مجلة حكمة

عندما يحكم العالم الافتراضي على أفكارك – دويت قارنر / ترجمة: غادة اللحيدان

مراجعة لكتاب "أكره الإنترنت" I Hate the Internet
مراجعة لكتاب “أكره الإنترنت” I Hate the Internet كيف يحكم العالم الافتراضي على أفكارك؟

 في مشهد من فلم “Machete”  يقوم داني تريجو باجتثاث أمعاء عدوه ليستخدمها كحبل يتدلى منه للنزول من البناية ، مقارنة بمشاهد الأكشن الأخرى في هذا المشهد حماس ومبالغة أكثر.

ييؤدي جاريت كوبك في روايته الجديدة “أكره الإنترنت” مناورة مشابهه مع أحشاء العقلية الأمريكية -على الأقل فيما يخص طريق المعلومات السريع- وفي نهاية المطاف، لايمكننا الحكم عما اذا كان كوبك يضحك أم يبكي.

لا تجعل العنوان الواهن لهذا الكتاب يبعدك عنه، فكتاب ” أكره الانترنت” لا يتناول أمورتافهه مثل ” لماذا تجعلني السيلفي أبدو غبيا؟ “. على عكس ذلك، فهو لوم سياسي وثقافي ، وصرخة متواصلة حول القوة والأخلاق في الحقبة العالمية الجديدة. هذا الكتاب لمحة على عقل حي في كامل غليانة.

يعلق موبك على أجهزة هذا الجيل المحمولة وهواتفه النقالة قائلاً ” لاشيء يدل على الانفرادية” ” ٥٠٠٠ مليون مستهلك لإلكترونيات صنعت على يد عبيد، مرحبا بك في جهنم”

جاريت كوبك هو كاتب تركي-أمريكي يعيش في كالفورنيا. كانت “عطا” في عام ٢٠١١ أول رواية له وهي عبارة عن سيرة ذاتية خيالية لأحد منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر محمد عطا.

تتناول رواية كوبك الجديدة قصة “أدالاين” كاتبة رسوم متحركة في متوسط العمر. تعيش أدالاين في سان فرانسيسكو وتنحب التغيرات التي طرأت عليها على يد أصحاب رؤوس الأموال والشركات التكنولوجية الناشئة، حيث يستبعد الناس الغير ملائمين لهذه البيئة كأدالاين.

تبدأ القصة بارتكاب أدالاين الذنب الوحيد الذي لا يغتفر في القرن الواحد والعشرين وهو أهمالها في ملاحظة شخص قام بتسجيلها أثناء إلقاءها لدرس. يقترح كوبك أن لدى أدالاين مشامل أخرى مثل:

١- كونها أمرأة تعيش في ثقافة تكره النساء.

٢- أنها أصبحت مشهورة.

٣- أنها عبرت عن أراء غير معروفة.

 

تتمحور بعض هذه الأراء والتي اكتسبت سمعة سيئة على اليوتيوب حول سبب توجب النساء الحذر من العمل لصالح شركات تكنولوجية . قالت أدالاين بلهجتها الأطلسية التي تجعلها تبدو كديانا فريلاند مخدرة ” تصطف كل تلك الشابات المجنونات للعمل في تلك الشركات معلنات أنهن أعطين السلطة من قبل التكنولوجيا ذاتها التي تسببت في دمارهن”.

بعض هذه الأراء عبارة عن شكاوي حول ماتتضمنه بعض الفيديوات والأغاني ومواقع التواصل الإجتماعي من أوهام حول الشهرة والقوة. فنقرأ ” يؤمن عدد كبير من الناس أن ريهانا وبيونسيه مصادر إلهام بدل كونهما استغلاليات”. بالكاد تعرف أدالاين ماهو التويتر مع ذلك تقوم بمهاجمة ريهانا وبيونسيه؟  انها على صدد اكتشاف اخلاقيتها في عين نفسها .

تمضي حكاية أدالاين جنبا الى جنب مع حكاية فتاة أصغر سناً تدعى “إلين”. تنقلب حياة إلين رأساً على عقب بعد أن نشر عشيقها السابق صوراً مشينة لها على الإنترنت. كل من هاتين الفتاتين مثيراين للاهتمام والشفقة ولكن كتاب ” أكره الإنترنت” في الأساس منصة يعرض فيها الكاتب نقده الإجتماعي اللاذع.

نرى القليل من الكاتب الفرنسي مايكل هوليبيق في هجاء كوبك الدنيء والقليل من توماس بيكيتي في هوسه بالتفاوت الاقتصادي. كما نرى القليل من أمبروس بيرس وكتابه ” قاموس الشيطان” في قدرته على استثمار الكلمات والأفكار مع معاني أقبح وأكثر دقة.

يحتوي الكتاب على بعض التعاريف الجديدة ، فقد عرف الكتب الهزلية على أنها كتب إباحية للمتخلفين عقلياً، كما عرف الإجتماعات التي تعقد لهذه الكتب على أنها عذر للناس للتنكر مأحد الملكيات الفكرية للشركات الكبيرة. وقد عرف المال على أنه الوحدة التي يستخدمها الناس لقياس الذل. أنا أمازون فهو موقع غير ربحي مكرس لتدمير صناعة النشر. الإنستقرام هو أول موقع تواصل إجتماعي ردة الفعل العقلانية الوحيدة له هو الكره. كما وصف رسمات جورج واشنطن بوش قائلاً ” كما لو أنك تلقي نظرة على عقل كلب صيد محطم فقد منظور العمق”.

هذه رواية من الافكار الممتعة والفظة أبرزها: ١- ماسبب تحمس الناس في مواقع التواصل كالتويتر والفيس بوك للتخلي عن ملكيتهم الفكرية لأثرياء من العرق الأبيض؟ ٢- ماذا حدث للنشاط السياسي؟ هل يعتقد الناس أن كتابتهم لدروس أخلاقية باستخدام ١٤٠ حرف ستؤدي الى تطور المجتمع؟

يكتب كوبك “أحد أكثر جوانب القرن الواحد والعشرين فضولاً هو وهم الناس وخاصة في سواحل سان فرانسيسكو أن حرية التعبير والكلام تُمارس في أفضل صورها في المواقع التكنولوجية التي تمتلكها شركات كرست نفسها للحصول على أكبر قدر ممكن من المال”. كما أشار إلى أن معظم الآراء الاي يغرد بها الناس ماهي الا نفاق وتفاهة متناهية. خذ على سبيل المثال تويتر والعنصرية والتي تظهر الأسوأ عند معظمهم. كتب كوبك ” التعبير عن قلقك حول العنصرية أصبح ديناً جديداً، والتركيز على اللغة بدلا من الميكانيكيات السياسية ماهي إلا طريقة لا معنى لها لاثبات الشخص نزاهته. كغيرها من كتب النواح، تطرح هذه الرواية الأسئلة بدلا من صياغة الأجوبة. ستتمنى في بعض الأوقات لو أن امرأة أو رجل من أصل أفريقي قد جمع هذه الملاحظات حول النسوية والعرق.

يفقد الكاتب تركيزه في أوقات، وفي أوقات أخرى يأخذك الحماس إلى حيث لا تدري. ولكن هذا الكتاب روح كما أنه عصب. يقترح الماتب وفقا لكتابه أن ” العالم بأسره كان في سيناريو فقد وخسارة واستلم الناس نصوصهم لحظات قبل قراءتهم لها”.

نصيحتي هي أن تسجل خروجك من التويتر ليوم وتقرأ هذا الكتاب عوضاً عن ذلك.