مجلة حكمة
زواج الأقارب

زواج الأقارب – الايكونومست / ترجمة: رهام نصرالله


استضافت بروفيسورة علم الوراثة الإكلينيكي مها زكي، الزوجين أحمد وفاطمة في المركز المصري القومي للأبحاث. ثلاثة من أطفالهم الستة على الأقل مصابين بمرض عصبي نادر ذي أعراض تظهر في سن الرابعة، مسببا تخلفًا عقليًا  كما أنه يشل  الأطراف، مؤديا للموت في النهاية. انهارت طفلتهم  ذات التسعة أعوام وهي ترتعش. هذا المرض الخلقي ظهر بسبب أنهم زوجين أبناء عم مباشرة(تم تغيير أسمائهم لخصوصيتهم).

مثل هذه الحالات  في مجملها منتشرة في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا. يزيد زواج الأقارب بشكل ملحوظ من نسبة كون الأبوين حاملين لجينات متنحية لكن خطيرة، و التي تسبب لاحقًا المرض عندما يورث الطفل نسختي الجين من كل أب ، كما سيحدث في ٢٥٪ من الحالات إذا كان كلا الأبوين حاملين النسخة المتنحية من الجين.  نوعية هذه الأمراض تحتوي أمراضا معروفة مثل صغر الرأس ( بحيث يكون للطفل رأس صغير) والتليف الكيسي و الثلاسيميا، كما يحتوي أمراضا جديدة كليا وغير معروفة. تقول البروفيسورة زكي“ تسعين بالمئة من الحالات التي أواجهها تكون بسبب زواج الأقارب” .

الإحصاءات التي تقيس مدى تفشي زواج الأقارب نادرة اليوم.  في حين  كان تصرفا سائدا في المجتمعات الغربية في الماضي؛  تقدر نسبته اليوم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كواحدة من أعلى النسب في العالم. ٤٠٪‏ في مصر؛في الأردن وبحسب آخر استقصاء تم في ١٩٩٢م، ٣٢٪‏ متزوجين من أبناء العم مباشرة بينما ١٧٪‏ آخرين من أقارب أبعد. والمعدلات المتوقعة للدول القبلية مثل العراق والمملكة العربية السعودية والكويت واليمن.

اليوم، السبب الأول لزواج الأقارب هو أن الأقارب يعرفون بعضهم جيدًا: يعرفون من هم وماذا يكسبون وحتى أخطاءهم الفادحة.  و العوائل الكبيرة تعني أنهم لديهم الكثير ليتزوجوا من بعضهم .يقول منسوب وزارة الصحة المصرية الدكتور عاطف الشيتاني: “ الناس تبحث عن الأخلاق و الأعراف”.   الترابط العائلي يحافظ أيضا على استمرارية الأملاك لدى نفس العائلة. حيث أن أعلى النسب موجودة في الصعيد.

يوصم من يتزوج من الأقارب في الغرب بوصمة سلبية، لكن الأمر ليس كذلك هنا، بل على العكس. تلقت أم مصرية لوما من أهلها لتزويجها بنتها ذات الثمانية عشر عاما رجلا ليس بقريب، “غريب”. والأم بالمناسبة لديها بسبب زواجها من قريبها ولدين مصابين بمتلازمة الصغيرة (والتي تسبب إعتام عدسة العين، صغر الأعضاء التناسلية، و صعوبة التعلم).

الكثير يعتقدون اعتقادًا خاطئًا ذلك أن الأقارب من جهة الأم ليسوا أقارب بالدم. المعتقد الإسلامي السائد يعزز الزواج من الأقارب، مثل المعتقد المسيحي حيث أن القرآن يسمح بالزواج من أي شخص عدا الأبوين والأخوة والعمات و الأعمام وبنات و أولاد الأخ و الأخت. ينبه أحمد ممدوح من جامعة الأزهر على أن فاطمة ابنة النبي محمد تزوجت من ابن عمها علي بن أبي طالب.

لكن العديد من سكان المنطقة ببساطة لا يعرفون مخاطر الزواج من الأقارب. فأظهرت نتائج استقصاء صغير تم في المملكة العربية السعودية أن ٥٠٪‏ من المشاركين سيظهرون احتمالية أقل للنظر بشكل إيجابي لزواج الأقارب إذا ما نبهوا من مخاطره. يقول أحمد :”لم نكن لنتزوج لو كنا نعرف”.

فرضت بعض الدول تحاليل ما قبل الزواج للحد من الإضطرابات الجينية، مما أدى إلى الحد من نسبة الإصابة بأمراض كمرض فقر الدم المنجلي. ففي تونس على سبيل المثال، تفرض الدولة مشورات ما قبل الزواج على كل المخطوبين لأقارب.

أما مصر فأمامها مشوار طويل في هذا المجال وذلك لبدائية نظام التعليم هناك. يفترض الزوجين الواعين بمخاطر زواج الأقارب — بسبب ما يقوله لهم الطبيب أحيانا!— أن تحليل الدم الأساسي يظهر -في حال وجودها-  المخاطر لكل الأمراض الجينية. تقول البروفيسورة زكي: “الطريقة الوحيدة لتجنب المعاناة هو عدم الزواج من أقارب. لكن هذا من الصعب تحقيقه هنا.”

 

 

المصدر