مجلة حكمة
السلوكية النظرية السلوكية سلوكيه

السلوكية

الكاتبجورج غراهم
ترجمةمحمد البلوي
تحميلنسخة PDF

مدخل فلسفي شامل حول السلوكية؛ نص مترجم لد. جورج غراهم، ومنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة، والتي قد يطرأ عليها التعديل من منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة.


يُقال في بعض الأحيان إن “السلوك هو ما تفعله الكائنات الحية”. تشكل هذه الفرضية الأساس الذي بُنيت عليه النظرية السلوكية الهادفة إلى تعزيز الدراسة العلمية للسلوك. يشير السلوك هنا إلى سلوك الكائنات الحية الفردية، ولا يشمل السلوك في المجموعات الاجتماعية أو الثقافات، بل يقتصر على السلوك الخاص بالأشخاص والحيوانات.

ينظر هذا المدخل في الأنواع المختلفة للسلوك، ويحدد الأسباب المؤيدة للسلوكية وتلك المعارضة لها، بالإضافة إلى النظر في مساهمات السلوكية في دراسة السلوك. يركز البحث بشكل خاص على ما يُعرف باسم “السلوكية الراديكالية” لـ ب. ف. سكينر (1904-1909). يحظى سكينر باهتمام خاص (لكنه ليس حصري) نظرًا إلى اعتباره السلوكي الأبرز الذي حظي بأكبر قدر من الاهتمام بين الفلاسفة، وزملائه من العلماء وبين العوام. يمكن أيضًا الاستفادة من بعض الدروس العامة حول التطبيق العام لعلم السلوك من خلال سكينر. يسعى هذا المدخل إلى شرح تلك الدروس ووصفها.  


1. ما هي السلوكية؟

يجب توخي الحذر عند استخدام الكلمات ذات اللاحقة ” يّة ” (في الانكليزية “ism”). غالبًا ما تمتلك مثل هذه الكلمات معنيين اثنين، أحدهما فضفاض واسع وآخر محكم دقيق، كما يتخذ كل منهما في بعض الأحيان عددًا من المعاني الفرعية الإضافية، ولا تشكل “السلوكية” في ذلك أي استثناء. تمثل السلوكية، بمعناها الفضفاض الواسع، الاتجاه – طريقة إدراك القيود التجريبية على إسناد الحالة النفسية. بالنسبة إلى المعنى الدقيق للكلمة، تمثل السلوكية شكلًا من أشكال العقيدة – طريقة ممارسة العلوم النفسية أو السلوكية بحد ذاتها.

أشار الفيلسوف البارز ويلفريد سيلارز (1912-89) إلى إمكانية اعتبار الفرد سلوكيًا أو مؤيدًا للسلوكية، بشكل فضفاض أو فيما يتعلق بالاتجاه (attitude) المتخذ، عند إصراره على تأكيد “فرضيات حول الأحداث النفسية من حيث المعايير السلوكية” (1963، ص 22). من الواضح أن الفيلسوف السلوكي هو ذلك الذي يطلب الدليل السلوكي لأي فرضية نفسية. لا يعتبر السلوكي أن الحالتين المميزتين للعقل (الذي يتمثل في المعتقدات، والرغبات وغيرها) مختفتان ما لم يترافق هذا الاختلاف مع اختلاف واضح في السلوك المرتبط بكل من هاتين الحالتين. على افتراض وجود اعتقاد حالي لشخص ما بأن السماء تمطر. في حال عدم وجود اختلاف في سلوك هذا الشخص ما بين الاعتقاد بأنها تمطر والاعتقاد بأنها لا تمطر، فلا يوجد عندئذ سبب كاف لإسناد أحد هذين المعتقدين على الآخر. إذ يُعتبر هذا الإسناد فارغ أو غير مشروط تجريبيًا.

يمكن القول إن السلوكية بمفهومها الواسع الفضفاض غير مثيرة للاهتمام، إذ تنطوي على تمجيد الدليل السلوكي، الذي يشكل فرضية لا مفر منها، ليس فقط في علم النفس، بل أيضًا في الخطاب التقليدي حول العقل والسلوك. تُعتبر الطريقة التي يجب استخدامها في “تمجيد” الدليل السلوكي (خاصة في العلوم) موضعًا للجدل، لكن لا يُعد هذا التمجيد بحد ذاته موضعًا للتساؤل، بل هو أمر مسلم به.

لا يمكن اعتبار المذهب (doctrine) سلوكيًا بالكامل. أصبحت هذه الفكرة موضع جدل على نطاق واسع وقوي. يركز هذا المدخل على المذهب، وليس الاتجاه (attitude). أثار المذهب السلوكي قدرًا معتبرًا من الحماس بين مناصريه وناقديه على حد سواء. من وجهة نظر الحديث والكلام، يمكن القول إنها مذهب، أو عائلة مذاهب، منطو على كيفية تمجيد السلوك وترسيخه، ولا يقتصر ذلك في علم النفس بل أيضًا في ميتافيزيقيا السلوك البشري والحيواني.

تلتزم السلوكية، بوصفها مذهبًا، بمفهومها الأكبر والأكمل بحقيقة ثلاث مجموعات من الادعاءات المذكورة أدناه:

  1. علم النفس هو علم السلوك. علم النفس ليس علم العقل الداخلي – بوصفه شيئًا آخرًا مختلفًا عن السلوك.
  2. يمكن وصف السلوك وتفسيره دون الرجوع في نهاية المطاف إلى الأحداث العقلية أو العمليات النفسية الداخلية. مصادر السلوك خارجية (في البيئة)، وليست داخلية (في العقل، في الرأس).
  3. في سياق تطور النظرية في علم النفس، عند استخدام المصطلحات أو المفاهيم العقلية، بطريقة أو بأخرى، في وصف السلوك أو تفسيره، يجب عندئذٍ (أ) استبعاد هذه المصطلحات أو المفاهيم واستبدال المصطلحات السلوكية بها أو (ب) ترجمتها أو إعادة صياغتها إلى مفاهيم سلوكية.

تختلف المجموعات الثلاث من الادعاءات منطقيًا. علاوة على ذلك، عند النظر في كل منها بشكل مستقل، يمكن ملاحظة أنها تؤدي إلى تشكيل نوع مختلف من السلوكية. تلتزم السلوكية “المنهجية” بالحقيقة (1). تلتزم السلوكية “النفسية” بالحقيقة (2). تلتزم السلوكية “التحليلية” بدورها (التي تُعرف أيضًا باسم السلوكية “الفلسفية” أو “المنطقية”) بحقيقة الجملة الفرعية في (3) التي تنطوي على إمكانية ووجوب ترجمة المصطلحات أو المفاهيم العقلية إلى مفاهيم سلوكية.

يمكن استخدام العديد من التسميات الاصطلاحية الأخرى عند تصنيف السلوكيات. يصنف جورج راي (1997، ص 96)، على سبيل المثال، السلوكيات في المنهجية والتحليلية والراديكالية، إذ يطلق راي مصطلح الراديكالية على ما يناقشه هذا المدخل تحت اسم السلوكية النفسية. يقتصر مصطلح “راديكالي” في هذا المدخل على الإشارة إلى السلوكية النفسية عند ب. ف. سكينر (B.F Skinner). يستخدم سكينر تعبير “السلوكية الراديكالية” لوصف علامته السلوكية المميزة الخاصة به أو فلسفته السلوكية (انظر سكينر 1974، ص 18). في مخطط التصنيف المستخدم في هذا المدخل، تُعتبر السلوكية الراديكالية نوعًا فرعيًا من السلوكية النفسية، في المقام الأول، على الرغم من أنها تجمع بين جميع الأنواع الثلاثة للسلوكية (المنهجية والتحليلية والنفسية).

2. الأنواع الثلاثة لـ السلوكية

السلوكية المنهجية هي نظرية معيارية حول السلوك العلمي لعلم النفس. تدعي السلوكية المنهجية أن علم النفس يجب أن يهتم بسلوك الكائنات الحية (البشر والحيوانات غير البشرية). يجب ألا يهتم علم النفس بالحالات أو الأحداث العقلية أو ببناء حسابات معالجة المعلومات الداخلية للسلوك. وفقًا للسلوكية المنهجية، لا تضيف الإشارة إلى الحالات العقلية، مثل معتقدات الحيوان أو رغباته، أي شيء إلى ما يمكن أو يجب على علم النفس فهمه حول مصادر السلوك. تُعد الحالات العقلية كيانات خاصة استفادت من انتشار العلم وشيوعه، لكنها غير قادرة على تكوين الأشياء المناسبة للدراسة التجريبية. تُعتبر السلوكية المنهجية موضوعًا سائدًا في كتابات جون واتسون (1878-1958).

السلوكية النفسية هي برنامج بحثي في علم النفس. يهدف إلى شرح سلوك الإنسان والحيوان من حيث المحفزات الجسدية الخارجية، والاستجابات، وتاريخ التعلم، و – في أنواع معينة من السلوك – التعزيزات. توجد السلوكية النفسية في أعمال إيفان بافلوف (1849-1936)، وإدوارد ثورندايك (1874-1949)، وكذلك في أعمال واتسون. يتمثل التفسير الأكمل والأكثر تأثيرًا للسلوكية النفسية في عمل B.F Skinner حول جداول التعزيز.

للتوضيح، اعتبر أنه يوجد جرذ فأر جائع في غرفة تجريبية. في حال تطبيق حركة معينة، مثل الضغط على الرافعة عند تشغيل الضوء، ثم يتبع ذلك تقديم الطعام للجرذ، ترتفع عندئذ احتمالية ضغط الفأر على الرافعة عند الجوع، مرة أخرى، ليتم تشغيل الضوء. يمكن النظر إلى هذه التمثيلات بوصفها تعزيزات، مثل اعتبار الأضواء بمثابة المنبهات (التمييزية)، والضغط على الرافعة بمثابة الاستجابة، ومثل هذه التجارب أو الارتباطات بمثابة تاريخ التعلم.

