مجلة حكمة

مقدمة كتاب (مستقبل العقل) – ميتشيو كاكو / ترجمة: العنود السهلي

The Future of the Mind COVER
غلاف الكتاب

الكون و العقل ،اثنان  من أعظم أسرار الطبيعة. ومع تطور التكنولوجيا، استطعنا تصوير مجرات تبعد ملايين  السنوات الضوئية  ، والتلاعب بالجينات التي تتحكم بحياتنا، وسبر أغوار الخلية. مع ذلك لازال الكون والعقل أعظم سرين وحدين عرفهما العلم.

إذا اردت تقدير عظمة الكون، ما عليك سوى النظر للسماء مشتعلة  بملايين النجوم. منذ أن نظر أول أسلافنا إلى السماء وتأمل في روعتها، وجدت هذه الأسئلة التي تقض مضجعنا: من أين أتى كل هذا؟ وماذا يعني؟.

إذا اردنا ان نشهد على لغز العقل، ما علينا سوى النظر في المرآة والتساؤل: ما الذي يتوارى خلف اعيننا؟ وهذا يدفعنا للتساؤل عن اشياء مقلقة مثل: هل نمتلك روح؟ ماذا يحدث لنا بعد أن نموت؟ من هو “أنا” ؟ ويدفعنا أيضا لأهم سؤال وهو: إلى أين ننتمي في هذا المخطط الكوني العظيم؟ مثلما قال عالم الأحياء توماس هكسلي: السؤال الأهم للإنسانية من بين جميع الأسئلة، والمشكلة الأعظم التي تقع خلف جميع المشاكل هي تحديد مكان الإنسان في الطبيعة وعلاقته مع الكون.

هناك ١٠٠ مليون نجم في مجرة درب التبانة, وتقريبا هو نفس عدد الخلايا العصبية في دماغنا البشري. ربما تحتاج إلى السفر أربعة وعشرين تريليون ميل خارج نظامنا الشمسي لتجد في النهاية جسم معقد مثل تعقيد العقل الذي تحمله بين أكتافك. الكون والعقل يشكلان أعظم تحدي للعلم، لكنهما يتشاركان بعلاقة غريبة. ومن ناحية أخرى هما نقيضان: الأول معني باتساع العالم الخارجي حيث نواجه ظواهر غريبة مثل الثقب الأسود ونجوم متفجرة وأيضا مجرات متصادمة. بينما العقل معني بالمساحة الداخلية حيث نجد أهم أحاسيسنا وآمالنا الخاصة ورغباتنا. العقل ليس أبعد من فكرتنا القادمة مع ذلك نحن عاجزين عن شرحه وتوضيحه.

مع اختلافهما الجذري إلا انهما يتشاركان نفس التاريخ والروايات فكلاهما ارتبطا بالسحر والخرافات منذ سحيق الزمان. المنجمين ادعوا ايجاد معنى للكون من الأبراج وعلماء فراسة الدماغ  من كل نتوء في رأسك في حين أن المتنبئين والقراء على مر السنين كان يحتفل بهم ويذمون بالتناوب

الكون والعقل يستمران بالتقاطع بطرق كثيرة مثل الأفكار المدهشة التي يتطرق لها الخيال العلمي. عندما كنت صغيرا كنت اقرأ كتب الخيال العلمي وأحلم أنني أمتلك القدرة على تحريك الأجسام عن بعد او قراءة افكار الاخرين ولم استطع مقاومة التجربة بنفسي فحاولت قراءة الافكار بالتركيز الشديد وإغلاق عيني. وفشلت في التجربة. بعدها أدركت أن المآثر العجيبة لتوارد الخواطر كانت مستحيلة على الأقل بدون مساعدة خارجية. لكن في السنوات اللاحقة تعلمت درسا آخر: ليس على الشخص أن يمتلك قوى خفية أو خارقة لفهم أعظم أسرار الكون ولكن فقط يحتاج عقلا واعيا  وعازما ومحبا للاستطلاع. على وجه الخصوص: من أجل أن تعرف إذا كانت الأدوات الرائعة  المستخدمة في الخيال العلمي ممكنة يجب عليك غمر نفسك في الفيزياء المتقدمة ومعرفة وتقدير قوانين الفيزياء للفهم عند أي نقطة يكون الممكن مستحيلا.

