| الكاتب | أندري كونت سبونفيل |
| ترجمة | حسن بوجات |
التربية هي تحويل رجل صغير-نفس الشيء عند الولادة، أكثر أو أقل، من سلفه منذ عشرين ألف عام- إلى كائن إنساني متحضر. وهذا يقتضي أن ننقل إليه ما أمكن أفضل وأنفع ما قامت به الإنسانية، أو ما تحكم عليه بأنه كذلك : بعض المعرفة وآداب التصرف أو السلوك [savoir-faire] (بدءا من القول)، وبعض القواعد، والقيم، والمثل، وأخيرا الوصول إلى بعض الكتب والقدرة على الاستمتاع بها. إن السمات المكتسبة ليست معنية بالانتقال الوراثي: يولد المرء ذكرا أو أنثى، ثم يصبح إنسانيا. إن الحرية ليست معطاة في أول الأمر. إنها لا تأتي بلا عقل، ولا عقل بلا تعليم : لا يولد المرء حرا، بل يصبح كذلك. هذا لا يحدث بلا حب، داخل الأسرة، ولكن ليست [حرية] من دون قيود؛ وكذلك وبشكل أقل لا يحدث في المدرسة، بلا عمل ومجهود وانضباط.
المتعة؟ لا يمكن للمرء أن يحصل على الكثير منها أبدا. ولكن هذه ليست المهمة الرئيسة للمدرسة ولا الأسرة. التربية هي، كلها تقريبا، إلى جانب مبدإ الواقع. إنها ليست استبدال الجهد بالمتعة، إنما مساعدة الطفل على العثور عليها، شيئا فشيئا، في الجهد المقبول والمتقَن.
اللعب؟ هو متعة ضرورية، مفيدة، ومكوّنة[ تكسب الطفل أمورا]. ولكن العمل هو الأروع، ويجعل المرء ينمو. وعلى كل حال، يلعب الأطفال وهم يعملون، بشكل مبكر جدا، وهذا يشير إلى الإتجاه بشكل كبير.
إن التربية ليست في خدمة الأطفال، كما نقول ذلك دائما تقريبا، بل هي في خدمة الراشدين الذين يريدونهم ويلزمونهم بأن يصبحوا [الآباء يحددون ما سيصبح عليه أبناؤهم].
ومع ذلك، فمن الوهم اعتقاد المرء بأن التربية يجب أن تصنع المستقبل. بأي حق يختار الآباء والبيداغوجيون الذين يسخَّرون للتربية، مستقبل الأطفال عوضا عنهم ؟ ليست الوظيفة الحقيقية للمدرسة صناعة المستقبل، إنما نقل الماضي. وهذا ما رأته “حنه آرندت” منذ سنوات 1950 :« المحافظة، تؤخذ بمعنى الحفظ (أفضل أن أقول : النقل) هو جوهر التربية…الحفاظ على كل ما هو جديد وثوري في كل طفل على وجه التحديد. ينبغي أن يكون التعليم محافظا.» (أزمة الثقافة، ٧)
وهذا ما رآه “آلان”[أيضا] منذ سنوات 1920 :« يجب أن يكون التعليم متخلفا بحزم، ليس رجعيا، بل العكس تماما. هو لأجل السير في الاتجاه المباشر ينبغي أخذ خطوة إلى الوراء. لأنه إذا لم نضع أنفسنا في اللحظة الماضية، كيف يمكننا تجاوزها؟ ( حول التربية). إن التقدم يتطلب النقل. دعونا لا نقوم بعملية مسح الماضي!
____________________________________
المصدر : كتاب المعجم الفلسفي ل اندري كونت سبونفيل(301/302).