السلوكية المنطقية أو التحليلية هي نظرية داخل الفلسفة حول معنى أو دلالات المصطلحات أو المفاهيم العقلية. تنطوي هذه السلوكية على فكرة الحالة العقلية أو الوضع العقلي بحد ذاته واعتباره الفكرة الكامنة خلف التصرف السلوكي أو عائلة الميول السلوكية، إذ يتضح ذلك في كيفية سلوك الشخص في إحدى الحالات مقارنة بحالة أخرى. عندما ننسب معتقدًا ما، على سبيل المثال، إلى شخص ما، فإننا لا نقصد أن هذا الشخص في وضع أو حالة داخلية معينة. بدلاً من ذلك، نحن نصنف الشخص بناءً على كيفية تعاملهم مع مواقف معينة أو تفاعلاتهم مع البيئة. يمكن العثور على السلوكية التحليلية في عمل جيلبرت رايل (1900-1976) والأعملل اللاحقة للودفيج فيتجنشتاين (1889–1851) (مع وجود جدل في التفسير، في حالة فيتجنشتاين). في الآونة الأخيرة، أيد عالم النفس والفيلسوف يو تي بليس (1924-2000) نوعًا من السلوكيات التحليلية المقتصرة على الحالات العقلية المقصودة أو التمثيلية، مثل المعتقدات، التي استخدمها بليس في تشكيل أحد أنواع العقلية، إن لم يكن النوع الوحيد لها (انظر Graham and Valentine 2004). يمكن القول أيضًا أنه بالإمكان العثور على نسخة من السلوكية التحليلية أو المنطقية في عمل دانيال دينيت حول إسناد حالات الوعي عبر الطريقة التي أسماها “علم الظواهر غير المتجانس” (Dennett 2005، pp. 25–56). (انظر أيضا Melser 2004).   

3. جذور السلوكية

يمتلك كل من السلوكيات المنهجية والنفسية والتحليلية أسسًا تاريخية. تمتد الجذور التاريخية للسلوكية التحليلية في الحركة الفلسفية المعروفة باسم الوضعية المنطقية (انظر سميث 1986). تقترح الوضعية المنطقية أن معنى العبارات المستخدمة في العلم يجب فهمه من حيث الظروف التجريبية أو الملاحظات التي تؤكد صحتها. يُعرف هذا المذهب الوضعي باسم “البرهنة”. في علم النفس، تنطوي البرهنة على السلوكية التحليلية أو تشكل الأساس لها، من خلال الادعاء بأن المفاهيم العقلية تشير إلى الميول السلوكية ويجب بالتالي ترجمتها إلى مصطلحات سلوكية.

تساعد السلوكية التحليلية على تجنب الموقف الميتافيزيقي المعروف باسم ثنائية المادة. ثنائية المادة هي المذهب القائل إن الحالات العقلية تحدث في مادة عقلية خاصة غير مادية (العقل غير المادي). على النقيض من ذلك، بالنسبة للسلوكية التحليلية، لا يشكل الاعتقاد بأن الشخص وصل إلى عيادة طب الأسنان في الموعد المحدد في الساعة 2 مساءً، أي أن لديه موعد في الساعة 2 مساءً، خاصية للمادة العقلية. يُعد الإيمان عائلة من الميول الجسمية لهذا الفرد. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للعالم السلوكي التحليلي، لا يمكننا تحديد اعتقاد الوصول بشكل مستقل عن هذا الوصول أو غيره من أفراد عائلة الميول هذه. نتيجة لذلك، يتعذر علينا التعامل معها بوصفها سببًا للوصول. يُعد كل من السبب والتأثير، كما يعتقد هيوم، موجودين مختلفين عن بعضهما من الناحية المفاهيمية. لا يختلف الاعتقاد بأن لديّ موعدًا في الساعة 2 مساءً عن وصولي وبالتالي لا يمكن أن يكون جزءًا من الأسس السببية للوصول.

تتكون الجذور التاريخية للسلوكية النفسية بشكل جزئي من الارتباطية الكلاسيكية للتجريبيين البريطانيين، وفي مقدمتهم جون لوك (1632-1704) وديفيد هيوم (1711-1776). وفقًا للارتباطية الكلاسيكية، السلوك الذكي هو نتاج التعلم الارتباطي. نتيجة للارتباطات أو الاقتران بين الخبرات أو المحفزات الإدراكية من جهة والأفكار أو الاعتقادات من جهة أخرى، يكتسب الأشخاص والحيوانات المعرفة وكيفية التصرف من بيئتهم. تسمح الارتباطات للمخلوقات باكتشاف البنية السببية للعالم. يُنظر إلى الارتباط على أنه اكتساب المعرفة حول العلاقات بين الأحداث. يمثل الذكاء في السلوك علامة مثل هذه المعرفة.

اعتمدت الارتباطية الكلاسيكية على كيانات يمكن استنباطها، مثل المحفزات أو الخبرات الإدراكية باعتبارها الروابط الأولى في الارتباطات، بينما كانت الأفكار أو الاعتقادات الروابط الثانية. تزعم السلوكية النفسية، التي تحركها الاهتمامات التجريبية، أنه ومن أجل فهم أصول السلوك، يجب استبدال الإشارة إلى المحفزات (الخبرات) بالإشارة إلى المحفزات (الأحداث المادية في البيئة)، وأن الإشارة إلى الأفكار أو الاعتقادات يجب إزالتها أو استبدالها لصالح الإشارة إلى الاستجابات (السلوك الصريح، الحركة الحركية). السلوكية النفسية هي نزعة ارتباطية خالية من الاستناد إلى الأحداث العقلية الداخلية.

ألا يتحدث البشر عن كيانات وأفكار ومشاعر وغيرها من المصطلحات التي يمكن استنباطها، حتى في حال تعذر التعرف عليها من خلال السلوكية أو فهمها باعتبارها ميولًا سلوكية؟ ينظر السلوكيون النفسيون إلى ممارسة التحدث عن الحالات العقلية للفرد، والتقرير الاستبطاني عن تلك الحالات، باعتبارها بيانات مفيدة محتملة في التجارب النفسية، لكن دون افتراض مسبق للذاتية الميتافيزيقية أو الوجود غير المادي لتلك الحالات. هناك أنواع مختلفة من الأسباب الكامنة وراء التقارير الاستبطانية، ويتخذ السلوكيون النفسيون هذه العناصر وغيرها من عناصر الاستبطان بوصفها قابلة للتحليل السلوكي. (لمزيد من النقاش، انظر القسم 5 من هذا المدخل). (انظر، للمقارنة، منهج دينيت للظواهر غير المتجانسة؛ دينيت 1991، ص 72-81)

تتمثل مهمة السلوكية النفسية في تحديد أنواع الارتباط، وفهم كيفية تحكم الأحداث البيئية في السلوك، واكتشاف النظم السببية أو القوانين أو العلاقات الوظيفية التي تحوكم تكوين الارتباطات إلى جانب تفسيرها، والتنبؤ بكيفية تغير السلوك مع تغير البيئة. تُستخدم كلمة “تكييف” بشكل شائع لتحديد العملية التي ينطوي عليها اكتساب ارتباطات جديدة. لا يمكن اعتبار الحيوانات في ما يسمى بتجارب التشريط “الفعالة” قادرة على التعلم، على سبيل المثال، تعلم الضغط على المقابض.  بدلاً من ذلك، تتعلم هذه الحيوانات عن العلاقة بين الأحداث في بيئتها، على سبيل المثال، أن سلوكًا معينًا، كالضغط على المقبض في وجود الضوء، يتسبب في ظهور الطعام.

في أسسها التاريخية، تتشارك السلوكية المنهجية مع السلوكية التحليلية في تأثير الوضعية. تكمن إحدى أهداف الوضعية الرئيسية في توحيد علم النفس مع العلوم الطبيعية. يرى واطسون بصفته سلوكيًا أن “علم النفس هو فرع تجريبي موضوعي بحت من العلوم الطبيعية. هدفها النظري هو … التنبؤ والتحكم “(1913، ص. 158). كتب واطسون أيضًا عن الغرض من علم النفس على النحو التالي: “التنبؤ برد الفعل الذي سيحدث على منبه ما؛ أو التنبؤ بالحالة أو المنبه الذي تسبب في رد فعل ما”(1930، ص 11).

على الرغم من التمييز المنطقي، إلا أن السلوكيات المنهجية والنفسية والتحليلية توجد أحيانًا في سلوكية واحدة. تجمع السلوكية الراديكالية لسكينر بين الأشكال الثلاثة للسلوكية، إذ تتبع قيودًا تحليلية (على الأقل في شكلها الواسع الفضفاض) عند إعادة صياغة المصطلحات العقلية بشكل سلوكي، إذا أو عندما يتعذر استبعادها من الخطاب التوضيحي. في كتاب السلوك اللفظي (1957) وغيره من المواضع الأخرى، يحاول سكينر إظهار كيفية إعطاء المصطلحات العقلية تفسيرات سلوكية. في كتابه “حول السلوكية” (1974)، يشير إلى أنه عند تعذر استبعاد المصطلحات العقلية، يمكن “ترجمتها إلى سلوك” (صفحة 18، يضع سكينر التعبير بين أقواس باقتباساته المزدوجة).

تهتم السلوكية الراديكالية بسلوك الكائنات الحية، وليس بالمعالجة الداخلية (إذا ما تم علاجها أو وصفها بشكل مختلف عن السلوك الصريح). نتيجة لذلك، يمكن اعتبارها ًا من أشكال السلوكية المنهجية. في النهاية، تنظر السلوكية الراديكالية في السلوك بوصفه انعكاسًا لتأثيرات التكرار بين المنبهات، ما يعني أنه شكل من أشكال السلوكية النفسية.

