مجلة حكمة
مقدمة الهشاشة الخيرية - مارثا نوسباوم تعليم المواطنين المشاعر الأخلاقية واللاأخلاقية - مارثا نوسباوم / ترجمة: فاطمة الشملان

تعليم المواطنين المشاعر الأخلاقية واللاأخلاقية – مارثا نوسباوم / ترجمة: فاطمة الشملان


تأول عاطفة للطفل هي حبه لنفسه: والثانية_المستقاة من الأولى_هي في حب من هو قريب منه، لأن في حالة الضعف التي هو فيها، لا يمكنه التعرف على أحد إلا عن طريق المساعدة والاهتمام اللذين يلقاهما.

جان جاك روسو، إيميل أو عن التعليم، الكتاب الرابع، 1762

إن كانت الديموقراطية نضوج، والنضوج صحة، والصحة مرغوبة، فإننا نرغب بأن نرى إذا كان بالإمكان عمل أي شي لإثرائها.

دونالد وينيكوت، ” أفكارعن معنى كلمة الديموقراطية”، 1950

التعليم للشعب.قبل أن نتمكن من تصميم مخطط للتعليم، علينا أن نفهم المعضلات التي تواجهنا في الطريق لجعل الطلبة مواطنين ديموقراطيين مسئولين يمكنهم التفكيروالاختيار جيدا من مدى عريض من القضايا الوطنية والعالمية ذات الأهمية. مالذي في حياة الإنسان يجعلها من الصعب جدا أن تحافظ على المؤسسات الديموقراطية المبنية على المساواة في الاحترام والمساواة في حماية القانون، وأن يكون من السهل جدا أن تهوي في مختلف أنواع الهرميات_أو حتى أسوأ أن تكون نتاجا لعنف مجموعة متشاحنة؟ ما هي القوى التي تجعل مجموعات قوية تسعى للتحكم والهيمنة؟ مالذي يجعل الغالبية تحاول، بتواجد مطلق، أن تشوه سمعة الأقليات و توصمها؟ مهما كانت هذة القوى، يجب أن يحارب التعليم الصحيح لمواطنة محلية وعالمية جوهريا ضدها. ويجب أن تحارب بالمصادر التي تحملها الشخصية الإنسانية أيا كانت لمساعدة الديموقراطية في دحر الهرمية.

يقال لنا نحن الأمريكيون أحيانا بأن الشر يقع في غالبيته خارجنا.لاحظوا البناء الخطابي ل”محور الشر” الذي يهدد أمتنا الطيبة. يجد الناس راحة في تصور أنفسهم مرتبطين ب”صراع حضارات” مهول حيث الأمم الديموقراطية الجيدة تُحرَض ضد ما يُزعم بأنها ديانات وثقافات سيئة لأجزاء أخرى من العالم. غالبا ما تتغذى الثقافة الشعبية على هذة الرؤية للعالم، بتصوير إنتهاء مشاكل الشخصيات الطيبة بموت أحد “الأشخاص الأشرار”. الثقافات الشرقية ليست محصنة ضد هذة الطرق في التفكير المهلك. اليمين الهندوسي في الهند على سبيل المثال، لطالما صور الهند بأنها مقيدة في صراع بين القوى الطيبة والنقية للهندوسية و مجموعة من “العناصر الأجنبية” (والتي يعنون من خلالها المسلمين والمسيحيين، بالرغم أن كلا من المجموعتين ليسوا أقل وطنية لشبه القارة من الهندوس).1 أدرجوا ثقافة شعبية بتلك العملية، بإعادة رواية قصص الملاحم الكلاسيكية، في نسخ تلفزيونية شعبية، بطريقة تنزع كل التعقيدات في وصفهم لشخصيات “الخير” و”الشر” والتي تشجع المشاهدين في التعرف على الشخصيات “الشريرة” التي تحمل تهديدا إسلاميا معاصرا.2

خرافات عن النقاء كهذة مضللة ومهلكة،لا يوجد مجتمع نقي، و”صراع الحضارات” داخلي لكل مجتمع. يحتوي كل مجتمع في ذاته أناس مستعدون للعيش مع الآخرين وفق شروط الاحترام المتبادل والتقابل، وأناس يبحثون عن الراحة تحت ظل الهيمنة. يجب أن نفهم كيف ننتج مواطنين من النوع الأول وأقل من النوع التالي. الاعتقاد الخاطئ أن مجتمعنا نقي من الداخل لا يمكنه سوى أن ينتج عدوانية تجاه الأجانب وعمى عن العدوانية في الداخل.

كيف يصبح الشعب قادرا على الاحترام والمساواة الديموقراطية؟ مالذي يجعلهم يسعون للهيمنة؟ للإجابة على مثل هذة الأسئلة، يجب أن نتقصى “صراع الحضارات” على مستوى أعمق، فهم القوى التي تناهض الاحترام المتبادل والتقابل في داخل كل فرد ، وبالمثل تلك التي تمنح الديموقراطية الدعم القوي.لقد فهم جيدا أحد أكثر قادة الديموقراطية السياسية في عالمنا إبداعا،مهاتما غاندي،وأحد معماريي الهند المستقلة والديموقراطية، أن الصراع السياسي من أجل الحرية والمساواة يجب أن يكون بادئا ذي بدء صراعا في داخل كل فرد، حيث يناضلان التراحم والاحترام ضد الخوف، الطمع،والعدوانية النرجسية. لقد وجه الانتباه مرارا على الرابط بين التوازن النفسي والسياسي، محاججا بأن الرغبة الطماعة،العدوانية، والقلق النرجسي هي قوى معادية لبناء أمة حرة وديموقراطية.

