مجلة حكمة
أقرأ الفصل الأول من كتاب "ما بعد الإسلاموية: الأوجه المتغيرة للإسلام السياسي" تحرير: آصف بيّات، ترجمة: محمد العربي - نشر دار جداول 2016أقرأ الفصل الأول من كتاب "ما بعد الإسلاموية: الأوجه المتغيرة للإسلام السياسي" تحرير: آصف بيّات، ترجمة: محمد العربي - نشر دار جداول 2016

مابعد الإسلاموية: الأوجه المتغيرة للإسلام السياسي (مقدمة) – آصف بيّات

مابعد الإسلاموية آصف بيات
غلاف كتاب (مابعد الإسلاموية)

يمكنك شراء نسخة كندل من الكتاب عبر هذا الرابط


أقرأ الفصل الأول من كتاب “مابعد الإسلاموية: الأوجه المتغيرة للإسلام السياسي” تحرير: آصف بيّات، ترجمة: محمد العربي – نشر دار جداول 2016


مقدمة الطبعة العربية

مر حوالي عقدين منذ أن بدأت، في عام 1996م، باستكشاف وصياغة ما رأيت أنه اتجاه صاعد داخل التيار الإسلامي، وهو ما أطلقت عليه «مابعد الإسلاموية». وخلال هذه الفترة وفي ضوء التطورات والمستجدات، عكفت على إثراء معرفتي التجريبية من أجل إعادة التفكير وشحذ مفهوم مابعد الإسلاموية. ويعتبر هذا الكتاب، الذي ساعدني فيه عشرة من الباحثين، أحدث محاولاتي.

أثارت فكرة مابعد الإسلاموية منذ ظهورها نقاشات حية بين الباحثين والنشطاء في مجال الإسلام السياسي. ومن المدهش أن هذه النقاشات قد بدأت في أوروبا وتبعتها نقاشات في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، خاصةً تركيا وإندونيسيا وماليزيا والمغرب وإيران. وفي الحقيقة، كان كتابي «صناعة الإسلام الديمقراطي: الحركات الاجتماعية والانعطافة مابعد الإسلاموية» (Making Islam Democratic: Social Movements and the Post-Islamist Turn 2007)، قد نشر في إندونيسيا وتركيا، كما سينشر هذا الكتاب في البلدين أيضًا. ومن المدهش أن تركيا وإندونيسيا، وبدرجة أقل إيران، كانتا في مقدمة البلدان التي تبنت فكرة مابعد الإسلاموية في مجاليهما العاميْنِ. ولكن من الغريب أن هذا العمل لم يُترجم إلى العربية، على الرغم من وجود عدد كبير من المقالات والنقاشات في الصحافة المطبوعة والمدونات عن «مابعد الإسلاموية»، وسيظهر لنا البحث عبر محرك البحث «غوغل» حجم هذا الاهتمام.

لذا يسعدني أن يكون بين أيديكم عمل شامل بالعربية عن هذا الموضوع. وأحسب أن إصدار هذا الكتاب بالعربية هو نتاج للفكر الجديد الذي ظهر عقب اندلاع الثورات العربية؛ إذ يبرز فضول وسعي إلى أشكال جديدة من الرؤى، في الوقت الذي تُرتكب فيه فظاعات مفجعة باسم الإسلام، وهناك شغف بأفكار مبتكرة عن دور الشباب، وهو تطور محمود للغاية.

أعرب عن امتناني لمحمد العربي لبذل طاقته وشحذ بصيرته في مشروع ترجمة الكتاب إلى العربية، فهو خدمة حقيقية للنقاشات السياسية والدينية في العالم العربي، في الوقت الذي يمر فيه بمرحلة هي الأكثر حرجًا في تاريخه. إن هذا الكتاب ملائم تمامًا للعالم العربي، خاصةً حين يهيمن الاهتمام العالمي بالإسلاموية العنيفة- التي يمثلها تنظيم داعش في سوريا والعراق، وجرائم بوكو حرام في نيجيريا، أو حركة شباب المجاهدين في الصومال- على خطاب الإسلام والسياسة. يسعى هذا الكتاب أن يطرح تصور وممارسة شكل جديد من السياسة الدينية، وهو ما يصلح أن يكون بديلًا لإقصائية وعنف الإسلاموية المهيمنة وإسلاموفوبيا الدوائر الغربية. وتؤكد مابعد الإسلاموية على أنه من الممكن أن يكون المرء مسلمًا مؤمنًا وديمقراطيًّا استيعابيًّا في آنٍ واحد.