4. شعبية السلوكية

مثلت السلوكية بشكل ما أو بآخر برنامجًا بحثيًا شائعًا للغاية أو التزامًا منهجيًا بين طلاب السلوك منذ العقد الثالث من القرن العشرين وحتى العقود الوسطى منه، على الأقل حتى بدايات ثورة العلوم الذهنية. بدأ العلم المعرفي في النضج في الفترة الممتدة بين عامي 1960 و1985 (انظر بكتل، أبراهامسن، جراهام، 1998، ص 15 – 17). بالإضافة إلى رايل وفيتجنشتاين، شمل الفلاسفة المؤيدون للسلوكية كلًا من وكارناب (1932-1933) وهيمبل (1949) وكوين (1960). على سبيل المثال، اتخذ كواين منهجًا سلوكيًا لدراسة اللغة. زعم كواين أن فكرة النشاط النفسي أو العقلي لا مكان لها في التفسير العلمي لأصول الكلام أو معانيه. إن التحدث بطريقة منضبطة علميًا عن معنى الكلام هو الحديث عن محفزات النطق، أو ما يسمى بـ “المعنى التحفيزي”. زعم همبل (1949) أن “جميع العبارات النفسية ذات المعنى … قابلة للترجمة إلى عبارات لا تتضمن مفاهيم نفسية”، لكن يقتصر ذلك على مفاهيم السلوك الجسدي (ص 18).

انتشرت السلوكية بشكل أكثر شيوعًا بين علماء النفس مقارنة بالفلاسفة. بالإضافة إلى بافلوف وسكنر وثورندايك وواتسون، ضمت قائمة السلوكيين العديد من علماء النفس، مثل إي سي تولمان (1886-1959)، سي إل هال (1884-52)، إي آر جوثري (1886-1959) كتب تولمان، على سبيل المثال، أن “كل شيء هام في علم النفس … قابل للاختبار في جوهره من خلال التحليل التجريبي والنظري المستمر لمحددات سلوك الفأر عند نقطة الاختيار في متاهة” (1938، ص 34).

أنشأ السلوكيون المجلات وأسسوا الجمعيات وبرامج الدراسات العليا في علم النفس التي تعكس السلوكية. نظم السلوكيون أنفسهم في أنواع مختلفة من مجموعات البحث، التي انطلقت اختلافاتها من عدد من العوامل المختلفة مثل النهج المختلفة للتكييف والتجريب. عُرفت بعض هذه المجموعات بالمسميات التالية: “التحليل التجريبي للسلوك”، “تحليل السلوك”، “التحليل الوظيفي”، وبالطبع “السلوكية الراديكالية”. شكلت هذه العلامات في بعض الأحيان عناوينًا للجمعيات والمجلات الرائدة في السلوكية، بما في ذلك جمعية تطوير تحليل السلوك (SABA)، ومجلة التحليل التجريبي للسلوك (التي بدأت في عام 1958) بالإضافة إلى مجلة تحليل السلوك التطبيقي (التي بدأت في عام 1968).

أدت السلوكية إلى توليد نوع من العلاج الذي يُعرف بالعلاج السلوكي (انظر Rimm and Masters 1974; Erwin 1978). كما سمحت بتطوير تقنيات إدارة السلوك للأطفال المصابين بالتوحد (انظر Lovaas and Newsom 1976) والاقتصادات الرمزية لإدارة مرضى الفصام المزمن (انظر Stahl and Leitenberg 1976). أشعلت السلوكية أيضًا شرارة النقاشات حول أفضل السبل لفهم سلوك الحيوانات غير البشرية وأهمية الدراسة المختبرية للظهور البيئي الطبيعي لسلوك الحيوان (انظر شوارتز ولاسي 1982).

واجهت السلوكية العديد من الصعوبات المعيقة فيما يتعلق ببعض التزاماتها. تتمثل إحدى الصعوبات في الالتباس المحيط بتأثيرات التعزيز على السلوك (انظر Gallistel 1990). بمعناها الأصلي، يُعد المحفز / المنبه مثل الطعام محفزاً فقط عندما يؤدي عرضه إلى زيادة تواتر الاستجابة في نوع من التكييف الترابطي المعروف باسم التكييف الفعال. تتمثل إحدى مشكلات هذا التعريف في أنه يعرف المعززات على أنها محفزات تغير السلوك. مع ذلك، قد لا يكون لعرض الطعام تأثير ملحوظ على تواتر الاستجابة فيما يتعلق بالطعام حتى في الحالات التي يكون فيها الحيوان محرومًا من الطعام أو جائعًا. بدلاً من ذلك، يمكن أن يرتبط تواتر الاستجابة بقدرة الحيوان على تحديد وتذكر الخصائص الزمنية أو المكانية للظروف التي يتم فيها تقديم هذا المحفز (مثل الطعام). أدت هذه الصعوبات وغيرها إلى تغييرات في التزامات السلوكية والاتجاهات الجديدة للبحث. تكمن إحدى الاتجاهات البديلة في دراسة دور الذاكرة قصيرة الأمد في المساهمة في تعزيز التأثيرات على ما يُسمى مسار السلوك (انظر Killeen 1994).

يكمن عائق آخر، في حالة السلوكية التحليلية، في أن الجمل السلوكية، التي تهدف إلى تقديم إعادة صياغة سلوكية للمصطلحات العقلية، تستخدم بنفسها هذه المصطلحات العقلية في جميع الحالات تقريبًا (انظر Chisholm 1957). عند العودة إلى مثال اعتقاد شخص ما بأن لديه موعدًا في عيادة الأسنان في الساعة 2 مساءً، قد ينظر أحد أيضًا في رغبة هذا الشخص في الوصول الساعة 2 مساءً، وإلا يتعذر اعتبار سلوك وصول الشخص في الساعة 2 مساءً مماثلًا لاعتقاده بأن لديه موعدًا في الساعة 2 مساءً. يُعد مصطلح “الرغبة” هنا مصطلحًا عقليًا. زعم نقاد السلوكية التحليلية أنه من غير الممكن على الإطلاق التخلي عن استخدام المصطلحات العقلية في توصيف معنى المصطلحات العقلية. يشير ذلك إلى عدم إمكانية التخلي عن الخطاب العقلي واستبدال الخطاب السلوكي به، إذ لا يمكن استبداله مصطلح بمصطلح على الأقل. من الممكن أن السلوكيين التحليليين بحاجة إلى إعادة صياغة مجموعة كاملة من المصطلحات العقلية في وقت واحد من أجل النظر في الافتراض القائل بأن إسناد أي مصطلح عقلي من هذا القبيل يفترض مسبقًا تطبيق المصطلحات الأخرى (انظر Rey 1997، p.154-5).

5. الحجج المؤيدة للسلوكية

لماذا قد يكون أي شخص سلوكي؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال في ثلاثة أسباب رئيسية (انظر أيضًا (Zuriff 1985

يمثل السبب الأول سببًا معرفيًا أو دليليًا. يُعتبر مسوغ أو دليل القول، على الأقل في حالة الضمير الغائب، أن حيوانًا أو شخصًا في حالة عقلية معينة، على سبيل المثال، يمتلك معتقدًا معينًا، مرتكزًا على السلوك، ويمكن فهمه على أنه سلوك قابل للملاحظة. علاوة على ذلك، فإن المسافة أو الخطوة المفاهيمية بين الادعاء بأن السلوك مسوغ لإسناد الاعتقاد والادعاء بأن الاعتقاد مكون في السلوك نفسه هو خطوة قصيرة وفي بعض النواحي جذابة. إذا ما نظرنا، على سبيل المثال، في كيفية تعليم الناس استخدام المفاهيم والمصطلحات العقلية – مصطلحات مثل “الاعتقاد”، و”الرغبة” وما إلى ذلك – تبدو شروط الاستخدام مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالميول السلوكية في ظروف معينة. إذا كان لإسناد الحالة العقلية علاقة خاصة بالسلوك، فمن الممكن القول إن العقلية مكونة فقط من الميول السلوكية.

يمكن التعبير عن السبب الثاني على النحو التالي: أحد الاختلافات الرئيسية بين الحسابات الذهنية (الحالات الذهنية في الرأس) من جهة والترابطية أو التكيفية للسلوك من جهة أخرى هو ميل الحسابات الذهنية نحو الأصل. يُعتبر هذا صحيحًا على الرغم من أنه قد لا يوجد شيء أصيل في هذه الحسابات (انظر Cowie 1998).

تميل الحسابات الذهنية إلى افتراض النظرية القائلة بأن العقل يمتلك ولاديًا أو فطريًا مجموعة من الإجراءات أو قواعد المعالجة الممثلة داخليًا التي يمكن استخدامها عند التعلم أو اكتساب ردود جديدة، وفي بعض الأحيان التبني الصريح لها (انظر Fodor 1981). على النقيض من ذلك، فإن السلوكية مناهضة للفطرية، تؤيد السلوكية بالتالي النظريين الذين ينكرون وجود قواعد فطرية تساهم في تعلم الكائنات الحية. بالنسبة لسكينر وواتسون، تتعلم الكائنات الحية دون أن يتم تزويدها بالفطرة أو التجارب المسبقة بإجراءات ضمنية يمكن التعلم من خلالها. لا يتكون التعلم، على الأقل في البداية، في السلوك التي تحكمه القواعد. يمثل التعلم ما تفعله الكائنات الحية استجابة للمحفزات. بالنسبة للسلوكيين، يتعلم الكائن الحي، إذا جاز التعبير، من نجاحاته وأخطائه. يقول سكينر (1984a) إن “القواعد مشتقة من الحالات الطارئة التي تحدد المحفزات والاستجابات والعواقب التمييزية” (ص 583) (انظر أيضًا Dennett 1978).

من الواضح أن الكثير من الأعمال المعاصرة في العلوم المعرفية المتعلقة بمجموعة من النماذج المعروفة باسم نماذج الاتصال أو المعالجة الموزعة المتوازية (PDP) مشتركة في السلوكية المعادية للفطرية فيما يتعلق بالتعلم. يتخذ بناء نموذج PDP نهجًا للتعلم موجهًا نحو الاستجابة بدلاً من التحكم بالقواعد وهذا لأنه، مثل السلوكية، يمتلك جذورًا ممتدة في الترابطية (انظر Bechtel 1985؛ قارن Graham 1991 مع Maloney 1991). يعتمد تحديد ما إذا كانت نماذج PDP معادية للفطرية أو وجوب اعتبارها كذلك على ما يُعتبر قواعدًا أصلية أو فطرية (Bechtel and Abrahamsen 1991، ص 103-105).

يرتبط السبب الثالث، الشائع تاريخيًا على الأقل، للميل نحو السلوكية بازدرائها الإشارة إلى معالجة المعلومات العقلية أو العقلية الداخلية كأسباب تفسيرية للسلوك. يتجسد هذا الازدراء بقوة في عمل سكينر. يمكن وصف شكوك سكينر حول الإشارات التفسيرية للذكاء العقلي على النحو التالي.

