مجلة حكمة
الرغبة دولوز

القوّة الإنتاجية للرغبة في فلسفة دولوز و غاتاري – وليم العوطه


الرغبة ليست نقصًا

حتى العام 1973، قبيل ظهور كتابيهما المؤسِّس آنتي-أوديب (أو أوديب مضادًا أو  ضد أوديب)، كانت معظم المراجع التي تقود الى فلسفة جيل دولوز (1925-1995) وصديقه فليكس غاتاري (1930 – 1992) في الرغبة قد ظهرت في كتاب دولوز بروست والعلامات . في كتابه هذا ، يتحدّث دولوز عن الرغبة في سياق كلامه عن  فلسفة الحب، وتمحورت مناقشته حول الرغبة وموضوعها، إذ يرى أنّ الرغبة لا تطلب الموضوع objet بحد ذاته، بل تتجه ناحية العالم الذي يحمله هذا الموضوع ويعبّر عنه، وإنّ الخيال هو المسؤول عن حمل تلك الرغبة وادخالها في هذا العالم الآخر من خلال الموضوع. ويشير دولوز الى أنّ هذه الصورة للرغبة نجدها في الحب، حيث يرغب العاشق بعالمٍ آخرٍ يجده في الآخر المعشوق وجسده[1].  وهنا لا نجد كلامًا عن حاجةٍ أو عن نقصٍ تشتغل الرغبة على ملئه واستكماله، إذ أنّ اشباع الرغبة وتحقيق اللّذةِ لا يحصل باستكمال نقصٍ فيها يجدُ كماله في موضوعٍ يقابلها. بل إنّ وسمَ الرغبة بالنقصِ هو إحدى لعنتين طالتا الرغبةِ هذه: فالأولى لعنة مسيحية الطابع استمرت مع الاغريق، وهي التي، كما أسلفنا، وسَمت الرغبة بالنقص. أمّا اللعنة الثانية فهي التي اعتبرت إنّه يمكن اشباع الرغبة باللذة  plaisir واستكمالها بالتمتّع[2].  إنّها، كما يقول دولوز، “دائرة هزلية”: رغبة – لذة – تمتّع”، لا بل هي “خيانة مثلّثة” أو “خيانات ثلاث كبرى”  (رد الرغبة الى النقص واللذة والتمتّع) طالما أنّ إدخال النقص في الرغبة معناه “أن نجهل بالتمام السيرورة، ومتى فعلنا ذلك، لن يمكننا أن نقيس الامتلاءات الظاهرة للرغبة إلاّ باللذة، وبالتالي فإنّ مرجعية اللذة تتأتى مباشرةً من فكرة الرغبة كنقص، ولن يكن بإمكاننا أيضًا إلاّ أن نعيدها الى التعالي الخاص بالتمتع المستحيل الّذي يعود الى الاخصاء والى الذات المتفسخة”[3]. وبالنظر الى نصوص فرويد مثلاً، تبدو الرغبة توترًا غير مستساغ ينقصه شيئٌ ما، فتكون والحالة هذه قصدًا يتوجّه نحو ما ينقصه، ولذلك يجري تعريفها وفقًا لتعالٍ، بنفس الطريقة التي يتم قياسها وفقًا لوحدةٍ لا تنتمي إليها هي اللذة أو النشوة التي تحقق افراغها.

وفي نصّه المعنون “الرغبة واللّذة” ينتقدُ دولوز ما يسمّيه فلسفة اللّذة عند ميشيل فوكو (1926-1984)، ويعلّن تبرّمه من كلمة لذّة التي يستخدمها فوكو كبديل عن كلمة رغبة. ويبدو هذا الاستخدام مختزِلاً مرةً اخرى الرغبةَ الى النقص، معتبرًا اياها معطىً طبيعيًا، ولكنّ الرغبة “سيرورة، وليست بنية أو تكوّنًا؛ وهي اشعور [انفعال] affect  وليست إحساسًا sensation؛ وهي هذيّة Dasein  وليست ذاتًا sujet؛ وهي حدث évènement وليست شيئًا أو شخصًا”[4]. أمّا اللذة فلا يمكن اعطاؤها قيمة ايجابية واثباتية، لأنها، بحسب دولوز، تقطع سيرورة الرغبة وتحيلها دائمًا الى المتعة أو الى النقص وتربطها بغايةٍ هي الاستلذاذ، منتزعةً منها كل بعد ايجابي ومنتج. ويجعل هذا الربط أو التماثل بين الرغبة واللذة، من الرغبة في قصديتها intentionnalité لموضوعٍ ما وكأنها تتوجّه دائمًا صوب المتعالي  transcendantale ، ويجري قياسها بما لا ينتمي إليها، بينما هي “سيرورة محضة”.

