مجلة حكمة
فلسفة الفيلم - موسوعة ستانفورد للفلسفة

فلسفة الفيلم – موسوعة ستانفورد للفلسفة / ترجمة: محمد الحربي

د. توماس واتنبيرغ، محاضر الفلسفة ودراسات الأفلام، وكاتب مقالة فلسفة الفيلم
د. توماس واتنبيرغ، محاضر الفلسفة ودراسات الأفلام، وكاتب مقالة فلسفة الفيلم

حول فلسفة الفيلم ، حول طبيعتها، وتطورها، وفكرة فلسفة الفيلم ، والأثر على المجتمع، والارتباط العاطفي، والمنشور على (موسوعة ستانفورد للفلسفة). هذا نص مترجم لد. توماس واتنبيرغ، من ترجمة: محمد الحربي، ومراجعة: محمد الرشودي. ننوه بأن الترجمة هي للنسخة المؤرشفة في الموسوعة على هذا الرابط، والتي قد تختلف قليلًا عن النسخة الدارجة للمقالة، حيث أنه قد يطرأ على الأخيرة بعض التحديث أو التعديل من فينة لأخرى منذ تتمة هذه الترجمة. وختامًا، نخصّ بالشكر محرري موسوعة ستانفورد، وعلى رأسهم د. إدوارد زالتا، على تعاونهم، واعتمادهم للترجمة والنشر على مجلة حكمة. نسخة PDF


تعد فلسفة الفيلم الآن قسما مهما من الفلسفة الحديثة للفن. على الرغم من أن الفلاسفة كانوا من الأكاديميين السباقين الذين نشروا ‪دراسات عن هذا الفن الحديث في العقود الأولى من القرن العشرين، إلا أن هذا المجال لم يمر بمرحلة نمو كبيرة حتى ثمانينات القرن الماضي حينما حدثت النهضة. هناك العديد من الأسباب وراء النمو الحديث لهذا المجال. يكفي القول بأن التغيرات في الفلسفة الأكاديمية وفي الدور الثقافي للفيلم بشكل عام أجبرت الفلاسفة على أخذ الفيلم بجدية كشكل من أشكال الفن يماثل في أهميته الفنون التقليدية مثل المسرح والرقص والرسم. كنتيجة لهذا الصعود الكبير في الاهتمام بالفيلم كمادة للتأمل الفلسفي، أصبحت فلسفة الأفلام مجالا مهما للبحوث في الجماليات

       هذه المقدمة معدة حول عدد من القضايا المركزية لفلسفة الأفلام. تبحث هذه القضايا في الجوانب المختلفة للأفلام كوسيلة فنية، موضحة مجال الاهتمامات المُتناولة في فلسفة الأفلام‪.

  1. فكرة فلسفة الفيلم

  2. طبيعة الفيلم

  3. الفيلم والتأليف

  4. الارتباط العاطفي

  5. سرد الفليلم

  6. الفيلم والمجتمع

  7. الفيلم كفلسفة

  8. الاستنتاجات والتوقعات

  • المراجع

  • أدوات أكاديمية

  • مصادر أخرى على الأنترنت

  • مقالات ذات صلة


 

 

  1. فكرة فلسفة الفيلم

هناك خاصيتان في فلسفة الفيلم يجب أن تناقش قبل أن نخوض في المسائل المحددة الأخرى. الأولى هي أن باحثي الأفلام الذين ليسوا فلاسفة محترفين أضافوا الكثير للمجال، (راجع كمثال Chatman (1990) and Smith (1995).) ‪وهذا ما يميز هذه المنطقة عن كثير من الفروع الفلسفية الأخرى. فيما يكتب الفيزيائيون غالبا عن فلسفة العلم، الفرع الأكاديمي لفلسفة الفيزياء يسوده فلاسفة محترفين، وليس الأمر نفسه في فلسفة الفيلم . وبالتالي فإن استخدامي لمصطلح “فيلسوف الفيلم” سيكون رحبا ليشمل كل من هو مهتم بالقضايا المسرحية للسينما

       الميزة الثانية هي أنه يندرج تحت الدراسات السينمائية -والتي تشكل بحد ذاتها مجال دراسة أكاديمي مؤسس- مجال فرعي لنظرية الفيلم والذي يتداخل بشكل كبير مع فلسفة الفيلم على الرغم من أن غالبية ممارسيه يعملون على فرضيات فلسفية تختلف بشدة عن فلاسفة الفيلم الأنجلو أمريكيين. للإيضاح، سأقوم بضم كلا المجالين تحت باب فلسفة الأفلام، بالرغم من أن تركيزي الرئيسي سيكون على مساهمات النظريين الأنجلو أمريكيين وسأقوم بين حين وآخر بتمييز هذا المجال عن نظرية الفيلم كما تُمارس في الدراسات السينمائية. أحد خواص الفلسفة كمجال هو تساؤلها عن ذات طبيعتها وأساسها. فلسفة الفيلم تشترك بهذه الخاصية مع المجال بشكل عام. أول قضية بالطبع هي أن فلسفة الفيلم تتناول أسس وجودها الخاص. هذا لا يشمل فقط السؤال عن كيف يجب أن يكون شكل المجال، ولكن ما إذا كان هناك أي سبب لوجوده أساسا.

       هل هناك أي حاجة لفرع فلسفي منفصل ومخصص للفيلم، بالإضافة للدراسات الأكثر تجريبية للفيلم المعتمدة تحت مظلة دراسات السينما ذاتها؟ بالرغم من أن هذا السؤال لم يحظ دائما بالاهتمام الذي يستحقه من الفلاسفة، إلا أنه سؤال ملح لأنه يطلب من الفلاسفة تبرير اهتمامهم المكتشف حديثا بالفيلم كأكثر من تجسيد نفعي لنوع شائع جدا للثقافة الشعبية في نطاقهم.

       مع ذلك، من ناحية أخرى، لا يجب على الفلاسفة تبرير اهتمامهم بالفيلم لأن الجماليات الفلسفية كانت تهتم دائما بفنون محددة وليس بالفن فحسب بشكله العام. بدءا من فن الشعر لأرسطو -عمل مخصص لشرح طبيعة التراجيديا الإغريقية- سعى الفلاسفة لشرح الخصائص المحددة لكل شكل فن مهم من ثقافتهم. من وجهة النظر هذه، لا يوجد سبب آخر للتشكيك في وجود فلسفة الفيلم أكثر من فلسفة الموسيقى أو فلسفة الرسم وهما مجالان متقبلان جيدا كمكونات للجماليات. وبما أن الفيلم شكل فني مهم في عالمنا المعاصر فبالإمكان أن يحكم على الفلسفة بأن عليها مسؤولية البحث في طبيعتها.

       ما يزال هنالك بعض الأسباب التي قد تجعل من وجود مجال أكاديمي منفصل لـ فلسفة الفيلم يبدو مشكلًا. قد يبدو -على خلاف الأدب والموسيقى- أن الفيلم مخدوم بشكل جيد من القاعدة المؤسسية لأن دراسة الأفلام قد تم تأسيسها داخل الأوساط الأكاديمية في تخصص الدراسات السينمائية، ولأن هذا المجال يتضمن مجالا فرعيا منفصلا لنظرية الفيلم. من وجهة النظر هذه، فلسفة الفيلم هي زائدة عن الحاجة، وشاغلة مساحة شُكِّلت من قبل من خلال تخصص بديل.