يمكن ملاحظة صراع الحضارات الداخلي في العديد من النزاعات حول الإنتماء والمساواة التي تحدث في المجتمعات المعاصرة: جدالات حول الهجرة؛ عن إحتواء الأقليات الدينية، العرقية، والإثنية؛ عن المساواة الجنسية؛ عن الميول الجنسية؛ التمييز الإيجابي.

تُنشئ هذة الجدالات القلق والعدوانية في كل المجتمعات. كما تمتلك جميعها قوى التراحم والاحترام أيضا. تُشكل أجزاء اجتماعية وسياسية معينة فرقا عظيما في نتائج هذة الصراعات، لكن سيكون من الجيد العمل على الأقل على سبيل التجربة مع السرد العريض المشترك لطفولة الإنسان، من أجل تحديد المشاكل والموارد التي من خلالها يمكن للمؤسسات والأعراف الاجتماعية إما أن تطورها أو تثبطها أكثر.3 إثبات التفاصيل لأي اعتبار كهذا هو مجال لأبحاث جارية ونقاشات؛ البحث عن نقاط تدخل هو مساوِ في التعقيد. لكن علينا أن نبدأ من مكان ما، وكثير من الاقترحات التعليمية لا تأتي بذكر الجانب النفسي للتنمية البشرية على الإطلاق. لذا يظل من غير الواضح ما هي المشاكل التي تحتاج أن تُحل، وماهي الموارد التي نملكها لحلها.

يولد الأطفال الرضع بلا حول، في عالم لم يصنعوه ولا يتحكمون فيه. تحتوي أولى تجارب الرضيع على تأرجح في التغيرات بين إطراءات هانئة، حيث يبدو وكأن العالم بأكمله يتمحور حول احتياجاته_كما في الرحم_ وبين الوعي الموجع بعجزه حين لا تصل الأشياء الجيدة في الوقت المرغوب به ولا يمكنه عمل شي لضمان وصولها. لدى البشر مستوى من العجز الجسدي غير معروف في مكان آخر من مملكة الحيوان_مدموجة بمستوى عالِ جدا من الإدراك الرفيع ( نعلم الآن مثلا أن حتى الرضيع ذا الأسبوع يستطيع التمييز بين رائحة حليب أمه وحليب أم أخرى.) فهم ماذا يعني”الصراع الداخلي” يحتاج إلى التفكر في هذا السرد الفريد: عن جمع البشر الغريب للكفاءة مع العجز: علاقتنا المعضلة تجاه العجز، الفناء، والمحدودية؛ رغبتنا المثابرة في السمو عن الظروف التي تؤلم للحد الذي لايمكن لكائن ذكي قبولها.

خلال ما ينمو الرضع، يتزايد وعيهم حول ما يحصل لهم، لكن لا يمكنهم عمل شي تجاهه. هذا التوقغ بأن يكونوا تحت الرعاية الدائمة_”القدرة الرضيعية المطلقة” التي التقطت جيدا  في عبارة فرويد “جلالة الطفل”_يصاحبه القلق والخجل من معرفة الشخص بأنه ليس ذو قدرة مطلقة حقا، بل عاجز تماما. ينبثق من هذا القلق والخجل رغبة ملحة للكمال والتمام التي لا تغادره أبدا بالكامل، مع هذا يتعلم معظم الأطفال بأنهم جزء واحد من عالم من المخلوقات المتناهية الحاجة.تؤدي هذة الرغبة بالسمو عن الخجل من النقص إلى كثير من الاضطراب و الخطر الأخلاقي.

يبدو للرضع في تلك النقطة المبكرة، بأن الناس ليسوا حقيقين تماما؛ هم مجرد أدوات إما تجلب ما يتم الاحتياج إليه أو لا. يرغب الرضع حقا في جعل ذويهم عبيدا لهم من أجل التحكم بالقوى التي تؤمن مايحتاجونه. رأى جان جاك روسو في عمله الرائع عن التعليم، إميل، بداية عالمِ من التراتبية في رغبة الأطفال باستعباد ذويهم. بالرغم أن روسو لم يظن أن الأطفال أشرار بالطبيعة_بالعكس شدد على غرائزهم الطبيعية تجاه الحب والتراحم_فهم بأن الضعف ذاته واحتياج الرضيع البشري يُنشئ ديناميكية بإمكانها أن تخلق تشوها أخلاقيا وسلوكا قاسيا، إلا إذا تم حصر النرجسية والميل للهيمنة في قناة ذات اتجاه أكثر إنتاجية.

