مجلة حكمة
هل اختبارات الموهبة مقياس دقيق للإمكانية الإنسان - إليزابيث سفوبودا هل اختبارات الموهبة مقياس دقيق للإمكانية الإنسان - إليزابيث سفوبودا

هل اختبارات الموهبة مقياس دقيق للإمكانية الإنسان – إليزابيث سفوبودا / ترجمة: شوق العنزي، مراجعة: مصطفى الحفناوي


هل الموهبة مقياس دقيق للإمكانية الإنسان؟

ولادةُ طفلٍ موهوبٍ، بمثابة ولادة نجم مشعٍّ بالنسبة إلى عالم النفس الأمريكي “لويس تيرمان”، مبتكر اختبارات قياس الذكاء (ستانفورد-بينيت IQ).

سعى تيرمان لتسليط الضوء على اختبارات الذكاء، وقال في اجتماعٍ عُقِدَ في سان فرانسيسكو: “مهمة المدرسة تعزيز تطور أصحاب الهبات الذهنية فقط”، وقال أيضا: ” قد تعتمد فرصنا في البقاء على قيد الحياة في اكتشاف قدراتٍ عالية من كلِّ نوع”. في إطار تحقيق مهمته؛ حث تيرمان المئات من الأطفال في جميع أنحاء ولاية كاليفورنيا، بالخضوع لاختبار الذكاء الذي تم تطويره حديثًا في القرن العشرين، وفي إطار سعيه لإثبات نظريته -نسبة الذكاء المرتفعة قد تتنبأ بنجاح الحياة- قام بفرز مجموعةٍ تضم 1521 طفلًا، يطلق عليهم اسم (النمل الأبيض)؛ ليقوم بمتابعتهم وتوثيق حياتهم.

من بين الأطفال المختبرين، كانت هناك فتاة بالعاشرة من عمرها، حازت على 192 درجة في اختبار الذكاء  (IQ)؛ مما جعلها من بين أفضل  أربعة أشخاص في هذه الدراسة.

عثرت الصحفيّة “جويل لوركين” على قصتها في أرشيف ستانفورد في كتاب (أطفال تيرمان) 1992. تقول الطفلة “شوركين بياتريس كارتر” (وهو اسم مستعار للخصوصية) أنها قرأت ما يقارب 1500 كتاب أثناء المرحلة الابتدائية، بما فيهم مؤلفات شيكسبير وروبرت بيرنز. أيضا كتبت مقاطع شعرية؛ كشفت عن مجموعة من رموز الشعر التي أعجبت بهم، في تقرير لصحيفة فرانسيسكو، قيل أن قصائدها خدعت فصلًا بأكمله في ستانفورد، حيث قُدِّمتْ قصائدها بشكل مجهولٍ مع أعمال غير معروفة لتينسون ولونغ فيلو وأساتذة غيرهم.

 

على مرِّ التاريخ عاشت بيننا مواهب مبكرة مثل بياتريس، وكان تيرمان معلمها المفضل. هو الذي ابتكر بالأساس، الطريقة التي نقيس بها الطيف الواسع من القدرات البشرية. أفكاره ساعدت على اختبار قابلية الأطفال، بالخضوع لاختبارات الذكاء في مرحلةٍ مبكرة. قرننا مضى حين بدأت تجارب تيرمان العظيمة.

أياً كان الهدف المُعْلَن، ما تحاول هذه الاختبارات القيام به، هو إنشاءَ فهرس عمل لمن يستحق (تقويم أكاديميّ، نجاح مهنيّ، فرص من أي نوع) إنهم يسعون جميعهم لإتاحة الفرص لبعضهم البعض، بينما يقومون بتصفية الآخرين؛ مشروع يعج بالتمييز العنصري والاجتماعي، أولئك الذين نشأوا منغمسين في التسلسل الهرميّ لاختبارات القدرات، لم يعانوا فقط من المكافآت الغير عادلة، بل من الثقافة المتمحورة حول الاختبار، والتي في كثير من الأحيان تضيّق إحساسنا بما يحدد قيمتنا كبشر.

 

واجهت حملة إضعاف الطلاب من خلال اختبارات الذكاء بالسنوات الأخيرة، ردود فعل معادية من مكاتب القبول بالجامعات، وفي إدارات الموارد البشرية بالمؤسسات العامة. رد الفعل العنيف هذا، جعل كلا من المربين والسياسيين، يبدأون بطرح الأسئلة، ماذا لو كانت مؤسسة تيرمان فاسدة؟ ماذا لو كانت الطريقة التي نقيس بها الإمكانيات قادرة على سحقها؟

اختبارات قياس الذكاء والقدرة، تدور في نفس الفلك. إنها في كل مكان؛ حيث من السهل نسيان أنها بالكاد بدأت في القرن العشرين.