المشكلة هي أن المجال الفرعي لنظرية الفيلم، والذي يدخل تحت تخصص الدراسات السينمائية، قد هيمنت عليه عدد من الالتزامات النظرية التي لا يتفق معها الكثير من الفلاسفة الأنجلو أمريكيين. ولهذا فإن العديد من هؤلاء الفلاسفة رأوا الحاجة ليس فقط لإجراء تنقيحات طفيفة في هذا المجال ومفهومه للفيلم، بل بالأحرى لصنع بداية جديدة في دراسة الفيلم لا تحوي الافتراضات الإشكالية لنظرية السينما نفسها. لهذا السبب، فضلا عن النظرة المذكورة سابقا للفيلم كموضوع شرعي في علم الجماليات، شعروا أنه من المهم تطوير طريقة علم فلسفية للتفكير في الفيلم.

ولكن بمجرد أن تُمنح فلسفة الفيلم استقلاليتها كمجال فرعي منفصل عن الجماليات، يبدأ التساؤل عن شكلها. وهو أن الفلاسفة مهتمون بمسألة كيف يجب أن تشكل فلسفة الفيلم كمجال دراسي. ما هو دور تفسير الفيلم في المجال؟ كيف ترتبط دراسات بأفلام معينة بدراسات أكثر نظرية من وسيلة كهذه؟ وماذا عن الفلسفة في الفيلم، وهي طريقة شائعة للتفكير الفلسفي عن الفيلم؟ هل هناك نموذج موحد يمكن استخدامه لتوصيف هذا المجال الحيوي الجديد من الاستفسار الفلسفي؟

أحد الطرق المتزايدة في الشعبية للنظر في فلسفة الفيلم هو وضعها في قالب تنظيري علمي. وعلى الرغم من وجود خلاف حول التفاصيل الدقيقة لاقتراح ‪كهذا، إلا أن أتباعه يحثون على أن تُعامل دراسة الفيلم كتخصص علمي بوجود علاقة مناسبة بين النظرية والأدلة. بالنسبة للبعض، هذا يعني وجود هيئة تجريبية من تفسيرات الفيلم تفضي إلى تعميمات نظرية أوسع. بالنسبة للآخرين، فهذا يعني تطوير مجموعة من النظريات الصغيرة التي تحاول شرح جانب مختلف من الأفلام وتجربتنا لها. التركيز هنا هو على تطوير نماذج أو نظريات من سمات مختلفة للأفلام.

فكرة قولبت تخصص فلسفة الفيلم بالعلوم الطبيعية كانت بارزة عند المنظرين السينمائيين المعرفيين (Bordwell and Carroll 1996; Currie 1995). ويؤكد هذا النهج المتطور بسرعة على معالجة المشاهدين الواعية للأفلام، بدلا من التركيز داخل نظرية الأفلام التقليدية على العمليات اللاواعية. بشكل عام، هؤلاء المنظرين يميلون إلى رؤية دراسة الفيلم كمهمة علمية.

الفكرة القائلة بأن فلسفة الفيلم يجب أن تقولب ذاتها في قالب علمي ‪قد تم مواجهتها بعدة وجهات نظر. وقد شكك بعض الفلاسفة المعتمدون على الكتابات البراغماتية مثل ويليام جيمس، في فكرة أن العلوم الطبيعية توفر وسيلة مفيدة للتفكير فيما يفعله الفلاسفة في تأملاتهم للفيلم. هنا نجد التركيز على خصوصية الأفلام كأعمال فنية على النقيض من الرغبة في الانتقال إلى نظرية عامة للفيلم. البعض الآخر، بالاستفادة من فيتجنشتاين وتقليد علم التأويل، يشككون أيضا في التوجه العلمي الطبيعي للتأمل الفلسفي للفيلم. يرى هذا الفريق دراسة الفيلم كتخصص إنساني يساء فهمه عند معاملته كعلم طبيعي.

المناقشات حول ما يجب أن تبدو عليه فلسفة الفيلم ما تزال في بداياتها وهذا يرجع إلى أن المفهوم العلمي لـ فلسفة الفيلم لم يظهر كمنافس إلا مؤخرا. لكن على الرغم من تزايد شعبية النهج المعرفي للفيلم، هناك قضايا رئيسية حول هيكل فلسفة الفيلم التي لا تزال يتعين تسويتها.

       ومن القضايا المهمة هو تقرير الوسائل التي يمكن أن تدخل تحت مصطلح “فيلم”. على الرغم من أن “فيلم” في البداية أشار إلى مخزون السيلولويد الذي تم تسجيل الأفلام فيه، تقييد المصطلح إلى الأعمال السيلولويدية فقط سيكون تقييدا غير مبررا. في نهاية الأمر، العديد من الأفلام التي نشاهد اليوم إما مسجلة رقميا أو معروضة رقميا أو كليهما. من الواضح أن أعمال كهذه هي جزء من نفس الشكل الفني كالأفلام السيلولويدية، ولذلك الإشارة إلى مصطلح “الفيلم” يجب أن تشمل الأعمال التي تتم على كلا الوسيلتين.

وبعد ذلك يأتي موضوع التلفاز. على الرغم من أن العديد من باحثي وفلاسفة الفيلم لديهم وجهة نظر سلبية عن التلفاز، إلا أن ظهور مثل هذه المسلسلات مثل The Sopranos و The Wire أسست التلفاز كوسيلة لصنع أعمال فنية قيمة. ونتيجة لذلك، من المنطقي أن تشمل هذه العروض تحت باب الأفلام.

هذا التوسيع لمفهوم “فيلم” ليشمل كل من الأفلام غير السيلولويدية والتلفاز وغيرها من الوسائل ذات الصلة دفع بعض فلاسفة الفيلم للإشارة باستبدال مصطلح “فيلم” بفئة أكبر، مثل الصور المتحركة أو الرسوم المتحركة. وحتى الآن، لم تغير هذه الاقتراحات الطريقة التي يعين بها المجال، لذلك أستمر باستخدام مصطلح “فلسفة الفيلم” في هذه المقدمة.

  1. طبيعة الفيلم

والسؤال الذي سيطر على التحريات الفلسفية الأولى عن الفيلم هو ما إذا كانت السينما -وهو مصطلح يؤكد على الهيكل المؤسسي الذي من خلاله تم إنتاج الأفلام وتوزيعها ومشاهدتها- يمكن اعتبارها شكلا فنيا. كان هناك سببان يجعلان السينما لا تبدو جديرة بشرف اعتبارها فنا. الأول هو أن السياقات الأولى لمعارض الأفلام ‪كان يعرض به صناديق فوديفيل والسيرك. كشكل ثقافي شعبي، كان يبدو أن هناك ابتذالا في الفيلم جعله رفيقا غير مناسب للمسرح والرسم والأوبرا والفنون الجميلة الأخرى. والمشكلة الثانية هي أن الفيلم يبدو أنه يستعير الكثير من الأشكال الفنية الأخرى. بالنسبة للكثيرين، كانت الأفلام الأولى تبدو أكثر قليلا من مجرد تسجيلات للعروض المسرحية أو الحياة اليومية. المنطق ‪وراء الأول هو أنه كان بالإمكان نشرها على جمهور أوسع من تلك التي يمكن أن تشاهد كأداء حي. ولكن الفيلم سيبدو حينئذ أنه وسيلة للوصول إلى الفن وليس شكل فني مستقل بذاته. أما الأخير، على الجانب الآخر، بدا مباشر جدا كإعادة إنتاج للحياة ليكون مؤهلا للفن، لأنه يبدو أن الوساطة قليلا من أي وعي التوجيهية.

