مجلة حكمة
ويليام جيمس موسوعة ستانفورد للفلسفة

ويليام جيمس

الكاتبرسل قودمان
ترجمةفيحاء البصيص
مراجعةسيرين الحاج حسين
تحميلنسخة PDF
د. رسل قودمان
د. رسل قودمان

نص عن الفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس مترجم من في (موسوعة ستانفورد للفلسفة). ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في (خريف 2016)، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التعديل منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة. 


 

من هو ويليام جيمس؟

كان ويليام جيمس مفكرا أصيلاً في تخصصات الفيزيولوجيا وعلم النفس والفلسفة. وكان عمله الأبرز مبادئ علم النفس (1980)، والمكون من 12000 صفحة، مزيجًا غنيًا من علم وظائف الأعضاء، وعلم النفس، والفلسفة، وتأملاته الذاتية التي منحتنا أفكارًا مثل “تيار التفكير” وانطباع الطفل عن العالم على أنه “أحد الارتباكات المُزهِرة والصاخبة” (PP 462). إذ يحتوي هذا العمل على بذور براغماتية وفينومينولوجية، وقد أثّر على أجيال من المفكرين في أوروبا وأمريكا؛ منهم: إدموند هوسرل، وبرتراند راسل، وجون ديوي، ولودفيج فيتجنشتاين. درس جيمس في كلية لورانس للعلوم في هارفارد، وفي كلية الطب، لكن كتاباته كانت منذ البدء فلسفية بقدر ما كانت علمية؛ إذ تنبأ عملاه: بعض الملاحظات على مفهوم العقل كاستجابات عند سبنسر سنة 1878 وعاطفة العقلانية (1879،1882) بمستقبله المؤثر في البراغماتية والتعددية، واشتملا على أول خلجات منظوره القائل بأن النظريات الفلسفية انعكاسات لمزاج الفيلسوف.

يلمّح جيمس بقبسات من اتجّاهاته الدينية في أول مقالاته، وفي كتاب مبادئ علم النفس آنف الذكر، لكن تلميحاته تغدو أكثر جلاءً وتنصقل أكثر في إرادة الاعتقاد ومقالات أخرى في الفلسفة الشعبية (1879) وخلود النفس البشرية: اعتراضان مفترضان للخطاب (1898) وتنوع التجربة الدينية (1902) وكون متعدد (1909). تأرجح جيمس بين التفكير بأن “دراسة للطبيعة البشرية” كما في عمل تنوّع التجربة الدينية قد تسهم في تأسيس قواعد “علمية للدين”، وبين الاعتقاد بأن التجربة الدينية تشمل مجالاً فوق طبيعي بطريقة غير متاحة للعلم، لكن متاحة للفرد في ذاته.

قام ويليام جيمس ببعض من أهم إسهاماته الفلسفية في العقد الأخير من حياته. ففي تدفق كتابي بين عامي 1904-1905 (جُمعت فيما بعد في كتاب مقالات في التجريبية الراديكالية 1912)، بسط جيمس المنظور الميتافيزيقي المعروف غالبا بـ” الأحادية المحايدة”، حيث يوجد وفقا لهذا المنظور “شيء” واحد جوهري لا مادي ولا عقلي. أما في “كون متعدد” فيدافع جيمس عن المنظور الغيبي والمناهض للبراغماتية، بأن المفاهيم تشوه الواقع بدل كشفه. وفي كتابه المؤثّر البراغماتية (1907)، يقدم جيمس باطراد مجموعة من الآراء حول الحقيقة، والمعرفة، والواقع، والدين، والفلسفة. والتي تتغلل في كتاباته منذ نهايات سبعينيات القرن التاسع عشر فصاعدًا.


 

1. التسلسل الزمني لحياة ويليام جيمس

  • 1842. ولد في مدينة نيويورك، وهو الطفل الأول لهنري جيمس وماري والش. وتلقّى تعليمه من قبل معلمين خاصين، وفي مدارس خاصة في نيويورك.
  • 1843. ولد شقيقه هنري.
  • 1848. ولدت شقيقته أليس.
  • 1855-8. انتقلت عائلته إلى أوروبا، والتحق ويليام هناك بمدارس في جنيف، باريس، وبولوغن سور مير؛ وطوّر هناك اهتماماته في الرسم والعلوم.
  •  1858. استقرت أسرة جيمس في نيوبورت، رود آيلاند، حيث درس جيمس الرسم مع ويليام هانت.
  • 1859-60. استقرت الأسرة في جنيف مرة أخرى، حيث درس ويليام العلوم في أكاديمية جنيف؛ ثم عاد إلى نيوبورت عندما قرر ويليام أنه يرغب في استئناف دراسته للرسم.
  • 1861. تخلى ويليام عن الرسم ودخل مدرسة لورانس العلمية في جامعة هارفارد.
  • -1864.  دخل كلية الطب في هارفارد.
  • 1865. انضم إلى حملة الأمازون لمعلمه لويس أغاسيز، حيث أصيب بعدوى الجدري وبعد أن تماثل للشفاء سافر إلى الأمازون ليجمع عينات لمتحف أغاسيز للحيوان في هارفرد.
  • 1866. عاد إلى كلية الطب، عانى من إجهاد في العين، ومشاكل في الظهر، ومحاولات انتحار بسبب الاكتئاب أثناء خريف ذلك العام.
  • 1867-8. سافر إلى أوروبا من أجل العلاج وإكمال دراسته في درسدن، باد، تيبليتز، برلين، جنيف، باريس. درس الفيسيولوجيا في جامعة برلين، وأخذ يقرأ في الفلسفة، وعلم النفس والفيسيولوجيا (وندت، وكانط، وليسينج، وجوته، وشيلر، ورينان، ورينوفير).
  • 1869. حاز شهادة الطب ولكنه لم يمارسه أبدا، وعانى خريف ذلك العام من إكتئاب شديد.
  • 1870-1. يستمر الاكتئاب وسوء الحالة الصحية.
  • 1872. قبل عرض إليوت رئيس جامعة هارفارد لتدريس علم الفسيولوجيا المقارنة لطلبة البكالوريس.
  • 1873. قَبِل تعيينه لتدريس التشريح والفسيولوجي لسنة كاملة، ولكن أجّل التدريس لمدة عام للسفر في أوروبا
  •  1874-5. بدأ تبعليم علم النفس، و أسس أول مختبر لعلم النفس في أمريكا.
  • 1878. تزوج أليس هاو جيبنز ونشر “ملاحظات على مفهوم العقل كاستجابات عند سبنسر ” في مجلة الفلسفة التأملية.
  • 1879. نشر “عاطفة العقلانية” في مجلة العقل.
  • 1880. عين أستاذًا مساعدًا للفلسفة في جامعة هارفارد، وواصل تعليم علم النفس.
  • 1882. سافر إلى أوروبا والتقى بإيوالد هيرينغ، وكارل ستمب، وإرنست ماخ، وويلهلم وندت، وجوزيف ديلبويوف، وجان شاركو، وجورج وكروم روبرتسون، وشادورث هودجسون، وليزلي ستيفن.
  •  1884. حاضر حول “معضلة الحتمية”، ونشر “بعض الإهمال للسيكولوجيا الاستبطانية” في العقل.
  • 1885-1892. درس علم النفس والفلسفة في جامعة هارفارد: المنطق والأخلاقيات والفلسفة التجريبية الإنجليزية والبحوث النفسية.
  • 1890. نشر مبادئ علم النفس مع هنري هولت من بوسطن بعد اثنتي عشرة عاما من الموافقة على كتابته.
  • 1879. نشر “إرادة للاعتقاد” ومقالات أخرى في الفلسفة الشعبية.  وحاضر في “الخلود البشري”، نشر ذلك سنة 1989.
  • 1989. عرف نفسه بأنه براغماتي في “المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية ” في جامعة بيركلي بكاليفورنيا، وأصيب بمشاكل صحية في القلب.
  • 1899. نشر أحاديث للمعلمين عن علم النفس: وللطلبة عن بعض قيم الحياة، ومن ضمنها “حولَ عمى معين في الإنسان”، و “ما الذي يجعل الحياة تستحق المعيشة؟”، وأصبح عضوا نشطا في الرابطة المناهضة للإمبريالية، ومعارضا لسياسة الولايات المتحدة في الفلبين.
  • 1901-1902. قام بعدة محاضرات لغيفورد حول أصناف الخبرة الدينية في أدنبرة ونشرت عام 1902.
  • 1904-1905. نشر “هل الوعي موجود؟” و”عالم من الخبرة الخالصة”، و”كيف يمكن لعقلين أن يعرفا الشيء نفسه” و”هل التجريبية الراديكالية ذاتوية؟” و”مكان الحقائق العاطفية في عالم من الخبرة الخالصة” في مجلة الفلسفة وعلم النفس والمناهج العلمية. أعيد طبع كل شيء فيما بعد في مقالات في التجريبية الراديكالية سنة 1912.
  • 1907. استقال من هارفارد، ونشر البراغماتية: اسم جديد لبعض الطرق القديمة في التفكير المبنية على محاضرات ألقاها في بوسطن وكولومبيا.
  • 1909. نشر كون متعدد، استنادا إلى محاضرات هيبرت التي ألقاها في إنجلترا، وفي جامعة هارفارد في العام السابق.
  • 1910. نشر التعدد الروحاني في مجلة هيبرت وتوقف عن محاولاته لإتمام “نظام” الفلسفة (نشر الجزء المكتمل من مخطوطته بعد وفاته كما نشرت أيضا بعض مشاكل الفلسفة). توفي بسبب مرض القلب في بيته الصيفي، في تشوكوروا، نيو همشاير.

