الكاتب | نورمان أجاري |
ترجمة | السعيد السخيري |
اكتشفت عمل فرانز فانون عندما كنت في البرازيل في تبادل جامعي لفصل واحد. هناك، كان من المفترض أن أدرس كتابا كلاسيكيين كبرغسون، فيتغنشتاين أو دولوز. لكن كنت قد أخذت معي أيضا بعض كتب لكتاب سود. كنت أظن بأن هذه المواجهة مع سياق آخر، ومع ثقافة أخرى، كانت فرصة بالنسبة لي، لكي أكتشف آفاقا أخرى، أنا الذي درست بشكل أساسي الفلسفة التقليدية الأوروبية، القارية. ذات ليلة بينما كنت أقرأ “بشرة سوداء، أقنعة بيضاء”، أجهشت بالبكاء. هذه الصفحات كانت تجد صدى كبيرا في حياتي، في تجربتي الشخصية!
أتذكر أنني ببساطة انهرتُ. كان بالضبط فصل “الرجل الملون والمرأة البيضاء”. الذي يحلل فيه فانون رواية لروني ماران René Maran {1887-1960، جائزة الغونكور 1921}، (رجل كما الآخرين Un homme pareil aux autres) {1947}، والتي شخصيتها الرئيسية أنتيليٌّ مستقر في بوردو منذ سنوات عديدة. ما يهم فانون بشكل خاص هو الانتكاسات العاطفية للشخصية: إنه يشرّح حالة تراجيدية جدا لعدم القدرة على الحب أو أن يُحَبّ. يكتشف الرجل الأسود بأن العلاقة الغرامية ليست بالنسبة له كما يفترض أن تكون، أي شيئا ينمو، ويؤنسن، بل على العكس هي شيء ينزع عنه الإنسانية. الرغبة التي يحملها تثقله، تسجنه في حالة من التخلي الوجودي. كل هذه العناصر أثرت فيّ ووسمتني بشكل عميق. انطلاقا من تلك اللحظة، حاولت أن أفهم بعمق فكر فانون.
ذو تكوين في الطب النفسي، يستعير فرانز فانون من التحليل النفسي مفهوم نزعة التخلي abandonnisme. إنه يتحدث عنه كعصاب يعاني منه الأشخاص المتخلى عنهم بعد فترة الولادة. وحدث أنني كبرت دون والدي الأسود الذي بالكاد عرفته وتمت تربيتي من طرف أم بيضاء. هذا خلق لدي فقدا لم أكن واعٍ به أبدا قبل قراءة فانون. بالنسبة له، المتخلى عنه يكون في حالة بحيث أن حب الآخر لا يكون أبدا كافيا، لا يستطيع أن يثق في أحد ويجب أن يكون دائما في حالة تأهب.
ليست مسألة التخلي هذه مسألة عرقية فقط، لكنها كذلك في جزء منها –حتى أن فانون لا يجعل منها مسألة عرقية بشكل خاص في تحليله لرواية روني ماران، فعلاقة الرجل الأسود بالآخرين، بالأشخاص الذين يحبهم، هي علاقة معقدة. قبالة الأشخاص الذين من المفترض أنهم يحبونك والذين ترغب في حبهم، شرط ووضع الأسود يضع داخل هوة وانفصال. فنحن نتكئ على تاريخ بشع للعلاقات الغرامية، تاريخ العبودية والكلونيالية اللذان لم يفتآ يجعلان الرجل الأسود موضوعا.