آصف بيات

شامبين، إلينوي، كانون الثاني/يناير 2015م


تمهيد

يتزايد القلق حاليًّا من أن يكون الربيع العربي قد تحول إلى «شتاء إسلاموي»، فهل نحن على حافة موجة أخرى من الراديكالية الدينية في العالم الإسلامي؟ وهل اكتسب صعود الحركة الإسلامية، الذي بدأ بثورة إيران 1979م، زخمًا جديدًا مع الثورات العربية 2011م؟ يفترض هذا الكتاب، اعتمادًا على دراسات تاريخية لعشر دول ذات أغلبية مسلمة من إندونيسيا إلى المغرب، أن العالم الإسلامي قد يكون في حقيقة الأمر على بداية طريق ما بعد إسلاموية، إذ إن الإسلام السياسي يتعرض لتحولات هامة تقودها قوى من داخله ومن خارجه. بالتأكيد حققت أحزاب إسلامية عدة انتصارات انتخابية هامة في تونس وتركيا والمغرب على سبيل المثال، وصعدت إلى سدة السلطة التنفيذية. ولكن هل يعتبر كل حزب «إسلامي» «إسلامويًّا» بالضرورة؟

ومن المدهش أنه في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن الإسلاموية باعتبارها مشروعًا سياسيًّا وأخلاقيًّا، لم تحظَ مساراتها المتغيرة إلّا بالاهتمام القليل، خاصةً إذا ما استبعدنا هؤلاء الذين يرون أن الإسلام السياسي قد فشل تمامًا. وعلى الرغم من الاعتراف المتزايد داخل الجماعات البحثية والسياسية بأن الإسلاموية في مخاض التغير، إلا أن ما نعرفه بالفعل عن طبيعة هذا التغير واتجاهه ومتغيراته قليل للغاية. ولا يوجد أيضًا إطار مقارن فعال قادر على قياس التنوع داخل الحركات الإسلاموية واستكشاف آثارها المترتبة على وجود نظم ديمقراطية في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة.

قمت منذ عدة سنوات بدراسة مقارنة للسياسات الدينية في إيران ومصر غطت الفترة الزمنية بين السبعينيات وعام 2005م لاستكشاف الاختلافات داخل السياسة الإسلامية وتسليط الضوء على تضميناتها للسياسة الديمقراطية. وكان الاهتمام الرئيس لهذه الدراسة المعنونة «صناعة الإسلام الديمقراطي» Making Islam Democratic (2007) محاولة الإجابة عن السؤال الشائن: هل الإسلام متوافق مع الديمقراطية؟ واستنتجتُ أنه في حين كانت الإسلاموية، باعتبارها تعبئة للإسلام في المشروع السياسي الساعي نحو تأسيس دولة إسلامية، غير قادرة على احتضان نظام ديمقراطي على الأرجح، فإن مابعد الإسلاموية قادرةً على هذا وقامت به بالفعل. وعلى العكس من السياسة الإسلاموية التي تؤكد على واجبات المواطنين، فإن «مابعد الإسلاموية» تؤكد على دمج التدين والحقوق، والإيمان والحرية، والإسلام والتحرر. إنها محاولة لتجاوز الإسلاموية من خلال بناء مجتمع تقي صالح في إطار دولة مدنية غير دينية.