خلال التوسع الغربي للولايات المتحدة، سادت روح جيفرسون الحدودية بالتعليم كما فعلت بأي مكان آخر، قدمت المدارس اختبارات للطلاب؛ لتقيّم مدى تقدمهم، لكن لم يحدد أي مجلس وطنيّ، ما يجب أن تبدو عليه هذه الاختبارات. قليلًا من الأشخاص طرحوا مفاهيم لقياس قدرات الطلاب، هذه المفاهيم لو أنها أُنْشِأتْ؛ لنُظِر إليها بازدراء. حكمة العصر مربوطة بالأطفال الأذكياء، هذا النوع من الشباب الذي يطلق عليهم موهوبين في سوء التكيف مع المجتمع. بمجهودهم وليس بموهبتهم الأثيرة، سادوا في خيال العامة.

كل شيء بدأ بالتغير مع بداية القرن العشرين، تيرمان كان مهندس هذا التحول، كان يتفوق على موجة بدأت بالفعل بحلول عام 1955 كان ارتفاع السكان في البلاد قد أثار الاهتمام بكيفية تحديد من الذي يجب أن يحصل على فرص تعليمية محدودة. ارتقى تيرمان بجانب عالم النفس الفرنسي بينيت، بإتقان الاختبار، وادعى أنه يقيس القدرة الذهنية الذاتية للشخص في غضون ساعة أو نحوها، وقد أطلقوا على هذه الاختبارات اسم عامل الذكاء، أو معدل الذكاء، وقاسوه من خلال مطالبة الأشخاص بتكرار الجمل الطويلة، وإجراء المقارنات الشفوية الكاملة، واختيار أشكال عدم الاتساق في أنماط من بين أمور أخرى.

 

لم يمضِ وقت طويل قبل أن تبدأ المؤسسات الكبيرة في إظهار اهتمامها بالاختبارات، على أمل تحديد أفضل المؤدين. عام 1917 ذروة الحرب العالمية الأولى قامت حكومة الولايات المتحدة بتجنيد تيرمان لاختبار الجيش،  alpha هو اختبار ذكاء مطوَّر، خضع له ما يقارب مليوني رجل، نتيجة هذا الاختبار تحدد إذا كان المجند قد حصل على درجة ضابط نخبة، أو يتم إرساله للصفوف الأمامية ليكون علفاً للمدافع.

في وقتٍ لاحق، اختبارات القدرات الدراسية الآلية التي تسمى الآن (SAT) أعطت الكليات طريقة ثابتة على ما يبدو لاختيار المتقدمين الموعودين. (يعتبر العلماء النفسيون اختبار الذكاء (SAT) وعلى نطاق واسع المُجدَّد الآخر، لدرجة أن درجة عالية في الإصدارات القديمة من الاختبار تؤهلك للقبول في (منسا، مجتمع الذكاء العالمي).

في ذهن تيرمان، الدرجات المنخفضة في اختبار الذكاء، هي نتيجة للنقص الموضوعي  بلا شك.

على الرغم من المقاومة المبدئية، فقد قبل الناس فكرة نظام الجدارة القائم على الاختبار؛ لأنه قام بتجميع فرقتين من الفكر: أولاً، أن الغنائم يجب أن تذهب إلى الفائز المعلن، وثانياً القدرات العالية يجب أن تسخر بما يعود بالنفع على الأمة. “لكل واحد وفقاً لقدرته” أصبح شعارا ضمنيًّا، وهو شكل أنيق من أشكال الأوامر الماركسية “لكل حسب حاجته”.

 اختبارات الذكاء الأولية روجت  لفكرة أن كل شخص لديه قدرة فطرية ثابتة،  إما أكثر أو أقل. في سياق حركة تحسين النسل في أوائل القرن العشرين، كانت الاختبارات تُنشر غالباً؛ لتبرير التمييز العنصري الواسع الانتشار. وزعم تيرمان أن ما وصفه بنقاط القصور الحادة في ستانفورد بينيه كان “شائعا جدًّا جدًّا بين العائلات الإسبانية والهندية والمكسيكية في الجنوب الغربي وأيضا بين الزنوج”. وكتب في عام 1916: “يجب فصل أطفال هذه المجموعة إلى فئات منفصلة. لا يمكنهم تجويد الأفكار التجريدية، ولكن يمكن غالبًا تحويلهم إلى عمال أكفاء. من وجهة نظر تحسين النسل، فإنهم يشكلون مشكلة خطيرة؛ بسبب تكاثرهم الغزير بشكل غير عادي”. في ذهن تيرمان، فإن درجات الذكاء المنخفضة كانت ببساطة وبلا جدال نتيجة لنقص موضوعي.