انتبهت إلى أنني كانت لدي تجارب غرامية لم تدم طويلا أبدا بفعل عقدة التخلي هذه لكن بفعل لون بشرتي أيضا. لم يكن المشكل بالنسبة لي أنني كنت دائما في حالة تأهب أو أنه لم يكن بإمكاني الاسترخاء. فزيادة على هذا، لم أكن أرى نفسي كائنا بشريا في أعين الآخر؛ الشخص المحبوب. عندما يعطيك الشخص الذي تحبه ألقابا عرقية، أو حتى عنصرية من نوع “بومبولا”، فهذا صعب. هذه علاقة لا تعتبر فيها كفرد بل كنمط، كنموذج من شيء آخر. الحب الذي يُكَنُّ للشخص الأسود في هذا العالم ليس شيئا يجعله فريدا لكنه شيء يجعل منه نموذجا قابلا للتكرر من نوع ما، النوع الأسود. هذا لا يحدث بانتظام، لكن من الصعب جدا أن تختبر تجربة خارج هذه الوضعية. وحين يحدث ذلك، فإنه يكون هشا. هذا ما يسميه فانون بالحب الأصيل.
مع ذلك لا يتعلق الأمر بعلاقة ضحية –شخص أسود- مع مجرم – شخص أبيض. ما يظهره فرانز فانون، هو أن الشخص الأسود، وخصوصا الذكر، يبحث عن اعتراف الآخر، وعن تأكيد وجوده: “إنه باحث، يبحث عن الهدوء، والإذن في أعين الأبيض”، كما كتب في بشرة سوداء، أقنعة بيضاء. هذا التوسيم من طرف الأبيض أو البيضاء يسمح بعد ذلك بالارتباط، وربما الحب، هذا الشيء المطمئن للغاية الذي يرسخ أخيرا الرجل الأسود داخل الإنسانية التي، ورغم كل شيء، يحس بأنه مرتبط بها. إذن ليس فقط واحد “شرير” مقابل الآخر لأنه أسود، لكن الأسود هو من يبحث عن التقبّل والاعتراف من خلال نظرة الآخر، ويتصرف من تمة كتابع. في هذه الوضعية، لا يوجد إذن مذنب. حتى أن الأشخاص يكونون غالبا ذوي نية حسنة.
ظروف الرجل الأسود عند فرانز فانون
منذ الصفحات الأولى من بشرة سوداء، أقنعة بيضاء، يذكر فرانز فانون “بُعد الرجل الأسود للآخرين”، مدققا بأن “الأسود له بعدان. الأول مع نظيره، والآخر مع الأبيض. الأسود يتصرف بشكل مختلف مع الأبيض ومع الأسود”. يمكننا أن نستشف هنا تأثيرا سارتريا. كان فانون يقرأ لـ جان بول سارتر إذا بنظرة إعجاب أكثر منها نظرة نقد. عندما التقيا سنة 1961 –كانت اللوكيميا قد أضعفت فانون كثيرا، ولم يبق له سوى بضعة شهور ليعيشها-، تحاورا لعدة أيام وعدة ليال متتالية. طلب فانون من سارتر أن يكتب مقدمة لكتابه “معذبو الأرض”، المقدمة التي أثارت ضجة حاجبة شيئا ما المؤلف الرئيسي.
رأى سارتر في الكتاب فعلا أن “قتل أوروبي هو إصابة هدفين بحجر واحد، إزالة ظالم ومظلوم في نفس الوقت: والباقي رجل ميت ورجل حر”. إضافة إلى المقولتين السارتريتين عن الوجود من أجل ذاته (نمط وجود الكائنات الإنسانية) والوجود في ذاته (نمط وجود الأشياء)، يشير فانون في بشرة سوداء، أقنعة بيضاء إلى نمط وجود خاص بالأسود، الذي يعيش في عالم حيث أوهام البيض لها قيمة موضوعية. من البديهي أنه ليس إشارة. لكنه يعيش في عالم حيث يتم تصوّره من طرف الآخرين كإشارة، كمغتصب، وحش، بقيمة موضوعية، وكل شيء يجري كما لو أنه كان كذلك. ومحاولته الفردية لأن يعمل على صنع حريته، بأن يخرج من هذه التمثلات، غير كافية لكي تكسر، ولكي توقف هذه اللعنة. يحذّر فانون:
“لقد انفجرتُ، وها هو ذا من شظايا انفجاري، أنا آخر يتشكل”.
