مجلة حكمة
آينشتاين

السلام في العصر الذري – آينشتاين / ترجمة: أفنان الشبوي

atom


كان ألبرت آينشتاين أحد أعظم علماء الفيزياء في العصر الحديث. ففي عام ١٩٣٩م، أرسل أينشتاين رسالة إلى روزفلت يشرح فيها إمكانية إطلاق الطاقة الذرية في سلاح شديد القوة لايعرف له مثيل، والذي دشن بحثا حكوميا أمريكيا محموما في مجال الطاقة الذرية. وبعد انفجار هيروشيما في عام ١٩٤٥ والدمار الهائل الذي نتج عنه، عُرف د. أينيشتاين بدعمه لفكرة الحكومة العالمية لصون عملية سلام دائمة بين الأمم. فهذه هي الفكرة الرئيسية لعنوانه، ولو انها مختصرة بعض الشيء هنا، وقد أذيعت على برنامج السيدة روزفلت في الثاني عشر من فبراير عام ١٩٥٠م.

 

السلام في العصر الذري

أنا مدين لكم لإعطائي هذه الفرصة للتعبير عن قناعتي في هذه القضية السياسية بالغة الأهمية.

فكرة تحقيق الأمن عن طريق التسلح الوطني، في الوقت الراهن من التقنية العسكرية، لايعدو كونه وهما كارثيا. من طرف الولايات المتحدة، تم تعزيز هذا الوهم بكون هذه الدولة نجحت في سبق انتاج القنبلة النووية. وقد تسيد الاعتقاد بأنه في نهاية المطاف بالإمكان الوصول إلى قوة عسكرية مطلقة تحدد كل شيء.

فبهذه الطريقة، سيتم إرهاب أي خصم محتمل، وسوف يستتب الأمن الذي نصبوا إليه والبشرية كافة. فالمبدأ الذي اتبعناه في الخمس سنوات الأخيرة باختصار هو الأمن عن طريق تفوق القوة العسكرية، مهما كان الثمن.

سباق التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي – والذي في الأصل يفترض أن يكون وقائيا فحسب – غلب عليه الطابع الهستيري. فعند كلا الطرفين، وسائل التدمير الشامل يتم تطويرها برتم محموم – خلف الجدران السرية. وتبدو القنبلة الهيدروجينية على الأفق كهدف ممكن التحقيق.

في حال نجاحه، فإن التسمم الاشعاعي للجو وفناء الحياة على الأرض قد يصبح من الممكنات تقنيا. والطبيعة الشبحية الخفية لهذه التطورات تظهر كل خطوة كتبعة ضرورية لما قبلها لايمكن تفاديها. وفي نهاية المطاف، لن تجلب إلا الدمار الذي يجر دمارا.

هل يوجد أي طريقة للخروج من هذا الطريق المسدود الذي صنعه الإنسان بنفسه؟ يجب أن نعي جميعنا، وبالأخص أولئك المسؤولون عن موقف الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بأنه ربما قد هزمنا عدوا خارجي، ولكننا غير قادرين على التخلص من العقلية التي صنعتها الحرب.

إنه ضرب من المستحيل أن يتحقق السلام وكل قرار يتم اتخاذه يكون على ضوء احتمالية الصراع في المستقبل. يجب أن يكون العمل السياسي محكوما بسؤال: مالذي ييجب أن نفعله ليسود السلام بل والتعاون الوفي بين الأمم؟

المهمة الأولى هي السعي لازالة حالة الخوف والريبة، والرفض التام لسياسة العنف (ليس فقط فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل) فهي قطعيات لايطالها الشك.

ومثل هذا الموقف، لن يكون مجديا إلا في حالة إنشاء مؤسسة أممية ذات صلاحيات قضائية وتنفيذية تخولها لحل الأزمات الأمنية بين الدول. مجرد الإعلان من هذه الدول بالرغبة في التعاون الصادق للعمل على إحياء فكرة هذه الحكومة العالمية المحدودة ستقلل من احتمالية الحروب بشكل كبير.

وفي النهاية، كل تعاون سلمي بين البشر مبني في الأساس على الثقة المتبادلة وبعدها فقط يأتي دور المؤسسات مثل محاكم العدل والأمن. وهذا ينطبق على الدول كما ينطبق على الأفراد. وأساس الثقة المتبادلة هو الصدق والإخلاص في العطاء.