لنفترض أننا نحاول شرح السلوك العام لشخص ما من خلال وصف كيفية تمثيله لحالته أو تصويره لها أو تفكيره بها. لنفترض أنه يتصور أو يفكر في حالته بطريقة معينة، وليس بطريقة خالية، بل مليئة بأشياء بدون إسناد، لكن كأشياء، كأشجار، كأشخاص، مثل حيوانات الفظ، والجدران، والمحافظ. لنفترض، كما نقول، أن الشخص لا يتفاعل مع بيئته فحسب؛ بل يتفاعل مع بيئته كما يراها أو يتصورها أو يمثلها. على سبيل المثال، عند التفكير في شيء ما كمحفظة، نفكر في شخص يحاول الوصول لها. عندما يلحظ شيئًا على أنه حيوان الفظ، فإنه يتراجع مبتعدًا عنه. كما أن تصنيف شيء ما على أنه جدار يترافق مع الانتباه ألا يصطدم به. من المفهوم أن السلوك حركة ناتجة داخليًا، أي السلوك يمتلك أصله السببي داخل الشخص الذي يفكر أو يمثل موقفه بطريقة معينة.

يعترض سكينر على مثل هذه الادعاءات. لا يستند سكينر في اعتراضه إلى الاعتقاد بأن العين بريئة أو أن النشاط الداخلي او الباطني لا يحدث، بل هو يعتقد أنه يجب تفسير السلوك بعبارات لا تفترض بنفسها الشيء الذي المفسر مسبقًا. لا يتم احتساب السلوك الخارجي (العام) للشخص بالإشارة إلى السلوك الداخلي (المعالجة الداخلية، النشاط المعرفي) للشخص (على سبيل المثال، تصنيف أو تحليل بيئته) إذا كان، في ذلك، سلوك الشخص غير مفسر بشكل واضح. كتب سكينر: “إن الاعتراض على الحالات الداخلية لا يعني عدم وجودها، بل إنها ليست عديمة الصلة بالتحليل الوظيفي” (سكينر 1953، ص 35). تعني عبارة “عديمة الصلة”، بالنسبة لسكينر، دورانية أو تراجعية تفسيريًا.

يزعم سكينر أنه نظرًا لاعتبار النشاط العقلي أحد أشكال السلوك (وإن كان داخليًا)، فإن الطريقة الوحيدة غير التراجعية وغير الدورانية لشرح السلوك تكمن في تبني شيء غير سلوكي. يتمثل هذا الشيء غير السلوكي في المحفزات البيئية وتفاعلات الكائن الحي مع البيئة وتعزيزها.

نتيجة لذلك، فإن السبب الثالث للميل نحو السلوكية متمثل في محاولتها تجنب (ما تدعي أنه) التفسيرات التراجعية الدورانية للسلوك. تهدف إلى الامتناع عن احتساب نوع واحد من السلوك (العلني) من حيث نوع آخر من السلوك (الخفي) في جميع الحالات مع ترك السلوك غير مفسر بمعنى ما.

تجدر الإشارة إلى أن آراء سكينر حول التفسير والدائرية المزعومة للتفسير بالرجوع إلى المعالجة الداخلية متطرفة ومثيرة للجدل علميًا، وأن العديد ممن يُعَرفون أنفسهم على أنهم سلوكيون بما في ذلك غوثري وتولمان وهال، أو يواصلون العمل داخل تقاليد السلوكية، المفهومة على نطاق واسع، بما في ذلك Killeen (1987) وRescorla (1990)، يرفضون الكثير مما قاله سكينر عن الإشارات التفسيرية للداخل. كما أن سكينر نفسه ليس واضحًا دائمًا بشأن ازدرائه للداخل. ينبع موقف سكينر الساخر من الإشارات التفسيرية للذكاء العقلي، جزئيًا، من مخاوف التفسير الدائري فضلًا عن قناعته بأنه في حال السماح للغة علم النفس بالإشارة إلى المعالجة الداخلية، فإن هذا يفضي إلى السماح بالحديث عن المواد العقلية غير المادية، والعوامل ذات الإرادة الحرة المعاكسة للسببية، والأشخاص الصغار (homunculi) داخل الجسم. يعتبر سكينر أن ذلك غير متوافق مع النظرة العلمية للعالم (انظر سكينر 1971؛ انظر أيضًا اليوم 1976). أخيرًا، يجب ملاحظة أن نفور سكينر من الإشارات التفسيرية للذكاء ليس نفورًا من الحالات أو العمليات العقلية الداخلية في حد ذاتها. يعترف سكينر بسهولة أن الأفكار الخاصة وما إلى ذلك موجودة. تتحدث مواقف سكينر عن الأحداث الداخلية ولكن بشرط أن يتم التعامل مع فطرتها بنفس طريقة السلوك العام أو الاستجابات العلنية. يدعي أن علم السلوك المناسب يجب عليه وصف الأحداث التي تحدث داخل جلد الكائن الحي كجزء من السلوك نفسه (انظر سكينر 1976). كتب في عام 1984 لعدد خاص من مجلة Behavioral and Brain Sciences، “بقدر ما أشعر بالقلق”، “يتشابه كل ما يحدث عندما نفحص حافزًا عامًا من جميع النواحي مع ما يحدث عندما نتأمل في حافز خاص (سكينر 1984 ب، ص 575؛ قارن جراهام 1984، ص 558 – 9).  

ليس لدى سكينر الكثير ليقوله حول كيفية وصف السلوك الداخلي (الخفي والخاص) (مثل التفكير والتصنيف والتحليل) بنفس طريقة وصف السلوك العام أو العلني. مع ذلك، قد تتمثل فكرته على النحو التالي، مثلما بالإمكان وصف السلوك العلني أو الحركة الحركية من حيث مفاهيم مثل التحفيز والاستجابة والتكييف والتعزيز وما إلى ذلك، يمكن استخدام المصطلحات نفسها في وصف السلوك الداخلي أو الخفي. يشير سكينر إلى أن فكرة واحدة أو طريقة في التفكير قادرة على تعزيز فكرة أخرى. قد يعمل سلوك التحليل بمثابة حافز لجهد في التصنيف. وهلم جرًا. قد يتم تحليل الأنشطة “العقلية” البحتة على الأقل تقريبًا من حيث المفاهيم السلوكية – وهو موضوع يجب إعادة النظر فيه لاحقًا في المدخل (في القسم السابع).

6. الرؤية الاجتماعية للعالم لدى سكينر

يمكن اعتبار سكينر الشخصية الرئيسية الوحيدة في تاريخ السلوكية التي تقدم وجهة نظر اجتماعية وسياسية للعالم بناءً على التزامه بالسلوكية. قام سكينر ببناء نظرية وكذلك صورة سردية في Walden Two (1948) لما سيكون عليه المجتمع البشري المثالي إذا تم تصميمه وفقًا لمبادئ السلوك (انظر أيضًا Skinner 1971). توضح رؤية سكينر الاجتماعية للعالم نفوره من الإرادة الحرة، والوطنية، والازدواجية بالإضافة إلى أسبابه المؤيدة لادعاء أن تاريخ الشخص في التفاعلات البيئية يتحكم في سلوكه.

تتمثل إحدى السمات المحتملة للسلوك البشري، التي يتعمد سكينر رفضها، في صنع الناس بيئاتهم الخاصة بحرية أو بشكل إبداعي (انظر تشومسكي 1971، بلاك 1973). يحتج سكينر على أنه “من طبيعة التحليل التجريبي للسلوك البشري أن يلتزم بإزالة الوظائف التي سبق تعيينها لشخص حر أو مستقل ونقلها واحدة تلو الأخرى إلى البيئة المسيطرة” (1971، ص 198).

أثار النقاد العديد من الاعتراضات على الصورة الاجتماعية لسكينر. تتمثل إحدى الاعتراضات الأكثر إقناعًا، وبالتأكيد أكثرها شيوعًا، في رفض رؤية سكينر للمجتمع البشري المثالي. طرح الفيلسوف كاسل هذا السؤال على Frazier، المؤسس الخيالي لـ Walden Two. يتمثل هذا السؤال في تحديد أفضل نمط اجتماعي أو مجتمعي للوجود الإنساني. كانت إجابة فرايزر، ومن ثم سكينر، على هذا السؤال عامة للغاية وغير كاملة. يشيد فرايزر / سكينر بقيم الصحة، والصداقة، والاسترخاء، والراحة وما إلى ذلك. مع ذلك، فإن هذه القيم بالكاد يمكن اعتبارها الأساس التفصيلي للنظام الاجتماعي.

توجد عوائق واضحة أمام النظرية الاجتماعية فيما يتعلق بتحديد المستوى المناسب من التفاصيل للمخطط الذي يجب على المجتمع المثالي تقديمه (انظر Arnold 1990، الصفحات 4-10). يحدد سكينر المبادئ السلوكية وحوافز التعلم التي يأمل أن تقلل من الظلم المنهجي في النظم الاجتماعية. كما يصف بعض الممارسات (المتعلقة بتربية الأطفال وما شابه) الهادفة إلى المساهمة في سعادة الإنسان. مع ذلك، يقتصر ذلك على الأوصاف الضبابية للحياة اليومية لمواطني Walden two “والدن” دون أي اقتراحات حول أفضل السبل الممكنة لحل النزاعات وطرق الحياة البديلة التي تتفق لأول وهلة مع المبادئ السلوكية (انظر كين 1996، ص 203). كما أنه لا يولي أي اهتمام كاف أو فعلي للمشكلة العامة الحاسمة المتمثلة في حل النزاعات الشخصية ودور الترتيبات المؤسسية في حل النزاعات.