ما الآلة؟

تكلم دولوز وغاتاري عن الرغبة بمصطلحات “الدفوق”، “القطع” و “الآلات”، وهي مصطلحات مستعارة من عالم الانتاج، ولكن مع ذلك لا يمكن اعتبارها مجرّد استعارات، بل ثمرة حاجة لتخليص اللغة النظرية من كلّ افتراضات مثالية مسبقة. تتأكّد هذه المادية matérialisme  عندما يصفا الرغبة بمصطلح الآلة. وبالفعل، استعمل دولوز وغاتاري مصطلح “الآلة” في العديد من المؤلفات (“فوكو“، “السينما: الحركة والصورة” في جزئيه، وبالتحديد في آنتي –أوديب و ألف سطح)، وعالجا في بعضها هذا المصطلح عبر ربطه مباشرةً بالتكنولوجيا وآثار استخدامها كمكوِّنٍ في إرتصافات كبرى[5]. وتبدو مقدمة كتاب آنتي-أوديب وكأنّها تشتغل فعلاً كآلة فهذا يعمل في كل مكان و”هذا يتنفسّ، هذا يحْمى، هذا يأكل، هذا يبوّل، هذا يضاجع […] إنّها الآلات في كلّ مكان، لا على سبيل المجاز أبدًا: آلات الآلات، مع مزاوجاتها وارتباطاتها”[6]. فما هي هذه الآلة؟

بالنسبة لدولوز  وغاتاري يمكن تعريف الآلة بأنها سيستام من القطع système de coupure[7]. وليس القطع الذي تقوم به الآلة فصلاً séparation مع الواقع، بل إنّ القطوعات تشتغل في أبعاد متغيّرة و كل آلة ترتبط بدفق ماديّ متواصل يُسمّى hylé أو هيولى، ولا يمكن للآلة أن تنتج قطعًا لدفقٍ الا من خلال اتصالها بآلةٍ أخرى يُفترض إنّها التي انتجت الدفق، وتكون هذه ايضًا قطعًا، ولكنها تتصل بآلةٍ ثالثةٍ تُنتج نسبيًا دفقًا متصلاً لامتناهيًا. كل شيء إنتاج، إنتاج إنتاجات، إنتاج الحركات والأهواء passions والتسجيلات  والتوزيعات والوسوم، الاستهلاكات، الشهوات، القلق والآلام. إنّ الثدي مثلاً آلة تنتج دفقًا من الحليب الّذي تقوم آلة الفم بقطعه من الحلمة، والتي بدورها تتزاوج مع آلةٍ أخرى هي المعدة؛ الخلاصة أن هناك دومًا “آلة منتِجة لدفقٍ، وأخرى تتصل به، تحدِثُ قطعًا، او اقتطاعًا من الدفق[…] وكل دفقٍ يفترض تجزئة الشيء”[8]. ويكون هذا الدفق نتاج آلة أخرى، بحيث أنّ كل آلة هي آلة الآلة، فسلسلة الإنتاجات تحتوي عدة آلات متصلة ببعضها ، وكل آلة “تُفسّر العالم كله وفق دفقها الخاص، وفقًا للطاقة المنسابة منها: العين تفسّر كل شيء بتعابير الرؤية – وكذلك التكلّم والسمع والتغوّط والتقبيل..ولكن دومًا، يوجد ترابطٌ مع آلة أخرى، في مستعرَضةٍ [transversalité] حيث الواحدة تقطع دفق الثانية أو “ترى” دفقها مقطوعًا من أخرى”[9].

هكذا هو نشاط كل آلة: الاتصال بدفق، انتزاع قطع منه ومن ثم استهلاك القطع التي تشكّل ما تبّقى من الإنتاج الأوليّ. وإنبدت لحظات التركيب synthèse الثلاثة (أي الاتصال و القطع و الاستهلاك) مستقلة في الظاهر، إلاّ أنها واحدة طالما الانتاج هو إستهلاك وتدوين enregistrement، والتدوين كما الاستهلاك يحدد مباشرة الانتاج، ولكنه في حد ذاته يكون في خضّم الانتاج نفسه. كما إنّ القطع ليس فصلاً ولا انقطاعًا discontinuité بل يختلط مع الضمّ في نشاطٍ واحدٍ يشترط الاستمرارية.

وبفضل طبيعتها الاتصالية، فإن الآلة ليست أبدًا سيرورة مغلقة على نفسها، ولكن تدخل دومًا في علاقات تأثير متبادل مع آلات أخرى من طبيعة مختلفة، والتبادلية هذه تعني غياب تصوّرٍ ميكانيكي مادي، فالآلة  لا يمكن اختزالها أبدًا بالميكانيكية mécanisme التي هي أقرب الى نظام مغلق يعيق الحركة[10]. بالمقابل، التصوّر الدولوز-غاتاري للآلة مؤلّل machiniste ، وتعني الآلوية machinisme كل نسق من قطع الدفوق يتخطى ميكانيكية التقنية وتنظيم المتعضيّ organisme،وهي ليست حصيلة لنظام محدد، بل ابداعية منتِجة تحتوي عناصر متكثّرة ولايجري تحديدها بعلاقات سببية او بنماذج ثابتة، أحَصَل ذلك في الطبيعة أو المجتمع أو داخل الانسان[11]. كما ينبغي فهم الآلة هنا من حيث كونها تشغيلات opérations وليس فقط تقانة technique ما، وليست بنية تتكوّن من عناصر تتصل ببعضها البعض بل هي العناصر التي تتراصف qui agencent في ما بينها داخل هذه الآلة، على شكل سيرورة من الاتصالات connections وتبادل التأثير.هذا وبينما تقوم الميكانيكية بتجريد وحدةٍ بنيوية unité structurelle من الآلة تفسّر من خلالها إشتغال المتعضّي؛ وبينما تستدعي النزعة الحيوية vitaliste وحدةً فردية ومحددة من الكائن الحيّ تفترضها متعلّقة بالثبات العضوي، وفي كلتا الحالتين، تظهر العلاقة بين الرغبة والآلة على انها خارجية وثانوية، وتبدو فيها الرغبة كنتيجة مححدة لنسقٍ من الأسباب الميكانيكية[12]. لهذا السبب لا يعد نافعًا التمييز بين الآلوية والحيوية vitalisme، ولا بين الكائن الحيّ والآلة، ذلك أن هناك كائنات حيّة في الآلات بقدر ما يوجد آلات في الكائن الحيّ وسيكون بالإمكان وصف الانسان مثلاً بأنه “حيوان فقري آلي”[13]،، و سيكون من اللامجدي القول أن الآلات هي اعضاء أو بالعكس، لأن حين نضع جانبًا الوحدة الشخصية والمحددة للكائن، سيظهر الرابط المباشر بين الآلة والرغبة، وستمرّ الآلة في الرغبة، وستصبح “الآلة راغبة، والرغبة آلوية “[14]. ومن وجهة نظر آلوية، تتكون كلّ آلةٍ من آلات صغيرة وهذه بدورها تتكون من أعضاء متعددة مؤلفة بدورها من أنسجة تتكون من خلايا وهكذا دواليك حتى نصل الى مستوى ينتفي فيه الاختلاف بين الميكروفيزيا والميكروبيولوجيا.

