الكثير من القليل
ألينكا زوبانتشيتش ALENKA ZUPANČIČ هي أستاذة الفلسفة في كلية الدراسات الأوروبية وجامعة نوفا جوريكا في سلوفينيا. وهي عالمة بارزة بكلية ليوبليانا للتحليل النفسي التي أسسها سلافوي جيجك Slavoj Žižek في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وملادن دولار Mladen Dolar وآخَرون، والتي تجمع بين الماركسية والفلسفة المثالية الألمانية والتحليل النفسي اللاكاني لتسهيل طريقة الانتباه للظواهر الاجتماعية والثقافية. نشر أعضاء الكلية نظرية لغوية لإلقاء الضوء (والظلال) على التاريخ والسياسة والفن والأدب والسينما.
سعت زوبانتشيتش في أعمالها الأولى، مثل كتابها لعام 2000 “أخلاقيات الحقيقة: ” كانط ولاكان” Ethics of the Real: Kant and Lacan، إلى ربط اتجاهات الفلسفة الأوروبية بأفكار التحليل النفسي المعاصر. وفي عام 2008، نشرت كتاب “الغريب: في الكوميديا”The Odd One In: On Comedy، والذي يطبق الرؤى الفلسفية والتحليلية النفسية على العمليات التي تتم في العمل في الكوميديا. وتجمع أيضًا بين” كانط” والكوميديا والتحليل النفسي في كتابها “لماذا التحليل النفسي؟: ثلاثة اعتراضاتWhy Psychoanalysis?: Three Interventions (2008). ويستكشف مشروعها النقدي العلاقات بين الجنسي والوجودي، وبين الكوميدي واللاواعي، وبين الأخلاقي والسياسي.
تحدثتُ مع زوبانتشيتش عن كتابها الجديد، “ما الجنس؟” What IS Sex? (2017)، الذي تناقش فيه بأن الجنس هو نقطة الالتقاء بين نظرية المعرفة وعلم الوجود، وهو الشبكة الفوضوية التي تتجاوز الفجوة بين المعرفة والوجود. (كتاب زميلها جيجك الصادر عام 2017، شهوة الباطل Incontinence of the Void، هو رد على كتابها.) ما الجنس؟ نماذج لإلقاء نظرة، والإضاءة على ذلك الكيان الخفي الغامض المبهم اللاواعي.
كاساندرا ب. سلتمان CASSANDRA B. SELTMAN: إن هدف كتاب “ما الجنس؟” هو العودة إلى أن فكرة الغريزة الجنسية يمكن أن تكون موضوعًا للتحقيق الفلسفي. كيف تفهمين انتشار الأنطولوجيا الجديدة في “الأوقات التي نعيش فيها”؟ هل ترين هذا بمثابة “عودة” للأسئلة الأنطولوجية؟
ألينكا زوبانتشيتش: أرى أن هذا من الأعراض. هناك مستويان أو جانبان لهذا السؤال. من ناحية، هناك حقيقة، أو ضرورة مفاهيمية، فيما أسميتِه العودة إلى الأنطولوجيا. لا ينبغي أن تخجل الفلسفة من البحث الأنطولوجي الجاد، والتحقيق هنا ضروري ومطلوب. ومع ذلك، هناك شيء هزلي بعض الشيء عندما تُؤكَد هذه الحاجة بوصفها ضرورة مجردة أو معيارية، “يجب على المرء أن يفعل ذلك”، ومن ثَمّ يشعر المرء أنه يحتاج إلى أنطولوجيته الخاصة. “أنا فلان وهذه الأنطولوجيا الخاصة بي.” وهنا نجد قدرا كبيرا من الاعتباطية، عوضًا عن الضرورة المفاهيمية والدقة. وليست الفلسفة كذلك.
وهناك أيضًا دعوة محيرة للتبسيط، والتي هي وفقًا لـ” كانط” و”التحول المتعالي” لنظرية المعرفة مجرد خطأ كبير أو انحراف أو زلل، والذي يتعين علينا رفضه والعودة إلى علم الوجود، للحديث عن الأشياء كما هي. كان تحول ” كانط” المتعالي إجابة لمأزق حقيقي لعلم الوجود الفلسفي. يمكننا أن نتفق على أن إجابته ربما ليست هي الإجابة النهائية، أو الإجابة الوحيدة القابلة للتطبيق فلسفيًا، ولكن هذا لا يعني أن المأزق أو الصعوبة التي ذُكرت غير حقيقية وأنه يمكننا التظاهر بأنها غير موجودة.
محاولتي “العودة إلى” فكرة الغريزة الجنسية باعتبارها موضوعًا للتحقيق الوجودي تضرب بجذورها إلى قناعتي بأن التحليل النفسي (أي فرويد ولاكان) ومفهومه الفريد للذات لهما صلة وثيقة بمأزق علم الوجود الذي عالجه كانط. لذا فإن ادعائي ليس بأن الغريزة الجنسية مهمة فقط وينبغي أن تؤخذ على محمل الجد؛ بل هو أكثر طموحا من ذلك. ادعائي هو أن نظرية فرويد ولاكان عن الغريزة الجنسية، في علاقتها المتأصلة باللاوعي، تخلخل وتنقل السؤال الفلسفي لعلم الوجود ومأزقه بطريقة أكثر إثارة للاهتمام. لست مهتمة بالغريزة الجنسية بوصفها حالة من “علم الوجود المحلي”، ولكن لاحتمالية تقديمها بعض العناصر المفاهيمية الرئيسية للتحقيق الوجودي.
-
إن علاقة هذا السؤال الوجودي بالغريزة الجنسية يعيد العمليات الهستيرية إلى الذهن. هل ظاهرة الهستيريا مهمة لمشروعك؟
-
إلى حد ما فإن الهستيريا تكمن في صميم مشروعي، فالهستيريا حتى الآن هي موضع الاستفهام إن صح القول، الذي يبدأ بمن أنا (للآخر)؟