مجلة حكمة

مدرسة للأطفال والمراهقين المحتاجين إِلىٰ رعاية نفسيَّة – ثابت عيد

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

الفصل الأول من كتاب (يوجد أشياء أخرى كثيرة غير صناعة السيارات) – ترجمة: ثابت عيد


يُوجَدُ فِي كُلِّ فَصْلٍ دِرَاسِيٍّ مَوْقِدٌ خَشَبِيٌّ. لَيْسَ مِنَ الْـمُمْكِنِ عَادَةً تَزْوِيدُ فَصُولِ التَّدْرِيسِ فِي مَدْرَسَةٍ عَامَّةٍ بِمَوَاقِدَ خَشَبِيَّةٍ. فِي الْعُصُورِ السَّابِقَةِ كَانَ هَذَا مِنَ الْـمَأْلُوفِ جِدًّا. كَانَ بِوُسْعِ الْأَطْفَالِ أَنْ يَتَدَفَّؤُوا وَيُجَفِّفُوا مُتَعَلِّقَاتِهِمْ فِي الشِّتَاءِ بَعْدَ قَطْعِ طَرِيقٍ لَيْسَ قَصِيرًا لِلْمَدْرَسَةِ. أَمَّا الْيَوْمَ، فَقَدْ تَوَقَّفَ إِصْدَارُ مِثْلِ هَذِهِ التَّصْرِيحَاتِ، نَظَرًا لِسُهُولَةِ انْدِلَاعِ حَرِيقٍ فِي الْـمَدْرَسَةِ. لَكِنَّنَا لَمْ نَشَأْ أَنْ يَرْدَعَنَا هَذَا الْقَانُونُ عَنْ تَحقِيقِ هَدَفِنَا. فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَهَمِّيَّةَ أَنْ يَفْهَمَ الْأَطْفَالُ كَيْفَ تَشْتَعِلُ النَّارُ، وَمِنْ أَيْنَ تَأْتِي الْحَرَارَةُ، وَمَا هُوَ مَفْعُولُهَا. وَلَكِنْ كَيْفَ يُمْكِنُ تَجَنُّبُ هَذَا الْحَظْرِ، بِدُونِ أَنْ نَقَعَ تَحْتَ طَائِلَةِ الْقَانُونِ، أَوْ أَنْ نَتَسَبَّبَ فِي مَشَاكِلَ كَثِيَرةٍ لِلسُّلْطَاتِ؟ وَبَعْدَ عِدَّةِ تَشَاوُرَاتٍ، أَعْلَنَّا مَوَاقِدَنَا ״مَوَاقِدَ عِلَاجٍ״ أَمَامَ السُّلْطَاتِ، وَهِيَ بِالْفِعْلِ أَيْضًا كَذَلِكَ. وَقَدْ تَمَكَّنَّا بِهَذِهِ ״الْحِيلَةِ״ الصَّغِيرَةِ مِنَ الْحُصُولِ عَلَى التَّصْرِيحِ بِإِدْخَالِ مَصَادِرِ الْحَرَارَةِ ״الْـمَحْظُورَةِ״ هَذِهِ إِلَى الْفُصُولِ ״بِطَرِيقَةٍ مَشْرُوعَةٍ״.

وَعِنْدَمَا انْتَهَى كُلُّ شَيْءٍ سَنَةَ 2005م، انْتَقَلْنَا إِلَى الْـمَكَانِ الْجَدِيدِ مَعَ تَلَامِذَتِنَا الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ (نَسْتَطِيعُ اسْتِيعَابَ أَرْبَعِينَ تِلْمِيذًا كَحَدٍّ أَقْصَى). كَانُوا بَيْـنَ سِنِّ السَّادِسَةِ وَالثَّامِنَةَ عَشْرَةَ سَنَةً، مُوَزَّعِينَ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ، حَيْثُ لَا يَضُمُّ كُلُّ فَصْلٍ أَكْـثَــرَ مِـنْ ثَـــلَاثَـــةِ تَـلَامِذَةٍ إِلَى خَـمْسَـةٍ. وَمَازَالَ الْأَمْرُ هَكَذَا حَتَّى الْيَوْمِ. وَلِهَذَا فَإِنَّ مَدْرَسَــةَ-بَارَاسِيلْسُوسَ مُهِمَّةٌ، لِأَنَّهَا تَمْنَحُ أَسَاسًا لِلْأَطْفَالِ وَالْـمُرَاهِقِينَ الْـمُضْطَرِبِينَ نَفْسِيًّا، الَّذِينَ مَرُّوا بِظُرُوفٍ صَعْبَةٍ فِي طُفُولَتِهِمْ، أَوْ أُصِيبُوا بِنَوَائِبِ الدَّهْرِ. وَهُنَا يَكُونُ الْعَدَدُ الْإِجْمَالِيُّ لِتَلَامِذَةِ الْفَصْلِ أَيَضًا حَاسِمًا. فَكُلَّمَا قَلَّ عَدَدُ الْأَطْفَالِ، اسْتَطَاعَ الْـمُدَرَّسُونَ التَّفَاعُلَ أَكْثَرَ مَعَ كُلِّ تِلْمِيذٍ عَلَى حِدَةٍ: كَذَلِكَ فَإِنَّ الْوُجُودَ دَاخِلَ الْـجَمَاعَةِ مُهِمٌّ بِالْقَدْرِ نَفْسِهِ، أَيِ بِقْدِرِ احْتِرامِ مَشَاعِرِ الْآخَرِينَ، وَالتَّعَاطُفِ مَعَهُمْ، وَالِانْدِمَاجِ.

ثَمَّةَ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مَسْؤُولَةً عَنْ فِقْدَانِ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ تَوَازُنَهُمْ، وَلَا يَكُونُ الْوَالِدَانِ دَائِمًا هُمَا سَبَبَ مَا يُعَانِيهِ الْأَطْفَالُ مِنْ مَشَاكِلَ. فَبَعْضُهُمْ تَشَاءُ الْأَقْدَارُ أَنْ يَعْجَزَ عَنْ إِيجَادِ الطَّرِيقِ الْوَسَطِ. إِنَّهُمْ أَطْفَالٌ وَمُرَاهِقُونَ يُعْتَبَـرُونَ فِي مَدَارِسَ أُخْرَى غَيْـرَ طَبِيعِيِّينَ فِي سُلُوكِهِمْ، لَدَيْهِمْ طَاقَةٌ زَائِدَةٌ، وَضَعْفٌ فِي التَّرْكِيزِ، أَوْ مِنْ مُمَارِسِي الْعُنْفِ. صَحِيحٌ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَتَعَلَّمُوا وَيُحَصِّلُوا فِي مَجَالَاتٍ كَثِيرَةٍ بِصُورَةٍ جَيِّدَةٍ، لَكِنْ كَثِيرًا مَا حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْـنَ ذَلِكَ. وَمُعْظَمُهُمْ لَمْ يَحْظَ بِبِدَايَةٍ طَيِّبَةٍ فِي مَدَارِسِ ذَوِي الِاحْتِيَاجَاتِ الْخَاصَّةِ. ومَدَارِسُ ذَوِي الِاحْتِيَاجَاتِ الْخَاصَّةِ مُجَهَّزَةٌ لِاسْتِقْبَالِ الْأَطْفَالِ وَالْـمُرَاهِقِينَ الْـمُعَوَّقِينَ ذِهْنِيًّا أَوْ جَسَدِيًّا. لَكِنَّ مَدْرَسَةَ-بَارَاسِيلْسُوسَ لَا تُصَنَّفُ كَمُؤَسَّسَةِ تَعْلِيمٍ خَاصٍّ10sonderpädagogisch، وَلَا كَمُؤَسَّسَةِ تَعْلِيمٍ عِلَاجِيٍّ11heilpädagogisch. بَلْ هِيَ فِي مَنْزِلَةٍ بَيْنَهُمَا – وَهِيَ لِذَلِكَ مُؤَسَّسَةٌ تَعْلِيمِيَّةٌ لِلْمُحْتَاجِينَ إِلَى عِلَاجٍ نَفْسِيٍّ مِنْ صِغَارِ السِّنِّ.

التَّلَامِذَةُ الَّذِينَ يَأْتُونَ إِلَيْنَا، يَجِدُونَنَا بِأَنْفُسِهِم، وَأَحْيَانًا يَكُونُ الْوَالِدَانِ هُمَا مَنْ قَرَأَ مَقَالًا عَنْ ذَلِكَ، أَوْ بَحَثَا فِي الْإِنْتَرْنِتِ، وَكَثِيرًا مَا يُشِيرُ الْـمُدَرِّسُونَ إِلَى مُـؤَسَّسَتِنَا. فَهُمْ يَقْتَرِحُونَ عَلَى أَوْلِيَاءِ أُمُورِ التَّلَامِذَةِ، قَائِلَينَ: ״اسْتَعْلِمُوا عَنْ مَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ، وَزُورُوهَا، فَمِنَ الْـمُمْكِنِ أَنْ تَكُونَ الْـمَكَانَ الْـمُنَاسِبَ لِطِفْلِكُمْ، وَرُبَّمَا يَحْظَى هُنَاكَ بِمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ رِعْايَةٍ״.

وَمِنَ الْـمُهِمِّ لَنَا صِيَاغَةُ مَشَاكِلِ الْأَطْفَالِ بِصُورَةٍ إِيجَابِيَّةٍ. فَلَيْسَ يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِتَصْوِيرِ السُّلُوكِيَّاتِ غَيْرِ الْقَوِيمَةِ وَمَا يَرْتَبِطُ بِهَا مِنْ جُهُودٍ تَرْبَوِيَّةٍ غَيْرِ قَلِيلَةٍ عَلَى أَنَّهَا شَيْءٌ سَيِّئٌ، بَمَعْنَى: ״أَنْتُمْ سَبَبُ ذَلِكَ״. بَلْ إِنَّ الْحَاسِمَ هُوَ التَّوْضِيحُ لِأَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ وَالْأَطْفَالِ أَنَّ هُنَاكَ تَقْصِيرَاتٍ فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَنَّهُ لِهَذَا السَّبَبِ يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْحَاجَةِ إِلَى مُسَاعَدَةٍ. مِنْ خِلَالِ تَجَنُّبِ الْفُصُولِ ذَاتِ الْأَعْدَادِ الْكَبِيرَةِ مِنَ التَّلَامِذَةِ، وَبِهَذَا تَكُونُ أُولَى الْخُطُوَاتِ قَدِ اتُّخِذَتْ لِلتَّخَلُّصِ مِنَ الْـمَصَاعِبِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ فِي مَدْرَسَةٍ ابْتِدَائِيَّةٍ عَادِيَّةٍ.