لقد ذكرتُ خجل الأطفال من عجزهم_ عدم قدرتهم على تحقيق الكمال الهانئ الذي توقعوه في لحظات معينة.4 الخجل، الذي يمكن أن نسميه ب”الخجل الفطري” قريبا ما ينضم إلى إحساس قوي جدا: القرف من فضلات جسد الشخص ذاته. يمتلك القرف، مثل كل الأحاسيس، قاعدة تطور فطرية، لكنها تشمل التعلم أيضا والتي لا تظهر حتى وقت التدريب على الحمام، حين تكون القدرات الإدراكية للطفل ناضجة تقريبا. لذا لدى المجتمع مساحة كبيرة للتأثير على الاتجاه الذي تأخذه.تظهر الأبحاث الحديثة عن القرف بأنه ليس عضويا مجردا؛ بل لديه مكون إدراكي قوي، تشمل أفكارا عن النجاسة أو الدنس. استنتج علماء النفس التجريبي بأننا ننبذ في القرف من خلال تجنيس هذة الأشياء_البراز، وفضلات الجسد الأخرى، والجثة_الدليل على حيوانيتنا وفنائنا، وبالتالي عجزنا في الأمور المهمة. يتفق علماء النفس التجريبي العاملين على القرف بأن بإبعاد أنفسنا عن هذة الفضلات، نقوم بتدبر قلقنا بخصوص امتلاكنا وكوننا في النهاية فضلات، وبالتالي حيوانيون وفانون بحد ذاتنا.5

بهذا الوصف يمكن للقرف أن يعطينا توجها جيدا، بما أن للتقزز من البراز والجثث جدوى، كإرشاد بدائي لتجنب الخطر. بالرغم من أن القرف يكتشف الاحساس بالخطر بقصور شديد_ الكثير من المواد الخطرة في الطبيعة ليست مقرفة، وكثير من الأشياء المقرفة بريئة_ تجنب حليب له رائحة مقرفة يبدو معقولا وأسهل من فحصه في مختبر كل مرة.6 يبدأ القرف بعمل ضرر بعد حين، بارتباطه مع النرجسية الأساسية لأطفال البشر. استعراض الخصائص الحيوانية_الرائحة السيئة، النز، التلزج_على بعض الفئات من الناس، ثم معاملة هؤلاء على أنهم نجسون أو مدنسون، تحويلهم إلى طبقة دُنيا، وبالنتيجة صنع حاجز، منطقة عازلة، بين الشخص القلق وبين الصفات الحيوانية المتخوف منها والموصومة هي طريقة فعالة لإبعاد الشخص نفسه كليا عن حيوانيته.يبدأ الأطفال بفعل هذا مبكرا جدا، بالتعرف على بعض الأطفال على أنهم قذرون ونجسون. كمثال على هذا، لعبة الأطفال الشائعة بصنع جهاز من الورق المطوي يدعى”صائد القملة” واستخدامه من خلال اللعب “بصيد” الحشرات المقرفة المزعومة، أو “القمل”، وهم الأطفال الغير محبوبين الذين تم وصمهم بأنهم قذرون ومقرفون.

في أثناء ذلك، يتعلم الأطفال من مجتمع الناضجين حولهم، والذي عادة يوجه هذا “القرف الإسقاطي” إلى واحدة أو أكثر من الفئات الواقعية الخاضعة_الأفارقة الأمريكيون، اليهود، النساء، المثليون، الفقراء، الطبقات الدنيا في طبقية الهند الهرمية. في الواقع، تُوظف هذة الفئات كالحيوان “الآخر” بإقصاء ما تُعرِّف به المجموعة المميزة نفسها كرفيعة، وحتى سامية. تجنب التلامس الجسدي بأعضاء من المجموعة الخاضعة هي ظاهرة شائعة للقرف الإسقاطي، وحتى تجنب المواد الملموسة من قبل هذة المجموعة.القرف، كما يوضح البحث النفسي، ملئ بالتفكير الساحر اللاعقلاني، ليس من المفاجئ تفشي أفكار عن النجاسة في العنصرية وأنواع أخرى من إخضاع الفئة.

القرف الإسقاطي هو دائما إحساس شخصي، لأنه يتضمن إنكار الذات وتنحيته على فئة أخرى هي في الواقع مجموعة تملك جسمانية بشرية تشبه تلك التي يملكها الذين يقومون بالإسقاط، إلا أنهم اجتماعيا أكثر عجزا. بهذة الطريقة، يجد الطفل النرجسي استيفاءا لرغبته الأصلية في تحويل ذويه عبيدا_بخلق هرمية اجتماعية.هذة الديناميكية هي خطر دائم للمساواة الديموقراطية.7

تبدو القصة عالمية في صيغة معينة، تظهر دراسات القرف في مجتمعات عدة ديناميكية مشابهة، وعلينا أن نقر بحزن، بأن كل المجتمعات الإنسانية أنشأت فئات مقصاة تم وصمهم بالمخجلين أو المقرفين، وفي العادة الاثنان معا. بالرغم من ذلك، هناك العديد من المصادر المتغيرة التي تؤثر على نتيجة هذة القصة، بتشكيل سلوك الناس تجاه الضعف، الحاجة، والاعتماد المتبادل. تشمل هذة المتغيرات الاختلافات الفردية العائلية، الأعراف الاجتماعية، والقانون. تتفاعل هذة الثلاثة مع بعضها بطرق مركبة، بما أن الأهل أنفسهم سكان عالم اجتماعي وسياسي، فإن الإشارات التي يبعثونها لأطفالهم هي متشكلة من خلال هذا العالم.

