مجلة حكمة
المودودي

المودودي وصناعة التجديد الإسلامية – ولي نصر / ترجمة: غادة بن عميرة

nasr_vali
ولي نصر


أود أن أوجه شكري لكل من المعهد الأمريكي للدراسات الباكستانية ومديره تشارلز هـ. كندي والجمعية المشتركة لمجلس جنوب أسيا لبحوث العلوم الاجتماعية والمجلس الأمريكي للجمعيات العلمية ولجنة تحكيم المنح البحثية التابعة لجامعة سان دييغو على تقديم منح دراسية من العام ١٩٨٩ وحتى العام ١٩٩٤ والتي سهلت إكمال المادة البحثية لهذا الكتاب. كما يتعين علي توجيه شكر خاص لعدد من الزملاء الذين ساهمت الحوارات والنقاشات معهم في إثراء هذه الدراسة وهم  تشارلز ج. أدمز و دانيل براون وسكندر حياة وكارن ليونارد وباربرا د. متكاف وفرانسيس روبينسون وجون أو. فول وميرون وينر وستانلي ولبيرت ونعمان الحق الذي قدم نقداً قيماً لترجمتي للمقاطع المنقولة من اللغة الأردية؛ خاصة ترجمتي لشعر المودودي. كما أشعر ببالغ الإمتنان لكلٍ من ممتاز أحمد وﻇﻔﺮ إﺳﺤﺎﻖ أﻧﺻﺎﺭﻯ وجون إل. إسبوسيتو والسيد حسين نصر لقراءتهم كامل النص أو أجزاء منه وتصحيح العديد من الإشكالات وتوجيه العديد من الملاحظات المفيدة. وأنا مدين بشكل خاص لكل من جون  إسبوسيتو وممتاز أحمد؛ فأنا مدين للأول لدعمه اللامتناهي من بداية هذا المشروع، ومدين لممتاز لملاحظاته الدقيقة التي ساهمت في تحسين هذه الدراسة بشكل كبير ولإشارته للفروق الدقيقة لحياة وفكر المودودي ولتوجيهي لمصادر قيمة.

       ومن الهند وباكستان أنا مدين لكل من أسرار أحمد وخورشيد أحمد وخواجة أمان الله والمرحوم الله بخش بروحي وجاويد أحمد غامدي والسيد أسعد كيلاني والشيخة عبيدة غرماني ومريم جميلة والشيخة محمودة مودودي ومعين طفيل محمد ومولانا سيد عبدالحسن علي نوادي وحكيم محمد سعيد والمرحوم جعفر قاسم لمشاركتي ذكرياتهم الخاصة بمولانا المودودي وتوجيهي للاستفادة من مراجع مهمة. ويستحق محمد سهيل عمر شكرا خاصا فهذا الكتاب لم يكن ممكنا لولا دعمه ومشورته. تم تقديم أجزاء من هذا الكتاب كمحاضرات ألقيت في جامعة كولوميبا وجامعة هارفرد وجامعة كالفورنيا في لوس أنجليس وجامعة بنسيلفينيا خلال عام ١٩٩٤؛ وأنا ممتن لتعليقات الذين حضروا هذه المحاضرات.

      قامت مارغريت شيفتشينكو كعادتها بعمل رائع في تدقيق هذا الكتاب. وقامت سينثيا ريد وفريق التدقيق التابع لدار نشر أوكسفرد بعمل بديع لإخراجه بهذه الصورة. أما بخصوص الأراء التي يعبر عنها الكتاب فلا يتحمل وزرها أي من الأشخاص المذكورة أسماؤهم في الأعلى.