لتبرير الادعاء بأن الفيلم يستحق أن يعتبر شكلا فنيا مستقلا، قام الفلاسفة بالبحث في البنية الأنطولوجية للفيلم. كان الأمل هو تطوير مفهوم الفيلم بحيث يوضح أنه يختلف في نواح مهمة عن الفنون الجميلة الأخرى. لهذا السبب، كان السؤال عن طبيعة الفيلم مهما بالنسبة إلى منظري الفيلم في الفترة التي من الممكن أن نسميها الفترة الكلاسيكية.

هوغو منستيربيرغ، وهو أول فيلسوف كتب دراسة عن هذا الشكل الفني الجديد، سعى لتمييز الفيلم عن طريق الوسائل التقنية التي أُستخدمت في تقديم رواياته (Münsterberg 1916). مشاهد العودة إلى الماضي واللقطات القريبة والتعديلات تعد بعض الأمثلة على الوسائل التقنية التي يستخدمها صناع الأفلام لعرض رواياتهم والتي يفتقر لها المسرح. بالنسبة لمونستيربيرغ، استخدام هذه الوسائل هو ما يميز الفيلم من المسرح كشكل فني.

منستيربيرغ يتساءل كيف يمكن للمشاهدين فهم الدور الذي تلعبه هذه الوسائل التقنية في التعبير عن الروايات السينمائية. جوابه هو أن هذه الوسائل كلها هي تشييء للعمليات الذهنية. على سبيل المثال، اللقطة القريبة تعرض في شكل مرئي شيء مماثل للعمل الذهني للتركيز على شيء ما. يفهم المشاهدون بطبيعتهم كيف تعمل هذه الوسائل السينمائية لأنها مألوفة مع أعمال عقولهم وبإمكانهم التعرف على هذه الوظائف الذهنية المُشيّئة عندما يرونها. على الرغم من أن هذا الجانب من نظرية منستيربيرغ يربطه بالفلاسفة المعرفيين المعاصرين للفيلم، إلا أنه لا يشرح كيف يعرف المشاهدون أن ما ينظرون إليه هو وظائف ذهنية مشيئة.

كان منستيربيرغ يكتب خلال فترة الأفلام الصامتة. التطوير الذي طابق الصوت على الصورة في وقت واحد – الأفلام الناطقة – غير الفيلم للأبد. ليس من المستغرب أن هذا الابتكار المهم ولد تأملات نظرية مثيرة للاهتمام.

ادعى الشهير رودولف أرنهيم، عالم النفس في الفن، الادعاء المدهش بأن الأفلام الناطقة شكلت انخفاضا من قمة ما وصلت إليه السينما الصامتة. (Arnheim 1957) اعتمادا على فكرة أنه كي يكون الفيلم فنًا فريدًا من نوعه يجب أن يكون صادقا مع وسائله المحددة، أرنهيم يدين الفيلم الصوتي كخليط من اثنين من وسائل الإعلام الفنية المتميزة خالية من إنتاج مرضي بأكمله.

بالنسبة إلى أرنهيم، حقق الفيلم الصامت حالة فنية من خلال التركيز على قدرته على تقديم أجسام متحركة. في الواقع، بالنسبة له، كان الجانب الفني للسينما في قدرتها على تقديم التجريدات، قدرة فُقدت تماما عندما بدأت الأفلام في استخدام الأصوات المطابقة. في كتابته بالقرب من فجر الأفلام الناطقة، أرنهيم لم يكن يرى ما نعتبره الآن تطور طبيعي للشكل الفني إلا كتراجع من الارتفاع المحقق سابقا.

أندريه بازِن، وإن لم يكن فيلسوفا محترفا، أو حتى أكاديميا، رد على رأي أرنهيم في سلسلة من المقالات ما تزال تشكل تأثيرا هاما في المجال. (Bazin 1967; 1971) بالنسبة لبازِن، فإن الثنائية المهمة ليست بين الفيلم الناطق والصامت، بل بين الأفلام التي تركز على الصورة وتلك التي تركز على الواقع. على الرغم من أن التحرير قد بدا لكثيرين مثل سيرغي آيزنستاين كالجانب المميز من الفيلم، فإن بازِن يعود إلى العصر الصامت لإثبات وجود وسيلة بديلة لتحقيق فن السينما، تحديدا الاهتمام بالسماح للكاميرا الكشف عن الطبيعة الحقيقية للعالم. معتمدا على تصور الفيلم بأنه ذو طابع واقعي بسبب أساسه في التصوير الفوتوغرافي، يقول بازين أن مستقبل السينما كشكل فني يعتمد على تطور هذه القدرة لتقديم العالم إلينا “متوقف الزمن”.

يثمن بازِن في تقديم حجته أسلوب الفيلم انه يدعم الواقعية، وتتميز بلقطات ممتدة وتركيز عميق. جان رينوا، أورسون ويليس، والإيطاليين الواقعيون الجدد هم صناع الأفلام ممن يرى بازِن أنهم قمة هذا التقليد التصويري لصناعة الأفلام التي حققت الإمكانيات الحقيقية للوسيلة.

في دراسته المبتكرة التي أسماها “نظرية الأفلام الكلاسيكية”، نويل كارول (Noël Carroll 1988) يرى أن هناك العديد من الافتراضات غير المشروعة موجودة في محاولات المنظرين الكلاسيكيين لتحديد طبيعة الفيلم. بالتحديد، اتهمهم بالخلط بين أنماط معينة من صناعة الأفلام بمزاعم أكثر تجريدا من طبيعة الوسيلة نفسها. اتهاماته بدت أنها تكشف عن نهاية هذه المحاولات لتبرير أنماط الأفلام بأساساتها في طبيعة الوسيلة.

على أي حال، عاد في الآونة الأخيرة ادعاء بازن حول واقعية الفيلم للحياة مجددا، وإن كان ذلك من غير مبالغات كتابة بازِن. كندال والتون، في ورقة مؤثرة للغاية (1984)، يرى بأن الفيلم، وبسبب أساسه في التصوير الفوتوغرافي، يعد وسيلة واقعية تسمح للمشاهدين برؤية الأشياء التي تظهر على الشاشة. لقد كانت أطروحة الشفافية موضع نقاش كبير بين الفلاسفة وعلماء الجمال. غريغوري كَري، على سبيل المثال، يرفض أطروحة الشفافية في حين لا يزال يدافع عن شكل من أشكال الواقعية ويؤكد أن الواقعية السينمائية هي نتيجة لحقيقة أن الأشياء التي تظهر على الشاشة تؤدي إلى نفس القدرات التعريفية التي تُستخدم لتعريف الأشياء الحقيقية.

ما تزال مناقشة الطابع الواقعي للفيلم موضوعا للنقاش المحتد بين فلاسفة الفيلم. في الآونة الأخيرة، ظهور التقنيات الرقمية لصنع الصورة يثير أسئلة أساسية جدا حول معقولية هذا الرأي.

  1. الفيلم والتأليف

صناعة الأفلام هي نتاج العمل المشترك للعديد من الأفراد. الجميع يعرف هذا عندما يرون العدد الضخم لأسماء العاملين في نهاية أي فيلم هوليوودي. لوصفها بعبارة: لصنع فيلم تحتاج لقرية.

ولذلك قد يبدو غريبا أن هناك نزعة كبيرة بين ‪باحثي الفيلم لمعاملته كأنه نتاج صانع الفيلم المتفرد (auteur) فقط. في هذا الخط من التفسير، مخرج الفيلم هو العقل الإبداعي الذي يشكل الفيلم كاملا بطريقة توازي فكرتنا عن إخراج الأعمال الأدبية.