بما أن سلوك الوصم يبدو ردة فعل لقلق الشخص حول ضعفه وهشاشته، فإنه لا يمكن إدارته دون معالجة ذلك القلق الأعمق. أحد الطرق لمعالجته هي ما ركز عليه روسو في تعلم الكفاءة العملية. لدى الأطفال الذي تعلموا كيف يفاوضون جيدا في بيئتهم حاجة أقل لعاملين يخدمونهم. لكن يجب أن يوجه جزء آخر من الاستجابة الاجتماعية لاحساس العجز نفسه والألم الذي يسببه. تعالج بعض الأعراف الاجتماعية والعائلية بإبداع هذا الألم، بإرسال رسالة إلى الشباب بأن الكل في هذا العالم هش وفاني، وهذا الجانب من الحياة البشرية لا يجب كراهيته أو احتقاره، لكن معالجته بالمساعدة المتبادلة والتقابل. لقد صنع جان جاك روسو من تعلم ضعف الإنسان الأولي مركزا لخطته في التعليم ككل. قائلا بأن إدراك هذا الضعف فقط هو ما يجعلنا اجتماعيين و يحولنا للإنسانية، لذا يمكن لقصورنا ذاته أن يكون أساس أملنا في مجتمع محترم. أشار إلى أن نبلاء فرنسا لم يحظوا بهكذا تعليم: لقد نشأوا على التعلم بأنهم فوق الحياة البشرية العامة للكثير. غذت هذة الرغبة بالحصانة الرغبة بتسيدها على الآخرين. تُعلم الكثير من المجتمعات الدروس السيئة التي تعلمها نبلاء روسو الفرنسيين. يبعثون من خلال كل من الأعراف الاجتماعية والعائلية رسالة بأن الكمال، الحصانة، والسيطرة هم الجوانب الرئيسية لنجاح البالغ.

في ثقافات كثيرة، تأخذ أعراف اجتماعية كهذة صيغة جنسية، ولقد وجد بحث القرف أن هناك عنصر جنسي قوي في تجلي الاستقراف على الآخرين غالبا. يتعلم الذكور بأن النجاح يعني كونهم فوق الجسد ووهنه، لذا يقومون بتوصيف بعض الطبقات الدُنيا (النساء، الأمريكيين الأفارقة) بمفرطي الجسمانية ، لذا هم بحاجة لأن يُهيمن عليهم. لهذة القصة متغيرات ثقافية عدة، والتي يجب دراستها عن قرب قبل أن يمكن معالجتها في مجتمع معين. حتى وإن كانت الثقافة ككل لا تحتوي على أعراف مريضة كهذة، يظل بإمكان عائلات فردية إرسال رسائل سيئة، كمثال الطريقة الوحيدة كي تنجح هي بأن تكون كاملا وتسيطرعلى كل شي. إذا تقع الهرمية الإجتماعية عميقا في حياة الإنسان؛ لا يمكن محاربة “الصراع الداخلي” على أرض المدرسة والجامعة وحدهما، علينا أن نشمل العائلة والمجتمع الأكبر.مع هذا، المدارس، في أقل تقدير،هي قوة مؤثرة على حياة الطفل، وواحدة من المرجح  يمكننا مراقبة رسائلها أسهل من الأخريات.

قلنا بأن جزءا مركزيا من مرضية القرف هو في تفريع العالم إلى “نقي” و “مشوب”_ البناء ل”نحن” الذين بلا صدع و”هم” القذرون، الأشرار، والنجسون. يظهر الكثير من التفكير السئ عن السياسات العالمية آثارا لهذة المرضية، كما يثبت كل الناس جاهزيتهم المبالغة للتفكير ببعض فئات الآخرين كسوداويين وملطخين، بينما هم أنفسهم على جانب الملائكة. نلاحظ الآن بأن هذا الميل البشري الغائر جدا يتغذي على الروايات القصصية للأطفال، الذي يقترح بأن العالم سيستعيد نصابه حين تقتل ساحرة قبيحة ومقرفة أو وحش ما، أو حتي تُطبخ بفرنها.8      تُزوّد العديد من قصص الأطفال المعاصرة نفس النظرة للعالم. يجب أن نكون ممتنين للفنانين الذين يقترحون للأطفال تعقيدات العالم الحقيقية: هاياو ميازاكي، صانع الأفلام الياباني على سبيل المثال، التي تحتوي أفلامه الجامحة والرائعة عن الخير والشر نظرة أرق وأكثر تلونا لكليهما، حيث يمكن للخطر أن يأتي من مصادر حقيقية ومركبة كعلاقة الإنسان الجادة مع البيئة؛ أو موريس سنداك، حيث ماكس في “أين تقع الأشياء الجامحة”_الذي أصبح فيلما مثار إعجاب_يتصارع مع الوحوش التي تمثل عالمه الداخلي والعدوانية الخطيرة التي تتربص هناك. ليست تلك الوحوش دميمة بالكامل؛ حيث كره الشخص لشياطينه الداخلية غالبا ما تكون مصدرا للحاجة لإسقاطها خارجيا على الآخرين. تصبح القصص التي نتعلمها في طفولتنا دساتير قوية للعالم الذي نسكنه كبالغين.