2. أعماله ويليام جيمس الأولى

ملاحظات على تعريف سبنسر للذهن كاستجابة (1787)

بالرغم من أن جميس كان رسميا أستاذًا في الفلسفة حين نشر الدراسة، إلا نقاشه عن هيربرت سبنسر فتح موضوعات مميزة لفلسفته، كأهمية الدين، والعواطف، وتنوع الاستجابات البشرية للحياة، وفكرة أننا نساهم في “خلق” الحقائق التي نشكلها (E, 21). آخذا منظور سبينسر بأن تكيف الكائن الحي مع البيئة هو الصفة الأساسية للتطور العقلي. يتهم جيمس سبنسر بأنه يعكس رؤيته بشأن ما ينبغي أن يكون ظاهرة يزعم وصفها. يؤكد جيمس أن البقاء ليس سوى واحدة من الاهتمامات العدة التي يملكها البشر: “العواطف الاجتماعية وكل الصيغ المتنوعة من اللهو والايحاءات المثيرة للفن ومسرات التأمل الفلسفي والراحة في العاطفة الدينية والبهجة في استحسان الذات الأخلاقي، وسحر الجاذبية والفطنة –  بعض تلك أو كلها مطلوبة لجعل اعتبار الوجود البحت محتملة،” (E,13). ويتمسك جيمس بأننا كلنا مخلوقات غائية في الأصل، كل منا بمجموعة من القيم والفئات البديهية. أما سبنسر “فإنه ببساطة ينحاز للغاية telos التي يفضلها” (E, 18).

يظهر مفهوم جيمس للتجريبية المميزة في زعمه بأن القيم والتصنيفات تقرر عبر المجادلات في التجربة الانسانية وأن تضاربها “يمكن أن يحل فقط عبر التطبيق وليس بأي تعريف فرضي.” ويخلص “بأن المعادلة التي تملك المصير الاكبر هي المعادلة الصحيحة،” (E, 17) بيد أن جيمس يريد الدفاع عن اعتباره بأن أي معادلة كهذه ستُحدد من خلال عقل إنساني حر التصرف ومن خلال العالم على السواء، وهو موقف يعرفه لاحقا (في البراغماتية) بـ “الإنسانية: “يمتلك العقل منذ الولادة وصاعدا العفوية وصوت. وهو في اللعبة وليس مجرد متفرج ولا يمكن نزع أحكامه لما يجب ومثالياته من جسد المفكر كما لو أنها زوائد. (E,12).

عاطفة العقلانيية (1882، 1879)

نشر محتوى هذا المقال لأول مرة في العقل سنة 1879، ومن ثم في مجلة برينستون 1882، وبعد ذلك أعيد نشره في إرادة الاعتقاد ومقالات أخرى في الفلسفة سنة 1897. وبالرغم من أنه لم يقل صراحة بأن العقلانية عاطفة، إلا أنه يرى أن العاطفة -مجموعة من العواطف حقا – “علامة” العقلانية. يكتب ويليام جيمس بأن الفيلسوف سيتعرف على عقلانية مفهوم ” كما يتعرف على أي شيء آخر، عبر علامات موضوعية تؤثر به. حين يحصل على العلامات، سيعرف بأنه حصل على العقلانية.” تشمل هذه العلامات “شعور شديد بالبساطة والسلام والراحة” (WB57)، و “شعور بالاكتفاء في اللحظة الحالية وكمالها” (WB58).

كما هناك “شغف للتقتير” يُحس في القبض على توحيد نظري وشغف لتمييز “ولاء للجلاء وتماسك المنظور، مقت الخطوط الضبابية للتعريفات المبهمة” (WB59). يرى جيمس بأن الفيلسوف المثالي يدمج بين هذين الشغفين للعقلانية، حتى أن بعض الفلاسفة العظماء يذهبون بعيدًا جدًا في اتجاه أو آخر: فوحدة كل الأشياء في مادة واحدة عند سبينوزا “عقيمة” كـ “‘كارتخاء وانفصال’ كل شيء”… (WB60).

 لا تعمل العاطفة العقلانية في المنطق أو العلم فحسب، بل في الحياة العادية أيضا. فحين نلج إلى غرفة ما على سبيل المثال، “لا نعلم هواء سيضرب ظهورنا وأي الأبواب ستفتح وما أي الأشكال ستدخل وأي الأغراض المثيرة يمكن العثور عليها في الخزائن والزوايا”. تعمل هذه الشكوك الطفيفة “كمثيرات عقلية” تختفي عندما نعرف طريقنا حول الغرفة و”نشعر بأننا في بيتنا” هناك – (WB67-8).

يبدأ وليام جيمس جزءه الثاني من المقالة بتأمل الحالة الحاصالة حين “ينساب مفهومان متكافئان بطريقة متساوية لإرضاء المتطلب المنطقي” للسلاسة أو للوحدة. ويرى بأنه ينبغي على المرء عند هذه النقطة أن يعتبر المكون “العملي” للعقلانية. المفهوم الذي “يوقظ الدوافع الفعالة، أو يفي بالمتطلبات الجمالية أكثر من الأخرى، سيكون له الأفضلية، وسيُعتبر المفهوم الأكثر عقلانية وسينتصر باستحقاق” (WB66). يضع جيمس هذه النقطة كمفهومين أحدهما سيكولوجي: التنبؤ بما سيحدث، وثانيهما كحكم: يرى بأنه سينتصر “باستحقاق”.

وكما في مقالته عن سبنسر، يستكشف ويليام جيمس العلاقات بين الأمزجة والتنظير الفلسفي. إذ يرى أنه “سيتم اختيارها من قبل شخص بتشكيل عاطفي ومادي بآخر. توفر المثالية حسًا بالحميمية مع الكون، الشعور النهائي بأني “أنا كل شيء”. لكن يجد الماديون في المثالية “هواء غرفة ضيق، منغلق، وسقيم” ويفضلون إدراك كون غير متوقّع، وخطر، وجامِح لا يملك “احتراما للأنا. يفكر المادي” دع “الأمواج تجري، حتى لو أنها تجري فوقنا” (WB67). جيمس متعاطف مع فكرة أن الكون شيء يمكن الحميمية معه، وفكرة أنه جامح وغير متوقع. إذا انتقد المثالية “لهواء الغرفة السقيم”، فهو ينتقد الصيغ الاختزالية للمادية لإنكارها “أكثر قوانا حميمية…كل الاتساق في الشؤون الكونية” (WB71). إن الحميمية والجموح المصورة في تلك الفلسفتين المتعاكستين تعود إلى النزعات والعواطف والطاقات في البشر. يتكهن جيمس بأن “النزاع” بين هاتين الصيغتين من “المزاج العقلي” سيُرى دائما في الفلسفة (WB76). هو بالتأكيد يرى دائما في فلسفة جيمس.