 

 

المودودي وصناعة التجديد الإسلامي: المقدمة

يرتبط تطور التجديد الإسلامي كحركة اجتماعية ارتباطا وثيقا  بتاريخ حياة أشخاص معينين وإسهاماتهم41p0nardhil-_sx313_bo1204203200_ الفكرية.  فهم اللذين ساهموا بطرح الأفكار التكوينية وتحدثوا عن مخاوف الفئات الاجتماعية وشكلوا الرأى العام عن طريق تحديد الأُفكار التي تطرح للنقاش وربطهم بين التجارب الشخصية والاجتماعية وبين الأسئلة المعنية بمفاهيم متعددة كالحرية والعدل والخير والشر والخلاص.  باختصار، ساهم هؤلاء الأشخاص بتشكيل أيديولوجية تستخدم التحركات أو الدوافع الاجتماعية لطرح خطاب جديد. ولهذا نجد أن السير الذاتية وأفكار أشخاص كمولانا المودودي (١٩٠٣-١٩٧٩) وآية الله الخميني (١٩٠٠-١٩٨٩)  وسيد قطب (١٩٠٦-١٩٦٦) ذات أهمية جوهرية في التحقيق التاريخي في أفكار الخطاب الإسلامي المعاصر وفهمه. فهي تساعدنا على تحديد جذور التجديد الإسلامي ضمن أحداث ومواقع معينة، كما أنها تحصر التفسيرات العامة التي تتمحور حول تأثير مواضيع كالثورة الصناعية والتمدن والإمبريالية والتنمية غير المتوازنة.

      وتستحق حياة مولانا السيد أبو العلاء المودودي وأفكاره أن نوليها أهمية خاصة لعدة أسباب؛  فمولانا كان أحد أول المفكرين الإسلاميين الذين طوروا قراءة سياسية منهجية للإسلام، ووضع خططا للعمل الاجتماعي ليحقق رؤيته. حيث ساهم وضعه لأيديلوجية إسلامية مترابطة تظهر بوضوح في تنظيمه المفصل للدولة الإسلامية في خلق الفضاء اللازم الذي أدى لانتعاش حركة التجديد المعاصرة. اشتهر المودودي بإنتاجه الفكري الغزير، الذي ساهم العمل الدؤوب لحزبه “الجماعة الإسلامية”، الذي بدأ أولا في الهند ثم امتد إلى باكستان، في  انتشار أعماله انتشارا واسعا جدا. ويعد المودودي بدون أدنى شك أحد أهم الشخصيات المؤثرة في حركة التجديد الإسلامي المعاصرة١. وقد أثرت أراؤه على التجديد الإسلامي في العالم الإسلامي من المغرب وحتى ماليزيا، تاركا بصمته على مفكرين من أمثال السيد قطب وخلال أحداث كالثورة الإيرانية عام ١٩٧٨-١٩٧٩. كما أنه ساهم في انتشار التجديد الإسلامي عبر أسيا الوسطى وشمال أفريقيا وجنوب شرق أسيا٢. وقد بلغ تأثير مساهمات المودودي في تطور التجديد الإسلامي وأهدافه ومبادئه ولغته مبلغا كبيرا بحيث أصبح من غير الممكن فهم هذه المساهمات فهما دقيقا دون معرفة جيدة لحياته وأفكاره.

     إن هدفي من كتابة هذا الكتاب هو الوصول لفهم أعمق لظاهرة التجديد الإسلامي عبر دراسة منهجية لحياة مولانا المودودي وأفكاره؛ إذ توفر سيرته الذاتية رؤية جديدة لبدايات التجديد الإسلامي، وتفسر أيديولجيته طبيعة هذا التجديد كتيار فكري وحركة سياسية. وهذا الثنائي يوضح كيفية ارتباط حججه بالتأثيرات التكوينية والأحداث الأساسية التي شكلتها؛ حيث يمكننا اعتبار هذه السيرة الذاتية السياق الذي شكل أيديولوجيته.