تكلمت عن المشاكل، ماذا عن الوسائل؟ الجانب الآخر من الصراع الداخلي هو قدرة الطفل النامية للرعاية التراحمية، في رؤية الشخص الآخر كغاية وليس مجرد وسيلة.خلال مضي الزمن، إذا سار كل شئ على ما يرام، يأتي للأطفال شعور بالامتنان والحب للكائنات المنفصلة عنهم والتي تدعم حاجاتهم، ويصبحون قادرين على تخيل العالم من خلال وجهة نظر هؤلاء اضطراديا. القدرة على الحرص و الاستجابة بتعاطف و من خلال منظور تخيلي هو جزء عميق من تراثنا التطوري.9 يبدو أن الثديات من أنواع عدة تملك نوعا ما من التعاطف، كالفيلة، ومحتملا الكلاب. في حالة الشمبانزيات واحتمال الكلاب والفيلة التعاطف مرتبط بالتشاعر وهي القدرة على ” التفكير التموضعي”، القدرة على رؤية العالم من خلال وجهة نظر مخلوق آخر. التفكير التموضعي ليس ضروريا للتعاطف، وبالتأكيد ليس كافيا: يمكن أن يستخدمها السادي لتعذيب ضحية. إلا أنها مع ذلك ذات خدمة عظيمة تجاه تكوين الأحاسيس التعاطفية_ المرتبطة تباعا مع سلوك المساعدة. يظهر العمل التجريبي الآخاذ ل تشارلز دانيال باستون بأن الأشخاص الذين سئلوا لحضور سرد حي لورطة شخص آخر، آخذين وجة نظر الشخص الآخر، هم أكثر عرضة بكثير للاستجابة بتعاطف من الأشخاص الذين سئلوا للاستماع لها عن بُعد. بعد الاستجابة بإحساس تعاطفي، قاموا باختيار مساعدة الشخص الآخر_في وجود خيار ليس غاليا يُقدم لهم _مما يجعل مساعدة كهذة ممكنة.10

يفهم الأطفال الذين أنشأوا قدرة للتعاطف أو التراحم_غالبا من خلال  التجربة الإدركية التشاعرية_ ماذا فعلت عدوانيتهم لشخص آخر منفصل، ممن يتزايد اهتمامهم به. وبذلك يأتي احساسهم بالذنب بخصوص عدوانيتهم وحرصهم الحقيقي بعافية الشخص الآخر.التشاعر ليست أخلاقا، لكنها يمكن أن تؤمن مكونات حاسمة للأخلاق. يؤدي نشوء الحرص إلى رغبة متزايدة في التحكم بعدوانية الشخص ذاته: يكتشف الأطفال  بأن الناس الآخرين ليسوا عبيدهم بل كائنات منفصلة لها الحق بحياة تخصها.

هذة الاكتشافات غير مستقرة في العادة، حيث حياة الإنسان فرص وكلنا نشعر بمقلقات تؤدي بنا إلى الرغبة في السيطرة أكثر،بما فيها التحكم بأناس آخرين. لكن تربية إيجابية في العائلة، مقرونة بتعليم جيد لاحقا، يمكن أن يصنع أطفالا يشعرون بحرص تراحمي لاحتياجات الآخرين، ويمكن أن يؤدي بهم إلى رؤية الآخرين كأناس لهم حقوق مساوية لحقوقهم. إلى المدى الذي تؤثر فيه الأعراف والصورالاجتماعية المهيمنة للنضج والذكورة على هذا الصنع، سيكون هناك صعوبة و تأزم، لكن يمكن للتعليم الجيد أن يبارز نمطيات كهذة،معطية للأطفال احساسا بأهمية التشاعر والتقابل.

التراحم غير معتمد عليه في ومن خلال نفسه، مثل الحيوانات الأخرى، تشعر الكائنات البشرية بالتراحم تجاه من يعرفونهم عادة، وليس تجاه من لا يعرفونه. نعلم الآن بأن حتى الحيوانات البسيطة ظاهريا كالفئران تستجيب بعدم الارتياح لعدم الارتياح الجسدي للفئران الأخرى_إذا عاشوا مع هؤلاء الفئران الآخرين بعينهم.11 يفشل ألم الفئران الغريبة مع ذلك بانتاج العدوى الحسية التي هي بادرة للتعاطف.لذا من المحتمل أن الميل لفلق العالم إلى المعروف واللامعروف يقع عميقا في تراثنا التطوري.

يمكننا الإمساك عن التراحم لأسباب سيئة أخرى:كمثال، يمكننا خاطئين لوم من يعانون على حظهم العاثر. يعتقد الكثير من الأمريكيين بأن الفقراء جلبوا الفقرعلى أنفسهم من خلال الكسل وقلة الجهد. كنتيجة، بالرغم أنهم خاطئون بهذا الشأن، لا يشعرون بالتراحم تجاه الفقراء.12

يمكن أن ترتبط هذة القواصر في التراحم مع الديناميكية المهلكة للقرف والخجل. حين يتم التعرف على مجموعة مجتزأة على أنها مخجلة ومقرفة، يبدو أعضائها تحت أولئك المهيمنين،والمختلفين جدا عنهم: حيواني، نتن، نجس، ومُنجّس. لذا يمكن بسهولة إقصائهم من التراحم، ويصعب رؤية العالم من وجهة نظرهم. يمكن للبيض الذين يشعرون بالتراحم البالغ لبيض آخرين بمعاملة الأشخاص الملونين كالحيوانات أو الأغراض، رافضين رؤية العالم من منظورهم.يعامل الرجال النساء بهذة الطريقة غالبا، بينما يشعرون بالتعاطف لرجال آخرين.بالمختصر، غرس التراحم ليس بحد ذاته كافيا لتجاوز قوى الاستعباد والاخضاع، حيث يمكن للتراحم أن يكون حليفا للقرف والخجل، مقويا التضامن بين النخبة ومبعدا إياهم أكثر عن الخاضعين.