3. مبادئ علم النفس

في 1878، وافق ويليام جيمس أن يكتب كتابا في علم النفس للناشر الأمريكي هنري هولت، لكنه استغرق اثني عشر عاما لينتج المسودة، وعندما فرغ منها وصفها لهولت بأنها “كتلة كريهة، وحقيرة، ومنتفخة، ومتورمة، ومصابة بالاستسقاء، ولا تشهد إلا على أمرين: لا وجود لـ “علم” في النفس وأن و. ج.  “عاجز” (رسائل ويليام جيمس، حررها هنري جيمس، بوسطن: ليتل، براون، 1926، صفحة: 393-4). ومع ذلك، تبين أنه هذا العمل المكون من ألف صفحة في علم النفس والفسيولوجي والفلسفة هو أروع أعمال جيمس، محتويا على باكورة أفكاره الفلسفية الرئيسية في فصول غنية، وبشكل غير اعتيادي، مثل “تيار الوعي” و”الوعي بالذات” و”العاطفة” و”الارادة” ومواضيع عديدة أخرى.

يخبرنا ويليام جيمس بأنه سيتبع المنهج النفسي للاستبطان كما في مبادئ علم النفس، الذي يعرفه فيه بأنه “النظر في داخل أذهاننا والإبلاغ عما نكتشفه هناك” (PP185). في الواقع، يستخدم جيمس عددا من التوجهات المنهجية في الكتاب. فمنذ البداية، يشمل الكتاب فصولا في “وظائف الدماغ” و “بعض الظروف العامة لنشاط الدماغ” التي تعكس سنواته كمحاضر في علم التشريح والفيسيولوجيا في هارفارد، ويجادل عن الأطروحة الاختزالية والمادية أن العادة ” في الأساس مبدأ مادي” (PP110). وأثناء مضي الكتاب، ينخرط جيمس في مناقشات مع فلاسفة ككانط وهيوم في فصله المكون من مائة صفحة عن الذات، ويجد نفسه يقوم بمزاعم ميتافيزيقية تتنبأ بكتابه اللاحق البراغماتية، كمثل قوله: “لا توجد خاصية أساسية بالتأكيد لشيء واحد”، فالخاصية نفسها التي تعد كنه الشيء في مناسبة ما، تغدو خاصية غير أساسية أبدا في مناسبة أخرى” (PP959).

 حتى “الاستبطان” يغطي مدى من التقارير. يناقش ويليام جيمس التجارب التي أداها معاصروه وندت وستومبف وفيشنر في مَعاملهم، والتي قادتهم إلى نتائج من قبيل” الأصوات أقل تمييزًا في حدتها من الأضواء” (PP513). لكن أتت العديد من ملاحظات جميس الاستبطانية الأكثر أهمية والأرسخ في الذاكرة من حياته الخاصة، على سبيل المثال:

ربما يكون إيقاع كلمة مفقودة قابعًا هناك دون صوت يرتديه. على الكل أن يعرف التأثير المُحيّر لإيقاع فارغ لترنيمة منسية، راقصة بلا هوادة في ذهن المرء، ساعية لكي تُملأ بالكلمات (PP244).
أباؤنا وأمهاتنا، زوجاتنا وأبناؤنا، عظامهم من عظامنا، ولحمهم من لحمنا. حين يموتون، جزء من ذاتنا يفنى. إن قاموا بأي خطأ فهو عارنا. إذا ما أهينوا، استشاط غضبنا جاهزًا كما لو أننا واقفون مكانهم (PP280).
هناك إثارة خلال نوبة البكاء لا تخلو من متعة لاذعة معينة تخصها؛ لكن يحتاج الأمر إلى عبقري في البهجة، كي يكتشف أي ذرة من الميزة الانعتاقية في الشعور بالحزن الجاف، المنكمش، والمتعطش (PP1061).
 "هل ستقبل به أم لا؟" هو أكثر سؤال ملح يُوجَّه إلينا على الإطلاق؛ نُسأل به كل ساعة من اليوم، وفيما يتعلق بكل كبيرة أو صغيرة، وعن أكثر الأشياء نظرية وعملية. نجيب بالقبول، وعدم القبول وليس بالكلمات. ما يدهش أن هذه الاستجابات البليدة تظهر أعمق أعضاءنا للتواصل مع طبيعة الأشياء (PP, p.1182).

يتناول ويليام جيمس في هذا الاقتباس الأخير معضلة فلسفية من منظور سيكولوجي. على الرغم من أنه يحجم عن الإجابة على السؤال عما إذا كانت هذه “الاستجابات” فعلا أعضاء عميقة للتواصل مع طبيعة الأشياء – ذاكرا فقط بأنها تبدو لنا كذلك – إلا أنه في أعماله اللاحقة، مثل: أنواع التجربة الدينية وكون متعدد يعترف، وإلى حد ما يدافع عن اعتقاده، بأن هذا السؤال يجب أن يجاب بشكل مؤكَّد.

في فصل “تيار الوعي” الذي استحق شهرته، يعتقد ويليام جيمس بأنه وفر اعتبارًا أغنى عن أولئك التجريبيين التقليديين مثل هيوم. إذ يعتقد أن العلاقات والأطراف المبهمة والميول تُختبر مباشرة (وهو رأي يدافع عنه لاحقا كجزء من “التجريبية الراديكالية”). يرى جيمس أن الوعي تيار، بدلا من تعاقب “الأفكار”. تختلط مياهه، ووعينا الفردي – أو كما يفضل أن يسميه أحيانا “وعي دون وعي الذات” – “غارق ومصبوغ ” في مياه الوعي دون وعي الذات أو بالفكر الذي يحيط به. لحياتنا النفسية إيقاع: هي سلسلة من التحولات وأماكن الراحة، من “الرحلات والجثوم” (236PP). نستريح عندما نتذكر الاسم الذي كنا نبحث عنه، نتحرك ثانية عندما نسمع ضجيجا قد يكون لطفلة تستيقظ من قيلولتها.

الاهتمام -وقريبه الانتباه – مكون رئيسي ليس فقط في أعمال ويليام جيمس النفسية، وإنما في الأبستمولوجيا والميتافيزيقيا التي تتسرب إلى نقاشه. يذكر جيمس في “تيار الوعي” أن الشيء هو مجموعة من الصفات “التي تحدث عمليا أو جماليًا لتثير اهتمامنا، والتي نمنحها على إثر ذلك أسماء راسخة (PP274). والواقع “يعني ببساطة العلاقة بحياتنا العاطفية والفاعلة… أيا كان الذي يثير اهتمامنا هو حقيقي” (924PP). إن قدرتنا على الاهتمام بشيء معين بدلا من شيء آخر هو بالنسبة لجيمس علامة على “العناصر النشطة في كل الوعي… شيء روحي… يبدو أنه يسعى للتكافؤ مع تلك الصفات والمحتويات، بينما يبدو بأنها توجد عبر إدراكه لها” (PP285).

وفي مواجهة التوتر بين الحتمية العلمية، وإيماننا بحريتنا واستقلاليتنا، يحاج جيمس – ليس كنفساني وإنما كالفيلسوف الذي صار عليه –  بأن العلم “يجب تذكيره باستمرار أن مقاصده ليست المقاصد الوحيدة، وأن نظام السببية الموحدة الذي ينتفع منه، وبالتالي له الحق في الافتراض، يمكن أن يكون محاطا بنظام أوسع لا يملك فيه مزاعمًا على الإطلاق” (PP1179).