فِي الْبِدَايَةِ يَرْتَبِكُ كَثِيـرٌ مِنْ أَوْلِـيَــاءِ أُمُورِ التَّلَامِذَةِ وَيَحْتَارُونَ، لِأَنَّهُ يَعِزُّ عَلَيْهِمْ قَبُولُ حَقِيقَةِ أَنَّ طِفْلَهُمْ لَدَيْهِ احْتِيَـاجَاتٌ أُخْرَى مُخْتَلِفَةٌ عَمَّا يَسْتَطِيعُونَ تَصَوُّرَهُ. وَهُمْ لَا يَفْهَمُونَ أَنَّهُمْ، كَوَالِدِينَ ״طَبِيعِيِّيـنَ״ جِدًّا، يُوَاجَهُونَ بِسُلُوكِيَّاتٍ تَبْدُو غَرِيبَةً لَهُمْ – لَكِنْ عِنْدَ التَّحَقُّقِ مَنْهَا عَنْ كَثَبٍ لَا تَكُونُ غَرِيبَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ. بَعْدَمَا يَتَقَبَّلُونَ هَذَا، يَكُونُ عَلَيْهِمُ اتِّخَاذُ إِجْرَاءَاتٍ أُخْرَى، قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ قَبُولُ ابْنَتِهِمْ أَوِ ابْنِهِمْ عِنْدَنَا. فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَدِّمُوا طَلَبًا عِنْدَنَا فَحَسْبُ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنْ يَزُورُوا قِسْمَ الْـمُعَوَّقِينَ، وَيَطْلُبُوا مِنْ هُنَاكَ شَهَادَةً تُثْبِتُ حَاجَتَهُمْ لِتَلَقِّي تَعْلِيمٍ عِلَاجِيٍّ خَاصٍّ بِذَوِي الِاحْتِيَاجَاتِ الْخَاصَّةِ.

وَعِنْدَ التَّصْرِيحِ لَهُمْ بِذَلِكَ، يَتِمُّ تَسْدِيدُ مُكَافَأَةٍ شَهْرِيَّةٍ لِـمَدْرَسَتِنَا خَاصَّةٍ بَهَذَا الطِّفْلِ تَتَـرَاوَحُ بَيْنَ أَلْفٍ وَخَمْسِمِئَةِ يُورُو وَأَلْفٍ وَثَمَانِيمِئَةِ يُورُو – وَهُوَ مَبْلَغٌ يُغَطِّي نَحْوَ نِصْفِ التَّكَالِيفِ الَّتِي تُنْفِقُهَا مَدْرَسَتُنَا عَلَى تَعْلِيمِ كُلِّ طِفْلٍ. وَهَذَا يَعْنِي: تَبْلُغُ إِنْفَاقَاتُنَا السَّنَوِيَّةُ نَحْوَ مِلْيُونِ يُورُو وَمِئَتَيْ أَلْفِ يُورُو، وَنَحْصُلُ مِنَ الدَّوْلَةِ – أَيْ مِنَ السُّلْطَةِ الْـمَدْرَسِيَّةِ وقِسْمِ الْـمُعَوَّقِينَ – عَلَى نَحْوِ خَمْسِمِئَةِ أَلْفِ يُورُو، حَسَبَ عَدَدِ التَّلَامِذَةِ.

وَهَذَا يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ تَدْبِيرُ مَبْلَغٍ لَا يُسْتَهَانُ بِهِ عَنْ طَرِيقِ التَّبَرُّعَاتِ وَالْحَفَلَاتِ الْخَيْرِيَّةِ، وَالْـمُسَاعَدَاتِ الْـمَالِيَّةِ مِنْ جَانِبِ أَبِي، وَعَائِلَتِي، وَمِنِّي شَخْصِيًّا. لَكِنَّ النَّفَقَاتِ لَا يُسَبِّبُهَا التَّلَامِذَةُ وَحْدَهُمْ، بَلْ أَيْضًا الْـمُوَظَّفُونَ الثَّمَانِي وَالْعِشْرُونَ بِمَا فِيهِمُ الْـمُعَالِجُونَ. وَهَذَا يَعْنِي بِحِسْبَـةٍ أُخْرَى: يَتَوَلَّى عَادَةً كُلُّ اثْنَيْنِ مِنَ الْكِبَارِ الِاعْتِنَاءَ بِتَلَامِذَةِ فَصْلٍ وَاحِدٍ – وَبِالنَّظَرِ إِلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ، فَيُمْكِنُ الْقَوْلُ إِنَّنَا نَعْمَلُ بِتَكْلِفَةٍ مُنْخَفِضَةٍ.

تَسْتَقْبِلُ مَدْرَسَتُنَا أَوْلَادًا أَكْثَـرَ. يَبْدُو أَنَّ الْبَنَاتِ يُوَازِنَّ الضَّغْطَ النَّفْسِيَّ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ. فَهُنَّ لَا يُعَبِّـرْنَ عَنْهُ بِالصِّيَاحِ وَالصُّرَاخِ، وَلَا يَتَحَوَّلْنَ إِلَى الْعُدْوَانِيَّةِ، أَوْ يَضْرِبْنَ كُلَّ مَا حَوْلَهُنَّ. بِلْ يَلْجَأْنَ إِلَى فِقْدَانِ الشَّهِيَّةِ12Anorexie، أَوِ الشَّرَهِ الْـمَرَضِيِّ13Bulimie، أَوْ إِلَى عَالَمِ الْـمُخَدِّرَاتِ، أَوْ مُحَاوَلَةِ الِانْتِحَارِ. وَلِأَنَّ الْأَوْلَادَ يُعَبِّرُونَ عَنِ مَشَاكِلِهِمْ بِالصِّيَاحِ، وَيَتَصَرَّفُونَ بِطَرِيقَةٍ لَا يُـمْكِنُ تَغَافُلُهَا، تَلْفِتُ هَذِهِ الْـمَشَاكِلُ النَّظَرَ إِلَيْهَا مُبَكِّرًا. وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ يُسَارِعُ الْغُرَبَاءُ إلَى دَقِّ نَاقُوسِ الْخَطَرِ فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ، إِنْ لَمْ يَشَاؤُوا تَجَاهُلَ الْأَمْرَ كُلِّيَّةً.

الطَّلَبُ عَلَى مَكَانٍ فِي مَدْرَسَتِنَا كَبِيرٌ جِدًّا، بَلْ إِنَّ هُنَاكَ اسْتِفْسَارَاتٍ مِنْ سُوِيسْرَا وَأَلْـمَانِيَا أَوْ مِنْ مَنَاطِقَ بَعِيدَةٍ مِنَ النِّمْسَا. بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدَدِ الْـمَحْدُودِ مِنَ التَّلَامِذَةِ الَّذِينَ نَسْتَطِيعُ تَعْلِيمَهُمْ، يَعْنِي هَذَا التَّأَكُّدَ بِدِقَّةٍ مِنْ أَنَّ هَذَا الطِّفْلَ يُنَاسِبُنَا. وَمِنَ الْـمُهِمِّ بِالنِّسْبَةِ لَنَا قُدْرَةُ التَّعَايُشِ الِاجْتِمَاعِيِّ مَعَ الّبَنَاتِ وَالْأَوْلَادِ الْـمَوْجُودِينَ بِالْفِعْلِ فِي مَدْرَسَتِنَا. وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ مِمَّا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَيْضًا قَدْرٌ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِالْعَمَلِ الْيَدَوِيِّ وَالزِّرَاعِيِّ، ذَلِكَ لِأَنَّنَا اسْتَطَعْنَا شِرَاءَ مَزْرَعةٍ قَرِيبَةٍ بِحَيَوَانَاتٍ وَجَمِيعِ الْـمُسْتَلْزَمَاتِ. وَبِوُسْعِ مَنْ شَاءَ قَضَاءُ فَتْرَةِ تَدْرِيبٍ تَعْلِيمِيَّةٍ مُمَاثِلَةٍ هُنَا أَيْضًا. وَبِالْإِضَـافَةِ إِلَى ذَلِكَ هُنَاكَ إِمْكَانِيَّةٌ لِتَأْوِيَةِ أَطْفَالٍ فِي هَذِهِ الْـمَزْرَعَةِ – لَكِنْ ثَلَاثَةٌ فَقَطْ حَتَّى الْآنَ – بَمَعْنَى مَدْرَسَةٍ دَاخِلِيَّةٍ. وَنَحْنُ نُرِيدُ تَوْسِيعَ هَذَا الْخِيَارِ، لِأَنَّ الطَّلَبَ عَلَى هَذَا الْعَرْضِ كَبِيرٌ.

