مجلة حكمة

الغاية من الفلسفة / ترجمة: هديل الدغيشم

Williams
غلاف الكتاب


مراجعة لكتاب “الفلسفة كتهذيب إنساني” لـ برنارد ويليامز، نُشرت في مجلة “The Threepenny Review”

لقد أصبحت الفلسفة موضوعًا شائكًا وشاسعًا، حيث أن مجرد ذكر عنوان كتاب ويليامز يثير الجدل. لويليامز عدة مؤلفات؛ من ضمنها “Shame and necessity”  وأيضًا يُدرّس الفلسفة في جامعة أوكسفورد وجامعة كالفورنيا، ولكنه يبدي أسفه بقناعة الطلاب بأن الفلسفة “مادة مستقلة ومتخصصة” إذ يعتقد بأن الفلسفة يجب -إلى حد ما- أن تكون “جزءًا من المحاولة العامة لخلق معنى أفضل للحياة ولأنشطتنا العقلية، وذلك بكيفية نجد بها أنفسنا” ولإتمام ذلك، يجب أن تتجرد الفلسفة مما يسميه ويليامز “الأوهام العلمية”. يجب ألا تتصرف كفرع من العلوم الطبيعية باستثناء بعض الحالات، حيث تكون بالضبط كذلك. “العمل في فلسفة ميكانيكا الكم على سبيل المثال، أو في الجوانب المختصة بالمنطق”. يجب أن تهتم الفلسفة بالعلم حتمًا، ولكن دون أن تشابه “الأهداف أو على الأقل الأساليب العلمية.”

تنتمي الفلسفة إلى مبادرة إنسانية شاملة، كما يرى ويليامز. وإذا كانت الفلسفة هي المساهمة الفعّالة في محاولة فهم أنفسنا، فعليها أن تواكب جميع أجزاء المبادرة، وخصوصًا التاريخ “لو كنا نعتقد بأن الفلسفة قد تلعب دورًا مهمًا في تحفيز الناس على التفكير بما يفعلوا، فإن الفلسفة يجب أن تقر بارتباطها بالطرق الأخرى التي نفهم بها أنفسنا، ولو أصرّت على إنكار ذلك فإنها ستبدو للطالب موضوعًا غريبًا على جميع الأصعدة.”

يبدي ويليامز شكوكه من أن امرءًا “فيلسوفًا يانعًا على الأحرى” سيتناول المنهج الشامل الذي طرحه: “ألا يعني ذلك بأننا نحتاج أن نعرف الكثير، وأن الفرد لن يستطيع التفلسف إلا إذا أصبح مولعًا جدًا بالفلسفة؟ ألا نستطيع أن نتماشى معها فحسب؟” أو بمعنى آخر، أليست قلة وجودة المنهج الناجح للفلسفة التحليلية المعاصرة أفضل من وفرتها وسوءها؟

ويحاجج ويليامز بقوله بأن الفلسفة لا يجب أن تتجاهل منهجًا يسمح بالاختلاف والتفكك، ولكن يجب أن تراجع طبيعة    الاختلاف الذي “يوشك أن يصبح استنساخًا لذلك المختص بالعلوم، كفصل موضوع أو مجال من التنظير عن آخر.” بل يقترح ويليامز بأن يكون أسلوب فصل الموضوع مختلفا “بالتمعن بفكرة أخلاقية مُعطاة- على سبيل المثال- وبالاحتمالات المختلفة التي قد تساعد الفرد على فهمها.” وأما جهل كل ما تظن أن عليك معرفته قبل الخوض في الفلسفة “فهو يصنع فرقا” كما يرى ويليامز “إنك لا تعلم ما تعلمه، وقد لا يرى المرء أبعد من موضع قدمه بخطوات، لكن الأهم هو الاتجاه الذي ينظر إليه”

يبدي ويليامز قلقه من أن المبادرة الإنسانية التقليدية لمحاولة فهم أنفسنا ستصبح مستهجنة وبالية وغير مهمة، في وقت  يتضح فيه أن التعليم يركز بشكل مكثف على القطاعين التقني والدعائي. ويتخوّف من ركود الحراك المضاد، إذ في أفضل الحالات سيكون “جزءًا من صناعة التراث” ولو وجب حدوث ذلك “فلن يكون حراكًا متقدًا وحصيفًا كما ينبغي عليه أن يكون.”