فرانسوا تروفو كان أول من اقترح فكرة أن يكون المخرج صانع فيلم متفرد والذي أصبح لاحقا أحد من المخرجين المركزيين في الموجة الفرنسية الجديدة (French New Wave). جادل تروفو هذا المصطلح بشدة للتصغير من صناعة الأفلام المهيمنة آنذاك والتي ركزت على اقتباس الأعمال الأدبية العظيمة على الشاشة. في محاولة لتثمين نمط مختلف من صناعة الأفلام، يرى تروفو أن الأفلام الوحيدة التي تستحق أن تسمى عينًا بالفن هي تلك التي كان للمخرج سيطرة كاملة على إنتاجها من خلال كتابة السيناريو وإخراج الفيلم. وحدها هذه الأفلام التي صُنعت بهذه الطريقة تستحق أن تمنح مكانة الأعمال الفنية.

الباحث والمراجع السينمائي الأمريكي المعروف أندرو سارِس اعتمد نظرية تروفو كي يشرع الدراسات السينمائية باعتبارها تخصصا أكاديميا. بالنسبة لسارِس، نظرية صانع الفيلم المتفرد كانت نظرية لتقييم الأفلام، لأنها كانت تعني له أن أعمال المخرجين العظماء كانت الأعمال الهامة الوحيدة. باستخدامه المميز إلى حد ما للفكرة، يرى سارِس أن الأعمال المنقوصة من كبار المخرجين كانت فنيا أفضل من روائع المخرجين الصغار. والجانب الأقوى حجة لأفكاره كان الأهمية التي جعلها للأعمال الكاملة (oeuvre) للمخرج. في الدراسات السينمائية، يُستمد التركيز على الدراسات المفصلة للمخرجين الأفراد من نسخة سارِس لنظرية الأوتور.

من الآثار السلبية لتأثير الأوتورية الإهمال النسبي للمساهمين الآخرين المهمين في صنع فيلم. الممثلون والمصورون السينمائيون وكتاب السيناريو والموسيقيون والمخرجون يقدمون مساهمات كبيرة في الأفلام التي تقلل نظرية الأوتور من قدرها. في حين قدم تروفو المصطلح بحماسة لكي يدعم نمط جديد من صناعة الأفلام، يميل المنظرون اللاحقون إلى تجاهل سياق ملاحظاته.

وبالتالي، كنظرية عامة للسينما فإنه من الواضح أن نظرية الأوتور معيبة. لا يمكن أن تُنسب جميع الأفلام، ولا حتى العظيمة منها، إلى قدرة المخرج. الممثلون هم أوضح الأمثلة على الأفراد الذين قد يكون لهم تأثير كبير في صنع فيلم معين وبالتالي أن يُنسب الفيلم إليهم أهم من أن يُنسب إلى المخرج. على الرغم من أن أفلام مثل أفلام تروفو قد تكون (في الغالب) نتاج تأليفه، فإن نجاح فيلم للمثل كلِنت إيستوود يدين بقدر كبير لوجوده. من الخطأ اعتبار جميع الأفلام كما لو أنها ببساطة نتاج فرد واحد حاسم، المخرج، ومع ذلك، فإن العادات القديمة يصعب تركها، ولا يزال يُشار للأفلام بأسماء مخرجيها.

هناك انتقاد أكثر عمومية لنظرية الأوتور وهو تركيزها على الأفراد. معظم المخرجين العظماء الذين تمت دراستهم من قبل المنظرين السينمائيين عملوا ضمن بيئات مؤسسية محددة تماما، وأشهرها هو هوليوود. محاولة فهم الأفلام دون وضعها في سياقها الأوسع للإنتاج يعد قصورا حقيقيا في النظرية.

هذا النوع من الانتقاد للأوتورية لقي صياغة أكثر نظرية فيما بعد الحداثة، مع إعلانها الشهير (أو سيء السمعة) لوفاة المؤلف. ما تؤكده هذه البادرة البلاغية الخجولة هو أن الأعمال الفنية، بما في ذلك الأفلام، لا ينبغي أن ينظر إليها على أنها نتاج فهم مسيطر فردي، بل يجب أن ينظر إليها على أنها نتاج أوقاتها وسياقاتها الاجتماعية، وينبغي ألا يكون هدف الناقد إعادة تشكيل نوايا المؤلف، بل عرض السياقات المختلفة العديدة التي تفسر إنتاج العمل، فضلا عن حدوده.

في حين أن السياق التقليدي العام هو بالتأكيد ضروري لفهم الفيلم، مع ذلك نظرية الأوتور لا تزال توفر تركيزا مفيدا لبعض الجهود في الدراسة البحثية للفيلم: استكشاف عمل المخرجين الأفراد. ومع ذلك، كان هناك قلق من أن النظرية تبالغ في التأكيد على مساهمة المخرج على حساب الآخرين – الممثلين، ومخرجي التصوير الفوتوغرافي، وكتاب السيناريو – الذين قد تعادل مساهماتهم نفس القدر من الأهمية في صنع على الأقل بعض الأفلام.

  1. الارتباط العاطفي

المناقشة الفلسفية لارتباط المشاهد بالأفلام تبدأ بأحجية تم طرحها حول العديد من الأشكال الفنية: لماذا يجب أن نهتم بما يحدث لشخصيات خيالية؟ ففي نهاية الأمر هي خيالية، ولا يجب أن نهتم لمصيرها كما نهتم لمصائر الناس الحقيقيين. لكن بالفعل، نحن نرتبط في مصائر هذه الكائنات الخيالية. لماذا يحدث هذا؟ لأن الكثير من الأفلام التي تجذب اهتمامنا هي خيالية، والإجابة على هذا السؤال مهمة جدا بالنسبة لفلاسفة الفيلم.

الإجابة واحدة. من الشائع في تقليد نظرية الفيلم أن السبب وراء اهتمامنا لما يحدث لبعض الشخصيات الخيالية هو لأننا نجد أنفسنا فيهم بالرغم من أن أو ربما لأن هذه الشخصيات مثالية -هم أكثر جمالا وشجاعة ودهاء، وما إلى ذلك، من أي إنسان حقيقي- يجد المشاهدون أنفسهم فيهم، وبالتالي يعتبرون أنفسهم مرتبطين بهذه الكائنات المثالية. ولكن بمجرد أن نرى الشخصيات كنسخ من أنفسنا تصبح مصائرهم مهمة لنا، لأننا نجد أنفسنا منغمسين في قصصهم. استخدم المنظرون النسويون هذه الفكرة لتوضيح كيف تستخدم الأفلام متعة المشاهدين لتعزيز مجتمع متحيز جنسيا. المشاهدين الذكور للفيلم يجدون أنفسهم في نظرائهم المثاليين على الشاشة ويستمتعون بتشييء المرأة سواءً من خلال الصور التي يستمتعون بمشاهدتها على الشاشة أو السياق الروائي الذي تقوم فيه شخصيات الذكور -التي يجدون أنفسهم فيها- بامتلاك الشخصية الأنثى المرغوبة.

قد رأى فلاسفة الفيلم أن التماثل (أن يجد المشاهد نفسه في شخصية ما) أداة أبسط من أن يتم استخدامها في شرح ارتباطنا العاطفي مع الشخصيات، لأن هناك مجموعة واسعة من النوايا ‪والمشاعر التي ننسبها إلى الشخصيات الخيالية التي نراها تُعرض على الشاشة. (انظر، على سبيل المثال، (Smith 1995).) حتى لو تماثلنا مع بعض الشخصيات، فإن ذلك لن يفسر لماذا كان لدينا أي رد فعل عاطفي على شخصيات لا نتماثل معها. من الواضح أن هناك حاجة إلى حساب أعم حول ارتباط المشاهدين مع الشخصيات السينمائية والأفلام التي تظهر فيها.