في مقال The Behavior Analyst (1985)، بعد أربعين عام تقريبًا من نشر Walden Two، حاول سكينر، عبر لجوئه إلى فرايزر، توضيح توصيف الظروف الإنسانية المثالية. لقد كتب أنه في المجتمع البشري المثالي “يقوم الناس بشكل طبيعي بالأشياء التي يحتاجون إلى القيام بها للحفاظ على أنفسهم … ومعاملة بعضهم البعض بشكل جيد، ويقومون بطبيعة الحال بمئات الأشياء الأخرى التي يستمتعون بفعلها لأنهم ليسوا مضطرين لفعلها” (ص 9). مع ذلك، بالطبع، فإن القيام بمائة شيء يستمتع البشر بفعله يعني أن Walden Two معرف بشكل مبهم غامض، وليس أن عاداته المؤسسة ثقافيًا وطبيعة مؤسساته تستحق المحاكاة.

إن عدم اكتمال وصف سكينر للمجتمع البشري المثالي أو الحياة أمر معترف به على نطاق واسع لدرجة أن المرء قد يتساءل عما إذا كانت التجارب الفعلية في حياة Walden Two قادرة على تقديم تفاصيل مفيدة لمخططه. تم إجراء أكثر من تجربة اجتماعية ذات صلة. يُعتبر مجتمع Twin Oaks في فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية مثيرًا للاهتمام (جزئيًا لأن المجتمع قد تطور بعيدًا عن جذوره الجلدية) ويمكن استكشافه بشكل غير مباشر عبر الإنترنت (انظر موارد الإنترنت الأخرى).

7. الحجج المعارضة للسلوكية

رفض العلماء المعرفيون السلوكية، إذ يركز هؤلاء على تطوير نماذج معقدة لمعالجة المعلومات الداخلية للإدراك المعرفي. أُهملت إجراءاتها المعملية أو نظمها التجريبية من قبل علماء السلوك الذهني وعلماء النفس المنظومي إذ اعتبروا بأن نهج السلوكية غير متعلقة بكيفية سلوك الحيوانات والأشخاص في بيئتهم الطبيعية والاجتماعية. يرفض علماء الأعصاب اللامبالاة النسبية التقليدية للسلوكية تجاه علم الأعصاب ومراعاتها الحالات البيئية غير المتوقعة، مؤكدين على أن الدراسة المباشرة للدماغ هي الطريقة الوحيدة لفهم الأسباب المباشرة الحقيقية للسلوك.

على الرغم من ذلك، لم تختف السلوكية بأي حال من الأحوال. تبقى العناصر القوية للسلوكية قائمة في كل من العلاج السلوكي ونظرية التعلم الحيواني القائمة على المختبر (المزيد من التفاصيل أدناه). في ميتافيزيقيا العقل، تبقى الموضوعات السلوكية قائمة في نهج العقل المعروف باسم الوظيفية. تعرّف الوظيفية الحالات الذهنية على أنها حالات تلعب أدوارًا سببية وظيفية في الحيوانات أو الأنظمة التي تحدث فيها. يكتب بول تشرشلاند عن الوظيفية على النحو التالي: “السمة الأساسية أو المحددة لأي نوع من الحالات العقلية هي مجموعة العلاقات السببية التي تحملها مع … السلوك الجسدي” (1984، ص 36). تشبه هذه الفكرة الوظيفية الفكرة السلوكية القائلة إن الإشارة إلى السلوك وعلاقات التحفيز / الاستجابة من شأنها الدخول بشكل مركزي وجوهري في أي حساب لما يعنيه أن يقوم الكائن بسلوك أو أن يخضع، في مخطط السلوك التحليلي أو المنطقي، إلى إسناد الحالات العقلية.

يشترك مؤيدو ما يُطلق عليه اسم فرضية العقل الممتد (EMH) التي تخضع لنقاشات واسعة في وقتنا الحالي في صلتهم بالسلوكية أو على الأقل بسكينر. تنطوي الفرضية المحددة لـ EMH على اعتبار التمثيل “العقلي” مسألة تخرج من الدماغ أو تتجه إلى العالم والبيئة الثقافية (Levy 2007). التمثيلات هي أشياء خارجية عن الرأس أو محملة بعلاقات فردية خاصة بأجهزة خارجية أو أشكال من النشاط الثقافي. يمكن تشبيه شكوك سكينر حول تصوير قوة التمثيل العقلي على أنه محصور في الرأس (الدماغ، العقل الداخلي) بتحول EMH لتصوير التمثيلية على أنها ممتدة بيئيًا.

مع ذلك، العناصر هي عناصر. لم تعد السلوكية برنامج بحث مهيمن بعد الآن.

لماذا انخفض تأثير السلوكية؟ السبب الأعمق والأكثر تعقيدًا لانحدار السلوكية في التأثير هو التزامها بالأطروحة القائلة إن السلوك يمكن تفسيره دون الرجوع إلى النشاط العقلي غير السلوكي والداخلي (المعرفي أو التمثيلي أو التفسيري). يمكن تفسير السلوك، بالنسبة لسكينر، فقط بالرجوع إلى علاقته “الوظيفية” (مصطلح سكينر) أو الاختلاف المشترك مع البيئة وتاريخ الحيوان في التفاعل البيئي. تدعم الظروف الفسيولوجية العصبية والبيولوجية العصبية، بالنسبة لسكينر، هذه العلاقات الوظيفية أو السببية أو تطبقها. لكنها لا تعمل كمصادر نهائية أو مستقلة أو تفسيرات للسلوك. كتب سكينر (1953) أن السلوك لا يمكن تفسيره “أثناء البقاء الكلي داخل [حيوان]؛ في النهاية يجب أن ننتقل إلى القوى العاملة على الكائن الحي من الخارج”. “ما لم يكن هناك نقطة ضعف في سلسلتنا السببية بحيث لا يمكن تحديد الرابط [العصبي] الثاني بشكل صحيح بواسطة [المحفزات البيئية] الأولى، أو تحديد [السلوك] الثالث بواسطة الثاني، يجب أن يكون الرابطان الأول والثالث مرتبطين بشكل جائز.” (ص 35) “قد تلقي المعلومات الصحيحة حول الرابط الثاني الضوء على هذه العلاقة ولكن لا يمكنها بأي حال من الأحوال تغييرها.” (المرجع نفسه.) إنها “المتغيرات الخارجية التي يُعتبر السلوك بها وظيفة.” (المرجع نفسه).

لم يكن سكينر متغطرسًا بالنسبة لعلم الأعصاب. وفقًا له، فإن علم الأعصاب يحدد بشكل أو بآخر العمليات الفيزيائية العضوية التي تكمن وراء التفاعلات بين الحيوان والبيئة. في هذا الصدد، فإنه يعتمد على الأدلة أو الوصف المعرفي السابق للسلوكية الراديكالية لتلك التفاعلات. يقول: “الكائن الحي ليس فارغًا، ولا يمكن معاملته بشكل لائق على أنه صندوق أسود” (1976 ، ص 233). “يحدث اليوم شيء آخر يؤثر على سلوك الكائن الحي غدًا” (ص 233). يصف علم الأعصاب الآليات داخل الصندوق التي تسمح للحافز المعزز اليوم بالتأثير على سلوك الغد. الصندوق العصبي ليس فارغًا، لكنه غير قادر، باستثناء حالات العطل أو الانهيار، على فك ارتباط الحيوان بأنماط السلوك السابقة التي تم تعزيزها. من غير الممكن ممارسة سلطة مستقلة أو غير بيئية تعويضية على السلوك.

بالنسبة للعديد من نقاد السلوكية، يبدو من الواضح، على الأقل، أن حدوث السلوك وطبيعته (خاصة السلوك البشري) غير معتمد بشكل أساسي على تاريخ التعزيز لدى الفرد، على الرغم من إمكانية اعتباره أحد العوامل، بل يعتمد على حقيقة أن تاريخ التعلم أو البيئة متمثل من قبل الفرد وكيف (الطريقة التي) يتم تمثيله. تفتضي حقيقة أن البيئة ممثلة من قبلي بتقييد العلاقات الوظيفية أو السببية التي تربط بين سلوكي والبيئة ما يؤدي، من منظور مناهض للسلوكيات، إلى فصل سلوكي جزئيًا عن التكييف أو تاريخ التعزيز. بغض النظر عن مدى إصراري بلا كلل وبشكل متكرر للإشارة إلى الآيس كريم أو تناوله، على سبيل المثال، فإن مثل هذا التاريخ عاجز مع انعدام وجود حافز محتمل مثل الآيس كريم أو تقديمه لنفسي على أنه آيس كريم أو في حال رغبتي في إخفاء حقيقة وجود شيء ما كالآيس كريم عن الآخرين. إن تاريخ التكييف الخاص بي، الذي يُفهم على نحو ضيق بأنه غير ممثل من قبلي، هو من الناحية السلوكية أقل أهمية من البيئة أو تاريخ التعلم الخاص بي كما هو موضح أو مفسر من قبلي.

وبالمثل، بالنسبة للعديد من نقاد السلوكية، إذا كانت التمثيل يأتي بين البيئة والسلوك، فهذا يعني أن سكينر مقيد للغاية أو محدود في موقفه تجاه دور آليات الدماغ في إنتاج السلوك أو التحكم فيه. الدماغ ليس مجرد بنك ذاكرة سلبي للتفاعلات السلوكية / البيئية (انظر Roediger and Goff 1998). يحتوي الجهاز العصبي المركزي، الذي يحافظ بطريقة أخرى على تاريخ التعزيز الخاص بالفرد، على أنظمة أو أنظمة فرعية حسابية عصبية مسؤولة عن تنفيذ أو تشفير أي تمثيل محتوى أو معنى بيئي بالنسبة لهذا الفرد. تُعد أيضًا آلة تفسير نشطة أو محرك دلالي، وغالبًا ما تؤدي مهامًا غير مقيدة بيئيًا وتتحكم في السلوك بشكل حاسم. مع ذلك، فإن مثل هذا الحديث عن التمثيل أو التفسير هو منظور تتمنى وتحاول النزعة السلوكية – عند سكينر بالطبع – الابتعاد عنه.