نحن الآن نفهم كم كان هذا المفهوم خاطئًا. اليوم، العديد من علماء النفس يتفهمون اختبارات الذكاء والقدرات لتكون “مرتبطة بالثقافة” بدرجةٍ أو بأخرى، أي أنهم يقدّرون القدرات المكتسبة في الثقافة الغربية المهيمنة، مثل فرز العناصر إلى فئات، ويمكن أن يميزوا أولئك الذين نشأوا بالوسط. استمرت مثل هذه الظلمات على الرغم من المحاولات لجعل هذه الاختبارات أكثر إنصافًا، من تلك الموجودة في الثقافات غير المسيطرة.

 بعد أن تحولت الولايات المتحدة إلى الداروينية الاجتماعية بعد الحرب العالمية الأولى، بدأت الحكومة في ابتكار حلها الشرير الخاص “بالمشكلة الخطيرة” التي حذر منها تيرمان. حكمت المحكمة العليا الأمريكية قضية  Buck v Bell  عام 1927 بالتعقيم الإجباري “للعقل الضعيف” باسم الرفاهية العامة. لأكثر من أربعة عقود، بعد ذلك عقمت الولايات المتحدة آلاف الأشخاص الذين يعانون من انخفاض معدلات الذكاء، كان العدد غير متناسب من الضحايا (غير البيض). وفي السنوات اللاحقة، وعلى الرغم من أن جذور اختبارات النسل بدأت بالتلاشي، فإن ترتيب المتقدمين للاختبار وفقًا للقيمة الاجتماعية المتصورة سيستمر دون هوادة.

على الرغم من أنني لم أكن مدركة تمامًا حتى وصلت لسن البلوغ، إلا أنني كنت مستفيدةً مباشرًا من التسلسل الهرمي القائم على الاختبار، الذي عمل تيرمان بِجِدٍّ لتأسيسه. مع ذكائي ، لم أكن أبداً في عصبة بياتريس كارتر، لكن درجاتي في اختبار القدرات لعام 1980 كانت جيدة بما يكفي؛ لأحصل على لقب “الموهوبة”. مع هذا التمييز جاءت الرسائل من اتجاهات مختلفة، بأني جوهريًّا كنت متفوقة بشكلٍ ما. لقد توددوا إلي وربتوا على رأسي، حتى أحبوني بطريقة لم يحصل عليها الكثير من أقراني. لقد حصلت على شهادات لأحتفل بذكرى الدرجات التي حصلت عليها في الاختبارات التي لم أدرسها قطُّ.

بدءاً من الصف الخامس، جنيت الفوائد الملموسة من درجاتي في الاختبار، لقد دُعيت لحضور برامج صيفية أكاديمية يديرها مركز جونز هوبكنز للشباب الموهوبين في بالتيمور. وللمرة الأولى  تمكنت من استكشاف موضوعات مثل الكتابة المنطقية والإبداعية، التي نادرًا ما كانت تدرّس في المدرسة، وأنا مسرورة برفقة زملائي الموهوبين. لكنني تساءلت عن عملية الغربلة التي أوصلتني إلى هناك. من المؤكد أنني كنت جيدةً في الخضوع للاختبارات، لكن أخلاقي في العمل لم تكن موجودة تقريبًا، حيث كان المعلمون يطاردونني كثيرًا؛ بسبب المهام التي لم أجرِها. لماذا لم يحصل أقراني الذي لديهم نفس القدر من الفضول، وعملوا بجهد أكبر على هذه الفرصة أيضًا؟

ترسل العائلات المقتدرة أطفالها إلى المدارس الإعدادية لسنوات؛ وذلك لتعزيز فرصهم في الالتحاق بالمدرسة.

 

أنا ولسنوات عديدة، أبقيت مشاعري  لنفسي. ولكن بفضل  مقترح إصلاح جديد في المدارس الثانوية الخاصة في مدينة نيويورك، بما في ذلك Stuyvesant و Bronx High School of Science و Brooklyn Tech ، تجري الآن في العلن مناقشة أسئلة حول اختبار الكفاءة مقابل الجدارة. على مدارِ عقود،  كان الدخول إلى هذه المدارس من بين المؤسسات العامة الأكثر توقيرًا في المدينة، يعتمد على عامل واحد: درجة المرشح في اختبار القبول في المدارس الثانوية التخصصية (SHSAT)، وهي نسخة معدلة من اختبار SAT للطلاب الأصغر سنًّا. يقول “كايل سميث” في مجلة ناشونال ريفيو عام 2018 بالنسبة للبعض، وضِعَ معيار القبول هذا للمدارس الثانوية الخاصة، كنموذج للجدارة. هو بمثابة  “أنت لا تدخل لأنك رويت لهم قصة حزينة، بينما تحبس عَبْرتَك، أنت لا تدخل لأن المدرسة تشعر أنها تحتاج إلى عددٍ معين من الأشخاص الذي لهم نفس لون بشرتك”. أنت تدخل المدرسة عبر خضوعك لهذا التحدي الأكثر جنوناً (SHSAT)هذا هو.