في كل تلك السنوات كان لدي شغف بموضوعين أطلقا خيالي هما: فهم القوانين الأساية في الفيزياء ومعرفة كيف يمكن للعلم أن يشكل مستقبلنا. لتوضيح ذلك ومشاركة شغفي، ألفت مجموعة كتب منها ماهو متعلق بالفيزياء هما : Hyperspace Beyond Einstien و العوالم الموازية. ومنها مايتعلق  بالمستقبل مثل: فيزياء المستحيل و فيزياء المستقبل. وفي أثناء كتابتي وبحثي لتلك الكتب كنت باستمرار أواجه حقيقة أن العقل لازال من أكبر الألغاز في العالم.

لقد كان هناك قلة في الفهم على مر التاريخ للعقل وأهميته. فقد كان المصريون القدماء مع كل انجازاتهم العظيمة  يعتقدون أن الدماغ عديم الفائدة وكان يرمى عند تحنيط فراعنتهم، أيضا أرسطو اعتقد أن الروح توجد في القلب ووظيفة الدماغ تبريد الجهاز الدوري. لكن تلك النظريات تم دحضها لعدم وجود الأدلة الكافية وذلك العصر المظلم استمر لآلاف السنين.

الدماغ يحتل ٢٪ فقط من وزن الجسم ولكنه يعتبر أكثر جسم معقد في نظامنا الشمسي فهو يستهلك ٢٢٪ من طاقة الجسم (دماغ حديثي الولادة يستهلك ٦٥٪ من طاقة الجسم كاملة) وأيضا ٨٠٪ من جيناتنا مشفرة داخل الدماغ. هناك تقريبا ١٠٠ بليون خلية عصبية داخل الجمجمة ومع عدد لامحدود من الوصلات العصبية.

في عام ١٩٧٧ كتب عالم الفلك كارل ساغان كتابه The Drsgons of Eden اختصر فيه كل ما كان معلوما عن الدماغ في ذلك الوقت. وقد كتبه بناء على مصادر علم الأعصاب والتي اعتمدت في ذلك الوقت على ثلاثة مصادر: مقارنة الدماغ البشري مع أدمغة الكائنات الأخرى وكانت هذه الطريقة مملة وصعبة لإنها تتطلب تشريح أدمغة آلاف الحيوانات، المصدر الثاني كان تحليل المصابين بالسكتة الدماغية وأمراض أخرى ممن كانت تظهر عليهم سلوكيات غريبة، وكانت الطريقة الوحيدة لمعرفة الجزء المتضرر، هي بتشريح الدماغ بعد موتهم، المصدر الثالث كان بتركيب أقطاب حول الدماغ وتشغليها ومشاهدة السلوكيات المتغيرة. لكن تلك الطرق لم تكن منهجية ومنظمة لتحليل الدماغ لانه جسم حي معقد وتشريحه وفحصه بعد الموت كان يفقده الكثير من المميزات مثل الوصلات العصبية وطريقة التفكير والاتصال بين الخلايا عند الشعور مثل الحب والغيرة.

 

الثورة

قبل ٤٠٠ سنة, ظهر اختراع جديد تسبب في ثورة في تاريخ العلم والإنسان وهو التلسكوب، بهذا الاختراع المعجزة استطاع الانسان أن يحدق بالأجرام السماوية, وفجأة تبخرت الأساطير والعقائد المتعلقة بالفضاء. فبدلا من أن يكون القمر رمزا للجمال والحكمة، استطاعوا رؤية الحفر الخشنة داخله. والشمس تحمل نقط سوداء، والمشتري لديه اقمار، وزحل لديه حلقات. واستطاع الانسان معرفة الكون في ١٥ سنة فقط من تاريخ اختراع التلسكوب اكثر مما عرفه التاريخ اجمع.

ومثل ثورة اختراع التلسكوب، كان تقديم آلات التصوير بالرنين المغناطيسي ومجموعة من اجهزة مسح الدماغ المتطورة في أواسط ١٩٩٠ و٢٠٠٠ من السنة الميلادية قد غير علم الاعصاب. في الخمسة عشر سنة الفائتة استطعنا معرفة العقل والدماغ اكثر مما عرفه التاريخ. العقل وقد اعتبرناه سابقا بعيد المنال الآن هو مركز الصدارة.