يتزايد تأثير ثقافة الأنداد، أثناء ما يقارب اليافعون مرحلة النضوج. تصنع الأعراف لشخص جيد (رجل جيد، امرأة جيدة) تأثيرا عظيما على العملية التنموية، حيث يناضل الحرص ضد عدم الأمان النرجسي والخجل. إذا كانت ثقافة الند اليافعة تعرف “الرجل الحقيقي” كواحد لا يملك ضعفا أو حاجة، ويتحكم بكل شي يحتاجه في الحياة، سيغذي تعليم كهذا النرجسية الرضيعية وسيثبط بقوة امتداد التراحم للنساء وأشخاص آخرين يُنظر لهم كضعفاء وخاضعين. لاحظ الأخصائيان النفسيان دان كيندلون ومايكل تومبسون بأن بيئة كهذة تدور في أوساط الأولاد المراهقين في أمريكا.12 ترسم كل الثقافات بدرجة معينة الرجولة فيما يتعلق بالتحكم، لكن الثقافة الأمريكية تفعل ذلك بالتأكيد، حيث ترفع للشباب صورة راعي البقر الوحيد الذي يستطيع أن يؤمن لنفسه دون أي مساعدة.

كما يؤكد كيندلون وتومبسون، فإن في محاولة أن يكون الرجل مثاليا تظاهرا بالتحكم في عالم لا يمكن للشخص التحكم به فعلا. يتم كشف القناع عن هذا التظاهر في الواقع يوميا بيد الحياة نفسها، خلال شعور اليافع “الرجل الحقيقي” بالجوع، الارهاق، الاشتياق، المرض أو الخوف غالبا. لذا يجري تيار سفلي من الخجل عبر نفسية أي شخص يعيش هذة الخرافة؛من المتوقع أن أكون “رجل حقيقيا”، لكني أشعر بأني لا أتحكم في محيطي الخاص بي، أو حتي جسمي بطرق لا حصر لها. إذا كان الخجل واقعيا استجابة عالمية لعجز الإنسان، فإنها أشد بكثير في الأشخاص الذين نشأوا على خرافة التحكم الكامل، عوضا عن مفهوم الاحتياج والاعتماد المتبادل. مرة أخرى إذا، يمكننا أن نرى كيف هو حتمي للأطفال ألا يطمحوا للسيطرة والحصانة، تعريف تطلعاتهم وفرصهم كأنها فوق حياة عموم الكثير من البشر، لكن بالمقابل، أن يتعلموا التقدير بوضوح جهات الضعف البشرية المخوضة في مدى عريض من الظروف الاجتماعية، فهم كيف تؤثر الترتيبات الاجتماعية والسياسية بمختلف أنواعها هشاشة يتشارك بها جميع الكائنات البشرية. يناقش روسو بأن على المعلم أن ينازل رغبة إيميل النرجسية بسيادتها على الآخرين من جهتين. من ناحية، حين يصبح ناضجا جسديا، يجب أن يتعلم ألا يكون عاجزا، ألا يحتاج أن يُخدم على قدم وساق. إلى الدرجة التي يصبح فيها كفئا في العالم، سيكون بحاجة أقل لينادي على الآخرين بالطريقة التي يفعلها طفل. وسينظر لهم بقلق أقل كأشخاص بمشاريع تخصهم، والذين ليسوا طوع بنانه. ظن روسو، أن أغلب المدارس تشجع العجز والسلبية من خلال عرض التعلم بتجردية خالصة، بطريقة تنزعها عن أي تطبيق عملي. على العكس، سيدرس معلمه إيميل كيف يفاوض في العالم الذي يسكنه، جاعلا منه مشاركا كفئا في نشاطات العالم. من ناحية أخرى، يجب أن يستمر تعليم إيميل العاطفي؛ من خلال مدى عريض من السرديات، عليه أن يتعرف على عموم الآخرين، أن يرى العالم من خلال أعينهم، أن يرى معاناتهم حية من خلال التخيل. بهذة الطريقة سيصبح الناس،عن بعد، حقيقيين ومساويين له.

أؤمن بأن هذة القصة عن النرجسية، العجز، الخجل،القرف، والتراحم تقع في قلب ما يجب على التعليم من أجل الديموقراطية أن تعالجه. لكن هناك مواضيع نفسية أخرى يجب على المعلم أن يبقيها في ذهنه.كشف بحث في علم النفس التجريبي عددا من الميول المهلكة التي يبدو أنها شائعة في مدى واسع من المجتمعات. استعرض ستانلي ميلجرام، في تجاربه المعروفة جيدا والتي أصبحت كلاسيكية الآن، أن الأشخاص في التجربة يملكون مستوى عالي من الانصياع للسلطة. كان أغلب الناس في تجاربه المكررة كثيرا مستعدين لإعطاء مستوى مؤلم جدا وخطر من الصدمة الكهربائية لشخص آخر، طالما يخبرهم العالم المراقب بأن ما يعملونه مقبول_ حتى حين كان الشخص الآخر يصرخ من الألم (الذي كان بالطبع مزيفا من أجل التجربة).14 أظهر سليمان آش مبكرا بأن الأشخاص في التجربة مستعدين للذهاب ضد دلائل احساسهم الواضح حين يصنع كل الأشخاص حولهم قرارات معنوية هي خارج الهدف: يظهر بحثه الصارم والمؤكد كثيرا الخنوع الغير اعتيادي للبشر الطبيعين لضغط الأنداد. تم استخدام كلِ من عمل ميلجرام وآش بجدارة من قبل كريستوفر برونينغ في تسليط الضوء على تصرف شباب ألمانيين في كتيبة شرطة قتلت يهود خلال العهد النازي.15 كان تأثير ضغط الأنداد والسلطة على هؤلاء الشبان عظيما جدا، يظهر برونينغ، بأن هؤلاء الذين لم يستطيعوا جلب أنفسهم لاطلاق النار على اليهود شعروا بالخجل من ضعفهم.