فرانز فانون
هذا يعني أنه ليس هو من يؤول انفجاره الخاص، ثورته، احتجاجه ضد العالم. إنه في وضعية عجز في علاقته مع هذه الوقائع. وهذا هو :”الوجود لأجل غيره”: وجود محروم من استقلاليته، تابع بشكل أساسي، وبالتالي محروم من قدرته على أن يكون له معنى، لأنه متجه صوب رضا الأبيض.
المشكلة عند فرانز فانون هي معرفة ما الذي نرغب فيه حقا عبر الرغبة في الآخر. البحث عن الاعتراف هو تصرف أمكنه ملاحظته في العديد من المرات عند عدد من الحالات. انتهى به الأمر إذن إلى الانكباب على البنى التي يغوص داخلها الأفراد. حيث أنه خلال تجاربه العلاجية في الجزائر أدرك أن الكلونيالية تنتج ذواتا مريضة. ليس السبب في ذلك عدم استكشاف تقنيات علاجية تجعل فضاءات تبادل بين معتقدات المرضى ومعارفه الطبية، ومناطق احترام لأناهم وتقاليدهم. فلا واحدة من هذه التجديدات كانت ناجعة على المدى البعيد، هؤلاء المرضى كانوا يعودون إليه دائما بنفس الأعراض، ففي النهاية، العلاج الفردي لا يمكنه أن يتصدى للسياق الكلونيالي العام والذي هو في عمقه مسبب للمرض. إذ أن التجربة اليومية للامساواة، للتمييز، للفصل، للإهانات، لتجريد المرء من ذاته، من ممتلكاته وثقافته؛ هذا يسبب الجنون!
يمرض الأشخاص لأن محيطهم مريض. في أوضاع العنصرية والعنف البنيوي هذه، العلاج الفردي لا يمكنه أن يكفي. من هنا ينبثق التزام فانون لصالح مناهضة الاستعمار في الجزائر، ثم العالم الثالث. لقد انخرط فانون في جبهة التحرير الوطنية الجزائرية (FLN)، من خلال المساهمة الفعالة في الجهاز الصحفي أو بمنحه تكوينا نظريا للمسيرين. كما كان سفير جبهة التحرير الوطني في أكرا بغانا. وهذه ليست صدفة: فهذا البلد كان الأول في إفريقيا السوداء الذي حصل على استقلاله وكان محركا لأفكار الوحدة الإفريقية، التي كان فانون مؤيدا لها أيضا. في نظره، كانت هذه هي الفرصة لإيقاف النظرة الأوروبية الإمبريالية للتاريخ.
الجنون كحرية؟ في الوقت نفسه الذي كان يفكر فيه في شروط استلاب المستعمَرين، يؤيد فانون الفكرة السارترية بأن الكائن الإنساني محكوم بأن يكون حرا. لكن كيف سيبيّن الاستلاب البنيوي والحرية الفردية، مع العلم أن سارتر ناقد متحمس للتحليل النفسي ولمفهوم اللاوعي؟ حاول فانون أن يعيد اعتبار الحرية السارترية من زاوية القدرة على الفعل، القدرة المغيرة، التي تمت إعاقتها في السياق المسبب للمرض كما هو الحال في السياق الكلونيالي. فهم بأنه، بالنسبة للمريض، المعاناة من العصاب لا تؤدي إلى إلغاء حريته. فهذا النوع من المرض لا يسلب بالمعنى الذي يعزل فيه من يعاني منه عن بقية العالم. على العكس، فالمجنون يعبر عن حريته، وقدرته على الفعل عن طريق ما نؤوله عامة كأعراض للجنون- هذيان، حركات، أقوال غير منظمة -.