تتمثل إحدى الأهداف المحددة للسلوكية التقليدية في محاولتها تحرير علم النفس من اللجوء إلى التنظير حول كيفية تمثيل الحيوانات والأشخاص (داخليًا، في الرأس) لبيئتهم. يُعتبر مثل هذا الجهد المبذول من أجل تحرير علم النفس شديد الأهمية تاريخيًا نظرًا إلى إظهاره أن الروابط السلوكية / البيئية أكثر وضوحًا وأكثر قابلية للإدارة من الناحية التجريبية مقارنة بالتمثيلات الداخلية. لسوء الحظ، بالنسبة للسلوكية، من الصعب تخيل وجود قاعدة لعلم النفس أكثر تقييدًا من تلك التي تحظر فرضيات حول التخزين التمثيلي والمعالجة. يعترض ستيفن ستيتش، على سبيل المثال، على نظرة سكينر مشيرًا إلى أنه “نمتلك الآن مجموعة هائلة من البيانات التجريبية التي، على ما يبدو، لا يمكن فهمها إلا إذا افترضنا شيئًا مثل” آليات معالجة المعلومات في رؤوس الكائنات الحية (1998، ص 649).

يتمثل السبب الثاني لرفض السلوكية في أن بعض سمات العقلية – بعض العناصر، على وجه الخصوص، من الحياة العقلية الواعية للأشخاص – لها “كواليا” مميزة أو صفات تمثيلية فورية أو ظاهرية. على سبيل المثال، يمكن النظر في كونك في حالة من الألم بشكل أوسع من مجرد إنتاج سلوك مؤلم مناسب في ظل الظروف البيئية المناسبة، بل يشير ذلك أيضًا إلى اختبار شيء “مشابه لحس” الألم (كشعور باهت أو حاد مثلًا). يمثل “الزومبي” مخلوقًا سلوكيًا بحت، إذا جاز التعبير، إذ رغم إمكانية انخراطه في سلوك مؤلم، بما في ذلك استجابات الألم الموجودة تحت الجلد، إلا أنه يفتقر تمامًا إلى كل ما هو نوعي ومناسب للألم. (انظر أيضًا Graham 1998، pp. 47–51 and Graham and Horgan 2000. حول نطاق الظواهر في العقلية البشرية، انظر Graham, Horgan, and Tienson 2009). على سبيل المثال، يخالف ستيفن ستيتش سكينر قائلاً “نمتلك الآن مجموعة هائلة من البيانات التجريبية التي، على ما يبدو، لا يمكن فهمها إلا إذا افترضنا شيئًا مثل “آليات معالجة المعلومات في رؤوس الكائنات (1998، ص 649).

على الرغم من تعاطف الفيلسوف وعالم النفس يو تي بليس مع تطبيق الأفكار السلوكية على مسائل العقل، جادل بليس بأن الكواليا الظاهراتية لا يمكن تحليلها بمصطلحات سلوكية. وادعى أن الكواليا ليست سلوكًا ولا ميولًا للتصرف. قال: “إنهم يجعلون أنفسهم يشعرون”، “منذ اللحظة التي يختبرون فيها الكواليا الخاصة بهم” (2000، ص 191؛ أعيد طبعها في Graham and Valentine 2004). تُعد بالتالي سمات فورية للعمليات أو الأحداث بدلاً من التصرفات التي تتجلى بمرور الوقت. تدعم الأحداث العقلية النوعية (مثل الأحاسيس والتجارب الإدراكية وما إلى ذلك)، بالنسبة لبليس، النزعات للسلوك بدلاً من اعتبارها نزعات. بالطبع، من المغري الافتراض بأن الجوانب النوعية للعقلية تؤثر على العناصر غير النوعية للمعالجة الداخلية، وأنها، على سبيل المثال، تساهم في الإثارة والانتباه والتقبل للتكيف النقابي.

يرتبط السبب الثالث لرفض السلوكية مع نعوم تشومسكي. كان تشومسكي أحد أكثر نقاد السلوكية نجاحًا وإلحاقًا للضرر في السلوكية في نفس الوقت. في مراجعة لكتاب سكينر عن السلوك اللفظي (انظر أعلاه)، اتهم تشومسكي (1959) بأن النماذج السلوكية لتعلم اللغة غير قادرة على شرح الحقائق المختلفة حول اكتساب اللغة، مثل الاكتساب السريع للغة من قبل الأطفال الصغار، د يشار إليه أحيانًا باسم ظاهرة “الانطلاق المعجمي”. يبدو أن قدرات الطفل اللغوية غير محددة جذريًا من خلال دليل السلوك اللفظي المقدم للطفل في الفترة القصيرة التي يعبر فيها عن هذه القدرات. في سن الرابعة أو الخامسة، يتمتع الأطفال (العاديون الطبيعيون) بقدرة غير محدودة تقريبًا على فهم وإنتاج الجمل التي لم يسمعوا بها من قبل. جادل تشومسكي أيضًا أنه يبدو من غير الصحيح اعتبار تعلم اللغة معتمد على تطبيق التعزيز التفصيلي. لا ينطق الطفل، بصفته متحدثًا باللغة الإنجليزية ، بكلمة “منزل” مرارًا وتكرارًا في حضور كبار السن. على هذا النحو، يبدو أن التعلم يحدث، بمعنى ما، دون أن يتم تدريسها أو تلقينها بشكل صريح، وتفشل السلوكية في تقديم وصف لكيفية حدوث ذلك. تشمل تكهنات تشومسكي الخاصة حول الحقائق النفسية الكامنة وراء تطور اللغة الفرضية القائلة إن القواعد أو المبادئ الكامنة وراء السلوك اللغوي مجردة (منطبقة على جميع اللغات البشرية) وفطرية (جزء من موهبتنا النفسية الأصلية كبشر). عند اختبار النطق بجملة نحوية، يمتلك الشخص، بالنسبة إلى تشومسكي، عددًا لا نهائيًا من الردود الممكنة المتاحة، وتتمثل الطريقة الوحيدة لفهم هذه القدرة التوليدية اللانهائية في افتراض أن هذا الشخص يمتلك قواعد نحوية فطرية مجردة وقوية (الكامنة وراء أي كفاءة قد يمتلكها في لغة طبيعية معينة أو أكثر).

تتجاوز المشكلة التي يشير إليها تشومسكي، التي تتمثل في مشكلة الكفاءة السلوكية وبالتالي الأداء الذي يفوق تاريخ التعلم الفردي، اعتبارها مجرد مسألة متعلقة بالسلوك اللغوي لدى الأطفال الصغار. غالبًا ما تتجاوز الحقائق الأساسية عن البشر فيما يتعلق بالسلوك والقدرات السلوكية، على ما يبدو، حدود تاريخ التعزيز الفردي. غالبًا ما يكون تاريخ التعزيز الخاص بنا فقيرًا للغاية وغير قادر على تحديد ما نقوم به بشكل فريد أو كيفية قيامنا بذلك. بالنتيجة، من الواضح أن الكثير من التعلم يتطلب هياكل تمثيلية موجودة مسبقًا أو فطرية أو قيودًا مبدئية يحدث التعلم من خلالها. (انظر أيضًا Brewer 1974، لكن قارن مع Bates et al. 1998 و Cowie 1998).

هل القضية المعارضة للسلوكية نهائية؟ حاسمة؟ لاحظ بول ميهل منذ عقود أن النظريات في علم النفس تتلاشى بمرور الوقت كما يبدو، إذ لا يرجع هذا إلى تأثير التفنيد الحاسم، بل إلى فقدان الباحثين اهتمامهم بتوجهاتهم النظرية (Meehl 1978). تتمثل إحدى الآثار الضمنية لأطروحة ميهل في أن “الاسم” الذي كان يتمتع بشعبية في السابق، ولم يتعرض للدحض بشكل قاطع، قد يستعيد بعضًا من بروزه السابق إذا أجرى بعض التغيير أو تضمن ردودًا على الانتقادات. ماذا قد يعني هذا بالنسبة إلى السلوكية؟ قد يبشر هذا بإمكانية عودة بعض أجزاء هذا المذهب.

ادعى سكينر أن الأنشطة العصبية داعمة للعلاقات السلوكية / البيئية وكامنة وراءها، وأن مساهمة الكائن الحي في هذه العلاقات لا تختزل في الخصائص الفسيولوجية العصبية. لا يعني هذا بالضرورة أن السلوكية غير قادرة على إيجاد تحالف مفيد مع علم الأعصاب. قد تساعد الإشارة إلى هياكل الدماغ (علم الأعصاب والكيمياء العصبية وما إلى ذلك) في تفسير السلوك حتى مع عدم حلول هذه المراجع في النهاية محل الإشارة إلى الطوارئ البيئية في الحساب سلوكي.

يشكل هذا درسًا في النمذجة الحيوانية التي ما تزال الموضوعات السلوكية ذات أهمية فيها. النماذج الحيوانية للإدمان والعادات والتعلم الآلي جديرة بالملاحظة بشكل خاص لأنها تدمج البحث السلوكي باتصال وثيق مع السلوكية النفسية التقليدية للبحث عن آليات الدماغ الكامنة وراء التعزيز، وخاصة التعزيز الإيجابي (ويست 2006، ص 91-108). تتمثل إحدى نتائج هذا الاتصال في اكتشاف أن الأنظمة العصبية المحسّسة المسؤولة عن زيادة قيمة التعزيز أو القوة قابلة للفصل عن الجودة الممتعة للتعزيز (انظر Robinson and Berridge 2003). قد تكون قوة المنبه في تعزيز السلوك مستقلة عما إذا كان مصدرًا أو سببًا للمتعة. يشكل التركيز على آليات الدماغ الكامنة وراء التعزيز أيضًا حجر أساس لأحد أكثر برامج البحث نشاطًا في علم الأعصاب الحالي، ما يُسمى بالاقتصاد العصبي، الذي يجمع بين دراسة أنظمة المكافأة في الدماغ ونماذج التقييم واتخاذ القرارات الاقتصادية (انظر مونتاج و بيرنز 2002؛ نستلر ومالينكا 2004؛ روس وآخرون 2008). قد تعمل السلوكية بشكل جيد لشراء بعض العملات المفاهيمية للاقتصاد العصبي، خاصة وأن بعض المدافعين عن البرنامج يرون أنفسهم سلوكيين في الروح ويكرمون عمل عدد من المنظرين في التقليد السلوكي للتحليل التجريبي للسلوك، مثل جورج أينسلي، وريتشارد هيرنشتاين، وهوارد راشلين، حول كيفية ارتباط أنماط السلوك بأنماط المكافأة أو التعزيز (انظر روس وآخرون، 2008، وخاصة ص 10). تكمن ف الافتراضات المهمة في علم الاقتصاد العصبي هو في أن التفسيرات الكاملة للتفاعلات بين الكائنات الحية / البيئية تعمل على جمع الحقائق حول أشياء مثل جداول التعزيز مع الاستعانة بنمذجة الحوسبة العصبية والكيمياء العصبية والبيولوجيا العصبية للتعزيزات.