من السهل رؤية بأن هاذين الميلين يقعان قريبا من ديناميكة  النرجسية/عدم الأمان/الخجل كما وصفت آنفا. يرغب الناس بالتضامن مع مجموعة من الأنداد لأنه نوع من الحصانة البديلة، وليس من المفاجئ بأنهم حين يصم الناس الآخرين ويضطهدونهم، فإنهم غالبا ما يفعلون ذلك كأعضاء من فئة متضامنة. الخنوع للسلطة هي صفة شائعة في حياة المجموعة، والثقة في قائد يراه الشخص محصن هي طريقة معروفة جدا حيث يحمي الكبرياء الهش نفسه ضد عدم الأمان. بمعنى أن هذا البحث يؤكد السردية التي قمت برسم تفاصيلها.

مع ذلك، يخبرنا البحث بشئ جديد. إنه يظهر أن الأشخاص بميول ضمنية متشابهة تقريبا يتصرفون بشكل أسوأ إذا تم تخطيط ظروفهم بطريقة معينة. أظهر بحث آش حتى بوجود معارض واحد، كان الشخص قادرا على الإدلاء بحكمه المستقل؛ كونها محاطة تماما بأشخاص اتخذوا الحكم الخاطئ هو ما جعلها تتوقف عن البوح بما تفكر. يظهر بحث ميلجرام بأن السماح للأشخاص بالتفكير بأنهم غير مسئولين عن قراراتهم الذاتية، لأن شخصية سلطوية أخذت المسئولية، ينتج قرارات غير مسئولة. باختصار، الأشخاص نفسهم الذين يمكن أن يتصرفوا جيدا في ظرف باختلاف نوعه يتصرفون بشكل سئ في منظومات معينة.

يعرض بحث آخر أيضا بأن أشخاصا من الواضح بأنهم محترمون ومهذبون مستعدون للانخراط في سلوك يهين ويوصم إذا أُعد ظرفهم بطريقة معينة، بجعلهم في دور المهيمن وإخبارهم بأن الآخرين أدنى منهم. يشمل مثال معين يقشعر له البدن أطفال مدارس تخبرهم مدرستهم فيه بأن الأطفال أصحاب العيون الزرق متفوقون على الأطفال أصحاب العيون الداكنة. لتعقبه تصرفات هرمية وقاسية. بعدها تخبرهم المدرسة بأن خطأ حصل؛ وأن في الواقع الأطفال أصحاب العيون البينة هم المتفوقون، أصحاب العيون الزرقاء أدنى. عكست الهرمية والتصرف القاسي نفسها ببساطة؛ بدا أن الأطفال أصحاب العيون البنية لم يتعلموا شيئا من ألم التفرقة.16 باختصار، السلوك السئ ليس مجرد نتيجة لتربية مريضة للفرد، أو مجتمع موبوء. هي احتمال لأشخاص من الواضح محترمين،تحت ظروف معينة.

لعل أكثر تجربة مشهورة هي تجربة سجن ستانفورد لفيليب زيمباردو، حيث أن أشخاصا تم عشوائيا اختيارهم لتمثيل دور السجان والسجين بدأوا بتصرفون باختلاف حالا. أصبح المسجونون سلبيين ومكتئبين؛ استخدم السجانون سلطتهم للإهانة والوصم. لقد تم تصميم تجربة زيمباردو بطريقة سيئة من نواحِ عدة. أعطى على سبيل المثال إرشادات مفصلة للسجانين، قائلة لهم بأن هدفهم هو بتحفيز مشاعر العزلة واليأس في السجناء. كعاقبة، كانت النتائج أقل من حاسمة.17 بغض النظر عن ذلك، فإن لنتائجه دلالة قوية وعند ربطها بالكمية الكبيرة من المعطيات الأخرى، ترسخ الفكرة بأن الأشخاص الذين ليسوا مرضيين يتصرفون بشكل سئ جدا تجاه الآخرين حين يتم تخطيط ظروفهم بشكل سئ.

لذا علينا أن ننظر لشيئين: الفرد، والظرف. الظروف ليست الشئ الوحيد الذي يهم، حيث يجد البحث فروقا فردية، وتفسر التجارب بشكل معقول بإظهار تأثير الميول المرضية الإنسانية الواسعة المشتركة. لذا نحتاج في النهاية أن نعمل بما فعله غاندي والنظر بعمق في نفسية الفرد، نسأل مالذي يمكننا عمله لمساعدة التراحم والتشاعر للفوز في الصراع ضد الخوف والكره. لكن الظروف تهم أيضا، وبلا شك الأشخاص الناقصين سيتصرفون أسوأ بكثير حين يتم وضعهم في منظومات من نوع معين.

ماهي المنظومات المهلكة؟ يقترح البحث العديد منها.18 أولا، يتصرف الناس بشكل سئ حين لا يحملون المسئولية شخصيا. يتصرف الناس بشكل أسوأ تحت دثار المجهولية، كجزء من جمع بلا وجه، أكثر من لو كانوا مراقبين ومسائلين كأفراد.( أي أحد قام بخرق حد السرعة، ثم أبطأ حين رأى سيارة الشرطة في المرآة الخلفية، سيعرف كيف أن هذة الظاهرة واسعة الانتشار.)