اعتمدت صيغتي المبكرة لمابعد الإسلاموية في البداية على تجربة جمهورية إيران الإسلامية في أواخر التسعينيات، ولكنها قد تستدعي أيضًا تحولات الحركة الإسلاموية التركية متمثلة في تجربة حزب العدالة والتنمية. ولكن بقيت أسئلة غير مُجاب عنها، عن مدى قدرة النزعة مابعد الإسلاموية على أن يكون لها صدى هام في مجتمعات العالم الإسلامي، وإلى أي حد يستطيع هذا التأطير المفاهيمي المبكر أن يفسر الأنماط المتنوعة للتغيرات الموجودة داخل الحركات الإسلامية المختلفة. كنت على وعي بأن مفهوم «مابعد الإسلاموية» قد أثار جدالًا داخل الدوائر الأكاديمية والسياسية في أوروبا كما في تركيا والسودان وإندونيسيا وبلدان أخرى. وللتحقق من إمكانية وجود مابعد الإسلاموية بشكل عام في العالم الإسلامي، عقدت مؤتمرًا دوليًّا في المعهد الدولي لدراسة الإسلام في العالم الحديث (ISIM) في ليدن بهولندا عام 2009م، ضم مجموعة من باحثي السياسات الدينية لمناقشة وإلقاء الضوء على مسارات مابعد الإسلاموية في بقاع إسلامية متعددة تمتد بين إندونيسيا والمغرب.

نتج عن هذا المؤتمر الأوراق البحثية التي يحويها هذا الكتاب والتي تفحص المسارات التاريخية للحركات والنظم الإسلامية، مسلطة الضوء على كيفية تحولها في العقود الثلاثة الأخيرة، وفي أيّ اتجاهات، والأسباب، والتوجهات البديلة التي تبنّتها. وتنبّهنا استنتاجات هذه الدراسات إلى ضرورة عدم النظر إلى الإسلاموية باعتبارها ظاهرة ثابتة وراكدة، بل بتضمينها كيانات حركية تتحول نتيجة لتغيراتها الداخلية والخارجية. وبالإضافة إلى هذا، نعلم أن الإسلاموية أدّت، من خلال حركيتها، إلى وجود مجالات نقدية واسعة تعبر عن نفسها كاتجاهات بديلة للفكر والحركة.

وفي حين يعرض الكتاب تفسيرات مقارنة للتحولات التاريخية للحركات الإسلامية في دول مسلمة، يسعى إلى وضع هذه التحولات في إطار مفاهيمي في محاولة لبناء منظور تحليلي له دلالاته في رصد التوجهات العامة للإسلاموية في الآونة المعاصرة. ومن خلال تقديم هذه الدراسات الثرية التي قدمها المساهمون، أحاول أن أعيد الاشتباك مع فكرة «مابعد الإسلاموية» التي تمثل قطيعة نقدية وبديلًا عن «السياسات الإسلاموية»، وتعد بأن تجعل الإسلام متوافقًا مع الديمقراطية.

ساعد الكثيرون من الزملاء في إخراج هذا العمل إلى النور، ومنهم؛ دينسن يانسن، وماروس ويليامسن، وفريق عمل ISIM الذي ساعد في تنظيم مؤتمر ليدن. وجاء أغلب المساهمين من أماكن بعيدة، ليشاركوا في المناقشات ويساعدوا في الأعمال التحضيرية. وقدرت سينيثيا ريد؛ المحررة في دار جامعة أوكسفورد للنشر، مشروع الكتاب، وشجعتني على إصداره. أنا ممتنٌّ لهم جميعًا. وأدين بالفضل لزملائي الذين شكلت مساهمتهم الجزء الأكبر من الكتاب: هؤلاء الذين شاركوا في المؤتمر، وهؤلاء الذين طوروا أوراقهم لاحقًا. لقد أثرت أعمالهم المتقنة النقاش حول فهم مابعد الإسلاموية. وأودّ أن أهدي هذا الكتاب إلى ذكرى نصر حامد أبو زيد؛ الصديق وعالم الإسلام الكبير، الذي ترك رحيله في غير الأوان فراغًا حقيقيًّا. إننا نفتقد حكمته وصوته في هذه الآونة المضطربة.