يُظهِر ويليام جيمس في أوقات مختلفة من مناقشاته للوعي بأنه مادي اختزالي، ثنائي، وظاهري بدائي، وأخصائي نفسي محايد لا يجرؤ على النظر في الأسئلة الفلسفية. تكمن أكثر الطبقات الأصيلة لـ المبادئ في سعي جيمس لوصف “نقي” لتيار الفكر الذي لا يقتضي ضمنا بأن يكون عقلي أو مادي، وإنما هو سعي لا يمهد فقط “التجريبية الراديكالية” له، بل فيمونولوجية هوسرل كذلك. ففي فصله “الإحساس” مثلا، كابد جيمس إنكار أن الأحاسيس “في الذهن” ومن ثم ” بفعل خاص من جهتنا “تُسلَّم” أو “ترمى” لتظهر كما لو أنها واقعة في عالمنا الخارجي” (PP678). يحاج بأن تجاربنا الأصلية تتسم موضوعية، “فقط حين يتطور الانعكاس نصبح واعين بعالم باطني على الإطلاق” (PP679). بيد أن العالم الموضوعي المجرب بالأصل ليس العالم ذي العلاقات المكانية الذي نظن:

لا يشعر الطفل المولود حديثًا في بوسطن، والذي يحصل على إحساس من شعلة الشمعة التي تضيء غرفة النوم أو من دبوس الحفاض عما كانت هذه الاشياء تقع في خط طول 71 غرب وخط طول 42 شمال ....... تملأ الشعلة مكانها ويملأ الألم مكانه؛ بيد أن هذه الأماكن تُميَّز أو تُفَرَّق عن الأماكن الأخرى، إذ يأتي ذلك لاحقا، وإذ تلك الأماكن التي عرفت بالشعور أول مرة عناصر من مساحة عالَم-فضاء الطفل، والذي يرافقه طوال حياته (PP681-2).

يبدأ فصل ويليام جيمس “العادة” في مستهل الكتاب بأن العادة مسألة مادية لكن يختمه باعتبار آثارها الأخلاقية. يحاج جيمس أن قوانين الطبيعة نفسها العادات، “لا شيء عدا العادات الثابتة التي تتبعها أنواع بدائية مختلفة من المادة في أفعالها وردود فعلها تجاه بعضها” (PP109). العادات في دماغنا دروب للطاقة العصبية، كما الأنهار والجداول دروب تدفق المياه. أما على مستوى الجلد، حتى الندبة هي نوع ما من العادة “أكثر احتمالا للكشط والالتهاب ولأن تعاني الألم والبرودة من أي الأجزاء المجاورة” (PP111). وعلى المستوى النفسي كذلك، “يميل أي ترتيب متسلسل للفعل الذهني يتكرر باستمرار لأن يسرمد نفسه…” (PP116). العادات مفيدة في تقليص الانتباه الذي علينا تكريسه لأفعالنا، بالتالي سامحة لنا بتطوير “قوانا الذهنية الأعلى” (PP126).

وعلى المستوى الاجتماعي، فإن العادة “ترس المجتمع الهائل، أنفس عوامله محافظة. هي وحدها ما تبقينا جميعا ضمن حدود المرسومة، وتحفظ الأطفال الأثرياء من ثورات الفقراء الحاسدة”(PP125). تتعلق “الدواعي الأخلاقية لقانون العادة”(PP 124) كما يراها ويليام جيمس، في أي العادات نختار لنتطور ومتى؟ على العديد من العادات أن تبدأ مبكرا في الحياة: “بالكاد تُتعلم لغة عقب التحدث بعشرين دون لكنة أجنبية” (PP126). علينا أن نسعى جاهدين لجعل “الجهاز العصبي حليفنا بدلاً من عدونا ” بتشكيل كم من العادات الجيدة قدر استطاعتنا وفي أبكر وقت من الحياة ما استطعنا. حتى في الحياة لاحقًا، علينا الاحتفاظ بقدرتنا على الثبات على الهيئة بفعل ” شيء بلا سبب عدا أنك لا تود فعله” (PP130) كل يوم أو يومين.

يأتي الفصلان الجديران بالذكر “العواطف” و”الإرادة” لاحقًا في المبادئ. يعد الأول النظرية – عبر عنها أيضا الفيسيولوجي الدنماركي كارل لانج – أن العاطفة تتبع تعبيرها المتجسد عوضا عن أن تسببه: ” يقول المنطق: نفقد ثروتنا فنأسف وننحب؛ نقابل دبا فنخاف ونركض؛ يهيننا خصم فنغضب ونضرب. تقول الفرضية المُدافع عنها هنا بأن هذا النظام من الترتيب المتسلل خاطئ… تقول بأن أمر التسلسل غير صحيح.. بأننا نشعر بالأسف لأننا نبكي والغضب لأننا نضرب ونخاف لأننا نرتعش (PP1065-6). وفقا لـ ويليام جيمس، تكمن أهمية هذا المنظور في أن عواطفنا مربوطة بتعبيراتنا المتجسدة. ما يسأله هو هل سيكون أسى ” دون دموعه، ونشيجه، وخنقه للقلب، وضربه لعظمة الصدر؟”  يجيب بأنها ليست عاطفة، إذ ” أن العاطفة الخالصة من التجسد البشري بلا كينونة” (PP1068).

يعارض ويليام جيمس في فصله “الإرادة” نظرية المعاصر له ويلهلم وندت بأن هناك شعور واحد مميز –  “شعور االتعصيب “- الموجود في كل الأعمال المتعمدة.  وجد جيمس في استطلاعه على مدى من الحالات بأن بعض الأفعال تتعلق بفعل الخلاص أو طاقة عصبية خارجة بينما أخرى لا تفعل. على سبيل المثال:

أجلس على طاولة عقب العشاء وأجد نفسي بين الفينة والأخرى أخذ مكسرات وزبيب من الصحن وأتناولها. من المرجح أن عشاءي انتهى، وبالكاد أعي في حرارة الحوار بما أفعله؛ لكن إدراك الفاكهة والشعور الاعتباري بأني سآكلها يبدو بأنه يجلب الفعل حتميا. لا يوجد أمري صريح هنا بالتأكيد؛ ...(PP1131).

كما يحتوي فص “الارادة” على نصوص صادمة مهدت لاهتمامات في أنواع التجربة الدينية حول الأمزجة “تبدل القلب” و”يقظة الضمير”. يلاحظ ويليام جيمس بأن قد تؤثر تلك على “المقياس الكلي لقيم دوافعنا وبواعثنا” (PP1140).

4. مقالات في الفلسفة الشعبية

تجمع إرادة الاعتقاد ومقالات أخرى في الفلسفة الشعبية المؤثرة والتي نشرت سنة 1897، المقالات المنشورة سابقا خلال التسع عشرة سنة الماضية، بما فيها “عاطفة العقلانية” (نوقشت أعلاه) و”معضلة الحتمية” و”رجال عظماء وبيئاتهم” و”الفيلسوف الأخلاقي والحياة الأخلاقية”. نشرت المقالة في العنوان قبل سنتين فقط من صدور الكتاب – ثبتت أنها مثيرة للجدل لأنها توصي على ما يبدو بمعتقدات غير مسؤولة أو غير منطقية. كتب ويليام جيمس في وقت لاحق أنه كان ينبغي أن يسمي المقال “الحق في الاعتقاد” ليشير إلى نيته بتبرير حمل معتقدات معينة في ظروف معينة، وليس الزعم بأننا نستطيع (أو ينبغي) أن نؤمن بمعتقد بفعل الإرادة ببساطة.

يذكر ويليام جيمس بأنه يمكننا في العلم أن ننتظر نتائج التحقيق قبل أن نعتقد بالأمر، ولكن في حالات أخرى “مجبرين” في أن نأتي إلى بعض الاعتقادات وإن لم تصل كل الأدلة. لو كنتُ على سلسلة جبال منعزلة وتواجهني حافة جليدية لأعبرها ولا أعرف ما إذا يمكنني ذلك، لعلي سأكون مجبرا على اعتبار سؤال ما إذا يمكنني أوعلي الاعتقاد بأني سأعبر الحافة. هذا السؤال ليس مفروضا فحسب بل إنه “حاسم”: إذا أنا مخطئ يمكن أن أسقط لحتفيي، وإذا اعتقدت بشكل صحيح أني أستطيع عبور الحافة، فإن تمسكي بالاعتقاد يمكنه أن يساهم بنجاحي. يؤكد جيمس في حالة كهذه بأن لي “حق الاعتقاد” – تحديدا لأن اعتقاد كهذا قد يساعد بالإتيان بالحقيقة المُعتقد بها. تلك حالة “حيث لا يمكن أن تأتي الحقيقة على الإطلاق ما لم يوجد إيمان أولي في مجيئها” (WB,25).