ثانيا، يتصرف بعض الناس سيئا حين لا يرتفع صوت ناقد. مضى أفراد تجربة آش مع الحكم الخاطئ حين كل الناس الذين حسبوهم زملاء لهم في التجربة(والذين كانوا في الحقيقة يعملون من أجل التجربة) اقترنوا في الخطأ؛ ولكن لو شخصا واحدا معترضا قال شيئا مختلفا، فإنهم تحرروا ليتبعوا منظورهم الخاص وحكمهم.

ثالثا، يتصرف الناس بشكل سئ حين يتم تجريد الإنسانية والفردانية من الأشخاص الذين يملكون السيطرة عليهم، في مدى واسع من الظروف، يتصرف الناس أسوأ بكثير حين يتم رسم “الآخر” كحيوان، أو يحمل رقما عوضا عن اسم. يتقاطع هذا البحث مع ملاحظات كيندلون وتومبسون الإكلينيكية. تعلم شبان صغار عازمون على التحكم بتلهف بالتفكير في النساء كمجرد أدوات يتم التلاعب بها، وهذة القدرة على “تشييئ” النساء_تم تشجيعها في مجالات عدة من إعلامنا وثقافة الإنترنت_غذت خيالاتهم بالهيمنة أكثر.

من الواضح كفاية، بأنه يمكن لهذة الخصائص الظرفية لحد ما أن تكون جزءا من التعليم الأساسي_ذلك أنه يمكن للعملية التعليمية أن تقوي الحس بالمسئولية الشخصية، الميل لرؤية  الآخرين كأشخاص مستقلين، والاستعداد لرفع صوت ناقد. من المحتمل بأنه لا يمكننا إنتاج أشخاص حازمين ضد كل تلاعب، لكن يمكننا إنتاج ثقافة اجتماعية هي نفسها “ظرف” محيط قوي، تقوية الميول التي تناهض ضد التوصيم والهيمنة. على سبيل المثال، يمكن لثقافة محيطة أن تعلم الأطفال بأن يروا الجماعات المهاجرة الجديدة، أو الأجانب، كجمع بلا وجه يهدد سيطرتهم_ أو يمكن أن تعلم الإدراك بأن الأعضاء من هذة الفئات أفراد مساوون لهم، يتشاركون حقوقا ومسئوليات عامة.

المدارس هي فقط مؤثر واحد على عقل وقلب الطفل، الكثير من العمل للتغلب على النرجسية وتنمية الحرص يجب أن يُعمل به في العائلات؛ و تلعب العلاقات في ثقافة الأنداد دورا فعالا أيضا.

يمكن للمدارس، بالرغم من ذلك، تعزيز أو تحبيط منجزات العائلات، جيدة أو سيئة. يمكنها أيضا تشكيل ثقافة الأنداد. ما يؤمنونه من خلال المحتوى المنهجي وتنشأتهم، يمكنه أن يؤثر بعظمة على عقل الطفل النامي.

ماهي الدروس الذي يقترحه هذا التحليل حين نسأل ماهي المدارس ومالذي يجب أن تفعله لانتاج مواطنين في ولأجل ديموقراطية صحية؟

  • تنمية قدرة الطلبة ليروا العالم من وجهة نظر الأشخاص الآخرين، خصوصا أولئك الذين يميل مجتمعهم لرسمهم كأقل، “مجرد أشياء”.

  • تدريس سلوكيات تجاه ضعف الإنسان وعجزه التي تقترح بأن الضعف ليس مخجلا وأن احتياج الآخرين جبن؛ تعليم الأطفال ألا يخجلوا من الحاجة والنقص بل يرونها تلك كمناسبات للتعاون و التبادل.

  • تنمية القدرة على الحرص الحقيقي للآخرين، للقريب والبعيد على السواء.

  • تحبيط الميل للجفلة من الأقليات من مختلف الأنواع بقرف، التفكير بهم “كأدنى” و “منجسين”.

  • تدريس أشياء حقيقية وواقعية عن الفئات الأخرى (العرقية، الدينية، الأقليات الجنسية؛ أشخاص بإعاقات)، لمعاكسة النمطيات والقرف الذي يصاحبها غالبا.

  • تحفيز المسئولية بمعاملة كل طفل كعضو مسئول.

  • دعم التفكير النقدي بحماس، المهارة والشجاعة التي تحتاجها لترفع صوتا معارضا.

هذا برنامج عمل هائل. يجب أن يُوظف بوعي دائم بالظروف الاجتماعية المحلية، ومع معرفة غنية بمشاكل المجتمع المحلي وموارده. ويجب أن لا يعالج فقط من خلال المحتوى التعليمي ولكن من خلال التنشأة أيضا، التي نتوجه إليها في التالي.


تثبيت المصطلحات /Terminology Fixation

  • Sentiment /عاطفة
  • Care / اهتمام
  • Hierarchy / هرمية
  • Domination / هيمنة
  • Stigmatization /وصم
  • Rhetorical Construction/ البناء الخطابي
  • Pernicious/ مهلك
  • Reciprocity/ التقابل
  • Compassion/ تراحم
  • Infantile Omnipotence/ القدرة الرضيعية المطلقة
  • Primitive shame/ خجل فطري
  • Disgust/ قرف
  • Contamination/ نجاسة
  • Defilement/ دنس
  • Projective Disgust/ القرف الإسقاطي
  • Hyperbodily/ مفرط الجسمانية
  • Sympathy/ تعاطف
  • Empathy/ تشاعر
  • Positional Thinking/ التفكير التموضعي
  • Control/ سيطرة-تحكم
  • Infantile Narcissism/ النرجسية الرضيعية