عَنْدَمَا يَقُومُ ״اتِّحَادُ السَّامِرِيِّينَ״14“Samariter-Bund“ بِنَقْلِ الْأَطْفَالِ وَالْبَنَاتِ، وَإِرْجَاعِهِمْ إِلَى أَوْلِيَاءِ أُمُورِهِمْ ظُهْرًا، أَسْمَعُ بِصُورَةٍ مُتَزَايِدَةٍ الْقَوْلَ: ״يَا وَيْلَتِي، أَيَجِبُ عَلَيَّ الْآنَ الْعَوْدَةُ إِلَى الْبَيْتِ حَقًّا؟״ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالَ بِالذَّاتِ الَّذِينَ يَأَتُونَ مِنْ بِيئَةٍ عَائِلِيَّةٍ تَكْمُنُ فِيهَا مَصَاعِبُهُمْ بِالْفِعْلِ، لَا يُرِيدُونَ مُغَادَرَةَ الْـمَدْرَسَةِ، وَيَتَمَنَّوْنَ الْعَيْشَ فِي الْـمَزْرَعَةِ. فَهُمْ يَخْشَوْنَ مِمَّا يَنْتَظِرُهُمْ فِي الْبَيْتِ. وَهُمْ يَعْرِفُونَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الْـمُحِيطَ غَيْرُ مُفِيدٍ لِتَطَوُّرِهِمْ.

الْأَبْوَابُ فِي مَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ-سَالِزْبُورْجَ – وَلَا يُوجَدُ هُنَاكَ بَابٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ – مُزَوَّدَةٌ بِمُفَصَّلَاتٍ تَحْـصِينِيَّةٍ مَتِينَةٍ، وَهِيَ مَصَنَّعَةٌ بِصُورَةٍ صُلْبَةٍ لِأَسْبَابٍ وَجِيهَةٍ، وَلَكِنْ يَحْدُثُ مِنْ وَقْتٍ لِآخَرَ أَنْ تَنْدَلِعَ حَالَاتُ عُنْفٍ، يُمْكِنُ أَنْ يُرْفَعَ فِيهَا حَتَّى مِثْلُ هَذَا الْبَابِ الْـمَتِينِ مِنْ مُفَصَّلَاتِهِ. وَيَحْدُثُ أَيْضًا أَنْ يُدَوِّيَ حَجَرٌ عَلَى السَّبُّورَةِ، تُصَابُ بَعْدَهَا بِانْبِعَاجٍ. وَحَدَثَ ذَاتَ مَرَّةٍ أَنْ هَاجَمَ تِلْمِيذٌ أَحَدَ الْـمُدَرِّسِينَ، فَاضْطُرِرْنَا إِلَى اسْتِدْعَاءِ الشُّرْطَةِ. يُوجَدُ فِي مَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ جَمِيعُ أَوْجُهِ الْحَيَاةِ. هُنَاكَ أَطْفَالٌ يَحْكُونَ فِي الِاسْتِرَاحِةِ: ״يَا إِلَهِي، بِالْأَمْسِ كَانَ عِنْدَ أُمِّي رَجُلٌ شَهْوَانِيٌّ آخَرُ مُعْجَبٌ بِهَا״! وَهِيَ إِشَارَةٌ وَاضِحَةٌ إِلَى أَنَّ أُمَّهُ تَبِيعُ نَفْسَهَا كَعَاهِرَةٍ. وَيُضْطَرُّ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْأَطْفَالِ إِلَى الِانْتِظَارِ فِي بِئْرِ السُّلَّمِ، حَتَّى يُغَادِرَ الدَّاعِرُ الشَّقَّةَ.

وَمَهْمَا تَصَرَّفَ الْوَالِدَيْنِ تُجَاهَ الْأَطْفَالِ، حَتَّى إِنْ كَانُوا يُضْرَبُونَ، فَهُمْ يُحِبُّونَ الْأَبَ وَالْأُمَّ. فَتُوجَدُ بَيْنَهُمَا صِلَةٌ وَثِيقَةٌ. وَلِهَذَا السَّبَبِ فَمِنَ الْـمُهِمِّ لَنَا اسْتِمْرَارُ الِاتِّصَالِ مَعَ الْوَالِدَيْنِ. وَقَدْ كَانَ لَدَيْنَا حَالَةٌ حَصَلَ فِيهَا وَالِدُ أَحَدِ الْأَطْفَالِ عَلَى حُكْمٍ بِالسَّجْنِ لِجَرِيمَةِ قَتْلٍ. وَأَخِيرًا قَضَى الرَّجُلُ مُدَّةَ الْعُقُوبَةِ، وَانْتَظَرَ إِطْلَاقَ سَرَاحِهِ. وَكَانَ الِابْنُ يَعِيشُ مَعَ أُمِّهِ، لَكِنْ كَانَ مِنَ الْـمُرَجَّحِ جِدًّا افْتِرَاضُ أَنْ يَقُومَ الْأَبُ، بَعْدَ إِطْلَاقِ سَرَاحِهِ، بِأَخْذِ ابْنِهِ يَوْمًا مَا مِنَ الْـمَدْرَسَةِ، وَيَجْعَلُهُ يَعِيشُ مَعَهُ لِفَتْرَةٍ مِنَ الْوَقْتِ. لَمْ نَكُنْ حَتَّى مُتَأَكِّدِينَ مِنْ عَوْدَةِ الطِّفْلِ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى الِاطْلَاقِ إِلَى مَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ، وَفْقًا لِهَذِهِ الظُّرُوفِ الْجَدِيدَةِ. فَقَدْ كَانَ مِنَ الْـمُمْكِنِ جِدًّا – لِأَسْبَابٍ مَهْمَا تَكُنْ – أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى مُؤَسَّسَتِنَا، وَأَلَّا يَشَاءَ تَقَبُّلَ أَنَّ ابْنَهُ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى هَذِهِ الْـمَدْرَسَةِ. فَهَلْ كَانَ بِوُسْعِنَا أَنْ نَفْعَلَ شَيْئًا، لِـمَنْعِ حُدُوثِ هَذَا مِنَ الْبِدَايَةِ؟ لَقَدْ كَانَ لَدَيْنَا فَي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَاجِبُ رِقَابَةٍ لَابُدَّ أَنْ نُوفِيَ بِهِ. وَقَدِ انْتَهَتْ هَذِهِ الْحَالَةُ لِحُسْنِ الْحَظِّ بِسَلَامٍ، بِدُونِ الِاضْطِرَارِ إِلَى الدُّخُولِ فِي صِدَامٍ مَعَ وَالِدِ الطِّفْلِ.

لَحَظَاتٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ هَيِ عَابِرَةٌ لِلْحُدُودِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَابُدَّ أَنْ نُعِدَّ أَنْفُسَنَا لِذَلِكَ بِصُورَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ. يَنْبَغِي أَيْضًا التَّفْكِيرُ فِيمَا يَجِبُ عَمَلُهُ، عِنْدَ هُرُوبِ طِفْلٍ. يَكُونُ مِنَ الضَّرُورِيِّ أَحْيَانًا فِي حَالَةٍ كَهَذِهِ أَيْضًا إِبْلَاغُ الشُّرْطَةِ، عِنْدَ افْتِرَاضِ وُجُودِ سَبَبٍ خَطِيرٍ لِذَلِكَ. لَكِنْ يَشْعُرُ الْـمَـرْءُ أَحْيَانًا أَنَّ طِفْلًا قَدِ وَلَّى هَارِبًا، لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حُرِّيَّتَهُ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ، وَيُرِيدُ مُعَايَشَةَ تَقْرِيرِ مَصِيرِهِ بِنَفْسِهِ. وَالْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ دَائِمًا سَهْلًا، وَيَتَحَرَّكُ عَلَى هَذِهِ الْـحَافَةِ الضَّيِّقَةِ كُلُّ مُوَظَّفٍ مِنْ مُوظَّفِي مَدْرَسَتِنَا. ذَلِكَ أَنَّ مُعَامَلَةَ الْأَطْفَالِ مِثْلَمَا هُوَ مَأْلُوفٌ فِي مَدَارِسَ أُخْرَى، بَمَعْنَى بِدَايَةِ الْحِصَصِ بَعْدَ الْجَرَسِ، وَالتَّحِيَّةِ، وَإِخْرَاجِ الْكَرَارِيسِ، وَكِتَابَةِ إِمْلَاءٍ – إِنَّ افْتِرَاضَ هَذَا فِي مَدْرَسَةِ بَارَاسِيلْسُوسَ لَيْسَ بَدِيهِيًّا. بَلْ إِنَّ تَشْكِيلَ يَوْمٍ مَدْرَسِيٍّ، يُمْكِنُ وَصْفُهُ مَجَازِيًّا بِأَنَّهُ عَمَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ مَنَ الشَّهِيقِ وَالزَّفِيرِ.

فَهَكَذَا يَبْدَأُ عِنْدَنَا الْيَوْمُ الْـمَدْرَسِيُّ: تُدَوِّي مُوسِيقَى هِيبَ-هُوبَ15Hip-Hopmusik أَوْ رُوكَ16Rockmusik صَاخِبَةٌ مِنْ سَمَّاعَاتِ بَعْضِ الْأَطْفَالِ، عِنْدَ النُّزُولِ صَبَاحًا مِنْ حَافِلَةِ ״اتِّحَادِ السَّامِرِيِّينَ״ الَّتِي تَتَوَقَّفُ أَمَامَ الْحَرَمِ الْـمَدْرَسِيِّ فِي ״سَانْتَ يَعْقُوبَ آمَ تُورْنَ״17“St. Jakob am Thurn“ ، وَهِيَ قَرْيَةٌ فِيهَا بُرْجُ كَنِيسَةٍ وَبُرْجٌ آخَرُ مُحَصَّنٌ، لَيْسَتْ بَعِيدَةً عَنْ سَالْزِبُورْجَ. فِي الْبَيْتِ لَا يَحْظُرُ الْوَالِدَانِ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْـمُوسِيقَى، لَكِنَّهَا لَا تُنَاسِبُ تَرْبِيَةَ-ڤَالْدُورْفَ18Waldorfpädagogik عَلَى الْإِطْلَاقِ. يَنْبَغِي لِذَلِكَ إِغْلَاقُ الْأَجْهِزَةِ، قَبْلَ دُخُولِ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ حَدِيقَةَ الْـمَدْرَسَةِ عَبْرَ جِسْرٍ أَوَّلَ صَغِيرٍ – طَرِيقُهُمُ الْـمُعْتَادُ إِلَى الْـمَدْرَسَةِ. فَالْجِسْرُ يُنَبِّهُهُمْ: ״أَنْتُمْ تَعْبُـرُونَ هُنَا حَدًّا. دَعُوا كُلَّ مَا صَاحَبَكُمْ مِنْ قَبْلُ خَلْفَكُمْ. أَنْتُمْ تَصِلُونَ الْآنَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ״. وَهُنَاكَ جِسْرٌ آخَرُ يَقُودُ أَخِيرًا إِلَى مَبْنَى الْـمَدْرَسَةِ الْـمَطْلِيِّ بِالْـمُغْرَةِ19ockerfarbene وَاللَّوْنِ الْبُرْتُقَالِيِّ الْوَرْدِيِّ، يَعْنِي أَيْضًا شَيْئًا مُحَدَّدًا: ״عِنْدَمَا أَسِيرُ عَلَيْهِ، أَكُونُ قَدْ قَرَّرْتُ أَنْ أُسَاهِمَ فِي التَّرَابُطِ الْـمَدْرَسِيِّ، وَبِذَلِكَ أَيْضًا أَنْ أَفْعَلَ شَيْئًا لِنَفْسِي״.