يطبق ويليام جيمس تحليله على المعتقد الديني، وخاصة على الحالة المحتملة، حيث يعتمد خلاص المرء على الإيمان بالرب قبل أي دليل على وجوده. وفي مثل هذه الحالة يمكن تبرير الإعتقاد بالنتيجة التي يؤدي إليها امتلاك الاعتقاد. غير أنه يمد تحليله متجاوزًا المجال الديني، إلى مدى عريض من الحياة الإنسانية الدنيوية:

الكائن الاجتماعي من أي نوع هو ما هو عليه، لأن كل عضو يمضي بعمله واثقًا بأن الأعضاء الآخرين سيقومون بعملهم تلقائيا .... حكومة، جيش، نظام تجاري، سفينة، كلية، فريق رياضي، كلها موجودة على هذا الشرط، والذي ليس بدونه لا يمكن تحقيق شيء فحسب، بل حتى لا تتم محاولة أي شيء (WB24).  

الأسئلة الأخلاقية لحظية للغاية، ومن غير المرجح أن تعزز “بدليل حسي”. فهي ليست مسائل علمية ولكن “ما يسميها باسكال قلبنا” (WB22). يدافع ويليام جيمس عن حقنا في الاعتقاد بإجابات معينة على هذه الأسئلة بأي حال.

تحاول مقالة أخرى في المجموعة بعنوان “الاستجابة اللاإرادية والإيمان” التوفيق بين العلم والدين. يلمح تعبير لـ ويليام جيمس “الاستجابة اللاإرادية ” إلى الصورة البيولوجية للكائن الحي كمستجيب لأحاسيس بسلسلة من الأفعال. ففي الحيوانات العليا، تتدخل مرحلة النظرية أو التفكير في الاحساس والفعل، حيث هنا تنشأ فكرة الرب عند البشر. يؤكد جيمس أن هذه الفكرة استجابة إنسانية طبيعية، مستقلة عن أي دليل بأن الرب موجود، ويتوقع أن الرب سيكون “مركز جاذبية كل محاولات حل لغز الحياة “(WB116). ينهي المقالة بتعزيز “إيمان” يعرض “غموض مطلق على الأشياء، بعدا من الكينونة تنفد من القبضة النظرية” (WB143).

يحوي “إرادة الاعتقاد” على أكثر اعتبار متطور للأخلاق في “الفيلسوف الأخلاقي والحياة الأخلاقية”. تعتمد الأخلاق عند ويليام جيمس على الشعور- لا وجود دونها للمزاعم ولا الواجبات الأخلاقية. ولكن متى وجد الشعور، خلق الزعم، وحصلت الأخلاقية على “موطئ قدم في الكون” (WB198). على الرغم من أن جيمس يصر على أنه لا وجود لكينونة مشتركة في الأخلاق، إلا أنه يجد مبدءًا توجيهيًّا للفلسفة الأخلاقية في مبدأ أننا “نرضي في جميع الأوقات أكبر عدد من المتطلبات قدر المستطاع” (WB205). ويتحقق هذا الرضى بالعمل نحو “عالم أغنى… وخير يبدو الأشد ترتيبًا، والأكثر ملائمة للدخول في تجمعات مُركّبة، والأكثر عرضة ليكون عضوًا في كل أكثر شمولية” (WB210).

يقدم هذا العمل سلسلة من التجارب، بالطرق التي تعلمنا من خلالها أن نعيش (في غالب الأمر) دون “تعدد زوجات وعبودية وحرب خاصة وحرية القتل ومحاكم تعذيب وسلطات ملكية استبداديه” (WB205). ومع هذا، يرى جيمس أنه “لا يوجد شيء نهائي في أي توازن لمثل إنسانية معطاة، إذ قوانيننا وعاداتنا الحاضرة قاتلت وانتصرت على تلك الماضية، وستُطاح بدورها بأي نظام مكتشف حديثا والذي سيخرس الشكاوى التي لا زالت تنبثق منها، دون أن تنتج قوانين أعلى صوتا إلى الآن”(WB206).

يعرض مقال ويليام جيمس “حول عمى معين في البشر”، الذي نشر في كتابه أحاديث للمعلمين عن علم النفس: وللطلبة عن بعض قيم الحياة عام 1899، عنصرا هاما آخر من منظور جيمس الأخلاقي. العمى الذي يحاول جيمس جذب الانتباه إليه هو من إنسان إلى آخر، عمى يشرحه بقصة من حياته. أقبل جيمس بينما كان يتسلق جبال كارولينا الشمالية على منظر طبيعة مدمر بلا أشجار وصخور على الأرض ورقعة من الذرة هنا وهناك تنمو في ضوء الشمس. ولكن عقب الحديث إلى السكان المحليين، وبعد أن أجلوا الغابة لإفساح المجال لمزرعتهم، بدأ جيمس بالنظر من منظورهم (ولو مؤقتا): ليس كدمار وتجلٍ “للواجب والنضال والنجاح”.

يستنتج جيمس “كنت أعمى عن المثالية المخصوصة لظروفهم مثلما كانوا بالتأكيد عميا عن مثاليتي لو أنهم استرقوا النظر على طرق حياتي الأكاديمية الغريبة داخل الأبواب  داخل الأبواب في كامبريدج “(TT233-4). يصور جيمس في المقالة تعددا في المنظورات والتي يربطها بمضامين ميتافيزيقية/ أبستمولوجية وأخلاقية . يكتب بأن هذه التعددية:

تأمرنا بأن نتسامح ونحترم ونتساهل مع أولئك الذين نراهم مهتمين بطريقة مسالمة، وسعيدين بطريقتهم الخاصة، مهما كانت تلك غير مفهومة لنا. فلنكف أيدينا: فلا الحقيقة الكاملة والخير المطلق يتجليان لمراقب واحد، مع أن كل مراقب يكتسب تفوقًا جزئيًا من الموقف المعين الذي يقف عليه (TT264).

على الرغم من أن “عمى معين” هو عمل حول التسامح وتقدير وجهات النظر المختلفة، إلا أن ويليام جيمس يضع وجهة نظره الرومانسية الخاصة في اختياره للأبطال في المقال: إذ ووردسورث وشيلي، وإيمرسون، و و. هـ. هدسون، جميعهم قالوا بأن لديهم حس من “أهمية لا متناهية في الأشياء الطبيعية”(TT224). حتى في المدينة، هناك “معنى وأهمية لا جدال فيها” (TT254) في الأحداث اليومية من الشوارع والنهر وحشود من الناس. يشيد جيمس بويتمان، “الكهل المتسكع”، لمعرفته كيف يكسب من فرص الحياة الشائعة: فبعد صباح من الكتابة والاستحمام، يركب ويتمان الباص إلى برودواي من شارع 23 إلى مدينة “بولينق قرين” ويعود أدراجه للتمتع بالرحلة والمشهد فقط.”

يسأل جيمس: “من يعرف الحقيقة أكثر؟ “،”ويتمان من أعلى الباص العمومي، مليء بالفرح الداخلي الذي يلهمه إياه المشهد، أم أنت، الممتلئ بالازدراء الذي يبعثه الازدراء عبث عمله؟ “(TT252). قاد اهتمام جيمس بالحياة الداخلية للآخرين، وإهتمامه في كُتاب مثل تولستوي الذين يشارك الناس فهمه لما يحدث في حياتهم من “مد وجزر غامض” (TT255)، إلى الدراسة المطولة للتجربة الدينية الإنسانية التي قدمها كمحاضرات في جيفورد عام 1901 -2 ونشرت في تعدد التجربة الدينية سنة 1902.