بعد خوض تجربة نهاية عالمه، تجربة شيء ما قاس ومباغت، شيء عنيف جدا، يكون الانهيارَ الدائم لما يشكل واقعه. فالمريض الذي يصير مجنونا بعد صدمة ما يحاول جاهدا أن يعيد عالمه إلى مكانه، وأن يجد وضعا مستقرا، وهذا ما نؤوله كأعراض للجنون. إنه يخترع خطابا، ويصنع سلوكيات بديلة وكذلك العديد من المحاولات للتشبث بحريته.
الوضع الكلونيالي متشابه: الحرية أو التعبير عن قدرة المستعمَر لا تتوقف، ولكنها تصطدم بحواجز. فإذا اراد الدخول إلى جزء من المدينة حيث يقطن المستعمِرون، يجب عليه المرور من نقطة تفتيش. كما يصف فرانز فانون ذلك في “معذبو الأرض”، وفي أفضل الأحوال، تتم مرافقته إلى الخارج، أما في أسوأ الأحوال، فيتعرض إلى التعنيف، أو حتى إلى القتل. إذا كانت حرية المستَعمَر يمكن أن تكون أنطلوجية، ومرتبطة بوجود الفرد نفسه كما يلاحظ ذلك سارتر في “الوجود والعدم”، فإن الحواجز الخارجية، المادية كإهانة نقط التفتيش تنتهي رغم كل شيء إلى إنتاج حواجز نفسية. يظهر العصاب حين تنقلب قدرة المستعمَر على الفعل ضدّهُ. لأن رغبته في الحرية والتعبير عن كرامته يبقيان أقوى، يمكن أن يصل المستَعمَر إلى تحطيم ذاته نفسيا، حتى قبل أن يتم تحطيمه ماديا من طرف السياق الذي يحيا فيه.
- قراءة في كتاب سوسيولوجيا الفن
- المشكلة مع الذكاء: تاريخ قيمته المحملة ومستقبل الذكاء الصناعي
- أدب ما بعد النكبة الفلسطينية: فعل مقاومة
وهم الكونية
في التقليد الفلسفي الغربي الكلاسيكي، يغطي مفهوم الكرامة فكرة مفادها أن كل حياة إنسانية لها قيمة في ذاتها وغير قابلة للحساب. وهي الفكرة التي يجعل منها كانط على وجه الخصوص محور إيتيقاه في “تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق”. يكمن المشكل، في أنه يستل بهذا المفهوم الكرامة من التاريخ. عندما ننظر بالتفصيل إلى الطريقة التي تشكل بها مفهوم الكرامة، وكيف تجلى خلال التاريخ، نرى أنه كانت هناك دائما استثناءات للكونية المعلنة. وغالبا، هذه الاستثناءات مرتبطة بالعرق، المثال الأكثر شهرة هو إعلان استقلال الولايات المتحدة، الذي يَعْتَبِرُ، وكأنه أمر تلقائي، بأن الإنسانية جمعاء قد خلقت متساوية. بيد أن هذه الجملة قد كتبت من طرف الآباء المؤسسين الذين كانوا جميعهم تقريبا يمتلكون عبيدا. قد يتم وضع مفهوم الكرامة باعتباره كونيا، لكنه ما فتئ يُنْكَرُ ويتناقض مع الوقائع والحقائق الإمبريقية الأكثر واقعية.
كانط هو أول من أبدى تحفظات على كونية مفهومه:
"زنوج إفريقيا لم تمنحهم الطبيعة أيّ إحساس يسمو فوق الوضاعة. (...) من بين البيض على العكس، من الثابت أن البعض يرتقون من أدنى العامة ويكتسبون اعتبارا معينا في العالم، بفضل تميز مواهبهم العليا. كم هو أساسي الاختلاف بين هذين العرقين الإنسانيين ! ويبدو الفرق الكبير بوضوح في تفاوت القدرات العقلية بقدر ما هو واضح في لون البشرة."