      وتوضح حياة المودودي وأفكاره أن التجديد الإسلامي لم يكن مجرد ردة فعل ناتجة عن الرفض الثقافي للغرب. ففي حالة المودودي على الأقل، نجد أن التجديد الإسلامي يرتبط بأمور مثل السياسة الطائفية وتأثيرها على تشكيل الهوية ومفهوم القوة في المجتمعات التعددية والقومية. وعلى الرغم من أن حجج المودودي كانت مناهضة للغرب، إلا أنها كانت نابعة من صميم تنافس إسلامي وهندوسي على السلطة في الهند البريطانية. وقد سعى المودودي لتفسير الإسلام تفسيرا يحد من التعايش الثقافي الذي كان يبشر به حزب المؤتمر الوطني الهندي٣. وبهذا نجد أن التجديد الإسلامي عمل على تشكيل  هوية جديدة استطاعت التنافس مع كل من الهوية الإسلامية التقليدية والهوية القومية العلمانية. ويمكن تعريف هذه الهوية بشكل عام بتخيل مجتمع إسلامي جديد يختلف عن تلك الهويتين٤. ولتحقيق ذلك، تستفيد هذه الهوية من الغرب الذي تتحداه وتستخدم أدواته لتحقيق أهدافها، خاصة في الاستعاضة بالكتابة عن النقل الشفهي التقليدي الذي كان شائعا في الفكر والحياة الإسلامية حتى ذلك الوقت٥. إذ كانت الجماعة الإسلامية تقوم بنشر النصوص التي تساهم في خلق بيئة تنصهر فيها الإيديلوجية بالهموم الاجتماعية مما يؤدي لخلق حركة جماعية قادرة على تأسيس الأمة الإسلامية٦.  وبهذا نجد أن الدين يمكن أن يكون عنصرا أو أداة للتعبير عن الهوية القومية. كما خاضت نصوص حزب الجماعة الإسلامية منافسة حامية مع البروباغاندا القومية في سبيل الفوز بعقول وقلوب المسلمين، حيث حاولت اللعب على وتر المخيال السياسي الاجتماعي وذلك بخلق صورة لمجتمع إسلامي مثالي يكون ملجأً وأداة للتمكين في الوقت ذاته. ونجح المودودي في أن يجعل التجديد الإسلامي الخيار الأيديولوجي لكل من يشعر بأنه مهمش أو من طبقة وضيعة ويخشى الاضطراب الاجتماعي.

      تشكلت أفكار المودودي خلال فترة تقلبات وتحولات شهدها المجتمع المسلم في الهند. فقد تأثرت أراؤه بحالة اليأس الشديد التي كانت تخيم على المجتمع، حيث كان يحاول إيجاد حلول للخروج من هذه الأزمة. وكان المسلمين في ذلك الوقت يفتقرون للتوافق السياسي والقيادة الموحدة، فقد كانوا مشتتين بين الحدود اللغوية والعرقية وتسيطر عليهم البنى التقليدية للسلطة. وكان المودودي يهدف إلى الحد من هذا التدهور وتمكين الأمة من استعادة السلطة، وهو طموح شبيه بطموح مناصري الخلافة من قبله من المسلمين الهنود الذين حاولوا الحفاظ على مؤسسات الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى. و لتحقيق هذا الهدف، عمل المودودي على تأكيد الهوية الإسلامية وتعزيز الوحدة والوفاق بين المسلمين لضمان مناقشة مطالبهم  على المستوى الوطني. وما إن يتم تحقيق هذا المسعى،  سيتمكن المجتمع حينها من تأسيس بنى سياسية  متأصلة في الرموز الثقافية الإسلامية قادرة على الحفاظ على استمرارية حركة تستند إلى قاعدة جماهيرية عريضة ضمن السياق السياسي الحديث٧.

