مجلة حكمة
المثقفون المسلمون

كيف أثر فرض النظام على السفر في الجدال حول الإسلام في أمريكا الشمالية؟ لقد شعر المثقفون المسلمون المعجبون بالعالم الغربي بالخيانة!



لماذا يشعر المثقفون المسلمون بالإحباط؟ كيف أثر فرض النظام على السفر في الجدال حول الإسلام في أمريكا الشمالية؟

لقد شعر المثقفون المسلمون المعجبون بالعالم الغربي بالخيانة

عامر أحمد ناصر مؤيد للغرب تقريبًا كما يمكن لأي شخص وُلد في قلب العالم الإسلامي أن يكون. ولد عامر لأبوان سودانيان دفعتهما حياتهما المهنية للتنقل بين عدة بلدان، وهو متحدث للغتين: العربية والإنجليزية الأمريكية. كما يؤمن بشغف بالليبرالية الديموقراطية وبتبادل الأفكار والآراء الحرة، ولا يمكن له أن يصبر نفسه مع المعتقدين بأن أنظمة الحكومات الفاشستية – سواء كان علمانية أو إسلامية – هي الأنسب والأفضل لدول بعينها. مؤخرًا استقر المؤلف الجوال و الناشط الرقمي بامتنان في كندا.

استخدم السيد عامر حريته الغربية للقيام بأمر ما كان ليقدرعليه لو أنه بقي يقطن في قلب الأراضي الإسلامية، فبسخرية متجردة وصف مساره الروحي في كتاب ناجح معنون تقريبًا بالكشف عن الذات: ” إسلامي: كيف سرقت الأصولية عقلي و كيف حرر الشك روحي”. حيث يروي فيه كيف أنه مر بوجه من وجوه الإيمان ليس فقط بحقيقة الإسلام الحرفية و لكن بواجب ازدراء و كره من هم خارج خيمة المعتقد السني التقليدي المتشدد، وكيف تطور عبر عدة مراحل حتى بلغ ما يُسمي نفسه به الآن: مسلم ثقافةً وانسان روحًا.

المثقفون المسلمون

وحتى وقت قريب جدًا امتلك هذا المثقف البالغ من العمر إحدى وثلاثين سنةً كل سبب ليتوقع أن منزله في غربي كندا هو موقعٌ ممتاز للمحاضرات وجولات الكتب في الولايات المتحدة، ولكن وبفضل حملة الرئيس دونالد ترامب لفرض النظام على السفر وقراراته تحطمت هذه الآمال المرتقبة. حيث شعر بخيبة أمل مرعبة ” أتفهم وجود تهديدات أمنية حقيقية تواجهها الولايات المتحدة، ولكن هذا الحظر المتكلف لن يساهم بأي شيء في جعل أمريكا أكثر أمانًا. ولكنه سيؤيد القصة التافهة والماكرة التي تبيعها داعش حول كون أمريكا تشنُ حربًا على الإسلام”.

وفي أي مكان آخر في أمريكا الشمالية وبالنسبة لسكانها خصوصًا أولئك الذين يدرسون أو يُدرسون الإسلام (المثقفون المسلمون ممن يدرسون القانون الإسلامي، الفلسفة، التاريخ وغيرها) كوسيلة لكسب الرزق فإنهم يشعرون بمستوى مماثل من الغضب والإحباط.  

يواجه العديد من العلماء الشباب الواعدين في عددٍ من جامعات الولايات المتحدة، أولئك الذين يدرسون الدكتوراة أو ما بعدها إمكانية إنقطاع دراستهم لأن أصولهم تعود إلى إحدى تلك الدول الداخلة ضمن القرارات. فبغضون ساعات من إعلان الحظر اُعتقلت زوجة أحد طلاب الدكتوارة في جامعة أوهايو بعد وصولها إلى نيويورك، مما دفع سيناتور الولاية ورئيس الجامعة للإحتجاج دفاعًا عنها. واشتكت الجمعية الامريكية للدين – وهي مجتمع مكون من 8500 عضو – أن حملة فرض النظام “تضرب قلب مهمتها ” تلك التي تتمحور حول تبني وتشجيع ميزة دراسة الدين و تشجيع الفهم العام. ويهدد الحظر ” بتسميم فهم العامة للإسلام تحديدًا وللدين عامةً” وفقًا لتصريحها.

وكإحدى النتائج الفورية فإن عملية فرض النظام هذه أجبرت البعض على تحويل بعض الأحداث والمناسبات الأكاديمية من الولايات المتحدة إلى جو أكثر حرية مثل كندا التي تبدو أنها لم تنحني ولم تتأثر بعملية القتل التي حصلت في مسجد في مدينة كيبيك. حيث كانت إحدى جامعة رابطة اللابلاب و هي جامعة لدراسة القانون قد اتجهت إلى زيادة التمويل لتحويل أحد المؤتمرات المُخطط لها منذ فترة إلى إحدى جامعات كندا.

إلى حد قريب على الأقل كانت البيئة الأكاديمية الإنجليزية في أمريكا الشمالية بيئة مستمرة أكثر أو أقل، بوجود علماء يوزعون بسعادة دراستهم و وظائفهم بين مكانين. ومن المؤكد أن ردة الفعل على هذا المنع أصبحت ظاهرة منتشرة على اتساع القارة، فوفقًا لتصريح محمد فاضل -أستاذ مساعد في القانون في جامعة تورنتو- الذي قضى الجزء المبكر من حياته وأبحاثه في الولايات المتحدة (كان قد وزن وفكر مليًا بالتوافق بين الفلسفة السياسية الغربية وبين القانون والفكر الإسلامي) يقول:”تحركت الجامعات في أمريكا الشمالية سريعًا للدفاع عن طلابها وطاقمها التدريسي ممن يحملون جنسيات البلدان المُستهدفة بالقرار. لقد تأهبت عدد من الأقسام في الولايات المتحدة استعدادًا لمعاناتها من إقصاء الخريجين المدربين جيدًا والموهبوين من طلاب و هيئة تعليمية ممن هم من هذه البلدان، و سيكتشفون أن أعمالهم الأكاديمية مثل المحاضرات وورشات العمل و الندوات ستكون ضعيفة وفقيرة كونهم ممنوعين من جذب ودعوة العلماء المميزين”. وأضاف قائلًا: “بعض العلماء من غير الجنسية  الأمريكية الذين لم يفقدوا حقهم بالسفر لربما سيقاطعون الولايات المتحدة”.

أيًا يكن فإن أحد علماء القانون الإسلامي المرموقين وهو سوداني المولد أمريكي النشئة صرّح بكون إحساسه القوي كان شكلًا من أشكال الإمتنان والعرفان للوحدة التي عايشها بين زملائه أعضاء الأكاديمية الأمريكية والمجتمع ككل. بينما قرأ عبدالله أحمد النعيم جملة لطلابه في جامعة إموري والتي تنص في جزء منها على التالي: ” إن أفضل أوقاتنا هي تلك الصعبة لأن انسانيتنا تتطور خلال التحديات و المعاناة وليس خلال الراحة و وسائلها. تحول غضبي الأولي إلى تفاؤل و فخر بكل التحديات التي يثيرها عددٌ من الأمريكان ضد الأمر الإجرائي البدائي والساذج. أكد لي التحدي الإنساني والحضاري بصدق الذي يخوضه عامة الأمريكان ومتخصيصهم الثقة والإيمان بحقوق الانسان العالمية والشاملة”.

المصدر