الارتصاف

 الارتصاف هو سيرورة من الترتيب والتنظيم والتركيب، وكوكبة constellation من الموضوعات، الاجساد، التعابير، الكيفيات والاقاليم territoires التي تتجمّع معًا في اوقات متغيّرة من أجل أن تنتج طرقًا جديدة في التشغيل. وينطبق افهوم الارتصاف على كل البنى من السلوك الفردي حتى الاشتغالات الآيكولوجية، مرورًا بالتنظيمات المؤسساتية وترتيبات الفضاء والمكان …الخ[15]. والارتصاف آلويّ ولا يفترض وجودًا مسبقًا لإتصالاتٍ شاملة ومكتملة، بل سيرورة اتصالات و صيرورات تنبني. فالجسد البشري مثلاً هو ارتصافٌ من المادة الجينية، الافكار، القدرة على الحركة والعلاقات مع الأجساد الأخرى :” أن نرغب يعني أن نبني ارتصافًا، أن نكوّن مجموعةً، مجموعة تنانير، اشعة شمس، مجموعة شارع… ارتصاف إمرأة، مشهد ريفي، لون، هاكم ما هي الرغبة، بناء ارتصاف، بناء مناطق، انه الارتصاف فعليًا [حيث] الرغبة تفيد البنائية”[16] .

إنّ الآلة الإجتماعية مثلاً ليست سوى الارتصافات المختلفة التي تشتغل في داخلها، عناصر تكوّنها وتتكون بها في الآن عينه، وهي ارتصافات تسمح بملاحظة التمايزات بين هذا المجتمع وذاك. ما يسمح بإستبعاد التعارضات التقليدية والتأسيسية في الفلسفة بين الواقع الحسي والعالم العقلي، ويسمح هذا الادخال بنقد الخطاب الّذي يتناول الانتاج النفسي أو الذهني، والفصل بين البنية التحتية وتلك الفوقية كما تفترض الماركسية الاوثوذكسية، طالما أنّ الرغبة الدولوزية لا تفترض موجودات محددة، أو حقائق ذهنية أو اعتبارات متعالية. وما ينتج عن هذه النظرية الآلوية الارتصافية رفضٌ للثنائية بين الإنسان والطبيعة اللّذين تصوّرهما الفكر الفلسفي التقليدي كمتقابلين أو ضدّين ، بينما هما حصرًا سيرورة تنتج الواحد في الآخر وتزاوج الآلات، فالطبيعة تُنتِج والانسان ايضًا، كما الآلة، والكل يمكن تحليله وتفسيره فوق المسطح المادي نفسه للإنتاج.