وَيُمْكِنُ الِانْطِلَاقُ مُبَاشَرَةً بَعْدَ تَنَاسِي الْهُمُومِ، وَالْوُصُولِ إِلَى الْـمَدْرَسَةِ، وَالْعَزْمِ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِيهَا. وَقَبْلَ دُخُولِ غُرَفِ الْفُصُولِ الْـمَطْلِيَّةِ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، يَبْدَأُ الْعَمَلُ فِي الْخَلَاءِ، بِدُونِ تَبَرُّمٍ، وَبِدُونِ عِصْيَانٍ، طَبْعًا. مَنْ شَاءَ، اسْتَطَاعَ الْعَمَلَ فِي الْغَابَةِ، أَوْ تَطْهِيرَ الْحَدِيقَةِ مِنَ الْحَشَائِشِ، أَوْ جَـرْفَ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ، أَوْ نَقْلَ الشَّتَلَاتِ مِنَ مَنْبَتِهَا إِلَى مَغْرِسَهَا، أَوْ تَقْطِيعَ الْحَطَبِ، أَوْ إِزَالَةَ الْجَلِيدِ، أَوْ إِعْدَادَ سَنْدَوِتْشَاتِ الْفُسْحَةِ (= الِاسْتِرَاحَةِ). وَفِيمَا يَخُصُّ السَّنْدَوِتْشَاتِ، فَنَحْنُ نَحْرِصُ عَلَى غِذَاءٍ بِيُولُوجِيٍّ مُسْتَدِيمٍ20nachhaltige biologische أَوْ حَتَّى بِيُولُوجِيٍّ دِينَامِيكِيٍّ21biologisch-dynamische. فَالْأَطْفَالُ الضُّجُرُ ذَوُو النَّشَاطِ الزَّائِدِ، الَّذِينَ حَاوَلْنَا مِنْ قَبْلُ تَهْدِئَتَهُمْ مِنْ خِلَالِ شَرَابِ الْأَمْفِيتَامِينِ22Amphetamin، أَوْ عَقَّارِ الرِّيتَالِينِ23Ritalin، هُمْ أَيْضًا فِي الْغَــالِـبِ أَطْـفَالٌ يَتَنَاوَلُونَ مَشْرُوبَاتٍ وَأَغْذِيَةً تَحْتَوِي عَلَى كَمِّيَّاتٍ كَبِيرَةٍ مِنَ السُّكَّرِ، سَوَاءٌ فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي الْـمَدْرَسَةِ. وَتَأْتِي فِي صَدْرِ هَذِهِ الْقَائِمَةِ الشِّيكُولَاتَةُ وَعَصِيرُ الْبُرْتُقَالِ الْـمُحَلَّى صِنَاعِيًّا. تَغْذِيَةٌ كَهَذِهِ لَا تَصْلُحُ لِـمَجْرَى الْعَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ فِي مَدْرَسَتِنَا، وَلِذَلِكَ فَقَدِ اتَّفَقْنَا مَعَ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ عَلَى تَقْدِيمِ وَجْبَةٍ خَفِيفَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَعْدَ الظُّهْرِ. وَهِيَ فِكْرَةٌ لَهَا مَزِيَّةٌ أُخْرَى: فَلَا يَنْظُرُ أَحَدٌ بِحَسَدٍ إِلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ التِّلْمِيذُ الْآخَرُ وَلَا يَمْلِكُهُ هُوَ. وَتُمَوَّلُ سَنْدَوِيتْشَاتُ الْفُسْحَةِ فِي مُعْظَمِهَا مِنْ أَمْوَالِ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ، لَكِنْ يُوجَدُ أَيْضًا صُنْدُوقٌ اجْتِمَاعِيٌّ، يُمْكِنُ أَنْ تُطْلَبُ مِنْهُ قِيمَةُ هَذِهِ الْوَجْبَةِ كَنَوْعٍ مِنَ الدَّعْمِ.

تَأْتِي بَعْضُ الْـمُنْتَجَاتِ الَّتِي نَسْتَخَدِمُهَا هَكَذَا مِنْ مَزْرَعَتِنَا الْخَاصَّةِ، وَيَأْتِي بَعْضُهَا الْآخَرُ مِنَ الْـمُزَارِعِينَ الْـمُجَاوِرِينَ الَّذِينَ يَزْرَعُونَ حُقُولَهُمْ بِطَرِيقَةٍ بِيُولُوجِيَّةٍ. وَنَحْنُ نُنَسِّقُ مُنْذُ فَتْرَةٍ مَعَ مَتْجَرٍ لِلْأَطْعِمَةِ الطَّبِيعِيَّةِ فِي فِرَايْلَاسِينْجَ24Freilassing الْوَاقِعَةِ فِي أَلْـمَانِيَا الْـمُتَاخِمَةِ لَنَا. وَنَحْنُ نَشْتَرِي مِنْ هُنَاكَ أَيْضًا مَوَادَّ غِذَائِيَّةً، وَنَحْصُلُ بِصُورَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ عَلَى مَكَانٍ لِلتَّدْرِيبِ لِتَلَامِذَتِنَا، وَتَأْتِينَا تَبَرُّعَاتٌ مِنْ أَرْبَاحِ الشَّرِكَةِ. وَقَدْ تُوَفِّيَ مُؤَخَّرًا لِلْأَسَفِ صَاحِبُ هَذَا الْـمَتْجَرِ بِيتَرُ نَاجِي Peter Nagy، وَهَكَذَا فَنَحْنُ مَشْغُولُونَ لِتَوِّنَا لِنَقْلِ شَرِكَتِهِ، وَفْقَ وَصِيَّتِهِ، إِلَى ״وَقْفِ إِرْنِسْتَ-مِيخَائِيلَ-كِرَانِيخَ״. وَبِذَلِكَ يُمْكِنُ تَأْمِينُ مُسْتَقْبَلِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ. وَهِيَ مُهِمَّةٌ كَبِيرَةٌ وَلَهَا مَسْؤُولِيَّتُهَا.

فِي مَخْبِزٍ فِي مَزْرَعَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ نَقُومُ بِإِعْدَادِ خُبْزِنَا بِأَنْفُسِنَا فِي أَيَّامِ الْخَمِيسِ، وَيَسْتَطِيعُ الزُّمَلَاءُ شِرَاءَهُ مُقَابِلَ مَبْلَغٍ مِنَ الْـمَالِ. وَلَكِنْ َبِسَبَبِ التَّعْلِيمَاتِ الصِّحِّيَّةِ، فَلَيْسَ مِنَ الْـمَسْمُوحِ لَنَا تَسْوِيقُ الْخُبْزِ لِلْجُمْهُورِ. خَسَارَةً، لَكِنَّنَا عَلَى الْأَقَلِّ سُعَدَاءُ بِأَنْ يُسْمَحَ لَنَا بِاسْتِخْدَامِهِ خُبْزًا لِطَعَامِ الْفُطُورِ.

بَعْدَ الْأَنْشِطَةِ الصَّبَاحِيَّةِ الَّتِي تُمَارَسُ خَارِجَ الْفُصُولِ، يَذْهَبُ الْأَوْلَادُ وَالْبَنَاتُ كُلٌّ إِلَى فَصْلِهِ. وَتَكُونُ الْبِدَايَةُ بِالدُّرُوسِ الدَّوْرِيَّةِ الْـمَأْلُوفَةِ فِي نِظَامِ ״ڤَالْدُورُفَ״ لِلتَّرْبِيَةِ بِالتَّنَاوُبِ. وَهَذَا يَعْنِي: تُعَالَجُ فِي الدُّرُوسِ الدَّوْرِيَّةِ مَوَادُّ مِثْلُ الرِّيَاضِيَّاتِ، وَاللُّغَةِ الْأَلْـمَانِيَّةِ، وَالتَّارِيخِ، وَالْكِيمْيَاءِ، أَوِ الْفِيزْيَاءِ، طَوَالَ أُسْبُوعَيْنِ أَوْ ثَـلَاثَـةِ أَسَابِـيعَ أَوْ أَرْبَعَةِ. وَبِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ يُتَغَاضَى قَلِيلًا عَنْ نِظَامِ تَدْرِيسِ الْـمَوَادِّ بِالتَّوَازِي أَوْ بِالتَّعَاقُبِ. وَنَحْنُ نُرَكِّزُ هُنَا عَلَى مَوْضُوعٍ مثْلِ ״حَيَوَانَاتِ الْـمَزْرَعَةِ״، وَنُحَاوِلُ فَحْصَهُ مِنْ جَوَانِبَ مُخْتَلِفَةٍ، حَيْثُ يُمْكِنُ أَيْضًا اسْتِخْدَامُ آلَاتٍ مَُوسِيقِيَّةٍ، لِتَقْلِيدِ أَصْوَاتِ الْحَيَوَانَاتِ مَثَلًا، أَوْ تُلْقَى قَصَائِدُ بِمُحْتَوًى مُمَاثِلٍ. يُمْكِنُ أَيْضًا تَسْمِيَتُهَا ״عِلْمَ الْحَيَوَانِ״.