المشكلة كما أدرك عمدة مدينة نيويورك بيل دي بلاسيو أن هذه الاستراتيجية، أنتجت هيئة طلابية كانت منحرفة عرقيًّا واقتصاديًّا. كانت العائلات الغنية، ومعظمهم من الآسيويين والبيض، ترسل أطفالهم إلى المدارس الإعدادية في بعض الأحيان لسنوات؛ لتعزيز فرصهم في القبول. في السنوات الأخيرة، كان واحدًا فقط من كل عشرة طلاب تم قبولهم من السود، أو من ذوي الأصول الإسبانية.

لذلك في يونيو من هذا العام، حاول دي بلاسيو التدخل. فبدلًا من جعل قبولهم متوقفًا على درجة SHSAT)) ، قال: “لماذا لا نعترف بمجموعة من الأطفال ذوي التصنيف الأعلى من كل مدرسة متوسطة في المدينة، والذين حققوا أيضًا نتائج جيدة في اختبارات التحصيل؟ من شأن ذلك أن يكافئ الطلاب الذين كانوا يعملون بجدٍّ للحصول على دروسهم، وسيساعد في القضاء على الانحياز نحو المرشحين الأغنياء؛ لذا بدأ بحث جديد لدعم نهجه. قام “جوناثان تايلور” وهو محلل في كلية هانتر في نيويورك، بمسح 28.000 طالبًا اختبروا SHSAT، ووجدوا أن علامات المرحلة المتوسطة تنبأت بدرجات الطلاب المقبولين، بدرجة أفضل بكثير من درجات SHSAT)) التي حصلوا عليها. كتب تايلور: “يمثل SHSAT عينة لمدة ساعتين ونصف الساعة من مجموعة محدودة من المهارات والمعرفة”. “على النقيض من ذلك، تعكس درجات المرحلة المتوسطة عامًا كاملًا من أداء الطلاب، عبر مجموعة كاملة من المواد الأكاديمية”.

على الرغم من ذلك، أدى اقتراح دي بلاسيو إلى حدوث سلسلة من صيحات الاحتجاج من أنواع العائلات التي كانت تدفع بشكل كبير من أجل الاختبار التجريبي (يمكن القول إنهم هم من  يلعب بالنظام). الدفاع الفاتر هنا من المنظمين الحكوميين، يعني أن سياسة القبول على أساس SHSAT من المحتمل أن تبقى في مكانها في الوقت الحالي. تعتبر “بيان روكفيلد” وهي مدرسة  في المدرسة الثانوية العامة، للدراسات الأمريكية في برونكس، ما حصل فرصة ضائعة، بعد اطلاعها على SHSAT، فهي على دراية تامَّةٍ بأنواع الأسئلة التي يتضمنها الاختبار، وهي تُعلِّم الأطفال الذين تم قبولهم في مدرستها بناءً على مزاياه.

وقد أقنعتها تلك المعرفة المباشرة بأن المدارس الثانوية المتخصصة في نيويورك، تخضع لمعاييرَ قبولٍ عفا عليها الزمن. تقول: “هناك نقص في العلاقة بين ما يتعلمه الأطفال في المدارس المتوسطة، وبين ما يجري اختباره”، كما توضح أنه بدلًا من ذلك، مثل اختبارات  Terman، يحاول SHSAT قياس الإمكانيات الفكرية الأولية، كما يعرّفها صانعو الاختبارات، وهي مغامرةٌ. يرى “روكفيلد” أنها غير مكتملة على الأقل. عامًا تلو الآخر، الطلاب المتميزون لا يُعدون من أبرز الطلاب في الاختبار بالضرورة. وهي تقول: “الطلاب الذين يضيئون الغرفة، يتوقون إلى التعبير عن أفكارهم”. “إن الذكاء الذي نقدره في العالم الحقيقيّ، هو الإبداع والتفكير المستقل والابتكار، أتمنى فقط أن يمكننا تقييم الأطفال الذين يتحلون بهذه الصفات”.

تم تبني وجهة نظر روكفلد من قبل الإصلاحيين في المدارس مثل ألفي كوهين وسوزان أوهانيان. لكن بالنسبة للباحثين مثل جوناثان واي، هذا هو خط النقد الذي افتضحَ. لقد اعترض واي وهو عالم نفسيّ، في جامعة أركنساس، والذي اعتاد تقديم المشورة لبرنامج تعريف المواهب بجامعة ديوك، على جميع الحجج: “اختبارات الكفاءة هي نخبوية ومختزلة، وتقسم الناس إلى أرقام”.