إريك كاندل الحائز على جائزة نوبل يقول: الرؤية القيمة  للعقل في هذه الفترة  لم تأت من التخصصات المتعلقة سابقا بالعقل مثل فلسفة العقل وعلم التفس بل أتت من دمج تلك التخصصات مع علم الأحياء (بيولوجيا الدماغ). الفيزيائيين لعبوا دورا مهما أيضا في تطور علم الاعصاب بتوفيرهم أدوات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي وأدوات أخرى استطاعت تغيير دراسة الدماغ بالكامل، مع هذه الآلات استطعنا رؤية الافكار تتحرك داخل الدماغ الحي. مثلما يقول طبيبب الأعصاب في جامعة كاليفورنيا راماشاندران: استطعنا نحن العلماء استكشاف كل تلك الأسئلة الفلسفية عن العقل التي كانت تدرس منذ آلاف السنين باستخدامنا آلات تصوير الدماغ ودراسة المرضى بسؤالهم الأسئلة المناسبة.

 

تمكين العقل

طوال حياتي كنت اهتم بالعقل والدماغ والآلات الحديثة لتصويره، وحضرت عدة محاضرات ودورات في هذا المجال . في النهاية أصبحت برفيسورا في الفيزياء النظرية ولكن هوسي بالعقل استمر. إنه لمن المثير حقا أنه مع التطور في الفيزياء والعلم في العقد الفائت فقط، أصبحت بعض من الافكار في طفولتي ممكنة.  مع تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي أصبح العلماء قادرين على قراءة الأفكار التي تدور في أدمغتنا. وأيضا بزراعة قطعة صغيرة داخل دماغ المريض المصاب بالشلل الكامل وربطها بكمبيوتر يستطيع المريض بالتفكير فقط تصفح الانترنت ويقرأ ويكتب البريد الالكتروني ويتحكم بالكرسي المتحرك والذراع الميكانيكية وإدارة المنزل وعمل أعمال اخرى مثل الانسان الطبيعي لكن باستعمال الكمبيوتر. العلماء الان يفكرون بأبعد من ذلك عن طريق ربط الدماغ مباشرة بهيكل خارجي والتحكم فيه، حيث يمكن للمصاب بالشلل الكامل أن يتحرك ويعيش حياة طبيعية ويمكن ايضا للهيكل الخارجي أن يفيد في مجالات أخرى مثل حالات الطوارئ، ويمكن في يوم من الأيام أن يستطيع رائد الفضاء أن يستكشف العالم الخارجي عن طريق التحكم بهيكل وهو على أريكة منزله.

يمكن أيضا أن نستطيع في المستقبل تحميل ذكرياتنا وخبراتنا على كمبيوتر مثل فيلم المصفوفة The Matrix استطاع العلماء الأن تنزيل ذكريات مباشرة في أدمغة الحيوانات، وربما هي مسألة وقت قبل أن نتمكن من تنزيل ذكريات وأفكارخارجية وخبرات وهوايات لم نخضها، فيستطيع الإنسان أن يسافر ويلتقي بأشخاص جدد ويخوض تجارب، كلها بذاكرة صناعية. ويمكن أيضا أن نتشارك هذه الذكريات بإنشاء شبكة للعقل حيث يمكن منها مشاركة المشاعر والذكريات بين الناس بإرسالها إلكترونيا.

ممكن أن تساعدنا التقنية أن نزيد ذكائنا، هناك محاولات الآن لفهم القوة  في عقول العلماء الذين تبدو قدراتهم العقلية والفنية والرياضية مذهلة، وأيضا الآن استطعنا فصل جيناتنا عن جينات القرود وهذا يعطينا نبذة عن كيفية تطور العقل.