فِي هَذِهِ الْـمَرَاحِلِ مِنَ الدُّرُوسِ يُسْتَدْعَى أَطْفَالٌ بِصُورَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ لِلْعِلَاجِ. تُوجَدُ شَتَّى عُرُوضِ الْعِلَاجِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، مِثْلُ الْعِلَاجِ بِالرَّسْمِ، أَوِ الْعِلَاجِ بِاللُّغَةِ، أَوِ الْعِلَاجِ بِالْـمُوسِيقَى. تُعْرَضُ أَيْضًا إِمْكَانِيَّةُ الْـعَمَلِ بِالصَّلْصَالِ. وَيَدْعَمُ عَمَلَنَا أَيْضًا تَمْرِينَاتُ لُوِلَانْدَ الرِّيَاضِيَّةِ25Lohelandgymnastik، وَوَرْشَةُ الشُّمُوعِ، وَالتَّدْلِيكُ.

فِي السَّاعَةِ الْعَاشِرَةِ يَحِينُ وَقْتُ الْفُسْحَةِ. وَيَسْتَمِرُّ الْبَرْنَامَجُ مَعَ اللُّغَاتِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وغَزْلِ الصُّوفِ، وَأَعْمَالِ التِّرِيكُو، وَالْخِيَاطَةِ، وَتَصْنِيعِ الْوَرَقِ، وَالرَّسْمِ بِالزَّيْتِ، وَالرَّسْمِ عَلَى الْحَرِيرِ. وَتَتَوَاصَلُ جَلَسَاتُ الْعِلَاجِ الْـمُخْتَلِفَةُ، وَخَاصَّةً الْعِلَاجَ بِالْحَيَوَانَاتِ26، وَعَلَى رَأْسِهَا الْكِلَابُ. عِنْدَنَا كَلْبٌ فِي مَزْرَعَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ اسْمُهُ لُونَا (= قَمَرٌ). يَتَعَلَّمُ الْأَطْفَالُ فِي الْحِصَصِ الْعِلَاجِيَّةِ إِعْطَاءَ أَوَامِرَ لِهَذَا الْكَلْبِ بِصُورَةٍ مُهَذَّبَةٍ، مِثْلِ: ״اِجْلِسْ״، أَوْ: ״اِجْرِ يَا كَلْبُ مِنْ فَضْلِكَ عَبْرَ هَذِهِ الْـمَاسُورَةِ״! وَعِنْدَمَا يُنَفِّذُ الْكَلْبُ مَا يُطْلَبُ مِنْهُ، يُقَوِّي هَذَا مِنْ ثِقَةِ الْأَطْفَالِ بِأَنْفُسِهِمْ. فَهُمْ يُدْرِكُونَ أَنَّ لَدَيْهِمُ الْقُدْرَةَ عَلَى إِبْلَاغِ شَيْءٍ وَتَوْصِيلِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ يَقُومُ بِتَنْفِيذِهِ أَيْضًا. فَيَا لَهُ مِنْ نَجَاحٍ لِطِفْلٍ يَتَوَاصَلُ مَعَ الْعَالَمِ فِيمَا عَدَا هَذَا بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ جِدًّا، أَيْ بِالْعُنْفِ وَالصِّيَاحِ. إِنَّهَا الْخِبْرَةُ بِأَنْ يَشْعُرَ الآخَرُونَ بِشَخْصِيَّةِ الْـمَرْءِ، لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَعْكِسُ بِرُدُودِ أَفْعَالِهِ مَكَامِنَ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ عَنْدَ الطِّفْلِ.

تُؤَدِّي الْجِيَادُ27 أَيْضًا دَوْرًا كَبِيرًا فِي الْعِلَاجَاتِ بِالْحَيَوَانِ. وَيَتَدَّرَبُ الْأَطْفَالُ مَعَهُمْ عَلَى الْقَفْزِ فِي دَائِرَةٍ صَغِيرَةٍ، بِالْجُلُوسِ بِلَا سَنَدٍ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ، حَيْثُ يَقُومُ الْحِصَانُ بِالدَّوَرَانِ في دَائِرَةٍ وَهُوَ مَرْبُوطٌ بِحَبْلٍ طَوِيلٍ، تَحْتَ إِشْرَافِ الْـمُعَالِجِ. وَمَنْ عَايَشَ عَدَمَ الِاضْطِرَارِ إِلَى التَّشَبُّثِ بِعُرْفِ الْفَرَسِ (= شَعْرِ عُنُقِهِ) خَوْفًا، بَلْ يَعْتَلِي ظَهْرَ حَيَوَانٍ ضَخْمٍ كَهَذَا بِسُهُولَةٍ تَامَّةٍ، فَهُوَ فَخُورٌ. فَيَقُولُ الطِّفْلُ مُتَيَقِّنًا: ״إِنَّي أَسْتَطِيعُ هَذَا حَقًّا״. وَيَكُونُ هَذَا مُفِيدًا لِلْإِحْسَاسِ بِالذَّاتِ. يَسْتَطِيعُ الطِّفْلُ أَنْ يُجَرِّبَ شَيْئًا لَمْ يَجْرُؤْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ قَطُّ، وَفَجْأَةً يُصْبِحُ هَذَا مُمْكِنًا. وَقَدْ يُقَوِّي هَذَا الرَّغْبَةَ فِي الْعَمَلِ فِي قِطَاعِ الزِّرَاعَةِ لَاحِقًا، وَيُسْهِمُ فِي الشِّفَاءِ وَالتَّوَازُنِ.

وَنُقَدِّمُ بِجَانِبِ الْعِلَاجِ الْقَائِمِ عَلَى الْحَيَوَانَاتِ، وَفْقَ الدُّكْتُورِ رُودُلْفَ إِشْتَايْنَرَ، رِيَاضَةَ الْحَرَكَةِ الْجَمِيلَةِ الْعِلَاجِيَّةِ28Heileurythmie (= هَايِلْأُويْرِيتْمِي)، فَنَّ الْحَرَكَةِ ذَلِكَ الَّذِي يُعَبِّرُ بِحَرَكَاتِ الْجَسَدِ عَنِ اللُّغَةِ وَالصَّوْتِ. فِي حِصَصٍ فَرْدِيَّةٍ يَتِمُّ هُنَا مُخَاطَبَةُ الْعَنَاصِرِ الْإِنْسَانِيَّةِ الثَّلَاثَةِ، بَحَسْبِ إِشْتَايْنَـرَ، أَيِ الْفِكْرِ وَالشُّعُورِ وَالْإِرَادَةِ. يَجِبُ رَبْطُ هَذِهِ الْعَنَاصِرِ الثَّلَاثَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فِي رِيَاضَةِ الْحَرَكَةِ الْجَمِيلَةِ الْعِلَاجِيَّةِ (الْهَايِلْأُويْرِيتْمِي)، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهَا. وَيَنْبَغِي عَلَى الْأَطْفَالِ اكْتِسَابُ الثِّقَةِ فِي الْإِحْسَاسِ بِأَجْسَامِهِمْ، وَيَجِبُ أَنْ يَشْعُرُوا هُنَا، مِثْلَ جَمِيعِ مَيَادِينِ الْحَيَاةِ، بِالطُّمَأْنِينَةِ وَالْأَمَانِ.

مِنْ ضِـمْنِ مَنْ يُقَرِّرُونَ مَنْ يَتَلَقَّى أَيَّ عِلَاجٍ، طَبِيبُ مَدْرَسَتِنَا، الَّذِي يَـأْتِي إِلَى مُؤَسَّسَتِنَا، وَيَطَّلِعُ كُلَّ فَتَرْةٍ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ عَلَى مَا حَقَّقَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ مِنْ تَقَدُّمٍ، وَيَعْقِدُ مُحَادَثَاتٍ مَعَ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ، وَيُقَدِّمُ بِالتَّعَاوُنِ مَعَ الْـمُعَالِجِينَ الْـمُخْتَصِّينَ وَالْـمُعَلِّمِينَ مُقْتَرَحَاتٍ لِلْعِلَاجِ. وَالْهَدَفُ هُوَ إِبْعَادُ الْأَطْفَالِ، كُلٍّ عَلَى حِدَةٍ، عَنِ الْأَدْوِيَةِ، وَالتَّقْلِيلُ مِنْهَا، حَتَّى تَقِلَّ الْجُرْعَاتُ تَدْرِيجِيًّا. وَكَثِيرًا مَا رَأَيْتُ أَنَّ الْأَوْلَادَ وَالْبَنَاتِ، بِسَبَبِ الْحُبُوبِ الَّتِي يَتَنَاوَلُونَهَا، لَمْ يَعُودُوا هُمْ أَنْفُسَهُمْ. فَهُمْ يَفْقِدُونَ إِحْسَاسَهُمْ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ إِظْهَارَ مَشَاعِرِهِمْ، وَيَبْدُونَ كََالْـمَكْبُوتِينَ. يَقِينًا يُـمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ״الرِّيتَالِينُ״ مُفِيدًا فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ. فـ ״الرِّيتَالِينُ״ يُتِيحُ الْجُلُوسَ بِهُدُوءٍ لِفَتْـرَةٍ مِنَ الْوَقْتِ، وَيُهَيِّئُ إِمْكَانِيَّةَ التَّرْكِيزِ. وَهَذَا يَجْعَلُ التِّلْمِيذَ يَشْعُرُ بِالرَّاحَةِ، فَيَقُولُ: ״يَا سَلَامُ، إِنَّنِي أَسْتَطِيعُ حَقًّا الْبَقَاءَ جَالِسًا عَلَى مَقْعَدِي فَتْـرَةً مِنَ الْوَقْتِ، وَحَلَّ وَاجِبِ الْحِسَابِ״! وَبِدُونِ ״الرِّيتَالِينِ״، لَشَعَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ عَمَلَ أَيِّ شَيْءٍ.