الرغبة سيرورة آلوية إنتاجية

تصبح الرغبة مع دولوز “سيرورة إنتاج من دون مرجعية لأيّ ارتصاف خارجي”، في حين أنّ النقص، كما أسلفنا، هو “أثر-مضاد للرغبة، فهو مُعّدٌّ، مرتبٌ، مجوَّفٌ في الواقع الطبيعي والاجتماعيّ […] وليست الرغبة هي التي تعبّر عن نقصٍ طاحنٍ لدى الفاعل […] [بل] إنّ الرغبة تحيط الحياة بقوة إنتاجية، وتعيد إنتاجها بزخمٍ أكبر يجعلها قليلة الاحتياج”[17]. وكما كل ّ آلة أخرى، فإنّالآلة الراغبة هي نسق من القطع حيث تلتقط الدفق وتقطعه، كما لها نظامها الترابطيّ associatif، فهي آلة مزدوجة binaire دائمةُ التزواج couplage  مع آلةٍ أخرى اي انها آلة آلةٍ. وتكون “السلسلة الثنائية خطية ومستقيمة في كل الاتجاهات. والرغبة لا تنفكّ تحدِث تزاوج الدفوق المستمرة مع الاشياء الجزئية والمتجزّئة […] تقطعها اشياء اخرى جزئية تنتجها دفوق أخرى قطّعتها اشياء جزئية اخرى”[18]. يقول دولوز:” تتوقف القطع الخطية على آلات مزدوجة، كثيرة التنوع: آلات مزدوجة من الطبقات الاجتماعية، وآلات من الجنس، رجل – امرأة، وآلات مزدوجة خاصة بالسّن، طفل-راشد، وأخرى بالاجناس، أبيض-أسود، وأخرى خاصة بالقطاعات، عمومي-خصوصيّ، وأخرى خاصة بخطوط من التشكّل الذاتي، ينتمي الينا-لا ينتمي الينا. تكون الآلات المزدوجة هاته شديدة التعقيد بحيث أنها تتقاطع أو تتصادم، وتتواجه في ما بينها، وتقطعنا نحن أنفسنا في كل الإتجاهات، ليست هذه الآلات ثنائية بشكل سطحي، وإنما تتوالد بالأحرى بشكل ثنائي: في استطاعتها أن تعمل بشكلٍ تعاقبيّ […] لقد تحولت الثنائية، ولم تعد متعلقة بإختيار بين عناصر متزامنة، وإنما بإختيارات متعاقبة؛ إن لم تكن لا اسود ولا ابيض، فأنت اذن مختلط”[19].

ويتحدّث دولوز (وغاتاري) عن مستويين مترابطين تظهر فيهما الآلة وايضًا الكائن الحيّ أو بكلمة واحدة الآلة الراغبة:  المستوى الأول عبارة عن مجموعات كتلويّة molaires تظهر فيها الآلة بإعتبار وحدتها البنوية، والكائن الحيّ بإعتبار وحدته المحددة والشخصية، ويتعلق الامر بظاهرات كبيرة الحجم [20]؛ انها آلات من طبيعة إجتماعية أو عضوية أو تقنية، انها “الآلة المأخوذة في وحدتها البنيوية، والكائن الحيّ في وحدته الخاصة وحتّى الشخصية، [و] هما ظواهر جمعٍ أو مجموعات كتلوية؛ وتحت هذا العنوان يرجعان من الخارج الى بعضهما البعض”[21] . وثاني المستويين عبارة عن آلات تكوينية formatives،وهي “آلات تكون المعطّلة منها اشتغالية أيضًا، واشتغالها لامتمايز عن تكوينها”[22]،  إنّها  الآلات الجزيئية moléculaire التي هي بالتحديد الآلات الراغبة. وعلى خلاف الآلات الكتلوية، فإن الآلات الراغبة يحكمها نظام من التشتيت dispersion لعناصرها الجزيئية بحيث يمكن التعرّف “عناصر الآلات الراغبة عبر استقلاليتها المتبادلة، و بحيث لا شيء في واحدة منها يعتمد او يخضع لشيء ما في أخرى.”[23]

إلاّ أن هذه الآلات،في مستوييْها، هي نفسها في شروط محددة، ولكنّها مختلفة على مستوى النظام régime، ونسَب المقادير، واستخدامات التراكيب synthèses؛ ولا يمكن التكلّم عن وظائفية إلاّ على المستوى تحت-مجهري sub-microscopique حيث الآلات الراغبة، وعلى مستوى الإرتصافات الآلية، وآلوية الرغبة. وعلى هذا المستوى ينتفي التمييز بين ما هو منتَج وبين الإنتاج، على العكس من حالة الآلات الكتلوية الكبرى لأن الآلات الاجتماعية مثلاً أو العضوية لا تتشكّل بنفس الطريقة التي تشتغل فيها، بل تخضع لشروطٍ مححدةٍ تفصل إنتاجها عن اشتغالها، بينما الآلات الراغبة هي بالتحديد ما تقوم به وتشتغله في ذاتها، وبحسب أنظمة تراكيب لا نجد لها مثيلاً في المجموعات الكبرى.[24] ولكن هناك دومًا تقاطعٌ بين الآلات الراغبة والآلات الاخرى، بالتحديد لأنّ دفوق الرغبة تخترق المجموعات والقبائل والسكّان كي تُنتِج الواقع réel بأكمله، وكي تبدو على شكل طاقة عائمة حرّة ومتحركة قادرة على تحولات وانتقالات مستمرة بين عناصر متباينة، كثيفة، جزئيئية، وكلّية.[25]

من هنا يلزم الكلام عن الطبيعة الاتصالية للرغبة التي لا تسمح لنا برؤية الآلة كسيرورة مغلقة على نفسها، ولكن ضمن تبادل تأثير مع الآلات الأخرى حتى ولو كانت تكنولوجية، بيولوجية أو إجتماعية :” إنّالآلات الراغبة الجزيئية هي نفسها استثمارات للآلات الكبيرة الكتلوية أو ترتيبات تتشكّل وفق قوانين الاعداد الكبرى […]. آلات راغبة من جهة، ومن جهةٍ أخرى آلات متعضية، تقنية او إجتماعية: انها الآلات نفسها في شروطٍ محددة […] ولكن الآلات الراغبة لا تمثّل شيئًا، لا تعني شيئًا، لا تريد أن تقول شيئًا، وهي بالضبط […] ما تشتغله بذاتها […] وفق أنظمة تراكيب لا تجد لها مثيلاً في المجموعات الكبيرة”[26] . كما أن الرغبة آلة وموضوعها ايضًا، حتى يمكن القول إنّ الكائن الموضوعي للرغبة هو الواقع نفسه، ففي كلّ مكان نجد ” آلات منتجة أو راغبة، كل الحياة النوعية: أنا و لا-أنا، الخارج والداخل لم تعد تعني شيئًا”[27].