 

لكن خلاصة القول، هي أن اختبارات الكفاءة والذكاء، تلبي حاجة مجتمعية لا تكون متاحة لأدوات أخرى. يقول واي: “إن أدوات الاختيار مثل اختبار SAT، أو اختبارات [لإدخال] للمدارس الثانوية المتخصصة، كلها في الأساس نفس أنواع الاختبارات”. “السبب في استخدامها هو أنها طريقةٌ لالتقاط العديد من الأشخاص الموهوبين”. الاختبار حقيقةٌ هو مجرد طريقة لقياس الأشياء التي تحدث في العقل.

 

في دراسة عام 2013، درّس واي أكثر من 2000 عضو من النخبة الأمريكية، من القضاة الفيدراليين إلى كبار المسؤولين التنفيذيين، وخلص إلى أن معظمهم كانوا جيدين جدًا في إجراء اختبارات الكفاءة. وكتب يقول: “يشير متوسط ​​درجات الاختبار المطلوبة للقبول في هذه المؤسسات، إلى أن أولئك الذين يرتقون أو يُخْتارون لهذه المناصب، يتم ترشيحهم بدرجةٍ عالية من أجل قدراتهم”. “النخبة الأمريكية مستمدة إلى حد كبير من الموهوبين ذهنيًّا، مع أن الكثيرين منهم، لديه واحد بالمئة من القدرة ” وهذا النوع من النتائج، من وجهة نظر واي، يثبت قبولنا الجماعيّ لاختبار الكفاءة كاختزال للإمكانات الكلية.

 

يعتمد العديد من أرباب العمل على الاختبار لفرز المرشح  عن سواه.

 

اختبارات القدرات تضع غير المرشح جانبًا، ويشير واي إلى أن هناك حجج تقدمية لصالحه، أهمها أن الاختبارات تحدد الأشخاص الموهوبين، الذين قد لا يتم التعرف عليهم بأيةِ طريقةٍ أخرى. في ورقة سياسة حديثة، دعا إلى استخدام اختبار القدرات المكانية في القبول بالمدارس، حيث أن النتائج غير مقيدة نسبيًّا بالحالة الاجتماعية والاقتصادية. يقول: “إذا كنا قادرين على القيام بذلك، سنلتقط الكثير من الطلاب الذين ينحدرون من أُسر فقيرة ومحرومة”.

 

الحجة القائلة بأن اختبارات الكفاءة تتجاوز التحيز البشري، أعطت وزنًا أخلاقيًّا لأولئك الذين يستخدمونها لفحص المرشحين للوظائف. إن الكاهن الكبير هو اختبار Wonderlic، وهو مقياس 50 سؤال للمهارات المعرفية التي تم تطويرها في ثلاثينيات القرن العشرين. أشهرها الاختبار الذي تم إجراؤه على جميع الرياضيين في دوري كرة القدم الوطني، هو الآن جزء مطلوب  بعملية المقابلة في العشرات من الشركات. في حين أن التقارير تختلف عن مدى تأثير نتائج الاختبار على قرارات التوظيف، فمن الواضح أن العديد من أصحاب العمل يعتمدون على الاختبار؛ لفرز المرشحين عمن سواهم بسرعةٍ. تقول “سيندي جيلمور” رئيسة شركة في دالاس: “على الفور بعد أن بدأنا في استخدام Wonderlic، في شهادتها عبر الإنترنت، لاحظنا زيادة معيار الأشخاص”.

في الوقت الذي خاض فيه تيرمان رحلاته الخاصة بالأرض عبر الكلية، ومدرسة الدراسات العليا، وسوق العمل، رأى إنجازاتهم كدليلٍ على أن اختبارات الكفاءة الفكرية تتنبأ بالنجاح في وقت لاحق. في منتصف القرن، كان سبعة من كل عشرة من (النمل الأبيض) من خريجي الكليات، وهو رقم عشر مرات أعلى من معدل التخرج الكلي في كاليفورنيا. في عام 1952، وصف الصحفيان “ميلتون ومارغريت سيلفرمان” دراسة تيرمان بأنها انتصار، وهو ما أثبت صحة قراره المبكر بالاستناد إلى الاختبار. وكتب سيلفرمان في صحيفة (ساتردايمنت إيفوستاي بوست): “إن الطفل النموذجيَّ لم يصبحَ غبيًّا أو انتحاريًّا، أو كما أشاروا أصحاب الألفاظ النابية (يجن). “لقد نجح في أن يصبح شخصًا ناجحًا وصحيًا ومتكيفًا ومتنوعًا ومتقنًا ومتزوجًا بسعادة، مع وظيفة جيدة ودخل جيد، والعديد من الأصدقاء ومكانة محترمة في مجتمعهِ، وسجلاً محترماً لمساهمتهِ برفاهية أمتهِ”.