(ملاحظات حول الإحساس بالجميل والجليل). بالتأكيد، فالسود يشاركون في الكرامة الإنسانية. لكن بفعل غبائهم وبلاهتهم الأساسيين، ليس لهم مدخل إلى العقل الذي يمكنهم من أن يفهموا هذا الأمر: كانط لا يقول شيئا آخر. الزنوج هم بالأساس ذوي كرامة دون أن تكون لديهم الإمكانية لكي يختبروا ويشعروا بهذه الكرامة.
بعد قراءة فرانز فانون، أدركتُ أنّ الكونية المزعومة لمفهوم الكرامة لا تُجدي: ننسى بخصوصها بشكل نسقي التاريخ. الفلاسفة الغربيون يعتبرونها خاصية للكائنات الإنسانية مهما كانت ولا يرون أنها يجب أن تكتسب بالنسبة لبعض الشعوب، إلى غاية المقاومة العنيفة أحيانا. يجب على المستعمَر أن يحقق كرامته، أن ينشئها داخل واقع اجتماعي وتاريخي مجسّد. معتبرا أن الإيتيقا ليست جزءا من التاريخ بل هي جزء من تحليل بارد يتخذ مسافة من التوقعات الأخلاقية التي يمكن أن يكنها بعضنا تجاه البعض الآخر، حيث نكون عرضة لمأزق فقدان الوضعية الخاصة لبعض الفئات من الشعوب، تلك المستعمَرة على سبيل المثال. الكرامة شيء يبرهن عليه ويتم تحقيقه داخل التاريخ، وهي جهد بالنسبة للسود.
مقابل مفهوم الكرامة الإنسانية يضع فانون كبديل مفهوم كرامة الأرض، وهذا بحسب رأيه، لأن الشخص الإنساني الكوني المتَصَوَّرُ خيالٌ: قد يكون في قلب تقليدنا الفلسفي، لكن لم يسبق لشخص أن رآه ! هذا الخيال يستبطن كون حامل هذه الكرامة ليس فردا من لحم ودم، إنه ليس أنتم ولا أنا، لكنه الشخص الإنساني، أي أنه تجريد عقلي. هذا التجريد يفهم بالفعل القانون الأخلاقي ويعلم أنه لا يجب أن يمس الآخرين بأذى، وأن نتائج أفعاله يجب أن تتوافق مع بعض المبادئ.
إنه هيئة مجردة تضاف إلى الكائن الإنساني الإمبريقي، إلى الفرد الفاني، لكن الفرد الفاني، بدوره إذا كان أسودَ، فليست له كرامة. كل شيء في تجربته وفي الصورة التي نرجع إليه- الأسود الكريه، لا عقلاني، يمارس السحر، يأكل أي شيء كان- تُموقِعه بعيدا جدّا عن الكرامة. يلزمه أن يقوم بمجهود جبار لكي يتخلص من هذا الوحل لكي يتاح له بأن يصل إلى هذا الشخص الإنساني الشهير.
يفضل فرانز فانون الكلام عن كرامة الأرض حتى يثير الانتباه إلى أن هذا المفهوم ليس فيه شيء مجرد بل ينتمي إلى لحمنا وإلى دمنا، مهما اعتبرنا أن هذا اللحم نتن، مقرف وقبيح. إنها طريقة لتسليط الضوء على الأرض المخرّبة، المسروقة، المنهوبة بواسطة الكلونيالية، التي رغم كل شيء تشترك في الكرامة مع المستعمَر. إنها ليست شخصية خيالية تنضاف إلى جسدنا وإلى وجودنا الإمبريقي هي التي تجعل لنا كرامة، إنه بالعكس تَجسُّدنا، وجودنا الأكثر واقعية، والأكثر جسديةً هو الذي يحددها.
المصدر: PHILOSOPHIE MAGAZINE n°142,Septembre2020