ويمكن القول إنّ هذه الآلات الراغبة التي تشتغل فينا، هي نمط لوصف دينامية الذاتية التي تحرّك الجسد الخالي من الأعضاء قبل كل تمييزات وتحديدات[28]. وهي ليست اشتغالية فحسب، ولكن ايضًا حاملة للجديد، وأن آواليتها تسمح بفهم العالم كابتكار وخلق حرّ، محايث لنفسه، تطوّري وليس أبدًا محددًا وخاضعًا لإرادة خارجة عنه أو نماذج جاهزة مسبقًا. لا تخضع الآلات الراغبة لأشكال مسبقة التحديد، بل تبدو كأنها الطبيعة الجوانية للطبيعة، لأنّها بجوهرها ليست معطىً بل إنتاج يكون بالصدفة اونطولوجيًا، وبالضرورة من جهة غير اونطولوجية. ويستعير دولوز وغاتاري من البيولوجيا الجزيئية أمثلةً كي يلّخصا لنا ظاهرة الآلة الراغبة، حيث أنّ البروتيين هو في الآن عينه منتَج ومنتِج، كما أن التبدلات mutations  الجينية مثلاً يمكن عزوها الى اخطاء في نسخ المادة الجينية خلال الانقسام الخلوي، ولكن هذه التبدلات او التشوهات تشكّل المصدر الرئيسي للتعددية الجينية، ومحرّكًا للتطور. إنّ الآلة الراغبة بجوهرها لا تظهر ككائنٍ ولكنها نتاج لعمل، لشغلٍ، ولهذا السبب اعتبر دولوز وغاتاري أنّ تشكّل الالات الراغبة لا ينفصل عن اشتغالها: انها في الآن عينه منتَجة ومنتِجة، مثل البروتيين.

تراكيب الإنتاج الراغب

إنّ نشاط الآلة الراغبة هذه هو ما نطلق عليه تسميه “الإنتاج الراغب” والذي هو بالتحديد حقيقة الرغبة. فعلى مستوى الآلات الراغبة وإن لم يؤخذ الإنتاج على انه هدف أو غاية بحد ذاته، إلاّ  أن سيرورته يجب أن تصل الى تمامها بما هو إنتاج الجديد والمختلف. إنّ سيرورة الإنتاج الراغب، وعلى خلاف سيرورة الإنتاج على مستوى الآلات الكتلوية، لا يخضع لأي اشتراطات ولا يتقيّد بهدفٍ ما، لا بل انه إنتاج صدفوي خلاّق وابتكاري دومًا، ومع ذلك فسيرورة الإنتاج الراغب ليست من دون قانون، فهي تحصل بحسب حركة دائرية مؤلفة من زمنين، التسجيل والاستهلاك، وهما مراحل حركة إنتاجية الآلات الراغبة. ويمكن لذلك النظر الى الواقع كحاصل النشاط الإنتاجي للآلات الراغبة، كمادة في حركة لامتناهية، تشتغل من دون توقف. ومع ذلك، فإنّ الواقع هذا ليس حاصل مجموع الآلات التي تؤلفه بل يرفض دولوز وغاتاري فكرة طبيعة مختزلة الى الوحدة. إنّ الآلات تشكّل شبكة دينامية من الإنتاج مع مختلف مستويات الاتصال في ما بينها، ولهذا فمن الاصح القول إنّ الواقع يتكوّن من كثرة أو تعددية[29] multiplicité، تعددية تفلت من كل امكانية للاختزال الى مجموعٍ ثابتٍ، ذلك أن “الإنتاج الراغب هو تعددية محضة لا يمكن اختزالها الى وحدةٍ ما.”[30]

يتحدث دولوز وغاتاري في آنتي-أوديب عن ثلاث “لحظات” للقطع الذي تقوم به الآلة الراغبة، أو عن ثلاث سيرورات متداخلة للإنتاج الراغب تعبّر عن النشاطات الفعلية للّاوعي من حيث كونها تراكيب مكوّنة بدورها من ثلاث مراحل تعود الى لحظات القطع: فاللحظة الأولى هي عملية الطرْح أوالإقتطاع prélevement  المتّصلة بمرحلة التركيب الوصلي connectif، واللحظة الثانية عملية الانتزاع او التفكيك détacher المتصلة بالتركيب الفصلي disjonctif، والثالثة هي عملية الابقاء والترك rester المرتبطة بالتركيب الاقترانيّ conjonctif. وتتحرك هذه التراكيب كي ترسم دائرة الإنتاج الراغب لكلّ آلة. فلنأخذ مثلاً آلة قطع اللحمة التي وردت في آنتي-أوديب: يجري هنا إقتطاع “دفقٍ” بحيث أن الآلة تكون على ارتباط بالدفق الّذي فيه تقطع، وهذا الدفق يسمّيه دولوز الدفق الترابطي associatif. إذًا، تتصل آلة قطع اللحمة بدفق قطعة اللحمة في التركيب الوصليّ. ومن ثمّ، تنتزع الآلة قطعةً من الدفقِ الترابطي في التركيب الفصليّ، وفي النهاية تنتج الآلة ما تبّقى او الباقي من شرحات اللحمة الّذي بدوره سيُستهلك في التركيب الاقترانيّ.