 

لكي نكون منصفين؛ فإن ملاحظة تيرمان التي استمرت لنصف قرن، كانت واسعة النطاق، والتي تفيد بأن اختبار الكفاءة يحدد مجموعة من أصحاب الأداء العالي، الذين لم يبعدوا عن سوق العمل بالظاهر على الأقل. لا أحد تقريبًا اليوم بما في ذلك المنتقدين، يشكك في قدرة الاختبارات على اكتشاف نوع معين من الذكاء. في عام 2006، قامت الطبيبة النفسية “كاميلا بينبو” وزملاؤها في جامعة فاندربلت في تينيسي، بتكرار دراسة تيرمان، حيث تبعت 5000 من الموهوبين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 13 سنة، وكثير منهم سجلوا أعلى نسبة مئوية من مجموعتهم العمرية في الرياضيات. هؤلاء المختبرين مثل (النمل الأبيض) نجحوا نجاحًا ساحقًا، ووجدوا مساحة ليستغلوها. أحضرت بينبو دراسات ل510 طالباً في سن الرشد وحصلت على، 681 براءة اختراع، 85 كتابًا كُتب، 560 رسالة دكتوراه.  وهو ما يمثّل تخطي إنجازات نٌظرائهم في المتوسط.

والسؤال إذن ليس ما إذا كانت الاختبارات تقيس شيئًا مهمًا، إنها تقيس -على الأقل- إلى حدٍ ما. الأسئلة المطروحة هي: من يتغاضى عن هذه الاختبارات؟ وكيف تركز ثقافتنا على شكل محتمل محسوبًا بالاختبار، هو الشكل الذي يغدوه الشخص في النظام؟

 

كان التركيز الأعلى لبحوث ترمان، هو أن اختبار الكفاءة قد أثبت نجاحًا موثوقًا. لكن نظرة فاحصة على بيانات المدى البعيد من شركة تيرمان، تكشف عن أن نجاحات شركته ((Termites تميل إلى أن تكون ذات تنوع معين يمكن التنبؤ به. لقد برعوا، في الغالب، في المسارات التي وضعها آخرون وجدوا من قبل، بدلا من رسم مخططات خاصة بهم. لم يصبح أيٌّ منهم من الفائزين بجائزة نوبل، على الرغم من أن أحدهم (Ancel Keys) معروف بأبحاثه المتنازع عليها الآن حول فوائد نظام غذائيٍّ منخفض الدهون. تقول شوركين في كتاب أطفال تيرمان “لم تكن هناك شخصيات إبداعية في الجيل على الإطلاق، لا سيلفيا بلاث، أو أنا، أو بريس أو طوني موريسونس. إنهم لم يغيروا الحياة، فقط تقبلوها كما هي وخضعوا لها”.

 

“بغض النظر عن الذي يقيسه اختبار الذكاء، فإنه ليس إبداعيًّا”

هذا غير مفاجئ؛ نظرًا لأن أنواع الأشخاص الذين يخضعون لاختبارات الكفاءة، هم  بالتعريف أولئك الذين يتخصصون في القفز من خلال الأطواق التي أنشأها المجتمع. إذا كنت تعتقد أن غرضك بالكامل على الأرض هو إنهاء الدورة التدريبية، فستظل عالقًا هناك  داخل حدودها بأيِّ ثمنٍ كان.

 

الخطأ في تصميم دراسة “ترمان” – وهو اختياره لفحص القوة العقلية فقط قد لا يكون واضحًا في البداية، إلا أنه أصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت (ومع رفض دراسة ترمان، فاز لويس ألفاريز بجائزة نوبل للكيمياء). تقول شوركين: “مهما كان اختبار الذكاء، فإنه لم يكن إبداعيًّا”

لم يقِسْ اختبار تيرمان أخلاقيات العمل أو الحصانة، وهي الصفات التي أثبتها عالم النفس “أنجيلا دكوورث” منذ ذلك الحين، بأنها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالنجاح. أشار تيرمان بنفسه إلى أن (النمل الأبيض) الذين ذهبوا إلى الكلية، كان واحد فقط من كل 10منهم مستقيمًا. لقد حدد ذلك “بالتباطؤ، وعدم الرغبة في القيام بمهام روتينية معينة”.

هذه العيوب لا تزال حاضرةً في اختبارات الكفاءة اليوم، كما يقول عالم النفس “سكوت باري كوفمان”، مؤلف كتاب (Ungifted: Intelligence Redefined)
أصحاب الدرجات المرتفعة يتحصلون على المتعة وامتيازات عدة في اختبارات مثل “ووندرليك” و”ستانفورد- بينيت” و”سات”  ، كما أن الإداريين ينجذبون لبساطة وسهولة الفرز.