5. تعدد التجربة الدينية

  يعتبر هذا الكتاب “دراسة في طبيعة الإنسان” مثلما كان مبادئ علم النفس ومثلما يشي العنوان الفرعي. إلا أنه بصفحاته الخمسمائة لا يغدو إلا نصف مبادئ علم النفس، متناسبا مع مداه الأكثر تقييدًا بالرغم من كون لا يزال كبيرا. فـ ويليام جيمس يدرس ذلك الجزء من الطبيعة البشرية التي هي تجربة دينية أو متعلقة بها. لم يكن اهتمامه بالمؤسسات الدينية أو الطقوس الدينية أو حتى في الأفكار الدينية غالب الأمر، ولكن في “المشاعر، والأفعال، وتجارب الأفراد البشر في عزلتهم فيما يسلمون أنفسهم للوقوف في علاقة أيا كان ذلك الذي يعتبرونه إلها” (V31).

 يضع ويليام جيمس جوهرًا أساسيًا للكتاب في الفصلين الأولين” الدين والعقلانية السليمة” و”الروح المريضة”.  الشخص المتدين ذو العقل السليم – ولت ويتمان أحد من أمثلة جيمس الرئيسية – يملك إحساسًا عميقًا بـ “صلاح الحياة” (V79) وروحا “زرقاء كصبغة السماء”(V80). يمكن للعقلانية السليمة لأن تكون لا إرادية، مجرد طبيعية لأمرئ، ولكن غالبا تأتي بصيغ إرادية. تمثل المسيحية الليبرالية على سبيل المثال انتصار للتسخير الحازم من أجل عقلانية سليمة على “لاهوت جهنم القديم” (V91).

كما اقتبس جيمس “حركة علاج العقل” لماري بيكر إيدي، حيث “الشيطان كذبة ببساطة، وأي أحد يذكره كاذب” (V107). أما “الروح المريضة” فعلى العكس، “يفوز الشيطان بجولاته” (V163). مهما يكن الأمان الذي يشعر به المرء، تجد الروح المريضة ” دون توقع في كل قاع نافورة من المتعة، كما قال شاعر قديم، شيء من المرارة يبزغ: لمسة غثيان والسقوط قتيلا من البهجة، ونفحة ملنخوليا….”  ليست هذه الحالات أحاسيس غير سارة ببساطة لأنها تجلب “شعورًا قادمًا من منطقة سحيقة، وغالبا ما تملك اقناعا مروعا”(V136).

أمثلة جيمس الرئيسية هي ليو تولستوي في كتابه “اعترافي”، وسيرة جون بونيان التي كتبها عن نفسه، وتقرير عن “فزع” مرعب -يُزعم أنه من مراسل فرنسي كتبه ولكن في الحقيقة هو من جيمس نفسه. بعض الأرواح المريضة لا تتعافى أبدا والبعض يتعافى وحتى ينتصر: هؤلاء هم “المولودون مرتين”. يناقش جيمس في فصلي: “الذات المنقسمة، وعملية توحيدها”، و “تحول” القديس أوغسطين، هنري الين وبنيان وتولستوي ومدى من المبشرين، مركزًا على ما يسميه ” حالة الاطمئنان” (V247) التي حققوها. وما هو جوهري في هذه الحالة هو “فقدان كل القلق والاحساس بأن كل شيء جيد مع المرء، السلام والانسجام والرغبة في البقاء بالرغم من أن الظروف الخارجية ستظل كما هي” (V248).

يعرض الفصل الكلاسيكي في كتاب تعدد “التصوف” “أربع علامات، إذا امتلكتها التجربة الدينية جاز لنا تسميتها بالصوفية…” (V380).  الأولى هي فوق الوصف: “تتحدى التعبير…على خاصيتها أن تجرب مباشرة؛ لا يمكن الإفصاح عنها أو نقلها للآخرين.” الثاني هي ” خاصية فكرية”: حالات صوفية تقدم نفسها كحالات معرفية. الثالثة، الحالات الصوفية عابرة. والرابعة، الأفراد غير فاعلين فيما يتعلق بها: لا يمكنهم التحكم بمجيئها وذهابها. وبهذه الحالات، ينهي ويليام جيمس الفصل بسؤاله، “نوافذ يطل العقل من خلالها على عالم أكثر امتدادا وشمولا؟” (V428).

يجد ويليام جيمس في فصلين بعنوان “الفلسفة” – كرس جزء كبير منه للبراغماتية –  و “الاستنتاجات”، بأن التجربة الدينية مفيدة بالمجمل، حتى أنها “من ضمن أهم الوظائف الحيوية للبشرية “، لكنه يعترف بأن ذلك لا يجعلها حقيقية. ومع ذلك، يصيغ جيمس اعتقاده الشخصي – الذي لا يدعي إثباته – بأن التجارب الدينية تربطنا بواقع أعظم أو أبعد ليس متاحا في علاقاتنا الادراكية الطبيعية مع العالم: “يبدو لي بأن أقصى حدود وجودنا ينغمس داخل بعد من وجود أخر كلية عن العالم المحسوس وبالكاد ‘مفهوم'”(V515).

6. أعمال ويليام جيمس الأخيرة

البراغماتية (1907)

كان أول اعلان لـ ويليام جيمس عن التزامه بالبراغماتية هي محاضرة في بيركلي عام 1898 بعنوان “المفاهيم الفلسفية والنتائج العملية”. أما المصادر اللاحقة للبراغماتية فكانت محاضرات في كلية ليسلي في عام 1905، وفي معهد لويل وجامعة كولومبيا في 1906 و1907. تنبثق البراغماتية في كتاب جيمس كستة أشياء: مزاج فلسفي ونظرية عن الحقيقة ونظرية عن المعنى واعتبار شمولي للمعرفة ومنظور ميتافيزيقي وطريقة لحل النزاعات الفلسفية.

يظهر المزاج البراغماتي في فصل الكتاب الافتتاحي، حيث يصنف ويليام جيمس (متبعا طريقة وضعها لأول مرة في ملاحظات على تعريف سبنسر العقل كاستجابات) الفلاسفة وفقا لأمزجتهم: “عقلية صلبة” أو “عقلية مرنة”” البراغماتية هي الوسيط بين هذين التطرفين، كشخص مثل جيمس نفسه، بـ “ولاء علمي للحقائق”، ولكن أيضا “بثقة أثيرة في القيم الإنسانية والعفوية الناتجة عنها سواء من النوع الديني أو الرومنطيقي “(P17).  إن طريقة حل النزاعات ونظرية عن المعنى معروضة في مناقشة جيمس عن جدل متعلق عما إذا كان الإنسان يطارد سنجابا حول شجرة فهو يذهب حول السنجاب كذلك.

آخذا المعنى على أنه “الآثار المدركة لنمط عملي يمكن للغرض أن ينخرط فيه،” يجد الفيلسوف البراغماتي معنيين “عمليين” يلعبان دورا في “يدور حول”: إما أن الرجل يذهب شمال وشرق وجنوب وغرب السنجاب، أو يواجه أولا وجه السنجاب ثم أحد جانبيه ثم ذيله ثم الجانب الآخر. “اصنع الفرق” يكتب جيمس “لا مناسبة لأي جدل إضافي.”

إن النظرية البراغماتية عن الحقيقة هي موضوع الفصل السادس (وإلى حد ما الثاني). يمسك ويليام جيمس بأن الحقيقة “نوعا من البضاعة” كالصحة. والحقائق بضائع لأننا نستطيع “امتطائها” إلى المستقبل دون أن نفاجئ بشكل تعس. إنها “تقودنا إلى جوانب لفظية ومفاهيمية مفيدة بالإضافة لنهايات حسية مفيدة مباشرة. وتؤدي إلى علاقات إنسانية متسقة ومستقرة ومتدفقة. وتأخذنا بعيدا عن الانحراف والعزلة، عن التفكير القميء والعقيم “(103). وبالرغم من أن جيمس يمسك أن الحقائق مصنوعة (104) في مسار التجربة الإنسانية، وأنها في معظمها تعيش “على نظام الائتمان” من حيث أنها لا يجري التحقق منها حاليا، إلا أنه يحمل منظورا تجريبيا بأن ” المعتقدات التي تحقق منها شخص ما بشكل راسخ تعتبر الأعمدة التي تقيم الهيكل الكلي” (P100).