هذا التقدم ومايحمله من أفكار مدهشة ومثيرة، شد انتباه السياسيين بل وأصبح علم العقل مصدر التنافس بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. في يناير ٢٠١٣ الرئيس باراك اوباما والاتحاد الأوروبي أعلنا تمويلهما لمشروعين مستقلين مختصان بالهندسة العكسية للدماغ. فك لغز الدماغ والدوائر العصبية الذي كان يعتبر مستحيلا على العلم الحديث أصبح له مشروعان كبيريان الآن. ومثل مشروع الجينوم البشري سيغيران في العلم والطب، وليسا فقط يعطيانا نظرة إلى العقل بل سيفتحان لنا مجالات أكثر مثل: انتاج شركات ورفع الاقتصاد وفتح آفاق جديدة للعلوم العصبية.

ما إن يكتتشف سر الدماغ ومساراته، سنفهم منشأ الأمراض العقلية وسيكون ممكنا عمل نسخة من الدماغ، والذي يدفعنا للسؤال الفلسفي: من نحن إذا كنا نستطيع حفظ وعينا في آله؟ . ونستطيع أيضا تغيير مفهوم الخلود، اجسادنا تهرم وتموت ولكن وعينا يبقى إلى الأبد.

ويمكن أن نتخيل أبعد من ذلك ، ممكن أن يكون مستقبل العقل التحرر من قيود الجسم والتجول في الفضاء مثلما تخيل بعض العلماء.

هذه التوقعات للمستقبل وضعتها بمساعدة مجموعة من العلماء ، والذين سمحوا لي بمقابلتهم ونشر افكارهم والدخول في معاملهم. هؤلاء العلماء هم حجر الأساس في مستقبل العقل. لإدراج افكارهم في هذا الكتاب وضعت متطلبين اساسيين: ١- أن تكون توقعاتهم متوافقة وممتثلة لقوانين الفيزياء. ٢- أن تكون هناك نماذج للأفكار بعيدة المدى.

 

التأثر بالأمراض العقلية

ذات مرة كتبت كتاب عن سيرة البرت اينشتاين، وفي هذا الكتاب كان علي الخوض في التفاصيل الدقيقة في حياته الشخصية، استطعت معرفة أن ابن اينشتاين الأصغر مصاب بالفصام. اينشتاين أيضا تأثر بالأمراض العقلية بطريقة اخرى: بول ايرنست أحد اصدقائه المقربين، والذي ساعد اينشتاين في ايجاد النظرية النسبية قام بقتل ابنه المصاب بمتلازمة داون ثم أقدم بعدها على الانتحار. وعلى مر السنوات وجدت أن عددا من اصدقائي وزملائي يكافحون للتحكم بمشاكل الأمراض العقلية في عائلاتهم.

الأمراض العقلية أثرت علي من ناحية شخصية، قبل عدة سنوات عندما ماتت أمي بعد  مكافحة طويلة مع  مرض الزهايمر. كان من المحزن أن أرى والدتي تفقد ذكرياتها وحياتها السابقة، وعندما كنت أنظر إليها وهي أنها لم تعد تعرفني. لقد أمضت عمرها وهي تكافح لتربيتنا وتنشأتنا، وبدلا من ان تقضي بقية عمرها تستمع بما تبقى من سنواتها الذهبية نرى ذكرياتها الغالية تذهب سدى

التجربة المريرة التي مررت بها والعديد من الأشخاص مروا بها ستعاد على مر السنوات، أملي الوحيد هو أن التطور السريع في علم الأعصاب سيحول دون حلولها أو تأثيرها على أشخاص آخرين.

 

ما الذي يقود عجلة التطور؟

إن البيانات التي تنهال من أجهزة مسح الدماغ الآن تحلل، والتطور مذهل، و الان تتصدر عناوين الإنجازات المعرفية عدة مرات في السنة. لقد مر ٣٥٠ سنة بعد اختراع التلسكوب ليتمكن البشر من الدخول للفضاء، ولكن قد مر فقط ٥٠ سنة من اختراع أجهزة الرنين المغناطيسي وربط الدماغ بالعالم الخارجي، لماذا حصل التطور بهذه السرعة ؟ وكم من تطور سيأتي بعد؟