 

لكن كوفمان لا يشعر أن الامتياز الممنوح لأصحاب التجارب، له ما يبرره بالنظر إلى مجموعة العوامل التي تدفع النجاح والإبداع، والكثير منها يصعب تحديده. “لا أعتقد أننا يجب أن نتوقف على هذا الاختبار في إصدار حكمنا على الحقيقة المطلقة. يقول كاوفمان: “لديك الكثير من الأشخاص الذين يتجاوز نشاطهم الفعلي ما هو متوقع”. نحن جميعا نمتلك إمكانات أكثر من الإنجاز. يتم إعداد التسلسل الهرمي للقيم الخاصة بنا بطريقة تجعل أي شخص، لا يملك الذكاء المطلوب يبدو وكأنه فاشل. ‘لقد حاول بعض علماء النفس رفع هذا التسلسل الهرمي للقيم، عن طريق إنشاء اختبارات جديدة لتقييم (الذكاءات المتعددة). مثل الذكاء العاطفي والموسيقي واللغوي. ولكن في حين أن المقاييس قد تختلف، فإن الدافع الواسع للانتشار هو نفسه.

 

 روكفلد  ومعلمو المدارس العامة في مدينة نيويورك ومراقب اختبار (سات) غاضبين للغاية: “أنا لا أقول إن هذا الاختبار لا يختار بعض الطلاب اللامعين للغاية، لكنني لا أعتقد أنهم هم وحدهم في مدينتي. هناك طلاب آخرون من المرجح أن يكونوا ناجحين بنفس القدر. في عالم مثاليّ حسب رأيها، سيكون (سات ( مجرد عنصر واحد في استراتيجية قبول أكثر شمولية. لا يعني ذلك أنه يجب إلغاء الاختبار تمامًا، لكن أهميته النسبية يجب أن يتم التعديل عليها مرة أخرى؛ لصالح تقييمات أكثر تخصيصًا، مثل المقالات والدرجات وانطباعات المدرسين على مدار العام.

 

ويشدد روكفلد على أن أصحاب الأداء المرتفع في العالم الحقيقيّ، ينزلقون من خلال شبكة اختبار القدرات؛ مما يؤدي إلى فقدان الفرص نتيجة لذلك. لكن ما هو أقل وضوحًا هو أنه حتى المستفيدون من النظام الذي يعتمد على الاختبار، يعانون بطرق خبيثة. عندما تعتاد المكافأة على إمكاناتك المحسوبة  في الاختبار، بدلاً من أن تتجسد من خلال قوة إرادتك، فإن هناك نوعًا من الضمور الوجودي ينشأ؛ فأفكارك عن الالتزام الحقيقي والفخر بالإنجاز الموجه ذاتيًّا تخفق في التقدم. أنت تفكر في نفسك، أنا لم أقم ببناء هذا. أنا لا أمتلك هذا ومع ذلك، فإن كمية الوعود الموعود بها، هي القشرة وأنت السلطعون، محبوس داخل حدودها.

خلال سنواتي المبكرة نادراً ما شعرتُ بالضغط . لقد رأيت بكل وضوح ما قد تقوله الاختبارات وما سوف أكونه كما لو أن “باستطاعتك” و”سوف تفعل” كانت كلمة واحدة.

 

لازال شيء بداخلي أستشعر ما هو قادمًا، كنت في سن الحادية أو الثانية عشر، بدأت أشاهد الكثير من ألعاب الجمباز للنساء. لقد هاجرت هذه الرياضة لأسباب لا أعيها إلى حد كبير، لقد كان هناك موكب من الأطفال الاستثنائيين، كلهم ​​اختيروا لإمكاناتهم. في ذلك الوقت الذي يحرز أكثر من عشرة نقاط كان أساسيًّا ويتم السعي للمحافظة عليه.

 

في أحد الأيام سألني والدي شيئًا غير متوقعٍ، قال: “هل تشعرين كأنك لاعبةُ جمباز؟

لا أتذكر ما قلته ردًّا على ذلك، أتذكر فقط رغبتي الملحة في البكاء.

بعد سنوات، حلمت أنني تأهلت للفريق الأولمبيّ. لكنه لم يكن حلما جميلًا؛ كان عرضَ رعبٍ. لقد خدعت لجنة الاختيار لتختارني، وكنت أجتهد للحصول على طريقةٍ لإخفاء حقيقة أني، لم أستطع ممارسة رياضة الجمباز على الإطلاق.

كل اختبارات القدرات هي اختزال لا يمكن تجنبه، وهي طريقة لتقديم الإمكانيات في شكلٍ محدود، حتى يومنا هذا عندما أضطر إلى العمل بجدٍّ، لفهم أو إنهاء شيء ما لا يتضح لي  (ليس كاختبار sat)، من الصعب التخلص من الشعور بأن هناك خطأ ما، وأن نضالي ما  هو إلا علامةٌ للجمود، فضلا عن أنه عرض للجهد. وعندما يتفوق علي الآخرون في أبعاد مختلفة من الحياة  ما ألفي أن ألقى نفسي أفكر، أكان من المفترض أن أكون هناك بالفعل. ألم تبين لك الاختبارات أن لديك بداية قوية؟ عندما أحقق شيئًا ما، فإنه يبدو أقل، مؤخرًا أتابع منحنى النمو الذي ربطوني به لأعيش حياتي.