  يعرض ويليام جيمس في فصله “البراغماتية والإنسانية” أبستمولوجيته التطوعية. يصرح جيمس “نلتمس كل شيء”، ” كما نلتمس الأجرام السماوية لتخدم غاياتنا البشرية” (P100). بيد أنه يدرك “العوامل المقاومة في كل تجربة لصنع الحقيقة” (P117)، بما في ذلك ليس إحساسنا أو تجاربنا الحالية فحسب، بل وكامل معتقداتنا السابقة. لا يمسك جيمس بأننا نخلق حقائقنا من العدم، ولا أن الحقيقة مستقلة بالكامل عن الإنسانية. إنه يحتضن “المبدأ الإنسانوي: لا يمكن اقتلاع المساهمة الإنسانية” (P122).

كما يحتضن عملية ميتافيزيقية في الزعم بأن “الواقع لا زال قيد الصنع بالنسبة للبراغماتية،” بينما “الواقع العقلاني جاهز الصنع وكامل منذ الأزل” (P123). يتبع الفصل الأخير للبراغماتية؛ “البرغماتية والدين” خط جيمس في أنواع في مهاجمة “المطلقية المتسامية” في اعتبارها غير المحقق للرب، وفي دفاعه “دين تعددي وأخلاقي” (144) مبني على التجربة الإنسانية. و “عن المبادئ البراغماتية” يكتب جميس “إذا عملت فرضية الرب بشكل مرضي في المعنى الأعرض للكلمة، فإنه حقيقة”.

كون متعدد (1909)

 ألقيت في الأصل كمجموعة من المحاضرات في أكسفورد ” عن الوضع الحالي في الفلسفة”. يبدأ ويليام جيمس كتابه كما بدأ البراغماتية، بمناقشة التحديد المزاجي في النظريات الفلسفية والتي يذكر جيمس بأنها ” رؤى كثيرة للغاية ونمط من الشعور بالضغط الكامل… مفروضة على المرء من قبل صفات وتجارب امرئ آخر ومفضلة بالمجمل – لا توجد كلمة صادقة أخرى – كأفضل سلوك عملي للمرء”(PU15). محافظا على أن “رؤية” الفيلسوف هي “شيء مهم” عنه (PU3)، ويشجب جيمس “التكنيكيات المفرطة وتوابعها الكئيبة على الطلبة اليافعين في الجامعات الامريكية” (PU13).

 ينتقل ويليام جيمس من نقاشات حاسمة عن الفلسفة المثالية عند جوسيا رويس و “العقلانية الخبيثة” لهيجل إلى فلاسفة معجب برؤيتهم مثل: غوستاف فيشنر وهنري بيرغسون. يشيد بفيشنر لإمساكه بأن “الكون برمته بامتداداته وموجاته الطولية المختلفة واستثناءاته وتطوراته، حي وواعي” (PU70)، ويسعى إلى تنقيح وتبرير فكرة فيشنر بأن وعي الإنسان والنبات والحيوان المنفصل يجتمع ويندمج في “وعي من نطاق أوسع حتى “(72).  يوظف جيمس انتقاد هنري بيرجسون “العقلانية” لكي يحاج بأن “تبدو النبضات المحسوسة للتجربة حبيسة دون حدود واضحة فيما بدائلنا المفاهيمية محصورة بها. إذ يلتقيان ببعضهما بشكل مستمر ويبدوان متداخلان ” (127).

ويختم جيمس باحتضان موقف اتخذه بشكل مبدئي أكثر في أنواع التجربة الدينية بأن التجربة الدينية “تشير باحتمالية معقولة إلى استمرار وعينا ببيئة روحانية أوسع حيث الإنسان العادي المحترس (الرجل الوحيد الذي يتعرف غليه علم النفس) يوقف.” (PU135). بينما في البرغماتية، يصنف جيمس الدين ضمن البراغماتي (على أنه طريقة أخرى يشق بها المرء طريقه في الحياة بنجاح)، يقترح جيمس في كون متعدد  بأن المتدين يمنح علاقة أسمى مع الكون.

مقالات في التجريبية الراديكالية (1912)

  تشمل هذه المجموعة المنشورة بعد وفاته مقالات ويليام جيمس الرائدة عن “التجربة الخالصة” والتي نشرت في الأصل سنة 1904-5. فكرة جيمس الأساسية هي أن العقل والمادة جانبان من، أو مشكلان من، غرض أكثر أساسية – التجربة الخالصة – (والتي بالرغم من تسميتها “تجربة”) ليست عقلية ولا مادية. يشرح جيمس بأن التجربة الخاصة “تدفق الحياة الفوري الذي يبسط المواد لتأملنا اللاحق بفئاته المفاهيمية…. تلك التي ليست ماهية أكيدة، بالرغم من أنها مستعدة لأن تكون أي نوع من الماهيات” (ERE46). قد تكون تلك “الماهيات” التي يمكن أن تكونها التجربة الخالصة العقول والأجساد والبشر والأغراض المادية، لكن هذا لا يعتمد على اختلاف أنطولوجي ضمن تلك “التجارب الخالصة”، بل على العلاقات التي تدخل فيها.

تشكل تعاقبات معينة من التجارب الخالصة أغراضا فيزيائية بينما تشكل الأخرى أشخاصا: لكن قد تكون تجربة خالصة واحدة (لنقل إدراك كرسي) جزءًا من التعاقب المشكل للكرسي وذلك المشكل للشخص. في الواقع، قد تكون تجربة خالصة واحدة جزءًا من عقلين متمايزين، كما يشرح جيمس في الفصل المعنون “كيف يمكن لعقلين أن يعرفا شيئا واحد؟”.

تختلف “التجريبية الراديكالية” لـ ويليام جيمس عن ميتافيزيقيا “التجربة الخالصة”. إذ لم تعرف بدقة في المقالات مطلقا، وتتضح أكثر في فقرة من معنى الحقيقة حيث يقول جيمس أن التجريبية الراديكالية تتكون من فرضية وعبارة من حقائق واستنتاج. الفرضية تلك “ستكون الأشياء الوحيدة القابلة للنقاش بين الفلاسفة هي الأشياء القابل للتعريف بمصطلحات مستقاة من التجربة،” الواقع هو أن العلاقات مجربة مباشرة مثلما الأشياء التي تتعلق بها، والاستنتاج هو “أجزاء التجربة الممسوكة ببعضها من واحدة لأخرى عبر علاقات هي ذاتها أجزاء من التجربة” (MT6-7).

كان ويليام جيمس لا يزال يعمل على الاعتراضات على نظام “التجربة الخالصة” ويرد على انتقادات على البراغماتية ويكتب مقدمة للمشاكل الفلسفية عنما توفي عام 1910. امتد إرثه إلى علم النفس ودراسة الدين والفلسفة ليس عبر التقليد البراغماتي الذي أسسه (مع تشارلز بيرس)، بل في الظواهرية والفلسفة التحليلية كذلك. ضمّن إدموند هورسل اعتبارات جيمس للـ “الهامش” و “الهالة” في ظواهريته (Moran, pp.276-80)، كما يدين تحليل العقل لبرتنارد رسل لنظام جيمس “التجربة الخالصة”(Russell, 1921, pp. 22–6)، وتعلم لودفيغ فيتجنشتاين “غياب الفعل الإرادي” من علم نفس جيمس (Goodman, Wittgenstein and William James, p. 81)، بالإضافة إلى أن صيغ “البراغماتية الحديثة” التي وضعها نيلسون جودمان ريتشارد رورتي وهيلاري بوتنام مشبعة بأفكار جيمس.

جيمس من أكثر الفلاسفة جاذبيةً وقبولاً، ليس فقط بسبب رؤيته حول كون “واسع ” و”جامح” تشكله قوانا البشرية، ويجيب على أكثر حاجاتنا عمقًا، كما لاحظ رسل في نعيه، ولكن أيضا بسبب “التسامح الكبير و …. الإنسانية” التي تعد به تلك الرؤية ( The Nation (3 September 1910: 793-4).