هل هنالك مصادر أخرى محتملة للتجديد؟ إن الشعبية المستمرة للعلاج السلوكي جديرة بالملاحظة لأنها توفر مجالًا محتملاً لتطبيق اختبار نظام السلوك السلوكي. سعت الإصدارات المبكرة من العلاج السلوكي إلى تطبيق نتائج مقيدة من نماذج تكييف سكينر أو بافلوفيان على مشاكل السلوك البشري. لا ينبغي التحدث عن أي أفكار؛ فقط سلوكيات – المحفزات والاستجابات والتعزيزات. العلاج يشكل سلوكًا وليس اعتقاد. لقد خففت الأجيال المتعاقبة من العلاج السلوكي من تلك القيود المفاهيمية. يشير مناصرو ذلك إلى أنفسهم بمعالجي السلوك المعرفي (على سبيل المثال Mahoney ، 1974؛ Meichenbaum ، 1977). يتم وصف مشاكل سلوك العملاء بالإشارة إلى معتقداتهم ورغباتهم ونواياهم وذكرياتهم وما إلى ذلك. تظهر لغة التفكير والاعتقاد الانعكاسي الذاتي بدورها (ما يسمى “الإدراك الفوقي”) في بعض حسابات الصعوبات والتدخلات السلوكية (Wells 2000). يتمثل أحد أهداف هذه اللغة في تشجيع العملاء على مراقبة سلوكهم وتعزيزه ذاتيًا. التعزيز الذاتي هو سمة أساسية من سمات ضبط النفس السلوكي (Rachlin 2000 ؛ Ainslie 2001).

قد يتم التساؤل ما إذا كان العلاج السلوكي المعرفي متوافق مع المذهب السلوكي. يعتمد ذلك بشكل كبير على كيفية فهم المعتقدات والرغبات. إذا أمكن فهم المعتقدات والرغبات على أنها حالات تنتشر بطريقة ما في البيئة ويتم تشخيصها من حيث دورها غير العقلي الذي يشبه السلوك في تفاعلات الكائن / البيئة، سيتوافق ذلك عندئذ مع العقيدة السلوكية التقليدية. يعكس مبدأ السلوك المنطقي أو التحليلي، في حال استخدام المصطلحات العقلية في وصف وتفسير السلوك،  وجوب تعريفها أو إعادة صياغتها بمصطلحات سلوكية غير عقلية. قد تبدو احتمالات تشخيص الاعتقاد / الرغبة في المصطلحات الخارجية غير العقلية والبيئية مشكوكًا فيها، خاصة في حالات المواقف الواعية (انظر Horgan، Tienson and Graham 2006). لكن موضوع أشكال وحدود العلاج السلوكي ونطاق تطبيقه المعقول مفتوح لمزيد من الاستكشاف المستمر.

8. الاستنتاجات

في عام 1977، نشر ويلارد داي، عالم النفس السلوكي والمحرر المؤسس لمجلة Behaviorism (والتي تُعرف الآن باسم Behavior and Philosophy)، كتاب سكينر بعنوان “لماذا لست عالم نفس معرفي” (سكينر 1977). بدأ سكينر مقالته بالقول إن “المتغيرات التي يمكن اعتبار سلوك الإنسان فيها وظيفة تكمن في البيئة” (ص 1). اختتم سكينر بملاحظة أن “البنى المعرفية تعطي … وصفًا مضللًا لما هو” داخل الإنسان (ص 10)

قبل أكثر من عقد من الزمان، في عام 1966، أعلن كارل همبل انشقاقه عن السلوكية:

     من أجل توصيف … الأنماط السلوكية، أو الميول، أو القدرات … لا نحتاج فقط إلى مفردات سلوكية مناسبة، بل نحتاج أيضًا إلى مصطلحات نفسية. (ص 110)

توصل همبل إلى الاعتقاد بأنه من الخطأ تخيل أن السلوك البشري يمكن فهمه حصريًا من منظور غير عقلي وسلوكي.

يشترك علم النفس والفلسفة المعاصران إلى حد كبير في منظور همبل بأن تفسير السلوك لا يمكن يستبعد استحضار تمثيل كائن ما لعالمه. يجب أن يستخدم علم النفس مصطلحات نفسية. يصبح السلوك دون الإدراك أعمى. يُعد التنظير النفسي دون الرجوع إلى المعالجة المعرفية الداخلية توضيحًا ضعيفًا. بالطبع، لا يستبعد هذا القول أن السلوكية قد تستعيد بعضًا من أهميتها. تبقى كيفية تصور المعالجة المعرفية (حتى في مكان تحديدها) موضوعًا مثيرًا للنقاش (انظر Melser 2004؛ انظر أيضًا Levy 2007، ص 29 – 64). ولكن إذا كان للسلوكية أن تستعيد بعضًا من بروزها، فقد يتطلب هذا التعافي إعادة صياغة مذاهبها التي تتوافق مع التطورات (مثل تلك الخاصة بالاقتصاد العصبي) في علم الأعصاب وكذلك في التوجهات العلاجية الجديدة.

إن وجهة نظر سكينر أو إسهامه الخاص في السلوكية تقرن علم السلوك بلغة تفاعلات الكائن / البيئة. مع ذلك، لا يمكن النظر لنا نحن البشر بوصفنا نركض ونتزاوج ونمشي ونأكل في هذه البيئة أو تلك بشكل مجرد. نحن نفكر ونصنف ونحلل ونتخيل وننظّر. بالإضافة إلى سلوكنا الخارجي، لدينا حياة داخلية شديدة التعقيد، إذ ننشط في كثير من الأحيان بشكل خيالي، في رؤوسنا، وغالبًا ما نبقى عالقين مثل المنشورات، مثل الحجارة. يمكن تسمية حياتنا الداخلية باسم “السلوك” إذا رغب المرء في ذلك، ولكن هذا الشرط اللغوي لا يعني أن احتمالية أو وقوع الأحداث الداخلية يتشكل بنفس الاحتمالات البيئية مثل السلوك العلني أو الحركات الجسدية. لا يعني ذلك أن فهم جملة أو تأليف مدخل لهذه الموسوعة يتكون من نفس الأساليب العامة للاستجابات التمييزية مثل تعلم كيفية تحريك جسد المرء بحثًا عن مصدر غذائي. تُعد كيفية بقاء العالم التمثيلي الداخلي للعقل في منطقة السلوكية الجزئية ” يّة ” التي ما تزال غير مكتملة الحدود.