الأمر المحفوِف بالمخاطر، عندما يبدأ المتقدمون للاختبار، بعد قيادتهم الموجّهة وحراس البوابات، في التعريف بأنفسهم، باستخدام المعجم المرتبط بالاختبارات. وكانت الطريقة رائعة، سقطت بياتريس كارتر الشابة المدعومة من تيرمان بالنهاية في هذا الفخ. بتحريض من قبل المعجبين الكبار، كبرت وهي مفتونة بذكائها أقرانها في المدرسة الثانوية، وجدوها لا تطاق. ولاحظت مديرة المدرسة أنها “ليست ناضجة اجتماعيًّا بما يكفي لتقيِّمها مع طلاب في عمر الجامعة”. وكانت معتادة على رؤية إمكانياتها المبهرة كغاية في حد ذاتها؛ بحيث أنها لم تكن لديها أية فكرة عن كيفية التعامل، بعد أن رفض الناشر دوتون روايتها الأولى للبالغين. قبل فترة طويلة تضاءل إنتاجها المكتوب إلى لا شيء تقريبا. في منتصف العمر، مارست مجموعة متنوعة من التخصصات، بما في ذلك النحت، من دون إلزام نفسها بأي منها. ماتت غير معروفة من سرطان الثدي في منتصف 1980. تشير شوركين إلى أن المهنة المذكورة في شهادة الوفاة كانت “مديرة فندق”.

 

كما اعترف تيرمان، كل اختبارات الاستعداد هي اختزال لا مفر منه، ولا حرج في ذلك في حد ذاته. مثل أي شكل آخر من أشكال التقييم، فإن مثل هذه الاختبارات لها دور عملي تلعبه، إذا قبلت حجة واي، إن الخطأ الجماعي الذي نواجهه أحاديّ التركيز، وهو المبالغة في تقدير ما هو فوري، قابل للقياس والمحدود ثقافيًا. إنه افتراض مغرٍ، ولكنُه معوّق، الصورة المصغرة بإمكانها الصمود.

يعتقد بعض الخبراء أن اختبار الهوس الذي استلهمه تيرمان ربما بدأ ينحسر. هناك رد فعل عنيف ضد (SAT) في مدينة نيويورك، وهناك أيضًا حقيقة أن أكثر من 200 كلية قد ألغت شرط القبول الخاص بها في السنوات الأخيرة، بما في ذلك المؤسسات الكبرى مثل جامعة شيكاغو. تقول كوفمان: “إن الكفاءة القابلة للاختبار، هي مجرد واحدة من بين العديد من العوامل التي يفكر فيها مدراء اليوم في تقييم المرشحين”.

هذا صحيح على الأرجح في بعض الأماكن. ولكن في منطقة كاليفورنيا التعليمية التي أعيش فيها، يتأهل الأطفال لبرنامج الموهوبين على أساس مقياس واحد: اختبار ذكاءٍ غير لفظيّ، يأخذه كل طالب في الصف الثاني. لا يسعني إلا أن أفكر في أن هذه هي الطريقة التي أرادها تيرمان.

عندما يحين وقت قيام ابني الأكبر بإجراء هذا الاختبار، فإنني أعتزم اتباع نهج عدم التدخل. لن أحفزه لأسابيع قبل ذلك، ولن أحاضره عن مدى أهمية الاختبار لمستقبله. التمسك بذلك الالتزام يعني رفض عقود من البرمجة الاجتماعية التي لا هوادة فيها: البرمجة التي تقول إن أولئك الذين يسجلون درجات عالية في هذه الاختبارات، هم أكثر جدارةً من أولئك الذين لا يفعلون ذلك، وهي البرمجة التي تمنح الجوائز المطلقة، بغض النظر عن أصولها، على قوة الإرادة البشرية.

 

في كثير من الأحيان، أشعر أن حلمي ضعيف في مواجهة مثل هذه الرسائل. عندما يُفترض أن أعمل، سأفتح نافذة متصفح جديدة، وأجري اختبار معدل الذكاء عبر الإنترنت. أعرف على مستوى ما، أن هذه هي محاولة بدائية لدعم قيمتي الخاصة؛ -لإثبات أن النسخة الخاصة بي من الكبار لا تزال على قدم المساواة مع  طفولتي-. خلال الاختبار أشمئز، وينعدم الأمن الخاص بي، وعادة ما أغلق نافذة المتصفح، في رأيي، على الرغم من ذلك، قد لا تزال مفتوحة.

 

المصدر