      والخطوة الأولى لتحقيق ذلك كانت عبر ترسيخ هوية إسلامية هندية قادرة على مواجهة كلٍ من الفراغ الناتج عن انتهاء النظام الاستعماري والطموحات السياسية للغالبية الهندوسية. كانت رؤية المودودي نابعة من جذور تقاليد الثقافة الإسلامية-الهندية والوعي السياسي وميراث الحكم الإسلامي الذي شكل نظرة المسلمين في الهند للعالم ووضع أجندة لسياسات المسلمين. وكان المودودي مدفوعا بشكل واضح بهذه الرؤية “التي كانت تميل للتأكيد على الفصل بين المسلمين وغير المسلمين، ورفض الازدواجية التي تفرض قانون غير المسلمين على المسلمين.٨” وعلى الرغم من أنه كان قوميا هنديا في أحد مراحل حياته،  إلا أنه استسلم لإغراء الطائفية الإسلامية في الفترة اللاحقة لسقوط الخلافة بعد مواجهته لحركة النهضة الهندوسية التابعة لحركتي شودهي وسانغثان (Shuddhi and Sangathan) والهيمنة الهندوسية الجلية على حزب المؤتمر الهندي الوطني تحت زعامة المهماتا غاندي. وفهم المودودي، كونه ناشط سياسي، أهمية الإسلام كرمز قادر على حشد وتعبئة المجتمع الإسلامي وإضفاء صبغة شرعية على العمل السياسي. تغير جوهر العديد من هذه الأفكار في وقت لاحق، سواء ضمن أعمال المودودي أو في كتابات المفكرين الإسلاميين الآخرين عبر العالم الإسلامي، إلا أن هذه الأفكار استطاعت ترك أثر واضح على الصراع على تشكيل هوية إسلامية في الهند قبل الفصل.

       يزعم باول براس أن النخبة الإسلامية استخدمت الطائفية كأداة، كما أنها تعمدت استغلال الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية٩. أما فرانسيس روبينسون، فقد وجد جذور ذلك في توجيهات الدين الإسلامي ذاته١٠. وقد يبدو لنا من الوهلة الأولى أن حالة المودودي تدعم نظرية براس في أن الطموحات السياسية دفعته للاهتمام بالتجديد الإسلامي، إلا أن المودودي لم يكن يملك مطلقا نظرة علمانية للسياسة؛ حيث كانت خياراته السياسية مدفوعة دائما ولدرجات متفاوته بدينه وإيمانه. ونحن لا نقول أنه كان مدفوعا بقيم أساسية من صميم الإسلام أو توجيهات تابعة لهذا الدين، بل إن الحقيقة هو أن نشاط المودودي السياسي لا يمكن أن يستخدم كمثال على العمل الإسلامي الذي يعبر عن وجهة نظر طائفية ولا كحيلة لاستغلال الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية. فالأقرب أن المودودي تأثر بعلاقة المسلمين بتراث حكم المغول الذي يمكن وصفه بأنه حق المسلمين في السلطة وكراهية العيش تحت حكم غير المسلمين١١.  هذا بالإضافة لحقيقة أن أهمية المجتمع الإسلامي تتفوق دائما على أهمية الفرد١٢، فمن وجهة نظر المودودي لا يمكن أن يحقق المرء طموحه الديني إذا لم يستنهض المجتمع معه، ولا يمكن أن ينهض المجتمع مالم يكن إسلاميا تماما. وترتبط هذه الاعتبارات، المدفوعة بغريزة الحفاظ على الذات وكردة فعل على ضبايبة مستقبل العيش في الهند الهندوسية، ارتباطا وثيقا بالأقلية الحاكمة القلقة من احتمالات إخضاعها سياسيا١٣.

       تمكن المودودي من خلال صياغته لتفسير نهضوي للإسلام أن يضع برنامجا ذا أجندة بارزة؛ جمع فيه بين الأقوال الإسلامية المأثورة والقيم المعيارية المستقاة من الثقافة المحيطة بمسلمي الهند. وتغير تركيز المودودي، بسبب تطور أفكاره، من التركيز على التقاليد الإسلامية الهندية المشتركة إلى التركيز  على التفاسير المحدودة والضيقة للمذاهب الإسلامية. فقد صاغ تصورا حيويا ومتشددا ومتعنتا للإسلام قادرا على حشد وتعبئة المسلمين ضمن جماعة موحدة أيديولوجيا يصعب تفريقها سياسيا وقادرة على التمسك بمطالبها والوقوف بصرامة في وجه تحديات الهندوس١٤.