الخطوط العريضة للجواب الذي قدمه فلاسفة الفيلم لمسألة ارتباطنا العاطفي مع الأفلام هي أننا نهتم بما يحدث في الأفلام لأن الأفلام تجعلنا نتخيل أشياء تحدث، الأشياء التي نهتم بها؛ ولأن طريقة تخيلنا لعمل الأشياء تؤثر على مشاعرنا، أفلام الخيال لها تأثير عاطفي علينا.

هناك اعتباران أساسيان طرحهما الفلاسفة لشرح آثار الخيال علينا. نظرية المحاكاة تستخدم قياسا حاسوبيا يقول بأن تخيل شيء ما يتطلب من الشخص أن تحصل له نفس ردّات الفعل العاطفية المعتادة للحالات والناس، وحدها العواطف تعمل افتراضيا. ما يعنيه هذا هو أنه عندما يكون لدي استجابة عاطفية كالغضب لوضع متخيل، فأنا أشعر بنفس المشاعر التي أشعر بها عادة بيد أني لا أميل إلى التصرف طبقا لهذه المشاعر كالصراخ أو الاستجابة بطريقة غاضبة، كما كنت سأفعل لو كان الشعور شعورا مكتملا.

ما يتضح من ذلك، إذن، هو حالة تبدو متناقضة لتجربة الفيلم لدينا: حيث يبدو أننا نستمتع بمشاهدة أشياء على الشاشة كنا سنكره رؤيتها في الحياة الحقيقية. السياق الأوضح لهذا هو أفلام الرعب، لأننا قد نتمتع برؤية الأحداث المروعة والكائنات التي نود بقوة ألا نشهدها في الحياة الحقيقية. آخر شيء أود رؤيته في الحياة الحقيقية هو الغوريلا العملاق الهائج، ولكنني منجذب لمشاهدة هذا الإنجاز السينمائي. يقول مُنظر المحاكاة أن السبب في ذلك هو أنه عندما نواجه مشاعر افتراضية التي من شأنها أن تكون مؤلمة في الحياة الحقيقية، قد نستمتع فعلا بوجود تلك العاطفة في سلامة الوضع افتراضية.

إحدى المشاكل التي تواجه نظرية المحاكاة شرح معنى أن تكون المشاعر افتراضية. في حين أنها استعارة مثيرة للاهتمام، إلا أنه لا يبدو أن منظري المحاكاة يستطيعون أن يوفروا تقريرا مناسبا لكيفية التكسب منها٠

تفسير بديل لاستجابتنا العاطفية للسيناريوهات المتخيلة قد أطلق عليه اسم نظرية الفكرة. المقصود هنا هو أنه من الممكن أن يكون لنا ردود فعل عاطفية لأفكار مجردة. عندما تم اخباري أن زميلا مبتدأ لي حُرم من إعادة التعيين، مجرد التفكير بهذا الظلم يكفي ليجعلني أشعر بالغضب. بالمثل، عندما أتصور مثل هذا السيناريو يحدث لشخص ما، مجرد التفكير بهم وهم يُعاملون بهذه الطريقة يمكن أن يغضبني. مجرد التفكير يمكن أن يحقق عاطفة شبه حقيقية.

ما تزعم نظرية الفكرة عن رد فعلنا العاطفي للأفلام هو أن مشاعرنا تأتي من الأفكار التي تحدث لنا ونحن نشاهد فيلما. عندما نرى الشرير الغادر يربط البطلة البريئة بمسارات قطار نشعر على حد سواء بالقلق والغضب من فكرة أنه يتصرف بهذه الطريقة وأنها في موضع خطر. مع ذلك، فنحن ندرك طيلة الوقت أن هذا الوضع مجرد وضع خيالي، لذلك ليس هناك أي رغبة في إنقاذها٠ فنحن مدركون طوال الوقت أن لا أحد في خطر حقيقي. نتيجة لذلك، ليس هناك حاجة، كما يقول منظر الفكرة، لتعقيدات نظرية المحاكاة لشرح لماذا تحرك الأفلام مشاعرنا.

هناك بعض المشاكل في نظرية الفكرة كذلك. لماذا تستطيع مجرد فكرة، وليس معتقدا، أن تحدث استجابة عاطفية فينا؟ إذا كنت أعلم أنك تعرضت للظلم، فهذا شيء، ولكن فكرة تعرضك للظلم شيء آخر. بما أننا لا نستطيع أن نملك معتقدات مكتملة حول الشخصيات الخيالية في الأفلام، فإن نظرية الفكرة تحتاج إلى شرح لماذا تحرك مصائرهم مشاعرنا بشدة. (انظر Plantinga and Smith (1999) لمزيد من المناقشة حول هذه المسألة.)

  1. سرد الفيلم

الأفلام الخيالية تروي القصص ‪وعلى عكس الوسائل الأدبية كالروايات مثلا، الأفلام تفعل ذلك بالصور والصوت، بالكلام والموسيقى. من الواضح أن بعض الأفلام لها رواة. هؤلاء الرواة هم بشكل عام رواة شخصيات، الرواة الذين هم شخصيات في العالم الخيالي للفيلم. يروون لنا قصص الفيلم ويعرضون لنا الصور التي نراها. لكن في بعض الأحيان، يقدم لنا السرد الصوتي نظرة على ما يبدو موضوعية لحالة الشخصيات، وكأنها نشأت من خارج عالم السينما. بالإضافة إلى ذلك، هناك أفلام الخيال، الأفلام التي تروي القصص ولا يوجد فيها مؤدٍ واضح للراوي. هذه الحقائق قد أثارت عددا من الألغاز حول السرد السينمائي التي نوقشت من قبل فلاسفة الفيلم. (انظر تشاتمان Chatman (1990) and Gaut (2004).)

إحدى القضايا المركزية التي كانت موضع خلاف بين الفلاسفة هي السرد الذي لا يمكن الاعتماد عليه. هناك الأفلام التي يرى فيها الجمهور أن الراوي الشخصية للفيلم لديه وجهة نظر محدودة أو مضللة عن عالم الأفلام. ومن الأمثلة على ذلك فلم ماكس أوفِلس Letter from an Unknown Woman (1948)، وهو فيلم ناقشه عدد من الفلاسفة المختلفين. غالبية الفيلم هي سرد صوتي من قبل ليزا بيرندل، المرأة غير المعروفة في عنوان الفيلم، التي تقرأ كلمات الرسالة التي ترسلها إلى حبيبها ماكس براند قبل أن تتوفى بفترة وجيزة. يرى الجمهور في الفيلم أن ليزا لديها وجهة نظر مشوهة من الأحداث التي ترويها، يتضح هذا في سوء فهما لشخصية براند. هذا يثير مسألة كيف يمكن للجمهور أن يعرف أن وجهة نظر ليزا مشوهة، لأن ما نسمع ونرى هو مروي (أو معروض) من قبلها. جورج ويلسون (1986) كان يرى أن الروايات التي لا يمكن الاعتماد عليها مثل هذه، تتطلب إضافة راوٍ ضمني للفيلم، في حين أن غريغوري كيري (1995) يرى بأن المخرج الضمني يكفي. قد أصبح هذا السؤال وثيق الصلة مع الشعبية المتزايدة لأساليب صناعة الأفلام التي يكون بها سرد لا يمكن الاعتماد عليه. فيلم براين سِنغر The Usual Suspects (1995) بدأ موجة من الأفلام التي كان لا يمكن الاعتماد على رواتها بطريقة أو بأخرى.

