إضافة إلى الاستغلال الاقتصادي لخيراتها وثرواتها. فهمت النخبة الثقافية أن الإصلاح يكون أولا بإصلاح التعليم، وتطوير أساليب تدريسه، وكانت أول مؤسسة تعليمية تمثل رمز الثقافة المغربية وتحتضن تطور نخبتها هي القرويين(28)، كنخبة تأثرت بالإصلاحية السلفية في المشرق، وكان رائدها هو الشيخ محمد بن المدني كنون، أما في مراكش فكان أهم أعلام الحركة السلفية الشيخ الحاج علي بن سليمان الدمناتي، وبطنجة الشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي وبمكناس يعتبر الشيخ المفضل بن الهادي ابن عزوز ممثل هذا الجيل الأول للسلفيين بالمدينة(29)، جاء بعده محمد بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الحسني الفاسي الذي توقف عند أسباب انحطاط الأمة الإسلامية وإهمال قومها لأهل النبوغ من شعراء وصناع وحرفيين واحتقارهم لهم(30).

أما في بدايات القرن العشرين فقد ارتبطت الحركة السلفية باسم معروف هو محمد بن جعفر الكتاني الحسني الفاسي المتوفى سنة 1921 وقد وجه هذا المثقف الجريء، رسالة إلى السلطان المولى عبد العزيز عرفت برسالة “نصيحة أهل الإسلام” وهي عبارة عن “نقد ذاتي” كما يصفها الأستاذ المنوني محمد(31) وهي نص يتألف من مائة وخمسة عشرة صفحة تنتقد بلذاعة وحدة واقع المسلمين، وكانت مصدرا توجيهيا ومرشدا لفقهاء الأطلس المتوسط في نضالهم ضد الاستعمار ومقاومتهم لوجوده باسم “التهدئة” في أواسط الثلاثينات من القرن العشرين.

كانت الحركة السلفية حركة إصلاحية دينية احتضنت مثقفين أثروا في أجيال لاحقة وكان لهم دور في بناء إيديولوجية مقاومة للاستعمار، وقد تطورت هذه الحركة لتصل نضجها مع الشيخ أبو شعيب الدكالي (1878-1937) الذي ساهم في الإصلاح الديني ومقاومة الطرقية وتجديد علوم التفسير والحديث وتأكيد أهمية التعليم في نهضة المجتمع، وذلك بعد أن أثبتت المحاولات الإصلاحية في القرن التاسع عشر فشلها دون استناد إلى قاعدة إصلاح التعليم. كان هناك مثقفون إصلاحيون آخرون انفتحوا على المدنية أكثر, وكانوا أقرب إلى الاتجاه الليبرالي. نذكر منهم أبا عبد الله بن الأعرج السليماني الذي دافع عن أطروحة عدم تناقض الإسلام والمدنية الغربية, والمثقف الشاب محمد بن حسن الحجوي الذي يصل الإصلاح بتحقيق المنفعة، محددا ثلاثة شروط للرقي والتقدم هي: (1) العلم (2) الثقة بين السكان (3) الأخلاق الحميدة.(32)

تمثل النضج الحقيقي للحركة السلفية في تحولها إلى إيديولوجية عضوية للحركة الوطنية توظف مشروعها الإصلاحي السلفي لخدمة المشروع الوطني الاستقلالي وكان من أهم أعلامها محمد داوود ومحمد حسن الوزاني وعلال الفاسي, وهي حركة في الاتجاه الإصلاحي المرتبط بالممارسة السياسية للحركة الوطنية ولأن رموزها كانوا قادة وطنيين فالحركة الوطنية ذات أصول فكرية سلفية، وهي إذن لم تؤسس لمشروعها السياسي من أجل الاستقلال على أدوات الفعل السياسي فقط، بل أغنت ممارستها السياسية بالفعل الثقافي في بعده الإصلاحي والديني لأن لها جذورا اجتماعية وتاريخية كما لها ارتباطات ثقافية وفكرية وإيديولوجية.

إذا كانت الإصلاحية السلفية مشرقا ومغربا لم تحقق اليوتوبيا السياسية المأمولة كمشروع تاريخي-سياسي لم تحققه الدولة القائمة، فإنها أظهرت وبقوة دور الإصلاح الثقافي والتربوي في إغناء الإصلاح الشامل وبناء الحلقة الأساسية والمفقودة في سلسلة الإصلاحات السياسية الفاشلة طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر.