      المودودي كان يهدف لمسح قرون من التأثر بالثقافة الهندوسية وذلك عبر استبدال مفاهيم مثل الاندماج بالتحرر، والوفاق بإعادة التأكيد، والتنوع بالوحدة، والخضوع بالتحدي. وبهذا التأكيد على الصفات المميزة والهوية الثقافية والقيم والعادات الاجتماعية للمسلمين سيتمكن المودودي من إقامة جدار طائفي منيع ينبذ كل التأثيرات الخارجية حول المجتمع المسلم الضعيف والقلق. كما أنه كان  يسعى لتفادي احتمالية تححق برنامج الحزب الوطني ووعدهم بجمهورية هندية علمانية القائم على الحوار الثقافي والتعايش١٥.

      حيث كان المودودي يأمل أن تؤدي العزلة الثقافية لإشعال الحماس والجرأة في المجتمع المسلم المكتئب، فمن غير الممكن الشروع في الحراك السياسي والاجتماعي قبل استنهاض الهوية الإسلامية في المجتمع. وبالرغم من ذلك، ولكون التجديد الإسلامي حركة متطرفة لم تتمكن من حشد الدعم اللازم، فإن تأثيرها في السياسية الإسلامية في عشية التقسيم لم يكن كبيرا. إلا أنها استطاعت في أخر المطاف إيجاد بيئة خاصة بها وانتعشت وتطورت حتى تمكنت من تشكيل رؤية شاملة للسياسة والمجتمع مما جعلها قوة لا يستهان بها في جنوب إسيا وانتشر تأثيرها على الحياة والفكر عبر العالم الإسلامي.

       ولأنني معني هنا ببدايات التجديد الإسلامي في حياة وفكر مولانا المودودي، فأنني سوف أدرس بشكل أساسي السنوات التي تشكلت فيها توجهات المودودي الأيديلوجية وتحددت فيها أهدافه واتضح فيها دوره السياسي. كُتب الكثير عن أعماله وأفكاره، فقد تم دراسة تعاليمه الخاصة بمختلف الأمور بدءا من التاريخ الإسلامي وحتى وضع النساء والاقتصاد والثورة والسياسة والتفاسير الدينية، مما يغني عن تكرار الخوض فيها أو الكتابة عنها١٦. ما يهمنا هنا هو جوهر رسالة المودودي التي تتميز عن غيرها من التعاليم والتي تختلف عن نظرة الإسلام التقليدي للعالم ضمن السياق الذي تطورت فيه رؤيته: وذلك لكي نصف بدقة البنى المنهجية لفكره ولتحديد التوجيهات المتجذرة في أفكاره وتحديد نمط وطبيعة برنامج الجماعة الإسلامية.

      ونقصد بالإسلام التقليدي هنا ” الأعراف والمؤسسات المجتمعية التي – من وجهة نظر المسلمين- تتطابق مع القيم والمعايير القديمة والتي تعد جزءا جوهريا من تكوين هويتهم”١٧، بالإضافة لإيمانهم بأن هذه المبادئ والممارسات والمؤسسات بمجملها تمثل جوهر دينهم ومنها تنبع روحانيته١٨.

       وتكمن أهمية التحديد الدقيق لحدود أيدلوجية المودودي في حقيقة أن أراؤه ظلت مقاربة لحد كبير للإسلام التقليدي لدرجة صعوبة التفريق بينهما. إلا أن هذه الفروقات، وأن كانت غير واضحة، تعد فروقات جوهرية. ولن يركز الكتاب على القراءة الأدبية لأعمال المودودي، بل سيتجاوز ذلك للوصول لفهم أعمق لمنهجية أفكاره وحججه والتوجيهات الدينية والسياسية المتضمنة في أعماله. وسوف نولي اهتماما خاصا بالعوامل التي تحكمت بمدى تأثيره على جمهوره وتحديد طبيعة سلطته. وهذا سوف يمكننا من استيعاب أسباب تطور حركة التجديد الإسلامي بهذه الطريقة وكيف أثر تلاقح الأفكار والسياق السياسي الاجتماعي على المنظور الأيديلوجي للحركة وورؤيتها للسلطة السياسية.