المساهمون

آصف بيات؛ أستاذ الدراسات العالمية والدولية ببرنامج كاثرين وبروس باستيان، وأستاذ علم الاجتماع بجامعة إلينيوي. تتعدد اهتماماته بين دراسات الدين والسياسة، والحركات الاجتماعية، وسياسات المجال الحضري. صدر له مؤخرًا «أن تكون مسلمًا وشابًّا» 2010م، «الحياة سياسة: كيف يغير بسطاء الناس الشرق الأوسط» 2013م.

إحسان داغي؛ أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية بأنقرة، تركيا. صدر له العديد من الكتابات عن حقوق الإنسان، وحقوق الإنسان في السياسة العالمية، والتحول الديمقراطي في تركيا، والإسلام والسياسة.

جيهان توغال؛ أستاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة كاليفورنيا، بيركلي. صدر له كتاب «الثورة السالبة: استيعاب التحدي الإسلامي للرأسمالية» ضمن إصدارات جامعة ستانفورد عام 2009م. ويعمل حاليًّا على الرفاهة والإحسان الإسلامي في مصر وتركيا.

سامي زمني: أستاذ العلوم السياسية والاجتماعية بمركز دراسات الصراع والتنمية، بجامعة جنت ببلجيكا، حيث ينسق ويدير مجموعة دراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يتولى حاليًّا منصب رئيس كرسي الأبحاث الفرانكية (2015-2012م)، تتركز اهتماماته على السياسة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى وجه التحديد الإسلام السياسي. وله إصدارات عديدة عن الهجرة والاندماج والعنصرية والإسلاموفوبيا.

نور هادي حسن؛ باحث في الإسلام السياسي وأستاذ مشارك للإسلام والسياسة وعميد كلية القانون في جامعة يوجيكارتا الإسلامية في إندونيسيا. صدر له العديد من الكتب والمقالات عن الإسلام السياسي في إندونيسيا ودول إسلامية أخرى في جنوب شرق آسيا.

جوزيف الآغا؛ أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الحجازية ببيروت، لبنان. صدر له «الشفرة الوراثية لحزب الله والربيع العربي» 2012م، و«بنية هوية حزب الله» 2011م، و«وثائق حزب الله» 2011م، و«تحولات حزب الله الأيديولوجية» 2006م.

حميراء اقتدار؛ محاضرة في قسم الاقتصاد السياسي في كينجز كولدج، لندن. ومؤلفة كتاب «علمنة الإسلاميين؟ جماعتِ إسلام وجماعتِ دعوه في باكستان الحضرية» جامعة شيكاغو ، 2011م.

ستيفان لاكروا: أستاذ العلوم السياسية المساعد في كلية باريس للشؤون الدولية، وباحث زائر بمركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية بالقاهرة. تركز أبحاثه على السياسات الإسلامية في مصر والسعودية. آخر كتبه بعنوان «عصر الصحوة: الحركات الإسلامية المعاصرة في المملكة العربية السعودية» منشورات جامعة هارفارد، 2011م.

عبد الوهاب الأفندي؛ معلق متخصص ومنسق برنامج الإسلام والديمقراطية بمركز دراسات الديمقراطية بجامعة ويستمنستر، لندن، وهو زميل برنامج دراسات اللايقين في مجلس الأبحاث بالمملكة المتحدة، حيث يعمل على مشروع بحثي بعنوان «سرديات انعدام الأمن والديمقراطية والعنف الشامل». وهو مؤلف كتاب «من يريد دولة إسلامية» 2008م، و«عن محمد: الرؤى الغربية الأخرى عن نبي الإسلام» 2010م.

توماس بيريه؛ محاضر الإسلام المعاصر بجامعة أدنبره. وهو مؤلف كتاب «الإسلام والدولة في سوريا: العلماء السنة من الانقلاب حتى الثورة» (إصدارات جامعة كامبريدج، تحت الطبع)، والمحرر المشارك لكتاب «إثنوغرافيا الإسلام: الممارسات الطقوسية والسلوكيات اليومية» (إصدارات جامعة أدنبره 2012م).