وَالْـمُهِمُّ، كَمَا ذَكَرْنَا، هُوَ خِبْـرَةُ النَّجَاحِ. وَلِهَذَا السَّبَبِ فَنَحْنُ نُفَكِّرُ مَلِيًّا، كَيْفَ نَسْتَطِيعُ تَحْقِيقَ نَجَاحَاتٍ مَعَ الطِّفْلِ فِي الْـمَجَالِ الْـمَدْرَسِيِّ أَيْضًا، بَلْ وَرُبَّمَا أَيْضًا نَسْتَطِيعُ زِيَادَتَهَا، بِرَغْمِ أَنَّنَا قَلَّلْنَا الدَّوَاءَ، وَأَوْقَفْنَاهُ فِي النِّهَايَةِ تَمَامًا. فَهَذَا هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي نَبْحَثُ عَنْهُ، وَالَّذِي يُمَثِّلُ هَدَفَنَا الْأَسْمَى.

وَهَذَا يَتَحَقَّقُ لَا مَحَالةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ. مِنْ جَمِيعِ التَّلَامِذَةِ الَّذِينَ يَمْكُثُونَ عِنْدَنَا سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، يَحْصُلُ ثَمَانُونَ فِي الْـمِئَةِ عَلَى شَهَادَةِ الْإِعْدَادِيَّةِ (= التَّعْلِيمِ الْأَسَاسِيِّ)، أَوْ يَسْتَطِيعُونَ الْبَدْءَ بِتَدْرِيبٍ مِهْنِيٍّ، وَمُمَارَسَةَ مِهْنَةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَيُمَثِّلُ عَشْرَةٌ فِي الْـمِئَةِ مَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ قَارِبًا تَتَدَافَعُهُ الْأَمْوَاجُ. فَهُمْ لَا يَتَمَتَّعُونَ إِلَّا بِالْقَلِيلِ مِنَ الثَّبَاتِ وَالِاتِّزَانِ، وَيَتَمَكَّنُونَ أَحْيَانًا مِنَ الْحُصُولِ عَلَى فُرْصَةٍ، وَيَفْشَلُونَ فِي أَحْيَانٍ أُخْرَى. وَيُوَاجِهُ الْعَشْرَةُ فِي الْـمِئَةِ الْبَاقُونَ السُّقُوطَ وَالْفَشَلَ – فَيُصْبِحُونَ عَاجِزِينَ عَنِ الْـعَمَلِ، وَيَتَحَوَّلُونَ إِلَى عَالَمِ الْـمُخَدِّرَاتِ، وَمُمَارَسَةِ الْجَرِيمَةِ – بَلْ وَيَنْتَحِرُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا. وَالِانْتِحَارُ هُوَ مُشْكِلَةٌ عِنْدَنَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ نَادِرَةً لِحُسْنِ الْحَظِّ. إِنَّ مَدْرَسَةَ-بَارَاسِيلْسُوسَ لَيْسَتْ دَوَاءً لِجَمِيعِ الْأَمْرَاضِ. فَنَحْنُ لَا نَشْفِي جَمِيعَ التَّلَامِذَةِ، لَكِنْ نِسْبَةً كَبِيرَةً نِسْبِيًّا مِنْهُمْ، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ بِصُورَةٍ شَخْصِيَّةٍ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

وَكَوْنُنَا نَتَلَقَّى طَلَبَاتٍ أَكْثَرَ مِمَّا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَسْتَقْبِلَ مِنْ تَلَامِذَةٍ، يُبَيِّنُ مَدَى الْحَاجَةِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْـمُؤَسَّسَاتِ. وَهَذَا يَجْعَلُنِي إِلَى حَدٍّ مَا حَزِينًا وكَثِيرَ التَّفْكِيرِ، فَالْـمَرْءُ يَتَسَاءَلُ حَقًّا: لِـمَاذَا يَتَزَايَدُ عَدَدُ التَّلَامِذَةِ الْـمُتَعَثِّرِينَ مُؤَخَّرًا بِصُورَةٍ سَرِيعَةٍ هَكَذَا؟ وَكَوْنُ هَذَا حَقِيقَةً، فَهُوَ مَا أَثْبَتَتْهُ عِدَّةُ دِرَاسَاتٍ. وَبَحْثًا عَنْ إِجَابَةٍ، يَعْثُـرُ الْـمَرْءُ عَلَى بُغْيَتِهِ فِي وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ أَيْضًا. فَكَثِيرٌ مِنَ الْأَطْفَالِ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي سِنٍّ، يَتَحَرَّكُونَ فِيهَا فِي عَالَمِ الْخَيَالِ وَالْخُرَافَاتِ، كَثِيرًا مَا يُوَاجَهُونَ وَهُمْ صِغَارٌ جِدًّا بِأَفْلَامٍ وَأَلْعَابِ كُومْبِيُوتَرٍ، تُعْرَضُ فِيهَا أَعْمَالُ عُنْفٍ، أَوْ تُحِثُّ عَلَيْهَا، وَتَتَعَلَّقُ بِالْجِنْسِ. هَـذَا بَرَغْمِ أَنَّهُمْ أَنْفُسَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ مُطْلَقًا، كَيْفَ يَتَعَامَلُونَ مَعَ أَحَاسِيسِهِمُ الذَّاتِيَّةِ. وَمَا يَصْدِمُ الْأَطْفَالَ بِصُورَةٍ مُشَابِهَةٍ هُوَ عِنْدَمَا يُعَايِشُونَ الْعُنْفَ فِي الْـبَيْتِ، وَيَرَوْنَ كَيْفَ يُسْتَغَلُّ الْجِنْسُ مَثَلًا، لِاغْتِصَابِ الْأُمِّ، إِنْ شِئْنَا الْـمُبَالَغَةَ، لَكِنَّ الْأُمُورَ تَسِيرُ فِي هَذَا الِاتِّجَاهِ فِي حَالَاتٍ فَرْدِيَّةٍ. أَوْ عِنْدَمَا يَقَعُونَ هُمْ ضَحِيَّةً لِلاسْتِغْلَالِ الْجِنْسِيِّ.

يَقِينًا كُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ مَعْرُوفَةٌ إِلَى حَدٍّ مَا – لَكِنَّ الْحَاسِمَ هُوَ الدِّفَاعُ عَنِ النَّفْسِ. كَيْفَ يَتَعَلَّمُ الطِّفْلُ أَلَّا يَتَصَرَّفَ فِي وَقْتِ الشِّدَّةِ بِطَرِيقَةٍ عُدْوَانِيَّةٍ فَحَسْبُ، بَلْ يَعِي أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ وَحِيدًا فِي هَذَا الْعَالَمِ، وَأَلَّا يَقُولَ: ״اللَّعْنَةَ! هَا أَنَا قَادِمٌ! عَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَنْكَشِحُوا مِنْ هُنَا״! بَلْ يَتَصَرَّفُ بِصُورَةٍ جَمَاعِيَّةٍ مُتَعَاطِفَةٍ؟ إِنَّ هَذَا يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ لَنَا مُهِمَّةً تَرْبَوِيَّةً ضَخْمَةً. وَالتَّرْبِيَةُ هِيَ مُهِمَّةٌ كَبِيرةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَقَدْ سَبَقَ أَنْ نُوقِشَتْ ذَاتَ مَرَّةٍ فِكْرَةُ ״رُخْصَةِ تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ״، رُبَّمَا يَنْبَغِي إِحْيَاءُ هَذِهِ الْفِكْرَةِ مَرَّةً أُخْرَى. ״رُخْصَةُ تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ״ كَشَهَادَةِ تَخَصُّصٍ تُثْبِتُ أَنَّ الْـمَرْءَ يَسْتَطِيعُ التَّعَامُلَ مَعَ الْأَطْفَالِ. فَالْإِنْسَانُ يَحْتَاجُ إِلَى تَعْلِيمٍ لِكُلِّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْعَالَمِ، إِلَى شَهَادَةٍ، إِلَى وَثِيقَةٍ. الْأَطْفَالُ فَقَطْ يَسْتَطِيعُ الْـمَرْءُ إِنْجَابَهُمْ وَتَرْبِيَتَهُمْ، بِدُونِ مُؤَهِّلَاتٍ. لَكِنْ عِنْدَمَا أَنْظُرُ بَعْدَئِذٍ كَأَبٍ إِلَى أَطْفَالِي الْأَرْبَعَةِ، أَكُونُ سَعِيدًا، لِعَدَمِ اضْطِرَارِي إِلَى الْحُصُولِ عَلَى ״رُخْصَةِ تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ״ هَذِهِ. بَيْدَ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُنْسَى شَيْءٌ: تَرْبِيَةُ الْأَطْفَالِ تَعْنِي تَخْصِيصَ الْكَثِيرِ مِنَ الْوَقْتِ لَهُمْ، وَتَحَمُّلَ الْكَثِيرِ مِنَ الْـمَسْؤُولِيَّةِ تُجَاهَهُمْ، وَمَنْحَهُمُ الشُّعُورَ بِالتَّرَابُطِ الْأُسَرِيِّ. وَفِي حَالَاتٍ كَثِيرَةٍ لَا يَكُونُ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِي أَيْضًا دَائِمًا سَهْلًا.