أولاً: التركيب الوصليّ

على مستوى الإنتاج الراغب، يكون التأليف الوصلي هو القطع الأول الّذي تقوم به الآلة الراغبة، وهو القطع الّذي يشترط الاستمرارية ويؤكدها كإستمرارية مثالية، من حيث أن الدفق الّذي تقطعه الآلة الراغبة يمتلك ما يسمّيه دولوز وغاتاري استمراريةً مثاليةً، ذلك أن الـ hylé هو استمرارية محضة تمتلكها مادةٌ ما كفكرةٍ، وهي الفكرة التي نكوّنها من استمرارية الدفوق المادية التي تتصل بها اعضاؤنا في ما يسمّى التأليف الوصلي. وهذا الدفق الترابطي associatif يقابل الاشياء الجزئية المقطَّعة ومجزّأة دومًا، بحيث أن ” كل شيء يفترض استمرارية الدفق، وكل دفق يفترض تجزّأ الشيء”[31].  إنّ هذه الاشياء الجزئية هي بحسب دولوز العناصر الاولى للّاوعي، وبإعتبار أننا لم نصل بعد الى الـ hylé الا عبر الفاعلية البدئية للتركيب الوصلي بإعتبارها القطع، فإنّ لاوعينا مسكون بأشياء وموضوعات مفردة، مجزّأة وجزئية. انها موضوعات ميكروفيزيائية وميكروبيولوجية او ميكرونفسانية، وهي تلك المركبّات والاقسام المشتغلة في الآلات الراغبة. ويعبّر التأليف الوصليّ عما يسمّيه دولوز (وغاتاري) “قانون إنتاج الإنتاج” أو التأليف الإنتاجي، حيث للإنتاج شكله الربطي : “و” et ,  and، ” ثمّ” then , puis.[32]

ثانيًا : التركيب الفصليّ

لإنّ الاشياء الجزئية المقتطَعة من التركيب الوصلي تُدوَّن فوق ما يسميّه دولوز الجسد بلا أعضاء[33]، ولاحقًا مستوى المحايثة، بحسب شيفرة (أو كود) تنسجم والعضو الذي قام بالاقتطاع وحيث يمكن لعضوٍ واحد أن يترابط بدفوق كثيرة وفق ترابطات مختلفة. إنّ كل آلة راغبة تملك بداخلها شيفرتها  code الخاصة والتي تسمح لها بفكّ شيفرة الدفوق المادية التي تتصل بها:  تشفّر العين اقتطاعتها بصيغة “النظر”، الالوان، الاشكال والصوَر، فيما تشفّر الاُذن الدفوق بصيغة “السمع” والفونيم والمورفيم والألحان…الخ[34]. إنّ هذه الاشياء الجزئية تتوزّع فوق الجسد بلا أعضاء بحسب مجموعات مشكِّلةً فئات blocs  فصلية للطفولة والذكورة والانوثة..الخ دون أن تضع حدودًا بينها أو أن تقصيها عن بعضها، وبدل “إمّا…إمّا“ نقول “أو“”[35]. وهذا يدل على أن هذا التركيب لا يرسم ثنائيات متعارضة (رجل- إمرأة، ولد – أهل..) ففي لحظةٍ ما قد يشعر المرء بأنه والد ومن ثمّ فإن نوعًا من الانزلاق glissement  يعمل فوق شبكة التركيب الفصليّ يجعل من المرء عينه يشعر بأنه طفل؛ فكلّ شيء ينقسم بذاته[36].