المراجع

  • Ainslie, G., 2001. Breakdown of Will, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Arnold, N. S., 1990. Marx’s Radical Critique of Capitalist Society, Oxford: Oxford University Press.
  • Bates, E., Ellman, J., Johnson, M., Karmiloff-Smith, A., Parisi, D., and Plunkett, K., 1998. “Innateness and Emergentism”, in Bechtel and Graham (eds.) 1998.
  • Bechtel, W., 1985. “Contemporary Connectionism: Are the New Parallel Distributed Processing Models Cognitive or Associationist?”, Behaviorism, 13: 53–61. (See Skinner 1977.)
  • Bechtel, W., and Abrahamsen, A., 1991. Connectionism and the Mind, Oxford: Blackwell.
  • Bechtel, W., and G. Graham (eds.), 1998, A Companion to Cognitive Science, Oxford: Blackwell.
  • Bechtel, W., Abrahamsen, A., and Graham, G., 1998. “The Life of Cognitive Science”, in W. Bechtel and G. Graham (eds.) 1998.
  • Black, M., 1973. “Some Aversive Responses to a Would-be Reinforcer”, in H. Wheeler (ed.), Beyond the Punitive Society, San Francisco: W. H. Freeman, pp. 125–34.
  • Brewer, W. F., 1974. “There is No Convincing Evidence for Operant or Classical Conditioning in Adult Humans”, In W. Weiner and D. Palermo (eds.), Cognition and Symbolic Processes, Hillsdale, N. J.: Earlbaum.
  • Carnap, R., 1932/33. “Psychology in Physical Language,” Erkenntnis, 3: 107–42.
  • Chisholm, R. M., 1957. Perceiving, Ithaca: Cornell.
  • Chomsky, N., 1959. “Review of Verbal Behavior,” Language, 35: 26–58.
  • –––, 1971. “The Case Against B. F. Skinner,” New York Review of Books, 30: 18–24.
  • –––, 1975. Reflections on Language, New York: Pantheon Books.
  • Churchland, P., 1984. Matter and Consciousness, Cambridge, MA.: MIT Press/Bradford Books.
  • Cowie, F., 1998. What’s Within: Nativism Reconsidered, Oxford: Oxford.
  • Day, W., 1976. “The Case for Behaviorism,” in M. Marx and F. Goodson (eds.) Theories in Contemporary Psychology, New York: Macmillan, pp. 534–45.
  • Dennett, D., 1978. “Why the Law of Effect Will Not Go Away”, in D. Dennett (ed.) Brainstorms, Cambridge, MA.: MIT Press/Bradford Books, pp. 71–89.
  • –––, 1991. Consciousness Explained, Boston: Little, Brown and Company.
  • –––, 2005. Sweet Dreams: Philosophical Obstacles to a Science of Consciousness, Cambridge, MA: MIT Press.
  • Erwin, E., 1978. Behavior Therapy: Scientific, Philosophical, and Moral Foundations, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Fisher, Tyrus, 2011, “Quine’s Behaviorism and Linguistic Meaning: Why Quines Behaviorism Is Not Illicit”, Philosophia: Philosophical Quarterly of Israel, 39(1): 51–59.
  • Fodor, J., 1981. “The Present Status of the Innateness Controversy”, in J. Fodor (ed.), Representations, Cambridge, MA.: MIT Press/Bradford Books, pp. 257–316.
  • Føllesdal, Dagfinn, 2011, “Developments in Quine’s Behaviorism”, American Philosophical Quarterly, 48(3): 273–282.
  • Gallistel, C. R., 1990. The Organization of Learning, Cambridge, MA.: MIT Press.
  • Graham, G., 1984. “Sensation and Classification”, Behavioral and Brain Sciences, 7: 558–559.
  • –––, 1991. “Connectionism in Pavlovian Harness”, in T. Horgan and J. Tienson (eds.), Connectionism and the Philosophy of Mind, Dordrecht: Kluwer, pp. 143–66.
  • –––, 1998. Philosophy of Mind: An Introduction, 2nd edition. Oxford: Basil Blackwell.
  • Graham, G. and Horgan, T., 2000. “Mary, Mary, Quite Contrary”, Philosophical Studies, 99: 59–87.
  • Graham, G, and Valentine, E., 2004. Identifying the Mind: Selected Papers of U. T. Place, Oxford: Oxford University Press.
  • Graham, G., Horgan, T., and Tienson, J., 2009. “Phenomenology, Intentionality, and the Unity of Mind”, in A. Beckermann and B. McLaughlin (eds.), Oxford Handbook of Philosophy of Mind, Oxford: Oxford University Press, pp. 512–37.
  • Hempel, C., 1949. “The Logical Analysis of Psychology”, in H. Feigl and W. Sellars (eds.), Readings in Philosophical Analysis, New York: Appleton-Century-Crofts, pp. 373-84.
  • –––, 1966. Philosophy of Natural Science, Englewood Cliffs, N. J.: Prentice-Hall.
  • Honig, W. and J. G. Fetterman (eds), 1992. Cognitive Aspects of Stimulus Control, Hillsdale, N. J.: Erlbaum.
  • Horgan, T., Tienson, J. and Graham, G., 2006. “Internal-world Skepticism and the Self-Presentational Nature of Phenomenal Consciouness”, in U. Kriegel and K. Williford (eds.), Self-Representational Approaches to Consciousness, Cambridge, MA: MIT, pp. 41–61.
  • Kane, R., 1996. The Significance of Free Will, Oxford: Oxford.
  • Killeen, P., 1987. “Emergent Behaviorism”, in S. Modgil and C. Modgil (eds.), B. F. Skinner: Consensus and Controversy, New York: Falmer, pp. 219–34.
  • –––, 1994. “Mathematical Principles of Reinforcement,” Behavioral and Brain Sciences, 17: 105–172.
  • Leiteberg, H. (ed.), 1976, Handbook of Behavior Modification and Behavior Therapy, Englewoood Cliffs, N. J.: Prentice-Hall.
  • Levy, N., 2007. Neuroethics, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Lovaas, O. I. and Newsom, C. D., 1976. “Behavior Modification with Psychotic Children”, in H. Leiteberg (ed.) 1976, pp. 303–360.
  • O’Donnell, J., 1985. The Origins of Behaviorism: American Psychology, 1870–1920. New York: NYU Press.
  • Mackenzie, B., 1977. Behaviorism and the Limits of Scientific Method, London: Routledge & Kegan Paul.
  • Mahoney, M. J., 1974. Cognition and Behavior Modification, Cambridge, MA: Ballinger.
  • Maloney, C., 1991. “Connectionism and Conditioning”, In T. Horgan and J. Tienson (eds.), Connectionism and the Philosophy of Mind, Dordrecht: Kluwer, pp. 167–95.
  • Manning, Richard N., 2014, “Sellarsian Behaviorism, Davidsonian Interpretivism, and First Person Authority”, Philosophia: Philosophical Quarterly of Israel, 42(2): 433–456.
  • Meehl, P. E., 1978. “Theoretical Risks and Tabular Asterisks: Sir Karl, Sir Ronald, and The Slow Progress of Soft Psychology”, Journal of Consulting and Clinical Psychology, 46: 806–34.
  • Meichenbaum, D., 1977. Cognitive-Behavior Modification, New York: Plenum.
  • Melser, D., 2004. The Act of Thinking, Cambridge, MA: MIT Press.
  • Montague, R. and Berns, G., 2002. “Neural Economics and the Biological Substrates of Valuation”, Neuron, 36: 265–284.
  • Nestler, E. J. and Malenka, R. C., 2004. “The Addicted Brain”, Scientific American, 290: 78–85.
  • Place, U. T., 2000. “The Causal Potency of Qualia: Its Nature and Its Source”, Brain and Mind, 1: 183–192; reprinted in Graham and Valentine 2004.
  • Quine, W., 1960. Word and Object, Cambridge, MA.: MIT Press.
  • Rachlin, H., 2000. The Science of Self-Control, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Rey, G., 1997. Contemporary Philosophy of Mind: A Contentiously Classical Approach, Oxford: Blackwell.
  • Rescorla, R. A., 1990. “The Role of Information about the Response-Outcome Relationship in Instrumental Discrimination Learning,” Journal of Experimental Psychology: Animal Behavior Processes, 16: 262–70.
  • Rimm, D. C. and Masters, J. C., 1974. Behavior Therapy: Techniques and Empirical Findings, New York: Academic Press.
  • Robinson, T. E. and Berridge, K. C., 2003. “Addiction” Annual Review of Psychology, 54: 25–53.
  • Roediger, H. and Goff, L., 1998. “Memory”, in Bechtel and Graham (eds.) 1998.
  • Ross, D., Sharp, C., Vuchinich, R., Spurrett, D., 2008. Midbrain Mutiny: The Picoeconomics and Neuroeconomics of Disordered Gambling, Cambridge, MA: The MIT Press.
  • Ryle, G., 1949. The Concept of Mind, London: Hutchinson.
  • Schwartz, B. and Lacey, H., 1982. Behaviorism, Science, and Human Nature, New York: Norton.
  • Sellars, W., 1963. “Philosophy and the Scientic Image of Man”, in Science, Perception, and Reality, New York: Routledge & Kegan Paul, pp. 1–40.
  • Skinner, B. F., 1948. Walden Two, New York: Macmillan.
  • –––, 1953. Science and Human Behavior, New York: Macmillan.
  • –––, 1971. Beyond Freedom and Dignity, New York: Knopf.
  • –––, 1974. About Behaviorism, New York: Vintage.
  • –––, 1977. “Why I am not a Cognitive Psychologist”, Behaviorism, 5: 1–10. (This journal is now known as Behavior and Philosophy.)
  • –––, 1984a. Abstract for “An Operant Analysis of Problem Solving”, Behavioral and Brain Sciences, 7: 583.
  • –––, 1984b. “Coming to Terms with Private Events”, Behavioral and Brain Sciences, 7: 573–581.
  • –––, 1985. “News from Nowhere, 1984”, The Behavior Analyst, 8: 5–14.
  • Smith, L., 1986. Behaviorism and Logical Positivism: A Reassessment of Their Alliance, Stanford, CA: Stanford University Press.
  • Stahl, J. R. and Leitenberg, H., 1976. “Behavioral treatment of the chronic mental hospital patient”, in Leitenberg (ed.) 1976.
  • Stich, S., 1984. “Is Behaviorism Vacuous?,” Behavioral and Brain Sciences, 7: 647–649.
  • Tolman, E. C., 1938, “The Determiners of Behavior at a Choice Point,” Psychological Review, 45: 1–41.
  • Tripodi, Paolo, 2011, “Revisiting the Myth of Jones: Sellars and Behaviorism”, History of Philosophy Quarterly, 28(1): 85–105.
  • Watson, J., 1913. “Psychology as a Behaviorist Views It,” Psychological Review, 20: 158–77.
  • –––, 1930. Behaviorism, Norton: New York.
  • Wells, A., 2000. Emotional Disorders and Metacognition: Innovative Cognitive Therapy, Chichester: John Wiley & Sons.
  • West, R., 2006. Theory of Addiction, Blackwell: Oxford.
  • Wittgenstein, L., 1953/1968. Philosophical Investigations, trans. G. E. M. Anscombe, Oxford: Basil Blackwell.
  • Zuriff, G., 1985. Behaviorism: A Conceptual Reconstruction, New York: Columbia University Press.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.

Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.

Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).

Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

Association for Behavior Analysis International

Twin Oaks Community, Virginia

مداخل ذات صلة

cognitive science | connectionism | qualia

جدول المصطلحات

السلوكيةBehaviorism1
السلوكيbehaviorist2
السلوكية الراديكاليةRadical behaviorism3
الاتجاهAttitude4
العقيدة    Doctrine5
تمجيدEnthroned6
ميتافيزيقيا السلوك البشري والحيواني ميتافيزيقيا السلوك الانساني والحيواني    Metaphysics of human and animal behavior7
العقل الداخليInner mind8
التسميات الاصطلاحيةNomenclature9
نظرية معياريةNormative theory10
الكائنات الحيةOrganisms11
المنبهات    Stimuli12
الوضعية المنطقيةLogical positivism13
البرهنةVerificationism14
ثنائية المادةSubstance dualism15
العقل غير المادي  The immaterial mind16
السلوك الذكيIntelligent behavior17
تكييفConditioning18
الفعالةOperant19
ثورة العلوم الذهنية Cognitive science revolutionCognitive science revolution20
التحليل التجريبي للسلوكThe experimental analysis of behavior21
التحليل الوظيفيFunctional analysis22
العلاج السلوكيBehavior therapy23
الأطفال المصابين بالتوحدAutistic children24
الحسابات الذهنية Mentalistic accountsMentalistic accounts25
مناهضة للفطريةAnti-nativist26
المعالجة الموزعة المتوازيةParallel distributed processing27
صورة سردية    Narrative picture28
علماء السلوك الذهني Cognitive ethologistsCognitive ethologists29
علماء النفس المنظومي Ecological psychologistsEcological psychologists30
علماء الأعصابNeuroscientists31
فرضية العقل الممتد Extended Mind Hypothesis (EMH)Extended Mind Hypothesis (EMH)32
الفسيولوجية العصبية والظروف البيولوجية العصبية  Neurophysiological and neurobiological conditions33
اكتساب اللغةAcquisition of language34
الانطلاق المعجميLexical explosion35
الأنشطة العصبيةNeural activities36

[1] Graham, George, “Behaviorism”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Spring 2019 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/spr2019/entries/behaviorism/>.