يعدّ تشارلز بوكوفسكي بالنسبة لمن يرغب في إجراء مقابلة معه، كوحش اليّية الذي يظهر على حين غرة لمكتشف الهملايا. إنه لأمر شاق العثور عليه وإن حدث وتم العثور عليه، تصبح الحياة خطرة جداً. قيل أنه لا وجود لشخص يدعى تشارلز بوكوفسكي أساساً، وأن شائعة أثارت لغطاً لسنوات يزعم مروّجيها بأن كل تلك القصائد الصاخبة الموقعة باسمه، كتب في الحقيقة من طرف عجوز قذر ذا إبطين كثيفي الشعر. إلا أنه طبعاً يوجد شخص يدعى تشارلز بوكوفسكي، وهو هناك منزوٍ في غرفة، بسرير مغروس في جدار، في شقة باردة بقلب هوليود، حيث يخفيها من جانب مبنى مكتب المساعدة الاجتماعية و مقر الأمن القديم ومن الجانب الآجر منشأة مستشفى كايزر. يا لـ تشارلز المسكين! يبدو كمدمن كحول متقاعد ينتمي لذلك المكان فعلاً. حين ردّ و نحن على الباب، كانت عيناه التي تعتليهما مسحة حزينة، و صوته المُنهك، ولباس النوم الحريرية الذي كان يرتديه، كل ذلك أوحي لي مما لا يدعو للشّك أن الرجل الواقف أمامي مُتعب. جلسنا و تحدثنا و احتسينا البيرة وبعض الويسكي، و شيء فشيء أخد تشارلز في الإرتخاء حتى صار كعذراءٍ خاضعة للإغواء، ليتنازل أخيراً، ويخوض أولى مقابلاته. إذا قُمتَ وأخرجت رأسك كفاية عبر نافذة شقته، بإمكنك رؤية الأضواء المنبعثة من منزل ألدوس هكسلي حيث يقطن ذاك الكاتب الناجح فوق التل.