ثالثًا: التركيب الاقتراني

القطع الثالث الّذي تقوم به الآلة الراغبة في دورة الإنتاج الراغب هو التركيب الاقترانيّ. نتيجة هذه الدورة المختتمة في هذا التركيب هي ظهور الذات بإعتبارها قطعةً متاخمةً للآلة الراغبة ستستهلك ما تبقّى من اشياء جزئية ترسبت من التركيبين السابقين. إنّ التركيب الاقتراني هو “القطع الذاتي” بعد القطعين الوصلي والفصلي في سيرورة الإنتاج الراغب على ما يقوله مؤلفا آنتي-أوديب. هذا ” القطع الثالث للآلة الراغبة هو القطع-المتبقيّ أو الراسب résidu الّذي ينتِج الذات الى جانب الآلة، القطعة المتاخمة لها. وإنّ لم يكن لهذه الذات هويتها المحددة أو الشخصية، وإن كانت تجتاز الجسد بلا أعضاء من دون خرق لامبالاته، فلأنها ليست فقط الى جانب الآلة، بل جزءً موزّعًا بحد ذاته، تعود إليه الأجزاء الخاصة بالانفصال عن السلسة وبإقتطاعات الدفوق المشتغلة عبر الآلة”[37]. ينتج عن النشاط الراغب للتأليفين الوصلي والفصليّ ما نسمّيه “المتبقيّ” الّذي تستهلكه القطعة المتاخمة في سيرورة التذويت؛ هذه القطعة المتاخمة هي ما يطلق عليه دولوز اسم “الذات اليرقية” larvaire وهي التي تولد عن حالات الاستهلاك كقطعة ملازمة للآلة، وهي ذات تنتفي عنها الهوية الثابتة، لا تنفصل عن القلق والشهوانية وعن السيرورة المتحركة المكثّفة للطاقة التي تشغّل الآلة. وليست “الأنا أفكّر” هي عمق هذه الذات واساسها، بل الـ”أنا أشعر” الاصيلة بإعتبارها اشعور السيرورة في كثافةٍ حاضرةٍ[38]. ولأنّها مسار إنتاجي، وليست داخل ذاتٍ، لا تتحقق الرغبة إلاّ عند انعدام قول “أنا” moi يبحث عن موضوع ويهدف الى استهلاكه، فهي ليست مشخصنة personnalisé، بل قوّة طبيعية قبل-شخصية وقبل-فردية تؤسس كل كينونة: إنها محايَثة immanence تُبنى”[39]، قوة كوسمولوجية تتموضوع خلف كل صيرورة devenir، و لا تتوقف حين يتم اشباعها، بل انها هي الّتي تخلق نقصها الخاص، وحين يتم اشباع هذا النقص تستمر بمسيرها الازلي:  “مثلما أنه لا وجود لموضوع الرغبة. ولا وجود لذات التلفّظ sujet d’énonciation، فالدفوق وحدها الّتي تؤسس لموضوعية objectivité الرغبة “[40].

خلاصة : نحو التحليل الفصاميّ

عطفًا على ما سبق، تصير الرغبة شبيهة بإرادة القوة النيتشوية الأوّلية والأصيلة والأصلية، وهي لهذا السبب “فضيلة عطاء”[41]. إنّها الكوناتوس conatus السبينوزي كمقدرة تمتلىء بقوة إثبات غير محددة، وبطاقة إرتصاف، وتفيضُ بدينامية الابتكار والربط، كما تكون محايِثةً لنفسها، لا هدف لها ولا غاية خارجها: “فالنوم رغبة، والتفسح رغبة، والانصات الى الموسيقى او إنتاج الموسيقى أو ممارسة الكتابة، كل هذا رغبة. الربيع او الشتاء رغبات. الشيخوخة ايضًا رغبة. والموت ذاته رغبة”[42]؛ وهي رغبة  تتدّفق اختلافات ايجابية وصيرورات، سلسلة كاملة من الترابطات المنتِجة، ليست رمزية أو تشبيهية، ليست مدلولة ولا دالة :” انها مكونة من خطوط مختلفة تتقاطع وتتوحد في ما بينها، أو يمنع بعضها البعض، وتشكّل هذا التنسيق أو ذاك فوق مستوى من المحايثة”[43]. وعلى عكس الرؤية الفرويدية يجب التعامل مع اللاوعي على أنّه مصنع للإنتاج الرغبوي اللامحدود، طالما لا يمكن أن نضع الرغبة على منصة المسرح لأنها مصنعًا، معملاً ومكانٍ للعمل وليست مسرحًا كما كان فرويد يتصوّر اللاوعيّ. وتناسب صورة المصنع الدفوق اللاشخصية للرغبة أكثر مما تناسبها صورة المسرح. وإنّ التعدد الكبير في الصورة الفنتازية والهلوسات المنتَجة ليست بأي شكل من الاشكال تشكيلات ارتدادية او آلية دفاع ميكانيكية تنتج عن الصراع اللاوعي :”اللاوعي ينبغي أن تنتجوه. انه لا يخص أبدًا الذكريات المكبوتة، ولا حتى الاستيهامات […] اعملوا على إنتاج اللاوعي […] ولا يتم ذلك في اي مكان، انه لا يُنتَج بواسطة فلتة لسان أو بنكتة أو حتى بحلم. ان اللاوعي مادة يجب صنعها، والعمل على تسريبها، انه مجال اجتماعيّ وسياسيّ يجب الاستحواذ عليه”[44]. وعلى عكس التحليل النفسي الفرويدي سيضع دولوز وغاتاري برنامجًا لما يسميّانه التحليل الفصاميّ schizoanalyse   ومهمّته اكتشاف الآلات الراغبة مع سلاسلها الجزيئية التي تفرّ من التشفير والقمع، فهذا التحليل ثوريّ لأنه ليست تأمّلاً بقدر ما هو نشاطٌ إنتاجيّ، ولكنّه ثوريّ ايضًا لأنه مدمِّر، فهو في إنتاجيته يدمّر المجموعات الكتلوية والبنى والتمثيلات التي تعطّل سيرورة الآلات الراغبة وتجمّدها وتسكتها. وعلى عكس الصيغة الفرويدية التي تعتبر أن اللاوعي هو الّذي يضغط على الوعي، يكشف لنا التحليل الفصاميّ أن الوعي هو الّذي يضغط على اللاوعي ويمنعه من الفرار ومن الإنتاج، لا بل يقوم هذا الوعي بإستخدام اللاوعي بطريقة غير شرعية ومتعالية، ما يمنع هذا الاخير من أن يعمل بآلاته المكوِّنة، بل فقط يمثّل ما أرادت آلة القمع أن يمثِّل، وهذا هو تمامًا ما يفعله التحليل النفسيّ[45].