إن جزءا كبيرا من التطور الذي حصل في السنوات الأخيرة يعود إلى معرفة الفيزيائيين الجيدة بالكهرومغناطيسية، والتي تكون الإشارات الكهربائية التي تعبر الخلايا العصبية. المعادلات الرياضية لجيمس كلارك ماكسويل والتي تستخدم لحساب فيزياء الهوائيات ومستقبلات الراديو تكون الحجر الأساس في تقنية الرنين المغناطيسي. لقد مر العديد من القرون قبل التمكن اخيرا من حل لغز الكهرومغناطيسية، ولكن في علم الأعصاب الآن يستمتعون بهذه التقنية بسهولة. في الجزء الأول من الكتاب سأتحدث عن تاريخ الدماغ وكيف تم استخدام أجهزة توجد في معامل الفيزيائيين لشرح العقل. ولأن الوعي جزء مهم عند الحديث عن العقل سأقوم بإعطاء وجهة نظري كفيزيائي للوعي وتعريفه تعريفا يضم أيضا مملكة الحيوان، وفي هذا التعريف سأقوم بتصنيف انواع الوعي الموجود عند البشر والكائنات الآخرى.

ولكن لنعرف أكثر عن كيف تتطور هذه التقنيات سأكتب عن قانون مور ‘”Moore’s law” والذي ينص على أن قوة الكمبيوتر تتضاعف كل سنتين، أنا غالبا أفاجئ الناس بحقيقة أن الهاتف المحمول اليوم يحتوي على قوة كمبيوترأكثر  من كل اجهزة جمعية ناسا NASA عندما أرسلوا رجلين إلى القمر عام ١٩٦٩

أجهزة الكمبيوتر الآن من القوة بحيث تستطيع أن تسجل الإشارات الكهربائية من الدماغ وفك الإشارة جزئيا إلى لغة رقمية مفهومة، تجعله من الممكن للعقل يتفاعل مباشرة مع الكمبيوتر للتحكم بأي شيء موجود حوله، وهذا الحقل الذي يتطور بسرعة يسمى (تفاعل الآلة مع الدماغ) brain computer interface وأساس هذا الحقل هو الكمبيوتر.

وفي الجزء الثاني من الكتاب سأتحدث عن هذه التقنية والتي جعلت أفكارا مثل: تسجيل الذكريات و قراءة الأفكار وتصوير الأحلام ممكنة.

وفي الجزء الثالث من الكتاب سأناقش أنواع الوعي البديلة مثل: الأحلام والوعي عند المصابين الأمراض العقلية، وأيضا الوعي عند الروبوتات والكائنات الفضائية. في هذا الجزء سنتعلم عن احتمالية التحكم بالعقل لعلاج أمراض مثل الزهايمر وباركنسون والاكتئاب وأمراض اخرى. وهناك أيضا سأتحدث عن أكبر مشروعين لأبحاث الدماغ: الأول الذي أعلنه رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما، والأخر من الإتحاد الأوروبي. وهذين المشروعين سيفتحان آفاقا واسعة من معرفة الاشارات العصبية إلى اكتشاف اعمق اسرار الوعي لدى الانسان.

وبعدما تحدثنا وعرفنا الوعي لدى الإنسان، نستطيع بعدها أن نستكشف الوعي عند الروبتات باستخدام أسئلة مثل: ماهو أبعد مدى ممكن أن تصل اليه الروبوتات؟ هل سيكون لهم مشاعر، هل سيشكلون خطرا على البشرية؟. وأيضا، سنستكشف الوعي عند الكائنات الفضائية وكيف من الممكن أن تكون أهدافهم مختلفة تماما عن أهدافنا.

التطور السريع في علم الأعصاب ارتبط من عدة نواحي بالفيزياء الحديثة، والتي تستخدم القوى الكهرومغناطيسة والنووية لسبر واكتشاف أسرار العقل.

يجب التأكيد على أنني لست عالم أعصاب أنا عالم فيزياء نظرية ولكن مهتم بالعقل. أتمنى أن تساعدنا وجهة نظري كفزيائيي لأعطاء مفهوم جديد لأعظم أسرار الكون وهوالعقل. ولكن لتكون لدينا في البداية قاعدة متينة قبل الدخول في أعماق هذا الحقل الواسع: لنتحدث عن نشأة علم الأعصاب، والذي يعتقده الكثير من المؤرخين بدأ عندما دخل مسمار حديدي في رأس فينس كيج عام ١٨٨٤ والذي فتح آفاقا واسعة لأبحاث العقل من بعده.