هوامش (الفكر السلفي)

  • 1 ـ جورج قرم، تعدد الأديان وأنظمة الحكم، دار النهار للنشر بيروت 1979، ص 216-217.
  • 2 ـ ألبرت حوراني، الفكر العربي في عصر النهضة (1798-1939) الطبعة الرابعة، ترجمة كريم عزقول، دار النهار للنشر 1986، ص 144-145.
  • 3 ـ الأفغاني، الأعمال الكاملة، ج 1، ص 294، تحقيق محمد عمارة.
  • 4 ـ محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثالثة 1979، ص 20.
  • 5 ـ عبد الله العروي، الإيديولوجية العربية المعاصرة، ط3 ترجمة محمد عيتاني، دار الحقيقة، بيروت 1979، ص 40.
  • 6 ـ ألبرت حوراني، مرجع مذكور، ص 175.
  • 7 ـ محمد عبده، رسالة التوحيد، الأعمال الكاملة، ج 3، ص 423.
  • 8 ـ ألبرت حوراني، مرجع مذكور، ص 198-199.
  • 9 ـ علي زيعور، الخطاب التربوي والفلسفي عند محمد عبده، دار الطليعة، بيروت، 1988، ص 39-41.
  • 10 ـ نفس المرجع، ص 192.
  • 11 ـ سعيد بنسعيد، الإيديولوجيا والحداثة، المركز الثقافي العربي، بيروت/الدار البيضاء، 1987، ص 21.
  • 12 ـ نفس المرجع، ص 109.
  • 13 ـ برعان غليون، مجتمع النخبة، معهد الإنماء العربي، بيروت، 1986، ص 52.
  • 14 ـ محمد عابد الجابري، مرجع مذكور، ص 55-56.
  • 15 ـ حسن حنفي، كبوة الإصلاح، نموذج مصر ضمن الإصلاح والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس الرباط 1983.
  • 16 ـ نفس المرجع، ص 49.
  • 17 ـ أحمد أمين، زعماء الإصلاح في العصر الحديث، دار الكتاب العربي، بيروت، ص 338-349.
  • 18 ـ الناصري، الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، ج 9، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1956، ص 53.
  • 19 ـ الإصلاح والمجتمع المغربي، مرجع مذكور.
  • 20 ـ محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب الحديث، الجزء 1، الطبعة الثانية، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1985، ص 49-86.
  • 21 ـ نفس المرجع، انظر فصل “انبعاث في ميدان التعليم، ص 135-190.
  • 22 ـ نفس المرجع، من أهم ما يذكره محمد المنوني من عدم ارتياح حاشية السلطان لتلك البعثات، يسجل أحد طلبتها وهو الطاهر ابن الحاج الأودي أنه نصح الحكومة بالاستعداد لمقاومة التدخل الأجنبي ولكن الوزراء والكتاب رموه بالإلحاد، ص 386.
  • 23 ـ عبد الله العروي، مفهوم الدولة. المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء 1981، ص 130.
  • 24 ـ ارتكزت الدراسات التاريخية التي تناولت موضوع الإصلاح في القرن التاسع عشر على تحليل دقيق لأسباب فشله، فاستنتجت أن الإصلاح يجب أن يكون مع الشعب فهو “في عين الرعية القضاء على أسباب الانحطاط وفي مقدمتها الاستبداد الذي أدى إلى الجور والاستئثار بالخيرات” عبد الله العروي، مفهوم الدولة، ص 131. يؤكد جرمان عياش أيضا أن الحكام المغربة لم يبتكروا الإصلاح، بل هم انصاعوا لحاجته بعد فوات الأوان ولذلك كان إصلاحا فاشلا لأن الشعب لم يشارك فيه ولأن الطبقة البرجوازية التجارية لم تكن فاعلة وقوية حتى تطور اقتصاد البلاد. “دراسات في تاريخ المغرب” الشركة المغربية للناشرين المتحدين الرباط 1986، ص 346-349.
  • 25 ـ محمد عابد الجابري، المغرب المعاصر الخصوصية والهوية… الحداثة والتنمية، مؤسسة بنشرة، الدار البيضاء 1988، ص 12-13.
  • 26 ـ محمد المنوني، مرجع مذكور، ص 321-325.
  • 27 – FRANTZ FANONLES DAMNES DE LA TERRE.F. MASPEROPARIS, 1981. 143
  • 28 ـ انظر الأطروحة الجامعية لمحمد الفالح العلوي، جامع القرويين وأصول السلفية المغربية، 1873-1914.
  • 29 ـ محمد المنوني، مظاهر يقظة، ج 2، ص 371-375.
  • 30 ـ نفس المرجع، ص 375
  • 31 ـ نفس المرجع، ص 376.
  • 32 ـ عثمان أشقرا، في سوسيولوجيا الفكر المغربي الحديث، منشورات عيون المقالات، الدار البيضاء 1990، ص 146.