لَكِنْ لِنَعُدْ إِلَى مَوْضُوعِ الْـمَدْرَسَةِ: إِنَّ أُمْنِيَّتِي الْكُبْرَى هِيَ أَنْ تَسْتَمِرَّ، بَعْدَ سَبْعِ سَنَوَاتٍ مِنْ وُجُودِهَا، أَيْضًا بِدُونِي، وَبِدُونِ دَعْمِي الْـمَالِيِّ الَّذِي يَبْلُغُ نَحْوَ أَرْبَعِمِئَةِ أَلْفِ يُورُو سَنَوِيًّا. وَسَيَكُونُ هَذَا هُوَ الطَّرِيقَ الَّذِي أَشُقُّهُ مُنْذُ طُفُولَتِي، عِنْدَمَا أَرَدْتُ رَبْطَ عَالَمِ أَبِي، عَالَمِ الْأَعْمَالِ وَالْأَرْبَاحِ، وَعَالَمِ أُمِّي – تَفَهُّمِ عَوَاطِفِ الْآخَرِينَ (إِمْبَاتِي)29Empathie وَالْحِكْمَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ (الْأَنْتِرُوبُوسُوفِي)30Anthroposophie، بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ. بَيْدَ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَيَّ الآنَ الْجَمْعُ بَيْـنَ التِّجَارِيِّ وَالِاقْتِصَادِيِّ مِنْ جِهَةٍ وَالْعِلَاجِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى: أُرِيدُ تَحْقِيقَ مَا يَنْقُصُ مُجْتَمَعَنَا: اقْتِصَادٌ بِوَجْهٍ إِنْسَانِيٍّ. صَحِيحٌ أَنَّهُ عَالَمٌ مِثَالِيٌّ، لَكِنِّي لَمْ أَفْقِدِ الْأَمَلَ بَعْدُ فِي أَنْ يَتَعَلَّمَ نِظَامُ الْإِدَارَةِ الْحَالِيِّ شَيْئًا مِنَ الْأَنْتِرُوبُوسُوفِي (= الْحِكْمَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ). وَذَلِكَ بَمَعْنَى: نَقْلِ الْخُطُوَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ لِتَطَوُّرِ الْإِنْسَانِ إِلَى مَجَالِ الِاقْتِصَادِ. فَلَوْ كَانُوا قَدْ رَاهَنُوا عَلَى أَنْظِمَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَلَيْستْ مُصْطَنَعَةً، لَظَهَرَتْ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ بِصُورَةٍ مُخْتَلِفَةٍ الْيَوْمَ.

فلَا عَجَبَ أنْ يُوَاجِهُونِي دَاخِلَ الْعَائِلَةِ أَحْيَانًا بِنَظْرَةٍ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الشَّكِّ، بِرَغْمِ أَنَّ الْـمَقْصُودَ مِنْ هَذَا لَيْسَ ازْدِرَاءً، بَلْ هُوَ يُعَبـِّــرُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الِاسْتِغْرَابِ. وَنَظَرًا إِلَى أَنَّ دُوروتِيَا بُورْشِيةَ Dorothea Porsche، جَدَّتِي مِنْ نَاحِيَةِ أَبِي، كَانَتْ مِنْ مُعْتَنِفِي الْأَنْتِرُوبُوسُوفِي، وَأَلْحَقَتْ أَبْنَاءَهَا الْأَرْبَعَةَ بَإِحْدَى مَدَارِسِ رُودُلْفَ-شْتَايْنَرَ، فَإِنَّ مَوْقِفَ عَائِلَتِنَا هَذَا لَيْسَ غَرِيبًا عَلَى الْإِطْلَاقِ. بَيْدَ أَنَّ سُلُوكِي لَا يُقَيَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَادٌ هَكَذَا، لِأَنَّ هَذَا الَّذِي يَتَدَفَّقُ لِي مِنْ أَمْوَالٍ مِنْ شَرِكَاتِنَا – أَمْوَالٌ ״لَا أَفْعَلُ شَيْئًا״ فِي مُقَابِلِ الْحُصُولِ عَلَيْهَا – يُنْفَقُ جُزْءٌ لَا يُسْتَهَانُ بِهِ مِنْهَا عَلَى الْـمَدْرَسَةِ. إِنَّنِي أَرُدُّ بِذَلِكَ إِيرَادَاتِي إِلَى الْجُمْهُورِ، حَتَّى وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْـمُؤَسَّسَةُ لَا تُفِيدُ كُلَّ إِنْسَانٍ – أَوْ لَا تُسْتَخْدَمُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ. وَبِرَغْمِ ذَلِكَ فَإِنَّ مُؤَسَّسَةَ مَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ هِيَ مَشْرُوعٌ مُجْتَمَعِيٌّ عَامٌّ، لِأَنَّهَا يُمْكِنُ أَنْ تُسْتَخْدَمَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، عِنْدَمَا تَكُونُ هُنَاكَ حَاجَةٌ لِذَلِكَ. وَهَذَا يَمْنَحُنِي شُعُورًا باسْتِخْدَامِ ثَرْوَتِي اسْتِخْدَامًا نَافِعًا، وَتَوْزِيعِهَا تَوْزِيعًا عَادِلًا.

وَلَمْ تَكُنِ الرَّغْبَةُ في عَمَلِ شَيْءٍ مُفِيدٍ فِكْرَةً قَدْ ظَهَرَتْ فَجْأَةً، بَلْ هِيَ مُرْتَبِطَةٌ ارْتِبَاطًا وَثِيقًا بِتَقَالِيدِ عَائِلَتِنَا، كَمَا ذُكِرَ مِنْ قَبْلُ، وَكَانَتْ ظَاهِرَةً عِنْدِي مُنْذُ طُفُولَتِي.

لَكِنَّ الْأَمْوَالَ الَّتِي تُضَخُّ مِنْ شَرِكَاتِ بُورشِيةَ يُمُكِنُ أَيْضًا أَنْ تَتَوَقَّفَ يَوْمًا مَا، ذَلِكَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ يَعْرِفُ مَا الَّذِي سَتَأْتِي بِهِ الْأَزَمَاتُ الْـمَالِيَّةُ، وَأَزَمَاتُ الْبُنُوكِ، الْـمَاضِيَةُ، وَالْحَالِيَّةُ، وَالْـمُتَوَقَّعُ حُدُوثُهَا فِي الْـمُسْتَقْبَلِ – وَلِهَذَا السَّبَبِ فَإِنَّهُ مِنَ الْـمُهِمِّ أَنْ تُصْبِحَ الْـمَدْرَسَةُ فِي الْـمُسْتَقْبَلِ مُجْدِيَةً اقْتِصَادِيًّا. وَلِكَيْ أَقُولَهَا بِوضُوحٍ، وَتَحَاشِيًا لِإِظْهَارِ انْطِبَاعٍ خَاطِئٍ: بِرَغْمِ جَمِيعِ الْأَنْشِطَةِ الِاجّتِمَاعِيَّةِ – فَإِنَّنِي لَسْتُ ضِدَّ التَّفْكِيرِ الِاقْتِصَادِيِّ، وَلَا ضِدَّ الرِّبْحِ، وَلَا ضِدَّ مُوَاصَلَةِ التَّنْمِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ.