المصادر و المراجع:

  • دولوز، جيل مع بارني، كلير، حوارات، ترجمة عبد الحي زرقان و أحمد العلمي، أفريقيا الشرق، المغرب، 1999.
  • دولوز، جيل، الاختلاف والتكرار، ترجمة وفاء شعبان، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، الطبعة الأولى 2009.
  • Deleuze, Gilles, Critique et clinique, éditions de Minuit, 1993.
  • ____________Deux régimes de fous, éditions de Minuit, 2003.
  • ____________et Guattari, Félix, Capitalisme et schizophrénie1-L’Anti-Oedipe, Éditions de Minuit, 1973.
  • De Bolle, Lee (editor), Deleuze and psychoanalysis, Leuven university press, first edition, 2010.
  • Jones, Graham & Roffe, Jon, Deleuze’s philosophical lineage, Edinburgh University Press, first edition, 2009.
  • Parr, Adrian, The Deleuze Dictionary -Revised Edition, Edinburgh University Press, 2010.

الهوامش والملاحظات

[1] Deleuze, Gilles, Proust et les Signes, Quadrige / PUF, 7e édition, 1987, PP14 – 15

[2] Deleuze, Gilles, Désir-plaisir-jouissance, Cours Vincennes : dualisme, monisme et multiplicités – 26/03/1973, sur le site :

http://www.webdeleuze.com/php/texte.php?cle=166&groupe=Anti%20Oedipe%20et%20Mille%20Plateaux&langue=1

[3]Deleuze, Gilles, Anti Œdipe et Mille Plateaux, Cours Vincennes- 14/05/1973, sur le site : http://www.webdeleuze.com/php/texte.php?cle=169&groupe=Anti%20Oedipe%20et%20Mille%20Plateaux&langue=1

[4] Deleuze, Gilles, Deux régimes de fous, Éditions Minuits, 2003, P 119.

[5] لمزيد من القاء الضوء على استعمال دولوز وغاتاري لمصطلح الآلية والتقنية وغيرهما، يُمكن مراجعة : Poster, Mark & Savat, David, Deleuze and the new Technology, Edinburgh University Press, 2009.

[6] Anti-Œdipe  ,p 9

[7] Anti-Œdipe  , P 45 & P 306

[8] Anti-Œdipe  , p 13

[9] Anti-Œdipe  . p 14

[10] Deleuze and psychoanalysis, p 17

[11] Ibid.

[12] Anti-Œdipe, p 341.

[13] Anti-Œdipe,. P 13

[14] Anti-Œdipe, P 343

[15] Parr, Adrian, The Deleuze Dictionary -Revised Edition, Edinburgh University Press, 2010, P 18.

[16] Deleuze, Gilles, – Abécédaire – “D comme désir”, sur le site électronique :

https://www.youtube.com/watch?v=03YWWrKoI5A

[17]  Anti-Oedipe. PP 36 – 37

[18] Anti-Œdipe, P 13

[19]  حوارات،  ص 164

[20] Anti-Œdipe,p 343

[21] Anti-Œdipe, P 343

[22] Anti-Œdipe, P 345

[23] Anti-Œdipe, P 389

[24] Anti-Œdipe,  P 346

[25] Deleuze and psychoanalysis, P 22

[26] Anti-Œdipe, PP 345, 346

[27] Anti-Œdipe., p 10.

[28] Deleuze and psychoanalysis, p 22.

[29]  ليست هذه التعددية (أو الكثرة) سوى دينامية حيويةٍ، تتعلق بحياةٍ لاعضوية لجسمٍ يعود تركيبه الى بعض الوظائف، وليس الى اعضائه. انها مجموعًا اصليًا، وكيفية واشتدادية لا متجانسة ومستمرة؛ كما لا يمكن تعريفها بعناصرها وبمركز توحيدها ولكن بعدد أبعادها، حيث تكون التغيّرات أبعادِها المحايثة لها، وهي لا تنفك تتحوّل الى تعدديات أخرى متلاحقة. راجع: الثبت التعريفي في الترجمة العربية لكتاب دولوز الاختلاف والتكرار، ص  569.

[30] Anti-Œdipe, p 50

[31] Anti-Œdipe, P 13

[32] Ibid, p 46

[33]  الجسد بلا أعضاء هو الجسد المفتوح على إتصالات وروابط جديدة تفترض كلّها وجود ارتصافٍ ما  إنطلاقًا من المتعضّي، ولكنّ الجسد بلا أعضاء لا يكون متعضّيًا، ليس أعضاءً منتظمة ولكنّه في الآن عينه لا يفيد أنّه لا-عضويّ أو ضد-جسد، بل يعارض تنظيم الأعضاء التي تؤلّف الجسد العضوي.

[34] Anti-Œdipe, P 48

[35] Anti-Œdipe.,  P 93

[36] Anti-Œdipe. PP 94 – 95

[37] Anti-Œdipe. PP 50 – 51

[38] Anti-Œdipe. PP 24-25

[39] حورات،  ص 115

[40]  حوارات، ص 103.

[41]  المصدر نفسه. ص 116.

[42]  حوارات، ص 122.

[43]  حورات، ص 124.

[44] حوارات، ص 102

[45] Anti-Œdipe., P 409