من المسائل المتعلقة بالسرد التي كانت محور النقاش هو ما إذا كان لدى جميع الأفلام رواة، بما في ذلك تلك التي لا تحتوي على رواة ظاهرين. في البداية، قيل أن فكرة السرد بلا راوٍ لم تكن مفهومة، لأن السرد يتطلب مؤدٍ يقوم بالرواية، الذي كان راوي الفيلم. في الحالات التي لم يكن فيها رواة ظاهرين، كان لا بد من إضافة راوٍ ضمني لتوضيح كيفية وصول المشاهدين إلى العالم الخيالي للفيلم. رد المعارضون بأن الراوي بمعنى الممثل الذي أعطى جمهور السينما إمكانية الوصول إلى العالم الخيالي من الفيلم يمكن أن يكون صانع الفيلم، لذلك لم تكن هناك حاجة إلى وضع مثل هذا الكيان المشكوك فيه كراوي ضمني للفيلم.

مع ذلك، هناك مشكلة أعمق فيما يتعلق بالسرد السينمائي والتي كانت تسمى “أطروحة المشاهدة المتخيلة” (Wilson 1997). وفقا لهذه الرسالة، يتخيل مشاهدو أفلام الخيال السائدة أنفسهم ‪وهم ينظرون إلى عالم القصة ويرون أجزاء من الفعل السردي من سلسلة مناظير بصرية محددة. في النسخة التقليدية من ذلك، يتم أخذ المشاهدين لتصور شاشة السينما كنافذة تسمح لهم بمشاهدة تكشُّف القصة في “الجانب الآخر”، ومع ذلك، فمن الصعب على هذا الرأي تعليل ما يُتصور عندما تتحرك الكاميرا على سبيل المثال أو عندما يكون هناك تعديل على لقطة تتضمن منظورا مختلفا عن مشهد وما إلى ذلك. نتيجة لذلك تم اقتراح عرض بديل، أن المشاهدين يتخيلون أنفسهم يرون صورا متحركة تم اشتقاقها فوتوغرافياً بطريقة غير محددة من داخل العالم الخيالي نفسه. ولكن هذا الافتراض يمر بمشاكل، لأنه عادة ما يكون جزءا من الخيال السينمائي الذي لا توجد فيه كاميرا في الفضاء الخيالي للرواية. المناقشة التي نتجت عن ذلك هي ما إذا كان ينبغي رفض أطروحة المشاهدة المتخيلة لعدم اتساقها أو ما إذا كان من الممكن تطوير نسخة مقبولة من هذه الرسالة. لا يزال الفلاسفة منقسمين بشكل حاد حول هذه المسألة الأساسية.

موضوع السرد السينمائي لا يزال مطروحا للنقاش والبحث الفلسفي الجاهد، ولا تزال المحاولات المختلفة لشرح طبيعته موضع نقاش ساخن. كلما أصبحت الأنماط الجديدة والمعقدة لرواية الفيلم أكثر رواجا، فعلى الأرجح أن موضوع السرد السينمائي سوف يستمر في تلقي الاهتمام من الفلاسفة وعلماء الجمال.

  1. الفيلم والمجتمع

إن أفضل طريقة لفهم الابتكارات التي يقوم بها الفلاسفة في فهمنا لكيفية ارتباط الأفلام بالمجتمع هي النظر في الرأي الذي كان مهيمناً في نظرية الفيلم منذ بضع سنوات. وفقا لوجهة النظر هذه، فإن الأفلام السردية الرائجة -خاصة الأفلام التي تنتجها “هوليوود”، وهي عبارة تشير إلى صناعة الترفيه في هوليوود بولاية كاليفورنيا، ولكنها تشمل أيضا الأفلام السردية الرائجة المنتجة على نفس النموذج- دعمت حتما القمع الاجتماعي، بطريقة أو بأخرى، بإنكار وجوده. وقد اُعتبرت هكذا أفلام بأنها لا تقدم سوى القصص الخيالية التي استخدمت الطابع الواقعي للوسيلة لعرض تلك القصص الخيالية كما لو كانت صورا دقيقة للواقع. بهذه الطريقة، تم حجب الطابع الفعلي للهيمنة الاجتماعية التي يفترضها مثل هذا الرأي المتفشي في المجتمع المعاصر لصالح صورة وردية عن واقع الوجود الاجتماعي الإنساني.

كجزء من حججهم، ذهب هؤلاء المنظرون السينمائيون إلى أبعد من فحص الأفلام الفردية وقالوا أن بنية الفيلم الروائي نفسها تساعد في الحفاظ على الهيمنة الاجتماعية. من وجهة النظر هذه، فإن التغلب على السرد نفسه مطلوب للأفلام لكي تكون تقدمية حقا.

في مقابل هذه النظرة السلبية للعلاقة بين الفيلم والمجتمع، قال فلاسفة الفيلم أن الأفلام الرائجة لا يجب أن تدعم الهيمنة الاجتماعية، بل يمكن أيضا أن تعبر عن المواقف الحرجة اجتماعيا. في هذه الحجة، قاموا بتصحيح ميل نظرية السينما لجعل التعميمات الواسعة حول العلاقة بين الفيلم والمجتمع والتي لا تستند على تحليل دقيق للأفلام الفردية. وقد ركزوا بدلا من ذلك على تقديم تفسيرات تفصيلية للأفلام تبين كيف أن رواياتهم تتناول بانتقاد العديد من الممارسات والمؤسسات الاجتماعية. فالطبقة والعرق والجنس والحياة الجنسية هي من بين الساحات الاجتماعية المختلفة التي شهد فيها فلاسفة الفيلم أفلاما تصنع من الوعي الاجتماعي تدخلات حاسمة في المناقشات العامة.

ومن الأمثلة المثيرة للاهتمام للأفلام التي تُنشئ مواقفا سياسية ليست داعمة دعما مجردا للأشكال الموجودة للهيمنة الاجتماعية هي تلك التي تتضمن أزواجا مختلفي الأعراق. وهكذا، فإن فيلم ستانلي كريمر عام 1967 Guess Who’s Coming to Dinner يبحث في معقولية التكامل العنصري كحل لمشاكل العنصرية على السود في أمريكا من خلال تصويرها للمشاكل التي تواجه زوجين مختلفي الأعراق. بعد ما يقرب من 25 عاما، أخرج سبايك لي فيلم Jungle Fever ينتقد فيه الأجندة السياسية السابقة للأفلام، مستخدما كذلك زوجين مختلفي الأعراق يواجهون تمييز عنصري. لكن هنا يؤكد الفيلم أن العنصرية المتعنتة للأميركيين البيض تقوض الاندماج كعلاج لجميع أمراض هذا المجتمع العنصري (Wartenberg 1999). تستخدم العديد من الأفلام الأخرى هذا الشكل الروائي للبحث في جوانب أخرى من العنصرية وإمكانيات التغلب عليها.

وبالمثل، نظر الفلاسفة خارج هوليوود إلى أفلام المخرجين التقدميين مثل جون سايلز لتوضيح إيمانهم بأن الأفلام السردية يمكن أن تقدم بيانات سياسية متطورة. ينطوي فيلم مثل Matewan على بحث متطور للعلاقة بين الطبقة والعرق كمناطق للهيمنة الاجتماعية.

بشكل عام، يمكننا القول بأن الفلاسفة قاوموا الإدانة المتماسكة للأفلام على أنها تراجعية اجتماعيا، واستكشفوا الوسائل المختلفة التي استخدمها صناع الأفلام لتقديم مناظير مهمة في مجالات الاهتمام الاجتماعي، في حين أنهم لم يتجاهلوا الطرق التي تقلل بها روايات هوليوود القياسية الوعي الانتقادي الاجتماعي، فقد أظهرت أن الفيلم الروائي وسيلة هامة للتأمل الشعبي في القضايا الاجتماعية الهامة المعاصرة.