 

المراجع

المراجع الرئيسية: مؤلفات ويليام جيمس

  • The Works of William James, Cambridge, MA and London: Harvard University Press, 17 vol., 1975–.
  • William James: Writings 1878–1899. New York: Library of America, 1992.
  • William James: Writings 1902–1910. New York: Library of America, 1987
  • “Remarks on Spencer’s Definition of Mind as Correspondence,” first published in The Journal of Speculative Philosophy, 1878. Contained in Essays in Philosophy, pp. 7–22.
  • The Principles of Psychology, Cambridge, MA: Harvard University Press, 1981. Originally published in 1890 [PP].
  • The Will to Believe and Other Essays in Popular Philosophy, Cambridge, MA and London: Harvard University Press, 1979; first published in 1897 [WB].
  • “Philosophical Conceptions and Practical Results,” 1898. Contained in Pragmatism, in The Works of William James, pp. 255–70.
  • Talks to Teachers on Psychology and to Students on Some of Life’s Ideals. New York: Henry Holt, 1899 [TT].
  • The Varieties of Religious Experience, New York: Longmans, Green, 1916. Originally published in 1902 [V].
  • Pragmatism. Cambridge, MA: Harvard University Press, 1979. Originally published in 1907 [P].
  • A Pluralistic Universe. Cambridge, MA: Harvard University Press, 1977. Originally published in 1909 [PU].
  • The Meaning of Truth, Cambridge, MA and London: Harvard University Press, 1979 [MT]. Originally published in 1909.
  • Essays in Philosophy. Cambridge, MA and London: Harvard University Press, 1978 [E].
  • Some Problems of Philosophy. Cambridge, MA and London: Harvard University Press, 1979. Originally published in 1911.
  • The Letters of William James, ed. Henry James, Boston: Little Brown, 1926.
  • The Correspondence of William James, ed. Ignas K. Skrupskelis and Elizabeth M. Berkeley, 12 volumes. Charlottesville and London, University Press of Virginia, 1992–.
  • Selected Letters of William and Henry James, Charlottesville and London, University Press of Virginia, 1997.

المراجع الثانوية حول ويليام جيمس

  • Baghramian, Maria and Sarin Marchetti (eds.), 2017, Pragmatism and the European Traditions: Encounters with Analytic Philosophy and Phenomenology Before the Great Divide, New York and London: Routledge.
  • Barzun, Jacques, 1983, A Stroll with William James New York: Harper and Row.
  • Benoist, Jocelyn, 2005, “A Phenomenology or Pragmatism?” in Pragmatism, Critical Concepts in Philosophy, vol. 2, Russell B. Goodman (ed.), London and New York: Routledge, pp. 89–112.
  • Bernstein, Richard, 2010, The Pragmatic Turn, Cambridge, U.K. and Malden, MA: Polity Press.
  • Bird, Graham, 1986, William James (The Arguments of the Philosophers). London: Routledge and Kegan Paul.
  • Carrette, Jeremy, 2013, William James’s Hidden Religious Imagination: A Universe of Relations, New York: Routledge.
  • Edie, James, 1987, William James and Phenomenology, Indianapolis: Indiana University Press.
  • Feinstein, Howard M., 1984, Becoming William James, Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Gale, Richard M., 1999, The Divided Self of William James, Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 2004, The Philosophy of William James: An Introduction, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Girel, Mathias, 2004, “Les Angles de l’acte. Usages d’Emerson dans la Philosophie de William James,” Cahier Charles V, XXXVII (October): 207–245.
  • Goodman, Russell B., 1990, American Philosophy and the Romantic Tradition, Cambridge: Cambridge University Press, Chapter 3.
  • –––, 2002, Wittgenstein and William James, Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 2004, “James on the Nonconceptual,” Midwest Studies in Philosophy, XXVIII: 137–148.
  • –––, 2008, “Emerson, Romanticism, and Classical American Pragmatism,” in The Oxford Handbook of American Philosophy, ed. Cheryl Misak, Oxford: Oxford University Press, pp. 19–37.
  • –––, 2010, “William James’s Pluralisms,” Revue Internationale de Philosophie, 2: 155–76.
  • Jackman, Henry, 2008, “William James,” in The Oxford Handbook of American Philosophy, Cheryl Misak (ed.), Oxford: Oxford University Press, pp. 60–86.
  • Klein, Alexander, 2009, “On Hume on Space: Green’s Attack, James’s Empirical Response,” in Journal of the History of Philosophy, 47(3): 415–49.
  • Levinson, Henry S., 1981, The Religious Investigations of William James, Chapel Hill: University of North Carolina Press.
  • Madelrieux, Stéphane, 2008, William James, l’attitude empiriste, Paris: Presses Universitaires de France.
  • Marchetti, Sarin, 2015, Ethics and Philosophical Critique in William James, New York: Palmgrave Macmillan.
  • Matthiessen, F. O., 1947, The James Family, New York: Knopf.
  • McDermott, John, 1986, Streams of Experience: Reflections on the History and Philosophy of American Culture, Amherst:  University of Massachusetts Press.
  • Misak, Cheryl, 2013, The American Pragmatists, Oxford: Oxford University Press.
  • Moore, G. E., 1922, “William James’ ‘Pragmatism’”, in Philosophical Studies, London: Routledge & Kegan Paul, pp. 138.
  • Moran, Dermot, 2017, “Phenomenology and Pragmatism: Two Interactions. From Horizontal Intentionality to Practical Coping,” in Baghramian and Marchetti 2017, pp. 272–93.
  • Myers, Gerald, 1986, William James: His Life and Thought, New Haven: Yale University Press.
  • Pawelski, James O., 2007, The Dynamic Individualism of William James, Albany, NY: State University of New York Press.
  • Perry, Ralph Barton, 1935, The Thought and Character of William James, Boston: Little, Brown, 2 vols.
  • Pihlström, Sami, 2008, The Trail of the Human Serpent is over Everything: Jamesian Perspectives on Mind, World, and Religion, Lanham, MD: University Press of America.
  • Poirier, Richard, 1992, Poetry and Pragmatism,  Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Proudfoot, Wayne, ed., 2004, William James and a Science of Religions, New York: Columbia University Press.
  • Putnam, Hilary, 1987, The Many Faces of Realism, La Salle, IL: Open Court.
  • ––– (with Ruth Anna Putnam), 1990, “William James’s Ideas,” in Putnam, Hilary, Realism with a Human Face (Cambridge, MA: Harvard University Press, pp. 217–231.
  • Putnam, Ruth Anna, 1997, The Cambridge Companion to William James, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Richardson, Robert D., 2006, William James: In the Maelstrom of American Modernism, Boston: Houghton Mifflin.
  • Russell, Bertrand, 1921, The Analysis of Mind, London: George Allen and Unwin.
  • –––, 1986, The Collected Papers of Bertrand Russell (Volume 6), London: George Allen and Unwin, pp. 257–306.
  • Simon, Linda, 1998, Genuine Reality: a life of William James , New York: Harcourt Brace.
  • Seigfried, Charlene Haddock, 1990, William James’s Radical Reconstruction of Philosophy, Albany: State University of New York Press.
  • Skillen, Anthony, 1996, “William James, ‘A Certain Blindness’ and an Uncertain Pluralism,” in Philosophy and Pluralism, ed. David Archard. Cambridge: Cambridge University Press, pp. 33–45.
  • Slater, Michael R., 2009, William James on Ethics and Faith, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Sprigge, T. L. S., 1993, James and Bradley: American Truth and British Reality, Chicago: Open Court.
  • Suckiel, Ellen Kappy, 1982, The Pragmatic Philosophy of William James, Notre Dame, IN and London: University of Notre Dame Press.
  • –––, 1996, Heaven’s Champion, Notre Dame, IN and London: University of Notre Dame Press.
  • Tarver, Erin C. and Shannon Sullivan (eds.), 2015, Feminist Interpretations of William James, University Park, PA: The Pennsylvania State University Press.
  • Taylor, Eugene, 1996, William James on Consciousness Beyond the Fringe, Princeton, NJ: Princeton University Press.
  • Wilshire, Bruce, 1979, William James and Phenomenology: A Study of “The Principles of Psychology”, New York: AMS Press, 1979.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up topics and thinkers related to this entry at the Internet Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الإنترنت

مداخل ذات صلة

Dewey, John | Husserl, Edmund | pluralism | pragmatism | religious experience | Russell, Bertrand | Wittgenstein, Ludwig