إدوارد مونش كان أول الواصلين ( الصرخة، 1893): إذا كانت الحقيقة هي أن الواقع دوامة مرعبة ومفككة، إذن يجب على كلا الشكل والمضمون أن يعبّرا عن ذلك. ثاني الواصلين كان بابلو بيكاسو (آنسات آفنيون، 1907): إذا كانت حقيقة الواقع هي مهشمة ومفرغة إذن على الشكل والمضمون أن يعبرا عن ذلك. تروح بنا لوحات سلفادور دالي السيريالية إلى خطوة أبعد: إذا كانت الحقيقة هي أن الواقع عصيّ على الفهم، عندها يمكن للفن أن يلقننا هذا الدرس عبر استخدام أشكال واقعية ضداً على الفكرة القائلة بأننا نقدر على التمييز بين الواقع الموضوعي و ذاتية الأحلام اللاعقلانية.
ما دام أننا درجنا في عملية الإقصاء، في ما يلي من اللوحات الأيقونية وأكثرها أهمية في القرن العشرين، نلحظ أنه غالبا ليس ما على اللوحة ما يهم، بل ما ليس عليها. المثير في الأمر هو ما أقصي وصار الآن منسياً. يصبح الفن عن النسيان.
لكننا نجد التضاريس في ملمس اللوحات التقليدية، مما يضفي عليها سمة البعد الثلاثي حين تفحصها عن قرب. لذلك، وكما عرض Morris Louis عام 1961 في لوحته Alpha-phi. بإمكاننا الاقتراب أكثر من جوهر اللوحة ثنائي الأبعاد عبر ترقيق الأطلية في اللوحة حتى لا تتكون التضاريس. نحن الآن ثنائيو البعد أكثر من أي وقت مضى، وهنا نهاية الاستراتيجية الاختزالية، لم يعد للبعد الثالث أثر.

اللوحة كما هي: ضربات فرشاة ليس إلا. ومع هذه المزحة الصغيرة، ينتهى خط التطور هذا.

أما بخصوص الجنس، فـ Venus لـ Saint Phalle يمكن لها أن تأدية عمل مزدوج هنا. نستطيع تأويل البندقية التي يخترق رصاصها المنحوتة بأنها أداة ذكورية للسيطرة. في هذه الحالة يعتبر عمل الفنانة احتجاجاً نسوياً على السيطرة الذكورية للأنوثة. الخط العام لفن النسوية يتضمن ملصقات Barbara Kruger بكلمات سوداء وحمراء عريضة والتي تملأ معارضاً بأكملها لوجوه تصرخ شعارات “لائقة” حول قضية “جعل المرأة ضحية”، هذا هو الفن كيافطة في مسيرة سياسية. Branded لـ Jenny Saville هي رسمة شخصية مشوهة. ضداً على مفهوم الجمال الأنثوي، تؤكد Saville على أنها ستكون منتفخة وقبيحة ثم تعرضه لنا بشكل فج.
الجنس الغريب (الشاذ): الجنسانيات والرغبات الجنسية المختلفة تم استهلاكها خلال القرن العشرين. لكن حتى قريب لم يستكشف الفن عالم الجنس متضمنا الأطفال. أظهر Eric Fischl في Sleepwalker مراهقاً يمارس الاستمناء وهو واقف وسط مسبح صغير في باحة خلفية. أما Bad Boy فيظهر Fischl صبياً يسرق من حقيبة أمه بينما هو ينظر إلى جسدها العاري نائمة على السرير ومباعدة بينن ساقيها. على أي حال، إذا كنا قد قرأنا فرويد فالأرجح أن لن يبدو هذا صادماً. إذن لننتقل إلى Paul McCarthy، Cultural Gothic وموضوع جنس الحيوانات. في هذا العرض الحي، نرى ولداً صغيراً يقف خلف ماعز منتهكاً إياه. لدينا هنا أكثر من مجردد موضوع جنس الأطفال و جنس الحيوانات، فـMcCarthy أضاف تعليقاً اجتماعياً وذلك بوجود الأب واقفا ًخلف ابنه واضعاً يديه على كتف الصبي بصورة أبوية بينما يستمر الصبي في انتهاكه الجنسي للحيوان.
في عام 2000 وكتحية لأستاذهما Marcel Duchamp، قام كل من Yuan Cai و Jian Jun Xi بالتبول في “النافورة” المعروضة في متحف Tate في لندن، وذلك خلال أوقات الزيارة الاعتيادية. (لم يسرّ القائمون على المعرض بهذه الفعلة، ولكن Marcel Duchamp كان حتماً سيفخر بأبنائه الروحيين). ثم لدينا G. G. Allin الذي تحصل على دقائقه المعدودة من الشهرة حينما تغوط على المسرح ثم قذف بفضلاته على الجمهور.Copyright © 2025 | مجلة حكمة: من أجل اجتهاد ثقافي وفلسفي