لَكِنِّي وَصَلْتُ مِنْ خِلَالِ الْأَزْمَةِ الْـمَالِيَّةِ وَالِاقْتِصَادِيَّةِ سَنَةَ 2008م – الَّتِي أَصَابَتْ شَرِكَتَنَا أَيْضًا بِشِدَّةٍ – إِلَى لَحْظَةٍ وَعَيْتُ فِيهَا أَنَّنِي لَمْ يَسْبِقْ لِي قَطُّ أَنْ كَسَبْتُ مَالًا يَخُصُّنِي حَقًّا. وَهُوَ مَا لَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُـمْكِنُنِي الْبَحْثُ عَنْ عَمَلٍ كَمُعَالِجٍ مُوسِيقِيٍّ. لَكِنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَتَعَلَّقِ بِهَذَا. لَقَدْ كَانَتِ اللَّحْظَةُ الَّتِي أَوْعَتْنِي أَنَّنِي لَا أُرِيدُ أَنْ تَنْتَهِيَ مَشْرُوعَاتِي الْجَارِيَةُ بِالْفَشَلِ بِبَسَاطَةٍ. وَهُوَ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْدُثْ لِحُسْنِ الْحَظِّ. مِثْلَمَا كَانَ مِنَ الْـمُمْكِنِ أَنْ يَحْدُثَ: أَنْ يَنْتَهِيَ كُلُّ شَيْءٍ بِالْفَشَلِ! لَكِنْ مُنْذُ أَنْ شَعَرْتُ أَنَّ الْأَمْوَالَ السَّائِلَةَ سُرْعَانَ مَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُهَا، أَشْعُرُ بِمَسْؤُولِيَّةٍ مُضَاعَفَةٍ عَلَى ظَهْرِي. فَمِنْ نَاحِيَةٍ يَنْبَغِي عَلَيَّ التَّصَرُّفُ بِمَزِيدٍ مِنَ الْـمَسْؤُولِيَّةِ فِي الْـمَالِ الَّذِي ״أَحْصُلُ عَلَيْهِ بِدُونِ مُقَابِلٍ״. وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَإِنَّنِي أَعْرِفُ أَنَّه لَا يُوجَدُ حَتَّى الْآنَ ضَمَانَاتٌ أُخْرَى بِالشَّكْلِ الـمُنَاسِبِ. فَالتَّقَلُّبَاتُ الـمَالِيَّةُ – كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَتَعَلَّمَ أَوَّلًا كَيْفَ أَتَعَامَلُ مَعَهَا. يَقِينًا بِوُسْعِي أَنْ أَسْتَثْمِرَ الْآنَ خَمْسَةَ أَوْ سِتَّةَ مَلَايِينِ يُورُو، وَأَقُولَ: ״هَذَا هُوَ مَعَاشِي، إِنِّي أَسْتَثْمِرُ هَذَا الْـمَالَ، وَأَجْعَلُهُمْ يَدْفَعُونَ لِي مِنْهُ مَبْلَغًا مُعَيَّنًا سَنَوِيًّا، أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعِيشَ بِهِ أَنَا وَأُسْرَتِي عِيشَةً رَغِيدَةً فَتْـرَةً طَوِيلَةً״. هَذَا شَيْءٌ مُمْكِنٌ. لَكِنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ مُمْكِنًا. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا مِنَ الْـمُمْكنِ أَنْ تَنْتَهِيَ الْأُمُــورُ لِغَيْرِ صَالِحِ الْـمَشْرُوعَاتِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ الَّتِي دَشَّنْتُهَا. وَلِذَلِكَ: فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَكْوِينُ احْتِيَاطِيَّاتٍ مَالِيَّةٍ هَكَذَا. وَرَغْمَ أَنَّنِي سَلِمْتُ، فِي الْوَقْتِ الْحَالِيِّ عَلَى الْأَقَلِّ، مِنَ الْقَلَقِ مِنْ كَيْفِيَّةِ تَغْطِيَةِ مَصَارِيفِي الشَّخْصِيَّةِ حَتَّى آخِرِ الشَّهْرِ، وَكَيْفَ أُطْعِمُ أُسْرَتِي، فَإِنَّنِي أَشْعُرُ مَعَ ذَلِكَ بِالْقَلَقِ. هُوَ قَلَقٌ مُخْتَلِفٌ، قَلَقُ رَجُلٍ غَنِيٍّ. وَلَيْسَ يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بَمَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ فَقَطْ. فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ ״مَرْكَزِ سَانْتَ يَعْقُوبَ أَمَ تُورْنَ״ “Kulturzentrum St. Jacob am Thurn“ الَّذِي هُوَ أَيْضًا جُزْءٌ مِنْ مُمْتَلَكَاتِي كَشَخْصٍ غَيْرِ رَسْمِيٍّ.  وَأَقُومُ بِتَأْجِيرِ ״قَاعَةِ يَعْقُوبَ״ – الَّتِي هِيَ جُزْءٌ مِنْ هَذَا الْـمَرْكَزِ الثَّقَافِيِّ – بَعْضَ الْأَوْقَاتِ لِـمَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ (عَلَى سَبِيلِ الْـمِثَالِ لِحِصَصِ الْحَرَكَةِ أَوِ عُرُوضِ الْـمَسْرَحِ)، أَوْ لِلْمَطْعَمِ الْبِيُولُوجِيِّ الْـمُجَاوِرِ ״شُوتْسِينْڤِيرْتَ״31“Schützenwirt“(= مُضِيفِ الرُّمَاةِ). وَهَكَذَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ حَفَلَاتِ الزَّوَاجِ أَوِ التَّعْمِيدِ فِي الْقَاعَةِ الْكُبْـرَى. وهَذَا أَيْضًا نَوْعٌ مِنْ تَغْطِيَةِ الْـمَصَارِيفِ. وَيُمْكِنُ تَزْوِيدُ الْقَاعَةِ بِمَسْرَحٍ مُتَحَرِّكٍ مِنْ أَسْفَلَ إِلَى أَعْلَى، وَيَمِيلُ إِلَى الْأَمَامِ وَالْخَلْفِ، وَكَذَلِكَ بِمَسْرَحٍ مُتَحَرِّكٍ بِدَائِرَةٍ يَبْلُغُ قُطْرُهَا ثَلَاثَةَ أَمْتَارٍ – يَحْسُدُنَا عَلَيْهَا النَّاسُ حَتِّى الْـمُخْرِجُونَ الْـمَسْرَحِيُّونَ فِي ״مَسْرَحِ سَالِزْبُورْجَ״- لِاسْتِغْلَالِهَا لِإِقَامِةِ ״عُرُوضِ الْحَرَكَةِ الْجَمِيلَةِ״ “Eurythmieaufführungen“، وَفِي الْقِرَاءَاتِ، وَالْـمُحَاضَرَاتِ، وَالْإِنْتَاجِ الْـمَسْرَحِيِّ، وَالْعُرُوضِ السِّينِمَائِيَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَفَلَاتٍ. وَيَنْتُجُ عَنْ هَذَا إِيرَادَاتٌ إِضَافِيَّةٌ.

تَسْتَفِيدُ مِنْ خِلَالِ هَذَا النَّمُوذَجِ كُلُّ مُؤَسَّسَةٍ مِنَ الْـمُؤَسَّسَاتِ الْأُخْرَى. لَكِنَّ هَذَا لَا يَكْفِي عَلَى الْإِطْلَاقِ، لِتَحْقِيقِ الِاسْتِقْلَالِ الِاقْتِصَادِيِّ. فَبِجَانِبِ الدَّعْمِ الَّذِي أُقَدِّمُهُ لِلْـمَدْرَسَةِ، عَلَيَّ تَدْبِيرُ مَبْلَغٍ إِجْمَالِيٍّ سَنَوِيًّا يَتَرَاوَحُ مَا بَيْـنَ مِلْيُونٍ وَسِتِّمِئَةِ أَلْفِ يُورُو حَتَّى مِلْيُونٍ وَثَمَانِيمِئَةِ أَلْفِ يُورُو، مَصَارِيفِ الْـمَرْكَزِ الثَّقَافِيِّ. وَهُوَ مَبْلَغٌ لَا يُسْتَهَانُ بِهِ. بِالطَّبْعِ يُمْكِنُ أَنْ تَتَعَاوَنَ ״قَاعَةُ يَعْقُوبِ״ مَعَ قِطَاعِ الْـمَطَاعِمِ بِصُورَةٍ أَوْثَقَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْآنَ، لَكِنَّ هَذَا وَحْدَهُ لَنْ يَجْلِبَ أَرْبَاحًا كَافِيَةً، لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنِ الدَّعْمِ الَّذِي أُقَدِّمُهُ. مَازَالَ يَنْبَغِي عَلَيَّ إِذًا أَنْ أُفَكِّرَ فِي مُقْتَرَحَاتٍ أُخْرَى، لِإِيجَادِ طُرُقٍ لِتَحْقِيقِ الْجَدْوَى الِاقْتِصَادِيَّةِ.

أَوَّلُ مَا خَطَرَ عَلَى بَالِي لِذَلِكَ هُوَ الْبِيرَةُ (الْجِعَةُ) الْخَالِيَةُ مِنَ الْكُحُولِ. وَهِيَ سَتَدْخُلُ الْآنَ مَرْحَلَةَ الْإِنْتَاجِ. أَوْ عَصَائِرُ اللَّيْمُونِ الْفَوَّارَةُ. وَقَدْ رَجَوْتُ خَبِيرًا فِي صِنَاعَةِ الْبِيرَةِ أَنْ يَبْحَثَ مَعِي إِنْ كَانَتْ فِكْرَةُ ״يَعْقُوبَ-جُولْدَ״ هِيَ إِمْكَانِيَّةً يَسْتَطِيعُ الطَّرَفَانِ الِاسْتِفَادَةَ مِنْهَا. الْقِدِّيسُ يَعْقُوبُ بِعَصَا التَّجْوَالِ – هَذَا الْـمُتَجَوِّلُ الَّذِي يَنْتَمِي إِلَى مِنْطَقَةِ ״سَانْتَ-يَعْقُوبَ-أَمَ-تُورْنَ״، أَلَا يُذَكِّرُنَا بِطَرِيقِ-يَعْقُوبَ، طَرِيقِ الْحُجَّاجِ32Jakobsweg-den Weg der Pilger؟ أَلَا يُثِيرُ مَجَرَّدُ التَّفْكِيرِ فِي ذَلِكَ الْعَطَشَ؟ وَقَدْ تَمَّ طَرْحُ هَذَا الْـمُنْتَجِ ״يَعْقُوبَ-جُولْدَ״ (بِدُونِ كُحُولٍ) لِلْبَيْعِ فِي بَعْضِ الْـمَتَاجِرِ الْبِيُولُوجِيَّةِ الْفَرْدِيَّةِ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ 2011م مُنْتَجٌ جَدِيدٌ تَمَامًا مِنْ إِنْتَاجِ مَصْنَعِ بِيرَةِ ״جُوسْڤِيرْكَ״ “Gusswerk“: ״سِيرِيڤِينُومَ״ “Cerevinum“، وَهُوَ مَزِيجٌ مِنَ النَّبِيذِ وَالْبِيرَةِ. وَيُخَصَّصُ جُزْءٌ مِنْ صَافِي الرِّبْحِ لِدَعْمِ مَدْرَسَةِ-بَارَاسِيلْسُوسَ. لَكِنَّ هَذَا هُوَ مُجَرَّدُ مُقَدِّمَةٍ، سَيَكُونُ عَلَيَّ تَطْوِيرُ بَعْضِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَفْكَارِ، وَتَنْفِيذُهَا، بِالتَّعَاوُنِ مَعَ أَشْخَاصٍ آخَرِينَ.

إِنَّ هَذَا لَمْ يُؤَرِّقْنِي بَعْدُ، وَإِنْ أَقْلَقَنِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ أَوْ تِلْكَ، عِنْدَمَا أَتَأَمَّلُ مَا حَقَّقْتُهُ كَافَّةً، وَمَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى فِي الْـمُسْتَقْبَلِ، وَأَيْضًا مَا الَّذِي لَمْ أُحَقٍّقْهُ بَعْدُ. ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا قُلْتُ: لَيْسَ يَسْتَطِيعُ الْـمَرْءُ أَنْ يَنْقُرَ بِأَصَابِعِهِ، فَتَأْتِي الْأَمْوَالُ وَالْإِمْكَانِيَّاتُ الْـمُنَاسِبَةُ لِذَلِكَ. فَقَدْ نَتَجَ عَنِ الْحَاجَةِ فَضِيلَةٌ. وَهَكَذَا نَشَأَ اسْمُ ״يَعْقُوبْسَ-جُولْدَ״ “Jakobsgold“ في ״مَرْكَزِ سَانْتَ-يَعْقُوبَ-الثَّقَافِيِّ״ بِصُورَةٍ خَاصَّةٍ أَيْضًا لِـمُسَاعَدَةِ ذَلِكَ الْـمَصْنَعِ الْخَاصِّ الصَّغِيرِ لِإِنْتَاجِ الْبِيرَةِ فِي سَالْزِبُورْجَ لِلْخُرُوجِ مِنَ الْوَضْعِ الْـمَالِيِّ الْحَرِجِ.