  1. الفيلم كفلسفة

كان العداء تجاه الفنون منحصرا في الفلسفة منذ أن نفى أفلاطون الشعراء من مدينته الفاضلة في الجمهورية. يرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الفلسفة ومختلف الأشكال الفنية كانت تعتبر مصادر متنافسة للمعرفة والمعتقد. الفلاسفة المهتمين بالحفاظ علی احتكارهم لحق معرفة الحقیقة قاموا بإلغاء الفنون باعتبارها تمثيل متواضع للقب مقدمي الحقیقة.

فلاسفة الفيلم عارضوا هذا الرأي بشكل عام، هم يرون أن الفيلم مصدر للمعرفة، بل وحتى مساهم محتمل في الفلسفة نفسها. ساعد ستانلي كافيل، والذي كان اهتمامه بـ فلسفة الفيلم ، على إثارة تطور المجال، عبر بهذا الرأي بقوة. بالنسبة لكافيل، الفلسفة مهتمة اهتماما أصيلا في الشكوكية وفي الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها التغلب عليها. وقد كتب كافيل في العديد من كتبه ومقالاته أن الفيلم يشارك هذا الاهتمام مع الفلسفة، بل أن بإمكان الفيلم أن يقدم رؤى فلسفية خاصة به (Cavell 1981؛ 1996؛ 2004).

حتى وقت قريب، كان هناك القليل من أتباع فكرة أن الأفلام يمكن أن تقدم مساهمة فلسفية. (أنظر Kupfer (1999)و  Freeland (2000) للاطلاع على المفندات). يرجع ذلك جزئيا إلى أن ربط كافيل بين الفيلم والشكوكية يبدو غير مؤسس بشكل كاف، في حين أن رأيه في الشكوكية كخيار حي للفلسفة المعاصرة يقوم على قراءة فائقة الدقة لتاريخ الفلسفة الحديثة. ومع ذلك، فإن مواجهة تفسيرات كافيل للأفلام الفردية بالشكوكية تعتبر موحية للغاية، وقد أثرت على جدية العديد من الفلاسفة وباحثي الفيلم في تعاملهم مع الفيلم. (أحد الأمثلة، أنظر Mulhall 2001)‪.

مع ذلك، ما يزال النقاش مستمرا حول القدرة الفلسفية للفيلم. فيما يقابل وجهات النظر مثل رأي كافيل، قال عدد من الفلاسفة أن قصارى جهد الأفلام يمكن أن يكون إرشاديا أو تربويا فيما يتعلق بالفلسفة، فيما أكد آخرون أن هناك حدودا واضحة لما يمكن للأفلام أن تنجزه فلسفيا. كلا هذين النوعين من الآراء ينظر إلى الشخصية الروائية لأفلام الخيال يجردها من أن تكون أو تقدم فلسفة.

معارضو هذه النقطة أشاروا إلى عدد من الطرق المختلفة التي يمكن فيها للأفلام أن تقدم الفلسفة، وفي مقدمتها تجربة الفكرة. تجارب الفكرة تشمل سيناريوهات خيالية يُطلب فيها من القراء أن يتخيلوا كيف ستكون الأمور في حال حدوث كذا أو كذا. أولئك الذين يعتقدون أن الأفلام يمكن أن تقدم فعلا الفلسفة يقولون أن أفلام الخيال يمكن أن تعمل كتجارب فكرة فلسفية، وبالتالي تستحق أن تعتبر فلسفية (أنظر Wartenberg 2007). تم اقتراح العديد من الأفلام بصفتها مرشحة لتقديم الفلسفة، بما في ذلك الفيلم الناجح للإخوة واتشواسكي The Matrix ‪(199‪9)، وهو الفيلم الذي أنشأ مناقشات فلسفية أكثر من أي فيلم آخر، وفيلمي Memento (2000)، Eternal Sunshine of the Spotless Mind (2004).

وقد بدأ الفلاسفة أيضا في إيلاء الاهتمام لمجموعة من الأفلام الطليعية التي تعرف باسم الأفلام البنيوية. الأفلام البنيوية تتماثل مع التقليلية (minimalism) في الفنون الأخرى وبالتالي تثير مسألة ما إذا كانت ليست تجارب فعلية تسعى إلى إظهار المعايير اللازمة لشيء ما حتى يكون فيلما. إذا تم قبول هذا الرأي، فهذه الأفلام -مثل The Flicker (1995) و Serene Velocity (1970)- يمكن أن يُنظر إليها على أنها مساهمة في الفلسفة من خلال تمييز هذه السمات الضرورية المفترضة للأفلام. هذا الرأي، المعتمد من قبل نول كارول (أنظر Carroll and Choi 2006; Thomas Wartenberg 2007)، تم انتقاده على أسس مماثلة لتلك المستخدمة في إنكار الإمكانات الفلسفية لأفلام الخيال، وهي أن الأفلام لا يمكن أن تفعل حقا “العمل الشاق” للفلسفة.

وقد دعا الفلاسفة العاملون في التقاليد القارية إلى عرض أكثر شمولا لمساهمة الفيلم في الفلسفة. بالطبع مصطلح “فلسفة الأفلام” قد أُطلق ليشير إلى الشكل الجديد المزعوم للتفلسف الذي يحدث على الفيلم. (انظر Sinnerbrink 2011 لمناقشة هذه الفكرة.)

أيا كان الموقف الذي يتخذه المرء بشأن إمكانية “الفلسفة السينمائية”، فمن الواضح أن الفلاسفة يعترفون بالارتباط الفلسفي للفيلم. يجب على أولئك الذين ينكرون أن الأفلام يمكن تتقمص دور الفلسفة حتى أن يعوا بأن الأفلام توفر للجمهور مدخلا إلى الأسئلة الفلسفية وقضاياها. من المؤكد أن نجاح سلسلة الكتب المعنونة بـ “الفلسفة و س”، حيث يمكن استبدال س بأي فيلم أو برنامج تلفزيوني، يشير إلى أن الأفلام تجلب انتباه جماهير عريضة لقضايا فلسفية. لا شك أن هذا تطور صحي للفلسفة ذاتها.

  1. الاستنتاجات والتوقعات

أصبحت فلسفة الفيلم مجالا هاما للبحوث الفلسفية والجمالية. وقد ركز الفلاسفة على القضايا الجمالية حول الفيلم كوسيلة فنية (فلسفة الفيلم) والأسئلة حول المحتوى الفلسفي للأفلام (الفيلم بصفته فلسفة). ما زال التطور وحجم المساهمات في هاتين المنطقتين في ازدياد، بازدياد عدد الفلاسفة الذين يأخذون الأفلام بجدية كموضوع للبحث الفلسفي.

بينما يستمر الفيلم ووسائل الإعلام الرقمية ذات الصلة في التوسع في تأثيره على حياة البشر، من الممكن توقع أن تصبح فلسفة الفيلم مجالا أكثر حيوية للبحث الفلسفي. ويمكننا في السنوات القادمة أن نتطلع إلى مساهمات جديدة ومبتكرة في هذا المجال المثير من البحوث الفلسفية.


المراجع

  • Allen, Richard, and Murray Smith (eds.), 1997.Film Theory and Philosophy, Oxford: Clarendon Press.
  • Andersen, Nathan, 2014.Shadow Philosophy: Plato’s Cave and Cinema, Abingdon, UK: Routledge.
  • Arnheim, Rudolf, 1957.Film as Art, Berkeley: University of California Press.
  • Badiou, Alain, 2013.Film Fables, Cambridge: Polity.
  • Bazin, André, 1967 and 1971.What is Cinema?, 2 volumes, Hugh Grey (tr.), Berkeley: University of California Press.
  • Bordwell, David, and Nöell Carroll. 1996.Post-Theory: Reconstructing Film Studies, Madison: University of Wisconsin Press.
  • Carel, Havi, and Greg Tuck, 2011.New Takes in Film-Philosophy, Basingstoke, UK: Palgrave Macmillan.
  • Carroll, Nöel, 1988.Philosophical Problems of Classical Film Theory, Princeton: Princeton University Press.
  • –––, 1990.The Philosophy of Horror, or Paradoxes of the Heart, New York: Routledge.
  • –––, 1996.Theorizing the Moving Image, Cambridge: Cambridge University Press.
  • –––, 2008.The Philosophy of Motion Pictures, Malden, MA: Blackwell.
  • Carroll, Nöel and Jinhee Choi, 2005.The Philosophy of Film and Motion Pictures: An Anthology, Malden, MA: Blackwell Publishers.
  • Carroll, Nöel,et al., 1998. “Film,” in Encyclopedia of Aesthetics, Michael Kelly (ed.), New York, Oxford: Oxford University Press, Volume 2, 185–
  • Cavell, Stanley. 1979.The World Viewed: Reflections on the Ontology of Film, enlarged edition, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • –––, 1981.Pursuits of Happiness: The Hollywood Comedy of Remarriage, Cambridge: Harvard University Press.
  • –––, 1996.Contesting Tears: The Hollywood Melodrama of the Unknown Woman, Chicago: University of Chicago Press.
  • –––, 2004.Cities of Words: Pedagogical Letters on a Register of the Moral Life, Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Chatman, Seymour, 1990.Coming to Terms: The Rhetoric of Narrative in Fiction and Film, Ithaca, NY: Cornell University Press.
  • Cox, Damian, and Michael Levine, 2011.Thinking through Film: Doing Philosophy, Watching Movies, Chichester, UK: Wiley-Blackwell.
  • Currie, Gregory, 1995.Image and Mind: Film, Philosophy, and Cognitive Science, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Eisenstein, Sergei, 1969.Film Form: Essays in Film Theory, New York: Harcourt.
  • Falzon, Christopher, 2014.Philosophy Goes to the Movies: An Introduction to Philosophy, 3rd Edition, Abingdon, UK: Routledge.
  • Frampton, Daniel, 2006.Filmospohy, London: Wallflower Press.
  • Freeland, Cynthia A., and Thomas E. Wartenberg, 1995.Philosophy and Film, New York: Routledge.
  • Freeland, Cynthia A., 2000.The Naked and the Undead: Evil and the Appeal of Horror, Boulder: Westview Press.
  • Gaut, Berys, 2003. “Film,” inThe Oxford Handbook of Aesthetics, Jerrold Levinson (ed.), New York, Oxford: Oxford University Press, 627–
  • –––, 2004. “The Philosophy of the Movies: Cinematic Narration,” inThe Blackwell Guide to Aesthetics, Peter Kivy (ed.), Oxford: Blackwell Publishing, 230–
  • –––, 2010.A Philosophy of Cinematic Art, Cambridge: Cambridge University Press.
  • Jarvie, Ian, 1987.Philosophy of the Film, New York: Routledge & Kegan Paul.
  • Krakauer, Siegfried, 1960.Theory of Film: The Redemption of Physical Reality, New York: Oxford University Press.
  • Kupfer, Joseph H., 1999.Visions of Virtue in Popular Film, Boulder: Westview Press.
  • Litch, Mary, and Amy D. Karofsky,Philosophy Through Film, 3rd Edition, Abingdon, UK: Routledge.
  • Livingston, Paisley, 2009.Cinema, Philosophy, Bergman: On Film as Philosophy, Oxford: Oxford University Press.
  • Livingston, Paisley, and Carl Plantinga, 2008.The Routledge Companion to Philosophy and Film, Abingdon: UK: Routledge.
  • Mulhall, Stephen, 2001.On Film, London: Routledge.
  • Münsterberg, Hugo, 1916.The Photoplay: A Psychological Study, New York: D. Appleton and Company.
  • Plantinga, Carl, and Grey M. Smith (eds.), 1999.Passionate Views: Film, Cognition, and Emotion, Baltimore: Johns Hopkins University Press.
  • Ranciere, Jacques, 2006.Film Fables (Talking Images), London: Bloomsbury Academic.
  • Read, Rupert, and Jerry Goodenough, 2005.Film as Philosophy: Essays on Cinema After Wittgenstein and Cavell, London: Palgrave-MacMillan.
  • Scruton, Roger, 1981. “Photography and Representation” Critical Inquiry, 7(3): 577–
  • Sesonske, Alexander, 1974. “Aesthetics of Film, or A Funny Thing Happened on the Way to the Movies,” Journal of Aesthetics and Art Criticism, 33(1): 51–
  • Singer, Irving, 2010.Cinematic Mythmaking: Philosophy in Film, Cambridge, MA: The MIT Press.
  • Sinnerbrink, Robert, 2011.New Philosophies of Film: Thinking Images, London: Continuum.
  • –––, 2015, forthcoming.Cinematic Ethics, London: Routledge.
  • Smith, Murray, 1995.Engaging Characters: Fiction, Emotion, and the Cinema, Oxford: Clarendon Press.
  • –––, 2001. “Film,” The Routledge Companion to Aesthetics, Berys Gaut and Dominic McIver Lopes (eds.), London: Routledge.
  • Smith, Murray, and Thomas E. Wartenberg, 2006.Thinking Through Cinema: Film as Philosophy, Malden, MA: Blackwell.
  • Tan, Ed S., 1995.Emotion and the Structure of Narrative Film: Film As An Emotion Machine, London: Routledge.
  • Thomson-Jones, Kathryn, 2008.Aesthetics and Film, London: Continuum.
  • Thomson-Jones, Kathryn (ed.), 2016, forthcoming.Current Controversies in Philosophy of Film, New York: Routledge.
  • Walton, Kendall, 1984. “Transparent Pictures: On the Nature of Photographic Realism,” Critical Inquiry, 11: 246–
  • Wartenberg, Thomas E., 1999.Unlikely Couples: Movie Romance as Social Criticism, Boulder: Westview Press.
  • –––, 2007.Thinking On Screen: Film as Philosophy, London: Routledge.
  • Wartenberg, Thomas E. and Angela Curran, 2005.The Philosphy of Film: Introductory Text and Readings, Malden, MA: Blackwell Publishers.
  • Wilson, George M., 1986.Narration in Light: Studies in Cinematic Point of View, Baltimore: Johns Hopkins Press.
  • –––, 1997. “Le Grand ImagierSteps Out: The Primitive Basis of Film Narration,” Philosophical Topics, 25: 295–
  • –––, 2011.Seeing Fictions in Film: The Epistemology of Movies, Oxford: Oxford University Press.

أدوات أكاديمية

How to cite this entry.
Preview the PDF version of this entry at the Friends of the SEP Society.
Look up this entry topic at the Indiana Philosophy Ontology Project (InPhO).
Enhanced bibliography for this entry at PhilPapers, with links to its database.

مصادر أخرى على الأنترنت

مقالات ذات صلة

aesthetics: aesthetic judgment | digital art, philosophy of | emotion

[1] Wartenberg, Thomas, “Philosophy of Film”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2015 Edition), Edward N. Zalta (ed.), URL = <https://plato.stanford.edu/archives/win2015/entries/film/>.